علماء هذه الأمة !
إن للعلماء في هذه الأمة مكانة كبيرة؛ لأنهم ورثة الأنبياء والمرسلين، عليهم مسؤولية عظيمة في حمل هذا الدين الذي ارتضاه الله لنا سبحانه وتعالى، وفي نشر الرسالة المحمدية التي أُرسِل بها خاتمُ النبيين محمد بن عبد الله. والعلماء هم الذين أمر الله سبحانه وتعالى أن نسألهم ونرجع إليهم فيما لانعلم من أمور ديننا، "فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ" (النحل 43) وإنَّ مسؤوليتهم هذه عظيمة، تستلزم الانتباه الداثم عليها، لأن هفوتهم وأخطائهم لاتعود عليهم فقط؛ بل تعود على كل من يقتفي أثره، ويتبع سبيله، فعلى العلماء أن يكونوا على حذر دائم لأن لايصدر منهم في أقولهم وأفعالهم ما يدفع الناس إلى الضلالة، يحرضهم على ترك الدين، وكان من شأن العلماء أن نراهم على مر العصورأن يجتنبوا القرب من السلاطين وحواشيهم وأعوانهم خوفا على أنفسهم من الوقوع في الفتنة، وتزييف الحق بما يتناسب مع أهواء الحكام الظالمين.
ولكننا نرى بالأسف الشديد أن العلماء في هذا الزمان يحاولون دائما أن يقتربوا من السلاطين والحكام الظلمين، ويتسابقون فيه، حتى يجعلون القرب منهم سببا لفخرهم، والدين قد صارألعوبة بأيديهم. وإن مثل هؤلاء العلماء أشد خطرا على الأمة المسلمة من جميع أعدائهم، فإن في الأمة من عوام الناس من لايستطعون أن يميزوا بين العلماء الربانيين وعلماء السلاطين، فيتبعون سبيلهم على غير علم ظنًّا منهم أنهم علماء صالحون، فيضلون السبيل، فلاحول ولاقوة إلابالله العلي العظيم.