حقيقة أدبية!

هل تعلم؟ 
أن الأدب العربي الحديث.. وكل من يمت إليه بصلة.. ينتسبان لمدرستين متقاذفتين في الأطراف، والنيات والنوايا..
إحداهما يترأسها فارس القلم الرافعي، والأخرى: مدرسة العقاد..
ولكل من هاتين المدرستين أقدام عريقة وآثار عميقة.. في النهوض بالأدب العربي الحديث، إلا أنهما تحتفظان في أنفسهما روح التنافس الشديد.. وصفحات مجلة الرسالة والمنهل و أخواتهما والصحف آنذاك.. خير شاهد على المعارك التي دارت برحاها على ساحات هاتين المدرستين، ففي جانب، عباقرة كأمثال المنفلوطي والطنطاوي ومحمود محمد شاكر والبيومي وأحمد حسن الزيات، وغيرهم من أعمدة القلم والبيان، وفي الطرف المعاكس.. أدباء وشعراء مماثلون وجها لوجه.. هاك نموذجا طه حسين و شوقي ضيف ونجيب محفوظ وشغلهم الشاغل العقاد.
ولن أخوض في المواضيع التي كانت موضع نقاشهم، ولن أحكم  لأحد بالحق، ولن أرمي الآخر بألقاب البطلان واستحقاق العذاب.. فأنا أرمي إلى غير هذا.

إن الحقيقة المؤسفة أن المعركة لم تندثر بآثارها بعد، فقد تجد كثيرا من طلاب الآداب يحفظ سلسلة طويلة ونسبا عريضا لأعلام إحدى المدرستين، ولا يكاد يذكر أي إنسان من مدرسة أخرى.. فإن سها فأخطأ لسانُه ذكرَ أحدهم، فيجهد كل الجهد أن يمحو خطيئته التي انزلق بها لسانُه ببيان بعض المساوئ المختلقة لهذه الشخصية..
فكثير من (متابعي) العقاد، أو طه حسين، لا يعرفون عن الرافعي شيئا.. وكثير من (المكتفين) بالطنطاوي لن يحسنوا النطق باسم العقاد، فضلا من أن يكونوا قد قرؤوا من أعماله الضخمة التي تمثل في ذاتها مجلدات عظيمة تشغل رفا عريضا من رفوف المكتبات العامة..

ولا أجد سبب ذلك إلا الذي ذكرت.. فإن المدرستين لا أجد لهما مثلا أضربه أحق و أدقّ من قطارين سائرين على سككهما ، صمما أن لا يندمجا أو يرتبطا فيما بينهما، فإذا اقترب أحدهما من الآخر فكأن كلا منهما اقترب من الموت النازل المحتوم!
فيصبح طالب إحدى المدرسة لا يعرف عن مدرسة أخرى شيئا.. فيفوته خير كثير ونفع كبير..

أسامة محمود

عضو إداري في شبكة المدارس الإسلامية، متخصص في الفقه الإسلامي، محب العربية والفن، طالب العلم
مجموع المواد : 95
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2024

التعليقات

يجب أن تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب

يستغرق التسجيل بضع ثوان فقط

سجل حسابا جديدا

تسجيل الدخول

تملك حسابا مسجّلا بالفعل؟

سجل دخولك الآن
المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2024