دورة ايران

مقالة بقلم سماحة شيخنا، يتحدث فيها عن رحلته إلى إيران بدعوة من "المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية بإيران" سنة 2005، حيث التقى بشخصيات سياسية وعلمية وروحانية، مع نخبة من علماء بلاد باكستان من مختلف المكاتب الفكرية.

بسم اﷲ الرحمن الرحيم
 
                الحمد ﷲ رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد۔
          فإن الحكومة الإيرانية قامت في الآونة الأخيرة بتأسيس منظمة باسم ’’المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية‘‘ والتي يترأس على مجلسها العالي فضيلة الشيخ محمد إسحاق المدني، خريج جامعة دار العلوم بكراتشي، والأستاذ الأسبق بها، ثم خريج الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ـ زادها اﷲ شرفاً وعظمةً ووقاراً ـ والأستاذ المدني إضافةً إلى ذلك يقوم بدور هام في خدمة الإسلام والمسلمين هناك، ولأجل ذلك اتخذه رئيس إيران مستشاراً له (بمرتبة وزير) في أمور أهل السنة لعموم الدولة۔
            وكذلك الأستاذ آية اﷲ السيد علي التسخيري يقوم بالأمانة العامة لهذا المجمع، وهو الذي يرتب ويبرمج الفعاليات والنشاطات والبرامج المختلفة الحيوية الطيبة للمجمع، وللشيخ التسخيري مع ذلك عضوية دائمة في ’’مجمع الفقه الإسلامي بجدة‘‘ و’’المجلس الشرعي‘‘ التابعين لمنظمة التعاون الإسلامي(o.i.c)، وهو بمثابة وزير مركزي في الدولة الإيرانية، كما أن المجمع المذكور بمثابة وزارة مركزية في البلاد۔
            وهناك الأستاذ حجة الإسلام  الشيخ السيد جلال مير آقائي نائب الشيخ التسخيري، والذي كان مستعدا تماماً في ضيافتنا، ورفيقاً طيباً في أسفارنا الداخلية، كما كان مع الشيخ مير آقائي الشاب الطليق اللسان السيد محمد رضا خوشآمدي، كان يتكلم بالأردية السلسة والإنكليزية بالطلاقة۔ ولا نزال نذكرهم في محافلنا هنا في باكستان ـحفظهم اﷲ تعالى من الشرور والبلاياـ۔
            وكانت دورتنا هذه بدايةً من ثاني ذي القعدة 1426ھ، المطابق لرابع ديسمبر 2005م، التقينا هناك بالشخصيات البارزة من أهل السياسة والحكومة، ومن أهل العلم والروحانيين المذهبيين، كما شاهدنا أقاليم مختلفة ومدناً متعددة، وزرنا إداراتٍ هامة ومراكزَ متنوعة۔
            وكان الوفد مكوناً من العلماء الآتية أسماؤهم:
            1ـ (الشيخ) سليم اﷲ خان، رئيس وفاق المدارس العربية والجامعات الإسلامية بباكستان ورئيس اتحاد منظمات المدارس الدينية بباكستان۔
            2ـ الشيخ  القارئ محمد حنيف الجالندھري، رئيس جامعة خير المدارس بملتان، والأمين العام لوفاق المدارس العربية بباكستان، وعضو المجلس الأعلى للاتحاد، ورئيس مؤسسة القرآن الكريم التابعة لحكومة بنجاب ( Qurran Board Punjab)۔
            3ـ الشيخ ولي خان المظفر، سيكرتير رئيس الاتحاد، وأستاذ الحديث والأدب العربي بالجامعة الفاروقية بكراتشي، وعضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية۔
            4ـ الشيخ المفتي منيب الرحمن، رئيس الجامعة النعيمية بكراتشي، ورئيس لجنة رؤية الهلال لعموم باكستان، ( Rooyat-e-Hilal Committee Pakistan)ورئيس تنظيم المدارس لأهل السنة (البريلوية) بباكستان، وعضو المجلس الأعلى للاتحاد۔
            5ـ الشيخ الدكتور سرفراز أحمد النعيمي، رئيس الجامعة النعيمية بلاهور، وأمين عام الاتحاد، وأمين عام تنظيم المدارس بباكستان۔
           6ـ الشيخ ميان نعيم الرحمن، رئيس الجامعة السلفية بفيصل آباد، والأمين العام لوفاق المدارس السلفية بباكستان، وعضو المجلس الأعلى للاتحاد۔
            7ـ الشيخ عبدالمالك، رئيس رابطة المدارس الإسلامية بباكستان، وعضو المجلس الأعلى للاتحاد، وعضو المجلس الوطني في باكستان (Member National Assembli Of Pakistan)۔
            8ـ الشيخ  رياض حسين النجفي، رئيس جامعة المنتظر بلاهور، ورئيس وفاق مدارس الشيعة بباكستان، وعضو المجلس الأعلى للاتحاد۔
            9ـ الشيخ القاضي نياز حسين النقوي، نائب رئيس وفاق  الشيعة، وعضو المجلس الأعلى للاتحاد۔
            وصلنا من كراتشي بطريق دبي إلي مدينة طهران العاصمة قبيل الفجر بسُويعات، فبعد صلاة الفجر استرحنا إلى الظهر؛ لأننا قد لقينا من هذا السفرطيلة الليل نصباً، وبعد الظهر قام الوفد ـ سوى الراقم ـ بزيارة بعض مناطق وأحياء لمدينة طهران، ولا سيما حي جماران، الذي كان يقيم فيه آية اﷲ روح اﷲ الخميني من بداية الانقلاب حتى انتقاله إلى عالم الآخرة {إنا ﷲ وإنا إليه راجعون}، كان مسكنه في غاية سذاجة وتقشف، كما هو كان مشاهداً لدى الوفد الكريم، وما كان مسجده الذي كان يصلي فيه إلا أكثر بساطة من داره، ذلك ما أخبرَنا به الإخوة الزوّار۔
            أما طرق وشوارع ومباني طهران؛ فكأنها كانت متضيقة بأهاليها لزحمة كنا نراها هنا وهناك، ومشكلة المرور (Traffic) تريفك كبرى المسائل في شوارع طهران، لا تحتاج إلى أن يقول حولها أحد شيئاً، لو زُرت شوارعها ففي لحظة واحدة ولمحة سريعة تتوقف على خطورتها هناك، إلا أن التمدن والارتقاء والازدهار التنموي والرخاء مما تكاد تُذكر في طهران، والجدير بالذكر أن عدد النساء يرتفع على عدد الرجال فيما أظن۔
            وفي اليوم الثاني كان من المبرمج لقاؤنا بقائد الثورة، أعني به الشيخ السيد علي الخامنه إي، وقد التقينا به وتكلمنا معه بكل هدوء واطمينان حول قضايا إسلامية معاصرة، فوجدناه رجلا ذا مخ يقظ وفكرة ثاقبة وقلب حنون۔
            ثم جئنا إلي مركز ’’المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية‘‘ وجامعة المذاهب، وصلينا الظهر هناك في المركز، وتغدى الضيوف مع الإخوة المضيفين، وجرى الكلام بكل تفصيل حول مسألة ’’التقريب‘‘ ونواحيها المتنوعة۔
            وثالث يوم الدورة كان ذهابنا إلى مدينة قم، فمكثنا هناك يومين، التقينا بكبار مشايخ مدينة قم، من بينهم الشيخ ناصر مكارم الشيرازي( صاحب التفسير الأمثل)، والشيخ اللنكراني، والشيخ حسن الرباني، والشيخ الشهرستاني (ممثل الشيخ السيستاني العراقي في إيران وختنه)، والتقينا بالقائمين بالمركز العالمي للعلوم الإسلامية، وتكلمنا معهم، وتبادلنا الآراء، واستغرق هذا اللقاء الأخير ثلاث ساعات، ومن الجدير بأن لا تُنسى أن المركز العالمي للدراسات الإسلامية (International Islamic Studies Center) تحت رئاسة الشيخ الشاب آية اﷲ الأعرافي، حضرنا في خدمته في اليوم الثاني من دورتنا لمدينة قم وقت الظهر، فصلينا الظهر أولاً، ثم جلسنا للتحاور والمحادثة، فمما قال الشيخ الأعرافي: عندنا يدرس عشرة آلاف طلبة من الجنسيات المختلفة، يصل عددها إلى 96جنسية، ومقر (المركز العالمي) هو الذي نحن فيه، لكنه يتوسع من حيث الفروع إلى مدن أخرى، نحو: مشهد، وأصفهان، وجرجان وغيرها، وتدرس لدينا ألف طالبة من أربعين دولة، وتابع يقول: إن لهذا المركز مؤسسة تعليمية خاصة لأهل السنة في مدينة جرجان۔ ونحن قد سمعنا عن هذا المركز قبل هذا أيضاً، فكنا نشتاق لزيارته، …ففرحنا بما رأينا، وما علمنا، وما شاهدنا من نشاطات تعليمية مختلفة النواحي والشُّعب، لكن هناك شيء أحزننا أيضاً، وذلك: أننا كلما طالبنا من السيد الأعرافي ومن المشايخ الآخرين منذ يومين في هذه المدينة أن يقوموا بإرائتنا الفصول الدراسية؛ لنشاهد الطلبة والأساتذة وكيفية الدراسة هنا في هذا المركز والجامعات الأخرى المتواجدة في هذه المدينة، غير أنهم لم يقوموا بذلك، وماطلونا بتسويفات مماطلةً، مع أننا أهل الدرس والتدريس، وهذا هو شغلنا الشاغل ليل نهار، وطول الحياة، وكذلك كان الشيخ الأعرافي يقول: في هذا المركز تدريس الفقه يكون وفق المذاهب الفقهية الخمسة ـ ضاما المذهب الجعفري بالمذاهب الأربعة ـ فقلنا: أين كتب أهل السنة الدراسية؟ وأين المنهج المطبوع الذي توجد فيه تفاصيل كتب أهل السنة؟ وما هي نسبة الأساتذة لأهل السنة من أهل التشيع في هذا المركز؟ لم نجد لهذه الأسئلة أجوبة شافية، كما كان بجنبيه في الاجتماع الخاص بنا جماعة من العلماء الذين يعملون في المركز كمدراء للشعب المختلفة، لم يكن فيهم أحد من أهل السنة، …وعلى كل حال كانت اللقاءات طيبة وفي جو هادئ، …وإضافةً إلى ذلك زار الإخوة ـ دوني المكتبة المرعشية التاريخية الكبري، ثم رجعنا إلي طهران۔
            ثم من العاصمة طرنا على متن طائرة إيرانية إلى مدينة زاهدان، فوجدنا الإخوة العلماء من بينهم أهل السنة وأهل التشيع في استقبال الوفد، كالشيخ السليماني، والشيخ عبدالحميد، والشيخ أحمد، والشيخ عبدالأحد، والشيخ محمد قاسم، وكثير من العلماء الآخرين لا أذكر أسماء هم، والشيخ الدكتور سرفراز النعيمي ألقى الخطبة في الحسينية، لدى الشيخ السليماني، ثم حضر لصلاة الجمعة عندنا، ونحن صلينا الجمعة بالجامع المكي التابع لدارالعلوم زاهدان، وقد أصر علي المشايخ لإمامة الجمعة، فلبيت دعوتهم، والخطاب كان للشيخ رياض حسين النجفي بالفارسية، والقاري محمد حنيف الجالندهري بالأردية، وترجم خطابه الأستاذ أحمد، وألقى الخطبة العربية مفصَّلةًالشيخ ولي خان المظفر، وهذه المدرسة أكبر جامعات أهل السنة في إيران، وحضر في اجتماع جمعتها زهاء خمسين ألفاً من المصلين، وحسب طلب الشيخ عبدالحميد رئيس الجامعة قمنا بدرس البخاري افتتاحاً به للعام الدراسي الجديد من المغرب إلى العشاء بالعربية، ومنحنا إجازة جميع مروياتنا لطلبة دورة الحديث وجميع الفضلاء الحاضرين۔
            وصباح يوم السبت سافرنا بالخطوط الجوية إلى تشابهار (چابهار)، فوجدنا الإخوة العلماء والمشايخ وكبار أهل المدينة في استقبال حار، وردنا الجامعة الإسلامية في قلب المدينة، فتناولنا الفطور، ومكثنا إلي الظهر، وبعد الظهر تجولنا في المدينة، حتى ذهبنا إلي مدينة ’’طيس‘‘ الشهيرة تاريخياً، وصلينا العصر هناك، وقام الشيخ الجالندهري بالخطاب أمام الحشد الكريم موجزا جدا، ثم جئنا إلي مسجد الجمعة في مدينة تشابهار، فخطب الشيخ من جديد بعد المغرب مفصلا، وبعد العشاء حسب أمر الشيخ عبدالرحمن قمت بتدريس صحيح البخاري في جلسة افتتاحية، وفي الصباح الآتي يوم الأحد جئنا مدينة كنَارك عند الإخوة محمد يوسف الفائزي وأقرانه للفطور۔
            ومما يؤسف عليه أن دولة إيران مليئة بالغاز والوسائل التنموية الأخرى كالبترول والسكك الحديدية للقطار…، لكن أهل السنة من منطقة بلوشستان محرومون عن الغاز والقطار، مع أن الدولة تقوم بإتفاقيات مع باكستان، حتى الهند حول تعاطي الغاز، فيا تُرى!… ومن هناك سافرنا إلي العاصمة طهران۔
            ويوم الإثنين كان للاستراحة، ويوم الثلاثاء التقينا بالشيخ الهاشمي الرفسنجاني، وكان اللقاء طيبا، وألح علي الإخوة بأن أكون أنا متكلماً، ففضلت العربية للتحاور، ولكن بعد قليل قال الشيخ الرفسنجاني: من الأحسن أن يكون الكلام من عندكم بالأردو، ومنا بالفارسية، ويترجم لنا أحد الإخوة، فتذكرت قول المتنبي الذي يقول حول إيران:
مغاني الشعب طيباً في المغاني
بمنزلة الربيع من الزمان
ولكن الفتى العربي فيها
غريب الوجه واليد واللسان
ملاعب جنة لو سار فيها 
سليمان لسار بترجمان
            والشيخ الرفسنجاني من الرجال الخبراء قديما وحديثا، إسلاميا وعصريا، وله تفسير في عشرين مجلدا، ومؤلفات أخرى قيمة۔
            وفي يوم الأربعاء كان سفرنا إلي مدينة مشهد الشهيرة ـ مركز منطقة خراسان ـ، التقينا هناك بتلامذتنا الذين كانوا لدينا صغارا وشبانا، وهنا صاروا ـ علما وجسماـ مشايخ كبارا۔ وتجولنا في المدينة، وزرنا مزار السيد علي بن موسى الرضا (رحمه اﷲ تعالى)، ثم رجعنا إلى طهران، وكانت طهران مركزنا ومحورنا في السفر؛ كنا ندور ونجول حولها، وليلة الخميس خرجنا من طهران، وبطريق دبي عدنا إلي الوطن۔
            والحمد ﷲ تعالى أولا وآخرا۔

           انطباعات وعواطف:

           مما لمسناه هناك هو احترام العلماء والمشايخ من لدن عامة الناس ومثقفيهم واحترام العلماء فيما بينهم أيضا على وجه الامتياز۔

           رغبة الإيرانيين عامة وخاصة وشغفهم بالدراسة والتعلم والتثقف، ويبذلون في ذلك قصارى جهودهم لأولادهم وفلذات أكبادهم۔
              ومن الأجدر بالذكر أن المولوية حاكمة هناك من أعوام عديدة، وأتت بالتنمية والترقية إدارة وثقافة، اقتصاداً وتكنولوجياً، أمنا وسلاماً، وقدمت نموذجاً أمثل وأحسن لحكومة (ملاَّ)، مع أن أناسا في باكستان يزعمون من كذبهم وافترائهم وعنادهم: إن المولوية علامة تخلف ورجعية ودقيانوسية، فيا للعجب!
            اهتمام الحكومة الإيرانية ـشعبا ودولةـ بلغة القرآن الكريم، ولغة السنة البيضاء، ولغة الإسلام في مختلف المجالات كالدوائر التعليمية، والمدارس، والجامعات، والإذاعات المرئية والسمعية، كقنوات مستقلة باللغة العربية، ولا سيما حب أهل العلم والمعرفة لها أزيد وأكثر۔
            منح الحكومة الإيرانية الحرية الكاملة للمدارس والجامعات الدينية لأهل السنة والتشيع في المناهج والنشاطات وأنظمة التدريس۔
         تركيز الجهود المستمرة علي الرقي والنماء في ميادين التكنولوجيا، والاقتصاد، والتخطيط المدني، والعلوم العصرية الجديدة، وفتح الأبواب لها، وتأسيس جامعات عصرية للبنين والبنات على مستوى رفيع.
            والضيافة والكرم قلما تجد نظيرهما في غيرهم إلا العرب۔


          ومن المؤسف: أن الإيرانيين يتوغلون في تقديس وإجلال المزارات الموجودة هناك، كمزار السيدة المعصومة في قم، ومزار السيد علي بن موسى الرضا، والمزارات الأخرى، ومن أعجب العجاب أنهم يسمون هذه المزارات باسم (الحرم)، الشيء الذي تختفي فيه أخطار للأجيال الآتية من حيث الشرك باﷲ تعالى، وإضافة حرمين مستقلين في إيران بعد الحرمين الشريفين، لم أقل هذا من تفاؤل سيء، بل هناك مؤشرات من: كثرة الزوار، وقيام الحكومة لهم بتسهيلات تزيد فيها يوماً فيوماً، ولا سيما حين مناسبة ميلاد أصحاب هذه القبور، أما الخرافات والبدعات فهي توجد اليوم هناك في أرقى صورها۔
           منع تواجد أي مسجد ولا مدرسة، ولا أي تجمع لأهل السنة في مدينة طهران العاصمة، وقم، وأصفهان، وتبريز۔ هذا شيء لا يعده المسلمون، بل المجتمع الدولي ضد حرية الإنسان وحقوقه حول ممارسة شعائر دينه، كيفما شاء۔ ينبغي للحكومة الإيرانية ولا سيما حينما تسمي ثورتها: ’’ثورة إسلامية‘‘، وحكومتها: ’’حكومة جمهورية‘‘ أن تمنح الحرية الكاملة في هذا المجال لأهل السنة، وأن تأتي إلى جادة الاعتدال، فطهران أول عاصمة في العالم لا يوجد فيها مسجد بالاستقلال، غير الحسينيات وغير مصلًّى للجماعة في السفارة الباكستانية فيما نرى۔
        يبرز تعصب شيعي في بعض الآونة والأحيان كالشمس في رابعة النهار، وهو كذلك من المؤسفات والمحزنات؛ لأن ذلك لا يؤدي أي طريق إلى التفاهم التام بين أهل التشيع وأهل التسنن فيما نظن۔
         الاهتمام الحكومي والشعبي بالمتعة التي يختلف فيها أهل السنة وأهل التشيع ـ من حيث الحرمة والجوازـ كان من المناسب أن يكون فيها احتياط، لكون المحرِّمين أزيد عدداً بكثير من المجوزين، مع ذلك هناك تجد على كل شارع مكاتب مفتوحة للمتعة باسم ’’مكاتب الازدواج والطلاق‘‘۔
         وتجد الأصنام والتماثيل الحديدية منصوبة في بعض الأمكنة للرجالات الإسلامية الشهيرة، مع أن بعض العلماء أفتوا بجواز العكس، ومنهم الشيعة، ولكن حتى الآن لم نجد أحد المسالك أو الفِرَق أنها جوزت الأصنام والتماثيل أيضاً!
        كما أنك لا ترى هناك أسماء الصحابة الكرام من الخلفاء الراشدين، وغيرهم (رضي اﷲ عنهم أجمعين) في عامة كتبهم، وأمكنة تقديسهم، كالحسينيات ومكاتب الحكومة إلا اسم سيدنا علي (رضي اﷲ عنه) الخليفة الرابع، ثم الأئمة الذين يعتقد الشيعة بعصمتهم۔
       وأن المولوية هي الحاكم المتحكم كليا على الشعب، مع أنه ينبغي أن تكون هناك مشاركة للطبقات المختلفة في الحكومة قدماً ورأساً۔
         وأنك لا تسمع دوي الأذان وصوته خمس مرات لخمس صلوات، بل ثلاث مرات: للفجر، والظهرين، والمغربين، مع أن المستحب عندهم الأذان خمساً بالاستقلال۔
            وأن يكون النظام شورائيا يكون أحسن من أن يكون دائراً حول نقطة واحدة، التي يسمونها بولاية الفقيه، وهذه هي النكتة التي يعترض عليها القوى الجمهورية في العالم۔
       والذي يحدث اليوم هو أن الثورة بدأت بالاضمحلال، وهي تفقد حيويتها ونفوذها في الشعب، وذلك لكثير من الوجوه، منها: عدم انفتاح إيران لغير الإيرانيين، ولأجل ذلك القلوب تتوحش، والذي رأيناه خاصة أن النسوة الإيرانيات حينما جلسن في طائرة الإمارات في مطار طهران الدولي خلعن الحجاب عن رؤوسهن، وكأنهن تفتحن وتحررن۔
         لم نكتب هذه الفِقَر والنِّكت الأخيرة تطرفاً ولا تحزباً ـحاشا وكلاـ بل كانت آراء وأحاسيس استطلاعية عن تعميق فكر وإمعان نظر، تمكنت في القلوب، كتبناها إظهاراً للحق والصدق، وإيماناً بـ ’’الدين النصيحة‘‘ آملين أنه لينتبهن بعض من أفراد الحكومة وعامة الناس، سيما العلماء وأهل الفكر والنظر إلى الإصلاح، ولم نجامل مجاملة عن نفاقٍ، {واﷲ يقول الحق وهو يهدي السبيل}، وهناك شيء كثير ضربنا عنه صفحاً۔
            وأخيراً نتقدم بالشكر الجزيل للحكومة الإيرانية، وحكامها، ولا سيما المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية، والقائمين عليه عامة، والسيد علي التسخيري خاصة على ما بذلوا من قصارى جهودهم في ضيافتنا وتكريمنا۔
            ونسأل اﷲ تعالى الخير، والسداد، والاستقامة، والصلاح، والتقوى، والقوة في وجه العدو للأمة الإسلامية جمعاء۔
            هذا،… وصلى اﷲ تعالي على سيدنا محمد النبي العربي وعلى آله و سائر أصحابه أجمعين۔
           

٭٭٭

 

شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2024

التعليقات

يجب أن تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب

يستغرق التسجيل بضع ثوان فقط

سجل حسابا جديدا

تسجيل الدخول

تملك حسابا مسجّلا بالفعل؟

سجل دخولك الآن
المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2024