نموذج عال من البلاغة في التفسير، للإمام قتادة
كان هذا الحي من العرب أذلّ الناس ذلا، وأشقاه عيشا، وأبينه ضلالة، وأعراه جلودا، وأجوعه بطونا، مكعومين على رأس حجر بين الأسدين، فارس والروم، لا والله، ما في بلادهم يومئذ من شيء يحسدون عليه، من عاش منهم عاش شقيا، ومن مات ردِّي في النار، يُؤكلون ولا يأكلون، والله ما نعلم قبيلا يومئذ من حاضر الأرض كانوا فيها أصغر حظا وأدق فيها شأنا منهم، حتى جاء الله عز وجل بالإسلام، فورَّثكم به الكتابَ، وأحلّ لكم به دارَ الجهاد، ووضع لكم به من الرزق، وجعلكم به ملوكا على رقاب الناس، وبالإسلام أعطى الله ما رأيتم، فاشكروا نعمه، فإن ربكم منعم يحب الشاكري، وإن أهل الشكر في مزيد الله، فتعالى ربنا وتبارك.
في تفسير قوله تعالى: {وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها، كذلك يبين الله لكم ءايته}