وصف أساليب بعض الكتاب المعاصرين، د. عائض القرني
مع الكتاب
ما قرأت لأحد من المتقدمين والمتأخرين أجمل بيانا وأندى لفظا، وأعمق معنى من الجاحظ، إنه نادرة الزمان في صياغة الحرف، وأعجوبة الدهر في نسج الكلام، غير أنه رقيق دين صاحب مضادات وأوهام وشكوك.. أما أحمد حسن الزيات من المتأخرين فكتاباته ندية باهرة خلابة، وما أروع تقابل الفواصل، واستقلال المقاطع، واختيار الجمل. وأما طه حسين فسلس العبارة، مستطرد النفس، حالم الخيال، لكن الرجل صريع الشبهات. أما العقاد فله من اسمه في أسلوبه نصيب، وكأن كلامه شعر الفرزدق قوة في جفاف، وعمق في يبس. وأما الرافعي فغاية في طول النفس، وربما أغرب، وهو أمة وحده في هذا الفن. وأما سيد قطب فبديع الإنشاء، لكنه مسهب مكرر يعيد الجمل كثيرا. وأما الطنطاوي فله سحر الحلال يدهش العقول، وهو قادر على استنزاف دمع العين، وحزن القلب بما يكتب، وهو عندي منقاد الخاطر، طلق البديهة، متدفق القلم. وأما محمد الغزالي المعاصر فله قاموس خاص، فيه جلال وهيبة، وهو يجبر الذهن على التلفت، وإنه لحسن الإيقاع، رخيم العبارة. وأبو الحسن الندوي له مدار في العبارات لا يتعداها مع اهتمام بالتفخيم والتضخيم والتهويل، مع مسحة من الروحانية الزاكية.
[هكذا حدثنا الزمان، عائض القرني]