حكم التصوير والصور
بسم الله الرحمن الرحيم للعلامة المحدث الفقيه المفتي محمد تقي العثماني حفظه الله تعالى بحث ممتع للغاية في حكم التصوير، وإليكم خلاصة هذا البحث. اتفق جماهير الصحابة والتابعين ومن بعدهم من العلماء - ومنهم الأئمة الثلاثة أبو حنيفة والشافعي وأحمد - على أن التصوير - تصوير ذوي الأرواح - حرام، وأما تصوير غير ذوي الأرواح فلا يحرم، ولهم أدلة مستفيضة من الأحاديث المرفوعة وآثار الصحابة والتابعين وفتاواهم وتعاملهم. واختلفت الروايات عن مالك في مسألة التصوير، ولذلك اختلف علماء المالكية في هذا. والذي أجمعت عليه الروايات والأقوال في مذهب المالكية حرمة التصاوير المجسدة التي لها ظل، والخلاف فيما ليس لها ظل، مما يرسم على ورق أو ثوب، فكرهه ابن شهاب في أي شيء صور من حائط أو ثوب. وأجاز ابن القاسم تصويره في الثياب لقوله في الحديث " إلا رقما في ثوب". والذي يظهر بمراجعة كتب المالكية أن أكثر علمائهم يقولون بكراهة الصور، ولو لم يكن لها ظل، إلا إذا كانت ممتهنة. فالحاصل:أن المنع من اتخاذ الصور مجمع عليه فيما بين الأئمة الأربعة إذا كانت مجسدة، أما غير المجسدة منها فاتفق الأئمة الثلاثة على حرمتها أيضا قولا واحدا، والمختار عند أكثر المالكية كراهيتها، لكن ذهب بعض المالكية إلى جوازها. الصور الشمسية: أما الصور الشمسية فقد ذهب إلى جوازها مفتي مصر العلامة الشيخ محمد بخيت المطيعي رحمه الله تعالى، وقد ألف رسالة باسم "الجواب الشافي في إباحة التصوير الفوتوغرافي" وذهب إلى أن هذا حبس الظل بالوسائط المعلومة، وليس من التصوير المنهي عنه، لأنه إيجاد صورة وصنع صورة لم تكن موجودة ولا مصنوعة من قبل، يضاهي بها حيوانا خلقه الله تعالى، وليس هذا المعنى في أخذ الصور بتلك الآلة. ولكن كثيرا من علماء البلاد العربية - أمثال الشيخ مصطفى الحمامي، والشيخ ناصر الدين الألباني، والشيخ محمد علي الصابوني، والشيخ محمد سعيد رمضان البوطي - وجل علماء البلاد الهندية والباكستانية بل كلهم قد أفتوا بأنه لا فرق بين الصورة المرسومة والصورة الشمسية في الحكم. والواقع أن التفريق بين الصور المرسومة والصور الشمسية لا ينبني على أصل قوي، ومن المقرر شرعا أن ما كان حراما أو غير مشروع في أصله لا يتغير حكمه بتغير الآلة؛ فالخمر حرام سواء خمرت باليد أو بالماكينات الحديثة، والقتل حرام سواء باشره بسكين أو بإطلاق رصاص، فكذلك الصورة قد نهى الشارع عن صنعها واقتنائها، فلا فرق بينما كانت الصورة قد اتخذت بريشة المصور أو بالآلات الفوتوغرافية. والله سبحانه أعلم. وأما الصورة عند الحاجة كالجواز والهوية والبطاقات الشخصية وغير ذلك فينبغي أن يكون مرخصا فيه؛ فإن الفقهاء رحمهم الله تعالى استثنوا مواضع الضرورة من الحرمة. وأما التلفزيون والفيديو فلا شك في حرمة استعمالهما بالنظر إلى ما يشتملان عليه من المنكرات الكثيرة من الخلاعة والمجون والكشف عن النساء المتبرجات أو العاريات وما إلى ذلك من أسباب الفسوق. ولكن هل يأتي فيهما حكم التصوير؟ فإن لشيخنا العلامة محمد تقي العثماني حفظه الله تعالى وقفة. ومال إلى أنه ليس من التصوير المنهي عنه، ولكن كثيرا من علماء الهند وباكستان يحسبون ذلك أيضا من الصور المنهي عنها.والله أعلم وعلمه أتم وأحكم.