القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أبو حَيّان الأندَلـُسي الكل
المجموع : 315
أَلا أَبلِغ فلانَ الدين عَتبي
أَلا أَبلِغ فلانَ الدين عَتبي / عَلَيهِ فقَد تَمادى في الجَفاءِ
صَفَوت لَهُ ضَميراً وَاعتِقاداً / فَجازاني بِمَذقٍ لا صَفاءِ
وَرامَت مُهجَتي مِنهُ وَفاءً / وَهَل خِلّ يَدوم أَخا وَفاءِ
وَكانَ شِفاءَ نَفسي أَن تَراه / يَزور فَعزَّ وُجدانُ الشفاءِ
وَلَو أَنَّ الفلانَ عَراه خَطب / لَكنت لما عَراه ذا اكتِفاءِ
أَرُدُّ عراه مَفلول شباة / فَتُصبح نارهم ذاتَ اِنطِفاءِ
وأذكرُه وَأَنصُرهُ بِخَير / وَأحفَظُه بِغَيبٍ وَاختِفاءِ
وَأعذِل ثُم أَعذِرُ مِنهُ صَبّاً / تَشاغَلَ بِالبَنين وَبِالرفاءِ
وَرُبَّتَما يُقيم لَديَّ عُذراً / أَرقَّ مِن الهَباءَة وَالسَفاءِ
فَغَيري لَو دَعاهُ لِبَعض أَمرٍ / لَبادَرَ ذا اِحتِفالٍ وَاحتِفاءِ
تَميل النَفسُ حَيثُ يَكون فيه / هَواها ما بِذَلِكَ مِن خَفاءِ
وَفي حاجاتِ غَيري ذا اِهتِمام / وَفي حاجِي تَراهُ ذا اِنكِفاءِ
نَفَضتُ يَدي مِن الأَصحابِ طُراً / عَلى آثارهم دِيَمُ العَفاءِ
لَئن أَصبَحتُ فيهِم ذا اِنتِقاءٍ / لَقَد أَمسَيت مِنهُم ذا اِنتِفاءِ
وَكُنتُ أَظنُّهُم زُبداً فَبانوا / لَنا زَبَداً ذَهوباً كَالجَفاءِ
أَفي مِثلي يَضيعُ جَميلُ فعلٍ / وَعَن مثلي يُعرِّدُ ذو اِصطِفاءِ
مِن المصريِّ لا تَرجو وَفاءً / فَقَد خُلِقوا بِلا واوٍ وَفاءِ
لَئِن ظَهَرت في مُقلةِ الحب حُمرَةٌ
لَئِن ظَهَرت في مُقلةِ الحب حُمرَةٌ / فَما ذاكَ داءٌ يُختشى مِن بَقائِهِ
وَلَكِنَّها سَيفٌ أَصابَت ادَا الهَوى / فَطارَ رَشاشٌ نَحوَها مِن دِمائِهِ
عُج بِشَيخِ النُحاة وَالأدباءِ
عُج بِشَيخِ النُحاة وَالأدباءِ / وَإِمامِ الأَئِمَةِ الفُضَلاءِ
تَجِدِ الريمَ راتِعاً في حِماهُ / قَد حَماهُ حَتّى مِن الرقباءِ
يا إِماماً لَمّا تَزَل مُسدِياً لي / نِعَماً قَد جَلَت عَن الإحصاءِ
لَو يحلُّ الغَزالُ غَير حِماكُمُ / لانتَصَفنا بِسُنَّةِ الشُعَراءِ
إِن يَكُ القَلبُ غَيرَ راضٍ بِهَذا / فَلِساني عَلَيك رَطبُ الثَناءِ
ضَلَّ عَقلي بِصَدِّ ريمِك حَتّى / لكأني أَسيرُ في الظَلماءِ
أَيُّ بَحرٍ يَفيضُ مِن عَبَراتي / أَيُّ جَمرٍ يَشُبُّ مِن أَحشائي
لَيسَ جَمعُ الأَضدادِ عِندي مُحالاً / إِنَّني جامِع لِنار وَماءِ
بِأَبي أَحوَر الجُفونِ رَبيبٌ / طارَ عَقلي بِهِ وَطالَ عَنائي
إِن تبدّى فَحَسبُ طَرفي مِنهُ / نَظرَة وَهيَ لَو تَدوم شِفائي
وَلَئِن غابَ شَخصُهُ قُلت نَفسي / اصبِري فَالبَهاءُ عِندَ البَهاءِ
لا سِفرَ هَذا السفر إِن صارَ ملك مَن
لا سِفرَ هَذا السفر إِن صارَ ملك مَن / مَكارمُه أَندى وَأَجدى مِن السُحبِ
وَتاهَ عَلى الأَسفارِ زَهواً وَنَخوَةً / وَانشر زَهواً وَافتخاراً عَلى الكُتبِ
لَقَد جَلَّ قَدري إِذ بَلَغتُ بِهمَّتي / سَماءَ المَعالي وَاِنتَقَلتُ إِلى الشُهبِ
إِلى العالَم العُلويِّ سَعدي مُصعِّد / أُناجي إِماماً خَصَّني مِنهُ بِالقُربِ
تَفرَّستُ أَن لَو كانَ في عَصرِهِ أَبو / فِراسٍ ثَنى شعري إِلى جُودِهِ الرَّحبِ
فَكانَ شهابُ الدينِ يُعليهِ رُتبةً / يَصير بِها مَلكاً عَلى جِنسِهِ العُربِ
وَإِن كانَ قَد أَودى فَإِنَّ بذكره / لَهُ شَرَفاً يَبقى عَلى غابِرِ الحقبِ
كَريم لَهُ في كُل قُطرٍ مَكارِم / مِن الفَضل قَد عَمَّت وَمرَّت إِلى الغَربِ
فَأَحيت أَبا حَيّان مِن بَعد ميتَةٍ / وَأَروَتهُ ظَمآناً مِن البارد العَذبِ
أَعَبدَ الرَحيم أَنا في جَحيمٍ
أَعَبدَ الرَحيم أَنا في جَحيمٍ / فَهَل مِن رَحيم لِصَبٍّ غَريبِ
أَطَلتَ البِعادَ مَنَعتَ الرقادَ / سَلَبتَ الفُؤادَ بِحُسنٍ عَجيبِ
بِسِرِّ الجَمالِ وَنورِ الهِلالِ / وَلَحظِ الغَزالِ وَقَدِّ القَضيبِ
وَوَجهٍ بهيٍّ وَريق شَهيٍّ / وَعَرفٍ ذَكيٍّ حَوى كُلّ طيبِ
أَريجٌ كَمسكٍ وَثَغرٌ كَسلك / بِهِ زالَ نسكي وَزادَ نَحيبي
تَرى صاحِ يَدري غَرامي بَدري / فَإِنَّ بِصَدري حَريقَ لَهيبِ
دُموعيَ تَجري وَقَد طالَ هَجري / فَجُد تَربَح أَجري بِوَصلٍ قَريبِ
بِحَيث قُدودُ البيضِ سُمرٌ تَهزُّها
بِحَيث قُدودُ البيضِ سُمرٌ تَهزُّها / شَمولُ الصِبا وَالدَّلِّ لا شَمأَلُ الصِبا
خِفافٌ فَلَولا ثِقلُ كُثبٍ تَقصَّفَت / لَعادَ لجدب الخصرِ رِدفٌ قَد أَخصَبا
عَلَتها بدورٌ قَد سَفَرنَ فَما تَرى / لَهُنَّ سِوى مِن حالِكِ الشَعر غَيهَبا
هُمُ الناسُ شَتّى في المَطالبِ لا تَرى
هُمُ الناسُ شَتّى في المَطالبِ لا تَرى / أَخا همَّةٍ إِلا قَد اختارَ مَذهَبا
فَمَن يَعتني بِالفِقهِ يَرأس إِذ يلي / قَضاءً وَتَدريساً وَفُتيا وَمَنصِبا
وَمَن كانَ ذا حَظٍّ مِن النَحو وَاللُغا / يَرى أَنَّهُ أَسنى الفَضائلِ مَطلَبا
وَيزهى عَلى هَذا الأَنام لِأَنَّهُ / يَرى هَمَجا في الناس مَن لَيسَ مُعرِبا
وَمَن كانَ بِالمَعقول مُشتغلاً يَرى / جَميعَ الوَرى صُمّاً عَن الحَق غَيَّبا
فَإِن كانَ في النَحوين صاحبَ دِريَةٍ / فَذاكَ الَّذي يُدعى الإمام المهذَّبا
وَحافظ أَلفاظِ القِراءاتِ جاهِلٌ / بِالإعرابِ وَالمَعنى للإقراءِ رُتِّبا
يرقِّقُ ما قَد فَخَّمُوا وَمفخِّمٌ / لما رَقَّقوا لَم يَلقَ شَيخاً مُهذَّبا
يَرى أَنَّ نَظمَ الشاطِبي غايةُ المُنى / وَلَم أَرَ نَظماً مِنهُ أَعصى وَأًصعَبا
يَظَلُّ الفَتى فيهِ سِنينَ عَديدَةً / يُحاولُها فَهما فَيَبقى مُعَذَّبا
بِلُغزٍ وَأُحجِيّاتِ شُلشل شَمَردَلٍ / وَدَغفَلِ أَسماءٍ عَن الفَهم حُجَّبا
وَقَد أولعَ الجُهّالُ فيهِ بِشَرحِهِ / فَمِن شارِحٍ قَصراً وَآخَر أَطنَبا
وَغايَتُهُ نُطقٌ بِأَلفاظِ أَحرُفٍ / كَمالك نَنسَخ ننسِها لا نكذِّبا
لَقَد كانَ هَذا الفَنُّ سَهلاً مُعَرَّبا / فَبَعَّدَهُ هَذا القَصيد وَصعَّبا
وَناظمِ أَشعارٍ يَدورُ عَلى الوَرى / بِذمٍّ وَمَدحٍ مُرهِبا أَو مُرغّبا
يرى أَنَّ نظمَ الشعرِ أَسنى فَضيلَةً / وَلَيسَ بِفَضلٍ ما بِطَبعٍ تركَّبا
وَراوي حِكاياتٍ لِناس تَقَدَّمُوا / غَدا وَاعِظاً يَشرو وَيَنشر مُطرِبا
وَطوراً يُبكّي الناسَ خَوفاً وَرَهبةً / وَطوراً يُرجِّي بِالتَسامح مُذنِبا
وَتالٍ لِقُرآنٍ بِتُربة مَيِّتٍ / قَد اتَخَذَ التَنغيمَ بِالصَوتِ مَكسبا
وَجامعِ آدابٍ وَحفظِ رَسائِلٍ / وَجودَةِ خَطٍّ راجِياً أَن يُقرّبا
إِلى ملكٍ كيما يَكون موقِّعا / فَينظُف أَثواباً وَينبُل مَوكِبا
وَحاملِ أَجزاءٍ لِطافٍ سَقيمَةٍ / تَأبّطها كيما تَروّى وَتكتبا
يَدورُ عَلى شَيخٍ جَهولٍ وَشَيخةٍ / عَجوزٍ تَرى جمع الرُؤوسِ تقربا
وَجمّاعِ أَنواعٍ مِن الفِسقِ لَم يبَل / بِمعصيَة إِن كانَ كَهلاً أَو أَشيبا
أَتَأخُذُ دينَ اللَهِ عَن مثلِ هَؤلا / لَأَنتَ إِذَن في الغَي أَصبَحتَ مُسهبا
وَغايةُ ما يدريهِ أَنَّ فلانةً / رَوَت جُزءَ بيبي وَهيَ ماتَت بِيَثرِبا
وَذا لَقَّبوه جَزرةً وَملقبٌ / بِصاعِقَةٍ إِن كانَ في الحِفظِ أَغلبا
وَمشتغلٍ بِالطبِّ قَد رامَ صَنعَةً / قَليلاً جَداها ما أَشقَّ وَأَخيَبا
يَدور عَلى المَرضى وَيُحرز علَّة / وَيَسأل ماذا كانَ عَنهُ تَسبَّبا
وَيَنهَبُ مِنهُ مالَهُ لا يهمُّه / سواء لَدَيهِ أَن يَصِحَّ وَيَعطَبا
وَغايَتُهُ استقبالُ بَولٍ بِوجهِهِ / وَشَمُّ قَذوراتٍ كَأَن شمّ زرنَبا
وَكَسلانَ يَختارُ المَشيخةَ صَنعةً / فَيَجمَع أَوشاباً إِلى الزَّرد رُغَّبا
تيوسٌ رُعاعٌ وَهوَ جَهلا أَبوهُمُ / فَاقبِح بِهِم وُلداً وَاقبِح بِهِ أَبا
وَيَبهَتُ نَحوَ الأَرض طَوراً وَتارَة / إِلى العالَمِ العُلوِيِّ يَستَمِعُ النَبا
وَيَركبُ عيراً وَهوَ عيرٌ حَقيقةً / فَجهلٌ بَسيطٌ قادَ جَهلاً مركَّبا
فَيُخبِرُ عَن أَشياءَ في ملكوتِهِ / رَآها عَياناً لَيسَ عَنها محجّبا
تَلاميذُهُ يَمشونَ حَولَ حمارِهِ / وَأَوساطُهم مَشدودة لابِسو القَبا
عريُّون عَن علمٍ وَمَن كانَ فاضِلا / تَقرمَطَ كَي يُدعى الامامَ المقرَّبا
فَيُبدي لَهُم أَسرارَ عِلمٍ غَوامِضاً / تلقَّفها عَن سر سرٍّ ترتّبا
فَمِنهُ إِلَيهِ عَنهُ فيهِ لَديهِ قَد / بَدَت غامِضاتٌ عَنهُ تنبَثُ كَالهبا
عَجِبتُ لِمثلي عِشتُ سَبعينَ حِجَّةً / وَتِسعاً أُلاقي الناسَ شَرقا وَمَغرِبا
فَما ظَفِرت عَيني بِمَن هُوَ صالِحٌ / سِوى مَن بِهِ بَينَ الأَنامِ تَلقَّبا
تَذَكُّري لِلبِلى في قَعرِ مُظلمَةٍ
تَذَكُّري لِلبِلى في قَعرِ مُظلمَةٍ / أَصارَني زاهِداً في المال وَالرُتبِ
إِني أُسَرُّ بِحالٍ سَوفَ أُسلبها / عَمّا قَريبٍ وَأَبقى رِمّةَ التُربِ
أَتَيتُ وَما أُدعى وَأَقبلتُ سامِعاً
أَتَيتُ وَما أُدعى وَأَقبلتُ سامِعاً / فَوائِدَ مَولى سَيّدٍ ماجِدٍ نَدبِ
وَأَحضُرُ جَمعاً أَنتَ فيهِ جَمالُهُ / أُشنِّفُ سَمعِي مِنكَ بِاللؤلؤِ الرَّطبِ
مَغيبُك في الأُسبوعِ يَومين عَن شَجٍ
مَغيبُك في الأُسبوعِ يَومين عَن شَجٍ / وَيَومين بُعدٌ قاتِلٌ لِلشَجي الصَبِّ
وَهَبكَ بِقَلبي حاضِراً فَلِمُقلَتي / بِرُؤيَتِكَ الأنسُ المريحُ مِن الكَربِ
وِمِن نورِكَ الوَهّاجِ تَسري أَشعَّةٌ / لِعَيني فَيَسري النور مِنها إِلى قَلبي
خَرَجتُ أَمشي إِلى شَخصٍ فَحَدَّثني
خَرَجتُ أَمشي إِلى شَخصٍ فَحَدَّثني / قَلبي بِمجلسِ مَن يَهوى وَما كَذَبا
فَجئتهُ فَرَأَيتُ الغُصنَ مُعتَدِلاً / وَالظَبيَ مُلتفتاً وَالبَدرَ مُرتَقَبا
مَن أَعلَمَ القَلبَ أَنَّ الحُبَّ مَجلسُهُ / هُناكَ أعلمهُ سرٌّ لَهُ جَذَبا
قَد كُنتُ أُنكِرُ عِلمَ الغَيبِ مِن أَحَدٍ / حَتّى رَأَيتُ فُؤادي يعلَمُ الغيبا
عَجِبتُ لِمُهري إِذ رَأَى العُربَ نَكَّبا
عَجِبتُ لِمُهري إِذ رَأَى العُربَ نَكَّبا / كَأَن لَم يَكُن بَينَ الأَعاريبِ قَد رَبا
فَلا لَيسَ نُكراً لِلفَريق وَإِنَّما / تَخوَّف عَتباً مِنهُمُ فَتَجَنَّبا
أَيا طالِباً أَن يَنالَ الأَرَب
أَيا طالِباً أَن يَنالَ الأَرَب / قَريباً عَلَيكَ لِسانُ العَرَب
تُشاهِدُ مَجموعَ ذي خِبرَةٍ / بصيرٍ بِما قَد نَأَى وَاقتَرَب
وَإِنَّ الجمالَ إمامُ العُلومِ / فَفي كُلِّ سَهمٍ لَها قَد ضَرَب
لأُطلِعَهُ وَهوَ شَمسُ الضُحى / فَنجمُ العُلومِ لَهُ قَد غَرَب
وَهَذَّبَ أَلفاظَ تَهذيبِهِم / فَقَد صارَ نَبعاً وَكانَ العَذَب
وَكانَ الصِّحاحُ بِها جَرَبٌ / فَداوى الصّحاح وَزالَ الجَرَب
وَأَحكمَ تَرتيبَ مُحكمِهِم / فَسَرَّ العِناج وَسر الكَرَب
صَحائِفُ كانَ بِها مَيَلٌ / فَثقَّفَ مِن مَيلها ما اضطَرب
وَقَد كانَ نَدَّت شَوارِدُها / فردَّ الَّذي كانَ مِنها هَرَب
دَعاها بِلَفظٍ رَقيقٍ رَفيقٍ / فَهزَّ المَعاطفَ مِنها الطَرَب
جَزى اللَهُ جامِعَها جَنَّةً / لِيُسقى بِها لبناً مَع ضَرَب
تمَّ لِسانُ العَرَب
تمَّ لِسانُ العَرَب / فَجاءَ قَصدَ الأَرَبِ
عِشرونَ سِفراً بَعدَها / سَبع ذوات نخَبِ
جاءَ جَمالُ الدينِ في / تَصنيفِهِ بِالعَجَبِ
أَبقاهُ ذُخراً للوَرى / يَبقَى بَقاءَ الحِقَبِ
طَوّقَ جيدَ عَصرِهِ / طَوقاً بِهِ مِن ذَهَبِ
رَصَّعَهُ بِجَوهَرٍ / فَصارَ زَينَ الكُتُبِ
كِتابُهُ شَمسُ الضُحى / وَكُتبُهُم كَالشُهُبِ
مِن أُسرَةٍ بَذّوا الوَرى / بِسُمرِهِم وَالقضبِ
أَبناءُ قَحطانَ الأُلى / سُمُّوا بِأَنصارِ النَّبِي
فَيا لَها مِن أُسرَةٍ / شَريفَةٍ في النَّسَبِ
جَمَّلَهم جمالهُم / إِنسانُ عَينِ الأَدَبِ
سَقَى الإِلهُ قَبرَهُ / مِن مُثجِماتِ السُحُبِ
وَلا تَزالُ روحُهُ / مَع الحِسانِ العُرَّبِ
في جَنَّةٍ يُسقى بِها / مِن لَبَنٍ وَضَرَبِ
ضَريح بِنتي جَعَلتُ بَيتي
ضَريح بِنتي جَعَلتُ بَيتي / وَقُلتُ لَيتي أَموتُ لَيتي
قدومُ حَيٍّ يَغيبُ يُرجَى / وَلَيسَ يُرجى قُدومُ مَيتِ
يا عَينُ ابكي دَماً عَلَيها / فَلَيسَ يَجري دَمعٌ بَكَيتِ
يا لَيلَةَ البَينِ مِن نُضارٍ / صَدَّعتِ قَلبي بِما جَنَيتِ
يا تُربَةً قَد حَوَت نُضاراً / طِبتِ شَذاً بِالَّذي حَوَيتِ
وَعَيتِ عَقلاً وَبَحرَ عِلمٍ / وسُؤدداً بِالَّتي وَعَيتِ
أَمَضَّني الحُزنُ يا نضارٌ / وَصِرتُ مُضنىً لَمّا مَضَيتِ
أَصبَحتُ فَرداً فَلَيتَ أَنِّي / قَضَيتُ نَحباً لَمّا قَضَيتِ
سَعَيتِ لِلعلمِ باجتهادٍ / وَلَم تُمتَّعي بِما وَعَيتِ
سَرَت إِلى عالمٍ عَلِيٍّ / روحُكِ يا بُعد ما سَرَيتِ
إِلى سَماءِ الَّذي تَسامَت / حَتّى رَأَيتِ الَّذي رَأَيتِ
الروحُ مِنكِ اِستحالَ طَيراً / لَمّا تَشَكّى الظَما سَقَيتِ
وَآخِرُ النُطقِ كانَ مِنكِ الت / تَشَهُّدُ اللذ بِهِ رَبَيتِ
وَقَدَّسَ اللَه مِنكِ روحاً / نالَت مِن الخُلدِ ما اشتَهَيتِ
وَإِنَّ بَيتاً أَضحى مَحَلاً / لِخَيرِ بِنتٍ لَخَيرُ بَيتِ
مهَنَّدُكَ المَيمونُ كَالسَيفِ صورةً
مهَنَّدُكَ المَيمونُ كَالسَيفِ صورةً / وَلَكن فِرِندُ السَيفِ ماءٌ بِمُزنَةِ
لَئِن كانَ يَحكي الماءَ لُطفاً وَرِقَّةً / فَكَم هامَةٍ في ذَلِكَ الما غَريقَةِ
فِرِندٌ لَو اَنَّ الجِنَّ لَيلاً تَمُرُّ بي / سَناءً رَأَتها الأُنسُ مِن بَعدِ خِفيَةِ
عَبيدُكَ خَيّاطونَ في الحَربِ قَد رَأَوا / لَها بِذِراعِ الرُّمحِ أَبدان بُهمةِ
وَقَد قَطَّعوها بِالسُيوفِ وَخَيّطوا / بأسهُمِهِم فَتقَ الجُسومِ العَصِيَّةِ
وَبَحرُ دِماءٍ زَورَقُ الشَمسِ غارِقٌ / بِهِ وَنُجومٌ كَالحَبابِ بِخَمرةِ
فَلَو أَذهَبَت ريحٌ تُرابَ جَنابِكُمُ / إِلى النار أَضحَت ماءَ رَوضٍ بِجَنَّةٍ
وَلَو حَلَّ في مِصرَ دُخانُ بلائِكُم / إِذَن بَلغَ الأَهرام حلق بَعوضَةِ
وَلَو أَنَّ مَلكاً رامَ لَثمَ ركابِكُم / وَقَد حَطَّ تَحتَ الرجل أَعلى مَكانَةِ
كَراسيّ أَفلاكِ العُلا التِسعُ لَم يَصِل / لِتَقبيلِه إِلا بِأَوهامِ فِكرةِ
مَليكٌ علا الأَملاك عِزاً وَرفعةً / يُقَصِّر عَن إِدراكِها كُلُّ رِفعةِ
محمد في الأَفلاكِ شَمس وَإِنَّهُم / نُجومٌ مَتى يَبدو سَناهُ اِضمَحَلَّتِ
أَقامَ مَنارَ الشَرعِ شرعِ محمدٍ / وَقامَ بِنَصرِ المِلَّةِ الحَنفيةِ
دَعا دَعوةً في مِصرَ يا لَمحمدٍ / فَكُلُّ مُلوكِ الشَرقِ طاعَت وَلَبَّتِ
إِذا آنَسَت عَيني سَناءَ عُلاكُمُ / فَقَد بَلَغَت مِن دَهرِها ما تَمَنَّتِ
وَرُحتُ كَمثلِ الشَيخ عادَ شَبابُهُ / أَو المَيتِ يَحيا في نَعيمٍ وَغبطةِ
أَيُّ عَيشٍ لِشُيَيخٍ
أَيُّ عَيشٍ لِشُيَيخٍ / هُوَ حَيٌّ مثلُ مَيت
عادِم الأُنسِ غَريب / مُفرَد مِن أَهلِ بَيت
وَلَهُ نَفسٌ تُنادي / لِلمَنايا هَيتَ هَيت
تَتَرَجّى وَتُمنّي / بِلعلِّي وَبِلَيت
وَسَراجي لَيسَ فيهِ / لِلبَقا نُقطَةُ زَيت
سَوفَ يُكنى عَن حَديثي / كانَ مِنهُ ذَيت ذيت
رَماني الزَّمانُ بِأَحداثِهِ
رَماني الزَّمانُ بِأَحداثِهِ / وَكُنتُ صَبوراً عَلى ما حَدَث
وَأَفنى الشَبابَ وَأَهلاً مَضَوا / وَما كُنتُ مِمَّن بِذاكَ اكتَرَث
وَمُنذُ عَيا بَصَري ضَعفُهُ / قَعَدتُ كَأَنّي رَهينُ الجَدَث
وَقَد كُنتُ مُستأنِساً ساكِناً / فقَد صرتُ مُستَوحِشاً ذا عَبث
إِذا رُمتُ انظر في مُهرَقٍ / تَغَشّى سَنا ناظِريَّ الشَعَث
وَإِن أَنا أَبعَثُ ذهني لَهُ / لِفكرٍ أراهُ إِذن ما انبَعَث
وَمَن كانَ في العلمِ ذا شِبَعٍ / فَإِني إِلى فَقرِهِ ذو غَرَث
يَزينُ الفَتى عِلمُهُ مِثلَما / يزينُ الفَتاةَ الحُلى وَالرُعُث
وَإِن كانَ قَلبي قَريحاً فَلي / لِسانٌ بِحَمدِ إلَهي نَفَث
أَجَلتُ لِحاظي في الرِياضِ الرَمائثِ
أَجَلتُ لِحاظي في الرِياضِ الرَمائثِ / وَنَزَّهتُ فكري في فُنونِ المَباحثِ
وَشاهَدتُ مَجموعاً حَوى العلمَ كُلَّه / فَأَولُ مَكتوبٍ وَثانٍ وَثالثِ
فَيا حُسنه مِن جامِعٍ لِفَضائلٍ / جَليلٍ على نَيلِ المَعارفِ باعثِ
لَحازَ لِسانَ العُربِ أَجمَعَ فَاِغتَدى / نِهايةَ مُرتادٍ وَمَطلَبَ باحِثِ
بِهِ أَزهَرَت لِلأَزهَريِّ رِياضُهُ / فَأَنوارُها تَجلو دَياجي الحَوادثِ
وَصَحَّت بِهِ لِلجَوهَريِّ صِحاحُه / فَلا كسرَ يَعروها وَلا نقرَ عابِثِ
وَسادَ بِهِ بَينَ الأَنامِ ابنُ سيدةٍ / فَمحكمُهُ ما فيهِ عيثٌ لِعايثِ
وَبرّ ابنُ بريٍّ وَصَحَّت بِنَقدِهِ الص / صحاحُ اِستَقَلَّت في بَراثِنِ ضابثِ
وَللجزريِّ ابنِ الأَثير نِهايَةٌ / إِذا قُرِئَت أَزرَت بِسَمعِ المَثالِبِ
وَكُلّ مُجَلٍّ إِذ تَقادَمَ عَهدُهُ / وَلَيسَ المُصلّي في السباقِ بِرابِثِ
وَإِنَّ جَمالَ الدينَ جَمَّلَ كُتبَهُمُ / بإصلاحِ ما قَد أَوهَنوا مِن رَثائِثِ
لَقَد فاقَهَم عِلماً وَزادَ عَلَيهِم / وَأَنّى بِبادي الفتخ حُرج الأَباغِثِ
تَجمَّع فيهِ ما تَفَرَّقَ عِندَهُم / وَأَربى عَلَيهِم بِالعلوم الأثائِثِ
بنثرٍ كَشِبهِ الزَهرِ غِبَّ سَمائِهِ / وَنَظمٍ كَمثلِ الزَهرِ بِالسحرِ نافثِ
لَهُ قدمٌ في ساحةِ الفَضلِ راسِخٌ / وَمَجدٌ قَديمٌ لَيسَ فيهِ بِحادثِ
وَنسبةُ علمٍ كابِراً بَعدَ كابرٍ / فَمِن خَيرِ مَوروثٍ إِلى خَيرِ وَارثِ
حَفيظٍ لِأَسرارِ المُلوكِ أَمينها / عَليمٍ بِتَصريفِ الخُطوبِ الكَوارثِ
بِهِ افتخرت قحطانُ وَاشتَدَّ أَزرُها / وَباهت بِهِ الأَملاكَ أَبناءُ يافثِ
وَلا بَرِحَت روحُ الجَمالِ مُقيمَةً / بِعَدنٍ لَدى الحُورِ الحِسانِ الأَواعثِ
صَبابةُ المَرءِ بِالأَحداثِ مُذهِبَةٌ
صَبابةُ المَرءِ بِالأَحداثِ مُذهِبَةٌ / لِلدين وَالمالِ فَاحذَر صُحبَةَ الحَدَثِ
كَفى مِن الذَمِّ وَالتَنفيرِ أَنَّهُمُ / سَمَّوهُ باسمِ الَّذي يُبدِيهِ مِن خَبَثِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025