المجموع : 37
أَتَعرِفُ مِن لَيلى رُسومَ مُعَرَّسِ
أَتَعرِفُ مِن لَيلى رُسومَ مُعَرَّسِ / بَلينَ وَما يَقدُم بِهِ العَهدُ يَدرُسِ
وَما رَبُّ صِرفٍ دَنُّها صَرخَدِيَّةٌ / تُميتُ عِظامَ الشارِبِ المُتَكَيِّسِ
يُعادُ لَها إِبريقُها وَزُجاجُها / بِأَنعَمِ عَيشٍ مِن شِواءٍ وَأَكؤُسِ
بِأَنعَمَ مِنّا لَيلَةً نَزَلَت بِنا / تُلِمُّ وَأُخرى لَيلَةً بِالمُغَلَّسِ
تَمَضَّت إِلَينا لَم يَرِب عَينَها القَذى / لِكَثرَةِ نيرانٍ وَظَلماءَ حِندِسِ
وَكائِن رَآها القَلبُ أُمَّ غُزَيِّلٍ / كَطَوقِ الفَتاةِ هالِكٍ عِندَ مَنعَسِ
أَطاعَ لَها نَبتٌ مِنَ المُردِ يانِعٌ / ظَليلُ المَطافِ مِن مَقيلٍ وَمَكنِسِ
وَخَرقٍ يَخافُ الرَكبُ أَن يَنطِقوا بِهِ / قَطَعتُ بِفَتلاءِ الذِراعَينِ عِرمِسِ
لَها دَولَجٌ دَوحٌ مَتى ما تَنَل بِهِ / مَدى الغِبِّ أَو تَربَع بِهِ الغَدَ تَخمِسِ
يَظَلُّ يُغَنّيهِ الحَمامُ كَأَنَّهُ / مَآتِمُ أَنواحٍ لَدى جَنبِ مَرمَسِ
مَروحٍ إِذا جالَت لِصَوتِ غَضارَةٍ / مِن اللَيلِ أَو ريعَت لِنَبأَةِ هِجرَسِ
لَها عَجُزٌ مِثلُ الرِتاجِ يَزينُها / إِلى قَرِدٍ يُنمي وَلِيَّةَ مَحبِسِ
وَخَطمٌ كَبِرطيلِ القُيونِ وَمِشفَرٌ / خَريعٌ كَنَعلِ السُندُسِيِّ اِبنِ أَقوَسِ
وَعَينٌ كَمِرآةِ الصَناعِ وَهامَةٌ / كَجُندُلَةِ الضَبِّ الأَصَمِّ المُجَرَّسِ
تَرى أَثَرَ الأَنساعِ فيها كَأَنَّها / مَوائِحُ قاعٍ ذي يَبيسٍ وَعَضرَسِ
تَدُقُّ الحَصى بِمُجمِراتٍ وَمَنسِمٍ / أَصَمَّ عَلى عَظمِ السُلامى مُلَدَّسِ
بَني أَسَدٍ هَل تَعلَمونَ بَلاءَنا / إِذا كانَ يَومٌ يُستَعانُ بِأَنفُسِ
قِراعَ عَدُوٍّ أَو دِفاعَ عَظيمَةٍ / إِذا اِحتُضِرَت يُعطى لَها كُلُّ مَنفِسِ
لِمُختَبِطٍ مِنكُم كَأَنَّ ثِيابَهُ / نُبِشنَ لِحَولٍ أَو ثِيابِ مُقَدِّسِ
لَهُ وِلدَةٌ سُفعُ الوُجوهِ كَأَنَّهُم / إِذا اِقتَرَبوا مِنهُ جِراءُ مُقَرقِسِ
قَطيفَتُهُ هِدمٌ وَمَأواهُ غِبَّةٌ / إِلى وِلدَةٍ دُبرِ الحَراقِفِ بُؤَّسِ
هَنَأناهُمُ حَتّى تَنادَوا لِحالِهِم / بِمُعتَلِجٍ كَأَنَّهُ لَونُ سُندُسِ
تَرى زَهَرَ الحَوذانِ حَولَ رِياضِهِ / يُضيءُ كَلَونِ الأَتحَمِيِّ المُوَرَّسِ
وَمُعتَرَكٍ ضَنكٍ بِهِ قِصَدُ القَنا / شَهِدنا فَلَم نَعجَز وَلَم نَتَدَنَّسِ
كَأَنَّ مَجَرَّ الخَيلِ أَرسانَها بِهِ / مَساقِطُ أَرماحِ القَنا في مُعَرَّسِ
إِذا رَكَضَ الأَبطالُ مِن خِشيَةِ الرَدى / كَرَكضِ الغَطاطِ في يَدِ المُتَنَمِّسِ
مَتى تَعرِفِ العَينانِ أَطلالَ دِمنَةٍ
مَتى تَعرِفِ العَينانِ أَطلالَ دِمنَةٍ / لِلَيلى بِأَعلى ذي مَعارِكَ تَدمَعا
عَلى النَحرِ وَالسِربالِ حَتّى تَبُلَّهُ / سَجومٌ وَلَم تَجزَع إِلى الدارِ مَجزَعا
خَليلَيَّ عوجا اليَومَ نَقضِ لُبانَةً / وَإِلّا تَعوجا اليَومَ لا نَنطَلِق مَعا
وَإِن تُنظِراني اليَومَ أَتبَعكُما غَداً / قِيادَ الجَنيبِ أَو أَذِلَّ وَأَطوَعا
وَقَد زَعَما أَن قَد أَمَلَّ عَلَيهِما / ثَوايَ وَقيلي كُلَّما اِرتَحَلا اِربَعا
وَما لَبثَةٌ في الحَيِّ يَوماً وَلَيلَةً / بِكافيكَ عَمّا قُلتَ صَيفاً وَمَربَعا
فَجودا لِلَيلى بِالكَرامَةِ مِنكُما / وَما شِئتُما أَن تَمنَعا بَعدُ فَاِمنَعا
وَما زالَ يُزجي حُبُّ لَيلى أَمامَهُ / وَليدَينِ حَتّى عُمرُنا قَد تَسَعسَعا
تَذَكَّرتُ لَيلى وَالمَطِيُّ كَأَنَّها / قَطا مَنهَلٍ أَمَّ القِطاطَ فَلَعلَعا
تَراهُنَّ بِالرُكبانِ عَن لَيلَةِ السُرى / عَواسِرَ يَذعَرنَ الشَبوبَ المُوَلَّعا
إِذا هَبَطَت خَرقاً عَلَيهِ غَباوَةٌ / رَكَضنَ دِقاقاً لَبطُها قَد تَسَلَّعا
وَما جَأبَةُ القَرنَينِ أَدماءُ مُخرِفٌ / تَرَعّى بِذي نَخلٍ شِعاباً وَأَفرُعا
بِأَبعَدَ مِن لَيلى نَوالاً فَلا تَكُن / بِذِكراكَ شَيئاً لا يُواتيكَ مولَعا
بَني أَسَدٍ هَل تَعلَمونَ بَلاءَنا / إِذا كانَ يَومٌ ذا كَواكِبَ أَشنَعا
إِذا كانَتِ الحُوُّ الطِوالُ كَأَنَّما / كَساها السِلاحُ الأُرجُوانَ المُضَلَّعا
نَذودُ المُلوكَ عَنكُمُ وَتَذودُنا / إِلى المَوتِ حَتّى تَضبَعوا ثُمَّ نَضبَعا
وَغَسّانَ حَتّى أَسلَمَت سَرَواتُنا / عَدِيّاً وَكانَ المَوتُ في حَيثُ أَوقَعا
وَمِن حُجُرٍ قَد أَمكَنَتكُم رِماحُنا / وَقَد سارَ حَولاً في مَعَدٍّ وَأَوضَعا
وَكائِن رَدَدنا عَنكُمُ مِن مُتَوَّجٍ / يَجيءُ أَمامَ الأَلفِ يَردي مُقَنَّعا
ضَرَبنا يَدَيهِ بِالسُيوفِ وَرَأسَهُ / غَداةَ الوَغى في النَقعِ حَتّى تَكَنَّعا
بِكُلِّ رَقيقِ الشَفرَتَينِ مُهَنَّدٍ / حَميدٍ إِذا ما ماطِرُ المَوتِ أَقلَعا
لاهُمَّ رَبَّ الناسِ إِن كَذَبَت
لاهُمَّ رَبَّ الناسِ إِن كَذَبَت / لَيلى فَعُرَّ بِثَديِها ثُكلُ
إِنّي صَرَمتُهُمُ وَما صَرَموا / لا بَل لِكُلِّ إِخائِهِم دَخلُ
لَيسَ الإِخاءُ إِذا اِتَّبَعتَ بِأَن / يُقصى الخَليلُ وَيُحرَمَ السُؤلُ
فَاِقطَع بِلادَهُمُ بِناجِيَةٍ / كَالسَيفِ زايَلَ غِمدَهُ النَصلُ
تَعدو إِذا تَلَعَ النَهارُ كَما / قَطَعَ الجَفاجِفَ خاضِبٌ هِقلُ
حَمِشُ المَشاشِ عِفارُهُ لُمَعٌ / قَرِدٌ كَأَنَّ جِرانَهُ حَبلُ
وَكَأَنَّما بِمَخَطِّ مَنسِمِهِ / مِن خَلفِهِ مِن خُفِّهِ نَعلُ
تَهدي الرِكابَ إِذا الرِكابُ عَلَت / مَوراً كَأَنَّ جَديدَهُ سَحلُ
فَاِنظُر خَليلَيَّ هَل تَرى ظُعُناً / كَالدَومِ أَم أَشباهُها الأَثلُ
يَنظُرنَ مِن خَلَلِ الخُدورِ كَما / نَظَرَت دَوامِجُ أَيكَةٍ كُحلُ
فيهِنَّ جازِيَةٌ إِذا بَغَمَت / تَخشى السِباعَ غَذا لَها طِفلُ
نَحنُ الَّذينَ لِحِلمِنا فَضلٌ / قِدماً وَعِندَ خَطيبِنا فَصلُ
وَإِذا نُطاوِعُ أَمرَ سادَتِنا / لَم يُردِنا عَجزٌ وَلا بُخلُ
وَلَنا مِنَ الأَرضينَ رابِيَةٌ / تَعلو الإِكامَ وَقودُها جَزلُ
وَلَنا إِذا اِرتَحَلَت عَشيرَتُنا / رَحلٌ وَنَحنُ لِرَحلِنا أَهلُ
نَعلو بِهِ صَدرَ البَعيرِ وَلَم / يُوجَد لَنا في قَومِنا كِفلُ
وَلَنا رَوايا يَحمِلونَ لَنا / أَثقالَنا إِذ يُكرَهُ الحَملُ
وَلَنا فَوارِسُ يَركَبونَ لَنا / في الرَوعِ لا مَيلٌ وَلا عَزلُ
مُتَقارِبٌ أَطنابُ دورِهِمُ / زُهرٌ إِذا ما صَرَّحَت كُحلُ
المُطعِمونَ إِذا النُجومُ خَوَت / وَأَحاطَ بِالمُتَوَحِّدِ المَحلُ
نَدَعُ الدَنِيَّةَ أَن تَحُلَّ بِنا / وَنَشُدُّ حينَ تَعاوَرَ النَبلُ
أَمثالُهُم مِن خَيرِ قَومِهِمُ / حَسَباً وَكُلُّ أَرومِهِم مِثلُ
لَسنا نَموتُ عَلى مَضاجِعِنا / يا لَيلُ بَل أَدواؤُنا القَتلُ
أَتصرِمُ لَهواً أَم تُجِدُّ لَها وَصلا
أَتصرِمُ لَهواً أَم تُجِدُّ لَها وَصلا / وَما صَرَمَت لَهوٌ لِذي خُلَّةٍ حَبلا
وَما الوَصلُ مِن لَهوٍ بِباقٍ جَديدُهُ / وَلا صائِرٍ إِلّا المَواعيدَ وَالمَطلا
أَباحَت فَلاةً مِن حِمى القَلبِ لَم تَكُن / أُبيحَت عَلى عَهدِ الشَبابِ وَلا كَهلا
فَإِن تَكُ لَهوٌ أَقصَدَتكَ فَإِنَّها / تَريشُ وَتَبري لي إِذا جِئتُها نَبلا
عَلى أَنَّني لَم أَبلُ قَولاً عَلِمتُهُ / لِغانِيَةٍ إِلّا وَجَدتُ لَهُ دَخلا
وَرَدَّ جَواري الحَيِّ لَمّا تَحَمَّلوا / لِبَينِهِمُ مِنّا مُخَيَّسَةً بُزلا
فَتَبَّعتُ عَينَيَّ الحُمولَ صَبابَةً / وَشَوقاً وَقَد جاوَزنَ مِن عالِجٍ رَملا
رَفَعنَ غَداةَ البَينِ خَزّاً وَيُمنَةً / وَأَكسِيَةَ الديباجِ مُبطَنَةً خَملا
عَلى كُلِّ فَتلاءِ الدِراعينِ جَسرَةٍ / تُمِرُّ عَلى الحاذَينِ ذا خُصَلٍ جَثلا
وَأَعيَسَ نَضّاخِ المَقَذِّ مُفَرَّحٍ / يَخُبُّ عَلى الحِزّانِ يَضطَلِعُ الحَملا
تَناضَلُ أَيديها بِمُستَدرِجِ الحَصى / وَإِن عيجَ مِن أَعناقِها وَبَلَت وَبلا
ظَعائِنُ مِن لَيثِ بنِ بَكرٍ كَأَنَّها / دُمى العَينِ لَم يُخزينَ عَمّاً وَلا بَعلا
هِجانٌ إِذا اِستَيقَظنَ مِن نَومَةِ الضُحى / قَعَدنَ فَباشَرنَ المَساويكَ وَالكُحلا
رَعابيبُ يَركُضنَ المُروطَ كَأَنَّما / يَطَأنَ إِذا أَعنَقنَ في جَدَدٍ وَحلا
أَلا أَيُّها المَرءُ الَّذي لَيسَ مُنصِتاً / وَلا قائِلاً إِن قالَ حَقّاً وَلا عَدلا
إِذا قُلتَ فَاِعلَم ما تَقولُ وَلا تَكُن / كَحاطِبِ لَيلٍ يَجمَعُ الدِقَّ وَالجَزلا
فَلَو طُفتَ بَينَ الشَرقِ وَالغَربِ لَم تَجِد / لِقومٍ عَلى قَومي وَلَو كَرُموا فَضلا
أَعَزَّ وَأَمضى في الصَباحِ فَوارِساً / إِذا الخَيلُ جالَت في أَعِنَّتِها قُبلا
إِذا الشَولُ راحَت وَهيَ حُدبٌ حَدابِرٌ / وَهَبَّت شَمالاً حَرجَفاً تُحفِرُ الفَحلا
رَأَيتَ ذَوي الحاجاتِ يَتَّبِعونَنا / نُهينُ لَهُم في الحُجرَةِ المالَ وَالرَسلا
نُقيمُ بِدارِ الحَزمِ لَيسَ مُزيلُنا / مُقاساتُنا فيها الشَصائِصَ وَالأَزلا
لَنا السورَةُ العُليا وَأَوَّلُ شَدَّةٍ / إِذا نَحنُ لا قَينا الفَوارِسَ وَالرَجلا
نَفَينا سُلَيماً عَن تِهامَةَ بِالقَنا / وَبِالجُردِ يَمعَلنَ السَخاخَ بِنا مَعلا
مُضَبَّرَةً قُبَّ البُطونِ تَرى لَها / مُتوناً طِوالاً أُدمِجَت وَشَوىً عَبلا
إِذا اِمتُحِنَت بِالقَدِّ جاشَت وَأَزبَدَت / وَإِن راجَعَت تَقريبَها نَقَلَت نَقلا
بِكُلِّ فَتىً رَخوِ النِجادِ سَمَيدَعٍ / وَأَشيَبَ لَم يُخلَق جَباناً وَلا وَغلا
بِأَيديهِمُ سُمرٌ شِدادٌ مُتونُها / مِنَ الخَطِّ أَو هِندِيَّةٌ أُحدِثَت صَقلا
إِذا ما فَرَغنا مِن قِراعِ كَتيبَةٍ / صَرَفنا إِلى أُخرى يَكونُ لَهُم شُغلا
وَإِن يَأتِنا ذو حاجَةٍ يُلفِ وَسطَنا / مَجالِسَ يَنفي فَصلُ أَحلامِها الجَهلا
تَقولُ فَنَرضى قَولَها وَنُعينُها / بِقولٍ إِذا ما أَخطَأَ القائِلُ الفَصلا
مَصاليتُ أَيسارٌ إِذا هَبَّتِ الصَبا / نَعِفُّ وَنُغني عَن عَشيرَتِنا الثِقلا
وَعاذِلَةٍ هَبَّت بِلَيلٍ تَلومُني / فَلَمّا غَلَت في اللَومِ قُلتُ لَها مَهلا
ذَريني فَإِنّي لا أَرى المَوتَ تارِكاً / بَخيلاً وَلا ذا جَودَةٍ مَيِّتاً هَزلا
مَتى ما أَصِب دُنيا فَلَستُ بِكائِنٍ / عَلَيها وَلَو أَكثَرتِ عاذِلَتي قُفلا
وَماءٍ بِموماةٍ قَليلٍ أَنيسُهُ / كَأَنَّ بِهِ مِن لَونِ عَرمَضِهِ غِسلا
حَبَستُ بِهِ خوصاً أَضَرَّ بِنَيِّها / سُرى اللَيلِ وَاِستِقبالُها البَلَدَ المَحلا
قِفا تَعرِفا بَينَ الرَحى فَقُراقِرٍ
قِفا تَعرِفا بَينَ الرَحى فَقُراقِرٍ / مَنازِلَ قَد أَقوَينَ مِن أُمِّ نَوفَلِ
تَهادَت بِها هوجُ الرِياحِ كَأَنَّما / أَجَلنَ الَّذي اِستودِعنَ مَنها بِمُنخُلِ
مَنازِلُ يُبكينَ الفَتى فَكَأَنَّما / تَسُحُّ بِغَربَي ناضِحٍ فَوقَ جَدوَلِ
يَسُحّانِ ماءَ البِئرِ عَن ظَهرِ شارِفٍ / بِأَمراسِ كَتّانٍ وَقِدٍّ مُوَصَّلِ
كَما سالَ صَفوانٌ بِماءِ سَحابَةٍ / عَلَت رَصَفاً وَاِستَكرَهَت كُلَّ مَحفِلِ
تَراءَت لَها جِنِّيَّةٌ في مَساجِدٍ / وَثَوبَي حَريرٍ فَوقَ مِرطٍ مُرَحَّلِ
وَأَهلَلتُ لَمّا أَن عَرَفتُ بِأَنَّهُ / عَلى الشَحطِ طَيفٌ مِن حَبيبٍ مُؤَمَّلِ
وَحَلَّت بِأَرضِ المُنحَنى ثُمَّ أَصعَدَت / بِعُقدَةَ أَو حَلَّت بِأَرضِ المُكَلَّلِ
يَحُلُّ بِعِرقٍ أَو يَحُلُّ بِعَرعَرٍ / فَفاءَت مَزارَ الزائِرِ المُتَدَلِّلِ
وَخَرقٍ كَأَهدامِ العَباءِ قَطَعتُهُ / بَعيدَ النِياطِ بَينَ قُفٍّ وَأَرمُلِ
بِناجِيَةٍ وَجناءَ تَستَلِبُ القَطا / أَفاحيصُهُ زَجري إِذا التَفَتَت حَلي
وَنَحنُ قُعودٌ في الجَلاميدِ بَعدَما / مَضى نِصفُ لَيلٍ بَعدَ لَيلٍ مُلَيَّلِ
لَقَطنَ مِن الصَحراءِ وَالقاعِ قُرزُحاً / لَهُ قُبَصٌ كَأَنَّهُ حَبُّ فُلفُلِ
إِذا صَدَرَت عَن مَنهَلٍ بَعدَ مَنهَلٍ / إِلى مَنهَلٍ تَردي بِأَسمَرَ مُعمَلِ
لَها مُقلَتا وَحشِيَّةٍ أُمِّ جُؤذَرٍ / وَأَتلَعُ نَهّاضٌ مُقَلَّدُ جُلجُلِ
إِلى حارِكٍ مِثلِ الغَبيطِ وَتامِكٍ / عَلى صُلبِها كَأَنَّهُ نَصبُ مِجدَلِ
وَإِنّي لَأَشوي لِلصِحابِ مَطِيَّتي / إِذا نَزَلوا وَحشاً إِلى غَيرِ مَنزِلِ
فَباتوا شِباعاً يَدهِنونَ قِسِيَّهُم / لَهُم مِجلَدٌ مِنها وَعَلَّقتُ أَحبُلي
وَأَضحَت عَلى أَعجازِ عوجٍ كَأَنَّها / قِسِيُّ سَراءٍ قُرِّمَت لَم تُعَطَّلِ
وَعَرجَلَةٍ مِثلِ السُيوفِ رَدَدتُها / غَداةَ الصَباحِ بِالكَمِيِّ المُجَدَّلِ
وَأَيسارِ صِدقٍ قَد أَفَدتُ جَزورَهُم / بِذي أَوَدٍ خَبشِ المَذاقَةِ مُسبِلِ
حِسانُ الوُجوهِ ما تُذَمُّ لِحامُهُم / إِذا الناسُ حَلّوا جِزعَ حَمضٍ مُجَذَّلِ
وَأَلوَت بِريعانِ الكَنيفِ وَزَعزَعَت / رُؤوسَ العِضاهِ مِن نَوافِحَ شَمأَلِ
تَرى أَثَرَ العافينَ حَولَ جِفانِهِم / كَما اِختَلَفَت وِرداً مَناسِمُ هُمَّلِ
عَلى حَوضِها بِالجَوِّ جَوِّ قُراقِرٍ / إِذا رَوِيَت مِن مَنهَلٍ لَم تَحَوَّلِ
أَلا تِلكَ أَخلاقُ الفَتى قَد أَتَيتُها / فَلا تَسأَلوني وَاِسأَلوا كُلَّ مُبتَلي
غَداةَ بَني عَبسٍ بِنا إِذ تَنازَلوا / بِكُلِّ رَقيقِ الحَدِّ لَم يَتَفَلَّلِ
مِنَ الحَيِّ إِذ هَرَّت مَعَدٌّ كَتيبَةً / مُظاهِرَةً نَسجَ الحَديدِ المُسَربَلِ
إِذا نَزَلَت في دارِ حَيٍّ بَرَتهُمُ / وَأَحمَت عَلَيهِم كُلَّ مَبدىً وَمَنهَلِ
أَقَمنا لَهُم فيها سَنابِكَ خَيلِنا / بِضَربٍ يَفُضُّ الدارِعينَ مُنَكَّلِ
إِلى اللَيلِ حَتّى ما تَرى غَيرَ مُسلَمٍ / قَتيلٍ وَمَجموعِ اليَدَينِ مُسَلسَلِ
وَنَحنُ قَتَلنا الأَجدَلَينِ وَمالِكاً / أَبا مُنذِرٍ وَالجَمعُ لَم يَتَزَيَّلِ
وَقُرصاً أَزالَتهُ الرِماحُ كَأَنَّما / تَرامَت بِهِ مِن حالِقٍ فَوقَ مَهيَلِ
وَحُجراً قَتَلنا عُنوَةً فَكَأَنَّما / هَوى مِن حَفافي صَعبَةِ المُتَنَزَّلِ
فَما أَفلَحَت في الغَزوِ كِندَةُ بَعدَها / وَلا أَدرَكوا مِثقالَ حَبَّةِ خَردَلِ
سِوى كَلِماتٍ مِن أَغانِيِّ شاعِرٍ / وَقَتلى تَمَنّى قَتلَها لَم تُقَتَّلِ
وَنَحنُ قَتَلنا بِالفُراتِ وَجِزعِهِ / عَدِيّاً فَلَم يُكسَر بِهِ عودُ حَرمَلِ
فَلَم أَرَ حَيّاً مِثلَهُم حينَ أَقبَلوا / وَلَم أَرَ حَيّاً مِثلَنا أَهلَ مَنزِلِ
فَقُلنا أَقيموا إِنَّهُ يَومَ مَأقِطٍ / قِسِيٌّ تَبُذُّ المُقرِفينَ مُعَضَّلِ
بِأَيديهِمُ هِندِيَّةٌ تَختَلي الطُلى / كَما فَضَّ جاني حَنظَلٍ نَضرَ حَنظَلِ
بِكُلِّ فَتىً يَعصى بِكُلِّ مُهَنَّدٍ / نَدٍ غَيرِ مِبطانِ العَشِيّاتِ عَثجَلِ
كَعِجلِ الهِجانِ الأَدمِ لَيسَ بِرُمَّحٍ / وَلا شِنَجٍ كَزِّ الأَنامِلِ زُمَّلِ
وَمِن لا تَكُن عادِيَّةٌ يُهتَدى بِها / لِوالِدِهِ يُفخَر عَلَيهِ وَيُفسَلِ
عَزَزنا فَما لِلمَجدِ مِن مُتَحَوَّلٍ / سِوى أَهلِهِ مِن آخَرينَ وَأُوَّلِ
وَقَد عَلِمَت عُليا مَعَدٍّ بِأَنَّنا / عَلى الهَولِ أَهلُ الراكِبِ المُتَغَلغِلِ
أَلَم تَربَع فَتُخبِركَ الرُسومُ
أَلَم تَربَع فَتُخبِركَ الرُسومُ / عَلى فِرتاجَ وَالطَلَلُ القَديمُ
تَحَمَّلَ أَهلُها وَجَرَت عَلَيها / رِياحُ الصَيفِ وَالسَبطُ المُديمُ
وَنَدمانٍ يَزيدُ الكَأسَ طيباً / سَقَيتُ إِذا تَغَوَّرَتِ النُجومُ
رَفَعتُ بِرَأسِهِ فَكَشَفتُ عَنهُ / بِمُعرَقَةٍ مَلامَةَ مَن يَلومُ
وَلَمّا أَن تَنَبَّهَ قامَ خِرقٌ / مِنَ الفِتيانِ مُختَلَقٌ هَضومُ
إِلى وَجناءَ ناجِيَةٍ فَكاسَت / وَهى العُرقوبُ مِنها وَالصَميمُ
فَأَشبَعَ شَربَهُ وَجَرى عَلَيهِم / بِإِبريقَينِ كَأسُهُما رَذومُ
تَراها في الإِناءِ لَها حُمَيّا / كُمَيتاً مِثلَ ما فَقَعَ الأَديمُ
تُرَنِّحُ شَربَها حَتّى تَراهُم / كَأَنَّ القَومَ تَنزِفُهُم كُلومُ
فَبِتنا بَينَ ذاكَ وَبَينَ مِسكٍ / فَيا عَجَبي لِعَيشٍ لَو يَدومُ
نُطَوِّفُ ما نُطَوِّفُ ثُمَّ يَأوي / ذَوو الأَموالِ مِنّا وَالعَديمُ
إِلى حُفَرٍ أَسافِلُهُنَّ جوفٌ / وَأَعلاهُنَّ صُفّاحٌ مُقيمُ
وَقُمنا وَالرِكابُ مُخَيَّساتٌ / إِلى فُتُلٍ مَرافِقُهُنَّ كومُ
كَأَنّا وَالرِحالَ عَلى صِوارٍ / بِرملِ جُرادَ أَسلَمَها الصَريمُ
أَتَعرِفُ مَنزِلاً مِن آلِ لَيلى
أَتَعرِفُ مَنزِلاً مِن آلِ لَيلى / أَبى بِالثَعلَبِيَّةِ أَن يَريما
أَرَبَّ بِها مِنَ الأَرواحِ سافٍ / فَغَيَّرنَ المَنازِلَ وَالرُسوما
فَرُدّا فيه طَرفَكُما تُبينا / لِلَيلى مَنزِلاً أَقوى قَديما
بَواقي أَبصَرٍ وَرمادَ دارٍ / وَسُفعاً في مَناكِبِها جُثوما
وَقَد تُغنى بِها لَيلى زَماناً / عَروباً تونِقُ المَرءَ الحَليما
لَيالِيَ تَستَبيكَ بِجيدِ رِئمٍ / وَعَينَي جُؤذَرٍ يَقرو الصَريما
وَأَنفٍ مِثلِ عِرقِ السامِ حُرٍّ / وَتَسمَعُ مَنطِقاً مِنها رَخيما
بَرَهرَهَةٌ يَحارُ الطَرفُ فيها / وَتُبدي واضِحاً فَخماً وَسيما
وَتَبسِمُ عَن شَتيتِ النَبتِ غُرٍّ / عِذابٍ تُبرِئُ الدَنِفَ السَقيما
تَبُذُّ الغانِياتِ بِكُلِّ أَرضٍ / إِذا أَخَذَت وِشاحاً أَو بَريما
وَتَملَأُ عَينَ مَن يَلهو إِلَيها / وَلَستَ بِواجِدٍ فيها مَذيما
وَإِنّا النازِلونَ بِكُلِّ ثَغرٍ / وَلَو لَم تَلقَهُ إِلّا هَشيما
تَرى فيها الجِيادَ مُسَوَّماتٍ / مَعَ الأَبطالِ يَعلُكنَ الشَكيما
وَجَمعاً مِثلَ سَلمى مُكفَهِرّاً / تُشَبِّهُهُم إِذا اِجتَمَعوا قُروما
بِمِثلِهِمُ تُلاقي يَومَ هيجا / إِذا لاقَيتَ بَأساً أَو خُصوما
نَفَينا وائِلاً عَمّا أَرادَت / وَكانَت لا تُحاوِلُ أَن تَريما
دِيارَ اِبنَةِ السَعدِيِّ هِندٍ تَكَلَّمي
دِيارَ اِبنَةِ السَعدِيِّ هِندٍ تَكَلَّمي / بِدافِقَةِ الحَومانِ وَالسَفحِ مِن رَمَم
لَعَمرُ اِبنَةِ السَعدِيِّ إِنّي لَأَتَّقي / خَلائِقَ تُؤتى في الثَراءِ وَفي العَدَم
وَقَفتُ بِها وَلَم أَكُن قَبلُ أَرتَجي / إِذا الحَبلُ مِن إِحدى حَبايِبِيَ اِنصَرَم
وَإِنّي لَمُزرٍ بِالمَطِيِّ تَنَقُّلي / عَلَيهِ وَإِيقاعُ المُهَنَّدِ بِالعِصَم
وَإِنّي لَأُعطي غَثَّها وَسَمينَها / وَأَسري إِذا ما اللَيلُ ذو الظُلمَةِ اِدلَهَم
إِذا الثَلجُ أَضحى في الدِيارِ كَأَنَّهُ / مَناثِرُ مِلحٍ في السُهولِ وَفي الأَكَم
حِذاراً عَلى ما كانَ قَدَّمَ والِدي / إِذا رَوَّحَتهُم حَرجَفٌ تَطرُدُ الصَرَم
وَأَترُكُ نَدماني يَجُرُّ ثِيابَهُ / وَأَوصالَهُ مِن غَيرِ جُرحٍ وَلا سَقَم
وَلَكِنَّها مِن رِيَّةٍ بَعدَ رِيَّةٍ / مُعَتَّقَةٌ صَهباءُ راووقُها رَدِم
مِنَ الغالِياتِ مِن مُدامٍ كَأَنَّها / مَذابِحُ غِزلانٍ يَطيبُ بِها النَسَم
وَإِذ إِخوَتي حَولي وَإِذ أَنا شامِخٌ / وَإِذ لا أُطيعُ العاذِلاتِ مِنَ الصَمَم
أَلَم يَأتِها أَنّي صَحَوتُ وَأَنَّني / تَحَلَّمتُ حَتّى ما أُعارِمُ مَن عَرَم
وَأَ طرَقتُ إِطراقَ الشُجاعِ وَلَو يَرى / مَساغاً لِنابَيهِ الشُجاعُ لَقَد أَزَم
أَرادَت عِراراً بِالهَوانِ وَمَن يُرِد / عِراراً لَعَمري بِالهَوانِ فَقَد ظَلَم
فَإِنَّ عِراراً إِن يَكُن غَيرَ واضِحٍ / فَإِنّي أُحِبُّ الجَونَ ذا المَنكِبِ العَمَم
وَإِنَّ عِراراً إِن يَكُن ذا شَكيمَةٍ / تُقاسينَها مِنهُ فَما أَملِكُ الشِيَم
فَإِن كُنتِ مِنّي أَو تُريدينَ صُحبَتي / فَكوني لَهُ كَالسَمنِ رُبَّت لَهُ الأَدَم
وَإِلّا فَسيري مِثلَ ما سارَ راكِبٌ / تَيَمَّمَ خِمساً لَيسَ في سَيرِهِ يَتَم
وَقَد عَلِمَت سَعدٌ بِأَنّي عَميدُها / قَديماً وَأَنّي لَستُ أَهضِمُ مَن هَضَم
خُزَيمَةُ رَدّاني الفَعالَ وَمَعشَرٌ / قَديماً بَنوا لي سورَةَ المَجدِ وَالكَرَم
تَذَكَّرَ حُبَّ لَيلى لاتَ حينا
تَذَكَّرَ حُبَّ لَيلى لاتَ حينا / وَأَمسى الشَيبُ قَد قَطَعَ القَرينا
تَذَكَّرَ حُبَّها لا الدَهرُ فانٍ / وَلا الحاجاتُ مِن لَيلى قُضينا
وَكانَت نَفسُهُ فيها نُفوساً / إِذا لاقَيتَها لا يَشتَفينا
وَقَد أَبدَت لَهُ لَو كانَ يَصحو / عَشِيَّةَ عاقِلٍ صُرماً مُبينا
فَإِن صارَمتِني أَو كانَ كَونٌ / وَأَجدِر بِالحَوادِثِ أَن تَكونا
فَلا تُمنَي بِمَطروقٍ إِذا ما / سَرى في القَومِ أَصبَحَ مُستَكينا
يُطيعُ وَلا يُطاعُ وَلا يُبالي / أَغَثّاً كانَ حَظُّكِ أَم سَمينا
وَيُضحي في فِنائِكِ مُجلَخِدّاً / كَما أَلقَيتِ بِالمَتنِ الوَضينا
إِذا اِشتَدَّ الشِتاءُ عَلى أُناسٍ / فَلا قِدحاً يُدِرُّ وَلا لَبونا
أَبِلّي إِن بَلِلتِ بِأَريَحِيٍّ / مِنَ الشُبّانِ لا يُضحي بَطينا
يَؤُمُّ مَخارِماً بِالقَومِ قَصداً / وَهُنَّ لِغَيرِهِ لا يُبتَغينا
وَخِلتُ ظَعائِناً مِن آلِ لَيلى / بِجَنبِ عُنَيزَةٍ أُصُلاً سَفينا
جَآجِئُها تَشُقُّ اللُجَّ عَنها / وَيُبدي ماؤُها خَشَباً دَهينا
يَؤُمُّ بِها الحُداةُ مِياهَ نَخلٍ / وَيُبدينَ المَحاجِرَ وَالعُيونا
ظَعائِنُ لَم يَقُمنَ إِلى سِبابٍ / وَلَم يَعلَمنَ مِن أَهلٍ مُهينا
إِذا وَضَعَت بُرودَ العَصبِ عَنها / حَسِبتَ كُشوحَها رَيطاً مَصونا
فَإِنّا لَيلُ مُذ بُرِئَ اللَيالي / بُرينا مِن سَراةِ بَني أَبينا
فَلا وَأَبيكِ ما يَنفَكُّ مِنّا / مِنَ الساداتِ حَظٌّ ما بَقينا
وَنَحنُ إِذا يُريحُ اللَيلُ أَمراً / يُهِمُّ الناسَ عِصمَةَ مَن يَلينا
وَنِعمَ فَوارِسُ الهَيجا إِذا ما / رَأَينا الخَيلَ مُمسِكَةً عِزينا
وَمُرقِصَةٍ مَنَعناها إِذا ما / رَأَت دونَ المُحافَظَةِ اليَقينا
يُذَكِّرُها إِذا وَهِلَت بَنيها / وَنَحميها كَما نَحمي بَنينا
إِذا اِفتَرَشَ العَوالي بِالعَوالي / وَكانَ القَومُ في الأَبدانِ جونا
وَقَد عَلِمَت بَنو أَسَدٍ بِأَنّا / نُطاعِنُ بِالرِماحِ إِذا لُقينا
أَلَم تَعلَمي يا أُمَّ حَسّانَ أَنَّني
أَلَم تَعلَمي يا أُمَّ حَسّانَ أَنَّني / إِذا عَبرَةٌ نَهنَهتُها فَتَخَلَّتِ
رَجَعتُ إِلى صَدرٍ كَجَرَّةِ حَنتَمٍ / إِذا قُرِعَت صِفراً مِن الماءِ صَلَّتِ
أَلَم تَعلَمي يا شَوكُ أَنَّ رُبَّ هالِكٍ
أَلَم تَعلَمي يا شَوكُ أَنَّ رُبَّ هالِكٍ / وَلَو كَبُرَت رُزءاً عَلَيَّ وَجَلَّتِ
إِيّاكَ إِيّاكَ أَن تُمنى بِداهِيَةٍ
إِيّاكَ إِيّاكَ أَن تُمنى بِداهِيَةٍ / رَقشاءَ لَيسَ لَها سَمعٌ وَلا بَصَرُ
لا يَنبُتُ العُشبُ في وادٍ تَكونُ بِهِ / وَلا يُجاوِرُها جِنٌّ وَلا بَشَرُ
خَشناءَ شائِكَةِ الأَنيابِ ذابِلَةٍ / يَنبو مِنَ اليُبسِ عَن يافوخِها الحَجَرُ
لَو سُرِّحَت بِالنَدى ما مَسَّها بَلَلٌ / وَلَو تَكَنَّفَها الحاوونَ ما قَدِروا
قَد جاهَروها فَما قامَ الرُقاةُ لَها / وَخاتَلوها فَما آبوا وَلا ظَفَروا
تُقَصِّرُ الوَرَلَ العادي بِضَربَتِها / نَكزاً وَيَهرُبُ عَنها الحَيَّةُ الذَكَرُ
تَذَكَّرَ ذِكرى أُمِّ حَسّانَ فَاِقشَعَر
تَذَكَّرَ ذِكرى أُمِّ حَسّانَ فَاِقشَعَر / عَلى دُبُرٍ لَمّا تَبَيَّنَ ما اِئتَمَر
فَكِدتُ أَذوقُ المَوتَ لَو أَنَّ عاشِقاً / أَمَرَّ بِموساهُ الشَوارِبَ فَاِنتَحَر
تَذَكَّرتُها وَهناً وَقَد حالَ دونَها / رِعانٌ وَقيعانٌ بِها الزَهرُ وَالشَجَر
فَكُنتُ كَذاتِ البَوِّ لَمّا تَذَكَّرَت / لَها رُبَعاً حَنَّت لِمَعهَدِهِ سَحَر
حِفاظاً وَلَم تَنزَع هَوايَ أَثيمَةٌ / كَذَلِكَ شَاوُ المَرءِ يَخلِجُهُ القَدَر
فَقُلتُ لَهُم إِنَّ الجَريبَ وَراكِساً
فَقُلتُ لَهُم إِنَّ الجَريبَ وَراكِساً / بِهِ إِبِلي تَرعى المُرارَ رِتاعُ
وَأَسيافُنا آثارُهُنَّ كَأَنَّها
وَأَسيافُنا آثارُهُنَّ كَأَنَّها / مَشافِرُ قَرحى في مَبارِكِها هُدلُ
وَأَفراسُنا مِثلُ السَعالى أَصابَها
وَأَفراسُنا مِثلُ السَعالى أَصابَها / قِطارٌ وَبَلَّتها بِنافِجَةٍ شَملُ
جَلَبنا الخَيلَ مِن أَكنافِ نيقٍ
جَلَبنا الخَيلَ مِن أَكنافِ نيقٍ / إِلى كِسرى فَوافَقَها رِعالا
تَرَكنَ لَهُم عَلى الأَقسامِ شَجواً / وَبِالحَقوَينِ أَيّاماً طِوالا
وَداعِيَةٍ بِفارِسَ قَد تَرَكنا / تُبَكّي كُلَّما رَأَتِ الهِلالا
قَتَلنا رُستَماً وَبَنيهِ قَسراً / تُثيرُ الخَيلُ فَوقَهُمُ الهِيالا
تَرَكنا مِنهُمُ حَيثُ اِلتَقَينا / فِئاماً ما يُريدونَ اِرتِحالا
وَفَرَّ البيرُزانُ وَلَم يُحامِ / وَكانَ عَلى كَتيبَتِهِ وَبالا
وَنَجّى الهُرمُزانَ حِذارُ نَفسٍ / وَرَكضُ الخَيلِ موصِلَةً عِجالا
تَذَكَّرتُ إِخوانَ الصَفاءِ تَيَمَّموا
تَذَكَّرتُ إِخوانَ الصَفاءِ تَيَمَّموا / فَوارِسَ سَعدٍ وَاِستَبَدَّ بِهِم جَهلا
وَدارَت رَحى المَلحاءِ فيها عَلَيهِمُ / فَعادوا خَيالا لَم يُطيقوا لَها ثِقلا
عَشِيَّةَ أَرماثٍ وَنَحنُ نَذودُهُم / ذِيادَ الهَوافي عَن مَشارِبِها عَكلا
وَبيضٍ تَطَلّى بِالعَبيرِ كَأَنَّما
وَبيضٍ تَطَلّى بِالعَبيرِ كَأَنَّما / يَطَأنَ وَإِن أَعنَقنَ في جُدَدٍ وَحلا
لَهَونا بِها يَوماً وَيَوماً بِشارِبٍ / إِذا قُلتَ مَغلوباً وَجَدتَ لَهُ عَقلا
أَلِكِني إِلى قَومي السَلامَ رِسالَةً
أَلِكِني إِلى قَومي السَلامَ رِسالَةً / بِآيَةِ ما كانوا ضِعافاً وَلا عُزلا
وَلا سَيِّئي زِيٍّ إِذا ما تَلَبَّسوا / إِلى حاجَةٍ يَوماً مُخَيَّسَةً بُزلا