المجموع : 47
قَمَرٌ تَطَلَّعَ والهَوَاءُ سماؤُه
قَمَرٌ تَطَلَّعَ والهَوَاءُ سماؤُه / مَلأَ النَّواظِرَ والنّفوسَ بَهاؤُه
يَرتَاعُ مِنهُ مَسيرُه ومُقامُهُ / وَيَضيقُ عنه أمامُهُ وَوَراؤُهُ
وَيَكَادُ يَستَلِبُ الخَوَاطِرَ حُسنُهُ / وَيَكَادُ يَختَطِفُ العُيُونَ ضِيَاؤُهُ
وَإذَا الأَهِلّةُ عُيّرَت لِمُحاقِها / أَرضَى وزَادَ كَمالُه وَنَماؤُهُ
تَشتاقُه حَرَكَاتُهُ وَسُكُونُ /
لِتَتِه بَلَنسِيَةٌ بِسَيِّدِهَا الَّذِي / حَاطَ الثُّغُورَ دِفَاعُهُ وَغَناؤُهُ
يَرقي فَيَشفِي الثَّغرَ مِن لَمَمِ العِدا / إلمَامُهُ فَجِوارُهُ وَنِداؤُهُ
يُزهَى بهِ بَلَدٌ حَوَاهُ لأنَّهُ / تَجلُو غياهِبَ لَيلِهِ لألأُؤُهُ
فَتَبينُ في أَقطارِهِ أَوصافُه / وَتَفيضُ في أَرجائِهِ نَعماؤهُ
وَيُطيلُ سُورَ النَّصرِ فِيهِ مُؤَيَّدٌ / تُغنِيهِ عن أسوَارِهِ آراؤُهُ
مُتَبِّرِّعٌ يُعطي الخِيَارَ عُفَاتَهُ / فَكَأنَّهُم فِي مَالِهِ شُرَكَاؤُهُ
يا ابنَ الإِمَامَينِ اللّذَينِ إِلَيهِمَا / نُسِبَ الفَخارُ نِجَارُهُ وَوَلاؤُهُ
النّاصِبَينَ عَلَى الهُدَى أعلامَهُ / حَتّى تَبيّنَ قَصدُه وَسَوَاؤُه
وأخا الإِمامِ خَلِيفَةِ اللهِ الَّذِي / أدَّى إلَيهِ مَا رَعَت خُلَفاؤُهُ
وَسِعَ البَرِيَّةَ عَدلُهُ وَاستَوسَقَت / لِغَنِّيهِم وَفَقِيرِهِم لآلاؤُهُ
كُفلاءُ نَصرِ الحَقِّ هُم أحلافُهُ / وحُمَاةُ حَوزَتِهِ وَهُم أُمَنَاؤُهُ
أبنَاءُ إسمَاعِيلَ فِيهِم عَهدُهُ / باقٍ وَصَادِقُ وَعدِهِ وَوَفَاؤُهُ
مِن قَيسِ عَيلانٍ وَمَا أدرَاكَ مَا / قَيسٌ سَنَا دِين الهُدَى وَسَنَاؤُهُ
رَبّوه منتشئاً فَهُم آباؤُهُ / وَرَعَوهُ مُكتَهِلاً فَهُم أبنَاؤُهُ
وَعَلَيهِمُ حَتَّى القِيَامَةِ نصرُهُ / وَلَدَيهِم رَايَاتُهُ وَلِوَاؤُهُ
وَهُم الَّذينَ يُقَاتِلُونَ عُداتَهُ / حَتَّى تَذِلّ لِعِزِّه أعدَارُهُ
وهُمُ استَرَدّوا رُوحَه مِن بَعدِمَا / أشفَى عَلَى الحَيَاةِ ذَماؤُهُ
فَالدّينُ مَعصوبٌ عَلَيهِ تَاجُهُ / شَرَفاً وَمُنسَدِلٌ عَلَيهِ رِدَاؤُهُ
وَدَعَائِمُ التَّوحِيدِ سَامِيَةُ البِنا / وَالشِّركُ قَد أهوَى وَخرّ بِنَاؤُهُ
نَفسَ العَدُوِّ وَأرضَهُ أَو هَزمَهُ / تَبغُونَ لا نَعَمُ العَدُوِّ وشاؤُهُ
فَإِذَا أطَاعَكُمُ فَأنتُم سَعدُهُ / وَإِذَا تأَبّى فَالإِبَاءُ شَقَاؤُهُ
وَلَدَيكُمُ بِالمَشرَفِيّ دَوَاؤُهُ / مَهمَا تَتَابَعَ في الضلالَةِ دَاؤُهُ
تُغوِيهِ كَثرَةُ قَضَةِ وقَضِيضِهِ / وتمدّهُ فِي غيّهِ غَوغَاؤُه
هَيهَاتَ لا يَثنِي بِذَلِكَ عَزمَكُم / فَالسَّيلُ أهوَنُ مَا عَلَيهش غُثَاؤُهُ
أيَصُدّ أمر اللهِ عَنكُم فِي الّذي / يَختارُهُ مِن نَصرِكُم وَيَشَاؤُهُ
أرخَى لَه طولَ المُنَى إِمهَالُكُم / كَيما يَفِيءَ بِغمرِهِ إِرخَاؤُهُ
فَرًمَت لَجاجَتُه بِهِ في لُجّةٍ / وَهَوَت بِهِ مِن حالِقٍ أهوَاؤُهُ
أمهَلتُمُوهُ لِيَومِهِ وَغدا لَكُم / عَيناً عَلَيه صَبَاحُهُ وَمَسَاؤُهُ
وَلَقَد نَروعُ أذَى الخُطوبِ وَصَرفَهَا / بِكَ رَوعَةَ الهِندِيِّ حُدّ مَضَاؤُهُ
وَنَقُولُ لِلدُّنيَا بِصَوتٍ بَالِغٍ / أَسمَاعَ مَجدِكَ لَفظُهُ وَدُعَاؤُهُ
صُونِي أبَا يَحيَى لَنَا وَتَشَرّفِي / بِلِقَائِهِ مادَامَ فِيكِ بَقَاؤُهُ
فَهَناكَ عِيدٌ زَانَ قَصرَكَ جَالِباً / وَفدَ البَشَائِرِ وَفدُهُ ولقاؤهُ
وَإلَيكَهَا مِن عَبدٍ قِنٍّ شَاكِرٍ / ما إِن يغِبُّكَ حَمدُهُ وَثَنَاؤُهُ
أهدَى الصّحيفَةَ بالقَرِيضِ وَوَدّ لَو / كانَت مكان سُطورِها حَوبَاؤُهُ
أبَا بَحرٍ سلامُ اللهِ يَترَى
أبَا بَحرٍ سلامُ اللهِ يَترَى / عَلَيكَ وَإِن تَكَنَّفَكَ الحِجَابُ
أحُومُ عَلَى كَنِّيكَ وَنَأى مَحَلٌّ / فَسِيَانِ انتِزَاحٌ وَاقتِرَابُ
فَحَسبي أن أُرَقرِقَ دَمعَ عَينِي / وَتُُسعِدني السَّحائِبُ والصِّحَابُ
أَعرى مِن المَدحِ الطِّرفَ الَّذي رَكِبا
أَعرى مِن المَدحِ الطِّرفَ الَّذي رَكِبا / لَمَّا جَرَى في مَيادِينِ الصِّبا فَكَبا
تَمُرُّ وَثباً بهِ خَيلُ الشَّبَابِ فَلا / يَسطِيعُ مِن مَربِطِ الخَمسينَ أن يَثِبا
ورُبّما شَقّ أسدافَ الظّلام بِهِ / رَكضاً وَشَقّ بِهِ الأَستارَ والحُجُبا
يَلقَى الغَوَانِي بِإِنكَارٍ مَعَارِفَهُ / وَهُنّ أقربُ خَلقٍ مِنهُ مُنتَسَبَا
إن كُنَّ سَمّينَهُ عَصرَ الشَّبَابِ أخاً / لَهُنّ فَاليَومَ أحرَى أن يَكونَ أبَا
رَعَينَهُ خَضِراً رَطباً فَحينَ عَسَا / أَتَينَ يَرعَينَ ذَاكَ الإِلَّ وَالنَّسَبا
لابدّ أَن يَنصُرَ الآدابَ مُشتَرِطٌ / لِلمَجدِ أن يَنصُرَ العَليَاءَ وَالحَسَبَا
نَدبٌ لآلِ صَنَادِيدٍ لَهُ رُتَبٌ / فَاتَت بِرِفعَتِهَا الأقدَارَ وَالرُّتَبَا
تَقدّمت بِهِمُ مِن فَضلِهِ قَدَمٌ / دَاسُوا بِأَخمَصِهَا الأَقمَارَ وَالشُّهُبَا
نَالُوا بِسَعيِ أبِي إسحَاقَ مَا طَلَبُوا / وَنَالَ عَفواً أبو إسحَاقَ مَا طَلَبَا
يَا ضَاحِكاً لِلمُنَى مِن مَبسِمٍ لَقَطَت / مِن لَفظِهِ الدُّرَّ واشتَارَت بِهِ الضّرَبا
وَمُفصِحاً بِنَعَم فِي كُلِّ مَسأَلَةٍ / إلا لِمَن لامَهُ فِي الجُودِ أَو عَتَبا
كُن لِي كَمَا أنتَ فِي نَفسِي فَقَد عَقَدَت / بَينِي وَبَينَكَ أَسبابُ العلا قُرُبا
وَذَاكَ أنَّكَ تُهدِي البِرَّ منتخَباً / نَحوي وَأُهدِي إِلَيكَ الحَمدَ مُنتَخَبَا
وَسَامِعٍ بِكَ فِي أقصَى مَنَازِلِهِ / أفَادَ مِن رَفدِك الأموالَ والنّشبَا
رَجاكَ فَامتَلأَت أرجَاؤُه بدَراً / وَلَم يَشُدّ لَهَا رَحلا ولا قَتَبا
سِوَى قَصَائدَ وَالاها مُنَقّحَةً / أدّت إلَى رَاحتَيهِ ثَروةً عَجَبا
صَاغَت لَهُ كَيمِياءُ الجودِ إِذ وَرَدَت / مِنهَا نُضاراً وَكَانَت قبلَهَا كُتُبا
فأشبَهَت حالَ بِنتِ الكَرم إِذ خلصَت / في الدَّنِّ خَمراً وكَانَت قَبلَهُ عِنَبَا
خُذ في الأشعَارِ عَلَى الخَبَبِ
خُذ في الأشعَارِ عَلَى الخَبَبِ / فَقُصورُكَ عَنهُ مِن العَجَبِ
هَذَا وَبَنُو الآدابِ قَضَوا / لَكَ بِالعَليَاءِ مِن الرُّتَبِ
أَبعَيدَ الشّبابِ هَوى وَصِبا
أَبعَيدَ الشّبابِ هَوى وَصِبا / كلا لا لَهوَ ولا لَعِبا
ذَرتِ السِّتونَ بُرادَتَها / فِي مِسكِ عِذارَكِ فاشتَهَبَا
يا نفسُ أحيَي تَصِلِي أمَلاً / عيشي رَجَباً تَرَي عَجَبا
فَخُذَن فِي شُكرِ الكَبرَةِ مَا / جاءَ الإِصباحُ وَمَا ذَهَبَا
فِيها أحرَزتَ مَعَارِفَ مَا / أبلَيتَ لِجِدّتِهِ الحِقَبا
وَالخمرُ إِذا عُتِّقَت وَصَفَت / أغلَى ثمَناً مِنهَا عِنَبَا
وَبَقيّةُ عُمرِ المَرءِ لَهُ / إِن كانَ بِها طَبَّاً دَرِبا
يَبنِي فِيهَا بإِنَابَتِهِ / ما هَدَّمَهُ أيامَ صِبا
وَيُنَبّهُ عَينَ تُقىً هَجَعَت / وَيُعمِّرُ بيت حِجىً خرِبا
ويُحَبُر فيها الشِّعرَ على / وَزنٍ هَزج يُدعَى الخَبَبا
وَحشٍ في العُربِ مَنازِلُهُ / مَجهولِ الأصلِ إذا نُسِبا
سَهلِ التَّقطِيعِ وَلَكِن لَم / يُنطق بَارِيكَ بِهِ العَرَبا
نَكِرَتهُ فَلَم يَضرِب وَتِداً / فِي الحَيِّ وَلَم يَمدُد سبَبَا
وَعلَى الفُؤَادِ لَوَاعِجٌ مُذ غِبتُمُ
وَعلَى الفُؤَادِ لَوَاعِجٌ مُذ غِبتُمُ / تَقِدُ الضُّلوعَ تَوَقُّداً وَوَجِيبَا
فَلَها خُفوقٌ هَل بَصُرتَ بِبَارِقٍ / وَلَهَا حَنِينٌ هَل سَمِعتَ النّيِبَا
يَا مَنزِلاً كَانَ أهلُوهُ لِرفعَتِهِ
يَا مَنزِلاً كَانَ أهلُوهُ لِرفعَتِهِ / يَرَونَهُ فِي الدَّراري مُعرِقَ النَّسَبِ
يُحَدِّثُونَ النُّجُومَ الزُّهرَ مِن أُمَمٍ / وَيَشربُونَ نَميرَ المَاء في السُّحُبِ
هنيئاً لَكَ الإِقبَالُ واليُمنُ والنُّجحُ
هنيئاً لَكَ الإِقبَالُ واليُمنُ والنُّجحُ / لَقَد جَاءَ نَصرُ اللهِ إذ جئت وَالفَتحُ
قَضَى اللهُ أن تَسعَى لإِحيَاءِ دِينِهِ / فَتَفعَل مَا لا يَفعَلُ السَّيفُ والرُّمحُ
وَقدّرَ أن تُبلَى عَلَى مَشهد الوَرَى / سَريرَتُكَ الفُضلَى وَآراؤُكَ السُّجحُ
وَأن يَتَقَاضَى مَوضِعَ النَّصرِ فِي العِدَا / حَفِيظٌ عَلَى الإِسلامِ مُؤتَمَنٌ سَمحُ
فَوَفّقَ مَا تَنوِي وَسَدّدَ مَا تَرَى / وَيَسَّر مَا تَأتي وقَرَّبَ مَا تَنحُو
أرادَكُمُ أَدفُونشُ بالغَدرِ قادحاً / زِنَادَ هِياجٍ لَم يُعِنهُ بِهَا القَدحُ
وَأبدَى بِبِيضِ الهِندِ بَيضَةَ مُلكِهِ / فَمُزِّق عَنها القَيضُ واستُرِطَ المُحًُّ
أتَى في جُموع الرُّومِ تَنوِي بِزَعمِهَا / لأندَلُسٍ كَسحاً فَكانَ بِهَا الكَسحُ
بِمَا كَالحَصَى عَدّاً وَكَالشُّهبِ عِدَّةً / تَضَاءَلَ عَنهَا السَّهبُ وَالوَهدُ والسَّفحُ
أطَلَّ عَلَيهِم نَاصِرُ الدِّينِ فَانثَنَوا / وَبَأوُهُمُ صُغرٌ وَزأرُهُمُ نَبّحُ
وَخَرَّت جِبَالٌ مِنهُمُ صَدَمُوا بِهَا / عَزيمَتَهُ نَطحاً فَأَرداهُمُ النَّطحُ
فَقُل لِعَمِيدِ الشِّركِ هَل نُصِرَ العِدَا / وَهَل حَلّت البُشرَى وَهَل عَظُمَ المَنحُ
وَهَل أُدرِكَ الثّأرُ المُنِيمُ لَدَيكُمُ / وَهَل رُدَّت النُّعمَى وَهَل أُسِيَ الجَرحُ
أَلَم يَلتَئِم مِن فورِهِ ذَلِكَ الثَّأَى / أَلَم يَندَمِل مِن حِينِهِ ذَلكَ القَرحُ
كَتَبتَ سُطورَ الظِّنِّ فِي مهرَقِ العَرَا / فَخَانَكَ مِنهَا مَا تُقِرُّ وَمَا تَمحُو
ولاقَيتَ مِن دُونِ الأَمَانِي خَلِيفَةً / بدِيهَتُه وَحيٌ وَعَزمَتُهُ لَمحُ
ألا إنَّهُ المَلكُ الَّذِي لَم يَسِر إِلَى / مَدَى أمَلٍ إلاّ وَسَايَرَهُ النُّجحُ
يُقَاتِلُ عَنهُ الطَّمُّ والرِّمّ مَن عَصَى / وَيَغزُو لَهُ فِي المُلتَقَى الرِّيحُ والضِّحُّ
وَقَد عَرَّفتَكَ الحَربُ قَدرَكَ عِندَهُ / ولا جِدَّ مِن بَعدِ العِيَانِ ولا مَزحُ
فَكَيفَ تَرَى بَعدَ اعتِرَافٍ وخِبرَةٍ / أهَيجَاؤُهُ أشهَى إلَيكَ أمِ الصُّلحُ
وَلَمّا رَأيتَ الأُسدَ تَأوِي مِنَ القَنَا / إِلَى أُجُمٍ لا الضَّالُ مِنهَا ولا الطَّلحُ
فَرَرتَ وجِنحُ اللَّيلِ دِرعٌ مُفاضَةٌ / عَلَيكَ وأوقَى جُنَّةِ الهَارِبِ الجِنحُ
وَخَلَّوكَ لا شُحاً عَلَيكَ مِنَ الرَّدَى / وَلَكِن عَلَى أرماقِ خَيلِهِمُ شَحوا
فَصِرتَ طِرِيداً لِلخلافَةِ لائِذاً / تَضِيقُ بِكَ الدُّنيا وَيَذعَرُكَ الصُّبحُ
بِأدنَى رَذَاذٍ مِن غُيُومِ انتِقَامِهِم / غَرِقتَ فَمَا يُدرِيكَ وَيحَكَ إن سَحّوا
فَإن رَشَحَت مِن بَعدِهَا لَكَ بَلَّةٌ / مِنَ العَيشِ لَم يَنجَع بِهِ ذَلِكَ الرَّشحُ
أقَمتُم عَلَى أمصَارِهِ سوقَ فِتنَةٍ / فكَانَ عَلَيكُم خُسرُهَا وَلَهُ الرِّبحُ
وَأطغَاكُمُ ظِلُّ الهُدُونِ وَبَردُهُ / فأَدَّبَكُم حَرُّ المَعَارِكِ وَاللَّفحُ
وَهِجتُم لِكَي تُنحُوا عَلَى الثَّغرِ هَيجَةً / فَنَاحَ صَدَى أروَاحِكُم قَبلَ أَن تُنحُوا
غَزَاكُم أمِيرُ المُؤمِنِينَ بِعَسكَرٍ / يُشيِّعُهُ نَصرٌ وَيقدُمُهُ فَتحُ
وَفِي حَشوِهِ نَبعٌ لِوَابِلِ نَبلِهِ / عَلَى الرُّومِ فِي الظّلماءِ نقعُ الوَغَى سَحّ
تَمَشّى عَلَى أَعقَابِها الخَيلُ خَشيَةً / لَهَا فَكَأَنّ الرَّكضَ فِي جَنبِهَا كَبحُ
وبِيضٍ جَلاهَا الصَّقلُ حَتَّى تَشَابَهَت / فَلَم يَستَبِن لِلعَينِ حَدٌّ ولا صَفحُ
فَأمسَى نَثِيرُ السَّردِ عَن سَبَرَاتِهَا / عَلَى الأَرضِ مَفضوضاً كَمَا بُدّد المِلحُ
وسُمرٍ كِثِيرٍ في الدّماءِ وُرُودُهَا / وَلَكِن بِهَا مِن شُربِهَا ظَمَأ بَرحُ
فَكانَ لَهَا فِي الأَربِعَاءِ مَرارة / مِنَ الدّم ريٌّ بالأَسِنّةِ لا تَضحو
وشدّت إلَيهَا الخًَيلُ وَهي مُشيحَةٌ / فَصُدَّت وَمِن وَقعِ الرِّمَاحِ بِهَا رمحُ
فقلّص آل الشِّركِ ذيلَ غُرورِهِ / وَسَيلُ الجِيَادِ المُحضَرات بِهِ يَدحُو
وَغَارَت نُجُومُ الكُفرِ شَرَّ مُغارِها / أمَامَ شُعَاعِ الشَّمسِ لَمّا بَدَا الصُّبحُ
وَيوشِكُ إِن أَبصَرتَهُ عِندَ لَمحِها / يُجَلّي دُجَى ظَلمَائِها ذَلِكَ اللّمحُ
وَلَكِنّها تَعمَى القُلُوبُ فلا تَرَى / وَتَسكُنُ أفهَامُ النُّفوسِ فلا تصحُو
فَيَا قُبحَ هَاتِيكَ المَصَارِعِ بِالفلا / وَيَا حُسنَ مَا سَنّى لَنَا ذَلِكَ اللّمحُ
فإن عُدتُمُ لِلحَرب عَادَت لِشَأنِهَا / تَعَضُّكُمُ بِالبُؤسِ أنيَابُهَا القُلحُ
وَحَسبُكُمُ مَا طَلَّقَت مِن نِسَائِهَا / طلاقَ بَتَاتٍ سَنّهُ السَّيفُ وَالرُّمحُ
فَشَابَت نَوَاصِيهَا وَجَفّت لِبَانُهَا / حذاراً فَما فِي ثَدي مُرضِعَةٍ نَشحُ
تَوَجَّعُ نَوحاً أَو تَصُكُّ مَحَاجِراً / فَأوجُهُهَا حُمرٌ وَأصوَاتُهَا بُحُّ
فَخَافُوا أمِينَ اللهِ فِي السِّلمِ وَالوَغَى / وَنحّوا بَقايَا الغَدرِ عَن صَوبِهِ نَحّوا
فَمَا لَكُمُ عَن بَذلِ طَاعَتِهِ غِنى / ولا لَكُمُ فِي بَحرِ سَطوَتِهِ سَبحُ
مَنَاسِكُ دِينِ الحَقِّ وَاضِحَةٌ بِهِ / فلا نُسكُ حَقٍّ فِي سِوَاه ولا ذِبحُ
وَأعيَادُ هَذَا الفَتحِ بَاهِرَةٌ فَلا / شَعانِينُ دَيرٍ بَعدَهُنّ ولا فَصحُ
ألا أيُّهَا الوَفدُ ادخُلُوا حَضرَةَ الرِّضَى / تَفِض لَكُمُ النُّعمَى وَيغمُرُكُم مَنحُ
فَحَيُّوا إِمَاماً مِن خَلائِقِهِ الحِجَى / وَمِن عَادِهِ الإِحسَانُ وَالحِلمُ وَالصَّفحُ
خَلِيفَة صِدقٍ أنجَبَتهُ خَلائِفٌ / لِمِسكِ ثَناهُم كُلَّمَا ذُكِرُوا نَفحُ
أنَارَت بِهِ الآفَاقُ بِشراًُ وَنَوَّرَت / فَأمسَوا بِهَا فِي النّورِ وَالنُّورُ أوضحُ
فَدَامَت لَهُ النَّعمَاءُ شامِلَةً بِهِ / ولا بَرِحَت تَنحو المَقَادِيرُ مَا يَنحُو
فَلَولا نُهاهُ لَم يَكُن لِلوَرَى نُهىً / وَلَولا هُدَاهُ لَم يَفُز لِلهُدَى قِدحُ
أَفدِي الَّذِي أرشَفَ المُقلينَ رِيقَتَهُ
أَفدِي الَّذِي أرشَفَ المُقلينَ رِيقَتَهُ / بِحَيثُ حُلِّىءَ عَن رَشفٍ مُريدوهُ
غِرنَا فَقُلنَا أذِقهُ الحَتف قالَ لَنَا / لَولا تَرَجِّيهِ هَذَا لَم تَصِيدُوهَ
هَذَا جَبِينِي مُوَارىً وَهوَ مُنفَلِت / فإِن يَكَن عِندَكُم كَيدٌ فَكيدوه
أوُلوعٌ وغُربَةٌ وَسقَامٌ
أوُلوعٌ وغُربَةٌ وَسقَامٌ / إِنَّ مِثلِي لَفِي عَذابٍ شَدِيدِ
هَكَذَا الحُبُّ لا كَدَعوَى أُنَاسٍ / حَدَّثوا بِالهَوَى عَلَى التَّقلِيدِ
يَا قَرِيبَ النِّفارِ غَيرَ قَرِيبٍ / وَبَعِيدَ الوِصَالِ غَيرَ بَعِيدِ
مَا رَأينَا مِن قَبلِ جِسمِكَ جِسماً / مِن لُجَينٍ وَقَلبُهُ مِن حَدِيدِ
أتَّقِي أَن يَذُوبَ من جَانِبَيهِ / حِينَ يَمشي تَثَاقُلاً بِالبُرُودِ
أتُرَى إِن قَضَيتُ فِيكَ اشتِياقاً / أتُصَلِّي عَلَى غَرِيبٍ شَهِيدِ
سَقَى اللهُ أيَّامَ الصَّبَابَةِ وَالهَوَى
سَقَى اللهُ أيَّامَ الصَّبَابَةِ وَالهَوَى / وَعًصرَ الشّبابِ الغَضِّ أكرِم بِهِ عَصرَا
سَحَاباً يدِرّ المَاءَ في مَحلِ رَوضِهَا / وَيُنبِتُ فِي أَغصَانِهَا الوَرَقَ الخُضرَا
وَجَادَ أَصِيلاً بالقصيبَة لَم يُضَف / إِلَى حُسنِهِ عَيبٌ سِوَى أنَّهُ مَرّا
إِذِ الشَّمسُ تَحكِينِي وَتَحكِي مُعَذِّبي / بِما احمَرَّ مِنهَا لِلغُرُوبِ وَمَا اصفَرّا
وراحَةُ مَن أهوَى وبَارِقُ ثَغرِهِ / وَلَحظَتُهُ الوَطفَاءُ تَمزِج لِي خَمرَا
فَقَامَت بِهِ حَولِي سقاةٌ كَثِيرَةٌ / مُنَى كُلِّ ساقٍ أن أمِيدَ لَهُ سُكرَا
فَلَم أدرِ مِمَّا كنت أُسقَى هَل الهَوَى / شَرِبتُ أمِ الصَّهبَاءَ صِرفاً أمِ السِّحرَا
سلامٌ عَلَى ذَاكَ الأَصِيلِ وَطِيبِهِ / يُرَدَّدُ مَا مَرَّ الأصِيلُ وَمَا مَرَّا
يَا مَن يَخُطُّ كِتَابَ اللهِ وَهوَ لَهُ
يَا مَن يَخُطُّ كِتَابَ اللهِ وَهوَ لَهُ / مُخَالِفٌ فِي مُعَادَاتِي وِإضراري
في أيِّ آيَاتِهِ أَلفَيتَ سَفكَ دَمِي / حلا بلا دِيَةٍ تُرضِي ولا ثَارِ
أعاذَ طَرفَكَ رَبِّي أَن يُقَدِّمَ مِن / قَتلِي لِنَفسِكَ قُربَاناً مِنَ النَّارِ
يا أهلَ تُدمِيرَ إنَّ جَارَكُمُ
يا أهلَ تُدمِيرَ إنَّ جَارَكُمُ / صِيدَ على مَا تَرَونَ مِن حَذَرِه
أسلَمَهُ حُبُّهُ إِلَى رَشَإِ / تَعذِيبُ قَلبِ المُحِبِّ من وَطَرِه
يَهتَزُّ فِي بُردَتَي ملاحتِهِ / كَمَا يَميسُ القَضِيبُ فِي بَهَرِه
وكَانَ شَوقِي إلَى تَحِيَّتِهِ / شَوقَ رِيَاضِ الرُّبَى ِإلَى مَطَرِه
فَضَنَّ حَتَّى بِهَا فَوَا أسَفاً / قَد عَادَ صَفوُ الهَوَى إِلَى كَدَرِه
يَا حَبَّذَاهُ وَإِن جَفَا وَسَطَا / أَرضَاهُ فِي وِردِهِ وَفِي صَدرِه
يُقنِعُنِي منهُ أن أرَاهُ وَأَن / أمشِي إِذَا مَا مَشَى عَلَى أثَرِه
يَا لَيلَةً جادَتِ اللَّيالي
يَا لَيلَةً جادَتِ اللَّيالي / بِها عَلَى رَغمِ أَنفِ دَهرِي
لِلسَّيلِ فِيهَا عَلَيَّ نُعمَى / يَقصُرُ عَنهَا لِسَانُ شُكرِي
أبَاتَ فِي مَنزِلي حَبيبِي / وقامَ في أهلِهِ بِعُذرِ
فبتُّ لا حالَةٌ كَحَالِي / ضَجيحَ بَدرٍ صَرِيعَ سُكرِ
يَا لَيلَة القَدرِ فِي اللَّيَالِي / لأنتِ خَيرٌ مِن أَلفِ شَهرِ
لَم تَبقَ عِندِي لِلصِّبَا لَذَّةٌ
لَم تَبقَ عِندِي لِلصِّبَا لَذَّةٌ / إلا الأحَادِيثَ عَلَى الخَمرِ
ما عَسَى تَبلُغُ شُكراً مَا عَسَى
ما عَسَى تَبلُغُ شُكراً مَا عَسَى / مَن حَمَى الدِّينِ وأحيا الأنفُسا
فَتَحَ اللهُ لَهُ الفَتحَ الَّذِي / شَمَلَ الدُّنيا فَدَع أندَلُسا
أسبَغَ النُّعمَى فَطَابَت جَنّة / وَجلا البُشرَى فَقَامَت عُرُسَا
جَفّ ماءُ الغُصنِ مَحلاً فَهَمَى / وَتَشَكَّى الثَّغرُ شجّاً فأسى
يَربَأُ النَّجمُ لَهُ عَسكَرَهُ / وَيُغيرُ الصُّبحُ عَنهُ والمَسَا
لَم يُثر خَيلاً إِلَى نَيلِ مَدىً / فَأصَابَت دَونَهُ مَا حُبِسَا
لَو أتَت بَحراً فَعَزّت سُفُنٌ / أوجَدَت فِيهِ طَرِيقاً يَبَسا
أو سَمَا فِي السُّحبِ عنهَا مَطلَبٌ / عَلّقَت مِن كُلِّ هُدبٍ مَرَسا
ضَحِكَ الدّهرُ لنا بِشراُ بِهِ / بَعدَ مَا كَانَ عَلَينَا عَبَسَا
طَالَما كُنَّا سَواماً هَمَلاً / نُهزَةَ الذِّئبِ إذا ما افتَرَسا
فَرَعَانَا رَعيةً لا نَتّقي / مَعَها ذُعراً ولا نَطوِي أَسَى
وَبَنَى سورَ قَناً يَكنُفُنَا / أَطلَعَ الخُرسَانَ فيهِ حَرَسَا
مَلِكٌ يَحسِبُهُ مُبصِرُهُ / مَلَكاً شاكَلَ هَذَا الأنَسَا
أيُّهَا الوَفدُ ادخُلوا حَضرَتَهُ / وَتَرَاءَوا نُورَهَأ المُقتبَسَا
وَانزَعوا الأخفافَ مِن أقدَامِكُم / كَي تلاقِي تُربَهَا المُقَدَّسا
وَخُذُوا مِن تَحتِ نَعلَيهِ الثَّرَى / فاخَروا عِلقَ الشِّفاءِ المُنفِسَا
تُكحلُ العَينُ بِهِ إِن رَمِدَت / يَنطِق الطِّفلُ بِهِ أن خرِسا
تَصلُحُ الحَالُ بِهِ إِن فَسَدَت / يَنعَشُ الجَدّ بِهِ إن تَعِسا
تَنشَطُ النَّفسُ بِهِ إِن سَئِمَت / يَرطُبُ العَيشُ بِهِ إِن يَبسا
يا إمَامَ الدِّين هُنِّئتَ بِهِ / فَرَحاً فِيهَا ولا مُختَنِسَا
غَزوَةٌ جاهَرتَ عَنهَا لَم تَكُن / مُلغِزاً فِيهَا ولا مُختَنِسَا
شُزّباً قُدتَ صَحيحَاتِ الشَّوَى / ضُمَّرَ الخَصرِ سَلِيمَاتِ النَّسَا
حَمَلَت أنصَارَ دِينٍ كَرُمُوا / مشَهَداً فِيهِ وَطَابُوا أنفُسَا
أُسدُ حَربٍ تَحتَهَا الفُتخُ حَمَت / كُنُساً لَمّا أبَاحَت كُنُسَا
ثَبَتُوا لِلهَولِ فِي ظِلِّ القَنَا / يَتَسَاقَونَ المَنَايَا أَكُؤسَا
يَا عُيوناً حَضَرَت مَاذَا رَأت / يَا نُفوساً عَايَنَت مَا أنفَسَا
غُرَّ أَدفُونشُ بِمَا أمَلَى لَهُ / مِن أمَانِي غَبّه مَن وَسوَسَا
سَنَّهَا سُوقَ وَغيً لَكِنَّهُ / كُلّما بَايَعَ غَيّه مَن وَسوسَا
سَنَّهَا سُوقَ وَغَىً لَكِنَّهُ / كُلّما بَايَعَ فِيهَا وُكِسَا
فَأَتَى البَاطِلُ لَيلاً مُدجِناً / وَأتَى الحَقُّ نَهَاراً مُشمِسَا
فَرَأى بَدرَ العُلَى كَيفَ سَرَى / وَرَأَى طَودَ الحِجَا كَيفَ رَسَا
وبَدَا بَرقُ الظُّبَا مُختَطِفاً / فِي غَمَامِ العَبَرَاتِ الأَرؤُسَا
غَرَسَ الفِتنَةَ إِذ خَانَكُمُ / فَجَنا مُرَّ جَنَى مَا غَرَسَا
وَنَضَا عِزّتَهُ فِي حَربِكُمُ / فَاكتَسَى مِن ذلّةٍ مَا أُلبِسَا
خٍِلعَةٌ لا فَارَقَت لابسَهَا / شَرٌّ أهلِ الأرضِ فِي شَرِّ الكِسَا
صَارِ مَرءُوساً لَدَيهِم بَعدَمَا / رَشَّحُوهُ لِعَميد الرُّؤَسَا
نَبَشُوا الحَربَ فَقَامَت حَيّةً / بَعدمَا كَانَت صَدىً قَد رُمِسَا
عَرَضوا زَهواً لأطرَافِ القَنَا / خَطرَة اللِّصِّ أَثَارَ العَسَسَا
وَتَّرُوا قَوسَ مُنىً كَاذِبَةٍ / لَم توافِق سِيَةٌ مِنهَا المَعجِسا
كُلَّمَا سَدّد رَامٍ سَهمَهَا / عَادَ فِي لِبَّتِهِ مُنتَكِسَا
وَرِمَاحٍ خَالَطَت أحشَاءَهُم / عَانَقُوا مِنهَا قُدُوداً مُيَّسا
فَانثَنَوا بَعدَ مِصاعٍ صَادقٍ / كَسَّرَ الدَّرعَ وَفَضَّ القَونَسَا
غَادَرُوا بِالأركِ مِن قَتلاهُم / مَوعِظاتٍ لِسِوَاهُم وَأُسَى
وَلَقَوا فِي حِصِنِهَا مُمتَنَعاً / رَيثَمَا يَستَرجِعُونَ النَّفَسَا
مَعقلٌ قالَ لَهُ النَّصرُ ألا / كُن عِقَالاً لَهُمُ أَو مَحبِسَا
فَهَووا مِنهُ عَلَى حكم رضىً / لإمَامٍ بذَلُوا مَا التَمَسَا
وَمضَى غَاوِيهِمُ تُرهِقُهُ / خَشيَة المَوت صَعُوداً شَمِسا
طَردَتهُ رَهبَةٌ أَوجَسَ فِي / نَفسِهِ مِن أمرِهَا مَا أَوجَسَا
رَكِب ابنَ العَيرِ في فرَّتِهِ / رُبَّما استَحيَا ركُوباً فَرَسَا
لِمَ يَعلُو سَرجَهُ مَن لَم يَقُم / فِي بَدَادَيهِ ضَرُوباً مِدعَسَا
أسلَمَ القَلعَةَ وَهيَ الأَرضُ فِي / مَنعَةٍ تُعيِي النُّجُومَ الخُنّسا
لُوِيَت خُلجانُهَا أسوِرَةً / حَصَّنت مِعصَمَهَا أَن يُلمَسَا
قَلَّ أَن يُوجِفَ جَيشُ نَحوَهَا / أَو تشنّ الخَيلُ فِيهَا غَلَسَا
وَجَلا عَن كَركُويٍ أهلُه / وقتَ جُنح اللّيلِ لَمَّا عَسعَسَا
يَرهَبُون الدّجنَ إِن لاحَ بِهِ / بَارِقٌ وَالصُّبحَ إِذ مَا نَفّسَا
بُقَعٌ طَهَّرَها التَّوحِيدُ مِن / أُمَمٍ كَانَت عَلَيهَا نَجَسَا
يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ المُرتَجَى / عَطفُهُ إِن جَارَ خَطبٌ أَو قَسَا
يَا سَلِيلَ الخُلَفَاء السَّادَة ال / مُظهِرِين العَدلَ لَمَّا طَمسا
نَشَرُوا الإِحسَانَ مِن أرمَاسِهِ / وَأبَانُوا نَهجَهُ إِذ دَرَسَا
فَاحَتِ الأَرضُ بِهِم مِمَّا زَكَت / وَتَنَدَّى الصَّخرُ حَتَّى انبَجَسا
عُمِّرت دَولَتُكُم بِالِغَةً / سمع عِيسَى يَومَ يَأتِي المَقدِسَا
وَبَقِيتم زِينَة العَالَمِ لا / تُخلِقُ الأَزمَانُ مِنهُ مَا اكتَسَى
وَلَم أَدخُل الحَمّامَ سَاعَةَ بَينِهِم
وَلَم أَدخُل الحَمّامَ سَاعَةَ بَينِهِم / طلابَ نَعِيمٍ قَد رَضِيتُ بِيُوسِي
وَلكِن لِتَجرِي دَمعَتِي مُطمَئِنَّةً / فأبكِي ولا يَدرِي بِذَاكَ جَلِيسي
يَا صَاحِبيّ وَمَا البَخِيلُ بِصَاحِبِي
يَا صَاحِبيّ وَمَا البَخِيلُ بِصَاحِبِي / هَذِي الدِّيَارُ فَأَينَ تِلكَ الأَدمُعُ
أنَمُرُّ بِالعَرَصَاتِ لا نَبكِي بِهَا / وَهيَ المَنَازِلُ مِنهُمُ وَالأَربُعُ
هَيهَاتَ لا رِيحُ الصَّبَابَةِ بَعدَهُم / رَهوٌ ولا طَيرُ التَّشَوُّقِ وُقَّعُ
حَلَفُوا عَلَى قَلبِي بِسِحرِ جُفُونِهِم / لا زَالَ يَنزِفُهُ الهَوَى وَيُصَدَّعُ
وَأبَى الهَوَى إلاَّ الحُلُولَ بِلَعلَعٍ / وَيحَ المَطَايَا أينَ مِنهَا لَعلَعُ
لَم أَدرِ أينَ نَوَوا فَلَم أَسال لَهُم / رِيحاً تَهُبُّ ولا بَرِيقاً يَلمَعُ
وَكَأنَّهُم فِي كُلِّ مَدرَجِ نَاسِمٍ / فَعَلَيهِ مِنهُم رِقَّةٌ وَتضَوُّعُ
وإذَا مَنَحتُهُمُ السلامَ تَبَادَرَت / تَبلِيغَهُ عَنِّي الرِّيَاحُ الأربَعُ
أضاء بِبُرقَةٍ بَرقٌ لَموعُ
أضاء بِبُرقَةٍ بَرقٌ لَموعُ / فَأَرَّقَةُ وَصُحبَتُهُ هُجوعُ
كَإِيمَاءِ الحَوَاجِبِ يَومَ بَينٍ / بِتَسلِيمٍ وَقَد غَفَلَ الجَمِيعُ
كَأنَّ رَبابَهُ الجَونِيّ أعيا / فَصُبّ عَلَيهِ مِن لَهَبٍ قَطِيعُ
كَأَنَّ الجَو صُكّ بِصَارِمَيهِ / فَسَالَ عَلَى حَنَادِسِهِ النّجيعُ
كَأنّ الرّيحَ تَجري فِيهِ خَيلٌ / بِأيدِي الرَّاكِضَاتِ لَهَا شُموعُ
شَجا صدعُ السَّنَا فِيهِ فُؤَاداً / لِرَوعَاتِ النَّوَى فِيهِ صُدُوعُ
تَذَكّرَ إِذ شَبِيبَتُهُ غُرابٌ / لَهُ فِي رَوضِ عِفّتِهِ وُقُوعُ
وَإذ مَرمَى غَوَانِيهِ قَرِيبٌ / إلَيهِ وَخَطوً هِمَّتِهِ ذَرِيعُ
وَإذ وَادِي صَبَابَتِهِ مَرِيعٌ / عَلَيهِ لِلتّقَى حِصنٌ مَنِيعُ
وَلَكِنّ الشَّبَابَ إِذَا تَوَلَّى / فَصَعبٌ أَن يَكُونَ لَهُ رُجُوعُ
وَمَن لَم يَستَطِع رَدّاً لِشَيءٍ / فَإِنَّ الصَّبرَ عَنهُ يَستَطِيعُ
إِذَا شَيطَانُ أَطمَاعِي عَصَانِي / فإنَّ قَنَاعَتِي مَلَكٌ مُطِيعُ
وَمَن وَطِئَتهُ أَقدَامُ المَنَايَا / فَإِنِّي ذَلِكَ النّيقُ الرَّفِيعُ
وَإن صَالَ الزّمانُ فإِِنَّ عَزماً / لَدّيّ الأَنفِ صَولَتِهِ جَدُوعُ
وَإِن تَضِقِ البلادُ فَثَمّ عَيشٌ / وَثَمَّ مَهَامِهٌ فِيحٌ وَرِيعُ
وَإن مَحَلَ الغَمَامُ فَلِلقَوَافِي / غَمَامٌ نَبتُ مَسقَطِهِ مَرِيعُ
وَلَم يُمحِل رِيَاضُ بَنَاتِ فِكرٍ / وَمَاءُ أبِي الرَّبيعِ لَهَا رَبِيعُ
ولا أخوَت نُجُومُ سَمَاءِ مَجدٍ / لَهَا مِن أُفقِ سُؤدَدِهِ طُلُوعُ
تَنَامُ عُفَاتُهُ شِبَعاً وَرَيّاً / إذَا ذادَ الكَرَى ظَمَأ وَجوعُ
وَيُورِدُ مِن مَوَاهِبِهِ بِحَاراً / إذَا يَبِسَت منَ الشّظفِ الدُّمُوعُ
ويُجنَى دوحُ أنعمه رطَابا / إِذا اصفَرَّت عَلَى الغُصنِ الفُروعُ
وأُذهلَتِ المَرَاضِعُ عَن بَنِيهَا / وَأنسِيَ أمَّهُ الضَّرعَ التَّبِيعُ
رَعَى أمرَ الثُّغورِ فَلا قُلُوبٌ / تُخالِفُهُ ولا مَالٌ يَضِيعُ
وَلَكن مِنّة لِلّهِ عَمَّت / وَأعلَنَ شكرَهَا المَلأُ الجَمِيعُ
وَمََن يَجحَد فَمَا حُرِمَ اصطِنَاعاً / وَلَكِن رُبَّمَا خابَ الصَّنِيعُ
إذ استشرى سَطَا ليثٌ هَصورٌ / وَإن أعطَى هَمَىغيثٌ هَمُوعُ
تَسَربَلَ مِن مَهَابَتِهِ دلاصاً / يُفَلّ بِهَا السُّرَيجيُّ الصَّنيعُ
وَأصلَتَ مِن عَزِيمَتِهِ حُساماً / تُقَدُّ بِهِ الجَوَاشِنُ وَالدُّروعُ
فَمَهمَا ثَارَ فِي جَوٍّ قَتامٌ / فَفِيهِ لرَفعِ شَفرَتِهِ صَرِيعُ
لَهُ فِي سُوقِهِم طَوراً سُجُودٌ / وَفِي هَامَاتِهِم طَوراً رُكُوعُ
سَمِيُّ مُسَخّرِ الأروَاحِ فِيهِ / مِنَ الهَدي السَّكِينَةُ وَالخُشوعُ
فَلَو وَلاّه ذاكَ الملكَ وَلّى / أَمِينا لا يخونُ ولا يَضِيعُ
غَدا قَلباً وَنَحنُ لَهُ ضُلوعٌ / تَحُفّ بِهِ فَدَانٍ أَو شَسُوعُ
وَلكِن بِرُّهُ يَحنو عَلَينَا / كَمَا تَحنو عَلَى القَلبِ الضُّلُوعُ
أَقَائِدَنَا لَكَم قيدَت إلَينَا / أمَانٍ فِي أزِمِّتها خَضُوعُ
قَطَفنا فِي ظلالِكُمُ جَناها / ولا خَطبٌ يَعُوقُ ولا يَرُوعُ
حَيِينَا بانتِجاعِكُمُ حَيَاةً / كَقَطرِ الغيثِ مَوقِعُهُ نَجيعُ
وَكَان شَفِيعَنَا عِندَ اللَّيَالِي / رَجَاؤُكُمُ فَيَا نِعمَ الشَّفِيعُ
جَزَاكُم شَاكِرُ الإِحسَانِ عَنَّا / فَإِنَّ جَزَاءَكُم لا نَستَطِيعُ
وَهَنَّأكُم بِغُرّة عيدِ نَحرٍ / لِرِونَقِهَا بِبَهجَتِكُم سُطُوعُ
مَنَائِحُ جودِكُم فِيهِ تُضَحّي / وَصَائِكُ طِيبِكُم فِيهِ يَضُوعُ
وَدُمتُم مَا حَدَا بَرقٌ سَحَاباً / وَمَا جَلّى دُجَى لَيلٍ صَدِيعُ
فَقَبَّلتُ إثرَكَ فوقَ الثَّرَى
فَقَبَّلتُ إثرَكَ فوقَ الثَّرَى / وعانقتُ ذكركَ في مَضجعي