القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ حَريق البَلَنْسِي الكل
المجموع : 47
قَمَرٌ تَطَلَّعَ والهَوَاءُ سماؤُه
قَمَرٌ تَطَلَّعَ والهَوَاءُ سماؤُه / مَلأَ النَّواظِرَ والنّفوسَ بَهاؤُه
يَرتَاعُ مِنهُ مَسيرُه ومُقامُهُ / وَيَضيقُ عنه أمامُهُ وَوَراؤُهُ
وَيَكَادُ يَستَلِبُ الخَوَاطِرَ حُسنُهُ / وَيَكَادُ يَختَطِفُ العُيُونَ ضِيَاؤُهُ
وَإذَا الأَهِلّةُ عُيّرَت لِمُحاقِها / أَرضَى وزَادَ كَمالُه وَنَماؤُهُ
تَشتاقُه حَرَكَاتُهُ وَسُكُونُ /
لِتَتِه بَلَنسِيَةٌ بِسَيِّدِهَا الَّذِي / حَاطَ الثُّغُورَ دِفَاعُهُ وَغَناؤُهُ
يَرقي فَيَشفِي الثَّغرَ مِن لَمَمِ العِدا / إلمَامُهُ فَجِوارُهُ وَنِداؤُهُ
يُزهَى بهِ بَلَدٌ حَوَاهُ لأنَّهُ / تَجلُو غياهِبَ لَيلِهِ لألأُؤُهُ
فَتَبينُ في أَقطارِهِ أَوصافُه / وَتَفيضُ في أَرجائِهِ نَعماؤهُ
وَيُطيلُ سُورَ النَّصرِ فِيهِ مُؤَيَّدٌ / تُغنِيهِ عن أسوَارِهِ آراؤُهُ
مُتَبِّرِّعٌ يُعطي الخِيَارَ عُفَاتَهُ / فَكَأنَّهُم فِي مَالِهِ شُرَكَاؤُهُ
يا ابنَ الإِمَامَينِ اللّذَينِ إِلَيهِمَا / نُسِبَ الفَخارُ نِجَارُهُ وَوَلاؤُهُ
النّاصِبَينَ عَلَى الهُدَى أعلامَهُ / حَتّى تَبيّنَ قَصدُه وَسَوَاؤُه
وأخا الإِمامِ خَلِيفَةِ اللهِ الَّذِي / أدَّى إلَيهِ مَا رَعَت خُلَفاؤُهُ
وَسِعَ البَرِيَّةَ عَدلُهُ وَاستَوسَقَت / لِغَنِّيهِم وَفَقِيرِهِم لآلاؤُهُ
كُفلاءُ نَصرِ الحَقِّ هُم أحلافُهُ / وحُمَاةُ حَوزَتِهِ وَهُم أُمَنَاؤُهُ
أبنَاءُ إسمَاعِيلَ فِيهِم عَهدُهُ / باقٍ وَصَادِقُ وَعدِهِ وَوَفَاؤُهُ
مِن قَيسِ عَيلانٍ وَمَا أدرَاكَ مَا / قَيسٌ سَنَا دِين الهُدَى وَسَنَاؤُهُ
رَبّوه منتشئاً فَهُم آباؤُهُ / وَرَعَوهُ مُكتَهِلاً فَهُم أبنَاؤُهُ
وَعَلَيهِمُ حَتَّى القِيَامَةِ نصرُهُ / وَلَدَيهِم رَايَاتُهُ وَلِوَاؤُهُ
وَهُم الَّذينَ يُقَاتِلُونَ عُداتَهُ / حَتَّى تَذِلّ لِعِزِّه أعدَارُهُ
وهُمُ استَرَدّوا رُوحَه مِن بَعدِمَا / أشفَى عَلَى الحَيَاةِ ذَماؤُهُ
فَالدّينُ مَعصوبٌ عَلَيهِ تَاجُهُ / شَرَفاً وَمُنسَدِلٌ عَلَيهِ رِدَاؤُهُ
وَدَعَائِمُ التَّوحِيدِ سَامِيَةُ البِنا / وَالشِّركُ قَد أهوَى وَخرّ بِنَاؤُهُ
نَفسَ العَدُوِّ وَأرضَهُ أَو هَزمَهُ / تَبغُونَ لا نَعَمُ العَدُوِّ وشاؤُهُ
فَإِذَا أطَاعَكُمُ فَأنتُم سَعدُهُ / وَإِذَا تأَبّى فَالإِبَاءُ شَقَاؤُهُ
وَلَدَيكُمُ بِالمَشرَفِيّ دَوَاؤُهُ / مَهمَا تَتَابَعَ في الضلالَةِ دَاؤُهُ
تُغوِيهِ كَثرَةُ قَضَةِ وقَضِيضِهِ / وتمدّهُ فِي غيّهِ غَوغَاؤُه
هَيهَاتَ لا يَثنِي بِذَلِكَ عَزمَكُم / فَالسَّيلُ أهوَنُ مَا عَلَيهش غُثَاؤُهُ
أيَصُدّ أمر اللهِ عَنكُم فِي الّذي / يَختارُهُ مِن نَصرِكُم وَيَشَاؤُهُ
أرخَى لَه طولَ المُنَى إِمهَالُكُم / كَيما يَفِيءَ بِغمرِهِ إِرخَاؤُهُ
فَرًمَت لَجاجَتُه بِهِ في لُجّةٍ / وَهَوَت بِهِ مِن حالِقٍ أهوَاؤُهُ
أمهَلتُمُوهُ لِيَومِهِ وَغدا لَكُم / عَيناً عَلَيه صَبَاحُهُ وَمَسَاؤُهُ
وَلَقَد نَروعُ أذَى الخُطوبِ وَصَرفَهَا / بِكَ رَوعَةَ الهِندِيِّ حُدّ مَضَاؤُهُ
وَنَقُولُ لِلدُّنيَا بِصَوتٍ بَالِغٍ / أَسمَاعَ مَجدِكَ لَفظُهُ وَدُعَاؤُهُ
صُونِي أبَا يَحيَى لَنَا وَتَشَرّفِي / بِلِقَائِهِ مادَامَ فِيكِ بَقَاؤُهُ
فَهَناكَ عِيدٌ زَانَ قَصرَكَ جَالِباً / وَفدَ البَشَائِرِ وَفدُهُ ولقاؤهُ
وَإلَيكَهَا مِن عَبدٍ قِنٍّ شَاكِرٍ / ما إِن يغِبُّكَ حَمدُهُ وَثَنَاؤُهُ
أهدَى الصّحيفَةَ بالقَرِيضِ وَوَدّ لَو / كانَت مكان سُطورِها حَوبَاؤُهُ
أبَا بَحرٍ سلامُ اللهِ يَترَى
أبَا بَحرٍ سلامُ اللهِ يَترَى / عَلَيكَ وَإِن تَكَنَّفَكَ الحِجَابُ
أحُومُ عَلَى كَنِّيكَ وَنَأى مَحَلٌّ / فَسِيَانِ انتِزَاحٌ وَاقتِرَابُ
فَحَسبي أن أُرَقرِقَ دَمعَ عَينِي / وَتُُسعِدني السَّحائِبُ والصِّحَابُ
أَعرى مِن المَدحِ الطِّرفَ الَّذي رَكِبا
أَعرى مِن المَدحِ الطِّرفَ الَّذي رَكِبا / لَمَّا جَرَى في مَيادِينِ الصِّبا فَكَبا
تَمُرُّ وَثباً بهِ خَيلُ الشَّبَابِ فَلا / يَسطِيعُ مِن مَربِطِ الخَمسينَ أن يَثِبا
ورُبّما شَقّ أسدافَ الظّلام بِهِ / رَكضاً وَشَقّ بِهِ الأَستارَ والحُجُبا
يَلقَى الغَوَانِي بِإِنكَارٍ مَعَارِفَهُ / وَهُنّ أقربُ خَلقٍ مِنهُ مُنتَسَبَا
إن كُنَّ سَمّينَهُ عَصرَ الشَّبَابِ أخاً / لَهُنّ فَاليَومَ أحرَى أن يَكونَ أبَا
رَعَينَهُ خَضِراً رَطباً فَحينَ عَسَا / أَتَينَ يَرعَينَ ذَاكَ الإِلَّ وَالنَّسَبا
لابدّ أَن يَنصُرَ الآدابَ مُشتَرِطٌ / لِلمَجدِ أن يَنصُرَ العَليَاءَ وَالحَسَبَا
نَدبٌ لآلِ صَنَادِيدٍ لَهُ رُتَبٌ / فَاتَت بِرِفعَتِهَا الأقدَارَ وَالرُّتَبَا
تَقدّمت بِهِمُ مِن فَضلِهِ قَدَمٌ / دَاسُوا بِأَخمَصِهَا الأَقمَارَ وَالشُّهُبَا
نَالُوا بِسَعيِ أبِي إسحَاقَ مَا طَلَبُوا / وَنَالَ عَفواً أبو إسحَاقَ مَا طَلَبَا
يَا ضَاحِكاً لِلمُنَى مِن مَبسِمٍ لَقَطَت / مِن لَفظِهِ الدُّرَّ واشتَارَت بِهِ الضّرَبا
وَمُفصِحاً بِنَعَم فِي كُلِّ مَسأَلَةٍ / إلا لِمَن لامَهُ فِي الجُودِ أَو عَتَبا
كُن لِي كَمَا أنتَ فِي نَفسِي فَقَد عَقَدَت / بَينِي وَبَينَكَ أَسبابُ العلا قُرُبا
وَذَاكَ أنَّكَ تُهدِي البِرَّ منتخَباً / نَحوي وَأُهدِي إِلَيكَ الحَمدَ مُنتَخَبَا
وَسَامِعٍ بِكَ فِي أقصَى مَنَازِلِهِ / أفَادَ مِن رَفدِك الأموالَ والنّشبَا
رَجاكَ فَامتَلأَت أرجَاؤُه بدَراً / وَلَم يَشُدّ لَهَا رَحلا ولا قَتَبا
سِوَى قَصَائدَ وَالاها مُنَقّحَةً / أدّت إلَى رَاحتَيهِ ثَروةً عَجَبا
صَاغَت لَهُ كَيمِياءُ الجودِ إِذ وَرَدَت / مِنهَا نُضاراً وَكَانَت قبلَهَا كُتُبا
فأشبَهَت حالَ بِنتِ الكَرم إِذ خلصَت / في الدَّنِّ خَمراً وكَانَت قَبلَهُ عِنَبَا
خُذ في الأشعَارِ عَلَى الخَبَبِ
خُذ في الأشعَارِ عَلَى الخَبَبِ / فَقُصورُكَ عَنهُ مِن العَجَبِ
هَذَا وَبَنُو الآدابِ قَضَوا / لَكَ بِالعَليَاءِ مِن الرُّتَبِ
أَبعَيدَ الشّبابِ هَوى وَصِبا
أَبعَيدَ الشّبابِ هَوى وَصِبا / كلا لا لَهوَ ولا لَعِبا
ذَرتِ السِّتونَ بُرادَتَها / فِي مِسكِ عِذارَكِ فاشتَهَبَا
يا نفسُ أحيَي تَصِلِي أمَلاً / عيشي رَجَباً تَرَي عَجَبا
فَخُذَن فِي شُكرِ الكَبرَةِ مَا / جاءَ الإِصباحُ وَمَا ذَهَبَا
فِيها أحرَزتَ مَعَارِفَ مَا / أبلَيتَ لِجِدّتِهِ الحِقَبا
وَالخمرُ إِذا عُتِّقَت وَصَفَت / أغلَى ثمَناً مِنهَا عِنَبَا
وَبَقيّةُ عُمرِ المَرءِ لَهُ / إِن كانَ بِها طَبَّاً دَرِبا
يَبنِي فِيهَا بإِنَابَتِهِ / ما هَدَّمَهُ أيامَ صِبا
وَيُنَبّهُ عَينَ تُقىً هَجَعَت / وَيُعمِّرُ بيت حِجىً خرِبا
ويُحَبُر فيها الشِّعرَ على / وَزنٍ هَزج يُدعَى الخَبَبا
وَحشٍ في العُربِ مَنازِلُهُ / مَجهولِ الأصلِ إذا نُسِبا
سَهلِ التَّقطِيعِ وَلَكِن لَم / يُنطق بَارِيكَ بِهِ العَرَبا
نَكِرَتهُ فَلَم يَضرِب وَتِداً / فِي الحَيِّ وَلَم يَمدُد سبَبَا
وَعلَى الفُؤَادِ لَوَاعِجٌ مُذ غِبتُمُ
وَعلَى الفُؤَادِ لَوَاعِجٌ مُذ غِبتُمُ / تَقِدُ الضُّلوعَ تَوَقُّداً وَوَجِيبَا
فَلَها خُفوقٌ هَل بَصُرتَ بِبَارِقٍ / وَلَهَا حَنِينٌ هَل سَمِعتَ النّيِبَا
يَا مَنزِلاً كَانَ أهلُوهُ لِرفعَتِهِ
يَا مَنزِلاً كَانَ أهلُوهُ لِرفعَتِهِ / يَرَونَهُ فِي الدَّراري مُعرِقَ النَّسَبِ
يُحَدِّثُونَ النُّجُومَ الزُّهرَ مِن أُمَمٍ / وَيَشربُونَ نَميرَ المَاء في السُّحُبِ
هنيئاً لَكَ الإِقبَالُ واليُمنُ والنُّجحُ
هنيئاً لَكَ الإِقبَالُ واليُمنُ والنُّجحُ / لَقَد جَاءَ نَصرُ اللهِ إذ جئت وَالفَتحُ
قَضَى اللهُ أن تَسعَى لإِحيَاءِ دِينِهِ / فَتَفعَل مَا لا يَفعَلُ السَّيفُ والرُّمحُ
وَقدّرَ أن تُبلَى عَلَى مَشهد الوَرَى / سَريرَتُكَ الفُضلَى وَآراؤُكَ السُّجحُ
وَأن يَتَقَاضَى مَوضِعَ النَّصرِ فِي العِدَا / حَفِيظٌ عَلَى الإِسلامِ مُؤتَمَنٌ سَمحُ
فَوَفّقَ مَا تَنوِي وَسَدّدَ مَا تَرَى / وَيَسَّر مَا تَأتي وقَرَّبَ مَا تَنحُو
أرادَكُمُ أَدفُونشُ بالغَدرِ قادحاً / زِنَادَ هِياجٍ لَم يُعِنهُ بِهَا القَدحُ
وَأبدَى بِبِيضِ الهِندِ بَيضَةَ مُلكِهِ / فَمُزِّق عَنها القَيضُ واستُرِطَ المُحًُّ
أتَى في جُموع الرُّومِ تَنوِي بِزَعمِهَا / لأندَلُسٍ كَسحاً فَكانَ بِهَا الكَسحُ
بِمَا كَالحَصَى عَدّاً وَكَالشُّهبِ عِدَّةً / تَضَاءَلَ عَنهَا السَّهبُ وَالوَهدُ والسَّفحُ
أطَلَّ عَلَيهِم نَاصِرُ الدِّينِ فَانثَنَوا / وَبَأوُهُمُ صُغرٌ وَزأرُهُمُ نَبّحُ
وَخَرَّت جِبَالٌ مِنهُمُ صَدَمُوا بِهَا / عَزيمَتَهُ نَطحاً فَأَرداهُمُ النَّطحُ
فَقُل لِعَمِيدِ الشِّركِ هَل نُصِرَ العِدَا / وَهَل حَلّت البُشرَى وَهَل عَظُمَ المَنحُ
وَهَل أُدرِكَ الثّأرُ المُنِيمُ لَدَيكُمُ / وَهَل رُدَّت النُّعمَى وَهَل أُسِيَ الجَرحُ
أَلَم يَلتَئِم مِن فورِهِ ذَلِكَ الثَّأَى / أَلَم يَندَمِل مِن حِينِهِ ذَلكَ القَرحُ
كَتَبتَ سُطورَ الظِّنِّ فِي مهرَقِ العَرَا / فَخَانَكَ مِنهَا مَا تُقِرُّ وَمَا تَمحُو
ولاقَيتَ مِن دُونِ الأَمَانِي خَلِيفَةً / بدِيهَتُه وَحيٌ وَعَزمَتُهُ لَمحُ
ألا إنَّهُ المَلكُ الَّذِي لَم يَسِر إِلَى / مَدَى أمَلٍ إلاّ وَسَايَرَهُ النُّجحُ
يُقَاتِلُ عَنهُ الطَّمُّ والرِّمّ مَن عَصَى / وَيَغزُو لَهُ فِي المُلتَقَى الرِّيحُ والضِّحُّ
وَقَد عَرَّفتَكَ الحَربُ قَدرَكَ عِندَهُ / ولا جِدَّ مِن بَعدِ العِيَانِ ولا مَزحُ
فَكَيفَ تَرَى بَعدَ اعتِرَافٍ وخِبرَةٍ / أهَيجَاؤُهُ أشهَى إلَيكَ أمِ الصُّلحُ
وَلَمّا رَأيتَ الأُسدَ تَأوِي مِنَ القَنَا / إِلَى أُجُمٍ لا الضَّالُ مِنهَا ولا الطَّلحُ
فَرَرتَ وجِنحُ اللَّيلِ دِرعٌ مُفاضَةٌ / عَلَيكَ وأوقَى جُنَّةِ الهَارِبِ الجِنحُ
وَخَلَّوكَ لا شُحاً عَلَيكَ مِنَ الرَّدَى / وَلَكِن عَلَى أرماقِ خَيلِهِمُ شَحوا
فَصِرتَ طِرِيداً لِلخلافَةِ لائِذاً / تَضِيقُ بِكَ الدُّنيا وَيَذعَرُكَ الصُّبحُ
بِأدنَى رَذَاذٍ مِن غُيُومِ انتِقَامِهِم / غَرِقتَ فَمَا يُدرِيكَ وَيحَكَ إن سَحّوا
فَإن رَشَحَت مِن بَعدِهَا لَكَ بَلَّةٌ / مِنَ العَيشِ لَم يَنجَع بِهِ ذَلِكَ الرَّشحُ
أقَمتُم عَلَى أمصَارِهِ سوقَ فِتنَةٍ / فكَانَ عَلَيكُم خُسرُهَا وَلَهُ الرِّبحُ
وَأطغَاكُمُ ظِلُّ الهُدُونِ وَبَردُهُ / فأَدَّبَكُم حَرُّ المَعَارِكِ وَاللَّفحُ
وَهِجتُم لِكَي تُنحُوا عَلَى الثَّغرِ هَيجَةً / فَنَاحَ صَدَى أروَاحِكُم قَبلَ أَن تُنحُوا
غَزَاكُم أمِيرُ المُؤمِنِينَ بِعَسكَرٍ / يُشيِّعُهُ نَصرٌ وَيقدُمُهُ فَتحُ
وَفِي حَشوِهِ نَبعٌ لِوَابِلِ نَبلِهِ / عَلَى الرُّومِ فِي الظّلماءِ نقعُ الوَغَى سَحّ
تَمَشّى عَلَى أَعقَابِها الخَيلُ خَشيَةً / لَهَا فَكَأَنّ الرَّكضَ فِي جَنبِهَا كَبحُ
وبِيضٍ جَلاهَا الصَّقلُ حَتَّى تَشَابَهَت / فَلَم يَستَبِن لِلعَينِ حَدٌّ ولا صَفحُ
فَأمسَى نَثِيرُ السَّردِ عَن سَبَرَاتِهَا / عَلَى الأَرضِ مَفضوضاً كَمَا بُدّد المِلحُ
وسُمرٍ كِثِيرٍ في الدّماءِ وُرُودُهَا / وَلَكِن بِهَا مِن شُربِهَا ظَمَأ بَرحُ
فَكانَ لَهَا فِي الأَربِعَاءِ مَرارة / مِنَ الدّم ريٌّ بالأَسِنّةِ لا تَضحو
وشدّت إلَيهَا الخًَيلُ وَهي مُشيحَةٌ / فَصُدَّت وَمِن وَقعِ الرِّمَاحِ بِهَا رمحُ
فقلّص آل الشِّركِ ذيلَ غُرورِهِ / وَسَيلُ الجِيَادِ المُحضَرات بِهِ يَدحُو
وَغَارَت نُجُومُ الكُفرِ شَرَّ مُغارِها / أمَامَ شُعَاعِ الشَّمسِ لَمّا بَدَا الصُّبحُ
وَيوشِكُ إِن أَبصَرتَهُ عِندَ لَمحِها / يُجَلّي دُجَى ظَلمَائِها ذَلِكَ اللّمحُ
وَلَكِنّها تَعمَى القُلُوبُ فلا تَرَى / وَتَسكُنُ أفهَامُ النُّفوسِ فلا تصحُو
فَيَا قُبحَ هَاتِيكَ المَصَارِعِ بِالفلا / وَيَا حُسنَ مَا سَنّى لَنَا ذَلِكَ اللّمحُ
فإن عُدتُمُ لِلحَرب عَادَت لِشَأنِهَا / تَعَضُّكُمُ بِالبُؤسِ أنيَابُهَا القُلحُ
وَحَسبُكُمُ مَا طَلَّقَت مِن نِسَائِهَا / طلاقَ بَتَاتٍ سَنّهُ السَّيفُ وَالرُّمحُ
فَشَابَت نَوَاصِيهَا وَجَفّت لِبَانُهَا / حذاراً فَما فِي ثَدي مُرضِعَةٍ نَشحُ
تَوَجَّعُ نَوحاً أَو تَصُكُّ مَحَاجِراً / فَأوجُهُهَا حُمرٌ وَأصوَاتُهَا بُحُّ
فَخَافُوا أمِينَ اللهِ فِي السِّلمِ وَالوَغَى / وَنحّوا بَقايَا الغَدرِ عَن صَوبِهِ نَحّوا
فَمَا لَكُمُ عَن بَذلِ طَاعَتِهِ غِنى / ولا لَكُمُ فِي بَحرِ سَطوَتِهِ سَبحُ
مَنَاسِكُ دِينِ الحَقِّ وَاضِحَةٌ بِهِ / فلا نُسكُ حَقٍّ فِي سِوَاه ولا ذِبحُ
وَأعيَادُ هَذَا الفَتحِ بَاهِرَةٌ فَلا / شَعانِينُ دَيرٍ بَعدَهُنّ ولا فَصحُ
ألا أيُّهَا الوَفدُ ادخُلُوا حَضرَةَ الرِّضَى / تَفِض لَكُمُ النُّعمَى وَيغمُرُكُم مَنحُ
فَحَيُّوا إِمَاماً مِن خَلائِقِهِ الحِجَى / وَمِن عَادِهِ الإِحسَانُ وَالحِلمُ وَالصَّفحُ
خَلِيفَة صِدقٍ أنجَبَتهُ خَلائِفٌ / لِمِسكِ ثَناهُم كُلَّمَا ذُكِرُوا نَفحُ
أنَارَت بِهِ الآفَاقُ بِشراًُ وَنَوَّرَت / فَأمسَوا بِهَا فِي النّورِ وَالنُّورُ أوضحُ
فَدَامَت لَهُ النَّعمَاءُ شامِلَةً بِهِ / ولا بَرِحَت تَنحو المَقَادِيرُ مَا يَنحُو
فَلَولا نُهاهُ لَم يَكُن لِلوَرَى نُهىً / وَلَولا هُدَاهُ لَم يَفُز لِلهُدَى قِدحُ
أَفدِي الَّذِي أرشَفَ المُقلينَ رِيقَتَهُ
أَفدِي الَّذِي أرشَفَ المُقلينَ رِيقَتَهُ / بِحَيثُ حُلِّىءَ عَن رَشفٍ مُريدوهُ
غِرنَا فَقُلنَا أذِقهُ الحَتف قالَ لَنَا / لَولا تَرَجِّيهِ هَذَا لَم تَصِيدُوهَ
هَذَا جَبِينِي مُوَارىً وَهوَ مُنفَلِت / فإِن يَكَن عِندَكُم كَيدٌ فَكيدوه
أوُلوعٌ وغُربَةٌ وَسقَامٌ
أوُلوعٌ وغُربَةٌ وَسقَامٌ / إِنَّ مِثلِي لَفِي عَذابٍ شَدِيدِ
هَكَذَا الحُبُّ لا كَدَعوَى أُنَاسٍ / حَدَّثوا بِالهَوَى عَلَى التَّقلِيدِ
يَا قَرِيبَ النِّفارِ غَيرَ قَرِيبٍ / وَبَعِيدَ الوِصَالِ غَيرَ بَعِيدِ
مَا رَأينَا مِن قَبلِ جِسمِكَ جِسماً / مِن لُجَينٍ وَقَلبُهُ مِن حَدِيدِ
أتَّقِي أَن يَذُوبَ من جَانِبَيهِ / حِينَ يَمشي تَثَاقُلاً بِالبُرُودِ
أتُرَى إِن قَضَيتُ فِيكَ اشتِياقاً / أتُصَلِّي عَلَى غَرِيبٍ شَهِيدِ
سَقَى اللهُ أيَّامَ الصَّبَابَةِ وَالهَوَى
سَقَى اللهُ أيَّامَ الصَّبَابَةِ وَالهَوَى / وَعًصرَ الشّبابِ الغَضِّ أكرِم بِهِ عَصرَا
سَحَاباً يدِرّ المَاءَ في مَحلِ رَوضِهَا / وَيُنبِتُ فِي أَغصَانِهَا الوَرَقَ الخُضرَا
وَجَادَ أَصِيلاً بالقصيبَة لَم يُضَف / إِلَى حُسنِهِ عَيبٌ سِوَى أنَّهُ مَرّا
إِذِ الشَّمسُ تَحكِينِي وَتَحكِي مُعَذِّبي / بِما احمَرَّ مِنهَا لِلغُرُوبِ وَمَا اصفَرّا
وراحَةُ مَن أهوَى وبَارِقُ ثَغرِهِ / وَلَحظَتُهُ الوَطفَاءُ تَمزِج لِي خَمرَا
فَقَامَت بِهِ حَولِي سقاةٌ كَثِيرَةٌ / مُنَى كُلِّ ساقٍ أن أمِيدَ لَهُ سُكرَا
فَلَم أدرِ مِمَّا كنت أُسقَى هَل الهَوَى / شَرِبتُ أمِ الصَّهبَاءَ صِرفاً أمِ السِّحرَا
سلامٌ عَلَى ذَاكَ الأَصِيلِ وَطِيبِهِ / يُرَدَّدُ مَا مَرَّ الأصِيلُ وَمَا مَرَّا
يَا مَن يَخُطُّ كِتَابَ اللهِ وَهوَ لَهُ
يَا مَن يَخُطُّ كِتَابَ اللهِ وَهوَ لَهُ / مُخَالِفٌ فِي مُعَادَاتِي وِإضراري
في أيِّ آيَاتِهِ أَلفَيتَ سَفكَ دَمِي / حلا بلا دِيَةٍ تُرضِي ولا ثَارِ
أعاذَ طَرفَكَ رَبِّي أَن يُقَدِّمَ مِن / قَتلِي لِنَفسِكَ قُربَاناً مِنَ النَّارِ
يا أهلَ تُدمِيرَ إنَّ جَارَكُمُ
يا أهلَ تُدمِيرَ إنَّ جَارَكُمُ / صِيدَ على مَا تَرَونَ مِن حَذَرِه
أسلَمَهُ حُبُّهُ إِلَى رَشَإِ / تَعذِيبُ قَلبِ المُحِبِّ من وَطَرِه
يَهتَزُّ فِي بُردَتَي ملاحتِهِ / كَمَا يَميسُ القَضِيبُ فِي بَهَرِه
وكَانَ شَوقِي إلَى تَحِيَّتِهِ / شَوقَ رِيَاضِ الرُّبَى ِإلَى مَطَرِه
فَضَنَّ حَتَّى بِهَا فَوَا أسَفاً / قَد عَادَ صَفوُ الهَوَى إِلَى كَدَرِه
يَا حَبَّذَاهُ وَإِن جَفَا وَسَطَا / أَرضَاهُ فِي وِردِهِ وَفِي صَدرِه
يُقنِعُنِي منهُ أن أرَاهُ وَأَن / أمشِي إِذَا مَا مَشَى عَلَى أثَرِه
يَا لَيلَةً جادَتِ اللَّيالي
يَا لَيلَةً جادَتِ اللَّيالي / بِها عَلَى رَغمِ أَنفِ دَهرِي
لِلسَّيلِ فِيهَا عَلَيَّ نُعمَى / يَقصُرُ عَنهَا لِسَانُ شُكرِي
أبَاتَ فِي مَنزِلي حَبيبِي / وقامَ في أهلِهِ بِعُذرِ
فبتُّ لا حالَةٌ كَحَالِي / ضَجيحَ بَدرٍ صَرِيعَ سُكرِ
يَا لَيلَة القَدرِ فِي اللَّيَالِي / لأنتِ خَيرٌ مِن أَلفِ شَهرِ
لَم تَبقَ عِندِي لِلصِّبَا لَذَّةٌ
لَم تَبقَ عِندِي لِلصِّبَا لَذَّةٌ / إلا الأحَادِيثَ عَلَى الخَمرِ
ما عَسَى تَبلُغُ شُكراً مَا عَسَى
ما عَسَى تَبلُغُ شُكراً مَا عَسَى / مَن حَمَى الدِّينِ وأحيا الأنفُسا
فَتَحَ اللهُ لَهُ الفَتحَ الَّذِي / شَمَلَ الدُّنيا فَدَع أندَلُسا
أسبَغَ النُّعمَى فَطَابَت جَنّة / وَجلا البُشرَى فَقَامَت عُرُسَا
جَفّ ماءُ الغُصنِ مَحلاً فَهَمَى / وَتَشَكَّى الثَّغرُ شجّاً فأسى
يَربَأُ النَّجمُ لَهُ عَسكَرَهُ / وَيُغيرُ الصُّبحُ عَنهُ والمَسَا
لَم يُثر خَيلاً إِلَى نَيلِ مَدىً / فَأصَابَت دَونَهُ مَا حُبِسَا
لَو أتَت بَحراً فَعَزّت سُفُنٌ / أوجَدَت فِيهِ طَرِيقاً يَبَسا
أو سَمَا فِي السُّحبِ عنهَا مَطلَبٌ / عَلّقَت مِن كُلِّ هُدبٍ مَرَسا
ضَحِكَ الدّهرُ لنا بِشراُ بِهِ / بَعدَ مَا كَانَ عَلَينَا عَبَسَا
طَالَما كُنَّا سَواماً هَمَلاً / نُهزَةَ الذِّئبِ إذا ما افتَرَسا
فَرَعَانَا رَعيةً لا نَتّقي / مَعَها ذُعراً ولا نَطوِي أَسَى
وَبَنَى سورَ قَناً يَكنُفُنَا / أَطلَعَ الخُرسَانَ فيهِ حَرَسَا
مَلِكٌ يَحسِبُهُ مُبصِرُهُ / مَلَكاً شاكَلَ هَذَا الأنَسَا
أيُّهَا الوَفدُ ادخُلوا حَضرَتَهُ / وَتَرَاءَوا نُورَهَأ المُقتبَسَا
وَانزَعوا الأخفافَ مِن أقدَامِكُم / كَي تلاقِي تُربَهَا المُقَدَّسا
وَخُذُوا مِن تَحتِ نَعلَيهِ الثَّرَى / فاخَروا عِلقَ الشِّفاءِ المُنفِسَا
تُكحلُ العَينُ بِهِ إِن رَمِدَت / يَنطِق الطِّفلُ بِهِ أن خرِسا
تَصلُحُ الحَالُ بِهِ إِن فَسَدَت / يَنعَشُ الجَدّ بِهِ إن تَعِسا
تَنشَطُ النَّفسُ بِهِ إِن سَئِمَت / يَرطُبُ العَيشُ بِهِ إِن يَبسا
يا إمَامَ الدِّين هُنِّئتَ بِهِ / فَرَحاً فِيهَا ولا مُختَنِسَا
غَزوَةٌ جاهَرتَ عَنهَا لَم تَكُن / مُلغِزاً فِيهَا ولا مُختَنِسَا
شُزّباً قُدتَ صَحيحَاتِ الشَّوَى / ضُمَّرَ الخَصرِ سَلِيمَاتِ النَّسَا
حَمَلَت أنصَارَ دِينٍ كَرُمُوا / مشَهَداً فِيهِ وَطَابُوا أنفُسَا
أُسدُ حَربٍ تَحتَهَا الفُتخُ حَمَت / كُنُساً لَمّا أبَاحَت كُنُسَا
ثَبَتُوا لِلهَولِ فِي ظِلِّ القَنَا / يَتَسَاقَونَ المَنَايَا أَكُؤسَا
يَا عُيوناً حَضَرَت مَاذَا رَأت / يَا نُفوساً عَايَنَت مَا أنفَسَا
غُرَّ أَدفُونشُ بِمَا أمَلَى لَهُ / مِن أمَانِي غَبّه مَن وَسوَسَا
سَنَّهَا سُوقَ وَغيً لَكِنَّهُ / كُلّما بَايَعَ غَيّه مَن وَسوسَا
سَنَّهَا سُوقَ وَغَىً لَكِنَّهُ / كُلّما بَايَعَ فِيهَا وُكِسَا
فَأَتَى البَاطِلُ لَيلاً مُدجِناً / وَأتَى الحَقُّ نَهَاراً مُشمِسَا
فَرَأى بَدرَ العُلَى كَيفَ سَرَى / وَرَأَى طَودَ الحِجَا كَيفَ رَسَا
وبَدَا بَرقُ الظُّبَا مُختَطِفاً / فِي غَمَامِ العَبَرَاتِ الأَرؤُسَا
غَرَسَ الفِتنَةَ إِذ خَانَكُمُ / فَجَنا مُرَّ جَنَى مَا غَرَسَا
وَنَضَا عِزّتَهُ فِي حَربِكُمُ / فَاكتَسَى مِن ذلّةٍ مَا أُلبِسَا
خٍِلعَةٌ لا فَارَقَت لابسَهَا / شَرٌّ أهلِ الأرضِ فِي شَرِّ الكِسَا
صَارِ مَرءُوساً لَدَيهِم بَعدَمَا / رَشَّحُوهُ لِعَميد الرُّؤَسَا
نَبَشُوا الحَربَ فَقَامَت حَيّةً / بَعدمَا كَانَت صَدىً قَد رُمِسَا
عَرَضوا زَهواً لأطرَافِ القَنَا / خَطرَة اللِّصِّ أَثَارَ العَسَسَا
وَتَّرُوا قَوسَ مُنىً كَاذِبَةٍ / لَم توافِق سِيَةٌ مِنهَا المَعجِسا
كُلَّمَا سَدّد رَامٍ سَهمَهَا / عَادَ فِي لِبَّتِهِ مُنتَكِسَا
وَرِمَاحٍ خَالَطَت أحشَاءَهُم / عَانَقُوا مِنهَا قُدُوداً مُيَّسا
فَانثَنَوا بَعدَ مِصاعٍ صَادقٍ / كَسَّرَ الدَّرعَ وَفَضَّ القَونَسَا
غَادَرُوا بِالأركِ مِن قَتلاهُم / مَوعِظاتٍ لِسِوَاهُم وَأُسَى
وَلَقَوا فِي حِصِنِهَا مُمتَنَعاً / رَيثَمَا يَستَرجِعُونَ النَّفَسَا
مَعقلٌ قالَ لَهُ النَّصرُ ألا / كُن عِقَالاً لَهُمُ أَو مَحبِسَا
فَهَووا مِنهُ عَلَى حكم رضىً / لإمَامٍ بذَلُوا مَا التَمَسَا
وَمضَى غَاوِيهِمُ تُرهِقُهُ / خَشيَة المَوت صَعُوداً شَمِسا
طَردَتهُ رَهبَةٌ أَوجَسَ فِي / نَفسِهِ مِن أمرِهَا مَا أَوجَسَا
رَكِب ابنَ العَيرِ في فرَّتِهِ / رُبَّما استَحيَا ركُوباً فَرَسَا
لِمَ يَعلُو سَرجَهُ مَن لَم يَقُم / فِي بَدَادَيهِ ضَرُوباً مِدعَسَا
أسلَمَ القَلعَةَ وَهيَ الأَرضُ فِي / مَنعَةٍ تُعيِي النُّجُومَ الخُنّسا
لُوِيَت خُلجانُهَا أسوِرَةً / حَصَّنت مِعصَمَهَا أَن يُلمَسَا
قَلَّ أَن يُوجِفَ جَيشُ نَحوَهَا / أَو تشنّ الخَيلُ فِيهَا غَلَسَا
وَجَلا عَن كَركُويٍ أهلُه / وقتَ جُنح اللّيلِ لَمَّا عَسعَسَا
يَرهَبُون الدّجنَ إِن لاحَ بِهِ / بَارِقٌ وَالصُّبحَ إِذ مَا نَفّسَا
بُقَعٌ طَهَّرَها التَّوحِيدُ مِن / أُمَمٍ كَانَت عَلَيهَا نَجَسَا
يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ المُرتَجَى / عَطفُهُ إِن جَارَ خَطبٌ أَو قَسَا
يَا سَلِيلَ الخُلَفَاء السَّادَة ال / مُظهِرِين العَدلَ لَمَّا طَمسا
نَشَرُوا الإِحسَانَ مِن أرمَاسِهِ / وَأبَانُوا نَهجَهُ إِذ دَرَسَا
فَاحَتِ الأَرضُ بِهِم مِمَّا زَكَت / وَتَنَدَّى الصَّخرُ حَتَّى انبَجَسا
عُمِّرت دَولَتُكُم بِالِغَةً / سمع عِيسَى يَومَ يَأتِي المَقدِسَا
وَبَقِيتم زِينَة العَالَمِ لا / تُخلِقُ الأَزمَانُ مِنهُ مَا اكتَسَى
وَلَم أَدخُل الحَمّامَ سَاعَةَ بَينِهِم
وَلَم أَدخُل الحَمّامَ سَاعَةَ بَينِهِم / طلابَ نَعِيمٍ قَد رَضِيتُ بِيُوسِي
وَلكِن لِتَجرِي دَمعَتِي مُطمَئِنَّةً / فأبكِي ولا يَدرِي بِذَاكَ جَلِيسي
يَا صَاحِبيّ وَمَا البَخِيلُ بِصَاحِبِي
يَا صَاحِبيّ وَمَا البَخِيلُ بِصَاحِبِي / هَذِي الدِّيَارُ فَأَينَ تِلكَ الأَدمُعُ
أنَمُرُّ بِالعَرَصَاتِ لا نَبكِي بِهَا / وَهيَ المَنَازِلُ مِنهُمُ وَالأَربُعُ
هَيهَاتَ لا رِيحُ الصَّبَابَةِ بَعدَهُم / رَهوٌ ولا طَيرُ التَّشَوُّقِ وُقَّعُ
حَلَفُوا عَلَى قَلبِي بِسِحرِ جُفُونِهِم / لا زَالَ يَنزِفُهُ الهَوَى وَيُصَدَّعُ
وَأبَى الهَوَى إلاَّ الحُلُولَ بِلَعلَعٍ / وَيحَ المَطَايَا أينَ مِنهَا لَعلَعُ
لَم أَدرِ أينَ نَوَوا فَلَم أَسال لَهُم / رِيحاً تَهُبُّ ولا بَرِيقاً يَلمَعُ
وَكَأنَّهُم فِي كُلِّ مَدرَجِ نَاسِمٍ / فَعَلَيهِ مِنهُم رِقَّةٌ وَتضَوُّعُ
وإذَا مَنَحتُهُمُ السلامَ تَبَادَرَت / تَبلِيغَهُ عَنِّي الرِّيَاحُ الأربَعُ
أضاء بِبُرقَةٍ بَرقٌ لَموعُ
أضاء بِبُرقَةٍ بَرقٌ لَموعُ / فَأَرَّقَةُ وَصُحبَتُهُ هُجوعُ
كَإِيمَاءِ الحَوَاجِبِ يَومَ بَينٍ / بِتَسلِيمٍ وَقَد غَفَلَ الجَمِيعُ
كَأنَّ رَبابَهُ الجَونِيّ أعيا / فَصُبّ عَلَيهِ مِن لَهَبٍ قَطِيعُ
كَأَنَّ الجَو صُكّ بِصَارِمَيهِ / فَسَالَ عَلَى حَنَادِسِهِ النّجيعُ
كَأنّ الرّيحَ تَجري فِيهِ خَيلٌ / بِأيدِي الرَّاكِضَاتِ لَهَا شُموعُ
شَجا صدعُ السَّنَا فِيهِ فُؤَاداً / لِرَوعَاتِ النَّوَى فِيهِ صُدُوعُ
تَذَكّرَ إِذ شَبِيبَتُهُ غُرابٌ / لَهُ فِي رَوضِ عِفّتِهِ وُقُوعُ
وَإذ مَرمَى غَوَانِيهِ قَرِيبٌ / إلَيهِ وَخَطوً هِمَّتِهِ ذَرِيعُ
وَإذ وَادِي صَبَابَتِهِ مَرِيعٌ / عَلَيهِ لِلتّقَى حِصنٌ مَنِيعُ
وَلَكِنّ الشَّبَابَ إِذَا تَوَلَّى / فَصَعبٌ أَن يَكُونَ لَهُ رُجُوعُ
وَمَن لَم يَستَطِع رَدّاً لِشَيءٍ / فَإِنَّ الصَّبرَ عَنهُ يَستَطِيعُ
إِذَا شَيطَانُ أَطمَاعِي عَصَانِي / فإنَّ قَنَاعَتِي مَلَكٌ مُطِيعُ
وَمَن وَطِئَتهُ أَقدَامُ المَنَايَا / فَإِنِّي ذَلِكَ النّيقُ الرَّفِيعُ
وَإن صَالَ الزّمانُ فإِِنَّ عَزماً / لَدّيّ الأَنفِ صَولَتِهِ جَدُوعُ
وَإِن تَضِقِ البلادُ فَثَمّ عَيشٌ / وَثَمَّ مَهَامِهٌ فِيحٌ وَرِيعُ
وَإن مَحَلَ الغَمَامُ فَلِلقَوَافِي / غَمَامٌ نَبتُ مَسقَطِهِ مَرِيعُ
وَلَم يُمحِل رِيَاضُ بَنَاتِ فِكرٍ / وَمَاءُ أبِي الرَّبيعِ لَهَا رَبِيعُ
ولا أخوَت نُجُومُ سَمَاءِ مَجدٍ / لَهَا مِن أُفقِ سُؤدَدِهِ طُلُوعُ
تَنَامُ عُفَاتُهُ شِبَعاً وَرَيّاً / إذَا ذادَ الكَرَى ظَمَأ وَجوعُ
وَيُورِدُ مِن مَوَاهِبِهِ بِحَاراً / إذَا يَبِسَت منَ الشّظفِ الدُّمُوعُ
ويُجنَى دوحُ أنعمه رطَابا / إِذا اصفَرَّت عَلَى الغُصنِ الفُروعُ
وأُذهلَتِ المَرَاضِعُ عَن بَنِيهَا / وَأنسِيَ أمَّهُ الضَّرعَ التَّبِيعُ
رَعَى أمرَ الثُّغورِ فَلا قُلُوبٌ / تُخالِفُهُ ولا مَالٌ يَضِيعُ
وَلَكن مِنّة لِلّهِ عَمَّت / وَأعلَنَ شكرَهَا المَلأُ الجَمِيعُ
وَمََن يَجحَد فَمَا حُرِمَ اصطِنَاعاً / وَلَكِن رُبَّمَا خابَ الصَّنِيعُ
إذ استشرى سَطَا ليثٌ هَصورٌ / وَإن أعطَى هَمَىغيثٌ هَمُوعُ
تَسَربَلَ مِن مَهَابَتِهِ دلاصاً / يُفَلّ بِهَا السُّرَيجيُّ الصَّنيعُ
وَأصلَتَ مِن عَزِيمَتِهِ حُساماً / تُقَدُّ بِهِ الجَوَاشِنُ وَالدُّروعُ
فَمَهمَا ثَارَ فِي جَوٍّ قَتامٌ / فَفِيهِ لرَفعِ شَفرَتِهِ صَرِيعُ
لَهُ فِي سُوقِهِم طَوراً سُجُودٌ / وَفِي هَامَاتِهِم طَوراً رُكُوعُ
سَمِيُّ مُسَخّرِ الأروَاحِ فِيهِ / مِنَ الهَدي السَّكِينَةُ وَالخُشوعُ
فَلَو وَلاّه ذاكَ الملكَ وَلّى / أَمِينا لا يخونُ ولا يَضِيعُ
غَدا قَلباً وَنَحنُ لَهُ ضُلوعٌ / تَحُفّ بِهِ فَدَانٍ أَو شَسُوعُ
وَلكِن بِرُّهُ يَحنو عَلَينَا / كَمَا تَحنو عَلَى القَلبِ الضُّلُوعُ
أَقَائِدَنَا لَكَم قيدَت إلَينَا / أمَانٍ فِي أزِمِّتها خَضُوعُ
قَطَفنا فِي ظلالِكُمُ جَناها / ولا خَطبٌ يَعُوقُ ولا يَرُوعُ
حَيِينَا بانتِجاعِكُمُ حَيَاةً / كَقَطرِ الغيثِ مَوقِعُهُ نَجيعُ
وَكَان شَفِيعَنَا عِندَ اللَّيَالِي / رَجَاؤُكُمُ فَيَا نِعمَ الشَّفِيعُ
جَزَاكُم شَاكِرُ الإِحسَانِ عَنَّا / فَإِنَّ جَزَاءَكُم لا نَستَطِيعُ
وَهَنَّأكُم بِغُرّة عيدِ نَحرٍ / لِرِونَقِهَا بِبَهجَتِكُم سُطُوعُ
مَنَائِحُ جودِكُم فِيهِ تُضَحّي / وَصَائِكُ طِيبِكُم فِيهِ يَضُوعُ
وَدُمتُم مَا حَدَا بَرقٌ سَحَاباً / وَمَا جَلّى دُجَى لَيلٍ صَدِيعُ
فَقَبَّلتُ إثرَكَ فوقَ الثَّرَى
فَقَبَّلتُ إثرَكَ فوقَ الثَّرَى / وعانقتُ ذكركَ في مَضجعي

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025