المجموع : 55
ضربت عليكَ لواءَها العلياءُ
ضربت عليكَ لواءَها العلياءُ / وتحيرت في وصفكَ الشعراءُ
وقضى الذي أعطاكَ سداً مقبلاً / ألا يُفارقبَ حاسديكَ شَقاءُ
ما شكَّ ذو النظرِ الصحيحِ ولا امترى / أنَّ الورى أرضٌ وأنتَ سماءُ
الأمرُ أمرُ اللَهِ ليسَ يَضُرّهُ / ما حاولت من كيدِهِ الأعداءُ
والحقُّ أبلجُ والمعانِدُ عينُهُ / عمياءُ عَنهُ وأذنُهُ صَمَّاءُ
لو كانت الجوزاءُ من أعدائِهِ / لم تنجُ من غاراتِهِ الجوزاءُ
سائِل إذا رَكَدَ الدُّجا وتحيرت / زُهرُ النجومِ ونامَتِ الرُّقَبَاءُ
يُهدي ويهدي منعماً ومعَلِّما / لا زالَ منهُ الهَديُ والإهداءُ
أوفَى بما تَرَك النَبيُّ مُحمَّدٌ / والقائِمُ المَهديُّ والخُلَفاءُ
وجلا الحقائق للورى / الأمواتُ والأحياءُ
أوليَّ عهدِ المؤمنينَ ومن بِهِ / كَمُلَ السُرورُ وتمتِ النعماءُ
العبدُ أولى أن أهنيهِ بكُم / فعليهِ منكُم بهجةٌ وبهاءُ
أنتم سنا الدنيا فلولا أنتمُ / ما فارقت آفاقَهَا الظلماءُ
ما شامَ برقَ جنبيهِ مُسترفِدٌ
ما شامَ برقَ جنبيهِ مُسترفِدٌ / إلا استهلّت كَفَّهُ أنواءُ
بسيفكَ صالَ الدينُ في الشرق والغربِ
بسيفكَ صالَ الدينُ في الشرق والغربِ / ودارت على الأعداءِ دائرَةُ الحربِ
وأذعنَ ناءٍ واستقامَ مُعانِدٌ / ولان قياداً كُلُّ مُمتَنِعٍ صَعبِ
لواؤكَ منصورٌ وسعدُكَ غالبُ
لواؤكَ منصورٌ وسعدُكَ غالبُ / وحزبكَ للأعداءِ عنكَ مُحارِبُ
لقد ثكلت أمُّ المناوي وغرَّرَت / مبادئُ من أحوالهِ وعواقِبُ
سما لاستراقِ السمعِ من وهداتِهِ / ودونَ سماءِ المُلكِ شُهبٌ ثواقِبُ
تلاقى عليه البرُّ والبحرُ تَرتَمي / سفينٌ إلى استئصالهِ وكتائِبُ
غريقٌ بِغَرقى مثلِهِ مُتمسِّكٌ / وموجُ المنايا مثلُهُم مُتَراكِبُ
هوت بِهُمُ الأطماعُ في هُوَّةِ الرَّدى / وغرتهُمُ جَهلاً بُروقٌ خَوالِبُ
أطاعُوا غوياً لم تُقَيِّدهُ شِرعَةٌ / وَلَم تُرِهِ وَجهَ الصَّوابِ التجارِبُ
مُغيبُ وجه الرأي والوَجهُ حائِرٌ / يُرى حاضِراً في أمرِهِ وهوَ غائِبُ
دعاهُم إلى آجالِهِم فتهافَتُوا / كما جمعَ الأعوادَ للنَّارِ حاطِبُ
تصامَمَ عن وَعظِ الزمانِ بِقَلبِهِ / وأعرضَ عن وَجهِ الهُدى وهو لاحِبُ
تخيلَ أن الناصِريَّةَ دارُهُ / يُطاعِنُ عَن ساحاتها وَيُضَاربُ
وفي الغيبِ من إنجادِ طائفةِ الهُدى / ونصر أميرِ المؤمنين غرائبُ
هو الامرُ أمرُ اللَهِ ليس يَفوتُهُ / مُناوٍ ولا ينأى عليه مناصب
وما هارِبٌ منهُ ولو بَلَغَ السُّها / بِناجٍ وهل ينجو من اللَه هارب
بناصرِها المنصورِ تاهت خِلافَةٌ / تُناسِبُهُ في حُسنِهِ ويناسِبُ
إمامٌ لَهُ فَضلٌ على الخلقِ باهِرٌ / ومَرتَبَةٌ تنحطُّ عنها المراتِبُ
مناقِبُهُ مثلُ الكواكِبِ كثرةً / ونُوراً ألا اللَهِ تلكَ المناقِبُ
هي الدوحةُ الشماءُ في الأرضِ أصلُها / وقد زاحَمَت مِنها السماءَ الذوائبُ
له نسبةٌ قيسيةٌ قدسيةٌ / تُقِرُّ لها بالمعلواتِ مُواهِبُ
بقيتم أميرَ المؤمنينَ وسعدُكُم / تُهَزُّ قناً منهُ وتنضى قواضِبُ
مشى اللومُ في الدُنيا طَريداً مُشرَّداً
مشى اللومُ في الدُنيا طَريداً مُشرَّداً / يَجوبُ بلادَ اللَهِ شَرقَاً ومَغرِبا
فلمَّا أتى فاساً تَلَقَّاهُ أهلُها / وقالوا لهُ أهلاً وسهلاً ومرحبا
بجدِّ عزمِكَ نالَ الدِّينُ ما طَلَبا
بجدِّ عزمِكَ نالَ الدِّينُ ما طَلَبا / وأحجمَ الشركُ عن إقدامِهِ رَهبا
وأيقنت مِلَّةُ الإسلامِ أنَّ لها / بِكَ الظُّهورِ على الأعداءِ والغلبا
وأنَّ كُلَّ بعيدٍ عندَها كَثَبٌ / ولو تُطالِبُ في أفلاكِها الشُّهيا
وأن أمركَ مستولٍ على أمدٍ / من السعادةِ فاتَ العجمَ والعَرَبا
إن الخلافةَ نالَت من محاسِنِكُم / أوفى الحُظوظِ فأبدت منظراً عَجَبَاً
أعلى المراتب من بعدِ النُبوَّةِ قَد / حَبابِهَا اللَه أعلى الخلقِ وانتخبا
سينظمُ السعدُ مِصراً في ممالِكِه / حتى تُدَوِّخَ مِنها خَيلُهُ حَلَبا
إلى العراقِ إلى أقصى الحجازِ إلى / أقصى خُراسانَ يلقى جَيشُهُ الرُّعبا
هُوَ الذي كانتِ الدُنيا تُؤمِّلُهُ / وكلُّ عصرٍ لهُ ما زالَ مُرتَقَبا
هَلِ ابنُ إسحاقِ إلا كالذين جَرَوا / إلى مصارِعِهم من قبلِهِ خَبَبَا
عن شرِّ مُنقَلَبٍ تُجلى عواقِبُهُ / وقلَّما حُمِدَ المغرورُ مُنقلبا
راقَ النضارُ عُيونَ الناظرينَ وقَد / غُدا اسمُكَ المُعتلي أعلاهُ مُكتتبا
قد حارَ في وصفِهَا تبريّةً جُدداً / رُب ناظِماً شِعراً وُمختَطِبا
ما ارتباَ مُبصِرُها في كَفِّ ذاكَ وذا / أن النجومَ استحالت للورى ذهبا
نداكَ عمَّ بني الدُنيا وألبسهُمك / في الشرقِ والغربِ أثوابَ الغنى القُشُبا
خليفةَ اللَهِ رحماكُم لمغترِبٍ / ناءٍ وما إن نأى داراً ولا اعترَبا
فتحٌ يُطاولُ فَتحُهُ الأحقابا
فتحٌ يُطاولُ فَتحُهُ الأحقابا / خَضَعَت لَهُ فِرَقُ الضَّلالِ رِقَابا
واستشعَرَ المُرَّاقُ مِنهُ مَخَافَةً / مَلَكَت عليهِم جيئَةً وذهابا
وغدا به ما قد صفا من عَيشِهِم / كدراً وما فيهِ الحلاوةُ صَابا
لِلّه يَومُ الأربعاءِ فإنَّهُ / أحيا النُفوسَ وتمَّمَ الآرابا
شَرُفَ الزمان بأن تكون أباً لهُ / ما إن إن جِبابا
وَسِعَ المُوالي والمُعادِي حُكمُهُ / في كُلِّ أرضٍ رَحمَةً وَعَذابا
وَسَمَ ابن إسحاقٍ على خُرطومِهِ / خِزياً يَنالُ حَدِيثُهُ الأحقابا
طَمحَ الشَقاءُ بأهلِ قَفصَةَ وارتقى / بِهمُ شواهِقَ صَعبَةً وعِقَابا
وأبى لهم إصرارُهم من قبلِ أن / رَأوُا العذابَ إنابَةً ومَتابا
لَم يُغن عَنهُم إذ أتاهُم مِن عَلٍ / أن يَحرسُوا الأسوارَ والأبوابا
طَلَبتهُمُ تحتَ التُرابِ وفوقَهُ / آجالُهُم فَتَولَّجُوا الأسرابا
نالتهمُ رُحمى الخليفةِ بَعدَما / نادى الرَّدى بِنُفوسِهِم وأهابا
آياتُ نصرٍ بيناتٌ كلها / بهرت بما جاءت بهِ الألبابا
وسعادةٌ عجبٌ تهدُّ قوى العدا / هداً وتقصِمُ منهمُ الأصلابا
خصت إماماً للبريةِ مجتبىً / براً تقياً خاشعاً أوابا
ملكٌ عليهِ مسحةٌ ملكيةٌ / لبسَ الزمانُ جمالها جلبابا
بهجوا على الأبصار بهجةَ يُوسفٍ / ويضيء داودُ بهِ المحرابا
مدحُ الإمامِ عبادةٌ نرجُو بها / عزَّ الحياةِ وأن تفوزَ مآبا
ما سافرَت أذهاننا في مدحهِ / إلا وكان لها القصورُ إيابا
لم يدرِ حقَّ مقامِهِ من لا يرى / من دُونِ حقِّ مقامِهِ الإطنابا
كانت محلَّ أناسٍ قبلنا فخلوا
كانت محلَّ أناسٍ قبلنا فخلوا / عنها وآثارُهُم فيها مُقيماتُ
تاللَهِ لو عَلِمت مقدارَ وارثها / هبت إليكَ رُباها والقراراتُ
قالوا العطياتُ أحياها فقلتُ لهم / بل لم تكن قبلَ أن كان العطياتُ
أما سمعتم جريراً عن هنيدته / يثني يرى أنها في الجودِ غاياتُ
وأينَ من حسبهُ الآلاف من ذهبٍ / هنيدةٌ من سواهُ أو هنيداتُ
وأين من قيسُ عيلانٍ أرومتهُ / وقيسُ عيلانَ أملاكٌ وساداتُ
ومن يكن من أميرِ المؤمنين فقد / قامت على فضلهِ منه الشهاداتُ
اهنأ إمامَ الهُدى فالعدلُ منبسطٌ / والدينُ منتظمٌ والكفرُ أشتاتُ
أعيت مآثركم من أن تنالَ وكم / شُنَّت عليها من الأقوالِ غاراتُ
وكم أرادت ولاةُ الشعر تحصرها / فأخفقت دونها منهم إرادات
هذي ابياتُ عبدٍ مخلصٍ لكم / محض اعتقاد وما تغني الأبياتُ
الأمر اعظم مقداراً وارفع من / أن قد تحيطُ به منا مقامات
دمتم ودام لكم إسعادُ سعدكُم / ما دامَتِ الأرض والسبعُ السماواتُ
غزوا فما امتنعوا صالوا فما انتفعوا
غزوا فما امتنعوا صالوا فما انتفعوا / كروا فما دفعوا فروا فما فاتوا
قد أصليت نارها العداةُ
قد أصليت نارها العداةُ / وأنجزت فيهم العداتُ
وعمهم بالدمار يومٌ / تقصر عن وصفهِ الرواةُ
في مشهدٍ لا تزالُ تُتلى / آياتُهُ وهي بيناتُ
فتحٌ مفاتيحُهُ المواضِي / والعزَمَاتُ المؤيَّداتُ
ردَّت حمى الفنشَ مُستباحاً / بيضٌ من الهندِ مُرهفاتُ
ذَلُّوا الأمرِ الإلِهِ قسراً / وهم أُولُو نجدةٍ أُباةُ
وغرَّقت جمعهم بحارٌ / أمواجها الخيلُ والكُماةُ
رأوا لحزبِ الإلهِ صبراً / والمَوتُ حُفَّت بِهِ الجهاتُ
فحاولوا منهمُ انفلاتاً / وليسَ للحائِنِ انفلاتُ
فلا تسل عن بناتِ ماءٍ / إن صَرصَرَت حَولَها البُزَاةُ
لهجت بذكرِك السن المداحِ
لهجت بذكرِك السن المداحِ / وسمت بذكرِك رُتبَةُ الأمداحِ
أزرى نداكَ بِكُلِّ بَحرٍ زاخِرٍ / هَبَّت عليهِ عواصِفُ الأرواحِ
بمحمدٍ وزرَ الورى وبما لهم / في كُلِّ يوم ندى ويوم كفاحِد
فرعٌ سيحكي أصلَهُ ولقد حكى / بمقاصدٍ قد سددت وسلاحِ
تأبى الخلافةُ من سوى أكفائِها / والجدُّ غيرُ مُقابَلٍ بمزاحِ
غُشيت بنورِكُم البلادُ فمن بها / أغنى عن الإصباحِ والمصباحِ
سكنت ببيعته القلوب ولم تزل / تهفو من الإشفاق دون جناحِ
عمَّ السُرورُ بها البسيطةَ كُلَّها / كالصبحِ فاض على رُباً وبطاحِ
لا زلت للأعياد تمنحُ بهجةً / يُعيي سناها أعينَ اللماحِ
مستوفياً عدداً إلى مددٍ بهِ / مددٌ طوالٌ لا تعدُّ فِساحِ
متسربلاً بالسعدِ متشحاً به / مستفتحاً بالواحدِ الفتاحِ
الدهرُ منا في مديحكَ أفصحُ
الدهرُ منا في مديحكَ أفصحُ / فعلامَ يُتعِبُ نفسَهُ من يمدحُ
أنت المُرشَّح للتي لا فوقها / إن العظيم لمثلها يترشحُ
يا من يجدي لمن يجدي
يا من يجدي لمن يجدي / أسرفت واللَه في التعدي
أنا أجدي الأنامَ طُرَّاً / وأنت تبغي النوالَ عندي
ما زلتُ أضرِبُ بالقنا المنآد
ما زلتُ أضرِبُ بالقنا المنآد / حلقَ الدروعِ وأنفسَ الحسادِ
عدوكُم بخطوبِ الدهرِ مقصودُ
عدوكُم بخطوبِ الدهرِ مقصودُ / وأمركُم باتصالِ النصرِ مَوعُودُ
وملككم مستمرٌّ مالَهُ أمدٌ / موقتٌ دونَ يومِ الحشرِ محدودُ
ألقى على كُلِّ جبارٍ كلا كِلَهُ / كأنهُ وهو في الأحياءِ مفقودُ
رأى الشقاءَ ابن إسحاقٍ أحقَّ بهِ / من السعادةِ والمحدودُ محدودُ
وكيفَ يحظى بدنيا أو بآخِرَةٍ / محلا عن طريق الحقِّ مطرُود
أعمى ونُورُ الهُدى بادٍ لَهُ وكذا / من لم يساعِدُ توفيقٌ وتسديدُ
لم يُصغِ للوعظِ لا قلباً ولا اذناً / وكيفَ تُصغي إلى الوعظِ الجلاميدُ
لجت ثَمُودُ وعادٌ ي ضلالِهُم / ولم يدع صالِحٌ نُصحاً ولا هُودُ
والسيفُ أبلغُ فيمن لَيسَ يَردَعُهُ / عن الغوايةِ إيعادٌ وتهديدُ
أولى له لو تراخى ساعةً لغدا / وريدُهُ وهوَ بالخطي مَورُودُ
أما درى لا درى عُقبى عداوتهم / كل بحدِّ حسامِ الحقِّ محصُودُ
ألقى السلاحَ وولى يبتغي أمداً / ينجيهِ وهوَ مروعُ القلبِ مَفؤودُ
ما مرَّ يوماً ببابٍ ظنَّهُ سبباً / إلى التخلص إلا وهو مسدودُ
وهبهُ عاشَ أليسَ الموتُ أهوَنَ من / عيشٍ يُخالِطُهُ همٌّ وتنكيدُ
أنحى الزمان على الأغزاز واجتهدت / في قطعِ دابرِهِم أحداثُهُ السُّودُ
ونازعتهم سُيوفُ الهند أنفسهُم / فلم يفدهم عن الهيجاءِ تعريدُ
فهم على التربِ صرعى مثلهُ عدداً / إن كان يقضى بأن التربَ معدودُ
ولوا فلا صاحبٌ عن نفسِ صاحبِهِ / يُغني ولا والدٌ يرجُوهُ مولُودُ
يَومٌ جديرٌ بتعظيمِ الأنامِ لَهُ / فما يُقاسُ بهِ في حُسنِهِ عِيدُ
أضحت على فضلِهِ الأيامُ تحسدُهُ / إن النبيهَ الرفيعَ القدرِ محسُودُ
إذا حمى الأسدُ الغضبانُ رابيةً / لم يفترس ثعلبٌ فيها ولا سيدُ
أنتم سليمانُ في المُلكِ العظيمِ وفي / طُولِ التهجدِ في المحرابِ داوُد
قد أبهج الدينَ والدنيا مقامُكُم / وكيفَ لا وهو عِندَ اللَهِ محمُودُ
جارى مناقبكُم شعري فقصَّرَ عن / بلوغِ أدنى مداها وهو مجهُودُ
من ليسَ معتقداً إيجابَ طاعتِكُم / فليسَ يُعنيهِ إيمانٌ وتوحيدٌ
رضاكُمُ الدينُ والدنيا وعدلُكُم / ظِلٌّ ظليلٌ على الأيامِ ممدُودُ
دُمتُم حياةَ بني الدنيا ودامَ لَكُم / نصرٌ وفتحٌ وتمكينٌ وتأييدُ
ببسيطِ العالمِ تعتضِدُ
ببسيطِ العالمِ تعتضِدُ / وعلى معبودكَ تعتمدُ
ماضرَّ عُلاكَ وقد بهرت / من يحجبُهُ عنها الرمَدُ
شقيَ الأعداءُ وإن حسبوا / بمروقِهِم أن قد سعدُوا
وردُوا غدرانَ الغدرِ وَلا / صدرٌ عنهُنَّ لمن يَرِدُ
كفروا لما كثروا وزَكَت / أموالُهُم ونما العدَدُ
نعمٌ رُزِقَت نعماً فطغت / وبغت فأتيحَ لها الأسدُ
ما غرَّهُمُ بهزبرِ وغىً / حلقُ الماذيِّ لهُ لِبَدُ
أسدٌ تنقادُ لهُ الآسا / دُ كما تنقادُ لها الفُهُدُ
تذكو نيرانُ حفيظتِهِ / فيكادُ يذوبُ لها الزرَدُ
فلهُ من عزمتِهِ عَدَدٌ / ولهُ من نجدتِهِ عُدَدُ
يلقى الأبطالَ فينقضُ ما / عقدوا ويناقِضُ ما اعتقدُوا
فدمٌ دفعٌ وطلى بددٌ / وظباً قددٌ وقناً قصدُ
يثقُ الأرضيُّ بصحبتِهِ / إن العلويَّ لهُ مددُ
ذخرَ الأملاكُ وأنتَ أبا / يعقوبَ تجودُ بما تجدُ
يعدونَ ولا يوفُونَ بما / وعدوا وتجودُ ولا تعِدُ
جمعت كفاكَ ندىً وردى / فتصوبُ يدٌ وتصولُ يدث
أصفيتَ العيشَ لا كدرٌ / وأقمتَ الدينَ فلا أودُ
لو قلتُ بأنكَ أوقرُ من / أحدٍ مما نازعني أحدُ
لم تأتِ بمشبهكَ الأيا / مُ ولا ولدتُه ولا تلدُ
ما كذبَ فيكَ فِراسَتَهُ / ملكٌ للعالمِ منتقدُ
ملكٌ أنوارُ بصيرتِهِ / ومناقِبُهُ سُرُجٌ تَقِدُ
أثوابُ الدينِ بهِ جُدُدٌ / وسبيلُ الحقِّ لهُ جددُ
أطاعَكَ صرفُ الدهرِ في مُهجِ العِدا
أطاعَكَ صرفُ الدهرِ في مُهجِ العِدا / وأصدرَ عمَّا شِئتَ فيهم وأورَدا
بعثتَ أمامَ الجيشِ جيشَ مهابةٍ / أقامَهُمُ في كُلِّ أرضٍ واقعدا
سعودك نبلٌ لو قصدت بها السها / لكان على بعدِ المسافة مقصدا
تركت بقايا السيفِ لفَ حصارِهِ / رماداً تهادته العواصف رمددا
جرى بهم الإمهالُ شأواً مغرباً / وأعمتهم عن رشدهم فسحة المدى
هو الفتحُ أعيا من أطالَ مرجزاً / وفات مداه من أطال مقصداً
قضى اللَه أن يحظى به أسعدُ الورى / فكان أمير المؤمنين محمداً
أدركت آمالَ الشريعة في العدا
أدركت آمالَ الشريعة في العدا / وتركت نظم جموعهم متبددا
وكففت من دون المدى جمحاتهم / من بعد ما راموا المزيد على المدى
وثنت عزائمهم عزائمك التي / أغنت عن الأسياف أن تتقلدا
وتضحضحت فرقاً بحورُ جيوشهم / لما أتاهم بحر جيشكَ مُزبدا
ألقوا بأيديهم مافةَ صولةٍ / تستأصِلُ الأدنى بها والأبعدا
واستسلموا إذ لم يروا تحت الثرى / نفقاً ولا فوقَ الثريا مصعداً
ما جاءت الدنيا بمثلكَ ناصراً / للدين منصورَ اللواءِ على العدا
أعلى الملوكِ يداً وأمنعهُم حمىً / واعمهم صفحاً وأبعدُهُم مدى
عمَّ الورى عدلاً وجوداً فاغتدى / هذا لهم ظِلا وهذا مورِدا
ما الجُودُ مما كان في طبعِ الحيا / لكن رأى منهُ المواهِبَ فاقتدى
والنجمُ لو لم يسرِ في جُنحِ الدجا / ورأى دليلاً من هُداهُ لما اهتدى
من حيثُ قابلتِ العيونُ جبينَهُ / حسبت سناهث نيراً متوقدا
لم ترتو الأبصارُ من لألأئه / إلا وعادت نحوهُ تشكو الصدى
خُلِعَت سريرتُهُ عليهِ فاغتدى / متحملاً منها بأجملِ مُرتدى
لا يعدمُ الإسلامُ منكَ حياطةً / ورعايةً وحمايَةً وتفقدا
وأراكَ رَبُّكَ في بنيكَ كفايةً / ترعى المضاعَ وتجمَعُ المتبددا
كملَ السُرورُ بهم وتمَّ وعمَّهم / فضلٌ إلهي وخصَّ محمدا
اهنأ أميرَ المؤمنينَ بأنجمٍ / منها تقابِلُ في المطالِعِ أسعدا
واللَه خَصَّكَ بالكمالِ وشاءَ أن / يبقى على الأيامِ أمرُكَ سَرمَدا
رؤيا لأمرِكُم العليِّ بعزِّهِ / تقضي وطُول بقائِهِ متجدِّدا
أضحى حبيبٌ كاسمِهِ لمَّا غدا / لي في المنامِ على امتداحِكَ مُنجِدا
أوصى إليَّ فقمتُ غيرَ مُضيِّعٍ / لوصايَةٍ منهُ أغني منشدا
أحاطَت بغاياتِ العُلا والمفاخِرِ
أحاطَت بغاياتِ العُلا والمفاخِرِ / على قدمِ الدنيا هِلالُ بنُ عامِرِ
وزانُوا سماءَ المجدِ بَدءاً وعودَةً / بِزُهرِ خِصالٍ كالنجومِ الزواهرِ
هُمُ المضريونَ الذينَ سُيُوفُهم / صَواعِقُ بأسٍ تنتحي كُلَّ كافِرِ
أوائِلُهُم في الجُودِ والبَأسِ غايَةً / وكَم تركُوا مِن غايةٍ للأواخِرِ
وكم فيهُمُ من مثلِ كعبٍ وهاشمٍ / وكم لَهُمُ من مثلِ عَمروٍ وعامِرِ
وكم قد أقامُوا من عُروشٍ موائلٍ / وكم قد أقالُوا من جُدُودٍ عَواثِرِ
وكم لَهُمُ من حكمَةٍ تبهرُ النُّهى / ومن مثلٍ في الشرقِ والغربِ سائِرِ
ومن خطبةٍ تستنزلُ العصمَ من علٍ / وتقضِي بتكبيلِ النفوسِ النوافر
هُم أطلعُوا في ليلٍ كُلِّ عجاجَةٍ / كواكبَ أطراف الرماحِ الخواطِرِ
هُمُ مزقوا بالبيضِ كُلَّ ممزقٍ / ممالِكَ شادتها مُلُوكُ الأكاسر
أجيبت بهم في آلِ ساسانَ دعوَةٌ / بخيرِ عبادِ اللَهِ بادٍ وحاضِرِ
مآثِرُ أسلافٍ تلاها بنوهُمُ / بأمثالها ألآكرم بها من مآثرِ
وآخرُ مجدٍ شفَّعُوه بأولٍ / وأولُ مجدٍ شفعوهُ بآخرِ
لهم كل جلدٍ في الجلادِ مشمر / سريعٍ إلى صوتِ الصريخِ مُبادِر
هِزبرٌ عليهِ لبدَةٌ من مفاضَةٍ / ونابٌ وظُفرٌ من سنانٍ وباتِرِ
إذا صالَ يومَ الروعِ أوردَ قرنَهُ / موارِدَ موتٍ مالَها من مصادِرِ
تُعاينُ منهُ مثلَ بازٍ مُصَرصِرٍ / على مثلِ فتخاءِ الجناحين كاسِرٍ
إذا شبَّتِ الهيجاءُ أولَ واردٍ / وإن خفَّتِ الأبطالُ آخِرَ صادِر
يُبادِرُ منهُ القرنُ أغلَبَ غالِبٍ / حديدَ شبا الأنيابِ دامي الأظافرِ
يَثورُ إليهِ حاسِرَاً غيرَ دارِعٍ / ويقضي عليه دارِعاً غيرَ حاسِرِ
بَني عامرٍ أنتُم صَميمٌ فَصَمِّمُوا / إلى الموتِ تصميمَ الليوثِ الخوادِرِ
ولا تتوانوا في حُظُوظِ نُفُوسِكثم / فإنكُم أهلُ النهى والبصائر
ومن شكرِ آلاء الخليفةِ صولةٌ / على الكفرِ تبقى غامِراً كلَّ عامِرِ
تميلُ الجبالُ الشمُّ منها مخافَةً / وتسكنُ أمواجُ البحارِ الزواخرِ
ولا بُدَّ من يَومٍ على الكُفرِ أيومٍ / تَعُمُّ بهِ الدنيا وفودُ البشائِرِ
دعاكُم لما يُحييكُمُ وارِثُ الهُدى / وجامِعُ أشتاتِ العُلا والمفاخرِ
وأحزَمُ من ساسَ الديانَةَ والدُّنا / وأكرَمُ مأمولٍ وأحلمُ قادِرِ
إلى امرِهِ في كُلِّ أمرٍ ونهيهِ / يَرُوحُ ويغدُو كُلُّ ناهٍ وآخِرِ
إذا نامَتِ الأملاكُ عمَّا يهمُّها / رعى الدينَ والدنيا لهُ طَرف ساهِرِ
فلا بَرَحَ الإسلامُ منهُ مؤيَّداً / بمنصُورِ راياتٍ على الكُفرِ ناصِرِ
قضى لكَ اللَه بالتأييدِ والظفَرِ
قضى لكَ اللَه بالتأييدِ والظفَرِ / وبالسعادَةِ في وردٍ وفي صَدَرِ
آثرتَ في نُصرَةِ الدينِ المسيرَ على / طيبِ المُقامِ وبعتَ النومَ بالسهرِ
مُظفَّرٌ مالمغرورِ يُطالِبُهُ / في الأرض من ملجأ عنهُ ولا وَزَرِ
جدَّ الجزيريُّ في إتلافِ مهجتِهِ / حَتَّى تَوَرطَ في وِردٍ بلا صَدَرِ
نارٌ من الفتنةِ العَمياءِ أطفأها / سَعدُ الإمامِ وحَدُّ الصارِمِ الذكرِ
ما زالَ إبليسُ في الأقطارِ يوقِدُها / وترتمي من شرارِ الخلقِ بالشرَرِ
زادَ الشقيُّ على الخفاشِ مشبهِهِ / ضعفَ البصيرةِ إذا ساواهُ في البصَرِ
جارى إلى سقرٍ أصحابَهُ فهووا / فيها سراعاً ووافاهُم على الأثرِ
إن الذي اتخذ الأهواءَ آلِهَةً / على الضلالِ مُصِرٌّ غَيرُ مُزدَجِرِ
والوَعظُ في الناسِ مقبولٌ ومُطَّرَحٌ / كالخطِّ في الماءِ أو كالنقشِ في الحَجَرِ