المجموع : 92
من الأحباب قربني ولائي
من الأحباب قربني ولائي / ومن أعداي برأني برائي
ألا إني تجرت فكاني بيعي / لغير أئمتي ولهم شرائي
جريت إليهم طلقا عناني / وخلفت السوابق من ورائي
ولما صحَّ لي بهم اعتقادي / بنور هداهمُ استوفقت رائي
أيأمرني بأن أحتل أرضاً / وأرضى أن أبين عن السماء
فيا من قد تقَّدم لي بنصح / تأخَّر ما بجهلك من خفاء
أأمسي في مشاكل مبهمات / وأرجع ويك عن سنن السناء
فان أحببت ميت العدل إني / بصرت به كمنثور الهباء
ولو إني رأيت كما تراه / وقد لمح السراب هرقت مائي
وكيف سباحتي في بطن بحر / بعيد الشاطئين من الدواء
ولو أصغيت نحوك في سبيل ال / تجمل كان يمنعني وفائي
هديت إلى الرشاد وأنت كابي / زناد الطرف ممتنع الحياء
ولما بان لي منها كسقم / نبذت به إحتقاراً بالعراء
فما لمح البروق إذا استطارت / بأسرع منك في هدم العلاء
ألا اني لأهل البيت عبد / مطيع ليس يجنح للاباء
بهم نلت السعادة يا شقي / وكم بين السعادة والشقاء
ففي آل النبي نظمت مدحي / وشنَّفت المسامع من ثنائي
شربت ودادهم نهلاً وعلا / وها أنا وارد ورد الظماء
نجوم يهتدي الساري إليها / بها عند الصباح وفي المساء
أناروا من دياجي الليل حتى / تبدى الأفق في ثوب الضياء
فأهل البيت في الدارين ذخري / وأهل البيت كنزي في الرخاء
وهم لي حين أظعن خير زاد / وإن أمرض فذكرهم شفائي
أحب إلي من بصري وسمعي / ومالي والمسرة في بقائي
جفوت لو إنني قد ملت عنهم / وليس يميل طبعي للجفاء
أنصرهم انتضائي الدين عضباً / وللعضب التفنُّن في المضاء
على أعدائهم مني شهاب / تودع ناره أيدي الهواء
فيا شرفي بأن قد صرت منهم / على قرب وإن سواي نائي
سددت عن الذئاب الطلس سمعي / عشية إذ تهادت في الغواء
فها أنا إِن يمت أملي لقوم / وعدت بذكرهم أحيوا رجائي
فلي بولاء أهل البيت نصر / لدى الهيجاء معقود اللواء
يجنب موضعي الشجعان خوفاً / إذا الجمعان أوشكت الترائي
دعوت بجاههم في كل بلوى / فعاد ممزقاً ثوب البلاء
فلست أبيع ودَّهم بدنياً / تسح عليَّ أنواع العطاء
ولو بعت اليقين بهم بشك / لكان حقيقة الداء العياء
فلي نسبان من رزيك بدءٌ / وثان بانتسابي للولاء
لذاذة سمعي في قراع الكتائب
لذاذة سمعي في قراع الكتائب / ألذُّ وأشهى من عتاب الحبائب
وأحسن في عيني من البرق في الدجى / وميض المواضي في غبار المواكب
وبيض الظبا أحلى بقلبي علاقة / لدى النهر من بيض الظباء الكواعب
أفضِّل عطف الريح في رهج الوغى / على معطف السمر الضخام المناكب
وما أربي جود السحاب بما به / إذا امحلت سحب الدماء السواكب
ويعجبني أني أبيت على السرى / تقلقلني فيها ظهور السلاهب
وما شغفي بالمال أبغي بقاءه / ولكن اريه حتفه بالمواهب
وإني لأنفي البخل عني لبغضه / إلي كما أنفي إمام النواصب
ألا إنني أمسكت أغصان دوحة / أتت بأفانين الثمار الأطايب
لقد لاح لي برق اليقين ولم يكن / ليخدعني برق الأماني الكواذب
وما تتساوى الأرض في المجد والسما / وكل علا ترتيبه في المراتب
بآل رسول اللّه ناجيت خالقي / بصدق فينجى من ينوب النوائب
وبوأني منه أماناً موسَّعاً / وقد كنت أخشى أن تسد مذاهبي
قصدت بهم بين المسالك مطلباً / فما خبت لكني بلغت مطالبي
بهم تبلغ الآمال من كل آمل / بهم تقبل التوبات من كل تائب
أئمة حق لو يسيرون في الدجى / بلا قمر لاستصبحوا بالمناسب
أئمة ديني قد كسبت ودادهم / وما تاركٍ من دينهم مثل كاسب
إذا رمت أحصي فضل آل محمد / أردت معي في حصرها كل حاسب
فما كتبت بل ليس تكتب في الورى / بأحسن من أوصافهم يد كاتب
لساني رطب بالثناء عليهم / وفي ظالميهم فهو عضب المضارب
يخيِّل لي لما امتدحتهم علا / بأني بهم أختال فوق الكواكب
وحبي لهم آل العباء لأنهم / بريئون من كل الخنا والمعايب
رغبت إلى آل الرسول وإنني / إلى غيرهم فليعلموا غير راغب
فسنهم إمام الحق حيدرة الذي / أبان غموض المشكلات الغرايب
عليَّ أمير المؤمنين ولاؤه / يراه ذوو الأحساب ضربة لازب
عليه ترى الاجماع لا شك واقعاً / ولم تره بعد النبي لصاحب
وزوجَّه الرحمن بالطهر فاطماً / وقد رد عنها راغماً كل خاطب
عليَّ هو الشمس المنيرة في الضحى / هو البدر تماً في سماء المناقب
عليُّ الذي قد كان ان حضر الوغى / قليل احتفاء بالقنا والقواضب
عليُّ الذي قد كان يضرب قرنه / بماضي الشيابين الطلى والترائب
إذا طلعت أسيافه في مشارق ال / أكف هوت من هامهم في مغارب
عليَّ الذي قد كان أفرس من علا / على صهوات الصافنات الشوارب
أخذتم على القربى خلافة أحمد / وصيرتموها بعده في الأجانب
وأين على التحقيق تيم بن مرة / لو أخرتم الانصاف من آل طالب
ولست أبالي ان أفارق كاذباً / إذا كنت في حوز امرء غير كاذب
فخذ لبني رزيك المظفر مدحة / إذا أنشدت ازرت بدَّر الترائب
يعارض من شعر المقلد قوله / دراك المعالي في شفار القواضب
أيها المغرور لو فكَّر
أيها المغرور لو فكَّر / ت لم يخف الصواب
إن تفر من شرك الدهر / فللدهر انقلاب
وإذا نحن أقمنا / فلنا يوماً ذهاب
أين من جادت على الأ / رض لجدواه سحاب
وغدا في جيدها من / طيب ذكراه سخاب
وبني كل منيع زانه / الصَّم الصلاب
ناد في تيه من الآفاق / واسمع هل تجاب
وأعالي خطط الفسطاط / مهجور يباب
والَّذي فيها من العمران / معناه الخراب
ضربت في جانب الخندق / للقوم قباب
ما اقلتها ولا ما تحتها / البزل العراب
ترب بالسفح قد عفى / عليهن التراب
كم بها مثوى كريم / النجر ينميه النصاب
كان حيناً في قديم الد / هر يرجى ويهاب
وكهول من بني خير / البرايا وشباب
سوف يجري لي وللجد / وى يلفى انسكاب
ذهب فوق قبور / القوم ان عزَّ الذهاب
ليس لي شيء أرجيِّه / به إلا الثواب
واقترابي كلما كان / لدى الوِّد اقتراب
من اناس ليس يبدو / أبداً منهم عياب
بل هم دون عيوب النا / س والنار حجاب
وبهم يحسب في الناجين / إن قام الحساب
ويبقي العذب مهما / جدَّ بالقوم العذاب
والحميم الصرف للناس / حميم وشراب
ولهم من قطرات النار / في النار ثياب
وولي السادة الغرُّ / له الخلد ثواب
وإذا آب إلى الاخر / ى فطوبى ومآب
أيها الناس وما دو / ن سنا الصبح نقاب
مالكم أظلم في أعين / كم منهم شهاب
واعتراكم فيهم شكٌّ / عجيب وارتياب
مالكم ليس يتوبون / وللجاني متاب
ويتوب الجاهل الغرُّ / فللحلم مثاب
إن أمر السفه الفلت / ة للأمر عجاب
أصلها إن فكَّر العا / قل مكر وكذاب
ووفاء يدَّعيه القوم / بالغدر يشاب
ورضا فيه لباب الط / هر بالنار التهاب
لم يكن يحرق ذاك البا / ب لولا الإغتصاب
لبس الحديد فزاد في إعجابهِ
لبس الحديد فزاد في إعجابهِ / بدر تظل الشمس من حجَّابهِ
لا مطمع في أن يرقَّ وقلبه / أقسى على العشاق من جلبابهِ
قد كان يغنيه سيوف لحاظه / عن حمل صارمه ليوم ضرابه
لو جاد لي فوق اللثام بقبلة / تشفي فؤاد الصَّب من أوصابه
رويت ظامئة الرماح من العدا / وضنيت من ظمأ لِبرد شرابه
مشيبك قد نضا صبغ الشباب
مشيبك قد نضا صبغ الشباب / وحلَّ الباز في وكر الغراب
تنام ومقلة الحدثان يقظى / وما ناب النوائب عنك نابي
وكيف بقاء عمرك وهو كنز / وقد أنفقت منه بلا حساب
قل للفقيه عمارةٍ يا خير من
قل للفقيه عمارةٍ يا خير من / أضحى يؤلِّف خطبة وخطابا
إقبل نصيحة من دعاك إلى الهدى / قل حطَّة وادخل الينا البابا
تلق الأئمة شافعين ولا تجد / إلا لدينا سنَّة وكتابا
وعليَّ أن يعلو محلك في الورى / وإذا شفعت إلي كنت مجابا
وتعجَّل الآلاف وهي ثلاثة / صلة وحقُّك لا تعدُّ ثوابا
توالت علينا في الكتائب والكتب
توالت علينا في الكتائب والكتب / بشائر من شرق البلاد ومن غرب
بشائر تهدي للموالي مسرةً / وتحدث للباغين رعباً على رعب
ففي كبد من حرِّها النار تلتظي / وفي كبد أحلى من البارد العذب
جعلنا جبال القدس فيها وقد جرت / عليها عناق الخيل كالنفنف السهب
فقد أصبحت أوعارها وحزونها / سهولاً توطَّا للفوارس والركب
ولما غدت لا ماء في جنباتها / صببنا عليها وابلاً من دم سكب
وجادت بها سحب الدروع من العدا / نجيعاً فأغنتها الغداة عن السحب
وأجرت بحاراً منه فوق جبالها / ولكن بحار ليس تعذب للشرب
فقد عمَّها خصب به من رءوسهم / بها ولكم خصب أضَّر من الجدب
وقد روعتها خيلنا قبل هذه / مراراً وكانت قبل آمنة السرب
وأخفى صهيل الخيل أصوات أهلها / فعاقت نواقيس الفرنج عن الضرب
وأبطال حرب من كتامة دوخوا / بلاد الأعادي بالمسومة القِّب
وعادوا إلينا بالرءوس على القنا / وأغناهم كسب الثناء عن الكسب
وإنا بنو رُزيك ما زال جارنا / يحل لدينا بالكرامة والخصب
ونفتك بالأموال في السِّلم دائماً / كما نحن بالأعداء نفتك في الحرب
وما سكنت نفسي إلى الصبر عنكم
وما سكنت نفسي إلى الصبر عنكم / ولا رضيت بعد الديار من القرب
من اليوم لا أغترُّ ما عشت بالجدبِ
من اليوم لا أغترُّ ما عشت بالجدبِ / ولا أطلب العتبى من الخل بالعتب
ولا أرتضي بالبعد من ذي مودَّة / وأقنع منه بالرسائل والكتب
ولا سيما إن قال لي متصنعاً / ففارقكم جسمي وجاوركم قلبي
على إنني قد قلت حين أجبته / بلا حشمة ما أشبه العذر بالذنب
أخلاي لو رمتم دنواً لما أبا / سرى العيس بل ركض المطهمة القب
ولكنَّكم بعتم وفاء بغدرة / غداة اشتريتم وحشة البعد بالقرب
عليكم سلام اللّهِ ان بعادكم / لأعظم ما قد كان من ذلك الخطب
ولو اننا كنَّا ظنناه لم نكن / نظاهر دون الناس عباس بالحرب
على أنه قد نال بالغدر من بني / نبي الهدى ما لم تنله بنو حرب
وهل نال منهم آل حرب وغيرهم / من الناس فوق القتل والسبي والنهب
غدا والغاً كالكلب ظلماً وحزبه / دماءهم لا حاطه اللّه من حزب
ويا ليته لو كان فيه من الوفا / لمالكه بعض الذي هو في الكلب
وحاشاكم ما خنتم العهد مثله / ولا لكم فيما جرى منه من ذنب
ومَن مثل ما قد نالكم من دنوِّه / يحاذر ان تدنو الصحاح من الجرب
وما روضة غنَّاء هبَّ نسيمها / عليلاً فلم يوقظ بها نائم الترب
سقاها الحيا من آخر الليل مزنة / كأيماننا لمَّا همت بدم سكب
فأضحت ثغور الاقحوان مقيلة / تضاحك في أرجائها أوجه الشرب
بأحسن مجد الدين مما تصرَّفت / بنانك في تغويف أبراده القشب
وما هو إلا الشمس أضحى يزورنا / بسراه من شرق البلاد إلى الغرب
أأحبابنا يا طال ما كان قربكم / إلي من الدنيا ونعمتها حسبي
وكنتم على قلبي إذا ما لقيتكم / على ظمأ أشهى من البارد العذب
تركتم مدود النيل يروي بها الظما / ويخلفها من جودنا الليل في الجدب
هو الآية العظمى التي دلَّ حكمها / بأوطاننا أن العناية للرَّب
بحيث الأماني ليس تخلف سحبها / بسقياً إذا ما أخلفت درَّة السحب
وما اعتضتم منهم غداة نقلتم / بكره إلى جدب البلاد من الخصب
وإني على ما قد عهدتم محافظ / على الود منكم في بعاد وفي قرب
أحنُّ إلى أخلاقكم وأعدَّكم / بلا مرية من جملة الأهل لا الصحب
أسامة لي منه اعتزام اسامة / ومرهف فيه هزَّة المرهف العضب
فإن تبعدوا عنا ففي حفظ ربِّكم / وإن تقربوا منَّا ففي المنزل الرحب
كفَّ عني واش وأغضى رقيب
كفَّ عني واش وأغضى رقيب / ونهاني عن التصابي المشيب
بأبي شخصك الذي لا يغيب
بأبي شخصك الذي لا يغيب / عن عياني وهو البعيد القريب
يا مقيماً في الصدر قد خِفت / أن يؤذيك للقلب حرقة ووجيب
وأرى الدمع ليس يطفيء حرَّ الوجد / إن جاد غيثه المسكوب
كل يوم لنا رشوقِيَ ما بين / ضلوعي بماء جفني لهيب
وكذا الصَّب يحسن الجور في / الحبِّ لديه ويعذب التعذيب
لا يهاب الأسود في حومة / الحرب ويقتاده الغزال الربيب
ويجازى عن النفار من / الأحباب بالقرب إنَّ ذا لعجيب
يا مليح القوام عطفاً فقد يعطف / من لينه القضيب الرطيب
لك قلب أقسى علينا من الصخر / وما هكذا تكون القلوب
وبحكم العدو تحكم ألحاظك / في قلبنا وأنت الحبيب
أنت عندي مثل ابن سبراي منه / الداء يردي النفوس وهو الطبيب
ما لدمعي يسقى به ورد خديك / ومرعاه فوق خدَّي جديب
ولأهل الصفاء ما منهم الآن / خليل إذا دعوت يجيب
ما ظننَّا نفوسهم بانصداع الشمل / يوماً ولا الفراق تطيب
يا أخلاي بالشآم لئن غبتم / فشوقي إليكمُ لا يغيب
غصبتنا الأيام قربكم منَّا / ولا بد أن تردُّ الغصوب
ولكم إن نشطتم عندنا الإكرام / والرفد والمحل الخصيب
قد علمتم بأن غيث أيادينا / على الناس بالنضار سكوب
وبنا يدرك المؤمل ما يرجوه / قدماً وينقذ المكروب
نحن كالسحب بالبوارق والرعد / لدينا الترغيب والترهيب
تارة نسعر الحروب على الناس / وطوراً بالمكرمات نصوب
كره الشام أهله فهو محقوق / بألا يقيم فيه لبيب
إن تجلَّت عنه الحروب قليلاً / خلفتها زلازل وخطوب
رقصت أرضه عشية غنَّى الرعد / في الجو والكريم طروب
وتثنت حيطانه فأمالتها / شمال بزمرها وجنوب
لا هبوب لنائم من أمانيه / وللعاصفات فيها هبوب
وأرى البرق شامتاً ضاحك السن / وللجو بالغيوم قطوب
ذكروا أنه تذوب به السحب / فما للصخور أيضاً تذوب
أبذنب أصابها قدر اللّه / فللأرض كالأنام ذنوب
إنَّ ظني والظن مثل سهام الرمي / منها المخطي ومنها المصيب
إنَّ هذا لان غدت ساحة القدس / وما للاسلام فيها نصيب
منزل الوحي قبل بعث رسول / اللّه فهو المحجوج والمحجوب
نزلت وسطه الخنازير والخمر / وبارى الناقوس فيها الصليب
لو رآه المسيح لم يرض فعلاً / زعموا أنه له منسوب
أبعد الناس عن عبادة ربِّ / الناس قوم إلههم مصلوب
لهف نفسي على ديار من السكان / أقوت فليس فيها عريب
ولكن حلتُّها فأنسته أوطان صباه / والأهل يوماً غريب
فاحتسب ما أصاب قومك مجد / الدين واصبر فالحادثات ضروب
هكذا الدهر حكمه الجور والقصد / وفيه المكروه والمحبوب
إن تخصصكم نوائب ما زالت / لكم دون من سواكم تنوب
فكذاك القناة يكسر يوم الروع / منها صدر وتبقى كعوب
ولعمري إن المناصح في الدين / على اللّه أجره محسوب
وجهاد العدو بالفعل والقول / على كل مسلم مكتوب
ولك الرتبة العلية في الأمرين / مذ كنتَ إذ تشبُّ الحروب
أنت فيها الشجاع مالك في الطعن / ولا في الضراب يوماً ضريب
وإذا ما حرضت فالشاعر / المفلق فيما تقوله والخطيب
وإذا ما أشرت فالحزم لا ين / كر أن التدبير منك مصيب
لك رأي يقظان إن ضعف الرأي / على حاملي الصليب صليب
فانهض الآن مسرعاً فبأمثالك / ما زال يدرك المطلوب
والق عنَّا رسالة عند نور الدين / ما في القائها ما يريب
قل له دام ملكه وعليه / من لباس الإقبال برد قشيب
أيها العادل الذي هو للدين / شباب وللحروب شبيب
والذي لم يزل قديماً عن الاسلام / بالعزم منه تجلى الكروب
وغدا منه للفرنج إذا لاقوه / يوم من الزمان عصيب
إن يرم نزف حقدهم فلأشطان / قناة في كل قلب قليب
غيرنا من يقول ما ليس يمضيه / بفعل وغيرك المكذوب
قد كتبنا إليك فأوضح لنا / الآن بماذا عن الكتاب تجيب
قصدنا أن يكون منَّا ومنكم / أجل في مسيرنا مضروب
فلدينا من العساكر ما ضاق / بأدناهم الفضاء الرحيب
وعلينا أن يستهل على الشام / مكان الغيوث مال صبيب
أو تراها مثل العروس تراها / كلَّه من دم العدا مخضوب
لطنين السيوف في فلق الص / بح على هام أهلها تطريب
ولجمع الحشود من كلِّ حصن / سلب مهمل لهم ونهوب
وبحول الإِله ذاك ومن / غالب ربي فإِنه مغلوب
يا مالنا فوق الثرى
يا مالنا فوق الثرى / رفقاً فسوف تصير تحته
إن قلت إني أعرف المو / لى القدير فما عرفته
إن كنت تعبد للمخافة / والرجاء فما عبدته
ألائم دع لومي على صبواتي
ألائم دع لومي على صبواتي / فما فات يمحوه الذي هو آتِ
وما جزعي من سيئات تقدمت / ذهاباً إذا أتبعتها حسناتي
ألا أنني أقلعت عن كل شبهة / وجانبت غرقى أبحر الشبهات
شغلت عن الدنيا بحبي لمعشر / بهم يصفح الرحمان عن هفواتي
إليك فلا أخشى الضلال لكونهم / هداتي وهم في الحشر سفن نجاتي
أئمة حق لا أزال بذكرهم / مواصل ذكر اللّه في صلواتي
تجليت بين العالمين بحبهم / وناجيتهم بالود في خلواتي
وبالسبب الأقوى اعتلقت مؤملاً / به الفوز في الدنيا وبعد وفاتي
تواليت مختصاً بحمل براءة / ويممت قوماً غيره ببراتي
أرى حبه في السلم ديني ومذهبي / وفي غزواتي مرهفي وقناتي
ولم يك أحشاء الطغاة لبغضهم / على الغل والاضغان منطويات
فمالوا على أولاده ونسائه / وصحب كرام سادة وسرات
ولم يمنعوا هتك الحريم وسبيهم / وهن يجدن الأرض بالعبرات
غريب يبكي من نساءٍ حواسر / طواهر من كل الأذى خفرات
كبيرة ذنب ليس ينفع عندها / دوام صلاة أو خروج زكاة
لعمري ما يلقون في الحشر جدهم / بغير وجوه كلح خجلات
إِذا قال لم ضيعتموا حق عترتي / وكيف انتهكتم جرأة حرماتي
أسأتم صنيعاً بعد موتي فغاصب / لذريتي حقاً وآخر عات
ومن خصمه يوم القيامة أحمد / لقد حلّ في واد من النقمات
فوا حزني لو أنني في زمانهم / وواحرةَّ أحشائي ووا حسرتي
لأطعن فيهم بالأسنة كلما / مضت حملة جاءت بمؤتنفات
أقضَّي زماني زفرة بعد زفرة / فقلبي لا يخلو من الزفرات
وصدري فيه حرقة بعد حرقة / فليس بمنفك عن الحرقات
فإِن كل النصاب يوماً عثارهم / فإن اقالاتي أمير المؤمنين العثرات
لأنهم هدَّوا اعتداء بفعلهم / وظلما منار الصوم والصلوات
لقد شبت لا عن كبرة غير أنني / لكثرة همي شبت قبل لداتي
وإني لعبد المصطفى سيف دينه / طلايع موسوم بهدي هداتي
وليهم إن خاف في الحشر غيره / نظى فهو منها آمن الجنبات
ويا نفس من بعد الحسين وقتله / على الطف هل أرضى بطول حياتي
وإني لأخزي ظالميه بلعنة / عليهم لدى الآصال والغدوات
وقلت وقد عانيت أهواء دينهم / مفرقة معدومة البركات
إذا لم يكن فيكن ظل ولا جنا / فباعدكن اللّه من شجرات
عرضت رياضاً حاكها صوب خاطري / لكي يرع الأسماع في نغماتي
إذا أنشدت في كل ناد بدت لها / قلوب ذوي الآداب في نشواتي
فلا تعجبوا من سرعتي في بديهتي / على وثباتي في الوغى وثباتي
فإن موالاتي لآل محمَّد / وحبي مرقات إلى القربات
وإني لأرجو أن يكون ثوابها / وقوفي يوم الجمع في عرفات
أعارض من قول الخزاعي دعبل / وإن كنت قد قصرت في مدحاتي
مدارس آيات خلت من تلاوة / ومنزل وحي مقفر العرصات
هل أتى فيهم تنَّزل فيها
هل أتى فيهم تنَّزل فيها / فضلهم محكماً وفي الورات
يطعمون الطعام خوفاً فقيراً / ويتيماً وعانياً في العناتِ
إِنما نطعم الطعام لوجه / اللّه لا للجزاء في العاجلاتِ
فجزاهم بصبرهم جنة الخلد / بها من كواعب خيرات
هو الزاهد الموفى على كل زاهد
هو الزاهد الموفى على كل زاهد / فما قطع الأيام بالشهوات
تقرب للرحمن إذ كان راكعاً / بخاتمه في جملة القربات
باثياره بالقوت يطوي على الطوى / إذا أمه المسكين في الأزمات
أيها المغرور لا تغتر
أيها المغرور لا تغتر / فمرعاك خبيث
سائق الموت وإن طا / ل بنا العمر حثيث
إن من جادت على الخ / لق بجدواه غيوث
وأولو المجد القديم / العهد منهم والحديث
أصبح اليوم حديثاً / وغداً نحن حديث
لولا ثغور كالأقاحي
لولا ثغور كالأقاحي / ما جاز عندي شرب راح
للّه كأس من عقيق خمر / ها ريق الملاحِ
ريق له فعل المدام / ولذة الماء القراحِ
دعني له يا صاح إن أصبح / ت منه اليوم صاحي
لا تكثرن عذلي فبعض / اللوم يذهب في الرياحِ
ما لاح بارق مبسم / وأطعت فيه قول لاح
آنيه في ظلم الملاح / مجانباً طرق الصلاح
هيهات قد طلع الصبا / ح عليّ من غرر الصِباح
وعلمت أن اللغو ليس / عليّ فيه من جناح
فالعيش ما قضيته / بين الفكاهة والمراح
وخرجت من ضيق الوقار / به إلى سعة المزاح
ما لم تكن لحدود دين / اللّه فيه ذا إِطراحِ
ورعيت حرمة معشر / طبعوا على دين السماح
آل النبي ومن دعا / لهم بحي على الفلاح
قوم لجدهم امتداحي / وبنور زندهم اقتداحي
وبحبهم أسمو إلى ال / علياء موفور الجناح
وأنال آمالي البعيدة / في الغدَّو وفي الرواح
وبذكرهم جهرا أصول / على العدى يوم الكفاح
وغدا بهم في الحشر / آمن روعه الهول المتاح
وإذا اعترى غيري ارتيا / ع منه زاد به ارتياحي
ثقة بأني سوف ألقى / اللّه فايزة قداحي
ويعدني منهم موالاتي / ونصري وامتداحي
وسواي يطرد عنهم / إن جاء من كل النواحي
متضاعف الحسرات مسلو / الجوارح بالجراح
تعسا لجبارين صلوا / خبرهم حر الصلاح
حملوا رؤسهم الكريمة / فوق أطراف الرماح
وحموا عليهم من جهالتهم / حمى الماء المباح
والخمر يكرع بينهم / فيها الدعي من السفاح
يا أمة غدرت ونور / الحق أبلج ذو القناع
وتعقبت سنن النبي / الطهر بالبدع القباح
وتأولت في محكم القرآن / بالكذب الصراح
وغدت على ظلم الو / صي وآله ذات اصطلاح
لا تقربو منا فجرب / الابل حتف للصحاح
يا أمة سلكت ضلالاً بينا
يا أمة سلكت ضلالاً بينا / حتى استوى إِقرارها وجحودها
ملتم إلى أن المعاصي لم تكن / إلا بتقدير الإِله وجودها
لو صح ذا كان الإله بزعمكم / منع الشريعة أن تقام حدودها
حاشا وكلا أن يكون إِلهنا / ينهى عن الفحشاء ثم يريدها
أبى اللّه إِلا أن يكون مؤيداً
أبى اللّه إِلا أن يكون مؤيداً / مدى الدهر منصور اليدين على العدا
وكم جاهل قد زاده الحلم عزة / على غيره لما فسحت له المدى
فأوردنه من راحتي مورد الندى / ولما أسر الغدر أوردته الردى
وهاجر فاستدرجته ورفعته / بحلمي أناةً وانتظاراً به غدا
عسى هو أن يصحو من الجهل أو يرى / عليه الحسام المشرفي معربد
فعاجله مستحكم الرأي قد غدا / لقهر الأعادي في الحروب مؤيدا
رميت به سهماً مصيباً وأنه / لدى الحرب ما زال القديم المسددا
هو الأسد الورد الذي عاد سبقه / إِلينا من الضرب الدراك الموردا
فلا يغترر بي بعدها ذو جهالة / فليث الشرى يخشى وإن كان ملبدا
فإذا تبدد شمل عقدكما
فإذا تبدد شمل عقدكما / لا تأمنا من شاور السعدى