المجموع : 24
أَرى العَينَ مُذ لَم تَلقَ دَيلَمَ راجَعَت
أَرى العَينَ مُذ لَم تَلقَ دَيلَمَ راجَعَت / هَواها القَديمَ في البُكا فَهوَ دابُها
وَما ذُكِرَت إِلّا أُكَفكِفُ عَبرَةً / بعَيني مِنها مِلؤُها أَو قُرابُها
دَنَت دَنوَةً مِن دارِنا ثُمَّ أَصبَحَت / بِمَنزِلَةٍ ناءٍ عَلَينا مَنابُها
وَلَو كُنتُ أَرجو أَن أَنالَ كَلامَها / إِذا جِئتُ لَم يَبعد عَلَيَّ طِلابُها
وَما عَن قِلىً هِجرانُها غَيرَ أَنَّهُ / عَداني اِرتِقابي قَومَها وَاِرتِقابُها
وَإِنّي لَيَعروني الحَياءُ مَعَ الَّذي / يُخامِرُني مِن وُدِّها وَأَهابُها
وَأُعرِضُ عَنها وَالفُؤادُ كَأَنَّما / يُصَلّى بِنارٍ يَعتَريهِ اِلتِهابُها
فَلِلَّهُ نَفسٌ كاذَبَتني عَنِ المُنى / وَعَن ذِكرِها وَالنَفسُ جَمٌّ كِذابُها
وَدَرُّ هَوىً يَومَ المُنيفَةِ قادَني / لِجاذِبَةِ الأَقرانِ بادٍ خِلابُها
إِذا هِيَ حَلَّت بِالفُراتِ وَدِجلَةٍ / وَحَرَّةِ لَيلى دونَ أَهلي وَلابُها
فَلَيتَ حَمامَ الطَفِّ يَرفَعُ حاجَنا / إِلَيها وَيَأتينا بِنَجدٍ جَوابُها
سَلِ القَلبَ يااِبنَ القَومِ ما هُوَ صانِعٌ / إِذا نِيَّةٌ حانَت وَخَفَّت عُقابُها
أَتَجزَعُ بَعدَ الحِلمِ وَالشَيبِ أَن تَرى / دُجُنَّةَ لَهوٍ قَد تَجَلّى ضَبابُها
أَلا يالَقَومٍ لِلخَيالِ الَّذي سَرى / إِلَيَّ وَدوني صارَةٌ فَعُنابُها
سَرى بَعدَما غارَ السِماكُ وَدونَنا / مِياهُ حَصيدٍ عَينُها فَكُثابُها
عَسى بَعدَ هَجرٍ أَن يُدانِيَ بَيننا / تَصَعُّدُ أَيدي العيسِ ثُمَّ اِنصِبابُها
وَجَوبُ الفَيافي بِالقِلاصِ قَد اِنطَوَت / وَلا يَقطَعُ الموماةَ إِلّا اِجتِنابُها
بِكُلِّ سَبَنتاةٍ إِذا الخِمسُ ضَمَّها / تُقَطِّعُ أَضغانَ النَواجي هِبابُها
إِذا وَرَدَت ماءً عِنِ الخِمسِ لَم يَكُن / عَلى الماءِ إِلّا عَرضُها وَاِنجِذابُها
وَإِن أَوقَدَ الحَرُّ الحِزابِيّ فَاِرتَقى / إِلى كُلِّ نَشزٍ مُحزَئِلّ سَرابُها
حَدَتها تَوالٍ لاحِقاتٌ وَقَدَّمَت / هَوادِيَها أَيدٍ سَريعٌ ذَهابُها
بِهِنَّ يُداني عَرضُ كُلِّ تَنوفَةٍ / يَموتُ صَدىً دونَ المِياهِ غُرابُها
وَإِن حَلَّتِ الظَلماءُ بِالبيدِ وَاِستَوى / عَلى مَن سَرى بُطنانُها وَحِدابُها
تَخَوَّضتُها حَتّى يُفَرِّجنَ غَمَّها / وَيَنجابُ عَن أَعناقِهِنَّ ثِيابُها
يُصافِحنَ حَدَّ الشَمسِ كُلَّ ظَهيرَةٍ / إِذا الشَمسُ فَوقَ البيدِ ذابَ لُعابُها
بِجائِلَةٍ تَحتَ الأَحِجَّةِ هَجَجَّت / إِلى هَمِعاتٍ مُستَظِلٍ حِجابُها
تَخَطّى بِها الأَهوالَ كُلُّ شِمِلَّةٍ / إِذا عَصَبَت عَنّي السَديسَينِ نابُها
تُنيفُ بِرَأَسٍ في الزِمامِ كَأَنَّهُ / قَدومُ فُؤوسٍ ماجَ فيها نِصابُها
حَيِّيا بِالفُراتِ رَسماً مُحيلا
حَيِّيا بِالفُراتِ رَسماً مُحيلا / أَذهَبَتهُ الرِياحُ إِلّا قَليلاً
أُسُّ نُؤيٍ تَثَلَّمَت عَضُداهُ / وَرَماداً أَبدى خَفِيّاً ضَئيلاً
مِثلُ فَرخِ الحَمامِ قَد ذَهَّبَتهُ / عُصفُ الريحِ بُكرَةً وَأَصيلا
مَرَّةً تَعتَفيهِ ريحٌ جَنوبٌ / وَمِراراً تَهُبُّ ريحاً شَمولا
أَي خَليلَيَّ عَرِّجا إِنَّ هِنداً / أَصبَحَت تَبتَغي عَلَينا الذُحولا
زَعَمَت أَنَّني ذَهَلتُ وَلَيتي / أَستَطيعُ الغَداةَ عَنها الذُهولا
أَكذَبُ العالَمينَ وَأياً وَعَهداً / كاعِبٌ ماتَني تَلَوَّنُ غولا
يَقصُرُ الظِلُّ وَالحِجابُ عَلَيها / لا تَرومُ الخُروجَ إِلّا قَليلا
مَلَأَت كَفَّها خِضاباً وَحَلياً / ثُمَّ أَبدَت لَنا بَناتاً طَفيلا
فَتَرى لَونَها نَقِيّاً بَهِيّاً / وَتَرى طَرفَها غَضيضاً كَحيلا
قُل لِهِندٍ وَلا أَظُنُّ ثَواباً / عِندَ هِندٍ وَلا عَطاءً جَزيلا
لَم يَدَع بَينَكُم غَداةَ اِحتَمَلتُم / مِن فِراضِ الفُراتِ لي مَعقولا
أَذُرى النَخلِ بِالسَوادِ رَأَينا / أَم رَأَينا لِآلِ هِندٍ حُمولا
رَفَعَت بَزَّها عَلى بَغَلاتٍ / يَنتَقِلنَ البِلادَ ميلاً فَميلا
فَذَرِ اللَهوَ وَالتَصابِيَ وَاِمدَح / مَن يُحِبُّ النَدى وَيُعطي الجَزيلا
بَينَ زَيدٍ وَبَينَ آلِ سَعيدٍ / أُعطِيَ الحِلمَ مِنهُمُ وَالقَبولا
يااِبنَ زَيدٍ وَأَنتَ خَيرُ قُرَيشٍ / جَمَّةً بَعدَ نَجدَةٍ وَحَفيلا
أَنتَ أَدنَيتَني وَسَهَّلتَ حاجي / وَجَعَلتَ الحُزونَ مِنها السُهولا
وَرَدَدتَ الغَداةَ عودي وَريقاً / بَعدَما كُنتُ خِفتُ مِنهُ الذُبولا
فَإِذا ما فَعَلتَ أَحسَنتَ فِعلاً / وَإِذا ما تَقولُ أَحسَنتَ قيلا
وَإِذا ما يُقالُ أَيُّ خَليلٍ / لِاِمرِئٍ بَعدُ كُنتَ أَنتَ الخَليلا
يَكثُرُ الجودُ وَالسَماحُ إِلَيهِ / وَيَرُدُّ الظَلومَ عَنهُ الجَهولا
وَوَجَدنا سَماحَكُمُ يااِبَنَ زَيدٍ / فاضِلاً لِلسَماحِ عَرضاً وَطولا
أَنتَ غَيثٌ يُعاشُ في كَنَفَيهِ / حينَ تُمسي البِلادُ جَدباً مَحولا
وَخَليجٌ مِنَ الفُراتِ إِذا ما / أَحمَدَ الرائِدُ الثُمامَ الجَميلا
وَجَوادٍ وَهَبتَهُ وَغُلامٍ / وَنَجيبٍ تَرى عَلَيهِ الشَليلا
قَد حَبَوتَ اِمرِءاً أَثابَكَ مَدحاً / ثُمَّ زَوَّدتَهُ عَلاةً ذَمولا
أَلا يالقَومٍ أَرَّقَت أُمَّ نَوفَلٍ
أَلا يالقَومٍ أَرَّقَت أُمَّ نَوفَلٍ / وَصَحبي هَجودٌ بَينَ غَيٍّ وَغُرَّبِ
وَلَيلَةَ فَيفا نَخلَتَينِ طَرَقتِنا / وَنَحنُ بِوادٍ ذي أَراكٍ وَتَنضُبِ
فَنَبَّهتُ أَصحابي فَقاموا عَلى الكَرى / إِلى ساهِماتٍ في الأَزِمَّةِ لُغَّبِ
وَقُمتُ إِلى عَيرانَةٍ قَد تَخَدَّدَت / وَقاسَت يَداها كُلَّ خَمسٍ مُذَيَّبِ
فَلَمّا اِستَوَت أَقدامُنا وَتَمَكَّنَت / إِلى كُلِّ غَرزٍ بَينَ دَفٍّ وَمَنكِبِ
قَبَضنَ بِنا قَبضَ النَحائِصِ راعَها / تَوَجُّسُ رامٍ خِفنَهُ عِندَ مَشرَبِ
فَقُلتُ لَهُم أُمّوا هدى القَصدِ وَاِرفَعوا / بِسَيرٍ يُدَنّي حاجَةَ الرَكبِ مُهذِبِ
فَأَصبَحنَ يَنهَضنَ الرِحالَ وتَرتَمي / رُؤوسُ المَهارى بِاللُغامِ المُعَصَّبِ
بِصَحراءَ مِن نَجدٍ كَأَنَّ رِعانَها / رِجالٌ قِيامٌ في مُلاءٍ مُجَوَّبِ
غَداةَ يَقولُ القَومُ أَكلَلتَ وَاِنبَرى / قُوى العيسِ خَمسٌ بَعدَ خَمسٍ عَصبصبِ
إِذا ما المَهارى بَلَّغَتنا بِلادَها / فَبُعدُ المَهارى مِن حَسيرٍ وَمُتعَبِ
خَليلَيَّ مَن لا يَعنِهِ الهَمُّ لا يَزَل / خَلِيّاً وَمَن يَستَحدِثِ الشَوقَ يُطرَبِ
وَمَن لا يَزَل يُرجى بِغَيبٍ إِيابُهُ / وَتَرمي بِهِ الأَطماعُ في الهَولِ يَشجُبِ
وَقُفٍّ تَظَلُّ الريحُ عاصِفَةً بِهِ / كَأَنَّ قَراهُ في الضُحى ظَهرُ هَوزَبِ
شَجَبتُ الصَوى مِن رَأسِهِ أَو خَرَمتُهُ / بِشُعبٍ وَأَنقاضِ الوَجيفِ المُأَوِّبِ
وَقَد وَقَفَت شَمسُ النَهارِ وَأَوقَدَت / ظَهيرَتُها ما بَينَ شَرقٍ وَمَغرِبِ
وَديقَةِ يَومٍ ذي سَمومٍ تَنَزَّلَت / بِهِ الشَمسُ في نَجمٍ مِنَ القَيظِ مُلهِبِ
وَقَد ظَلَّ حِرباءُ السُمومِ كَأَنَّهُ / رَبيئَةُ قَومٍ ماثِلٌ فَوقَ مَرقَبِ
وَفِتيانِ صِدقٍ قَد بَنَيتُ عَلَيهِمُ / خِباءً كَظِلِّ الطائِرِ المُتَقَلَّبِ
قَليلاً كَتَحليلِ القَطا ثُمَّ قَلَّصَت / بِنا طالِباتُ الحَقِّ مِن كُلِّ مَطلَبَ
بِدَوِيَّةٍ لا يَبلُغُ القَومَ مَنهَلاً / بِها دونَ خِمسٍ يُتعِبُ القَومَ مُطنِبِ
قَليلٍ بِها الأَصواتُ إِلّا تَفَجُّعاً / مِنَ الذِئبِ أَو صَوتِ الصَدى المُتَحَوِّبِ
بِها العينُ أَرفاضاً كَأَنَّ سِخالَها / وُقوفَ عَذارى سوقِطَت حَولَ مَلعَبِ
وَكُلُّ لَياحٍ بِالفَلاةِ إِذا غَدا / مَشى فَزِعاً كَالرائِحِ المُتَنَكِّبِ
قَطَعتُ بِمِقلاقِ الوِشاحِ كَأَنَّها / طَريدَةُ وَحشٍ أُفلِتَت مِن مُكَلِّبِ
وَإِنّي لَقَوّالٌ لِكُلِّ قَصيدَةٍ / طَلوعِ الثَنايا لَذَّةٍ لِلمُشَبِّبِ
إِذا أُنشِدَت لَذَّت إِلى القَومِ وَاِرتَمى / بِها كُلُّ رَكبٍ مُصعِدٍ أَو مُصَوِّبِ
وَإِنّي لَأَسعى لِلتَكَرُّمِ راغِباً / وَمَن يُحصِ أَخلاقَ التَكَرُّمِ يَرغَبِ
إِلى شيمَةٍ مِنّي وَتَأديبِ والِدي / وَلا يَعرِفُ الأَخلاقَ مَن لَم يُؤَدَّبِ
وَقَد يَخذُلُ المَولى دُعايَ وَيَحتَذي / أَذاتي وَإِن يُعزَل بِهِ الضَيمُ أَغضَبِ
وَأَعرِفُ في بَعضِ الدُنُوِ مَلالَةَ الصْ / صَديقِ وَاِستَبقيهِمُ بِالتَجَنُّبِ
تَعَجَّبُ هِندٌ أَن رَأَت لَونَ لِمَّتي / وَمَن يَرَ شَيبي بَعدَ عَهدِكِ يَعجَبِ
وَكانَت تَراهُ كَالجَناحِ فَراعَها / تَغَيُّرُ لَونٍ بَعدَ ذَلِكَ مُعقِبِ
فَإِمّا تَرَيني قَد عَلا الشَيبُ مَفرِقي / وَفَضلُ النُهى وَالحِلمُ عِندَ التَشَيُّبِ
فَإِنّي اِمرَؤٌ ما يَخبَأُ النارَ مَوقِدي / بِسِترٍ وَما تَستَنكِرُ الضَيفَ أَكلُبي
وَما أَنا لِلمَولى بِذِئبٍ إِذا رَأى / لَهُ غِرَّةً أَدلى مَعَ المُتَذَئِّبِ
وَلَكِنَّني إِن خافَ قَومي عَظيمَةً / رَمَوني بِنَحرِ المانِعِ المُتَأَرِّبِ
فَصَرَّفتُ صَعبَ الأَمرِ حَتّى أَذِلَّهُ / وَيَركَبُ مِن أَظفارِهِ كُلَّ مَركَبِ
وَلَستُ إِذا الفِتيانُ هَزّوا إِلى العُلى / بِذي العِلَّةِ الآبي وَلا المُتَخَيِّبِ
وَلا أَجعَلُ المَعروفَ حِلَّ أَلِيَّتي / وَلا عِدَةً في الناظِرِ المُتَغَيِّبِ
وَلَستَ بِلاقي الحَمدِ ما لَم تجنّه / وَلا مُقتَدٍ بِاللُبِّ ما لَم تَلَبَّبِ
وَلَستَ بِلاقي الرَأسِ مِن آلِ فَقعَسٍ / فَيُنسَبَ إِلّا كانَ خالِيَ أَو أَبي
وَجَدتُ أَبي يُنمي بَنيهِ وَيَنتَمي / إِلى الفَرعِ مِنهُم وَاللُبابِ المُهَذَّبِ
إِلى شَجَرِ النَبعِ الَّذي لَيسَ نابِتاً / مِنَ الأَرضِ إِلّا في مَكانٍ مُطَيَّبِ
أُولَئِكَ قَومي إِن أَعُدُّ الَّذي لَهُم / أُكَرَّم وَإِن أَفخَر بِهِم لَم أُكَذَّبِ
هُمُ مَلجَأُ الجاني إِذا كانَ خائِفاً / وَمَأوى الضَريكِ وَالفَقيرِ المُعَصَّبِ
بِطاءٌ عَنِ الفَحشاءِ لا يَحضُرونَها / سِراعٌ إِلى داعي الصَباحِ المُثَوِّبِ
مَناعيشُ لِلمَولى مَساميحُ بِالقِرى / مَصاليتُ تَحتَ العارِضِ المُتَلَهِّبِ
وَجَدتُ أَبي فيهِم وَخالي كِلاهُما / يُطاعُ وَيُعطى أَمرُهُ وَهوَ مُحتَبي
فَلَم أَتَعَمَّل لِلسِيادَةِ فيهِمُ / وَلَكِن أَتَتني وادِعاً غَيرَ مُتعَبِ
وَلَم أَتَّبِع ما يَكرَهونَ وَلَم يَكُن / لِأَعدائِهِم مِن سائِرِ الناسِ مَنكِبي
ظَلَّت تَعَجَّبُ هِندٌ أَن رَأَت شَمطي
ظَلَّت تَعَجَّبُ هِندٌ أَن رَأَت شَمطي / وَراقَها لمَمٌ أَعجَبنَها سودُ
هَل لِلشَبابِ الَّذي قَد فاتَ مَردودُ / أَم هَل لِرَأسِكَ بَعدَ الشَيبِ تَجديدُ
أَم هَل لِغُصنٍ ذَوي عُقبٌ فَنَعقُبَهُ / أَيّامَ أُملودُهُ وَالغُصنُ أُملودُ
أَم هَل عِتابَكَ هَذا الشَيبَ حابِسُهُ / أَم هَل لِما يُعجِبُ الأَقوامَ تَخليدُ
وَالعَيشُ كَالزَرعِ مِنهُ نابِتٌ خَضِرٌ / وَيابِسٌ يَبتَريهِ الدَهرُ مَحصودُ
كَالجَفنِ فيهِ اليَماني بَعدَ جِدَّتِهِ / يَبلى وَيَصفَرُّ بَعدَ الخُضرَةِ العودُ
سَقياً لِلَيلى وَلِلعَهدِ الَّذي عَهِدَت / لَو دامَ مِنها عَلى الهِجرانِ مَعهودُ
وَأَحدَثُ العَهدِ مِن لَيلى مُخالَبَةٌ / شَكٌّ أَمانِيُّ لا بُخلٌ وَلا جودُ
إِذ عَرَّضَت لي أَقوالاً لِتَقصِدَني / وَالقَلبُ مِن حَذَرِ الهِجرانِ مَقصودُ
وَقَد أَراني أُراعي الخَيلَ يُعجِبُني / إِذا تُؤُمِّلَ مِنها النَحرُ وَالجيدُ
تَجلو بِعودِ أَراكٍ عَن ذُرى بَرَدٍ / كَأَنَّما شابَهُ مِسكٌ وَناجودُ
وَمضحكٍ بَذَلَتهُ عَن ذُرى أَشَرٍ / كَأَنَّهُ بَرَدٌ فيهِ أَخاديدُ
تُجري الرِهانَ عَلى وَحفٍ غدائِرُهُ / كَأَنَّهُ فَوقَ مَتنَيها العَناقيدُ
خَودٌ تَنوءُ إِذا قامَت رَوادِفُها / وَبَطنُها مُضمَرُ الكَشحَينِ مَخضودُ
عَرَّجتُ أَسأَلُ أَطلالاً بِذي سَلَمٍ / عَن عَهدِها وَحَبيبُ العَهدِ مَنشودُ
بَل هاجَكَ الرَبعُ بِالبَيداءِ مِن عُقَبٍ / وَما بُكاؤُكَ مِن أَن تَدرَسَ البيدُ
وَما يَهيجُكَ مِن أَطلالِ مَنزِلَةٍ / قَفرٍ تَنادى بِها الوُرقُ الهَداهيدُ
ذَكَرتَ بِالغَورِ مَن تَحتَلُّ وارِدَةً / فَآبَ عَينَيكَ دونَ الرَكبِ تَسهيدُ
حَتّى كَأَنّي بِأَعلى الغَورِ مِن مَلَلٍ / مُكَبَّلٌ شَفَّهُ حَبسٌ وَتَقييدُ
أَقولُ وَالعيسُ صعرٌ في أَزِمَّتِها / ما حانَ مِنهُنَّ بَعدَ الغَورِ تَنجيدُ
لفايدٍ وَطُلى الأَعناقِ مائِلَةٌ / وَالعيسُ سيرَتُها نَعبٌ وَتَخويدُ
وَقَد قَراهُنَّ مَعروفاً رَحَلنَ لَهُ / سَمَيدَعٌ مِن بَني الخَطّابِ مَحمودُ
جَمّاعُ أَندِيَةٍ رَفّاعُ أَلوِيَةٍ / مُوَفَّقٌ لِثَنايا الخَيرِ مَحسودُ
مَتى تَقولانِ أَهلُ الطَفِّ تَبلُغُهُم / مِن عَينِ ذي مَلَلِ العيدِيَّةِ القودُ
غُلبُ الغَلابِيِّ صَدقاتٌ إِذا وَقَفت / لِلشَمسِ هاجِرَةً شَهباءُ صَيخودُ
ما في الحُداةِ إِذا شَدّوا مَآزِرَهُم / عَنها تَوانٍ وَلا في السَيرِ تَهويدُ
يَظَلُّ مِن حَرِّها الحِرباءُ مُرتَبِئاً / كَأَنَّه مُسلِمٌ بِالجُرمِ مَصفودُ
يَخلِطنَ ماءً مِنَ الماءَينِ بَينَهُما / خَرقٌ تَكِلُّ بِهِ البُزلُ المَقاحيدُ
مِن كُلِّ حُلسٍ غَداةَ الخِمسِ يَلحَقُها / قَلبٌ وَطَرفٌ حِذارَ السَوطِ مَزؤودُ
قَوداءُ مائِرَةُ الضَبعَينِ نِسبَتُها / في سِرِّ أَرحَبَ أَو تَنمي بِها العيدُ
ظَلَّت تَقيسُ فُروجَ الأَرضِ لاهِيَةً / كَما يُقاسُ سَجيلُ الغَزلِ مَحدودُ
كَأَنَّها فاقِدٌ وَرهاءُ مِدرَعُها / مُشَقَّقٌ عَن بَياضِ النَحرِ مَقدودُ
تَشُلُّ في الجِلبِ مِن قَلبِ العَشِيِّ كَما / تَمتَلُّ دُرِّيَّةٌ وَالصَحوُ مَمدودُ
ذو أَربَعٍ يَكلَأُ الأَشباحُ مُقتَفِرٌ / لِلأَرضِ يَنفُضُها لاءٍ وَمَنهودُ
حَتّى أُنيخَت بِهَجرٍ بَعدَما نَجِدَت / وَقَد تَلَظّى عَلى الأَثباجِ مَنضودُ
وَقَد تَحَسَّرَ مَن عَضَّ القُتود بِها / نَيٌّ وَنَحص عَلى الأثباجِ مَنضودُ
يا نَضلُ لا يوقِعَنَّ البَغيُ بَعضَكُمُ / في مُحصَدٍ حَبلُهُ لِلشَرِّ مَمدودُ
فَقَد يَهيجُ كَبيرَ الأَمرِ أَصغَرُهُ / حَتّى يَكونَ لَهُ صَوتٌ وَتَفنيدُ
أَما يَزالُ عَلى غِشٍّ يهيجُكُمُ / أَبناءُ شانِئَةٍ أَكبادُهُم سودُ
لا يَفزَعونَ إِذا ما الأَمرُ أَفزَعَكُم / وَلَن تَرَوهُم إِذا ما اِستُمطِرَ الجودُ
أَمسَوا رُؤوساً وَما كانَت جُدودُهُم / يُرَأَسونَ وَلا يَأبَونَ إِن قيدوا
فَقَد بَلاني مِنَ الأَقوامِ قَبلَكُم / جَمعُ الرِجالِ القُرابى وَالمَواحيدُ
فَأَقصِروا وَبِهِم مِمّا فَعَلتُ بِهِم / وَسمٌ عُلوبٌ وَآثارٌ أَخاديدُ
قَطَّعتُ أَنفاسَهُم حَتّى تَرَكتُهُمُ / وَكُلُّهُم مِن دَخيلِ الغَيظِ مَفؤودُ
فَأَصبَحوا اليَومَ مَنزوراً مَودَّتُهُم / كَرهاً كَما سيفَ بَعدَ الرَأمِ تَجليدُ
لَو قالَ ذو نُصحِكُم يَوماً لِجاهِلِكُم / عَن حَيَّةِ الأَرضِ لا يَشقوا بِهِ حيدُ
ذَوَّحتُ عَن فَقعَسٍ حَتّى إِذا كَفَحَت / عَنها القُرومُ مِنَ الناسِ الصَناديدُ
وَهابَ شَرِّيَ مَن يُبدي عَداوَتَهُ / كَما يُحاذِرُ لَيثَ الغابَةِ السيدُ
أَرادَ جُهّالُها أَن يَقرِموا حَسَبي / وَفِيَّ عَن حَسَبي ذَبٌّ وَتَذويدُ
هَل تَعلَمونَ بَلائي حينَ يُرهِقُكُم / يَومٌ يُعَدُّ مِنَ الأَيّامِ مَشهودُ
عِندَ الحِفاظِ إِذا ما الريقُ أَيبَسَهُ / ضيقُ المَقامِ وَهيبَ العُصبَةُ الصيدُ
إِنّي اِمرُؤٌ لِمَدى جَريي مُطاوَلَةٌ / يُقَصِّرُ الوَعلُ عَنها وَهُوَ مَجهودُ
وَمَن تَعَرَّضَ لي مِنكُم فَمَوعِدُهُ / أَقصى المَدى فَاِقصِروا في الجَريِ أَو زيدوا
إِنّي لَتُعرَفُ دونَ الخَيلِ ناصِيَتي / إِذا تَلَعَّبَتِ الخَيلُ القَراديدُ
ماذا تَذَكَّرُ مِن هُنَيدَةَ بَعدَما
ماذا تَذَكَّرُ مِن هُنَيدَةَ بَعدَما / قَطَعَ التَجَنُّبُ هاجَ مَن يَتَذَكَّرُ
وَسَعى الوُشاةُ فَأَنجَحوا وَتَغَيرَت / وَتَعَهَّدوا وُدّي فَما أَتَغَيَرُ
وَرَأى الَّذي طَلبَ الوِشايَةَ مِنهُمُ / ما كُنتَ مِن نُجحِ الصَبابَةِ تَحذَرُ
كِدتَ العَشيرَةَ تَعتَريكَ صَبابَةٌ / لَو أَنَّ مِثلَكَ في الصَبابَةِ يَعذُرُ
وَأَرَتكَ عَن أَهلِ الجَواءِ وَدونَها / عَرضُ الكُثابِ فَمُسحَلانُ فَعَرعَرُ
وَمَحَلُّها رَوضُ الجَواءِ فَصارَةٌ / فَالوادِيانِ لِأَهلِها مُتَدَيَّرُ
وَلَها إِذا رَمَضَ الجَنادِبُ وَالحَصى / بِالوابِشِيَّةِ أَو بِجُرثُمَ مَحضَرُ
وَلَقَد جَرى لَكَ لَو زَجَرتَ مَمَرَّهُ / بِمَمَرِّها حَرِقٌ القَوادِمِ أَعوَرُ
شَمٌّ أَتاكَ عَن الشِمالِ كَأَنَّهُ / حَنِقٌ عَلَيكَ بِبَينِها مُستَبشِرُ
قَطَعَ الهَوى أَلّا أَزالَ بِقَفرَةٍ / يَطوي أَقاصِيَها هِبَلٌّ مُجفَرُ
تُضحي إِذا ما القَومُ كَمَّشَ حاذَهُم / سَيرٌ بِأَجوازِ القِلاةِ عَذَوَّرُ
أَو رَسلَةٌ تَقِصُ الحُزومَ كَأَنَّها / طاوٍ تَرَيَّعَ بِالسَليلَةِ مُقفِرُ
صَعراءُ ناجِيَةً يَظَلُّ جَديلُها / وَهِلاً كَما هَرَبَ الشُجاعُ المُنفَرُ
وَكَأَنَّ خَلفَ حِجاجِها مِن رَأسِها / وَأَمامَ مَجمَعِ أَخدَعَيها قَهقَرُ
بَل أَيُّها الرَجُلُ المُعِرِّضُ نَفسَهُ / وَبِما تُفاخِرُني وَما لَكَ مَفخَرُ
إِنّي نَمَتني لِلمَكارِمِ نَوفَلٌ / وَالخالِدانِ وَمَعبَدٌ وَالأَشتَرُ
وَتَعَطَّفَت أَسَدٌ عَلَيَّ فَكُلُّها / شَرعٌ إِلَيَّ فَعالُهُ المُتَخَيِّرُ
وِإِذا اِفتَخَرتَ بِمُنقِذٍ أَو فَقعَسٍ / مَدَّت لِأَبحُرِهِم بُحورٌ تَزخَرُ
وَإِذا القَبائِلُ جَمهَروا آباءَهُم / يَومَ الفَخارِ فَإِنَّني أَتَمَضَّرُ
نَحنُ الَّذينَ عَلِمَت مِن أَيّامِهِم / وَرَأَيتَ حينَ يُقالُ أَينَ العُنصُرُ
الطالِعونَ إِذا الطَلائِعُ أَحصَرَت / وَالعالِمونَ يَقينَ ما يُتَخَيَّرُ
المُقدِمونَ إِذا الكَتائِبُ أَحجَمَت / وَالعاطِفونَ إِذا اِستَضافَ المُجحَرُ
النازِلونَ بِكُلِّ دارِ حَفيظَةٍ / عَرَضٍ تُراحُ بِها العِشارُ وَتُنحَرُ
وَالضارِبونَ رَئيسَ كُلِّ كَتيبَةٍ / قَوّادَ مَملَكَةٍ عَلَيهِ المِغفَرُ
وَالطاعِنونَ زُوَيرَ كُلِّ كَتيبَةٍ / حَتّى يُضَرِّجَهُ النَجيعُ الأَحمَرُ
فَاِعجَل فَإِنَّكَ حَيثُ يُلتَقَطُ الحَصى / فَاُنظُر هُنالِكَ مَن يُجابُ وَيُنصَرُ
فَخرُ المُلوكِ بِجَوفِ يَثرِبَ فَخرُنا / وَلَنا المَساجِدُ كُلُّها وَالمِنبَرُ
وَأَغَرَّ جَبّارٍ ضَرَبنا رَأسَهُ / وَكَذاكَ نَضرِبُ رَأسَ مَن يَتَجَبَّرُ
ما رامَنا مُتَجَبِّرٌ ذو ثَورَةٍ / إِلّا سَيُقتَلُ عَنوَةً أَو يوسَرُ
إِنّا لَنُحمُدُ في الصَباحِ إِذا بَدا / يَومٌ أَغَرُّ مِنَ القِتالِ مُشَهَّرُ
وَنَكُرُّ في يَومِ الوَغى وَرِماحُنا / حُمرُ الأَسِنَّةِ حينَ يُغشى المُنكَرُ
وَنَكُرُ مَحمِيَةً وَيَمنَعُ سِربَنا / جُردٌ تُلَوِّحُها المَقانِبُ ضُمَّرُ
وَمساعِرٌ حَلَقُ الحَديدِ لَبوسُهُم / وَالمَشرَفِيَّةُ وَالوَشيجُ الأَسمَرُ
وَتَرى لِعارِضِنا عَلى أَعدائِنا / رَهَجاً يَثورُ لَهُ عَجاجُ أَكدَرُ
إِنّا إِذا اِجتَمَعَ النَفيرُ بِمَجمَعٍ / يَنفي الأَذَلَّ بِهِ الأَعَزُّ الأَكثَرُ
نَحمي حَقيقَتَنا وَيُدرِكُ حَقَّنا / إِذا اِجتَمَعَ الجَماجِمُ مِجهَرُ
حَيِّ المَنازِلَ مِن صَحراءِ إِمَّرَةٍ
حَيِّ المَنازِلَ مِن صَحراءِ إِمَّرَةٍ / وَحَيثُ كانَت سَواقي مَنعَجٍ شُعَبا
كانَت تَحُلُّ بِها حَسناءُ فَاِغتَرَبَت / بِها الدِيارُ وَرَثَّ الحَبلُ فَاِنجَذَبا
لِلَّهِ عَينَيَ مِن عَينٍ لَقَد طَلَبَت / ما لَم يَكُن دانِياً مِنها وَلا سَقَبا
نَظَرتُ يَومَ سُواجٍ حينَ هَيَّجَني / صَحبي فَكَلَّفتُ عَيني نَظرَةً عَجَبا
إِلى حُمولٍ كَدوحِ الدَومِ غادِيَةٍ / قَد نَكَّبَت رَمَماً وَاِستَقبَلَت رَبَبا
وَيبٍ بِها نَظرَةً لَيسَت بِراجِعَةٍ / شَيئاً وَلَكِنَّها قَد هَيَّجَت طَرَبا
وَفي الهَوادِجِ غُزلانٌ مُنَعَّمَةٌ / تَحكي الزَبَرجَدَ وَالياقوتَ وَالذَهَبا
إِمّا تَرينيَ أَمسى الحِلمُ راجَعَني / حِلمُ المَشيبِ وَأَمسى الجَهلُ قَد لَغَبا
فَلَن تَريني أُنمي السوءَ أَسمَعُهُ / إِن جاهِلاً قَوميَ اِستَبّا أَوِ اِحتَرَبا
وَأَحذَرُ اللُؤمَ عِندَ الأَمرِ أَحضُرُهُ / وَلا أَلومُ عَلى شَيءٍ إِذا وَجَبا
وَقَد أُصاحِبُ ضَيفَ الهَمِّ يَطرُقُني / بِالعيسِ تَختَبُّ كِسرَي لَيلِها خَبَبا
عيدِيَّةٌ عُوِّدَت أَن كُلَّما قَرَبَت / لاقَت قَوارِبَ مِن كُدرِ القَطا عُصَبا
تَخالُ هامَتَها قَبراً بِرابِيَةٍ / وَما أَمامَ حِجاجَي عَينِها نُصُبا
مِنَ المَهارى عَبَنّاةٌ مُوَسَّلَةٌ / فَلا تَرى حَذَذاً فيها ولا زَمَبا
مِنَ المَواتِحِ بِالأَيدي إِذا جَعَلَت / لَوامِعُ الآلِ تَغشى القورَ وَالحَدَبا
كَأَنَّها بَعدَ خِمسِ القَومِ قارِبَةٌ / تَعلو هَدوداً إِذا ما أَعنَقَت صَبَبا
تَخالُ فيها إِذا اِستَدبَرتَها شَنَجاً / وَفي يَدَيها إِذا اِستَقبَلتَها حَدَبا
تَغلي وَيَخبَأُ مِنها السَوطَ راكِبُها / كَما غَلا مِرجَلُ الطَبّاخِ إِذ لَهَبا
حَتّى إِذا ساءَ لَونُ العيسِ وَاِنتَكَثَت / شَبَّهتَ في نِسعَتَيها فارِداً شَبَبا
باتَت لَهُ ديمَةٌ بِالرَملِ دائِمَةٌ / في لَيلَةٍ مِن جُمادى واصَلَت رَجَبا
فَباتَ يَحفِرُ أَرطاةً وَيَركَبُها / يُغشي جَوانِبَها الرَوقَينِ وَالرُكَبا
حَتّى إِذا ما تَجَلّى طولُ لَيلَتِهِ / عَنهُ وَلاحَ سِراجُ الصُبحِ فَاِلتَهَبا
وَراعَهُ صَوتُ قَنّاصٍ بِعَقوَتِهِ / مُقَلَّدينَ الضراءَ القِدَّ وَالعَقَبا
فَاِنحازَ لا آمِناً مِن شَرِّ نَبأَتِهِم / يَعلو العَدابَ وَلا مُستَمعِناً هَرَبا
حَتّى لَحِقنَ وَقَد مالَ الأَميلُ بِهِ / فَكَرَّ بِالخِلِّ إِذ أَدرَكنَهُ غَضَبا
مُجِرٌّ في حَدِّ رَوقَيْهِ سَوابِقُها / وَلا يَمُسُّ لِقِرنٍ جَرَّهُ سَلَبا
حَتّى إِذا ذادَها عَنهُ وَقَطَّعَها / طَعنٌ يُصيبُ بِهِ الحَيّاتِ وَالقَصَبا
وَلّى سَريعاً مُدِلّاً غَيرَ مُكتَرِثٍ / يَعلو العِلابَ وَرَوقاهُ قَد اِختَصَبا
أَقبَلتُ تَرفَعُني أَرضٌ وَتَخفِضُني / إِلى الأَغَرِّ جَبيناً وَالأَغَرِّ أَبا
إِلى سُلَيمانَ خَيرِ الناسِ عارِفَةً / وَأَسرَعِ الناسِ إِدراكاً لِما طَلَبا
أَلا حَيِّيا بِالتَلِّ أَطلالَ دِمنَةٍ
أَلا حَيِّيا بِالتَلِّ أَطلالَ دِمنَةٍ / وَكَيفَ تُحَيّا المَنزِلاتُ البَلاقِعُ
حَنَنتُ غَداةَ البَينِ مِن لَوعَةِ الهَوى / كَما حَنَّ مَقصورٌ لَهُ القَيدُ نازِعُ
وَظَلَّت لِعَيني قَطرَةٌ مَرَحَت بِها / عَلى الجَفنِ حَتّى قَطرُها مُتَتابِعُ
وَلَيسَ بِناهي الشَوقِ عَن ذي صَبابَةٍ / تَذكَّرَ إِلفاً أَن تَفيضَ المَدامِعُ
وَقَد لَحَّ هَذا النَأيُ حَتّى تَقَطَّعَت / حِبالُ الهَوى وَالنَأيُ لِلوَصلِ قاطِعُ
وَما أَكثَرَ التَعويلُ إِلّا لَجاجَةٌ / وَما السِرُّ بَينَ الناسِ إِلّا وَدائِعُ
تقولُ بِمِرجِ الدَيرِ إِذ هي صُحبَتي / تَعَزَّ وَقَد أَيقَنتُ أَنّي جازِعُ
وَما مُغزِلٌ أَدماءُ مَرتَعُ طِفلِها / أَراكٌ وَسِدرٌ بِالمِراضَينِ يانِعُ
بِأَحسَنَ مِنها إِذ تَقولُ لِتربِها / سَليهِ يُخَبِّرنا مَتى هُوَ راجِعُ
فَقُلتُ لَها وَاللَهِ ما مِن مُسافِرٍ / يُحيطُ لَهُ عِلمٌ بِما اللَهُ صانِعُ
فَصَدَّت كَما صَدَّت شَموسُ جِبالُها / مَدى الفَوتِ لَم تَقدِر عَلَيها الأَصابِعُ
وَقالَت لَقَد بَلّاكَ أَن لَستُ زائِلاً / يَجوبُ بِكَ الحِزقَ القِلاصُ الخَواضِعُ
فَقُلتُ لَها الحاجاتُ يَطلُبُها الفَتى / فَعُذرٌ يُلاقي بَعدَها أَو مَنافِعُ
أَقولُ لِنَدمانَيَّ وَالحُزنُ دونَنا / وَشُمُّ العَوالي مِن جُفافٍ فَوارِعُ
أَنارٌ بَدَت بَينَ المَسَنّاةِ وَالحِما / لِعَينِكَ أَم بَرقٌ تَلَألَأَ لامِعُ
فَإِن تَكُ ناراً فَهيَ نارٌ يَشُبُّها / قَلوصٌ وَتَزهاها الرِياحُ الزَعازِعُ
وَإِن يَكُ بَرقاً فَهوَ بَرقُ سَحابَةٍ / لَها رَيِّقٌ لَن يُخلِفَ الشَيمَ رائِعُ
أَلَم تَعلَمي أَنَّ الفُؤادَ يُصيبُهُ / لِذِكراكِ أَحياناً عَلى النَأيِ صادِعُ
فَيَلتاثُ حَتّى يَحسِبَ القَومُ أَنَّهُ / بِهِ وَجَعٌ أَو أَنَّهُ مُتَواجِعُ
سَقَتكِ السَواقي المُدجِناتُ عَلى الصَبا / أَثيبي مُحِبّاً قَبلَ ما البَينُ صانِعُ
فَقَد كُنتِ أَيّامَ الفراقِ قَريبَةً / مُجاوِرَةً لَو أَنَّ قُربَكِ نافِعُ
وَقَد زَعَمَت أُمُّ المُهَنَّدِ أَنَّني / كَبِرتُ وَأَنَّ الشَيبَ في الرَأسِ شائِعُ
وَما تِلكَ إِلّا رَوعَةٌ في ذُؤابَتي / وَأَيُّ فَتاءٍ لَم تُصِبهُ الرَوائِعُ
وَإِنّي وَإِن شابَت مَفارِقُ لِمَّتي / لَكالسَيفِ أَفنى جَفنُهُ وَهُوَ قاطِعُ
يُصانُ إِذا ما السِلمُ أَدجى قِناعَهُ / وَقَد جُرِّبَت في الحَربِ مِنهُ الوَقائِعُ
وَلَستُ بِجَثّامٍ يَبيتُ وَهَمُّهُ / قَصيرٌ وَإِن ضاقَت عَلَيهِ المَضاجِعُ
إِذا اِعتَنَقَتني بَلدَةٌ لَم أَكُن لَها / نَسيباً وَلَم تُسدَف عَلَيَّ المَطالِعُ
وَظَلماءَ مِذكارٍ كَأَنَّ فُروجَها / قَبائِلُ مِسحٍ أَترَصَتهُ الصَوانِعُ
نَصَبتُ لَها وَجهي وَصَدرَ مَطِيَّتي / إِلى أَن بَدا ضَوءٌ مِنَ الصُبحِ ساطِعُ
لِأُبلِيَ عُذراً أَو لِأَسمَعَ حُجَّةً / عُنيتُ بِها وَالمُنكِرُ الضَيمَ دافِعُ
وَكُنتُ اِمرَءاً مِن خَيرِ جَحوانَ عُطِّفَت / عَلَيَّ الرَوابي مِنهُمُ وَالفَوارِعُ
نَمَتني فُروعٌ مِن دِثارِ بِنِ فَقَعَسٍ / وَمَن نَوفَلٍ تِلكَ الرُؤوسُ الجَوامِعُ
فَيا أَيُّها القَومُ الأُلى يَنبَحونَني / كَما نَبَحَ اللَيثَ الكِلابُ الضَوارِعُ
فَلا اللَهُ يَشفي غَيظَ ما في صُدورِهُم / وَلا أَنا إِن باعَدتُمُ الوُدَّ تابِعُ
وَإِنّي عَلى مَعروفِ أَخلاقِيَ الَّتي / أُزايِلُ مِن أَلقابِها وَأُجامِعُ
لَذو تُدراءٍ لا يَغمِزُ القَومُ عَظمَهُ / بِضَعفٍ وَلا يَرجونَ ما هُوَ مانِعُ
وَما قَصَّرَت بي هِمَّتي دونَ رَغبَةٍ / وَلا دَنَّسَتني مُذ نَشَأتُ المَطامِعُ
وَإِنّي إِذا ضاقَت عَلَيكُم بُيوتُكُم / لَيَعلَمُ قَومي أَنَّ بَيتِيَ واسِعُ
فَيَلجَأُ جانيهِم إِلَينا وَتَنتَهي / إِلَينا النُهى مِن أَمرِهِم وَالدَسائِعُ
وَما مِن بَديعاتِ الخَلائِقِ مُخزِياً / إِذا كَثُرَت في المُحدَثينَ البَدائِعُ
وَما لامَ قَومي في حِفاظٍ شَهِدتُهُ / نِضالي إِذا لَم يَأتَلِ الغَلوَ فازِعُ
وَمازِلتُ مَحمولاً عَلَيَّ ضَغينَةً / وَمُطَّلَعُ الأَضغانِ مُذ أَنا يافِعُ
إِلى أَن مَضَت لِيَ أربَعونَ وَجُرِّبَت / طَبيعَةُ صُلبٍ حينَ تُبلى الطَبائِعُ
جَرَيتُ أَفانينَ الرِهانِ فَما جَرى / مَعي مُعجَبٌ إِلّا اِنتَهى وَهُوَ ظالِعُ
لَنا مَعقِلٌ في كُلِّ يَومِ حَفيظَةٍ / إِذا بَلَغَت طولَ القُنَيِّ الأَساجِعُ
وَقائِد دَهمٍ قَد حَوَتهُ رِماحُنا / أَسيراً وَلَم يَحوينَهُ وَهُوَ ظالِعُ
فَلِلسَيِئِ في أَطلالِهِنَّ مَهابَةٌ / وَلِلقَومِ في أَطرافِهِنَّ مَصارِعُ
لِقَومي عَلَيَّ الطَولُ وَالفَضلُ إِنَّني / إِذا جَمَعَتني وَالخُطوبُ المَجامِعُ
وَهُم عُدَّتي في كُلِّ يَومِ كَريهَةٍ / وَأَقرانُ أَقراني الَّذين أُصارِعُ
خُلِقنا تِجاراً بِالطِعانِ وَلَم نَكُن / تِجارَ مُلاءٍ نَشتَري وَنُبايِعُ
أَرِقتُ بِأَرضِ الغَورِ مِن ضَوءِ بارِقٍ
أَرِقتُ بِأَرضِ الغَورِ مِن ضَوءِ بارِقٍ / سَرى مَوهِناً في عارِضٍ مُتَتايِعِ
يُضيءُ لَنا وَالغَورُ دونَ رِحالِنا / خَزازَ فَأَعلى مَنعَجٍ فَمُتالِعِ
كَأَنَّ سَناهُ ذَبُّ أَبلَقَ يَتَّقي / أَذى البَقِّ عَن أَقرابِهِ بِالأَكارِعِ
فَبِتُّ وَلَم يَشعُر بِذاكَ صَحابَتي / مَريضاً لِعِدّاتِ الهُمومِ النَوازِعِ
وَهَل يُمرِضُ الهَمُّ الفَتى عِندَ رَحلِهِ / أَمونُ السُرى كَالمُحنَقِ المُتَدافِعِ
غُرَيرِيَّةُ الأَعراقِ مُفرَعَةُ القَرى / جُمالِيَّةٌ أَدماءُ مَجرى المَدامِعِ
نَهوزٌ بِلِحيَيها إِذا الأَرضُ رَقرَقَت / نَضايِضَ ضَحضاحٍ مِنَ الأَرضِ مائِعِ
لَقَد طَرَقَتنا أُمُّ بَكرٍ وَدونَنا / مَراحٌ وَمَغدىً لِلقِلاصِ الضَوابِعِ
بِريحِ خُزامى طَلَّةٍ نَفَحَت بِها / مِنَ اللَيلِ هَبّاتُ الرِياحِ الزَعازِعِ
وَكَيفَ اِهتَدَت تَسري لِنَقضٍ رَذِيَّةٍ / وَطَلحٍ بِأَعلى ذي أَطاويحِ هاجِعِ
سَرى مَوهِناً مِن لَيلَةٍ ثُمَّ وَقَّعَت / بِأَصحابِهِ عيدِيَّةٌ كَالشَراجِعِ
مُعَرَّقَةُ الأَوصالِ أَفنى عَريكَها / رُكودُ رِحالِ العيسِ فَوقَ البَراذِعِ
بِيَهماءَ ما لِلرَكبِ فيها مُعَرَّجٌ / عَلى ما أَسافوا مِن حَسيرٍ وَطالِعِ
فَلَّما اِستَهَبَّ الرَكبُ وَاللَيلُ مُلبِسٌ / طِوالَ الرَوابي وَالرِعانِ الفَوارِعِ
قَبَضنَ بِنا قَبضَ القَطا نُصِبَت لَهُ / شِباكٌ فَنَجّى بَينَ مُقصٍ وَقاطِعِ
ذَكَرتَ الهَوى إِذ لا تُفَزِّعُكَ النَوى / وَإِذ دارُ لَيلى بِالأَميلِ فَشارِعِ
وَما هاجَ دَمعَ العَينِ مِن رَسمِ مَنزِلٍ / مَرَتهُ رِياحُ الصَيفِ بَعدَ المَرابِعِ
خَلاءٌ بِوَعساءِ الأَميلِ كَأَنَّهُ / سُطورٌ وَخَيلانٌ بِتِلكَ الأَجارِعِ
وَمَولىً قَد اِستَأنَيتُهُ وَلَبِستُهُ / عَلى الظَلعِ حَتّى عادَ لَيسَ بِظالِعِ
عَرَضتُ أَناتي دونَ فارِطِ جَهلِهِ / وَلَم أَلتَمِس عَيباً لَهُ في المَجامِعِ
وَلَو رابَهُ رَيبٌ مِنَ الناسِ لَم أَكُن / مَعَ المُجلِبِ المُزري بِهِ وَالمُشايِعِ
وَكائِن تَرى مِن مُعجَبٍ قَد حَمَلتُهُ / عَلى جَهدِهِ حَتّى جَرى غَيرَ وادِعِ
ثَنَيتُ لَهُ بَينَ التَأَنّي بِصَكَّةٍ / تُفادي شُؤونَ الراسِ بَينَ المَسامِعِ
فَلَمّا أَبى إِلّا اِعتِراضاً صَكَكتُهُ / جِهاراً بِإِحدى المُصمِتاتِ القَوارِعِ
فَأَقصَرَ عَنّي اللاحِظونَ وَغِشُّهُم / مَكانَ الجَوى بَينَ الحَشا وَالأَضالِعِ
إِذا أَقبَلوا أَبصَرتَ داءَ وُجوهِهِم / وَإِن أَدبَروا وَلَّوا مِراضَ الأَخادِعِ
عَجِبتُ لِأَقوامٍ تَناسَيتُ جَهلَهُم / مُحاوَلَةَ البُقيا وَحُسنَ الصَنائِعِ
وَقُلتُ لَهُم لا تَسأَموا صُلحَ قَومِكُم / وَلا العَيشَ في ثَوبٍ مِنَ الأَمنِ واسِعِ
فَمازالَ فَرطُ الجَهلِ عَنهُم وَمَشيُهُم / إِلى البَغيِ في أَكنافِهِم وَالقَطائِعِ
وَمازالَ فَرطُ الجَهلِ حَتّى رَأَيتُهُم / يَفُرّونَ سِنَّ الأَزلَمِ المُتَجاذِعِ
وَحَتّى رُموا بِالمُفظِعاتِ وَأَشمَتوا / بِهِم كَلَّ راءٍ مِن مَعَدٍّ وَسامِعِ
فَلَمّا اِستَذاقوا شَربَةَ الحُبِ وَاِبتَلوا / مَرارَتَها كانوا لِئامَ الطَبائِعِ
عَباهيلُ لا يَدرونَ ما غَورُ هَفوَةٍ / وَلا غِبُّ أَمرٍ يَحفظُ القَومَ رائِعِ
وَلَو صَدَقتَهُم أَنفُسُ الغِشِّ بَيّنَت / لَهُم أَنَّني مُستَضلِعٌ لِلمُقارِعِ
أَخو الحَربِ لَبّاسٌ لَها أَدَواتِها / إِذا الوَغلُ لَم يَلبَس أَذاةَ المُنازِعِ
وَقورٌ عَلى مَكروهَها مُتَحَرِفٌ / لِأَيّامِها مُستَأنِسٌ لِلمَطالِعِ
عَلى دُبُرٍ مِن آخِرِ الأَمرِ تابِعِ /
وَداعٍ إِلى غَيرِ السَدادِ وَرافِدٍ / عَلى الغَيِّ رِفداً غَيُّهُ غَيرُ نافِعِ
وَمُحتَلِبٍ حَربَ العَشيرَةِ أُنهِلَت / لَهُ بِصُراحِيٍّ مِنَ السُمِّ ناقِعِ
لَقَد كُنتُ أُشكى بِالعَزاءِ فَهاجَني
لَقَد كُنتُ أُشكى بِالعَزاءِ فَهاجَني / حَمائِمُ أُلّافٍ لَهُنَّ نَحيبُ
وَما كادَ لَيلى بِالسَّليلَةِ يَنجلي / وَلا الشَمسُ يَومَ الأَنعَمَينِ تَغيبُ
وَيَوماً بِرَسِّ اِبنِ الشَمَردَلِ هَيَّجَت / لَكَ الشَوقَ حَمّاءُ العِلاطِ دَؤوبُ
مِنَ المُؤلِفاتِ الطَلحَ في كُلِّ صَيفَةٍ / لَها جَوزَلٌ في الجَدوَلَينِ رَبيبُ
لَعَمرُكَ إِنّي يَومَ عُرنَةِ صارَةٍ / وَإِن قيلَ صَبٌّ لِلهَوى لَغَلوبُ
أُجاذبُِ أَقرانَ التِلادِ مِنَ الهَوى / لِهَنِّي لِأَقرانِ الهَوى لَجَذوبُ
إِذا عَطَفاتُ الرَملِ أَعرَضنَ دونَنا / وَمِن دونِ هِندٍ يافِعٌ فَطَلوبُ
نَأى الوَصلُ إِلّا أَن يُقَرِّبَ بَينَنا / مِنَ العيسِ مِقلاتُ اللِقاحِ سَلوبُ
غُرَيرِيَّةُ الأَعراقِ أَو أَرحَبِيَّةٌ / بِها مِن مُرادِ النِسعَتَينِ نُدوبُ
مُنَفِّهَةٌ ذِلّاً وَتَحسِبُ أَنَّها / مِنَ البَغيِ لا يَخفى عَلَيكَ قَضيبُ
إِذا القَومُ راحوا مِن مَقيلٍ وَعُلِّقَت / ظُروفُ أَداوى ما لَهُنَّ ضَبيبُ
تَرى ظِلَّها عِندَ الرَواحِ كَأَنَّهُ / إِلى دَفَّها رَألٌ يَخُبُّ جَنيبُ
إِذا العيسُ حاذَت جانِبَيها تَغَيَّظَت / عَلى العيسِ مِضرارٌ بِهِنَّ غَضوبُ
تَراها إِذا اِلتاثُ المَطايا كَأَنَّها / مِنَ الكُدرِ فَتخاءُ الجِناحِ ضَروبُ
تُحِلُّ بَنيها بِالفَلاةِ وَتَغتَدي / مُعاوِدَةٌ وِردَ الهَجيرِ قَروبُ
فَقَد عَجِبَت مِنّا مُعاذَةُ أَن بَدا / بِنا أَثَرٌ مِن لَوحَةٍ وَشُحوبُ
رَأَتني وَعَبسِيّاً تَريعَي جَنازَةٍ / تَرامَت بِهِ داوِيَّةٌ وَشُهوبُ
كِلانا طَواهُ الهَمُّ حَتّى ضَجيعُهُ / حُسامٌ وَمِذعانُ الرَواحِ خَبوبُ
فَقالَت غَريبٌ لَيسَ بِالشامِ أَهلُهُ / أَجَل كُلُّ عُلوِيٍّ هُناكَ غَريبُ
فَهَلّا سَأَلتَ الرَكبَ عنِّي إذا ارتمى / بهنَّ أطاويحُ الفَلاةِ جنوب
أُهينُ لَهُم رَحلي وَأَعلَمُ أَنَّما / يَؤولُ حَديثُ الرَكبِ حينَ يَؤوبُ
وَأَقفي بِما شاءوا مِنَ الثِقلِ ناقَتي / وَإِن كانَ فيها فَترَةٌ وَلُغوبُ
أَلا لَيتَ حَظِي مِن عُثَيمَةَ إِنَّها / تَميلُ إِلَيها أَعيُنٌ وَقُلوبُ
يَقِرُّ بِعَيني أَن أَرى البَرقَ نَحوَها / يَلوحُ لَنا أَو أَن تَهُبَّ جَنوبُ
تَجيءُ بِرَيّا مِن عُثَيمَةَ طَلَّةٌ / يُفيقُ لِمَسراها الدَوا فَيُثيبُ
وَإِنَّ الَّتي مَنَّتكَ أَن تُسعِفَ النَوى / بِها يَومَ نَعفي صارَةٍ لَكَذوبُ
وَإِنَّ الَّذي يَشفيكَ مِمّا تَضَمَّنَت / ضُلوعُكَ مِن وَجدٍ بِها لَطَبيبُ
وإِنّي بَعيدٌ مَحتِدي مِن مَوَدَّتي / وَبَعدَ المَدى في المُحفِظاتِ غَضوبُ
فَما النَأيُ سَلّى عَن قَلوصٍ وَلا القِلى / وَلَكِن عَداكَ اليَأَسُ وَهيَ قَريبُ
أَلا حَيِّيا رَبعاً عَلى الماءِ حاضِراً
أَلا حَيِّيا رَبعاً عَلى الماءِ حاضِراً / وَرَبعاً بِجَنبِ الصُدِّ أَصبَحَ بادِيا
مَنازِلَ هِندٍ لَيتَ أَنّي لَم أَكُن / عَهِدتُ بِها هِنداً وَلَم أَدرِ ما هِيا
بِذي الطَلحِ مِن وادي النُزوحِ كَأَنَّما / كَست وجهها جَوناً مِنَ التُربِ عافِيا
أَرَبَّت عَلَيها حَرجَفٌ تَنخُلُ الحَصى / تَهادى بِجَولانِ التُرابِ تَهادِيا
فَلَم يَرقَ إِلّا مَنزِلُ الحَيِّ قَد عَفا / وَآثارُهُمُ غِبَّ الثَرى وَالدَوادِيا
ذَكَرتُ وَقَد لاحَت مِنَ الصُبحِ غُرَّةٌ / وَوَلَّت نُجومُ اللَيلِ إِلّا التَوالِيا
عِراقِيَّةً لا أَنتَ صارِمُ حَبلِها / وَلا وَصلُها بِالنَجدِ أَصبَحَ دانِيا
سَمِعتُ وَأَصحابي تَخُبُ رِكابُهُم / بِصَحراءِ فَيدٍ مِن هُنَيدَةَ داعِيا
فَلَمّا سَمِعتُ الصَوتَ عَوَّجَ صُحبَتي / مَهارى مِنَ الإيجافِ صُعراً صَوادِيا
مَسانيفُ لا يُلقَينَ إِلّا رَوائِحاً / إِلى حاجَةٍ يَطلُبنَها أَو غَوادِيا
يَدَعنَ الحَصى رَفضاً إِذا القَومُ رَفَّعوا / لَهُنَّ بِأَجوازِ الفَلاةِ المَثانِيا
إِذا اِختَلَفَت أَخفافُهُنَّ بِقَفرَةٍ / تَراقى الحَصى مِن وَقعِهِنَّ تَراقِيا
إِذا قِسنَ أَرضاً لَم يَقُلنَ بِها غَداً / خَبَطنَ بِها حِلساً مِنَ اللَيلِ داجِيا
تَراهُنَّ مِثلَ الخَيمِ خَوّى فُروجُهُ / وَأَمسَكَ مَتناهُ الثَمامَ الأَعالِيا
وَمَجدولَةِ الأَعناقِ حُلّينَ حُبوَةً / يُجَلِّلنَ مِن دَوحِ العِضاهِ المَدارِيا
ذَعَرتُ بِرَكبٍ يَطلُبونَكَ بَعدَما / تَجَلَّلَ رَقراقُ السَرابِ المَقارِيا
عَلى قُلُصٍ يَضبَعنَ بِالفَومِ بَعدَما / وَطِئنَ دَماً مِن مَسحِهِنَّ الصَحارِيا
وَظَلماءَ مِن جَرّاكَ جُبتُ وَقَفرَةٍ / وَضَعتُ بِها شِقّاً عَنِ النَومِ جافِيا
إِلى دَفِّ هِلواعٍ كَأَنَّ زِمامَها / قُرى حَيَّةٍ تَخشى مِنَ السِندِ حاوِيا
تَبيتُ إِذا ما الجيسُ نامَت رِكابُهُ / تُثيرُ الحَصى حَيثُ اِفتَحَصنَ الأَداحِيا
إِذا ما اِنجَلى عَنها الظَلامُ رَأَيتَها / كَأَنَّ عَلَيها مَطلِعَ الشَمسِ بادِيا
وَشاوٍ كِظاظٍ قَد شَهِدتُ وَمَوقِفٍ / تَسامى بِهِ أَيدي الخُصومِ تَسامِيا
شَهِدتُ فَلَم تُتبِع مُقامي ملَامَةٌ / وَلَم أُبلَ فيهِ عاجِزاً مُتوانِيا
وَإِنّي لَأَستَحيي إِذا ما تُحُضِّرَت / عُيونٌ وَأَستَحيي إِذا كُنتُ خالِيا
فَأَعزِفُ نَفسي عَن مَطاعِمَ جَمَّةٍ / وَأَربِطُ لِلَهوِ المَخوفِ جَنانِيا
إِذا اِلتَفَتَ اِبنُ العَمِّ لِلنَصرِ سَرَّهُ / إِذا خافَ إِضرارَ الخُصومِ مَكانِيا
وَلَم أُلقَ يَوماً عِندَ أَمرٍ يَهُمُّني / كَئيباً وَلا جَذلانَ إِن كُنتُ راضِيا
وَلم تُبلَ مِنّي نَبوَةٌ في مُلِمَّةِ / وَلا عَثرَةٌ فيما مَضى مِن زَمانِيا
وَعَوراءَ مِن قيلِ اِمرِىءٍ قَد رَدَدتُها / بِمُبصِرَةٍ لِلعُذرِ لَم يَدرِ ماهِيا
طَلَبتُ بِها فَضلي عَلَيهِ وَلَم يَكُن / لِيُدرِكَ سَعيي إِن عَدَدنا المَساعِيا
أَنا اِبنُ أَبي صَخرٍ بِهِ أُدرِكُ العُلى / وَثَورُ النَدى وَالهَيثَمِ الخَيرِ خالِيا
أَنا اِبنُ رَئيسِ القَومِ يَومَ يَقودُهُم / بِتِعشارَ إِذ هَزَّ الكُماةُ العَوالِيا
فَآبَ بِبَزِّ السَلهَبَينِ كِلاهُما / وَأَبكى عَلى اِبنِ الثَعلَبِيِّ البَواكِيا
وَلَمّا زَجَرنا الخَيلَ خاضَت بِنا القَنا / كَما خاضَتِ البُزلُ النِهاء الطَوامِيا
رَمَونا بِرَشقٍ ثُمَّ إِنَّ سُيوفَنا / وَرَدنَ فَأَبطَرنَ القَبيلَ التَرامِيا
وَلَم يَكُ وَقعُ النَبلِ يَقدَعُ خَيلَنا / إِذا ما عَقدَنا لِلظِعانِ النَواصِيا
أَبا جَنبَرٍ أَبصِر طَريقَكَ وَاِلتَمِس / سِوى حَقِّنا مَعداكَ إِن كُنتَ عادِيا
فَإِنَّ لَنا الخَيلَ الَّتي كُنتَ تَتَّقي / بِفُرسانِها يَومَ الصَباحِ العَوالِيا
مَنَعناكُمُ يَومَ النِسارِ وَأَنتُمُ / قُعودٌ بِجَوٍّ يَحرُنونَ التَوادِيا
وَبِالعِرضِ نَجَّينا أَباكَ وَقَد رَأى / عَلى رَأسِهِ طُلّاً مِنَ السَيفِ غاشِيا
وَنَحنُ رَدَدنا حُكمَ دَلجَةَ بَعدَما / تَتَبَّعَ خَرزاً مِن أَديمِكَ واهِيا
أَلَم تَرَني أَوفَيتُ جَحوانَ حَقَّها / وَفَرّجتُ غَمَّي مُدرِكٍ إِذ دَعانِيا
وَكَيفَ أُحابي النَفسَ في حَقِ فَقعَسٍ / وَإِيّايَ يَدعوني الكَمِيَّ المُحامِيا
فَلَستُ بِراضٍ حينَ تَغضَبُ فَقعَسٌ / وَلا مُحلِبٌ يَوماً عَلَيها الأَعادِيا
فَدَع مَنزِلَ القَومِ المَحِقّينَ وَاِلتَمِس / لِضانِكَ مِن جَشرٍ بِهِ التَبنُ وادِيا
وما أنا بالنكس الدنيء ولا الذي
وما أنا بالنكس الدنيء ولا الذي / إذا صد عنه ذو المودَّةِ يقربُ
ولكنه إن دام دمتُ وإن يكن / له مذهبٌ عني فلي عنه مذهبُ
ألا إنّ خيرَ الود ود تطوَّعَت / به النفسُ لا وُدّ أتى وهو مُتعِبُ
وقد سَتَرت أسنَّتَهُ المواضي
وقد سَتَرت أسنَّتَهُ المواضي / حُدَيا الجو والرَخمُ السِغابُ
إن يحسدوني فإني لا ألومهمُ
إن يحسدوني فإني لا ألومهمُ / قبلي من الناس أهل الفضل قد حسدوا
فدام بي وبهم مالي ومالهمُ / ودامَ أكثرُنا غيظاً بما يَجِدُ
أنا الذي يجِدوني في حلوقهِم / لا أرتقي صُعداً فيها ولا أردُ
رمى المِقدارُ نسوة آلِ حربٍ
رمى المِقدارُ نسوة آلِ حربٍ / بمقدارٍ سمَدنَ له سمودا
فردَّ شعورَهُنَّ السود بيضاً / وردَّ خدودَهنَّ البيضَ سودا
فإنّكَ لو شهِدتَ بكاءَ هندٍ / ورملة إذ تصُكانِ الخدودا
بكَيتَ بكاء معولةٍ حزينٍ / أصابَ الدهرُ واحدها الفقيدا
ولا أبَ وابناً مثل مروان وابنهِ
ولا أبَ وابناً مثل مروان وابنهِ / إذا هو بالمجد ارتدى وتأزرا
لا خيرَ في عمرو بن مر
لا خيرَ في عمرو بن مر / رَة غيرها خلقٍ ومنظر
ودراهمٍ كثرَت يشد / دُعلى خواتمها وتُطمَر
وسوارحٍ مثل الدبا / وصوافن كالريح ضُمَّر
هي نُهزةٌ للسائلي / نَ وعن حقوق الحي تُحظَر
والدَّهر يهدِمُ ما بنى / ويذلُّ عزَّة من تجبَّر
خذوا الحقَّ لا أعطيكمُ اليوم غيرهُ
خذوا الحقَّ لا أعطيكمُ اليوم غيرهُ / وللحقِّ إن لم تقبلوا الحقَّ تابِعُ
فلا الضيَّم أعطيكم من أجل وعيدكم / ولا الحقَّ من بغضائكُم أنا مانِعُ
فلم أر مثلَ الحقَّ يمنعهُ امرؤٌ / ولا الضيَّمَ يأتيه امرؤٌ وهو طائِع
متى ما يكُن مولاك خصمَك جاهداً / تضِلَّ ويَصرَعكَ الذينَ تُصارِعُ
من مُبلِغٌ عُليا معَدٍّ وطيئا
من مُبلِغٌ عُليا معَدٍّ وطيئا / وكِندةَ من أصغى لها وتسَمَّعا
أبت أمُّ دينار فأصبح فرجُها / حصاناً وقلدتم قلائد قوزعا
خذوا العقل إن أعطاكُم العقل قومكم / وكونوا كمن سيم الهوان فأرتعا
ولا تكثروا فيها الضجاج فإنهُ / محا السيفُ ما قال ابن دارة أجمَعا
فمهما تشأ منه فزارة تعطِكُم / ومهما تشأ منه فزارة تمنَعا
هلا سألت منازِلاً بالأبرَقِ
هلا سألت منازِلاً بالأبرَقِ / درَسَت وكيف سؤال مَن لم ينطِق
لعِبَت بها ريحان ريح عجاجةٍ / بالسافيات من التراب المعنقِ
والهيف هائجةٌ لها ينتابها / طفَلُ العشي بذي حناتِمَ شُرَّقِ
تصل اللقاح إلى النتاجِ مربةٌ / بخفوقِ كوكَبِها وإن لم يخفقِ
قد كنت قبلُ تتوق من هجرانها / فاليوم إذ شحطَ المزارُ بهاتقِ
والحبُّ فيه مرارةٌ وحلاوةٌ / سائِل بذلك من تطعَّم أو ذق
ما ذاقَ بُؤسَ معيشة ونعيمها / فيما مضى أحدٌ إذا لم يعشقِ
نجائِب من آل الوجيه ولاحقٍ
نجائِب من آل الوجيه ولاحقٍ / تذكرنا أحقادنا حين تصهَل