المجموع : 739
وَسْوَاسُ حَلْيِكِ أمْ هُمُ الرُّقَبَاءُ
وَسْوَاسُ حَلْيِكِ أمْ هُمُ الرُّقَبَاءُ / لِلْقَلْبِ نَحْوَ حَدِيثِهمْ إِصْغَاءُ
وَوَمِيضُ ثَغْرِكِ أم تَأَلُّقُ بَارِقٍ / وَشِهَابُ شَنْفِكِ ذَا أَمِ الْجَوْزَاءُ
يَا بَانَةً وَرَقُ الشَّبَابِ ظِلاَلُهَا / وَكَأَنَّ قَلْبِي بَيْنَهَا وَرْقَاءُ
يَا بَدْرَ تِمَّ يَهْتَدِي بِضِيَائِهِ / سَاري الفَلاَةِ وَلَيْلَتِي لَيْلاَءُ
أَشْكُوكِ أَمْ أَشْكُو إِلَيْكِ صَبَابَتِي / أَنْتِ الدَّوَاءُ وَمِنْكِ كَانَ الدَّاءُ
مَا لَجَّ دَاءٌ أَوْ تَفَاقَمَ مُعْضِلٌ / إلاَّ وَفِي يُمْنَى يَدَيْهِ شِفَاءُ
إِنْ رَامَ بِالْتَدْبِيرِ حِيلَةَ بُرْئِهَا / أُبْدَتْ مَنَافِعَهَا لَهُ الأَعْضَاءُ
حَتَّى إَذَا سَئِمْتْ نُفُوسُهُمُ الرَّدَى / وَاعْتَاضَ مُصْطَبَرٌ وَعَزَّ عَزَاءُ
وَافَوْا وَقَدْ جَعَلُوا الدُّرُوعَ ضَرَاعَةً / إذا لم يكن غير الخضوع وفاء
وتبوأوا دار الخلافة ملجأً / فَلَهُمْ بِعَقْوَةِ بَابِها اسْتِجْدَاءُ
فَعُيُونُهُمْ صُورٌ وَوَقْعُ حَدِيْثِهِمْ / هَمْسٌ وَرَجْعُ كَلاَمِهِمْ إِيمَاءُ
رَهَباً فَعَافٍ شَاقَهُ بَذْلُ النَّدَى / رَاجٍ وَطَاغٍ سَاقَهُ اسْتِعْفَاءُ
عَلِمُوا مَوَاقِع ذَنْبِهِمْ مِنْ عَفْوِهِ / فَاسْتَشْعَرُوا الإِحْسَانَ حِينَ أَسَاءُوا
لا يَحْسَبَنَّ الرُّومُ سِلْمَكَ رَهْبَةً / فَالزِّنْدُ لِلنِّيرَانِ فِيهِ ثَوَاءُ
لَمْ تُغْمَدِ الأَسْيَافُ مِنْ وَهَنٍ بِهَا / لِكِنْ نُفُوسٌ أُجِّلَتْ وَدِمَاءُ
نَامَتْ عَلَى شِبَعٍ وَقَدْ سَالَمْتَهُمْ / وَعِلاَجُ فَرْطِ البِطْنَةِ الإِغْفَاءُ
يَا نَيِّراً لَوْلاَ تَوُقُّدُ نُورِهِ / هَفَتِ الحُلُومُ وَفَالَتِ الآرَاءُ
لَوْ أَنَّ بَأْسَكَ وَالْجُمُوعُ زَوَاحِفٌ / فِي مَجْمَعِ البَحْرَيْنِ غِيضَ الْمَاءُ
لَوْ أَنَّ مِنْ مُسْتَنِّ عَزْمِكَ هَبَّةً / فِي الرِّيْحِ مَا نُسِبَتْ لَهُنَّ رُخَاءُ
لِلَّهِ سَيْفُكَ وَالْقُلُوبُ بَوَالِغٌ / ثُغَرَ الحَنَاجِرِ والنُّفُوسُ ظِمَاءُ
تَتَزَاحَمُ الأَرْوَاحُ دُونَ وُرُودِهِ / فَكَأَنَّمَا هُوَ نُطْفَةٌ زَرْقَاءُ
لِلَّهِ قَوْمُكَ آلُ نَصْرٍ وَالْقَنَا / قِصَدٌ وَأَجْسَامُ العِدَى أَشْلاَءُ
الطَّاعِنُونَ الْخَيْلَ يَوْمَ المُلْتَقَى / وَالْمُطْعِمُونَ إِذَا عَدَتْ شَهْبَاءُ
سِيمَاهُمُ التَّقْوَى أَشِدَّاءٌ عَلى الْ / كُفَّرِ فِيمَا بَيْنَهم رُحَمَاءُ
نَصَرُوا الْجَزِيرَةَ أَوَّلاً وَنَصِيرُهَا / ضَاقَتْ عَلَيْهِ بِرَحْبِهَا الأَنْحَاءُ
وَأَتَوْا وَدِينُ اللهِ لَيْسَ بِأَهْلِهِ / إِلاَّ أَلِيلٌ خَافِتٌ وَذَمَاءُ
قَمَعُوا بِهَا الأَعْدَاءَ حَتَّى أَذْعَنُوا / وَالْبِيضُ مِنْ عَلَقِ النَّجيعِ رِوَاءُ
فَكَأَنَّمَا حُمْرُ البُنُوْدِ خَوَافِقاً / مِنْهَا قُلُوبٌ شَفَّهُنَّ عَنَاءُ
لَمْ يَأْمَنُوا مَكْرَ الإِلاَهِ وَإِنَّمَا / إِمْهَالُهُمْ عَنْ وِرْدِهِ إِمْلاَءُ
إِنْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَرَبُّكَ مُبْرَمٌ / أمْراً وَإِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ
وَاللهُ جَلَّ اسْماً لِمُلْكِكَ حزبه / وَاللهُ فِيهِ كِفَايَةٌ وَكِفَاءُ
فَمَنِ المُدَافِعُ والمَلاَئِكُ حِزْبُهُ / وَاللهُ رِدْءٌ وَالْجُنُودُ قَضَاءُ
وَإِذا هُمُ عَادُوا لِمَا عَنْهُ نُهُوا / فَغِرَارُ سَيْفِكَ لِلْعُصَاةِ جَزَاءُ
مَزِّقْ جُفُونَ الْبِيضِ عَنْ أَلْحَاظِهَا / لِتَسِيْلَ فَوقَ شِفَارِهَا الحَوْبَاءُ
وَاهْزُرْ غُصُونَ السُّمْرِ وَهْيَ ذَوَابِلٌ / تَسْقُطْ عَلَيْكَ الْعِزَّةُ القَعْسَاءُ
يَا أَيُّهَا الْمَلِكُ الَّذِي مِنْ رَأْيِهِ / جُنْدٌ لَهُ النَّصْرُ العَزِيزُ لِوَاءُ
يَهْنِيْكَ أَسْعَدُ وَافِدٍ مَا تَنْقَضِي / أَيَّامُهُ وَسَعَادَةٌ وَبَقَاءُ
عِيدٌ أَعَدْتَ الدّهْرَ فِيهِ يَافِعَاً / طَلْقَاً تَلُوحُ بِوَجْهِهِ السَّرَّاءُ
لَمَّا بَرَزْتَ إلَى المُصَلَّى مَاشِياً / وَدَّتْ خَدُودٌ أَنَّهَا حَصْبَاءُ
وَسَمَتْ إلَى لُقْيَاكَ أَبْصَارُ الوَرى / حَتَّى كَأَنَّ جَمِيعَهُمْ حِرْبَاءُ
حَتَّى إذَا اصْطَفُّوا وَأَنْتَ وَسِيلَةٌ / وَسَمَا إلَى مَرْقَى الْقَبُولِ دُعَاءُ
مُلِئَتْ صُدُورُ المُسْلِمِينَ سَكِينَةً / إذْ ذَاكَ وانْتَاشَ القُلُوبَ رَجَاءُ
وَتَيَقَّنُوا الغُفْرَانَ فِي زَلاَّتِهِمْ / مِمَّنْ لَدَيْهِ الْخَلْقُ وَالإنْشَاءُ
قَسَماً بِرَبِّ البُزْلِ وَهْيَ طَلاَئِحٌ / نَحَتَتْ مَنَاسِمَ سُوقِهَا الْبَيْدَاءُ
مِنْ كُلِّ نِضْوِ الآلِ يَسْتَفُّ الفَلاَ / سَيْراً تَقَلَّصُ دُونَهُ الأَرْجَاءُ
عُوجاً كَأَمْثَالِ القِسِيِّ ضَوَامِراً / أَغْرَاضُهُنَّ الرُّكْنُ وَالْبَطْحَاءُ
يَحْمِلْنَ كُلَّ مَسَهَّدٍ أَضْلاَعُهُ / صًيْفٌ وَفِي الآمَاقِ مِنْهُ شِتَاءُ
لَرَفَعْتَ ظِلَّ الأَمْنِِ خَفَّاقاً فَقَدْ / كَادَتْ تَسِيرُ مَعَ الذِّئَابِ الشَّاءُ
وَكَفَفَتْ كَفَّ الجَوْرِ فِي أَرْجَائِهَا / وَعَمرْتَ رَبْعَ العَدْلِ وَهْوَ خَلاَءُ
وَعَفَفْتَ حَتَّى عَنْ خَيَالٍ طَارِقٍ / وَوَهَبْتَ حَتَّى أَعْذَرَ اسْتِجْدَاءُ
قَسَماً لأَنْتَ مَلاَذ كُلِّ رَعِيبَةٍ / وَمَأَمَّ مَنْ ضَاقَتْ بِهِ الغَبْراءُ
وَلأَنْتَ ظِلُّ اللهِ بَيْنَ عِبَادِهِ / وَبِلاَدِهِ إِنْ عُدِّدَ الأَفْيَاءُ
أَمُؤَمَّلَ الإسْلاَمِ إِنَّ وَسَائِلي / هُنَّ الشُّمُوسُ فَمَا بِهِنَّ خَفَاءُ
مَا لِي سِوَى حُبِّي لِمُلْكِكَ مَذْهَبٌ / وَلَرُبَّمَا تَتَحَالَفُ الأَهْوَاءُ
وَخَفَّ لِتَوْدِيعِي وَتَشْييعِ رِحْلَتِي
وَخَفَّ لِتَوْدِيعِي وَتَشْييعِ رِحْلَتِي / أَخُو كُلِّ إِيثَارٍ وَكُلِّ وَفَاءِ
فكَمْ مِنْ أَكُفِّ أُغْرِيَتْ بِتَصَافُحٍ / وَكَمْ مِنْ جُفُونٍ أُولِعِتْ بِبُكَاءِ
يَا مَحَلاًّ لِخُلَّتِي وَانْتِخَائِي
يَا مَحَلاًّ لِخُلَّتِي وَانْتِخَائِي / لَمْ يُبِحْ لِي الْخُرُخجَ بَابُ الرَّخَاءِ
دَلَّ أَنَّ الرَّخَاءَ مُغْتَبِطٌ بِي / فَبِحَقِّ تَبَجُّحِي وَانْتِخَائِي
سَيِّدِي أَنْتَ عُمْدَتِي فَاحْتَمِلْنِي
سَيِّدِي أَنْتَ عُمْدَتِي فَاحْتَمِلْنِي / وَتَغَمَّدْ بالْفَضْلًِ مِنْكَ جَفَائِي
مُبْتَلىً أَنْتَ بالْبَرابر وَالغُزِّ / وَأَهْلِ الجِبَالِ والْصَّحْرَاءِ
وَذَوِي أَيْنَقٍ وَاَهْلٍ حَمِير / وَرِجَالٍ وَصِبْيَةٍ وَنِسَاءِ
وَبَوَادٍ يَجْري لَكَ الجِلْفُ مِنْهُمْ / بِكِسَاءٍ طَوْراً وَدُونَ كِسَاءِ
تَرْفَعُ الصَّوْتَ إِنْ مَرَرْتَ عَلَيْهِمْ / كَالْكَرَاكِيِّ أَوْ بَنَاتِ الْمَاءِ
وَإذَا مَا اعْتَذَرْتَ لَمْ يَقْبَلُوا الأَعْ / ذَارَ خُصَّ القَبُولُ بِالعُقَلاَءِ
وَشُيُوخٍ بِيْضِ اللِّحَى خَضَبُوا الأَرْ / جُلَ مِثْلَ الحَمَامِ بِالْحِنَّاءِ
وسُعَاةٍ ذَوِي اجْتِدَاءٍ وَإِلْحَا / فٍ شَدِيْدٍ يَأْتُونَ بَعْدَ العِشَاءِ
وَأَفَارِيدَ يَسْرُدُونَ دَوِيَّاً / كَدَوِيِّ الرَّحَى قَلِيلِ الغَنَاءِ
يَكْتُبُ الشَّخْصُ مِنْهُمُ أَلْفَ حَوْلٍ / وَهْوَ لاَ يَسْتَبِينُ شَكْلَ الْهِجَاءِ
غَيْرَ ذَالٍ تُرَدُّ إلاً وَطَاءٍ / جُعِلَتْ نَائِبَاً مَنَابَ الظَّاءِ
وَحبِيسٍ كَلاَمُهُمْ يُشْبِهُ الخَط / طاف عِنْدَ انْفِجَارِ خَيْطِ الضِّيَاءِ
وَتُيُوسٍ مِنْ أَرْضِ أَنْدَلُسٍ قَدْ / قَصَدُوا عَنْ ضَرُورَةٍ وَجَلاَءِ
كَانَ مِنْهُمْ مَرْزَبَةٌ وَسِوَاهُ / وَهْوَ مِنْهُمْ مِنْ جُمْلَةِ الظُّرَفَاءِ
وَذَوُو كُدْيَةٍ وَقَوْمٌ أُسَارَى / عَبَرُوا الْبَحْرَ رَغْبَةً فِي الفِدَاءِ
أوْقَحُ القَوْمِ ضَجَّتِ الأَرْضُ مِنْهُمْ / نَبَذُوا كُلَّ حِشْمَةٍ وَحَيَاءِ
وَسِعَ الْكُلَّ مِنْكَ خُلْقٌ جَمِيلٌ / وَجَنَابٌ لِلْفَضْلِ رَحْبُ الفِنَاءِ
وَتَوَلَّوْا عَلَى انْفِرَادٍ يَبُثُّو / نَ وَقَدْ أُسْعِفُوا حَمِيدَ الثَّنَاءِ
مَنْ لَهُ قُدْرَةٌ سِوَاكَ عَلَى الْ / خِدْمَةِ بُورِكْتَ أَوْ علَى الثُّقَلاَءِ
إنَّمَا أَنْتَ لِلْبَرِيَّةِ كَهْفٌ / وَمَلاذٌ فِي شِدَّةٍ وَرَخَاءِ
أَيْنَ ثِقْلِي إِذَا فُرِضْت ثَقِيلاً / وَكَثِيرَ الْجَفَاءِ مِنْ هَؤُلاءِ
وَمُقَامِي نَزْرٌ وَأَصْرِفُ وَجْهِي / لِسَلاَ حَيْثُ مَعْدِنُ الحُمَقَاءِ
فَأَعِنِّي وَاْصْرِف لِتَجْدِيدِ مَا أَص / دَرْتَ وَجْهَ الأَمَاجِدِ الحُسَبَاءِ
وَأَعِدْنِي لِخَلْوَتِي عَنْ قَرِيبٍ / لاَ تُعَذِّبْ قَلْبي بِطُولِ الثَّوَاءِ
خَالِصاً عِنْدَ كُلِّ سِرٍّ وَجَهْرٍ / لَكَ حُبِّي وَمِدْحَتِي وَدُعَائي
أَنْتَ أَنْقَذْتَهُ وَلَيْسَ لَهُ إِل / لاكَ فِي كُلِّ غَايَةٍ وَابْتِدَاءِ
خَتَمَ اللهُ بِالْرِّضَى يَا ابْنَ رِضْوَا / نٍ لَكَ العُمْرَ بَعْدَ طُولِ البَقَاءِ
شِفَاءُ عِيَاضٍ لِلنُّفُوسِ شِفَاءُ
شِفَاءُ عِيَاضٍ لِلنُّفُوسِ شِفَاءُ / فَلَيْسَ بِفَضْلٍ قَدْ حَوَاهُ خَفَاءُ
هَدِيَّةُ بِرٍّ لَمْ يَكُنْ لِجَزيلِهَا / سِوَى الأَجْرِ وَالذِّكْرِ الجَمِيلِ كِفَاءُ
وَفَى لِنَبِيِّ اللهِ حَقَّ وَفَائِهِ / وَأَكْرَمُ أَوْصَافِ الكِرَامِ وَفَاءُ
وَجَاءَ بِهِ بَحْراً يَقُولُ بِفَضْلِهِ / عَلَى البَحْرِ طَعْمٌ طَيِّبٌ وَصَفَاءُ
وَحَقُّ رَسُولِ اللهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ / رَعَاهُ وَإِغْفَالُ الحُقُوقِ جَفَاءُ
هُوَ الذُّخْرُ يُعْنِي فِي الحَيَاةِ عَتَادُهُ / وَيُتْرَكُ فِيهِ لِلْبَنينَ رِفَاءُ
هُوَ الأَثَرُ المَحْمُودُ لَيْسَ يَنَالُهُ / دُثُورٌ وَلاَ يُخْشَى عَلَيْهِ عَفَاءُ
حَرَصْتُ عَلَى الإِطْنَابِ فِي نَشْرِ فَضْلِهِ / وَتَمْجِيدِهِ لَوْ سَاعَدَتْنيَ فَاءُ
إِلَيْكَ مَدَدْتُ الكَفَّ فِي كُلِّ لَأْوَاءِ
إِلَيْكَ مَدَدْتُ الكَفَّ فِي كُلِّ لَأْوَاءِ / وَمِنْكَ عَرَفْتُ الدَّهْرَ تَرْدِيدَ نَعْمَاءِ
وَيَسَّرْتَنِي قَبْلَ ابْتِدَائِي وَنَشْأَتِي / لِشِقْوَةِ بُعْدِي أَوْ سَعَادةِ إدنَائي
تَعَاليْتَ يَا مَوْلايَ عَنْ كُلِّ مُشْبِهٍ / فَيَا جُلَّ مَا طَوَّفْتَ مِنْ غُرِّ آلاَءِ
إِذَا اعْتَبَرَتْ نَفْسِي سِوَاكَ بِفِكْرَتِي / فَيَا خُسْرَ أَوْقَاتِي وَضيْعَةَ آنائي
وَإِنْ أَبْصَرَتْ عَيْنَايَ غَيْرَكَ فَاعِلاً / فَقَدْ تِهْتُ لِلأَوْهَامِ فِي جُنْحِ ظَلْمَاءِ
بِمَا لَكَ مِنْ سِرٍّ بَدَأْتَ بِهِ الوَرَى / وَعِلْمٍ مُحِيطٍ بِالوُجُودِ وَأَسْمَاءِ
وأَعِنِّي وَطَهِّرْنِي وَخَلِّصْ حَقِيقَتِي / إِلَيْكَ وَأَيِّدْ نُورَ سِرِّي وَمَعْنَائِي
يَا جُمْلَةَ الفَضْلِ وَالْوَفَاءِ
يَا جُمْلَةَ الفَضْلِ وَالْوَفَاءِ / مَا بِمَعَالِيكَ مِنْ خَفَاءِ
عِنْدِي لِلْوُدِّ فِيكَ عَقْدٌ / صَحَّحَهُ الدَّهْرُ باكْتِفَاءِ
مَا كُنْتُ أَقْضِي عُلاَكَ حَقّاً / لَوْ جِئْتُ مَدْحاً بِكُلِّ فَاءِ
فأوْلِ وَجْهَ القَبُولِ عُذْرِي / وَجَنِّبِ الشَّكَّ فِي صَفَاءِ
مَوْلاَيَ أنْتَ فِدَائِي
مَوْلاَيَ أنْتَ فِدَائِي / أَجِبْ خَفِيَّ نِدَائِي
إنْ لَمْ تُدَارِكْ بِرُحْمَى / فَقَدْ هَلَكْتُ بِدَائِي
صَدَعَ الظَّلاَمَ بِهَا وَحَثَّ كُؤُوسَهَا
صَدَعَ الظَّلاَمَ بِهَا وَحَثَّ كُؤُوسَهَا / صِرْفاً بغَيْرِ بُلاَلَةٍ مِنْ مَاءِ
فَلَوَ انَّهُمْ نَظَرُوا إلَى أَحْشَائِهِ / لَرَأَوْهُ مِثْلَ حُبَاحِبِ الظَّلْمَاءِ
لِلَّهِ بَنْيونُشٌ تَحْكِي مَنَازِلُهَا
لِلَّهِ بَنْيونُشٌ تَحْكِي مَنَازِلُهَا / كَوَاكِباً أَشْرَقَتْ فِي جُنْحِ ظَلْمَاءِ
صَحَّ الهَوَاءُ فَمَا يَعْتَلُّ مِنْ أَحَدٍ / إِلاَّ النَّسِيمُ ولاَ يَرْتَاعُ مِنْ دَاءِ
وَمِنْ كَرَامَتِهَا أَنَّ الشَّمَالَ إِذَا / رَامَتْ زِيَارَتَهَا تَمْشي عَلَى المَاءِ
بُشْرَى يَقُومُ لَهَا الزَّمَانُ خَطِيباً
بُشْرَى يَقُومُ لَهَا الزَّمَانُ خَطِيباً / وَتَأَرَّجُ الآفَاقُ مِنْهَا طِيبَا
هَذَا طُلُوعُ فُتُوحِكَ الغُرِّ الَّتِي / مَا كَانَ طَالِعُ سَعْدِهَا لِيَغِيْبَا
أَظْهَرْتَ دِينَ اللهِ فِي ثَغْرِ العِدَى / وَقَهَرْتَ تِمْثالاً بِهِ وَصَلِيْبَا
وَذَعَرْتَ بِالْجَيْشِ اللُّهَامِ بِلاَدَهَا / مك الفضا ملأ القلوب وجيبا
جيش يرى تعب المغاوز راحة / وَالسَّهْلَ صَعْباً والْبَعيدَ قَرِيبا
شَرِفَتْ ثُغُور الدِّينِ مِنْهُ بِغُصَّةٍ / وَلَقِينَ مِنْهُ حَوَادِثاً وخُطُوبَا
وَمَتَى سَرَتْ لِلْمُسْلِمِينَ سَرِيَّةٌ / أَبْدَى لَهَا التَّحْذِيرَ وَالتَّأْلِيبَا
حَتَّى إِذا اسْتَشْرَى وَاَعْضَلَ دَاؤُهُ / شَكَتِ الثُّغُورُ بِهِ فكُنْتَ طَبِيبَا
وَإِذَا أَرَادَ اللهُ بُرْءَ زَمَانَةٍ / لَمْ تَعْدُ مِيقَاتاً لَهَا مَكْتُوبَا
لِلَّهِ يَوْمُ الفَتْحِ مِنْهُ فَإِنَّهُ / يَوْمٌ عَلَى الكُفَّارِ كَانَ عَصِيبَا
فَتْحٌ تَفَتَّحَتِ المُنَى عَنْ زَهْرِهِ / وَافْتَرَّ الدَّهْرُ عَنْهُ شَنِيبَا
حَفَّتْ بِهِ رَايَاتُكَ الحُمْرُ الَّتِي / قَادَتْ إِلَيْهِ قَبَائِلاً وَشُعُوبَا
وَتَعَلَّقَتْ بُهْمُ الرِّجَالِ بِسُوْرِهِ / فَتُخَالُ فِي شُرُفَاتِهِ يَعْسُوبَا
وَحَنَتْ بِهِ عُوجُ الْقِسِيِّ ضُلُوعَهَا / تَغْتَالُ فِيهِ جَوَانحاً وَقُلُوبَا
فَكَأّنَّمَا قُزَحٌ حَنَتْ أَقْوَاسَهُ / أَيْدِي الغَمَامِ وَأَمْطَرَتْ شُؤْبُوبَا
وَرَأَى المَنِيَّةَ رَبُّهُ وَهَفَا إِلَى / طَلَبِ الأَمَانِ فَقِيلَ لاَ تَثْرِيبَا
وَإِذَا امْرُؤٌ أَلْقَى إِلَيْكَ قِيَادَهُ / وَرَجَاكَ أَدْرَكَ حِلْمَكَ المَوْهُوبَا
مِنْ بَعْدِ مَا قَعَدَتْ بِهِ أَنْصَارُهُ / رَهَباً وَأَبْصَرَ وَعْدَهُمْ مَكْذُوبَا
وَتَبَلْبَلَتْ بِاللَّيْلِ أَلْسُنُ نَارِهِ / تَصِلُ الصُّرَاخَ فَمَا لَقِينَ مُجيبَا
لَوْ أَنَّهُمْ جَاشوا إِلَيْكَ وَجَمَّعُوا / أَقْصَى تُخُومِهِمُ صَباً وَجَنُوبَا
غَادَرْتَهُمْ صَرْعَى عَلَى عَفْرِ الثَّرَى / وَمَلأْتَ أَرْضَهُمُ بُكاً وَنَحِيبَا
وَتَرَكْتَ كُلَّ مُثَقَّفٍ مُتَقَصِّداً / فِيهِمْ وَكُلَّ مُهَنَّدٍ مَخْضُوبَا
بِعِصَابَةٍ يَمَنِيَّةٍ مَهْمَا انْتَمَتْ / فِي العُرْبِ كَانَ لَهَا الحُسَامُ نَسِيبَا
ألْبَسْتَ مَلْكَ الرُّوْمِ عَاراً بَاقِياً / وَكَسَوْتَ غَمّاً وَجْهَهُ وَقُطُوبَا
فَاسْتَقْبِلِ المُلْكَ المُؤَيَّدَ خَالِداً / والدَّهْرَ غَضَّاً والزَّمَانَ قَشِيْبَا
وَاهْنَأْ أَبَا الحَجَّاجِ بِالْفَتْحِ الَّذِي / يُهْدِي إِلَيْكَ مِنَ الفُتُوحِ ضُرُوبَا
وَانْعَمْ بِمَوْقِعِهِ الجَمِيلِ فَإِنَّهُ / يُشْجِي عَدُوّاً أَوْ يَسُرُّ حَبِيْبَا
وَالدَّهْرُ مُحْتَفِلٌ لِمُلْكِكَ مُحْتَفٍ / يُبْدِي عَلَى أَثَرِ العَجِيبِ عَجِيبَا
هِيَ أَسْعَدُ مَا دُونَهُنَّ حِجَابُ
هِيَ أَسْعَدُ مَا دُونَهُنَّ حِجَابُ / لا يَنْقَضِي عَدٌّ لَهَا وَحِسَابُ
وَبَشائِر ٌتَصِلُ النُّفُوسَ كَأَنَّمَا / بَيْنَ النُّفُوسِ وَبَيْنَهَا أَنْسَابُ
تَأْتِي عَلَى قَدَرٍ فَيَخْلُفُ بَعْضُهَا / بَعْضَاً كَمَا خَلَفَ السَّحَابَ سَحَابُ
أَمَّا الفُتُوحُ فَقَدْ تَجَلَّى وَاضِحٌ / مِنْ صُبْحِهَا الأجلى وفتح باب
وسوق بشائرها بكل تحية / شدق لها الأَقْتَادُ وَالأَقْتَابُ
حَتَّى إِذَا شَمَلَ البِلاَدَ وَأَهْلَهَا / فَعَلاَ لَهُمْ قِدْحٌ وَعَزَّ جَنَابُ
طَلَعَتْ عَلَى الأَعْقَابِ أَعْذَبَ مَوْقِعَاً / مِنْها وَلأْلاَءُ السُّيُوفِ عَذَابُ
فَارْتَاحَ دَوْحُ المُلْكِ عَنْ فَزْعِ الْعُلَى / وَازْدَادَ فِي أُفُقِ الجَلاَلِ شِهَابُ
وَاسْتَلَّ مِنْ أَجْفَانِ خَزْرَجَ صَارم / خضعت إليه مفارق ورقاب
وهدت إليه أسنّة وأسرّة / وَمَوَاكِبٌ وَكَتَائِبٌ وَكِتَابُ
فَاسْعَدْ أَمِيرَ المُسْلِمِيْنَ بِطَالِعِ / يُنْمَى إِلَيْهِ الحَرْبُ وَالْمِحْرَابُ
وَاشْدُدْ بهِ لأَخِيهِ أَزْرَاً وَارْتَقِبْ / مِنْهُمْ أُسُوداً وَالأَسِنَّةُ غَابُ
فَإِذَا تَسَعَّرَتِ الوَغَى وَتَنَكَّرَتْ / بُهْمُ الرِّجَالِ دَعَوْتَهُمْ فَأَجَابُوا
وَرَمَيْتَهَا مِنْهُمْ بِكلِّ مُجَرِّبٍ / ذَلَّتْ لَهُ الأَقْرَانُ وَهْيَ صِعَابُ
هُنِّيْتَهَا نُعْمَى لَدَيْكَ جَليلَةً / لا يَسْتَقِلُّ بِشُكْرِهَا إِطْنَابُ
لِلَّهِ مِنْكَ مُؤيَّدٌ ذُو عَزْمَةٍ / رَاضٍ وَأَيَّامُ الزَّمَانِ غِضَابُ
مِنْ آلِ نَصْرٍ مِنْ ذُؤَابَةِ خَزْرَجٍ / قَوْمٌ هُمُ الأَنْصَارُ والأَصْحَابُ
آثَارُكَ الغُرُّ كَرام كوَاكب / تَأْبَى الكَواكِبُ أَنْ يَضِّلَّ رِكَابُ
فَإِذَا هَمَمْتَ بَلَغْتَ كُلَّ مُمَنَّعٍ / وَإِذَا رَأَيْتَ الرَّأْيَ فَهْوَ صَوَابُ
أَبْدَيْتَ مِنْ تَقْوى الإِلاَهِ سَرِيرَةً / يُحْبَى مَقَامُكَ فَضْلَهَا وَيُثَابُ
وَجَرَيْتَ فِي العَلْيَاءِ مُقْتَدِيَاً بِمَا / ذَخَرَتْ إِلَيْكَ أَرُومَةٌ وَنِصَابُ
فَاْسْلَمْ وَمُلْكُكَ آمِنٌ مَا يَتَّقِي / تُضْفَى عَلَيْهِ لِلْمُنَى أَثْوَابُ
خَطْبٌ أَلَمَّ فَأَذْهَبَ الأَخَ وَالأَبَا
خَطْبٌ أَلَمَّ فَأَذْهَبَ الأَخَ وَالأَبَا / رَغْمَاً لأَنْفٍ شَاءَ ذَلِكَ أَوْ أَبَا
قَدَرٌ جَرَى فِي الخَلْقِ لاَ يَجِدُ امْرُؤٌ / عَمَّا بِهِ جَرَتِ المَقَادِرُ مَهْرَبا
أَهْلاً بِمَقْدَمِكَ السَّنِيِّ وَمَرْحَبَا / فَلَقَدْ حَبَانِي اللهُ مِنْكَ بِمَا حَبَا
وَافَيْتَ والدُّنْيَا عَلَيَّ كَأنَّهَا / سم الخباط وطرف صبؤي قد كبا
والدهر قد كشف القناع فلم يدع / لِي عُدَّةً لِلْرَوْعِ ألاَّ أَذْهَبَا
صَرَفَ العِنَانَ إِلَيَّ غَيْرَ مُنَكِّبٍ / عَنِّي وَأَثْبَتَ دُونَ ثُغْرَتِيَ الشَّبَا
خَطْبٌ تأَوَّبَنِي يَضِيقُ لِهَوْلِهِ / رَحْبُ الفَضَا وَتَهِي لِمَوْقِعِهِ الرُّبَا
لَوْ كَانَ بِالْوَرْقِ الصَّوَادِحِ فِي الدُّجَى / مَا بِي لَعَاقَ الوَرْقَ عَنْ أَنْ تَنْدُبَا
فَأَنَرْتَ مِنْ ظَلْمَاءِ نَفْسِي مَا دَجَا / وَقَدَحْتَ مِنْ زَنْدِ اصْطِبَارِي مَا خَبَا
فَكَأَنَّني لَعِبَ الهَجِيرُ بِمُهْجَتِي / فِي مَهْمَهٍ وَبَعَثْتَ لِي نَفَسَ الصَّبَا
لاَ كَانَ يَوْمُكَ يَا طَرِيْفُ فَطَالَمَا / أَطْلَعْتَ لِلآمَالِ بَرْقاً خُلَّبَا
وَرَمَيْتَ دِينَ اللهِ مِنكَ بِفَادِحٍ / عَمَّ البَسِيطَةَ مِشْرِقَاً أَوْ مَغْرِبَا
وَخَصَصْتَنِي بالرُّزْءِ وَالثُّكْلِ الذي / أَوْهَى القُوَى مِنِّي وَهَدَّ المَنْكِبَا
لاَ حُسْنَ لِلدُّنْيَا لَدَيَّ وَلا أَرَى / فِي العَيْشِ بَعْدَ أَبِي وَصِنْوي مَأْرَبَا
لَوْلاَ التَعَلُّلَ بِالرَحِيلِ وَأَنَّنَا / نُنْضِي مِنَ الأَعْمَارِ فِيهَا مَرْكَبَا
فَإِذَا رَكَضْنَا لِلشَّبِيْبَةِ أَدْهَماً / جَالَ المَشِيبُ بِهِ فَأَصْبَحَ أَشْهَبَا
وَالْمُلْتَقَى كَثِبٌ وَفِي وِرْدِ الرَّدَى / نَهَلَ الوَرَى مَنْ شاءَ ذَلِكَ أَوْ أَبَى
لَجَرَيْتُ طَوْعَ الحُزْنِ دُونَ نِهَايَةٍ / وَذَهَبْتُ مِنْ خَلْعِ التَّصَبُّرِ مَذْهَبَا
وَالصَّبْرُ أَوْلَى مَا اسْتَكَانَ لَهُ الفَتَى / رَغْماً وَحَقُّ العَبْدِ أَنْ يَتَأَدَّبَا
وَإِذَا اعْتَمَدْتَ اللهَ يَوْمَاً مَفْزَعَاً / لَمْ تُلْفِ مِنْهُ سِوَى إِلَيْهِ المَهْرَبَا
وَلَيْلَةِ أُنْسٍ بَاحَ مِنَّا بهَا الهَوَى
وَلَيْلَةِ أُنْسٍ بَاحَ مِنَّا بهَا الهَوَى / فَهُزَّتْ لِتَرْجِيعِ الثَّقِيلِ المَنَاكبُ
بِعُودٍ تَرَى وَقْعَ الأَنَامِلِ فَوْقَهُ / كَمَا اجْتَهَدْتَ فِي نَسْجِهِنْ العَنَاكِبُ
حَشَدْنَا جُمُوعَ اللَّحْنِ مِنْهُ فَأَقْبَلَتْ / كَتَائِبَ تَقْفُوْ إِثْرَهُنَّ كَتَائِبُ
وَدَارَتْ بِنَا الأَقْدَاحُ حَتَّى كَأَنَّنَا / بُدُورٌ وَكَاسَاتُ المُدَامِ كَوَاكِبُ
يُظَلِّلُنَا بِالْغَيْمِ نَدٌّ وَعَنْبَرٌ / وَتنْضَحُنَا بِالطِّيْبِ سُحْتٌ سَوَاكِبُ
إلَى مِثْلِ هَذَا الأُنْسِ يَرْكَبُ جَالِسٌ / جَنيباً لِلُقْيَاهُ وَيَجْلِسُ رَاكِبُ
سَقَى طَلَلَ الحَيِّ الَّذي أَنْتُمُ بِهِ
سَقَى طَلَلَ الحَيِّ الَّذي أَنْتُمُ بِهِ /
تَعَالَوْا بِنَا نُعْطِي الصَّبَابَةَ حَقَّهَا / وَيُسْعَدُ صَوْبَ الدَّمْعِ أَجْفَانُ صَبِّهِ
وَتُمْسَحُ أَعْطَافُ الزَّمَانِ لَعَلَّهُ / يَعُودُ إلى عُتْبَاهُ مِنْ بَعْدِ عَتْبِهِ
أَعِنْدَكُمْ عِلْمٌ بِمَا يَفْعَلُ الهَوَى / إِذَا اسْتَنَّ دَمْعُ العَيْنِ فَوْقَ مَصَبِّهِ
وَمَا يَقْدَحُ التَّذْكَار أَنْ هَبَّ مِنْكُمُ / نَسِيمٌ يَغَصُّ المِسْكُ دُونَ مَهَبِّهِ
وَمَا كَانَ إلاَّ أَنْ جَنَى الطَّرفُ نَظْرَةً / غَدَا القَلْبُ رَهْناً فِي عُقُوبَةِ ذَنْبِهِ
ومَا العَدْلُ أَنْ يَأْتي امْرُؤٌ بِجَرِيْرَةٍ / فَيُؤْخَذُ فِي أَوْزَارِهَا جَارُ جَنْبِهِ
زَارَتْ وَقَدْ صَرَفَ العِنَانَ الغَيْهَبُ
زَارَتْ وَقَدْ صَرَفَ العِنَانَ الغَيْهَبُ / وَالصُّبْحُ يُنْشَرُ مِنْهُ بَنْدٌ مُذْهَبُ
وَالزَّهْرُ فِي نَهْرِ المَجَرَّةِ بَعْضُهَا / يَطْفُو بِصَفْحَتِهَا وَ بَعْضٌ يَرْسُبُ
وَكَأَنَّمَا الفَلَكُ المُكَوْكَبُ غَادَةٌ / زُفَّتْ وَحَلَّ لَهَا الحُلِيَّ المَغْرِبُ
وَالدَّوْحُ صَلَّى بِالتَّحِيَّاتِ الَّتِي / أَلْقَى بِمَسْمَعِهِ النَّسِيْمُ الطَّيِّبُ
وَالطَّيْرُ قَدْ نَفَضَ الجَنَاحَ مُؤَذِّنَاً / وَالْوُرْقُ تَتْلُو وَالبَلاَبلُ تَخْطُبُ
بِكْرٌ مِنَ السَّحْرِ الحَلالِ بِبَابِلٍ / تُنْمَى إلَى هَارُوتِهِ إِذْ تُنْسَبُ
مَحْجُوْبَةٌ فِي خِدْرِ طِرْسٍ دُونَهَا / لِلْحُسْنِ مِنْ غُرِّ المَعَانِي مَوْكِبُ
مَمْنُوعَةُ الأَبْيَاتِ بِالْبِيْضِ الظُّبَا / فَالنَّجْمُ لِلطُّرَّاقِ مِنْهَا أَقْرَبُ
الْبَابَ رَبَّاتِ الحِجَالِ بَلِ الحِجَى / كَيْفَ اهْتَدَيْتَ وَمَا اسْتَبَانَ المَذْهَبُ
قَدْ كُنْتُ أَقْنَعُ مِنْكَ فِي سِنةِ الكَرَى / بِالْطَّيْفِ فَضْلاً عَنْ مَزَارٍ يَقْرُبُ
وَيَئِسْتُ إِذْ عَاقَتْكِ أَحْرَاسُ العِدَى / عَنْ زَوْرَتِي وَتَألَّفُوا وَتَأَلَّبُوا
تَاللهِ لَوْ أَرْسَلْتِ طَيْفَكِ لأَنْثَني / خَوْفَ القَوَاطِعِ خَائِفاً يَتَرَقَّبُ
فأَبيْتِ إلاَّ أَنْ تُبَرِّدَ غُلَّةٌ / لَوْ عُلِّلَتْ بِالْبَحْرِ كَانَتْ تُلْهَبُ
فَرَغَ الإِلاهُ مِنَ الحَظُوظِ فَعَدَّ عَنْ / حَظِّ تَكِدُّ لَهُ فَحَظُّكَ يَطْلُبُ
قَسَماً بِمُهْدِيْكِ الَّذِي أَنْوَارُهُ / كَالشَّمْسِ إلاَّ أَنَّهَا لاَ تَغْرُبُ
لَنَعِشْتِ مِنِّي مُهْجَةً مَطْلُولَةً / وَأَنَلْتِني فَوْقَ الذي أَنَا أَطْلُبُ
إِيهٍ أَبَا حَسَنٍ بِأَيِّ عِبَارَةٍ / أُثْنِي عَلَى عُلْيَاكَ عَزَّ المَطْلَبُ
طَوَّقْتَنِي مِنْهَا قِلادَةَ مَفْخَرٍ / فِي مِثْلِهَا بَاغِي المَكَارِم يَرْغَبُ
هَذا وَكَمْ لَكَ مِنْ يَدٍ مَشْفُوعَةٍ / لاَ يَسْتَقِلُّ بِحَمْلِهَا لِي مَنْكَبُ
وَتَوَخَّنِي بِالْعُذْرِ إِنَّ قَرِيحَتِي / كَالضَّرْعِ جَفَّ وَشَحَّ مِمَّا يُحْلَبُ
أَمَّا دُعَاؤُكَ لِي فعلمي أنه / ما أن له إلا العناية موجب
والوقت فيه لِلْقَبُولِ مَظِنَّةٌ / وَبِسَاطُ حَالِ الوَقْتِ عَنْهُ يُعْرِبُ
هَذَا جَنَيَ غَرَسَتْهُ كَفّ رِضَاكَ لِي / فَهَصَرْتَهُ وَهْوَ الْكَثِيرُ الأَطْيَبُ
وَنَتِيجَةٌ قَدَّمْتُ عِنْدَ قِيَاسِهَا / مَا يُوجِبُ الإِحْسَانَ لاَ مَا يَسْلُبُ
لَكِنْ غَدَوْتُ بِرَغْمِ أَنْفِي قَاعِداً / وَالدَّمْعُ مِنْ عَيْنيِ يَفِيضُ وَيُسْكُبُ
وَتَنَازَعَ الْقَصْدَانَ عَزْمِي عِنْدَهَا / فَالضَّعْفُ يُمْسِكُ وَالتَّشَوُّقُ يَجْذِب
وَإِلَيْكَهَا كَالْبَحْرِ قِيسَ بِمِذْنَبٍ / وَالشَّمْسِ نَازَعَهَا الضَّيَاءَ الْكَوكَبُ
وَالْعَزْمُ بَيْنَ الْمَقْصَدَيْن مُرَدَّدٌ / وَالْقَلْبُ بَيْنَ الْحَالَتَيْنِ مُذبْذَبُ
وَلَوَانَّنِي أَلفَيْتُ طِرْفاً يُرْتَضَى / لِلْفَرِّ وَالتَّأَوِيلُ فِيهِ يُجَنَّبُ
وَإذَا تَبَيَّنَتِ الْمَقَاصِدُ لَمْ يَكُنْ / فِيهَا أَخُو جِدٍّ كَمَنْ هُوَ يَلْعَبُ
لَبَذَلْتُ فِيهَا كُلَّ مَا مَلكَتْ يَدي / وَحَثَثْتُهَا لِلْحَرْبِ فِيمَا أَحْسَبُ
وَهَزَزْتُ فِيهَا كُلَّ أَسْمَرَ ذَابِلٍ / يَشْقَى بِطَعْنَتِهِ الْعَدُوُّ الأَصْهَبُ
مَا بِنْتُ عَنْهُ لِفَرْطِ جُبْنٍ فَاضِحٍ / كَلاَّ فَمَا قَلْبِيِ لِذُعْرٍ يُنْخَبُ
والحَتْفُ غَايَةُ مَنْ يَرُوحُ وَيَغْتَدي / فَإِذَا فَرَرْتَ إِلَيْهِ مِنْهُ الْمَهْرَبُ
وَحَذَرْتَ لِي عُقْبَي الْقَطِيعَةِ جَاهِداً / وَهِيَ الطَّرِيقَةُ وَالسَّبِيلُ الأَصْوَبُ
لَكِنْ لَدَيَّ فِرَاسَةٌ مَعْضُودَةٌ / فَإِذَا ظَنَنْتُ فَإِنَّهَا لاَ تَكْذِبُ
وَالشَّرْعُ يَعْتَبِرُ الظُّنُونَ وَسِيَّمَا / ظَنٌّ يَكَادُ الْحَقُّ فِيهِ يَغْلِبُ
كِلْنِي لِعِلْمِي فِي صِحَابِي إِنَّنِي / بِهْمُ خَبيرٌ مَاهِرٌ وَمُجَرِّبُ
لَكَ ظَاهِرٌ مِنْهُمْ حَكِمْتَ بِهِ وَلِي / مِنْهُمْ بَوَاطِن عَنْ عِيَانِكَ غُيَّبُ
سِيَّانِ مِنْهُمْ وَاصِلٌ أَوْ هَاجِرٌ / أَوْ عَاذِرٌ أَوْ عَاذِلٌ وَمُؤَنِّبُ
مَهْمَا جَفَانِي صَاحِبٌ فِي النَّاسِ وَلِي / سَعْةٌ وَفي عَرْضِ الْبَسِيطَةِ مَذْهَبُ
لاَ تَسْتَقِرُّ عَلَى التَّنَافُسِ صُحْبَةٌ / وَمَوَدَّةُ الأَكْفَاءِ أَمْرٌ يَصْعُبُ
وَالِماَء إِنْ أَلِفَ الثَّوَاءَ تَغَيَّرتْ / أَوْصَافُهُ وَعَلاَ عَلَيْهِ الطُّحْلُبُ
إِنَّ الصَّدَاقَةَ لَفظَةٌ مَدْلُولُهَا / فِي الدَّهْرِ كَالْعَنْقَاءِ بَلْ هُوَ أَغْرَبُ
كَمْ فِضَّةٍ فُضَّتْ وَكَمْ مِنْ ضَيْعَةٍ / ضَاعَتْ وَكَمْ ذَهَبٍ رَأَيْنَا يَذْهَبُ
إلاَّ الصَّدَافَةَ فَهْيَ ذُخْرٌ خَالِدٌ / أسْمَى وَأَسْنَى مَا اكْتَسَبْتَ وَتكْسِبُ
وَإِذَا رَضِيتَ وَقَدْ رَضِيتَ فَلَيْسَ لِي / عِلْمٌ بِمَنْ يَرْضَى وَلاَ مَنْ يَغْضَبُ
وَإِذَا بَقيِتَ فَلَسْتُ أَبْكِي مَنْ مَضى / لِم لاَ وأَنْتَ الأَهْلُ عِنْدِي وَالأَبُ
أَمَحلَّ وَالِدِيَ الَّذِي لِجَنَابِهِ / آوي وَفِي مَرْضَاتِهِ أَتقَلَّبُ
خَيَّرْتَنِي بَيْنَ الْمُقَامِ أَو السُّرَى / وَالأَمْرُ يُفْصِحُ بِالْمَسِير وَيُعْرِبُ
فَتَرَجَحَ العزمُ الصريحُ وساقِطٌ / حُكْمُ الإِباحَةِ مَا اسْتَبَان الأوْجَبُ
وَوَعَدْتَ بِالْعُذْرِ الْجَمِيلِ وَإِنَّنِي / لأَخَافُ مَنْ يَبْغِي وَلاَ مَنْ يُعْتِبُ
نُبَّهْتُ لَمَّا نِمْتُ عَنْكَ مُؤَمِّلاً / يُرْدِي الأَعَادِي مِنْكَ مَاضٍ مِقْضَبُ
فَامْدُدْ لَهَا كَفّاً بُنَيَّةَ سَاعَةٍ / لكِنْ أَبُوهَا دُونَ فَخْر مُنْجِبُ
وَإِذَا أَتَتْكَ عَشِيَّةً فانْشُدْ لَهَا / عَارَضْنَنَا أَصُلاً فَقُلنا الَّربْرَبُ
أَلاَ حَدِّثَاهَا فَهْيَ أُمُّ الْعَجَائِب
أَلاَ حَدِّثَاهَا فَهْيَ أُمُّ الْعَجَائِب / وَمَا حَاضِرٌ في وَصْفِهَا مِثْلُ غَائِبِ
وَلاَ تُخْلِيَا مِنْهَا عَلَى خَطَر السُّرَى / سُرُوجَ الْمَذَاكِي أَوْ ظُهُورَ النَّجَائِبِ
وَلاَ تُغْفِلاَ مِنْ وَسْمِهَا كُلَّمَا سَرَتْ / صُدُورَ الْقَوَافِي أَوْ صُدُورَ الرَّكَائِبِ
وَحُطَّا لَهَا بَيْنَ الْحَطِيمِ وَزَمْزِمٍ / رِحَالاَ مِنَ الْبُشْرَى مِلاَءَ الْحَقَائِبِ
هُوَ الْخَبرُ الصِّدْقُ الَّذِي وَضَحَتْ بِهِ / سَبِيلُ الْهُدَى بَعْدَ الْتِبَاسِ الْمَذَاهِبِ
وَمَا هِيَ إلاَّ دَعْوَةٌ يُوسُفِيَّةٌ / أَثَارَتْ قَبْولَ اللهِ ضَرْبَةَ لاَزِبِ
سَمَتْ نَحْوَ أَبْوَابِ السَّمَاءِ فَلَمْ تُرَعْ / بِتَشْغِيبِ بَوَّاب وَلاَ إِذْنِ حَاجِبِ
أَيُوسُفُ إِنَّ الدَّهْرَ أَصْبَحَ وَاقِفاً / عَلَى بَابِكَ الْمَأمُولِ مَوْقِفَ تَائِبٍ
دُعَاؤَكَ أَمْضَى مِنْ مُهَنَّدَةِ الظُّبَي / وَسَعْدُكَ أَقْضَى مِنْ سُعُودِ الْكَوَاكِبِ
سُيُوفُكَ فِي أَغْمَادِهَا مُطْمَئِنَّة / وَلِكْنَّ سَيْفَ اللهِ دَامِي الْمَضَاربِ
فَثِقْ بالَّذي أَرْعَاكَ أَمْر عِبَادِهِ / وَسَلْ فَضْلَهُ فَاللهُ أَكْرَمُ وَاهِبِ
لَقَدْ طَوَّقَ الأَذْفُنْشَ سَعْدُكَ خزْيَةً / تَجِدُّ عَلَى مَرِّ الْعُصُورِ الذَّوَاهِبِ
وَفَيْتَ وَخَانَ الْعَهْدَ فِي غَيْرِ طَائِلٍ / وَصَدَّقَ أَطْمَاعَ الظُّنُونِ الْكَوَاذِبِ
جَرَى في مَجَاري الْعِزِّ غَيْرَ مُقَصِّرٍ / وَهَلْ نَهَضَ الْعُجْبُ الْمُخلُّ بِرَاكِبِ
وَغَالَبَ أَمْرَ اللهِ جَلَّ جَلاَلُهُ / وَلَمْ يَدْرِ أَنَّ اللهَ أَغْلَبُ غَالِبِ
وَللهِ في طَيِّ الْوَجُودِ كَتَائِبٌ / تَدقُّ وتخفَى عَنْ عُيُونِ الْكَتَائِبِ
تُغِيرُ عَلَى الأَنْفَاسِ فِي كُلِّ سَاعَةٍ / وَتَكْمُنُ حَتَّى فِي مِيَاه الْمَشَارِبِ
أَخَذْنَ عَلَيْهِ الطُّرْقَ فِي دَارِ طَارقٍ / فَمَا كَفَّ عَنْهُ الْجَيْشُ مِنْ كَفِّ نَاهِبِ
فَصَارَ إِلَى مَثْوَى الإِهَانِةِ ذَاهِباً / وَخَلَّفَ عَارَ الْغَدْرِ لَيْسَ بِذَاهِبِ
فَمِنْ قَارِعٍ في قَوْمِهِ سنَّ نَادِمٍ / وَمِنْ لاَطِمٍ فِي رَفْعِهِ خَدَّ نَادِبِ
مَصَائِبُ أَشْجَى وَقْعُهَا مُهَجَ الْعِدَى / وَكَمْ نِعَمٍ فِي طَيِّ تِلْكَ الْمَصَائِبِ
شُوَاظٌ أَرَادَ اللهُ إِطْفَاءَ نَارِهِ / وَقَدْ لَفَحَ الإِسْلاَمَ مِنْ كُلِّ جانِبِ
وَإنْ لَمْ يُصِبُ مِنْهُ السِّلاَحُ فَإِنَّمَا / أُصِيبَ بِسَهْمٍ مِنْ دُعَائكَ صَائِبٍ
وَللهِ مِنْ أَلْطَافِهِ فِي عِبَادِهِ / خَزَائِنُ مَا ضَاقَتْ بِمَطْلَبِ طَالِبِ
فَمَهْمَا غَرَسْتَ الصَّبْرَ فِي تُرْبَة الرِّضَا / بِحُكْمِ الْقَضَا فَلْتَجْنِ حُسْنَ الْعَوَاقِبِ
وَلاَ تُبْعِدِ الأَمْرَ البَعِيدَ وُقُوعُهُ / فَإِنَّ اللَّيَالي أًمَّهَاتُ الْعَجَائِبِ
هَنِيئاً بِصُنْعٍ قَدْ كَفَاكَ عَظِمُهُ / رُكُوبَ الْمَرَامِي وَاخْتِيَارَ الْمَوَاكِبِ
وَدْونَكَ فَافْتَحْ كُلَّ مَا أَبْهَمَ الْعِدَى / وَرُدَّ حُقُوقَ الدِّينِ مِنْ كُلِّ غَاصِبِ
وَبَادِرْ عَدُوَّ اللهِ عِنْدَ اضْطِرَابِهِ / وَعَاجِلْهُ بِالْبيِضِ الرِّقَاقِ الْقَوَاضِبِ
إِذَا قِيلَ أَرْضُ اللهَ إِرْثُ عِبَادِهِ / بمُوجبِ تَقْوَى أَنْتَ أَقْرَبُ عَاصِبِ
أَلَسْتَ مِنَ الْقَوْمِ الَّذَيِنَ إِذَا انْتَمَوْا / نَمَتْهُمْ إلى الأَنْصَارِ غُرُّ الْمَنَاسِبِ
سَمَاحَةُ أَيْمَانٍ وَإِشْرَاقُ أَوْجُهٍ / وَصِحَّةُ أَحْلاَمِ وَغُرُّ مَنَاقِبِ
إِذَا أَشْرَقَتْ يَوْمَ النَّوَالِ وُجُوهُهُمْ / رَأيْتَ بُدُوراً في خِلاَلِ السَّحَائِبِ
وَيَا جَبَل الْفَتْحِ اعْتَمِدْهَا صَنِيعَةً / رَأيْنَا بِهَا كَيْفَ انْجَلاَءُ الْغَيَاهِبِ
إِذَا مَا هِبَاتُ اللهِ كَانَتْ صَحِيفَةً / فَمَا هِيَ إلاَّ سَجْدَةٌ فِي الْمَوَاهِبِ
أَأَبْصَرْتَ مِنِّي فِي الْمَصَانِعِ قُبَّةً
أَأَبْصَرْتَ مِنِّي فِي الْمَصَانِعِ قُبَّةً / تَأَنَّقَ فِيَّ السَّعْدُ مِنْ كُلِّ جَانِبِ
فَتُتْلَى سُطُورُ الْكَتْبِ فَوْقِيَ دَائِماً / وَتُعْرَضُ مِنْ تَحْتِي سُطُورُ الْكَتَائِبِ
وَفِي سَاحَتِي مَسْعىً لِطَالِبِ رَحْمَةٍ / وَمَأَمَنُ مُرْتَاعِ وَمَوْقِفُ تَائِبِ
فَقُلْ فِي إِنِّي لِلْمُؤَمِّلِ كَعْبَةٌ / وَإِنْ كُنْتُ قَدْ أَبْرِزْتُ فِي زِيِّ كَاعِبِ
أَنَا الْغَادَةُ الْحَسْنَاءُ يُغْنِي جَمَالُهَا / عَنِ الدُّرِّ مِنْ فَوْقِ الطُّلَى وَالتَّرَائِبِ
وَمَا الْحْسْنُ إِلاَّ مَا يَكْونُ طَبيعَةً / بِلاَ جُهْدِ مُحْتَالٍ وَلاَ كَسْبِ كَاسِبِ
وَمِنْ آيِتِي أَنَّي عَلَى حَالِ عِزَّتِي / قَعَدْتُ بِبَابِ الْمُلْكِ مَقْعَدَ حَاجِبِ
أَدُلُّ عَلَى مَا حَازَهُ مِنْ جَلاَلِةٍ / وَكَمْ شَاهِدٍ أَبْدَي مَحَاسِنَ غَائِبِ
فَدَامَ جَمِيعَ الشَّمْلِ فِي ظِلِّ نِعْمَةٍ / مِنَ اللهِ مَشْمٌولاً بِحُسْنِ الْعَوَاقِبِ
أَنُورَ سَنَاءٍ لاَحَ فِي مَشْرقِ الْغَرْبِ
أَنُورَ سَنَاءٍ لاَحَ فِي مَشْرقِ الْغَرْبِ / وَفَرْعَ اعْتِلاَءٍ لاَحَ فِي دَوْحَةِ الْعُرْبِ
وَوَارثَ أَعْلاَمِ الْعُلَى نَشِبَ النَّدَى / وَمُوِقِدَ نار الْبِشْرِ فِي ظُلَمِ الْكَرْبِ
نَطَقْتَ فَحُزْتَ الْحُكْمَ فَصْلاً خطَابُهُ / يُقَلَّبُ مِنْ وَشْي الْبَلاغِةِ فِي عَصْبِ
وَمَنْ كَأَبِي بَكْرٍ عَمِيداً مُؤَمَّلاً / خُلاَصَةَ شِعْبِ الْعِلْمِ نَاهِيكَ مِنْ شِعْبِ
كَفِيلٌ بِنَيْلِ الْجُودِ قَبْلَ سُؤَالِهِ / وَصُولُ إِلَى الْغَايَاتِ فِي الْمَرْكَبِ الصَّعْبِ
وَأَيُّ انْسِكَابٍ في سَحَائِبِ كَفِّهِ / إِذَا كَلِحَتْ شَهْبَاءُ عَنْ نَاجِرِ الْجَدْبِ
وَأَيُّ مَضَاءٍ فِي لَطِيفِ طِبَاعِه / كَمَا سَكَنَ التَّصْمِيمُ فِي ظُبَةِ الْعَضْبِ
سُلاَلَةُ أَعْلاَمٍ وَفَرْعُ مَكَارِمِ / بِهِمْ فَلَكُ الْعَلْيَاءِ دَارَ عَلَى قُطْبِ
عَشَوْا نَحْوَ نُورِ اللهِ يَقْتَبِسُوَنَهُ / وَقَدْ خَرَقُوا مِنْ دُونِهِ ظُلَمَ الحجْبِ
حَمَوْا حَائِمَ التَّهْوِيمِ وِرْدَ جُفُونِهمْ / وَشَدُّوا وِثَاقَ السُّهْدِ فِي شَرَكِ الْهُدْبِ
أَتَوْا دَوْحَةَ التَّحْقِيقِ تَدْنُو قُطُوفُهَا / فَحَازُوا جَنَاهَا وَهْيَ مَعْرِفَةُ الَّربِّ
وَهَزُّوا فُرُوعَ الْعِلْمِ وَهْيَ بَوَاسِقٌ / فَلِلهِ مَا حَازُوهُ مِنْ رُطَبٍ رَطْبِ
فَإِنْ جَرَتِ الأَيَّامُ فِي غُلَوَائِهَا / وَجَرَّتْ وَشِيجَ الْقَسْرِ فِي مَأَزِقِ الخطْبِ
فَمَا لَقِيَتْ إلاَّ شُجَاعاً مُجَرِّباً / وَلاَ عَجَمَتْ إلاَّ عَلَى عُودِكَ الصلبِ
وَإِنْ أَغْفَلَتْ مِنْ فَرْضِ بِرِّكَ وَاجباً / عَلَى أَنَّهَا قَدْ أَوْطَأَتْكَ ذرَى الشُّهْبِ
فَقَدْ دَرَأَتْ حَقَّ الْوَصِيِّ سَفَاهَةً / عَلِيٍّ وَأَعْلَتْ مِنْ قِدَاحِ بَنِي حَرْبِ
وَرُبَّتَمَا جَادَ اللَّئِيمُ بِنَائِلٍ / وشن بأقصى سرحه غارة الغصب
وأنت من الصيد الذين سمت بهم / أَرُومَةُ لَخْمٍ في حَدَائِقَهَا الْغُلْبِ
إِلَى عَمْرو هِنْدٍ حَيْثُ يَخْتَصِمُ الْعُلى / وَيُشْهَدُ نَصْلُ السَّيْفِ فِي حَوْمَةِ الْحَرْبِ
إِلِى مُرْتَقَى مَاءٍ السَّمَاءِ الَّذي كَسَا / زَمَانَ احْتِدَام الْمَحْلِ أَرْدِيَةَ الْخصْبِ
فَلاَ الْعزُّ يُعْزَى مُنْتَمَاهُ لِحَاجِبٍ / وَلاَ الْجُودُ يُجْدي مَنْ تُذُوكِرَ فِي كَعْبِ
فكَمْ أَنْجَبُوا مِنْ صَارِمٍ ذيِ حَفيِظَةٍ / إِذَا كَهَمَتْ ذُلْقُ الصِّفَاحِ لَدَى الضَّرْبِ
وَكَمْ أَعْقَبُوا مِنْ ضَيْغَمٍ يُرْغِمُ الطُّلاَ / وَيَهْزِمُ أَسْبَابَ الْكَتَائِبِ وَالْكُتْبِ
إذَا عَمَّ طِرْسَ الْيَوْمِ نِقْسُ دُجُنَّةٍ / وَعَمَّمَ بِرْسُ الْقُرِّ فِي هَامَةِ الْهَضْبِ
حَشَا بَاهِظَ الأَجْزَالِ وَقْدَ ضِرَامِهَا / فَأَوْرَتْ جَحِيماً لاَفِحاً أَوْجُهَ السُّحْبِ
وَأَعْمَلَ فِي الْكَوْمَاءِ حَدَّ حُسَامِهِ / فَخَرَّتْ وَشِيكاً لِلْجَبيِن وَلِلْجَنْبِ
فَأَثْقَلَ أَكْتَاداً وَعَمَّ حَقَائِباً / وَأَنْهَل ظِمْئاً نَبْعَ مُطَّرِدٍ عَذْبٍ
يَرُومُ بِسَكْبِ الْجُودِ كَسْبَ ثَنَائِهمْ / فَللَّهِ مِنْ سَكْبٍ كَرِيمٍ وَمِنْ كَسْبِ
مَآثِرُكُمْ آلَ الْحَكِيم بَقِيتُمُ / بَلَغْنَ مَدَى الْحَظِّ الْمُوَاصلِ وَالْكَسْبِ
فَمَاذَا عَسَى أُحْصِي وَمَاذَا عَسَى أَفِي / أَيُنْضِبُ لُجَّ الْيَمِ مُسْتَنْزَرُ الشُّرْبِ
عَلَى أَنَّنِي مَهْمَا اقْتَضَبْتُ بَديِهَةً / عَلَى خَبَرِ الْعَنْقَاءِ إِنْ ذُكْرَتْ تُرْبِي
وَمَا الشِّعْرُ إِلاَّ مِنْ قَوَافٍ نَظَمْتُهَا / وَمَا خَلَصَتْ إِبْرِيزَهُ شُعْلَةُ اللُبِّ
وَلَسْتُ كَمن يَعْتَدُّ بِالشِّعْرِ مَكْسَباً / هُبِلتُ رَضِيعَ الْمَجْدِ إِنْ كَانَ مِنْ كَسْبِي
الْحَمْدُ للهِ مَوْصُولاً كَمَا وَجَبَا
الْحَمْدُ للهِ مَوْصُولاً كَمَا وَجَبَا / فَهْوَ الَّذِي بِرِدَاءِ الْعِزَّةِ احْتَجَبَا
الْبَاطِنُ الظَّاهِرُ الْحَقُّ الَّذِي عَجَزَتْ / عَنْهُ الْمَدَارِكُ لَمَّا أَمْعَنَتْ طَلَبَا
عَلاَ عَنِ الْوَصْفِ مَنْ لاَ شَيءَ يُدْرِكُهُ / وَجَلَّ عَنْ سَبَبٍ مَنْ أَوْجَدَ السَّبَبَا
والشُّكْرُ للهِ فِي بَدْءٍ وَمُخْتَتَمٍ / وَاللهُ أَكْرَمُ مَنْ أَعْطَى وَمَنْ وَهَبَا
ثُمَّ الصَّلاَةُ عَلَى النُّورِ الْمُبينِ وَمَنْ / آيَاتُهُ لَمْ تَدَعْ إِفْكاً وَلاَ كَذِبَا
مُحَمَّدٌ خَيْرُ مَنْ تُرْجَى شَفَاعَتُهُ / غَداً وَكُلُّ امْرِيءٍ يُجْزَى بِمَا كَسَبَا
ذُو الْمُعْجِزَاتِ التِي لاَحَتْ شَوَاهِدُهَا / فَشَاهَدَ الْقَوْمُ مِنْ آيَاتِهِ عَجَبَا
وَلاَ كَمِثْلِ كِتَابِ اللهِ مُعْجِزَةً / تَبْقَى عَلَى الدَّهْرِ إِنْ وَلَّى وَإنْ ذَهَبَا
صَلَّى عَلَيْهِ الَّذي أَهْدَاهُ نُورَ هُدَىً / مَا هَبَّتِ الِّريحُ مِنْ بَعْدِ الْجَنُوبِ صَباً
ثُمَّ الِّرضَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعَنْ عُمَرٍ / بَدْرَانِ مِنْ بَعْدِهِ لِلْمِلَّةِ انْتُخِبَا
وَبَعْدُ عُثْمَانُ ذُو النُّورَيْنِ ثَالِثُهُمْ / مَنْ أَحْرَزَ الْمَجْدَ مَوْرُوثاً وَمُكْتَسَبَا
وَعَنْ عَلِيٍّ أَبِي السِّبْطَيْنِ رَابِعِهمْ / سَيْفِ النَّبِيِّ الَّذِي مَا هَزَّهُ فَنَبَا
وَسَائِرِ الأَهْلِ وَالصَّحْبِ الْكرَام فَهُمْ / قَدْ أَشْبَهُوا فِي سَمَاءِ الْمِلَّةِ الشُّهُبَا
وَبَعْدُ أَنْصَارُهُ الأَرْضَوْنَ إِنَّ لَهْمْ / فَضَائِلاً أَعْجَزَتْ مَنْ عَدَّ أَوْ حَسَبَا
آوَوْهُ فِي الَّروْعِ لَمَّا حَلَّ دَارَهُمُ / وَجَالَدُوا مَنْ عَتَا فِي دِيِنِهِ وَأَبَى
وَأَوْرَثُوا مِنْ بَنِي نَصْرٍ لِنُصْرَتِهِ / خَلاَئِفاً وَصَلُوا مِنْ بَعْدِهِ السَّبَبَا
وَلاَ كَيْوسُفَ مَوْلاَنَا الَّذِي كَرُمَتْ / آثَارُهُ وَبَنِيهِ السَّادَةِ النُّجَبَا
وَبَعْد هَذَا الَّذِي قَدَّمْتُ مِنْ كَلَمٍ / صِدْقٍ يُقَدِّمُهُ مَنْ خَطَّ أَوْ خَطَبَا
فَإِنَّنِي جُزْتُ مِنْ سَامِي الْخِلاَلِ مَدىً / أَجَلْتُ فِيهِ جِيَادَ الْفِكْرِ مُنْتَسِبَا
إِمَارَةٌ قَدْ غَدَا نَصْرٌ بِقُبَّتِهَا / عِمَادَ عِزٍّ وَكُنَّا حَوْلَهُ طُنُبَا
سَلَكْتُ فِيهَا عَلَى نَهْجِ الإِمَامِ أَبِي / وَطَالَمَا أَشْبَهَ النَّجْلُ الْكَرِيِمُ أَبَا
فَكَانَ أَوَّلُ مَا قَدَّمْتُ فِي صِغَرِي / مِنْ بَعْدِ مَا قَدْ جَمَعْتُ الْفَضْلَ وَالأَدَبَا
أَنِّي جَعَلْتُ كِتَابَ اللهِ معتمداً / لا تعرف النفس في تحصيله تعبا
كأنَّني كُلَّما رَدَّدتُه بِفَمِي / أَسْتَنْشِقُ الْمِسْكَ أَو اسْتَطْعِمُ الضَّرَبَا
حَتَّى ظَفِرْتُ بِحَظٍّ مِنْهُ أَحْكِمُهُ / حِفظاً فَيَسَّرَ مِنْهُ اللهُ لِي أَرَبَا
وَعَنْ قَرِيبٍ بِحَوْلِ اللهِ أَخْتِمُهُ / فَرُبَّمَا أَدْرَكَ الْغَايَاتِ مَنْ طَلَبَا
فَاللهُ يَجْزِي أَمَيِرَ الْمُسْلِمِينَ أبِي / خَيْرَ الْجَزَاءِ فَكَمْ حَقٍّ لَهُ وَجَبَا
وَأَنْعُمٍ غَمَرِتْنِي مِنْهُ وَاكِفَةٍ / وَأَنْشَأَتْ فِي سَمَاءِ اللُّطْفِ لِي سُحُبَا
قَيْساً دَعَانِي وَسَمَّانِي عَلَى اسْمِ أَبِي / قَيْس بْنِ سَعْدٍ أَلا فَاعْظِمْ بِهِ نَسَبَا
بِأَيِّ شُكْرٍ نُوَفِّي كُنْهَ نِعْمَتِهِ / لَوْ أَنَّ سحبانَ أَوْ قُسّاً لَهَا انْتُدِبَا
وَكَافَأَ اللهُ أَشْيَاخِي بِرَحْمَتِهِ / وَمَنْ أَعَانَ وَمَنْ أَمْلَى وَمَنْ كَتَبَا
وَالْحَمْدُ للهِ خَتْماً بَعْدَ مُفْتَتَحِ / مَا الْبَارِقُ الْتَاحَ أَوْ مَا الْعَارِضُ انْسَكَبَا