المجموع : 234
سُقيتُ كأس الهَوَى قديماً
سُقيتُ كأس الهَوَى قديماً / من غير أَرْضيِ ولاَ سمَائِي
أصْبحتُ به فَريدَ عَصري / بَينَ الْوَرى حاَمِلاً لِوائِي
لِي مَذْهَبٌ مَذْهَبٌ عَجِيب / في الحُبِّ قَدْ فَاقَ يَا هَنائِي
يَا مَنْ هُمُو لِلجْمِيل أهْلٌ / إِنْ لم يَمنُّوا فَيَا شَقائِي
حاشَاكُموا يَا أَُهَيْلَ نَجْدٍ / أن تَقْطَعوُا مِنْكْمُو رجاَئِي
إِذا لم يكنْ مَعْنى حديثك لي يُدْرَى
إِذا لم يكنْ مَعْنى حديثك لي يُدْرَى / فلا مُهْجْتيِ تُشْفىَ ولا كَبدي تُروَى
نَظرتُ فلم أنْظر سِواكَ أحبُّهُ / ولَولاكَ ما طَاَب الهَوى لِلَّذي يَهوى
ولَّما اجْتلاَك الفكرُ في خَلوة الرّضا / وغيّبت قال الناس ضَلت بي الاهْوا
لَعمرُك ما ضَلَّ المحبُّ وَما غَوى / ولكَّنهمْ لمَّا عمُوا أخطئوا الفتوى
ولو شَهدوا معنى جمَالِكَ مثْلما / شهدْتُ بعينِ القلبِ ما أنكروا الدَّعوى
خلعت عِذاري في هَواك وَمنْ يكنْ / خليعَ عِذارِ في الهوى سَرَّهُ النجوى
وَمزقتُ أثواب الوقارِ تَهتكا / عليكَ وطابت في محَبتكَ الْبلوَى
فما في الهْوى شكوىَ ولو مُزِّق الحَشَا / وَعارٌ على العُشاق في حُبِّكَ الشَّكوى
سُلُوِّيَ مكروهٌ وحُبكَ واجبٌ
سُلُوِّيَ مكروهٌ وحُبكَ واجبٌ / وشوقِي مقيمٌ والتَّواصلُ غائبُ
وفي لوح قلبي من وِدَادكِ أسطرٌ / وَدمعي مِدادٌ مثل ما الحسن كاتبُ
وقارىء فكري لْلمحَاسِن تالياً / على دَرْس آيات الجمالِ يواظبُ
أُنَزِّهُ طَرفي في سماء جَمالكمْ / لِثاقب ذِهني نَجمُها هو ثاقبُ
حَديثُ سواكَ السمع عنهُ محَّرمٌ / فَكُلِّيَ مسلوبٌ وحسنكَ سالبُ
يقولونَ لي تبْ عن هوى من تُحبُّهُ / فقلتُ عن السلوان إِنِّيَ تائبُ
عَذابُ الهوى عذبٌ على كل عَاشِق / وإِن كان عندَ الغير صعبٌ وواصبُ
يَا حاضِراً في فُؤادي
يَا حاضِراً في فُؤادي / بِالفكرِ فِيكمْ أطيبُ
إِنْ لمْ يزُرْ شخصُ عيني / فالقلبُ عِندي ينُوبُ
مَا غِبتُ لَكِنَّ جِسْمي / من النُّحول يذوبُ
فَلمْ يَجدْني عذولٌ / وَلاَ رآنِي رَقِيبُ
وَلوْ دَرَى الدَّهْرُ عَنِّي / جَاءت إِلىَّ شعُوبُ
لَمْ يَبْقَ غَيْرُ غَرامٍ / فَسَلهُ عَنِّي يِجُيبُ
طابَ شربُ المدامِ في الخَلوَاتْ
طابَ شربُ المدامِ في الخَلوَاتْ / أَسْقنيِ يانديمُ بالآنياتْ
خمرةً تَركُهَا عَليناَ حَرامٌ / ليس فِيها إِثمٌ ولا شُبُهاتْ
عُتِّقت في الدِّنانِ من قَبل آدم / أصلها طيبٌ من الطيباتْ
أفْتِنيِ أيُّها الفقيهُ وقلْ لِي / هل يجُوزُ شربها على عَرفَاتْ
أو يجوزُ الطَّوافُ والسَّعْيُ بها / وَيَلَبَّى ويُرْمى بالخْمرَاتْ
أو يجوزُ القرآنُ والذكرُ بها / أو يجوزُ التسْبيحُ في الصَّلوَاتْ
فأجاَبَ الْفِقيهُ إِنْ كانَ خمرَ / عنب فيه شيْ من المُسْكراتْ
شُربه عندنا حرامٌ يَقِيناً / زائدٌ فيهِ شيْ من الشبهاتْ
آه ياذَا الَفقيه لَوْ ذُقْتَ منها / وسمعتَ الألحْان في الخَلوَاتْ
لتركتَ الدُّنيا وما أنْتَ فِيه / وتَعشْ هَائما لِيَوْمِ المماتْ
فجرُ المعارف في شرق الهدى وَضَحَا
فجرُ المعارف في شرق الهدى وَضَحَا / بَسملْ بِكاسكَ هذا اليْوم مُفْتَتِحَا
يوم تَنزه عن أيام عادتناَ / وعن أصيل فما تُلفِيه غير ضُحى
إِن كنت تُنصفه فاخلع عِذَاركَ في / زَمانِه الفرد لا تَنْفَكُّ مُصْطبِحاَ
واشرب وزَمْزِمْ ولا تُلوِي على أحد / ولا تُعرِّجْ على من ذاق ثُمَّ صَحا
وَبع ثِيَابك في جِرياله شَغفاَ / واجْعَل نديمكَ من أفكارك القدحاَ
فان تجوهرت فاشطح فالسكون هنا / لاينبغي إِنما السكران من شطحا
يا حبذا كل من أبدي مواجدَهُ / وَلمْ يعربد وقال الحقَّ وافتضحَا
ومالَ للصَّحوِ بعدَ المحو واتحدَت / أخبارهُ وغدا للشفع مُطَّرِحا
وقُلْ لمن جدَّ في نصحي فَديتُكَ لا / تَنْصحْ فقد عُدْتُ لا أُصغيِ لمن نَصَحا
زَارني من أُحب قبل الصباحِ
زَارني من أُحب قبل الصباحِ / فَحَلالي تهَتُّكي وافتِضاحِي
وسقاني وقال نم وتسلَّى / ما عَلى مَن أحَبَّنا من جُناحِ
فَأدِر كأس من أُحِبُّ وأهْوى / فَهوى من أُحِبُّ عَين صَلاحِ
لوْ سَقاهَا لميِّت عاد حَيًّا / فَهي راحى وَاحة الأرْواحِ
لا تَلمني فَلست أصْغى لِعذلٍ / لاَ ولو قُطِّع الحشا بالصياَح
مَا أُحيلى حَديث ذِكر حَبيبي / بَين أهْل الصفَا وَأهل الفلاح
قد تجلى الحبِيب في جنح لَيْلِى / وَحَبانِي بوصله للصَّبَاح
طابَ وَقتي وقد خلعت عذَارِي / فَاسقِني بالكؤوسِ والأقداحِ
أنخ الركائب في فِناء الدارِ
أنخ الركائب في فِناء الدارِ / وَانزْلَ بساحتها نزول الجارِ
يا صاحِ رَوِّجْهُنَّ من نَصب السُرى / واعلمْ بِأنك ما بَقيتَ لسَارِ
وانظرُ إِلى المغنَى الذي يبدو لنا / بالرقمتين عَن يمَين النارِ
هَاتيكَ دارهمو وأمَّا نارُهمْ / فقد اضرمت بالقصد للخُطَّارِ
يُهدى لها من تَاه في جنح الدُّجَى / فَهي الهدى للهائم المُحتارِ
يَهْنيكَ يا سعدُ الوصولُ إِليهمُ / فَلَقَدْ بلغْتَ منَازِلَ الأبْرَارَ
فاضرب عن الأسفار قد نلت المنى / وبلغت دير القسِّ بالأسفار
واشربْ مِنَ الرَّاحِ الذي يُقرَى به / لِلوارد الصَّادي على المزْمَارِ
واسع إِلى ألا كان واخلع غيرها / تَهْتَزَّ مِن طربٍ إلى الأوتارِ
وادْخُلْ مَعَ النُّدْمان في ادابهمُ / واحْفظْ عَلى الكتمان للأسْرارِ
وَاخْلعْ عِذَاركَ في هَوَاهُمْ دائماً / أو مَا تَراني قَدْ خَلعتُ عذَاري
مَن كانً يدعى سَبْعِنيَّا يَرْعَوي / في محْوِه والصَّحْوِ لِلمضْمَارِ
تَنَبَّهْ قد بدى شمسُ العُقَارْ
تَنَبَّهْ قد بدى شمسُ العُقَارْ / وَقدْ غلبَ الشعاعُ على النهارْ
سُلافاً قدْ صَفتْ قِدْماً وَرَاقَتْ / أدِرْها بالصِّغار وبالكبارْ
فَمَا عُصِرَتْ وما جُعلت بدنٍّ / وما سُبكتْ زُجاجتُها بنارْ
شَربْناها بِدَيْر ليس فيه / سِوَى الحلاَج في خَلْعِ العذَارْ
قَدِيمٌ عَهدُنا بالسُّكر عِزًّا / وَما سُكْر الفَتى منها بعارْ
نَشا في القَوْم شَماسٌ لطيفٌ / يَجُرُّ الذّيلَ في ثَوْبِ الوقارْ
فَأفْناُهمْ به عَنْهُمْ فَتَاهُوا / فَمَا يُرْويهُمُو شُرْبُ البِحَارْ
تَرَاهُمْ شاخصينَ بِغيرِ لُبٍّ / وقد سُلبُوا بِغَير الإختْيارْ
وعند دُخُولهم في الدير ألَقوْا / عَصَاهم إذ ألمُّوا بالجوارْ
كما أَلْقى الكليم بها عصَاه / وَولَّى بالمخافَةِ للفرارْ
وَخَلوا رَأسَ مالهمُو طرِيحا / هُنَاك وَأْقبلوا بالإفتِقارْ
إِضَاعَة مَالهم وجبت عَليهمْ / كما وَجَب السُّؤَال بالاضطْرَارْ
لِسانُ الششْترَيِّ بِهم وَلوعٌ / وَعَنْهم حَالهْ مُرْ اصْطبارْ
مَنْ لاَ مِني لوْ أنه قد أبصَرا
مَنْ لاَ مِني لوْ أنه قد أبصَرا / مَا ذقته أضْحى به متَحيرا
وَغدا يَقولُ لِصحبه إِن أنتُمو / أنكرتُموا مَا بي أتيتمْ مُنكرا
شَذت أمُورُ القوم عن عَاداتِهم / فَلأجل ذاك يقال سحر مُفترى
أيا سعد قل للقُسِّ من داخل الدير
أيا سعد قل للقُسِّ من داخل الدير / أذلك نبراس أم الكأس بالخمرِ
سَرَينا له خِلنَاه نَارا تَوقَّدت / عَلى عَلَم حتى بَدتْ غرة الفَجْرِ
أقول لصحبي عادت النار قد جرت / تلوحُ وَتخْفى مَا كذا هَذه تجْرِي
وَلو أنّه نَجْمٌ لما كان وَاقِفا / تحيرتُ في هذَا كما حِرتُ في أمْرِي
إِلى أن أتيت الدير ألفُيت فَوقه / زجاجا ولا أدرى الذي فيه لا أدري
بحق المسيح أصْدُقْ لنا ما الذي حوت / فَقَال لنا خمر الهوى فاكتموا سِري
وقد رفعت من قبل شَيْث لطارقٍ / أتى قَاصِدا لِلدير تحت الدجىَ يسرِي
فَقُلْنا لهُ مَنْ يبتغي سكرة بِما / تَبيعُونها مِنه فَقالَ لنَا يشْرِي
ولكن ببذل النفس والمال حَقُّها / مَع الذل لِلخمارِ والحَمد والشكرِ
فَقُلنا لهُ خُذْ إِلَيْكَ وأسْقِنَا / فَمَنْ لام أو يَلْحَى ففي جَانب الصَبرِ
فمَا زَالَ يسقِينَا بحسن لَطَافةٍ / ويَشفَع حتى جاء بالشفع والوتر
فَلماَ تجوْهَرنَا وطابت نُفُوسُنا / وَخِفْنا مِنْ العربيد في حالة السُكر
أحس بِنا الخمار قال لناَ اشْربوا / وطِيبُوا فما فِي الدير منْ أحَد غَيري
وَسيروا إِذا شِئتم ودَلُّو سِواكُمُوا / عَلينا وغَطُّوا الأمر عن غيرِ ذي حِجرِ
وقدَ ضاقَ صدرُ الششتريِّ بكتمهِ / مع الصحوِ بعدَ المحو والوسع في الصدر
فدعنيِ أجرّ الذيلِ تيها علىَ الورى / وأصبو إِلىَ مثل الفقيهِ أبيِ بكرِ
قَد اتحدتْ هَاء الفقيهِ برِائنا / وَقد فتحتْ فكا لفكٍّ مِن القبرِ
فقوَّته العظميَ المحيطةُ بالقُوَى / سَفينة معنى قَد حوتْ كل ما يَدْري
وَتسبح فِي بحَر الوجودِ وطمِّهِ / بِريح رخاء هزَّهاَ أفقُ الفكرِ
وذاكَ لتخصيصٍ وللجذْبِ عندناَ / ومن ضل لم يلحق ولو جد في السير
مَطِيَّتُنا للمنزلِ الرحب صبرنا / على الضُّرِّ إِنَّ النفع في ذَلكَ الصبرِ
عوائدناَ الاهلُ الغليظُ حِجابهُ / وتمزيقه خرقُ العوائدِ بالقصرِ
وفِي الخلع للنعلين ما قد سمعتَهُ / مقامٌ ولكن نيطَ بالخلقِ والامرِ
وطِلِّسمُ كنز الكونِ حَلُّ عقالنا / منِ العقلِ وهوالمستفاد مدىَ الدهرِ
وفي كسرك الطِّلَّسمَ بالذل صبغةٌ / وذلك اكسيرٌ يلقَّبُ بالكسرِ
ومفتاحُ سرٍّ للحروف ورمزهاَ / وفكّ مُعَمَّى العسرِ ينحلُّ باليسرِ
وقطعُ ذوي الألبابِ عشق مراتب / من العالم الأدنى ويُسلبن كالسحرِ
وفي العالم العلويّ لَذَّتُنَا التي / ندور عليهاَ الآن والعيش في الدَّورِ
وأن يد التجريد ترفعُ سترها / وتبدو ذواتُ الحسن من داخلِ الستر
وتبدو لك الأسرار والملكُ والغنى / ويا رُبَّ حبر خاض في ذلك البحرِ
وكم دَاهشٍ قدَ حارَ في عظم موجهِ / ولم يدر ما معناهُ في المدّ والجزرِ
فان جَمَعَ التفريق كانَ مسافرَا / علَى مركبِ البِرّ المقرِّبِ للبَرِّ
وإِن فَهم الاسماءَ كان خليفةً / وعاملهُ فِي الرفع يعملُ في الجرّ
وما شِمْت من برق الأنانية التِي / شَعرتَ بها منظومةً وسطَ الشِّعرِ
فأنْتَ أنَا بل أنت أنتَ هوَ الذي / يقولُ أنا والوهم ماجرَّ للغيرِ
ومن لا يرىَ غيرا فكيف افتقارهُ / وقدْ حقَّ للتسليم والنظم والنثرِ
هل لكم في شُرب صَهْبَا مُزجت
هل لكم في شُرب صَهْبَا مُزجت / فهي ما بين اصفرار واحمرارْ
وَلها عَرْفٌ إِذا ما اُسْنشقت / أطربت في دِّنها قبل انتشار
وإِذا عَايَنْتَها في كأسِها / ذهب العقلُ ولم يبق استتار
لست تدري الكأسَ مِن خمرتها / قد صفا الكلُ صفاء إِذا تدار
أسكَرت قَبلَ التثامِ جُلَّنا / حُسنها يُغنيِ طَروبَا عن خمار
كَمْ فَراش واقِع في خمَرها / لمْ يكن يحَسبُ أن الخمر نار
أحرِقت أحشاؤه ثم اغتدى / يكشف الأسرار مخلوع العِذار
قَلَّ من يثْبُتُ إِذا يُؤْتَى بها / أو يرَى في الشرب مَصحوبَ اصطبار
إذا بُرَيْق الحمى استنارَا
إذا بُرَيْق الحمى استنارَا / أو شمته فاخلع العذَارَا
وقلْ لمنْ شامه فإنيّ / آنست لمّا رأيت نارَا
لمَّا بَدت في رُبيَ المُصَلَّى / علمت الصبحَ الاسفرارَا
ومُدْلِج في الدجى أتاهَا / قَد صيرت ليله نهَارا
وأشرقت شمَسه بأوج / الكمالِ من ذاتِه فخارا
يميلَ من سِكر ماتراه / منْ لطف ساق علِيه دَارا
سقاهَ من خندريس أنْس / سلافة تعقر القفارا
رنَّحَهُ سُكرهُ فَنادى / ياصَاح لا تترك الكبَارَا
وكنْ خليعاً كما ترَاني / لم يُبْقِ لي شربها اِختيارا
بها صَفَاَ الوقت حين دارت / عَلى الذي قد بنَى الجدارا
يَا عجبا مَالقيس ليلى / يشكو الذَّي وصْلُه النّفارا
لمَّا بدت دونَه تَسمَّى / مَجْنَونها ما رآه عَارا
لَيلاه مَا باعَدْتُه لكن / أرْخَتْ عَلى وجهِهِا الخمَارا
مَن كسَّرَ الطّلمْ عن نَفسه
مَن كسَّرَ الطّلمْ عن نَفسه / وكان فِي العَالَم ذَا مخَبرَه
بدا لهُ الكنزُ الذي قد خفى / فليشكر اللهَ الذي بصَّرَه
تبصره في الناس ذا محنةٍ / وربما بعضهم عيَّرَه
تخالهم عند اللقاء له / عيراً إِذا فرت من القَسْوَرَهْ
تخْدُمُهُ الحسناءُ بل كُلُّهن / أعْنى بهنَّ السبعة النَّيرهْ
قد فتح القُفْل الذي أغْلِق / الانسان يا صاح فما أقدره
قُفْلٌ من الاسماء قد حله / خليفة الحق الذي دبرهْ
شَرِبنا كأسَ من نهوى جِهاراً
شَرِبنا كأسَ من نهوى جِهاراً / فهمنا عندَ رؤيته حيارى
وشاهدنا بها السَّاقي تجلىَّ / فصرنا من تجليهِّ سكارى
طلبنا الأمن من ساقي الحُمَيَّا / فنادى لا حجابَ ولا ستارا
رأينا الكاس في الحانات تُجْلَى / ظننا أنَّ في الكاساتِ نارا
لاَ تَلْتفِتْ باللهِ يا ناظري
لاَ تَلْتفِتْ باللهِ يا ناظري / لاهيف كالغصنِ النّاضرِ
ما السربُ والبانُ وما لعلعٌ / ما الخَيفُ ما ظبيُ بني عامرِ
يا قلب واصرف عنك وهم النقا / وخَلّ عن سرب حمى حاجرِ
جمَالُ مَنْ سَمّيتَهُ داثِرُ / مَا حَاجةُ العَاقِلِ بالدّاثرِ
وَانّما مَطْلبه في الَّذي / هَام الْوَرَى فِي حُسْنه الّبَاهرِ
فالشعث والغبر وكمثلي أنا / أفنى من أجل الأول الآخرِ
أفادَ لِلشْمس السَّنَا مثلمَا / أعاره للقمر الزاهرِ
أصبحت فيه مُغرما حائرا / لله دَرُّ المغْرم الحْائرِ
لِلعيسِ شَوقٌ قادها نحو السري
لِلعيسِ شَوقٌ قادها نحو السري / لَمَّا دعا أجْفَانَها دَاعي الكرى
أرخ الازمَّة واتبعْها إِنهَّا / تدري الحمى النَّجْدِيّ مع من درى
حُثِّ الرَكاب فقدْ بدت سَلْعُ لنَا / وانِزلْ يمينَ الشعبِ من وادي القرى
واشتمَّ ذَاك الترْبَ إِذْ ما جِئْتَهُ / تُلْفيه عنْدَ الشمِّ مسْكا اذفَرَا
فإذا وصلْتَ إِلى العَقيق فَقُلْ لهُمْ / قَلْبُ المتيم في الخيَامِ قَدْ انْبرَى
عانقْ مَغَانيِهمْ إِذا لَمْ تَلْقهُمْ / واقْنَعْ فَقَدَ يُجْزي عن المْاء الثرَّى
يا أهْلَ رَامةَ كمْ أرومُ وصالكمُ / وأبيعُ فِيهِ العمرَ لوْ ما يشْترَى
وأشّد عروة قُربِكمْ بيد الرّضى / والدَّهْرُ يفْصمُ ما أشُدُ من العرىَ
أهْلاً وسهْلاً كل ما تَرضونَه / فَلقدْ رَضيتُ وما رأيتمْ لي أرَى
أيُّها النّاظِرُ فيه في سطح المرى
أيُّها النّاظِرُ فيه في سطح المرى / أترى منْ ذَا الذي فِيه تَرَى
هلْ هُوَ النّاظر فيه غيرُكمْ / أمْ خيَالُ مِنْكَ فيه قَدْ سرَى
أعِدِ النّظْرةَ فِيهَا إِنهَّا / حِكمةٌ كامِنَةٌ بَينَ الورَىَ
فعسىَ عِنْدَ انشقَاقِ فَجْرِها / يحمَدُ القوَمُ جمِيعاً السُّرى
لقد تِهت عُجْباً بالتَجَرُد والفَقْرِ / فلَم اندرج تحتَ الزمانِ ولا الدَهْرِ
وَجَاءتْ لِقلبي نَفْخةٌ قُدُسِيّةٌ / فَغِبتُ بها عن عَالم الخَلْقِ والأمرِ
طَوَيْتُ بسَاطَ الكونِ والطيُّ نشرُه / وما القصْدُ إلا الترْكُ للطَيِّ والنشر
غَمَّضتُ عَينَ القلْب غيرَ مطلّق / فالفَيتْني ذَاك الملقب بالغير
وصلْت لمن لمْ تنفصل عنه لحظة / ونَزَّهتُ من أعني عن الوصل والهجر
وما الوْصفُ إلاَّ دُونه غيرَ أنني / أريد به التشْبيبَ عنْ بعض ما أدري
وذلكَ مثلُ الصَوْتِ أيقظ نائما / فأبصر أمرا جلَّ عن ضابط الحصر
فقلت له الأسماء تَبْغي بَيَانه / فكانت لَهُ الألْفَاظ سترا على ستر
يا صَاحِ هَلْ هَذه شُمُوسُ
يا صَاحِ هَلْ هَذه شُمُوسُ / تَلوحُ للحيِّ أمْ كُؤُوسُ
مُدامةٌ كُلمَّا تجلَت / بانوارها تَسْجُدُ الشُّمُوسُ
قدْ زُوّجَتْ وهي للنُّدَامَى / تُجْلَى كما تَنْجَلي العَروسُ
وَعصْرُها كان في زَمَان / لا كَرْم فيه ولا غُروسُ
وتُوّجتْ والزَّمانُ طفلٌ / من قبلْ أن توُجَدَ الطُّروسُ
قيل لها الرَّاحُ وهي رُوحٌ / تحْيا بأنْفاسِهَا النُّفوسُ
سُقاةُ كاسَاتِها قِيَامٌ / فَمَا لعشاقها جُلوُسُ
دُجَى غَيْهب التفرِيقِ قد زال واشمطَّا
دُجَى غَيْهب التفرِيقِ قد زال واشمطَّا / وَاقبْلَ صُبْحُ الجمع منْ بعد ما شَطَّا
وأدْحَضَ نور الأنْسِ سِدْف دُجُنَّتي / فأصبحتُ لاَ أشْكُو فراقاً ولا شَحْطا
وولّتْ جُيُوشُ الْشَفْع عِنْدَ لِقَائِه / كَفِعْلِ خميسِ الزَّنْجِ حِينَ يرى الْقِبطَا
شَرْبتُ بِكَأسِ مِلْؤُها سِرّ وِتْرِهِ / فَها أنَا نَشْوانٌ وما ذُقْتُ إِسْفَنْطَا
فسيان عندي البعد والقرب والنوى / وما هابني قبض ولا أبتغي بسطا
وهِمتُ بذَات كَانَ بَيْنِي وبَيْنها / مِنَ الوَهْمِ بَحْرُ قَدْ وجَدْتُ لَهُ شطَّا
فيالك من بحر إِذا رام قطعه / أخو الغَرْقِ يلفيه عليه قد اشتطا
فكَمْ مِنْ مُحِب قَدَ تَرَدّى بِمَوْجِهِ / شَهِيدَا وَكَمْ رَأسٍ هُنالكَ قد قُطَّا
فَيا سَاهيا دَعْ عَنكَ رَمْلة عَالِج / ونَجْد ولاَ تَنْدُبْ أرَاكاَ ولا خُمْطا
وكَنْ قَاصِداً لِلْحَقِّ تَحْظ بنيلِهِ / ومَنْ قَصَدَ الوَهّاب لا شَكَ أنْ يُعْطَى
هو الحقُّ ثُمَّ الأيس والأيْسُ كُلُّ مَا / سِواه أرَى لَيْسَا ولكِنَهُ غَطَّى
ولَسَتُ أرىَ غَيْرا إِذا مَا لحَظْتُهُ / وَمَنْ يَلْحَظِ الأوهَام لَمْ يشَهْد القْسْطا