القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أبو الحَسن الشَّشتُري الكل
المجموع : 234
سُقيتُ كأس الهَوَى قديماً
سُقيتُ كأس الهَوَى قديماً / من غير أَرْضيِ ولاَ سمَائِي
أصْبحتُ به فَريدَ عَصري / بَينَ الْوَرى حاَمِلاً لِوائِي
لِي مَذْهَبٌ مَذْهَبٌ عَجِيب / في الحُبِّ قَدْ فَاقَ يَا هَنائِي
يَا مَنْ هُمُو لِلجْمِيل أهْلٌ / إِنْ لم يَمنُّوا فَيَا شَقائِي
حاشَاكُموا يَا أَُهَيْلَ نَجْدٍ / أن تَقْطَعوُا مِنْكْمُو رجاَئِي
إِذا لم يكنْ مَعْنى حديثك لي يُدْرَى
إِذا لم يكنْ مَعْنى حديثك لي يُدْرَى / فلا مُهْجْتيِ تُشْفىَ ولا كَبدي تُروَى
نَظرتُ فلم أنْظر سِواكَ أحبُّهُ / ولَولاكَ ما طَاَب الهَوى لِلَّذي يَهوى
ولَّما اجْتلاَك الفكرُ في خَلوة الرّضا / وغيّبت قال الناس ضَلت بي الاهْوا
لَعمرُك ما ضَلَّ المحبُّ وَما غَوى / ولكَّنهمْ لمَّا عمُوا أخطئوا الفتوى
ولو شَهدوا معنى جمَالِكَ مثْلما / شهدْتُ بعينِ القلبِ ما أنكروا الدَّعوى
خلعت عِذاري في هَواك وَمنْ يكنْ / خليعَ عِذارِ في الهوى سَرَّهُ النجوى
وَمزقتُ أثواب الوقارِ تَهتكا / عليكَ وطابت في محَبتكَ الْبلوَى
فما في الهْوى شكوىَ ولو مُزِّق الحَشَا / وَعارٌ على العُشاق في حُبِّكَ الشَّكوى
سُلُوِّيَ مكروهٌ وحُبكَ واجبٌ
سُلُوِّيَ مكروهٌ وحُبكَ واجبٌ / وشوقِي مقيمٌ والتَّواصلُ غائبُ
وفي لوح قلبي من وِدَادكِ أسطرٌ / وَدمعي مِدادٌ مثل ما الحسن كاتبُ
وقارىء فكري لْلمحَاسِن تالياً / على دَرْس آيات الجمالِ يواظبُ
أُنَزِّهُ طَرفي في سماء جَمالكمْ / لِثاقب ذِهني نَجمُها هو ثاقبُ
حَديثُ سواكَ السمع عنهُ محَّرمٌ / فَكُلِّيَ مسلوبٌ وحسنكَ سالبُ
يقولونَ لي تبْ عن هوى من تُحبُّهُ / فقلتُ عن السلوان إِنِّيَ تائبُ
عَذابُ الهوى عذبٌ على كل عَاشِق / وإِن كان عندَ الغير صعبٌ وواصبُ
يَا حاضِراً في فُؤادي
يَا حاضِراً في فُؤادي / بِالفكرِ فِيكمْ أطيبُ
إِنْ لمْ يزُرْ شخصُ عيني / فالقلبُ عِندي ينُوبُ
مَا غِبتُ لَكِنَّ جِسْمي / من النُّحول يذوبُ
فَلمْ يَجدْني عذولٌ / وَلاَ رآنِي رَقِيبُ
وَلوْ دَرَى الدَّهْرُ عَنِّي / جَاءت إِلىَّ شعُوبُ
لَمْ يَبْقَ غَيْرُ غَرامٍ / فَسَلهُ عَنِّي يِجُيبُ
طابَ شربُ المدامِ في الخَلوَاتْ
طابَ شربُ المدامِ في الخَلوَاتْ / أَسْقنيِ يانديمُ بالآنياتْ
خمرةً تَركُهَا عَليناَ حَرامٌ / ليس فِيها إِثمٌ ولا شُبُهاتْ
عُتِّقت في الدِّنانِ من قَبل آدم / أصلها طيبٌ من الطيباتْ
أفْتِنيِ أيُّها الفقيهُ وقلْ لِي / هل يجُوزُ شربها على عَرفَاتْ
أو يجوزُ الطَّوافُ والسَّعْيُ بها / وَيَلَبَّى ويُرْمى بالخْمرَاتْ
أو يجوزُ القرآنُ والذكرُ بها / أو يجوزُ التسْبيحُ في الصَّلوَاتْ
فأجاَبَ الْفِقيهُ إِنْ كانَ خمرَ / عنب فيه شيْ من المُسْكراتْ
شُربه عندنا حرامٌ يَقِيناً / زائدٌ فيهِ شيْ من الشبهاتْ
آه ياذَا الَفقيه لَوْ ذُقْتَ منها / وسمعتَ الألحْان في الخَلوَاتْ
لتركتَ الدُّنيا وما أنْتَ فِيه / وتَعشْ هَائما لِيَوْمِ المماتْ
فجرُ المعارف في شرق الهدى وَضَحَا
فجرُ المعارف في شرق الهدى وَضَحَا / بَسملْ بِكاسكَ هذا اليْوم مُفْتَتِحَا
يوم تَنزه عن أيام عادتناَ / وعن أصيل فما تُلفِيه غير ضُحى
إِن كنت تُنصفه فاخلع عِذَاركَ في / زَمانِه الفرد لا تَنْفَكُّ مُصْطبِحاَ
واشرب وزَمْزِمْ ولا تُلوِي على أحد / ولا تُعرِّجْ على من ذاق ثُمَّ صَحا
وَبع ثِيَابك في جِرياله شَغفاَ / واجْعَل نديمكَ من أفكارك القدحاَ
فان تجوهرت فاشطح فالسكون هنا / لاينبغي إِنما السكران من شطحا
يا حبذا كل من أبدي مواجدَهُ / وَلمْ يعربد وقال الحقَّ وافتضحَا
ومالَ للصَّحوِ بعدَ المحو واتحدَت / أخبارهُ وغدا للشفع مُطَّرِحا
وقُلْ لمن جدَّ في نصحي فَديتُكَ لا / تَنْصحْ فقد عُدْتُ لا أُصغيِ لمن نَصَحا
زَارني من أُحب قبل الصباحِ
زَارني من أُحب قبل الصباحِ / فَحَلالي تهَتُّكي وافتِضاحِي
وسقاني وقال نم وتسلَّى / ما عَلى مَن أحَبَّنا من جُناحِ
فَأدِر كأس من أُحِبُّ وأهْوى / فَهوى من أُحِبُّ عَين صَلاحِ
لوْ سَقاهَا لميِّت عاد حَيًّا / فَهي راحى وَاحة الأرْواحِ
لا تَلمني فَلست أصْغى لِعذلٍ / لاَ ولو قُطِّع الحشا بالصياَح
مَا أُحيلى حَديث ذِكر حَبيبي / بَين أهْل الصفَا وَأهل الفلاح
قد تجلى الحبِيب في جنح لَيْلِى / وَحَبانِي بوصله للصَّبَاح
طابَ وَقتي وقد خلعت عذَارِي / فَاسقِني بالكؤوسِ والأقداحِ
أنخ الركائب في فِناء الدارِ
أنخ الركائب في فِناء الدارِ / وَانزْلَ بساحتها نزول الجارِ
يا صاحِ رَوِّجْهُنَّ من نَصب السُرى / واعلمْ بِأنك ما بَقيتَ لسَارِ
وانظرُ إِلى المغنَى الذي يبدو لنا / بالرقمتين عَن يمَين النارِ
هَاتيكَ دارهمو وأمَّا نارُهمْ / فقد اضرمت بالقصد للخُطَّارِ
يُهدى لها من تَاه في جنح الدُّجَى / فَهي الهدى للهائم المُحتارِ
يَهْنيكَ يا سعدُ الوصولُ إِليهمُ / فَلَقَدْ بلغْتَ منَازِلَ الأبْرَارَ
فاضرب عن الأسفار قد نلت المنى / وبلغت دير القسِّ بالأسفار
واشربْ مِنَ الرَّاحِ الذي يُقرَى به / لِلوارد الصَّادي على المزْمَارِ
واسع إِلى ألا كان واخلع غيرها / تَهْتَزَّ مِن طربٍ إلى الأوتارِ
وادْخُلْ مَعَ النُّدْمان في ادابهمُ / واحْفظْ عَلى الكتمان للأسْرارِ
وَاخْلعْ عِذَاركَ في هَوَاهُمْ دائماً / أو مَا تَراني قَدْ خَلعتُ عذَاري
مَن كانً يدعى سَبْعِنيَّا يَرْعَوي / في محْوِه والصَّحْوِ لِلمضْمَارِ
تَنَبَّهْ قد بدى شمسُ العُقَارْ
تَنَبَّهْ قد بدى شمسُ العُقَارْ / وَقدْ غلبَ الشعاعُ على النهارْ
سُلافاً قدْ صَفتْ قِدْماً وَرَاقَتْ / أدِرْها بالصِّغار وبالكبارْ
فَمَا عُصِرَتْ وما جُعلت بدنٍّ / وما سُبكتْ زُجاجتُها بنارْ
شَربْناها بِدَيْر ليس فيه / سِوَى الحلاَج في خَلْعِ العذَارْ
قَدِيمٌ عَهدُنا بالسُّكر عِزًّا / وَما سُكْر الفَتى منها بعارْ
نَشا في القَوْم شَماسٌ لطيفٌ / يَجُرُّ الذّيلَ في ثَوْبِ الوقارْ
فَأفْناُهمْ به عَنْهُمْ فَتَاهُوا / فَمَا يُرْويهُمُو شُرْبُ البِحَارْ
تَرَاهُمْ شاخصينَ بِغيرِ لُبٍّ / وقد سُلبُوا بِغَير الإختْيارْ
وعند دُخُولهم في الدير ألَقوْا / عَصَاهم إذ ألمُّوا بالجوارْ
كما أَلْقى الكليم بها عصَاه / وَولَّى بالمخافَةِ للفرارْ
وَخَلوا رَأسَ مالهمُو طرِيحا / هُنَاك وَأْقبلوا بالإفتِقارْ
إِضَاعَة مَالهم وجبت عَليهمْ / كما وَجَب السُّؤَال بالاضطْرَارْ
لِسانُ الششْترَيِّ بِهم وَلوعٌ / وَعَنْهم حَالهْ مُرْ اصْطبارْ
مَنْ لاَ مِني لوْ أنه قد أبصَرا
مَنْ لاَ مِني لوْ أنه قد أبصَرا / مَا ذقته أضْحى به متَحيرا
وَغدا يَقولُ لِصحبه إِن أنتُمو / أنكرتُموا مَا بي أتيتمْ مُنكرا
شَذت أمُورُ القوم عن عَاداتِهم / فَلأجل ذاك يقال سحر مُفترى
أيا سعد قل للقُسِّ من داخل الدير
أيا سعد قل للقُسِّ من داخل الدير / أذلك نبراس أم الكأس بالخمرِ
سَرَينا له خِلنَاه نَارا تَوقَّدت / عَلى عَلَم حتى بَدتْ غرة الفَجْرِ
أقول لصحبي عادت النار قد جرت / تلوحُ وَتخْفى مَا كذا هَذه تجْرِي
وَلو أنّه نَجْمٌ لما كان وَاقِفا / تحيرتُ في هذَا كما حِرتُ في أمْرِي
إِلى أن أتيت الدير ألفُيت فَوقه / زجاجا ولا أدرى الذي فيه لا أدري
بحق المسيح أصْدُقْ لنا ما الذي حوت / فَقَال لنا خمر الهوى فاكتموا سِري
وقد رفعت من قبل شَيْث لطارقٍ / أتى قَاصِدا لِلدير تحت الدجىَ يسرِي
فَقُلْنا لهُ مَنْ يبتغي سكرة بِما / تَبيعُونها مِنه فَقالَ لنَا يشْرِي
ولكن ببذل النفس والمال حَقُّها / مَع الذل لِلخمارِ والحَمد والشكرِ
فَقُلنا لهُ خُذْ إِلَيْكَ وأسْقِنَا / فَمَنْ لام أو يَلْحَى ففي جَانب الصَبرِ
فمَا زَالَ يسقِينَا بحسن لَطَافةٍ / ويَشفَع حتى جاء بالشفع والوتر
فَلماَ تجوْهَرنَا وطابت نُفُوسُنا / وَخِفْنا مِنْ العربيد في حالة السُكر
أحس بِنا الخمار قال لناَ اشْربوا / وطِيبُوا فما فِي الدير منْ أحَد غَيري
وَسيروا إِذا شِئتم ودَلُّو سِواكُمُوا / عَلينا وغَطُّوا الأمر عن غيرِ ذي حِجرِ
وقدَ ضاقَ صدرُ الششتريِّ بكتمهِ / مع الصحوِ بعدَ المحو والوسع في الصدر
فدعنيِ أجرّ الذيلِ تيها علىَ الورى / وأصبو إِلىَ مثل الفقيهِ أبيِ بكرِ
قَد اتحدتْ هَاء الفقيهِ برِائنا / وَقد فتحتْ فكا لفكٍّ مِن القبرِ
فقوَّته العظميَ المحيطةُ بالقُوَى / سَفينة معنى قَد حوتْ كل ما يَدْري
وَتسبح فِي بحَر الوجودِ وطمِّهِ / بِريح رخاء هزَّهاَ أفقُ الفكرِ
وذاكَ لتخصيصٍ وللجذْبِ عندناَ / ومن ضل لم يلحق ولو جد في السير
مَطِيَّتُنا للمنزلِ الرحب صبرنا / على الضُّرِّ إِنَّ النفع في ذَلكَ الصبرِ
عوائدناَ الاهلُ الغليظُ حِجابهُ / وتمزيقه خرقُ العوائدِ بالقصرِ
وفِي الخلع للنعلين ما قد سمعتَهُ / مقامٌ ولكن نيطَ بالخلقِ والامرِ
وطِلِّسمُ كنز الكونِ حَلُّ عقالنا / منِ العقلِ وهوالمستفاد مدىَ الدهرِ
وفي كسرك الطِّلَّسمَ بالذل صبغةٌ / وذلك اكسيرٌ يلقَّبُ بالكسرِ
ومفتاحُ سرٍّ للحروف ورمزهاَ / وفكّ مُعَمَّى العسرِ ينحلُّ باليسرِ
وقطعُ ذوي الألبابِ عشق مراتب / من العالم الأدنى ويُسلبن كالسحرِ
وفي العالم العلويّ لَذَّتُنَا التي / ندور عليهاَ الآن والعيش في الدَّورِ
وأن يد التجريد ترفعُ سترها / وتبدو ذواتُ الحسن من داخلِ الستر
وتبدو لك الأسرار والملكُ والغنى / ويا رُبَّ حبر خاض في ذلك البحرِ
وكم دَاهشٍ قدَ حارَ في عظم موجهِ / ولم يدر ما معناهُ في المدّ والجزرِ
فان جَمَعَ التفريق كانَ مسافرَا / علَى مركبِ البِرّ المقرِّبِ للبَرِّ
وإِن فَهم الاسماءَ كان خليفةً / وعاملهُ فِي الرفع يعملُ في الجرّ
وما شِمْت من برق الأنانية التِي / شَعرتَ بها منظومةً وسطَ الشِّعرِ
فأنْتَ أنَا بل أنت أنتَ هوَ الذي / يقولُ أنا والوهم ماجرَّ للغيرِ
ومن لا يرىَ غيرا فكيف افتقارهُ / وقدْ حقَّ للتسليم والنظم والنثرِ
هل لكم في شُرب صَهْبَا مُزجت
هل لكم في شُرب صَهْبَا مُزجت / فهي ما بين اصفرار واحمرارْ
وَلها عَرْفٌ إِذا ما اُسْنشقت / أطربت في دِّنها قبل انتشار
وإِذا عَايَنْتَها في كأسِها / ذهب العقلُ ولم يبق استتار
لست تدري الكأسَ مِن خمرتها / قد صفا الكلُ صفاء إِذا تدار
أسكَرت قَبلَ التثامِ جُلَّنا / حُسنها يُغنيِ طَروبَا عن خمار
كَمْ فَراش واقِع في خمَرها / لمْ يكن يحَسبُ أن الخمر نار
أحرِقت أحشاؤه ثم اغتدى / يكشف الأسرار مخلوع العِذار
قَلَّ من يثْبُتُ إِذا يُؤْتَى بها / أو يرَى في الشرب مَصحوبَ اصطبار
إذا بُرَيْق الحمى استنارَا
إذا بُرَيْق الحمى استنارَا / أو شمته فاخلع العذَارَا
وقلْ لمنْ شامه فإنيّ / آنست لمّا رأيت نارَا
لمَّا بَدت في رُبيَ المُصَلَّى / علمت الصبحَ الاسفرارَا
ومُدْلِج في الدجى أتاهَا / قَد صيرت ليله نهَارا
وأشرقت شمَسه بأوج / الكمالِ من ذاتِه فخارا
يميلَ من سِكر ماتراه / منْ لطف ساق علِيه دَارا
سقاهَ من خندريس أنْس / سلافة تعقر القفارا
رنَّحَهُ سُكرهُ فَنادى / ياصَاح لا تترك الكبَارَا
وكنْ خليعاً كما ترَاني / لم يُبْقِ لي شربها اِختيارا
بها صَفَاَ الوقت حين دارت / عَلى الذي قد بنَى الجدارا
يَا عجبا مَالقيس ليلى / يشكو الذَّي وصْلُه النّفارا
لمَّا بدت دونَه تَسمَّى / مَجْنَونها ما رآه عَارا
لَيلاه مَا باعَدْتُه لكن / أرْخَتْ عَلى وجهِهِا الخمَارا
مَن كسَّرَ الطّلمْ عن نَفسه
مَن كسَّرَ الطّلمْ عن نَفسه / وكان فِي العَالَم ذَا مخَبرَه
بدا لهُ الكنزُ الذي قد خفى / فليشكر اللهَ الذي بصَّرَه
تبصره في الناس ذا محنةٍ / وربما بعضهم عيَّرَه
تخالهم عند اللقاء له / عيراً إِذا فرت من القَسْوَرَهْ
تخْدُمُهُ الحسناءُ بل كُلُّهن / أعْنى بهنَّ السبعة النَّيرهْ
قد فتح القُفْل الذي أغْلِق / الانسان يا صاح فما أقدره
قُفْلٌ من الاسماء قد حله / خليفة الحق الذي دبرهْ
شَرِبنا كأسَ من نهوى جِهاراً
شَرِبنا كأسَ من نهوى جِهاراً / فهمنا عندَ رؤيته حيارى
وشاهدنا بها السَّاقي تجلىَّ / فصرنا من تجليهِّ سكارى
طلبنا الأمن من ساقي الحُمَيَّا / فنادى لا حجابَ ولا ستارا
رأينا الكاس في الحانات تُجْلَى / ظننا أنَّ في الكاساتِ نارا
لاَ تَلْتفِتْ باللهِ يا ناظري
لاَ تَلْتفِتْ باللهِ يا ناظري / لاهيف كالغصنِ النّاضرِ
ما السربُ والبانُ وما لعلعٌ / ما الخَيفُ ما ظبيُ بني عامرِ
يا قلب واصرف عنك وهم النقا / وخَلّ عن سرب حمى حاجرِ
جمَالُ مَنْ سَمّيتَهُ داثِرُ / مَا حَاجةُ العَاقِلِ بالدّاثرِ
وَانّما مَطْلبه في الَّذي / هَام الْوَرَى فِي حُسْنه الّبَاهرِ
فالشعث والغبر وكمثلي أنا / أفنى من أجل الأول الآخرِ
أفادَ لِلشْمس السَّنَا مثلمَا / أعاره للقمر الزاهرِ
أصبحت فيه مُغرما حائرا / لله دَرُّ المغْرم الحْائرِ
لِلعيسِ شَوقٌ قادها نحو السري
لِلعيسِ شَوقٌ قادها نحو السري / لَمَّا دعا أجْفَانَها دَاعي الكرى
أرخ الازمَّة واتبعْها إِنهَّا / تدري الحمى النَّجْدِيّ مع من درى
حُثِّ الرَكاب فقدْ بدت سَلْعُ لنَا / وانِزلْ يمينَ الشعبِ من وادي القرى
واشتمَّ ذَاك الترْبَ إِذْ ما جِئْتَهُ / تُلْفيه عنْدَ الشمِّ مسْكا اذفَرَا
فإذا وصلْتَ إِلى العَقيق فَقُلْ لهُمْ / قَلْبُ المتيم في الخيَامِ قَدْ انْبرَى
عانقْ مَغَانيِهمْ إِذا لَمْ تَلْقهُمْ / واقْنَعْ فَقَدَ يُجْزي عن المْاء الثرَّى
يا أهْلَ رَامةَ كمْ أرومُ وصالكمُ / وأبيعُ فِيهِ العمرَ لوْ ما يشْترَى
وأشّد عروة قُربِكمْ بيد الرّضى / والدَّهْرُ يفْصمُ ما أشُدُ من العرىَ
أهْلاً وسهْلاً كل ما تَرضونَه / فَلقدْ رَضيتُ وما رأيتمْ لي أرَى
أيُّها النّاظِرُ فيه في سطح المرى
أيُّها النّاظِرُ فيه في سطح المرى / أترى منْ ذَا الذي فِيه تَرَى
هلْ هُوَ النّاظر فيه غيرُكمْ / أمْ خيَالُ مِنْكَ فيه قَدْ سرَى
أعِدِ النّظْرةَ فِيهَا إِنهَّا / حِكمةٌ كامِنَةٌ بَينَ الورَىَ
فعسىَ عِنْدَ انشقَاقِ فَجْرِها / يحمَدُ القوَمُ جمِيعاً السُّرى
لقد تِهت عُجْباً بالتَجَرُد والفَقْرِ / فلَم اندرج تحتَ الزمانِ ولا الدَهْرِ
وَجَاءتْ لِقلبي نَفْخةٌ قُدُسِيّةٌ / فَغِبتُ بها عن عَالم الخَلْقِ والأمرِ
طَوَيْتُ بسَاطَ الكونِ والطيُّ نشرُه / وما القصْدُ إلا الترْكُ للطَيِّ والنشر
غَمَّضتُ عَينَ القلْب غيرَ مطلّق / فالفَيتْني ذَاك الملقب بالغير
وصلْت لمن لمْ تنفصل عنه لحظة / ونَزَّهتُ من أعني عن الوصل والهجر
وما الوْصفُ إلاَّ دُونه غيرَ أنني / أريد به التشْبيبَ عنْ بعض ما أدري
وذلكَ مثلُ الصَوْتِ أيقظ نائما / فأبصر أمرا جلَّ عن ضابط الحصر
فقلت له الأسماء تَبْغي بَيَانه / فكانت لَهُ الألْفَاظ سترا على ستر
يا صَاحِ هَلْ هَذه شُمُوسُ
يا صَاحِ هَلْ هَذه شُمُوسُ / تَلوحُ للحيِّ أمْ كُؤُوسُ
مُدامةٌ كُلمَّا تجلَت / بانوارها تَسْجُدُ الشُّمُوسُ
قدْ زُوّجَتْ وهي للنُّدَامَى / تُجْلَى كما تَنْجَلي العَروسُ
وَعصْرُها كان في زَمَان / لا كَرْم فيه ولا غُروسُ
وتُوّجتْ والزَّمانُ طفلٌ / من قبلْ أن توُجَدَ الطُّروسُ
قيل لها الرَّاحُ وهي رُوحٌ / تحْيا بأنْفاسِهَا النُّفوسُ
سُقاةُ كاسَاتِها قِيَامٌ / فَمَا لعشاقها جُلوُسُ
دُجَى غَيْهب التفرِيقِ قد زال واشمطَّا
دُجَى غَيْهب التفرِيقِ قد زال واشمطَّا / وَاقبْلَ صُبْحُ الجمع منْ بعد ما شَطَّا
وأدْحَضَ نور الأنْسِ سِدْف دُجُنَّتي / فأصبحتُ لاَ أشْكُو فراقاً ولا شَحْطا
وولّتْ جُيُوشُ الْشَفْع عِنْدَ لِقَائِه / كَفِعْلِ خميسِ الزَّنْجِ حِينَ يرى الْقِبطَا
شَرْبتُ بِكَأسِ مِلْؤُها سِرّ وِتْرِهِ / فَها أنَا نَشْوانٌ وما ذُقْتُ إِسْفَنْطَا
فسيان عندي البعد والقرب والنوى / وما هابني قبض ولا أبتغي بسطا
وهِمتُ بذَات كَانَ بَيْنِي وبَيْنها / مِنَ الوَهْمِ بَحْرُ قَدْ وجَدْتُ لَهُ شطَّا
فيالك من بحر إِذا رام قطعه / أخو الغَرْقِ يلفيه عليه قد اشتطا
فكَمْ مِنْ مُحِب قَدَ تَرَدّى بِمَوْجِهِ / شَهِيدَا وَكَمْ رَأسٍ هُنالكَ قد قُطَّا
فَيا سَاهيا دَعْ عَنكَ رَمْلة عَالِج / ونَجْد ولاَ تَنْدُبْ أرَاكاَ ولا خُمْطا
وكَنْ قَاصِداً لِلْحَقِّ تَحْظ بنيلِهِ / ومَنْ قَصَدَ الوَهّاب لا شَكَ أنْ يُعْطَى
هو الحقُّ ثُمَّ الأيس والأيْسُ كُلُّ مَا / سِواه أرَى لَيْسَا ولكِنَهُ غَطَّى
ولَسَتُ أرىَ غَيْرا إِذا مَا لحَظْتُهُ / وَمَنْ يَلْحَظِ الأوهَام لَمْ يشَهْد القْسْطا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025