المجموع : 53
يا سايراً نحوَ الحجاز مُشمراً
يا سايراً نحوَ الحجاز مُشمراً / اجْهَدْ فَدَيْتُك فِي المَسير وَفِي السُّرى
وتدَرَّع الصبرَ الجميلَ ولا تكُنْ / فِي مطلب المَجْدِ الأثيلِ مُقَصرَا
اقصدْ إِلَى حَيْثُ المكارمُ والندى / يلقاكَ وجههما مضيئاً مقمرا
وإذا سهرت الليلَ فِي طلب العلا / فحذارِ ثُمَّ حَذَارِ من خدْع الكرى
إن كلتِ النجبُ الركائبُ تارةً / فأعِدْ لَهَا ذكر الحَبيب مُكَررا
وأبعث لَهَا سرَّ المُدامِ فإنها / بالذِّكرِ لا تَنْفكُّ حَتَّى تَسْكَرا
وإذا اخْتفتْ طُرقُ المَسير وظَلّ من / أشكالِها نَظرُ البصير محيرا
فالقصْدُ حَيْثُ النورُ يُشرقُ ساطِعاً / والطرق حيثْ ترَى الثَّرى مُتَعطرا
قف بالمنازلِ والمَناهل من لدُنْ / وادي قباءَ إِلَى حِمى أمُ القُرَى
وتوَخّ آثارَ النَّبي فَضَعْ بِهَا / مُتَشرِّفاً خَدَّيكَ فِي عَفْر الثَّرَى
وَإذَا رَأيتَ مهابِطَ الوحيِ الَّتِي / نَشرتْ عَلَى الآفاق نُوراً نَوَّرَا
فاعلم بأنَّكَ مَا رَأيتَ شَبِيهَهَا / مُذْ كنتَ فِي ماضيَ الزَّمان ولا يرى
شرفاً لأمكنة تَنَزَّلَ بَيْنَها / جبريلُ عن رب السماء مُخَبِّرا
فَتَأَثَّرَتْ عنهُ بأحسنِ بهجة / أُفدى الجَمالَ مُؤثَّراً ومُؤَثِّرا
فتردَّد المحتارُ بَيْنَ بَعِيدهَا / وقَرِيبِها مُتَبدّياً مُتَحَضرَا
فتبرمتْ بجمالهِ وتشرَّفَتْ / بجلالهِ وَرَأَتْ مَقَاماً أكْبَرا
واسْتَوْدَعت من سره مَا كاد أنْ / يُبدَى لنا مَعنى الكمال مُصَوَّرَا
سرٌّ فهمنا كنههُ لَمْ يَشْتَبِهْ / فنشكَّ فِيهِ وَلَمْ يهنْ فَيُفَسَّرَا
اللهُ أكْبَرُ مَا أعزَّ جَنَابَه / وأجلَّ رفعْتَه عَلَى كُل الورَى
ولقدْ أقولُ إذَا الكواكبُ أشرَقَتْ / وترفعتْ فِي منتهَى شرف الذرى
لا تفخراً زُهراً فإنَّ مُحَمَّداً / أعلى عُلاً مِنهَا وأشرقُ جوهَرا
أحيى الإلهُ بِبعثِه سُننَ الهُدَى / وأعادَ مِن عَهْد النَّبُوَّةِ أعصرَا
وأتى بِهِ والنَّاسُ فِي ظُلَم الْعَمَى / مُولى المعَارفُ والقلوب فأنشرا
نِلنَا بِهِ مَا قَدْ رأينا من عُلاً / معَ مَا يؤمل فِي القيامة أنْ ترى
فَبِهِ المَلاذُ تَقَدَّماً وتأخراً / ولَهُ الجَميلُ مُحقّقًا ومقرَّرَا
لله مَا فِيهِ مِنَ الشرفِ الَّذِي / أعيَا عَلَى حُسَّابِه أنْ يُحْصرا
فَسَعادَةٌ أوليةٌ سَبَقَتْ وَمَا / هوَ ثابتٌ أزلاً فلنْ يَتَغَيَّرا
وسيادَةٌ بارَى الأنامَ لَهَا وَلا / سيما إذَا قدموا عَلَيْهَا المحشَرا
وَزَهَادَةٌ مَا اسْتَصْلَحَت شَيئاً من الدْ / دُنْيا لأنْ يُصغِي إِلَيْهِ ويَنظُرا
وجَلالَةٌ فِي الخُلْقِ حَتَّى إنَّه / أثنى عَلَيْهَا من بَرَاهُ وَصَوَّرا
وطهارةٌ فِي الخَلْق حَتَّى إنَّهُ / يندَى مع الأعرافِ مِسكاً أذفَرَا
وتجاوزٌ يُنسى العيوب تكرماً / ويُغادِر الذنب الكبير مُحقرا
ومواهبٌ يأتي لَهَا التأمِيلُ مُسْ / تقصىً فَيَرجعُ عَندَهُ مستقصرَا
ومهابةٌ مَلأ القلوبَ بَهاؤُهَا / واسْتَنْزَلَتْ كِبْرَ المُلوكِ مُصغَّرَا
نَزَلَتْ عَلَى قِدَم الزمان بِتُبَّعٍ / وَدَنَتْ عَلَى بُعد المَزارِ بِقَيصَرا
ولربما هبَّ القِتالُ فلوْ غَدَتْ / للَّيْثِ نالَ بِهَا الفريسةَ مُخْدَرَا
وبَديعُ لُطفِ شَمائل مِن دونِها / مَاءُ الغَمامَة والنَّسيمِ إِذَا سَرَى
مَع سَطْوَة لله فِي يوْم الوَغَى / تعنُو لشدَّةِ بأسها أَسْدُ الشرى
متعادلُ الطَّرَفيْن فِي طرُق العلا / عدلا وحاشاهُ بأن يَسْتَجْورا
لا يُنْكَرُ المَعْرُوفُ مِن أَخلاقه / فإِذا استبيحَ حمى الإلَه تَنَكَّرَا
عضبا لو أن البيض تدركُ كنهه / دانتْ لَهَا رعباً فسالتْ أنْهُرَا
شوْقِي لِقُرِب جنانه وصَحابِه / شوقاً يجِلُّ يسيرُهُ أن يذْكرا
أفنى كنوزَ الصَّبر من إسرافه / وجرَى علَى الأحشاء منْهُ مَا جرى
إِن لاح صُبحٌ كَانَ وجداً مقلقاً / أَوْ جنَّ ليلٌ هماً مسهرَا
لا وَاخَذَ اللهُ الزمانَ فإنَّه / أعنى مُرادِي مِنْهُ أن يتيسرا
أرجُو وصَالَ أحبّتي فكأنَّمَا / أرجو المحَالَ وُجُودَهُ المتعَذرَا
وأَسيرُ نَحْو مقامِهِم حَتَّى إِذَا / شَارفْتُ رؤيته رَجعتُ القهقَرَا
متلوّناً فِي الحالِ والمتَغير الأحْوَا / لِ يَلْقَى شرْبَهُ مُتَغَيرا
يَا خاتم الرُّسَل الكرامِ نداءَ مَنْ / وافى إِلَيْكَ مديحَه مُسْتَعذَرَا
أنا ضَيفك المدعو يومَ معادنا ال / مرجوّ فاجْعَلْ منْ قرايَ الكوثَرَا
شرَفُ المُصْطَفى رفيعٌ عمادُه
شرَفُ المُصْطَفى رفيعٌ عمادُه / لَيْسَ يُحْصَى بكثرة تَعْدَادُه
لاح للمهتدين منه سراجٌ / بِيَدِ الله قِدْحُهُ وزنَادُه
وبدا لِلْغاوِينَ سَيفَ انتقامٍ / مستحيلٌ عليهمُ إغمادُه
بَعْثُهُ بَعْث كل خَير ومِيلا / دُ الهدى والتقَى مَعاً ميلادُه
فالمعالي لِذاتِهِ وعُلومُ الغَيْ / ب لذاتُه ومِنها مِدَادُه
وَلَهُ فِي صفَاتِه وَمَزَايَاهُ كَما / لٌ تَشْجَى بِهِ حَسَّادُهْ
لا ينالُ العدوُّ منها ولا يق / دَحُ فِيهَا عُتُوُّه وعَتَادُه
بَهَرَتْ كُلَّ من رآها كمالاً / وأقرتْ بِفَضْلِها أضُدَادُهُ
ثَابتُ الجأش طَاهرُ النفْس سمح الطْ / طَبع فِي البذلِ الجزيل جواده
جامِلُ الكل وَافرُ الفضْل وَا / فى العدلَ هَنيُّ المرامِ سَهْلٌ قياده
أَبُطَحِيٌّ لَهُ منَ النَّسبِ الوا / فر فخرٌ تنمَى بِهِ أجْدَادُه
وَلَهُ فَوْقَ فخرهمْ منْ مساعي / ه طريقٌ لا يدَّعيه تِلادُهْ
وبه قَدْ تَدَارَكَ اللهُ أهْلَ ال / أرْض لما طَغَى عَلَيْهَا عِبادُهْ
وغَدَا فيهمو لإِبْليس سُوقٌ / قائمٌ بَيْنَهمْ بعيدٌ كسادُهْ
وضلالٌ لوْ أَنَّهُ لاحَ للأعْ / ينُ غَطى وجهَ الصباح سوادُهْ
فأتاهُمْ نُورٌ مُبينٌ ودِين / واضحٌ حَقُّهُ جَلِيٌُّ سدَادُه
جَاءَ مِن عندِ ربهِ بِكتاب / مُحْكَمِ النَّظْمِ كامل إرشَادُهْ
هو غَض عَلَى الزَّمانِ لَذيذٌ / دَرْسُهُ لا يَمَله تَرْدَادُهْ
أعْجَزَ العَالمِينَ طُرّاً ومَنْ غا / لَبَ بَحْراً وَدَتْ بِهِ أطْوَادُه
سُخرَ الكَوْنُ لِلرَّسُولِ فَأَبْدَى / صَامِتٌ نُطْقَه وحَيَّا جَمادُه
وَلَهُ الجذعُ حَنَّ لما شَجَاهُ / بَعْدَ قرب المزارِ مِنْهُ بعادُه
وأجَابَ اسْتِدعَاهُ الشَّجَرُ المنقا / دُ طَوْعاً لمَّا أريد انْقِيادُه
وأتى بانْشِقَاق بَدْر الدَّيَاجِي / خَبَرٌ عَنْهُ ثَابِتٌ إِسْنَادُهْ
كَثُرَتْ مُعْجِزاتُ أحمدَ حَتَّى / صَارَ خرقُ العادات فِيهَا اعتِيادُه
هيَ كالدُّر فِي الغنا إِنْ يُؤلَف كا / نَ فضْلاً أَوْ لا اكْتَفَتْ آحادُهْ
ثُمَّ لو لَمْ يكنْ لَكَانَ دَليلاً / وَاضحاً حُسْنُ شرْعِه واعتِقَادهْ
ويَقيناً بالله حَقّاً فَلا تَلْقَا / هُ إِلاَّ عَلَى الإلَه اعتِمادُهْ
وَعُلُومٌ لَمْ يدرها قومهُ قبْ / ل وحُكْمٌ لا تَقْتَضيهِ بِلادُهْ
وَعِبادَاتُه الَّتِي لَمْ يَحُلْ عَنْها / ملالا وَطَالَ فِيهَا اجْتِهَادُهْ
سعدَت منهُ أنجمُ الليل بالصح / بة حين اشْتَكى الفِراقَ وسَادُهْ
تعبٌ لِلجسومِ يبدِلهُ الل / ه منْ رَاحَةٍ المَعَاد مُرَادُهْ
يَا رَسولَ الملِيكِ دعوة مَنْ / زَادَ بِهِ شَوقهُ وصَحَّ ودادُهْ
لكَ أشكُو حالاً من الدين والدنْ / يا شديدٌ غُلْوّهُ واقْتِصَادُهْ
هوَ حَدُّ بَيْنَ السرور وبَينِي / كَدَّرَ العيْشَ عَكْسُه واطرادُهْ
وعليكَ السلامُ من ذي اشتياق / أنتَ فِي الحشر كَنْزُهُ وَعَتادُهْ
ذروا فِي السُّرى نحو الجناب الممنَّعِ
ذروا فِي السُّرى نحو الجناب الممنَّعِ / لذيذَ الكرى واجفُو لَهُ كل مضجع
وأهدوا إِذَا جئتم إِلَى خير مرْبع / تحيةَ مضنىً هائم القلبِ موجَع
سريع إِلَى دَاعِ الصَّبابة طيِّعٍ /
يَقُومُ بِأحْكامِ الهَوى ويُقيمها / فكمْ ليلة قَدْ نازلتُه هُمُومُهَا
فسَامَرَها حَتَّى تَوَلَّتْ نجومُها / لَهُ فِكرةٌ فيمَنْ يُحبُّ نديمها
وطَرْفٌ إِلَى اللقيا كثير التَّطَلع /
وكمْ ذَاقَ فِي أحوَالِه طَعم محنة / وكمْ عاذَ مِنهُ من مواقف فِتنة
وكمْ أنَّةِ يأتي بِهَا بَعْد أَنَّةٍ / تَنِمُّ عَلَى سر لَهُ فِي أكِنَّة
وَتُخْبِرُ عَنْ قلْب لَهُ مُتقَطع /
نعَى صَبْرَهُ شَوْقٌ أقَامَ ملازِماً / وحبٌّ يحاشى أن يطيعَ اللوائما
وجفنٌ ترى أَنْ لا يرى الدهر نائماً / وعقلٌ ثَوَى فِي سكرة الحب دائما
وأقسَمَ أن لا يَسْتَفِيقَ وَلا يَعِي /
أقامَ عَلَى بُعْد المزَار مُتَيَّماً / وَأَبْكاهُ برقٌ بالحجازِ تَبَسَّما
وشوَّقه أحبابَهُ نَظَرُ الحمى / دَعُوهُ لأمْر دُونَه تَقْطر الدما
فَيَا وَيْحَ نَفْس الصب من مَا لَهُ دُعِي /
لَهُ عندَ ذكر المُنْحَنا سَفْحُ عبرة / وبين الرجا والخوف موقفُ عِبرة
فَحِيناً يُوافِيهِ النعيمُ بنَظْرة / وحيناً ترى فِي قَلبِهِ نار حسرة
يَجِيء إِلَيْهِ الموْت منْ كل مَوْضع /
سَلامٌ عَلَى صَفْو الحَيَاة وطِيبِهَا / إِذَا لَمْ تفز عيني بِلُقْيا حَبيبِها
ولم تحظَ من إِقبالِه بِنَصِيبِها / ولا استعطفتهُ عَبرتِي بِصَبِيبِها
وَلا وَقَعَتْ شَكْوَايَ مِنه بمَوْقِع /
مُوَكِّلَ طَرْفي بِالسُّهاد الْمُؤرّق / وَمُجْرِىَ دَمْعِي كَالحيا المتدفِّق
وملهبَ وَجدٍ فِي فؤادي مُحَرق / بِعينَيْك مَا يَلْقَى الفؤَادُ وَمَا لَقِي
وعِنْدَكَ مَا تَحوي وتُخْفِيهِ أَضْلُعِي /
أضرتْ بي البلوى وذو الحب مبتلى / يعالجُ دَاءً بَيْنَ جنبيه مُعْضلا
ويُثْقِلُه مِنْ وَجْده مَا تحملا / وتبعثه الشكوى فيَشْتَاقُ منزلا
بِهِ يَتَلَقَّى رَاحَةَ الْمُتَوَدع /
مقر الَّذِي دلَّ الأنام بشرْعِه / عَلَى أصل دين الله حقّاً وَفرعِه
بِهِ انضم شمل الدين من بعد صدعه / لَنَا مذْهبُ العشاق فِي قصْدِ رَبعه
نُقيمُ بِهِ رَسْمَ البُكَا والتَّضَرع /
تحلُّ بِهِ الأنوارُ مِلءَ رحَابِه / ومستودَعُ الأسرار عِند صحَابِه
هِدايةُ من يحتارُ تأميل بَابِه / وتشريف منْ يختارُ قَصْدَ جنابِه
بِتَقْبِيلِه وَجْهَ الثَّرى المتَضوع /
أقامَ لَنَا شرْعَ الهدَى وَمَنارَهُ / وَأَلْبَسَنَا ثَوْبَ التقَى وشِعارَهُ
وجَنَّبَنا جورَ العَمَى وَعِثَارَهُ / سَقَى اللهُ عَهْدَ الهاشِمِيّ ودارهُ
سَحَاباً من الرضْوَان لَيْسَ بِمقلَعِ /
بني العز للتوحيد من بعد هدِّهِ / وأَوْجَبَ ذُلَّ المُشركينَ بِجِده
عزيزٌ قضَى رَبُّ السَّماءِ بسعده / وأيَّدَهُ عِنْدَ اللقاء بِجُنْده
فأَوْرَدَهُ لِلنَّصرِ أعْذَبَ مَشرَع /
أقُولُ لِرَكْبٍ سَائِرينَ لِيثْرب / ظَفرْتُم بتَقْريب النَّبي المقَرَّب
فَبُثوا إِلَيْهِ كُلَّ شَكْوَى ومتعب / وَقُصُّوا عَلَيْهِ كُلَّ سُؤلٍ وَمَطْلَب
فَأَنْتُم بِمِرءى للرَّسُول ومَسْمع /
ستحمون فِي مغناهُ خير حماية / وتكفوْنَ مَا تخشوْنَ أيَّ كفاية
وتبدو لكمْ منْ مجده كل آيَة / فَحلوا من التعظيمِ أبْعَدَ غَايَةِ
فَحَق رَسُول الله آكَدُ مَا رُعى /
أما والذي آتاهُ مَجْداً مُؤَثَّلاً / لقد كَانَ كهفاً للعفاة ومعقلاً
يبوِّئهمْ ستراً منَ الحِلم مسْبِلا / ويمطرهم غيثاً من الجود مُسبَلا
وَينزعُ فِي إِكرامِه كُلَّ منزعِ /
تَعِبْنا بِعيش مَا هَنا فِي وروده / وضرٍّ ثَقيل الوطء فِيهِ شَديده
فَرُحْنا إِلَى رَب النَّدى وعَمِيده / ولما قَصَدْناهُ وَثِقْنا بِجُوده
وَلَمْ نَخشَ رَيْبَ الحَادث المُتوقَّع /
لَقَدْ شرَّفَ الدُّنْيا قدومُ محمد / وألْقى بِهَا أنوارَ حقٍّ مُؤَيَّدِ
تَزينُ بِهِ وُرَّاثه كلَّ مَشْهَد / فَهُمْ بَيْنَ هَاد للأنامِ ومهتدِ
وَمَنْبِتُ أَصْل فِي الهُدَى ومُفَرِّع /
سَلاَمٌ عَلَى منْ شرَّفَ اللهُ قَدْرَهُ / سَلامَ مُحِب عمَّر الدهر سِرَّه
لَهُ مطلبٌ أفنى تَمَنيه عُمرَه / وحَاجَات نفس لا تجاوز صدره
أعَدَّ لَهَا جَاه الشَّفِيعِ الْمشَفَّعِ /
تهيم نفسي طرباً عندما
تهيم نفسي طرباً عندما / أسْتَمْلِح البَرْقَ الحِجَازِيَّا
ويَستخفُّ الوجدُ عقلي وَقَدْ / أصبحَ لي حسنُ الحجَى زَيَّا
يَاهَل أقضَى حاجتي منْ مني / وَأَنْحَرُ البُزّل المَهاريَّا
فأرتوي من زَمزَم فهي لي / ألَذُّ مِن رِيق المَها ريَّا
عطيّتُهُ إِذَا أعْطَى سُرورٌ
عطيّتُهُ إِذَا أعْطَى سُرورٌ / فإنْ سَلبَ الَّذِي أعْطَى أثَابَا
فأيُّ النِّعمَيَيْنِ أعُدُّ فَضْلاً / وَأَحْمَدُ عِنْدَ عُقْباها إيَابَا
أنِعْمتُهُ الَّتِي كَانَتْ سُروراً / أمْ الأُخرَى الَّتِي جَلَبَتْ ثوابا
تمنيت أن الشَّيبَ عاجَلَ لِمَّتي
تمنيت أن الشَّيبَ عاجَلَ لِمَّتي / وَقَرَّبَ مني فِي صبَاي مَزَارَهُ
لآخُذَ منْ عصر الشباب نشاطَهُ / وآخذَ منْ عصر المشيب وَقَارَهُ
يَا مُنيَتي أمَلِي بِبَابِكَ وَاقفٌ
يَا مُنيَتي أمَلِي بِبَابِكَ وَاقفٌ / والجودُ يأبَى أَنْ يَكُونَ مُضَاعَا
أشْكُو إِلَيْكَ صَبَابَةً قَدْ أترعتْ / لي فِي الهوى كأسَ النَّوى إتراعَا
ونزاعَ شوْق لَمْ تزلْ أيدي النوى / تَنْمى بِهِ حَتَّى استحال نِزاعا
لَمْ يبقَ لي أملٌ سواكَ فإنْ يفت / وَدَّعتُ أيامَ الحَياةِ ودَاعَا
لا أستلذ لغير وجهك منظراً / وسِوَى حديثكَ لا أريدُ سماعا
الجسْمُ تذيبه حُقُوقُ الخِدمهْ
الجسْمُ تذيبه حُقُوقُ الخِدمهْ / والقلبُ عَذَابُهُ علو الهِمّهْ
والعُمْرُ بِذَاكَ يَنْقَضى فِي تَعَب / والرَّاحَةُ ماتَتْ فَعَلَيْهَا الرَّحْمه
أتعبْتَ نفسكَ بَيْنَ ذلة كادح
أتعبْتَ نفسكَ بَيْنَ ذلة كادح / طلبَ الحَيَاةَ وبيْنَ حِرص مؤَمِّلِ
وأَضَعْتَ عُمْرك لا خلاعة ماجن / حَصَّلتَ فِيهِ ولا وقارَ مُبَجَّل
وَتركتَ حظَّ النفس فِي الدنيا وَفِي ال / أخْرَى ورَحْتَ عن الجميع بمعزل
لعمري لقدْ قاسيتُ بالفقر شدة
لعمري لقدْ قاسيتُ بالفقر شدة / وَقعتُ بِهَا فِي حَيْرة وَشَتات
فإنْ بحتُ بالشكوى هتكتُ مروءَتي / وإِنْ لن أبحْ بالصَّبْر خفْتُ مَمَاتي
فأعظِمْ بِهِ مِنْ نَازل بِمُلِمَّة / يُزيلُ حَيائي أَوْ يُزيلُ حَيَاتي
كم ليلة فيكَ وَصَلْنا السرَى
كم ليلة فيكَ وَصَلْنا السرَى / لا نَعْرِفُ الغَمضَ ولا نستريحْ
واختلَفَ الأَصْحاب مَاذَا الَّذِي / يزيلُ من شكواهم أَوْ يُريحْ
فَقِيلَ تَعْرِيسُهُمْ سَاعَةً / وقلتُ بلْ ذكراك وهوَ الصحيح
آهِ منْ حر الفِراق وَيَا حَسْ
آهِ منْ حر الفِراق وَيَا حَسْ / رةَ منْ خابَ بعدَ مَا قدْ تَمَنى
لَيْتَ شعري أكان هجري لِمَعْنىً / عِنْد أهْل العَقيق أم لا لمعنى
أأحبابَ قلبي والذينَ بذكرهم
أأحبابَ قلبي والذينَ بذكرهم / وتَرْدَاده طولَ الزَّمان تَعَلقي
لئنْ غابَ عنْ عيني بديع جمالكم / وجارَ عَلَى الأبدَان حُكْمُ التفرُّقِ
فما ضرنا بعدُ المسَافة بَيْنَنَا / سَرائرنا تسري إليكمُ فَنَلْتَقِي
الحمدُ لله كَمْ أسْمُو بِعزميَ فِي
الحمدُ لله كَمْ أسْمُو بِعزميَ فِي / نَيْل العُلاَ وَقَضاءُ الله ينْكسُه
كَأَنَّني البَدْرُ يبغى الشرقَ والفلكُ ال / أعلى يعارضُ مسراه فيعكسه
بعض أخلائي صار ميْتاً
بعض أخلائي صار ميْتاً / وبعضهم فِي البلاء غائبْ
وبعضُهم حاضر ولكن / يُحصى ويُقصى ولا يقارب
وصرت بَيْنَ الورى وحيداً / فلا قريبٌ ولا مناسِب
فلا تَلُمني عَلَى اكتِئابي / سُرورُ مثلي من العجائِب
أتيتك والآمال تسري إِلَى مدى
أتيتك والآمال تسري إِلَى مدى / بعيد أراه باصطناعك يقربُ
وَقَدْ شنع الأعداء أنَّ مطالِبي / ترُدُّ عَلَى أعقابِها وهي حُبَّبُ
وَمَا تركوا مِنْ حُجَّة أَوْ أتوْا بِهَا / عَلَى أَنَّني مَا لي بِبَحرك مَشرَبُ
وَوالله لا صدَّقتُ أنكَ تُرْتَجَى / لِدَفْع مُلِمٍّ حَادث فَتُجنَّبُ
مقبلٌ مدبرٌ بعيدٌ قريبٌ
مقبلٌ مدبرٌ بعيدٌ قريبٌ / مُحْسنٌ مذنبٌ عدو حبيبُ
عجبٌ من عجائب البر والبحْ / ر ونَوْعٌ فَرْدٌ وشكْلٌ غريبُ
دققتَ فِي الفطنة حَتَّى لقد
دققتَ فِي الفطنة حَتَّى لقد / أبْدَيتَ مَا يَسْحَرُ أَوْ يَسْبى
وصرتَ فِي أعلى مَقاماتِها / حَيْثُ يَراكَ الناس كالشهْبِ
وَسارَ مَا سَيَّرت من جَوْهَر ال / حِكْمَةَ فِي الشَّرق وَفِي الغرْبِ
ثُمَّ تَنَازَلْتَ إِلَى حَيْثُ لا / يَنْزلُ ذُو فَهْم وَلا لُب
تُثْبِتُ مَا تَجْحَدُهُ فِطْرَةُ ال / عَقْلِ وَلا تَشْعُرُ بِالخَطْبِ
أنْتَ دَلِيلٌ لي عَلَى أَنَّهُ / يُحالُ بَيْنَ الْمَرء والقلب
يَا عصرِ شبيبتي ولهوي أرأيت
يَا عصرِ شبيبتي ولهوي أرأيت / مَا أسرع مَا انقضيت عني ومضيْتَ
قَدْ كنتَ ساعِدَي عَلَى كيت وكيتَ / واليومَ فَلَوْ رأيتَ حالِي لَبَكَيْتَ
يفنى الزمان ومحنتي
يفنى الزمان ومحنتي / بكِ كل يوم فِي زياده
بالغت فِي طلبي وصا / لَكَ لو تواتيني السعادهْ
تنأى وتدنو دائماً / لَمْ ينتظم لي فيك عادهْ
أفنيت عمري فِي الجها / د وأرتجي فيك الشهادهْ