المجموع : 57
يا من يَتِيهُ على الزمان بحسنِه
يا من يَتِيهُ على الزمان بحسنِه / اعطِفْ على الصبِّ المشوق التائهِ
أَضْحَى يخاف على احتراق فؤادهِ / أسَفاً لأَنك منه في سودائهِ
قِف على الباب طالبا
قِف على الباب طالبا / ودع الدمع ساكبا
وتوسلْ به إِليه / من الذنب تائبا
تلق من حسن فضله / عند ذاك العجائبا
خف منه أن يرا / ك على الذنبِ راكبا
فهو يُجزِى على اليسي / رِ ويعطي الرغائبا
زينة العبدِ بالتقى / فاجعل الصدق صاحبا
والله لولا أَنَّ ذكرَك مؤْنِسي
والله لولا أَنَّ ذكرَك مؤْنِسي / ما كان عيشي بالحياة يطيبُ
ولئن بكتْ عيني عليك صبابةً / فلكل جارحةٍ عليك نحيبُ
أَتظنُّ أَن البعد حلَّ مودتي / إِن بَانَ شَخْصك فالخيال قريبُ
كيف السلوُّ وقد تمكَّن في الحشا / وَجدٌ على ما في الفؤاد رقيبُ
وإِليك قد رَحَلَ الهوى بحُشَاشتي / والسُّقمُ مُشْتَمِلٌ وأَنتَ طبيبُ
حاولتُ وصلكمُ فعزَّ المطلبُ
حاولتُ وصلكمُ فعزَّ المطلبُ / وذهبت أَسأَلكم فضاقَ المَذهَبُ
لا تَعتبوا أَني تشَكَّيْتُ الهَوَى / ردُوُّا علىَّ تصَبُّرِي ثم اعْتبوا
أَثْبَتُّمُ غَدراً وما أَنا غادرٌ / وجعلتمُ ذنباً وما أَنا مُذنِبُ
إِني لأَعجب من تحمُّلِيَ الهوى / وبقاءُ جسمي بعد ذلك أَعجَبُ
لابدَّ منكم فاهجروا أَو وَاصلوا / ما مثلكم في الحبَّ من يُتَجَنَّب
اصرِفوا عنِّي طَبِيبي
اصرِفوا عنِّي طَبِيبي / وَدَعُوني وَحَبيبي
عَلَّلوا قلبي بذكراهُ / فقد زادَ لهيبي
طابَ هَتكي في هواهُ / بَينَ وَاشٍ ورقيبِ
لا أُبالي بفَوَات النَّف / سِ ما دامَ نصيبي
ليسَ مَن لامَ وإِن أَطن / بَ فيه بمصيبِ
جَسَدي راضٍ بسُقمي / وَجُفُوني بنَحيبي
يا حاديَ العِيسِ اصطَبِر ساعةً
يا حاديَ العِيسِ اصطَبِر ساعةً / فمهجتي سارت مع الرَّكبِ
لا تَحدُ بالتفريق عن عاجلٍ / رِفقاً بقلبِ الهائمِ الصَّبِّ
لو كنتَ تدري ما احتكامُ الهوى / وجَورهُ من تَلَفِ القَلبِ
رثيتَ لي مما يُجنُّ الحَشَا / من شدة الهجَران والكَربِ
يا من يصارِمُني بلا سببِ
يا من يصارِمُني بلا سببِ / مَهْلا فإِنَّ هواك بَرَّح بي
انظر إلى رمَقٍ تجيلُ به / أَيدي الهوى أَنفاسَ مكتَئِبِ
واسمَح بحسن العَطفِ منك لمن / غَادَرتَهُ وَقْفاً على العَطبِ
قد فُلَّ صبري فيك منهزماً / لا ينثني وهواكَ في الطَّلَبِ
إذا سمْعتَ كثير المدح عن رجلٍ
إذا سمْعتَ كثير المدح عن رجلٍ / فانظر بأَيَّ لسانٍ ظلَّ ممدوحَا
فإِن رَأَى ذاك أَهلُ الفضل فارض لهم / ما قيل فيه وخُذ بالقول تصحيحا
أَوْلا فما مَدحُ أَهلِ الجهل رافِعُةُ / وربما كان ذاك المدح مجروحَا
سواءٌ أَن تلوما أو ترِيحا
سواءٌ أَن تلوما أو ترِيحا / رأيتُ القلب لا يَهوَى نصيحَا
أَما لو ذُقتُمَا صَرفَ الليالي / إذَنْ لعذَرتُما القلبَ القَرِيحا
وكانت فُرقةُ الأَحباب ظَنَّا / فأَصبح بَينَهُمْ خَبَراً صريحَا
ولو لم ينزلوا سَلماتِ نجْدٍ / لما استنشقْتُ للسَّلمَاتِ ريحا
ولا أَهديتُ للأَسماع يوماً / غناءً من حمائمها فَصِيحَا
وهأَنا قد سمحتُ بدمعِ عيني / وكنتُ بدمعها أَبداً شَحيحَا
وأَمكنتُ المحبَّة مِن قِيادي / وصنتُ مع النَّأَي وُدًّا صحيحَا
وقد سكن الجوى قلباً صحيحاً / وقد تَرَك الهوى صَدراً قريحَا
ما سمح الدهر لي بشئٍ
ما سمح الدهر لي بشئٍ / إِلا تقاضاه فاستَرَدَّا
كنت ضَنيناً بودِّ قومٍ / أَرعى لهم ذِمَّة وعهدا
فاختلَستْهُمْ يَدُ الليالي / وعَوَّضَتْ بالوصال صَدَّا
ليلتيْ رامةَ عُودَا
ليلتيْ رامةَ عُودَا / واجعلا العهد جَديدا
قَرِّبَا ما كان صَفْواً / لهوًى منا بَعِيدا
وإذا ما بَخِل الدهرُ / بإِسعافي فجودا
أَذكَرَتْني سَمْراتُ ال / حيِّ إِذا مْسنَ قدودا
مثلما أَذكرني الرَّبْ / رَبُ أَحداقاً وجيدا
ولقد أنصَفْنَ حِيناً
ولقد أنصَفْنَ حِيناً / ثم أَعقَبْنَ صدودا
وغدا صَرفُ الليالي / مُبدِياً فينَا مُعِيدا
فلكم أَمَرَح بالدم / عِ جفوناً وخُدُوداً
ولقينا بعد لينِ الع / يشةِ الصَّعبَ الشديدا
أَيها الدهر أَقلنِي / جُزتَ في الجَوْر الحدودا
قد أَرَى الليل طويلاً / فِيكَ والأَيامَ سُودا
فأَنا الدهرَ طريدٌ / أَبتَغِي صَبراً طريدا
قد قتلتِ فاتئدي
قد قتلتِ فاتئدي / لا تُعَذَّبي كَبدي
وانظري جَوًى وهوًى / سُلَّطا على جسدي
لا تهتدي بغَدٍ / فالمماتُ بعد غدِ
كلما طلبتُ رِضاً / بالوصال لم أَجدِ
ما أَرَى صدودكُمُ / ينتهي إلى أمدِ
إِنني بذلتُ دَمي / ما عليكِ من قَوَدِ
إِن بخلتِ أَن تصلي / فاسمحي بأَن تعدي
مُذْ عَلِقْتُ حُبَّكُمُ / لم أَمِل إِلى أَحَدِ
ما جرى صدودُكمُ / قبل ذاك في خَلَدِي
فارحمي قتيلَ ضناً / في هواكِ واقتصدي
قل لمن وكَّلَني بالسُّهُدِ
قل لمن وكَّلَني بالسُّهُدِ / إِنَّ مَن أَسهَرتَه لم يَرقُدِ
بنتَ والشوقُ مقيمٌ في الحشَا / يتمادَى حَرُّهُ في الكبدِ
أَنا في أَسركَ واحتكم / ما على هجركَ لي من جَلَدِ
لا يَغرُّنَّكِ يا ملكتي / رَمَقٌ يبقى ليومٍ أَو غَدِ
تلذُّ لي في هَوَى ليلى معاتبتي
تلذُّ لي في هَوَى ليلى معاتبتي / لأَنَّ في ذكرها بَرْداً على كَبدي
وأَشتهي سَقَمي أَن لا يفارقني / لأَنها أَودعَتهُ باطنَ الجَسد
وليس في النوم لي ماعشتُ من أَرَبٍ / لأَنها أَوقَفتْ جَفني على السُّهُدِ
ولو تمادت على الهِجران راضيةً / بالهجر لم أَشكُ ما أَلقى إِلى أَحدِ
فإِن أَمت في هواها فَهيَ مالكتي / وما لعبدٍ على مولاه من قَوَدِ
اللومُ أَشبه بي منها وإِن ظلمت / أنا الذي سقتُ حَتفي في الهوى بيدي
لو أَن عندكَ بعضَ ما عندي
لو أَن عندكَ بعضَ ما عندي / لرثيتَ لي من شدَّةِ الوجْد
كلَّفتني ما لو يُكلَّفُهُ / صَلدٌ لذابَ له صَفَا الصَّلْدِ
يا ليت لما رُمتَ تُتْلفِنُي / في الحبِّ كان بما سوى الصَّدِّ
لو كان هذا من سواكَ على / ضَعفي لكنتُ إِليك أَسْتَعدي
يا من بدا هجرانُهُ / ما أَنتَ أَوَّلُ من هَجَر
هيَ سنَّةٌ مألوفةٌ / فيمن تَقَدَّمَ أَو غَبَر
دوامْ على ما أَنت في / هِ فإِنما الدنيا عِبَرْ
عَوَّدتُ نفسي الصبرَ والأَج / رُ الجزيلُ لمن صَبَرْ
أَتُرَى أَضمرتْ قديماً هَجْرا
أَتُرَى أَضمرتْ قديماً هَجْرا / أم وَفَى الدهر بالتفرُّق نَذْرَا
نَظَرَتْ نظرة المشوِق وللبَ / ين بقلبي جَوًى تُشِبُّ الجمْرَا
لا وتلك الجنون والبرقع السا / تر عن مُقلتي الخدودَ الحمرَا
ما توسَّمتَ قبل زَمّ المطايا / أَن أَرى هَودجاً تكنَّفَ بدرا
أَزْمَعُوا رحلةً وقد نشروا اللي / ل عليهم من جانبيه سترَا
واستقلُّوا وللمطايا اشتياقٌ / مستمرٌّ إذ حَثَّها السَّيرُ قَسرَا
عاطفات الأَعناقِ من حَذَر التفر / يق نحو الديار يَنْظُرنَ شَذْرَا
عزَّ لي أَن أَرى المزارَ بعيداً / والديارَ التي توَّسمتُ قَفرَا
والعهودَ التي عهدتُ إِليهم / بُدِّلَت منهمُ مَلالاً وغَدْرَا
أَسعَدُ الناس من يكاتمُ سرّه
أَسعَدُ الناس من يكاتمُ سرّه / ويرى بَذْلَهُ عليه مَعَرَّهْ
إنما يُعرَفُ اللبيبُ إِذا ما / حَفِظ السرَّ عن أَخيه فسَرّهْ
إِن يجد مَرَّةً حلاوة شكوا / هُ سيلقى نَدامَةً أَلف مَرَّه
إن كنتَ لابدّ المخالطَ للورى
إن كنتَ لابدّ المخالطَ للورى / فَاصبِر فإِن من الحجَا أَن تصبرَا
وإذا لقُوكَ بمنكرٍ من فعلهم / فتلق بالمعروف ذاك المنكرَا
كالأَرض ملقىً فوقها أَقذارُها / أَبداً وتُنْبتُ ما يرُوقُ المنظرَا
شَرِيفُنَا يمْضي ومَشرُوفُنَا
شَرِيفُنَا يمْضي ومَشرُوفُنَا / وإِنما يُفتَقَدُ الخِّيرُ
كالجوِّ لا يوجد إِظلامه / إِلا إِذا ما عُدِمَ النَّيِّرُ