القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ أبي حَصِينة الكل
المجموع : 133
هَل بَعدَ شَيبكَ مِن عُذرٍ لِمُعتَذِرِ
هَل بَعدَ شَيبكَ مِن عُذرٍ لِمُعتَذِرِ / فَازجُر عَنِ الغَيِّ قَلباً غَيرَ مُنزَجِرِ
ما أَنتَ وَالبِيضُ في شِعرٍ تَفُوهُ بِهِ / بَعدَ البَياضِ الَّذي قَد لاحَ في الشَعَرِ
فَلا تَكُن مِن ظَعينِ الجِزعِ ذا جَزَعٍ / وَلا بِمَن حَلَّ وَادي السِدرِ ذا سَدَرِ
وَاَردع فُؤادكَ عَن وَجدٍ يُخامِرُهُ / إِذا نَزَلنَ ذَواتُ الخُمرِ بِالخَمَر
فَالراجِحُ اللُبِّ يَأبى أَن يُحَمِّلَهُ / وِزراً هَوى الرُجَّحِ الأَكفالِ وَالأُزُرِ
أَو يَطَّبِيهِ وَشملُ الحَيِّ مُنشَعِبٌ / رَبعٌ بِشِعبِ يَعارٍ دارِسُ الأُثَرِ
قَد كانَ مَأوى ظِباءِ الأُنسِ فَاتَّخَذَت / عُفرُ الظِباءِ بِهِ مَأوى مِنَ العَفَرِ
فَلَيسَ يَبرَحُ مُحتَلاً بِدِمنتِهِ / سِربٌ مِن الغِيدِ أَو سِربٌ مِنَ البَقَرِ
فَكُلُّ جازِئَةٍ مِنهُنَّ جاثِمَةٌ / بِحَيثُ كانَ ذَواتُ الدَلِّ وَالخَفَرِ
جِنسانِ ما أَشتَبها إِلّا لِأَنَّهُما / نَوافِرٌ قَلَّما يَألفَن بِالنَفَرِ
يا ظَبيَةً لا تَبيتُ اللَيلَ ساهِرَةً / هَلا رَثَيتِ لِمَوقُوفٍ عَلى السَهَرِ
أَورَدتِهِ بِالمُنى وِرداً عَلى ظَمَإٍ / وَما شَفَيتِ غَليلَ الصَدرِ في الصَدَرِ
لَقَد بَخِلتِ وَفَضلُ البُخلِ مَكرُمَةٌ / مِنَ الأُناثِ كَفَضلِ الجُودِ في الذَكَرِ
لا حَبَّذا صَفَرٌ شَهراً فَقَد صَفِرَت / يَدايَ مِن زَورَةِ الأَحبابِ في صَفَرِ
كَأَنَّ أَعشارَ قَلبي يَومَ بَينِهِمِ / تُذكى بِزِندَين مِن مَرخٍ وَمِن عُشَر
يا سَاكِنينَ بِحَيثُ الخَبتُ مِن هَجَرٍ / أَطَلتُمُ الهَجرَ مُذ صِرتُم إِلى هَجَرِ
عُودوا غِضاباً وَلا تَنأى دِيارُكُم / فَقِلَّةُ الماءِ تُرضي الكُدرَ بِالكَدِرِ
يا دَهرُ لا تَستَقِل جُرماً بِنَأيِهِمِ / فَإِنَّ جُرمَكَ جُرمٌ غَيرُ مُغتَفَرِ
ما لُمتُ غَيرَكَ في تَغييرِ وُدِّهِمِ / لِأَنَّ صَرفَكَ مَجبُولٌ عَلى الغِيَرِ
سَحَبتُ بُردَيكَ في غَيٍّ وَفي رَشَدٍ / وَذُقتُ طَعمَيكَ مِن حُلوٍ وَمِن صَبِرِ
فَما حَمَدتُكَ في بُؤسي وَلا رَغَدي / وَلا شَكَرتُكَ في نَفعي وَلا ضَرَري
لَكِنَّ شُكري لِمَن لَو لا مَكارِمُهُ / لَكُنتَ فَلَّلت مِن نابي وَمن ظُفُري
فَتّىً يَعَمُّ جَميعَ الخَلقِ نائِلُهُ / كَما تَعُمُّ السَماءُ الأَرضَ بِالمَطَرِ
يُنبيكَ بِالبِشرِ عَن بُشرى مُؤَمَّلَةٍ / فَالبِشرُ أَحسَنُ ما في أَوجُهِ البَشَرِ
يَعلَو الأَسِرَّةَ مِنهُ بَدرُ مَملَكَةٍ / أَبهى مِنَ البَدرِ لا يُعطي سِوى البِدَرِ
حَجِّي إِلَيهِ وَتَطوافي بِحَضرَتَهِ / نَظيرُ حَجِّي وَتَطوافي وَمُعتَمَرِي
حَتّى إِذا ما اِستَلَمنا ظَهرَ رَاحَتِهِ / قامَت مَقامَ اِستِلامِ الرُكنِ وَالحَجَرِ
زُرهُ نَزُر مِن أَبي العُلوانِ خَيرَ فَتىً / يُزارُ مِن وُلْدِ قَحطانٍ وَمِن مُضَرِ
وَالقَ المُعِزَّ بنَ فَخرِ المُلكِ تَلقَ فَتىً / يُحَقِّقُ الخُبرُ عَنهُ صِحَّةَ الخَبَرِ
حَكى أَباهُ فَقالَ الناسُ كُلُّهُمُ / مِن أَطيَب العُودِ يُجنى أَطيَبُ الثَمَرِ
بَنى مِنَ الفَخرِ ما لَم يَبنِهِ أَحَدٌ / إِلّا الطَراخينُ مِن أَجدادِهِ الغُرَرِ
ماتُوا وَعاشُوا بِحُسنِ الذِكرِ بَعدَهُمُ / وَالذكرُ يَحيى بِهِ الأَمواتُ في الحُفَرِ
لا يُصبِحُونَ حَليبَ الدَرِّ ضَيفَهُمُ / أَو يُمزَجَ الدَرُّ لِلضِيفانِ بِالدُرَرِ
سُودُ المَرائِرِ لا يُفشَونَ يَومَ وَغىً / إِلّا عَلى لَحِقِ الآطالِ كَالمِرَرِ
هُمُ اللُيوثُ وَلَكن لا تَرى لَهُمُ / مِثلَ الليوثِ أَظافيراً سِوى الظَفَرِ
أَو مُرهَفاتٌ إِذا هَزوا مَضارِبَها / هَزُوا بِهِنَّ قُلُوبَ البَدوِ وَالحَضَرِ
وَذُبَّلٌ مِن رِماحِ الخَطِّ حامِلَة / مِنَ الأَسِنَّةِ نيراناً بِلا شَرَرِ
إِذا هَوَوا في مُتونِ الدارِعينَ بِها / حَسِبتَهُم غَمَسوا الأَشطانَ في الغُدُرِ
مِن كُلِّ مَن تُرِك الذِكرُ الجَميلُ لَهُ / مُخَلَّداً في غِرارِ الصارِمِ الذَكَرِ
رُوحي الفِداءُ لَهُم قَوماً تُرابُهُمُ / عَلَيَّ أَكرَمُ مِن سَمعِي وَمِن بَصَرِي
ذَمَمتُ شَرخَ شَبابي عِندَ غَيرِهِمِ / وَعُدتُ أَحمَدُ طِيبَ العَيشِ في الكِبَرِ
يا ابنَ السَمادِعَةِ الشُمسِ الَّذينَ هُم / في كُلِّ وِزرٍ لَنا أَحمى مِنَ الوَزَرِ
غالَيتُ في الحَمدِ حَتّى صِرتَ مُشتَرِياً / مِنَ القَريضِ سُطُورَ الحِبرِ بِالحَبَرِ
لا خَلقَ أَكرَمُ عَفواً مِنكَ عَن زَلَلٍ / وَلا أَعَفُّ عَنِ الفَحشاءِ وَالنُكُرِ
تَبيعُ نَفسَكَ في كَسبِ النَفيسِ بِها / إِنَّ الخَطيرَ لَمِقدامٌ عَلى الخَطَرِ
لَو كُنتَ في الزَمَنِ الماضي لَما تَرَكُوا / ذِكراً يُسَيَّرُ إِلّا عَنكَ في السِيَرِ
يا مَن تَأَلَّمَ قَلبي مِن تَأَلُّمِهِ / فَباتَ في غَمَراتِ الهَمِّ وَالفِكَرِ
شَكَوتَ فَاِشتَكَتِ الدُنيا وَلا عَجَباً / إِنَّ الكُسُوفَ لَمَحتُومٌ عَلى القَمَرِ
فَاِسلَم رَفيعَ بِناءٍ المَجدِ شاهِقَهُ / وَعِش طَويلَ رِداءِ العِزِّ وَالعُمُرِ
وَلا سَلَكت طَريقاً غَيرَ مُتَّسِعٍ / وَلا هَمَمتَ بِأَمرٍ غَيرَ مُتَدِرِ
لِأَيَّةِ حالٍ حُكِّموا فيكَ فَاشتَطُوا
لِأَيَّةِ حالٍ حُكِّموا فيكَ فَاشتَطُوا / وَما ذاكَ إِلّا حينَ عَمَّمَكَ الوَخطُ
فَهَلّا وَأَيّامُ الشَبيبَةِ ثابِتٌ / بِفَودَيكَ في رَيعانِها الحالِكُ السَبطُ
وَإِذ أَنتَ في ضافٍ مِنَ العَيشِ لَم يَرُع / فُؤادَكَ لا نَأيٌ مُشِتُّ وَلا شَحطُ
وَسَلمى كَشاةِ الرَيمِ تَرنُو بِطَرفِها / إِلَيكَ كَما تَرنُو وَتَعطُو كَما تَعطُو
قَلِيلَةُ تَجوالِ الدَماليج وَالبُرى / إِذا جالَ في مَيدانِ لَبَّتِها السِمطُ
مِنَ الآنِساتِ اللابِساتِ مَلابِساً / مِنَ الصَونِ لَم يُدنَس لَها بِالخَنا مرطُ
شَرَطتُ عَلَيهِنَّ الوَفاءَ فَمُذ بَدا / بَياضُ عِذاري لِلعَذارى مَضى الشَرطُ
وَكَيفَ وَقَد جُزتَ الثَلاثينَ حِجَّةً / يُرى لَكَ حَظٌّ في هَواهُنَّ أَو قِسطُ
كَأَنَّ الفَتى يَرقى مِنَ العُمرِ سُلَّماً / إِلى أَن يَجُوزُ الأَربَعينَ فَيَنحَطُّ
فَلا يُبعِدِ اللَهُ المَشيبَ فَإِنَّهُ / مَطيّةُ حُكمٍ في الخِطيئَةِ لا يَخطُو
فَدَع ذا وَلَكِن رُبَّ لَيلٍ عَسَفتَهُ / بِرَكبٍ كَأَنَّ العَيسَ مِن تَحتِهِم مُقطُ
وَجُبتَ بِهِم أَجوازَ كُلِّ تَنُوفَةٍ / لِكُدرِ القَطا حَولَ الثَمادِ بِها لَغطُ
كَأَنَّ عَزيفَ الجِنِّ في فَلَواتِها / دُفُوفٌ تَغَنَّت لِلنَدامى بِها الزُطُّ
يَحارُ دَليلُ القَومِ فيها إِذا طَفا / بِها الآلُ وَاُغبَرَّت دَيامِيمُها المُلطُ
وَطارَ سَفا البُهمى بشها فَكَأَنَّهُ / إِذا عَصَفَت ريحُ الجَنوبِ لِحىً سُنطُ
تَنائِفُ لِلظُلمانِ فيها مَعَ الضُحى / عَرارٌ وَلِلأَنضاءِ في جَوزِها خَبطُ
إِذا ما قَطَعنا حِقفَ رَملٍ بَدا لَنا / عَلى إِثرِهِ حِقفٌ مِنَ الرَملِ أَو سِقطُ
وَصَحبي نَشاوي مِن نُعاسٍ كَأَنَّما / تَميلُ بِهِم صِرفٌ مِنَ الراحِ إِسفِنطُ
عَلى كُلِّ مَوّارِ الوَضينِ كَأَنَّهُ / مَرِيرَةُ قِدٍّ لا يَبينُ لَهُ وَسطُ
بَراهُ البُرى حَتّى تَحَيَّرَ نِحضُهُ / وَسالَت نَجيعاً مِن تَأَكُّلِها الإِبطُ
أَقُولُ لَهُم وَاللَيلُ مُعتَكِرُ الدُجى / وَحُدبُ المَطايا تَحتَهُم حُدُبٌ تَمطُو
وَقَد لاحَ لِلرَكب الصَباح كَأَنَّما / بَدا مِن جَلابِيبِ الدُجى لِمَمٌ شُمطُ
وَنَجمُ الثُرَيّا في السَماءِ كَأَنَّهُ / صَنوبَرَةٌ مِن ناصِعِ الدُرِّ أَو قِرطُ
أَقيمُوا صُدُورَ العيسِ نَحوَ ابنِ صالِحِ / فَما بَعدَهُ لِلعَيسِ رَفعٌ وَلا حَطُّ
وَدُونَكُمُ البَحرُ الَّذي لا يُرى لَهُ / إِذا ما طَمى عَبرٌ قَريبٌ وَلا شَطُّ
تُمَزَّقُ بِالتَقبِيلِ وَاللَثمِ سَبطَةٌ / فَتَبلى وَما تَبلى مِنَ القِدَمِ السُبطِ
حَليمٌ عَلى الذَنبِ العَظيمِ وَإِنَّهُ / لَفَظٌّ عَلى أَعدائِهِ في الوَغى سَلطَ
أَبادَ سُيوفَ الهِندِ بِالضَربِ في الصِبا / وَأَفنى بِطُولِ الطَعنِ ما أَنبَتَ الخَطُّ
عَجِبنا لَهُ أَن تَقبِضَ السَيف كَفُّهُ / وَأَكثَرُ شَيءٍ عُوِّدَت كَفُّهُ البَسطُ
إِذا صُغتَ مَدحاً فيهِ لَم أَخشَ قائِلاً / يَقُولُ فُلانٌ في الَّذي قالَ يَشتَطُّ
فَتى كَرَمٍ مِن خَيرِ رَهطٍ وَمَعشَرٍ / مَرادِسَةٍ يا حَبَّذا ذَلِكَ الرَهطُ
إِذا سُئِلُوا أَنطَوا جَزيلاً مُوَسَّعاً / وَكَم مَعشَرٍ سِيلُوا نَوالاً فَلَم يُنطُوا
لَيُوثٌ وَما جارُ اللُيُوثِ بِآمِنٍ / وَهَذِي لُيُوثٌ لَم يُرَع جارُها قَطُّ
إِذا ما سَطا خَطبٌ سَطَونا بِبَأسِهِم / عَلى ذَلِكَ الخَطبِ المُلِمِّ الَّذي يَسطُو
بَنى لَهُمُ بَيتاً مِنَ العِزِّ باذِخاً / ثِمالٌ فَما انحَطَّ البِناءُ وَلا انحَطُّوا
فَتىً رَبَطتَني في ذُراهُ مَواهِبٌ / رَبَطت عَلَيها الحَمدَ فَاستَحكَمَ الرَبطُ
وَحَبَّرت فيهِ كُلَّ عَذراءَ زانَها / مَديحُ أَبي العُلوانِ لا الشَكلُ وَالنَقطُ
وَعَدَّدتُ لِلأَعداءِ فيها قَواتِلاً / إِذا نَفَثَت بِالسَمِّ أَصلالُها الرُقطُ
فَعِش عُمرَها لا عُمرَ خَطّي فَإِنَّها / سَتَبقى وَيَبلى كاتِبُ الخَطِّ وَالخَطُّ
سَقى مَحَلاً قَد دَثر
سَقى مَحَلاً قَد دَثر / بَينَ زَرُودٍ وَهَجَر
أَو طَفُ وَسْمِيّ البُكر / كَأَنَّهُ إِذا اِنعَصَر
مِنَ الحَبِيِّ أَو قَطَر / ما دَقَّ مِن روسِ الإِبَر
هَبَّت لَهُ مَعَ السَمَر / صِرُّ شِمالٌ فَاِنتَشَر
ثُمَّ تَلالا وَهَدَر / هَدرَ خَطاطيفِ البكَر
بِكُلِّ مَشزُورٍ مُمَر / في كَفِّ أَلوى ذي أَشَر
حَزَوّرٍ حينَ جَفَر / يَنثِرُهُ إِذا اِنتَثَر
فَيَقدَحُ القَفوُ الشَرَر / قَدحَكَ بِالمرخِ العُشُر
لَدى القَليبِ المُحتَفَر / نَوَّخَ حَولَيهِ العَكَر
غِبَّ رَبيعٍ وَصَفَر / يَنفِضُ أَهدابَ الوَبَر
عَنِ الهَوادي وَالسُرُر / فَهُنَّ أَمثالُ الزُبُر
هِيمٌ يُقَلِّبنَ النَظَر / إِلى حِياضٍ وَجُرَر
يَسنى لَها عَذبٌ خَصِر / حَتّى إِذا الماءُ اِحتُكِر
أَورَدَها ثُمَّ صَدَر / يُرى عَلى وَجهِ العفَر
مِن وَبلِهِ إِذا اِنحَدَر / إِمّا غَديرٌ أَو نَهَر
أَوِ الثَمادُ في النُقَر / أَمثالُ أَحداقِ البَقَر
كَأَنَّما ذاكَ المَطَر / لَمّا اِستَهَلَّ وَاِنهَمَر
يَدُ المُعزِّ المُشتَهر / رَبيعِ قَيسٍ وَمُضَر
بَل هُوَ أَندى وَأَدَرّ / وَمَهمَهٍ جَمِّ الخَطَر
ما فيهِ لِلأَنسِ أَثَر / ظَليمُهُ تَحتَ الخَمَر
يَحضُنُ دُرماً كَالأُكَر / كَأَنَّهُ إِذا وَكَر
شَيخٌ حَبا مِنَ الكِبَر / أَو قَسُّ دَيرٍ قَد نَشَر
مَسابِجاً مِنَ الشَعر / حَتّى إِذا جاعَ اِبتَكَر
إِلى هَبيدٍ في عُجَر / مُفَوَّفاتِ كَالحَبَر
يَقتاتُ مِنها ما اِنتَثَر / بَينَ السَفيرِ وَالشَجَر
قَفرٌ تَعَدَّيتُ الغَرَر / فيهِ بِحُدبٍ كَالمِرَر
أَشباهُ ما فَوقَ النُخُر / قَد ذُبنَ مِن فَرطِ السَفَر
إِلى فَتىً سادَ البَشَر / وَساءَ مُذ شَبَّ وَسَرّ
إِمّا بِنَفعٍ أَو بِضُرّ / كَالسَيفِ لانَ وَبَتَر
أَفَخرِ مَخلوقٍ فَخَر / مِن نَفَرٍ خَيرِ نَفَر
جَمالِ بَدوٍ وَحَضَر / أَهلِ عُمودٍ وَمَدَر
زُرهُ تَزُر نِعمَ الوَزَر / وَعُذ بِهِ مِنَ الغِيَر
تَعُذ بِخَرقٍ لَو نَظَر / إِلى فَقيرٍ ما اِفتَقَر
يُعطى اللُهى بِلا ضَجَر / كَأَنَّما عادى البِدَر
فَلَم يَدَع وَلَم يَذَر / وَلا اِقتَنى وَلا ادَّخَر
شَيئاً سِوى حُسنِ الخَبَر / ذاكَ وَشُكرِ مَن شَكَر
يا اِبنَ الطَراخينِ الغُرَر / وَالطاعِنينَ لِلثُغُر
وَالتارِكينَ في الحُفَر / مَنافِباً مِلءَ السِيَر
وَصلُكَ فَضلٌ قَد بَهَر / شِعري وَشِعرَ مَن شَعَر
فَلَو سَكَتنا لَم تُضَر / وَالصُبحَ يُغنيهِ النَظَر
عَن شاهِدٍ إِذا اِنفَجَر / يا مَن بِهِ شِعري اِفتَخَر
عِش أَبَدَاً حِلفَ الظَفَر / وَاسعَد بِأَعيادٍ أُخَر
وَاعذُر وَلِيّاً ما حَضَر / فَلَو مَشى عَلى البَصَر
نَحوَكَ لَم يَشكُ الضَرَر / وَأَنتَ أَولى مَن عَذَر
وَاصبِغ لَها بِيضاً غُرَر / مَنحوتَةً تَحتَ الحَجَر
بِناتِ لَيلٍ وَسَهَر / قَوَّمتُهُنَّ مِن صَعَر
وَمِن سِنادٍ يُعتَبَر / فَهُنَّ أَمثالُ الدُرَر
غاصَت عَلَيهِنَّ الفِكَر / في لُجِّ بَحرٍ قَد زَخَر
مَدائِحاً لَم تُستَعَر / وَلَم يَقَع فيها الحَصَر
صافِيَةً مِن الكَدَر / تُنسيكَ في دَهرٍ غَبَر
مَدحَ القُطاميّ زُفَر / وَبَلدَةً فيها زَوَر
سَأَلنا الرَبعَ لَو فَهِمَ السُؤالا
سَأَلنا الرَبعَ لَو فَهِمَ السُؤالا / مَتى عَهِدَ الغَزالَةَ وَالغَزالا
وَما نَعني الظِباءَ لَهُ وَلَكِن / عَنَينا شَمسَ رامَةَ وَالهِلالا
هِلالٌ مِن هِلالٍ غَيَّبَتهُ / جِمالٌ أُوقِرَت مِنهُ جَمالا
كَساهُ اللَيلُ فَرعاً وَالثُرَيّا / سِخاباً وَالرُدَينيُّ اِعتِدالا
كَأَنَّ الدِعصَ يَحمِلُ منه غُصناً / إِذا هَبَّت بِهِ النَكباءُ مالا
يَرى وَصلي بِنائِلِهِ حَراماً / وَقَتلي في مَحَبَّتِهِ حَلالا
تَنَقّى الضالَ وَالعُبرِيَّ داراً / سَقاهُ اللَهُ عُبرِياً وَضالا
وَجَرَّ عَلى شِمالِ الرِيحِ رُدناً / فَطَيَّبَ رِيحُهُ الريحَ الشَمالا
لَقَد طَرَقَ الخَيالُ فَهاجَ شَوقاً / فَدَت رُوحي خَيالَكُم خَيالا
تَعَلَّمَ مِنكُمُ طُولَ التَجافي / وَصارَ يَغِبُّ مِثلَكُمُ الوِصالا
خَليليَّ انظُرا لَمَعانَ بَرقٍ / كَأَنَّ عَلى الرُبا مِنهُ ذُبالا
تَأَلَّقَ مِن دُوَينِ حَزيزِ خَبتٍ / فَأَذكَرَني بِهِ الحَيَّ الحَلالا
إِذا نَزَلُوا حِبالَ الرَملِ قُلنا / سَقى دَرُّ الحَيا تِلكَ الحِبالا
بِحَيثُ يَسيلُ مَدفَعُ كُلِّ وَادٍ / فَرَوى سَيلُهُ ذاكَ السِيالا
وَتُمرِعُ غِبَّهُ قُلَلُ الرَوابي / فَيَكتَهِلُ النَباتُ بِها اِكتِهالا
إِذا هَبَّت رِياحُ الصَيفِ باتَت / تُفَوِّقُ مِن سَفا البُهمى نِبالا
وَمائِرَةِ الأَزِمَّةِ مُبرَياتٍ / كَأَنَّ عَلى غَوارِبِها صِلالا
شَربنَ الخِمسَ بَعدَ الخِمسِ حَتّى / ظَمِئنَ فَكِدنَ يَشرَبنَ العُلالا
كَأَنَّ الكُدرَ باتَت حَيثُ باتَت / تُلَبِّدُ في مَبارِكِها الرِمالا
شَكَت فَرطَ الكَلال فَقُلتُ أُميِّ / ثِمالاً تَحمَدي هَذا الكَلالا
وَحُطّي الرَحلَ عَنكِ بِخَيرِ أَرضٍ / يَحُطُّ المُعتَفونَ بِها الرَحالا
لَدى مَلِكٍ إِذا أَعطى العَطايا / حَقَرنا عِندَها السُحُبَ الثِقالا
أَنالَ فَنالَ غايَةَ كُلِّ حَمدٍ / وَكَم مَن لا يَنالُ وَقَد أَنالا
كَريمُ الخِيَمِ تَصحَبُهُ طَويلاً / فَتَصحَبُ خَيرَ مَن صَحِبَ الرِجالا
إِذا كَشَّفتَ عَنهُ وَجَدتَ فيهِ / خِلالاً لا تَرى فيها اِختِلالا
أَبادَ المالَ حَتّى لَيسَ تُلفي / لَهُ إِلّا جَميلَ الذِكرِ مالا
إِذا ما أَمحَلَت أَرضٌ لِقَومٍ / وَلَم يَجِدوا الحَيا نَجَعوا ثِمالا
فَتىً سَمحُ اليَدَينِ إِذا أَراقَت / سِجالاً كَفُّهُ مَلَأت سِجالا
إِذا عِفنا مَوارِدَ كُلِّ بَحرٍ / شَرَعنا بَحرَهُ العَذبَ الزُلالا
وَأَصدَرنا الرَكائِبَ حامِداتٍ / إِلَيهِ النَصَّ وَالرَكبَ العِجالا
مُحَمَّلَةً ثَناً لَو حُمِّلَتهُ / جِبالُ تِهامَةٍ أَوهى الجِبالا
إِذا صُفَّ المُلوكُ غَدا يَميناً / لِكُلِّ فَضيلَةٍ وَغَدَوا شِمالا
مِنَ القَومِ الَّذينَ إِذا أَنالوا / نَوالاً عَلَّموا الناسَ النَوالا
طِوالٌ يَحمِلونَ إِلى الأَعادي / طِوالاً تَحمِلُ الأَسَلَ الطِوالا
عَلى قُبِّ الأَياطِلِ حامِلاتٍ / بِحَيثُ يُضيِّقُ الخَوفُ المَجالا
إِذا خاضُوا النَجيعَ بِها ثَنَوها / بِشُهبٍ في سَنابِكَها تَلالا
كَأَنَّ أَهِلَّةَ الظَلماءِ صيغَت / لِأَيديها وَأَرجُلِها نِعالا
مَعَوَّدَةٌ بِهِم خَوضَ المَنايا / فَقَد عَرَفَت كَما عَرَفُوا القِتالا
إِذا فَكَّرتُ في الدُنيا وَفيهِم / وَجَدتُ مُلوكَها لَهُمُ عِيالا
قَد كُنتَ لَستَ بِناطِقٍ فَتَكَلَّمِ
قَد كُنتَ لَستَ بِناطِقٍ فَتَكَلَّمِ / إِنَّ الكَلامَ عَلَيكَ غَيرُ مَحرَّمِ
لَم يَبقَ شَيءٌ غَيرُ شُكرِ صَنائِعٍ / عَظُمَت وَجَلَّت لِلأَجَلِّ الأَعظَمِ
وَإِذا الفَتى ظَفِرَت يَداهُ بِنِعمَةٍ / فَدَوامُها بِدَوامِ شُكرِ المُنعِمِ
مَلِكٌ بَنى عِزّي وَأَسبَغَ نِعمَتي / وَأَجَلَّ مَنزِلَتي وَأَزهَفَ أَسهُمي
وَاِختَصَّني بِصَنايعٍ مَشهورَةٍ / شُكِرَت لَهُ في المَحلِ شُكرَ المُرزِمِ
خُتِمَ الكِرامُ بِهِ وَتَمَّمَ فَضلُهُ / نُقصانَ كُلِّ فَضيلَةٍ لَم تتمِمِ
وَتَمَهَّدَت سُبُلُ البِلادِ وَفُوجِئَت / مِنهُ الأَعادي بِالنآدِ الصَيلَمِ
وَتَجَمَّلَت حَلَبٌ وَأَصبَحَ أَهلُها / في مِثلِ باكِرَةِ الرَبيعِ المُرهمِ
وَتَهَدَّلَت تِلكَ الغُصونُ وَأَشرَقَت / بِأَغَرَّ مِثلِ البَدرِ غَيرَ مُذَمَّمِ
خَضَعَت لَهُ صِيدُ المُلوكِ وَأَذعَنَت / بِالخَوفِ مِن وَلَدِ الهِزَبرِ الضَيغَمِ
وَتَهَيَّبَت مَلِكاً يَعِزُّ نَزيلُهُ / في ظِلِّهِ المَمدودِ عِزَّ الأَعصَمِ
ماضي الجَنانِ إِذا تَقَلَّدَ مِخذَماً / أَلقى النِجادَ عَلى نَظيرِ المِخذَمِ
جَلدٌ عَلى نُوبَ الزَمانِ كَأَنَّما / رِيحٌ تَهُبُّ عَلى هِضابِ يَلَملَمِ
يَلقى العَرَمرَمَ وَحدَهُ فَكَأَنَّما / يَلتَفُّ مِنهُ عَرَمرَمٌ بِعَرَمرَمِ
سَمحُ اليَدَينِ يُلامُ في سَرَفِ النَدى / فَيَزيدُهُ سَرَفاً مَلامُ اللَوَمِ
أَفنى الكُنوزَ فَلَيسَ يَبرَحُ مُعدِماً / مِمّا تَسُدُّ يَداهُ خَلَّةَ مُعدِمِ
كَرَماً مَحا ذِكرَ الكِرامِ وَوَصفَهُم / حَتّى كَأَنَّ كَريمَهُم لَم يُكرِمِ
يا مَن بِهِ حَسُنَ الزَمانُ وَأَهلُهُ / حُسنَ الظَلامِ بِنِّيراتِ الأَنجُمِ
فَرَطَ الكِرامُ وَجِئتَ أَنتَ مُؤَخَّراً / فَأَخَذتَ شَأوَ الفارِطِ المُتَقَدِّمِ
بِمَكارِمٍ دَرَسَت مَكارِمَ حاتَمٍ / وَمَحَت حَديثَ رَبيعَةَ بنِ مُكَدَّمِ
فَمُقَدَّمٌ في الفَضلِ مِثلُ مُؤَخَّرٍ / وَمُؤَخَّرٌ في الفَضلِ مِثلُ مُقَدَّمِ
يابانياً بِالمَشرَفِيَّةِ وَالقَنا / بَيتاً مِنَ العَلياءِ غَيرَ مُهَدَّمِ
كَثَّرتَ حُسّادي لَدَيكَ فَزِدُهُمُ / حَسَداً وَأَولَيتَ الجَميلَ فَتَمِّمِ
وَاعذُر بِفَضلِكَ غائِباً عَن خِدمَةٍ / فَأَنا المُحِبُّ خَدَمتُ أَو لَم أَخدِمِ
أُثني عَلَيكَ مُحَدِّثاً في مَجلِسٍ / أَو خاطِباً بِقَصيدَةٍ في مَوسِمِ
فَيَظَلُّ شُكري مُنجِداً مَع مُنجِدِ / في الخافِقَينِ وَمُتهِماً مَع مُتهِمِ
كَالرَوضَةِ الغَنّاءِ باتَ نَسيمُها / مُتَضَوِّعاً غِبَّ الرَبابَ المُحشِمِ
وَعِصابَةٍ قَطَعوا إِلَيكَ مِنَ الفَلا / غُبرَ المَعالِمِ مَعلَماً عَن مَعلَمِ
بِنَجائِبٍ جَدَلَ الوَجيفُ مُتونَها / في البيدِ مِن نَسلِ الجَديلِ وَشَدقَمِ
جَنَبوا الجِيادَ إِلى المَطيِّ فَسَطَّروا / في البيدِ سَطراً مِن حُروفِ المُعجَمِ
فَتَرى بِها عَيناً بِوَطأَةِ حافِرٍ / وَتَرى بِها هاءً بِوَطأَةِ مَنسِمِ
أَمِنُوا بِطَلعَتِكَ الضَلالَ وَأَمَّمُوا / فَوقَ الأَسِرَّةِ مِنكَ خَيرَ مُؤَمَّمِ
وَمَضَوا وَقَد أَصدَرتَهُم عَن مَورِدٍ / جَمِّ الوُرودِ وَبَحرِ جُودٍ مُفعَمِ
قَد غَرَّمُوكَ وَغَنَّمُوكَ مَحامِداً / تَبقى فَفُزتَ بِمَغنَمٍ عَن مَغرَمِ
يا مَن إِذا وَقَفَ المُلوكُ بِبابِهِ / سَجَدوا وَخَرَّ مُتَوَّج لِمُعَمَّمِ
العِيدُ أَنتَ وَأَنتَ أَدوَمُ بَهجَةً / مِنهُ فَبُورِكَ مِنكُما في الأَدوَمِ
وَالعيدُ يُعدِمُ حُجَّةً وَبِواجِبٍ / أَن يُحمَدَ العِيدُ الَّذي لَم يُعدَمِ
فَاِسعَد بِهِ واسلَم لِحِفظِ مَعاقِلٍ / لَولا بَقاؤُكَ سالِماً لَم تَسلَمِ
رُبوعٌ لَكُم بِالأَجرِ عَينٌ وَأَطلالُ
رُبوعٌ لَكُم بِالأَجرِ عَينٌ وَأَطلالُ / سَقاهُنَّ مُنهَلُّ الشآبيبِ هَطّالُ
بِحَيثُ يَبيتُ الطَلحُ وَالضالُ مِنكُمُ / قَريباً بِنَفسي ذَلِكَ الطَلحُ وَالضالُ
مَنازِلُ آجالٍ مِنَ العيسِ لَم يَطُل / لَهُنَّ وَلا لِلعيسِ فيهِنَّ آجالُ
لَقَد أَنهَجَت بَعدي كَما أَنهَجَ الصِبا / فَهُنَّ وَأَيّامُ الشَبيبَةِ أَسمالُ
أَيا رَبعُ أَضناكَ البِلى وَلِيَ الهَوى / فَما لَكَ إِبلالٌ وَلا لِيَ إِبلالُ
وَقَفنا وَأَوقَفنا الدُموعُ حَبيسَةً / عَلَيكَ وَإِنّا بِالدُموعِ لَبُخّالُ
سَقَتكَ العِهادُ الغُرُّ هَل أَنتَ مُخبِرٌ / عَنِ الحَيِّ إِنّي عَنهُمُ لَكَ سَآلُ
أَمُزمِعَةٌ بِالبَينِ قَتلي تَرَفَّقي / فَفي الرِفقِ إِحسانٌ لَدَيكِ وَإِجمالُ
سَلَبتِ الدُجى ما فيهِ حَتّى نُجُومُهُ / لِنَحرِكِ عِقدٌ وَالأَهِلَّةُ أَحجالُ
تَفاءَلَتُ في وادي الأَراكِ لَعَلَّني / أَراكِ فَلَم يَصدُق بِرُؤيَتِكَ الفالُ
أَحِنُّ إِلى أَهلِ الحِجازِ وَدُونَهُم / مَفاوِزُ فيها لِلتَعامُلِ إِعمالُ
وَأَنظُرُ خَفقَ الآلِ مِن نَحوِ أَرضِكُم / فَيَخفِقُ قَلبي كُلَّما خَفَقَ الآلُ
وَإِنّي لَمُشتاقٌ وَعِندي صَنيعَةٌ / تَغُلُّ رِكابي وَالصَنائِعُ أَغلالُ
لَدى مَلِكٍ أَنسى الأَحِبَّةَ حُبُّهُ / فَأَصبَحَ لي عَنهُم بِنُعماهُ إِشغالُ
كَريمٌ أَقَلُّ الكَسبِ في أَرضِهِ الغِنى / وَأَيسَرُ شَيءٍ في مَواهِبِهِ المالُ
مَناقِبُهُ مِثلُ النُجومُ زَواهِرٌ / وَأَفعالُهُ عِندَ الأَماثِلِ أَمثالُ
إِذا نَزَلَ الأَضيافُ أَو نُوزِلَ القَنا / تَساوى نَزيلٌ في ذُراهُ وَنَزّالُ
لَهُ صارِمٌ دَلَّت فُلولٌ بِحَدِّهِ / عَلى أَنَّهُ لِلجَيشِ بِالجَيشِ فَلّالُ
إِذا سَلَّهُ في مَعرَكٍ مِن قِرابِهِ / تَشابَهَ مَسلولٌ هُناكَ وَسَلّالُ
وَما السَيفُ إِلّا دُونَهُ وَهُوَ بِالنَدى / لِراجِيهِ مُحيٍّ وَالمُهَنَّد قَتّالُ
أَبا صالِحٍ حُزتَ المَكارِمَ وَالتَقَت / إِلى الفَخرِ أَعمامٌ عَلَيكَ وَأَخوالُ
لِيَهنِكِ تَشريفُ الإِمامِ بِسُبَّقٍ / مِنَ الخَيلِ في قانٍ مِنَ التِبرِ تَختالُ
خَبَطنَ إِلَيكَ اللَيلَ حَتّى تَكَلَّلَت / لَهُنَّ هَوادٍ بِالنُجومِ وَأَكفالُ
كُسينَ أَجَلَّ العَبقَريّ أَجِلَّةً / تَدُلُّ وَتُنبي أَنَّ ذَلِكَ إِجلالُ
هِيَ القُبُّ بارَتها قِبابٌ كَأَنَّها / عَلى حُتُفِ الأَحمالِ في العَينِ أَجمالُ
وَأَعلامُ عِزٍّ أَعلَمَت كُلَّ حاسِدٍ / بِأَنَّكَ لا يَعدُوكَ سَعدٌ وَإِقبالُ
وَمِن خالِصِ العِقيانِ ثَوبٌ لَبِستَهُ / تُجَرُّ لَهُ فَوقَ المَجَرَّةِ أَذيالُ
كَأَنَّكَ لَم تَقنَع بِسِربالِ غازِلٍ / فَوافاكَ مِن نُورِ الغَزالَةِ سِربالُ
وَقُلِّدَت عَضباً مُذ حَمَلتَ نِجادَهُ / تُحَمِّلُ عَنكَ الدَهرُ ما أَنتَ حَمّالُ
لَقَد فازَ مَسعى صالِح بِنِ مُحَمَّدٍ / وَفازَت ظُنونٌ صادِقاتٌ وَآمالُ
يَرى ما يُرى في الغَيبِ حَتّى كَأَنَّهُ / عَلى كُلِّ شَيءٍ في ضَميرِكَ نَزّالُ
صَفا لَكُمُ صَفوَ الغَمامِ وَأَخلَصَت / سَرائِرُهُ إِنَّ السَرائِرَ أَعمالُ
لَقَد عَزَّ قَومٌ شايَعوكَ وَحُصِّنَت / ثُغورٌ عَلَيها مِن سُيُوفِكَ أَقفالُ
فَلا يَجزَعِ الإِرلامُ ما دُمتَ سالِماً / فَقَد عَزَّ غَيلٌ فيهِ مِثلُكَ رِئبالُ
وَمِن دُونِ هَذا الشامِ أَنتَ وَفِتيَةٌ / مَرادِسَةٌ شَمُّ العَرانينِ أَبطالُ
إِذا أَشرَعوا زُرقَ الأَسِنَّةِ حَرَّموا / مَوارِدَهُم وَالماءُ أَزرَقُ سَلسالُ
أَولوا الحِلمِ إِلّا في الكَريهَةِ إِنَّهُم / إِذا شَهِدوا يَومَ الكَريهَةِ جُهّالُ
أَنالُوا فَنالوا مُنتَهى الحَمدِ إِنَّني / رَأَيتُ رِجالاً قَد أَنالوا فَما نالوا
وَما الناسُ عِندَ الناسِ إِلّا مَعاشِرٌ / إِذا وُزِنُوا بِالناسِ كُلِّهِم مالُوا
بُحُورٌ بُدُورٌ وَالدُسُوتُ مَطالِعٌ / غُيُوثٌ لُيوثٌ وَالذَوابِلُ أَغيالُ
إِذا لَمَسوا شَطراً مِنَ الأَرضِ لَمسَةً / بِأَيمانِهِم لَم يُفسِدِ الأَرضَ إِمحالُ
لِسَيفكَ بَعدَ اللَهِ قَد وَجَبَ الحَمدُ
لِسَيفكَ بَعدَ اللَهِ قَد وَجَبَ الحَمدُ / فَيا لَيتَ جَفني ما حَييتُ لَهُ غِمدُ
تَقاضَيتَ دَيناً مِن عِداكَ بِحَدِّهِ / وَيا رُبَّ حَدٍّ في التَقاضي بِهِ حَدُّ
وَما زِلتَ وَرّاداً لِكُلِّ كَريهَةٍ / يَهابُ الرَدى مِن دُونِها الأَسَدُ الوردُ
إِلى أَن جَنَيتَ العِزَّ مِن كُلِّ مُجتَنى / يَعزُّ عَلى مَن لا يُساعِدُهُ السَعدُ
فَلا يُدرِكُ الساعونَ ما أَنتَ مُدرِكٌ / فَما كُلُّ سَيفٍ أَرهَفَت حَدَّهُ الهِندُ
وَلا كُلُّ مَن تاقَت إِلى المَجدِ نَفسُهُ / صَبورٌ عَلى أَشياءَ يُحوى بِها المَجدُ
مَلَكتَ طَريقَ الجَدِّ حَتّى عَلا بِهِ / لَكَ الجَدُّ إِنَّ الجِدَّ يَعلو بِهِ الجَدُّ
وَأَتعَبتَ نَفساً في المَعالي نَفيسَةً / فَلَمّا أَكَلتَ الصبرَ لَذَّ لَكَ الشَهدُ
رَدَدتَ بِحَدِّ السَيفِ ما لَو رَدَدتَهُ / عَلَينا بِغَيرِ السَيفِ ما حَسُنَ الرَدُّ
وَلَم أَرَ خَلقاً مِنكَ أَعظَمَ شِدَّةً / عَلى نُوَّبِ الأَيّامِ وَالخَطبُ مُشتَدُّ
كَأَنَّكَ لَولا فَيضُ كَفِّكَ هَضبَةٌ / إِذا حَلَّتِ اللأوآءُ أَو حَجَرٌ صَلدُ
سَدَدت بِهَذا الفَتحِ باباً مِنَ الأَذى / فَظاهِرُهُ فَتحٌ وَباطِنُهُ سَدُّ
وَأَيُّ مَرامٍ رُمتَهُ لَم تَقُم بِهِ / لَكَ المُرهَفاتُ البيضُ وَالذُبَّلُ المُلدُ
وَفَتيانُ صِدقٍ يَحمِلونَ مَعَ القَنا / قُلوباً ثِقالاً تَشتَكي حَملَها الجُرد
إِذا الطَفلُ مِنهُم فارَقَ المَهدَ أَصبَحَت / مِنَ الأَمنِ أَرضُ اللَهِ وَهِيَ لَهُ مَهدُ
مِنَ الصالِحيّينَ الَّذينَ تَمَرَّدوا / عَلى الخَطبِ مُذ كانوا كُهولاً وَهُم مُردُ
غُيُوثٌ إِذا جادوا لُيُوثٌ إِذا عَدَوا / كَثيرٌ إِذا عادَوا قَليلٌ إِذا عُدُّوا
يَشُكُّونَ في ظَهرِ العَدُوِّ أَسِنَّةً / إِذا خَرَجَت مِن صَدرِهِ خَرَجَ الحقدُ
مَساعيرُ إِلّا أَنَّهُم في سَماحِهِم / بُحُورٌ إِذا مَدّوا أَكفَّهُم مَدّوا
وَفِيّونَ إِن ذَمّوا جَرَيّونَ إِن سَطَوا / مُلَبُّونَ إِن قالوا وَفِيُّون إِن وَدّوا
إِذا ماتَ مِنهُم سَيِّدٌ لَم يَكُن لَهُ / مِنَ العِزِّ قَبرٌ في التُرابِ وَلا لَحدُ
أَلا أَيُّها الغادي تَحَمَّل إِلَيهِمُ / تَحِيَّةَ حُرٍّ باتَ وَهوَ لَهُم عَبدُ
وَقُل لَهُمُ طُولُوا فَقَد طابَ ذِكرُكُم / فَطالَ بِكُم طالَت حَياتُكُمُ الوَفدُ
وَفاحَ لَكُم ما بَينَ شَرقٍ وَمَغرِبٍ / مِنَ الذِكرِ نَشرٌ لا يَفُوحُ بِهِ النَدُّ
وَفَيتُمُ بِما لَم يُوفِ خَلقٌ بِمِثلِهِ / وَلا ذِمَّةٌ فيهِ عَلَيكُم وَلا عَهدُ
وَلَكِن رَغِبتُمُ في الإِمامِ وَفَضلِهِ / فَأَسعَدَكُم فيما ظَفِرتُم بِهِ الزُهدُ
وَأَرشَدَكُم فِعلُ الجَميلِ إِلى الهُدى / أَلا إِنَّما فِعلُ الجَميلِ هُوَ الرُشدُ
وَعُدتُم لِذاكَ الثَغِرِ سَدّاً مِنَ العِدى / وَأَيُّ سَديدٍ ما دَرى أَنَّكُم سَدُّ
وَما رَدَّ كَيدَ الرُومِ خَلقٌ سِواكُمُ / يُنيلُ إِذا لَم يَبقَ مِن دُونِهِم رَدُّ
أَتَوا يُثقِلُونَ الأَرضَ مِن فَوقِ شُزَّبٍ / إِذا أَسرَعَت في الخَطوِ أَثقَلَها السَردُ
يُواريهمُ نَسجُ الحَديدِ عَلَيهمُ / فَما فَيهِمُ مَن مِنهُ جارِحَةٌ تَبدُو
فَلَولاكُمُ لَم يَنهَهُم عَن حَريمِنا / وَعَن حُرمَةِ الإِسلامِ جَمعٌ وَلا حَشدُ
وَلَكِنَّكُم قَبَّلتُمُوُهم ذَوابِلاً / مِنَ الخَطِّ مُشرِعُوها هُمُ اللُدُّ
وَخُضتُم عَجاجاً يُرمِدُ الجَوَّ نَقعُهُ / وَلَكِنَّهُ تَحيي بِهِ الأَعيُنُ الرُمدُ
فَما انجابَ ذاكَ النَقعُ حَتّى طَرَحتَهُم / فَرائِسَ تَقتاتُ الوُحوشُ بِها بَعدُ
وَصارَت حِياضاً لِلمياهِ جَماجِمٌ / مُفلَّقَةٌ فَاستَجمَعَ الزادُ وَالوِردُ
فَلا تَطمَعِ الآمالُ فيما مَلَكتُمُ / فَما تَتَخَلّى عَن فَرائِسِها الأُسدُ
مَناقِبُ أَمثالُ النُجومِ ثَواقِبٌ / لَكُم لَيسَ يُحصيها حِسابٌ وَلا عَدُّ
تَفَرَّدَ بِالمَعروفِ مِن دونِ حاتِمٍ / وَكَعبٍ مُعِزُّ الدَولَةِ المَلِكُ الفَردُ
فَأَحسَنَ حَتّى لَم يَدَع ذِكرَ مُحسِنٍ / سِوى ذِكرِ مَن يَحدو بِهِ الرَكبُ أَو يَشدُو
نَظَمتُ لَهُ عِقداً مِنَ الحَمدِ فاخِراً / وَقُلتُ لِذاكَ الجِيدِ يَصلُح ذا العِقدُ
أَبا صالِحٍ إِن طالَ عَهدي بِخِدمَةٍ / فَما طالَ لي بِالشُكرِ في مَحفِلٍ عَهدُ
وَإِن كُنتُ لَم أُدرِك جَزاكَ فَإِنَّني / أَبيتُ بِما أَولَيتَني وَلِيَ الجُهدُ
وَلَم أَرَ مِثلَ الحَمدِ ثَوباً لِلابِسٍ / وَأَدوَمُ ثَوبٍ أَنتَ لابِسُهُ الحَمدُ
خيرُ المَواطِنِ حَيثُ هَذا الأَروَعُ
خيرُ المَواطِنِ حَيثُ هَذا الأَروَعُ / وَأَجَلُّ قَولٍ ما أَقولُ وَيَسمَعُ
أَجهَدتُ نَفسي في المَديحِ فَلَم أَجِد / ما قَد صَنَعتُ مُجازِياً ما يَصنَعُ
وَأَضَعتُ مَدحي قَبلَهُ في غَيرِهِ / إِنَّ المَدائحَ في سِواهُ تُضيَّعُ
يُثنى عَلَيهِ بِدونِ ما في طَبعِهِ / كَالمِسكِ أَسيرُهُ الَّذي يَتَضَوَّعُ
وَيُزارُ بِالمَدحِ السَنِيِّ وَقَدرُهُ / أَعلا مِنَ المَدحِ السَنِيِّ وَأَرفَعُ
خِدَعٌ جَعَلناها إَلَيكَ وَسائِلاً / إِنَّ الكَريمَ بِكُلِّ شَيءٍ يُخدَعُ
شَفِعَت إِلَيكَ نَفاسَةٌ مِن نَفسِهِ / أَغنَت ذَوي الحاجاتِ عَمَّن يَشفَعُ
سَهلٌ وَفيهِ عَلى العَدوِّ شَراسَةٌ / كَالسَيفِ مَلمَسُهُ يَلينُ وَيَقطَعُ
إِن سَرَّ ضَرَّ وَتِلكَ شَيمَةُ مِثلِهِ / وَابنُ الكَريمَةِ مَن يَضُرُّ وَيَنفَعُ
مِثلُ الغَمامِ المُستَغاثِ بِدَرِّهِ / فِيهِ الصَواعِقُ وَالغُيوثُ الهُمَّعُ
لَو أَنَّهُ بارى الرِياحَ لَقَصَّرت / عَن بُعدِ غايَتِهِ الرِياحُ الأَربَعُ
وَلَرَدَّها حَسرى الهُبوبِ كَليلَةً / حَتّى تَرى أَنَّ البَطيئَ الأَسرَعُ
يَتَقَلَّدُ العَضبَ الحُسامَ وَتَحتَهُ / قَلبٌ أَحَدُّ مِنَ الحُسامِ وَأَقطَعُ
وَيَرى التَوَقّي بِالسَنَوَرِ ذِلَّةً / وَالدِرعُ يَكرَهُهُ الهِزَبرُ الأَروَعُ
جَنبَ الجِيادَ كَأَنَّ أَنصافَ القَنا / ما بَينَ أَذرُعِها الخَضيبَةِ أَذرُعُ
وَالبيضُ تَنثرُ لَحمَ كُلِّ مُدَرَّعٍ / فَتَعودُ تَنظِمُهُ الرِماحُ الشُرَّعُ
في كُلِّ مُنبَسِطِ الفِجاجِ كَأَنَّهُ / قَزَعٌ بِوارِقُهُ السُيوفُ اللُمَّعُ
أَبدى نَواجِذَهُ الكَمِيُّ مُكَلّحاً / فيهِ كَما كَلَحَ الأَزَلُّ الأَجلَعَ
وَتَناثَرَت فيهِ الجَماجِمُ وَالطُلى / حَتّى تَعاثَرَتِ المَذاكي المُزَّعُ
مَن مُبلِغُ الأَتراكِ أَنَّ أَمامَهُم / بَحراً يُغَرِّقُ مَوجُهُ مَن يَشرَعُ
أَمُّوا وَهَمّوا بِالوُرودِ فَراعَهُم / مِن دونِهِ هَذا الهُمامُ الأَروَعُ
وَتَيَقَّنوا أَن الشآمَ وَأَهلَهُ / أَحمى بِلادِ الخافِقينِ وَأَمنَعُ
بِمُوَقَّرٍ لا يُستَخَفُّ كَأَنَّما / في بُردَتَيهِ مُتالِعٌ أَو صَلفَعُ
لَو وازنَ الطَودَ الأَشَمَّ بِحِلمِهِ / لانحَطَّ وَاِرتَفَعَ الأَشَمُّ الأَرفَعُ
ضاقَ الطَريقُ إِلى النَدى وَطَريقُهُ / سَهلٌ إِلى ابنِ أَبي عَليٍّ مَبيَعُ
مَلِكٌ الطَريقُ إِلى النَدى وَطَريقُهُ / سَهلٌ إِلى ابنِ أَبي أَبي عَليٍّ مَبيَعُ
مَلِكٌ سَمِعنا بِالمُلوكِ وَفِعلِهِم / وَأَتى فَصَغَّرَ فِعلُهُ ما تَسمَعُ
أَبدَعتُ فيهِ القَولَ حينَ رَأَيتُهُ / يُعطي فَيُبدِعُ في غِنى مَن يُبدِعُ
وَشَكَوتُ إِمحالي فَأَمرَعَ جانِبي / مُذ ضَمَّني هَذا الجَنابُ المُمرِعُ
حَتّى لَقَد أَفضَلتُ مِمّا نالَني / مِن فَضلِهِ مِمّا يَخلَع
يابنَ المُلوكِ الصِيدِ غَيرَ مُدافَعٍ / عَمّا يُحاوِلُهُ المُلوكُ فَيُدفَعُ
نالَت يَداكَ بِما أَنالَت مَوضِعاً / ما لِلكَواكِبِ فيهِ عِندَكَ مَوضِعُ
شَرَفاً تُقَصِّرُ عَنهُ خُطوَةُ قَيصَرٍ / وَنَدىً تَتَبَّعَ فيهِ إَثرَكَ تُبَّعُ
هُنيتَ بِالعيدِ السَعيدِ فَإِنَّنا / بِجِمالِ وَجهِكَ لا بِهِ نَتَمَتَّعُ
رَبعٌ خَلا بِالغَورِ مِن سُكانِهِ / هاجَت لَنا الحُرُقاتُ مِن عِرفانِهِ
ضَمِنَ الجَوى قَلبي لَهُ وَلِأَهلِهِ / فَوَفى لَهُ وَلِأَهلِهِ بِضَمانِهِ
عُجنا الطَيَّ بِهِ وَهَبَّ نَسيمُهُ / فَذَكرتُ رَيّاهُ بِرَيّا بانِهِ
وَخَشيتُ لَومَ الرَكبِ لَولا أَنَّني / نَهنَهتُ غَربَ الدَمعِ عَن سَيَلانِهِ
رَبعٌ خَلَت عَرَصاتُهُ مِن نُهَّدٍ / رَجَحَت رَوادِفُهُنَّ عَن كُثبانِهِ
يَرقُدنَ في ظِلِّ الأَراكِ قَوائِلاً / فَتَخالُهُنَّ سَقَطنَ مِن أَغصانِهِ
مِن كُلِّ جائِلَةِ الوِشاحِ تَدَيَّرَت / مِن غَورِهِ الأَدنى إِلى جَولانِهِ
غِزلانُ إِنس بِنّ عَنهُ وَعُوِّضَت / عَرَصاتُهُ بِالوَحشِ مِن غِزلانِهِ
يَسألنَ عَن شَأنِ المُحِبِّ عَلى النَوى / لا تَسأَلوا عَنهُ وَلا عَن شانِهِ
شَطَّ المَزارُ أَعلَنَ في هَواكَ بِسِرِّهِ / فَالبينُ أَحوَجَهُ إِلى إِعلانِهِ
كَتَمَ الهَوى صَبراً إِلى أَن لَم يَجِد / صَبراً وَلا جَلَداً عَلى كِتمانِهِ
وَزَعَمتُمُ أَنّي نَسيتُ عُهودَكُم / لا لَومَ لِلإِنسانِ في نِسيانِهِ
وَلَقَد سَرى بَرقُ العِراقِ فَهاجَ لي / بِالشامِ وَجداً مِن سَنا لَمَعانِهِ
تَرَكت عَقيقَتُهُ الأَحَصَّ كَأَنَّما / ذابَ العَقيقُ عَلى رَؤُوسِ قُنانِهِ
يَبدو لِعَينِكَ في الظَلامِ كَأَنَّهُ / صِلُّ الكَثيبِ مُنضنِضاً بِلِسانِهِ
مُتَبَوِّجاً يَحكي الأَصَمَّ مِنَ القَنا / سالَ النَجيعُ عَلَيهِ في عَسَلانِهِ
فَكَأَنَّهُ وَاللَيلُ مُعتَكِرُ الدُجى / نارُ المُعِزِّ عَلى مُتونِ رِعانِهِ
مَلِكٌ إِذا خَفَقَ اللِواءُ وَراءَهُ / خَفَقَت قُلوبُ الإِنسِ مِن خَفَقانِهِ
حَسَنُ الثَناءِ مَغيبُهُ كَشُهودِهِ / بَينَ المَلا وَحَديثُهُ كَعِيانِهِ
قاتَ الوُحوشَ فَأَصبَحَت مَحسوبَةً / فيمَن يُقاتُ لَدَيهِ مِن ضيفانِهِ
فَالوَحشُ قَد عَرَفَ القِرى بِعَجاجِهِ / وَالإِنسُ قَد عَرَفَ القَرى بِدُخانِهِ
لا تَأَمَننَّ مِنَ الزَمانِ وَرَيبِهِ / إِن أَنتَ لَم تَعلَق بِحَبلِ أَمانِهِ
وَعِصابَةٍ خَبَطوا الظَلامَ بِأَينُقٍ / في البيدِ لا يُنكرنَ مِن ظُلمانِهِ
يَخضِبنَ مُبيَضَّ الحَصا بِمَناسِمٍ / طالَ السُرى فَدَمينَ مِن إِدمانِهِ
خُوصُ الأَحِجَّةِ ما اِنطَوَت حَتّى طَوَت / بِيداً تُبيدُ الرَكبَ في غيطانِهِ
مِن كُلِّ مُغتَرِضِ الأَريكَةِ صَيَّرَت / غُبرُ الفَيافي بَطنَهُ كَبِطانِهِ
مِن تَحتِ مُنقَدِّ القَميصِ بِسَيفِهِ / حَدُّ وَأَمضى مِنهُ حَدُّ لِسانِِ
يَرجُو الغِنى مِن كُلِّ أَروَع لَم يَخَف / راجيهِ بَعدَ اللَهِ مِن حِرمانِهِ
وَيَؤُمُّ أَبلَجَ مِن ذُؤابَةِ عامِرٍ / عاشَت مُلوكُ الأَرضِ في إِحسانِهِ
مُغرىً بِنَقصِ المالِ إِلّا أَنَّهُ / مالٌ يَزيدُ الحَمدُ في نُقصانِهِ
إِنَّ الزَمانَ كَثيرَةٌ كرَماؤُهُ / لَكن أَكرَمَهُم أَبُو عُلوانِهِ
بَحرٌ شَطونُ العِبر إِلّا أَنَّهُ / بَحرٌ رَأَينا البَحرَ مِن خُلجانِهِ
ماضي الجَنانِ إِذا تَقَلَّدَ صارِماً / لَم يَمضِ صارِمُهُ مَضاءَ جَنانِهِ
شَرُفت مَناقِبُهُ إِلى أَن رُصِّعَت / عِوَضاً عَنِ الياقوتِ في تيجانِهِ
وَالمأثُراتُ الغُرُّ أَشرَفُ قيمَةً / في تاجِهِ المَعقودِ مِن عِقيانِهِ
قابَلتُ في الإِيوانِ سُنَّةَ وَجهِهِ / فَسَلَوتُ عَن كِسرى وَعَن إِوانِهِ
وَرَأيتُ حينَ رَأيتُ أَحسَنَ سيرة / فينا وَأَعدَل مِن أَنو شِروانِهِ
أَنسى البَرِيَّةَ عَدلَ ذاكَ بِعَدلِهِ / فَكَأَنَّهُم في عَصرِهِ وَأَوانِهِ
لَو حَلَّ دونَ مَحَلِّهِ مِن قَدرِهِ / ما كانَ يُبصَرُ مِن عُلوِّ مَكانِهِ
تَأبى المَمالِكَ نَفسُهُ ما لَم تَكُن / مَملوكَةً بَضرابِهِ وَطِعانِهِ
كَالليثِ يأنَفُ أَن يَدُقَّ فَريسَةً / لَم تَثوِ بَينَ مَلاطِهِ وَجِرانِهِ
رَبِحَ الثَنا بِخَسارَةٍ مِن مالِهِ / فَأَتاهُ ربحُ الحَمدِ مِن خُسرانِهِ
حامي الذِمارِ وَلِلمَنِيَّةِ مَورِدٌ / خُلِقَت رِماحُ الخَطِّ مِن أَشطانِهِ
إِذ لا يَرى البَطَلُ الشُجاعُ لِنَفسِهِ / وَزَراً حَصيناً غَيرَ ظَهرِ حِصانِهِ
أَو مُرهَفٍ عُرِفَت نَفاسَةُ قَدرِهِ / مِن أَنفُسِ سالَت عَلى سِيلانِهِ
كَالجَدوَلِ المُنقادِ إِلّا أَنَّهُ / لا يُحتَشى في الغِمدِ مِن جَرَيانِهِ
أَو مارِنٍ في الصِلِّ حامِلِ جَذوَةٍ / يَبدُو سَناها مِن بَريقِ سِنانِهِ
في كَفِّ أَروَعَ كُلَّما اشتَجَرَ القَنا / وَدَنا في الرَوعِ مِن أَقرانِهِ
مِثلُ المُعِزِّ وَأَينَ يُوجَد مِثلُهُ / إِلّا قَليلاً في مُلوكِ زَمانِهِ
صَعبٌ إِذا صَعُبَ الزَمانُ قِيادهُ / لا يَأمَنُ الأَعداءُ مِن عُدوانِهِ
لَمّا وَزَنتُ العالمينَ وَجَدتُهُم / لا يَرجَحونَ عَلَيهِ في ميزانِهِ
أَتقى البَرِيَّةِ مُفطِراً مِن صَومِهِ / أَو صائِماً لِلّهِ في رَمَضانِهِ
سَبَقَ الكِرامَ السابِقينَ إِلى النَدى / سَبقَ العَتيقِ النَهدِ يَومَ رِهانِهِ
يا أَيُّها المَلِكُ الَّذي أَحيا النَدى / فينا وَأَحيا العَدلَ في بُلدانِهِ
قَد كانَ فَخرُ المُلكِ شَيَّدَ ما بَنى / وَبَنَيتَ أَنتَ فَزِدتَ عَن بُنيانِهِ
وَأَقَمتَ رُكنَ المُلكِ بَعدَ نَوائِبٍ / مالَت عَلَيهِ فَمالَ مِن أَركانِهِ
وَطَلَبتَ ثَأرَكَ فاستَثارَ لَكَ الرَدى / مِمَّن أَلَحَّ عَلَيكَ في طُغيانِهِ
وَحَوَيتَ ما خَلّى فَلَم تَحفِل بِهِ / كَرَماً وَجُدتَ بِهِ عَلى غِلمانِهِ
وَمَلَكتَ إِرثَكَ مِن أَبيكَ بِهِمَّةٍ / قادَت زِمامَ المُلكِ بَعدَ حِرانِهِ
فَاسعَد بِعيدِكَ لا عَدِمتَ سَعادَةً / في الدَهرِ باقِيَةً عَلى أَزمانِهِ
فَالعِزُّ قَد أَمطاكَ ظَهرَ جَوادِهِ / وَالمُلكُ قَد أَنطاكَ فَضلَ عِنانِهِ
لا تُسرِفي في هَجرِهِ وَصُدُودِهِ
لا تُسرِفي في هَجرِهِ وَصُدُودِهِ / يَكفيكِ دونَ الهَجرِ هَجرُ هُجودِهِ
قَد جاوَزَ المَجهُودَ فيكِ وَماله / فيما يُحاوِلُهُ سِوى مَجهودِهِ
كَم قَد سَلاكِ وَعادَ عَودَةَ مُغرَمٍ / وَالجَمرُ قَد يَشتَبُّ بَعدَ خُمودِهِ
أَفدي الَّتي نَزَلَت بِوادٍ قَلبُها / أَقسى عَلى العُشّاقِ مشن جُلمُودِهِ
خَطَرَت بِهِ فَكَأَنَّ نَفحَةَ عَنبَرٍ / تَنضاعُ بَينَ تِلاعِهِ وَوُهُودِهِ
غَيداءُ يَقتُلُ كُلَّ صَبٍّ لَحظُها / وَالحُبُّ أَقتَلُهُ لَواحِظُ غِيدِهِ
رِيمٌ بِرامَةَ لا يَصيدُ بِضَعفِهِ / إِلّا الرِجالَ الصِيدَ حينَ صُدودِهِ
لِلوَردِ حُمرَةُ خَدِّهِ وَالغُصنِ هَزْ / زَةُ قَدِّهِ وَالظَبي مَدَّةُ جيدِهِ
أَهوى الدُجى مِن أَجلِ أَنَّ هِلالَهُ / كَسِوارِهِ وَنُجومَهُ كَعُقودِهِ
يا لائِمَ المُشتاقِ دَعهُ فَإِنَّما / يَضنى بِطولِ غَرامِهِ وَسُهودِهِ
قَد لَجَّ في بُرَحائِهِ وَعَنائِهِ / لَمّا رَآكَ تَلِجُّ في تَفنيدِهِ
وَمُشَجَّجُ الإِبطينِ مِن فَرطِ الوَجى / وَالأَينِ بَينَ هُبوطِهِ وَصُعودِهِ
أَزرَت بِهِ النِياتُ حَتّى نِيُّهُ / قَد دابَ تَحتَ وَضِينِهِ وَقُتودِهِ
يَرمي بِهِ قَلبَ الفَلا مَن قَلبُهُ / في الخَطبِ أَوسَعُ مِن تَنائِفِ بِيدِهِ
وَيَؤُمُّ أَبلَجَ مِن ذُؤابَةِ عامِرٍ / كَالبَحرِ إِلّا في لَذيذِ وُرودِهِ
قَد خَيَّمَ المَعروفُ بَينَ خِيامِهِ / وَقُصورِهِ وَجِدارِهِ وَعَمودِهِ
اللَيثُ يَصغُرُ بِأسُهُ في بَأسِهِ / وَالغَيثُ يُحقَرُ جودُهُ في جودِهِ
مَلِكٌ يُرَجّى بَأسُهُ وَيَخافُهُ / مَن لا يَكادُ يَخافُ مِن مَعبودِهِ
بَذَلَ اللُهى حَتّى اِستَغاثَ بَنانُهُ / مِن مالِهِ وَالمالُ مِن تَبديدِهِ
وَبَنى المُعِزُّ مَفاخِراً لَم يَتَّكِل / فيها عَلى آبائِهِ وَجُدودِهِ
فَكَأَنَّما سَحُّ النَدى مِن سَحِّهِ / أَو عُودُهُ مُستَخرَجٌ مِن عُودِهِ
تَلقى النُفوسُ حَياتَها في وَعدِهِ / وَحِمامَها في سُخطِهِ وَوَعيدِهِ
يَشتَبُّ غَيظاً ثُمَّ يَصفَحُ رَأفَةً / وَالغَيثُ بَعدَ بُروقِهِ وَرُعودهِ
السَعدُ مِن خُدّامِهِ وَعَبيدِهِ / وَالنَصرُ مِن أَعوانِهِ وَجُنودِهِ
لِلّهِ ما فَعَلَ الإِمامُ فَإِنَّهُ / أَوفى البَرِيَّةِ كُلِّها بِعُهودِهِ
لَم يَكفِ ما والاُ مِن إِحسانِهِ / حَتّى تَلاهُ بِقَودِهِ وَبُنودِهِ
وَبِسَيفِهِ وَنِطاقِهِ وَرِدائِهِ / وَسِحِلِّ حَضرَتِهِ وَوَشي بُرودِهِ
لا خَلقَ أَكرَمُ شِيمَةً وَسَجِيَّةً / في الناسِ مِن مُبدي النَدى وَمُعيدِهِ
في يَومِ لا عيد وَلَكِن فَضلُهُ / عِيدُ الَّذي وافى إِلَيهِ كَعِيدِهِ
هَل يَعلَمُ اليَومَ الإِمامَ بِأَنَّهُ / وَضَعَ الصنيعَةَ في أَحَقِّ عَبيدِهِ
مَلَكوا مَكاناً هَدَّ رُكنَ عُدُوِّهِم / وَعَدُوِّهِ وَحَسودِهِم وَحَسودِهِ
وَحَموا بِلادَ الرَقَتينِ مِنَ العِدى / وَالغيلُ لا يَحميهِ غَيرُ أُسودِهِ
يا مَن إِذا سَمِعَ العَدُوُّ مَدائِحي / فيهِ أَقامَ الغَيظُ حَبلَ وَريدِهِ
قَد جَدَّدَ اللَهُ الوَلاءَ وَزادَهُ / بِالخلفِ تَجديداً عَلى تَجديدِهِ
فَليَهنِكُم وَفدُ الخَليفَةِ إِنَّهُ / وَفَد النَجاحُ عَلَيكُم بِوُفودِهِ
فَسُبوغُ ذا الإِقبالِ مِن إِقبالِهِ / وَبُلُوغُ ذا التَأييدِ مِن تَأييدِهِ
لا تَحسَبي شَيبَ رَأسي أَنَّهُ هَرَمُ
لا تَحسَبي شَيبَ رَأسي أَنَّهُ هَرَمُ / وَإِنَّما أَبيَضَّ لَمّا اِبيَضَّتِ اللِمَمُ
وَلا تَظُنّي نُحولَ الجِسمِ مِن أَلَمٍ / فَالهَمُّ يَفعَلُ مالا يَفعَلُ الأَلَمُ
كَتَمتُ حُبَّكِ دَهراً ثُمَ بُحتُ بِهِ / وَسِرُّ كُلِّ مُحِبٍّ لَيسَ يَنكَتِمُ
عَذَّبتُمُ بِالهَوى قَلبي وَلا عَجَباً / أَن شَرَّقَ الماءُ وَهوَ البارِدُ الشَبمُ
وَشَفَّ ما في ضَميري مِن مَحبَّتِكُم / وَإِنَّما شَفَّ لَمّا شَفَّني السَقَمُ
ضِنّي بِوَصلِكِ أَو مُنّي عَليَّ بِهِ / فَواحِدٌ عِنديَ الوِجدانُ وَالعَدَمُ
ما أَقبَحَ العِرضَ مَدنُوساً بِفاحِشَةٍ / يَخُطُّها اللَوحُ أَو يَجري بِها القَلَمُ
وَالحُسنُ لا حُسنَ في وَجهٍ تَأَمَّلُهُ / إِن لَم تَكُن مِثلَهُ الأَخلاقُ وَالشِيَمُ
وَلِلشَبِيبَةِ بُنيانٌ تُكَمِّلُهُ / لَكَ الثَلاثونَ عاماً ثُمَّ يَنهَدِمُ
وَمَن يَكُن بِأَبي العُلوان مُعتَصِماً / فَإِنَّهُ بِحِبالِ اللَهِ مُعتَصِمُ
مُبارَكُ الوَجهِ صاغَ اللَهُ طِينَتَهُ / مِن طينَةٍ مِنها الجُودُ وَالكَرَمُ
تُريكَ هَضبَ هُمامٍ في حِجى مَلِكٍ / مِن آلِ مِرداسَ في عِرنينهِ شَمَمُ
أَغنى الجَزيرَةَ لَمّا أَن أَقامَ بِها / عَن أَن تُشامَ لَها الأَنواءُ وَالدِيَمُ
وَأَمَّنَ اللَهُ أَهلَ الرقَّتينِ بِهِ / أَن يَستَبِدّ بِهِم ظُلمٌ وَلا ظُلَمُ
جَنابُهُ لَهُمُ رِيفٌ وَجانِبُهُ / مِنَ المُلِمِّ الَّذي يَخشونَهُ حَرَمُ
ظَنَّ الأَعادي بِهِ ظَنّاً فَأَخلَفَهُ / لَمّا اِلتَقوا وَعُبابُ الظُلمِ يَلتَطِمُ
رَماهُمُ بِليوثٍ لَو رَمى بِهِمُ / دَعائِمَ الطَودِ لَم تَثبُت لَها دَعَمُ
وَفِتيَةٍ كَاللُيوثِ الغُلبِ لَيسَ لَهُم / إِلّا السَنَوَّر أَغيالٌ وَلا أَجَمُ
شابَت نَواصي الوَغى مِنهُم فَهُم عَجَمٌ / وَعُودُهُم غَيرُ خوّارٍ إِذا عُجِمُوا
مِن حَولِ أَروَعَ تُغنيهِم مَهابَتُهُ / عَنِ السُيوفِ الَّتي أَغمادُها القِمَمُ
حَتّى إِذا اِشتَجَرَ الخَطّيُّ بَينَهُمُ / تَبَيَّنَ القَومُ أَيُّ الحاضِرينَ هُمُ
في مَأزِقٍ زُوِّقَ المَوتُ الذُعافُ بِهِ / وَشابَتِ العُذرُ مِمّا تَنفُضُ اللُجُمُ
لَو كانَ غَيرُ اِبنِ فَخرِ المُلكِ حارَبَهُم / لَم يَنهَهُ عَنهُمُ قُربى وَلا رَحِمُ
وَإِنَّما حارَبُوا قَرماً يَعُوذُ بِهِ / خِيَمٌ كَريمٌ وَلَحمٌ طَيِّبٌ وَدَمُ
وَآلُ مِرداسَ خَيرُ الناسِ إِن رَحَلوا / وَإِن أَقامُوا وَإِن أَثَروا وَإِن عَدِمُوا
لا يَبخَلونَ بِمَعروفٍ إِذا سُئِلوا / وَلا يَخِفُّونَ عَن حِلمٍ إِذا نَقِمُوا
تَعَلَّموا كُلَّ فَضلٍ مِن نُفوسِهِمِ / فَما يُزادونَ عِلماً فَوقَ ما عَلِمُوا
لَو شاهَدَ اِبنُ أَبي سُلمى مَكارِمَهُ / لَكانَ غَيرَ كَريمٍ عِندَهُ هَرِمُ
وَلَو رَأَى حاتمُ الطائِيُّ فَضلَهُمُ / لَقالَ مِن آلِ مِرداسٍ بَدا الكَرَمُ
يُصَغِّرونَ عَظيماً مِن مَحَلِّهِم / فَكُلَّما صَغَّرُوا مِن قَدرِهِم عَظُمُوا
سَمادِعٌ شَيَّعوا ذِكري بِذِكرِهِمُ / فَصرتُ أُعرَفُ بِالوَسمِ الَّذي وَسَمُوا
يا مَن يُحَمِّلُّ مِن شُكري لِنِعمَتِهِ / حِملاً تُحمِّلُ مِثلي مَثلَهُ الأُمَمُ
إِنّي وَزَنت بِكَ الأَملاكَ قاطِبَةً / فَما وَفى بِكَ لا عُربٌ وَلا عَجَمُ
ما صَحَّ مَذهَبُ أَهلِ النَسخِ عِندَهُمُ / إِلّا بِأَنَّكَ أَنتَ الناسُ كُلُّهُمُ
جَمَعتَ ما في جَميعِ الناسِ مِن كَرَمٍ / فَالفَضلُ عِندَكَ مَجموعٌ وَمُقتَسَمُ
أَفدي بِنَفسي نَفيسَ النَفسِ عادَتُهُ / أَن لا يُذَمَّ لَهُ فِعلٌ وَلا ذِمَمُ
أَزُورُهُ وَبِوُدّي لَو مَشى بَصَري / عَنّي وَلَم يَمشِ لي ساقٌ وَلا قَدَمُ
وَلَو قَدِرتُ لَما زارَت مُقَفِّلَةً / إِلّا بِخَدّي إِلَيهِ الوُخد الرُسُمُ
كَرامَةً لِكَريمِ الخيمِ ما كَبُرَت / إِلّا لَهُ عِنديَ الآلاءُ وَالنِعَمُ
فَسَوفَ أَشكُرُهُ حَيّاً وَتَشكُرُهُ / عَنّي إِذا ما ثَوَيتُ الأَعظُمُ الرِمَمُ
رَبعٌ تَعَفَّت بِاللِوى عُهُودُه
رَبعٌ تَعَفَّت بِاللِوى عُهُودُه / وَأَصبَحَت مُنهَجَةً بُرُودُه
عُجنا بِهِ كَأَنَّنا نُعُودُه / فَلَم نَزَل دُمُوعُنا تَجُودُه
حَتّى اِرتَوَت مِن تَحتِنا نُجُودُه / وَمَهمَهٍ مُمحِلَةٍ حُدُودُه
كَأَنَّما أَرقَمُهُ أُخدُودُه / يَصعَدُ في ريحِ الصَبا صَعيدُه
طاوِيَةٌ آسادُهُ وَسِيدُه / ما طَلَّهُ الغَيثُ بِما يَجُودُه
فَغَبَّ مَرعاهُ وَجَفَّ عُودُه / وَذَمَّهُ ِللحَيِّ مَن يَرُودُه
فَحينَ ماتَت بِيضُهُ وَسُودُه / وَأَصبَحَت غائِرَةً جُدُودُه
باكَرَهُ مُصطَخِبٌ رُعُودُه / تَسُوقُهُ الجَنُوبُ أَو تَقُودُه
يَكادُ أَن يَحرِقَهُ وَقُودُه / فَاِنتُثِرَت عَلى الثَرى عُقُودُه
كَأَنَّما جودُ المُعِزّ جُودُه / مُتَوَّجٌ إِحسانُهُ قُيودُه
مَهَّدَتِ الدُنيا لَنا جُهُودُه / بَحرٌ وَلَكِنَّ النَدى مُدُودُه
طابَ لِمَن شَرَعَه وَرُودُه / جَمُّ النَدى يُبدِيهِ أَو يُعيدُه
يَغرَمُ ما تَغنَمُهُ وُفُودُه / كَأَنَّما سائِلُهُ عَقيدُه
يَرفَعُهُ بِذَمِّهِ حَسُودُه / كَأَنَّما نزُولُهُ صُعُودُه
نَزيدُهُ حَمداً وَنَستَزيدُه / يا مَلِكاً أَملاكُنا عَبيدُه
وَيا فَتىً ناجِزَةٌ وَعُودُه / عِندَكَ يَلقى الخَيرَ مَن يُريدُه
وَكُلُّ فَضلٍ مِنكَ نَستَفيدُه / فَاسلَم وَلا كادَكَ مَن تَكيدُه
فَالحَمدُ رَكبٌ وَفِناكَ بِيدُه / وَمَنطَقي عِقدٌ وَأَنتَ جيدُه
وَقَفنافَكَم هاجَ الوُقوفُ عَلى المَغنى
وَقَفنافَكَم هاجَ الوُقوفُ عَلى المَغنى / غَليلاً دَخيلاً مِن لُبَينى وَمِن لُبنى
وَعُجنا عَلَيهِ مُنذُ عِشرينَ حِجَّةً / تَقَضَّت فَما عُجنا عَلى الحِلمِ مُذ عُجنا
أَرَبعَ التَصابي قَد فَنِيتَ وَحُبُّنا / لِأَهلِكَ لا يَبلى فِناكَ وَلا يَفنى
كَأَنكَ تَلقى ما لَقِينا مِنَ الهَوى / وَتَضنى لِفَقدِ الظاعِنينَ كَما نَضنى
سَأَلناكَ لَو أَخبَرتَنا أَينَ يَمَّمُوا / أَوَعسَ الحِمى الأَقصى أَمِ الأَوعَسَ الأَدنى
أَمِ الحَيُّ لَمّا أَكدَتِ المُزنُ يَمَّمُوا / ثِمالاً فَشامُوا مِن أَنامِلِهِ المُزنا
لَقَد نَجَعُوا رَبعاً حَصيناً مِنَ النَدى / وَصارُوا إِلى مَن يَمنَحُ المُدنَ لا البُدنا
فَتى كَرَمٍ أَفنى الصَوارِمَ في الوَغى / ضِراباً وَأَفنى بِالطِعانِ القَنا اللُدنا
يَدُلَّكَ مِن كِلتا يَدَيهِ عَلى الغِنى / فَيُسركَ لِليُسرى وَيُمنُكَ لِليُمنى
هُوَ البَحرُ إِلّا أَنّنا لا نَرى لَهُ / سِوى مُوقَراتِ العِيسِ مِن مالِهِ سُفنا
نَظَمتُ لِأَسنى الخَلقِ مَدحاً وَجَدتُهُ / سَنِيّاً فَأَهدَيتُ السَنِيَّ إِلى الأَسنى
أَبا صالِحٍ إِن كُنتُ في القَولِ مُحسِناً / فَإِنَّكَ قَد جازَيتَني عَنهُ بِالحُسنى
وَأَعدَيتَني بِالجُودِ حَتّى تَرَكتَني / أَجُودُ فَأُفِني مَكسَبي قَبلَ أَن أَفنى
تَشاغَلتُ أَبني فيكَ مَدحاً وَأَبتَني / فَفيكَ الَّذي أَبني وَمِنكَ الَّذي يُبنى
إِذا نَحنُ جُدنا أَو نَفَحنا بِنِعمَةٍ / فَمِنكَ وَمِمّا جُدتَ ذاكَ الَّذي جُدنا
وَإِن شُكِرَ القَومُ الأُلى مِنكَ رِزقُهُم / فَإِنَّكَ بِالشُكرِ الَّذي شُكِروا تُعنى
إِذا المَرءُ أَولى الفَضلَ مِن فَضلِ غَيرِهِ / فَمُوليهِ أَولى بِالثَناء الَّذي يُثنى
إِذا العارِضُ الوَسمِيُّ جادَ فَأَسبَلا
إِذا العارِضُ الوَسمِيُّ جادَ فَأَسبَلا / فَقُل سَقِّ بِالحِزانِ رَبعاً وَمَنزِلا
وَمَهما تَبَخَّلتَ الرَبابَ فَزُر بِهِ / طُلُولاً بَصَحراءِ النُخَيلَةَ مُثَّلا
يُفَرِّقُ في الغَبراءِ ظَبياً وَمِكنَساً / وَيَرمي مِنَ الشَغواءِ وَكراً وَأَجدَلا
وَرَوّى شَماريخَ المَضيقِ بِصَيّبٍ / يُرى مِنهُ أَسرابُ الأَياييلِ جُفَّلا
إِذا وَأَلَت مِن رَيِّقِ الوَبلِ لَم تَجِدِ / لَها غَيرَ أَهدابِ الطَرافيِّ مَوئلا
تَشابَكنَ بِالأَفنانِ عُصلاً كَأَنَّما / تَحَمَّلنَ مِنهُنَّ النَخيلَ المُنَخَّلا
وَعُج عَوجَةً بِالرقَّتَينِ فَسَقِّها / حَياءً إِذا ما جَلجَلَ الرَعدُ أَسبَلا
يُغادِرُ مِن كُلِّ النَواحي بِأَرضِها / غَديراً كَذَيلِ السابِرِيِّ وَجَدوَلا
وَإِن كانَ يَغنيها المُعِزُّ بنُ صالِحٍ / عَن العارِضِ الوَسميِّ أَن يَتَهَلَّلا
فَتىً طالَ بِالإِحسانِ وَالطَولِ قَدرُهُ / وَما طالَ قَدرُ المَرءِ حَتّى تَطَوَّلا
لَهُ راحَةٌ في أَن يَرى كُلَّ راحَةٍ / بِلا رَاحَةٍ مِن أَن تَجودَ وَتُفضِلا
وَلَيلٍ نَضَينا العِيسَ فيهِ إِلى فَتىً / هُدى العِيسِ فيهِ بَعدَ أَن كُنَّ ضُلَّلا
وَجُبنا إِلَيهِ كُلَّ تَيهاءَ لا تَرى / بِها غَيرَ سِيدانِ الظَهيرَةِ عُسَّلا
إِذا جُعنَ أَدمَنَّ العُواءَ كَأَنَّما / ثَمِلنَ فَأَكثَرنَ الغناءَ المُرَتَّلا
خِماصٌ إِذا ما رُحنَ كُلَّ عَشِيَّةٍ / إِلى الوُجرِ أَشبَهنَ الدِمَقسَ المبقِّلا
وَغُبرُ النَعامِ الرُبدِ يَرقُصنَ كُلَّما / تَوَجَّسنَ في الظَلماءِ لِلرَكبِ أَزمَلا
كَأَنَّ قُسوساً بِالأَداحيِّ أَصبَحَت / مُكَوَّسَةً تَتلو الكِتابَ المُنزَّلا
وَحِقبٌ إِذا ما لاحَ إِيماضُ بارِقٍ / نَجَعنَ الحَيا مِن أَيِّ صَوبٍ تَخَيَّلا
وَرُحنَ يُرَجِّعنَ السَحيلَ تَوالياً / إِلى حَيثُ يَتلو ساطِعُ البَرقِ مِسحَلا
وَخَيلٍ يُحَفِّرنَ الصَفا بِحَوافِرٍ / يُلَقِّينَ مِنها جَندَلَ القاعِ جَندَلا
إِذا ما قَدَحنَ النارَ مِن كُلِّ جَروَلٍ / يُضِئنَ بِها في ظُلمَةِ اللَيلِ مِشعَلا
عَوايِدُ مَيمُونِ النَقيبَةِ لا يَرى / عَلى نَيلِهِ في الناسِ أَن يَتَنَيَّلا
فَلَمّا وَصَلنَ المُدرِكي ابنَ صالِحٍ / وَصَلنَ أَجَلَّ الناسِ قَدراً وَأَفضَلا
فَتى كَرَمٍ لا يُقفَلُ الرِزقُ دُونَهُ / إِذا باتَ بابُ الرِزقُ دُونَكَ مُقفلا
مَتى ما يُؤمَّل لَم يَزُل مِن جَنابِهِ / مُؤَمِّلُهُ حَتّى يَصيرُ مُؤَملا
فَزُرهُ تَزُر مَن لا يُخلّيهِ مُرمِلا / مِنَ المالِ إِلا سائِلٌ جاءَ مُرمِلا
بَنى لِبَني الشَدّادِ فَخراً مُوَطَداً / عَلى كُلِّ مَخلوقٍ وَمَجداً مُؤَثَّلا
بِعَزمٍ ثَنى صَدرَ القَناةِ مُحَطَّماً / وَرَدَّ غِرارَ المَشرَفيّ مُفَلَّلا
نَسِينا بِهِ مَن كانَ في الدَهرِ قَبلَه / وَكَم قَد رَأَينا آخِراً فاقَ أَوَّلا
وَقَد فَضَّلَ اللَهُ الرَسولَ مُحَمَّداً / عَلى كُلِّ مَن قَد كانَ مِن قَبلُ مُرسَلا
وَإِن طاعَنَ الأَقرانَ لَم يقبقِ حَلقَةً / عَلى دارِعٍ إِلّا وَيُوضِحُ مَقتَلا
يَخَوضُ بِهِ الطِرفُ الأَغَرُّ دَمَ العِدى / وَلا يَنثَني إِلّا أَغَرَّ مُحَجَّلا
وَنَظما رِماحُ الخَطِّ حَتّى يَمَسَّها / يَمينُ ثِمالٍ ثُمَّ تُشرَعَ مَنهَلا
أَبا صالِحٍ لا خَلقَ إِلّاكَ مُحسِناً / وَلا مَلِكٌ إِلّاكَ في الناسِ مُفضِلا
شَجُعتَ فَصَيَّرتَ الشُجاعَ مُرَوَّعاً / وَجُدتَ فَغادَرتَ الجَوادَ مُبَخَّلا
وَحَمَّلتَني ما لَو تَحَمَّلَ بَعضَهُ / ثَبيرٌ لَأَوهى رُكنَهُ ما تَحَمَّلا
فَلا زِلتُ أُثني فيكَ مَدحاً مُحَبّراً / وَأَنظِمُ عِقداً مِن ثَناكَ مُفَصَّلا
ما ضَرَّ مَن حَدَتِ النَوى أَجمالَها
ما ضَرَّ مَن حَدَتِ النَوى أَجمالَها / لَو أَنَّها أَهدَت إِلَيكَ خَيالَها
ضَنَّت عَلَيكَ بِوَصلِها في قُربِها / أَفَتَبتَغي بَعدَ النُزُوحِ وِصالَها
نَزَلَت جِبالَ تِهامَةٍ فَلِأَجلِها / يَهوى الفُؤَادُ تِهامَةً وَجِبالَها
وَتَدَيَّرَت مَنشَا السَيالِ فَلَيتَني / رَوَّيتُ مِن سَيلِ الدُموعِ سَيالَها
يا صاحِبَيَّ قِفا عَليَّ بِقَدرِ ما / أَسقي بِواكِفِ عَبرَتي أَطلالَها
فَلَطالَما مَلَأت سُعادُ عِراصَها / طيباً إِذا سَحَبَت بِهِ أَذيالَها
وَمَشَت عَلى تِلكَ الرُبوعِ فَصَيَّرَت / أَغلى مِنَ الدُرِّ الثَمينِ رِمالَها
صَرَمَت حِبالَك فَاستَرَبتَ وَإِنَّما / صَرَمَت حِبالَكَ إِذا صَرَمتَ حِبالَها
وَلَقَد سَرَت بِكَ وَالرِكابُ لَواغِبٌ / مِرقالَةٌ شَكَت الفَلا إِرقالَها
مَذعُورَةٌ ذُعرَ النَعامَةِ أُلهِبَت / لَما أَضَلَّت بِالعَشِيِّ رِئالَها
لَعِبَت بِنُمرُقِها الشَمالُ وَمَزَّقَت / في البيدِ أَنيابُ العَضاهِ جِلالَها
وَكَأَنَّ مِشفَرَها عَلى مِعوالَةٍ / مَتَحَ الرِجالُ مِنَ القَليب سِجالَها
وَكَأَنَّما لَطَخَ الدَبا بِلُعابِهِ / أَرفاغَها وَحِجالَها وَقِلالَها
صَهباءُ أَدمَتها السِياطُ فَأَشبَهَت / صَهباءَ سَيَّلَتِ الأَكُفُّ بُزالَها
بَرَكَت حِيالي كَالحَنِيَّةِ في الدُجى / وَهَجَدتُ مِثلَ المَشرَفيّ حِيالَها
مِثلُ الهِلالِ مِنَ الوَجيفِ تَؤُمُّ بي / مِصباحَ قَيسٍ كُلِّها وَهِلالَها
مَلِكٌ أَنالَ فَنالَ أَبعَدَ غايَةٍ / في المَجدِ لَم تَرَ مَن أَنالَ مَنالَها
وَعَدَ الذَوابِلَ أَن يُهينَ صُدورَها / لِتُعِزَّهُ فَوَفَت لَهُ وَوَفى لَها
مُتَمَكِّنٌ في الحِلمِ لَو وازَنتَهُ / بِالشامِخاتِ الباذِخاتِ أَمالَها
ضَلَّت رَكائِبُنا فَأَوضَحَ سُبلَها / مَلِكٌ أَزالَ ضَلالَنا وَضَلالَها
وَشَكَت إِلَيهِ كَلالَها فَأَنالَها / نَيلاً يَزيدُ لَغوبَها وَكَلالَها
حَمَلَت لهُاهُ وَمَن تَحَمَّلَ شُكرَهُ / منّاً فَكَثَّرَ فَضلُهُ أَحمالَها
تَجِدُ المُلوكَ إِذا عَدَدتَ كَثيرَةً / وَترى الكَبيرَ إِذا عَدَدتَ ثِمالِها
أَلقى النِجادَ عَلى مَناكِبِ ماجِدٍ / أَلقَت إِلَيهِ المَكرُماتُ رِحالَها
مِنَ مَعشَرٍ يَتَغايَرونَ عَلى العُلى / وَيَرونَ أَنكَرَ مُنكَرٍ إِغفالَها
وَإِذا تُلِمُّ مِنَ الزَمانِ مُلِمَّةٌ / حَمَلَت ظُهُورُ جِيادِهِم أَثقالَها
قَومٌ إِذا سَلّوا السُيوفَ رَأَيتَها / أَمثالَهُم وَرَأَيتَهُم أَمثالَها
لَكِنَّهُم أَحسابُهُم مَصقُولَةٌ / وَسُيوفُهُم يَتَعاهَدونَ صِقالَها
رَجَحَت حُلومُهُمُ وَفي يَومِ الوَغى / تَلقاُهُمُ حُلَماؤُها جُهّالَها
أُسدٌ تَعَوَّدَتِ الجَميلَ وَعَوَّدَت / فِعلَ الجَميلِ مِنَ الصِبا أَشبالَها
غالَت أَعاديها وَغالَت في العُلى / وَحَمَت بِأَطرافِ القَنا أَغيالَها
يا مَن أَراحَ مِنَ المَذمَّةِ راحَةً / أَضحى جَميعُ العالمينَ عِيالَها
أَنعِل جِيادَكَ بِالأَهِلَّةِ إِنَّها / لَتَجِلَّ أَن تَلقى الحَديدَ نِعالَها
عَوَّدتَها أَن لا تَصونَ صُدورَها / وَتَصونُ مِن وَقعِ القَنا أَكفالَها
في مَأزِقٍ لا يَستَقِرُّ بِهِ الطُلى / لَو طالَعتَ فيهِ المَنونَ لَهالَها
حُزتَ العُلى حَتّى غَدَوتَ يَمينَها / وَغَدا المُلوكُ بَنو المُلوكِ شِمالَها
وَرَدَدتُ بِالبيضِ الصَوارِمِ دَولَةً / لَولاكَ ما كانَ الزَمانُ أَدالَها
فَأَقمتَ أَركانَ الشَريعَةِ بَعدَما / كانَ الزَمانُ بِمَنكِبيهِ أَمالَها
وَحَمَلتَ عَنها النائِباتِ وَلَم تَزَل / كَشّافَ كُلِّ مُلِمَّةٍ حَمّالَها
وَكَذاكَ كانَ أَبوكَ يَكشِفُ ضُرَّها / وَيَفُكَّ مِن أَعناقِها أَغلالَها
لِلّهِ عاقِبَةُ الشِهابِ فَإِنَّها / ما بَلَّغَت فينا العِدا آمالَها
وَلَقَد تَأَلَّمَتِ المَكارِمُ وَاِغتَدى / إِبلالُهُ مِمّا شَكا إِبلالَها
يا مَن تَجَمَّلَتِ العُصورُ بِوَجهِهِ / لا أَعدَمَ اللَهُ القُصورَ جَمالَها
إِنّي حَبَستُ عَلى عُلاكَ مَدائِحي / وَحَلَلتُ عَنها في البِلادِ عِقالَها
لا تَحمَدَني في مَقالِ قَصيدَةٍ / وَاحمَد نَداكَ فَإِنَّ فَضلَكَ قالَها
يا ظَبيَ ذاكَ الأَجرَعِ المُنقادِ
يا ظَبيَ ذاكَ الأَجرَعِ المُنقادِ / هَل بِتَّ تَعلَمُ كَيفَ حالُ فُؤادي
أَم هَل عَرَتكَ مِنَ الغَرامِ صَبابَةٌ / تَرَكَت رُقادَكِ غارِباً كَرُقادي
إِنَّ الَّتي مَلَكَت قِيادَكَ في الهَوى / مَلَكَت قِيادَكَ في الهَوى وَقِيادي
وَلَقَد أَلَمَّ بِنا الخَيالُ يَمَسُّهُ / نَصَبٌ مِنَ الإِتهامِ وَالإِنجادِ
مُتَأَوِّياً يَعلو مَناكِبَ سابِحٍ / عاري المَناكِبِ أَو قَرارَةَ وادي
أَهلاً بِذَلِكُمُ الخَيال فَإِنَّهُ / وافى فَأَسعَدَني بِقُربِ سُعادِ
أَسرى وَأَسرَت بي إِلَيهِ ضَمائِري / فَكَأَنَّنا كُنّا عَلى ميعادِ
يا طيفُ كَيفَ خَلَصتَ حينَ طَرَقتَني / مِن زَحمَةِ الأَفكارِ حَولَ فُؤادي
هَمٌّ نَفى عَنّي الرُقادَ وَهِمَّةٌ / تَرَكَت رِكابي طُلَّحاً وَجِيادي
وَلَقَد تَخَيّرتُ المُلوكَ فَلَم أَجِد / حَتّى وَجَدتَكَ بُغيتي وَمُرادي
وَمَدَحتُ قَبلَكَ في الشَبيبَةِ مَعشَراً / ضَيَّعتُ فيهِم شِرَّتي وَمِدادي
وَرَفَعتَني عَنهُم إِلى أَن أَضرَموا / نارَ المُروَّةِ مِن شَرارِ زِنادِ
أَعطَيتَني ما لَو سَعَيتُ لِجَمعِهِ / لَمَلَأتُ مِن كَنزِ الكُنوزِ بِلادي
وَوُصِفتُ عِندَكَ بِالسَخاءِ وَإِنَّما / ثَمَدي بِقيَّةُ سَيلِ هَذا الوادي
أَيقَنتُ أَنَّكَ لي عَتادٌ صالِحٌ / فَوَهَبتُ لِلذّكرِ الجَميلِ عَتادي
يُثنى عَلَيكَ لِما نَجودُ لِأَنَّهُ / مِن جُودِ كَفِّكَ جادَ كُلُّ جَوادِ
قَد يُحمَدُ المَرعى الخَصيبُ وَإِنَّما / دَرُّ الغَمامِ أَحَقُّ بِالإِحمادِ
يا خَيرَ مَن حَمَلَ النِجادَ وَقَلبُهُ / مِثلُ الَّذي في غِمدِ كُلِّ نِجادِ
جَبنَّتَ عَنتَرَةَ الكُماةِ وَبَخَّلَت / هَذي الأَيادي الغُرُّ كَعبَ أَيادِ
وَغَدَوتَ بَحراً لا يُعافُ لِوارِدٍ / وَلِصادِرٍ وَلِرائِحٍ وَلِغادي
حَمَدَتكَ نُجّاعُ البِلادِ وَصُدِّقَت / في خِصبِ أَرضِكَ سائِرُ الروّادِ
مُتَعَوِّدٌ لِلفَضلِ مِن زَمَنِ الصِبا / وَالفَضلُ أَفضَلُ عادَةِ المُعتادِ
لَو كُنتَ مِن زَمَنِ الأَوائِلِ لَم تَطُل / بَكرٌ بِذكرِ الحارِثِ بنِ عَبادِ
تَسمُو بِجَدِّكَ أَو بِجَدِّكَ إِنَّما / يَسمُو الفَتى بِالجَدِّ وَالأَجدادِ
وَتَسيرُ في طُرُقِ المَكارِمِ وَالعُلى / مِن غَيرِ أَن تَرضى هِدايَةَ هادِ
لِلّهِ أَنتَ فَأَنتَ غَيرَ مُدافَعٍ / بَحرُ النَدى وَشِهابُ هَذا النادي
أَحيَيتَ ذِكرَ أَبي عَلِيٍ صالِحٍ / في كُلِّ يَومِ وَغىً وَيَومِ جِلادِ
وَبَنَيتَ فَخراً لَيسَ يُدرَكُ رَسمُهُ / مِن وَجهِ إِدريسٍ وَلا شَدّادِ
يا بنَ المَرادِسَةِ الَّذينَ صُدورُهُم / لِلجاهِلينَ سَليمَةُ الأَحقادِ
الفائِزينَ الحائِزينَ مَناقِباً / مِثلَ النُجومِ كَثيرَةَ الأَعدادِ
أُسُدٌ مَجاثِمُها الدُسوتُ وَقَلَّما / تُلقى الدُسوتُ مَجاثِمَ الآسادِ
بيضُ الوُجوهِ يَرُونَ أَنكَرَ مُنكَرٍ / خبءَ السُيوفِ البِيضِ في الأَغمادِ
إِنَّ الإِمامَةَ لَم تُسَمِّكَ عُمدَةً / حَتّى رَأَتكَ لَها أَشَدَّ عِمادِ
وَلَقَد كَشَفتُ وَإِنَّني لَكَ ناصِحٌ / فَكَشَفتُ محضَ هَوىً وَصِدقَ وِدادِ
وَوَجَدتُ قَدرَكَ كُلُّ قَدرٍ دونَهُ / عِندَ الإِمامِ ابن الإِمامِ الهادي
وَرَجَعتُ نَحوَكَ ظافِراً لَكَ بِالمُنى / وَبَغيظِ حُسّادٍ وَكَبتِ أَعادي
إِنّي كَظَنِّكَ فيَّ شاهِدٍ / لَكَ فاغنَ لي عَن سائِرِ الأَشهادِ
فَأَنا الَّذي لَو داسَ أَخمَصُكَ الثَرى / لَجَعَلتُهُ في أَسوَدي وَسَوادي
حَسَباً عَلى مَرِّ الزَمانِ وَصُحبَةً / أَزَلِيَّةً الأَطنابِ وَالأَوتادِ
لا تَختَطي إِبِلي ذَراكَ وَلا تُرى / إِلّا إِلَيكَ مَوائِرَ الأَعضادِ
أَلَمَّ الخَيالُ بِنا مَوهِنا
أَلَمَّ الخَيالُ بِنا مَوهِنا / فَأَهلاً بِهِ مِن خَيالٍ أَلَم
سَرى كاتِماً نَفسَهُ وَالضِيا / ءُ يَدُلُّ عَلى أَنَّهُ ما انكَتَم
رَعى اللَهُ طَيفَكُمُ راعِياً / لِتِلكَ العُهودِ وَتِلكَ الذِمَم
تَأَوَّبَ يَشكو إِلَينا العَنا / وَنَشكو إِلَيهِ الضَنا وَالأَلَم
خَليلي هَل تَحمِلانِ السَلا / مَ مِنّا إِلى ساكِناتِ السَلَم
وَمَن حَلَّ بِالنَشَمِ المُستَطيلِ / بِرُوحي رَبارِبُ ذاكَ النَشَم
إِذا نَزَلوا عَلَماً بِالحِجازِ / بَعَثنا السَلامَ لِذاكَ العَلَم
وَقُلنا سَقَتكَ غَوادي الجُفونِ / إِذا لَم تَجُدكَ غَوادِيَ الرِهَم
وَرُوِّضَ مَغناكَ حَتّى يَئوبَ / نَسيمُكَ أَذكى نَسيمٍ يُشَم
وَظامِئَةٍ مثلِ مَتنِ الحُسامِ / كَأَنَّ عَلَيها مِنَ الآلِ يَم
طَوَينا بِها سُرُرَ الناجِياتِ / طَيّ الأَساودِ تَحتَ الرُجَم
أَقُولُ لِصَحبي وَقَد جَفَّلوا / بِناتِ الظَليمِ بِخبطِ الظُلَم
وَنَحنُ يَكادُ السُرى أَن يَمَس / مَقادِمَ كيرانِنا بِاللِمَم
أَزيلوا النُعاسَ وَأُمُوا بِنا / وَبِالعيس أَكرَمَ خَلقِ يُؤَم
فَإِن أَوصَلَتنا الفَتى المُدرِكيّ / فَقَد أَوصَلَتنا الوفِيَّ الذِمَم
رَأَيتُ الكِرامَ فَلَمّا رَأَيت / ثِمالاً رَأَيتُ نَبِيَّ الكَرَم
أَشَمُّ يُوازِنُ شُمَّ الجِبالَ / وَلا يَبلُغُ الشُمُ وَزنَ الأَشَم
نَذُمُّ الزَمانَ وَما يُستَحَقُّ / زَمانٌ حَبانا بِهِ أَن يُذَم
كَريمٌ تَهَدَّمَتِ المَكرُماتُ / فَما زالَ حَتّى بَنى ما اِنهَدَم
وَحَطَّمَ تَحتَ العَجاجِ البَهيمِ / صُدورَ القَنا في صُدورِ البُهَم
لَقَد حَلَّ في حَلَبٍ عادِلٌ / مَحا الظُلمَ عَن أَهلِها وَالظُلَم
وَحاطَهُمُ مِن صُروفِ الزَمانِ / فَنامُوا وَراعيهمُ لَم يَنَم
إِذا عَدِموا الغَيثَ شامُوا نَداهُ / فَقامَ نَداهُ مَقامَ الدِيَم
أَبا صالِحٍ أَنتَ حُسنُ الزَمانِ / وَحُسنُ الرِداءِ بِحُسنِ العَلَم
إِذا نَظَمَ المَدحَ فيكَ امرؤٌ / وَجَدناكَ أَشرَفَ مِمّا نَظَم
أَمِنّا بِقُربِكَ صَرفَ الزَمانِ / فَنَحنُ الحَمامُ وَأَنتَ الحَرَم
كَأَنَّ المُعِزَّ لَنا كَعبَةٌ / وَراحَتُهُ الرُكنُ وَالمُستَلم
نُهنِّيهِ لَما بَرا صالِحٌ / وَذاكَ الهَناءُ لِكُلِّ الأُمَم
فَيا عَجَباً كَيفَ يُخشى السَقا / مُ عَلَيكَ وَأَنتَ شِفاءُ السَقَم
وَقَد كانَ قَطَّبَ وَجهُ الزَمانِ / فَقُلنا بَرا صالِحٌ فَاِبتَسَم
لَئِن سَرَّنا بُرؤُهُ لِلنَدى / لَقَد ضَرَّ أَعمارَ كُومِ النَعَم
لِسَفرٍ تَأَوَّبَ في لَيلَةٍ / يَبيتُ العَمودُ بِها يُلتَزَم
إِذا سَمِعَ الصَوتَ فيها البَخيلُ / تَصامَمَ وَهوَ قَليلُ الصَمَم
وَأَقبَلَ يَمشي وَفي نَفسِهِ / هُمُومٌ تُفَنِّدُهُ لا هِمَم
وَيَلقى بِها المُدرِكيّ النَجاحَ / يَشِبُّ سَنا النارِ فَوقَ الأَكَم
لِيَهدي الوُفودَ إِلى مَنزِلٍ / تَبيتُ الوُفودُ بِهِ في النِعَم
سَجِيَّةُ قَومٍ كِرامِ الوُجوهِ / كِرامِ الأُصولِ كِرامِ الشِيَم
جَزى اللَهُ خَيراً ظُهورَ الرِكاب / وَأَحسَنَ عَنِيّ جَزاءَ القَلَم
فَقَد كُنتُ أَلتَمِسُ الأَكرَمينَ / وَأَطلُبُ لِلمَدحِ أَهلَ القِيَم
فَلَمّا وَجَدتُ بَني صالِحٍ / وَجَدتُ الغِنى وَعَدِمتُ العَدَم
وَثَمَّرتُ مِن فَضلِهِم نِعمَةً / وَجاهاً وَمالاً وَلَحماً وَدَم
مُلوكٌ إِذا ما عَدَدتَ المُلوكَ / عَدَدتَ المُلوكَ لَهُم في الحشَم
خَدَمتُهُمُ في قَميصِ الشَبابِ / وَأَخدِمُهُم في قَميصِ الهَرَم
فَإِن مِتُّ قامَت بِشكري لَهُم / مُحَبَّرَةٌ مِن بَناتِ الكَلِم
تَداوَلَها ساكِنُ الخافِقينِ / إِمّا العُرَيبُ وَإِمّا العَجَم
أَيُّ المُلوكِ سَعى فَأَدرَكَ ذا المَدى
أَيُّ المُلوكِ سَعى فَأَدرَكَ ذا المَدى / أَو حازَ ما حازَ المُعِزُّ مِنَ النَدى
قَصُروا وَطالَ وَجَوَّزوا هَدمَ العُلى / وَبَنى وَضَلّوا في المَكارِمِ وَاِهتَدى
كُلٌّ بِما صَنَعَ الأَوائِلُ يَقتَدي / وَبِجودِهِ لا بِالأَوائِلِ يُقتَدى
مازِلتَ تَفعَلُ كُلَّ فِعلٍ مُفرَدٍ / في المَجدِ حَتّى صِرتَ أَنتَ المُفرَدا
بَدَّدتَ مالَكَ غَيرَ مُحتَفِلٍ بِهِ / وَجَمَعتَ شَملاً لِلعَلاءِ مُبَدَّدا
وَلَقيتَ فيما قَد كَسِبتَ من العلا / تعبا فألقيت القوافي الشرّدا
وغدا بنو الآمال خلفك في الفلا / غَضَباً يُزَجونَ المَطِيَّ الوُخَّدا
قَد طَيَّبوا مِن طِيبِ ذِكرِكَ مَعلَماً / أَو مَخرِماً أَو سَبسَباً أَو فَدفَدا
يَقتادُهُم حُسن الرَجاءِ وَمَقصِدٌ / أَعنى إِلَيكَ الناجِعينَ القُصَّدا
حَتّى إِذا وَصَلوا إَلَيكَ وَعَقَّلوا / في جَوزَتيكَ الحائِماتِ الوُرَّدا
أَصدَرتَها بِهِمُ مُنَدَّبَةَ الذُرى / مِن ثِقلِ ما أَسدَيتَ ناقِعَةَ الصَدا
رَيّانَةً لَو أُبرِكَت في جَدجَدٍ / صَلدٍ لأَوجَلتِ المَكانَ الجَدجَدا
حَمَّلتَ مَن حَمَلَت إِلَيكَ صَنائِعاً / تُوهي الجِمالَ بَلِ الجِبالَ الرُكَّدا
وَمَحامِداً مَلَأَت مَسامِعَ ضارِبٍ / في الأَرضِ إِمّا مُتهِماً أَو مُنجِدا
يا مَن يُشَيِّدُ ما تَهَدَّمَ بِالقَنا / لا خَلقَ أَقدَرُ مِنكَ هدَّ وَشَيّدا
أَتعَبتَ نَفسَكَ في بِناءِ مَجالِسٍ / لَم تَبنِها حَتّى بَنَيتَ السُؤدُدا
وَمَلَأتَ أَكثرَ ما مَلأتَ أَساسَها / قِمَماً فَما احتاجَ الأَساسُ الجَلمَدا
وَجَلَستَ في دَستِ الخِلافَةِ جلسَةً / نَظَرَت إِلَيكَ بِها الكَواكِبُ حُسَّدا
في سَفحِ شاهِقَةِ البُروجِ كَأَنَّما / يَكسُو جَوانِبَها الرَبيعُ زَبَرجدَا
مَوصولَةٌ بِالجَوِّ تَحسَبُ ضوءَها / ساري الدُجُنَّةِ كَوكَباً أَو فَرقَدا
رَفَعَت مَشاعِلُها الدُخانَ فقنعت / وَجهَ السَماءِ بِهِ قِناعاً أَسوَدا
نَظَروا إِلى مَن فَوقَها في بُعدِهِ / وَإِلى عُلاكَ فَكُنتَ فيهِ الأَبعدَا
وَرَأَوكَ في صَدرِ الإِوانِ فَعايَنوا / نُوراً أَنارَ وَبَحرَ جُودٍ أَزبَدا
سارَت بِذا طُلَلُ الرِكابِ وَغَرَّقَت / أَمواجُ ذا بِالمَكرُماتِ الوُفَّدا
يا ساكِنَ القَصرِ المُجَدَّدِ لِلعُلى / يَهنيكَ إِنعامُ الإِمامِ مُجَدَّدا
قُبٌّ مِنَ الخَيلِ العِتاقِ ضَوامِرٌ / قِيدَت مُحَمَلَةً إِلَيكَ العَسجَدا
أَوهى مَناكِبَها الحُلِيُّ كَأَنَّما / يَمشي الجَوادُ بِما عَلَيهِ مُقَيَّدا
وَمَطارِدٌ لَمّا سَجَدتَ أَمامَها / كادَت تَخِرُّ لَكَ المَطارِدُ سُجَّدا
وَلَقَد نَزَلتَ وَما نَزَلتَ وَإِنَّما / ذاكَ النُزولُ مُحَقِّقٌ أَن تَصعَدا
وَلَبِستَ مِن حُلَلِ المَعَدِّ مَلابِساً / فَضَحَ النُضارُ بِها السَعيرَ المُوقَدا
وَشَبيهَةً بِالتاجِ حَلَّت مَوضِعاً / لِحُلولِ ما شَبِهَ الشَبيبَةَ مِقوَدا
مَنسوجَةً بِالتِبرِ خَصَّ بلِبسِها / مَن لَيسَ يَنفَدُ هَمُّهُ أَو يَنفَدا
جادَ الهُمامُ بِها لِأَكرَمِ مَن مَشى / فَوقَ التُرابِ مِنَ المُلوكِ وَأَجوَدا
وَرَآكَ ماضي الشَفرَتَينِ مُهَنَّداً / فَكَساكَ ماضي الشَفرَتَينِ مُهَنَّدا
وَلَكَ الفَضيلَةُ لا لِسَيفِكَ إِنَّني / لَأَراهُ أَحرى أَن يُذَمَّ وَتُحمَدا
إِنَّ الحُسامَ إِذا تُلِمُّ مُلِمَّةٌ / أَصبَحتَ مَسلولاً وَأَصبَحَ مُغمَدا
تُحَفٌ تُشَرِّفُ مَن تَراهُ مُشَرَّفاً / وَحبىً تُسَوِّدُ مَن تَراهُ مُسَوَّدا
وَمَدائِحٌ ما زِيدَ مَمدوحٌ بِها / شَرَفاً عَلى الشَرَفِ الَّذي قَد وُطِّدا
إِنَّ الشَجاعَةَ في الشُجاعِ غَريزَةٌ / مِثلُ الأُسودِ غَنِيَّةُ أَن تُوسَدا
يا مَن غَدَوتُ مُقَيَّداً بِجَميلِهِ / يَفديكَ مَن قَيَّدتَهُ فَتَقَيَّدا
أَصبَحتُ مَحسوداً عَلَيكَ وَواجِبٌ / مَن كُنتَ أَنتَ نَصيبَهُ أَن يحسَدا
ما كُنتُ آثَمُ لَو عَبَدتُكَ مُنعِماً / إِن جازَ واهِبُ نِعمَةٍ أَن يُعبَدا
نَظَمَ اِمتِداحَكَ غَيرُ مَن هُوَ ناظِمٌ / وَأَجادَ فيكَ القَولَ مَن ما جَوَّدا
لا فَخرَ إِلّا حينَ تُصبِحُ سامِعاً / هَذا الثَناءَ وَحينَ أُصبِحُ مُنشِدا
إِن كُنتَ في شَرَفِ المَناقِبِ واحِداً / فَلَقَد أُقِمتُ لَها الخَطيبَ الأَوحَدا
في مَوقِفٍ كَالعِيدِ سَرَّ مُوالياً / لَكُمُ فَكانَ كَأَنَّهُ قَد عَيَّدا
عِش خالِداً عُمرَ المَديحِ فَإِنَّني / لَأَراهُ ما خَلَدَ الزَمانُ مُخَلَّدا
وَاسعَد بِما مَلَكَت يَداكَ ذَخيرَةً / دُنيا سَعادَةُ أَهلِها أَن تَسعَدا
أَلا ما لِقَلبي كُلَّما ذُكِرَت هِندُ
أَلا ما لِقَلبي كُلَّما ذُكِرَت هِندُ / تَزايَدَ بي هَمٌّ وَبَرَّحَ بي وَجدُ
وَمالي كَأَنّي أَجرَعُ الصَبرَ كُلَّما / تَعَرَّض لي مِن دونِها الأَجرَعُ الفَردُ
إِذا نَزَلَت نَجداً تَنَفَّسَتُ لَوعَةً / وَقُلتُ أَلا واحَرَّ قَلباهُ يا نَجدُ
وَإِنّي لَأَستَنشي الصَبا فَأَظُنُّها / بِرَيّاكِ فاحَت كُلَّما نَفَحَ الرَندُ
وَبي لَوعَةٌ مِن حُبِّ دَعدٍ كَأَنَّما / تَشِبُّ جَحيماً في الضُلوعِ بِها دَعدُ
عَجِبتُ لِقَلبي كَيفَ يَبقى عَلى الجَوى / وَلَكِنَّ قَلبي وَيحَهُ حَجَرٌ صَلدُ
سَلي هَل أَذوقُ الغُمض لَيلاً كَأَنَّما / فَراقِدُهُ في جيدِ غانِيَةٍ عِقدُ
وَهَبتُ الكَرى فيهِ لَواهِبِ نِعمَةٍ / زَماني بِهِ نَضرٌ وَعَيشي بِهِ رَغدُ
إِذا صُغتُ فيهِ المَدحَ سارَت مُغِذَّةً / غَرائِبُهُ يَحدو بِها الرَكبُ أَو يَشدو
كَريمٌ لَهُ في بَذلِهِ المالَ جُهدُهُ / وَلِلمَدحِ وَالمُدّاحِ في وصفِهِ الجُهدُ
يَروحُ وَيَغدو وَالقَوافي شَوارِدٌ / تَروحُ عَلَيهِ بِالمَحامِدِ أَو تَغدو
يُسَرُّ بِبَذلِ الرِفدِ حَتّى كَأَنَّما / لَهُ في الَّذي يُعطيكَ مِن رِفدِهِ رِفدُ
وَيَدنُو إِذا ما فارَقَ السَيفُ غِمدَهُ / وَصارَ لَهُ مِن كُلِّ جُمجُمَةٍ غِمدُ
وَلا يَرتَضي السَردَ الدِلاصَ وَبَأسُهُ / يُحَصِّنُهُ مالا يُحَصِّنُهُ السَردُ
أَبا صالِحٍ ما ذَلَّ مَن أَنتَ عِزُّهُ / وَلا ضَلَّ مَن يَسري وَأَنتَ لَهُ قَصدُ
أَتَتكَ القَوافي مِن بِلادٍ بَعيدَةٍ / تُؤَمِّلُ مِن نُعماكَ ما أَمَّلَ الوَفدُ
وَأَهدى لَكَ الحَمدَ ابنُ حَمدٍ وَإِنَّما / لِمِثلِكَ يُهدى مِن مَواطِنِهِ الحَمدُ
شَكا أَهلُ بَغدادٍ أُواماً فَرَوِّهم / فَإِن بَعُدَ الظامي فَما بَعُدَ الوِردُ
وَمَن يَنجَعِ الغَيثَ الَّذي هُوَ مُمطِرٌ / عَلى البُعدِ لَم يَمنَعهُ مِن صَوبه البُعدُ
سَقى اللَه دارَ العِلمِ مِنكَ غَمامَةً / تَعاهَدُ مَغناها إِذا اِحتَبَسَ العَهدُ
وَتُنبِتُ رَوضاً مِن ثَنائِكَ كُلَّما / ذَوى الرَوضُ يُلفى رَوضَها خَضِلاً بَعدُ
فَأَنتَ الَّذي لَم يَمشِ يَومَ حَفيظَةٍ / بَأَثبَتَ مِن حَيزومِكَ الأَجرَدُ النَهدُ
وَلا امتَدَّ باعٌ مِثلَ باعِكَ في العُلا / وَلا في العَوالي وَهيَ مُشرَعَةٌ مُلدُ
وَلا وَلَدَت حَواءُ مِن نَسلِ آدَمٍ / كَأَنتَ فَتىً سَمحاً وَإِن كَثُرَ الوُلد
لَكَ المَجدُ وَالجَدُّ الكَريمُ وَقَلَّما / رَأَينا فَتىً يَرضى لَهُ المَجدُ وَالجَدُّ
فِدىً لَكَ عَبدٌ بِالجَميلِ مَلَكتَهُ / أَلا إِنَّما عَبدُ الجَميلِ هُوَ العَبدُ
فَعِش عُمرَ ما حبَّرت فيكَ فَإِنَّهُ / بِسَعدِكَ لَم يَحلُل بِقائِلِهِ سَعدُ
عِش لِلمَكارِمِ يا كَريمَ المَغرَسِ
عِش لِلمَكارِمِ يا كَريمَ المَغرَسِ / وَاسلَم سَلِمتَ مَدى الزَمانِ الأَتعَسِ
وَاشرَب هَنيئاً طَيِّباً في مَجلِسٍ / مُذ قُمتَ فيهِ لِلعُلى لَم تَجلِسِ
أَنبَت فيهِ رَوضَةً مِن نَرجِسٍ / أَزرت نَضارَتُها بِرَوضِ الأَوعَسِ
فَكَأَنَّ قُضبانَ الزَبَرجَدِ حُمِّلَت / أَعلا ذَوائِبها نُجومَ الحِندِسِ
قَد فاحَ عِرضُكَ حينَ فاحَ فَما دَرَوا / أَنَسيمُ عِرضِكَ أَم نَسيمُ النَرجِسِ
لا يَكذِبُنَّ فَأَنتَ أَطيبُ نَفحَةً / مِنهُ وَأَعذَبُ مَشرَباً في الأَنفُسِ
يا لابِساً لِلمَجدِ أفخَرَ مَلبَسٍ / لا زِلتَ تَسحَبُ ذَيلَ ذاكَ الملبَسِ
أَنتَ النَفيسُ أَصوغُ فيكَ نَفائِساً / إِن النَفائِسَ لِلشَريفِ الأَنفَسِ
عِش ما اِشتَهَيتَ فَأَنتَ أَكرَمُ راكِباً / في مَوكِبٍ أَو جالِساً في مَجلِسِ
يا مَلِكاً عَطَّلَت مَكارِمُهُ
يا مَلِكاً عَطَّلَت مَكارِمُهُ / مَكارِمَ الغابِرينَ في السِيرِ
وَيا فَتىً كَفُّهُ إِذا مَطَرَت / أَرضاً غَنينا بِهِ عَنِ المَطَرِ
خَرَجتَ عَن قُدرَةِ الأَنامِ وَغَر / رقتَ بِنُعماكَ سائِرَ البَشَرِ
تُبصَرُ في الدَستِ مِنكَ شَمسُ ضُحىً / يَحجِبُها نُورُها عَن البَصَرِ
إِشرَب هَنيئاً في قُبّةٍ غَنِيَت / برَبِّها عَن مَلاحَةِ الصُوَرِ
قَد نُثِرَ الوَردُ في جَوانِبِها / كَأنَّهُ حُلَّةٌ مِنَ الحَبَرِ
كَأَنَّ شَمسَ النَهارِ طالِعَةً / تُنيرُ شَمسَ الضُحى عَلى القَمَرِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025