القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابن الدَّهّان المَوصِلي الكل
المجموع : 68
أَعَلِمتَ بَعدَكَ وَقفَتي بالأَجرَعِ
أَعَلِمتَ بَعدَكَ وَقفَتي بالأَجرَعِ / وَرِضا طلولِكَ عَن دُموعي الهُمَّعِ
مَطَرت غَضاً في منزليكَ فَذاوياً / في أَربُعٍ وَمؤَجَّجاً في أَضلعِ
لَم يَثنِ غَربَ الدَمعِ ليلة غَرَّبَت / وَلَعُ العَذولِ بفرطِ عَذلِ المولَع
يَلحى الجُفونَ عَلى الدُموعِ لبينهم / وَالعَذلُ كلُّ العَذل إِنْ لَم تَدمَع
دَعني وَما شاءَ اللَدودُ ولامَني / واِقصد بِلَومِكَ مِن يطيعُكَ أَو يَعي
لا قَلبَ لي فأَعي المَلامَ فإنَّني / أَودَعتُهُ بالأَمسِ عند مُودِّعي
هَل يَعلَمُ المتحَمِّلونَ لنجعَةٍ / أَنّ المنازلَ أخصبت من أَدمعي
كَم غادَروا حَرَضاً وَكَم لِوَداعِهم / بَينَ الجَوانحِ مِن غَرامٍ مُودَعِ
أمَروا الضُحى أَن يَستَحيل لأَنَّهم / قالوا لشمسِ خُدورِهم لا تطلعي
تَحمي قبابَهم ظُبىً في كِلَّةٍ / وَتَذودُ عنهم أسهُمٌ في بُرقُع
قُل لِلبَخيلَة بالسَلام تورّعاً / كَيفَ اِستَبحتِ دَمي وَلَم تَتَورّعي
وَبَديعَة الحُسنِ الَّتي في وَجهِها / دونَ الوجوه عِنايَةٌ لِلمُبدِعِ
بَيضاءُ يُدنيها النَوى وَيُحلّها / إِعراضُها في القَلبِ أَكرمَ مَوضِعِ
ما بالُ مُعتَمِرٍ بربعِكِ دائماً / يَقضي زِيارَتَه بِغَيرِ تمتُّعِ
كَم قَد هَجَرتِ إِذ التَواصلُ مَكسَبٌ / وَضَررتِ قادِرَةً عَلى أَن تنفَعي
ما كانَ ضرَّكِ لَو غَمزتِ بِحاجِبِ / عِندَ التَفَرُّقِ أَو أَشَرتِ بإِصْبَعِ
وَوَعدتِني إنْ عُدتِ عَوْدَ وِصالِنا / هَيهاتَ ما أَبقى إِلى أَن تَرجِعي
هَل تَسمَحين بِبَذلِ أَيسر نائِلٍ / أَن أَشتَكي وَجدي اليك وَتَسمَعي
أَو شاهِدي جَسَدي تَريْ أَثَرَ الضَنى / أَو فاسأَلي إِن شِئتِ شاهِدَ أَدمعي
فالسقمُ آيةُ ما أُجنّ مِن الهَوى / وَالدَمعُ بَيّنةٌ عَلى ما أَدّعي
وَتيقَّني أَنّي بحبِّكِ مُغرَمٌ / ثُمَّ اصْنَعي ما شِئتِ بي أَن تَصنَعي
يا صاحِ هَل أَبصرتَ بَرقاً خافياً / كالسَيفِ سُلَّ عَلى أَبارقِ لَعلَع
بَرقٌ إِذا لَمَعَ اِستطار فُؤادُهُ / وَيَبيتُ ذا قَلَقٍ إِذا لَم يَلمَعِ
فَسَقى الرَبيعُ الجَونُ رَبعاً طالَما / أَبصرتُ فيهِ البَدرَ لَيلَةَ أَربَعِ
وَعلامَ أَستَسقي لَهُ سَيلَ الحَيا / يَكفيهِ ما نَسقيهِ فَيضَ الأَدمُعِ
وَلَو اِستَطعت سَقيته سَيلَ الحِبا / مِن كَفِّ يُوسُف بالأَدَرِّ الأَنفعِ
بندى فَتىً لَو أَنَّ جودَ يَمينِه / لِلغَيثِ لَم يَكُ مُمسِكاً عَن مَوضِع
صَبٌّ بأَسباب المَعالي مُغرَمٌ / كَلِفٌ بأَبكارِ المَكارِم مولَعِ
لِلمُعتفين رَخاءُ ريحٍ سَجَسجٍ / وَالمُعتَدينَ عجاجُ ريحٍ زَعزَعِ
رَبُّ المَكارمِ وُضَّحاً لَم تَستَقِر / بِدَنيَّةٍ يَوماً وَلَم تَتَمَنَّعِ
وَمُديمُ بذل النَفسِ غَيرُ مُفَرِّطٍ / وَكَثيرُ بَذلِ المالِ غَيرُ مُضَيِّعِ
فَإِذا تَبسَّم قالَ لِلجود اِندَفِقْ / فَيضاً وَيا سُحُبَ النَدى لا تَقلَعي
وَإِذا تنمَّر قالَ للأرضِ ارجِفي / بالصاهِلات وَلِلجبالِ تَزعزعي
وإِذَا عَلا في المجدَ أَعلى غايَةٍ / قالَت لَهُ الهِمَمُ الجِسامُ تَرَفَّعِ
ثَبتُ الجَنّانِ إِذا القُلوبُ تَطايَرَتْ / في الرَوعِ يَعدِل أَلفَ أَلفِ مُدرَّعِ
فَضَلَ الوَرى بِفَضائِلٍ لَم تَتَّفِقْ / في غَيرِهِ مَلِكاً وَلَم تَتَجمَّعِ
ما رامَ صَعبَ المُرتَقى مُتَباعِداً / إِلّا وَكانَ عليه سَهلَ المطلعِ
جَمعَ الجيوشَ فَشَتَّ شَملَ عُداتِه / ما فَرَّقَ الأَعداءَ مِثلُ تجمُّعِ
لَم يَثنهِ عَن نَصرِهِ خُلفاءَهُ / عِظَمُ العَدوِّ وَلا بِعادُ الموضِعِ
بِجَحافِلٍ مثلِ السُيولِ تَدافَعَت / وَإِذا السيولُ تَدافَعت لَم تُدفَعِ
من تُبَّعٍ فَلَكَم له مِن تابِعٍ / أَوفى وأَوفَر عِزّةً مِن تُبَّعِ
مِن دَوحَةٍ شاذيّةٍ أَرِجَتْ لَها الدُّ / نْيا لِطيبِ شَذىً لَها مُتَضوّع
المُعرِضينَ إِذا تَعرَّضَ مَطمَعٌ / وَالمُقبلينَ إِذا دُعوا في مَفزَع
وَالناثِرينَ الهامَ يَبرقُ بَيضُهُ / وَالخارِقين مُضاعَفاتِ الأَدرُعِ
قَومٌ إِذا يَقَعُ الصَريخُ تَبادَروا / نَحوَ الحِمامِ بِكُلِّ أَبلج أَروَع
لا يَغْرُرَنَّ الرومَ بُعدُ دِيارِهِم / إِنَّ الخَليجَ لَدَيكَ أَقرَبُ مشرَع
لَو أَنَّ مِثلَ البَحر سَبعَةُ أَبحُرٍ / مِن دونِهِم وأَزدتَهم لَم تُمْنَعِ
كَم وَقفَةٍ لَك في الوَغى مَحمودَةٍ / أَبَداً وَكَم جودٍ حَميدِ المَوقِعِ
وَالطَيرُ مِن ثِقَةٍ بأكلٍ مُشبِعٍ / تَبِعَت جُيوشَكَ فَوقَ غابٍ مُسْبِعِ
وَالناسُ بَعدكَ في المَكارِم وَالعُلى / رَجُلانِ إِمّا سارِقٌ أَو مُدّعي
يا غَيثُ لا تَسجُم وَما حمل مَربَعي / بنَداكِ إِلّا ذو غَدير مُترَعِ
راجَعتُ فيكَ الشِعرَ بعد طَلاقِه / طَمَعاً بِجودِك أَيّ مَوقعِ مَطمَعِ
فَسؤالُ جودِكَ عِزَّةٌ للمجتدي / وَنَداكَ تَشريفٌ وَعِزَّةُ موضِع
فاذا بَقيتَ فَلَستُ أَحفَلُ مِن مَضى / وَإِذا حَيِيتَ فَلا أُباليَ مِن نُعي
لَولاكَ لَم أَرضَ القُنوعَ وَذِلَّتي / مِن بَعدِ طولِ تَعزُّزٍ وَتَقنُّعِ
فاسْلَمْ عَلى مَرِّ الزَمانِ مُمتَّعاً / بِعَظيمٍ مُلكِكَ وَالمحلِّ الأَرفعِ
أَبى جَلَدٌ أَن أَحمِلَ البَينَ وَالقلى
أَبى جَلَدٌ أَن أَحمِلَ البَينَ وَالقلى / فَكَيفَ جمعتَ الصَدَّ لي وَالتَرحلا
وَميَّلكَ الواشي إِلى الصَدِّ وَالنَوى / وَلا عَجَبٌ لِلغُصنِ أَن يَتَميَّلا
وَما كانَ لي ذَنبٌ يُقال وَإِنَّما / رآكَ سَميعاً قابِلاً فَتَقوّلا
فَحَمَّلتَني ما لا أَطيق وَانّما / يُكلّفني حُبيِّكَ أَن أَتَحَملا
رَعى اللَهُ مَن لَم يَرعَ عَهداً رَعيتُهُ / له وَكَلا طَرفاً بِقَتلي مُوكّلا
تَبَدَّل بي مِن غَير جُرمٍ مَلالةً / وَيمنعُي حُبيّهِ أَن أَتبدّلا
إِذا اِزددتُ وَجداً زادَ صداً وَكُلَّما / تَذلّلتُ مِن فَرط الغَرام تَدلّلا
وَيَقتُلُني عَمداً لأَنّي أُحِبُّهُ / أَلَيسَ عَجيباً أَنّ أُحِبَّ فأُقتَلا
إِذا صرّحت باليأس آياتُ هجره / دَعَتني مُنى الأَطماعِ أَن أَتأولا
وَقَد كنت أَشكو الهجر قَبلَ رَحيلهِ / فَأَصبحتُ أَبكي الهجرَ لَمّا تَرحّلا
اذا اِشتَقتُه عَلّلتُ بالبَدرِ ناظِري / وَقابَلتُ عُلوِيَّ الرياحِ مُقبِّلا
وَغايَةُ مَن يَشتاقُ ما لا يَنالَهُ / وَلَيسَ بِسالٍ عَنه أَن يَتَحلّلا
وَيا حَبَّذا عِندَ الصَباحِ سِواكُه / إِذا ما دَعى داعي الصَباحِ وَحَيهَلا
يقبّل مَكنوناً مِن الدُرِّ رائِقا / وَيرشُفُ مَعسولاً مِن الريقِ سَلسَلا
وَيا عاذِليَّ الآمِرِيَّ بِتَركِهِ / نَهاني هَواهُ أَن أُطيعَ وَأَقبَلا
أَقِلا وإِلّا فاِنظرا حُسنَ وَجههِ / فإِن أَنتُما اِستَحسَنْتُما العَذلَ فاِعذِلا
وَلا تُنكِرا منّيِ النُحولَ فإِنَّني / لألقى الَّذي أَدناه يُذبِلُ يَذْبُلا
دَعاه وَما يَهوى وإِن كانَ ظالِماً / فَلَست أَرى عنه وإِن جارَ مَعدِلا
وَلا تَعذلاه في دَمي أَن يُريقَهُ / فَما قَدرُ مِثلي أَن يُلامَ وَيُعذَلا
يمثِّلهُ ظَبيُ الكِناسِ مُشابِهاً / وَيُشبِهُهُ بَدرُ التَمامِ مُمَثّلا
وَيُخجِلُ مَيّاسَ القَضيبِ تَمايُلاً / وَيفضَحُ مُنهالَ الكَثيبِ تَهيُّلا
سَقى ربعَه نَوءٌ تهلَّل باكياً / فَقابَله نَورُ الرُبى مُتَهلِّلا
مُدَرْهِمُ ديباجِ الرِّياضِ مُدَنِّراً / مُتَوِّجُ أَعلى الأُقحوانِ مُكَلِّلا
كَأَنَّ نَدىً مِن كَفِّ يوسُفَ جادَهُ / فَأَصبَحَ مَوْشِيَّ الجَوانبِ أَخْضَلا
كَريمٌ عَلى العافين كالغَيثِ مُسبِلاً / شَديدٌ عَلى العادين كاللَيث مُشبِلا
وَسَيلٌ إِذا ما سالَ أَقْنى وأَجْزَلا / وَسَيفٌ إِذا ما سُلَّ أَفنى وَقَلّلا
فَما سُلَّ إِلّا أَهلكَ الشِركَ حَدُّهُ / وَلا سُئِلَ الإحسانَ الّا تَهلَّلا
حَياةٌ إِذا يَرضى حِمامٌ إِذا سَطا / قَديرٌ إِذا يَعفو عَفيفٌ إِذا خَلا
وَحُلوٌ إِذا والَيتَه لَذَّ أَرْيُهُ / لَدَيكَ وإِنْ عادَيْتَهُ عادَ حَنْظَلا
إِذا سَيفُهُ في الرَوعِ فارَقَ غِمدَهُ / يُفَرِّقُ ما بَينَ الجَماجِمِ وَالطُّلى
تَجَمَّعَ فيهِ البأسُ وَالحِلمُ وَالنَّدى / وَضَمَّ إِلى الفضلِ الغَزيرِ التَفَضُّلا
فَرَدَّ جَباناً بأسُه كُلَّ باسِلٍ / وَخلّى نَداهُ كُلَّ سَمْحٍ مُبخّلا
يَرى نائِلات العُرفِ فَرضاً مُعَيَناً / إِذا ما رأى النّاسُ الفُروضَ تَنَفُّلا
وَما عِيدَ إِلّا أَغزَرَ العَودُ جُودَهُ / وَأَسخى بَني الدُنيا إِذا عِيدَ أَوْشَلا
إِذا ما عَرِيْ الأَمْلاكُ مِن ثَوبِ مِدحَةٍ / تَردّى بِهِ مِن دونِهِم وَتَزَمَّلا
وإِن بَخِلوا واِستَغلَوْا الحَمْدَ مُرخَصاً / رأى أَرخَصَ الأَشياءِ حَمْداً وإِن غَلا
وَلو أَنَّ مَجْداً في السَّماءِ سَما لَهُ / وَلَو سُئِلَ الدُنيا نَوالًا لنَوَّلا
لَو انَّ الَّذي وَلّاهُ أَمَنَ عِبادِهِ / يُكَفِّلهُ أَرزاقَهمُ لَتَكفَّلا
إِذا هَمَّ بالأَعداءِ أَخلى بِلادَهم / بِجَيشٍ إِذا ما بأسُه مَلأَ المَلا
وَرأيٌ كَضَوءِ الشَمسِ نوراً إِذا اِنبَرى / لِخَطبٍ جَلا لَيلاً مِن الشَكِ أَلْيَلا
فِداكَ من الأَملاكِ مَن لَيسَ مُجْمِلاً / اذا سُئِلَ الحُسنى وَلا مُتَجَمِّلا
إِذا ناثِرٌ أَو ناظِمٌ رامَ مَدْحَه / تَنَحَّلَ أَوصافاً لَهُ وَتَمَحَّلا
وإِن وَعَدوا النَّزْرَ القَليلَ مُؤَجَّلاً / عَلى البُطءِ أَعطَيْتَ الكَثيرَ مُعَجَّلا
يَفيضُ إِليهِ المادِحونَ لأَنَّهُ / يَرى المَدحَ فيهِ باطِلاً وَتَقوُّلا
وَيُطرِبُكَ الشادي بِمدحكَ إِذ تَرى / فَعالَك فيهِ مُجمِلاً ومُفَصِّلا
وَما فاهَ إِلّا بِالَّذي قَد فَعلتَهُ / فَأَنتَ الَّذي أَطْرَيْتَ نفسَكَ أَوَّلا
فَتَقتَ لِسانَ الحَمدِ ثُمَّ بَسطتَه / إِذا قَبضَ النِّكْسُ اللِّسانَ وَأَقفَلا
وَكانَت حِمىً أَرضُ الفِرَنجِ فَأَصبَحَتْ / سَبيلاً لأَبناء السَبيلِ مُذَلَّلا
خَشَوْا أَن يُلاقوا جَحفَلاً كُلُّ فارِسٍ / يَعُدّونَه مِنهُ خَميساً وَجَحفَلا
وَلَو أَنَّهُم أَضعافُهُمْ حينَ جمَّعوا / جُموعَهُمُ ما كَدَّروا لَكَ مَنْهَلا
وَهابوكَ حَتّى الفارِسُ الشَّهمُ مَن رأى / بِجَيشِكَ ناراً أَو تأَمّل قَسطَلا
وَلَو أَنَّهُم كالرَملِ أَو عَددِ الحَصى / لَما بَيَّنوا إِذْ عايَنوكَ كَلا وَلا
وَفي يَومِ بَيسانٍ سَقيتَهُمُ الرَّدى / وَغادَرتَ أَخلافَ المَنِيَّةِ حُفَّلا
وَطَأتَهُمُ رَغماً فَلَم يُغنِ حَشدُهُمْ / وَمَن ذا يَرُدُّ السَيلَ مِن حَيثُ أَقبَلا
بَخيلٍ اذا أَوليتها النَّجمَ حَلَّقت / إِلَيهِ وإِن أَوطأتَها الحَزْنَ أَسْهَلا
وَضربٍ يَقدُّ البَيْضَ كالبَيضِ عِندَهُ / وَطَعنٍ يُريك الزَغفَ بُرداً مُهَلهَلا
وَكَم أَسمَرٍ أَوردت أَورِدَةَ العِدا / وَكَم أَجدَلٍ عافٍ قَريت مُجَدَّلا
فَقسَّمتَهم في المُلتَقى قِسمَ جائِرٍ / وإِنْ كُنتَ فيهم عادِلاً وَمعدِّلا
قَتيلاً صَريعاً أَو جَريحاً مُضرَّجاً / وَخِلّاً طَريداً أَو أَسيراً مُكَبَّلا
تَولَّوْا عَن النّارِ الَّتي أُوقِدَت لَهُمْ / مِن الحَربِ عِلماً أَنَّها لَيسَ تُصْطَلا
وَأَشجَعهُم مَن حاوَلَ العَيشَ مَدْبِراً / مِن الخُضر لما عايَنَ المَوتَ مُقبِلا
وَفاتوا القَنا مُستَعظِمين قِتالَهم / مِن الذُلِّ والإِرغامِ ما كانَ أَقبَلا
فإِنْ لَمْ يُجلِّلْهُم إِسارٌ ومَقتَلٌ / فَقَد رَكِبوا خِزيَ الفِرارِ المُجلَّلا
وَما كانَ ذاكَ الفَوتُ بَعد اقتِرابهم / مِنَ المَوتِ حَولاً بَل كِتاباً مُؤَجَّلا
وَلَمّا ادْلَهَمَّ الدَّهرُ يَوماً بَدا بِهِ / سَناكَ فَقَد أَضحى أَغَرَّ مُحَجَّلا
وَقَد كانَتِ الدُنيا كَشَوهاءَ عاطِلٍ / فَصِرتَ لَها حُسناً وَصُغتَ لَها حُلى
وَلَولاكَ ماتَ الفَضلُ هُزلا وَأَصبحت / رياضُ الأَماني ذاوياتٍ وَعُطَّلا
يَفيضِ لِمصرٍ نِيلُها ثُمَّ يَنثي / بَكِيّاً قَليلاً مِثلَما كانَ أَوَّلا
يَرى عِظَماً حَملاً بِنَيلكَ أَو يَرى / غَزارَةَ ما تُولي فَيَرجعُ جَدْوَلا
فَيا دائِمَ الإحسانِ سَحّاً وَديمَةً / وَهَطْلاً فَقَد صادَفتَ أَجرَدَ مُمْحِلا
فَقَد صَوَّحَتْ حَولي المرابِعُ كُلُّها / فَلَو أَنَّ لي حَولاً بأن أَتَحوّلا
وَأَيُّ مَقامٍ يَرتَضيهِ أَخو النُهى / وَلا فاضِلاً يَلقى وَلا مُتَفَضِّلا
لَعَلَّكَ راثٍ لِلفَضائل وَالنُهى / فَتُحْيِيَ مَيْتاً أَو تُميتَ مُعَطَّلا
بَقِيتَ عَلى الإِسلامِ حِصناً وَموئِلاً / وَليثاً وَغيثاً مُستَهّلاً وَمَعقِلا
ما نامَ بعدَ البين يَستَحلي الكرى
ما نامَ بعدَ البين يَستَحلي الكرى / إِلّا ليطرُقَه الخَيالُ إِذا سَرى
كَلِفٌ بِقُربكَمُ فَلمّا عاقَهُ / بُعدُ المَدى سَلَك الطَريقَ الأَخصَرا
وَإِذا تَصوَّرَ أَن يُصورك الكَرى / فَمِن الظَلالِ لمقلَةٍ أَن تَسهَرا
كَم نافِرٍ لا يُستَطاعُ كَلامُه / داريتَه بكرىً فَزارَ وَما دَرى
وَمُهَفهِفٍ ثِمِل القَوامِ وَحَقُّ مَن / حَملَ المُدامَةَ دائماً أَن يَسكَرا
رَيّانَ أَورقَ بالظَلامِ قَضيبُهُ / حُسناً فأزهر بِالصَباحِ وَنَورا
عَنفَ العَذولُ وَما رآهُ جَهالَةً / وَأَغارُ وَجداً أَن يَراهُ فَيُعذَرا
وَأَطالَ عَتبي لاحياً وَلَو أَنَّهُ / عَرفَ الَّذي يُلحي عَليهِ لأقصرا
فارَقته وَعدمتُ صَبري بَعدَهُ / فَفَقَدتُهُ وَفَقدتُ أَن أَتَصَبَّرا
لا تَنكرن فيضَ الدُموعِ فمنكَرٌ / أَن لا يَكونَ نَواهُ نَوءاً مُمطِرا
أَبكي لِذِكرِ العيشِ عِزَّ طِلابِهِ / وَالعَيشُ ما أَبكاكَ أَن يُتَذَكَرّا
يا طالِباً بالبين قَتلي عامِداً / أَحسَبتَني أَبقى عَلى أَن تَهجُرا
وَموَدُعٍ أَم التفرّقُ دمعَهُ / وَنَهَتهُ رِقبَةُ كاشِحٍ فَتَحيَّرا
يَبدو هِلالٌ مِن خِلالِ سُجوفِه / لَو مُراقبةُ العُيونِ لأَبدَرا
حَذر العُيونِ فَلَيسَ يُلقى سافِراً / مِن حُسنِ وَجهٍ لَيسَ يَفتأ مُسفِرا
مَنَعَت مُحاذَرةُ الوِشاةِ ظُهورَهُ / فَأَبى خَفيُّ الوَجدِ أَن لا يَظهَرا
وَرَمى فَأنفذ في الحَديدِ مُسرّداً / سَهماً وَما نَفَذ الحَريرَ مُسَتَرا
سَحَرت وَقَد قَتَلت لِحاظ جُفونُه / أَوَما كَفاها القَتل حَتّى تَسحَرا
فَحَذارِ أُسدَ الغابِ رَبربَ عالِجٍ / وَحَذارِ ثُمَّ حَذارِ ذاكَ الجؤذَرا
وَيلاهُ مِن واهي القُوى ذي رِقَّةٍ / قَويت عِلاقَةُ حُبّه فَتَحَيَّرا
فسأغتدي مِن يُوسُفيٍ مُقتَدٍ / بِعَزيز مصرٍ يوسُفٍ مستَنصرا
مَلِكٌ اذا أَبصرتَه فَلَقيتَهُ / أَبصرتَ بِشراً بالنَجاحِ مُبشِّرا
ردفُ الأَكارِم في مَدى بَذلِ النَدى / وَجَزى فَكانَ السابِقَ المُتأخِّرا
وَفَتىً اذا عَدوا السِنينَ فانَّهُم / عدوا السنى فَكانَ الأَكبَرا
كسبَ الَكارِمَ فاكتَساها لابِساً / مُلكاً وَكانَت تُستَعارُ وَتُشتَرى
في وَجهِهِ اِجتَمَعَ الجَمالُ وَسَيفُهُ / حَتفٌ وَكَفُّهُ غَيث الوَرى
ما حَلَّ رَبعَ المحلِ أَغبرَ قاتِماً / إِلّا وَأَصبَحَ مِن نَداهُ أَخضَرا
أَو سَلَّ يَومَ الرَوع أَبيضَ صارِماً / إِلّا وَعادَ مِن الأَعادي أَحمَرا
أَو هَزَّ في الهَيجاءِ أَسمَرَ ذابِلاً / إِلّا وَآلَ بِرأسِ طاغٍ مُثمِرا
تُردي الكَتائِبَ كُتبُه فاذا مَضَت / لم نَدرِ أَنَفَذ أَسطُراً أَم عسكرا
لَم يحسُنِ الأَترابُ فَوقَ سُطورِها / إِلّا لأَنَّ الجَيش يَعقُد عِثيرا
يا شاري المَدحِ الثَمين مُغالِياً / لَولاكَ أَصبحَ كاسِداً لا يُشتَرى
أَفنيت مالك واِقتنيتَ مَحامِداً / تَبقى مَدى الدُنيا وَتُفني الأَعصُرا
فسموتَ مُنتعِل السِماك وَتارِكاً / تَحتَ الثَرى مَن ماله تَحتَ السَرى
وَجعلتَ للآدابِ رَبعاً آهلاً / بنَدى يَدَيكَ وَكانَ رسماً مقفِرا
بَهَرَت صِفاتُكَ مادِحيك وَطالَما / وَقَد جاوَزَ الاحصاءَ أَن لا يبهرا
فَأَتاكَ مُقلا واِنثَنى المُشنى / المبرز قاصِراً لا مُقصِرا
وَالشامُ قَد أَضحى حِمىً بِكَ بَعدَما / أَشفى وَأَمّلت العِدى أَن تَظفِرا
أَمسى لِنورِ الدينِ لَيلاً مُظلِماً / حَتّى أَتيتَ فَكانَ صُبحاً نَيّرا
فَكأَنَّهُ داعٍ أُجيبَ دُعاؤُهُ / أَو كانَ خُيِّرَ في الوَرى فَتَخيّرا
وَأَتاكَ منشورُ الخَلافَةِ شاكِراً / لَكَ أَن أَعدتَ الحَقَّ حَيّاً منشرا
لما أعدتَ الحقَّ في أَربابِهِ / وَرددتَ لِلمستَوجبيهِ المِنبَرا
بَعث الامامُ لكَ الشعارَ مُصوِّراً / لِلناسِ أَنَّكَ في الضَميرش مُصورا
وَأَراهُم أَنَّ الخِلافَةَ مُقلَةٌ / أَصبحتَ أَنتَ سَوادَها وَالمحجَرا
فاِفخر بِما فَعَل الامامٌ عَلى الوَرى / وَكَفى بِما فَعَلَ الخَليفَةُ مفخرا
خِلَعٌ أَتَتكَ وَللعُلى في طَيِّها / نَشرٌ وَطَيّ عِداك في أَن تنشرا
وَأَحَقُّ مَن خَلعت عَلَيهِ مؤيد / خِلَعَ الَّذين بَغَوا عليهم أَعصُرا
أَضحى بَنو العَبّاسِ يَضحك مُلكُهُم / أَمناً وَأَنتَ سَدادُهُ أَن يُثغَرا
ما زَفَّ في عَصرٍ لِلَلِكٍ مثلَما / زَفَّ الحِسانُ إِلَيك بِكراً مُعصِرا
عِقدٌ ثَمين أَنتَ عارِفُ قَدرِهِ / وَلَدَيكَ قَومٌ يَعرِفونَ الجَوهَرا
ما مَن يَرى ضدَّ الَّذي قَد قالَه / مِثلَ الَّذي ما قالَ إِلّا ما سَرى
مِدح المُلوكِ فِرىً وَيوسفُ يوسِفٌ / ما مَدحُهُ الوافي حَديثاً يفترى
أَفي كُلِّ يَومٍ فُرقَةٌ وَنُزوحُ
أَفي كُلِّ يَومٍ فُرقَةٌ وَنُزوحُ / وَوَجدٌ لِماءِ المُقلَتَينِ نَزوحُ
إِذا قُلت قَد أَضحت طَريحاً عَصى النَوى / تَصَدَّت نَوى تُنضي المَطيَ طُروحُ
فَيا عَجَباً جِسمي المُقيمُ معذَّب / وَقَلبي الَّذي في الظاعِنين قَريحُ
يقل اِصطِباري وَالدُموعُ غَزيرَة / وَيسقمُ جِسمي وَالوِدادَ صَحيحُ
وألتذُّكرَّ اللَحظِ وَالسَهمُ دونَهُ / وَما التذَّ رجعَ السَهمِ فيهِ جَريحُ
عَسى أَن تريحوا مِن غَرامٍ فَتُطلقوا / أَسيرَكُمُ أَو تَقتُلوا فَتُريحوا
وانّي لمويّ الضُلوع عَلى أَسى / وَفي كَبِدي الحرى جَوى وَقُروح
يَهيجُ عَشاءً لَوعَتي مُتَرَنّمٌ / وَيَصدَعُ قَلبي في الصَباحِ صَدوح
يَنوح وَلَم يفقد أَليفاً يَشوقُه / وأَفقد الفاً شائِقاً فأنوح
وَلي مقلة لا يَملِكُ الصَبرَ دَمعَها / وَقَلبٌ لَجوجٌ في الغَرامِ جَموح
فُؤادٌ إِذا البَرقُ اِستَطارَ أَطارَهُ / وَعَينٌ اذا ما السَفح لاحَ سفوحُ
أُكاتِمُ صَحبي الوَجدَ اذا بَدا / يَلوحُ بدا وَجدي له فَيَلوحُ
يَقولون أَجروا ذِكرَ كُلِّ جَميلَةٍ / لَدَيهِ وَجاروه عَساهُ يَبوحُ
يَقولون لي شِعر مَليحٌ مَهذَّبٌ / فَقُلتُ لَو أَنَّ الحَظَّ منه مَليحُ
فَقَد حي المعَلّى في اجادةِ نَظمِه / وَلكنَّه في الحَظِّ مِنه مَنيح
فَما زَلَّتُ أَحمي النَفس وِرداً عَلى الظَما / وَأَشفقُ مِن أَن أَجتَدي وَأَليح
وَلَمّا رَأَيتُ الدَهرَ أَعذرَ اذ غَدا / يَجودُ صَلاحُ الدين فيهِ صَلوحُ
فَقلت لِنَفسي راجِعي الشِعرَ أَنَّهُ / سَيَرجع عَيشُ الضَنكِ وَهوَ فَسيحُ
فَما بعده مَلِكٌ به يُرتَجى الغِنى / وَلا مَن اذا ما يُستَماح يَميحُ
وَما يُبطىء الاثراء لي منه بَعدَما / تَسيرُ اِمتداحاتي لَهُ فَتَسيحُ
وَحُبِبَّ فيكَ المَدحُ أَنَّكَ ما جِدٌ / مَعانيك في لَفظِ المَدائحِ روح
وكل مَديحٍ لَم يَكُن فيكَ باطِلٌ / وَكُلُّ ثَناءٍ لَم يَكُن لَك ريحُ
فأهديتُ غُرّاً زانَها حُسنُ نَظمِها / وَقَولاً اذا اختَلَّ المَقالُ صَحيحُ
فَخذ باقياً مِنّي بِفانٍ فَما غَلا / بدنيا عَلى الحُرِّ الكَريمِ مَديح
سَيَبقى الَّذي حبَّرتُه مِنِ مَدائِحي / وَيَفنى الَّذي أَعطَيتَه وَيَروح
وَما كُلُّ مَن يَغدو الى الحَربِ فارِسٌ / وَلا كُلُّ مَن قالَ المَديحَ فَصيح
أَما وَجُفونَكَ المَرضى الصِحاحِ
أَما وَجُفونَكَ المَرضى الصِحاحِ / وَسَكرَة مقلتيكَ وَأَنتَ صاحِ
وَما في فيكَ من بَرَدٍ وَشُهد / وَفي خَديك مِن وَردٍ وَراحِ
لَقَد أَصبَحتُ في العُشّاقِ فَرداً / كَماأَصبحتَ فَرداً في المِلاحِ
فَما أَسلو هَواكَ لِنَهي ناهٍ / وَلا أَهوى سِواكَ لِلحي لاحِ
وَلا فَلَّ المَلامُ غرارَ غيىٍ / وَلا ثَلَمَ العِتابُ شَبا جِماحي
أَما للائِمي عَليك شَغلٌ / فَيَشتَغِلوا بِعُشّاقِ القِباحِ
أَطَعتَ هَوى المِلاح طِوالَ دَهري / وَمَن يُطعِ الهَوى يَعصَ اللَواحي
فَيا سَقَمي بِذي طَرَفٍ سَقيمٍ / وَيا قَلَقي مِن القَلِقِ الوِشاحِ
يَهزّ الغصنَ فَوقَ نَقىً وَيَرنو / بحدّ ظبىً وَيَبسِمُ عَن أَقاحِ
مَليحُ الدل مَعشوق المِزاحِ / وَحُلوُ اللَفظِ مَعسولُ المزاح
يُحب الراحَ رائِحَةً بِكأسٍ / وَيَهوى الكأس كاسيَة بِراحِ
وَقَد غَرسَ القَضيبَ عَلى كَثيبٍ / فَأَثمَرَ بِالظَلامِ وَبِالصَباحِ
وَمالَ مَع الوِشاةِ وَلا عَجيبٌ / لِغُصنٍ أَن يَميلَ مَع الرياحِ
أُلام عَلى اِفتِضاحي في هَوى مَن / يُقيمُ عِذارُهُ عُذرَ اِفتِضاحي
أَلَيس لحاظُه جَرَحت فُؤادي / فَلا بَرأت وَلا اِندملتِ جِراحي
إِذا ما زادَ تَعذيبي وَهَجري / يَزيدُ اليهِ وَجدي وَاِرتياحي
وَكَم بِهَواهُ مِن عانٍ مُعنّى / يَبيتُ يَخافُ اطلاقَ السراحِ
وَلَيلَةَ زارَني بَعد اِزورارٍ / عَلى حُكمي عَلَيهِ وَاِقتِراحي
فَبِتنا لا الدَنو مِن الدنايا / نَراهُ وَلا الجنوحُ الى الجناحِ
يُديرُ كُؤوسَ فيهِ وَمُقلَتيهِ / فَيُسكِرُني مِن السُكرِ المُباحِ
وَكانَت لَيلَةً لا حوبَ فيها / عَليَّ وَلا اِجتِراءَ عَلى اِجتِراحِ
وَما مِن شيمَتي خَلعي عِذاري / وَلا لِبس الخَلاعَة مِن مزاحي
قَطَعنا اللَيلَ في شَكوى عِتابٍ / إِلى أَن قيلَ حيّ عَلى الفَلاحِ
وَلاحَ الصُبحُ يَحكي في سَناهُ / صَلاحَ الدين يُوسُفَ ذا الصَلاحِ
هو الملك الَّذي أَورى زِنادي / وَفازَت عِندَ رؤيته قِداحي
يُقرّب جُودُه أَقصى الأَماني / وَيَضمَنُ بِشرُه أَسنى النَجاحِ
وَمَبسوطٌ بِنائِلِهِ يَداهُ / اذا قَبِضَت بِهِ أَيدي الشِحاحِ
وَلَمّا ضاقَ حَدٌّ عَن مَداهُ / لَقَيناهُ بآمالٍ فِساحِ
فَمَن هَرِمٌ وَكَعبٌ وابنُ سَعدٍ / رِعاءُ الشاءِ وَالنَعَمِ المُراحِ
جَوادٌ بالبِلادِ وَما حَوته / اذا جادوا بأَلبانِ اللِقاحِ
وَأَبلج يَستَهينُ المَوتَ يَلقى / بِصَفحةِ وَجهِهِ حَدَّ الصِفاحِ
وَيَخشى مِن دنوّ العارِ مِنه / وَلا يَخشى مِن الأَجَلِ المُتاحِ
وَقَوّال اذا الأَبطالُ فَرَّت / مَكانَك ثَبتة ما مِن مَراحِ
إِذا ما دَبَّ في خَمرٍ ذَليلٌ / سَعى سَعيَ الأعزَّةِ في السَراحِ
بِبأسٍ مُذهلِ الأُسدِ الضَواري / وَسَيبٍ مُخجِلٍ سَيل البِطاحِ
فللاجين وَالراجينَ مِنهُ / أَعَزَّ حمىً وَأَكرَمُ مُستَماحِ
مِن النَفرِ الَّذين إِذا تَحلّوا / أَعادوا اللَيلَ أَحلا مِن صَباحِ
أَضاءَ الدَهر بعد دُجاه نُوراً / يَلوحُ عَلى وجوهِهم الصَباحِ
تَفيضُ بُطونُ راحَتِهم نَوالاً / وَيَستَلِمُ المُلوك طهورَ راحِ
اذا ما لاقوا الأَعداءَ عادوا / مآي النَصرِ وَالظَفَر الصُراحِ
بِأرِماحٍ محطَّمةٍ وَبيضٍ / مُثلّمَةٍ وَأَعراضٍ صِحاحِ
ليفدِ حَياءَ وَجهكَ كُلُّ وَجهٍ / اذا سُئِلَ النَدى جَهمٍ وَقاحِ
مُلوكٌ جُلَّهم مُغرىً بظلم / وَمَشغولٌ بُلَهوٍ أَو بُراح
اذا ما جالَتِ الأَبطالُ وَلّى / وَيقدمُ نَحوَ حامِلَة الوِشاحِ
يَرى الانفاق في الخَيراتِ خُسراً / وَأَنتَ تَراهُ مِن خَيرِ الرباح
هُمُ جَمَعوا وَقَد فَرَّقتَ لَكِن / جَمعتَ بِهِ الرِجالَ مَع السِلاحِ
وَبونٌ بَينَ مالِكِ بَيتِ مالٍ / وَمالِكِ رقِ أَملاكِ النَواحي
وَباغٍ أَن يُدال بِلا رِجالٍ / كَباغٍ أَن يَطيرَ بِلا جَناحِ
قَرنتَ شَجاعَةً وَتُقىً وَعِلماً / إِلى كَرَمِ الخَلائِقِ وَالسَماحِ
وَقَد أَثنَت عَلَيكَ ظُبى المَواضي / كَما تُثنى بألسنَةِ الرِماحِ
وَكَم نَتَجَت حُروبٌ أَلقحَتها / سيوفُكَ وَالنتاجُ عِن اللِقاحِ
وَكَم لِظُباكَ من يَوم اِغتِباقٍ / مِن الأَعداءِ أَو يَوم اِصطِباح
وَكَم ذَلَّلتَ مِن مُلكٍ عَزيزٍ / وَكَم دَوَّختَ مِن حَيٍ لَقّاح
تُبيحُ حِمى المُلوكِ وَتَستَبيهِ / وَما تَحميهِ لَيسَ بِمُستَباحِ
وَما خَضَعَ الفرنجُ لَدَيكَ حَتّى / رأوا مالا يُطاقُ مِن الكِفاحِ
وَما سَألوكَ عَقد الصُلح ودّاً / وَلَكِن تَحتَ غاباتِ الرِماحِ
مَلأت بِلادَهم سَهلاً وَحزناً / أُسوداً تَحتَ غاباتِ الرِماحِ
عَلى مُعتادَةٍ جَوبَ المَوامي / دواح بالمَلا بيض الأَداحي
فَحَلّوا أَرضَ نابُلسٍ وَفيها / نَواحٍ لَيسَ تَخلو مِن نَواحِ
فَكانوا هَولوا بالحشدِ جَهلاً / وَما تَخشى الأُسود مِن النِباحِ
وَهُم في قَولِهم أنّا نُلاقي / صَلاحَ الدين أكذبُ مِن سَجاحِ
أَلا يا سَيل مخجل كُلَّ سيل / تظل المحجراتُ لَهُ ضَواحي
وَيا غَيثَ البِلادِ اذا اِقشعرَّت / وَضَنَّ الغَيثُ في شَهري قماح
تَرَكتُ بَني الزَمانِ فَلَم أَسلهُم / وَلَم أَرَ أَهلَهُ أَهلَ اِمتِداحِ
وَقُلتُ للاغياتِ العيسِ رَوحي / الى بابِ ابنِ أَيوبٍ تُراحي
وَلَم أُنكَح لَئيماً بنت فِكري / وانكاحُ اللِئام مِن السِفاحِ
وَقَد جاءَتك يا كفوءاً كَفيّاً / تزفّ اليكَ طالِبَة اِمتياح
اذا اِستَشفعتَ أَورى الناسِ زَنداً / فَما أَبغي مِن الزند الشِحاحِ
وَقَد يَمَّمتُ بحرَ نَدىً فُراتاً / فَما طَلبي لأوشالٍ ملاح
سألتُك أَنَّ عودَ جَديب حالي / فأمرع مَرتَعي واخضرّ ساحي
وَلَولا جود كفّكَ كلَّ وَقتٍ / يُروي غُلَّتي وَجَوى التياحي
غَبرتُ مَدى الزَمانِ حَليف فَقرٍ / خَميصاً عارياً ظَمآن ضاحي
وَما أَشكو الزَمانَ وَأَنتَ فيهِ / وان أَصبحتَ مَحصوص الجِناحِ
وَقَد ضاعَت عُلومٌ طالَ فيها / غُدوّي واستمَر لَها رَواحي
أَرى المتقدّمينَ اليَومَ دوني / فَيؤلمني خُموليَ واطِّراحي
وَأَشجى مِن ضَياعِ العُمرِ حَتّى / أَغَصُّ بِبارِدِ الماءِ القَراحِ
وَأَعجَبُ مِن صُروف الدَهرِ حَتّى / أَكادَ أَقولُ ما زَمَني بِصاحِ
أَيَظهَر في السَماءِ ضُحىً نُهاها / وَتَخفى وَهيَ طالِعَةٌ بِراحِ
عَسى نُعماكَ تُسكِنُني دِمَشقاً / وَذاكَ لِكُلِّ مالاقَيتُ ماحي
أَعيشُ أُعاشِرُ الفُضَلاءَ عُمري / وَأَربابَ المَحابِر وَالشياح
بَقيتَ مُنَعَّماً أَبَداً وَأَضحَت / بِكُلِّ ضاحيَةٍ أَضاحي
ظُبى المَواضي وَأَطرافُ القَنا الذُبُلِ
ظُبى المَواضي وَأَطرافُ القَنا الذُبُلِ / ضَوامِنٌ لَكَ ما حازوهُ مِن نَفَلِ
وَكافِلٌ لَكَ كافٍ ما تُحاوِلُهُ / عِزٌّ وَعَزمٌ وَبأسٌ غير مُنتَحلِ
وَما يَعيبُكَ ما نالوهُ مِن سَلَبٍ / بالخَتلِ قَد توتَر الآسادُ بالحيَلِ
وَإِنَّما أَخلَدوا جُبناً الى خُدَع / إِذ لَم يَكُن لَهمُ بالجَيشِ مِن قِبَلِ
واِستَيقظوا وَأَرادَ اللَهُ غَفلَتُكُم / لِيَنفُذَ القَدرُ المَحتومُ في الأَزلِ
حَتّى أَتوكم وَلا الماذيُّ مِن أَمَمٍ / وَلا الظُبى كَثَبٌ من مُرهَقٍ عِجِلِ
قَناً لَقىً وقِسيٌّ غَيرُ موتَرَةٍ / وَالخَيلُ عازِبَةٌ تَرعى مَع الهَمَلِ
ما يَصنَعُ اللَيثُ لا نابٌ وَلا ظَفَرٌ / بِما حوالَيهِ مِن عُفرٍ وَمِن وَعُلِ
هَلا وَقَد رَكِبَ الأُسدُ الصُقورَ وَقَد / سلّوا الظُبى تَحتَ غاباتٍ مِن الأَسَلِ
مِن كُلِّ ضافيَةِ السِربالِ صافيَة القِذاف / بالنَبل فيها الخَذف بالنبلِ
وَأَصبَحوا فِرقاً في أَرضهم فَرَقاً / يَجوس أَدناهُم الأَقصى عَلى مَهَلِ
وانَّما هُم أَضاعوا حَزمَهُم ثِقَةً / بِجَمعِهِم وَلَكم مِن واثِقٍ خَجِل
بَني الأَصيفر ما نِلتُم بمكرِكُمُ / وَالمَكرُ في كُلِّ انسانٍ أَخو الفَشَلِ
وَما رَجعتُم بأَسرى خابَ سَعيُكَمُ / غير الأَصاغِر والأَتباع وَالسَفَلِ
سَلَبتُمُ الجُردَ مُعراةً بِلا لُجُمٍ / والسُمرَ مَركوزَةً وَالبيضَ في الخِلَلِ
هَل آخذٌ الخَيلِ قَد أَردى فَوارِسَها / مثالُ أَخذِها في الشَكلِ وَالطوَلِ
أَم سالِبُ الرُمحِ مَكوزا كَسالِبِهِ / وَالحَربُ دائِرَةٌ مِن كَفِّ مُعتَقِلِ
جَيشٌ أَصابَتهُمُ عينُ الكَمالِ وَما / يَخلو مِن العَينِ الّا غَيرُ مُكتَمِلِ
لهم بِيَومِ حُنَينٍ أُسوَةٌ وَهُمَ / خَيرُ الأَنام وَفيهم خاتمُ الرُسُل
سَيَتَضيكُم بِضَربٍ عِند أَهوَنِه / أَلبيضُ كالبيضِ والأدراع كالحُلَلِ
مَلِكٌ بَعيدٌ مِن الأَدناس ذو كَلَفٍ / بِالصِدق في القَول والاخلاص في العمل
فالسمر ما أَصبحت وَالشَمسُ ما أَفلَتِ / وَالسَيفُ ما فُلّ وَالأَطواد لَم تَزُلِ
كَم قَد تَجَلَّت بِنورِ الدينِ مِن ظُلَمٍ / لِلظُلم واِنجابَ للاظلالِ مِن ظُلَلِ
وَكَم لِعُمري كفّوا الطَرف مِن جُبُنٍ / عِندَ اللِقاء وَغضّوا الطَرف مِن خَجلِ
وَبَلدةٍ ما يُرى فيها سِوى بَطَلٍ / فَأَصبحت ما يُرى فيها سِوى طَلَلِ
قُل للمُولّين كُفّوا الطَرفَ مِن جُبُنٍ / عِندَ اللِقاء وَغضّوا الطَرف مِن خَجلِ
طَلَبتُم السَهلَ تَبغونَ النَجاةَ وَلَو / لُذتُم بِمَلكِكُم لُذتم إِلى الجَبَل
أَسلَمتُموهُ وَوَلَّيتُم فَسَلَّمَكُم / بِرِفقَةٍ لَو بَغاها الطَودُ لَم يَنَلِ
مُسارِعين وَلَم تُنثل كَنائنُكم / وَالسُمر لَم تُبتَذَل وَالبيض لَم تُذلِ
وَلا طَرَقتُم بوَبلِ النَبلِ طارِقَةً / وَلا تَغَلغَلَت الأَسيافُ في القُلَلِ
فَقامَ فَرداً وَقَد دَلَّت عَساكِرُهُ / فَكانَ مِن نَفسه في جَحفَلٍ زَجِلِ
في مَشهَدٍ لَو لُيوثُ الغيل تَشدهُ / خَرَّت لأذقانها مِن شِدَّةِ الوَجلِ
وسطَ العِدى وَحدَه ثبت الجِنان وَقَد / طارَت قُلوبٌ عَلى بُعدٍ مِن الوَهَلِ
يَعودُ فيهم روَيداً غَيرَ مُكتَرِثٍ / بِهِم وَقَد كَرَّ فيهم غَيرَ مُحتَفِلِ
يَزدادُ قُدماً اليهم مِن تَيقُّنِهِ / أَنَّ التأخر لا يَحمي مِن الأَجَلِ
ما كانَ أَقربَهُم مِن أَسرِ أَبعدِكُم / لَو أَنَّهُم لَم يَكونوا عنه في شُغُلِ
ثَباته في صُدورِ الخَيلِ أَنقَذَكُم / لا تَحسَبوا وَثَباتِ الضُمَّرِ الذُلَلِ
ما كل حينٍ تُصابُ الأُسدُ غافِلَةً / وَلا يُصيبُ الشَديدَ البَطشِ ذو الشَلَلِ
وَاللَه عَونكَ فيما أَنتَ مُزمِعُهُ / كَما أَعانَكَ في أَيّامِكَ الأَوَلِ
كَم قَد ملكت لهم مُلكاً بِلا عِوَضٍ / وَحُزتَ مِن بَلَدٍ مِنها بِلا بَدَلِ
وَكَم سَقَيتَ العَوالي مِن طُلى مَلِكٍ / وَكَم قَرَيتَ العَوافي مِن قَرا بَطل
وَأَسمَرٍ مِن وَريد النَحرِ مورِدُهُ / وَأَجَدلَ أَكلهُ مِن لَحمِ مُنجَدِلِ
حَصيدُ سَيفك قَد أَعفَيته زَمَناً / لَو لَم يَطُل عَهدُه بالسَيفِ لَم يَطُلِ
لانكَبَّت سَهمكَ الأَقدارُ عَن غَرَضٍ / وَلا ثَنَت يَدَكَ الأَيّامُ عَن أَمَلِ
أَوَجدي كَذا أَم هَكَذا كُلُّ مَن يَهوى
أَوَجدي كَذا أَم هَكَذا كُلُّ مَن يَهوى / يَزيدُ غَراماً واِشتياقاً عَلى البَلوى
رَعا اللَهُ مَن أَمسَت وَسوءُ صَنيعِها / بِنا فَوقَ أَن يَخفى واحسانها دَعوى
رأت أَنَّ في الاعراضِ تَقوى فَحَمَّلَت / مِن الضُرِّ ما تأبى المُروءَة وَالتَقوى
وَكَم نَقَضت مِن مُوثَقٍ جَعلت بِهِ / شَهيداً عَلَيها عالِم السِرِّ وَالنَجوى
إِذا فَكَّ هَذا اليَوم أَسوأ هجرها / ثَنَنتهُ بِيَومٍ مِن تجنّبها أَسوا
وَما زالَتِ الشَكوى تَزيدكَ غِلظَةً / عَليَّ الى أَن صِرتُ أُومن بِالشَكوى
لَها مَربَعٌ في القَلبِ ما زالَ آهِلاً / اذا رَبعُها بِالحُزنِ أَقفَر أَو أَقوى
وانّي عَلى ما حَمَّلَتهُ لَصابِرٌ / وان كُنت لا أَبقى عليه وَلا أَقوى
أُسَرُّ بِما سُرَّت وأأبى الَّذي أَبَت / وَأَرضى الَّذي تَرضى وَأَهوى الَّذي تَهوى
يَسيرٌ لَها أَنَّ السَقام مُحرَّمٌ / بِجِسمي وَسهَلٌ أَنَّ قَلبي بِها يَدوي
وَنَشوان مِن خَمرِ الصَبابَةِ لَم يَزَل / يَميلُ الى سَكرى مِن الدُلِّ أَو نَشوى
فَما يَستَفيق القَلبُ مِن بَرح صَبوةٍ / الى ظَبيَةٍ أَدماءَ أَو رَشأٍ أَحوى
تتابعَ في لَيلٍ مِن الغيِّ مُظلمٍ / وَقَد لاحَ صُبحٌ في المَفارِقِ أَو أَضوا
وَعائبَةٍ منّي العَفافَ مَع الضَوى / وَأَحسَنُ شَيء أَن أعفّ وَأَن أَضوى
اذا كانَ في المَسعى الغنى وَمذَلَّتي / فَحَسبي بِفَقرٍ لا يذلُّ وَبالمَثوى
صبرتُ عَلى نَحت الخطوب وبَريها / وان كانَ ثقلاً لَيسَ يحملُه رَضوى
وَنادَيتُ مِن قَعر الحَمولِ وَقَد هَوى / بجديَ صَرفُ الدَهرِ في أَبعد المَهوى
أَما في بَني الدُنيا فَتىً مُتَدارِكٌ / حُشاشَةَ هَذا الفَضل مِن قبل أَن تَبلى
وَكَيفَ وَدَهري المُعتَدي المُتَعَمِدي / أُحاوِلُ مِن أَنيابِهِ النَصر وَالعَدوى
وَما كانَ أَدناها اِستِغاثَةُ موثَقٍ / إِلى مُطلَقٍ لَو يَسمَعُ الفاضِلُ الشَكوى
فَريدُ بَني الدُنيا الَّذي لا يُرى لَهُ / نَظيرٌ عَلى مَرّ الزَمانِ وَلا يُروى
قَريبٌ الى باغي نَداهُ مُبادِرٌ / وَلا طالِبٌ يُقصى وَلا مَوعِدٌ يُلوى
إِذا التوت الأَحداثُ بِالمَرءِ واشَجت / وَنادى بِها أَلوى بِها المَرس الأَلوى
وَأَبلَج مَعسولِ الشَمائِل ما جدٍ / خَلائِقُه تُسلي عَن المَنِّ وَالسَلوى
يَهشُّ إِلى العافي اِرتياحاً الى النَدى / فَلا عُنُقٌ يُلوى وَلا حاجِبٌ يُزوى
شَرى المَدحَ مِنّي وَالمَوَدَّة وَالهَوى / فَتىً مالَهُ في الناسِ مِثلٌ وَلا شروى
أَقَرَّ لَه بِالفَضل شانيه راغِماً / مَتّى يسبِقِ الاجماعُ تتحِد الفَتوى
اذا قِستَهُ بالأَولين رَأَيتَه / وَآراؤُهُ أَهدى وَأَقواله أَقوى
لَهُ قَلَمٌ دِرياقُه وَسِمامُه / يُداوي بِه نَفس المَمالك اذ تَدوى
يطبّقُ عَفواً رأيُه كُلّ مُعضِلٍ / اذا قالَ بَعد الجهد ذو الرأي أَو أَسوى
وسَبّاقِ غايات البَلاغَةِ وَالنُهى / وَذو الخَصل مِنها ان شده أَو أَزوى
بِنَفسي كِتابٌ قُلتُ لَمّا قَرأتُه / مَكانَكَ لا تَنصب فَقَد بلَغت حَلوى
وَعرّيتُ ظَهر السِرِّ عَجزاً فَلا يَرى / لَهُ أَبَداً رَحلٌ وَلا يُزوى
وَأَيأستُ نَفسي مِن مُباراةِ بارِعٍ / حَوى قَصَبَ السَبقِ الَّتي لَم تَكُن تُحوى
وَلَو فَضَّه عِبدُ الحَميد لردَّهُ / يَذُمُّ الَّذي قَد كانَ سَدَّد أَو سَوّى
نَفائِس نَظمٍ لا يقوَّم شَذره / لَو انقاس رَوضٌ لا يَجِفُّ وَلا يَذوى
وَلَم أَرَ عِندي ما يَرى لهديَّةٍ / لقلَّةِ ما عِندي فأهدَيتُ ما يُروى
وَأَصغرتُ ما يُطوى وَيُنشَرُ وَشيُه / فحبّرتُ منشوراً عَلى الدَهر ما يُطوى
وَلَولاكَ ما أَسرَيتُ لَيلاً بُحرَةٍ / مِن المَنزِلِ الأَدنى إِلى الغايَةِ القُصوى
وَفاءً لحقِّ الوُدِّ لا تابِعاً مُنىً / وَلا بائِعاً شِعراً وَلا طالِباً جَدوى
سَيفٌ بجَفنكَ مُغمدٌ مَسلولُ
سَيفٌ بجَفنكَ مُغمدٌ مَسلولُ / ماضٍ عَلى العُشّاقِ وَهوَ كَليلُ
يَهوى مُضارَبَة الجَريح بحدّهِ / وَيَهيمُ مِن شَغَفٍ بِهِ المَقتولُ
هَل عند مُعتَدِلِ القَوامِ لعاشِقٍ / عَدلٌ وَهَل عِندَ الجميلِ جَميلُ
رَشأٌ بَخيلٌ بِالسَلامِ أُحبُّهُ / ومن العَجائبِ أَن يُحبَّ بَخيل
وُمُعقرب الأَصداغ ما لِلَديغها / راقٍ وَلا لِعَليلها تَعليل
واذا تَبَدّى في سَماءِ قِبائِه / وَالسُكرُ يَعطِفُ عِطفَه فَيَميلُ
عقدَ القُلوبَ بِخصرهِ المَعقودِ اذ / حَلَّ العَزائم بندُه المَحلولُ
واذا صَباً أَو شَمالٌ مالَت ضُحىً / بالغُصنِ مالَ بِه صِبّاً وَشَمولُ
ان تكحل الكَحلاء وَهيَ غنيَّةٌ / فَكَذاك يُمهى السَيفُ وَهوَ صَقيل
يا بَدرُ عُذّالي عَلَيكَ كَثيرَةٌ / وَالمُسعِدون عَلى هَواكَ قَليل
وَأَليم هجركَ ما يَراكَ مواصِلي / وَلَذيذُ وَصلِكَ ما اليه وصول
لَهفي لِما في فيكَ طابَ مَذاقُهُ / مِن سَلسَبيلٍ ما اليه سَبيلُ
قَد جاءَ عُذّالي وجرتَ وَقاتِلي / سِيّانَ حُبٌّ قاتِلٌ وَعَذولُ
أَلقاكَ كَي أَشكو فأسكتُ هَيبَةً / وَأَقولُ ان عُدنا فَسَوفَ أَقولُ
وَأَغارُ أَن يأتي الَيكَ بِقصَّتي / غَيري وَلَو أَنَّ الرياحَ رَسولُ
انَّ الملاحةَ دَولَةٌ سَتَزولُ / وَأَميرُها بعذارِهِ مَعزولُ
بادِر باحسانٍ وَحُسنك لَم يَحُل / واعلم بأنَّ الحُسنَ سَوفَ يَحولُ
قَد بانَ في الخَدِّ الصَقيل لِناظِر / كَلَفٌ وَفي الغُصنِ الرَطيبِ ذُبول
كَم ذا الدَلال وَقَد كبرتَ وَخضرةٌ / في عارضيكَ عَلى العِذار دَليل
أَنا كنتُ أَولَ عاشِقيكَ وَقَد سَلا / غَيري وودّي بِالوَفاءِ ثَقيلُ
أَنتَ الحَبيبُ مِن البَريّة كُلِّها / وَمُحَمَّدٌ دونَ الوَرى المأمولُ
مَلِكٌ تَفَرَّد بِالجَمال فَلَم يَزَل / مُذ كانَ ذا مُلكٌ وَلَيسَ يَزولُ
غَذاه عِرقٌ في المَكارِمِ معرقٌ / وَنَماهُ أَصلٌ في الفَخار أَصيلُ
بَحر له بيضُ العَطايا لُجَّة / أَسَدٌ لَهُ سُمرُ العَوالي غيلُ
وَلَهُ العُلى وَلشانئيهِ شَينُهُم / وَلَهُ النَدى وَلسائليه السُول
حَيثُ النُفوس تَسيلُ في سُبُل الرَدى / وَالخَيلُ في سَيلِ الدِماءِ تَجولُ
صَبغَ النَجيعُ شِياتها فَبَدَت وَما / يَبدو لَها غُرَرٌ وَلا تَحجيلُ
لَولا جُدودُكَ وَالمَنايا شُرَّعٌ / حالَت قَناً دونَ المُنى وَنُصولُ
يا ابنَ الأَكارِمِ كابِراً عَن كابِرٍ / طابَت فُروعٌ مِنهُمُ وَأُصولُ
بَيتٌ مِن الأَدناس خالٍ مُقفِرٌ / وَمِن المَكارِم عامِرٌ مأهول
رأيٌ يُضيءُ اذا الحَوادِثُ أَظلَمَت / فَدجت وَيَمضي وَالحُسام كَليلُ
وَنَدىً إِذا يَممتَه فَسأَلته / سالَت عَلَيكَ مِن العَطاءِ سُيولُ
لَيثٌ بِهِ السُلطان أَرغم ضدَّهُ / وَبِهِ يَطولُ عَلى العِدى وَيَصولُ
لَيث الوَغى شَهدت لَه أَفعالُهُ / وَالمَوتُ أَحمَرُ وَالدِماءُ تَسيلُ
وَإِذا تَناهى مادِحٌ في وَصفِه / عَضَدَ المقولَ بِصدقِه المَعقولُ
حاميتَ يَومَ حماةَ غَيرَ مُفَنَّدٍ / وَحملتَ عِبءَ الحَربِ وَهوَ ثَقيلُ
وَكررتَ يَومَ التَلِّ حَتّى لَم يَكُن / إِلّا أَسيرٌ مِنهُمُ وَقَتيلُ
فَمُجَدَّلٌ يَسعى إِلَيهِ أَجدَلٌ / أَو هارِبٌ طارَت إِلَيهِ خُيولُ
ماضٍ وَقَد نَبَتِ السُيوفَ وَواقِف / ثَبتٌ عَلى أَنَّ المَقامَ مَهولُ
في ظِلِّ غازٍ ما لِنَفسٍ تَحتَه / قَدَمٌ وَلا لِسِوى الأُسود مَقيلُ
سامي العَلاءِ إِلى السَماءِ فَفي عُلا / كُلِّ امرىءٍ قِصَرٌ وَفيهِ طولُ
مِن طَيّبينَ مَصونَةُ أَعراضُهُم / أَبَداً وَوافِرُ وَفرهُم مَبذولُ
قَومٌ أَذالوا في الحُروبِ نُفوسَهُم / لِلمُلكِ حَتّى مُلِّكوا وَأديلوا
الكاشِفين الكَربَ وَهوَ مُجلّلٌ / وَالفارِجين الخَطب وَهوَ جَليلُ
يا ناصِرَ الدين الَّذي مَن يأتِهِ / أَضحى عَزيزَ الكُفرِ وَهوَ ذَليلُ
فالدينُ مَنصورٌ بِهِ وَمؤَيَّدٌ / وَالشِركُ مَخذولٌ بِهِ مَغلولُ
حاشى غَمامَكَ أَن يُفارِقَ مَنزِلي / أَو لا يَكونَ لَهُ عَلَيهِ نُزول
أَنا في جنابِكَ مُذ وَليتَ وَمجدبٌ / لا مِنهُ مأمول وَلا مَطلول
فاِنظر اليّ بِعَينِ جودكَ نَظرَةً / لا زِلتَ تُسأل دائِماً وَتُنيلُ
واسلم عَلى رُغمِ الحَسودِ مُخلَّداً / في حالِ عِزٍّ مالَها تَحويلُ
يُحَمِّلني مالا أُطيقُ فأَحملُ
يُحَمِّلني مالا أُطيقُ فأَحملُ / وَيأمُرَني أَن لا أُفيقَ فَأَقبَلُ
وَيَقتلني عَمداً لأَنّي أُحِبُّهُ / وَمن عَجَبٍ أَنّي أُحِبُّ فأقُتَلُ
وَيَمنَعُني من أَن أَمرّ بِبابِهِ / وَأَرمُقُه أَنّي أَمرُّ فَيَخجَلُ
أَذلّ إِذا ما عَزَّ في الحُبِّ أَوسَطا / وَهَل لي إِذا ما عَزَّ إِلّا التَذَلّلُ
وَأَشكو تَجنّيهِ فَيقضي لَهُ الهَوى / وَقاضي الهَوى في حُكمِه كَيفَ يَعدلُ
فَلَيتَ كَمالَ الحُسنِ يُؤتاهُ مُحسِنٌ / وَلَيتَ جَمالَ الوَجهِ يُؤتاه مُجمِلُ
وَعاذِلَةٍ هَبَّت بَليلٍ تَلومُني / تَقولُ أَلا تصغي الا تَتوسَّلُ
فَقُلتُ أَقَلّي العذَلَ لي وَتأَمَّلي / فَلَم يَبقَ مَن يُرجى وَلا من يُؤَمَّلُ
فَلَستُ عَلى مالٍ وان فاتَ مُعوِلاً / وانّي عَلى جود ابنِ شاديَ مُعوِلُ
وَلي ناصِرٌ مِن ناصِرِ الدين حاضِرٌ / كَفيٌّ وَلي مِن سُحبِ كَفيهِ منهلُ
جَوادٌ بِما يحوي وَفيٌّ بِوَعدِهِ / يَجودُ فَيُغني أَو يَقول فَيَفعل
وَبَحرُ نَدىً لِلمجتدين وَوابِلٌ / وَطودُ حِمىً للآجئينَ وَموئِلُ
يَعدُّ كَثير النَيلَ قلاً وَلا يَرى / نَوالاً نَوالاً لا يعمُّ وَيفضلُ
إِذا شَدَّ فُرسانُ الوَغى كانَ سابِقاً / وان عُدَّ فِتيانُ الوَرى فَهو أَوَّلُ
لَهُ يَومَ انعامِ وَبؤسٍ كِلاهُما / أَغَرُّ إِذا الأَيّام عُدَّت مُحَجَّلُ
ليهنِكَ يَومٌ لا يَرى الدَهرَ مِثلُه / أَجَلُّ وَأَوفى في سُرورٍ وَأَفضَلُ
ظُهورٌ أَعادَ الدَهر طُهرا وَفَرحَةٌ / أَعادَتِ بَكايا لَهوِهِ وَهيَ حُفَّل
فَيالَك قِطعاً فاصِلاً كُلّ لذَّةٍ / وَنَقصاً يَزيدُ المَجدَ فَخراً وَيُكمِلُ
وَإِنَّ دماً أَجراهُ داوودُ دونَهُ / سُيوفُ إِلى الهاماتِ أَوحى وَأَعجلُ
يعزُّ عَلى صيدِ المُلوكِ مَنالُه / وَيحكُمُ فيهِ سُوقَةٌ مُتَذَلِّلُ
يَمُدُّ يَداً نَحوَ الَّذي دونَ نَيلهِ / تَقطَّعُ أَيدٍ مِن رِجالٍ وَأَرجُلُ
وَلَولا التُقى ما مَدَّ للسَيل كَفّه / ليؤلمهُ وَاللَيثُ جَذلان يَرفُل
وَلا بَرحَ الاقبالُ وَالنًصرُ وَالهُدى / لرحلِك صَحباً اذ تحلُّ وَتَرحَلُ
دَعني وَلا تلحني في دَمعيَ الهِتنِ
دَعني وَلا تلحني في دَمعيَ الهِتنِ / فَما بَكيتُ بقدر الشَجو وَالشَجَنِ
باِصطِبارٍ بعد ما عَبثَت / أَيَدي المَنايا بِذاكَ المَنظَرِ الحَسَنِ
كَيفَ اِصطِباري وَما حُمِّلتُ من حَزَن / يَهُدُّ أَيسرهُ الحِصنين مِن حُصُنِ
قَد كانَ في الحُلمِ لي عَبداً وَكُنتُ لَهُ / بِحُكمِ حُبّي لَهُ عَبداً بِلا ثَمَن
وَما أَرَدتُ تَناسيه لأسلوَه / إِلّا وَذكرَّنيه هَزّةُ الغُصُن
لا أَرتَجي عَودَه في يَقظَتي أَبَداً / فَلَيتَه رده في رقدتي وَسَنى
أَو لَيته دامَ لي مِن بعد مَعرِفَتي / أَو لَيتَ معرفتي أَيامَ لَم تَكُنِ
يا نزهة العَين في جدّ وَفي لَعِب / وَمُنية النَفس في سِرِّ وَفي عَلَنِ
وَأحدقَ الناسِ في صَيد وأحسنهم / رَمياً وَأَبعَد مِن بخل وَمِن جُبُنِ
ما مالَ بَعدَكَ لي قَلبٌ إِلى أَحدِ / وَجداً ولا سَكنَت نَفسي إِلى سَكَنِ
مَنظَراً مُذ غِبتَ يُعجِبُها / عَيني وَلا سَمِعَت مُسَحسَناً أُذُني
لَهفي عليه غَداة الرَوعِ مِن أَسد / خالٍ مِن الغِشِّ مَملوءٌ مِن الفِطَنِ
حاوِ الشَمائِلِ مَعسولٌ خَلائقُه / صافي الأَديمِ أَبيُّ لَينٌ خَشن
رَماهُ في رأسِهِ سَهماً فَأَقصدهُ / دَهرٌ كنائنُه مَلىء مِن المِحَنِ
شَلَّت يَدا عابثٍ أَهوى بمُديَتِه / مَزحاً فَقَرَّقَ بَينِ الروح وَالبَدَنِ
صَبراً لما تحدث الأَيامُ مِن حَدَث / فالدَهر في جورِه جارٍ عَلى سَنَنِ
فالصَبرُ أَجمَلُ ثَوب أَنتَ لابِسَهُ / لِنازِل وَالتَعزّي أَحسَنُ السُنَنِ
وَهوَّن الوجد إِنّي لا أَرى أَحَداً / بِفُرقة الأَلِف يَوماً غير مُمتَحَنِ
يا ناصِر الدين يا مَن لا شَبيهَ له / لا زِلتَ وَالسَعد مقرونين في قَرَن
وَدامَ رَبعُك مأهولاً بِساكِنه / معطى السُرور وَمَمنوعاً مِن الحَزَن
يا أَشجَعَ الناس مِن عُجم ومن عَرَب / وَأَكرَمَ الناسِ مِن شام ومن يَمَن
عِش سالِماً في نَعيم لا اِنقضاءَ لَهُ / يَفديكَ كُلُّ الوَرى من
أَلا يا ناصِر الدين المرجّى
أَلا يا ناصِر الدين المرجّى / لِكُلِّ عَظيمَة وَلِكُلِّ جود
نَذَرتُ الصَومَ دَهري يَومَ تأتي / صَحيحَ الجِسمِ لِلَّه الحَميدِ
وانّي إِن رأَيتُكَ حَلَّ نَذري / وحقَّ الصَومُ لِلَّهِ المَجيدِ
وَأَعجبُ ما يقالُ وجوبُ صَوم / عَليَّ وَقَد رأَيت هِلالَ عيدِ
فَدم واسلَم عَلى رغم الحَسود / وَعِش ما شِئتَ في العَيشِ الرَغيدِ
مَن مُجيري مِن ظالِم مُستَطيلِ
مَن مُجيري مِن ظالِم مُستَطيلِ / وَمُعيني عَلى اِقتِضاءِ المُطولِ
حَسَنٌ لَيسَ مُحسِناً بِمُحبٍ / وَجَميلٌ ما عِندَهُ مِن جَميلِ
لجَ قَلبي بِه وَقَد لَجَّ في الإعراضِ / عَنّي وَلَجَّ فيهِ عَذولي
أَبَداً ظامىء إِلى خمر ثَغرٍ / ما إِلى سَلسَبيله مِن سَبيلِ
أَبَداً يَرجِعُ الرَسولُ اليهِ / مثل ما عادَ مِن دِمَشقَ رَسولي
مَنعوده الَّذي تَطوَّلت يا مَولاي / بعد المطالِ وَالتَطويل
لَم يَكُن عِندَهُ قَبولٌ لتوقيعك / غير التَعظيمِ وَالتَقبيلِ
يَعِدونا الوَفاءَ لا بِكَثير / يُسعِدونا منه وَلا بِقَليلِ
يا كَريمَ الزَمان يا واحدَ / العَصرِ وَخيرَ الوَرى وأَوفى مُسيل
قَد أَرى الدَهر وَالتنَزُّه وَالجو / سَق عافي الرَسوم خاوي الطُلول
وَتَحَيَّزَتُ في الثَناءِ وَقَد كانَ / عَلى ما تَجودُه تَعويلي
عاتِباهُ في فَرطِ ظُلمي وَهَجري
عاتِباهُ في فَرطِ ظُلمي وَهَجري / واِسئلاهُ عَساهُ يَرحَم ضُرّي
والطفا ما قَدرتُما في حَديثي / واِحرِصا أَن تُغنياه بِشِعري
واذكُراني فان بَدا لَكمامنه / نُفورٌ فأجريا غَيرَ ذِكري
وَدَعاني وَشَقوَتي في هَواهُ / فَلِحَيني عَشقت عاشِقَ هَجري
وَهَواهُ لَو كانَ ذَنبي اليه / غيرَ حُبّي لَه لأوضَحت عُذري
قَد كَتَمتُ الهَوى وان نَمَّ دَمعي / وَحَملتُ الجَفا وان عيلَ صَبري
ما مادرى جِميَ المُعنّى بِمَن / يَضنى وَلا مَدمَعي لِمَن باتَ يَجري
سِرُّهُ في الحَشا عَن الخلقِ مَستورٌ / مَستورٌ فَماذا عليه في هَتكِ سِتري
ليت أَيامَنا ببَرزةَ فالتُرب مِنها / يَعودُ يَومٌ بِعُمري
صِمتُ مِن بَعدِها برغمي عَن اللَهوِ / فَهَل لي يَعود بِها عَيدُ فِطرِ
لَستُ أَنفكَ مِن تذكر قَوم / لَيسَ يَجري بِبالِهم قَطُّ ذِكري
يا غَزالاً قَد لَجَّ في الهَجرِ عَمداً / كَم دَماً قَد سَفكتَ لَو كنت تَدري
كُلُّ رَدفٍ مِثلُ الكَثيبِ مِن / الرَملِ مَهيل يَميسُ زَهواً
قَد حَمى ثَغره بِناعِس طَرف / يالَه ناعِساً يُحاذِرُ ثَغري
وَبِفيهِ مُدامَةٌ كُلَّما حليتُ عَن شُربِ / كأسهِادام سُكري
أَبَداً ظامىءٌ إِلى خَمرِ فيهِ / وَكأَنّي لِلسُكرِ شارِب خَمرِ
ظالِمٌ لَجَّ في القَطيعَة حَتّى / لا مَزارٌ يَدنو وَلا الطيف يَسري
كانَ لا يَستَطيعُ عَنّيَ صَبراً / لَيتَ شِعري لم يَلحني لَيتَ شِعري
رَشأٌ مِن صُدودِهِ كُلُّ شَكوى / وَلِنُعمى مُحَمَّدٍ كُلُّ شُكري
كَم حَوى واِستَباحَ بيضاً وَسُمراً / وَحَمى مثلها بيضٍ وَسُمرِ
فَلا وَصلُها يَبدو فَتَبلى بِلا بِلى
فَلا وَصلُها يَبدو فَتَبلى بِلا بِلى / وَلا ليَ صَبرٌ مُنجِدٌ فأخونُها
نَحيلَةُ جَفنِ العينِ مِن غيرِ عِلَّة / كَذاكَ سُيوفُ الهندِ تَبلى جُفونُها
أَرى سودَها أَمضى وأفتك في الحَشا / فَما بالُ أَنقاها بَياضاً ثَمينُها
وَلَم أَنسها يَومَ النَوى إِذ تَحَجَّبَت / وَقَد غَفلَ الواشي وَغابَت عيونُها
فَفاضَت دُموعُ العَينِ حَتّى رأَيتَني / تَلفَّتُّ نحو الدارِ لا أَستَبينُها
فَما أَسبَلتِ إِذ أَعرضت من ستورها / بأَمنع مِمّا أَرسلَتها جُفونُها
لَو لَم تَخُن في يَمينها / وَمُدَّت لِتَوديع اليَّ يَمينُها
وَنَفسٌ إِذا هَبَّت جَنوب تَنَفَّسَت / تَحِنُّ اِشتِياقاً لَو شَفاها حَنينُها
فبالشرف الا عَلى هَواها وَشُكرِها / نَدى شَرفِ الدين بنِ عصرون دينُها
مَتى قَصَدت في طُرقها دونَ عزه / فَلا اِنفرجت عَن سَهلِ أَمرٍ حزونُها
وَإِن طَمعَت مِن غَيرِهِ في نَوالِهِ / فَلا صَدقَت فيما رَجَتهُ ظُنونُها
أَظُبى سُيوف أَم عُيون العَينِ
أَظُبى سُيوف أَم عُيون العَينِ / وَسِقامُ جِسم أَم سِقامُ جُفونِ
يا ظَبيَةَ الحَرمِ البَخيلة ما أَرى / ذاتَ التَكرُّم عَنكم تُسليني
حتّامَ يَسفحُ كُلُّ سَفحٍ مَدمَعي / والامَ لا تُقضى لديك دُيوني
طَرقَت وَقَد نامَ الخليُّ وَبيننا / جَبَلا زَرودَ وَبُرقَتا يَبرينِ
طرق الخَيالَ فَلَستُ مَن يَقوى عَلى / طَيفين طَيفِ كرى وَطَيفِ جُنونِ
كَفّي كفى بالفَقرِ دونك شاغِلاً / وَسُرايَ بَينَ سُهولِهِ وَحُزون
فَقَلائِصُ الهَمِّ الَّتي حَمَّلتُها / جُمَل المَديحِ إِلى جَمالِ الدينِ
سَمِحٌ إِذا قالَت شَواهِدُ جودِهِ / أَرجوه قالَ عَقائِد
يَرضى بِدون الشُكرِ مِن سُؤالِهِ / كَرَماً وَلا يَرضى لَهم
فالعِرضُ كالحَرَمِ المَصون بِبَذلِهِ / وَنَوالُه وَالمالُ غَيرُ مَصونِ
لا نَيله كَدرٌ بِكَثرَةِ مَطلِهِ / أَبَداً وَلا ما مَنَّ بالتَموينِ
قاضٍ يَرُدُّ الحقَّ أَبيضَ واضِحاً / إِن ضَلَّ رأيُ الحاكِمِ المأفونِ
يا عيد كُلِّ مُعيِّدٍ وَرَجاءَ كُلِّ / مُؤَمِّلٍ يا فَرحَةَ المِسكينِ
فَرضانِ شُكرِكَ وَالصَلاحُ يليهُما / عيدان عيدُ نَدىً وَعيدُ الدينِ
فاِسلم عَلى رَغمِ الحَسودِ مُخَلَّداً / ما غَنَّتِ الأَطيار فَوقَ غُصونِ
وَعَد الخَيالُ بأنّا جيرةُ العامِ
وَعَد الخَيالُ بأنّا جيرةُ العامِ / حَقٌّ كَما قالَ أَم أَضغاث أَحلامِ
سَرى يُصانِعُ جَرَساً مِن خَلاخِلهِ / إِذا مَشى وَيُداري عَرفَ أَكمامِ
وَالشَذا جِنحُ الظَلام بِهِ / تَصريحُ واشٍ وَتَعريضاتُ نَمّامِ
نَفَسي العالي وَدلَّههُ / عِن مَضجعي فَرطُ اعلالي واِسقامي
وَلَم يَعُدنيَ من بَعد النَوى فَيَرى / سِوى هُيامي الَّذي خَلّا وَتهيامي
تَبقى الليالي الَّتي كانَ السُهادُ بِها / أَحلا مِن الغَمض في أَجفانِ نَوّامِ
بِتنا وَذَيلُ الدُجى مُرخىً عَلى كَرَمِ / في خُلوة خُلوةَ الأَرجاء مِن ذامِ
وَبَينَنا طيبُ عتب لَو تَسَمَّعَهُ / قُلتُ العِتابُ حَياةٌ بَينَ أَقوامِ
وَفاتِر الطَرفِ لَو إِنّي أَبوحُ بِهِ / إِذاً لأَوضحتُ عذري عند لُوّامي
يَرمي وَأُغضي وَقَد أَصمى فَقُلتُ لَهُ / أَعِد عَدلاً عَدِمتَ السَهم وَالرامي
أَخافُه حينَ أَخلو أَن أُكاشِفَهُ / وَجدي فأَستُر أَوجاعي وَآلآمي
وَأَخدَعُ الناسَ عَن حُبّي وَاكتُمُهم / جِراحَ قَلبيَ لَولا جفنيَ الدامي
وآهاً لَو أَنَّ الَّذي خَلَّفتُ مِن زَمَني / خَلفي أُصادِفُ شَيئاً مِنهُ قُدّامي
عَهدي بَليلي قَصيراً بالعِراقِ فَما / بالي أَبيتُ طَويلَ اللَيلِ بالشامِ
أَعاذَكَ اللَهُ مِن عَصر غَضارَتُهُ / وِزرٌ وَردَّكَ مِن أَيامِ أَيامِ
عَلَّ النَوى عَن قَريبٍ تَنقَضي وَعَسى / جُودُ ابنِ رُزِّيكَ يأتي بَعد اعدام
لَو لَم يُغَيبنيَ المَعروفُ ما عَلِمت / غُرُّ السَحائِب أَنّي نَحوَها ظامي
يا أَكرَم الخَلقِ من بدو وَمِن حَضَر / وَأَشجَعَ الناسِ مِن عُربٍ وَأَعجام
وَقائِماً بِشراءِ المَجدِ مُجتَهِداً / وَقَد تَقاعَد عنه كُلُّ قَوّامِ
أَغَرّ أَبلج مَيمونٌ نَقيبَتُهُ / سَهل الخَليقَةِ سامي الطَرفِ بَسّامِ
مُعطي الرَعيَّة أَيامَ النَدى كَرَماً / حامي الحَقيقةِ في يَومِ الوَغى الحامي
يَظَلُّ معتَنِقَ الأَبطالَ ضارِبَها / تَرَفُّعاً أَن يُقالَ الطاعِم الرامي
وَالبيضُ تقطر فَوقَ البيضِ لامِعَةً / كَأَنَّها عارِضٌ هامٍ عَلى الهامِ
بِباتِرٍ ناشِرٍ أَغنَت مَضارِبُه / عَن عاسِلِ المتنِ يَومَ الرَوع نَظّام
خلال مَجدٍ فَريدٍ ما تقبَّلَهُ / مِن البَريَّةِ إِلّا مجد الاسلامِ
في سَرجه البَدرُ وَالغَيثُ الغَمامُ لَهُ / جِسمٌ مِنَ الماءِ فيهِ قَلبُ ضِرغامِ
وَربَّ جَرداءَ فيها الأُسدُ مخدرَةٌ / تَحتَ الوَشيجِ عَلى
ما إشن تَكادَ صَرَّت وَلا نَظَرَت / إِلى السَماءِ بعين
مَدَّت قَنا الخَطِّ أَظفاراً إِلى ظَفَرٍ / بُرجاً فَقلَّم مِنها خَطُّ أَقلامِ
أَمنت صرفَ زَماني إِن يُفَوِّقَ لي / سِهامَ صَرف فأَنتَ الذائِدُ الحامي
وان أَمَدّ الى الأَوشال مِن ظَمأٍ / كفّي وَبَحرُ نَداكَ الفائِض الطامي
وَما اِفترشتُ حَيّاً عِندي لَهُ غُدُرٌ / مَلآى المَذائِب فيها شربُ أَعوامِ
وَقَد تقدمتَ بالنَعى الَّتي غَمَرَت / قِدماً وَأَعدَمَت قَبلِ اليومِ اِعدامي
لَكِنَّ اِنعامَكَ الوافي بَنوهُ بالقَد / رِ الَّذي ضاعَ دَهراً بين اِنعامِ
وَرُبَّ أَربابِ احسانٍ تَجاوَزَهُم / مَدحي إِلى أَهلِ أَحسابٍ وأفهامِ
وَلَيسَ مَن قالَ بالانعامِ مرحمتي / مثل الَّذي رامَ بالانعامِ اكرامي
هَذا هُوَ السَعيُ لا ما يَدَّعي الواني
هَذا هُوَ السَعيُ لا ما يَدَّعي الواني / وَذي الوَقائِعُ لا أَيام ذبيانِ
أَدنيتَ حَين تَميم حينَ صُلتَ بِهِ / وَرُعتَ ياقوتاً المُستَكبرِ الجاني
وَحط بأسكَ عَن عَلياهُ مُرتَفِعاً / وَعزَّ جَيشُكَ قَهراً عِزّ طرخان
ما زِلتَ تُوليهِ احساناً وَتُضمَرهُ / لَهُ وَيُضمِرُ غَدراً تَحتَ اِدهانِ
يَبغي السَماءَ رَجاءً أَن سَيبلغها / جَهلاً بِهِ كانَ قَد ماهَلك هامانِ
ما خلتُ أَنَّ الأَماني تَخدَعَنَّ فَتىً / بِمَدِّ باعٍ قَصير نَحوَ كِيوان
وَلا مَشى وَيَرى الضَحضاحَ يُغرِقُه / نَحوَ العُبابِ مَجدٌ غير سَكران
وَغَرَّهُ البُعدُ عَن أُسدِ الشَرى فَطَغى / حَتّى رَآها تَبارى فَوقَ عُقبانِ
سَروا مَعَ اللَيلِ يُغنيهم تَهلُّلهم / عَن ضَوءِ بدر وَعَن اِيقاد نيران
مِن كُلِّ أَبلج مطعام إِذا جَنَحوا / للسلم أَشوسَ يَومَ الرَوع طَعّانِ
ساروا إِلى المَوتِ بَسّامينَ تَحسَبُهُم / ساروا لِوَصلِ حَبيب غِبَّ هُجران
يَستَعذِبونَ المَنايا نَجدَةً فَلَهُم / إِلى ظُباة المَواضي وَردُ ظَمآنِ
لا يَرهبُ المَوتَ أَدناهُم فَهُم بَدَدٌ / في كُلِّ دَهماءَ مِن مثنى وَوحدانِ
أَبدى هَوى بالعلى لِكِن رأى صَعَداً / مِن دونِها فَسلاها أيَّ سُلوانِ
لَو مُدىً في مَداها غَيرُ هيِّنَةٍ / ِذا لَنالَ المَعالي كُلُّ اِنسانِ
أَيُغتَرى فِريةً في ذِكرِ ماريَة / وآلِ جَفنةَ إِلّا عَقل حَيرانِ
قَد كانَ يَزأرُ زَأَرَ الأَسَدِ حينَ خَلا / وَمَرَّ لَمّا أَتَتهُ مَرَّ سَرحانِ
كَتائِبٌ سَدَّ عَينَ الشَمسِ عثيَرُها / فَأَشرقَت عُرُبٌ مِن تَحتِ تيجانِ
سَماءُ نَقع تَرى حيث اِتجهتَ بِها / بَدراً يَكُرُّ بِنَجمِ اثر شَيطانِ
فاِستعذَب الذُلَّ خَوفَ المَوتَ مُنهَزِماً / يَستقربُ البُعدَ أَو يَستَبعِدُ الداني
أَمرانِ مُرّانِ أَطرافُ البِلادِ عَلى / ناجي السَوابِق أَو أَطرافِ مُرّانِ
وَلَم يُفتَهَم وَلَكِن فاتَهُم شَرَف الا / قدامِ مِن غبن وَخُسرانِ
فَوَيلَهُ مِن غَبيٍ بتَّ تطلِبُهُ / وَباتَ نَشوانَ خَمرٍ غَيرَ نشيانِ
وَكانَ نَيل المَنايا لَو تُباحُ لَهُ / خَيراً لَهُ مِن حَياةٍ تُشمِتُ الشاني
حاطَ اِنتِقامَكَ بأساً قَبلَ باشِرِهِ / فَمذ مَلكتَ رَجا مَعمودَ احسان
ما أَحسَنَ العَفوَ عَفوٌ بَعدَ مَقدِرَةٍ / عَن أَقبحِ الذَنبِ كُفرٍ بَعدَ إِيمانِ
هَذي مَصارِعُ شانيكُم يُبَصِّرُها / ذو احنةٍ فيُلاقيكُم بشنان
يا ذاكِري وَرِكابي عَنهُ نازِحَةٌ / إِذا اللَئيمُ عَلى قُربِ تَناساني
مَدامِعُ البُعدَ أَغشَتني سَحائِبُها / عَليَّ يَهمينَ عَن ذي الهيدَبِ الداني
فِدىً وان قَلَّ مَنّانٌ عَليَّ بِما / لَم يعطنيهِ لِمُعطٍ غَيرَ مَنّانٍ
يَودُّ لَو كُسيَ الاصباحُ صِبغَتَهُ / أَو زيد في لَيلِهِ مِن عُمرِهِ الفاني
إِذا رأى قَومه مِن جودِهِ عَجَباً / قِدماً أَتاكَ بِثَان يَومُه الثاني
جُودٌ وَبأسٌ وَحِلمٌ تِلكَ شيمَتُهُ / مَعروفة أَبَداً في آل غَسّانِ
يَبنى عَلى مَجدِكَ المَعروف مُجتَهِداً / لا مَجدَ حَقاً لِغَيرِ الوارِث الباني
أَضاعَ فَضليَ أَنّي بَينَ جاهِلهِ / ذوُ الفَضلِ فيهم بَصيرٌ بَينَ عُميان
وَما أُبالي إِذا ما الدَهرُ قَيّض لي / لقياك مِن بعد ما يَمنى ليَ الماني
اعلاءَ مَجدٍ وَتَخليدٌ لِمكرُمة / لا رَفعُ قَصر وَلا تَخليدُ ايوانِ
سَعيٌ بِجدٍّ وَسَعيٌ رُبَّما اِختلفَ الأ / مرانِ جدّاهُما في الأَمرِ سِيّانِ
طَوى دارَها طيَّ الكِتابِ المُنَمنَمِ
طَوى دارَها طيَّ الكِتابِ المُنَمنَمِ / وَمَرَّ عَلى الأَطلالِ غَيرَ مُسَلِّمِ
يُخادِعُ امّا عَن جَوى مِن تَذَكَّر / بِها الرَكب أَو عَن عبرة مَن توسِّم
وَكَم وَقفَةٍ فيها أَقَلَّ مُساعِدي / عَلى الدَمعِ اسعادي وَأَكثَر لومّي
إِذا ما بَلَوتُ العَيشَ قالَت عِراصُها / لِدَمعيَ لَيسَ الفَضلُ لِلمُتَقَدِّم
وَسارٍ أَتاني العَرفُ عَنهُ مُبَشِّراً / فَقُمتُ إِلَيهِ أَهتَدي بِالتَنَسُّمِ
أَتى بعد وَهَنٍ عاطِلاً مُتَلَثِّماً / مَخافَةَ حَليٍ أَو مَخافَةَ مَيسَمِ
وَناوَلَني كأساً أَراكَ فِدامَها / وَرَدَّ فَمي عَن لَثمِ كأس مُفدَّمِ
فَلَيتَكَ إِذ حَلأتني عَن مُحَلّل / مِن الخَمرِ ما عَلّلتَني بِمُحَرَّمِ
أَيا لَذَّةَ الدُنيا ومنه بَلاؤُها / وَيا جَنَّةً فيها عَذابُ جَهَنَّمِ
وَكُنّا اِغتَنَمنا لَذَّةَ العَيشِ ليتَها / لَذّاتُها لَم تصرَّم
تُلامُ وَنُدعى الأَشقياءَ خَلاعَةً / وَمَن من يودي ابتِداء التَنَعُّمِ
فَقَد عادَ أَيقاظاً عَلَينا صُروفُهُ / فَما نَلتَقي أَحبابنا غَيرَ نُوَّمِ
أَيا مَلِكاً ما مَدَّ كَفّاً لِعِلَّتي / وَما زلَ مَخضوبَ الأَنامِل مِن دَمي
وَكانَ قَديماً طائِشاتٍ سِهامُهُ / فَأَصبح يَرمينا بأنفذ أَسهُم
وَأَرهفَ حَدّيهِ لحزّي كَأَنَّما / تَوَهَّم انعامَ ابنِ رزِّيكَ مُسلِمي
هُوَ المَلجأُ المأمولُ وَالوَزَرُ الَّذي / أَجازَ عَلى أَحداثِهِ كُلَّ مُعدَمِ
سَليمُ نَواحي العِرضِ لَم يُعطَ خَشيَةً / وَلَم يُخفِ عيباً تَحتَ ذَيل التَكَرُّمِ
تَوضَّح في الدَهرِ البَهيم كَأَنَّه / سَنا غُرَّةٍ سالَت عَلى وَجه أَدهَم
وَأَعطى وَلا مُعطٍ وَأَضحى مُمدَّحاً / وَما فَوقَ وَجهِ الأَرضِ غَيرُ مُذمَّم
إِذا لَقَحَ الراياتِ رأياً تَمَخَّضَت / بِنَصر عَلى الأَيامِ فَذّ وَتَوأمِ
لَهُ كُلَّ يَومٍ مغنَمٌ مِن عَدوِّهِ / يَرى بَذلَهُ لِلمجتدي نَيلَ مَغنَم
ثَقيلٌ عَلَيهِ حَملُ أَيسَر مِنَّة / خَفيفٌ عليهِ حَملُ أَعظَمِ مَغرم
أَعَدَّ لِنَصرِ الحَقِّ كُلَّ مطهَّرٍ / يَغُذُّ إِلى الأَعداءِ فَوقَ مُطَهَّم
لَهُ شَرَفٌ الاقدامِ في الحَربِ شِيمَةٌ / َما يَبتَغي غَيرَ الكميِّ المُقَدَّمِ
وَولهى من التَوديع لَم تَرَ مُنجِداً / مِن الدَمع يُعديها عَلى بَينِ مُشأمِ
فَقالَت وَقَد أَجرَت سَوابِقَ عَبرة / أَفي كُلِّ يَومٍ أَنتَ بِالبُعدِ مُؤلِمي
أَتَجمَعُ لي فَقراً وَبيناً وَكِبرَةً / لَكَ اللَهُ ما تُثنيكَ خيفَةُ مأثمِ
فَقُلتُ لَها هَذا فِراقٌ يَردُّنا / جَميعاً وَيُعدينا عَلى الدَهر فاِعلَمي
أَعدّي العيابَ وَالمَرابطَ واخطبي / كَريمةَ قَومٍ وارقبي نجح مقدمي
سَأجهدُ نَفسي في اِبتِكارِ قَصيدَةٍ / فَتونِ المَعاني لَذَّةِ المُتَرَنِّمِ
تَقول إِذا أَبصَرتِ حسنَ بَديعها / لَكَم تَرَكَ الماضونَ مِن مُتَرَدَّمِ
وَأَبعَثُها غَرّاءَ بِكراً عَقيلَةً / لِكفؤٍ بأَبكارِ المَعالي مُتَيَّمِ
مُعشَّقةً زَفَّ التميميُّ دونَها / إِلى دون مَولاكُم بأَلفِ
سَيَبلُغ بَغداداً فَيهجم قائِلٌ / أَقِم يا حُسامي في صَوائِل واهجم
أَيا بَحر إِنّي لَم أَسَل غيركَ النَدى / وَلَم أَرَ أَهلَ الأَرض أَهلاً لمكرمِ
هُم الحَمأُ المَسنون لا ماءَ عِندَهُم / وَلَيسوا صَعيداً طَيِّباً لِلتَيَمُمِ
عبرتُ أُلاقي خَيرَهُم خَيرَ مادِح / لَهُ وَأَراهُ دَهره غَيرَ مُنعَمِ
غَنيّاً بِما تُوليهِ غَيرَ مُكلَّفٍ / طَلاقَة بِشرِ الوَجهِ أَو مُتَجَهِّمِ
دَعَوتُكَ بعد الجود أُخرى وَلَم يَزَل / أَخو المحل يَدعو السُحب
وَصلتَ المَعالي فَوقَ وَصلِ مُتَيّم / أَخاهُ فَلا ذاقَت فِراقَ مُتَيَّمِ
عَيناكَ عُقلَةُ كُلِّ سابِح
عَيناكَ عُقلَةُ كُلِّ سابِح / سَبَبُ الجَوى بَينَ الجَوانِح
أَحبائِلٌ أَم مُقلَةٌ أَجوارِحٌ / هيَ أَم جَوارِح
سَكَرت لَواحِظُها وَمَن / تَلقى بِها سَكران طافِح
يا كُلَّ ما تَهوى النُفوسُ / وَجُلَّ مقتَرح القَرائِح
كَم في عِذارك إِذ بَدا / عُذرٌ إِلى اللآحين لائِح
هَل لا تَحرجَ عَن دَمي / يا مَن تورَّعَ أَن يُصافِح
وَتَرى سَلامَةَ ظاهِري / فَتَظُنَّ طَرفَك عيرَ جارِح
مَولايَ لا بِتَّ في ضُري وَفي سَهَري
مَولايَ لا بِتَّ في ضُري وَفي سَهَري / وَلا لَقيتَ الَّذي أَلقى مِنَ الفِكَرِ
باتَت لِوَعدِكَ عَيني غَيرَ راقِدَةٍ / وَاللَيلُ حَيُّ الدَياجي مَيِّت السَحَر
أَوَدُّ مِن قَمَرٍ في الأَرضِ غَيبَتَهُ / وَأَرقَبُ الشَمسَ مِن شَوقي إِلى القَمَرِ
هَذا وَقَد بِتُّ مِن وَصلِ عَلى ثِقَة / فَكَيفَ لَو بِتُّ مِن هَجرِ عَلى خَطَر

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025