المجموع : 82
أَرَبْرَبٌ بالكثيبِ الفَرْدِ أم نَشَأُ
أَرَبْرَبٌ بالكثيبِ الفَرْدِ أم نَشَأُ / ومُعْصِرٌ في اللِّثام الوَرْدِ أم رَشَأُ
وباعثُ الوَجْدِ سِحْرٌ منكِ أم حَوَرٌ / وقاتِلُ الصّبِّ عَمْدٌ منكِ أَم خَطَأُ
وقد هَوَتْ بهوَى نَفْسِي مَهَا سَبَأٍ / فهل دَرَتْ مُضَرٌ مَنْ تَيَّمَتْ سبَأُ
كأنَّ قلبِي سليمانُ وهُدْهُدُه / لَحْظِي وبِلْقِيسُ لُبْنَى والهَوَى النَّبَأُ
فأعجَبْ لهمْ وَتَرُوا نَفْسِي وما شَعَرُوا / ولا دَرَوْا مَنْ بِعَيْنَيْ رِيمِهِمْ وجَأُوْا
إِذا تجلَّى إِلى أبصارِهِمْ صَعِقُوْا / وإِن تَغَلْغَلَ في أفكارِهِمْ هَمَأُوْا
لو أَغْلَظَ المَلْكُ أَمْراً فيهِمُ ائتَمروا / لو اقتضى الجيشُ رَدّاً منهُمُ رَدَأَوْا
وكلُّ ما شاءَ مِنْ حُكْمٍ ومُحْتَكَمٍ / يمضي على ما أحبُّوا منه أو نَدَأُوْا
أَغَرُّ في مجده الأعلى وغُرَّتِهِ / للُّبِّ مُنْحَسِنٌ واللَّحْظُ مُنْخَسَأُ
وفي سَناهُ ومَسْناهُ ونائِلِهِ / للشُّهْبِ والسُّحْبِ مُسْتَحْياً ومُنْضَنَأُ
جَلالةٌ لسليمانَ ومُلْتَمَحٌ / ليوسفٍ يومَ للنِّسْوانِ مُتَّكَأُ
وللملوكِ اختفاءٌ أنْ تُشابِهَهُ / وليس تَشْتَبِهُ العِيْدانُ والحَفَأُ
والكلُّ مُعْتَرِفٌ بالسابقاتِ له / ومَنْ زَكَا فله بالحقِّ مُنْزَكَأُ
مُمَلَّكٌ هو من سَمْتِ الهُدَى مَلْكٌ / وواحدٌ هو في شَيْد العُلى مَلأُ
يَقِلُّ أنْ يَطَأَ العَيُّوْقُ أَخْمَصَهُ / وكلُّ مَلْكٍ على أعقابِه يَطَأُ
حَوَى المحاسنَ في قولٍ وفي عَمَلٍ / فَمِثْلَ مَهْنَئِهِ الأَملاكُ ما هَنَأوا
وللثُّغُورِ بذكرى عَدْلِهِ وَلَعٌ / وللقلوبِ لِمَثْوَى حُبِّه لَطَأُ
والمالكون سِواهُ مِثْلُ عَصْرِهِمُ / فكلما دَنَأَتْ أحداثُهُ دَنَأُوا
والعَدْلُ أَلْزَمُ ما تُعْنَى الملوكُ به / فَلْيُزْجَرُوا عن سبيلِ الحَيْفِ ولْيَزَأُوا
وكيف يَلْقَى قناةَ الدَّهْرِ قائمةً / وفَوْقَنَا لِقِسيِّ الشُّهْبِ مُنْحَنأُ
وما الزَّمانُ على حالٍ بمُعْتَدِلٍ / كأَنَّما أَهْلُهُ في شَخْصِهِ دَنَأُوا
فالدهرُ ظَلْماءُ والمعصومُ نورُ هُدىً / يُضِيءُ والشمسُ في أنوارها تَضَأُ
فَخَلِّ ما قيل عن كَعْبٍ وعن هَرِمٍ / فلِلأَقاويلِ مُنْهارٌ ومُنْهَرَأُ
وتلك أنباءُ غَيْبٍ لا يقينَ لها / وقلَّما في التَّنائي يَصْدُق النَّبَأُ
وما اختبارٌ كأخبارٍ وما مَلِكٌ / إلاَّ ابنُ مَعْنٍ وَذَرْ قوماً وما ذَرَأوا
تُغْني أياديه ما تُغْني صوارِمُهُ / وللْغِناءِ هو الإِقلالُ والفَنَأُ
سِيّانِ منه فُتُوْحٌ في العِدَى طرأتْ / ومُعْتَفُون على إنعامه طرأوا
فكم أناسٍ أَقاصٍ عنده نَبَهُوا / كأنهمْ قُرْبَةٌ في حِجْره نَشَأوا
وكيف تُحْصَى عَوَافي مَرْتَعٍ مَرِعٍ / للهائمينَ به مَرْويً ومُحْتَصَأُ
ومَنْ نَبَا وَطَنٌ مِنه كمثلِهِمُ / مَضَى به مُنْتَأىً عنه ومُنْتَبَأُ
وللظُّبَى والطُّلَى لَثْمٌ ومُعْتَنَقٌ / وللقَنَا والكُلَى ضَمٌّ ومُرْتَشَأُ
وحيثُ ما أَزْمَعَتْ عُلْياكَ واعْتزمَتْ / حَدَا جَحافِلَكَ التأييدُ والحَدأُ
فلا تَضَعْ مَرْبَأً للجيشِ تَنْهَدُهُ / فالنصرُ مُرْتَبِئٌ والسَّعْدُ مُرْتَبَأُ
تَحِيْدُ عن أُفْقِكَ الأملاكُ مُجْفِلَةٌ / ولا تُحَوِّمُ حيثُ اللَّقْوَةُ الحِدَأُ
فَوَيْحَهُمْ يومَ للأعلامِ مُلْتَطَمٌ / عليهِمُ وبِهِمْ للجُرْدِ مُلْتَطَأُ
وَوَيْلَهُمْ إِنْ شآبيبُ القَنَا هَمَأَتْ / وحاقَ باللامِ والأجسام مُنْهَمَأُ
والحَيْنُ يظهر في وادي سوالِفِهِمْ / كما به في ثغور البِيْضِ مُنْكَمَأُ
وقد بَدَا عن عَرانين الظُّبَى شَمَمٌ / وفي أنوفِهِمُ الإِرغامُ والفَطَأُ
وللقَنا مُنْهَوىً فيهمْ ومُنْسَرَبٌ / وللظُّبى مُنْبَرى فيهمْ ومُنْبَرَأُ
كأنَّ سُمْرَكَ والإِقبال يَعْطِفُها / بَنانُ قومٍ إليهمْ بالرَّدَى وَمَأُ
وقد غَدُوا قُضُباً بالهامِ مُثْمِرَةً / ومُجْتَنِيْها من الصَّمْصَامِ مُجْتَنَأُ
وصالَ مُطَّعِنٌ فيهمْ ومُمْتَصِعٌ / فسال مُنْهَزِمٌ منهمْ ومُنْهَزَأُ
وقال حَوْضُهُمْ والسَّيْلُ يَغْمُرُهُ / قَطْنِيْ فقد هَدَمَ الأَرْجاءَ مُمْتَلأُ
هناك يَبْغُون لو يَلْقَوْنَهُ لَجَأً / وما لِخَلْقٍ عن المقدورِ مُلْتَجَأُ
وكم لِبَاسِكَ فيهمْ من مَصالِ وَغىً / لِلَّيْثِ من سَمْعِهِ رَوْعٌ ومُجْتَبأُ
وكان في ذَأْلِهِمْ وُدٌّ ومُتَّعَظٌ / لوْ صَحَّ من مِثْلِهِمْ وَعْظٌ ومُتَّدَأُ
هاجُوا ظُباكَ التي بالسِّلْمِ قد هَجِئَتْ / فَسَوْفَ يَسْكُنُ منها الظِّمْءُ والهَجَأُ
راعَيْتَ تَقْواكَ حتى في جَزائِهمُ / وما رَعَوْا ما تُراعيه ولا كَلأُوا
والآن قد آنَ من شُهْب الصِّفاح لهمْ / دَرْءٌ ومن صافناتِ الخيلِ مُنْدَرَاُ
تَهْوي لقلبِ أعاديه مَكائدُهُ / كأنها قُتَرٌ للأُسْدِ أو بُرَأُ
مُذَهَّبُ الشمسِ ما في نُورِها كَلَفٌ / ورايةُ الشُّهْبِ ما في سَيْرِها خَطَأُ
وهِمَّةٌ فَوْقَ ما ظَنَّ الغُواةُ بِهِ / والقَوْمُ آمِنَةٌ إِنْ أَمْكَنَ الغَوَأُ
وبالمعاقل لِلأَمْلاكِ مُقْتَنَعٌ / وما له بِسِوَى الأفْلاكِ مُجْتَرَأُ
ولو يَرُوْمُ نِزالَ الطَّوْدِ يَبْلُغُهُ / أو يَنْزِلوا من صَياصيْه كما زَنَأُوا
وبَرْدُ أيامِهِمْ مَرْفُوُّ سِلْمِهِمُ / والحرْبُ تَخْرِقُ منهُمْ كلَّما رَفَأُوا
مَلْكٌ له العِزُّ من ذاتٍ ومن سَلَفٍ / فَحَسْبُ كلِّ الملوكِ الهُوْنُ والجَزَأُ
نَمَتْهُ بَدْراً نجومُ السَّرْوِ من يَمَنٍ / وما كَمِثْلِ النُّجُومِ النَّقْع والحَيَأُ
تَكَسَّبَا عَصْرُهُ فَخْراً وعُنْصُرُهُ / فقد عَلاَ الفَلَكَ الأعلى به سَبَأُ
إِذا صُمادِحَهُ أَبْدَى وعامِرَهُ / فَلِلْمُبِيْرِيْنَ مُسْتَخْفىً ومُنْضَنَأُ
مِنَ الأُلَى مَلَكُوا الدنيا وما بَرِحُوا / يَبْنُوْنَ أَسْمِيَةَ العُلْيَا وما فَتَأُوا
فالحُسْنُ في سِيَرٍ منهمْ وفي صُوَرٍ / إِنْ مُوْجِدُوا مجدوا أو رُوْضِئوا رَضَأوا
وأبدعوا في صنيع الجُوْد وابتدعوا / فكلَّما سُئِلوا من مُعْوِزٍ سَلأُوا
لولاهُمُ ما يَصُوبُ المُزْنُ مُسْتَهِماً / متى رَوَى سُيَّباً من وَبْلِهِ مَتَأَوا
وبَيْتُ وَفرِهِمُ إيمانُ وَفْدِهِمُ / فَهُمْ مياسيرُ من حَمْدِ الوَرَى تُكَأُ
أقمارُ مُلْتَئِمٍ آسادُ مُلْتَحَمٍ / يَرُوْعُنا مُجْتَلىً منهمْ ومُخْتَلأ
وما صوارِمُهُمْ إِبلاً وقد سَرَحُوا / وليس إِفْرِنْدُها عُرَى وقد هَنَأوا
ولا عوامِلُهُمْ غِيْداً وقد وَمَقُوا / ولا أَسِنَّتُها شَيْباً وقد حَنَأوا
ومِنْ مُناهُمْ مناياهُمْ إِذا حَمَلُوا / وليس بالجالِهِ الهَيّابةِ الخُبَأ
إنْ قَوَّضوا خِلْتَ أنَّ الهُوْجَ ما رَكِبُوا / أو خَيَّموا خِلْتَ أنَّ الشُّهْبَ ما خَبَأُوا
لا يَعْبَأُوْنَ بمَكْرٍ في مُقَاوِمِهِمْ / وليس للأُسْدِ بالسِّيْدانِ مُعْتَبَاُ
إِذا خَطُوْا وَتَروا في الأَرض شانِئَهُمْ / وللخطوبِ بها مَسْرىً ومُنْسَرَأُ
فإنْ رَمَيْتَ بهمْ أقصى النَّدَى بلغوا / وإن مَنَيْتَ بهمْ شُوسَ العِدَى نَكَأُوا
والخَلْقُ من مَلَكَاتِ الظُّلْمِ في ظُلَمٍ / وقد مَضَتْ هِنأُ مِنْ بَعْدِها هِنَأُ
ومُخْلِبٍ منه للأهواءِ مُخْتَلِبٌ / ومُرْتَمٍ فيه للعَلْيَاءِ مُرْتَمَأُ
إذا جَلاَ النَّصْرَ مِنْ خِرْصانِهِ وَضَحٌ / عَلاَ الغزالةَ من قَسْطاله صَدَأُ
مِنْ كلِّ أَحْوَسَ نَثْرُ النَثْرِ دَيْدَنُهُ / إذا يَرَى لُدْنَهُ مُسْتَلْئِماً يُرَأُ
يجيءُ كالهَصِرِ الفَضْفاضِ مقتتلاً / أَصَمُ كالأرقم النَضْناض إذْ يَجَأُ
وللمَنُوْنِ بِيُمْنَاهُ عُيُونُ دِمَا / في جدولٍ يتحامَى وِرْدَهُ الظَّمَأ
فراح نحو دَمِ الأبطال تَحْسِبُهُ / راحاً لها بالقَنا العَسّالِ مُسْتَبَأُ
في مَوْقِفٍ للمَنَايَا فيه مُرْتَكَضٌ / على الجِيَادِ وللأجْنادِ مُنْهَدَأُ
وتلك عَنْقاؤُنا وافَتْكَ مُغْرِبَةً / بِحُسْنها فاستوى العِقْبانُ والحدَأُ
بِدْعٌ من النَظْمِ مَوْشِيُّ الحُلَى عَجَبٌ / تُنْسي الفحولَ وما حاكوا وما حكَأَوا
وكلُّ مُخْتَرَعٍ للنَّفْس مُبْتَدَعٍ / فمنه للرُوْح رَوْحٌ والحِجَى حَجَأُ
أَنْشَأْتُهَا للعقول الزُهْر مُصْبِيَةً / كأنّها للنُّفوْسِ الخُرَّدُ النَشَأُ
لم يأتِ قبليْ ولن يأتي بها بَشَرٌ / وحُقَّ أَنْ يَخْبَأوا عنها كما خَبَأُوا
قَبَضْتُ منها لُيُوثَ النَّظْمِ مُجْتَرِئاً / وغيرُ بِدْعٍ من الضِّرْغام مُجْتَرَأُ
وفي القريض كما في الغِيل مَأْسَدَةٌ / والقومُ حَوْزٌ بمرعى البهَمِ قد جَزَأُوا
وجَمْعُ بعضِ قوافيها يَؤُودُهُمُ / ولو مُنُوا بمبانيها إذاً وَدَأُوا
أَشْجَى مسامِعَهُمْ تِيْهاً بما سَمِعُوا / ولا تَقَرُّ لهمْ عَيْنٌ إِذا قرأوا
لعلَّكَ بالوادي المُقَدَّسِ شاطئُ
لعلَّكَ بالوادي المُقَدَّسِ شاطئُ / فكا لعَنْبَرِ الهِنْدِيِّ ما أنا واطئُ
وإنِّيَ في رَيّاكَ واجِدُ رِيْحِهِمْ / فَرَوْحُ الهوى بين الجوانحِ ناشئُُ
ولِي في السُّرَى من نارِهِمْ ومَنارِهِمْ / هُداةً حُداةٌ والنُّجُومُ طوافئُ
لذلك ما حَنَّتْ رِكابِي وحَمْحَمَتْ / عِرابِي وأَوْحَى سَيْرُها المتباطئُ
فهل هاجَها ما هاجَني أو لعلَّها / إلى الوَخْدِ من نيران وَجْدِي لواجئُ
رُوَيْداً فذا وادي لُبَيْنَى وإنَّه / لَوِرْدُ لُبَاناتي وإنِّي لَظَامِئُ
ويا حَبَّذا من آلِ لُبْنَى مَواطِنٌ / ويا حَبَّذَا من أرض لُبْنَى مَوَاطِئُ
ميادينُ تَهْيامِي ومَسْرَحُ ناظِري / فَلِلشَّوْقِ غاياتٌ به ومبادئ
ولا تَحْسِبُوا غِيْداً حَمَتْها مقاصِرٌ / فتلك قلوبٌ ضُمِّنَتْها جآجئ
وفي الكِلَّة الزَّرْقَاءِ مَكْلُوْءُ عَزَّةَ / تَحِفُّ به زُرْقُ العوالي الكَوَالئُ
مَحَا مِلَّة السُّلْوانِ مَبْعَثُ حُسْنِهِ / فكلٌّ إلى دِيْن الصَّبابةِ صابِئُ
تَمَنَّى مَدَى قُرْطَيْهِ عُفْرٌ تَوالِعٌ / وتَهْوَى ضيِا عَيْنَيْهِ عِيْنٌ جوازئُ
وفي مَلْعب الصَّدْغَيْن أبيضُ ناصِعٌ / تخلَّلَهُ للحُسْنِ أحمرُ قانئُ
أفاتكةَ الألحاظ ناسكةَ الهوى / وَرِعْتِ ولكنْ لَحْظُ عَيْنِكِ خاطئُ
وآلُ الهوى جَرْحَى ولكنْ دماءُهُم / دُمُوعٌ هَوامٍ والجُرُوْحُ مآقِئ
فكيف أُرَفِّي كَلْمَ طَرْفِكِ في الحَشَا / وليس لتمزيق المُهَنَّد رافئُ
ومن أين أرجو بُرْءَ نَفْسِي من الجَوَى / وما كلُّ ذي سُقْمٍ من السُّقْم بارئُ
وما ليَ لا أسموا مُراداً وهِمَّةً / وقد كَرُمَتْ نَفْسٌ وطابتْ ضآضئُ
وما أَخَّرَتْني عن تَناهٍ مبادئُ / ولا قَصَّرَتْ بِي عن تَباهٍ مَناشئُ
ولكنَّهُ الدّهرُ المُناقَضُ فِعْلُهُ / فذو الفضل مُنْحَطٌّ وذو النَّقْص نامِئُ
كأنَّ زمانِي إذ رآني جُذَيْلَهُ / قلاني فَلِي منه عَدُوٌّ مُمالِئُ
فداريْتُ إعتاباً ودارأتُ عاتباً / ولم يُغْنِني أنّي مُدارٍ مُدارئُ
فألقيْتُ أعباءَ الزمانِ وأهلَهُ / فما أنا إلاَّ بالحقائقِ عابئُ
ولازمْتُ سَمْتَ الصَّمْتِ لا عن فَدامةٍ / فَلِي منطقٌ للسَّمْع والقلب مالئُ
ولولا عُلَى المَلْكِ ابنِ مَعْنٍ محمَّدٍ / لَمَا بَرِحَتْ أصدافَهُنُّ اللآلئُ
لآلئُ إلاَّ أنَّ فِكْرِيَ غائصٌ / وعِلْمِيَ دأماءٌ ونُطْقِيَ شاطئُ
تجاوزَ حَدَّ الوَهْمِ واللَّحْظِ والمُنَى / وأَعْشَى الحِجَى لألاؤُه المتلالئُ
فَتَتْبَعُهُ الأنصارُ وهي خواسِرٌ / وتنقلبُ الأبصارُ وهو خواسئُ
ولولاه كانت كالنسيء وخاطري / كفُقَيْمٍ للمُحَرَّمِ ناسئُ
هو الحُبُّ لم أُخْرِجْهُ إِلاَّ لمجدِهِ / ومِثْلِي لأَعْلاقِ النَّفَاسةِ خابِئُ
كأنَّ عُلاَهُ دولةٌ أمويَّةٌ / وما نابَ من خَطْبٍ عُمِيرٌ وضابئُ
وإنْ يَمْسَسِ العاصِيْنَ قَرْحُكَ آنفاً / فأيدي الوَغَى عمّا قليلٍ تَوَالِئُ
عَسُوا فعَصَوْا مُسْتَنْصِرِيْنَ بخاذلٍ / وأخذلَ أَخْذُ الحَيْنِ ما منه لاجئُ
وشُهْبُ القَنَا كالنُّقْبِ والنَّقْعُ ساطِعُ / هِناءً وأيدي المُقْرَباتِ هوانِئُ
يُعَوِّدُ تخضيْبَ النُّصُوْلِ وإنْ رَأَى / نُصُوْلَ خِضابٍ فالدِّماءُ برايئُ
الناسُ مِثْلُ حَبابٍ
الناسُ مِثْلُ حَبابٍ / والدَّهْرُ لُجَّةُ ماءِ
فَعَالَمٌ في طُفُوٍّ / وعالَمٌ في انطفاءِ
إلى الموتِ رُجْعَي بعد حِينٍ فإنْ أَمُتْ
إلى الموتِ رُجْعَي بعد حِينٍ فإنْ أَمُتْ / فقد خُلِّدَتْ خُلْدَ الزمانِ مناقِبي
وذِكْرِيَ في الآفاقِ طارَ كأنَّه / بكلِّ لسانٍ طِيْبُ عذراءَ كاعِبِ
ففي أيِّ عِلْمٍ لم تُبَرِّزْ سَوَابِقِي / وفي أيِّ فَنٍّ لم تُبَزِّزْ كتائبي
حَقِيْقٌ أَنْ تَصُولَ بِيَ الرُّماةُ
حَقِيْقٌ أَنْ تَصُولَ بِيَ الرُّماةُ / وأنْ تَعْنُوْ لِصَوْلَتِي الكُماةُ
إذا فَوَّقْتُ في الأبطال سَهْماً / فما تُغْنِي الدُّرُوْعُ السَّابِغَاتُ
وإنِّي كالمَجَرَّة في اعتلاءٍ / وَنَبْلِي الشُّهْبُ والجِنُّ العُداةُ
قَلْبِيَ في ذاتِ الاَثيْلاَتِ
قَلْبِيَ في ذاتِ الاَثيْلاَتِ / رَهِيْنُ لَوْعَاتٍ وَرَوْعاتِ
فَوَجِّهَا نَحْوَهُمُ إنَّهُمْ / وإنْ بَغَوْا قِبْلَةُ بُغْياتي
وعَرِّسَا مِنْ عَقَداتِ اللِّوَى / بالهَضَبَاتِ الزَهَرِيَّاتِ
وعَرِّجَا يا فَتَيَيْ عامِرٍ / بالفَتَيَات العِيْسَوِيّاتِ
فإنَّ بِي للرُّوْمِ رُوْمِيّةً / تَكْنِسُ ما بين الكنيساتِ
أَهِيمُ فيها والهوى ضَلَّةٌ / بَيْنَ صَوامِيْعَ وبِيْعاتِ
وفي ظِباء البَدْو مَنْ يَزْدرِي / بالظَّبَيَاتِ الحَضَرِيَّاتِ
أُفْصِحُ وَحْدِي يومَ فِصْحٍ لَهُمْ / بَين الأرَيْطَى والدُّوَيْحاتِ
وقد أَتَوْا منه إلى مَوْعِدٍ / واجتمعوا فيه لِمِيْقاتِ
بِمَوْقِفٍ بين يَدَيْ أُسْقُفٍ / مُمْسِكِ مِصْباحٍ ومِنْساةِ
وكلِّ قَسٍّ مُظْهِرٍ للتُّقَى / بآي إنْصَاتٍ وإخباتِ
وعينُهُ تَسرَحُ في عَيْنِهِمْ / كالذِّئب يَبْغي فَرْسَ نَعْجاتِ
وأيُّ مَرْءٍ سالمٌ مِنْ هَوىً / وقد رأى تلك الظُّبَيَّاتِ
فمن خُدُودٍ قَمَرِيّاتٍ / على قُدُوْدٍ غُصُنِيَّاتِ
وقد تَلَوْا صُحْفَ أناجِيلِهِمْ / بحُسْن ألحانٍ وأصواتِ
يَزِيْدُ في نَفْرِ يعافيرهمْ / عنِّي وفي ضَغْط صبَاباتي
والشمسُ شمسُ الحُسْن من بينهمْ / تحت غَماماتِ اللِّثاماتِ
وناظري مُخْتَلِسٌ لَمْحَها / ولَمْحُها يُضْرِمُ لَوْعاتي
وفي الحَشَا نارٌ نُوَيْريَّةٌ / عُلَّقْتُها منذ سُنَيَّاتِ
لا تنطفي وقتاً وكم رُمْتُها / بل تلتظي في كلِّ أوقاتي
فَحَيِّ عنِّي رَشَأَ المُنْحَنَى / وإنْ أَبَى رَجْعَ تحيَّاتي
خليليَّ مِنْ قَيْسِ بنِ عَيْلاَنَ خَلِّيَا
خليليَّ مِنْ قَيْسِ بنِ عَيْلاَنَ خَلِّيَا / رِكابي تُعَرِّجْ نَحْوَ مُنْعَرَجَاتِها
بِعَيْشِكُمَا ذاتِ اليمينِ فإنَّني / أَرَاحٌ لِشَمِّ الرَّوْحِ مِنْ عَقَدَاتِها
أَمَا إنَّها الأَعْلامُ مِنْ هَضَبَاتِها / فكيف تَكُفُّ العَيْنُ عَنْ عَبَرَاتِها
ذَرَانِي وإذْرَاءُ الدُّمُوْعِ لَعَلَّهُ / يُسَكّنُ ما قد هاجَ مِنْ ذُكُرَاتِها
فَقَدْ عَبِقَتْ رِيْحُ النُّعَامَى كأنَّما / سَلامُ سُلَيْمَى رَاحَ في نَفَحَاتِها
وتَيْمَاءُ للقَلْبِ المُتَيَّمِ مَنْزِلٌ / فَعُوْجَا بتسليمٍ على سَلَمَاتِها
وإنْ تُسْعِدَا مَنْ أَسْلَمَ الصَّبْرُ قَلْبَهُ / يُعَرِّسْ بدوحِ البَانِ مِنْ عَرَصَاتِها
فَبَانَتُها الغَيْنَاءُ مَأْلَفُ بَانَةٍ / جَنَيْتُ الغَرَامَ البَرْحَ مِنْ ثَمَرَاتِها
ورَوْضَتُها الغَنَّاءُ مَسْرَحُ رَوْضَةٍ / تَبَخْتَرُ في المَوْشِيِّ مِنْ حَبَرَاتِها
هنالك خُوْطٌ في مَنَابِتِ عَزَّةٍ / تَخَالُ القَنَا الخَطِّيَّ بَعْضَ نَبَاتِها
مَشَاعِرُ تَهْيَامٍ وكعبةُ فِتْنَةٍ / فؤاديَ مِنْ حُجَّاجِها ودُعَاتِها
فكم صافَحَتْنِي في مِنَاهَا يَدُ المُنَى / وكم هَبَّ عَرْفُ اللَّهْوِ مِنْ عَرَفَاتِها
عَهِدْتُ بها أَصْنامَ حُسْنٍ عَهِدْنَنِي / هَوىً عَبْدَ عُزَّاهَا وعَبْدَ مَنَاتِها
أُهِلُّ بأشواقِي إليها وأَتَّقِي / شَرَائِعَها في الحُبِّ حَقَّ تُقَاتِها
غَرَامٌ كإقدامِ ابنِ مَعْنٍ ومَغْرَمٌ / كإنْعَامِهِ والأرضُ في أَزَمَاتِها
فَتَى البَأْسِ والجُوْدِ اللَّذيْنِ تَبَارَيَا / إلى غايةٍ حَازَا له قَصَبَاتِها
تَدِيْنُ يَدَاهُ دِيْنَ كَعْبٍ وحاتِمٍ / فَحَتْمٌ عليها الدَّهْرُ وَصْلُ صِلاَتِها
يُجَاهِدُ في ذَاتِ النَّدَى بَيْتُ مالِها / ولا جَيْشَ إلاَّ مِنْ أَكُفِّ عُفَاتِها
إذا البِدَرُ انثالتْ عليهمْ تَخَالُها / بأَيْدِي مَوَالِيْهَا رؤوسَ عُدَاتِها
وكَمْ قدْ رَأَتْ رَأْيَ الخوارِجِ فِرْقَةٌ / فَكُنْتَ عَلِيَّاً في حُرُوبِ شُرَاتِها
بِعَزْمِ أَبِيٍّ لا يُرَدُّ مَضَاؤُه / وهل تُمْلَكُ الأفْلاكُ عَنْ حَرَكَاتِها
هو الجاعِلُ الهَيْجَا حَشاً وسِنَانَهُ / هَوىً فَهْوَ لا يَعْدُو قُلُوبَ كُمَاتِها
وكم خَطَبَتْنِي مِصْرُ في نَيْلِ نِيْلِها / ورامَتْ بنا بَغْدادُ وِرْدَ فُراتِها
ولم أَرْضَ أَرْضاً غيرَ مبدإ نَشْأتي / ولو لُحْتُ شَمْساً في سماءِ وُلاتِهَا
ولِي أَمَلٌ إنْ يُسْعِدِ السَّعْدُ نِلْتُهُ / ويُفْهَمُ سِرُّ النَّفْسِ في رَمَزَاتِها
وأَسْنَى المُنى ما نِيْلَ في مَيْعَةِ الصِّبَا / وهل تَحْسُنُ الأشياءُ بعد فَواتِها
حَدِيثُكِ ما أَحْلَى فَزِيْدِي وَحَدِّثِي
حَدِيثُكِ ما أَحْلَى فَزِيْدِي وَحَدِّثِي / عَنِ الرَّشإِ الفَرْدِ الجَمَالِ المُثَلِّثِ
ولا تَسْأَمِي ذِكْرَاهُ فالذِكْرُ مُؤْنِسِي / وإنْ بَعَثَ الأشواقَ مِن كلِّ مَبْعَثِ
وبالله فَارقِي خَبلَ نَفْسِي بقوله / وفي عَقْدِ وَجْدِي بالإعادة فانفُثِي
أَحَقَّاً وقد صَرَّحْتُ ما بِيَ أنَّهُ / تَبَسَّمَ كاللاَّهِي بنا المُتَعَبِّثِ
وأَقْسَمَ بالإِنْجِيلِ إنِّي لَمَائِنٌ / وناهِيكَ دَمْعِي من مُحِقٍّ مُحَنَّثِ
ولا بُدَّ مِن قَصِّي على القَسِّ قِصَّتِي / عَسَاهُ مُغِيثَ المُدْنَفِ المُتَغَوِّثِ
فلم يَأْتِهِمْ عِيْسَى بِدِيْنِ قَسَاوَةٍ / فَيَقْسُوْ على مُضْنىً ويَلْهُوْ بِمُكْرَثِ
وَقَلْبِيَ مِنْ حَلْيِ التَّجَلُّدِ عاطلٌ / هَوَىً في غزالٍ ذي نِفَارٍ مُرَعَّثِ
سَيُصبحُ سِرِّي كالصَّباحِ مُشَهَّراً / ويُمْسِي حَدِيثِي عُرْضَةَ المُتَحَدِّثِ
وَيَغْرَى بذِكرِي بين كأسٍ وروضةٍ / وَيُنْشِدُ شِعْرِي بين مَثْنىً ومِثْلَثِ
نَوَى أَجْرَتِ الأفلاكَ وَهْيَ النَّوَاعِجُ
نَوَى أَجْرَتِ الأفلاكَ وَهْيَ النَّوَاعِجُ / وأَطْلَعْتِ الأبراجَ وَهْيَ الهَوَادِجُ
طَوَاوِيْسُ حُسْنٍ رَوَّعَتْنِي بِبَيْنِها / غَرَابِيْبُ حُزْنٍ بالفِرَاقِ شَوَاحِجُ
مَوَائِسُ قُضْبٍ فوق كُثْبٍ كأنَّما / تَحَمَّلَ نَعْمَانٌ بِهِنَّ وعَالِجُ
وما حَزَنِي ألاَّ تَعُوْجَ حُدُوْجُهُمْ / لَوِ الهَوْدَجُ المَزْرُوْرُ منهنَّ عائِجُ
مُضَرَّجُ بُرْدِ الوَجْنَتَيْنِ كأنَّما / له مِنْ ظُبَاتِ المُقْلَتَيْنِ ضَوارِجُ
وما الدَّهْرُ إلاَّ لَيْلَةٌ مُدْلَهِمَّةٌ / وكَوْنُ ابنِ مَعْنٍ صُبْحُها المُتَبَالِجُ
كأنَّكَ في الأَمْلاكِ نُقْطَةُ دائرٍ / وأمْلاَكُها منها خطوطٌ خَوارِجُ
سَمَاحٌ وإقدامٌ وحِلْمٌ وعِفَّةٌ / مُزِجْنَ فأَبْدَى مُهْجَةَ الفَضْلِ مازِجُ
فقد صَاكَ مِنْ فَضْلِ العَوَالِمِ طِيبُهُ / وهل يَكْتُمُ المِسْكَ الذَّكِيَّ نَوَافِجُ
مَسَاعٍ أَحَلَّتْكَ العُلاَ فكأنَّها / مَرَاقٍ إلى حَيْثُ السُّهَا ومَعَارِجُ
مَضَاؤكَ مَضْمُوْنٌ له النَّصْرُ والفَتْحُ
مَضَاؤكَ مَضْمُوْنٌ له النَّصْرُ والفَتْحُ / وسَعْيُكَ مَقْرُوْنٌ به اليُمْنُ والنُّجْحُ
إذا كان سَعْيُ المرءِ لله وَحْدَهُ / تَدَانَتْ أقاصِي ما نَحَاهُ وما يَنْحُو
بكَ اقتَدَحَ الإِسلامُ زَنْدَ انتصارِهِ / وبِيْضُكَ نارٌ شُبِّهَا ذلك القَدْحُ
وجَلَّى ظلامَ الكُفْرِ مِنْكَ بِغُرَّةٍ / هي الشَّمْسُ والهِنْدِيُّ يَقْدُمُها الصُّبْحُ
فَهُمْ ذَهَلُوا عن شَرْعِهِمْ وحدودِهِ / فقد عُطِّلَ الإنْجيلُ واطُّرِحَ الفِصْحُ
فلا مُهْجَةٌ إلاَّ إليكَ نِزَاعُهَا / وما زَالَ يُطْوَى عن سِوَاكَ لها كَشْحُ
وليس يَحِيْقُ المَكْرُ إلاَّ بِأَهْلِهِ / وكم مُوْقِدٍ يَغْشاهُ مِنْ وَقْدِهِ لَفْحُ
ومَنْ تَكُنِ الأَقْدَارُ مُسْعِدَةً له / يَعُدْ شَبِماً عَذْباً له الآجِنُ المِلْحُ
إذا خِيْفَ أنْ تَشْتَدَّ شَوْكَةُ مارِقٍ / فلا رأْيَ إِلاَّ ما رَأَى السَّيْفُ والرُّمْحُ
وَقَفُوا غَدَاةَ النَّفْرِ ثم تَصَفَّحُوا / فَرَأَوا اُسَارَى الدَّمْعِ كيف تُسَرَّحُ
كَافأْتَ مُتَّجِهِي بِوَجْهِيَ نَحْوَكُمْ / ونواظرُ الأملاكِ نَحْوِيَ طُمَّحُ
أَيّامَ رَوَّعَنِي الزَّمَانُ بِرَيْبِهِ / وأَجَدَّ بِي خَطْبُ الفِرارِ الأَفْدَحُ
وَلَئِنْ أَتَانِي صَرْفُهُ من مَأْمَنِي / فالدَّهْرُ يُجْمِلُ تارةً ويُجلِّحُ
فَكَأَنَّما الإظلامُ أَيْمُ أَرْقَطُ / وكأَنَّما الإِصْباحُ ذِئبٌ أَضْبَحُ
صَدَعَ الزَّمانُ جميعَ شَمْلِيَ جائراً / إنَّ الزَّمانَ مُمَلَّكٌ لا يُسْجِحُ
فَقَضَى بِحَطِّي عن سَمَائِيَ واقْتَضَى / رِحَلاً تُطِيْحُ رَكَائِبِي وتُطَلِّحُ
يَمَّمْتُها سَرَقُسْطَةً وَهْيَ المَدَى / والدَّهْرُ يَكْبَحُ واعتزامِي يَجْمَحُ
حَيْثُ العُلاَ تُجْلَى وآثارُ المُنَى / تُجْنَى وساعِيَةُ المَطَالِبِ تُنْجَحُ
والنَّفْسُ تُوْقِنُ أنَّ عَهْدَكَ في النَّدَى / مُوفٍ بما طَمَحَتْ إليه وتَطْمَحُ
فَحَيَا المُنَى مِنْ بَحْرِ جُوْدِكَ يُمْتَرَى / وَسَنَا الضُّحَى مِنْ زَنْدِ مَجْدِكَ يُقْدَحُ
والشِّعْرُ إنْ لم أَعْتَقِدْهُ شريعةً / أُمْسِي إليها بالحِفَاظِ وأُصْبِحُ
فَبِسِحْرِهِ مَهْمَا دَعَوتُ إجَابةٌ / ولِفِكْرِهِ مَهْمَا اجْتَلَيْتُ تَوَضُّحُ
فاذْخَرْ مِنَ الكَلِمِ العَليِّ لآلِئاً / يَبْأَيَ بها جِيدُ العلا ويَجْبَحُ
وارْبَأْ بِمَجْدِكَ عن سَوَاقِطِ سُقَّطٍ / هي في الحقيقةِ مَقْدَحُ لا مَمْدَحُ
ونظامُ مُلْكِكَ رائِقٌ مُتَنَاسِبٌ / فَكَمَا جَلَلْتُمْ فَلْيُجَلَّ المُدَّحُ
يا طالبَ المعروفِ دُوْنَكَ فاترُكَنْ
يا طالبَ المعروفِ دُوْنَكَ فاترُكَنْ / دارَ المَرِيَّةِ وارفُضِ ابنَ صُمادِحِ
رَجُلٌ إذا أَعْطَاكَ حَبَّةَ خَرْدَلٍ / أَلْقَاكَ في قَيْدِ الأسِيرِ الطَّائِحِ
لو قد مَضَى لكَ عُمْرُ نُوْحٍ عِنْدَهُ / لا فَرْقَ بينكَ والبعيدِ النَّازِحِ
بلادٌ غَدَتْ يَأْجُوْجُ فيها فَأَفْسَدَتْ
بلادٌ غَدَتْ يَأْجُوْجُ فيها فَأَفْسَدَتْ / فكنتَ كذي القَرْنَيْنِ والجَحْفَلُ السَّدُّ
وما زالَ شَرْقِيُّ المَرِيَّة عاطلاً / إلى أنْ عَلاَهَا من رؤوسِهِمُ عِقْدُ
قد عَوَّضُوا من بائناتِ جُسومِهِمْ / بِمُصْمَتَةٍ لا عَظْمَ فيها ولا جِلْدُ
كَأَنّهُمُ فيها غرابيبُ وُقَّعٌ / على باسقاتٍ لا تَرُوْحُ ولا تَغْدُو
هامَ صَرْفُ الرَّدَى بِهَامِ الأعادِي / أنْ سَمَتْ نَحْوَهُمْ لها أَجْيَادُ
وَتَرَاءتْ بِشَرْعِها كَعُيُونٍ / دَأْبُهَا مِثْلُ خائِفِيْها سُهادُ
ذاتُ هُدْبٍ من المَجَادِيْفِ حاكٍ / هُدْبَ باكٍ لِدَمْعِهِ إِسْعادُ
حُمَمٌ فوقها من البيضِ نارٌ / كُلُّ مَنْ أُرْسِلَتْ عليه رَمَادُ
ومِنْ الخَطِّ في يَدِيْ كلِّ ذِمْرٍ / أَلِفٌ خَطَّها على البحر صادُ
وَارَتْ جُفُونِي مِنْ نُوَيْرَةَ كاسمِها
وَارَتْ جُفُونِي مِنْ نُوَيْرَةَ كاسمِها / ناراً تُضِلُّ وكلُّ نارٍ تُرْشِدُ
والماءُ أنتِ وما يَصِحُ لِقَابِضٍ / والنار أَنتِ وفي الحَشَا تَتَوَقَّدُ
لقد سَامَنِي هُوْناً وخَسْفاً هَوَاكُمُ
لقد سَامَنِي هُوْناً وخَسْفاً هَوَاكُمُ / ولا غَرْوَ عِزُّ الصَّبِّ أَنْ يَتَعَبَّدَا
إِذا شِئْتَ تنكيلاً وتَنْكِيْدَ عِيشةٍ / فَحَسْبُكَ أَنْ تَهْوَى سُلَيْمَى ومَهْدَدَا
وإنْ تَبْغِ إِحساناً وإحمادَ مَقْصَدٍ / فَحَسْبُكَ أَنْ تَلْقَى ابنَ مَعْنٍ مُحَمَّدَا
حليمٌ وقد خَفَّتْ حُلُوْمٌ فلو سَرَى / بِعُنْصُرِ نارٍ حِلْمُهُ ما تَصَعَّدَا
جَوَادٌ لَوَانَّ الجُوْدَ بارَى يَمِيْنَهُ / لَكَانَ قرارُ الحربِ في الناسِ سَرْمَدَا
ذَكِيٌّ لَوَ أنَّ الشَّمْسَ تَحْوِي ذكاءه / لَمَا وَجَدَ الظَّمْآنُ للماءِ مَوْرِدا
ولو في الحِدادِ البِيْضِ حِدَّةُ ذِهْنِهِ / لَمَا صَاغَ داودُ الدِّلاَصَ المُسَرَّدَا
ما بالُ رِيْقَتِهِ في سَلْمِ مَبْسِمِهِ
ما بالُ رِيْقَتِهِ في سَلْمِ مَبْسِمِهِ / وواجبٌ أنْ تُذِيْبَ القَهْوَةُ البَرَدَا
أَعْدَى جَنَانِي فَحَاكَى طَرْفُهُ مَرَضاً / وغَرَّهُ أَنْ يُحَاكِي خَصْرُهُ جَلَدَا
كأَنَّ كَفِّيَ في صَدْرِي يُصَافِحُهُ / فما رَفَعْتُ يَداً إِلاَّ وَضَعْتُ يَدَا
يا شَاكِيَ الرَّمَدِ الذي بِشَكَاتِهِ / قد صارَ دَهْرِيَ فيه ليلةَ أَرْمَدَا
اللهُ والإشفاقُ يَعْلَمُ أنَّني / لو أستطيعُ فِدىً لَكُنْتُ لَكَ الفِدَا
كَمْ مِنْ دَمٍ سَفَكَتْ جُفُوْنُكَ لم تَزَلْ / تُخْفِي وتَكْتُمُ سَفْكَهُ حتى بَدَا
لم يَشْتَمِلْ بِدَمٍ غِرارُ مُهَنَدٍ / إلاَّ وقد أَهْدَى النُفُوسَ إلى الرَّدَى
إذا جاءني زائراً حُسْنُهُ
إذا جاءني زائراً حُسْنُهُ / أَقامَ عليه رَقِيْباً عَتِيْدَا
إذا ما بَدَا سَرْبَلَتْهُ العُيُوْنُ / وَخَرَّتْ وُجُوْهٌ إليه سُجُوْدَا
هُوَ البَدْرُ والغُصْنُ خَدَّاً وقَدّاً / كما أنَّه الظَّبْيُ لَحْظاً وَجِيداً
أتى زائراً وفؤادِي خَلِيٌّ / فَمَرَّ به مُسْتَهَامَاً عَمِيدَا
وغادَرَنِي بَعْدَهُ في غَرَامٍ / تَضْرَّمَ بين ضُلُوعي وَقُوْدَا
سَلِ البَانَةَ الغَينَاءَ عن مَلْعَبِ الجُرْدِ
سَلِ البَانَةَ الغَينَاءَ عن مَلْعَبِ الجُرْدِ / ورَوْضَتَها الغَنَّاءَ عن رَشَإِ الأَسْدِ
وسَجْسَجَ ذاكَ الظِّلِّ عن مُلْهِبِ الحَشَا / وسَلْسَلَ ذاكَ الماءِ عن مُضْرِمِ الوَجْدِ
فَعَهْدِي به في ذلك الدَّوْحِ كَانِساً / ومَنْ ليَ بالرُّجْعَى إلى ذلك العَهْدِ
وفي الجنَّةِ الألْفَافِ أَحْوَرُ أَزْهَرٌ / تُلاعِبُ قُضْبَ الرَّنْدِ فيه قَنَا الهِنْدِ
فأيُّ جَنَانٍ لم يُدَعْ نَهْبَ لَوْعَةٍ / وقد لاحَ من تلك المحاسِنِ في جُنْدِ
وفي صُدْغِهِ اللَّيْليِّ نارُ حُبَاحِبٍ / مِنَ القُرْطِ يَصْلاَهَا حَبَابٌ من العِقْدِ
وفي زَنْدِهِ الرَّيَّانِ سُوْرٌ تَعَضُّهُ / فَيَدْمَى كما ثَارَ الشَّرارُ من الزَّنْدِ
أُحاذِرُ أنْ يَنْقَدَّ لِيْناً فأَنْثَنِي / بِقَلْبٍ شَفِيقٍ من تَثَنِّيْهِ مُنْقَدِّ
وقد جَرَحَتْ عَيْنَايَ صَفْحَةَ خَدِّهِ / على خَطَإٍ فاختار قَتْلِي على عَمْدٍ
وآمُلُ من دَمعِي إلاَنَةَ قَلْبِهِ / ولا أَثَرٌ لِلْغَيْثِ في الحَجَرِ الصَّلْدِ
وإنِّي بذاتِ الأَيْكِ أُسْعِدُ وُرْقَةُ / فهل عند ذاتِ الطَّوْقِ ما لِلْهَوَى عِنْدِي
ولكَ مِنْ نَهْرٍ صَؤوْلٍ مُجَلْجِلٍ / كأنَّ الثَّرَى مُزْنٌ به دائمُ الرَّعْدِ
إذا صافَحَتْهُ الرِّيْحُ تَصْقُلُ مَتْنَهُ / وتَصْنَعُ فيه صُنْعَ داودَ في السَّرْدِ
كأنَّ يَدَ المَلْك ابنِ مَعْنٍ مُحَمَّدٍ / تُفَجِّرُهُ مِنْ مَنْبَعِ الجُوْدِ والرِّفْدِ
ويَرْفُلُ في أزهارِهِ واخضرارِهِ / كما رَفَلَتْ نُعْمَاهُ في حُلَلِ الحَمْدِ
وقد وَرَدَتْ في غَمْرِهِ نُهَّلُ القَطَا / كما ازدَحَمَتْ في كَفِّه قُبَلُ الوَفْدِ
مَفِيْضُ الأيادِي فوقَ أَدْنَى وأَرْفَعٍ / وصَوْبُ الغَوَادِي شامِلُ الغَوْرِ والنَّجْدِ
فَمِنْ جُوْدِهِ ما في الغَمَامةِ من حَياً / ومِنْ نُوْرِهِ ما في الغَزَالَةِ مِنْ وَقْدِ
تَلأْلأ كالإِفْرِنْدِ في صَارِمِ النُّهَى / وكُرِّرَ كالإبْرِيْزِ في جَاحِمِ الوَقْدِ
وإنْ وَلِهَتْ فيه أَذَيْهانُ مَعْشَرٍ / فلا فَضْلَ للأنوار في مُقْلَةِ الخُلْدِ
ومِنْكَ أَخَذْنا القولَ فيكَ جَلاَلَةً / وما طابَ ماءُ الوِرْدِ إلاَّ من الوِرْدِ
فَبَشِّرْ سماءَ السَّنَا والسَّناءِ
فَبَشِّرْ سماءَ السَّنَا والسَّناءِ / بنجم هُدىً لاَحَ في آلِ هُوْدِ
بِمُقْتَبَسٍ من شُمُوْسِ النُّفُوْسِ / ومُقْتَدَحٍ من زِنادِ السُّعُودِ
هِلاَلٌ تَأَلَّقَ من بَدْرِ سَعْدٍ / ومُزْنٌ تَخَلَّقَ من بَحْرِ جُودِ
شِهابُ مِنَ النَّيِّرَيْنِ استَطَارَ / لإِرْدَاءِ كلِّ مَرِيْدٍ عَنِيْدِ
ونَصْلٌ إذا تَمَّ منه انتِضَاءٌ / فَوَيْحَ العِدَا مِنْ مٌبِيْرٍ مُبِيْدِ
تَبَيَّنَ فيه كُمُوْنُ الذَّكاءِ / ويا رُبَّ نارٍ بِمُخْضَرِّ عُوْدِ
أَيَا شَجَرَاتِ الحَيِّ مِنْ شاطئ الوادِي
أَيَا شَجَرَاتِ الحَيِّ مِنْ شاطئ الوادِي / سَقَاكِ الحَيَا سُقْيَاكِ للدَّنِفِ الصَّادِي
فَكَانَتْ لنا في ظِلِّكُنَّ عَشِيَّةٌ / نَسِيْتُ بها حُسْناً صَبِيْحَةَ أَعيادِي
بها ساعَدَتْنِي مِنْ زمانِي سَعَادةٌ / فَقَابَلَنِي أُنْسُ الحبيب بإسْعادِي
فَيَا شَجَرَاتٍ أَثْمَرَتْ كلَّ لَذَةٍ / جَنَاكِ لذيذٌ لَوْ جَنَيْتِ على الغادِي
فهل لِي إلى الظَّبْي الذي كان آنساً / بِظِلِّك من تجديد عَهْدٍ وتَرْدَادِ
وقَلْبِي على أغصانِ دَوْحِكِ طائرٌ / يَنُوْحُ ويَشْدُوْ والهَوَى نائِحُ شادِ
شَقِيْقُكَ غيب في لَحْدِهِ
شَقِيْقُكَ غيب في لَحْدِهِ / وتُشْرِقُ يا بَدْرُ مِنْ بَعْدِهِ
فَهَلاَّ خَسَفْتَ وكان الخُسُوْفُ / حِداداً لَبِسْتَ على فَقْدِهِ