القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : كَمال الدِّين ابنُ النَّبِيه الكل
المجموع : 99
بَغْدَادُ مَكَّتُنا وَأَحْمَدُ أَحْمَدُ
بَغْدَادُ مَكَّتُنا وَأَحْمَدُ أَحْمَدُ / حُجُّوا إلى تِلْكَ المناسِكِ وَاسجُدوا
يَا مُذْنِبينَ بِها ضَعُوا أَوْزارَكُمْ / وَتَطَهَّرُوا بِترابِها وَتَهَجَّدُوا
فَهُناكَ مِنْ جَسَدِ النُّبُوَّةِ بَضْعَةٌ / بِالْوَحْيِ جِبْريلٌ لَها يَتَرَدَّدُ
بَابُ النَّجَاةِ مَدينَةُ الْعِلْمِ الَّتي / ما زالَ كَوْكَبُ هَدْيِها يَتَوَقَّدُ
ما بَينَ سِدْرَتِهِ وَسُدَّةِ دَسْتِهِ / نَبَأٌ يُقِرُّ لَهُ الكَفُورُ المُلْحِدُ
هَذا هُوَ السِّرُّ الَّذِي بَهَرَ الوَرَى / فِي ظَهْرِ آدَمَ فَالمَلائِكُ سُجَّدُ
هذا الصِّراطُ المُسْتَقيمُ حَقِيقَةً / مَنْ زَلَّ عَنْهُ فَفِي الجَحيمِ يُخَلَّدُ
هذا الذي يَسْقِي العِطاشَ بِكَفِّهِ / وِالحَوْضُ مُمْتَنِعُ الحِمى لا يُورَدُ
سَمْعاً أَميرَ المؤمِنينَ لِمدحَةٍ / صَدَقَتْ فَهَلْ أَنَا قَارِئ أَوْ مُنْشِدُ
القَائِمُ المَهْدِيُّ أنتَ بَقِيَّةُ ال / إسلام تَمْهَدُ تارَةً وَتُشَيِّدُ
بُعْداً لِمُنْتَظِرٍ سِواهُ وَقَدْ بَدَتْ / مِنْهُ البَرَاهِينُ الّتي لا تُجْحَدُ
إنْ كانَ فَوْقَ الطُّورِ ناجِى رَبَّهُ / موسى فَبِالمِعْراجِ أَنْتُم أَزْيَدُ
أوْ كانَ يُوسُفُ عَبَّرَ الرُّؤْيا فَكمْ / لِلْغَيْبِ مِنْكُمْ مَصْدَرٌ أَو مَوْرِدُ
اللَّه أَنْزَلَ وَحْيَهُ لِمُحمَّدٍ / وَإِليْكُمُ أَفْضَى بِذاكَ مُحَمَّدُ
يا ساكِنْي دارَ السَّلامِ لجِارِكُمْ / شَرَفٌ أُنافِسُكُمْ عَلَيْهِ وَأحْسُدُ
إنّي أَوَدُّ إِذْا وَطِئْتُمْ أَرْضَها / لَو أنَّ تُرْبَتَها لِعَينَيْ إثْمِدُ
إنَّ الخَليفَةَ مِنْ ذُؤَابَةِ هاشِمٍ / لِلدّين وَالدُّنيا دَليلٌ مُرْشِدُ
الدَّهْرُ فِي يَدِهِ فَجودٌ مُرْسَلٌ / سَبْطٌ وَبَأْسٌ مُكْفَهِرٌّ أَجْعَدُ
يا مَنْ لِمْبغِضِهِ الجَحيمُ قَرارُهُ / ولِمَن يُواليْهِ النَّعيمُ السَّرْمِدُ
لَولا التَّقِيَّةُ كُنْتُ أَوَّلَ مَعْشَرٍ / غَالَوا فَقالُوا أنتَ ربٌ تُعْبَدُ
مَلِكٌ إِذْا ظَمِئَتْ شِفاهُ رِماحِهِ / فِي معْرَكٍ فَدَمُ الوَريدِ المَورِدُ
مَلِكُ إِذْا الْتَطَمَتْ صُفوفُ جُيوشِهِ / أَيقَنْتَ أنَّ البَرَّ بَحْرٌ مُزْبِدُ
يَعْلوهُ مِنْ زُمَرِ المَلائِكِ فِيلقٌ / بِالرُّعبِ يَنْصُرُ عَزمَهُ وَيُؤَيِّدُ
يا عاقِداً لِلطَّعْنِ فَضْلَ لِوائِهِ / مَهْلاً فَأجْنِحَةُ المَلاّئِكِ تًعْقَدُ
أَنِفَتْ صَوارِمُهُ الجُفُونَ فَأصْبَحَتُ / بِالنَّصرِ فِي قِمَمِ الخِوارِجِ تغْمَدُ
إنْ كانَ أَطْمَعَ مَنْكِليّاً صَفْحُهُ / فَوَراءَ ذاكَ الصَّفْحِ نارٌ تُوقَدُ
عَصَفَتْ رِياحُ الصّافِناتِ بِجَيْشِهِ / شَدّاً فَطارَ هَباؤُهُ المُتَبَدِّدُ
سَدَّ العَجاجُ عَنِ الهَزيمةِ سَبْلَهُ / فَسَقاهُ ماءَ المَوتِ دَجنٌ أَسْوَدُ
ثُمَّ انْجَلى عَنْهُ القَتامُ فَهارِبٌ / وَمُزَمَّلٌ بدِمِائِهِ وَمُصَّفَّدُ
خَلَطَ القَنا بِعِظَامِهِ فَتَشابَهَتْ / هِيَ وَالقَنا المُتَقَصِّفُ المُتَقَصِّدُ
زَجَّتْ بِهِ عَن أَصْبَهانَ وَأُخْتِها / هَمَذَانَ حَرْبٌ نارُها لا تَخْمَدُ
مَسْحاً بِأعْناقِ الجِيادِ وَسوِقها / إنْ كانَ قَد أَنْجاهُ طِرْفٌ أَجْرَدُ
لَو كُنْتُ حاضِرَ جَمْعِهِمْ لَشَفِيتُ مِن / أَعداءِ أَحْمَدَ غُلَّةّ لا تَبْرُدُ
هَلَكُوا بِعْصيانٍ وَفُزتُ بِطاعَةٍ / وَاللَّه يُشْقي مَن يَشاءْ وَيُسْعِدُ
أَمَلي يَخِفُّ وَجُوْدُ مُوسى مُثْقِلي / فَالشَّوقُ يُنهِضُ وَالعَطايا تُقعِدُ
مَلِكٌ يَهِشُّ تَلَطُّفاً بِعُفاتِهِ / فَكَأنَّهُ المُسْتَعْطِفُ المُسْتَرفِدُ
عَقَدَ الإمامُ عَلَيْهِ خِنْصَرَ عَزْمِهِ / فَرَآهُ سِيْفاً لِلْخُطوبِ يُجَرَّدُ
مَنْ مُبْلِغُ عَنَّي أَباهُ أَنَّ مِن / آلِ الرَّسولِ أَباً لَهُ يَتَوَدَّدُ
دامَتْ صَلاةُ إلهِنا وَسَلامُهُ / أبَداً عَلى ذاكَ الإمام تَجَدَّدُ
باكِرْ صَبوحَكَ أَهْنَى العَيْشِ باكِرُهُ
باكِرْ صَبوحَكَ أَهْنَى العَيْشِ باكِرُهُ / فَقَدْ تَرَنَّمَ فَوْقَ الأيْكِ طَائِرُهُ
وَالَّليلُ تَجري الدّراري فِي مَجَرَّتِه / كَالرَّوضِ تَطْفُو عَلى نَهْرٍ أزاهِرُهُ
وَكَوْكَبُ الصُّبحِ نَجَّابٌ عَلى يَدِهِ / مُخَلَّقٌ تَمْلأ الدُّنيا بَشائِرُهُ
فَانْهَضْ إلى ذَوبِ ياقُوتٍ لَها حَبَبٌ / تَنوبُ عَنْ ثَغْرِ مَن تَهوى جَواهِرُهُ
حَمْراءُ فِي وَجْنَةِ السَّاقي لَها شَبَهٌ / فَهَل جَناها مَعَ العُنقودِ عَاصِرُهُ
ساقٍ تَكَوَّنَ مِن صُبْحٍ وَمِن غَسَقٍ / فَابْيَضَّ خَدَّاهُ وَاسوَدَّتْ غَدائِرُهُ
بِيضٌ سَوالِفُهُ لُعْسٌ مَرَاشِفُهُ / نُعْسٌ نَواظِرُهُ خُرْسٌ أَساوِرُهُ
مُفَلجُ الثغْرِ مَعْسولُ اللَّمى غَنِجٌ / مُؤَنَّثُ الجَفْنِ فَحْلُ اللَّحظِ شاطِرُهُ
مُهَفْهَفُ القَدَّ يَنْدى جِسْمُهُ تَرَفاً / مُخَصَّرُ الخَصْرِ عَبْلُ الرَّدْفِ وَافِرُهُ
تَعَلَّمَت بانَةُ الوادي شَمائِلَهُ / وَزَوَّرَتْ سِحْرَ عَيْنَيْهِ جَإِذْرُهُ
كَأَنَّهُ بِسَوَادِ الَّليْلِ مُكْتَحِلٌ / أو رُكَّبَتْ فَوْقَ صُدْغَيهِ مَحاجِرُهُ
نَبِيُّ حُسْنٍ أَظَلَّتْه ذُؤَابَتُهُ / وَقامَ فِي فَتْرَةِ الأجْفانِ ناظِرُهُ
فَلَوْ رَأَتْ مُقْلَتا هَاروتَ آيتَه ال / كُبرى لآمَنَ َبْعَد الكُفْرِ ساحِرُهُ
قامَتْ أَدِلَّةُ صُدْغَيهِ لَعاشِقِهِ / عَلى عَذولٍ أتى فِيهِ يُناظِرُهُ
خُذْ مِن زَمانِكَ ما أعْطاكَ مُغْتِنَماً / وَأنتَ ناهٍ لِهذا الدَّهرِ آمِرُهُ
فَالعُمْرُ كَالكَأسِ تُسْتَحْلى أوائِلُهُ / لكِنَّهُ رُبَّما مُجَّتْ أواخِرُهُ
وَاجْسُرْ عَلى فُرَصِ اللَّذاتِ مُحْتَقِراً / عَظِيمَ ذَنْبِكَ إنَّ اللَّه غافِرُهُ
فَلَيْسَ يُخْذَلُ فِي يَوْمِ الحِسابِ فَتىً / والنَّاصِرُ ابنُ رَسولِ اللَّه ناصِرُهُ
إمامُ عَدْلٍ لِتَقْوى اللَّه باطِنُهُ / وَلِلْجَلالَةِ وِالإحْسانِ ظاهِرُهُ
تَجسَّدَ الحَقُّ فِي أَثناءِ بُرْدَتِهِ / وَتُوِّجَتْ بِاسْمِهِ العالي مَنابِرُهُ
لَهُ عَلى سِرِّ سِتْرِ الغَيْبِ مُشْتَرَفٌ / فَما مَوارِدُهُ إلاّ مَصادِرُهُ
راعٍ بِطَرْفٍ حَمى الإسلامَ ساهِرُهُ / ساطٍ بِسَيْفٍ أبَادَ الكُفْرَ شَاهِرُهُ
فِي صَدْرِهِ البَحْرُ أو فِي بَطْنِ راحَتِهِ / كِلاهُما يَغْمُرُ السَّؤَّالَ زَاخِرُهُ
تَقْضِي بِتَفضْيلِهِ ساداتُ عِتْرَتِهِ / لِو كانَ صادِقُهُ حَيّاً وبَاقِرُهُ
كُلُّ الصَّلاةِ خِداجٌ لا تَمامَ لَها / إِذْا تَقَضَّتْ وَلَمْ يَذْكُرْهُ ذاكِرُهُ
كُلُّ الكَلامِ قَصيرٌ عَن مَناقِبِهِ / إلاَّ إِذْا نَظَمَ القُرآنَ شاعِرُهُ
مُحَجَّبٌ فِي سُجوفِ العِزِّ لَو فُرِجَتْ / عَن نُورِ وَجْهٍ يُباهِي الصُّبْحَ باهِرُهُ
رَأَيْتَ مَلكاً كَبيراً فَوْقَ سُدَّتِهِ / جِبْريلُ داعِيهِ أو ميكالُ زائِرُهُ
طُوراً أضاءَتْ لِموسى نَارَ جَذْوَتِهِ / حَتَّى انْجَلَتْ لَمُناجاةٍ بَصائِرُهُ
نَضاهُ سَيْفاً عَلى أعْداءِ دَوْلَتِهِ / ما كُلُّ سَيْفٍ لَهُ تُثْنى خَناصِرُهُ
فَضْلُ اصْطِفاءِ أتى مِن غَيْرِ مَسْأَلَةٍ / يَغنَى بِهِ عَن أخٍ بَرٍّ يُؤَازِرُهُ
تَهُنَّ نُعْمى أمير المُؤمِنينَ وَدُمْ / يا أُيُّها الأشرَفُ المَيْمونُ طائِرُهُ
بِحَدِّ سَيْفِكَ آياتُ العَصَا نُسِخَتْ / إِذْا تَفَرْ عَنَ يَوْمَ الرَّوْعِ كافِرُهُ
سَلِ الكُلَى وَالطُّلَى يا مَن يُساجِلُهُ / فَالرُّمحُ ناظِمُهُ وَالسَّيفُ ناثِرُهُ
تَنَجَّسَتْ بِدَمِ القَتْلَى صَوارِمُهُ / وَطُهِّرَتْ بِيَدِ التَّقْوى مآزِرُهُ
نَضُّ النَّوالِ سَريعُ البَطْشِ مُتَّئِدٌ / كالدَّهْرِ تُرْجى كمَا تُخْشى بَوادِرُهُ
إِذْا حَبا أغْنَتِ الأيدِي مَواهِبُهُ / وَإنْ سَطا سَدَّتِ الدُّنْيا عَساكِرُهُ
أيْنَ المَفَرُّ لِمَنْ عاداهُ مِن يَدِه / وَالوَحْشُ وَالطَّيْرُ أتْباعٌ تُسايِرُهُ
إنْ يَصْعَدِ الْجَوَّ ناشَتْهُ خَواطِفَهُ / أوْ يَهْبِطِ الأرْضَ غالَتْهُ كَواسِرُهُ
يا جامِعاً بِالعَطايا شَمِلَ عِتْرَتِهِ / كَالقُطْبِ لَوْلاَهُ ما صَحَّتْ دَوائِرُهُ
إنْ جادَ شِعْرِي فَهذا الفَضْلُ عَلَّمَني / مَنْ غاصَ فِي البَحْرِ جاءَتْهُ جَواهِرُهُ
آَنَستْ بِالعِراقِ بَرْقاً مُنيرَا
آَنَستْ بِالعِراقِ بَرْقاً مُنيرَا / فَطَوَتْ غَيْبَهاً وَخاضَت هَجِيرَا
وَاسْتَطابَتْ رَيَّا نَواسِمِ بَغْدا / دَ فَكَادَتْ لَولاَ البُرَى أنْ تُطِيرَا
ذَكَرَتْ مِنْ مَسارِحِ الْكِرْخِ رِوْضاً / لَمْ يَزَلْ ناضِراً ومِاءً نَميرَا
وَاجْتَنَتْ مِنْ رُبا المُحَوَّل نَوْراً / وَاجْتَلَتْ مَن مَطالِعِ التَّاجِ نُورَا
بَلِّغينا دَارَ الخِلافَةِ يا نا / قُ لِنَقْضِيْ بغدَ السُّجودِ النُّذورَا
عَتَباتٌ تُرَابُها يُنْبِتُ المَجْ / دَ وَجَوٌّ بِالجُودِ أضْحى مَطيرا
قَبَّلَتْها المُلوكُ حَتَّى شَكَكْنا / أحَصى فِي رِحَابِهَا أمْ ثُغُورَا
يا إمامَ الهُدى سَلاماً سَلاماً / زادَ طيباً فَزدْتُهُ تَكْريرَا
نَظَمَ اللَّه فِيكَ فَضْلَ أُناسٍ / كانَ فِيهِمْ مُقَسَّماً مَنْثورَا
أهْلُ بَيْتٍ قَد إِذْهَبَ اللَّه عَنْهُمْ / كُلَّ رِجْسٍ وَطُهِّرُوا تَطْهيرَا
يابْنَ آلِ النَّبِيِّ خابَتْ صَلاةٌ / لَمْ تَكُنْ فِي خِلالِها مَذْكورَا
قَرَنَ اللَّه إسْمَهُ باسْمِكَ العا / لي فَزادا جَلالَةً وَظُهورَا
فَهْوَ عِقْدٌ عَلى صُدُورِ التَّحِيَّا / تِ وَتاجٌ جَلا بِهِ التَّكْبيرَا
يا مُعيني إِذْا دَجَت ظُلْمَةُ القَبْ / رِ وخَاطَبْتُ مُنْكِراً وَنكِيرا
يا مُجيري إنْ خِفْتُ يَوْماً عَبوساً / مُكْفَهراً مستصعباً قمطريرا
يا مُغِيثِي والنَّارُ تُوقَدُ بِالنَّا / سِ وَتَرْمِي شَرارَها المُسْتَطِيرَا
يا دَليليْ عَلى الصِّراطِ إِذْا ما / أدْهَشَ الخَوْفُ ناظِري تَحْييرَا
بِوَلائِي أمِنْتُ مِن سَيِّئاتِي / حينَ ألْقَى كِتابِيَ المَنْشُورَا
فِيكَ سِرُّ لَوْلاَهُ ما قَسَمَ اللّ / هُ عَلى النَّاسِ جَنَّةً وَسَعِيرَا
قَدْ هَدانا بِكَ السَّبِيلَ فَإمِّا / مُؤْمِناً شاكِراً وَإمّا كَفُورَا
فَعَلَيْكَ السَّلامُ يا أقْرَبَ النَّا / سِ لِمَنْ جاءَ شاهِداً وَنَذِيرَا
النِّاسُ لِلْمَوتِ كَخَيْلِ الطِّرَادْ
النِّاسُ لِلْمَوتِ كَخَيْلِ الطِّرَادْ / فَالسَّابِقُ السَّابِقُ مِنها الجَوادْ
وَاللَّه لا يَدْعو إلى دارِهِ / إلاَّ مَنِ اسْتَصْلَحَ مِن ذِي العِبادْ
وَالمَوْتُ نَقَّاٌد عَلى كَفِّهِ / جَواهِرٌ يَخْتارُ مِنْها الجِيادْ
وَالمَرْءُ كَالظِّلِّ وَلا بُدَّ أنْ / يَزولَ ذاكَ الظِّلُّ بَعْدَ امْتِدادْ
لا تَصْلُحُ الأرْواحُ إلاَّ إِذْا / سَرى إلى الأجْسادِ هذا الفَساد
أَرْغَمْتَ يا مَوْتُ أُنوفَ القَنا / وَدُسْتَ أَعْناقَ السُّيوفِ الحِدادْ
كَيْفَ تَخَرَّمْتَ عَلِيّاً وَما / أَنْجَدَهُ كُلُّ طَويلِ النِّجادْ
نَجْلَ أَميرِ المُؤْمِنينَ الّذي / مِن خَوْفِهِ يُرْعَدُ قَلْبُ الجَمادْ
مُصيبَةٌ إِذْكَتْ قُلوبَ الوَرى / كَأَنَّما فِي كُلِّ قَلْبٍ زِنادْ
نازِلةٌ جَلَّتْ فَمِنْ أَجْلِها / سَنَّ بَنو الْعَبَّاسِ لُبْسَ السَّواد
مَأْتَمُهُ فِي الأرْضِ لكنْ لَهُ / عُرْسٌ عَلى السَّبْعِ الطِّباقِ الشِّدادْ
فَالخَودُ فِي المَسْحِ لَها رَنَّةٌ / وَالحُورُ تُجْلى فِي المُرُوطِ الجِسادْ
طَرَقْتَ يا مَوْتُ كَريماً فَلَمْ / يَقْنَعْ بِغَيْرِ النَّفْسِ للضَّيْفِ زادْ
قَصَفْتَهُ مِن سِدْرَةِ المُنْتَهى / غُصْناً فَشُلَّتْ يَدُ أَهْلِ الفَسادْ
يا ثالِثَ السِّبْطَيْنِ خَلَّفْتَني / أهِيمُ مِن هَمِّيَ فِي كُلِّ وادْ
يا نائِماً فِي غَمَراتِ الرَّدى / كَحَلَتَ أَجْفاني بِميلِ السُّهادْ
وَياضَجيعَ التُّرْبِ أَقْلَقْتَني / كَأَنَّما فَرْشِيَ شَوكُ القَتادْ
دُفِنْتَ فِي التُّرْبِ وَلَو أَنْصَفُوا / ما كُنْتَ إلاَّ فِي ضَميرِ الفُؤادْ
لَوْ لَمْ تَكُنْ أَسْخَنْتَ عَيْنِيْ سَقَتْ / مَثْواكَ عَيْنَايَ كَصَوْبِ العِهادْ
خَليفَةَ اللَّه اصْطَبِرْ وَاحْتَسِبْ / فَما وَهى البَيْتُ وَأنتَ الْعِمادْ
فِي الْعِلْمِ وَالحِلْم بِكُمْ يُقْتَدى / إِذْا دَجَا الْخَطْبُ وَضَلَّ الرَّشادْ
أنْتَ سَماءٌ طَلَعَتْ زُهْرُها / لا يُنْقِصُ الآفِلُ مِنْها عِدادْ
وَأنتَ لُجُّ الْبَحْرِ ما ضَرَّهُ / أَنْ سالَ مِن بَعْضِ نَواحِيهِ وَادْ
حُبُّكَ فَرْضٌ فِي قُلوبِ الْوَرى / وابْنُ الولا يُعْدَلُ بِابْنِ الْوِلادْ
يا نُوحُ رِثْ أعمارَنا وَاحْتَكِمْ / مَلَّكَكَ اللَّه رِقابَ الْعِبادْ
لِمَنْ شَجَرٌ قَدْ أثْقَلَتْها ثِمارُها
لِمَنْ شَجَرٌ قَدْ أثْقَلَتْها ثِمارُها / سَفائِنُ بَرٍّ وَالسَّرابُ بِحارُها
حُرُوفٌ إِذْا اسْتَقْرَأْتَها فِي انْفِرادِها / سُطُورٌ إِذْا اسْتَوْلى عَلَيْها قِطارُها
حَنايا إِذْا السَّاري السَّريُّ ارْتَمى بها / فَهُنَّ سِهامٌ يَسْتَطيرُ شَرارها
تَوالَتْ كَمَوْجِ الْبَحْر مُزْبِدَةَ البُرى / عَلَيْها قِبابٌ بِالدُّموعِ احْمِرارُها
وَفِي الْكِلَّةِ الْحَمْراءِ بَيْضاءُ طَفْلَةٌ / بِزُرْقِ عُيُونِ السُّمْرِ يُحْمى أحْوِرارُها
أَثارَ لَها نَقْعُ الجِيادِ سُرادِقاً / بِهِ دونَ سِتْرِ الخِدْرِ عَنَّا اسْتِتارُها
لَها طَلْعَةٌ مِنْ شَعْرِها وَجَبيِنها / تَعانَقَ فِيها لَيْلُها وَنَهارُها
لَها مِن مَهاةِ الرَّمْلِ جِيدٌ مُقْلَةٌ / وَلَيْسَ لَها اسْتِيحاشُها وَنِفارُها
ومَا سَكَنَتْ وادِي الْعَقِيقِ وَلا الْغَضَى / وَلكِنْ بِعَيْني أَوْ بِقَلْبيَ دارُها
إِذْا ما الثُّرَيَّا وَالهلالُ تَقارَنا / أُشَكِّكُ هَلْ ذا قُرْطُها وَسِوارُها
فَأَيُّ قَضِيبٍ جالَ فِيهِ وِشاحُها / وَأَيُّ كَثيبٍ ضاقَ عَنْهُ إزارُها
ومَا كُنْتُ أّدْري قَبْلَ لُؤْلؤِ ثَغْرِها / بِأَنَّ نَفيساتِ الَّلآِليْ صِغارُها
هِيَ الْبَدْرُ إِلاَّ أنَّ عِنْدي مَحاقَهُ / هِيَ الْخِمْرُ إلاّ أَنَّ حَظَّيْ خُمارُها
أَيا كَعْبَةً مِنْ خالِها حَجَرٌ لَها / بَعيدٌ عَلَيْنا حَجُّها وَاعْتِمارُها
فَإنْ بَلَغَتْها النَّفْسُ يَوْماً بِشِقِّها / فَقَلْبِي لَها هَدْيٌ وَدَمْعي جِمارُها
سَقَى اللَّهُ مَيَّافارِقينَ وَقَدْ سَقَى / سِجالَ سَحابٍ لا يَغِبُّ قِطارُها
ومَالِيَ أَسْتَسْقي لَها صَيِّبَ الحَيا / وَراحَةُ سَيْفِ الدّينِ تَطْفُو بِحارُها
فَفي بَحْرِ مالٍ قَدْ تَطَلَّعَ قَصْرُها / وَفِي بَحْرِ ماءٍ يَسْتِقِرُّ قَرارُها
هُوَ العادِلُ الظَّلاَّمُ لِلْمالِ وَالْعِدى / خَزائِنُهُ قَدْ أَقْفَرَتْ وَدِيارُها
كَريمٌ لَهُ نَفْسٌ تَجُودُ بِما حَوَتْ / وَأَعْجَبُ شيْءٍ بَعْدَ ذاكَ اعْتِذارُها
عَليمٌ بِنورِ اللَّهِ يَنْظُرُ قَلْبُهُ / فَلَمْ يُغْنِ أَسْرارَ الْقُلوبِ اسْتِتارُها
حُسامٌ لَهُ حَدٌّ يَرُوعُ مَضاؤُهُ / وَصَفْحَةُ صَفْحٍ لِلذُّنُوبِ اغْتِفارُها
لَهُ راحَةٌ فِي السَّلْمِ تُجْنى جِنانُها / وَيَوْمَ هِياجِ الحَرْبِ تُوقَدُ نارُها
فَأنْمُلُهُ طَوراً غُصُونٌ نَواضِرٌ / وَطَوْراً سُيُوفٌ دامِياتٌ شِفارُها
إِذْا خَطَبَتْ مِن كَفِّهِ فَوْقَ مِنْبَرٍ / فَسُودُ جَلابيبِ الشُّعورِ شِعارُها
بِهِ دَمَّرَ اللَّهُ الصَّليبَ وَأَهْلَهُ / بِهِ مِلَّةُ الإسْلامِ عَالٍ مَنارُها
فَلا زالَتِ الأفْلاكُ تَجْرِيِ بِنَصْرِهِ / وَلا زالَ عَنْهُ قُطبُها وَمَدارُها
تَنَقَّبَتْ بِالنَّوْرِ وَالنُّورِ
تَنَقَّبَتْ بِالنَّوْرِ وَالنُّورِ / وَاعْتَجَرَتْ لكِنْ بِدَيْجوْرِ
ساحِرَةُ الطَّرْفِ وَلكِنَّها / مِنْ فَتْرَةٍ فِي زِيِّ مَسْحُورِ
شَفَّ بَياضُ الَّلإِذْعَن جِسْمِها / كَالْخَمْرِ فِي بَاطِنِ بِلَّوْرِ
كَأَنَّما مِعْصَمُها جَدْوَلٌ / صِيغَ لَهُ سَدٌّ مِنَ النُّورِ
تَبْسِمُ عَن مَنْظومِ دُرٍّ فَإنْ / تَرَنمَّتْ جاءَتْ بِمَنْثُورِ
كَأنَّ فِي مُقْلَتِها ضَيْغَماً / يَنْظُرُ عَن أَجْفانِ يَعْفُورِ
كَأنَّها بَدْرُ تَمامٍ عَلَى / غُصْنِ نَقاً أَخْضَرَ مَمْطورِ
زارَتْ فَفَكَّكْتُ عُرَاجَيْبِها / بِالضَّمَّ عَن رُمَّانِ كَافورِ
وَبِتُّ أَطْفِي بِجَنى ثَغْرِها / حُرْقَةَ صَادِي الْقَلْبِ مَهْجورِ
يا لَيِلَةَ الْوَصْلِ اسْتَقِرِّي وَيَا / سَيرَةَ سُلْطانِ الوَرى سِيرِي
المَلِكْ الْعادِلُ مَنْ أَمَّهُ / فَقَدْ رَأَى مُوسى عَلى الطُّورِ
إنْ كانَ قَد دُكَّ قَديماً فَقَد / عَمَّرْتَهُ أَحْسَنَ تَعْميرِ
كَأَنَّهُ تاجٌ عَلى مَفْرِقٍ / لَمَّا اسْتَدارَتْ شُرَفُ السَّورِ
يَزاحِمُ النَّجْمَ لَهُ مَنْكِبٌ / كَالنَّجْمِ فِي الرِّفْعَةِ وَالنُّورِ
كَأَنَّما أَوْقَفْتَهُ حارِساً / يَنْظُرُ مِن عَكَّا إلى صُورِ
فَكُلَّما لاحَ لَهُ بارِقٌ / يَرْتَعِدُ الصَّخْرُ مِنَ الدُّورِ
بَنى سُلَيْمانُ بِأَعْوانِهِ / وَأَنتَ بِالغُرِّ الجَماهِيرِ
تُصافِحُ الأَحْجارَ أَيْدٍ لَهُمْ / لا تَرْتَضي لَمْسَ الدَّنانِيرِ
دانَتْ لَكَ الدَّنْيا وَسُكّانُها / ما بَيْنَ أَمَّارٍ وَمأمورِ
تَجْري المقادِيرُ بِما تَشْتَهي / ما بَيْنَ تَعْسيرٍ وَتَيْسيرِ
سَعادَةٌ لَيْسَ لَها آخِرٌ / وَلا لِيَوْمِ النَّفْخِ فِي الصُّورِ
هَل يَقْدِرُ الأَعْداءُ أَنْ يَمْسَحُوا / ما خُطَّ فِي لَوحِ المْقاديرِ
يَا مَلِكاً تَنْسَخُ أَيّامُهُ / ما خُطّ مِن إِفْكِ الأساطيرِ
أَسْهَرَةُ الذَّبُّ عَن الدِّينِ لا / عِشْقُ رَبيباتِ المَقاصيرِ
مُؤَيَّدُ الرَّاياتِ وَالرَّأْي فِي / حالَةِ تَدْميرِ وَتَدْبيرِ
إنَ جَنَحُوا لِلسِّلْمِ فَاجْنَحْ لَها / ما خَدَعُ الحَرْبِ بِتَقْصيرِ
كَمْ لَكَ فِي يافا وَفِي المَرْجِ مِنْ / وَقائِعٍ غُرٍّ مَشاهيرِ
عِشْرُونَ أَلفاً غَيْرَ أَتْباعِهِمْ / ما بَيْنَ مَقْتُولٍ وَمَأْسُورِ
طَهَّرْتَ بَيْتَ القُدْسِ مِنْ رِجْسِهِمْ / وِكانَ مَأْوَىً لِلْخَنازيرِ
يا ذاكِراً لِلّهِ يا ناسِياً / لِلْعُرْفِ مَعْ كَثْرَةِ تَكِرِيرِ
إِنِّي مَحَلُّ الأْجرِ وَالشُّكْرِ يا / أَكْرَمَ مَأْجُورِ وَمشْكورِ
طابَ الصَّبوحُ لَنا فَهاكَ وَهاتِ
طابَ الصَّبوحُ لَنا فَهاكَ وَهاتِ / وَاشْرَبْ هَنيئاً يا أَخا الَّلذَّاتِ
كَمْ ذا التَّوانِيْ وَالشَّبابُ مُطاوِعٌ / وَالدَّهْرُ سَمْحٌ وَالحَبيبُ مُوَاتِي
قُمْ فَاصْطَبِحُ مِنْ شَمْسِ كَأْسِكَ وَاغْتَبِقْ / بِكَواكِبٍ طَلَعَتْ مِنَ الْكاساتِ
صَفْراءَ صافِيَةٌ تَوَقَّدَ بَرْدُها / فَعَجِبْتُ لِلنّيرانِ فِي الجَنَّاتِ
يَنْسَلُّ مِنْ قارِ الظّروفِ حَبابُها / وَالدُّرُّ مُجْتَلَبٌ مِنَ الظّلُمَاتِ
وَتُريكَ خَيْطَ الصُّبْحِ مَفْتولاً إِذْا / مَرَقَتْ مِنَ الرَّاووقِ فِي الطّاساتِ
عَذْراءُ واقَعَها المِزاجُ أما تَرى / مِنْديلَ عُذْرَتِها بِكَفِّ سُقاةِ
يَسْعى بِها عَبْلُ الرَّوادِفِ أَهْيَفُ / خَنِثُ الشَّمائِلِ شاطِرُ الحَرَكاتِ
يَهْويْ فَتَسْبقُهُ ذَوائِبُ شَعْرِهِ / مَلْتَفَّةً كَأساوِدِ الحَيَّاتِ
يَدْري مَنازِلَ نَيِّراتِ كُؤوسِهِ / ما بَيْنَ مُنْصَرِفٍ وَآخَرَ آتِ
لَو قُسِّمَتْ أَرْزَاقُنا بِيَمينهِ / عَدَلَ الزَّمانُ عَلى ذَوي الْحَاجاتِ
حَظّيْ مِنَ الزَّمَنِ القَلِيلُ وَهذِهِ / نَفَثاتُ فِيَّ وَهذِهِ كَلَمِاتِي
أَشْكو إلى شَاهَ ارْمَنٍ مُوسى الْمَلي / كِ الأشْرَفِ السَّبَّاقِ لِلْغاياتِ
مَلِكٌ إِذْا اعْتَكَرَ العَجاجُ رَأَيْتَهُ / طَلْقَ المُحَّيا واضِحَ القَسَماتِ
لَوْ كانَ قَبْلَ اليَوْمِ كانَ جَبينُهُ / أَوْلى مِنَ التَّمْثيلِ بِالمِشْكاةِ
جَرَّارُ إِذْيالِ الجُيُوشِ يَحُفّها / طَيْرُ السَّماء وَكاسِرُ الفَلَواتِ
ضَمِنَتْ لَها عاداتُ نَصْرِ اللَّهِ أَنْ / تَجْري جِرايَتُها عَلى الْعاداتِ
أُسْدٌ بَراثِنُها النّصالُ تَقَحَّمَتْ / أُجَمَ الوَشيجِ فَغِبْنَ فِي غَاباتِ
طَلَعَتْ مِنَ الخُوذِ الحَديدِ وُجوهُهُمْ / فَكَأَنَّها الأَقْمَارُ فِي الهَالاتِ
وَاسْتَلأمَتْ حَلَقَ الحَديدِ جُسُومُهُمْ / فَكَأَنَّها لُجَجٌ عَلى هَضَباتِ
يَرْمي بِها سُبُلَ المَهالِكِ ماجِدٌ / كَمْ خاضَ دونَ الدِّينِ مِنْ غَمَراتِ
كَمْ رَكْعَةٍ لِقَناهُ فِي ثُغَرِ العِدى / وَلِسَيْفِهِ فِي الهَامِ مِنْ سَجَدَاتِ
سُمْرٌ ذَوابِلُ لايُبَلُّ غَليلُها / إلاَّ إِذْا سُقَيتْ دَمَ المُهُجاتِ
يُلْهي مَسامِعَهُ الصَّليلُ وَأَيْنَ مِنْ / طَبْعِ القُيونِ تَطَبُّعُ القَيْناتِ
ظِلُّ البُنُودِ مَقيلُهُ وَمِهَادُهُ / جُرْدٌ تَطيرُ بِهِ إِلى الْغاراتِ
دُهْمٌ تَخَيَّرَها الصَّباحُ عَلى الدُّجى / فَغَدا وَمَطَلعُهُ مِنَ الجَبَهاتِ
حُمْرٌ تَرَبَّتْ بَيْنَ مُشْتَجِرِ الْقَنا / لاَ بُدَّ دُونَ الْوَرْدِ مِنْ شَوْكاتِ
شُهْبٌ بِها قُذِفَتْ شِياطينُ الْعِدى / فَجَرَتْ كَجَرْيِ الشُّهْبِ مُشْتَعِلاتِ
هذا الّذي أضْرى العِبادَ وَرَبَّهُمْ / بِغَرائِبِ الإِحْسانِ والحَسَناتِ
هذا الّذي اسْتَغْنَى عَنِ الوُزَراءِ فِي / تَدْبيرِ عَقْدِ الرَّأيِ وَالرَّاياتِ
هذا الإِلهيُّ الّذي فِي يَوْمِهِ / يُنْبِيكَ قَبْلَ غِدٍ بِما هُوَ آتِ
عَضيْنٌ بِنُورِ اللَّهِ تَنْقُلُ ما تَرى / عَن خاطِرٍ أَصْفَى مِنَ المِرْآةِ
سُبْحانَ مَنْ جَمَعَ الْمَكارِمَ عِنْدَهُ / وَقَضى عَلَى أَمْوالِهِ بِشَتاتِ
لَمّا انْثَنى الْغُصْنُ فَوْقَ كُثْبانِهْ / جَبَرْتُ قَلْبي بكَسْرِ رُمَّانِهْ
وَنِلْتُ مِنْ رِيقِهِ وَعارِضِهِ / أَطْيَبَ مِن راحِهِ وَرَيْحانِهْ
كَأَنَّ دَالَ الْعِذَارِ حَاشِيَةٌ / خَرَّجَها ناسِخٌ لِنِسْيانِهْ
شَدَّ الكَلَهْبَنْدَ تَحْتَ آسَتِهِ / فِي مُلْقَتَى وَرْدِهِ وَسوسانِهْ
كأَنَّهُ أَرْقَمٌ تَخَوَّفَ فَالْ / تَفَّ بِالْفافِ زَهْرِ بُسِتَانِهْ
تَرُوعًني فِي الْعِناقِ شَعْرَتُهُ / لأِنَّها مِثْلُ لَيْلِ هِجْرانِهْ
تَجْذِبُ أَطْرافَها حِياصَتُهُ / بُخْلاً بِما شَدَّ تَحْتَ هِمْيانِهْ
يا لائِمي إنْ بَكَيْتُ كُلُّ شَجٍ / مِنْ شَأْنِهِ الاِفْتِضاحُ مِنْ شَانِهْ
أَنْتَ مُعافىً مِمَّا بُليتُ بِهِ / وَعِنْدَ قَلْبي شُغْلٌ بِأشْجانِهْ
إنَّ الّذي لِلْغَرامِ أَرْشَدَني / أَضَلَّني عَنْ طَريقِ سُلْوانِهْ
سَرَى ضَنى جَفْنِهِ إِلى جَسَدي / وَالْخَدُّ أَعْدَى الْحَشَى بِنيرانِهْ
إنْ لَم تَرَ الْبَدْرَ بَيْنَ أَنْجُمِهِ / فَانْظُرْ إليَهِ ما بَيْنَ أَقْرانِهْ
أَغَارُ فِي حَلْبَةِ الطِّرادِ عَلى / خُدُودِهِ مِن غُبارِ مَيْدانِهْ
تَلْقَى أَعادي موسى كَما لَقِيَتْ / كُرَاتُهُ عِنْدَ ضَرْبِ جُوكانِهْ
المَلِكُ الأَشْرَفُ الكَرِيمُ يَداً / شَاهَ ارْمَنِ دامَ عِزُّ سُلْطَانِهْ
مَلْكٌ زِمَامُ الزَّمانِ فِي يَدِهِ / فَاخْتَلَفَتْ كاخْتِلافِ أَلْوانِهْ
بَيْضاءٌ يَوْمَ انْطِلاَقِ أَنْعُمِهِ / حَمْراءُ يَومَ اعْتِقالِ مُرَّانِهْ
تَحْكُمُ أَعْداؤُهُ بِنُصْرَتِهِ / إِذْا اسْتَهَلَّتْ نُجُومُ خِرْصانِهْ
عَساكِرُ المُوْصِلِ الّتي انْكَسَرَتْ / تُخْبِرُ عَنْ نَفْسِهِ وَفُرْسانِهْ
يَوْمَ أَبو شَزَّةٍ وَقَد قَدَحَتْ / سَنابِكُ الْخَيْلِ زَنْدَ نِيرانِهْ
تَفَرْعَنُوا بِاجْتِماعِ كَيْدِهِمْ / فَالْتَقَفَتْهُمْ آياتُ ثُعْبانِهْ
أَغْرَقَهُمْ بَحْرُ جَيْشِهِ فَهُمُ / كَآلِ فِرْعَوْنَ تَحْتَ طُوفانِهْ
يا وارِثَ الأَرضِ وَهْوَ وَاهِبُها / يا مَلِكاً دامَ عِزُّ سُلْطانِهْ
لا يُمكِنُ الْخَلْقَ هَدْمُ مَجْدِكَ وَالْ / خالِقُ قَد شَادَ أُسَّ بُنيانِهْ
ما تاجُ كِسْرى نَظيرُ كَمَّتِهِ / وَلَيْسِ إِيوانُهُ كَديوانِهْ
يا آلَ شإِذْي زِدْتِمْ بِهِ شَرَفاً / كُلُّ كِتابٍ يُقْرا بِعُنْوانِهْ
يا نارَ أَشْواقَي لا تَخْمُدي
يا نارَ أَشْواقَي لا تَخْمُدي / لَعَلَّ ضَيْفَ الطَّيْفِ أَنْ يَهْتَدي
حَسِبْتُهُ ماءً فَصادَفْتُهُ / لَمْعَ سَرابٍ لَيْسَ يُرْوي الصدي
تَكَلَّفَتْ عَيْني لَهُ هَجْعَةً / كَنُغْبَةِ الطَّائِرِ فِي المَورِدِ
صُوِّرَ فِي مِرْآتِها صُورَةً / تَجِلُّ عَنْ لَمْسِ فَمٍ أَوْ يَدِ
إِنْ نَعِمَتْ فِي اللَّيْلِ رُوحي بِهِ / فَسَوْفَ يَشْقى جَسَدي فِي غَدِ
الصَّدُّ والهِجْرانُ قَدْ جُمِّعا / بِاللَّهِ قُلْ لِي فَبِمَنْ أَقْتَدِي
أَشْكُو إلَى اللَّهِ مَلُولاً إِذْا / قُلْتُ انْتَهَى فِي هَجْرِهِ يَبْتَدي
الْبّدْرُ فِي مُكْسِرِ شَرْبوشِهِ / حُفَّ بِلَيْلِ الشَّعَرِ الأسْوَدِ
رَيَّانُ فِي قُرطُقِهِ جِدْوَلٌ / لكِنْ لِهُ قَلْبٌ مِنَ الجَلْمَدِ
كَأَنَّما هِمْيَانُهُ بَرْزَخٌ / يَمْنَعُ مَوْجَ الرِّدْفِ أَنْ يَعْتَدي
غَازَلَنا مِنْ نَرْجِسٍ ذَابِلٍ / وَافْتَرَّ عَنْ نَوْرِ أَقاحٍ نَدى
وَقامَ يَلْوي صُدْغَهُ قائِلاً / لا تَغْتَرِرْ بي فَكَذَا مَوْعِدي
فَقُلْتُ يَا لِلّهِ ماتَ الوَفَا / فَقَالَ مُوسى لَمْ يَمُتْ خُذْ يَدي
المَلِكُ الأَشْرَفُ شاهَ ارْمَنٍ / رَبُّ المَعالي والنَّدَى وَالنَّدي
مَلْكٌ لَهُ الفَضْلُ عَلَى آدَمِ / وَالفَضْلُ لا يُكْسَبُ بِالمَوْلِدِ
لَو لَمْ تَرَ الأَمْلاكُ فِي صُلْبِهِ / غُرَّتَهُ الغَرَّاءَ لَمْ تَسْجُدِ
الطَّاعِنُ النَّجْلاءَ مَكْحولَةً / نابَ لَها النَّقْعُ عَنِ الإِثْمِدِ
وَالضَّارِبُ الفَوهاءَ مُفَتَّرَةً / عَنْ صارِمٍ كالمَبْسِمِ الأَدْرَدِ
يَصْدَى إِذْا أَرْواهُ ماءُ الطُّلى / وَأَعْجَبُ الأَشْياءِ رِيُّ الصَّدي
تَقُولُ لِلخُرْصانِ أَسْيافُهُ / بِنا كُفِيْتِ الطَّعْنَ لا تُرْعَدي
نَحْنُ بِسَدِّ الثَّغْرِ أَو فَتْحِهِ / أَدْرَى وَقَدْ قُمْنا بِهِ فَاقْعُدي
سَلْهُ تَجِدْ أَفْتى جميعِ الْوَرى / فَلْيَهْتَدِ السَّائِلُ أَوْ يَجْتَدِ
يُرْزي عَلَى قُبْحِ عُبَوسِ الحَيا / حَياؤُهُ الطَّلْقُ الجَميلُ النَّدِي
يا مَلِكَ الأرضِ وإِنْ كانَ فِي / حُصونِهِ يا مَلِكَ الفَرْقَدِ
مَلأَتَها بِالْخَيْلِ والرَّجْلِ وَالْ / بِيضِ المَواضِي وَالقَنَا الأَمْلَدِ
تَكادُ أَنْ تَزْحَفَ يَوْمَ الْوَغَى / إلَى العِدَى مِنْ أُفْقِها الأَبعَدِ
لَبِسْتَ مِنْها تَاجَ مُلْكٍ عَلى / كِسْرَى أَنُو شِرْوانَ لَمْ يُعْقَدِ
سِوايَ فِي سَلْوَتِهِ يُطْمَعُ
سِوايَ فِي سَلْوَتِهِ يُطْمَعُ / فَعَنِّفُوا إِنْ شِئْتُمُ أَو دَعُوا
أَوْضَحْتُمُ الرُّشْدَ فَمَنْ يَهْتَدي / وَقُلْتُمُ الحَقَّ فَمَنْ يَسْمَعُ
بي ضَيِّقُ العَيْنِ وَإنْ أَطْنَبُوا / فِي الأَعْيُنِ النُّجْلِ وَإنَ أَوْسَعُوا
الليْلُ مِنْ شَعْرَتِهِ مُسْبَلُ / وَالشَّمْسُ مِنْ طَلْعَتِهِ تَطْلِعُ
فِي قُنْدُسِ الْكُمَّةِ مِنْ وَجْهِهِ / لي شاغِلٌ عَمَّا حَوَى الْبُرْقُعُ
تَزْرَعُ عَيْنايَ عَلَى خدِّهِ / وَرْداً وَلاَ أجْنِي الَّذي أزْرَعُ
جَنَتْ بِهِ عَيْنِي فَإِنْسَانُها / مُسَلْسَلٌ أغْلاَلُهُ الأدْمُعُ
فِي خَدِّهِ مِن صُدْغِهِ عَقْرَبٌ / دِرْياقُها الرِّيقُ فَما تَلْسَعُ
كَيْفَ احْتِيالي فِيهِ مُسْتَيْقِظاً / وَدُونَهُ سُمْرُ الْقَنا الشُّرَّعُ
وَكَيْفَ أرْجو وَصْلَهُ فِي الكَرَى / وَالْعَيْنُ لا تَغْفُو وَلا تَهْجَعُ
مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَما لي سِوى / مَنْ يَمْنَعُ اَلجَارَ وَلا يُمْنَعُ
المَلِكُ الأَشْرَفُ شاهَ ارْمَنٍ / مُظَفَّرُ الدّينِ الفَتى الأَرْوَعُ
إِنْ غاضَ مَاءُ الرِّزْقِ موسى وَإِنْ / تَغْرُبُ شَمْسِي إِنَّهُ يوشَعُ
لَهُ يَدٌ ظاهِرُها كَعْبَةُ / وَفِي نَدَى باطِنِها مَشْرَعُ
بَيْضاءُ فِي السَّلْمِ وَلكنها / حَمْراءُ إِذْ سِنُّ القَنا تَقْرَعُ
إِذْا دَجا النَّقْعُ وَصَلَّتْ بِهِ / بِيضٌ سُجُودٌ وَقَنَا رُكَّعُ
شامَ حُساماً وَامْتَطَى أَشْقَراً / فَأَيُّ بَرْقَيْهِ بِهِ أُسْرَعُ
طِرْفٌ مِنَ الصُّبْحِ لَهُ غُرَّةٌ / وَمِن رياحٍ أَرْبِعٍ أَرْبَعُ
فِي جَحْفَلٍ يُحْمَدُ يَوْمَ الْوَغَى / فِي جَمْعِهِ تَفْرِيقً ما يَجْمَعُ
بَحْرُ حَديدٍ مَوْجُ أَطْلاَئِهِ / يُزْبِدُ بِيضاً وَقَناً يَلْمَعُ
مَلْكٌ لَهُ الأمْلاَكُ مِنْ رَهْبِةٍ / وَرَغْبِةٍ أَعْناقُها خُضَّعُ
تُخيفُها السًّطْوًةُ مِنْ بَأسِهِ / لكِنَّها فِي جُودِهِ تَطْمَعُ
لا تَرْتَضي هِمَّتُهُ غايَةً / مِن رُتَبِ المِجْدِ وَلا تَقْنَعُ
مُبْتَكِرٌ لِلْمَجْدِ مُدَّاحُهُ / تَبْتَكِرُ الْمَدْحَ الّذي تَصْنَعُ
تَنَزَّهَتْ أَفْعالُهُ فَهْوَ عَنْ / ما يُمْدَحُ النَّاسُ بِهِ أَرْفَعُ
مَحاسِنُ طَرْفُ الّذي رامَها / لَهُ حَسيراً خائِباً يَرْجِعُ
ما زَنْدَهُ وَارٍ بَلى زَنْدُهُ / عَنْ نَيْلِ أدْنى فَضْلِهِ أقْطَعُ
يا بنَ الّذي لَو كادَهُ تُبَّعٌ / لَكانَ كالْعَبْدِ لَهُ يَتْبَعُ
كَفاهُ فَخْراً أنْ تَكونَ ابنَهُ / وَأنْتَ فِي أوْلادِهِ إِنْ دُعوا
بَقيتَ لِلإسْلامِ ما غَرَّدَتْ / قُمْرِيَّةٌ فِي دَوْحِها تَسْجَعُ
أفْديهِ إِنْ حَفِظَ الهَوى أَو ضَيَّعا
أفْديهِ إِنْ حَفِظَ الهَوى أَو ضَيَّعا / مَلَكَ الفُؤادَ فَمَا عَسَى أنْ أصْنَعا
مَنْ لَمْ يَذُقْ ظُلْمَ الحَبيبِ كَظَلْمِهِ / حُلْواً فَقَدْ جَهِلَ الْمَحَبَّةَ وَادَّعى
يا أيُّها الْوَجْهُ الْجَميلُ تَدارَكِ الصَّ / بَّ النَّحيلَ فَقَد عَفا وَتَضَعْضَعا
هَلْ فِي فُؤادِكَ رَحْمَةٌ لِمُتَيَّمٍ / ضَمَّتْ جوانِحُهُ فُؤاداً مْوجَعا
فَتِّشْ حَشايَ فَأنْتَ فِيهِ حاضِرٌ / تَجِدِ الحَسودَ بِضِدِّ ما فِيهِ سَعى
هَلْ مِن سَبيلٍ أَنْ أَبُثَّ صَبابَتي / أوْ أَشْتَكي بَلْوايَ أوْ أتَضَرَّعا
إنّي لأّسْتَحْيِي كَما عَوَّدْتَنَي / بِسوَى رِضاكَ إلَيكَ أنْ أتَشَفَّعَا
يا عَيْنُ عُذْرُكِ فِي حَبيْبِكِ واضِحٌ / سحِيّ لِوَحْشَتِهِ دَماً أو أدْمُعا
اللَّه أبْدَى الْبَدْرَ مِنْ أزْرارِهِ / وَالشَّمْسَ مِنْ قَسَماتِ موسى أطْلَعا
الأشْرَفِ المَلِكِ الّذي سادَ الْوَرَى / كَهْلاً وَمُكْتَمِلَ الشَّبابِ وَمُرْضَعا
رُدَّتْ بِهِ شَمْسُ السَّماحِ عَلى الورى / فَاسْتَبْشَروا وَرَأَوا بِموسى يُوشَعا
سَهْلٌ إِذْا لَمَسَ الصَّفا سالَ النَّدى / صَعْبٌ إِذْا لَمَسَ الأشَمَّ تَصَدَّعا
دانٍ وَلكِنْ مِنْ سُؤَالِ عُفاتِهِ / سَامٍ عَلى سَمْكٍ السَّماءِ تَرَفَّعَا
يا بَرْقُ هذا مِنْكَ أصْدَقُ شيمَةً / يا غَيْثُ هذا مِنْكَ أحْسَنُ مَوْقِعا
يا رَوْضُ هذا مِنْكَ أَبْهَجُ مَنْظَراً / يا بَحْرُ هذا مِنْكَ أَعْذَبُ مَشْرَعا
يا سَهْمُ هذا مِنْكَ أَصْوَبُ مَقْصِداً / يا سَيْفُ هذا مِنْكَ أَسْرَعُ مَقْطَعا
يا صُبْحُ هذا مِنْكَ أَسْفَرُ غُرَّةً / يا نَجْمُ هذا مِنكَ أَهْدى مَطْلَعا
حَمَلَتْ أنامِلُهُ السُّيوفَ فَلَمْ تَزَلْ / شُكْراً لِذلِكَ سُجَّداً أو رُكَّعا
حَلَّتْ فَلا بَرِحَتْ مَكاناً لَمْ يَزَلْ / مِنْ دُرِّ أَفْواهِ المُلُوكِ مُرَصَّعا
أَمُظَفَّرَ الدِّينِ اسْتَمِعْ قَوْلي وَقُلْ / لِعِثارِ عَبْدٍ أَنْتَ مالِكُهُ لَعا
أَيَضِيقُ بي حَرَمُ اصْطِناعِكَ بَعْدَما / قَدْ كانَ مُنْفَرِجاً عَلَيَّ مُوَسَّعا
هذا وَقَدْ طَرَّزْتُ بِاسْمِكَ مَدْحَةً / لا تَرْتَضي شَنْفَ الثُّرَيَّا مَسْمَعا
عَذْراءَ ما قَعَدَ الزَّمانُ بِرَبِّها / إلاّ وَقامَ بِها خَطيباً مِصْقَعاً
وَعَلَى كِلاَ الْحالَيْنِ إنِّي شاكِرٌ / داعٍ لأِنَّ اللَّهَ يَسْمَعُ مَنْ دَعا
إنَّ عَيْناً مِنْكُمُ قَدء ظَمِئَتْ
إنَّ عَيْناً مِنْكُمُ قَدء ظَمِئَتْ / قَدْ سَقاها الدَّمْعُ حَتَّى رَوِيَتْ
آهِ مِنْ وِجْدٍ حِديدٍ لَمْ يَزَلْ / وَعِظامٍ ناحِلاتٍ بَلِيَتْ
أنا وَالأظْعانُ مِنْ شَوْقٍ لَكُمْ / نَحْوَكُمُ أَعْناقُنا قَدْ ثُنِيَتْ
أَنْتُمُ الأَنْجُمُ مُذْ غُيِّبْتُمُ / بِسِوَى أَنْوارِكُمْ ما هُدِيَتْ
ساكِنِي الفُسْطاطِ لَو أَبْصَرْتُكُمْ / جُلِيَتْ مِرْآةُ عَيْنٍ صَدِيَتْ
أَوْ أَعادَ اللَّهُ شَمْلي بِكُمُ / سَعِدَتْ آمالُ نَفْسِ شَقِيَتْ
إنَّ أَرْضاً أَنْتُمُ سُكَّانُها / غَنِيَتْ عَن أَن أَقولَ سُقِيَتْ
فَوُجوهٌ كِرِياضٍ أَزْهَرَتْ / وَرِياضُ كَوْجوهٍ جُلِيَتْ
بِأَبي مِنْكُمْ غَزالُ مُهْجَتي / بِظُبى أَلْحاظِهِ قَدْ غُزِيَتْ
ساحِرُ الأجْفانِ أَلْوَى وَعْدَهُ / فَهْوَ كالأصْداغِ لَمَّا لُوِيَتْ
بَلِّغِيهِ يا نَسيمَ الرِّيحِ عَنْ / مُهْجَةِ الْمُشْتاقِ مإِذْا لَقِيَتْ
إنَّ أَسْرارَ الْهَوَى ما نُشِرَتْ / وَمَلابِيسَ الضَّنى ما طُوِيَتْ
وَلَقَدْ كانَ لِنَفْسي جَلَدٌ / وَأراها اليَوْمَ فِيهِ دُهِيَتْ
لِيَ عُذْرٌ فِي النَّوَى عَنْ أَرْضِكُمْ / فَسَقَتْها أَدْمُعي إِنْ رَضِيَتْ
إِنَّما خِدْمَةُ مُوسى جَنَّةٌ / عِنْدَها أَوْطَانُنا قَدْ نُسِيَتْ
مَلِك مُذْ جُرِّدَتْ هَيْبَتُهُ / أَغْمَدَ الأسْيافَ حَتَّى صَدِيَتْ
هُوَ فِي الْهَيْجاء نارٌ تَلْتَظِي / وَهُوَ فِي السَّلْمِ جِنانٌ جُنِيَتْ
لا يُبالِي أنْ خَلَتْ أكْياسُهُ / وَلَهُ الأرْضُ بِشُكْرٍ مُلِئَتْ
خُذْ أحاديثَ عُلاهُ إِنَّها / بِأسانِيدِ مَديحِي رُوِيَتْ
قامَ بِالدُّنْيا وَبِالأُخرَى مَعاً / فَهْيَ ضَرَّاٌت بِهِ قَد رَضِيَتْ
حَسَنُ الظَّاهِرِ لِلنَّاسِ وَلِلَّ / هِ مِنْهُ حَسَناتٌ خَفِيَتْ
يَخْضَعُ الجَبَّارُ مِنْ هَيْبَتِهِ / وَالرَّعَايَا فِي حِمىً قَدْ رُعِيَتْ
يا مَليكَ الدِّينِ وَالدُّنْيا وَيا / صَفْوَةَ المَجْدِ الّتي قَد بَقِيَتْ
وَيْحَ أَعْدائِكَ بَل وَيْلٌ لَهُمْ / مَعْشَرٌ أَبْصَارُهُمْ قَد عَمِيَتْ
كُلَّ يَوْمٍ لَكَ فِي أَكْبادِهِمْ / بِمعالِيكَ جِراحٌ دَمِيَتْ
مِنْ سِحْرِ عَيْنَيْكَ الأَمانَ الأَمانْ
مِنْ سِحْرِ عَيْنَيْكَ الأَمانَ الأَمانْ / قَتَلْتَ رَبَّ السَّيْفِ وَالطَّيْلَسانْ
أَسْمَرُ كالرُّمحِ لَهُ مُقْلَةٌ / لَوْ لَمْ تَكُنْ كَحْلاءَ كانَتْ سِنانْ
أهْيَفُ عَبْلُ الرِّدْفِ حُلْوُ اللَّمى / مُرُّ الْجَفا قاسٍ رَطيبُ البَنان
يَزْدادُ إِذْ أَشكوُ لَهُ قَسْوَةً / وَلَوْ شَكَوْتُ الْحُبَّ لِلصَّخْرِ لاَن
سَاقٍ سَها رِضْوانُ عَنْ حِفْظِهِ / فَفَرَّ مِنْ جُمْلَةِ حُورِ الجِنان
بَدْرٌ وِكأْسُ الرَّاحِ شَمْسُ الضُّحى / يا قَوْمُ ما أسْعَدَ هذا القِران
تَوَقَّدَتْ حُمْرَةُ لأَلائِها / كَأنّها بَهْرَمُ أو بَهْرَمان
بِخَدِّهِ أو طَرْفِهِ أو جَنى / لَماهُ سُكرْي لا بِبِنْتِ الدِّنان
يا لائِميْ دَعْني فَإنّي فَتىً / ما تَرَكَ الحُّبُّ بِقَلْبيْ مَكان
لا تَسَلِ العاشِقَ عَن حالهِ / فَدَمْعُهُ عَنْ قَلْبِهِ تَرْجُمان
لَولا دُموعِي وَالضَّنى لَمْ أَبُحْ / قَد يَنْطِقُ المَرْءُ بِغَيْرِ اللَّسان
أَعَزَّنِي موسى وَلَولا هوى / مُعَذِّبي ما ذُقْتُ طَعْمَ الْهَوان
الْمَلِكُ الأشْرَفُ شاهَ ارْمَنٍ / مُظَفَّرُ الدِّينِ كَريمُ الزَّمان
وَاللَّه لَو قِيسَ بِهِ حاتِمٌ / لَقَلَّ ما قَدْ قِيلَ عَنْهُ وَهَان
ذا مَلَأَ الأَرْضَ بِإحْسانِهِ / وَذاكَ يَمْتَنُّ بِمَلءِ الجِفان
يَرْوِي العُلى عَن نَفْسِهِ عَن أبٍ / عالٍ فَما فِي نَصِّهِ عَنْ فُلان
قَد نَظَمَ اللَّهُ لَهُ نِسْبَةً / كَالدُّرِّ تَجْلوهُ نُحورُ الحِسان
طَلْقُ النَّدى طَلْقُ الحَيا طَلْقُ نَصْ / لِ السَّيْفِ طَلْقُ الأَمْرِ طَلْقُ الِّلسان
يَقولُ مَن يَسْمَعُ أَلْفاظَهُ / هذا جِنانٌ يانِعٌ أَم جَنان
لَهُ عَلَى وَقْعِ الظُّبى هَزَّةٌ / إِذْا التَقَى الجَمْعانِ يَوْمَ الرِّهان
صُلَّتْ وَصَلَّتْ فِي رُؤوسِ العِدى / كَأنَّ في الإِذْانِ مِنْها أدان
مَوْلايَ جُدْ وَانْعِمْ وَصِلْ وَاقْتَدِرْ / وَافْتِكْ فَما تَفْرَجُ أُمُّ الجَبان
وَارْكَبْ جَوادَ الدَّهْرِ وَاسْبِقْ إلى / ما تَشْتَهِيهِ قَدْ مَلَكْتَ العِنان
دُمْتُمْ بَنِي أَيُّوبَ فِي نِعْمَةٍ / تَجوزُ فِي التَّخْلِيدِ حَدَّ الزَّمَان
وَاللَّهِ لا زِلْتُم مُلوكَ الوَرَى / شَرْقاً وَغَرْباً وَعَلَيَّ الضَّمَان
يا ساكِني السَّفْحِ كَمْ عَيْنٍ بِكُمْ سَفَحَتْ
يا ساكِني السَّفْحِ كَمْ عَيْنٍ بِكُمْ سَفَحَتْ / نَزَحْتُمُ فَهيَ بَعْدَ البُعْدِ قَدْ نَزَحَتَ
لَهفِي لِظَبْيَةِ إِنْسٍ مِنْكُمُ نَفَرَتْ / لا بَلْ هِيَ الشَّمْسُ زالَتْ بَعْدَما جَنَحَتْ
بَيْضاءُ حَجَّبَها الواشُونَ حِينَ سَرَتْ / عَنِّي فَلَو لَمَحَتْ صِبْغَ الدُّجى لَمَحَتْ
يَقْتَصُّ مِن وَجْنَتَيْها لَحْظُ عاشِقِها / إنْ ضَرَّجَتْ قَلْبَهُ بِالَّلحظِ أَوْ جَرَحَتْ
مَنْ لِي بِسَلْمٍ وَفِي أجْفانِ مُقْلَتِها / لِلْحَرْبِ بِيضٌ حِدادٌ قَطُّ ما صَفَحَتْ
يَهْتَزُّ بَيْنَ وِشاحَيْها قَضِيبُ نَقاً / حَمائِمُ الحَلْيِ فِي أفْنانِهِ صَدَحَتْ
وَأسْوِدُ الخالِ فِي مُحْمَرِّ وَجْنَتِها / كَمِسْكَةٍ نَفَحَتْ فِي جَمْرَةٍ لَفَحَتْ
لَها جُفونٌ وَأعْطافٌ عَجِبْتُ لَها / بِالسُّقْمِ صَحَّتْ وَبِالسُّكْرِ الشَّديدِ صَحَتْ
وَرَوْضَةٍ وَجَناتُ الوَردِ قد خَجِلَتْ / فِيها ضُحىً وَعُيُونُ النَّرْجِسِ انْفَتَحَتْ
تَشاجَرَ الطَّيْرُ فِي أشجارِها سَحَراً / وَمَالَتِ القُضْبُ لِلتَّغنيقِ فَاصْطَلَحَتْ
وَالقَطْرُ قَد رَشَّ ثوبَ الدَّوحِ حِينَ رَأى / مَجامِرَ الزَّهرِ مِن إِذْيالِهِ نَفَحَتْ
باكَرْتُها وَحَمامُ الَّروْضِ نافِرَةٌ / عَن البُروجِ بِكَفِّ الصُّبْحِ إِذْ وَضَحَتْ
ما بَيْنَ غُدْرانِ ماءٍ كاللُّجَيْنِ صَفَتْ / وَأكْؤُسٍ كَنُضارٍ ذائِبٍ طَفَحَتْ
بِكْرٌ إِذْا ابْنُ سَماءٍ مَسَّها لَبِسَتْ / ثَوْبَ الحَبابِ حَياءً مِنْهُ وَاتَّشَحَتْ
تَشَعْشَعَتْ فِي يَدِ السَّاقِي وَقَد مُزِجَتْ / كأنَّها بِنِصالِ الماءِ قَدْ ذُبِحْتْ
يَسْعَى بِها أهْيَفٌ خَفَّتْ مَعاطِفُهُ / لكِنْ رَوادِفُهُ مِنْ ثِقْلِها رَجَحَتْ
لِلْحُسْنِ ماءٌ وَمَرْعًى فَوْقَ وَجْنَتِهِ / رَبيعُ عَيْنِيَ فِيهِ كُلَّما سَرَحَتْ
قالُوا تَعَشَّقْ ِسوى هذا فَقُلْتُ لَهُمْ / لِي هِمَّةٌ لِدَنِيٍّ قَطُّ ما طَمَحَتْ
فِي أَحسَنِ النَّاسِ أَشْعاري إِذْا نَسَبَتْ / وَفِي أَجَلِّ مُلُوكِ الأََرْضِ إنْ مَدَحَتْ
يا طالِبَ الرِّزْقِ إنْ سُدَّتْ َمذاهِبُهُ / قُلْ يا أَبا الفَتْحِ يا موسى وَقَدْ فُتِحَتْ
لِلّهِ كَمْ رَوَّضَتْ يُمْناهُ مِن زَمَنٍ / جَدْبٍ وَراضَتْ جِيادَ الجُودِ إِذْ جَمَحَتْ
يُخْفِي عَطاياهُ وَالأيَّامُ تُظْهِرُها / هَيهاتَ تَخْفِي رِياحُ المِسْكِ إِنْ نفَحت
سامَى السِّماكَ عُلُوّاً فاسْتَطالَ وَلَوْ / ناوَتْ نَدَى يَدِهِ الأنواءُ لافْتَضَحتْ
مَلكٌ إِذْا التَطَمَتْ أَمْواجُ عَسْكَرِهِ / سَبَّحْتُ وَالخَيْلُ بِالأَبطالِ قَدْ سَبَحَتْ
رِيحٌ إِذْا رَكَضَتْ رَعْدٌ إِذْا صَهَلَتْ / بَرْقٌ سَنابِكُها فِي الصَّخْرِ قَدْ قَدَحَتْ
جُرْدٌ إِذْا لاعَبَت أَعْطافَها مُلِئَتْ / تيهاً وَإِنْ لَمَحَتْ أَقْرانَها مَرِحَتْ
تَلْقَى الأَسِنَّةَ عَنْ فُرسانِها كَرَماً / فَكُلُّ جارِحَةٍ مِنها قَدِ انْجَرَحَتْ
يَحْمِلْنَ أُسْداً لَها سُمْرُ القَنا أًجَمٌ / فِي مَعْرَكِ المَوتِ لا أَقْعَتْ وَلا كَلَحَتْ
يَصْلَى أَمامَهُمُ نارَ الوَغى مَلِكٌ / ضاقَتْ بِأعْدائِهِ الأرْضُ الَّتي انْفَسَحتْ
إنْ كانَ أَضْحَكَهُمْ وَعْكٌ أَلَمَّ بِهِ / فَلْتُبْكِهِمْ بَعْدَ هذا صِحَّةٌ صَلَحتْ
أَصْبَحْتَ كالشَّمْسِ ما شِينَت بِمَنْقَصَةٍ / بَعْدَ الْكُسُوفِ إِذْا أَنْوارُها وَضَحَتْ
لا أَعدَمَ اللَّهُ هذا الخَلْقَ مِنْكَ يَداً / بَيْضاءَ إِنْ مَنَعَتْهُمْ غَيْرُها سَمَحتْ
رُضابُكَ راحي آسُ صُدْغَيْكَ رَيْحانِي
رُضابُكَ راحي آسُ صُدْغَيْكَ رَيْحانِي / شَقيقي جَنَى خَدَّيْكَ جِيدُكَ سُوسانِي
وَبَيْنَ النَّقا وَالْبَدْرِ تَهْتَزُّ بانَةٌ / لَها ثَمَرٌ مِنْ جُلَّنارِ وَرُمَّان
غَزالٌ رَخيمُ الدَّلِّ يُطْمِعُ أُنْسُهُ / ومَا صِيدَ إلاّ فِي حَبائِلِ أَجْفانِي
مِن التُّرْكِ فِي خَدَّيْهِ لْلحُسْنِ جَنَّةٌ / بِمالِكِها مَحْروسَةٌ لا بِرِضوانِ
تُظَنُّ رِياضُ الخَدِّ مِنْهُ مُباحَةً / ونَاظِرُهُ النَّاطورُ يَجْني عَلى الجَاني
تَعَمَّمَ بَيْنَ الشَّرْبِ بِالشَّرْبِ مُذْهَباً / فَلاحَ لَنا بَرْقٌ عَلى قَمَرِ ثَان
سَلَبْتَ كَرَى الأَجْفانِ يا سِحْرَ جَفْنِهِ / فَلَسْتَ تُرَى مِن بَعْدِها غَيْرَ وَسْنان
رَماني بِسَهْمِ اللَّحْظِ عَن قَوْسِ حاجِبٍ / فَهَلْ حاجِبٌ مِن بَيْنِ عَيْنَيْهِ أَصْماني
أَغارُ عَلى عَيْنَيْهِ لِلْغَيْرِ أَنْ تَرى / فَيَقْتُلُني إنْ صابَ أَوْ هُوَ أَخْطاني
بِحَقِّ الهَوى يا طَيْفُ إِلاَّ حَمَلْتَني / فَجِسْمي مِنَ الْبَلْوَى وَجِسْمُكَ سِيَّان
أُعانِقُ جِسْماً أَشْبَهَ المَاءَ رِقَّةً / وَأَطْفِي بِبَرْدِ الثَّغْرِ حُرْقَةَ أَشْجانِي
عَسَى قَلْبُهُ يُعْدِيهِ قَلْبي بِرِقَّةٍ / كَما جَفْنُهُ الْفتَّانُ بِالسُّقْمِ أَعْداني
لَئِنْ كَانَ يَنْسى عَقْدَ عَهْدِ مَوَدَّتي / فَلِي مَلِكٌ مِن فَضْلِهِ لَيْسَ يَنْساني
أَبو الْفَتْحِ موسى الأَشْرَفُ الْمَلِكُ الذي / يَلُوحُ كَبَدْرِ التَّمِّ بَيْنَ القَنا القَاني
فَتَخُضَرُّ طَوْراً مِن نَدى بَطْنِ كَفِّهِ / وَتَذْبِلُ طَوْراً مِن سُطاهُ بِنيرَان
يُلاعِبُ عِطْفَيْهِ مِنَ التَّيهِ طَرْفُهُ / وَيَمْشِيِ بِهِ مِن عُجْبِهِ مَشْيِ سَكْران
قَوائِمُهُ مِثْلُ الْقَوَادِمِ إِنْ جَرى / وَهَلْ راكِبٌ لِلرِّيحِ غَيْرَ سُلَيمان
وَمَنْ كانَ نَصْلُ السَّيْفِ خاتَمَ مُلْكِهِ / أَيَنْزِعُهُ مِنْ كَفَّهِ خَطْفُ شَيْطان
كَريمٌ أَما اسْتَحْيَى الحَيا مِن يَمِينهِ / يَضِنُّ بِماءٍ وَهْوَ يَسْخُو بِعِقْيان
وَلَيْسَ الْتِطامُ الْبَحْرِ إلاَّ فَضِيحةً / إِذْا مِلْحُهُ لَمْ يُرْوِ غُلَّةَ ظَمْآن
مَليكٌ مُلُوكُ الأرْضِ تَحْتَ لِوائِهِ / فَكُلُّهُمُ عانٍ وَكُلٌّ لَهُ عان
فَكِسْرى بِإيوانٍ تَعاظَمَ مُلْكُهُ / وَشاهَ ارْمَنٍ مِن بَعْضِ أَسْراهُ إِيواني
أَعانَ أخاهُ بِاْسمِهِ وَبِجَيْشِهِ / وَلا تَنْفُذُ الأقْدارُ إلا بِسُلْطان
وَلَيْسَ الَّذي يَبْني الْحِجارَ عَلى الثَّرى / كَبانِي رَواسي مَجْدِهِ فَوُقَ كِيوان
تَرَحَّلَ عَن مافارقيْنَ بِرَغُمِها / وَمالَ بِهِ فَرْطُ الحُنِّو عَلى حانِي
وَعاجَ بِذِي الْقَرْنَيْنِ مُنْخَرِطاً إلى / جَبَلْجُورَ حِصْنٍ ما بَنى مِثْلَهُ بان
قِلاعٌ عَلى النَّسْرِيْنِ خُطَّ أَساسُها / عُلُوّاً فَقَرْنُ الشَّمْسِ مِن دُونِها دان
مَنازِلُ لِلْبَدْرِ الْمُنيرِ يَحِلُّها / بِطالِعِ سَعْدٍ لا بِمَحْقٍ وَنُقْصان
سَيَمْلِكُ قُسْطَنْطِينَةَ الرُّومِ عَنْوَةً / وَيُخطَبُ عَن قُرْبٍ لَهُ فِي خُراسان
مَنْ كانَ قَوْسُ نِبالِهِ مِن حاجِبِ
مَنْ كانَ قَوْسُ نِبالِهِ مِن حاجِبِ / ما لِلْقُلُوبِ إِذْا رَنا مِن حاجِبِ
هُنَّ الْمَمالِكُ والخُدودُ مَطالِبٌ / يُحْرَسْنَ مِن سَيْفِ الجُفونِ بِضارِبِ
ظَبْيٌ تَرَى الأحْداقَ مُحْدِقَةً بِهِ / وَالْبَدْرُ لَيْسَ يُرَى بِغَيْرِ كواكبِ
خَرَجَتْ مُسامِحَةً بِوَجْنَتِهِ لِمَنْ / يَخْشَى مُحاسَبَةَ الكَريمِ الكاتِبِ
وَلَقَدْ رَعَيْتُ الْخدَّ أَوَّلَ نَبْتِهِ / وَتَرَكتُ أسْودَ شَعْرِهِ لِلْحاطِبِ
وَلَبِسْتُ ديباجَ النَّعيمِ بِلَثْمِهِ / وَخَلَعْتُهُ إِذْ صارَ مَسْحَ الرَّاهِبِ
وَأَلِفْتَ قَفْرَ البيدِ لَمَّا أَقْفَرَتْ / مِمَّنْ أُحِبُّ مَراتِعي وَمَلاعِبي
ما لِلْبُدورِ مِنَ الْقُصورِ تَنَقَّلَتْ / بِهَوادِجٍ وَنَجائِبٍ وَسَباسِبِ
كانَتْ لَهُمْ بِالأبْرَقَيْنِ مَشارِقٌ / وَالْيَوْمَ كَمْ مِن غَارِبٍ فِي غَارِبِ
رَحَلُوا وَأبْقوا لي بَقَّية مُهْجَةٍ / عَلّلْتُها مِنْهُم بِوَعْدٍ كإِذْبِ
فَأَرَحْتُهَا مِنْ كَرْبِها وَشَغَلْتُها / مِنْ مَدْحِ مَوْلانا بِفَرْضٍ واجِبِ
الأشْرَفِ المَلِكِ الَّذي عَن بَحْرِهِ / كُلُّ الأنامِ مُحَدِّثٌ بِعَجائِبِ
فَالنَّاسُ بَيْنَ بنانِهِ وَبَيَانِهِ / فِي نِعْمَتَيْنِ رَغائِبٍ وَغَرائِبِ
وَتَهُزُّهُ فِي السَّلْمِ نَغْمَةُ طالِبٍ / طَرَباً وَيَوْمَ الْحَرْبِ صَرْخَةُ طالِبِ
سَلْ عَنْ مَواقِفِ بَأْسِهِ لَمّا الْتَقَتْ / يَوْمَ الْهِياجِ كَتائِبٌ بِكَتائِبِ
وَالنَّبْلُ فِي ظُلَلِ العَجاجِ كَأَنَّهُ / وَبْلٌ تَتابَعَ مِن خِلالِ سَحائِبِ
لَمَعَتْ أَسِنَّتُه عَلَى أَعْلامِها / فَكأَنَّها شُهْبٌ ذَواتُ ذَوائِبِ
وَتَأَوَّدَتْ بَيْنَ السُّيوفِ رِماحُهُ / فَكَأَنَّها الأَغْصانُ بَيْنَ مَذانِبِ
تَهوِي الْمُلوكُ إلى الْتِثامِ تُرابِهِ / فَثُغورُهُمْ كالدُّرِ فَوْقَ تَرائِبِ
وَتَراهُمُ زُمَراً عَلى أَبْوابِهِ / قَدْ حُجِّبُوا بِمَهابَةٍ لا حَاجِبِ
خَطَبَتْه أَرْمِينَّيةٌ فَتَخَيَّرَتْ / كُفْئاً تَنَزَّهَ عَنْ عُتُوِّ الْغاصِبِ
حَقَنَتْ بِوَصْلَتِها بِهِ دَمَ أَهْلِها / فَاسُتَسْعَدوا بِنَوالِ أَكْرَمِ وَاهِبِ
أَمُنوا عَلى مُهْجاتِهِمْ مِن ظالِمٍ / وَعَلى حِمَى أَمْوالِهمْ مِن سالِبِ
فَجَميعُ أقْطارِ المَمالِكِ غَيْرَةً / مِنْها إِليْهِ مُراسِلٌ مِنْ جانِبِ
يا وارِثَ الإِسْكَنْدَرِ اجْمَعْ عاجِلاً / بِالفَتْحِ بَيْنَ مَشارِقٍ وَمَغارِبِ
يا نِعْمَةً لإِلهِنا فِي خَلْقِهِ / مَقْسومَةً لأِقَارِبٍ وَأجانِبِ
عَوَّدْتَ خَيْلَكَ دائِماً أنْ لا تَطا / إلاَّ جَماجِمَ كُلِّ أغْلَبَ غالِبِ
فَكَبَتْ عَلى مَيْدانِها غَضَباً وَرَبُّ / الجِدِّ يَأْنَفُ مِن صِفاتِ الَّلاعِبِ
حَمَلَتْ مِنَ السُّلْطانِ طَوْدَ مَهابَةً / وَهِزَبْرَ مَعْركةٍ وَبَحْرَ مَواهِبِ
وَقَدِ اخْتَصَرْت وَلَوْ عَدَدْتُ خِلالَهُ / أعْيَتْ عَلى الْمَلَكِ الكَريمِ الْكاتِبِ
لا زالَ كَوْكَبُهُ مُنيراً شارِقاً / وَعَدُوُّهُ يَسْرِي بِنَجْمٍ غارِبِ
دَعِ النَّوْحَ خَلْفَ حُدوجِ الرَّكائِبْ
دَعِ النَّوْحَ خَلْفَ حُدوجِ الرَّكائِبْ / وَسَلِّ فُؤادَكَ عَنْ كُلِّ ذاهِبْ
بِبِيضِ السَّوالِفِ حُمْرِ المَراشِ / فِ صُفْرِ التَّرائِبِ سُودِ الذَّوائِبْ
فَما الْعَيْشُ إلاّ إِذْا ما نَظَمْتَ / بِثَغْرِ الحَبابِ ثَنايا الحَبائِبْ
أُحاشيكَ مِن وَقْفَةٍ بِالطُّلولِ / تَبُلُّ الصَّدى بِصَداها الْمُجاوِبْ
تُكَلَّفُ صُمَّ الحِجارِ الكَلامَ / وَكَمْ فِي جُنونِ الهَوى مِن عَجائِبْ
وَلَوْ كُنْتَ تَشْكو هَوىً صادِقاً / لَما عَلَّلَتْكَ الأَمانِي الكَوإِذْبْ
تَأَمَّلْ حَريقَ كُؤُوسِ الرَّحيقِ / تَرَ الماءَ يَجْمُدُ وَالخَمْرَ ذائِبء
لَها فِي الزُّجاجَةِ رَقْصُ الشَّبابِ / وَمَفْرِقُها أَشْمَطُ النَّبْتِ شائِبْ
وَتزْبِدُ غَيْظاً إِذْا أُبْرِزَتْ / مِنَ الدَّنَّ كالْمُحْصَناتِ الكَواعِب
كَأَنَّ الحَبابَ عَلى رَأسِها / جَواهِرُ قَدْ كُلِّلَتْ فِي عَصائِبْ
بِحُمْرَتِها صَحَّ عِنْدَ الْمَجوسِ / أَنَّ السُّجودَ إلى النَّارِ واجِبْ
شَهِدْنا وَمُطْرِبُنا خاطِبٌ / زَواجَ ابْنَةِ الكَرْمِ بِابْنِ السَّحائِبْ
فَمِنْ قَطَراتِ الرَّذإِذْ النِّثارُ / وُمِن وَشْيِ زَهْرِ الرَّبِيعِ المراتِبْ
رِياضٌ كَخُضْرَةِ زَهْرِ السَّماءِ / وَأَزْهارُها مِثْلُ زُهْرِ الْكَواكِبْ
وَلِلْوَحْشِ سِرْبٌ بِقيعانِها / وَلِلطَّيْرِ فِي جَوِّها سَطْرُ كاتِبْ
بَرَزْنا إلى الرَّمْيِ فِي حَلْبَةٍ / حِسانِ الوُجوهِ خِفافِ المَضارِبْ
بَنادِقُهُمْ فِي عُيونِ القِسِيِّ / كَأَحْداقِهِمْ تَحْتَ قِسْيِ الحَواجِبْ
فَتِلْكَ لَها طائِرٌ فِي السَّماء / وَهذِي لَها طائِرُ القَلْبِ واجِبْ
وَحَلَّتْ سَوابِقُ شُهْبٍ خَواطِفَ / حُجْنُ الْمَناسِرِ حُوُّ المَحالِبْ
بُزاةٌ لَها حَدَقُ الأَفْعُوانِ / وَأَظْفارُها كحُماتِ الْعَقارِبْ
فَلِلأُفَقِ نَسْرانِ ذا واقِعٌ / وَذا طائِرٌ حَذَرَ الْمَوْتِ هارِبْ
وَأطْلَقَ كَلْباً لَهُ ضَارِياً / يُباري هُبُوبَ الصَّبا وَالجَنائِبْ
تَطيرُ بِهِ أَرْبَعٌ كالرِّياحِ / وَيَفْتَرُّ عَنْ مُرْهَفاتٍ قَوَاضِبْ
وَتُضْرَمُ فِي لَيْلِ جِلْبابِهِ / شُعاعُ شِهابٍ مِنَ الْعَيْنِ ثاقِبْ
وَعُدْنا نَجُرُّ ذُيولَ السُّرورِ / وَالطَّيْرُ وَالْوَحْشُ مِلءْ الحَقائِبْ
كَما ابْتَهَجَتْ مِنْ سُرُورٍ خِلاطُ / وَقَدْ جاءَ مُوسى يَجُرُّ الْمَواكِبْ
مَليكٌ إِذْا سارَ بَيْنَ السُّيوفِ / تَرَى الْبَدْرَ بَيْنَ اشْتِباكِ الْكَواكبْ
وَتَزْأَرُ مِنْ تَحْتِ ذاكَ الرِّكابِ / أُسُودٌ لَها مِنْ ظُباها مَخالِبْ
فَتِلْكَ اللَّهإِذْمُ زُهْرُ النُّجومِ / وَمُعْتَكِرُ النَّقْعِ جِنْحُ الْغَياهِبْ
بَدا فَهَوَتْ فِي التُّرابِ الثُّغورُ / كَما انْتَظَمَ الدُّرُّ فَوْقَ التَّرائِبْ
يُنادونَهْ بِاخْتِلاَفِ اللُّغاتِ / كَتَلْبِيَةِ الْحَجِّ مِنْ كُلِّ جانِب
يُخيفُهُمُ بَأْسُ بَرْقِ الْحِديدِ / وَيُطْمِعُهُمْ سَحُّ سُحْبِ الْمَواهِبْ
تَؤُمُّ الْجَوارِحُ أَعْلامَهُ / تَروحُ بِطاناً وَتَغْدُو سَواغِبْ
كأنَّ السَّناجِقَ أَوْكارُها / فَكَمْ عُصَبٍ فَوْقَ تِلْكَ الْعَصائِبْ
أَيَا مَلِكَ الأرْضِ حَقّاً إِلَيْكَ / مَآلُ مَشارِقِها وَالمَغارِبْ
سَتَمْلِكُ أرضَ قُسَنْطينَةٍ / ومَا كانَ لِلرُّومِ مِنْها يُقارِبْ
كَأَنِّي بِأبْراجِها قَدْ هَوَتْ / وَصَخْرِ الْمِجانِيقِ فِيها ضَوارِبْ
وَقَدْ زَحَفَ الْبُرْجُ زَحْفَ العَروسِ / إلَيْها يَجُرُّ ذُيولَ الكَتائِبْ
فَما لُبْسُهُ غَيْرَ نَسْجِ الْحديدِ / ومَا حَلْيُهُ غَيْرَ بِيضِ القواضِبْ
وَأضْرِمَتِ النَّارُ حَشْوَ النُّقوبِ / وَثارَ الدُّخانُ كَجِنْحِ الغياهِبْ
وَلَيْسَ الْكَهانَةُ مِنْ شِيمَتِي / وَلكِنَّ حِزْبَكَ بِاللَّهِ غالِبْ
لَكَ اللَّهُ مِنْ قائِلٍ قاتٍلٍ / يُجادِلُ بِالكُتْبِ أو بِالكَتائِبْ
فَما مَجْلِسُ العَدْلِ يَوْمَ القَضاءِ / بِأَوْلَى بِهِ مِنْ سُرُوجِ السَّلاهِبْ
فَدُمْ سَنَداً لِلْعُفاةِ الكُفاةِ / تُريِهمْ غَرائِبَ بَذْلِ الرَّغائِبْ
الرَّوْضُ بَيْنَ مُتَوَّجٍ وَمُشَنَّفِ
الرَّوْضُ بَيْنَ مُتَوَّجٍ وَمُشَنَّفِ / وَالأرْضُ بَيْنَ مُدبَّجٍ وَمُفَوَّفِ
وَالْغُصْنُ غَنَّاهُ الْحَمامُ فَهَزَّهُ / طَرَباً وَحَيَّاهُ الغَمامُ بِقَرْقَفِ
وَالظِّلُّ يَسْبَحُ فِي الغَديرِ كَأنَّهُ / صَدَأٌ يَلُوحُ عَلى حُسامٍ مُرْهَفِ
قِسْ بِالسَّماءِ الأرْضَ تَعْلَمْ أَنَّها / بِكَواكِبِ الأزْهارِ أَحْسَنُ زُخْرُفِ
أحْداقُ نَرْجِسِها بِخَدِّ شَقِيقِها / مَبْهوتَةُ لِجمَالِهِ لَمْ تُطْرَفِ
وَالطَّلُّ فِي زَهْرِ الأقَاحِ كَأَنَّهُ / ظَلْمٌ تَرَقْرَقَ فِي ثَنايا مَرْشَفِ
راقَ الزَّمانُ وَراقَ كَأْسُ مُدامنا / وَرُضابُ ساقينا الأَغَنِّ الأَهْيَفِ
فَمَزْجتُ ذاكَ بِهذِهِ وَشَرِبْتُها / وَلَثَمْتُهُ وَضمَمْتُهُ بِتَعَطُّفِ
وَجَنَيْتُ مِنْ وَجَناتِهِ لَمَّا اسْتَحى / وَرْداً بِغَيْر مَراشِفي لَمْ يُقْطَفِ
وَرَنا إلَيَّ بِطَرْفِهِ فَكَأنَّما / أَهْدَى السَّقامَ لُمِدْنَفٍ مِن مُدْنَفِ
بِتْنا وَقَد لَفَّ الْعِناقُ جُسومَنا / فِي بُرْدَتَيْنِ تَكَرُّمٍ وَتَعَفُّفِ
حَتَّى بَدا فَلَقُ الصَّباحِ كَجَحْفَلٍ / راياتُهُ رَنْكُ الْمَليكِ الأَشْرَفِ
مَلِكٌ بَياضُ يَمينِهِ لِسَمِيِّهِ / مُوسى وَمَنْظَرُهُ البَديعُ لِيوسُفِ
تَشْتامُ ظاهِرَهُ العُيُونُ وَتَقْتَدي / مِنْهُ العُقولُ بِسِرِّ مُعْجِزَةٍ خِفِِي
مُتَناقِضُ الأوصَافِ طَوْدُ مَهابَةٍ / رَسَختْ رَكانَتُهُ وَغُصْنُ تَعَطُّفِ
وَيُريكَ مِنْ آرائِهِ وَعَطائِهِ / تَحْريرُ نِحْريرٍ وَبَذْلَ مُجَزِّفِ
وَعَلَى مُتونِ الْجُرْدِ أَظْلَمُ ظالِمٍ / وَعَلَى سَريرِ الْمُلْكِ أَنْصَفُ مُنْصِفِ
فَحَريقُ جَمْرَةِ سَيْفِهِ لِلْمُعْتَدي / وَرَحيقُ خَمْرَةِ سَيْبِهِ لِلْمُعْتَفِي
يا بَدْرُ تَزْعُمُ أَنْ تُقاسَ بِوَجْهِهِ / وَعَلَى جَبيِنكَ كُلْفَةُ المُتَكَلِّفِ
يا غَيْمُ تَطْمَعُ أَنْ تَكونَ كَكَفِّهِ / كَلاَّ وَأَنْتَ مِنَ الْجَهامِ المُخْلِفِ
جَنَحَتْ مُلُوكُ المُشْرِكينَ لِسَلْمِهِ / فَأجابَ مُتَّبِعاً لِنَصِّ الْمُصْحَفِ
وَيَعِزُّ ذاكَ عَلَى ظُباهُ وَخَيْلِهِ / وَبِرَغْمِ آنافِ الرِّماحِ الرُّعَّفِ
إِمْهالُ مُقْتَدِرٍ لِيَوْمٍ نارُهُ / أَبَداً بِغَيْرِ دِمائِهِمْ لا تَنْطَفِي
زَأَرَتْ أُسُودُ كُماتِهِ وَتَفَسَّحَتْ / خُطواتُهُمْ فِي ضيقِ ذاكَ الْمَوْقِفِ
فَكَأنَّني بِجِيادِهِ قَد أَصْبَحَتْ / سُوراً لمِعْصَمِ كُلِّ سُورٍ مُشْرِفِ
وَكَأَنَّني بِدِيارِهِمْ قَدْ بُدِّلَتْ / صَوْتَ المُؤّذِّنِ مِن خُوارِ الأسْقُفِ
وَكَأَنَّني بِسِبائِهِمْ وَيَدي عَلَى / بَيْضاءَ مُتْرَفَةٍ وَأَبْيَضَ مُتْرَفِ
وَكَأَنَّني بِكَ قَدْ طَلَعْتَ عَلَيْهِمُ / كَالشَّمْسِ فِي الشَّرَفِ الّذي لَمْ يُكْسَفِ
إِنْ كانَ مَهْديٌّ فَأنتَ هُوَ الّذي / أَحْيَيْتَ دينَ المُصْطَفى وَالمُصْطَفي
يا بارِقاً إِذْكَرَ الحَشَى حَزَنهْ
يا بارِقاً إِذْكَرَ الحَشَى حَزَنهْ / مَنْزِلُنا بِاْلعَقيقِ مَنْ سَكَنَهْ
وَمَرْتَعُ اللَّهوِ يانِعٌ خَضِرٌ / أَمْ غَيَّرَ الدَّهْرُ بَعْدَنا دِمَنَهْ
يا بَرْقُ هذا جِسمي يَذوبُ ضَنىً / وَمُهْجَتي بِالْعَقيقِ مُرْتَهَنهْ
يا برق أشكو عساك تخبرهم / وكل من هام يشتكي شجنه
بَلِّغْ حَدِيثَ الحِمى وَساِكِنهِ / لِمُغْرَمٍ أَنْحَلَ الْهَوى بَدَنَهْ
أَسْمِعْهُ ذِكْرِ الْحِبيبِ مُقْتَرِباً / فَقَدْ أَصَمَّتْ عُذَّالُهُ إِذْنَهْ
هُمْ آَنسُوهُ لكِنْ بوَحْشَتِهِمْ / وَنَفَّرُوا عَنْ جُفونِهِ وَسَنَهْ
أَشْقَى اُلْمحِبِّينَ عادِمٌ وَطَراً / فَكَيْفَ إنْ كانَ عادِماً وَطَنَهْ
سَقْياً لأِيَّامِنا التي سَلَفَتْ / كانَتْ بِطِيبِ الْوِصالِ مُقْتَرِنَهْ
لَوْ بِيعَ يَوْمٌ مِنْها وَكَيْفَ بِهِ / كُنْتُ بِعُمْري مُسْتَرْخِصاً ثَمَنَهْ
إلَيْكَ يا عإِذْلي فَلَسْتُ أَنا / أَوَّلَ صَبٍّ جَمالُهُمْ فَنَتَهْ
فَكَمْ لِنَفْسِي عَلَيَّ سَيِّئَةٌ / وَكَمْ لِمُوسى عَلَيَّ مِنْ حَسَنَهْ
مُجازِفٌ فِي عَطاءِ آمِلِهِ / مُحَرَّرُ الرَّأْيِ عِنْدَ مَن وَزَنَهْ
لِلأّجْرِ وَالشُّكْرِ خازِنٌ أَبَداً / وَلَمْ يَصُنْ مالَهُ وَلاَ خَزَنَهْ
مُؤَيَّدُ الرَّأيِ مَنْ يُنافِسُهُ / تَحْتَ حَضِيضِ الْخُمولِ قَد دَفَنَهْ
لَو لَمْ تُقَيِّضْ لِلْجُودِ راحَتُهُ / لَمَ نَعْتَرِفْ فَرْضَهُ وَلا سُنَنَهْ
لَهُ بَنانٌ يَسْدي لَنا مِنَحاً / وَمَنْ يُعاديهِ يَشْتَكِي مِحَنَهْ
قُمْ يا غُلاَمُ وَدَعْ مَقالَةَ مَنْ نَصَحْ
قُمْ يا غُلاَمُ وَدَعْ مَقالَةَ مَنْ نَصَحْ / فَالدِّيكُ قَدْ صَدَعَ الدُّجى لَمَّا صَدَحْ
خَفِيتْ تَباشِيرُ الصَّباحِ فَسَقِّني / ما ضَلَّ فِي الظّلْماءِ مِنْ قدحِ القَدَحْ
صَهْباءُ ما لَمَعَتْ بِكَفِّ مُديرِها / لِمُقَطِّبٍ إِلاّ تَهَلّلَ وَانْشَرَحْ
واللَّه ما مَزَجَ الْمُدامَ بِمائِها / لكِنَّهُ مَزَجَ المَسَرَّةَ بِالْفَرَحْ
وَضَحَتْ فَلَوْلاَ أَنَّها تُرْوِي الظِّما / قُلْنا سَرابٌ أوْ شَرابٌ قَد طَفَحْ
هِيَ صَفْوَةُ الكَرْمِ الْكَريمِ فَما سَرَتْ / سَرَّاؤُها فِي باخِلٍ إِلاَّ سَمَحْ
مِنْ كَفِّ فَتَّانِ الْقوامِ بِوَجْهِهِ / عُذْرٌ لِمَنْ خَلَعَ الْعِذارَ أَوِ افْتَضَحْ
قَمَرٌ شَقائِقُ مَرْجِ وَجْنَتِهِ حِمىً / ما شَفَّهُ سَرْحُ العِذارِ وَلا سَرَحْ
وَلَّى بِشَعْرٍ كَالظَّلامِ إِذْا دَجا / وَأتى بِوَجْهٍ كالصَّباحِ إِذْا وَضَحْ
يَهْتَزُّ كالْغُصْنِ الرَّطيبِ عَلى النَّقا / ذَا خَفَّ فِي طَيِّ الْوِشاحِ وَذا رَجَحْ
النَّرْجِسُ الْغَضُّ اسْتَحى مِنْ طَرْفِهِ / وَبِثَغْرِِه زَهْرُ الأَقاحِ قَدِ اتَّضَحْ
فَكَأَنَّهُ مُتَبَسِّمٌ بِعُقودِهِ / أَو بِالثَّنايا قد تَقَلَّدَ وَاتشَحْ
فِي وَصْفِهِ وَمَدِيحِ موسى خاطِري / مُتَقَسَّمٌ بَيْنَ الْمَلاحَةِ وَالمُلَحْ
الأشْرَفِ المَلِكِ الّذي صَلَحَتْ لَهُ الدُّ / نْيا وَيَعْظُمُ أَنْ أَقُولَ لَهُ صَلَحْ
مَلِكٌ إِذْا ضاقَ الزَّمانُ بِأَهْلِهِ / بُخْلاً تَوَّسعَ فِي المَكارِمِ وَانْفَسَحْ
تَكْبُو السَّحائِبُ إِذْ تُجاري كَفَّهُ / فَالغَيْثُ فِي جَبَهاتِها عَرَقٌ رَشَحْ
وَيُكَلَّفُ الأَسَدُ الهَصورُ بِعَدْلِهِ / فِي الفَقْرِ أَنْ يِرْعَى الْغَزالَ إِذْا سَنَحْ
تَسْتَحْقِرُ الأسيافُ عاتِقَ غَيْرِهِ / وَتَقولُ دونَكَ وَالقَلائِدُ وَالسُّبَحْ
كَمْ مِنْ خَطِيبٍ ذاكِرٍ غَيْرَ اسْمِهِ / لَمَّا تَنَحْنَحَ قالَ مِنْبَرُهُ تَنَحْ
ذَكَرُوا سِواهُ فَنَهَّبوا عَن فَضْلِهِ / بَيْتُ الْكَريمِ دَليلُهُ كَلْبٌ نَبَحْ
بَيْنَ الأنامِ تَنازُعٌ فِي دِينِهِمْ / وَعَلى فَضائِلِهِ الْجَميعُ قَدِ اصْطَلحْ
جَذَبَتْهُ أَنْوارُ الْخِلافَةِ فَاعْتَلى / عَنْ نارِ طُورِ سَمِيِّهِ لَّمَا لَمَحْ
هذاكَ كَلَّمَهُ عَلَى جَبَلٍ وَذا / بِيَدِ ابْنِ عَمَّ الْمُصْطَفى نَالَ الْمِنَحْ
سَعَتِ الْمُلوكُ كما سَعَى لكِنَّهُمْ / خابُوا فَقالَ نَجاحُ سَعْيِكَ قَدْ نَجَحْ
لِلَّهِ كَمْ مِنْ نِعْمَةٍ فِي نَقْمِةٍ / أَسْدَى وَكمْ قَتَلَ العَدَّو ومَا جَرَحْ
سَيْفٌ تَرَقْرَقَ صَفْحُهُ فِي خَدِّهِ / وَالْمَوْتُ خَلْفَ غِرارِهِ لَمَّا صَفَحْ
مَوْلايَ إِنْ ماتَتْ بِبُعْدِكَ هِمَّتي / فَنَداكَ مِثْلُ يَدِ الْمَسيحِ إِذْا مَسَحْ
هُنِّيتَ بِالعامِ السَّعِيدِ الْمُبْتَدا / بِدَوامِ دَوْلَتِكَ الْحميدِ الْمفْتَتَحْ
خُذْ مِنْ حَديثِ شُؤونِهِ وَشُجونِهِ
خُذْ مِنْ حَديثِ شُؤونِهِ وَشُجونِهِ / خَبَراً تُسَلْسِلُهُ رُواةُ جُفُونِهِ
لَولا فَضيحَةُ قَلْبِهِ بِدُمُوعِهِ / ما زالَ شَكُّ رَقيبِهِ بِيَقِينِهِ
وَأَغَرَّ تُؤْيِسًني قَساوَةُ قَلْبِهِ / مِنْهُ وَيُطْمِعُني تَعَطُّفُ لِينِهِ
ما زالَ يَسْقي خَدَّهُ ماءَ الحَيا / حَتَّى جَنَيْتُ الْوَرْدَ مِنْ نِسْرينِهِ
وَإِذْا وَصَلْتُ بِشَعْرِهِ قِصَرَ الدُّجى / هَجَمَ الصَّباحُ بِثَغْرِهِ وَجَبينِهِ
خَفِرُ الدَّلالِ أُضُّمُه وَأهابُهُ / لِوَقارِهِ وَحَيائِهِ وَسُكونِهِ
قالَتْ رَوادِفُهُ وَلينُ قَوامِهِ / إيَّاكَ عَنْ كُثُبِ الحِمى وَغُصُونِهِ
أجْفانُهُ شَرَكُ الْقُلوبِ كأنّما / هاروتُ أوْدَعَها فُنونَ فُتونِهِ
ياقُوتُهُ مُتَبَسِّمٌ عَنْ لُؤْلؤ / حَجِلَتْ عُقودُ الدُّرِّ مِن مَكْنونِهِ
ساقٍ صَحيفَةُ خَدِّهِ ما سُوِّدَتْ / عَبَثاً بِلامِ عِذارهِ أو نُونِهِ
جَمَدَ الَّذي بِيَمِينِهِ فِي خَدِّهِ / وَجَرى الّذي فِي خَدِّهِ بِيَمِينِهِ
طَابَ الرَّبيعُ كأنّما عَجَنَ الصَّبا / كافورَ مُزْنَتِهِ بِعَنْبَرِ طينهِ
وَتَفضَّضَتْ أزْهارُهُ وَتَذَهَّبَتْ / فَكَأَنَّها الطّاووسُ فِي تَلْويِنهِ
وَجَلَتْ جَبينَ النَّهْرِ طُرَّةُ ظِلِّهِ / مُذْ جَعَّدَتْها الرِّيحُ فَوْقَ غُصونِهِ
وَالطّيْرُ تُنْشِدُ بِاخْتِلافِ لُغاتها / موسى أدامَ اللَّهُ فِي تَمْكِينِهِ
موسى الّذي أنِفَتْ شَهامَةُ عَزْمِهِ / أنْ يِسْتَمِدَّ النَّصْرَ مِن هارونِهِ
مَلِكٌ بِأَسْرارِ الْغُيوبِ مُكاشَفٌ / فَظُنونُهُ تُغْنيهِ عَنْ جِبْرِينِهِ
مَلِكٌ غِرارُ السَّيْفِ خَيْرُ دُروعهِ / وَالصَّافِناتُ الجُرْدُ خَيْرُ حُصُونِهِ
مَلِكٌ يُرَى بَيْنَ الصَّوارِمِ وَالقَنا / كالَّليثِ فِي أَشبالِهِ وَعَرينِهِ
مَلِكٌ إِذْا ما جاشَ بَحْرُ جُيوشِهِ / مَلأ المَلا بِسُهولِهِ وَحُزونِهِ
لَو كانَ بَيْنَ يَدَي عَلِيٍّ مِنهُمُ / صَفٌّ لحَازَ النَّصْرَ فِي صِفِّينِهِ
يا مَنْ لَهُ بِشْرُ يُبَشّرُ وَفْدَهُ / فَالعُرفُ يُعْرَفُ مِنْ وَفاء ضَمِينِهِ
وَلَهُ سَبيلُ الحَجِّ يُمْزَجُ شَهْدُهُ / فِي الحَرِّ للصَّادي بِبَرْدِ مَعِينِهِ
إبِلٌ يَغُصُّ بِها الفَضاءُ كَأنَّها / شَجَراً أتَت مِن أُكُلِها بِفُنُونِهِ
يَحْمِلْنَ مُنْقَطِعَ المُشاةِ كَأَنَّهُ / فِي بَطْنِ أُمٍّ مَهَّدَتْ لِجَنينِهِ
لَمَّا دَعا داعِيهِ أَعْلَنَ بِاسمِهِ / فَتَشارَكَ الثّقلانِ فِي تَأمِينِهِ
طَرِبَتْ لَهُ عَرَفاتُ وَاهتَزَّ الصَّفا / وَالبَيْتُ مَع أَركانِهِ وَحَجونِهِ
لَوْ كانَ لِلحَجَرِ الشَّريفِ فَمٌ شَكا / ما عِندَهُ مِن شَوقِهِ وَحَنِينهِ
ضَحَّى الحَجيجُ عَلى مِنىً وَسُيوفُهُ / فِي الشّركِ تَسقِي العِلْجَ ماءَ وَتِينِهِ
ما كُلُّ مَنْ صَنَعَ الجَميلَ مُوَفَّقٌ / كَلاّ وَلا رَبُّ السَّما بِمُعِينهِ
يا مَنْ عَلى كَرَمِ الطِّباعِ يَلومُهُ / ما لُمْتَ إِلاَّ اللَّهَ فِي تَكوينِهِ
اللَّهُ أَهَّلَهُ لِرَحْمَةِ خَلْقِهِ / وَصَلاحِ دُنياهُ وَرَحْمَةِ دِينِهِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025