المجموع : 256
تلك البوارق حاديهن مرنان
تلك البوارق حاديهن مرنان / فما لطرفك يا ذا الشجو وسنان
شجت صوارمها الأرجاء واهتزعت / تزجي خميسا له في الجو ميدان
تبجست بهزيم الودق منبثقا / حتى تساوت به أكم وقيعان
سقى الشواجن من رضوى وغص به / سر وجوف وغصت منه جرنان
وجلل السهل والأوعار معتمدا / ربوع ما ضم عندام وجعلان
وراث ينصح للجرداء ساحتها / وطم ما رد صفنان وصحنان
يريق في الجو منه ريق هطل / في لوحة من سناء البرق ألوان
ان هيج البرق ذا شجو فقد سهرت / عيني وشبت لشجو النفس نيران
وصير البرق جفني من سحائبه / يا برق حسبك ما في الأرض ظمأن
اني أشح بدمعي أن يسح على / أرض وما هي لي يا برق أوطان
هبك استطرت فؤادي فاستطر رمقي / الى معاهد لي فيهن أشجان
تلك المعاهد ما عهدي بها انتقلت / وهن وسط ضميري الآن سكان
نأيت عنها ولكن لا أفارقها / بلى كم افترقت ورح وجثمان
وكيف أنسى عهودي في مسارحها / وهن بين جنان الخلد بطنان
أم كيف يمكن سلواني فضائلها / نعم لدي لذا السلوان سلوان
معاهد ساقني منها محاسنها / ان شاق غيري آرام وغزلان
لها على القلب ميثاق يبوء به / ان باء بالحب في الأوطان إيمان
نزحت عنها بحكم لا أغالبه / لا يغلب القدر المحتوم انسان
كأنني واغترابي والغرام بها / حي قضى خلفته بعد احزان
هي النوى جعلتني في محاجرها / مثل الخيال وروحي ثم جثمان
أعيش في غربة عيش السليم على / رغمي وليس الى الترياق امكان
يا برق حرك همومي ان تكن سكنت / فكل حظي تحريك واسكان
ما زال ينشط بي همي وأصبره / وناشط الهم لا تزويه ارسان
يا برق هل والحنايا من ضعاضع قاد / التام فالطف حياهن هتان
وهل ذرى القفص فالمقراة معشبة / وهل قطين بعليا قاعر بانوا
عهدي بها ونضير العيش يصحبها / والدهر في غفلة والشهب اخوان
نشأت فيها وروضاتي ومرتبعي / روح الفضيلة لارند وريحان
ارتاح فيها الى "خل" فيبهرني / صدق وقصد ومعروف وعرفان
فحال حكم النوى بيني وبينهم / هنا تيقنت أن الدهر خوان
حتى م يا دهر لا تبقى على بشر / حر وحتى م ضيم الحر احسان
أكل رأيك حربي أم لها أمد / فان عهدي وللحالات ألوان
حل العقال وأطلقني الى سعتي / ففي سجونك للميدان فرسان
يا دهر يا باخس الأحرار حقهم / اعط العدالة ان الله ديان
فيم التقصي بأهل الفضل ان نقصت / حسناك زادوا وان شان الورى زانوا
لا يثقلون وان خفت عيابهم / عن الندى ولهم بالحلم رجحان
أخفى غبارك يا دهري محاسنهم / فان دعوتهم في نكبة بانوا
أن تعرف الحق فيهم لم تذد أسدا / عن الورود وعير الحي ريان
يا ناقل العيس من عليا (بدية) ح / يث اليحمد الحائزون المجد قطان
خلف وراءك (عزا) (والمضيرب) وال / دريز "والقابل" الراسي بها الشان
وخل (ابراء أعلاها وأسفلها ) / حيث القطين ملوك الناس قطحان
(وخذ) بأوجهها عن ساحتي (سمد) / مياسر (الفتح حيث الحي كهلان)
ودع وراءك ان غربت (أخشبة) / تجري المجرة فيها وهي (سدران)
(ويا من(الدوح)(والخضراء) منتحيا / افناء حلفين حيث السوح جرنان)
واعمد الى (الجوف) واستظهر أسافلها / أرض لعامر أهل الفضل أوطان
وافرق بها البيد حتى يستبين لها / ( فرق) على "بيضة الاسلام"(1) عنوان
فان تيامنت الحوراء شاخصة / لها مع السحب أكناف وأحضان
فحط رجلك عنها انها بلغت / "نزوى" وطافت بها للمجد أركان
فطالما وخدت تبغي لبانتها / كأنهن مع الانضاء عقبان
انزل فديتك عنها ان حاجتها / عدل وفضل وانصاف واحسان
انزل فديتك عنها ان وجهتها / تخت الأئمة مذ كانت ومذ كانوا
هنالك انزل وقبل تربة نبتت / بها الخلافة والأيمان ايمان
انزل على عرصات كلها قدس / للحق فيهن أزهار وأفنان
انزل على عذبات النور حيث حوت / أئمة الدين بطنان وظهران
حيث الملائكة احتلت مشاهدهم / لها على الحل والتعريج ادمان
أرض مقدسةقد بوركت وزكت / تنصب فيهامن الأنوار معنان
ما طار طائرها لله محتسبا / له جناحان ايقان وعرفان
إلا وقام يمين الله ساعده / والفتح والنصر والتأييد أعوان
ميمونة بركات الله تنفحها / واليمن يثمره علم وإيمان
رست بها هضبة الاسلام من حقب / وان قضت باستتار العدل أحيان
قديمة الذكر عاذ الدين عائذها / من يوم أصبح توحيد وقرآن
قامت بها قبة الاسلام شامخة / حتى تواضع بهرام وكيوان
ولم تزل عرصة للعدل عاصمة / للاستقامة فيها الدهر سلطان
كم أشهر الله فيها من حسام هدى / كأنها لسيوف الله أجفان
كنانة لهام الله ما فرغت / مذ كان للجور سلطان وشيطان
بحجة الله قامت في الشقاق لها / بدين ذي الثفنات الحبر ايقان
لسرها واختصاص الله قائمها / بالنصر والفتح برهان وبرهان
تعاقبت خلفاء الله منصبها / منذ (الجلندى) وختم الكل (عزان)
أئمة حفظ الدين الحنيف بهم / من يوم قيل لدين الله أديان
صيد سراة أباة الضيم أسد شرى / شمس العزائم أو اهوان رهبان
سفن النجاة هداة الناس قادتهم / طهر السرائر للاسلام حيطان
تقيلوا مدح القرآن أجمعها / اذا استحق مديح الله ايمان
جدوا الى الباقيات الصالحات فلم / يفتهم في التقى سر واعلان
على الحنيفية الزهراء سيرهم / والوجه والقصد ايمان واحسان
بسيرة العمرين استلأموا وسطوا / لشربة النهروان الكل عطشان
صعب الشكائم في ذات الاله فان / حناهم الحق عن مكروهة لانوا
مسومين لنصر الله أنفسهم / أرواحهم في سبيل الله قربان
سبق إلى الخير عن جد وعن كيس / دانوا النفوس فعزت حيثما دانوا
سيماهم النور في خلق وفي خلق / وهديهم سنة بيضاء تبيان
مقيدون بحكم الله حكمتهم / وهمهم حيثما كان الهدى كانوا
هم أسمع الناس في حق وأبصرهم / وفي سواه هم صم وعميان
لم تلههم زهرة الدنيا وزخرفها / اذ همهم صالح يتلوه رضوان
باعوا بباقية الرضوان فانيهم / كأن لذة هذا العيش أوثان
وقف على السنة البيضاء سعيهم / وفي الجهادين ان عزوا وان هانوا
ما زايلت خطوة المختار خطوتهم / ولا ثنى عزمهم نفس وشيطان
فجاهدوا واستقاموا في طريقته / عزومهم لصروح الدين أركان
وسلطوا بحدود الله حكمهم / حتى استقام لحكم الله سلطان
أولئك القوم أنواري هديت بهم / عقبى محبتهم عفو وغفران
أئمتي عمدتي ديني محجتهم / غوثي اذا ضاق بي في الكون امكان
لا يقبل الله دينا غير دينهم / ولا يصح الهدى الا بما دانوا
من عهد بدر وأحد لا تزعزعهم / عن موقف الحق أزمات وأزمان
حقيقة الحق ما دانوا به وأتوا / ما عداه أخاليط وخمان
ان يشرف الناس في الدنيا بثروتهم / فثروة القوم اخلاص وايقان
لله ما جمعوا لله ما تركوا / لله ان قربوا لله ان بانوا
أزكى الصنيعين ما كان الهدى معه / لديهم وله في الحق رجحان
تراهم في ضمير الليل صيرهم / مثل الخيالات تسبيح وقرآن
هم الأباضية الزهر الكرام لهم / بعزة الله فوق الخلق سلطان
لا يعرف العدل الا في استقامتهم / لم يوف الا لهم في العدل ميزان
في الذب عن حرمات الله شأنهم / لا شأن دنياهم نيل وحرمان
رضوا ببلغة محياهم على خطر / منها كأنهم بالبلغة اختانوا
سيما التعفف تكسوهم جلال غنى / فالقلب في شبع والبطن خمصان
سمت الملوك وهدى الأنبياء على / أخلاقهم فكأن الفقر تيجان
تمثلت لهم الدنيا فما جهلوا / حقيقة الأمر ان العيش ثعبان
جازوا الجسور خفاف الحاذ وقرهم / زهد وخوف واصبار وشكران
فاز المخفون من دار الغرور فلا / خوف عليهم ولا بالقوم أحزان
مضوا وآثارهم نور وذكرهم / رحمى ومضجعهم روح وريحان
تتابعوا دولة في أثر سابقة / كما جلى الرسل أحيان فأحيان
حتى انجلى الكوكب الدري فانكشفت / بنوره عن وجوه الحق أغيان
هنالك انبعثت روح الحياة الى / جسم الوجود وقد أراده طغيان
وقام للحق شأن بعدما لغيت / من الكوارث أحكام وأديان
واصلت الله أصليتا يحس به / سواعدا شدها بغي وكفران
وأعرب الكون عن بشرى ضمائره / فالكائنات أغاريد وألحان
أمنية رقب الاسلام طلعتها / أتاحها الله لم يضرب لها آن
وللأماني أوقات اذا قدرت / وللأماني آيات وايذان
تمنعت في خدور الغيب آونة / ثم انجلت فانجلى عدل واحسان
ما ساورتها صروف الدهر اذ نجمت / وما لرد مراد الله امكان
وحكمة الله في التدبير قاهرة / وقائد العقل في المقدار حيران
يقضي بما يشاء والأسباب جامدة / ويحكم الأمر والأفكار عميان
يختص من شاء بالرحمى ويصرفها / عمن يشاء وفي الحكمين رحمن
ان الذي يتعاطاه الذكاء لدى / حكم المقادير تخمين وبهتان
ما حيلة الظن والأوهام في قدر / الا قصور وعجز ثم اذعان
لابد أن تربط الأفهام وحدته / ولو تطاول تقريب وامعان
خذ ما أتاك وسلمها لخالقها / فالشأن لا غير للاكوان ديان
انظر الى دولة أعيت معاجرها / رأى الفحول ففيها ثم برهان
أرادها الله فاحتلت مناصبها / والعقل في نصب والكون اسجان
بأسهم الله ترمي من يقاومها / ولا يقوم لسيف الحق بطلان
ان الأسنة لا تعدو مقاتلها / ان شد بالجد والتوفيق مطعان
عادت الى جدلها من طول غربتها / خلافة الله والاسلام جذلان
عناية الله تحدوها لموطنها / وللخلافة في الاسلام أوطان
تنحو ابن بجدتها العليا وبؤبؤها / وشأنها لمصاص المجد خلصان
تقلد العقد منها صدر قيمها / صدر بخالصة الايمان ملآن
همامها العاصم الكافي لعصمتها / له على حملها جد وأقران
صميدع مثل صدر السمهري له / في هضبة المجد اجدال وأغصان
رحب المباءة قرم لا بواء له / بفضله شهدت سهل وأحزان
مشمر أحوذي رأيه فلق / وعزمه قبل وضع الرمح طعان
مروع ألمعي في بصيرته / من الذكاء لمحض الرأي تبيان
تحكمت من أصيل الرأي فطنته / كأنها فيه أبصار وآذان
يطوي عزائم بالتقوى وينشرها / كأنهن بخصم الله نيران
أصاره علمه بالله محض هدى / وغير بدع هدى يذكيه عرفان
لم يترك العلم منه موضعا كدرا / يمثل الشمس منه الذات والشأن
ما زال تمحصه التقوى ويمحصها / وسره ملك والشخص انسان
حتى تمحض نورا لا يكدره / خير وشر واغيار وأغيان
والعلم بالله والاخلاص عارفة / من الكريم وتخصيص واحسان
مواهب ساقها من فيض رحمته / لا نفس ما لها في الناس حسبان
يعدها الناس من أحجار سوحهم / وهن في ملكوت الله شهبان
يمشون بلها وهم النفس في كيس / والعقل في الوجد بالمشهود ولهان
والفتح يقصد قلبا ما به سعة / إلا لمن لم تسعه قط أكوان
محبة الله سر حيثما صدقت / لها على عالم الامكان سلطان
تعطيك فتحا وان سدت مغالقه / وطور عقلك في ذا الفتح حيران
فلا عليك اذا صحت محبته / اذا وفى لك هذا الخلق أو خانوا
لله ما أنفس في سرها اشتعلت / بالحب لله أنوار ونيران
تحل في الأرض والالباب طائرة / في عالم فيه أهل الله ندمان
ريانة بشراب الحب محرفة / والحال صحو وكل الشرب نشوان
تلك النفوس التي هذا (الامام) لها / قطب ومورده الصافي لها حان
خاض الحقيقة كشفا فاستقام له / شف وشرع وتكميل وسلطان
جاءت امامته والآرض مظلمة / والناس فوضى وأهل الجور ذؤبان
فاشرق العدل في أرجائها ولقى / عز المفاسد ارهاق وايهان
جاءته ما كان بدعا من أئمتها / من جده ابن تميم المجد(عزان)
في ضئضئ العزة القسعاء محتده / اذا تفاخر قحطان وعدنان
بذروة اليحمد الصيد الملوك له / اعراق مجد وأساس وبنيان
لا ينكر الناس ما للقوم من قدم / وكيف يلحق عين الشمس نكران
احسابهم ومعاليهم ودينهم / كواكب وهدايات ورضوان
ما اختاره الله صفوا من خلاصتهم / الا وللصفو من اكرامه شان
(يا سالم ) الدين والدنيا ابن راشد خذ / أمانة الله والأقدار أعوان
أنت الضليع بها حملا وتأديه / اذ كل أمرك تدبير واتقان
احذر واصعد وايقن ان صاحبها / سيف من الله لا تحويه أجفان
يسوسها مؤمن بالله معتصم / وخير ما دبر الأملاك ايمان
للاستقامة في تقديره قبس / فظنه تحت نور الله ايقان
لا يصرف (الفكر) في شيء فيخلفه / لأنه من فيوض الكشف ملآن
والمؤمنون بنور الله ناظرة / عيونهم وعين الله أعيان
يا للرجال وداعي الله بينكم / لبوا الدعاء فان الصوت قرآن
يا للرجال ألم يأن الجهاد لكم / بلى لقد فات ابان وابان
يا للرجال أقيموا وزن قسطكم / فما لكم قبل وزن القسط ميزان
يا للرجال احفظوا أوطان ملتكم / فما لكم بعد خذل الدين أوطان
يا للرجال أحفظوا أحساب مجدكم / ان لم تكنن فيكم للدين أشجان
يا للرجال اندبوا لله غيرتكم / فالوقت قد ضاق والتثبيط خسران
يا للرجال الا لله منتصر / فناصر الله لا يعروه خذلان
يا للرجال أروني من شهامتكم / ان الحوادث آساد وسيدان
يا للرجال اجعلوا لله نجدتكم / فالغاية الفتح أو موت ورضوان
يا للرجال ألم يحزنكم زمن / طار(البغاث) به وانحط عقبان
يا للرجال ألم يدهش عقولكم / صوت الأرامل والأيتام إذهانوا
هذا اليتيم قد انحازت مفاصله / من جلبة الجوع والظلام تخمان
يا للرجال بيوت الله قد هدمت / وما لها للعدا نهب وحلوان
يا للرجال دماء المسلمين غدت / هدرا كما عبثت بالماء صبيان
فلا قصاص ولا أرش ولا قود / كأن لحم بني الاسلام جعلان
يا للرجال أفيقوا من سباتكم / فقد أحاط بكم بغي وعدوان
أخيفة الموت ظل العجز يقعدكم / وليس للأجل المعدود نقصان
لا يحجب الموت جبن عند موقعه / ولا يقدم وعد الموت شجعان
يا للرجال لقد ذلت حفيظتكم / اذا استطاعت على الأساد حملان
ان السيوف التي كانت لسالفكم / ما ضمها معهم رمس وأكفان
مريضة هي في الأجفان أم مرضت / قلوبكم أم نأى عنهن وجدان
بئس السيوف اذا حلت عواتقكم / وما بها لعتيق المجد أحزان
لا تحجبوها أناثا في مغامدها / فان تلك اليمانيات ذكران
فديتكم أوردوها انها عطشت / ان كان فيكم يلاقي الري عطشان
كانت بوارق في الأخطار ساهرة / وهم أصحابها في المجد سهران
فاليوم نامت هموم القوم في جدث / وساهر البرق في الأغماد وسنان
تكاد أن تتلاشى من تحرقها / غيظا على صار أو حزنا على كانوا
أورثتموها من الأوتار مشعلة / كأنها في دخان الحرب نيران
واليوم تغمط فيكم وهي مغضبة / وما بكم لحقوق السيف غضبان
ما عودتها بنو عدنان ما لقيت / منكم ولا أسكنتها الغمد قحطان
لا تحملوها اذا كانت لزينتكم / ان الرجال بفعل السيف تزدان
فليت أسيافكم صارت معاولكم / وليت خيلكم معز وثيران
حتى م طرف الهدى سهران من قلق / فيكم وطرف العدا في الظلم سهران
ليست بسنتكم مذكان عنصركم / وانما الحظ كالأزمان أزمان
يا للقبائل يا أهل الحفاظ ومن / أمجادهم في جبين الدهر عنوان
شدوا العزائم في استدراك فائتكم / ان العزائم للادراك أقران
أهل المكارم ان الله أكرمكم / بنعمة العدل اذ للجور بركان
لا تكفروا الله في نعماء أنعمها / فانما يربط النعماء شكران
فأين أين ذئاب الدو حمتها / بنو تمام ومن ربته(جعلان)
وأين عنها الجنيبيون أنهم / سعد العشيرة عليا مذحج كانوا
غاراتهم برياح الموت عاصفة / وفخرهم بحميد الذكر يزدان
وأين رأسب سيف الأزد أنهم / سارت بصيتهم في الأرض ركبان
وأين أهل الذمار الهشم بحرهم / بالمجد والفضل فياض وملآن
عهدي لهم نجدة في الحرب شاهرة / ومنهم لحقوق الله أعوان
ويا لشمس وكبات الخميس لكم / أنتم لها يا أسود الله أركان
أنتم سماء الوغى لبوا أمامكم / وعندكم من ثغور الله (جعلان)
وأين أولاد عيسى والحفاظ لهم / نجد ضراغم أو اهون رهبان
صميم كنده حي الملك من يمن / عهدي بهم للهدى حصن وايوان
شدوا فديتكم أنتم بواسلها / أم فيكم لمصاب الدين سلوان
وأين يحمدها الحرث الكرام ففي / عزائم القوم جنات ونيران
ضنائن الله أنتم لا يزال لكم / في نصرة الله صولات وسلطان
يبلى الزمان ولا تبلى محامدكم / ما دام يحمد مطعام ومطعان
ان كان (صالح) طود المجد فارقكم / فان اصلاحكم رضوان ونهلان
(عيسى) لكم خلف صدق لخير أب / وفي (علي) أخيه للعلي شأن
صنوان يستبقان المجد في حسب / سيارة الشهب في جنبيه صوان
وفيكم الأسد الكرار فارس شر / فاء ابن عمهما الكافي (سليمان)
السيد ابن حميد سطوتكم / ومن له في بناء المجد أركان
بحر المكارم غوث الخلق من شملت / للكون من بره رحمى واحسان
الباسل البطل المغوار من شهدت / بطول يمناه آباء وولدان
وفيكم من رجال المجد من خرست / عنه القوافي ولم يبلغه تبيان
أين المساكرة الصيد الغطارف من / ذوائب الأزد حيث المجد والشان
في ذروة المجد من فهم اذا انتسبوا / أساود الموت يوم الهول طوفان
شم اذا حزموا نار اذا عزموا / شهب اذا رجموا للفضل هتان
كواكب العز لا ترعى مسارحهم / ولا تراع لهم بالضيم جيران
وأين حبس كرام الخيم من قدم / وفيهم من عباد الله غسان
سيوفها وعواليها وأسهمها / وهم اذا افتخر الفرسان فرسان
وأين أسد شراها من وهيبة أهل / الجد والجود ان شدوا وان لانوا
وأين عامر والاحساب مشرقة / ناهيك من عامر والأصل عيلان
وأين همدان من صفين تعرفهم / اذ عك عك واذ همدان همدان
وأين قائدهم ليث المعارك صم / صام المعاضل بدر الفضل سلطان
وأين نار الوغى ال المسيب من / قضاعة وزعيم القوم زهران
وأين وائل والآثار شاهدة / ومجد وائل في التاريخ شهبان
وأين معولة قبل الرسول لهم / على (مزون) أتاوات وتيجان
وأين عنها ذئاب الخطم إن لهم / مناقبا لا يدانيهن انسان
وأين حلقوم ذاك الملك معصمه / سمائل فهي للسلطان سلطان
وأين عن أجربيها منع بيضتها / والأجربان بنو عبس وذبيان
يا جمرة العرب يا عبس الطعان الا / لا يطفئن جمركم بغي وعدوان
لا تشعلوا الحرب الا في مواقدها / حيث الجهاد على الباغين مونان
ويا بني عمنا ذبيان مجدكم / أنا وإياكم في المجد صنوان
بآل حصن وبالعمرين قد فرعت / عزا ونبلا جميع الناس غطفان
إذا مدحت بني ذبيان اخوتنا / أظهرت شمسا لها في العين برهان
فياليوث بغيض در دركم / هلا سباق الى خير وارهان
فرسان داحس والحنفاء حسبكم / من الرهان جهاد فهو ميدان
ذروا الضغائن تذروها الرياح فما / تبقى على خالص الايمان اضعان
ان الحظوظ التي ترجى بالفتكم / في الدين في محكم التنزيل فرقان
وما شفاء حزازات الصدور سوء / ان يستبد بطب القلب ايمان
وأين أزكى وطيس الحرب ما فعلت / فان عمدة هذا الأمر جرنان
وأين حمير أهل العز ما اعتتبوا / عن وعر عزتهم يوما ولا هانوا
صيد صناديد اقيال عباهلة / أسد كواسر في الهيجاء حردان
جاءت ريام بما أعلته حمير من / مجد وقام على البنيان بنيان
وأين حميرها الثاني وأسرته / ذوو المعالي ملوك الناس نبهان
أبقى له السؤدد الأعلى كواهله / مظفر وسليمان وكهلان
هود عرار فلاح محسن ملكوا / فنبهوا الملك حينا وهو نعسان
وكان من فرعهم ملك اليعاربة ال / صيد الكرام وما ادراك ما الشان
سل سيف يعرب عن أخبار سيرتهم / فمنطق السيف اعراب وألحان
ويا بني غافر عليا قريش لكم / أصل وانتم لذاك الأصل أغصان
قوموا الى الله واعتدوا لنصرته / فموعد الله جنات وغفران
وأين أطوادها العليا بنوحكم / أين الذهول سراة المجد شيبان
وأين رهط بني سمح فوارسها / بنو شكيل وأين الأسد كلبان
وأين قوام أمر الناس قادتهم / بنو خروص حماة الدين مذ كانوا
وأين عنها ليوث الغاب مرتها / بنو هناءة ما دينوا وكم دانو
أين اليعاقيب أرض السر ملكهم / ومن مفاخرهم للفخران أركان
وأين أهل الغنى في كل معضلة / بنو علي بن سود أين حدان
وأين يا آل سعد عزم نجدتكم / وأنتم لرسول الله أحضان
هلم يا ابن هلال قم بنصرتها / فالمسلمون بهذا الدين بنيان
وأين من آل بدر سادة نجد / مبادرون الى الخيرات سرعان
أين الحواسنة النجب الكرام فما / عهدي لهم في كفاح الحرب أقران
وأين عنها عواديها بنو عمر / فان جانبهم بالفخر عمران
وأين ضنك واقبال النعيم بها / أين الصلوف وطود الفضل سلطان
وأين كعب وأين الحي من قتب / أين الظواهر والفرسان كهلان
وما رجاء بني يأس على خطأ / فانما القوم أعوان واخوان
قوم على صهوات الخيل طفلهم / يربو له من دم الأطفال ألبان
مساعر الحرب ان تنزل لهم نزلوا / وان تعاضلهم ركبا فركبان
أسد خدورهم سمر الرماح فان / شب الهياج فتلك السمر شهبان
صعب شكائمهم سحب مكارمهم / ان حاربوا صعبوا أو أكرموا هانوا
لا يقتنون رياشا فوق سابغة / كأنهن اذا ألقين غدران
وغير صفحة هندي مفللة / كأنها بنفاث الموت ثعبان
وغير أنياب أغوال مسننة / من عهد عادلها ذكر واسنان
وغير شمس سراحيب مفنقة / كأنها في قتام الحرب غربان
تعلمت من مراس الحرب نجدتها / فهن تحت يد الشجعان شجعان
كأنهن أعاصير اذا احتدمت / نار الوغى وهي في التسنين دؤبان
تلكم حصون بني يأس ومعقلهم / لا يحصن القوم أسوار وأفدان
وأين عنها بنو بطاش أين هم / من لي بهم وهم للحرب أخدان
طال الرقاد بكم هبوا فديتكم / فالشمس طالعة والسيل ارعان
عادات طيء تخضيب السيوف وار / واء المثقف وهو اليوم عطشان
أين العصائب من قحطان أجمعها / وأين من نتجت للمجد عدنان
هبوا لأخذ المعالي من مراقدكم / فليس يستدرك العلياء نومان
هبوا لداعي الهدى هبوا لعزتكم / وكيف نومكم والخصم يقظان
جدوا فديتكم في نصر دينكم / فاليوم فيكم لنصر الدين امكان
كتائب الله لا يحتل بيضتكم / خصم مساعيه في الاسلام ثعبان
كتائب الله ذودوا عن حياضكم / كي لا يهدمها بغي وكفران
كتائب الله ما عيش الذليل لكم / عيش ولا في منايا العز نقصان
كتائب الله لم يعهد بكم خور / وللجبال على الأزمات أقران
كتائب الله حاموا عن حنيفتكم / قد لوثتها خنازير وصلبان
كتائب الله دين الله في طلق / والمشرفيات في الأيمان طلقان
كتائب الله لم تخلق نفوسكم / لكي يسخرها ذل وأهوان
كتائب الله أدعوكم إلى شرف / عقباه أن تصدق النيات رضوان
كتائب الله يوم الهول عيدكم / فما لكم لبغيض الله عبدان
يا غارة الله والأحكام مرملة / لها من الحزن بالتعطيل اردان
يا غارة الله والحر الغيور له / صدع وما أذنت بالصدع آذان
يا غارة الله نخزى في ديانتنا / أليس عارا وحامي الدين خزيان
يا غارة الله نحيا كالبلية في / عقال سوء وما بالرجل عقلان
يا غارة الله كم نرضى مهانتنا / والسيف يرفع أقواما وإن هانوا
أين العزائم أين النخوة انتقلت / أين الحفاظ وأين العز والشان
أين الشكائم في الاسلام ما فعلت / أظنها مع آباء لنا بانوا
سلوا القبور التي ضمت أصولكم / هل واطنوا الذل أم في دينهم هانوا
ربوا لكم بالظبي والسمر ملتكم / وأنتم الآن تجار ورهبان
تركتم سنة الأسلاف مطرقة / ولا يؤنب بالأطراق خجلان
تمشون هونا كأن الزهد أثقلكم / وأنتم بهوان النفس ثقلان
أما يحرككم أن قال ناصحكم / الأصل كاس وفرع الأصل عريان
أقول للبعض منكم وهو عن أسف / والحر يأسف للأحرار إن شانوا
قد كنت نخبة هذا الأمر من قدم / واليوم أنت على الأبواب ذبان
ماذا تقول اذا كنت ابن بجدتها / والأصل معرفة والفعل نكران
طالع صحيفة مجد أنت وارثه / ان كان فيها مجيد القوم خوان
اذا تنكرت للاسلام عن حسد / فاسأل أباك وليَّ الله ما الشان
يخبرك أنك قد فارقت خطته / وانه للذي فارقت حسران
أبعد شيبك في الاسلام يفعلها / يبكي الخليل لها والحبر شاذان
أحسن عزاءك من علم ومن عمل / وأنت للطمع المرذول نجران
واليوم أنت على الأبواب ذبان / وأنت للطمع المرذول تجان
أين السوابق يا قمقامها طويت / أعاذك الله طاويهن شيطان
أساءت العدل اذ قامت به فئة / لها مع الله أقدار وأوزان
ألا تكون لها قطبا تدور به / هل أنت عن قطبها المعهود غفلان
(أظن عهد الشهيدين اللذين هما / يستنصرانك قد أعفاه نسيان)
( أبعد أحبارك الأبرار تنسفها / وأنت في بحرها دور ومرجان)
بنيت قبة ايمان وتهدمها / لله هل بعد هذا الهدم بنيان
نظرت أحمد حتى حل مسكنه / في الخلد من حوله حور وولدان
وصار عند أبيه في حظائر قد / س الله حظهما فوز ورضوان
عدوت تنقضها مثنى وواحدة / وكاكم في مقام الفضل صنوان
وقلت شأنك من باب السياسة في / دفع الأجانب لا بغي وعدوان
تسوسها أنت والايمان يتركها / ما قام عمرك في دعواك برهان
سياسة الله في القرآن كافية / وما يزيد على القرآن نقصان
فارجع الى الله وانظر في سياسته / فأنت من مشرب القرآن ريان
ماذا رأيت أباك الطهر يصنع في / سياسة الدين لما قام (عزان)
أنت الشهيد على اشراق سيرته / وللبصائر بالمشهود ايقان
أفي أمامة حق بعد ما ثبتت / بحقها أنت يا ذا اللب حيران
لا عذر لا عذر فيها حجة قطعت / عذر الخلاف لها في الدين تبيان
فما انحرافك عنها بعد ما وجبت / الا خروج عليها وهو عصيان
أبعد ستين عاما عشت تنفقها / في الله والحمد أنت اليوم خسران
فاتبع إمامك والزم غرز سيرته / ودع هوى النفس ان النفس شيطان
وصن بقية هذا العمر في كيس / فان دهرك لو فكرت كيسان
فارقت عزتك العليا الى طمع / حتى لقد قال أهل السوء ساسان
للمسلمين ظنون فيك عالية / يا ابن المعالي وهن اليوم خيلان
كنت السفينة للاسلام تحمله / ثم انكفأت به والغي طوفان
كنت المرزء للاسلام تكلؤه / واليوم من كثر ما يشكوك ضجران
فافتح فديتك عيني حاذر يقظ / فان كاتب ما تمليه يقظان
بيض العمائم لا تجدي اذا انكدرت / بيض القلوب وللايمان عنوان
طهر ثيابك واغسل راحتيك فها / تيك المطامع أوساخ وأدران
وأحمد نصيحة حر لا يريد بها / ذما وفيك لطود الحمد أركان
ان تعرف الصدق في نصحي فقد سبقت / عهود صدق واخلاص واحسان
ليس الخليل المداجي عند شائنة / إن المداجي في العوراء فتان
لكنه من رأى عيبا وحققه / أهداك عيبك غيظا وهو لهفان
أريك من أسفي خصما تباعده / والقلب من حبك المكنون ولهان
خذ من مضائق أقوالي نصائحها / وفي ضميري لكم بالحب ميدان
يا قوم أهل عمان كم تخالفكم / ان التفرق لا يرضاه ايمان
أطول دهركم خوف مداهنة / مطامع حسد بأو وخذلان
أهذه شعب الايمان عندكم / أهكذا سنة قالت وقرآن
ماذا الشقاق الذي يغري جنوبكم / والمؤمنون بذات الدين اخوان
أطلقتم السيف في أفراد ملتكم / وقيدته عن الأعداء أجفان
هب أن أسيافكم غرثى بها قرم / ففي لحوم العدا يعتاش غرثان
هانت عليكم تراث الكفر واشتعلت / فيكم على بعضكم للبعض أضغان
والفه الدين قربى لم يكن معها / أعلى وأدنى وأحزاب وأديان
يا قوم هذا إمام الدين بينكم / مقصوده الحق لا ملك وسلطان
يدعو الى الله قواما بملته / له حسامان أقساط واحسان
يا قوم طاعته في مصركم وجبت / فرضا عليكم وما في الدين أدهان
يا قوم لا تدبروا عنه فان لكم / ربا يحاسب والإدبار عصيان
يا قوم إن تدبروا يغضب الهكم / وأين ملجؤكم والله غضبان
ان تنصروا الله ينصركم فلا تهنوا / فالكفر في المقت والاسلام رضوان
ان الامام يمين الله بينكم / فبايعوه والا حل خسران
قامت عليكم بحكم الله حجته / ان كان فيكم لحكم الله إذعان
ان تتبعوه فعين الرشد خطتكم / أو تعرضوا عنه فالإعراض طغيان
فراقبوا الله فيه ان حجته / قد قام فيها بحكم الله برهان
تلكم وصية حسان لكم ثبتت / فانني اليوم للاسلام حسان
لا يصدق الدين الا من يناصحه / ولا يتم بغير النصح ايمان
فان تمكن نصحي من بصائركم / بدا لكم من ضياء الحق فرقان
لن ترضي الله حتى تخلص الورعا
لن ترضي الله حتى تخلص الورعا / ولن ترى ورعا بالجهل مجتمعا
حق العبادة فرض لن تؤديه / ان كنت تجهل مفروضا وممتنعا
أمانة الله تسطيع الأداء لها / اذا علمت بعون الله ما شرعا
ولم يجد صانع اتقان صنعته / حتى يكون على علم بما صنعا
ومن مضى في طريق لا دليل لها / ولا معالم تهدي ضل وانقطعا
وفاقد العين محتاج لقائده / لولاه لم يدر مهما جار أو سدعا
فاستنهض النفس في ادراك ما جهلت / حتى ترى العلم في حافاتها سطعا
فهذه النفس مرآة جبلتها / ما قابلت كائنا الا بها انطبعا
مضيئة الذات والاكدار عارضة / لنورها فاذا استجليته انصدعا
والعلم أشرف ما أوليت من خطر / ما حل في موضع لله فاتضعا
فاطلبه لله يفتحه بلا تعب / لا تحتجز غير ما يرضى به طمعا
واليسر يصحب مرتاد العلوم اذا / كان ارتيادا عن الأكوان منقطعا
والعلم بحر محيط لست محصيه / فكن بأنفعه في الدين مقتنعا
ولو فرضنا انحصار العلم في بشر / وقصده غير وجه الله ما نفعا
فاصرف الى الله وجه القصد معتقلا / عقائل العلم فالانسان حيث سعى
والعلم بالله أولى ما عنيت به / وما سواه الى ادراكه نزعا
فابغ المعارف آلات لصنعته / اذ يتقن الصنع بالآلات من صنعا
ولا تقولن علم ليس ينفعني / بكل علم يعيش العبد منتفعا
فاطلب وأطلق بلا قيد ولا حرج / وقف اذا كان عنه الشرع قد منعا
وقدم العلم بالطاعات تقض به / حقا لمحظوره أو ما إليه دعا
دع المهندس في الاشكال مختبطا / وصاحب النجم يرعى النجم ان طلعا
واقصد فقيها بنور الله مشتعلا / يريك ما ضاق عنه الجهل متسعا
فلا يهمك يوم الحشر هندسة / ولا سؤال عن المريخ كم قطعا
ولن ترى من كتاب خطه ملك / يوم القيامة الا الذنب والورعا
فاعمل بعلم واشغل كاتبيك به / فلا يفوتك ما تملي وما جمعا
لا تنفق العمر بطالا فلست ترى / يوم الندامة للأعمال متسعا
في لمحة العمر امكان ومزرعة / وسوف يحصد في عقباه ما زرعا
اذا حشرت بلا علم ولا عمل / عرفت كونك بالتفريط منخدعا
أدرك بقية أيام تمر بلا / مهل فان نجاز العمر قد قرعا
وأيقظ العزم ان نامت لواحظه / في الجد لله لا وهنا ولا هلعا
واصرف حياتك من بدء لخاتمة / في علم دينك للقرآن متبعا
هو المهم الذي ترجى عواقبه / ان مت أحياك أو قدمته شفعا
مزية العلم أعلا نعمة رفعت / عبدا ولولاه لم يذكر من ارتفعا
ما فوق مرتبة المختار مرتبة / ولا وساعة تسمو فوق ما وسعا
وكل علم لمخلوق تقدمه / أو سوف يعقبه من بحره نبعا
وكل ذرة نور أو مقام هدى / فمن مشارق نور المصطفى طلعا
وكل ذلك والقرآن يأمره / قل رب زدني علما فوق ما جمعا
لأن للعلم شأنا كل مرتبة / وكل شان رفيع دونه اتضعا
والنفس قابلة للازدياد فلا / تضيق عنه اتساعا كيفما اتسعا
فارقمه في لوحها واجعله مرشدها / الى حقائق أعمال لها وضعا
فلتطلب العلم للأعمال يخدمها / كالسيف يحمله للضرب من شجعا
ماذا تريد بعلم لا يردك عن / شر ولست به للخير متبعا
ليس الحمار من الأسفار يحملها / بغير أثقالها اياه منتفعا
بئس المثال لمن أوعى العلوم ولم / تفده إلا فلان عالم برعا
وان طلبت به الدنيا فموبقة / أحرى بها من خسيس الجهل ان تقعا
جرده من كل شيء لا يشاكله / ما أقبح العلم مهما قارن الطمعا
واشرف العلم ما يهدي لصالحه / تكون ذخرا وما عن سيء ردعا
ليس السيادة في مال ولا نشب / لكنها العلم مهما رافق الورعا
لله نخبة ابرار فقدتهم / كانوا الأمان فأبقوا بعدهم فزعا
كانوا البحار فابقوا بعدهم يبسا / كانوا السحاب فأبقوا بعدهم قزعا
صحبتهم وغيوث العلم هاطلة / وفارقوني فضن الغيث وانقطعا
أولئك القوم ملح الأرض ان فسدت / فأين هم وفساد الأرض قد قرعا
ما للمعارف من افلاكها نزلت / والآن حلت بطون الأرض والتلعا
من لي بهم في زمان بعض موعده / رفع العلوم وهذا العلم قد رفعا
ورفعه موت من يبغي به عملا / برا ولو حل فيمن ضل وابتدعا
عسى لطائف روح الله منشئة / بعد الاياس سحابا يمطر الطمعا
فتنجلي غبرة الأيام عن خلف / صدق يقوم بنفع الحلق مضطلعا
فان لي املا في فنية نجب / وريثما حاولوا ادراكه خضعا
تنالوا المجد من أركان سالفهم / برق الفضيلة في أعطافهم لمعا
لهم وجوه مصابيح مشعشعة / كأنما البدر في أغصانها طلعا
نجد أماجد في أحسابهم فلق / ومن أياديهم البيضاء قد نبعا
زهر المناقب ينشق المجاد بها / عن حاجب الشمس أو عن صبحها انصدعا
مثل الكواكب في علم وفي عمل / وفي قلوب وفي صيت لهم شسعا
تنافسوا في اقتناء المجد واستبقوا / والكل جلى لمجد ليس مخترعا
سمت بهم همة كالشمس نيرة / فكل هم عزيز تحتها ركعا
وناصبوا الدهر والأيام كالحة / بفضل حرية الأحرار فاندفعا
ونظموا عقد مجد باجتماعهم / لا زال عقدا بعين الله مجتمعا
" تناول المجد" صعب غيرانهم / تناولوه وما شدوا له النسعا
بخ بخ يا سراة المجد انكم / ذكرتم المجد ما أعطى وما منعا
ما زال ينتخب الأحرار في زمن / مقطم الوجه حتى فيكم وقعا
فكنتم الغرة الزهراء فيه ولم / يبصر بأكمل منكم لا ولا سمعا
لنا الهناء بأن المجد بشرنا / منكم بأكرم من في مفخر نزعا
وان مستقبلا يأتي لنزعتكم / من دون حصر المعالي ليس مقتنعا
وانكم ولسان الصدق يشهد لي / وصلتم من حبال العرف ما انقطعا
ومن شعرتم بأن الجهل منقصة / والعلم يعلي برغم الجهل ما اتضعا
أسستم لعلوم الدين مدرسة / كهالة الشمس أنوارا ومنتفعا
ضمت شبيبة اطهار نفوسهم / أصفى من الدر بالأصداف ملتفعا
تعطشوا لاكتساب العلم اذ فهموا / كون الجهالة في حكم الحجى شنعا
مشمرين ذيول الجد همهم / ان يعبدوا الله بالوجه الذي شرعا
أوحت اليهم عقول غير قاصرة / ضرورة العلم فانقادوا لها تبعا
على نشاط وعزم لا يعارضه / معارض فكأن البحر مندفعا
بشراكم يا وعاة العلم ان لكم / يوما سيرجع فيه الجهل منهزعا
وتسعدون بألباب منورة / يصونها الله ان تستمرئ البدعا
يا عمدتي يا غيوث الأرض حسبكم / مسح الملائك تبريكا ومنتفعا
هل تقبلوني فردا من رجالكم / حتى نعيش على هذا الفلاح معا
قد اختصصتم بشأن كله شرف / هل تسمحون بأن يبقى لنا شرعا
ما زلت ادعوا الى أمثال نهضتكم / فكنتم يا رجال الفضل مستمعا
فثبت الله مسعاكم وزادكم / تقدما في العلا ما كوكب طلعا
ألا هل لداعي الله في الأرض سامع
ألا هل لداعي الله في الأرض سامع / فاني بأمر الله يا قوم صادع
وهل من يرى لله حقا ومرجعا / اليه وأن الدين لا شك واقع
وهل من يرى أن الحقوق التي دعا / اليها رسول الله غفل ضوائع
وهل من يرى الشرع الشريف تدرأت / عليه حثالات مبير وخانع
وهل من يرى أن الحنيفة سامها / بما شاء من ضيم لعين مخادع
تمالأ ظلما خيله ورجاله / وليس لهم حد سوى الله مانع
يدوسونها دوس الحصيد كأنها / لقى وأخو الايمان في الأسر خاشع
أفيقوا بني القرآن إن هداكم / الى الجبت والطاغوت في الذل ضارع
أفيقوا بني القرآن إن كتابكم / يناقض في أحكامه وينازع
تعيث قرود الجبت في سنة الهدى / اذا عقدوا شنعاء جاءت شنائع
يعدون دين الله بهتا وهجنة / وان ليس من صوب الاله شرائع
وأن وقوع الدين في الأرض مفسد / وان قوانين السماء فظائع
وان الذي جاءت به الرسل كله / مضر لأسباب الرقي مصارع
وان هدى الاسلام في الأرض ظلمة / ولو زال بانت للرقي سواطع
وان بني الاسلام في همجية / وحوش تعادي في الفلا أو صفادع
وان بني الانسان في الأرض طائر / على شرك عز الجناحين واقع
ولولا عرى إشراكه لتوسعت / مداركهم حيث الحدود الموانع
هلم بنا نقطع حبالة ديننا / اذ الدين عن نور التمدن قاطع
ونرسل أطيار النفوس إلى الهوى / فان هواها للسعادة جامع
ونذروا وصايا الله في الريح تربة / فليس بها استغفر الله نافع
وفي دولة التعطيل مرعى ونضرة / وفي دولة الدين الديار البلاقع
ولا كون الا للطبيعة انها / لها الضر في أكوانها والمنافع
وأن ننتحل شبها لدين سياسة / ففي دولة التبشير فعل مضارع
حبالة صياد ودين ودولة / وتعطيل انسانية وخدائع
فيا لبني القرآن أين عقولكم / وقد عصفت هذي الرياح الزعازع
أمسلوبة هذي النهى من صدورنا / وهل فقدت أبصارنا والمسامع
أما كذبوا لا قبح الله غيرهم / ولا أفلحت تلك الوجوه للواكع
لقد ملأوا الآفاق افكا وخزية / وبغيا ولا مقصود الا المطامع
نفوا ملة الاسلام اذ منعتهم / محارم في حكم العقول فظائع
ولو قلدوا الاسلام ضاق عليهم / سبيل الى ما تشتهي النفس واسع
ولا أطلقتهم في الرذالة رتعا / نذالتهم مهما اقتضته الطبايع
ولا حرشتهم شرة وفظاظة / لهم كلب في نهبنا وتنازع
كأن بني الاسلام صيد رماحهم / وأملاكهم إرث لهم أو قطائع
فلا غرو أن يستنكفوا من ديانة / وقد اسلبت فيها عداها الزرايع
وليتهم اذ عطلوا الدين سايروا / طبيعة تكوين العمار وتابعوا
فأي عمار قام والظلم أسه / وتلكم ديار الظالمين بلاقع
وليت بني الاسلام قرت صفاتهم / فما زعزعتها للغرور الزعازع
وليتهم ساسوا بنور "محمد" / ممالكهم اذ باغتتها القواقع
وليتهم لم ينحروا بسلاحهم / نحورهم اذ جاش فيها التقاطع
لقد مكن الأعداء منا انخداعنا / وقد لاح آل في المهامه لامع
وسورة بعض فوق بعض وحملة / لزيد على عمرو وما ثم رادع
وتمزيق هذا الدين كل لمذهب / له شيع فيما ادعاه تشايع
وما الدين الا واحد والذي نرى / ضلالات أتباع الهوى تتقارع
وما ترك المختار الف ديانة / ولا جاء في القرآن هذا التنازع
فياليت أهل الدين لم يتفرقوا / وليت نظام الدين للكل جامع
لو التزموا من عزة الدين شرطها / لما اتضعت منها الرعان الفوارع
وما ذبح الاسلام الا سيوفنا / وقد جعلت في نفسها تتقارع
ولو سلت السيفين يمنى اخوة / لدكت جبال المعتدين المصارع
وما صدعة الاسلام من سيف خصمه / بأعظم مما بين أهليه واقع
فكم سيف باغ حز أوداج دينه / بأفظع مما سيف ذي الشرك باخع
هراشا على الدنيا وطيشا على الهوى / وذلك سم في الحقيقة ناقع
وما حرش الأضغان في قلب مسلم / على مسلم الا من النعي وازع
ولو نصع القلبان لم يتباغضا / ولا ضام متبوع ولا ضيم تابع
وما هذه الدنيا لها قدر قيمة / يضاع له ذخر من الله نافع
وما نال منها لهائلا غير اثمها / وأكدارها المستأثرون الأمانع
ولو بعدت في النفس منزعة التقى / لما نزعت نحو الشقاق المنازع
ولا ضبحت تعلو بأسباب وهمها / على غير ذي ثبت جداه القوارع
أما هذه الدنيا التي يقتنونها / ستقتضب الاعمار منها الفجائع
قراضة آجال ومطلب جاهل / ونحن لناعيها الينا ودائع
فما بيعنا الحسنى ومرضاة ربنا / بها بيعة ينمى بها الربح بائع
على أي شيء يقتل البعض بعضنا / وتذكي فظاظات النفوس المطامع
ولسنا برغم العقل نطلب وادعا / ولا أحد منا وان عاش وادع
ويكشف عن ساق لنا الحتف دائبا / ونعجله في باطل نتقارع
أليس الذي يأتي من العمر مقبلا / كمثل الذي ولى وفيه المصارع
ولو أشربت منا النفوس تبصرا / لما كان منها للشرارة ناقع
بلى أشربت داءا دخيلا اصارها / كما كمنت في حجرهن الاقارع
ولو بحثت عن دائها كان كبرها / فمنه بلا قيد تثور الشنائع
ولو فكرت في أصلها ومصيره / لدافع داء الكبر منها التواضع
رويدا بني الانسان ان شروركم / يعود عليكم ويلها المتتابع
فما أرسل الانسان سهما محرما / سوى أنه في نحر راميه راجع
ولست وان برأت نفسك خالصا / من الشر والدعوى اليه ذرائع
أنلزمها الاشرار والداء شامل / وننفي اشتراكا فيه والسم نافع
ولو سلمت من صبغة الشر نسمة / لما راع في أوكاره الفرخ رائع
وكل لجاج المرء في الشر نهمة / من النفس تغريها عليه الطبائع
أليس عجيبا زرع نفس شرورها / وعند حصاد الزرع يحصد زارع
ولولا نواميس السماء لما زكت / نفوس ولم يعرف مضر ونافع
ومن سنن الله التدافع بيننا / ليصلح مدفوع ويصلح دافع
ومن سنن الله اختبار عباده / وابلاؤهم وهو الحبى والصنائع
يصب على من شاء صبا بلاءه / وذاك بلاء للمواهب جامع
ومن سنن الله اختفاء اصطناعه / فكم شق أمر ضيق وهو واسع
ومن سنن الله التفاضل في العطا / فذو الجهل موفور وذو العقل جائع
ومن سنن الله التأني بمن طغى / وتعجيل عقبى هفوة اذ تواقع
ومنها انتقام من ظلوم بظالم / وهذا حسام للمظالم قاطع
ألم تر أن الله سلط مشركا / على مسلم والعدل للكل وازع
فما الشأن الا العدل في أي حادث / والاخفي اللطف للزيغ رادع
وفي الشأن أسرار تجلت لذي النهى / عليها جمال الله باللطف شايع
ترى سلطة لا تعرف الله أفظعت / بعارفه والعدل تلك الفظائع
فأنت اذا فكرت لم تلف ذرة / من الظلم في شيء له الله صانع
وما يوجب المقت الالهي عدوة / عدوت بها في خرق ما هو شارع
ولو ثبتت رجلاك دون حدوده / لما كان عن رضوانه لك قاطع
وما يوجب الجود الالهي رحمة / وفضل وتوب منه للتوب زارع
أيحظر أمرا ثم تهتك حظره / كأنك مدعو بما هو مانع
وأنت مع الايعاد للسخط تنتحي / ومن حيث اتيان المساخط طامع
فما من وعيد الله يمنع عاصم / اذا لم يزع من حرمة الله وازع
نضج ضجيج النيب مما ينوبنا / ونحن الى ما تقتضيه نسارع
نطاوع أسواء المغبة رغبة / ولسنا لمحمود الجزاء نطاوع
وما هذه الأوقار فوق رقابنا / يدافع عقابهن عنا مدافع
وبعض عقاب الاثم أخذ معجل / وبعض على الاملاء جانيه وادع
ولو أمحض التقدير عقل لأظهرت / شوارقها بالحكمتين مطالع
فما هو في تعجيله البطش عابث / ولا عارضته في التأني موانع
ولا هو بالاعجال يحذر فائتا / سواه تعالى قبل فوت يسارع
فجل في مجاري حكمه وشئونه / تبن لك فيها حكمة وبدايع
وفي عدله حسب اقتضاه شئونه / تدابير وحدانية لا تمانع
فلا تخبطن في فهم أحكام عدله / اذا اختلفت أشكالها والمواقع
ورب بلاء حل في شكل عدله / وما هو الا الفضل واللطف واقع
فمن ذاك للتوفير وهو أجله / ومنه لتمحيص لذنب يواقع
وتقديمه انذاره ووعيده / الى عبده حد عن العدل مانع
وفي عين هذا العدل فضل محقق / الى مستقر الفضل والجود نافع
وذلك في الجود الالهي لازم / ليذكر اللاهي وينزع نازع
وعاقبة الانذار انقاذ عبده / حذارك مما قيل خلف وشافع
فقم نحو ما يدعو اليه بفضله / فداعيك قيوم برحماه واسع
ولا تعجب ان خالفته كيف بطشه / فمالك الا صحة التوب نافع
ولا تعجبن مما تراه مسارعا / الينا فعدل الله هذا المسارع
الى ما أفضنا فيه من ترك أمره / واتيان منهياته العدل صادع
ففيم صراخ المسلمين وجأرهم / وأغلبهم للمقسطين منازع
لهم في أساليب الشقاق طرائق / وكل طريق في الضلالة شارع
وأغلبهم للاستقامة شانيء / بسيف التعدي في حمى الله شانع
ولو شملتنا الاستقامة لم نزل / لنا ألفة ترفض عنها المطامع
سقى الله أرضا تنبت القسط سوحها / وبين رباها العلم والحق راتع
ربوع بحمد الله نور "محمد" / عليها بنور الله أبلج ساطع
وحيت يمين الله بالروح والرضا / رجالا لهم تلك العراص مرابع
رجال سعوا لله سعيا مباركا / فما قطعتهم عن رضاه القواطع
أنابوا الى الله اتباع سبيله / فما صدعتهم في السبيل الصوادع
وقاموا بمفروض القيام عليهم / فما عز جبار ولا ذل ضارع
فما جمعوا ما فرق الله جمعه / ولا فرقوا في الدين ما الله جامع
ولا شرفوا الا بخالصة التقى / حظوظهم منها البحور الجوامع
بهم يقتدى في العلم والهدي والهدى / وعن خلقهم تروي النجوم السواطع
عليهم وقار الرسل أرست جباله / وهم لكمالات النفوس مطالع
تجلت لهم من باطن الشرع حكمة / ولو أظهروها ناقضتها الشرائع
ألحوا على الاخلاص حتى تفجرت / على لسنهم بالحمتين ينابع
ولو أظهروا من حكمة السر ذرة / لكانوا بحكم الظاهر الشرك واقعوا
فبورك علما طابع الشرع باطنا / وفي ظاهر الأحكام للعذر قاطع
أولئك أهل الله رحمة أرضه / بهم تمطر الارض السحاب الهوامع
أولئك أوتاد الوجود وغوثه / وأحوالهم في الاعتبار شوافع
أولئك أهل الحق ما ضل مقتف / هداهم ولا يغوي عليهم متابع
أولئك أهل الفهم ما جار فهمهم / عن الله ما يقضي وما هو شارع
أولئك أهل الخير أما حياتهم / فغنم وأما ذكرهم فذرايع
أولئك أهل الفضل حتى ولو فنوا / لهم بركات في الدنا ومنافع
أولئك أشياخي فجئني بمثلهم / اذا جمعتنا يا جرير المجامع
ولست بجاء في الوجود بمثلهم / وللقوم شأن في الولاية شاسع
وللقوم ارث صادق من "محمد" / لكل هدى للرسل لا شك جامع
وماذا عسى أن يبلغ الحمد فيهم / وهم لضياء المرسلين مطالع
نعم أن نور الرسل في قلب ختمهم / وفي القوم نور الختم أبلج ساطع
سرى علمهم بالله في سر سرهم / وهذا لصدق الاتباعين تابع
وما صدقوا في الاتباع لغاية / ولكن لحب الله فيهم نوازع
ومحترق الأركان من خوف ربه / له صعقات بينه ومصارع
له ما عدا العلم القديم صحيفة / يشاهد فيها صنعه ويطالع
ومهما يكن في الملك والملكوت من / بدائع لم تحجبه تلك البدايع
يرى كل شيء غير مرضاة ربه / رمادا به اشتدت رياح زعازع
ولو خالست منه العلائق لفتة / كفاها من التوفيق عنه ممانع
يطارد آفات الوجود بعزمه / فتنكص حسرى عنه والعزم ناصع
رمى عرض الدنيا وراء يقينه / بأن وراء الحد شأنا يسارع
يحرر نفسا من عبودة مطمع / سوى رغب فيه الى الله طامع
به أنف الأملاك في نضرة الغنى / وما نال منه ما تقل الأصابع
كفته لقيمات يقومن صلبه / وطمر من الانهاج بأياه راقع
يلذ فطام النفس عن كل لذة / ولذات هذا العيش بئس المراضع
يبيت اللأحزان جمرة قلبه / تشب اذا سالت عليها المدامع
اذا ذكر الأخرى تضاءل جازعا / كأن راعه من هادم العمر رائع
وان ذكر الدنيا تفانى وأصعقت / مشاعرة تلك الصعاب القوارع
على وحشة في السجن من بغتة الفنا / وما خلف يوم الموت كيف المفازع
وما زخرف الدنيا وان راق رونقا / على عينه الا العنا والفجائع
أحال على أنفاسه البر والتقى / فللبر والتقوى عليها طوابع
على الأرض منكور ويعرف في السما / له مخبر بين الملائك شايع
تراه متى ما الليل عمد بيته / عمودا على محرابه وهو راكع
يشعشع بالقرآن أنوار قلبه / فعنهن شقت للعيون المدارع
يرجع في الديجور رنة ثاكل / نحيبا كما ناح الحمام السواجع
يناوحه همان هم مخافة / وهم رجاء والبرايا هواجع
بأمثال هذا يرحم الله خلقه / وان عظمت أحداثهم والشنائع
بأمثال هذا تحفل الشاة ضرعها / ويسمن مهزول ويقطف يانع
بأمثال هذا يخصب الله أرضه / ويشرب عطشان ويشبع جائع
بأمثال هذا تنزل السحب رجعها / وينضر صدع الأرض وهي بلاقع
بأمثال هذا يدفع الله سخطه / وليس لسخط الله في الأرض دافع
لهم منزل في القرب للخلق نافع / وحدّث وأطلق كيف تلك الموانع
أولئك أبرار الأباضية الألى / على نهر حرقوص وزيد كوارع
هم القوم أحرار الوجود سمت بهم / الى الله من حظ سواه المنازع
محبتهم ديني بها أبتغي الرضا / الى الله والزلفى وهم لي ذرائع
ودعوتهم لي سنة وجماعة / أجهاد في احيائها وأقارع
واني وان يتركني السيف قعددا / فذلك للأمر الذي لا أدافع
قضى الله أن أحيا من العجز قابعا / وما أنا في همي الى الله قابع
اذ لمت نفسي أقنعتني قيودها / وما أنا دون النصر لله قانع
وما نصرتي بالقول والقول تشتفي / من الغيظ لولا دون عزمي موانع
الى الله أشكو حائلا صد همتي / فعشت كما عاش الجبان الموادع
أأحيا كسير النفس والسيف عانيا / وسيف الأباضيين في الخصم شارع
على أنني إن هدني الحزن هدة / ونهنهني مما قضى الله قادع
ليعلم قصدي عالم الجهر والخفا / وللعبد ما ينوي وان سد مانع
لعل ختام القصد نيل موفق / يهيئه حول من الله واسع
فأضحى بتهليل السيوف مهلالا / متى حيعلت نحو الجهاد الوقائع
ويرضى الهي في مواطن حربه / قيامي اليه والرماح كوارع
لعلمي ان لاقيت حتفي مجاهدا / فذلك فوز عشت فيه أنازع
وان وقوع الموت للمرء موضع / وليس لموت كالجهاد مواضع
وما مات من ألقى الى الله نفسه / وان حولت وسط اللحود المضاجع
وأي رجاء بعد ستين حجة / لعيش وهل ماض من العمر راجع
فهلا انقطاع العمر لله لحظة / أحق به والعمر يبليه قاطع
ولم يبق منه غير فضلة ساغب / سيخطفها من طائر الموت واقع
وأمنيتي في بيعها من إلهها / بسوق جهاد حيث تزكو البضائع
على الله احسان الخواتم انه / اذا شاء بين العبد والخير جامع
أصبحت لا أملك للنفس وطر
أصبحت لا أملك للنفس وطر / ولا أرد ذرة من القدر
أحمد مولاي على خير وشر / مستسلما لما قضى وما قدر
أصبحت والذنب عظيما موبقا / أوقعني في أسر أشراك الشقا
إن لم يكن لي سيدي موفقا / ولم يكن لتوبتي محققا
أصبحت عبدا في مقام الذلة / قضيت عمري باطلا وضله
ابارز الله بقبح الخله / انتهك الزلة بعد الزله
أصبحت عبدا بذنوبي معتقل / قد غرني الجهل وأرداني الأمل
يا ويلتاه قد دمنا مني الأجل / ولم أقدم صالحا من العمل
تلك صفاتي بئس وصف المتصف / عن كل ما يرضي الهي منحرف
أواه أواه عبيد مقترف / مصرح عما جنيت معترف
ظلمت نفسي وتركت رشدي / وكان هزلي في الهوى وجدي
وفي المعاصي خطأي وعمدي / وكل شين وقبيح عندي
ها قد ندمت الندم الصريحا / على حضيض ذلتي طريحا
تبت اليك توبة نصوحا / علمتك الحليم والصفوحا
تبت اليك توبة أخلصتها / طاهرة على الهدى نصصتها
خالصة من الهوى محصتها / على الذي يرضيك قد خصصتها
تبت اليك حط عني اصري / أنا الذي أخلق وجهي وزري
أنا الذي أثقل ذنبي ظهري / أنا الذي فررت عنك عمري
تبت اليك عائذا بوجهكا / من الخطايا الموجبات سخطكا
من ذا يقوم سيدي لمقتكا / أم من يطيق يا الهي عدلكا
تبت اليك توب من لا يرجع / عن كل ما يسخط ربي مقلع
ولست الا في رضاك أنزع / اذ ليس لي الا رضاك ينفع
تبت اليك توب من لن ينقضا / عهدك أو يأتي مكروها مضى
ما أعظم الفوز اذا نلت الرضا / والويل لي ان تك عني معرضا
تبت اليك من ذنوب السر / تبت اليك من ذنوب الجهر
ومن ذنوب قاصمات العمر / ومن ذنوب موجبات الفقر
تبت اليك من خواطر اللمم / وكل محظور جرى به العلم
وكل ما عدت له بعد ندم / وما انتهكت فيك من أي الحرم
تبت اليك توبة تأتي على / قولي وفعلي تاركا وفاعلا
وما جنيت عالما وجاهلا / وما اقترفت ذاكرا وغافلا
تبت متابا جامعا لما جرى / بالقلب والقالب مما حجرا
اليك نفسي نادما مستغفرا / عند الصباح يحمد القوم السرى
تبت من الجور على كل أحد / والكبر والعجب ومن ذنب الحسد
ومن عقوق الوالدين والولد / ومن حقوق من دنا ومن بعد
أستغفر الله من التعسف / في الدين والغلو والتعجرف
ومن ذنوب الشك والشرك الخفي / وفتنة المسرف والمسوف
أستغفر الله للغو مقولي / وسعي رجلي ويدي في خطل
ولاتباعي الشهوات الرذل / ومهلك التقصير والتوغل
أستغفر الله لقصد انطوى / على رضا الله فصده الهوى
ونية تميلني لمن غوى / وان يكن لكل عبد ما نوى
أستغفر الله من الكبائر / أستغفر الله من الصغائر
أستغفر الله لحلف فاجر / وكل ما يخطر في سرائري
أستغفر الله من الملاهي / والبذل والتبذير في المناهي
والحب والبغض لغير الله / وخلق الفاخر والمباهي
يا غافر الذنب اغتفر لي ذنبيه / يا قابل التوب تقبل توبيه
علمت هودي وشهدت لبيه / لبيك سعديك حنانيك ليه
فرطت في جنبك تفريطا جلل / ولم أغادر ذرة من الزلل
آتي معاصيك على غير وجل / ثم ألح في الدعا بلا خجل
ما أعظم المصاب ويلي ماليه / وأقبح السوءة من أفعاليه
جملت رشدي ومقام حاليه / وفاتني رشدي من أغفاليه
يا من غياثي علمه ورحمته / ومفرغي احسانه ومنته
ومن معاذي لطفه ورأفته / ومن رجائي عطفه ونظرته
عبدك قد باء بنفس ناكصه / وقد علمت مطلقا خصائصه
ذا روعة قد أرعدت فرائصه / بتوبة من كل جرم خالصه
باسمك الأعظم اسم الذات / مجمع الاسما منتهى الغايات
بحق الاسماء المباركات / وبالكمالات وبالصفات
بوصفك الذاتي والفعلي / بوصفك المضاف والسلبي
لست بموهوم ولا مرئي / مغاير الحسي والعقلي
بقدسك الأسنى بسبحانيتك / بالمنظر الأعلى برحمانيتك
بوجهك الباقي بربانيتك / بالشاهد القاضي بوحدانيتك
بأنك الأول من قبل الأول / بأنك الآخر من غير أجل
بأنك الخالق تعليل العلل / ولن تزال واحدا ولم تزل
بمعقد العز من العرش العظيم / بمنتهى الرحمة في الوحي الكريم
بكل إسم صانه العلم القديم / في السر أو علمته قلبا سليم
بملكك الباقي بقدر العظمه / بالقسط حكما بعلو الكلمه
بموضع السر في الآي المحكمة / بالنعمة المطلقة المتممة
برتبة الحق رفيع الدرجات / ذي العرش ملقى الروح باعث الرفات
بما على وجوده من بينات / بحق من لذاته من الثبات
بعزة القاهر واجب الوجود / بالصمد المعبود بالحق الودود
بالفاتح الباسط وهاب الجدود / بالوارث الباعث هامد اللحود
بمجدك الأعلى بقهر الجبروت / بعزة الملك بعظم الملكوت
بعز سلطانك حي لا تموت / بلطفك الساري بعطف الرحموت
بقهرك الغالب بالجلال / بالكرم الفياض بالجمال
بقدرك الشامخ بالكمال / بحكمة الشؤون في الأفعال
بالوحدة القديمة المكونه / بالقدرة الغالبة المهيمنه
بالقدم القيوم قبل الأزمنه / وبالتغالي عن ظروف الأمكنه
بسبحات النور الحقيقيه / بأبحر المحامد العميقه
وبنعوت ذاتك الحقيقيه / ظاهرة تذكر أو دقيقه
بحقك الواجب في طوع الذمم / بعدك الأشد بالوعد الأتم
بنورك المشرق كاشف الظلم / بلوحك المحفوظ ربي بالقلم
بالعلم بالحياة بالكلام / بقدرة القادر بالدوام
وبحمى الارادة اعتصامي / وبجلال الحق والاكرام
بحول مولانا بحبله الشديد / بقوة الله بأمره الرشيد
بسطوة الله ولا عنه محيد / بقربه الأقرب من حبل الوريد
بحكمة الله الحكيم البالغة / بحجة الله الولي الدامغه
بنعمة الله الكريم السابغه / بشمس برهان الصفات البازغه
بحكمة الابداع والتعبد / وبغناك المطلق المجرد
بلطفك الخافي بفيض المدد / بمجدك القائم بعد الأبد
بكبرياء الملك الحق المبين / بعز سلطان الألوهة المتين
بالقبضة الأولى بقوة اليمين / بحيطة القهر لكل العالمين
بعظم الذات بذات العظم / بالجبرياء بالعلاء الأعظم
بالكرم الحق بحق الكرم / بواسع الرحمة للمسترحم
بالواحدية التي لا تنقسم / بالأحدية الحقيقية القدم
بالعلم من قبل الوجود والعدم / بالبر بالرأفة في كل القسم
بسر كن عند مراد الخالق / بسر احصائك للخلائق
بحفظك المحيط بالحقائق / بنفس الرحمن في المضائق
بصمدانيتك اللهما / بجاهك الجاه الأعز الأسمى
بوهبك الظاهر والمعمى / بالمن منك عطفه ورحمى
بالطول يا ذا الطول والتطول / بكرم الذات بلا معلل
بالحلم بالعفو يغفر الزلل / بالفضل بالعدل بأعلى المثل
بحمدك الواجب للذاتيه / مستغرق المحامد الكليه
بما حمدت نفسك القدسيه / به من المحامد الزكيه
بما به أثنيت سيدي على / نفسك من أمجاد قدرك العلى
لوجهك المجد لجدك العل / اأنت كما أثنيت من نفسك لا
بحق قيومية الله على / عوالم الحادث علما وولا
سناء قيومية الله انجلى / بكل ذرة فلا سلب ولا
بمظهر الحق على الآثار / بمشهد الحق على الأطوار
بما لوجه الحق من أنوار / بما لذات الحق من إكبار
بسلطة الابداء والاعاده / بحكم الاختيار والاراده
بشدة المحال بالسيادة / بالملك بالانشاء بالاباده
باسمك الله الجليل الباهر / قطب الأسامي جامع المظاهر
مشرق الاسرار على السرائر / مقدس البطون والظواهر
بمظهَرَي رحمتك الحفية / من اسمك الرحمن للبرية
واسمك الرحيم بالكليه / حياتنا الدنيا والأخرويه
بمالك الملك المليك الملك / مدبر الأمر مدير الفلك
غير مماثل وغير مدرك / مملك الملوك ما لم تملك
بالطاهر القدوس ذاتا وصفه / عن صفة حادثة مكيفه
قداسة تدرك منها المعرفه / وحدته الباطنة المنكشفة
باسم السلام المؤمن المهيمن / بعز اسمك العزيز الأمكن
بقوة الجبار فوق الممكن / بالمتكبر الأعز الأمتن
بالخالق البارئ للبدائع / مصور الأشكال والصنائع
غفار ذنب مسرف وطائع / قهار الاشياء بلا منازع
بحق وهاب العطا بلا غرض / رزاق مخلوقاته بلا عوض
فتاح أبواب الندى وما غمض / عليم ما أوجد جسما وعرض
بالقابض الباسط أصناف النعم / بالخافض الرافع منا وكرم
بعزة المعز من شاء وكم / أذل باسمه المذل من أمم
بالحكم العدل اللطيف بالعباد / وبالخبير بالمريد والمراد
وباسمك الحليم عن أهل الفساد / وباسمك العظيم قدرا لا يساد
باسمك الغفور بالشكور / باسمك العلي بالكبير
باسمك الحفيظ في المقدور / بحفظك استقامة الأمور
باسمك المقيت للنفوس / والروح والقلوب بالناموس
باسمك الحسيب يا أنيسي / في وحشة المعقول والمحسوس
باسم الجليل مظهر الجلال / باسم الكريم مظهر الجمال
وبالرقيب شاهد الأحوال / وبالمجيب لهجة السؤال
بسرود اسمك الودود / بجاه مجد هيبة المجيد
باسمك الباعث بالشهيد / بالحق بالوكيل للموجود
باسم الولي بالحميد المحصي / بالمبديء المعيد مالا نحصي
وباسمك المحيي المميت نصي / اليك في ضراعتي ونقصي
باسمك الماجد باسم الواجد / بمظهر الوحدة اسم الواحد
بالأحد المشهود في المشاهد / بالصمد المغيث كل صامد
باسمك المقدم المؤخر / بالأول الآخر بعد الفطر
بالظاهر النور بوجه الأثر / بالباطن الذات عن المستر
باسمك الوالي صنوف ما خلق / بالمتعالي جده رب الفلق
باسمك البر المبر المرتزق / توبك يا تواب للتواب حق
باسم العفو بالرؤوف المقسط / باسمك الغني مغني المفرط
في الذنب والصالح والمفرط / بالمانع الحافظ في التورط
بالنور بالهادي البديع الباقي / بالوارث الرشيد بالخلاق
باسم الصبور صادق الميثاق / يمهلنا وما سواه الواقي
باسمك الأعلى إله الآلهه / باسمك هو ذكر القلوب الوالهه
باسمك أنت لهجة المواجهه / باسم أنا علوت عن مشابهه
بكلمة الاخلاص حصنك الحصين / بحق توحيدك حبلك المتين
بكل سر لك في الغيب خزين / بحق ذكر أهلك المقربين
بحق ما أنزلت من كلامكا / بحق ما أفهمت من الهامكا
بحق ما دل على إعظامكا / بحق ما تعلم من ثنائكا
بدعوات رسلك المطهره / بدعوات الأولياء الخيره
بحق اذكار الكرام البرره / بكل ما تجزى عليه المغفره
بالصلوات الطيبات أوألُ / بالباقيات الصالحات أسأل
بالكلم الطيب لي معول / بكل ما ترضاه مني أمثل
بحق ذكور نورك المحمدي / ببركات النفس المحمدي
بسر فيض المدد المحمدي / بنفخات روحك المحمدي
بقربات المصطفى محمد / بسبحاته مع التمجد
بماله في مصدر ومورد / من رتبة ومشهد ومدد
بقلبه بروحه بنفسه / بعلمه بسره بقدسه
بسبقه ليومه وأمسه / بنجمه ببدره بشمسه
بالمعنويات التي بها انطوى / وبالخصوصات التي لها احتوى
بعرش زلفاه الذي فيه استوى / يا فالق الحب وفالق النوى
بجاهه بقربه بقدره / بأمره بفتحه بنصره
بجده بعزمه بصبره / بحوله بغلبه بقهره
بحرصه على جميع الأمه / بكشفه لمعضلات الغمه
كم أزمة فرج بعد الأزمه / ما خاب من لاذ به وأمه
بشرعه المقدس النور المبين / بما تلقاه عن الروح الأمين
ومن تجلى رحمة للعالمين / فعم بالرحمة في دنيا ودين
بما اختصصته به من الهبه / ومن لدنياتك المغيبه
ومن كمال لا يوازيه شبه / ومن مقامات له ومرتبه
بهديه بسمته بهيبته / بفضله بوصله برأفته
بمعجزاته بغلب حجته / بحبه وحفظه لأمته
بنسله بآله المطهرين / بصحبه بالخلفاء الراشدين
بأهل بدر سادة المجاهدين / بأهل أحد المتقين الصالحين
بحمزة الشهيد عم المصطفى / بعمه العباس معدن الوفا
بجعفر الطيار نور الشرفا / بابن عباس امام من صفا
ببيعة العقبة الموزره / ببيعة الرضوان تحت الشجره
ومن وفى بعده ووقره / ففاز منك بالرضا والمغفره
بعبدك الصديق ذي المعية / صاحبه في الغار يوم الهجرة
بعمر الفاروق عدل السيرة / من كاد أن يفوز بالنبوة
بكل من بشره بالجنة / بكل من تابعه في السنه
بكل من لم ينغمس في الفتنة / ولم يغيره طروق المحنه
والتابعين لهمُ بإحسان / وكل من نورته بالايمان
وكل من أخلصته بالعرفان / وكل من أدبته بالقرآن
بالأمة الخير الشهيدة الوسط / بما لها عندك من خير الخطط
بكونها لكل رحمة فرط / كل مكلف لفضلها غبط
بالسادة الابدال بالأقطاب / بالسادة الأفراد بالأحباب
وبرجال الغيب بالانجاب / بالنقباء الطهر الأطياب
بدرجات الأزكياء السالكين / وبمقامات نفوس العارفين
وبقلوب الأولياء الواصلين / بالخلفاء منهم والمرشدين
بعلماء الدين أهل العمل / وبالأئمة السراة الكمل
بكل عبد لك في الغيب ولي / من أي أمة لأي الرسل
بالأنبياء بجميع رسلك / بالملأ الأعلى من اصناف الملك
بحاملي العرش بسالكي الفلك / بالعرش بالكرسي ربي أسألك
أدعوك يا ربي بما دعوت به / وكل ما تحب أن تسأل به
وكل ما تجيب من دعاك به / معتقداً لكل ما أمرت به
ملأت قلبي منك خوفا ورجا / جعلت حسن الظن فيك معرجا
فاجعل لنا من كل أمر مخرجا / وحاجتي ربي النجا فيمن نجا
أهم حاجاتي اليك المغفره / وان أكن ضيعت فرض المعذره
صحيفتي بالسيئات موقره / وليس عندي حسنة مؤثره
نعم بتوحيدي اليك ازلف / وان أكن في قيد ذنبي أرسف
بتوبتي في حوبتي أسوف / أسرف في الذنب وأنت تلطف
غفرانك اللهم أهل المغفره / ليست ذنوبي عنك بالمستتره
علمت مني توبة مستشعره / فاجعل الهي توبتي مكفره
غفرانك اللهم ذنبي كرما / وجهت وجهي حنيفا مسلما
قد اعترفت باكتسابي المأثما / اخفي وأبدي أوبة وندما
أعظمت في خلافك الجريره / وساءت السيرة والسريره
وانطمست من الهوى البصيره / ما للهوى ونفسي الأسيره
أبوء بالخطة من اسرافيه / وأنت بالنعمة لي والعافيه
لا أستحي منك على خلافيه / وأنت لا تخفى عليك الخافيه
نظرتك اللهم ربي نظرتك / علمت دحضي وعلمت حجتك
لا وجه لي إلا التماسي رحمتك / بروحها أنال ربي توبتك
لزتني الورطة منها في قرن / وحجبتني عنك ويلات الفتن
أخبط في الغي على غير سنن / وأنت تدعوني وتدني لي المنن
هذا اعترافي واقترافي أعظم / خدمته وبئس ما أقدم
ومن خطيئاتي ما لا أعلم / أحصاه في اللوح علي القلم
أعرض نفسي لعظيم الحلم / معترفا بخستي وظلمي
على يقين وثبات علم / بأن حلم الله فوق جرمي
حاشاك أن يقنط منك المسرف / وقد أتاك تائبا يعترف
ما هو مقدار الذي اقترف / في حلمك الذي به تتصف
من شأنك العفو عن الجرائم / من شأنك الصفح عن المآثم
وسعت كل محسن وظالم / أين مفر موقر المظالم
قدمت نفسي رافعا كلتى يدي / مستسلما لله لا أملك شي
فان تعذب فلك العدل علي / أو تعف عني فلك الفضل علي
اعترفت نفسي بعجز قدرها / اعترفت نفسي بأصل فقرها
ولي شئون أستحي من ذكرها / لما جنته من عظيم وزرها
احطت علما بشؤوني كلها / والعجز بي عن عقدها وحلها
وحالتي وفقرها وذلها / وأنت حسبي وكفى لنيلها
ادقعني الفقر وأنت الشاهد / وأنت ذو الطول الغني الواجد
بيدك الفضل ومنك الوارد / وكل موجود سواك نافد
فتحت أبوابك بالمواهب / منا على الخلق بغير واجب
فكلهم في بسطة الرغائب / كفاية وحسبة من واهب
خزنت بحر الرزق في الأسباب / وقد علمت حكمة الأكساب
والرزق تحت قسمة الوهاب / اخرج كل مدد من باب
أقمتني في سبب معوق / أستنطف الرزق من المرتزق
ما تحت وسع الله من مضيق / ما ضاق بي فضل غناك المطلق
ما نفدت خزائن الكريم / والفيض من احسانه القديم
ما قل وجد الملك القيوم / يا مخرج الموجود من معدوم
جميع الأسباب تقتطعت بي / والسبب الموصول فضل ربي
حسن افتقاري طيبات كسبي / والعمد الفتاح حسبي حسبي
ذريعتي جودك وافتقاري / وترك تدبيري واختياري
وخالص التفويض في الأطوار / وعلمك المحيط باضطراري
حاشاك عن طردي وقطع الأمل / لما علمت من قبيح العمل
أنت ولي الحمد والتفضل / جودا الهيا ولطف مجمل
حاشاك عن طردي وان ساء الأدب / لأي باب أم الى أين الهرب
منك اليك والتدابير نصب / تدبر الأمر وتنشئ السبب
لو جد جد الهمم المدبره / ردت إلى قسمتك المقدرة
كل قوي تدبيرنا منحصره / في قبضة الرب على ما قدره
ما قدر شكواي وما تعلقى / أي مقام لي في التخلق
يبلغ ما يبلغه تحققي / برحمة الله الغني المطلق
اني عن حق الدعاء اعجز / اطنب في تملقي أو أوجز
لكنها خصاصة تنجز / تعلمها مني وأنت المنجز
قد مسني الضر وأنت أرحم / وأنت باضر الهي أعلم
تهين من تهينه وتكرم / من يقصد العبد ومن يسترحم
مالك كفؤ وبك الكفايه / وقد رأيت موضع الشكايه
فانظر إلي نظر العنايه / من بدء أحوالي إلى النهايه
ان تنظر اللهم تنظر مسلما / أو تعطني تعط فقيرا معدما
لم يلف في الكون سواك مكرما / ولا من الخير لديه مقسما
قد ردني الكون إلى المكون / لم أر شيئا اذ فتحت أعيني
ومثل ما لم أره لم يرني / وانما أشهد ما أشهدتني
شهدت اطواري في كف الصفه / شهدت قيومية مصرفه
شهدت كل الحادثات موقفه / شاهدة بعجزها معترفه
شهدت معبودي بي حفيا / أوجد نفسي بشرا سويا
واسبغ النعمة لي مليا / كم ملأت يداه لي يديا
أنشلني اللهم من هذا الدرك / انقذني اللهم من هذا الشرك
ما فعل الفقر ترى وما ترك / ولست أشكو يا الهي قدرك
ما حيلة البائس إلا المسألة / وأن تراه صادقا تبتله
بوقفة يصلح فيها عمله / لوجهك الكريم يلقى أمله
مولاي قد علمت صدق المدعى / وحيلتي مولاي لهجة الدعا
دعوتني وأنت خير من دعا / فلا تدعني سيدي مودعا
ان كانت اللهجة مني كاذبه / وسيئاتي لمرادي حاجبه
فهذه البأساء ربي لازبه / فالطف وألطافك ربي جاذبه
باساء لا يقوى لها تجلدي / وأنت من ورائها بمرصد
يا فاتح الوهب وباسط اليد / يا قاسم الرزق مفيض المدد
أنت لها فجلها بعارفه / أرسل فيها سيدي لطائفه
عقدة سوء ادهشت محالي / عيل بها صبري وضاقت حالي
فأذن لها يا رب بانحلال / وأذن لألطافك في أحوالي
مشعر احسانك ربي مزدلف / وفيك لي من كل فائت خلف
قد انتهيت عن جميع المقترف / ان ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف
مكني اللهم في خير مقام / في الدين والدنيا وبلغني المرام
ورد أحزاب أعاديك الطغام / بغيظهم عنا وحدهم بانتقام
ليسوا بمعجزين في الأرض وما / كان لهم من دون ربي أوليا
ضاعف لهم من العذاب والشقا / معجلا ما عجزت عنه القوى
اليك وجهي يا عظيم المن / لا أعلم القاطع الا مني
خلقك عن خلقك ليست تغني / لا يملكون كشف ضر عني
لا أحذر السوء بأي موطن / وقد تقلدت سلاح المؤمن
يا حامي الجار حماك مأمني / من تتولى نصره لم يوهن
فوضت أمري كله اليكا / معتمدا في وجهتي عليكا
استنجح الأمال من لديكا / واستمد الخير من يديكا
بارك بيمناك على حياتي / وخذ اليك خالص التفاتي
لا تلقيَني بين مهلكاتي / ما النصر إلا من لديك آت
وهبتني الذكر كما أجريته / هب لي به نجاة من أنجيته
ووقني النار كمن وقيته / من تدخل النار فقد أخزيته
سمعت من نادى للايمان وقد / أمنت لا أعدل بالله أحد
بحق الايمان بغفرانك جد / معاذك اللهم من خزي الأبد
وآتنا وعدا على رسلك تم / لا تحزنا يوم القيام في الأمم
لا تخلف الميعاد ما قلت انحتم / ولا تضيع عملا فيك ولم
وهذه انابة افتقاري / جامعة لمنتهى أوطاري
وجل قصدي يا عزيز الجار / رضاك والجنة خير دار
ان وقع الدين وحالي مبلس / وطولب الدَين البئيس المفلس
لسان حجتي هناك أخرس / نعم من الرحمة لست أيأس
ان فاتني حظي من حسن العمل / ما فاتني حظي من حسن الأمل
والعمل الصالح كيفما كمل / كما له بفضله عز وجل
ما هو فضل العبد في أعماله / الا اذا نظرت في كماله
بك البلاغ الصرف في آماله / ماذا عساه بالغا بحاله
يا رب لا تترك صلاحا يبتغى / الا اليه كنت لي مبلغا
واجعل معاشي خالصا مفرغا / لله في طاعته مستفرغا
يا رب خذ بي في رضاك مأخذا / يا رب واعصمني من كل أذى
لا يجد الشيطان عندي منفذا / لست أرى الا الهي منقذا
رب وارزقني حسن الخاتمه / يا رب اسعدنا بحسن الخاتمه
توفني رب بحسن الخاتمه / يا رب وفقنا لحسن الخاتمه
وصل يا رب وسلم أبدا / فوق الرضاء ليس يحصى عددا
خص به رسولنا محمدا / والآل والصحب ومن به اهتدى
معاهد تذكاري سقتك الغمائم
معاهد تذكاري سقتك الغمائم / ملثا متى يقلع تلته سواجم
تعاهدك الانواء سح بعاقه / فسوحك خضر والوهاد خضارم
إذا أجفلت وطفاء حنت حنينها / على قنن الأوعار وطف روازم
ولا برحت تلك الرياض نواضرا / تضمخها طيب السلام النسائم
تصافحها بالزاكيات أكفها / فيحسب فيها والرياض تراجم
معاهد شط البعد بيني وبينها / وحل بقلبي برحمها المتقادم
تزاحم في روعي لها شوق واله / وصبر وآن الصبر أن لا يزاحم
اذا لاح برق سابقته مدامعي / وليت انطفاء البرق للغرب عاصم
لئن خانني دهري بشحط معاهدي / فقلبي برغم الشحط فيهن هائم
وان هيام القلب فيها وقد نأت / وسائل في شرع الهوى ولوازم
فيا لفؤادي ما التباريح والجوى / فعلن إذا ازدادت عليه اللوائم
على ان ذكر النفس عهدا ومعهدا / امض بها مما تمج الأراقم
خليلي في أعشار قلبي بقية / اضن بها ان ناوحتها الحمائم
خذا عللاني عن أحاديث جيرتي / فاني بحب القوم ولهان هائم
ولا تسلما عقلي الى هيمانه / فذكرهم عندي رقى وتمائم
نزحت وفي نفسي شجون نوازع / اليهم ونازعت الأسى وهو خائم
فكم جعلت نفسي تطالب صبرها / بنصر فيأبى الصبر الا التناوم
يقوم فيعروه التياع مبرح / فينكص وهناً فهو يقظان نائم
على غردان الايك مني تحية / كما هيمنت ريح الصبا والبشائم
أثارت رسيسا في الفؤاد بما شدت / ففاض به من ماء جفني راسم
خليلي ما تذكار ليلى لبانتي / أقامت بنجد أو حوتها التهائم
ولا ربعها العافي عليه تناوحت / صبا ودبور أو بكته الغمائم
تهادى به الآرام والعفو رتُعا / كما تتهادى البهكنات النواعم
ولا شفني حب لغيداء كاعب / كما ارتاع خشف في الخميلة باغم
ولكن شجاني معهد بان أهله / فبان الهدى في أثرهم والمكارم
توشح منهم بالنجوم فمذهوت / تعمت على أهل البلاد المعالم
تمادت به العلياء ترفع شأوه / بما أثلث فيه السراة الأكرام
لعمري لنعم المعهد المهتدى به / وقد ملأ الدنيا ظلام وظالم
هو المعهد الميمون أرضا وأمة / وان زمجرت للجور حينا زمازم
هو المعهد الممطور بالرحمة التي / سقت من امام المرسلين المراحم
سيكثر ورادا على الحوض أهله / اذا جاء يوم الحشر والكل هائم
لقد صدقوا المختار من غير رؤية / وتكذيب جل الشاهدين مقاوم
أولئك قومي باركتهم وأرضهم / بدعوة خير العالمين المكارم
ومن شعب الايمان حب يشفني / تجاذبه تلك الديار الكرائم
عقدت بها أنس الحياة وطيبها / وان شردت بي للبعاد هوازم
ولو صارفتني في محبتها الدنا / رضيت بها منها وما أنا نادم
واني ولبس الدهر جلدة أجرب / تجاهي وآمالي محال محارم
ومر الليالي كالحات عوابسا / علي كأني للكوارث جارم
تجشمني والصبر بيني وبينها / أفاعيلها فيمن عدته المآتم
وحنكي صروف الدهر حتى تبلدت / وأبصرت ما أخفين والجو قاتم
وأعجزني أن أستطيع مطالبي / من الله ما لم تمتلكه العزائم
لأعلم أن الخطب يصبح آزما / ويمسي قد انحلت عراه الأوازم
الى كم يلز الدهر نفسي بلية / ويقطعني عما تريد العظائم
وما جشأت حينها لهول ينوبها / ولكن من الأقدار مالا يقاوم
أحاول أمرا لونبا السيف دونه / لما عيب والأقدار عنه تصادم
أيغمدني كالسيف دهري عن العلى / وما حُمدت قبل الفعال الصوارم
وما همة المقدام الا مضاضة / اذا منعتها عن مناها الشكائم
أيكبت همي خامدا غير حامد / له العدل أمرا وهو في النفس جاحم
وأصبر نفسا مرة لاذمارها / حمته ولا انقضت عليه اللهاذم
ويقدح زند الروع من زاد همه / كهمي وأقوى ما لزندي ضارم
كفى حزنا أن أحسو الموت ليس في / جناحي خواف للعلى وقوادم
ويركب ظهر الروع حر غشمشم / ويقطعني عما امتطاه القوائم
ويأتدم العداء لحمي مهنئا / وما مرئت للصائدين الضراغم
ائن لفجت كفي بتشتيت طولها / الى حيث احساب الرجال تزاحم
يلم علي الدهر اعزاق سوقه / سفاها كما التفت علي السماسم
أيهزل هذا الدهر أم جد جده / وهل سروات المجد فيه مغانم
وهل عرقه وجه السري نقيبة / تزين وهل بخس الكرام مكارم
أينهض أهل الله والحق عندهم / ونصري محصور وهمي عاسم
وما ورق الدنيا مراعي عزيمتي / اذا أمرعت روض الدنايا العزائم
وفي النفس هم فضفض الصدر لاعج / تساور ادراكي مداه الصيالم
وأطول ما أقضي به أقصر المنى / خيال اصطبار بينها لو يلازم
فيالهفا اما قضيت وما قضت / حقوق معاليها الهموم العوارم
وما النازع المقصود فارق أرضه / يحن وفي شد الحبال القوائم
إذا لاح برق نازع الحبل سادما / فيكبو على اللبات والحبل لازم
بأوسع حزنا من بقية مهجتي / وان قلت اني الصابر المتحازم
أفارق في أفريقيا عمر عاجز / وبي كيس كالطود في النفس جائم
كأني كهيم الطبع أو قاصر الوفا / أو الخصم مظلوم أو الحق ظالم
وتسري سيوف الله في جنب خصمه / بايمان أمجاد وسيفي نائم
تجردها لله أسد أبية / توادد في ديانها وتصارم
وترمي بقايا الصالحين نجيعها / فتمسحها حور الجنان النواعم
ويغنم أهل (النهروان) شهادة / وما هي الا طعنة فالمغانم
يبيعون دنياهم بمرضاة ربهم / وان لامهم في مطلب الحق لائم
واقعد مخشوشا على مبرك الونى / ويحكمني عن غاية القوم حاكم
أليس احتساء الموت أحجى بحالتي / على أن بيني والمنايا تلازم
ينادي لاحدى الحسنيين مؤذن / واقعد عن تأذينه أتصامم
أدون فتوح النصر ترضى دنية / وهل في سوى الفردوس يخلد نائم
وهل حمدت في الأرض بعد (محمد) / وأصحابه الا الشراة الصماصم
وهل فاز بالعلياء الا مصمم / تهون لديه المزعجات الجسائم
اليكم أسود الله مني تحية / يمور بها فلك وتحدو رواسم
اليكم صناديد الغبيراء مدحة / لها في ذرى السبع الطباق دعائم
اليكم ليوث الاستقامة مدحة / لها في الكروبيين قدر مزاحم
أخذتم بأمر الله قلبا وقالبا / وشاهدكم نصر من الله قائم
وكافحتم عن عزة الدين خصمها / فعزت وأس العز تلك الملاحم
وقام لأبناء الحنيفة معقل / بنته لهم تلك القنا والصوارم
وقمتم بحكم القسط حتى تشعشعت / بأنواره بيد الفلا والعواصم
وصادرتم الأخطار في نصر ربكم / وهانت عليكم في الجهاد العظائم
ضمنتم قيام العدل لله حسبة / فقام بحمد الله والجور راغم
ذكرتم عهود الصالحين واحدقت / بوائق دهر نكرها متفاقم
فآثر تم ما آثرت سنة الهدى / وغيرتم بالسيف ما الله ناقم
على الأمر بالمعروف والنهي منكم / عن المنكر اشتدت لديكم شكائم
عرتكم لأخذ الحق لله غيرة / فآضت بفتح والثواب المغانم
وقفتم وسيل الظلم طام وطالما / بأزمائها باتت لنصر حوائم
فباء بحمد الله بالخزي خاسئا / لداهية تنقد منها الحيازم
وابتم وحد السيف بالعدل بارق / يبشر أن الحتف للظلم داهم
نعم ثبتت أقدامكم وقلوبكم / فولت أمام الحق تلك المظالم
وخابت أماني البغاة مهيضة / وقامت على قرن الشقاق المآتم
وأصبح سيف الله في كف دولة / لها مدد من ذي الجلال وعاصم
فما خام عنها غير نكس منافق / كما قام فيها أروع النفس حازم
وأصبح سلطان الشريعة ثابتا / له عمد في تخته ودعائم
على بيضة الاسلام قر أساسه / وطائره فوق السماكين حائم
وكانت ( عمان) الجور ملء أهابها / مجامل غفلا ليس فيها معالم
فأشرق نور الله في عرصاتها / الى أن أضاءت من سناها العوالم
وكانت حميات الرجال تحزبت / فأصبح كالعقد الشتيت العماعم
وصار جهاد المعتدين مشاعرا / يحج اليها المقسطون الأعاظم
منظمة ألبابهم وسيوفهم / ونياتهم والحق للكل ناظم
يؤلفهم ايمانهم واحتسابهم / كمؤتلف الأنصار والدخل عارم
فجمعهم فرد وفردهم به / غناء إذا كرَّ اللهام الخضارم
هنيئا للأهل الحق صدق انتصارهم / ويقظتهم في الله والدهر نائم
وفوا بوصايا الله في السخط والرضا / كراما وأفعال الكرام كرائم
فما حصروا في موقف الحق لمحة / ولا وسعوا ما ضيقته المحارم
ولا ختلبتهم زهرة العيش في الهوى / ولا زينتهم في المخاري العمائم
ولا حسدوا من نعمة الله ذرة / اذ الفضل مقسوم وذو الفضل قاسم
ولا احتقروا ذا القدر في منصب التقى / ولو زهدت للفقر فيه العوالم
ولا داهنوا في الدين من أجل مطمع / يسيل به أنف من الكبر وارم
تراموا على القرآن شربا بمائه / فأصدرهم والكل ريان هائم
مقدسة ألبابهم ونفوسهم / وأفعالهم والمنتحى والعزائم
لهم قدم في الاستقامة ثابت / وهمّ على الاخلاص لله قائم
وأيد عن الدنيا قصار قواصر / وفوق أعاديهم طوال قواصم
تمر بهم حالان للبؤس والرخا / وفيهم على الحالين وقر ملازم
ومن أذهلته طاعة الله أثرت / عليه فلم يحفل بحال تصادم
بأنفسهم شأن الى الله وجهه / شديد القوى تنبو عليه الصوارم
تجاذبهم وجهان وجه من الرجا / نضير ووجه بالمخافة ساهم
اذا خالفوا فالمسك طارت به الصبا / وان أفضلوا فهي اللجاج العيالم
وان حاربوا تستبشر الحرب منهم / لأن قراهم للحروب الملاحم
لهم في سبيل الله جد ونجدة / وثبت لكبات الوغى وصرائم
واقدام ضرغام اذا البهم أحجمت / وصخت بأذان النجوم الهماهم
وتشبيههم بالأسد تقريب ناعت / وشتان أقمار الهدى والبهائم
لقد وثبوا حياهم الله وثبة / رمى الكفر منها المخزيات القواصم
وشدوا بعزم الرسل لله غيرة / على قدر أهل العزم تأتي العزائم
فباءوا ونور القسط للجور باهر / عزيز وتيجان الضلال مناسم
وللحق أعناق البغاة خواضع / واذرعهم في بطشهن معاصم
وأبطال خيل الله تحكي أهلة / من الظفر الميمون منها المباسم
وألوية التحكيم تنشر عزها / وتدعو الى حكم به الله حاكم
وفتح (امام المسلمين) وقهره / وسلطانه لا ينتحي عنه عاصم
وخيل جنود الله تصبح شُزَّبا / بثارات "عزان بن قيس" تصادم
ومن همها ثأر"الخليلي" انها / اذا ذكرته طيرتها العزائم
أتذهب ادراج الرياح دماؤه / ولا كدم العصفور ما فيه قائم
وتعبث فعل الرافضي بوجهه / ولألاء ذاك الوجه في العرش ناجم
ويدفن حيا لا جريمة تقتضى / سوى أنه بالحق لله قائم
أليس من الغم المميت وقوعها / وطرف ولي الثأر في الأمن نائم
وتنسى قلوب المؤمنين مصابة / وللآن منه في السماء مآتم
ألا فاغضبي يا غارة الله ولتقم / نوادبه سمر القنا والصوارم
ولا تتركي ثأر المرزء حبرنا / " سعيد بن خلفان" لمن هو خائم
فان خام عنه وارتضى الضيم ملبا / وسالم فالأيمان ليس بسالم
ليحتكمن الله أخذا بثأره / ويعجز عند الاحتكام المقاوم
فلا تحسبوا أن الدماء مضاعة / اذا سفكتها في هواها المظالم
وان ضيعتها أهلها فحقوقها / يغار لها للعدل بالقسط قائم
خذي يا خيول الله في كل مرصد / بحملة غيظ تتقيها الصلادم
ولا تتناسي سيرة الحبر "صالح" / فسيرته للمهتدين معالم
قضى دهره لله محتسبا له / ومات شهيداً والقذائف ساجم
وما ساءني أن أكرم الله وجهه / بموت رجاه الطيبون الأكارم
تأسى بقوم بالشهادة أكرموا / لهم موطن في جنة الخلد دائم
وما قصرته همة عن مقامهم / الى أن تولى والتراث المكارم
فهل عند "عيسى" أن يقوم مقامه / وهل عنده أن القعود محارم
وهل عنده أن الجهاد فريضة / وقد وضح الامكان والخصم خائم
وهل عنده أن المقدر كائن / وان وقوع الحتف بالمرء لازم
وهل عنده أن المعالي صعبة ال / مراقي وأهلوها السراة اللهامم
وهل عنده أن الحدود تعطلت / وان حقوق المسلمين عنائم
وهل عنده أن المناهي أكرمت / وناب أعادي الله في العرف آزم
وهل عنده للاستقامة نصرة / وقد هجمت للقاسطين الهواجم
وهل عند "عيسى" أن للفرض عادة / قديمة ذكر جددتها المقادم
وفرض على ذي الفرض عادة فرضه / اذا لزمت حامي الذمار اللوازم
فدى لك نفسي يا ابن" صالح" قم بها / فانك للسيف الأباضي قائم
تجرد لها واذكر وقائع "صالح" / ودونك أسلاف كرام ضراغم
وخذ من قلوب المؤمنين بشعبة / فان قلوب المؤمنين صوارم
أناديك للجلى وأنت شهابها / وقمقامها ان أعوزتها القماقم
فخذ من "امام المسلمين" بضبعه / فمثلك من تدعو الأمور العظائم
ولا تلق للتنفيذ أذنا فانه / له بيعة صدق وقدر ملازم
وأنت بأحكام الامام وحقه / عليك وأحكام الولاية عالم
وقد أمكنتكم فرصة لقيامكم / وكم رامها من قبل ذا الوقت رائم
فلا تهملوها بعد أن جد جدها / وقام بها حسب الشريعة قائم
ألا فالزموها سنة وجماعة / وقد طالما حنت اليها العوالم
وعضوا عليها بالنواخذ جهدكم / ففيها بدايات الهدى والخواتم
يكن جهدكم فيها دليلا لنهضة / لأزكى صفات الصطفين تلائم
وان لكم فيمن هدى الله أسوة / وان هداكم للعباد معالم
وانكم للصالحات أدلة / وانكم للمرتقين سلالم
وان للأباضيين في الأرض حجة / على الناس ذي جهل ومن هو عالم
وان الذي وفى بشرعة دينكم / ومات عليهم فهو لا شك سالم
وان أمام المسلمين على هدى / مخالفة باغ على الحق ظالم
امامته حق وفرض اتباعه / على ساكني المصر العماني لازم
وان الذي وفى بطاعة أمره / ولي والا فالعدو المخاصم
وهذا اعتقاد فوق كل مكلف / له من أصول الدين قطعا دعائم
لقد شكر الله الذين تعاونوا / على البر والتقوى وفي الله قاوموا
وحسب الامام المهتدي من كرامة / بأن قام والدنيا جميعا تراغم
ومن يكن المنصور من عند ربه / وقاومه المخلوق ذل المقاوم
امام الهدى أن ينتضي الدين سيفه / فأنت له حد ونصل وقائم
أبرر فيك الحمد واللسن أخرس / وأبسط فيك المدح والعي واقم
واسترشد الأفكار فيك فأنثني / بأوضح أفهامي كأني واهم
وهيهات لم تبلغ بدائع مدحتي / لفضلك الا حيث تعي التراجم
وانى لما أرضى لمدحك كاره / لأنك للدنيا جميعا مصارم
ولكن حر القول ينحو مقره / كما أن للتيجان تنحو اليتائم
وما انتقي التمجيد فيك وانما / إليك اهتدى حر الكلام الملائم
يسابق فيك الحمد قبل انتقاده / وهذا لأن الحمد فيه مكارم
ولست بأقصى الحمد فيك مموها / الى العرض الفاني بشعري أزاحم
ولكن رأيت الله يمدح أهله / ومن فضله بدء العطا والخواتم
هداهم اليه ثم أثنى عليهم / وذلك في احسانه متلازم
وحمد ولي الله عين ولاية / وتوقيره فيض من الله ساجم
فكل رجائي بالثناء عليكم / ذخائر عند الله لي ومغانم
وأسنى حظوظي أن أوفق معية / وحب الى يوم القيامة دائم
فان محب القوم لا ريب منهم / قسيمهم ان مغنم أو مغارم
أحاول فوزا من حياتي بقربكم / يراعي وسيفي والنهى لك خادم
وانى لدهر صدني عنك شانئ / وحتى متى من صرفه أنا واجم
ادبر حزم الرأي في حل قيده / وهيهات أعيا منه عي وحازم
واني أشيم البرق من حيث نفعه / وانك أجدى بارق أنا شائم
وسرك بالتفريج أوحى مؤمل / وان سدت الأبواب دوني البوازم
فصل يا ولي الله وصلي بخطرة / على القلب لا تبقى عليها الأوازم
فان قلوب الأولياء فواعل / لا بحر نور الله فيها تلاطم
محل تجلي الحق مشكاة نوره / له وسعت اذ لم تسعه العوالم
فلا بدع من تأثيرها حيث أثرت / ولو حييت منها العظام الرمائم
واني بحمد الله فيك لمخلص / ولو خاصمتني في الولاء الخواصم
ومالي وللأعداء جاشت صدورهم / وغصت بما تحوي الصدور الحلاقم
على أنني واليت في الله أهله / وعاديت من نيطت عليه المآثم
ومن لهم أن أخذل الحق ظالما / ويظفر مني بالولاية ظالم
وهذا محال لا ينالون نيله / ولو ضغمت جسمي عليه الضياغم
"يديرونني عن سالم وأريغه" / وجلدة بين العين والأنف سالم
ولو نصبوا جسمي وجروا جيوشهم / لرفع حياتي لم ترعني الجوازم
وما آنس الأعداء مني هشاشة / أبى الله لا حيث تدعو المكارم
وكم عجموا عودي على الدين فانثنت / كلالا عن المر الصليب العواجم
ولولا المقادير التي عزت القوى / وما اكتسبت مني الخطوب الغواشم
نذرت حياتي تحت ظل لوائه / وأحرزت خصلي اذ تحز الغلاصم
ولم يك قسمي غير ضربة قاضب / اذا قسمت فوق الفروق الصوارم
أو الطعنة النجلاء ترمي نجيعها / تفوز بها مني الطلى واللهازم
وتلك لعمر الله أبخس قيمة / لرضوان ربي يوم تعطى المقاسم
بحب (أمير المؤمنين ابن راشد) / أدين وأنف الخصم خزيان راغم
محبة من باع الضلالة بالهدى / يبيع ويشري مؤمنا ويساوم
محبة من لا يتقي الموت مسلما / يحارب في دين الهدى ويسالم
إليكم عباد الله مني نصيحة / يبررها قول من الله جازم
أحقاً تقاعدتم بها وهي دينكم / وخارت عن العز المقيم العزائم
أحقا ًعباد الله بعض سيوفكم / لدعوة أهل الاستقامة حاسم
أحقا عباد الله بعض قواكم / لقوة عباد الصليب دعائم
أفي عزة الطاغوت يشهر مؤمن / حساما وتهوي في أخيه اللهاذم
أحقا عباد الله أن خياركم / تناصب قوام الهدى وتقاوم
سيوفكم يا قوم سيفان خاذل / لحق وسيف في المحقين خازم
أيهدم ألف ما بنى الفرد منكم / وكيف بناء الفرد والألف هادم
ويا أسفا أن تهشم العقر فتنة / زبون وتزجيها رجال معاصم
عرفناهم بالخير حينا فمذ بدت / سرائرهم لم تبد الا الأراقم
نصبتهم الدنيا فكانوا سباعها / وصيدهم منها الذميم المصارم
تمنيتم أن يظهر العدل لمحة / فلما بدا شدت عليه الضياغم
أفي العدل حيف أم من العدل ذلة / عليكم وكل العز للعدل لازم
وكيف يعادي العدل من همه التقى / ولكنه بغي بكم وتعاظم
هممتم بأمر والرزايا تنوشه / ويعقبها عدل من الله قاصم
فيا فتنة عظمى تحرشتم بها / تقضكم أنيابها والملاهم
فما تنتهي الا وللبغي صرعة / وحد حسام الله في البطل حاكم
وتنصر أهل الله غيرة ربهم / وأين اذا غار الاله المقاوم
ويعلو (امام المسلمين ) بعدله / عزيزا وميزان الحنيفة قائم
هزت العالم أدوار البشر
هزت العالم أدوار البشر / ينقضى الدور بأدوار أخر
كل دور رقص الدهر له / ضايق العالم وارتاد القمر
أيها العالم سعها جلدا / ان نصف الليل يتلوه السحر
من كفيل الكشف عن موضوعهم / هل له مستودع او مستقر
ان تكن فاسفة الدهر على / حدها الأول أدركنا الخير
يسقط الهز علينا كسفا / ثم لا يلبث اسقاط الحجر
ربما أشهد ظبيا كانسا / دب فيه الدور فاصطاد النمر
يا بني الانسان هل من عزمكم / دفع ما يجري به حكم القدر
ما تقرون على مألوفكم / كل ما يعجزكم عين الوطر
لو نغمت ناغية في زحل / كانت الهم لكم أو تعتقر
همسة عالية أم نهمة / أم شرور النفس ترمي بالشرر
يطفر الانسان عن مركزه / وهو لا يبرح من حيث طفر
مارس الاعراض كيف اعترضت / وانتحى أخطرها أنى خطر
ثم لا يثنيه عن مرغوبه / خطة العجز ولا هول الغير
فاذا أوهاه خطب جلل / قصر الخطوة عنه واقتصر
كم لنا نتقن درسا واحدا / وهو كون الدهر ذا نصب وجر
كم لنا نأمن من لا يتقى / نزلت من مكره احدى الكبر
كم لنا نحذر محتوم القضا / ومن المقدور لا يغني الحذر
رب خطب عُني الدهر به / وزنه في رأينا مثقال ذر
دبت الحية حتى نهست / في غصون العدل جهرا بعد سر
ما تركناها وفي أوهامنا / انها قد تركت ذاك الضرر
انما العدل اقتضى ابقاءها / تشرب الماء وتعتام الشجر
يا قطين النيل ما حادثة / بات جفن الدين منها في سهر
اقلقت مصر وغاظت غيرها / خطة القبط وذاك المؤتمر
يا لقومي والأسى كل الأسى / ان جرى النيل على هذا القدر
ضايقوكم في المراعي مطلقا / واشرأبوا لاختصاص واشر
طلبوا اعظم من مقدارهم / شأن من اكسبه العدل البطر
امة قومية ليس لها / في السياسيات حق يعتبر
ليت شعري ما الذي ابطرهم / ضغطة الرومان أم عدل عمر
أم وصايا المصطفى في حقهم / ان ملكناهم وسعناهم ببر
أم لصفح الدين عنهم بعدما / جيش نابليون ولانا الدبر
تبعوا نعقته وانجلفوا / نحوه اشباه ضان وبقر
ثم لما صنع الله لنا / وجلى الخصم وابنا بالظفر
خالطونا بضمير محرق / وبصدر فيه ضب محتجر
فاصطنعناهم وقلنا جارنا / واذى الجار جميل المصطبر
هذه سيرتهم حيث انجلت / قترة جاؤوا بادهى وامر
يا بني الاقباط تلكم مصرنا / انتم البنك ونحن المقتهر
ان هذا النيل أم حافل / كلنا يرضع منها ويذر
فغدت حافلنا ترضعها / حية اشبه شيء بسقر
رضعتها لبنا ثم دما / واغتبطنا بمشاش ووبر
وهي لا يقنعها ما ترتمي / لا ولا يقنعها بلع الحجر
ذكرتنا بعصا موسى على / ان ذي تلقف أرواح البشر
نبلنا في الغرب يجري ذهبا / وبقينا نترامى في الحفر
أن يكن جيش احتلال غركم / فهي امنية من لا يفتكر
ما يريد الجيش باستقلالكم / بعدما القى عصاه واستقر
عقد النير وما في همته / آمن المصري يوما أم كفر
جاء والمعية تلوى معيه / فامترى ثم تعاطى فعقر
طمت الجرفة يا اقباطها / انها مأدبة لا تنتقر
اصبح المطران والمسلم في / غمرها اعجاز نخل منقعر
قد تدربتم على بأوائكم / دربة قاسية ذات خطر
فاشعبوا الوحدة وحيا قبل ان / تتداعى كهشيم المحتظر
ان في مصر رجالا عرفت / كيف تأتي الأمر أو كيف تذر
لا تبارون لهم مأثرة / ولو احتلتم على كسف القمر
صعدوا في كل هم فكرهم / فاقتنوا حكم ابتداء وخبر
اثر الحكمة فيهم نير / كادت الأفلاك منه تنبهر
مثلوا غيرتهم مؤتمرا / ينصر الله ونعم المؤتمر
وطئوا الآمال بالدرك لما / ادركوه من تعاليم النظر
لا يبيتون على الضيم ولا / حيرة الذهن اذا الخطب انفجر
لا يهيمون بواد مبهم / هم الى التحقيق اهدى من بصر
يا بني التوحيد في مصر لقد / صرتم في جبهة الدهر غرر
صبغة الله على نهضتكم / ان من كان مع الله انتصر
بيئة مخلصة صادقة / لم يدنسها رياء واشر
فخذوا وجهتكم واصطبروا / لا ينال النجح الا من صبر
ثابروا جهدكم لا تسأموا / قد بدوا لي فتح أمر منتظر
ربما ضاق على حيلتنا / اعقب الفتح كلمح بالبصر
واذا الفتح تلافى أمة / جدّ في نهضتها أهل الخطر
صفوة الأمة انتم وعلى / أمركم صفوة ارباب النظر
بطل الاسلام قمقام العلى / رجل المجد الهمام المقتدر
ناصع الحجة معصوم النهى / جلد الهمة ذو العزم الذمر
صاحب العز رياض من غدت / فطرة التوحيد منه في وزر
هضبة الفضل عزيز المحتمى / شانه العدل بما ساء وسر
جرد الغيرة من اجفانها / فحمى الحق واخزى من غدر
عصم النحلة مرهوب السطى / لين الجانب صعب المنكسر
يا حمي الانف يا ليث الشرى / ذد عن الحوض فقد جد الحذر
لا تدع مصر لمن يعثو بها / غير ما عزك من أمر القدر
قائم انت على ارجائها / بملاك الأمر والحق الاغر
قم بحول الله لا تحفل بها / رقصت ام سكنت أم العبر
لو يكون الشعر نصرا لم أزل / انظم الانجم لا ارضى الدرر
لو ملكنا السيف لم نرجع الى / قلم في النصر ان قام عثر
والغيور الحر يبدي نصره / لأخي ملته كيف قدر
فخذوا شعري ثناء بعدما / مدحت نهضتكم آي السور
وليدم حيا رياض وليعش / ثابت العزة هذا المؤتمر
تلك ربوع الحي في سفح النقا
تلك ربوع الحي في سفح النقا / تلوح كالاطلال من جد البلى
أخنى عليها المرزمان حقبة / وعاثت الشمأل فيها والصبا
موحشة إلا كناس اعفر / ومجثم الرأل وافحوص القطا
عرج عليها والها لعلها / تريح شيئا من تباريح الجوى
نسألها ما فعلت قطانها / مذ باينوها ارتبعوا أي الحشا
هيهات أقوت لا مبين عنهم / لمحتف بشأنهم غير الصدى
تربع الآنس من أرجائها / واستأنست بها الظباء والها
فقف بنا عند غصون بانها / نشاطر الورق البكاء والأسى
بحيث اهريق بقايا دمعتي / واتبع النفس اذا الدمع انقضى
ان من الحق على مدامعي / ان تسبق السحب على ربع عفا
عهدي بدمعي طاعة ادكارهم / وبفؤادي أن دعا العذل عصى
وما قوفي عند بان نبتت / غصونه بين الضلوع والحشا
لولا علاقات هوى تحكمت / في رمق عاش على مثل الصلا
دعني أبكي دمنا تغيرت / وأطبق الجفن بها على القذى
واذكر الإلف الذي كان بها / وكيف شطت بهم عنها النوى
لم يبق فيها أثر لهم سوى / عيارة الخيل ومركز القنا
لتسرح البرحة في براحها / فانها قد بلغت رأس المدى
لطالما أطلحتها سارية / تمزع في الدو ولا مزع الطلا
يعملة قد أخذت سلاحها / من حقب يزينها على الونى
روعاء ترمي مقلتيها حذرا / بين عزيف وعواء وصدى
زيافة تحوذ في تجليحها / لا فرق ما بين الدماث والكدى
تخلف الريح تكوس خلفها / كأنها أعارت الريح الحفا
كأنها من حقب منحب / في سدفة الليل هلال قد خوى
كأنما تطير من لغامها / سرب ثغام فوق خيطان الغضا
بلبها البرق كأن سائقا / يزجها نحا بأسواط السنا
اذا استطار أرزمت رازفة / تواضخ الخال بأجواز الفلا
كأنما البرق لها أجنحة / اذا رأته حلقت الى السهى
أقول للبرق وقد أرقني / لهيبه أعلىثنيات الحمى
سقيت أجراز البلاد فارتوت / وحظ قلبي منك الهاب الجذى
خل نعاماك تداجي مهجتي / فانها محروقة من الجوى
اهفو الى روح النسيم راجيا / اطفاء ما بالقلب من حر الصلا
أعلل الشوق يصادي كبدي / نفح شميم الزهر من تلك الربى
فكان من حيث الشفاء علتي / ورى زناد الشوق من ذاك النثا
وربما منيت نفسي طيفهم / وهو حلال لي ان حل الكرى
ولو قصدت هفوة بحبهم / أو كنت من عاهدهم فما وفى
أرسلت طرفي رائدا لدهشة / بربعهم تذهلني عن الأسى
هيهات لا تمنعني طلولهم / وسانحات ذكرهم الا الضنى
ولو تركت واجبات حبهم / أو صدف الهجر غرامي والقلى
أو تركت لي كبدا صحيحه / أو جلد الحر على قرع النوى
لكان لي على الطول وقفة / أبريء النفس بها من الهوى
لكن لي قلبا عرته سكرة / ما ضل في غمارها ولا غوى
وعاش في صبابة تعمده / مال اليها عامدا فما ارعوى
اسلو بمن أهواهم وان نأوا / وكيف يسلو دنف بمن نأى
وكيفما خامرني الحب فما / قلت رشادي يا ترى أين وخى
ليعمل الحب بنفسي ما يرى / ان ضلالي بهوى القوم هدى
ما زال بي مع الهوى تبصر / ينتقد الحب على شرط الحجا
ليت النهي مع الهوى تثبنت / راسخة فيها عزائم التقى
لو ارعوت مع الغرام نهية / لم يعبث الحب بأحلام النهى
اعمد ممن ضللته صبوة / وبين فوديه ضياء ابن جلا
لربما يهفو التصابي بالفتى / وماله وهفوة اذا عتا
اذا تباشير مشيب وضحت / لم تعذر المرء متى ولا عسى
وفي الصبا معتبة وزاجر / فكيف بالشيب اذا العود انحنى
وكيف بالشيب اذا تقاربت / خطاه أن يقصر في الجد الخطى
يبادر الكيس أخرى عمره / فيرقع الخرق ويوثق العرى
اذا تولى أمد موقت / لم يبق للرجعة منه مرتجى
وكل ما تلبسه من جدة / يعروه من كر الجديدين البلى
ليس الجديدان وقد تباريا / في حربنا يرضيهما منا الفدا
حتى يثلا معهدا ومعهدا / ويمضيا ثم على الدنيا العفا
لقد بلوت الدهر في عفوته / فكدر الصفو وجد ما عقى
وكان ما اجتبيت في صروفه / بالصبر أجدى من تفارق العصا
وساءني الفائت اذ اكسبني / كنزا من الصبر وفوزا بالرضا
جبلة الدهر خؤون حول / ما راش في عافية إلا برى
محافظ الثبت على طباعه / حتى يحول الآل بحرا في الملا
لا يستقيل عثرة من ندم / ولا يقبل من به الحظ كبا
فاصحبه ذا عزم على علاته / تزجي الهموم للعلى على الوجا
مستحقب الصبر على مراسه / حرا سليم العرض من سوء النثا
تبلد الخطب اذا جالدته / بمرة تبسه بس السفا
محجب البث رحيبا شامخا / من رقة الشكوى وسورة الجفا
ان هزك الممض هز طوده / أو هزك الهول فسيف منتضى
توسعه مريرة ويتقي / من جدها ما تبقى من الردى
لا تعرف النكبة منك جولة / تخذو لها خذو مقودات البرى
تصارع الأخطار غير ضارع / لطورها الأعصم ساخ أو رسا
تحس كل حادث بسيفه / فان نبا حينا فأحيانا مضى
لا تعجل الأمر أمام وقته / ولا تفته حيث آن بالونى
وان تعارضك اثنتان فاتخذ / أولاهما بالحق وانبذ الهوى
ان القوي من ثنى شرته / ومن اذا مال الى النفس انتهى
والعقل والحق يحرران من / رق الهوى ويدعوان للعلا
وشر ما صاحب مرء جهله / مطية فارهة الى الردى
ومن تكن عادته طادية / بالسوء هد مجده بما طدا
أني أصون صفحتي مقتنعا / بما يطف من علالات الحسى
انبو والهوب أواري ساعيا / عن مشرب أشربه على القذى
يحمي الكريم عرضه ويحتمي / ان يرد الآجن من كل الركى
لم التفاني في براض آسن / لا يرتجى من نبضه بل الصدى
ولا أقامني طمعا مقادرا / ولست ولاجا بأسواء القمى
كي لا ترى عين خسيس موقفي / ببابه منتظرا من الجدا
في ظلف العيش على قناعة / تظلف للعرض عن السوء غنى
ومطعم تهافتت ذبانه / قضم الهبيد منه أحلى في اللها
ما أضيع النبل اذا تطاولت / خساسة العرق عليه بالحبى
حسبك عيش ماجد على الرضا / بما منى الله به من المنى
ما أقذر العرض يلب عاذبا / برأسه الى لئيم المنتحى
حتى بغاث الطير تسمو أنفا / عن مشروب تخزى به لمنتضى
آليت لا تعلو يدي يد أمرء / يسلفها اللؤم ويطغيها الغنى
ولا أرى وجهي ناظرا الى / وجه يحق أن يحيا بالحثى
وعيشة تمنها خساسة / أشد عندي قذرا من الوغى
قناعه المرء بما يمنى له / من حظه في عيشه خير المنى
ولا أذود الحظ عن طريقه / فالسيل حظ للوهاد لا الربى
ولا أبات شاكعا من حسد / قد هيأ الله لكل ما كفى
في قسمة الله وفي ضمانه / وفي اقتناع الرزق غايات الرضا
اذا سنا الله لعبد نعمة / فواجب العبد الرضا بما سنا
ففيم يصلى حاسد ضميره / والحظ والأرزاق تقدير مضى
فافطن لاقسام الحظوظ انها / قضية عادلة بين الورى
سوية وان تكن تمايزت / حالة ذي عدم وحال من ثرى
لم يظلم القاسم محروما ولا / كل سعيد بالثراء محتظى
ما سرني من الثراء وفره / ان كان بين اللؤم والحرص نما
اذا نفته هكذا وهكذا / صنائع في أهلها فقد زكى
فانهب المال حقائق العلا / وفك من أسر الزمان المهتدى
ما بليت موهبة في حقها / ووعد ما ضن به الحرص البلى
فربما تحسبه وضيعة / في متجر الفضل به الريح نما
عقائل المال اذا أطلقتها / خلدت الذكرى وأنت في الثرى
ما الحق الله بنفس حوبة / تحوبت من شحها بالمقتنى
أذل أعناق الرجال حرصهم / لاتستقيم عزة على الكدى
حتى متى كأسي ريق حية / ومطعمي من زمني مر الجنى
أطالب الدهر حقوقا كلها / كبارح الأروى منيعات الذرى
أقطع آمالي بما في بعضه / أكبر من كاف لدرك المبتغى
كأن تطلابي أمرا ممكنا / أصعب من أمر محال المرتجى
لست على الحمد من الأمر اذا / غالطته خلابة فيما أتى
آتيه نصا فاذا خادعني / فوضتها الله يقضي ما قضى
والخب لا تصحبه فضيلة / ولو إلى النجم بدهيه غلا
ان وسه الدهر احتمال عاجز / فهو سلاحي وتلادي المجتبى
ينفق في اهانتي صروفه / وانفق العزم وانفاقي زكى
ذنبي اليه جنفي عن لؤمه / وقدرتي على احتمال ما حنى
وانني الحتف على لئامه / انكأ في حلوقهم من الشجى
أذود عن حريتي بحقها / واجهد النصر لحر مبتلى
وانني لا اعرف الحد لما / استطيع أن أنجزه من العلى
وانني لا ابطل الجهد الى / حد سكوني بين أطباق الثرى
وانني أدرك أن عازما / مثابرا يدرك غايات المنى
وانني في محن ساورتها / علمت ما جهلته من الورى
وان في حسن التدابير غنى / عن خدع وهو عماد من وهى
وانني لا أستثير سيئا / ولا أسيئ دفعه اذا عنى
ولا أداجي مالئا وذامه / علي غيظا بفقاعات النثا
ولا أحاجي ملقا ذا ظاهر / يشف لي ظاهره عما انطوى
مالي وجهان ولا ثلاثه / إن لم اكن حلوا أكن مر الجنى
تلك وما يفضلها خصائصي / وليسها عند الزمان ترتضى
أرى الحياة كلها ذميمة / وخيرها وشرقها الى مدى
يحبها المرء على آفاتها / وتظهر الآفة عند المنتهى
يعيش لاتندى صفاة كفه / يخزن للوارث كل ما اصطفى
لا تربح الدنيا بشح وافتقد / ما أوضع الجامع من خلد الغنى
نهب فيها هبة فتنسري / وكلنا مرتهن بما أتى
يفوز فيها كيس بربه / أمامه الرشد بمنهاج الهدى
فاستخلص المجهود في تخليصها / من ورطة الذنب واشراك الهوى
وانتهز الفرصة في استدراكها / أوامر الله وما عنه نهى
ان لها عدوا الى غاياتها / والحد وافاك ودربك انقضى
لاتهملن ذرة في عبث / فلست متروكا كما شئت سدى
تودع الأنفاس لا تبكي لها / ورجع ما ودعته لا يرتجى
والكل منها راحل ببضعة / من أجل مقدر على شفا
وآخر الأنفاس يرجو وقته / فهل ترى تأخيره اذا دنى
وربما فكرت في تأخيره / يكون أدنى لك من فكر الحجى
فودع الباقي منها مخلصا / بالباقيات الصالحات في اللقا
دراكها مبادرا دراكها / فالأجل المعدود للعمر خلا
أما ترق لحياة أوذنت / بغصة الموت وهول الملتقى
ارحم حياة طلحت بوزرها / في حمل ذر منه ايهان القوى
لو قرصتها ذرة تألمت / فكيف بالنار الى غير مدى
حتى متى تنصبني أمنية / في نصرة الله فتعدوني المنى
كأنني مكبل في شرك / يزداد في الشد اذا قلت وهى
أشاطر النجم السهاد ساريا / فيغرب النجم وعيني في السرى
كأن أفعى نهشت حشاشتي / من لازب الهم وتلهاب الحشا
أذكى من النار بقلبي زفرة / يخرجها المظلوم من حر الأسا
محترق الأكباد من حسرته / لاغوث لا منصف لا يلوي الى
أنفاسه تطرق باب العرش لا / تطرق بابا غيره ولا ذرى
وعبرة تسفحها أرملة / كالخلق السحق اصارها الضوى
شعثاء غبراء عليها ذلة / مهضومة الحق عديمة الحمى
وصفرة على يتيم شاحب / ادقعه الفقر واشواه الضنى
مفترسا على العفا اديمه / وهل له عافية على العفا
يغدو ويمسي ضاحيا تحت السما / كأنه عود خلال أو خلا
وضربة من سيف باغ نهكت / وجه تقي مثل تشهاق العفا
وسطوة من ظالم شباته / اقتل الاسلام من حد الظبى
يتنهك الحرمة لا تريغه / ضريبة من كرم ولا تقى
يرى عيال الله صيد قوسه / يترك ما شاء وما شاء رمى
جاس البلاد بالبلاء طاميا / فبز حتى بلغ السيل الزبى
وغيرة المؤمن في ضميره / يطفئها الخوف ويطغيها الأسى
يهان في حريمه وعرضه / ودينه وماله مثل اللقا
حامي الحميا مرس لكنه / شرارة في ضرر لا ما عدا
ما نتفع الغيرة في مكمنها / والسيف في قرابه لا ينتضى
حتى تكر الخيل كشفا ساقطا / تهوي هوي العاصفات في الوغى
تجمز جمزا بالكماة شزبا / عوابسا شمسا كسيدان الغضى
هوازجا غربا لجاجا ضبعا / غمر الأجاري بعيدات الشحا
في فلق حالكة أركانه / يجلل الأرض الدجى راد الضحى
مجر لهام أرعن هطلع / غمر دخاس لجب صعب الذرى
يقل في الجو عجاجا لو هوى / عليه رضوى لم يصل الى الثرى
تعشش العقبان في أحضانه / وتنشط الوحش اليه للخلا
لولا بروق المشرفيات به / لم يهتد الجيش الأمام والقفا
تضطرم الأرض بما تقدحه / سنابك الجرد وتقراع الشبا
يخلط غورا بيفاع وقعه / فالأرض في بطن رحاه كاللها
تلتحم الشكه في رعاله / فالجيش في بحر حديد قد طغى
مزجر الوغر له زمازم / زهاؤه الليل اذا الليل عسا
بكل صنديد عتيك داغر / مهول الكبة شداد السطى
يستحقب الحتف ويشهى حينه / ان يكن الحتف انتصارا ً للهدى
تهوى النسور سيفه ورمحه / لما يتيحان لها من القرى
يصدع قلب الروع في عزيمة / أسرع من برق واورى من لظى
كأنها جرازه من قلبه / لا ينتحي ضريبة الا فرى
مجرس مضرس ممارس / يمترس الخطب اذا الخطب شحا
على سراة شامس مطهم / معترق في جريه عبل الشوى
يخترق الحومة في وطيسها / يعارض الهول ويعتام الردى
كأنه صاعقة منقضة / لوصلك في خطفته الطود ثرى
محتمشا مضطغنا صمصامة / يحوش أكداس الرعال كالقطا
أخلصه الصقل شهابا قبسا / وكمن الموت به على الشبا
يفضفض الجحفل باهتزازة / منه ويجتز الاشم إن هوى
يشفعه بلهذم سطامه / أعصل رقشاء على الحتف انطوى
في مأزق بين كمي قد دمى / يحشرج الروح وضرغام شصى
يسوط فيه فيلقا بفيلق / كما يسوط البهم ضرغام الشرى
بهذه الخطة نشفي غيظنا / ان كان بالسيف أخو الغيظ اشتفى
بهذه الخطة نرضي ربنا / ان كان فينا طالب منه الرضا
بهذه الخطة نبتاع العلى / في الدين والدنيا ونستوفي المنى
بهذه الخطة نرقى سلبا / لغاية حض عليها ودعا
أين رجال الله ما شأنكم / الى متى في ديننا نرضى الدنا
الى متى نعجز عن حقوقنا / الى متى يسومنا الضيم العدا
كنا أباة الضيم لا يقدح في / صفاتنا الذل ونقدح الصفا
كنا حماة الأنف لا يطمع في / ذروتنا الطامع في نيل الذرى
لا يطرق الوهن عماد مجدنا / وكم ثللنا عرش مجد فكبا
على م صرنا سوقة إمعة / اتبع من ظل واقتى من عصا
ما أفظع الشنار أو يزيله / ضرب يزيل الهام من فوق الطلى
الى متى نخزى ولا يؤلمنا / كالميت لا يؤلمه حز الشبا
أذل من وتد حمار فيهم / وقدرنا أقصر من ظفر القطا
الى متى نهطع في طاعتهم / ونتقي وليتها تجدي التقى
الى متى نهرع في أذنابهم / لا ملتجى لا منتهى لا منتحى
الى متى يعرقنا نكيرهم / وجورهم وكفرهم عرق المدى
الى متى تقضمنا أضراسهم / الى متى نحن لهم عبد العصا
الى متى تعركنا أحكامهم / الى متى الى متى الى متى
أين محب الله فينا صادقا / لو صدق الحب لهان المختشى
لا ينتهي اذ نفست قروانها / محارم الليل الى العزم اللقا
أين ذوو الغيرة من لي بهم / قد حزب الأمر قد انقد السلا
اتسع الخرق على راقعه / من يشعب الوهى ويرتق الثأى
أما شعرتم أنها داهية / شعواء لا فصية منها بالولى
هبوا من النومات ان حية / تنباع ما بين شراسيف الحشا
حتى على الموت الزؤام نومكم / وليته موت على حفظ الحمى
قد استباحوا حرمان دينكم / ومنعوا الأرض الحياة والحبا
تحكموا في ملككم ورزقكم / وكبسوا البئر وقطعوا الرشا
منوا عليكم بغذاء طفلكم / وحسوة الماء ونفحة الصبا
وأزعجوكم عن ظلال ريفكم / وليتكم لن تزعجوا عن الفلا
وضايقوكم في بلاد ربكم / حتى على مدفن ميت في الثرى
لا يرقبون فيكم الا ولا / ذمة دين أو ذمام من رعى
قد سفكت دماؤكم وانتهكت / حرمتكم ولا حشا ولا خلا
نقعد يشكو بعضنا لبعضنا / وما مفاد من شكا ومن بكى
في بعض هذا غصة لعاقل / لو رجعت أفكارنا الى النهى
يسومنا الخسف خسيس ناقص / لا دين لا حكمة لا فضل ولا
أليس مما يذهل اللب له / عسف الطواغيت بشرع المصطفى
وحملنا على اتباع غيهم / مصيبة لحرها ذاب الحصى
هب ملكنا ورزقنا فيئً لهم / فديننا الأقدس فيئ وجزى
لله ما أفظعها داهية / لو عوفيت قلوبنا من العمى
فيا صباحاه وهل من سامع / لصرختي وهل يجيب من دعا
قد ذبح الملك وهذا دمه / ومدية الذابح في نحر الهدى
وأصبح استقلالكم فريسة / بين كلاب النار يا أسد الشرى
أليس عارا أن نعيش أمة / مثل اللقا أو غرضا لمن رمى
يلفنا الخزي الى أوكاره / ويحكم النذل علينا ما يرى
أنشرب الماء القراح ما بنا / من مضض وليس بالحلق شجا
ونهنأ العيش على اكداره / وتطعم الأجفان لذات الكرى
وجنبنا جنب صدئ صاغر / والسيف حران الحشا من الصدى
كم نظلم السيف بمنع حقه / أما يجازى ظالم بما جنى
ان السيوف طبعت لحقها / وحقها تحكيمها على الطلى
والسيف شهم لا يفيت حقه / أصدق من جد وأكفى من كفى
والسيف حر لا يقر خازيا / يصول ان ضيم وان صال اشتقى
والسيف لا يرضى الذليل صاحبا / ان الذليل بالشنار مكتوى
والسيف جلاء المخازي آخذ / بضبع من يكرمه الى العلى
والسيف مفتاح اذا تضايقت / على الهمام الحر آراء النهى
والسيف كالصدق من الرجال ما / هززته لخطة الا مضى
والسيف في عزومه مؤيد / ان شد سد وتقاضى وقضى
والسيف ذو نقيبة في أمره / ثبت على العلات ميمون الخطى
والسيف أقضى بالحقوق حاكما / أوفر حق ما به السيف أتى
والسيف أوفى صاحب رافقته / ان خانك الدهر وأهله وفى
والسيف فيه فرج معجل / ان الغموم بالسيوف تجتلى
والسيف يعطيك الذي اشتهيته / ان توله من حقه كما اشتهى
ان السيوف عاهدت أربابها / بالمصدر الأقصى وتقريب القصا
هن فحول الحرب منها لقحت / وهن يقتدن الفحول بالبرى
والمجد حيث أبرقت وأرعدت / ينبت من ساعته ويرتعى
ما بالنا نحصنها عقائلا / من المقاصير عليهن الحلى
أين بنو الآسلام ما يعجزنا / والعزة الكر بحومات الوغى
أين بنو القرآن هل ثبطكم / كتابكم عن الجهاد للعدى
أين غطاريف الجلاد بالظبى / أين مشائيم الطعان بالقنا
أين بنو التوحيد لو صدقتم / توحيدكم ما رقص الشرك على
أين بنو الأحرار ما سكونكم / والملك والدين حريب والحرى
كم ذا يناغيكم مبير خادع / أطرق كرى ان النعام في القرى
فجشموه جشما وبيلة / أو تهصروا العظم وتنزعوا الشوى
هلم شدوا شدة قاصمة / مريضة الشمس حمية الوحا
ثبوا الى الموت كراما واندبوا / عزائما تسعر تسعار الصلا
ان ضرابا بالصفاح خطة / ترد ما فات وترسي ما هفا
قدآن للاحرام ان نحله / وتنحر الهدي على رأس الصفا
قدآن لصائم وقت فطره / لطالما ارمض بالصوم الحشا
قد آن للوضوء أن ننقضه / بالسافح الثائر فرصاد الكلى
نقر احلاس البيوت خشعا / أبصارنا مغمضة عما دهى
ندرس تأريخ الالى تقدموا / وحسبنا الله تعالى وكفى
ان العظام لا تؤاتي شرفا / ولا أقاصيص الوغى تكفي الوغى
والسلف الصالح سل سيفه / وكان ما كان له ثم انقضى
تلك الرفات طينة صالحة / لغارس وحارث ومن بنى
أتبحثون بينها عن عزة / أوفي لعل فرجا أوفي عسى
تلكم إذاً أمنية مخلفة / وضيعة العقل وجهل وعمى
لنا صفاح ولها سوابق / لكننا نصفح عن سبق العلى
والمجد لا يملك عن وراثة / لكن بتحطيم الشبا على الشبا
عز على ما اثلت عهودها / كسب المعالي واندفاع ما عنا
ولو تقلدنا فعال أهلها / لم يعبث الفأر بهيصار الشرى
نعيش في هينمة بذكرهم / يعقبها واها وانى ومتى
نعم لهم سوابق لكنها / لا تنعش الجد إذ الجد كبا
معصومة الذروة لا يبلغها / الا همام باللهاميم اقتدى
اذا اتكلنا قعددا عليهم / لم يسلم المجد اذا من الأذى
شدوا الحزيم للهوادي فانثنت / ودوخوا بالعزم صعب المرتقى
واحمشوا الحرب اباء ضيمها / بل هم لها متى ذكت عين الذكا
هم علموا الدهر مراس قرنه / ثم انتهى بعد المراس مهتدى
هم علموا السيف مضاء عزمهم / فهو قرين عزمهم حيث انتوى
هم أدهشوا الهول بما يهوله / فانكفأ الهول شكيا بالضوى
هم شيدوا المجد بما ابيض به / فود عوادي دهرهم حتى غطا
هم عقدوا بالعز عين همهم / فلا تداني ذلة لهم حمى
لا يطرق الضيم عزيز ركنهم / ولا يضام عائذ به احتمى
هم أسبغوا للمكرمات دهرهم / فدهرهم للمكرمات في طوى
هم أجدبوا سوحهم من وفرهم / وهم لأرض الله غيث وحيا
هم أنضبوا غدرانهم بجودهم / وفجروا في الناس ينبوع الغنى
هم وسعوا الكون حلوما وهدى / وصائلا ونائلا ومجتدى
هم أمجدوا وانجدوا وأوجدوا / وأفقدوا وطولوا الباع الوزى
هم جردوا وشردوا وطردوا / وأوعدوا وأوردوا بحر الجدى
هم لكبات الخميس حدها / وجدها وشدها والمحتمى
هم اذا الخيل ارتجحن بحرها / في مأزق الروع تراموا للردى
أولئك القوم وصيت فخرهم / ان كان في أسماعكم ذاك الوحا
أسلافنا ومالنا من مجدهم / الاحديث بعدهم لا يفترى
لم التحجي بعدهم في شرف / عند رفات القوم في الأرض حجا
نرفع منا أنفسنا وننتخي / كأنها من كسبنا تلك النخا
نصحبهن أنفسنا مثقلة / بطيئة تحمل أوقار الونى
تعزف عن مضوفة إذا عنت / مجفلة عن المضاف ان دعا
الا نفوس عزم عارفة / لهن جأش ان طمى الهول رسا
الاشدا في أنفس أبية / يصبرها على مقاساة الشدا
تشفع احسابا زكت بمثلها / لها بها أصله الأصل أسى
هلم فلنحذو حذو سعيهم / فليس للانسان الا ما سعى
ليسوا رجالا لا نطيق فعلهم / لكنهم جدوا وقصرنا الخطى
تناولت أكفنا سيوفهم / يا أسفا وعجزت عن السطى
ما انطمست من دوننا سبيلهم / قد نصبوا الأعلام فيها والصوى
ما كابدتنا خطة عن شأنهم / أفظع مما كابدوه فانفأى
هم غربوا وشرقوا وأيمنوا / وأشأموا ومهدوا لنا الذرى
وهم سروا بجدهم وجهدهم / فحمدوا صباحهم غب السرى
همو أقاموا سننا شامخة / تمثل الشهب ارتفاعا وسنا
هم أقدموا ارتجرد السراحيب لها / تعطش الصادى الى نار الوغى
تزفي الخميس جحفلا فجحفلا / مثل الدبور انجلفت عنها الطخى
ياهي مالي وعشيري ارملوا / معاقل العز وايتموا العلى
أين رجال الله أين غارهم / قد هدم الحوض ودمت الركى
أين الذين استخلصت شيمتهم / كأنها الدر اليتيم المنتقى
أين الذين محصت سيرتهم / مكدرات دهرهم حتى صفا
أين الذين عرجوا الى السما / أعني سماء العلم والدين الهدى
أين شموس الأرض أنى أفلت / وأبقت الناس على مثل الدجى
أين الخيار العائذ الكون بهم / وصفوة الصفوة من هذا الورى
أين ربيع الأرض أين غيثها / يا حربا لا غيثها ولا السدا
أين بقايا الله في عباده / ظنائن الله وقائذ التقى
أين أسود الغيل ماذا اغتالها / قد أسد الثعلب فينا وضرى
هيهات بعد القوم شدت رحلها / حمية الدين وصارت منتسى
أنشدها من مسجد فمعهد / فمنهج فمجمع فمنتدى
فلم أجد منشودتي في موضع / ثم حدست انها رهن الثرى
أرملة ناحت على أحرارها / ثم ثوت آسفة فيمن ثوى
اواه اواه رزئنا بعدهم / وليتنا في خلف عمن مضى
مافي الحمى من دافع ومتق / ما يعقب الخزي ولا من يتقى
قد ضاعت الحرمة بعد صونها / وشنت الغارة في عقر الحمى
وطرق الحي ذئاب جوه / ودعثر الزرب وخاس المرتعى
ادعوا رعاة الحي في قبورهم / ان سمع الميت دعاء من دعا
ادعوا لها الأموات اذ آيست من / احيائهم لعل فيهم من وعى
يا أيها الراعي انتبه فما بقي / حول المراعي ما ثغى وما رغى
يصخ صوتي مسمعا ومسمعا / لو كان من يزعجه هذا الندا
أصبح قومي جثة باردة / عي بها الطب وعيت الرقى
ما أثر النصح على ألبابهم / الا كآثار الحيا على الحصى
وما رسوخ الوعظ من قلوبهم / الا كما يرسخ في الصخر الصدى
ولا لاحرار الكلام عندهم / تكرمة ولا لحر مستوى
تنصحهم فتجتوى ديارهم / ان الكرام دارهم لا تجتوى
امحضهم نصائحا لو ذهبت / الى جماد ذاب أو ماء جسا
فتنثني نصائحي مكارها ً / يقرضها اللوم وينفيها القلى
سيدرك النصح لزاز محوذ / عزائم الرأي اذا لاح الجلا
لقد نفت عني الرجال شيمة / لو سكنتهم زلزلت قلب العدا
لكنني أعجز أن أفيتهم / تكذيبهم بينتي للمدعى
ان القلوب استشعرت جبلة / فتاركت أحلامها الى الهوى
ليس العصور الغر ان تكشفت / بحسنها هادية لمن غوى
كل امرئ بفعله معتبر / والسف بالشفرة يفضل العصا
فتحت عيني فرأيت غافلا / يحمله السيل وليته درى
ونائما والنار في جثمانه / كأنه جزل الغضى وما وعى
وراضيا بذلة مفتخرا / بأن يعيش خازيا ومزدرى
ومؤمنا مستضعفا يغمزه / ظالمه من الرجا الى الرجا
وعاقلا في رأيه متهما / وأرشد الآراء للحر الدوا
وحاسدا لنعمة تخاله / أسعر ما كان اذا قلت خبا
وبائعا لوطن فيه انتشى / بلقمة يلذها وهي الودى
فهل لنا استقامة وعزة / وحالنا مشؤومة كما نرى
وأغلب الناس الوفاء عندهم / مستهجن وعهدهم على شفا
يجرون في الأهواء لا تكبحهم / شكيمة عن دحل ولا هوى
وأدعياء الفضل ان دعوتهم / لغمرة الجلى تراموا للعرا
همهم في شهوات طبعهم / هم السوام في ارتياد المرتعى
سريهم من جمع المال ولو / أفلس من مروءة ومن حجى
اذا دعا المجد تفادى ناقصا / وان دعاه بذخ قال انا
لا يشرف اليوم بعقل مقتر / والسيد الأقعس من نال الغنى
فخذ من الغمر الدني رأيه / ان ملأ الكيس ودعه ان ضقا
تخاضعت له الرقاب عنوة / وان جست صفحته وان ظمى
عصائب الاسلام تلكم حالنا / وليس يخفى في الظلام ابن رجلا
ما تنظرون في التماس طبكم / قد نكأ الجرح وادنف الضنى
ليس لها الا التفاف قوة / بقوة ومقتدى بمقتدى
ليس لها الا نفوس طفئت / أضغانها واشتعلت فيها التقى
يلمها الايمان قلبا واحدا / وجهته الله وحشوة الهدى
اذا رمت فقوسها واحدة / وما رمت وانما الله رمى
دب اليكم داء من قبلكم / من حسد يسفعكم ومن قلى
فخلصوا الأنفس من أدوائها / فقل من مهما أصابته نجا
ولو تآلفتم على ايمانكم / وكانت الأوجه وجها ينتحى
ومحصت أنواره قلوبكم / فصفيت من فتنة ومن شذا
ضاق على الخصم الفضاء دونكم / وعزه الاركاس من حيث نزا
عسى الذي قدر ما يهولكم / يزيل باللطف الخفي ما عنا
ويمطر الروح على ربوعكم / فينضر الروض وان كان ذوى
مولاي أبشر لن تزال مجيدا
مولاي أبشر لن تزال مجيدا / حفظ الإله مقامك المحمودا
إقبال دهرك بالبشائر مؤذن / تزجي جدودا أشرقت وسعودا
نظرت إليك من السعادة عينها / فارفع يديك لتشكر المعبودا
وعد تحققه المشيئة قد أتى / ولسوف تعرف ذلك الموعودا
قرب الزمان وأشرقت أيامه / ليس الزمان بما أقول بعيدا
سترى العجائب مسرعات ترتمى / تحيي جهارا ميتا مفقودا
خذ الإشارة من لسان صادق / حتى تشاهد يومك المشهودا
و لقد أتيتك قبلها بإشارتي / وأظن أنك تذكر المعهودا
أبدى الزمان بما يكن ضميره / وترى زماناً بعد ذاك جديدا
أ خليفة الرحمان أيقن بالقضا / ليس القضا بحيله مردودا
يا من أضل بعيره بمضيعة / أبشر وجدت بعيرك المنشودا
فإذا انقضى خاء ودال بعدها / ألفان لام فارقب المعدودا
ستفور من قعر البحار جهنم / وتصير هاتيك البحار جليدا
ويعود مبيض السحائب أسودا / ترمي الأفاعي جندلا وحديدا
ستبيد خضراء الجراد فلا ترى / فوق البسيطة للجراد وجودا
فإذا انقضت يس طه بعدها / أسقطت بندا إذا رفعت بنودا
وإذا انقضت حاميم قام محمد / للاستقامة طالعا مسعودا
هذا كتابي قد تركت لذا الحجى / مفاتحه في قفله معقودا
وأراك فاتحة وخازن سره / عش في السعادة والجلال مجيدا
سميري وهل للمستهام سميرُ
سميري وهل للمستهام سميرُ / تنامُ وبرق الأبرقين سهيرُ
تمزقُ أحشاءَ الرباب نصاله / وقلبي بهاتيك النصال فطيرُ
تطايرَ مرفض الصحائف في المل / الهن انطواءٌ دائبٌ ونشورُ
يهلهل في الآفاق ريطا موردا / طوال الحواشي مكثهن قصيرُ
بمنتحبات مرزمات يحثها / حداءُ النعامى دمعهنُ غزيرُ
تنبه سميري نسأل البرق سقْيَهُ / لربع عفته شمأل ودَبورُ
ذكرت به عهداً حميداً قضيتهُ / وذو الحزن بالتذكار ويكَ أسيرُ
عهوداً على عين الرقيب اختلستها / ذوت روضة منها وجف غدير
متاعي رجع الطرف منها وكل ما / يسرك من عيش الزمان قصير
وبي من تباريح الجوى ما شجا الهوى / وذلك ما لا يدعيه ضمير
وفت لرسيس الحب بالصبر مهجتي / وما كل من شف الغرام صبور
إلا فما بالي وغور مدامع / ودمع التصابي لا يكاد يغور
أدهرى عميد الحب والعود ذابل / فهلا واملود الشباب نضير
عذير غوايات الغرام من الصبا / وما لغوايات المشيب عذير
وكل غرام قارن الشيب سوءة / وكل غرير في المشيب غرور
أبعد تباشير المشيب غواية / وللعقل منها زاجر ونذير
تناقلني عمران عمر قد انحنى / يشيب وعمر للشباب كسير
تناهت حياتي غير نزر على شفا / وذلك قدر لو نظرت يسير
صبابة عمر حشوها الغي والهوى / وهذا مقام بالتقاة جدير
تقضى ثمين العمر في نشوة الهوى / وحشو مزادي باطل وغرور
أألهو وقد نادى المنادي لمنتهى / إليه وإن طال المطال أصبر
وصبحان من عقل وشيب تنفسا / فذا مسفر هاد وذاك سفير
أأترك نفسي بعد ذا بيد الهوى / تسام كما جر الحمار جرير
وأوقرها شراً وفيها استطاعة / إلى الخير والناهي الرقيب غيور
وإني وإن سومت نفسي بمسرح / مراعيه سم ناقع وشرور
يطور لي الشيطان أطوار كيده / ونفسي له فيما يشاء نصير
فلست بمتروك سدى دون موقفي / على الغي عقبى أشرفت ومصير
سيوقفني من رقدة اللهو ناعب / يحط بمحتوم الردى ويطير
مقضي بي المحيا وجهلي مطيتي / وقائدها دنياي وهي غدور
أمان وأوهام وزخرف باطل / سراب بقيعان الفلاة يمور
محصلها بالكد والكدح راقب / لفوت وتفريق إليه تحور
فليس سديداً جمع هم لجمعها / ودائرة التفريق سوف تدور
سنتركها بالرغم وهي حبيبة / ورب حبيب للنفوس مبير
ومن عجيب ميل النفوس لعاجل / يحول على اكداره ويبور
وإسراعها في الغي إسراع آمن / وناقد أعمال العباد بصير
متى أقلعت عنا المنون وهل لنا / بغير طريق الغابرين عبور
أم الأمل الملهى براءة غافل / من الموت أم يوم المعاد يسير
أتمرح إن شاهدت نعشا لهالك / إليك أكف الحاملين تشير
ستركب ذاك المركب الوعر ساعة / إلى حيث سار الأولون تسير
نقى من غبار الأرض بيض ثيابنا / وتلك رفات الهالكين تطير
لي الويل هلا أرعوي عن مهالكي / أما في المنايا واعظ ونذير
أما في عويل النائحات مذكر / أم النوح حولي والبكاء صفير
أم الغارة الشعواء من أم قشعم / يشن أصيل هولها وبكور
على كل نفس غير نفسي رزؤها / ويمنعني منها حمى وستور
بلى سوف تغشاني متى حان حينها / فيعجز عنها ناصر وعشير
وتفجأني يوما وزادي خطيئة / واثم وحوب في الكتاب كبير
أرى الخطب صعبا والنفوس شحيحة / على زخرف فإن مداه قصير
وتلك ثمار الجهل والجهل مرتع / وخيم وداء للنفوس عقور
ولو حاولت نفس عن الشر نزعة / تنازعها طبع هناك خؤور
فزجت بها الآمال في غمراتها / إلى إن دهاها منكر ونكير
فثبطها تسويفها وهو قارض / لرمة اجال النفوس هصور
ودأب النفوس السوء من حيث طبعها / إذا لم يصنها للبصائر نور
بها ترتمي في الخسر آفات طبعها / خلائق توحيها الجبلة بور
تدارك وصايا الحق والصبر إنما / يفوز محق بالفلاح صبور
وخذ بكتاب الله حسبك إنه / دليل مبين للطريق خفير
فما ضل من كان القرآن دليله / ُوما خاب من سيرَ القرآن يسير
تمسك به في حالة السخط والرضا / وطهر به الآفات فهو طهور
وحارب به الشيطان والنفس تنتصر / فكافيك منه عاصم ونصير
دعيت لأمر ليس بالسهل فاجتهد / وسدد وقارب والطريق منير
وأسس على تقوى من الله توبة / نصوحا على قطب الكمال تدور
وزن صالح الأعمال بالخوف والرجا / هما جنة للصالحات وسور
وبالعدل والإحسان قم واستقم كما / أمرت وبادر فالمعاش قصير
وراقب وصايا الله سرا وجهرة / ففي كل نفس غفلة وفتور
وجرد على الاخلاص جدك في التقى / ففوقك بالشرك الخفي خبير
وثابر على المعروف كيف استطعته / ودع منكرات الأمر فهي ثبور
ومل حيث مال الحق والصدق واستبق / مليا إلى الخيرات حيث تصير
واخلص مع الجد اليقين فإنه / به تنضر الأعمال وهي بزور
وبالرتبة القصوى من الورع التبس / فللورع الدين الحنيف يحور
وكن في طريق الاستقامة حاذرا / كمين الاعادي فالشجاع حذور
يجوز طريق الاستقامة حازم / على حرب قطاع الطريق قدير
مراصدها شتى وفي كل مرصد / لخصمك حربٌ بالبوار تغور
فلا تخش ارهاقا وساور ليوثها / بعزم يفض الخطب وهو حسير
ورافق دليل العلم يهدك انه / طريق يحار العقل فيه وعير
وفعلك حد المستطاع من التقى / على غير علم ضيعة وغرور
فما زكت الطاعات إلا لمبصر / على نور علم في الطريق يسير
أتدخر الأعمال جهلا بوجهها / وأنت إلى علم هناك فقير
فيا طالب الله ائته من طريقه / وإلا فبالحرمان أنت جدير
فلست إذا لم تهتد الدرب واصلا / قبيلك في جهل السلوك دبير
وما العلم إلا ما أردت به التقى / وإلا فخطأ ما حملت كبير
فكم حامل علما في الجهل لو درى / سلامته مما إليه يصير
وما أنت بالعلم الغزير بمفلح / ومالك جد في التقاة غزير
وحسبك علما نافعا فرد حكمة / بها السر حي والجوارح نور
تعلم لوجه الله وأعمل لوجهه / وثق منه بالموعود فهو جدير
تعرض لتوفيق الإله بحبه / ودع ما سواه فالجميع قشور
هو الشأن بالتوفيق تزكو ثماره / ومتجره والله ليس يبور
كأي رأينا عالما ضل سعيه / وضل به جم هناك غفير
معارفه بحر ويصرف وجهه / إلى الباطل الخذلان وهو بصير
وأفلح بالتوفيق قوم نصيبهم / من العلم في رأي العيون حقير
وتلك حظوظ للإرادة فسمها / وحكمة من يختارنا ويخير
تحزبت الأحزاب بعد محمد / فكل إلى نهج رآه يصير
وقرت على الحق المبين عصابة / قليل وقل الأكرمين كثير
هم الوارثون المصطفى خير أمة / لمدحهم آي الكتاب تشير
أولئك قوم لا يزال ظهورهم / على الحق ما دام السماء تدور
على هضبات الاستقامة خيموا / إذا اعوج أقوام وضل نفير
تنافر عنهم رفض وخوارج / وحشوية حشو البلاد تمور
رأوا طرقا غير الهدى فتنافروا / إليها وبئست ضلة ونفور
لهم نصب من بدعة وزخارف / بها عكفوا ما للعقول شعور
تدعمهم أهواؤهم في هلاكهم / كما دع في ذل الأسار أسير
لأقوالهم صد وفيهم شقاشق / لهن ولا جدوى هناك هدير
دليلهم يهوي بهم في مضلة / وهم خلفه عمش العيون وعور
فيا أسفا للعلم يطمسه الهوى / ويا أسفا للقوم كيف أبيروا
أرى القوم ضلوا والدليل بحيرة / وللحق نور والصراط منير
سروا يخبطون الليل عميا تلفهم / شمائل من أهوائهم ودبور
يتيهون سكعا في المجاهل ما بهم / بمواطئ أخفاف المطي بصير
يقولون ما لا يعلمون وربما / على علمه بالشيء ضل خبير
ولو كان عين الحق منشود جهدهم / لما حال سد أو طوته ستور
نعم أبصروه حيث غرهم الهوى / فصدهم عنه هوى وغرور
أقاموا لهم من زخرف القول ظهرة / ذو للبطل فيما استظهروه ظهور
وفي زخرف القول إزدهاء لمن غوى / والهنة عن لب الصواب قشور
وفي البدع الخضر ابتهاج لأنفس / تدور بها الأهواء حيث تدور
نشاوى من الدعوى التي يعصرونها / وليس لبرهان هناك عصير
وما روقوه من رحيق مفوه / فذلك سم في الإناء خثير
يدرون أنواء الكلام وما بها / وراء ولا يطفي بهن هجير
وما كل طول في الكلام بطائل / ولا كل مقصور الكلام قصير
وما كل منطوق بليغ هداية / ولا كل زحار المياه نمير
وما كل موهوم الظنون حقائق / ولا كل مفهوم التعقل نور
وما كل مرئي البصائر حجة / ولا كل عقل بالصواب بصير
وما كل معلوم بحق ولا الذي / تقيل علما بالأحق جدير
ولكن نور الله وهب لحكمة / يصير مع التوفيق حيث يصير
وهدى الله حظ والحظوظ مقاسم / إلى مقتضى العلم القديم تحور
وليس اختيار الله في فيض نوره / بمكتسب أو تقتضيه أمور
وفي ظاهر الأقدار أسرار حكمة / طواهن من علم الغيوب ضمير
ارتنى هدى زيد وفي العلم قلة / وضلة عمرو والعلوم بحور
وذاك دليل ان لله أنفسا / عليها من اللطف الخفي ستور
ظواهراها بله وتحوي بواطنا / لدى علمها جنس الوجود حقير
عليها خدور من غبار غباوة / ولكنها تحت الخدور بدور
تجردن من لبس الخيالات وانطوى / عليهن ريش من هدى وشكير
سرين رياح الله تحدو ركابها / اليه وأنوار اليقين خفير
يغادرن فيه منزلا بعد منزل / يكاد بها الشوق الملح يطير
تدثرن خيل الله حتى بلغنه / وواحدها في العالمين دثور
وردن مياه النهر غرثى صوادئا / وليس لها حتى اللقاء صدور
اوانس في مرج الرجاء رواتع / وللخوف في احشائهن زفير
غسلن به احكام سهم واشعر / ودرن مع القرآن حيث يدور
نحرن عقيب الدار بازل ناكث / وأمس بصفين لهن هرير
فلو قدرتها هاشم حق قدرها / هشمن ابن صخر للحروب صخور
ولكن وهى رأى وخامت عزيمة / فحكم خصم واستبيح نصير
بني هاشم عمدا ثللتم عروشكم / وفي عبد شمس نجدة وظهور
على غير ذنب غير إنكار قسطهم / وللجور من نفس المحق نكير
قتلتم جنودا حكموا الله لا سوى / وقالوا علي لا سواه أمير
فيها لدماء في حروراء غودرت / تمور وأطباق السماء تمور
وانفس صديقين أزهقها الردى / وشقت عن التقوى لهن نحور
مخردلة الأشلاء للطير في الفلا / وهن بجنات النعيم طيور
على جنبات النهروان عقائر / كما وقيت بالمشعرين نذور
أبيد خيار المسلمين بضحوة / كما نحرت للميسرين جزور
يعجون بالتحكيم لله وحده / وهامهم تحت العجاج تطير
فيا أمة المختار هل فيك غيرة / فان محب الله فيه غيور
ويا ظهرة الإيمان هل فيك منعة / وهيهات عزت منعة وظهير
ويا لرجال الله أين محمد / وناصره بالنهروان عقير
ولو وقعة كانت بعين محمد / لما قر عينا أو يزول ثبير
فمن لصدور الخيل فوق صدورهم / ولله في تلك الصدور بحور
تطل دماء المؤمنين على الهدى / وخيل ابن صخر في البلاد تغير
ويعصى ابن عباس إذا لم شعثها / ويسمع فيها أشعت وجرير
على أن علت فوق الرماح مصاحف / ونادوا إلى حكم الكتاب نصير
مكيدة عمرو حيث رثت حباله / وكادت بحور القاسطين تغور
أبا حسن ذرها حكومة فاسق / جراحات بدر في حشاه تفور
أبا حسن اقدم فأنت على هدى / وأنت بغايات الغوي بصير
أبا حسن لا تعطين دنية / وأنت بسلطان القدير قدير
أبا حسن لاتنس أحدا وخندقا / وماجر عير قبلها ونفير
أبا حسن أين السوابق غودرت / وأنت أخوه والغدير غدير
أبا حسن إن تعطها اليوم لم تزل / يحل عراها فاجر ومبير
أبا حسن طلقتها لطليقها / وأنت بقيد الأشعري أسير
أتحبس خيل الله عن خيل خصمه / وسبعون ألفا فوقهن هصور
أثرها رعالا تنسف الشام نسفة / بثارات عمار لهن زفير
وصك ثغور القاسطين بقيلق / له مدد من ربه وظهير
فلم يبق الا غلوة أو تحسهم / ويبكي ابن صخر قبة وسرير
فما لك والتحكيم والحكم ظاهر / وأنت علي والشآم تمور
أفي الدين شك أم هوادة عاجز / تجوزتها أم ذو الفقار كسير
يبيت قرير الجفن بالجفن لاصقا / وجفن حسام ابن اللعين سهير
فلا جبرت حداه ان ظل مغمدا / وهندي هند منجد ومغير
ولا جبرت حداه يوم سللته / له في رقاب المؤمنين صرير
أتغمده عن عبد شمس وحزبها / ويلفح حزب الله منه سعير
فمالك والأبرار تنثر هامهم / كأنك زراع وهن بذور
ذروتهم عصفا وتبكى عليهم / بلى فابك خطب بالبكاء جدير
فما هي إلا جدعة الأنف ما شفت / غليلا وجرح لا يزال يغور
ستحصد هذا الزرع مهما تقصدت / عراقك لا يلوى عليك ضمير
تنازعها سل السيوف فتلتوى / وتخطب فيها والقلوب صخور
قتلت نفير الله والريح فيهم / وأصبحت فذا والنفير نفور
نشدت دوي النحل لما فقدتهم / ويعسوب ذاك النحل عنه خبير
أرقت دماء المؤمنين بريئة / لهن بزيزاء الحرار خرير
عليا أمير المؤمنين بقية / كأن دماء المؤمنين خمور
سمعناك تنفى شركهم ونفاقهم / فأنت على أي الذنوب نكير
وما الناس إلا مؤمن أو منافق / ومنهم جحود بالإله كفور
وقد قلت ما فيهم نفاق ولا بهم / جحود وهذا الحكم منك شهير
فهل أوجب الإيمان سفك دمائهم / وأنت بإحكام الدماء بصير
تركتهم جزر السباع عليهم / لفائف من إيمانهم وستور
مصاحفهم مصبوغة بدمائهم / عليهن من كتب السهام سطور
وكنت حفيا يا ابن عم محمد / بحفظ دماء مالهن خطير
وكنت حفيا ان يكونوا بقية / لنصرك حيث الدائرات تدور
تناسيت يوم الدار إذ جد ملكها / فللعاص فيها دولة وظهور
ويوم جبال الناكثين تدكدكت / وطلحة والعود الطليح عقير
وحربا تؤز الشام ازا قراعها / له في جموع القاسطين سعير
تعوذ منها القاسطون بخدعة / بجدعة تلك الأنف فاز قصير
مواطن أهوال تبوأت فلجها / إلى أن دهتها فلتة وفتور
تفانت ضحايا النهر في غمراتها / وأنت شهيد والعدو وتير
تنادي أعيروني الجماجم كرة / فقد قدموها والوطيس سعير
أما والذي لا حكم من فوق حكمه / على خلقه ورد به وصدور
لقد ما أعاروك الجماجم خشعا / عليهن من قرع الصفاح فطور
فقصعتها إذ حكمت حكم ربها / فما بقيت عارية ومعير
فيا أسفا من سيف آل محمد / على المؤمنين الصالحين شهير
نباعن رؤوس الشام في الحق وانثنى / إلى ثفنات العابدين يجور
أحيدرة الكرار إن خياركم / وقراءكم تحت السيوف شطور
أحيدرة الكرار تابعت أشعثا / وأشعث شيطان ألد كفور
أعشرون ألفا قلبهم قلب مؤمن / بأوجههم نور اليقين ينور
بهاليل أفنوا في العبادة أنفسا / لهم أثر في الصالحات اثير
أسود لدى الهيجا رَهابين في الدجى / أناجيلهم وسط الصدور سطور
وفي القوم حرقوص وزيد وفيهم / أويس ومن بدر هناك بدور
ومن بيعة الرضوان فيهم بقية / بأيديهم منها ندى وعبير
اكلتهم في النهر فطرة صائم / فكيف أبا السبطين ساغ فطور
فيا فتنة في الدين ثار دخانها / وذاك إلى يوم النشور يثور
نجونا بحمد الله منها على هدى / فنحن على سير النبي نسير
بصائرنا من ربنا مستمدة / إذا اشتبهت للمارقين أمور
وثقنا بأن الدين عروة أمرنا / وماشذ عنه فتنة وغرور
وإن رجـالاً حـكموا اللّه حجة / على من بتحكيم الرجال يصور
ببينة مـن ربـهم وبـصيرة / تجاهل فـيــهــا عـسـكر وأمـير
وإنــهـــم حــجـــوا عـليــاً وأعـذروا / ومـا فـاتهم مـمن لديـه عـذير
عـلى أنـه مـن أبصـر الناس للهدى / وكــم بـقضـاء اللّه ضل بصير
تـنـورهـا الحبـر ابن عبـاس منـهـم / فــحـــج عـليــاً والحـجــيــج نـصــيــر
جـزى اللّه أهـل النـهــروان رضـاءه / ومـــا فــوق مــرضـــاة الإله أجور
كما جاهدوا في اللّه حق جهاده / وقامـوا بمـا يرضى وفيـه أبيروا
ومـاتــوا كـرامــاً قانـتـيـن وكلهم / عـلى المـوت صـبار هـناك شكور
شــراة ســراة لا يــخـــط غـبــارهــم / وإن أبــلحـــت فــوق الأمــور أمـور
إذا انتـهـكـت من دين الاسلام حرمة / فــليـــس لهـم عـيــش هـنــاك قـريــر
كــرام شــداد الغـار في ذات ربـهــم / عــلى كــل حــال والمــحـــب غــيــور
نـفـوسـهـم حيـث ابتـلوا وجه ربهـم / قــرابـــيــن مـنــهــم قـدمــت ونـذور
نـديــن لوجـه اللّه طـوعــاً بحـبـهـم / ومــا شــنــآن المـلحــديــن مـضــيــر
هـم القـوم بـلتــهـم مخـافـة ربهـم / ودارت عــليـــهـــم أبــطـــن وظــهــور
فـلا بـارح الروح الالهـي ربـعـهـم / ولا فــارقـــتـــهـــم رحـمــة وحـبــور
واخـوانــهـم أهل النخـيـلة بعـدهـم / واتـبــاعــهــم حـتــى يـقــوم نـشــور
ولا زال مـنــهــل السـلام عـليــهــم / تـــــرادف آصــــال بــــه وبكور
وأدخـــلهـــم دار الســلام إلهــهـــم / جـمــيــعــاً عـليــهــم نـضــرة وسـرور
غوث الوجود أغثني ضاق مصطبري
غوث الوجود أغثني ضاق مصطبري / سر الوجود استلمني من يد الخَطر
نور الوجود تداركني فقد عميت / بصيرتي في ظلام العين والاثر
رُوحَ الوجود حياتي إنها ذهبت / من جهلها بين سمع الكون والبصر
روح الوجود دهي الكرب العظيم وفي / أنفاس روحك روح المحرج الحصر
أنسَ الوجود قد استوحشتُ من زللي / وأنت انسي في وردي وفي صدري
أمنَ الوجود اجرني من مخاوف ما / أحرزتُ نفسي منها في حمى الحذر
عين الوجود ترى بؤسي ونازلتي / وفي محالك انقاذي من الضرر
عزَّ الوجود بعز الله أنتَ لها / فواقر درست أعيانها أثري
وجهت نحو رسول الله نازلتي / وقلتُ يا نفس حُمّ النصر فانتظري
أمنية الفوز منه غير خائبة / ومطمع النجح منه غير منحسر
ونائل الخير منه غير منقطع / وفائض البر منه غير منحصر
بسطتُ كفي إلى فياض رحمته / على يقين بدرك السؤل والظفر
وقمتُ الهجُ والآمالُ صادقة / ٌ يا عصمتي يا حبيب الله يا وزري
حقيقة الصبر استعطي الثواب بها / والفقر يلزمني ما عزّ مقتدري
ولست اعذر هذا الدهر في شظف / ما دام فضلك عندي غير معتذر
ولا أريدك بالأيام تبصرة / لأنت أبصر بالدنيا من البصر
أنت الحياة التي نفس البقاء بها / بل أنت مكنون سر الله في البشر
مولاي من كنت في الأزمان ناصره / فليس يغلبه شيءٌ سوى القدر
تلقني في مهاوي حوبتي فلقد / أوقعت نفسي ييعدي عنك في الخطر
يا مصطفى الله يا مختار نظرته / يا أصل ما أظهر الابداع من فطر
يا رحمة الله يا مبعوثَ رأفته / يا مظهر اللطف في الأرواح والصور
يا أول الكل بعد الله مبتدَعا ً / وأول الكل عند الله في الخطر
يا آخر الرسل لا تأخير مرتبة / وإنما السرّ مطويٌ عن الفكر
يا ظاهرا بكمالات الظهور على / كل الظواهر في سُلطان مقتهر
يا باطنا ً لم تفته الباطنات ولم / يُدرك مقاماته علم من الفطر
أنوار حبك في قلبي قد انطبعت / جبلة ً كانطباع الشمس في القمر
ما زال حبك في روحي يخامرها / حتى تجردت عن عيني وعن أثري
ما للمحبة مقدار اذا اقتصرت / الحق حبك حب غير مقتصر
تجرداً من هنات كلها حجبٌ / لا وصل والحُبّ محجوب بذي الستر
أدعوك خلف حجاب الكون منبسطاً / في بسط حبك لم أخلص من الأثر
ذهلتُ عن كل شيء مذ علقتُ به / فلا أفرق بين الصفو والكدر
لا أحسب الروح الا انها خُلقت / من الهوى فاختفت عن عالم الصور
فلا علاج لها من أصل فطرتها / اذا أصيبت بسهم الحب عن قدر
وجدتُ روحي صريعاً في مصارعه / يا حبُّ لا تُبق من روحي ولا تذر
نار المحبة نار لا يقام لها / لواحة قسماً بالحب للبشر
طارحت أهل الهوى حتى بليت به / ففتهم ومشوا خلفي على أثري
لا يصدُقُ الحب إلا من يموت به / ما للهوى دون حسو الموت من قدر
وليتها موتة في الحب موصلة / بوصلة من حبيب الله في العمر
ولستُ في الحب من نفسي على ثقة / من نصبها للهوى طوراً على وطر
ان كان حبي معلولاً فأنتَ لها / أدرك عليلك قبل الأخذ في الخطر
بقدس نورك أستشفي وقد ضنيت / نفسي بأفات هذا العلم القدر
وأنت طب بصير قد بعثت بما / يشفي العضال فانقذني من الضرر
فداً لك الكون لا أسلو بزهرته / عن فرط حبك يا من حبه وزري
وكيف تفدى بكون أنت علته / لولاك ما أوجدت موجودة الفطر
لو كنت أعلم غير الحب منزلة / تدني اليك لكانت منتهى خيري
لكنني بغرامي فيك لي آمل / من اليقين بأني منك بالنظر
كم نال منك العدى عفوا ونآئلة / ما شأن من روحه بالحب في سُعر
صدق الهوى فيك ينتاط الفلاح به / فاقبل محبك يا سمعي ويا بصري
مضناك مضناك لا ترجئ رجاوته / أطلقت فيك رجاءً غير مقتصر
وما أناديك عن عذر أحققه / أبوء ويلي بذنب غير منحصر
أوقرت وقر الشقا حتى خذيت له / والنفس من أبحر الغفلات في غمر
في شرة السهو أجري سادرا نزقا / لا أرعوي عن غواياتي لمزدجر
تسوقني نزغة الشيطان منغمسا / في ورطة من غرور الزخرف الوضر
يا سائقا حطما رفقا بسائمة / عشواء تخبط من جهل بمعتكر
نضوبراها الونى ندت بمقفرة / بين السباع بلا ماء ولا شجر
هيهات لا يقلع السواق من ملل / ولا المسوق عن استرسال مؤتسر
الا اذا عصمتني منك عاصمة / تحلني منك في أمن وفي وزر
يا من به سلوتي في كل واقعة / عن كل كائنة في الورد والصدر
أدنى حقوقك تشقيق القلوب واز / هاق النفوس متى تخطر لمدكر
يا من وقته السحاب الحر تابعة / لذاته في حلول الركب والسفر
يا من به بشرتنا الأنبياء كم / شدت به الجن في بدر وفي حضر
يا من به أخبر الكهان وهو على / أرائك الغيب لم يبدر من الستر
يا من تقدم نورا في حظائر نو / ر الله حتى تلقاه أبو البشر
فلم يزل تتلقاه الكرام على / طهارة الشرع حتى حل في مضر
ومنه في صلب الياس فاسمعه / في الصلب لبيك بين الركن والحجر
حتى تهلل في مشكاة آمنة / يا أخت زهرة حزت النور فازدهري
وزارها أنبياء الله قاطبة / فبشروها به في نومة السحر
وكم لها من خصوصات وخارقة / في حمله شاهدتها رؤية البصر
وللخوارق في لوح الوجود له / في برهة الحمل شأن غير مستتر
ما صدع ايوان كسرى في تزلزله / الا لنازلة من معجز القدر
وهي التي طيرت اكليل مفرقه / يا طير قد عشت دهراً قبل لم تطر
وما لساوة غاضت هل تقيلها / وادي سماوة حتى فاض بالقفر
وما هي النار من خطب اذ انظفأت / يا نار في كبد الاشتراك فاستعري
حتى اذا آن اتحاف الوجود به / وان يباشره بالفوز والظفر
تهلل العرش والكرسي والملأ ال / أعلى وزخرفت الجنات بالبشر
وجاء جبريل بالتمجيد مبتدرا / مشاعر الله والأملاك في زمر
وحفت الحور والعذراء مريم وال / غراء آسية في الدل والخفر
ببنت وهب وروح الله يمسحها / بالروح والنور من أنفاسه العطر
والبيت يهتز والأملاك خافقة / شرقا وغربا وكون الله في خبر
تنزلت في غواشي الروح لائحة ال / اذن الالهي بين الفجر والسحر
فأبرزت درة الأكوان ذات صف / ي الله ساجدة لله في العفو
فليتني ذرة من تربة لمست / آرابه في سجود غير مبتكر
في عالم النور لم تفتر مساجده / منه فلا تفتكر في عالم الصور
بالقول مجد عيسى والحبيب أتى / بالقول والفعل في التمجيد بالصغر
مواهب الله في تمجيده وحصرت / له الكمالات في أطواره الزهر
فلا كمال لمخلوق وليس به / وانما فاض منه الفيض للفطر
لا عرش لا فرش لا كرسي لا ملك / لا أنس لا جن لم يمدده بالخير
أب لكل وجود أصله مبدئه / منه ومنه مداد الأنفس الطهر
لا بدع أن تغمر الأكوان رحمته / لأنها منه كالأغصان للثمر
ماذا عسى بالغا اطراء مدحته / دقيقة الأمر لم يخطر على الفكر
أقصى المدائح في تمجيده حسرت / وشأنه في المعالي غير منحسر
وانما يؤخذ التوصيف منه كما / يشتقه الطير وسط البحر من قطر
ما للمعاجز قدر في مراتبه / الشأن أغنى عن التدليل والنظر
مجد الرسالة والشأن المضاف له / شهادة الله أغنته عن العبر
عز المكانة عند الله متصل / بحجة الله لا تسبيحة الحجر
وانما سيقت الآيات تكرمه / له وتبصرة للسيء البصر
بصائر جهرت أبصار جاحدها / يخفى لديهن ضوء الشمس والقمر
لو لم يكن غير أعجاز البلاغة في ال / ذكر الحكيم لطوع الجن والبشر
أتى وللبلغاء اللسن عارضة / فصك ثغر بيان القوم بالحجر
واستيقنوا ان خلقا لا يجيء به / وانه خارج عن طاقة الفطر
وحين ابهتهم حادث شكائمهم / بغيا وعدوا إلى الالحاد والأشر
فقال بعضهم سحر وبعضهم / سجع وبعض أساطير من الزبر
تنافروا عن هدى مولاهم وهم / على بصيرة علم نفرة الحمر
وعاندوا اذ تحداهم به حسدا / من عند أنفسهم رميا بلا وتر
فكان جهد حدياهم مساورة ال / بيض القواضب اذ خاموا عن السور
فصكهم سيف جبار بكلمة ج / بار السماء على الأجيال منتصر
فاجتث اثلتهم سلطان سطوته / بصولة من جلال الله في وزر
بصارم في يمين الله قائمة / كأنها صيغ حداه من القدر
كم فيلق جره من تحت رايته / جيوش جبريل فوق الشزب الضمر
مسومين بنور الله يقدمهم / حيزوم والملأ الأعلى على الأثر
يباشرون الوغى بلقا خيولهم / صفرا عمائمهم في قالب البشر
نعم الكتائب روح الحق سيدها / والروح جبريل من فرسانها الذمر
أجلت وغاها وخيل اللات ضاحية / على الظواهر والقيعان كالجزر
اشلاء دفت عليها الفتح وانتهبت / أوصالها السيد بعد البيض والسمر
يا نخوة اللات والعزى خزيت ويا / جبرية الشرك جاء الله فانكسري
ويا بني الجبت والطاغوت حسبكم / من رمية الله في الدنيا وفي سقر
ويا مثلثة اللاهوت قد كسر الله / الصلب بهذا الصارم الذكر
ويا معطلة التكوين قد بهرت / قضية الله شأن الدهر فاندحري
بالهاشمي الذي نادت به الصحف / الأولى مبشرة في سالف العصر
جاء المشفع مالأجيال تعرفه / بنعته عن لسان الرسل والزبر
جاء المشفع جاء النور مبتدرا / لم يأتي الا لمولاه ولم يذر
جاء البشير النذير السيد الصمد ال / بر الكريم المرجي خيرة الخير
يهدي الى الله لا تثنيه كارثة / عن أمره من غموم الأزمة النكر
يدعو الى الله فرداً في عوالمه / بعزم مضطلع لله مصطبر
أتي على فترة والدين مشترك / بين الكواكب والأملاك والحجر
فقام لله لا يألو مجاهدة / فيه حنيفا على السراء والضر
حتى استقامت له في الكون سيطرة / من فطرة الله بين العز والظفر
حنيفة سمحه بيضاء نيرة / إلى القيامة في أمن من الغير
يحمي حماها مليك الأنبياء أب / ى الضيم حيا وميتا منه في وزر
ليث الرسالة صنديد الملاحم سل / طان العوالم مولى سائر الفطر
شمس النبوة إجلالا ومرتبة / لولاه قنديل جنس النور لم ينر
محمد عاصم الكونين فاتح ك / ك الخير قائد كل البر والخير
فتح السعادة في الدارين موهبة / منه وانعاش جد العاثر الذعر
مبارك رحمة للعالمين به / درك الفلاح وكشف البؤس والضرر
مهيئ لاختصاص لا مقام له / في غيرة وكمال غير منحصر
شمس الكمالات الاسمائية انبسطت / منه الكمالات في كنهية الأثر
حقيقة عكفت فيها المحاسن فال / إبداع مندهش من حسنها النضر
عز ترقى بعليين رفعتة / بمشرق المجد والأدوار لم تدر
ولا يزال ترقيه لغير مدى / يسمو المراتب من أولى إلى أخر
ولن تزال على الأعيان فائضة / فيوض رحماه بالاصال والبكر
محمديته البحر المحيط فمن / فياضه رحمة الدارين للفطر
ان غاب شخصا فما غابت شهادته / الكون منه محل السمع والبصر
سرت عنايته في كل ناشئة / وروحه سريان الماء في الشجر
مهاد رأفته عدن ونحن بها / في مقعد الصدق نحيا عند مقتدر
محصنين بحصن من رعايته / مستعصمين به في الصفو والكرد
مخلصين به في عز ملته / مما نحاذر في الدارين من خطر
نصير دعوته يحمي حفائظنا / فنحن من عزة الايمان في وزر
طوبى لنا قد جعلنا أمة وسطا / خيرا شهودا لمولانا على البشر
مباركين بنور الختم تنفحنا / أنفاس أحمد حمادين في الزبر
نمشي على سنة الصدر المبارك من / أصحابه المهتدين السادة الطهر
شعب كريم قديم الذكر باركه / نور الرسالة في الأسرار والسير
عناية الله خصتهم بما سبقوا / به البرية من زلفى ومن خير
في الله جدوا فجدوا في مفاخرهم / ومدحه الله فيهم حسب مفتخر
فروا إلى الله واستبقوا بجهدهم / بقية الله ذخرا خير مدخر
وجردوا النفس تجريد السيوف / فلله النفوس وحد السيف للكفر
هبوا لداعي الهدى والنور حشوهم / ما بين ذي هجرة فيه ومنتصر
أسد صناديد في أيدي عزائمهم / طي الخطوب ونشر الفوز والظفر
غر أيامن انضاء العبادة في / وجوهمم من سجود نير الأثر
حتى مضى المصطفى والله يمدحهم / وهم لنا قادة والحق في وزر
نهاية القول فيهم انهم بشر / فازوا بما لم ينله سائر البشر
يا صحب أحمد يا أنصار حجته / والحائزين مقام القرب والنظر
أنتم شفيعي إلى من ليس يجبهكم / بحر الكمال عظيم الشأن والخطر
ما قدر مدحي وقول الله يمدحكم / لولا المحبة واستمداد مفتقر
عساه يشفع عند الله لي فله / شفاعة وسعت ما كان من وطري
يا سيدي با رسول الله قد وصلت / اليك حالي فصلها منك بالنظر
فنظرة منك في حالي يكون بها / فوزي بربي وانقاذي من الضرر
ياسيد الرسل ضاقت كل كائنة / بناصر" فلتكن لي خير منتصر
وأن يضق بي أمري فهو متسع / بوسع جاهك في وردي وفي صدري
هذا الرجاء حبيب الله منبسط / فابسط يمينك بالحسنى إلى ضروري
يا رب صل وسلم عد ما وهبت / يداك من نعمة في السر والجهر
ومثل نورك ملء العرش منبسطا / وملء ما حاطه المقدور من أثر
ومثل حبك أقواما رضيتهم / بمقتضى أزلي العلم والقدر
ومثل حبهم اياك اذ خلصوا / فمالهم غير حب الله من وطر
ومثل اضعاف نور المصطفى رتبا / ومجده ومعاليه على البشر
على رسولك مولانا الحفي بنا / محمدوعلى اولاده الطهر
وآله وجميع الصحب من شهدت / بفضلهم ابديا ألسن السور
أنمى صلاة وأزكاها وأوفرها / موصولة الفيض والامداد في العصر
ترضى بها سيدي عنى وتلهمني / رشدي وتغفر لي يا خير مغتفر
وتجعل الفوز بالجنات جائزتي / بفضلها ونجاتي رب من سقر
ووالدي وأولادي ومقربتي / والمؤمنين وأنصاري ومؤتزري
وكل ماض وآت والمعاصر من / أئمة الدين والقوام بالبشر
واجعل صلاتي له يا رب متصلا / بروحه نورها كالنور بالبصر
واجعل مديحي له ضيفا يلم به / يعود لي عنه بالاكرام والخير
ما خاب راجي رسول الله في أمل / ولا انثنى عنه إلا قاضي الوطر
ريب المنون مقارض الأعمار
ريب المنون مقارض الأعمار / وحياتنا تعدو الى المضمار
والنفس تلهو فوق تيار الردى / يا ليتها حذرت من التيار
قرت على رنق وزخرف باطل / مثل القرار على شفير هار
ماذا يغر المرء من محياه في / دنياه وهي قرارة الاكدار
يتساقط المغرور في لهواتها / تفريه بالانياب والاظفار
كشفت سرائرها ونادت جهرة / بعيوبها في سائر الاعصار
لم يبق شيء من شئون صروفها / في نحت اثلتنا على الاضمار
نفقت تجارتها وما باعت على / غرر ولا كذبت على التجار
يتهافت العمار في هلكاتها / فعل الفراش على لهيب النار
تجري الى شهواتها سعيا على / أنقاض ما هدمت من الأعمار
نصبت حبالتها وأنذرت الردى / وكأننا صمم عن الانذار
صدعت بما جبلت عليه ولم تدع / ذكرى ولا عظة وراء ستار
شر الغرور سكون ذي بصر الى / عيش تمزقه يد الأخطار
عبر تلونها الصروف وأنفس / تفنى وآثار على آثار
هل زاد عيشك ذرة عن هذه / لو كنت في الدنيا على استبصار
هلا اعتبرت وفي حياتك عبرة / مما تصرفه يد المقدار
لا تستمر لك السلامة لمحة / وغوائل الأيام في استمرار
ما بالنا نبكي الفقيد ونحن من / حب الذي أرداه في استهتار
شغف النفوس بما يراقبه الفنا / أثر الهوى ومحبة الأوطار
جسر المنون أمام وجهك عابر / ولسوف تعبره مع السفار
شمر لتعبره مخفا سالما / من ثقل ما أوقرت من أوزار
ليس العظات بما يقول مذكر / مثل العظات بمصرع الأعمار
كم للمنون لو اعتبرنا من يد / في سلبها الأرواح بالتذكار
ما الحزن الفتنا لمقصود الردى / يغتال في الايراد والأصدار
اترى يجد البين فينا هازلا / ويريحنا بمصارع الأخيار
كلا ولكن الحياة بهيمة / تجري عليها مدية الجزار
خلقت لما خلقت له من حكمة / وتعود تتبع دعوة الجبار
مزمومة نير القضاء يقودها / مربوبة لمشيئة المختار
كتب البقاء لنفسه مستأثرا / باماتة الأحياء والأنشار
واذا اعتبرت حياتك الدنيا تجد / ان الحياة مظنة الأعذار
ما بين معركة وأخرى يبتغي / أملا لباقية ذوو الأبصار
لو كان يشترك البقاء لغادرت / غيل المنيه أنفس الأبرار
يا صرعة الموت انتقرت خيارنا / وتركت أمتنا بغير خيار
ناهيك من اطفاء أنوار الهدى / غشى الظلام وضل فيه الساري
ناهيك من اعدام احبار التقى / فالدين لا يبقى بلا احبار
ناهيك من قعص السراة فانهم / سور ادين المصطفى وسواري
ناهيك من هلك الكرام فما بقي / رسم الكرام ولا حماة الجار
ويلاه أوحشت الديار من الألى / كانوا خلائف سنة المختار
أو كلما نجمت فضيلة سيد / قدرتها وترا من الأوتار
أسرعت في الاغواث والاقطاب / والاعلام والابدال والاخيار
مهلا فما أبقيت ثم بقية / نزح القطين وجف روض الدار
ما زلت تعتقرين كل أعزتي / فالجو خاو والديار عواري
افقدتني شهب الفضائل كلهم / ويلاه من شهبي ومن أقماري
ويلاه أين سماؤها ونجومها / وشموسها ذهبوا كأمس الجاري
من كل أروع لوذعي كامل / يهتز عرفا كالقنا الخطار
عمد الديانة قطبها قوامها / سحب المكارم أبحر الأنوار
تلألأ الأكوان من عرفانهم / كالشمس تملأ هيكل الأقطار
أنضاهم التسبيح والترتيل / والتهجيد بين جوانح الأسحار
خبت اذا جن الظلام رايتهم / طاروا الى الملكوت بالأسرار
غر اذا سجد الظلام على الفضا / سجدوا على الثفنات كالأحجار
قطع النحيب صدورهم وكأنما / وضعوا السحائب موضع الأشفار
قربانهم أرواحهم ونعيمهم / دأب على السبحات والاذكار
حصروا الشريعة والحقيقة والمعا / رف والكمال بانفس الأطهار
فهم غياث الكائنات وسرهم / مدد النفوس ومنبع الأنوار
نقلتهم الآجال من دار الفنا / وتبؤوا سعداء عقبى الدار
سلكوا بمحياهم وبعد مماتهم / اذ وفقوا بمسالك الأبرار
درجوا وأصبحت العراص عقيبهم / من فقدهم مغبرة الآثار
يا موت أفنيت الأعزة فاقتصد / ان كنت ترحم عبرة الأحرار
بأولئك الأبرار كنت معززا / بأولئك الأبرار كنت أباري
أزرى اذا ضاق الخناق بحادث / وهم اذا انطمس الطريق مناري
يا موت وقعك فيهم سلب الهنا / وأقامني للنوح والتذكار
ترك الحمام النوح اذ ناوحته / واستبردت كبدي لهيب النار
لم اسلهم حتى رزئت بصدعة / أخذت بقية سالف الأكدار
أخذت بكظم الدين وانتحت السما / فبكت لها بالمدمع المدرار
واستأثرت بقلوب حزب محمد / لله فجعة ذاك الاستئثار
ما الهول في يوم النشور أشد من / هول النعى بسيد الأبرار
العالم القطب المجدد عمدة الع / لماء طرا كعبة الأسرار
ليث المعارك مربع الفضل الذي / رفع المنار ولات حين منار
غوث البسيطة معلم الدنيا / أبي الضيم مولانا عزيز الجار
حامي حمى الاسلام حجته / معز الدين سيف الملة البتار
بحر المعارف والكمال مسدد الأ / عمال في الاقبال والادبار
السالمي أبي محمد المني / ف الذكر طود المجد بدر الساري
تمضي وترسلها العراك مروعة / والليل داج والذئاب ضواري
مهلا همام الاستقامة ما الذي / غادرت من هول ومن اذعار
قومتها فتقومت فهجرتها / يا هجرة طالت على السفار
ارجع اليها حيث قل حماتها / ارجع فديتك يا غريب الدار
ارجع الى الاسلام تمم نصره / فالعز تحت عزائم الأنصار
ارجع فان الاستقامة أرملت / ارحم يتيمك وهو دين الباري
ارجع تشاهد كيف دمع السيف / والعسال والأقلام والأسفار
ارجع وما ظني بأنك مشتر / بجوار ربك جيرة الأشرار
أدعوك للجلى وأنت عظيمها / عهدي وأنت لها شديد الغار
أدعوك للأمر الذي تدعى له / شيم الرجال وهمة الأحرار
أدعوك للخطب الذي أعيا على / رأي الفحول وانفذ الأنظار
أدعوك اذ فرغت يدي من كل من / يدعى لنائبة وحفظ ذمار
أدعوك ان كنت السميع لدعوتي / لخطابة التبشير والأنذار
أدعوك للحرب العوان وكنت في / لهواتها تكفي كفاء الغار
أدعوك للقرآن تكشف سره / وتبين منه غوامض الأسرار
أدعوك للسنن المنيرة انها افت / تقرت مقاصدها الى الأبصار
أدعوك للاجماع والأحكام وال / اديان والتذكير والتذكار
هيهات يا أسفاه لا رجعى وقد / جثمت عليك صحائف الأحجار
يسلون بالآثار بعد صحابها / ومثار حزني فيك بالآثار
" يا طلعة الشمس" استري عنا الضيا" / " وخذي الحداد "مشارق الأنوار"
سفران ان هديا لرشد ارشدا / من فجعتي قلبي لغير وقار
كنت النصير وكان لي صبر الحصا / فاصبت في صبري وفي أنصاري
اقدرت لي جلدا يقاوم نكبتي / فاليوم لا جلدي ولا أقداري
ناهيك من جلدي يقيني بالرضا / والسخط في أن المقدر جاري
وبأن هذا المرء عرضة طارف ال / حدثان تحت مخالب الأقدار
ما غاض من عيني رأيت عديله / من طرف داجية وطرف نهار
لم تصغ نادبة لندبة جارها / هي تستعد لندبة في الدار
سول لنفسك أن تعيش معمرا / لكنه أمد الى مضمار
تلك المصائب مدركات صيدها / سيان في فر وفي استقرار
أمعنت في هذي الصروف بصيرتي / وسبرت ما تقضيه بالمسبار
فرأيت برد العيش احسان العزا / والاطمنانة تحت حكم الباري
يا من أذاب الصخر حر مصابه / من ذا تركت لدولة الأحرار
وزعت بين الدين والوطن الأسى / توزيعك الطاعات في الأطوار
ودعوت في الاسلام دعوة مخلص / ثابت إليك بها ذوو الأبصار
ثابت اليك عصائب وهبيه / من أسد ذي يمن وأسد نزار
عشقوا المنايا واستماتوا في الهدى / من قبل "صفين" ويوم الدار
حنيت ضلوعهم على جمر الغضى / من حب ربهم وخوف النار
غضبوا لربهم فشدوا شدة / متكاتفين على هدى عمار
ملأ اليقين صدورهم فاستصغروا / عند اليقين عظائم الأخطار
لعزائم الأعيان فيهم وازع / دينا وحاشا هم لزوم العار
باعوا لمرضاة الاله نفوسهم / اربح ببيعتهم ونعم الشاري
ورضوا لأعباء الخلافة كفأها / سبط النجاد موفق الأنظار
فلك الجلالة والنبالة والتقى / بيدي الحيا عن ضياء نهار
ورث المهنا وابن كعب وارثا / "والصلت " من أجداده الأطهار
أخذ الامامة كابرا عن كابر / أخذ الثمار جواهر الأشجار
عرفته عاهلها ومفرق تاجها / ولطالما لغبت من الانكار
عاذت به فأعاذها واقامها / عمرية الميزان والمعيار
رقبته حتى أمكنتها نظرة / ازلية من نجمة السيار
فاقتادها عزما وحزما آتيا / بمعاجز طمست عن الأبصار
زهراء بين "السالمي" وسالم / نشأت وبين حماتها الأخيار
لم توف حق الشكر حتى استرجعت / صبرا بفقد الصابر الشكار
صبرا امام المسلمين فانه / حكم على كل البرية جاري
صبرا فعنك الصبر والتأساء يؤ / خذ بل وكل فضائل الأحرار
ما دامت الدنيا على أحد ولا / دامت على السراء والأضرار
عارية هذي النفوس ولازم / ان يسترد العدل كل معار
ومواهب الأيام حرص كلها / اذ سوف تنزعها بغير خيار
ولبئس عيش ريثما استحليته / كرت عليه غارة الأغيار
لا يستقر له اللبيب لأنه / وقف شعوب له بباب الدار
رأت البصائر ما يعاقب عيشنا / فالرأي ان نحيا على استبصار
يا شعر أجمل في الرثاء فان لي / قلبا من الأحزان كالأعشار
هل زاد في " الخنساء" الا كربها / شعر تردد ولبس صدار
يا صبر ان قر الأحبة في الثرى / فاثبت لدي ولا تمل قراري
لا خل الا الصبر بعد فراقهم / ان لم يزله نازل الأقدار
رحم الاله أحبة غادرتهم / ولزمت صحبة دهري الغدار
ما كان في أملي التخلف بعدهم / والعيش في الأشجان والتذكار
لكنه الحدثان يطلب وقته / ومنية تأتي على مقدار
عرجوا عن الدنيا وأعرج في الهوى / شتان بين قرارهم وقراري
تبكيهم الحسنى الى من أحسنوا / ويضاحكون الحور في الأجبار
آليت لا أنفك أندب أثرهم / ما دام تذرف أعين الأحجار
آسي واجرح ما تكن خواطري / بنوازع الأحزان زالأكدار
مددي بهم وشفاء قلبي ذكرهم / وبحبهم يطفى لهيب اواري
بحياتهم ومماتهم أسرارهم / توحي مواهبها الى أسراري
درجوا وجاء السالمي عقيبهم / يحيي الرسوم بسيبه المدرار
حتى تدافعت الرياض نضارة / بالسنة الزهراء لا الأزهار
حتم المصير له الى دار البقا / ولنعم دار بدلت من دار
حيا الاله ضريحه بالروح وال / ريحان بالآصال والابكار
يا عام أزهقت النفوس بفقده / واطرت روح الدين أي مطار
يا عام لا يبعد فقيد الدين ط / لاع الثنايا معقد الابكار
حزن على حزن وهول مدهش / يمضي المدى والغم في تكرار
يا عام لا عادت لبطشك دعوة / كافيك منها بطشة الجبار
ارحم عيال الله قد حزبتهم / أخطار ملتهم على أخطار
يا عام ازهقت الديانة خطة / كالنار ذات ذوائب وشرار
اطفأت أزهر كوكب ملأ الفضا / ضوءا وجئت بظلمة الاكدار
ختمت له الحسنى ووافى ربه / متقبلا لمزية الاطهار
عفا عن الدنيا خميصا بطنه / منها سوى ما كان سهم الباري
يا من أجاب الدعوتين لربه / لم لا تلبي دعوتي وجواري
لمعاهد الاسلام بعدك رنة / وعهود فضلك كالنجوم سواري
قدست من غوث وقدس مشهدا / غبطته فيك عوالم الأنوار
شط المزار مع الحياة وويلتا / بعد الممات متى يكون مزاري
ومن السعادة أن أمرغ جبهتي / بعبير تلك التربة المعطار
يا وافد الرحمن أي كرامة / لقيت في عدن وأي جوار
بمنازل الشهداء ترتع آمنا / حتى رضيت لخوفنا الكرار
حلقت للطاعات خطفة طائر / فحللت مسرح جعفر الطيار
بعت الحياة فنلت أربح بيعة / لكنها رجعت لنا بخسار
لله ما سنة لك البشرى بها / ولنا بها كالنار في اعصار
تأريخها ما طال ما لحب الردى / الصبر أحرى يا أولى الأبصار
تهد العمر رائعة المنون
تهد العمر رائعة المنون / وحد الحي اتيان اليقين
الهواً بالغرور ولا نبالي / ونؤخذ بالشمال وباليمين
الا جزع لقاصفة وأخرى / تليها للمباين والقرين
ونركن والمهالك عاصفات / الى تغرير كاذبة خؤون
على ان الحياة لها حدود / سنقطعها على رغم الركون
اليس على الغباوة ذو هناء / وظفر الحتف يفري في الوتين
يمر القارظان ونحن ندري / بأن مسيرنا نحو الكمين
ولو ان الكمين على خفاء / ولكن بطشه رأي العيون
يثبطنا من الآمال وهم / ويُجلى الوهم بالحق المبين
ودون مدارك الآمال رصد / من الآجال منقطع الظنون
تمر بنا جنائزنا بطانا / حواصلها تزف الى الوكون
وتغدو في مراعيها خماصا / الا عمدا من الخمص البطين
لقد ظعن الأحبة واغتبطنا / بما تركوه غبطة ذي جنون
ونحن نرى الحداة بنا ألحت / تطوحنا بعزمات شطون
نقضي ما قضوه وعن قليل / نصير لدى مناخات الظعون
وهل نقضي سوى عيش قصير / اجب الظهر مقبوب الوضين
نمنى فسحة قبضت عليه / على غصص كأوقات السجين
وعيش حشوه كدر وسوء / يلذ على مداهنة الضنين
والا فالحقيقة كل بال / نصيبك منه زادك لليقين
تزود منه للعقبى ودعه / فليس الشأن في الفاني المهين
وطلق هذه الدنيا بتاتا / طلاقك لا اليك ولا تليني
عرفتك حية لينا وسوءا / " دعيني منك يا دنيا دعيني"
خدعت بنيك ثم فتكت فيهم / " وانك لا محالة تخدعيني"
يروعني ابتسامك فوق مكر / كذاك السيف براق المتون
ابنت محاسنا زانت فشاهدت / فبيني أيها الشوهاء بيني
هبلتك يا غدور خذي طريقا / فاني آخذ ذات اليمين
تركتك مزجر الكلب المضري / سوى ما كان منك لأمر ديني
بلوتك يا مخبئة الدواهي / فكنت السم في الماء المعين
وحسبك يا فجار من المساوي / رحاك المستيرة في القرون
أريني أين هم فلديك خبر / جهينة خبرينا باليقين
دعي التدليس ان القوم صاروا / طحينا يا مبددة الطحين
فغري يا خباث بني العمايا / وكفي عن خداع المستبين
اسلمك ابتغي والفتك جار / ونحن لديك في حرب زبون
دهانك ما تشعث ليس يجدي / لأن القصد حلقوم الدهين
حبست الكأس عنا أم عمرو / وامني كأس برك في يميني
فما أمني فجورك أم عمرو / وقد خالفت خالصة الأمين
زبنتك لا أبوء اليك رغبا / مقام الذئب كالرجل اللعين
صحبت الناس صحبة غير صدق / وعاشوا منك في داء دفين
لحنت اليَّ لحنك فاصرفيه / وكل الشر في تلك اللحون
عرفتك بالخلابة منذ عهدي / بسهلك انه صعب الحزون
أريني أين أصحابي وأهلي / ومن عمروك أحقابا أريني
ألم تنزلهم نوب المنايا / عن الظهر الموطأ للبطون
كأن حياتهم لما تقضت / خيال طاف في نوم العيون
وأنت على الطريقة لن تبالي / بمن تفنين حينا بعد حين
أبعد السادة الأطهار بشر / يباشر حبة القلب الحزين
أبعد الصيد من ثروات قومي / تراموا في القبور وخلفوني
ألذ معيشة وسكون قلب / وهيهات السبيل الى السكون
أبعد الطيبين يطيب أنس / وطيب القوم في خلق ودين
أبعد تهدم الاكناف منهم / تظل الناس كانفة بلين
أبعد أفول أقمار المعالي / ألام على النياحة والحنين
حييت بهم على علق ثمين / فمن لي اليوم بالعلق الثمين
هم ضمنوا بكشف الكرب عنا / فقد اخنت شعوب على الضمين
هم كانوا لنا بلدا أمينا / فواحربا على البلد الأمين
هم كانوا السما سقيا ورعيا / فأقلعت السماء عن القطين
هم كانوا رياضا سابغات / بما ترجوه ناضرة الغصون
طوى حضراتهم اعصار هلك / سوى الآثار كالورق اللجين
رميت بفقدهم فاذود عني / حريقا ليس يطفى من شجوني
لو اعج لا يهدئها التأسي / ولا يطفأن من سح الشئون
ولو رمحا شككت به ولكن / تواردت الأسنة كالشطون
فما برحت هموم من فؤادي / ولم نرهق بمرتقب شفون
اكفكف عبرة في جنب أخرى / وذلك دينها أبدا وديني
وما هذي الصدور بثالجات / على مضض الفراق من الضنين
وما في الموت رائفة لوهن / ولا بقيا على طرف سخين
فما تبقى على حصن مشيد / ولا تنجو بناحية امون
نصبر هذه الألباب حتى / تلاشت بالتأوه والأنين
وما كرم العزاء بمستطير / لهم الصدر أو همل العيون
ولكن حيث لا طمع لرد / فحسن الصبر مرتبع الحزين
ألا يكفي المنون الجذ فينا / فما أبقت على حبل متين
لقد أزمت على طود مكين / فكانت نقلة الطود المكين
أبي الضيم مصباح الدياجي / كريم الخيم وهاب المئين
عريض الجاه مبيض الأيادي / رحيب الصدر وضاح الجبين
محيط العلم مفصال القضايا / عميد الفضل ذي الشرف الرصين
جسيم المكرمات لراحتيه / سخاء المزن بالوبل الهتون
عشية " سالم" امسى دفينا / وكل الخير في كفن الدفين
فديتك با ابن أحمد قد رزئنا / بيوم نواك بالحصن الحصين
فلا تبعد وهيهات التداني / بمن سطت به ريب المنون
صحبتك أيها الدر المصفى / فكانت صحبة الحر الرزين
وكنت الركن لي اذ عز ركني / وقد قد السلا رأس الجنين
وكنت العوذ في خير وشر / نزيل حماك في عز مكين
وكنت العون في يسر وعسر / فديتك من أخي ثقة ودين
وداهية أخو حقد رماها / نصبت لها جبينك عن جبيني
وصرت اليك أنسب من نسيب / وصرت عليك أكرم من خدين
تهون عليك نفسك في احترامي / وأنت أعز من ليث العرين
وأعداء أرادوا حذف جاهي / كسرتهم بآلات السكون
فلم تحذر لهم برقا ورعدا / وما شأن الذبابة والطنين
فكنت لي الحسام اذا اشرأبوا / وكنت الدرع للشبوات دوني
وكنت الحامل الثقل المعايي / اذا رست الفوادح كالرعون
خفضت لي الجناح وكنت ردءا / ولم تحفل بغث او سمين
فقد أمسيت في جدث مريع / وتضحى للمذعذعة الحنون
وان ضريحة ضمتك فازت / ببحر ليس ينزف بالعيون
بقاؤك للمعارف والمعالي / بقاء البدر في سدف الدجون
وفقدك لاقتراب الحشر نوع / من الاشراط في أخرى القرون
وأرباب الكمال إذا تولوا / تولى الخير في دنيا ودين
ابعدكم رجال الدين يرجى / صلاح الأرض أو جبر الوهين
فلا تذهب فديتك من خليل / وان أبقيت للحمد الثمين
أتمضي والزمان على شحوب / وكان لديك في خصب ولين
أتمضي والمشاكل ناصبات / أكنت قد اعتمدت على ضمين
فلا وابيك ما بالدار خل / وقد عصفت شعوب على القطين
متى اللقيا أبا الوضاح بيني / وبينك بعد رحلتك الحجون
وهيهات اللقاء وأنت رهن / لرمس همه حبس الرهين
لقد خلفت ذا قلب طعين / بفقدك عل رثيت لذا الطعين
أجالد بين جانحتي نارا / يؤوسا من هدوء أو هدون
وما جلد عليك بمستطاع / ولكن بعض رشد للحزين
اذا استبصرت عن جلد وصبر / تلاشى الصبر في وهج الشجون
متى ترجو الحياة رخاء بال / وقد زرعت لتحصد بالمنون
حميد الذكر هل غادرت نفسا / تطيق الصبر أو بخل العيون
وما عن دعوة الرحمن واق / فديتك لا أقيك ولا تقيني
وليكن لوعة التذكار شبت / فطيرت التشبث في الرنين
وقرض الصبر مرجوع اليه / وحسب المرء من حبل متين
وما يقضي بايجاب وسلب / يكون ولا محيص لمستكين
صبرنا أم جزعنا سوف يجري / قضاء الله بالحق اليقين
أبا الوضاح هيض جناح صبري / وقللت الرزية من متوني
فبت من الهموم على المكاوي / ارادف عبرة الغرب الشنين
وكيف وبين احشائي اوار / تصاعده عن الجمر الطبين
أرى صنعاء كاسفة النواحي / وكانت منك زاهرة الجبين
حدادك أيها الثكلى مليا / ونوحك نوح ورقاء الغصون
فقد أضناك يا خنساء حزن / وعندي ما لديك فأسعديني
فما حرم الصدار عليك صنعا / وصدرك قد تفضفض بالشجون
فكم قلدت يا صنعا البرايا / صنائع منه كالدر الكنين
ومسجدك المنور اذ تعرى / من التسبيح والذكر المبين
بكى محرابه القوام فيه / اذا جال الكرى بين الجفون
وحق له البكاء وقد تردى / باردية عقيب النور جون
ويا اسفاره نوحي عليه / وقري للبلى وسط الخزين
بيان الشرع هل لك من بيان / بيان الشرع هل لك من قرين
ويا تمهيد سيدنا الخليلي / تمهد ان تعيش بلا خدين
فان العالم المقباس أضحى / لحيدا بين أحجار وطين
لقد أضحت مرابعه يبابا / لنوح البوم من بعد القطين
كأن لم تغن بالاحكام يوما / بشرع المصطفى البر الأمين
كأن لم تغن بالكافي الموفي / موازين الندى فوق الظنون
أبا الوضاح إن لاقيت حتفا / فان المرء مجراه لحين
عليك الرحمة العظمى استهلت / مسرمدة بصيّبها الهتون
سموط ثناء في سموط فريد
سموط ثناء في سموط فريد / بكل لسان قد بثثن وجيد
وحمد تغص الكائنات بنشره / اذا نشرت منه أجل برود
وذكر له تحيا النفوس بذكره / ويبعث قبل البعث من هو مودي
تعطرت الآفاق من طيب عرفه / فما مسك دارين يشاب بعود
ويزري بنور الشمس نور ابتسامه / اذا ما تجلى في صحائف سود
لمن هو أهل الحمد والمدح والثنا / لذى الفضل والألاء خير مفيد
لمن سبحته الكائنات شواهدا / بتوحيده والله خير شهيد
أعاد وأيدى من أياديه أنعما / فيا أنعم المولى بدأت فعودي
ويارب لطفا من لعبد مؤمل / بسيط لسان بالدعاء مديد
ويقصر منه القول ذكر ذنوبه / وقبح الخطايا فهو أي بليد
ويغضي حياء هيبة ومخافة / لعزك اجلالا بكل شهود
فجد بمتاب عن مقر مصرح / بذنب وتقصير وطول صدود
منيب يرجى عندك مول / بذكرك لا ذكر اللوا وزرود
فقير لما أسديت من كل نعمة / شكورلما أوليت غير جحود
دعاك ولا يرجو سواك لفقره / وأنت الذي تدعى لكل شديد
وما ظن يوما ان يخيب آمل / بباب كريم في غناه حميد
ولم يك يشقى في دعائك عمره / ومنك يرجى اليوم كل مزيد
الهي تداركني بلطف واغنني / بواسع رزق من نداك عتيد
فمهما ترد شيئا يكن بمقال كن / فهلا بكن تقضتي بأوسع جود
يجود به من جوده العمر شامل / على كل موجود بكل وجود
فما كان لي في غير جودك مطمع / وجودك منه طالارفي وتليدي
وجودك اذ عز الشفيع وسيلتي / وجودك اذ عز البريد بريدي
واني لوقاف ببابك سائل / لفضلك راج منك نجح وعودي
وقد دفعتني الكائنات بأسرها / اليك ولم تحفظ وثيق عهودي
واني ان زايلت بابك قاصدا / سواك فقد أبرمت نقض عقودي
وحاشاك عن ردي وقطع مطامعي / لشؤم جدودي واتضاح جمودي
وان كان سعي لا يفي بمطالبي / وان حظوظي عن مناي قيودي
فان بقصدي الله تغدو صعابها / وان عظمت قدرا أذل مقود
ومن يتمسك بالاله تكن له / اذا رامها العنقا أذل مصيد
ولما رأيت الحظ عني نائما / وكان قيامي فيه مثل قعودي
وان فعالي مثل مالي كلاهما / لدارس دين الله غير معيد
وان لساني مثل كفي كلاهما / لاظهار دين الله غير مفيد
وان حسامي كاليراع كلاهما / لأعداء دين الله غير مبيد
ودهري لم يأذن بغير اهانتي / واكرام خصم للاله عنيد
وغاية محصولي المواعيد والمنى / وان وعود الغدر أي وعود
ولم يبق عندي اليوم الا تمسكي / بعروة ركن للاله شديد
جمعت همومي وانتجعت بهمتي / الى باب وهاب الجدود مجيد
الى باب من يدعوه في الأرض والسما / ومن فيهما من سيد ومسود
الى باب من في كل يوم بحمده / له أي شأن في الأنام جديد
الى باب خير الناصرين وأكرم ال / فيدين خير الفاتحين ودود
الى باب وهاب الممالك قالب ال / كراسي قهار لكل عنيد
الى مالك الملك العظيم اقتداره / الى من له الأملاك خير عبيد
وقوفا على أبوابه منه راجيا / قيام حظوظي في العلى وجدودي
فتخرق لي فيه العوائد نفحة / سماوية من مبدئ ومعيد
حظوظا يقوم به الدهر فيها بخدمتي / ويسعى بما لا يشتهيه حسودي
تقوم بتدبير الاله وكيده / لأمر عليه لم أكن بجليد
وتسعى بما يرضي الاله لدينه / اذا ما أمات الحق كل مريد
بها قام من قلبي الأئمة بالهدى / وكانت لرسل الله قبل وجودي
يتم بها النعما على متمها / قديما على خير الخلائق صيد
ومن لي بهذا في زمان مضاعة / به سنن الاسلام بين قرود
ومن لي بأن يرضى الاله لدينه / بتعطيل أحكام ورفض حدود
ومن لي بأن يرضي لأمة أحمد / وقد سامها بالخسف كل كنود
ومن لي بأنصار الى الله وحده / اشداء بأس في الحروب أسود
تباري النعام الربد خليهم اذا / بحيء على نصر المهيمن نودى
يغاث بهم داع الى الله قد دعا / وخوصم في ذات الاله وعودي
ومن لي بسهم يقطع الهام والطلى / ويفري من الأعداء كل وريد
حسام لدين الله والله ضارب / بحدية والهيجاء ذات وقود
ولو عارض الشم الجبال بضربة / لناحت على طود أشم فقيد
فيا غارة الله اغضبى وخيوله / اركبي ومواضيه انعمي بورود
ومني على الأعداء منك بزورة / تريحهم من كفرهم بلحود
ويا رب مزق كل سور وخندق / عليهم وحصن شامخ ووصيد
وقد مكروا فامكر بهم وأذقهم / عواقب مكر في البلاد شديد
فطهر بقاع الأرض منهم بأنفس / من البغي تجريها بكل صعيد
وشرد بهم في كل أرض فلا سوى / قتيل ومأسور يرى وطريد
وصب عليهم سوط منتقم كما / لعاد وفرعون جرى وثمود
ولا تبق ديارا على الأرض منهم / فما قوم نوح منهم ببعيد
وعجل بنصر منك للدين مظهر / وعن كيد من عاداك غير مكيد
يقوم بأرباب الديانات والتقى / ويسطع نور الحق بعد خمود
وتنشر أعلام العلوم لواءها / بأسياف عدل لم تلق بغمود
يدبرها ماضي العزيمة حاذق / بانفاذ أمر الله غير مَؤُود
تذل له الآساد حتى النقاد لا / تذاد عن المرعى بأطلس جيد
أمين على دين الاله وشرعه / خليفته المأمون خير رشيد
به قرت الدنيا عيونا وأهلها / على العدل والاحسان منه شهودي
ومن على عبد دعاك بنظرة / تجلي على الآفاق شمس سعودي
فتشمل من في الأرض حتى أراهم / الى الله أنصاري وفيه جنودي
فاحشد في نصر الاله ودينه / ومن قام بالدين الحنيف حشودي
فأصبح منصورا مطاعا مؤيدا / بفتح وتمكين وجاه سعيد
عسى ولعل الله يظهر دينه / على كل دين لم يكن بسديد
فتخضر آمالي وتورق منيتي / ويثمر في دوح المكارم عودي
فانك فعال لما قد تريده / قدير على ما شئت خير مريد
الهي استجب دعوى اليك بعثتها / وقد طال ترجيعي بها ونشيدي
عقود ثناه قد أجدت نظامها / وان كنت للأشعار غير مجيد
قصدت بها باب المليك ولم تزل / على بابه الآمال خير وفود
وصل وسلم مثل معلوم ما يجري / به القلم الأعلى من الخلق والأمر
بلا أمد يأتي ولا منتهي حصر / على المصطفى الهادي محمد البر
لا تكترث بالليالي إنها دول
لا تكترث بالليالي إنها دول / لا يستمر لها حزن ولا جذل
كأن حلة حرباء تلونها / لا تظهر الشكل الا ريث ينتقل
ولا تضق بالقضايا في تقلبها / في طي كل شديد خيرة جلل
اذا اعتبرت صروف الدهر مرسلة / ايقنت ان القضايا كلها نقل
وان تفكرت في خطب لتنسفه / بصولة الرأي غرت فكرك الحيل
من اوزع الفكر في شيء يقدره / إلا اعتبارا صمى ايزاعن الخبل
ما فكرة المرء فيما ليس يملكه / من أمر مولاه الا فكرة خطل
لا تحترس بذكاء عند مقدرة / قد يهشم الانف امر تتقى المقل
تيقض الحزم والاقدار جارية / هم برد قضاء ما له قبل
جالد صروف الليالي بالتجلد واف / طن أن احوالها حل ومرتحل
بينا وقيد الرزايا في مهانتها / سما به الجد واستخذى له الأمل
ليصحب المرء في امريه منصرة / من اليقين بان الحال تنتقل
لو ابصر الحر ما بيدي مزيته / من المكاره طابت عنك الغيل
مزية الحر ما عيب الحسام به / ان كان عيبا يحد الصارم الغلل
اسنى الفضائل يبدي شر صفحته / كان ضد الرزايا دونه كلل
صك الخطوب بخطب اسمه جلد / والق الامور بحلم شخصه جبل
وصانع الناس لا نكسا ولا ملقا / بما يسرك من تلقائه الرجل
والبس لدهرك ان لم تزك سيرته / من التجمل ما تزكو به الخلل
مالي وللدهر يغري بي حوادثه / كأن صبري على لأوائه زلل
كان فضلي في عين الزمان قذى / لقد درى انه في عينه كحل
كأن همي سهم في مقاتله / ومذهبي في العلى رجله كبل
اذا تشطت لحقي في العلى عرضت / أمام عزمي في اعراضه علل
لا اجتني خطة الا مخالسة / ودون اتمامها الاهوال تشتعل
ما سرني درك مجد لا تقارعني / من دونه نكبات الدهر والغيل
ولا هنئت بفضل لا تراقبني / من الرزايا عليه خطة جلل
ارى العلى بخطوب الدهر سامية / كأن طرق الرزايا للعلى سبل
قد يكسب المجد مجدا من رزيئته / كجوهر التبر تبدي حسنة الشعل
أقول للدهر ارسلها العراك فان / اجزع لحظتها فالويل والهبل
وهات كاسك ان صابا وان عسلا / فقد تساوى لدي الصاب والعسل
اني انفت من البقيا إذا أنفت / الا اغتيال السري الماجد العضل
متى اضيق بخطب غبه فرج / ونازلات الليالي كلها ظلل
ما ان شهدت امورا وهي مدبرة / لها واعقب من اضدادها قبل
لا آمن الدهر في لين وفي شعث / وطبعه للوفا والغدر محتمل
ما أطيب العيش لولا ان يشاركني / فيما ينغصه الهيابة الوكل
ولست ارتاد ماء ما به كدر / الا اذا كان دهري ما به دغل
ليت الحوادث لا تعدو مساورتي / ولا عرى يد دهر كادني شلل
ان لم اسلط اذا اتقضت عزائمها / بوادر العزم مهتزا لها زحل
ليعلم الجد أما زل بي قدما / اني على جد عزم ما به زلل
صادر همومك والاخطار كالحة / ما يلزم الوهن الا الخامل الوكل
فان افاتك سوء الجد صالحة / فحد همك في ادراكها بدل
من يعطه الله فيها نفسه كرهت / صبرا فما كرهت بالخير مشتمل
فضيلة العزم عما لا تقاومه / عزيمة الفضل فيما تبتغي خول
لبست لمحة طرف نعمة بليت / كما تمزق عن اصليته الخلل
فما جذلت لخير في يدي أجل / ولا جزعت لشر بعده أمل
صارفت صرف زماني بالتي حسنت / في اعين المجد واهتزت لها الفضل
حتى م ارسف في قيد له ذهلت / عني الجدود وصبري ليس ينذهل
وفيم تهتضم الايام بادرتي / فعل الوتير وحسن الواتر الدخل
اليس جوهر عرضي لا ينافس في / اعراضها انها الآفات والغيل
تصدني عن مساع كلها غرر / في جبهة الدهر أو في ساقه حجل
والحظ كاب عقير في براثنها / كأنه أمل ينتاشه أجل
اراقب الجد في نصري فينشدني / لا ناقة لي في هذا ولا جمل
هذا اعتذاري الى العلياء ان طمحت / ما لزني خور عنها ولا فشل
ما ذنب امنية يغتالها قدر / في امرها وقضاء الله يعتقل
اصبحت والدهر من بغضي به جرب / آسيه نبلا وما ينفك يأتكل
اذا تطارحت اغري بي سماسمه / وان تنمرت حاصت عني الحيل
وان بسطت نوالي سامني سفها / اعن سفاهة رأي يفضل النبل
المال لا شيء عندي كي اضن به / في موضع الفضل واللاشيء مبتذل
علق المضنة ما تزكو مزيته / والفضل في الله علق ما له مثل
يزكو الثراء على التوزيع يذهبه / في الله والحمد ليس اللهو والختل
عودت ربي إنفاذي فواضله / فيه وعودني التعويض ينهمل
عوائد الله أغنى لي وان تربت / كفي ونعمة ربي نعمة جلل
يكفي من الوفر ان تبقى محامده / ما أحمد الوفر حسن الحمد يأتثل
حقائق المال كانت في العطا غررا / ولا مزية أن لا تتبع النفل
اوجب لسالبة الانفال فضل يد / فانما سلبها الاعطاء والنفل
لن يلبث المال تذروه الرياح ويب / قى من صفاياه ما شدت به الخلل
نفاسة الفضل علق لا تنافسه / اضبارة من حطام حالها حول
ضمانة الله للانسان كافية / ففيم تدبيره والحرص والعجل
ان كنت تملك بالتدبير رزق غد / فلترجع فائتا من امرك الحيل
كلا لقد اعجز التدبير ما حتمت / به الامور فلا جد ولا خول
ثبت يقينك فيما الله قاسمه / لا بد آتيك لا فوت ولا ميل
اني لا علم امرا ليس يجهله / دهري ولكن صوابي عنده خطل
أيجهل الدهر اذ خضت الغمار به / ان ليس يعحزني عن خوضه الوشل
وهل نفذت شهابا والخطوب دجى / وعندي الصارمان القول والعمل
وهل تقلد جيد المجد من أدبي / مالا تنافسه الجوزاء والحمل
انا ابن بجدة امر لا قرار له / لها على خطة أس لها زحل
على م تنحلني الايام نحلتها / جهلا على خلة ما شانها خلل
تنحو على فضل أوطاري فتعكسها / فلست ابرام امرا ليس ينفتل
قارعت اطوارها حتى خذيت لها / وبي من الصبر مالا يحمل الجبل
وارجف الغدر هيض العظم من عسر / نعم ولكن وفائي الدهر متصل
ان يعقل العسر فضلي عن مواقعه / فلي خليقة بر ليس تعتقل
اذا زكى خلق من اصله نزعت / الى الكمال على علاتها الخلل
لا تنفق النفس إلا من جبلتها / والفضل في النفس ليس المال يؤتثل
عقائل المال تؤتاها وتنزعها / وما عقلية فضل النفس تنتقل
اذا جبلت على امر حمدت به / عداك ذم وان جدوا وان هزلوا
لتبلونك أخطار فكن خطرا / يكاد منك فؤاد الدهر ينذهل
ولا تنم وعيون الدهر ساهرة / وان تناوم فهو المكر والختل
وخذ حقائق ما تخشى عواقبه / من الأواخر مما آتت الأول
وارغب بنفسك ان تخزى على طمع / دع المطامع ترعى خزيها الهمل
واختر على الذل عزا ان تسام به / فدون وجهك في ادراكه سبل
غيظ الزمان اذا عز الكرام به / غيظ المفاخر تعطو نحوها السفل
فلتشف نفسك من عز تغيظ به / قلب الزمان ولو في الحتف ترتسل
ماذا تريد من الدنيا تعانيها
ماذا تريد من الدنيا تعانيها / أما ترى كيف تفنيها عواديها
غدارة ما وفت عهداً وإن وعدت / خانت وإن سالمت فالحرب توريها
ما خالصتك وإن لانت ملامسها / ولا اطمأن إلى صدق مصافيها
سحر ومكر وأحزان نضارتها / فاحذر إذا خالست مكراً وتمويها
وانفر فديتك عنها أنها فتن / وإن دعتك وإن زانت دعاويها
كذابة في دعاويها منافقة / والشاهدات على قولي معانيها
تريك حسناً وتحت الحسن مهلكة / يا عاشقيها أما بانت مساويها
نسعى إليها على علم بسيرتها / ونستقر وإن ساءت مساعيها
أم عقوق وبئس الأم تحضننا / على غذاء سموم من أفاعيها
بئس القرار ولا ننفك نألفها / ما أعجب النفس تهوى من يعاديها
تنافس الناس فيها وهي ساحرة / بهم وهمهم أن يهلكوا فيها
يجنون منها على مقدار شهوتهم / وما جنوه ذعاف من مجانيها
من الذي لم ترعه من طوارقها / وأي نفس من البلوى تفاديها
كل البرية موتور لما فتكت / لا ثار يؤخذ لا أنصار تكفيها
تروعهم روعة للحسن مدهشة / وهي الحبائل تبديها وتخفيها
ما أغفل الناس فيها عن معائبها / وإنما راقهم منها ملاهيها
وللبصائر حكم في تقلبها / بأن عيشتها فيها سترديها
غول تغول أشكالاً حقيقتها / مكراً ولا يرعوي عنها مدانيها
نجري إلى غاية فيها فتصرعنا / لا بد من صرع جار في مجاريها
وإن داراً إلى حد نصاحبها / من أحزم الأمر إنا لا نصافيها
أنيَّ نصافي التي آباءنا طحنت / والآن تطحننا الانياب في فيها
أنستقر على لهو بلا ثقة / ولا أمان ولا نفس تعافيها
ما سالمت من نأى عنها وحاربها / ولا تسالم قطعاً من يداجيها
لا ترحم الطفل تردى عنه والده / ولا الثكالى ولو سالت مآقيها
لم تهدء الدور من نوح وصارخة / ولا المقابر من مستودع فيها
نمر بالطرق والايتام تملأها / ولا نفكر فيمن كان يؤويها
ونرسل الطرف والأبواب مغلقة / والدور فارغة والدهر يبليها
أين الذين غنوا فيها مقرهم / أظنهم في طباق الأرض تطويها
أين الذين عهدنا أين مكثهم / أين القرون لمن تبقى مغانيها
أين الحميم الذي كنا نخالطه / أين الأحبة نبكيها ونرثيها
أين الملوك ومن كانت تطوف بها / أو من ينازعها أو من يداريها
أين الأباعد أين الجار ما فعلت / بهم بنات الليالي في تقاضيها
لو أمكن القوم نطق كان نطقهم / ريب المنون جرت فينا عواديها
عظامهم نخرت بل حال حائلها / تربا لدى الريح تذروها عوافيها
لا شبر في الأرض إلا من رفاتهم / فخل رجلك رفقاً في مواطيها
نبني القصور وذاك الطين من جسد / بال ونحرث أرضاً مزقوا فيها
عواتق الناس لا ترتاح آونة / من النعوش ولا يرتاح ناعيها
ما بين غارة صبح تحت ممسية / يراقب الناس إذ نادى مناديها
تغدو وتمسي على الأرواح حاصدة / لا ينتهي الحصد أو تفنى بواقيها
ونحن في أثرهم ننحو مصيرهم / وجوعة اللحد تدعونا ونقريها
والعين جامدة والنفس لاهية / والزاد ذنب إلى عقبى نوافيها
ونهمة النفس فيما تشتهيه طغت / على الأزمة والآمال تطغيها
ما هكذا عمل الأكيَاس فانتبهوا / من غفلة وعمايات نواتيها
حقاً ولا سلك الأبرار مسلكها / ساروا خماصاً من الدنيا وما فيها
شدوا الحيازيم صبراً عن زخارفها / إذ كل ما زخترفته من مخازيها
لا تحسن الظن فيها أنها ملئت / غدراً ولا تتبعوها في دعاويها
فالكيس الحر من يقوى بعفوتها / على السلوك إلى دار تنافيها
تدعو حذاراً وتزهو من ملابسها / تذللاً لجهول ليس يدريها
والمدركون لمعناها رأوا أجلاً / ينعى الركون إليها في دواهيها
فشمروا الذيل واستاقوا نفوسهم / سوق القلاص سراعاً عن مراعيها
تعرضت لهم فاستبصروا جنفا / عنها سوى بلغة في ربهم فيها
ماذا يريدون منها وهي شاهرة / سيف الملاحم لا ترثي لأهليها
دست شباك هلاك تحت زخرفها / فما تورط فيها غير باغيها
تخفي الدسائس خدعاً في بشاشتها / لكنه بان للابصار خافيها
لم ينج منها سوى المستبصرين بها / ولا توهق فيها غير غاويها
تأثلوا صالح الأعمال وامتثلوا / بغضاً ولم يستقيموا نحو تاليها
وكان من شأنهم أن لا تغرهم / نضارة حشوها الحيات تغريها
فروا إلى اللّه من دنيا تجارتها / خسر وغم وآفات تصاليها
رأوا يقيناً بأن اللّه حقرها / فنابذوها ولم يصغوا لداعيها
وحاربوا النفس والشيطان واجتنبوا / ذل الحياة لري من سواقيها
تلكم هموم رجال نحو ضرتها / ليست غضارة دنياهم تناويها
أزكى بضاعتهم منها قناعتهم / على الكفاء وأن تبقى لأهليها
تلك البضاعة لا الأموال تجمعها / وعن قريب إلى الوراث تلقيها
تشقى بمكسبها والخصم يأكلها / صفواً يمتع نفساً ما يمنيها
دفنت من بعد اخراج الدفين لهم / وصار دفنك للأعداء ترفيها
وصرت في القبر مرهوناً بمأثمها / وفات نفسك في العقبى تلافيها
أعدد جوابك في حين الحساب إذا / نوقشت كيف أتت أو كيف تجريها
ما تبتغي من حطام أصله تعب / والمنتهى حسرة لا حد يقصيها
كم تخزن المال لا تعطى حقائقه / تلك المخازن ملأى من مكاويها
ماذا تريد بجمر عشت تركمه / جحيمه باشتداد الحرص تذكيها
هلا نجوت سليماً من معاطبها / فالنفس ميسور هذا العيش يكفيها
قرص وطمر وشكر فهي مملكة / عظيمة ملك كسرى لا يوازيها
هي السلامة لا كي الجباه بما / كنزت لا تتوخى فيه تنزيها
ارفق بنفسك لا تقوى على سقر / وافزع إلى اللّه من ذنب سيخزيها
ارحم عظامك أن تصلى بزفرتها / وخز البعوضة لو فكرت يؤذيها
ألا يهولك ما قدمت من خطأ / إن الذنوب ديون سوف توفيها
بادر إلى توبة تمحو الذنوب بها / فما سوى أوبة الاخلاص ماحيها
بادر لأوبة نفس كلما أدكرت / قبح الخطيئة نار الخوف تشويها
وحقق الصبر واعزم عزم مصطبر / في حربك النفس تغنيها وتطويها
واركب مطايا الليالي في العبادة لا / تنم على غفلة المغرور تقضيها
لطالما شحنتها منك منقصة / شغلاً بدنياك عن عقبى ستنهيها
يمر عمرك لا حسنى بها رمق / تجديك نفعاً ولا شنعاء تنفيها
ولا هوى يعقب الأهوال تدفعه / ولا مراشد تأتيها وتحويها
تمضي لياليك صفراً منك من حسن / وبالفظائع والحوبات تزجيها
جلال ربك لا تخشى وسطوته / وأخذة العدل حتماً أنت لاقيها
لزمت فعل معاصيه برحمته / أنعمة اللّه بالكفران تجزيها
تغذوك نعماه يا بطال نامية / بغير حولك فضلاً منه يوليها
وأنت تقوى ملياً في مساخطه / بنعمة منه لا مخلوق يحصيها
فافرغ الدمع إن الذنب منطبق / يا غمة ليس غير التوب يجليها
من مقلة ملأ العصيان ساحتها / دعها من الخوف منصباً عزاليا
عساك تغسل أدرانا بها اتسخت / صحيفة طالما اسودت نواحيها
واندب حياتك فالحدباء باركة / بعتبة الباب لا تردى براقيها
حامت عليك المنايا وهي واقعة / كيف الأمان ورأس الروح في فيها
لا تبعد الموت وارقبه باهبته / واهبة الموت بالتقوى توفيها
خذ فسحة العمر من أيدي بطالته / إن الأماني والتسويف يرديها
إن المنية لا تقدير يمنعها / لها جياد إلى الغايات تجريها
الوالدين ونسل الظهر قد أخذت / وأنت من فعلها فيهم تفاديها
كم قد دفنت وكم ترجو لتدفنه / وأنت نفسك بالآمال تغريها
كلا ستهجم عند الحد غايتها / فليس يفديك شاكيها وباكيها
فكر إذا قعقعت في الصدر حشرجة / هل أنت بالمال تلك الحال تكفيها
والروح تنساب من أقصى اكنتها / والعين شاخصة والكرب يعميها
ملقى صريعاً وعزرائيل ينزعها / وغصة النزع والحلقوم تلويها
تلك المصارع لا توقى بمقدرة / ولا يحاول أن يوقى ملاقيها
لا بد منها ولا أحكام تكشفها / وإنما الشأن في إحسان تاليها
قد بين اللّه للتقوى مراشدها / لم يخف عنك هداها من مناهيها
فاثبت على خطة التقوى تفز أبداً / لا تلق نفسك تهوي في مهاويها
لا تستخفنك الدنيا بزهرتها / فاخسر الناس في أخراه هاويها
فقد تبين منها فوز تاركها / كما تبين منها خسر غاويها
وارغب إلى اللّه في إحسان خاتمة / تلقى بها اللّه والرضوان يؤتيها
فإنما بالخواتيم الأمور عسى ال / رب الكريم بفضل منه يسديها
طنبت في الوادي المقدس خيمتي
طنبت في الوادي المقدس خيمتي / ورعيت بين شعوبه أغنامي
قل للذئاب الكاسرات تفسحي / عز الحمى وأعز منه الحامي
فلقد نزلت على عظيم قادر / عز الجلال اليه والأكرام
يقضي ولا يقضى عليه نزيله / لو كاده الثقلان غير مضام
من بعد ما طردت كل مطرد / ونشبت بين أظافر الأيام
سترتني الأسماء في ملكوتها / فحجبت عن فهمي وعن أوهامي
وسقتنيَ الأسرار شربة ذوقها / فعجزت عن تعبيره وكلامي
وذكرت من هو في الحقيقة ذاكري / وحقيقتي لا شيء وهي مقامي
وحقيقتي أني محوت حقيقتي / اذ ثبتها صنم من الأصنام
لما محوت اسمي باسم محققي / مكنت فوق رؤوسهم أقدامي
أنفقت وجداني لوحدة موجدي / وعلى سواه حقائق الاعدام
واردتي اياه ظل ارادة / سبقت له في النقض والابرام
ما يفعل المرء إن زاد الغرام به
ما يفعل المرء إن زاد الغرام به / ومن يحبُّ بحب الغير مشغولُ
إن رام تركا ً فهذا لا سبيل له / اورام صبرا ً فعقد الصبر محلولُ
خَلّ الصبابة تسري في خليقته / والحب من سره لطف وتذليلُ
لعل سكرته في الحب تجذبُه / ُ الى وصالك يوما ً وهو مذهولُ
فاصبر عليه وخل الحب ينحله / جرح بجرح وما في الحب تبديلُ
أشعة الحق لا تخفى عن النظر
أشعة الحق لا تخفى عن النظر / وانما خفيت عن فاقد البصر
وكلمة الله لم تنزل محجبة / عن البصائر بين الوهم والفكر
نادى المنادي بها بيضاء نيرة / حنيفة سمحة لم تعي بالفطر
أقامها الله دينا غير ذي عوج / جاء البشير بها للجن والبشر
والجاهلية في غلواء عارضة / من جهلها ومن الأشراك في غمر
فقام مضطلعا ثقل الرسالة مج / دود العزائم فرداً خيرة الخير
والوحي يأتي نجوما معجزا قيما / والشرك يكبت والإسلام في ظفر
وكلمة الله تعلو فوق جاحدها / وآية الحجر تمحو آية الحجر
حتى تجلى منار الدين منبلجا / بصادع الذكر والصمصامة الذكر
وآمنت برسول الله طائفة / أعطاهم السبق فيه سابق القدر
زكى قلوبهم النور المبين كما / يزكو النبات بما يلقى من المطر
لاقى صدورهم الإيمان فانشرحت / له وقاموا به في عزم منتصر
تأزروا شعب الإيمان وانتبهوا / بين الجهادين منهم أنفس العمر
أحاطهم وأمين الله فانتشئوا / بين الأمينين والقرآن في وزر
غذاهم الوحي في مهد الرسالة من / طور إلى آخر كالماء في الشجر
نور بواطنهم نور ظواهرهم / نور خلائقهم في الفعل والخبر
تضائق الملأ الأعلى مكانتهم / في فطرة الله لا في فطرة البشر
كم جاء جبريل في أحزابه مددا / من السماء على المعتاقة الضمر
خير القرون قرين المصطفى وكذا / حكم القرينين لا ينفك من أثر
فمات عنهم رسول الله عدتهم / كالأنبياء عدول الحكم والسير
وكلهم أولياء غير مقترف / كبيرة لم يتب منها فمنه بري
ومن مصوب ذي بطل لدى فتن / لا واقف جاهلا من بالصواب حري
وعالم الحق في حزن توقف عن / علم فذاك وقوف غير مغتفر
تشهيا أو رجوعا عن بصيرته / فالحكم يبرأ من هذا بلا حذر
وهم وإن شرفوا من أجل صحبته / فحكم تكليفهم كالحلم في البشر
ومدحه لهم فرع استقامتهم / في طاعة الله لا مدحا على الغير
وللموفين في الإيمان متجه / ما جاء من مدحهم في محكم السور
وفي البراءة من أبقى ولاية ذي / بطل المحض عموم المدح في الزبر
والحب والبغض فرضان استحقهما / خصمان في الله من بر ومن فجر
والأمر يبنى على الأعمال كيف جرت / والمدح والذم بحتا غير معتبر
وأكرم الخلق أتقاهم فليس إذا / للمدح والذم بالأهواء من أثر
فيم المحاباة ما قربي بمزلقة / من دون تقوى ولا بعدي على خطر
لا نسل لا أهل لا أصحاب يفرقهم / دينا عن الخلق حكم ما من الصور
نادى العشيرة في رأس الصفا علنا / وصاح فيهم رسول الله بالنذر
فأنظر إلى حكمة التخصيص كيف أتت / للأقربين من أهل البدو والحضر
ليعلموا أنه التكليف لا نسب / يغني ولا فيه دون الله من وزر
لو كان بالشرف التكليف مرتفعا / إذا تعطل عدل الله في الفطر
وحجة الله بالتكليف لازمة / سيان في الأمر مفضول وذو الخطر
للرسل والملأ الأعلى وأشرفهم / بالاستقامة تكليف بلا عذر
الكل في قرن التكليف مؤتسر / ما بال من ليس معصوما من الغير
لا نبخس الناس بالأهواء حقهم / ولا نبالي بقدح الخاتر الأشر
قد جاءنا الله بالقرآن بينة / وسنة الحق والاجماع والأثر
فما وجدنا بحكم الله عاصية / لمحض قرباه معدودا من البرر
ولا تقيا لأمر الله متبعا / بالحب حكما لأجل البعد غير حري
كمال توحيد ربي حب طائعه / وبغض أعدائه في السر والجهر
يا من أعاب على الأبرار نحلتهم / اعيت ويلك دين الله عن بصر
هم حجة الله أهل الاستقامة ما / خامت عزائمهم عن آية الزمر
متى جهلت أبا السبطين خطته / وأنت أعلم أهل الطين والوبر
حاكمته بعد ما ألحمته قرما / بعقر سبعين ألفا عقرة الجزر
حاكمته بعد عمار وروحته / إلى الجنان وبعد السادة الطهر
حاكمته بعد حكم الله فيه بما / يشفي الغليل وقد أيقنت بالظفر
أقمت في البغي حد الله أولها / ففيم تستن بالتحكيم في الأخر
أصبت في حربك الباغين ثغرتها / بحكم ربك لم تضلل ولم تجر
قبلت عوراء من عمرو يفت بها / سواعد الدين فت العصف بالحجر
ولم تعر نصحاء الدين واعية / وليت للأشعث الملعون لم تعر
فأصرف أعنتها صوب العراق فقد / سدت عليك ثغور الشام بالبدر
فطالبو الدين قد نابذت عصمتهم / والأمر من طالبي الدنيا على ضرر
فيم الحكومة أخزى الله ناصبها / لم يترك الله هذا الحكم للبشر
ولست في ريبة مما عنيت به / ولا القضاء قياسي على صور
فما قتالك بعد الحكم راضية / وما قتالك من لم يرض بالنهر
قد ارتكبت أبا السبطين في جلل / وفاتك الحزم واستأسرت للحذر
وما قتال ابن صخر بعدما انسكبت / خلافة الله في بلعومه البحر
حكمته في حدود الله ينسفها / نسف العواصف مندوفا من الوبر
بأي أمريك نرضى يا أبا حسن / تحكيم قاسطهم أم قتلة البرر
أم بانقيادك عزما خلف أشعثها / يفري أديمك لا يألو بلا ظفر
أرضعته درة الدنيا فما مصحت / وأنت من دمها ريان في غمر
ما زال ينقب خيل الله مشئمة / فاعرقت صهوات الخيل بالدبر
ألم تقاتله مرتدا فمذ علقت / به البراثن ألقى سلم محتضر
يلقى شراشره مكرا عليك وما / ينضم من حنق الأعلى سعر
أصبحت في أمة أوترت معظمها / بهيمة الله بين الذيب والنمر
تسدد الرأي معصوما فتنقضه / بطانة السوء مركوسا إلى الحفر
تنافرت عنك أوشاب النفاق إلى / دنيا بني عبد شمس نفرة الحمر
محكمين براء من معاوية / ومن علي يا ليت الأخير بري
والقاسطين أبي موسى وصاحبه / عمرو اللعين فتى قطاعة البظر
وقاسطي الشام والراضي حكومتهم / من أهل صفين والراضي على الأثر
ليت الحكومة ما قامت قيامتها / وليتها من أبي السبطين لم تصر
ملعونة جعلتها الشام جنتها / من ذي الفقار وقد أشفت على الخطر
عجت بتحكيم عمرو بعدما حكمت / همدان فيما بحكم البيض والسمر
تبا لها رفعت كيدًا مصافحها / ومقتضاهن منبوذ على العفر
مهلا أبا حسن إن التي عرضت / زوراء في الدين كن منها على حذر
ضغائن اللات والعزى رقلن بها / تحت الطليق وعثمانية الأشر
لا تلبسن أبا السبطين مخزية / فذلك الثوب مطوي على غرر
لم تنتقل عبد شمس من نكارتها / دم الكبود على أنيابها القذر
فما صحيفة صفين التي رقمت / إلا صحيفة بين الركن والحجر
نسيت بدرا واحدا يا أبا حسن / وندوة الكفر ذات المكر والغدر
ويوم جاءك بالأحزاب صخرهم / فاندك بالريح صخر القوم والذعر
وفتح مكة والأعياص كاسفة / وأنت حيدرة الإسلام كالقدر
والقوم ما أسلموا إلا مؤلفة / والرأي في اللات بين السمع والبصر
متى ترى هاشم صدق الطليق بها / وثغرة الجرح بين النحر والفقر
ما لابن هند بثار الدار من عرض / له مرام وليت الدار في سقر
لقد تقاعد عنها وهي محرجة / حتى قضت فقضى ما شاء من وطر
تربص الوغد من عثمان قتلته / فقام ينهق بين الحمر والبقر
ينوح في الشام ثكلى ناشرا لهم / قميص عثمان نوح الورق بالسحر
حتى إذا لف أولاها بآخرها / بشبهة ما تغطى نقرة الظفر
أتاك يقرع ظنبوب الشقاق له / روقان في الكفر من جهل ومن بطر
تعك عك نفاقا خلف خطوته / كأنها ذنب في عجمه الوضر
يدير بين وزيريه سياسته / عمرو وابليس في ورد وفي صدر
وعزك الجد والتوفيق فانصدعت / سياسة الدين صدعا سيء الأثر
قد كنت في وزر ممن فتكت بهم / أحسن عزاءك لست اليوم في وزر
ما ذنب عيبة نصح الدين إذ عصفت / بهم رياحك لا تبقى ولم تذر
بقية الله قد هاضت عظائمهم / عرارة الحرب أو هوان في السحر
اقعصتهم في صلاة لا بواء لهم / هلا مشابرة والقوم في حذر
قد حكموا الله لم يفلل عزيمهم / عن نصرة الله قرع الصارم الذكر
رميت سهمك عن كبداء في كبد / حرى من الذكر والتسبيح والسور
إن القلوب التي ترمي تطير بها / مصاحف الذكر والإيمان لم يطر
ما علقوها على أعناقهم غرضا / فاكفف سهامك واكسرها عن الزبر
أعظمتها يوم أهل الدار ترفعها / واليوم ترمي كرمي العفر والبقر
هانت عليك جباه ظلت ترضخها / لطالما رضختها سجدة السحر
لم تقتل القوم عن سوء بدينهم / وانما الأمر مبني على القدر
قتلتهم بروايات تقيم بها / عذر القتال وليست عذر معتذر
ماذوا الثدية الا خدعة نصبت / للحرب توهم فيها صحة الخبر
وما حديث مروق القوم معتبر / فيهم لمن سلك الإنصاف في النظر
خلصت نفسك بالتحكيم منخدعا / وأنت أولى بها من سائر الفطر
فحكموا الله واختاروك أنت لها / فكان قولهم نوعا من الهذر
وقلت قد مرقوا اذ هم على قدم / صدق من الحق لم يبطر ولم يجر
مضوا به قدما جريا على سنن / للمصطفى وأبي بكر إلى عمر
ما بدل القوم في دار ولا جمل / وهم على العهد ما حالوه بالغير
شفيت نفسك من غيظ بها بدم / من مهجة الدين والإيمان منفجر
دم ابن وهب وحرقوص وحبرهم / زيد ابن حصن خيار الأمة الطهر
دماء عشرين ألفا وقت جمعتهم / وسط الصلاة همت كالوابل الهمر
ليهنك الدم يا منصور قد رجفت / منه السموات والارضون من حذر
لو ان رمحك في حرقوص اشتركت / فيه الخليقة أرادهم إلى سقر
يا فتنة فتكت بالدين حمتها / تذوب من هولها ملمومة الحجر
ما ساءني أن أقول الحق أنهم / قوم قتلتهم بغيا بلا عذر
وانهم أولياء الله حبهم / فرض وبغضهم من أفظع النكر
صلى الإله على أرواحهم وسقى / أجداثهم روحه بالأصل والبكر
عش ما تشاء وراقب فجعة الأجل
عش ما تشاء وراقب فجعة الأجل / سينقضي العمر في بطء وفي عجل
تلهو بتصويرك الآمال مغتبطا / وبين جنبيك ما يلهي عن الأمل
تناقلتك ليال غير راجعة / وما تجاهك يوم غير منتقل
ماذا يغرك من دنيا نضارتها / نهب المنون ومجراها الى الزلل
قالوا دسائسها في طي زخرفها / وقلت قد صرحت بالسم في العسل
لم تخف عيبا ولم تأخذ مخالسة / ولا الهناء بها الا على علل
هل في مصارع أجيال بهم فتكت / عذر المحيل عليها شنعة الأمل
فما التهافت منا في مهالكها / جهل بماض ولا علم بمقتبل
ما باينتك عواديها مصادقة / ولم تعاهدك أمنا غارة الغيل
رأي الركون الى افاتها سفه / وصفوها بين نابي مهلك جلل
ما شأن صولاتها البقيا على أحد / وانما أجل يتلو خطى أجل
بئس القرارة أهنى عيشها رنق / ينتابه الحتف بالابكار والأصل
انجاز ايعادها بالموت منتظر / والقول عن مقتضاها غير مفتعل
ما أصدق العلم بالغدر المشوب بها / واكذب الظن في التغرير والأمل
خسيسة الطبع بالأكدار طافحة / ختالة تخلب الألباب بالحيل
لا تستقيم لريعان الشباب ولا / لرائع الشيب منها لحظة الجذل
تضيع عمر بنيها تحت عرتهم / بها وحاصلهم منها على دغل
تزال تنبت نفسا ثم تأكلها / وانما يحرث الحراث للأكل
تسعى جنائزها بجرا حقائبها / مما انتهبن بحرب الصبح والطفل
ما بين صادرة في وجه واردة / ينتبن فل بقايا غارة الأجل
ما بالنا ومطايا الموت تنقلنا / نلهو بما قيل "ان العز في النقل"
ان الملاط الذي نبني البلاط به / رفات من نقلت بالأعصر الأول
لو كان تقديرنا تخليد قاطنها / لأوجب العقل أن تلقى على العلل
فكيف وهي حياة لا عتاد بها / مغمومة بالشقا والويل والهبل
أضحية الحتف لا ترجو مغادرة / والأرض تبلع والجزار في العمل
كم زفرة لنعي ما أذنت لها / ولا مشفعة من صارخ صحل
زمازم الموت في الأذان صادعة / لكن الى فبب الألباب لن تصل
يا رب نادبة ما جف مدمعها / وعينها في نظام الحلي والحلل
حتى متى نحن والآجال تحفزنا / والجد والهزل منا تابع الأمل
نرى مصارع قوم جل فقدهم / كفقدنا في الملاهي صالح العمل
نفني الدموع ونرثي من نظن به / ومالنل برثاء الرشد من شغل
كأننا في أمان من مصارعهم / أو المنايا عن الأحياء في كسل
كلا ولكنهم صاروا لنا فرطا / والركب مرتحل في اثر مرتحل
ومن تكن هذه الساعات أنيقة / قضى المسافة لم يملل ولم تطل
فقدت نفسي فخلت الدمع سال بها / والعهد بالنفس قبل اليوم لم تسل
وليس بدعا اذا ذابت بفادحة / ذابت عليها صخور السهل والجبل
حمت لنا حزرة لم تبق من خلد / بغير خالدة الأحزان منفعل
ما كنت أحسب أن أحياء وادركها / يدا تقلد جيد المجد بالعطل
أبكت سماء وأرضا وهي ضاحكة / على السلامة ان طالت ولم تطل
وليتها حيث أبكت كل كائنة / رقت بقلب من التهويل منذهل
ماذا نحاول من ريب المنون اذا / قلنا حنانيك أو سيري على مهل
أبعد ما طحنت أجيال أولنا / يبقى الأواخر في البقيا على أمل
أم بعد اعجالها الأبرار تنسفهم / نسف الزعازع ننهاها عن العجل
هيهات يرقأ دمع من مصائبهم / أو يصبح الكون منهم مقفر الطلل
أما تراها سهاما تنتحى كبدا / مقروحة وجراحا غير مندمل
لا تترك الجرح الا ريث تنكئه / ولا تسعر قلبا غير مشتعل
نقارع النفس والشيطان ينصرها / وما لنا بقراع الموت من حيل
في كل ناد نداء الموت مصطخب / وكل دار بها دور من الأجل
فلا نؤسس صبرا غير معتقر / ولا ندافع صبرا غير معتقل
لو دافع الصبر حزنا ثم اذهبه / لكنت بين رجال الصبر كالجبل
لكن من الخطب خطب لو يقاومه / صبر الجليد انثنى بالدحض والفشل
فقدت كفل اصطبار كان يكفلني / في النائبات فخان الآن مكتفلي
فليس بعد مصاب الدين من طمع / في الصبر أو الجزع بالصبر منعزل
يا ناعي الدين هل أبصرت من بقيت / فيه بقية رشد غير منذهل
غادرت في أنفس الأكوان حشرجة / فان قضى الكون فاستسلم ولا تسل
لا غرو إن فاضت الأكوان آسفة / لفقد فرد على الأكوان مشتمل
يا ناعي الغوث هل لاقيت من خلف / ممن نعيت وهل قدرت من مثل
يا ناعيا سيد الأبرار هل تركت / بالله فينا المنايا اليوم من بدل
يا ناعي القطب من ذا قام موقفه / فصار قطب مدار العلم والعمل
نعيت فردا أم الدنيا بأجمعها / إني أحس بدهش شامل جلل
إني أحس بدهش غم كاربه / حتى الملائك حتى برزخ الرسل
تنعى ابن يوسف فتح السالكين وخ / تم الواصلين مربي الأنفس الكمل
محمدا مدد ألأمداد روحهم / مروع النفس أن يعمل وان يقل
مقدس الشرفين المطعم الجفلى / كافي الكفاة المرجى طاهر الخلل
مرزء الأرض خلاها وحل بها / لك السلامة لم تحلل ولم تحل
نعم حللت قلوبا لا تزال بها / فأين أنت وفي الألباب لم تزل
بل أنت في الرفرف الأعلى وغبطته / في البشر والروح والريحان والجذل
لقيت وعدك من حسنى مخلدة / ونحن للفقد في الأحزان والوجل
يا خير من حل في الدنيا ليصلحها / من ذا تركت لها يا خير منتقل
ناصحت ربك في تعزيز ملته / فلتنصح اليوم ندبا خيرة الملل
قد كنت رحمة هذا الكون تنفعه / خليفة قائما عن خاتم الرسل
هلا رحمت قلوبا ذاب معظمها / حزنا عليك وقد سالت من المقل
فاجبر مصابك فينا اننا بشر / فينا افتقار إلى أنفاس كل ولي
جردت نفسك للاسلام تخدمه / في جد محتسب للهول محتمل
تقارع الزيغ والأنوار بارقة / وأنت في نجدة والخصم في فشل
كم حجة بسطت بالبطل أيديها / صدعت بالحق فيها فهي في شلل
كم مشكل أعجز الأفكار جئت به / صديعة الفجر نورا واضح السبل
كم معضل كشفته منك معرفة / ذات انبساط بنور الله مشتعل
كم قاطع في سبيل الله يمنعها / رميته بشهاب منك مختزل
كم جاهل ملأت ضوءا بصيرته / بصيرة لك تدعى الشمس بالحمل
شمس المعارف يا سلطانها كسفت / كسوف شمسك عن صبح وعن طفل
والاستقامة في كسر مزلزلة / يا جابر الكسر أدركتها على الزلل
تمضي وتترك هذا الدين في جزع / والأرض مظلمة والدهر في خبل
من للحنيفة يا قيامها علم / يهدي اليها ومن يحمي من الغيل
من للشريعة قد قامت قيامتها / ومن يسدد منها موضع الخلل
قد كنت فيها مكان الروح في جسد / وقمت فيها مقام السيف في الخلل
من للطريقة من يصفي مشاربها / للسالكين كؤوس العل والنهل
قد كنت حاديها تحدو ركائبها / بنغمة لحنتها زمرة الرسل
رجعت صوتك فاشتاقت معاهدها / واليوم تصغي لمن يا حادي الابل
ياذا العلوم اللدنيات موهبة / هل أنت في الرمس أم في حبرة النزل
خلفت علمت فينا أم رحلت به / اني اشاهد نورا غير منتقل
نعم تعقب نور أنت مشعله / ونور وجهك في الفردوس كالشعل
تلك العلوم التي أوعيت جوهرها / قلبا بحب جمال الله في شغل
ما زلت تسلبح في القرآن ملتقطا / در المعارف لم تضجر ولم تحل
حتى ملأت مراد العقل معرفة / ممدودة الفيض حتى لحظة الأجل
وفزت بالسنة الزهراء محتويا / على الاشارات والتفصيل والجمل
وجئت بالدين والأحكام مكتشفا / للنقل والعقل كشفا غير ذي دخل
مستنبطا أوجه التأويل رأسخة / على النصوص مصونات عن الزلل
من الكواكب في وعد وفي شرف / وفي ارتفاع واشراق وفي مثل
ما فاتك العمر لكن نقلة حتمت / الى مقر وعمر غير منتقل
ولا انفصلت عن الدنيا وقد وصلت / لك المعارف محيا غير منفصل
ولا اعتزلت عن الدنيا لضرتها / الا وأنت عن الدنيا بمعتزل
تركت زخرفها للغافلين ولم / تحفل بها في مضيق العيش والغفل
عاملتها بمراد الله منحرفا / الى نصيبك من عقباك بالعمل
فما تقيلت منها قدر أنملة / ولا أدخرت سوى الحسنى لمقتبل
ولا نظرت إلى فتان رونقها / الا بما تنظر المحتال في الحيل
ولم تصدك عن علم ولا عمل / ولا سرور ولا سم ولا عسل
ياطائرا طار ما أضفى قوادمه / نجوت من قفص في حكم محتبل
وقفت لله من دنياك في عطل / فلتسرع الآن بين الحلي والحلل
أجهدت نفسك في مرضاة خالقها / يا مجهد النفس اربح رحمة الأزل
اربح فديتك ما قدمت موجبه / نعم البضاعة لم توزن ولم تكل
أحمد سراك فقد أصبحت أن يدا / قد باركت فيك لا تكدي ولم تزل
أحمد سراك فقد طالت متاعبه / وقد حللت خيام الحي فاعتقل
قدمت خيرا فلم تعدو جوائزه / ان الجوائز عقبى صالح العمل
أوقدت نفسك في المحراب مشتعلا / فأسرع الآن نحو الكوثر اغتسل
أوقدتها بالرجا والخوف معتجلا / يا برد الله مثوى الواقد العجل
تنحو المقامات والزلفى بمسلكها / وقد وصلت ولولا الجد لم تصل
نلت الكرامات لم تصدعك منتها / عن الشهود ولم تعجب ولم تمل
ان الكرامات أوثان لمشتغل / بها عن الله أو مكر بمشتغل
ما فاتك الفهم من مولاك اذ سفرت / لك الدقائق أن يعمل وان ينل
وكل موهبة قدرت موقعها / بالشكر لله في حزن وفي جذل
وصبرت الصبر لا تنحل عروته / عند البلاء ولا يدنو من الفشل
هما مقامان كنت العدل بينهما / توفيهما الحق لم تبطر ولم تبل
حصرت ما عند أرباب القلوب فما / مقام حالك الا دولة الدول
يا من أفات فؤادي الرشد من حزن / عليه أصلحه لي يا شافي العلل
لا غرو أن تشفي الألباب من مرض / بسر قلب بنور الله مشتعل
أعطيت قلبا بحب الله ممتزجا / له التصرف في فعل ومنفعل
في قبضة الحب يطويه وينشره / فالسر في الحب لا في الشكل والعضل
ارسل فديتك روحا شاملا أملي / من سر روحك واجمع لي به شملي
فان أرواح أهل الله فاعلة / بقوة الحق لا بالحل والنقل
لها الكرامة في الكونين موصلة / في القبض والبسط وصلا غير منبتل
ما كان رأيك في الدنيا وقد فقدت / أسرار يمنك مثل العرض الهطل
رعيتها ووصايا الله آونة / فانظر رعاياك قد هامت مع الهمل
خلفتها ووصايا الله ثاكلة / والفضل والعلم والاسلام في وجل
متى أهديء قلبي من تسعره / ورنة الملأ الأعلى على زجل
يا حاملي نعشه مهلا بمحملكم / كيف احتملتم رزايا الرحلة الجلل
تدرون من تحمل الأكتاف ما حملت / من بعده هذه الأكوان من ثقل
سيروا رويدا فكل العالمين به / دفن العوالم لا يقضى على عجل
ذروه يقضي من المحراب حاجته / اني أخاف على الدنيا من الخبل
ذروره للأمر بالمعروف محتسبا / للنهي عن منكر قد عم كالظلل
ذروه للعلم يجليه فقد سقطت / بنا الجهالة في الآبار والدغل
ذروه يقطع أعناق الشقاق فما / نحن البقية غير العصبة العزل
ذروه يرجم شيطان النفاق فما / ابقى مريدا رحيما غير منجدل
ذروه تبكي عليه كل مكرمة / فانها بعده تحيا على ثكل
ذروه أبكي عليه ما حييت فان / أمت بكى في البلى عظمي بلا مقل
ليت البكاء أفاد الحي ما فقدت / عيناه لكنه فقد بلا أمل
يا راحلا عن بني الاسلام تاركهم / وللكآبة فعل السيف والأسل
وودع معاهدك الزهراء إن بها / غما لو احتل غمر البحر لم يسل
ودع رجالك قد بانت عقولهم / إن راجع العقل من توديع مرتحل
ودع تصانيفك الحق المبين فقد / صار المداد حدادا غير منفتل
فوامصاباه ان ودعت مرتحلا / وما وراءك للإسلام من بدل
لفوك في كفن ماذا تريد به / وأنت من نور حب الله في حلل
وأودعوك ترابا لو تفوز به / حور الجنان لأفنته من القبل
ماذا الرثاء وفي القرآن صادعة / تثني على اخر الأبرار والأول
الا شجيا عقيب الظعن يندبهم / ومقلة أوقفت دمعا على الطلل
وما رثيتك تذكارا لمحمدة / خلدت حمدا وان كان الزمان بلي
سقى الاله ربوع الزاب ماطرة / من رحمة الله بالابكار والأصل
وباشرتك هبات الله دائبة / بعارض من عظيم الفضل منهطل
وروح الله بالرضوان روحك في / منازل القرب والاسعاد والنزل
وواصل الروح والريحان ذاتك في / أزكى سلام من الرحمن منهمل
ونسأل الله غفران ننال به / رضوانه في جوار الله والرسل
نشكو اليك ولي الله وحدتنا / وعيشنا بين غل الدهر والكبل
الله الله يا أهل القلوب ففي / قلوبكم نظر الرحمن في الأزل
لا تتركونا مع الأهوال ان لكم / نصرا من الله وحيا غير منخذل
خذوا بأيد قصار انها بكمو / تطول وانتشلونا من هوى الفشل
توجهوا لجمال الله وانتدبوا / للغوث يا أولياء الله في عجل
أين انتصاركم والملة انطمست / والأمة التبطت في فخ مهتبل
صلى الاله على أرواحكم وسقى / اجداثكم رحمة بالرائث الهمل
جرد النفس وانهها عن هواها
جرد النفس وانهها عن هواها / لا تذرها في غيها تتلاهى
زكها بالتقوى فما تفلح النف / س بحال الا على تقواها
واستلمها عن المراعى الوبيا / ت اذا استرسلت الى مرعاها
واتخذ في مراصد الكيد منها / حرسا يكسرون صعب قواها
فلها للعصيان ميل عظيم / لو نفه عن طبعها ما عداها
ولها في المتاب شدة عجز / بعدات التسويف نيطت عراها
ولها في المتاب مكر خفي / جعلته تلبسا من حلالها
ان كيد الشيطان كان ضعيفا / ودواهي النفوس لا تتضاهى
فتيقض لها وقد أمكن الام / ر فما الحزم تركها ومناها
فاعتقلها في مبرك الزهد بالخو / ف الى أن تبدو هزالا كلاها
فاذا انحلت القوى فأثرها / لمراعي اليقين تشفي طواها
واذا ا رزمت وحنت لألف الطب / ع فارفض حنينها وبكاها
فمروج اليقين فيها زهور / معصرات التوفيق تسقي رباها
ما رعاها حي فعاش ولا مي / ت فلم يحي ريثما يرعاها
ومتى هب للقبول قبول / بين روضاتها وفاح شذاها
فاسر بالدهس لا الحزون بليل / آمنا من كلالها...وحفاها
ما سرت للأوطان نفسك الا / حمدت غب صبحه مسراها
أنت في هذه الرسوم العتيقا / ت غريب فخلها وبلاها
والبدار البدار للموطن الدا / ئم حيث الحياة القت عصاها
قد تراءات لك الخيام فما عج / زك عن أن تحل وسط فناها
شمر الذيل واركب الليل واصحب / ذات صبر فما السلوك سواها
وعلى الأين فاحتمل كل خطب / سوف تحلو الخطوب في عقباها
واذا شقت المسالك طالت / قصر الشوق للحبيب مداها
ما الكرى والبروق ساهرة ان / كان في الشوق صادقا دعواها
خلف العالم الطبيعي وارحل / للتي لم تخلق لدار سواها
هذه معبر وتلك مقام / فاعبروها لا تعمروا مغناها
عجبا من محجوبة في كثيف / عنصر العالم اللطيف رماها
نسيت انسها بمقعد صدق / وتجافت لويلها وشقاها
حبست في ضنك ووحشة طبع / فتمنت ان لا يحول عناها
ليتها حلقت الى الرفرف الأخ / ضر حيث الأنوار تغذو قواها
رجعي يا ورقاء نوحك للأل / ف فان الولهى تبث جواها
واندبي المعهد القديم عسى الرج / عة قد آذنت اليه عساها
وانقذي من اشراك سجنك شوقا / لرياض نشات بين رباها
جاذبي كفة الحبالة فالحا / بل موف بمدية قد نضاها
واسرحي في الرياض من ملكوت الله / ترعين فيضه في فضاها
لو شجاك التذكار من لوعة البي / ن لمزقت القلب آها وواها
عالم الكون والفساد بليا / ت لك الاختيار فيما عداها
رشحتك الألطاف للحضرة العلي / ا أما ترغبين في لقياها
لهف نفسي على النفوس النفيسا / ت اضاعت اقدارها وعلاها
برزت من مضارب الحق في افض / ية الأمر فاستباها هواها
تانف الوادى المقدس رعيا / ورعت حيث الاسد تفري فراها
لو تمنت خلاصها ادركته / وغدت لا تراع وسط حماها
ما ارادت من جيفة الزخرف الحا / ئل لو ابصرت سبيل هداها
تتجلى لها الحقائق لا غي / ن ولا غيم ساتر مجلاها
باهرات الجمال يدعين للوص / ل فتأبى النفوس ان تهواها
غرها الجهل فاطمأنت إليه / ان جهل النفوس أصل شقاها
أيها النفس علم معناك بحر / في عميقات غمره العقل تاها
لو شهدت المسطور في نسخة الغي / ب ومعناك ما حوت دفتاها
وكشفت المستور فيك لايقن / ت بأن الوجود فيك تناهى
أنت في هيكل خبيئة أمر / من حكيم لحكمة امضاها
فاميطي قذاة عينك من بين / زواياه تدركي اياها
فالخفايا عليك في لوحك المحف / وظ لو ما كشفت عنها غطاها
آه يا نفس والبقية من عمر / ك قد اشرفت على منتهاها
آه يا نفس ادركيها فلا مط / مع بعد الفراق في لقياها
ودعيها بالصالحات عسى نف / حة توب ورحمة تغشاها
لست في هذه الحياة على ش / يء سوى ما تلفين في عقباها
فاصدري عن غمار باطلها عط / شى فاصدى عطاشها ارواها
ومسير العطاش اقطع للب / يد وخير الاظماء ما احفاها
فاطمئني وأوّبي وانيبي / واخلصي من افاتها وبلاها
آه يا نفس والعلائق اعدا / ء شداد وانت من اسراها
" يندبون اللوى واندب نجدا" / " كل عين تبكي على ما شجاها"
ليت اني بيسجن اجتلي النو / ر من العالم الذي لا يباهى
استمد الفيوض في قبضه الوه / بي أو تملأ السيول زباها
قطعت بي قواطع الدهر عنه / حاجة في نفس الزمان قضاها
كشفت لي عنه الحقائق والحق / شهيدي بأنه منتماها
وارث الأنبياء علما وحكما / وسفير عنها الى من عداها
ادرك الملة الحنيفية البي / ضاء اذ فوضت له شكواها
تتضنى مروعة تندب الأبرا / ر حزنا همالة مقلتاها
فاثارته شربة النهر والغي / رة لله في رضا مصطفاها
فحماها وسامها وكذاك ال / أسد تحمي عرينها وحماها
ردها مثل رد يوشع للشم / س وقد غاب نورها وضياها
عجبا اشرقت من الغرب شمس / فاتتنا للشرق يسعى سناها
انها آية وان كان لابد / ع من العارفين من شرواها
درجات الكمال والفضل لاتح / صى وقد حاز شانه اعلاها
تلك آثاره له شاهدات / انه للعلوم قطب رحاها
طلعت من جبال مصعب والزا / ب جبال من علمه ارساها
ثم دارت بالأرض كالفلك الدو / ار لا تحصر النهى اقصاها
جاء تفسيره بمعجزة قد / بهرت أهل الابتداع سطاها
يبرق الحق من مصادره العل / يا وينهل العلم من مجلاها
وحدته العقول في الفن حكما / فنفينا الانداد والاشباها
فانهضي نهضة الغضنفر لا تؤ / لين جهدا في قتلها وجلاها
واستعدي الاجناد من طاعة / الله فقد عزك النصير سواها
واعلمى ان طاعة الله لا ينه / ض الا بالعلم قطعا بناها
دونك الجد آفرغي فيه انفا / سك فالهزل ضاق عنه مداها
واستمدي الأنوار من كلمات / الله إن الهدى بحق هداها
هي مرج البحرين فالتقطي الجو / هر من ذا وذاك من فحواها
شرب العارفون منها فهاموا / بمذاقين من رحيق طلاها
راع خلف الستور ما اظهرته / من جمال فكيف ما في خفاها
ان الله في الخفاء نفوسا / في ميادين قدسه اخفاها
حجبتها ستائر اللطف عنها / وجلاها من أمره ما جلاها
اخذتها عناية الله عن اطو / ارها فانتهت بها في حماها
هذه الأخذة التي احرقت قل / بي وطاشت قواي تحت قواها
ليت اني اذهبت الف حياة / وتراءت لي لمحة من خباها
أنا من تيمته غزلان نجد / وخميلات الرند بين رباها
لي نفس لولا التشقي بأروا / ح صباها ذابت بحر جواها
أن يك الغور تيم الغير فالاه / واء شتى وللقلوب هواها
حاك من قبله الضلال نسيجا / غزلته خرقاؤه لشتاها
رقعي يا خرقاء طمرك والأن / واء تحدو ظعونها جربياها
لا يواريك ما غزلت ولايد / فيء في سبرة الشتاء كساها
هذه الحلة التي نسج الح / ق رصينا الحامها وسداها
لم تحك فطرة العقول على من / والها ليس صنعها من قواها
انها فيضة لدنية سي / قت لرباني وهذا سناها
وبحور الفيوض من عالم الوه / ب لأهل العرفان لا تتناهى
ما تلقيت يا محمد ذي الفي / ضة الا وأنت من خلصاها
شمل الكون منك مقباس نور / فانارت عشية كضحاها
ارضعتك الآيات ألباب ضرع / يها فبرهنت هاديا مقتضاها
واقامتك في مقامات ذي التح / قيق حتى نزلت وادي طواها
هكذا يا ابن يوسف الحق لا يتر / ك نفسا أحبها وارتضاها
أو تجلى لها الحقائق كشفا / فترى عنه عامضات عماها
قصرت عنك بالثناء وبالحم / د لساني وعزني أملاها
نسبتي للمديح فيك كما بني / وبين النجوم وسط سماها
قد تبركت بالثناء على وجه / ك ابغي به مع الله جاها
فاجزني بدعوة تجمع الخي / رات لي في الدنيا وفي عقباها
ظهرت منك في الوجود كراما / ت رجوت الامداد من جدواها
هل اتى النحلة الاباضية الغراء / ان افلحت بدرك مناها
اذ اتاح التوفيق والقدر السا / بق ارغام كل من ناواها
بتمام التفسير طبعا على هم / ة املاكها واسد شراها
فدعتني هواتف الحق للتا / ريخ والبشر شامل اياها
قلت ارخ دوام "جد وبشر" / ان هميان الزاد طبعا تناهى
قيل فامدح زابا وزد قلت زاب / علم الجهل ظلمة فجلاها