القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أبو مُسلم البَهْلاني الكل
المجموع : 256
تلك البوارق حاديهن مرنان
تلك البوارق حاديهن مرنان / فما لطرفك يا ذا الشجو وسنان
شجت صوارمها الأرجاء واهتزعت / تزجي خميسا له في الجو ميدان
تبجست بهزيم الودق منبثقا / حتى تساوت به أكم وقيعان
سقى الشواجن من رضوى وغص به / سر وجوف وغصت منه جرنان
وجلل السهل والأوعار معتمدا / ربوع ما ضم عندام وجعلان
وراث ينصح للجرداء ساحتها / وطم ما رد صفنان وصحنان
يريق في الجو منه ريق هطل / في لوحة من سناء البرق ألوان
ان هيج البرق ذا شجو فقد سهرت / عيني وشبت لشجو النفس نيران
وصير البرق جفني من سحائبه / يا برق حسبك ما في الأرض ظمأن
اني أشح بدمعي أن يسح على / أرض وما هي لي يا برق أوطان
هبك استطرت فؤادي فاستطر رمقي / الى معاهد لي فيهن أشجان
تلك المعاهد ما عهدي بها انتقلت / وهن وسط ضميري الآن سكان
نأيت عنها ولكن لا أفارقها / بلى كم افترقت ورح وجثمان
وكيف أنسى عهودي في مسارحها / وهن بين جنان الخلد بطنان
أم كيف يمكن سلواني فضائلها / نعم لدي لذا السلوان سلوان
معاهد ساقني منها محاسنها / ان شاق غيري آرام وغزلان
لها على القلب ميثاق يبوء به / ان باء بالحب في الأوطان إيمان
نزحت عنها بحكم لا أغالبه / لا يغلب القدر المحتوم انسان
كأنني واغترابي والغرام بها / حي قضى خلفته بعد احزان
هي النوى جعلتني في محاجرها / مثل الخيال وروحي ثم جثمان
أعيش في غربة عيش السليم على / رغمي وليس الى الترياق امكان
يا برق حرك همومي ان تكن سكنت / فكل حظي تحريك واسكان
ما زال ينشط بي همي وأصبره / وناشط الهم لا تزويه ارسان
يا برق هل والحنايا من ضعاضع قاد / التام فالطف حياهن هتان
وهل ذرى القفص فالمقراة معشبة / وهل قطين بعليا قاعر بانوا
عهدي بها ونضير العيش يصحبها / والدهر في غفلة والشهب اخوان
نشأت فيها وروضاتي ومرتبعي / روح الفضيلة لارند وريحان
ارتاح فيها الى "خل" فيبهرني / صدق وقصد ومعروف وعرفان
فحال حكم النوى بيني وبينهم / هنا تيقنت أن الدهر خوان
حتى م يا دهر لا تبقى على بشر / حر وحتى م ضيم الحر احسان
أكل رأيك حربي أم لها أمد / فان عهدي وللحالات ألوان
حل العقال وأطلقني الى سعتي / ففي سجونك للميدان فرسان
يا دهر يا باخس الأحرار حقهم / اعط العدالة ان الله ديان
فيم التقصي بأهل الفضل ان نقصت / حسناك زادوا وان شان الورى زانوا
لا يثقلون وان خفت عيابهم / عن الندى ولهم بالحلم رجحان
أخفى غبارك يا دهري محاسنهم / فان دعوتهم في نكبة بانوا
أن تعرف الحق فيهم لم تذد أسدا / عن الورود وعير الحي ريان
يا ناقل العيس من عليا (بدية) ح / يث اليحمد الحائزون المجد قطان
خلف وراءك (عزا) (والمضيرب) وال / دريز "والقابل" الراسي بها الشان
وخل (ابراء أعلاها وأسفلها ) / حيث القطين ملوك الناس قطحان
(وخذ) بأوجهها عن ساحتي (سمد) / مياسر (الفتح حيث الحي كهلان)
ودع وراءك ان غربت (أخشبة) / تجري المجرة فيها وهي (سدران)
(ويا من(الدوح)(والخضراء) منتحيا / افناء حلفين حيث السوح جرنان)
واعمد الى (الجوف) واستظهر أسافلها / أرض لعامر أهل الفضل أوطان
وافرق بها البيد حتى يستبين لها / ( فرق) على "بيضة الاسلام"(1) عنوان
فان تيامنت الحوراء شاخصة / لها مع السحب أكناف وأحضان
فحط رجلك عنها انها بلغت / "نزوى" وطافت بها للمجد أركان
فطالما وخدت تبغي لبانتها / كأنهن مع الانضاء عقبان
انزل فديتك عنها ان حاجتها / عدل وفضل وانصاف واحسان
انزل فديتك عنها ان وجهتها / تخت الأئمة مذ كانت ومذ كانوا
هنالك انزل وقبل تربة نبتت / بها الخلافة والأيمان ايمان
انزل على عرصات كلها قدس / للحق فيهن أزهار وأفنان
انزل على عذبات النور حيث حوت / أئمة الدين بطنان وظهران
حيث الملائكة احتلت مشاهدهم / لها على الحل والتعريج ادمان
أرض مقدسةقد بوركت وزكت / تنصب فيهامن الأنوار معنان
ما طار طائرها لله محتسبا / له جناحان ايقان وعرفان
إلا وقام يمين الله ساعده / والفتح والنصر والتأييد أعوان
ميمونة بركات الله تنفحها / واليمن يثمره علم وإيمان
رست بها هضبة الاسلام من حقب / وان قضت باستتار العدل أحيان
قديمة الذكر عاذ الدين عائذها / من يوم أصبح توحيد وقرآن
قامت بها قبة الاسلام شامخة / حتى تواضع بهرام وكيوان
ولم تزل عرصة للعدل عاصمة / للاستقامة فيها الدهر سلطان
كم أشهر الله فيها من حسام هدى / كأنها لسيوف الله أجفان
كنانة لهام الله ما فرغت / مذ كان للجور سلطان وشيطان
بحجة الله قامت في الشقاق لها / بدين ذي الثفنات الحبر ايقان
لسرها واختصاص الله قائمها / بالنصر والفتح برهان وبرهان
تعاقبت خلفاء الله منصبها / منذ (الجلندى) وختم الكل (عزان)
أئمة حفظ الدين الحنيف بهم / من يوم قيل لدين الله أديان
صيد سراة أباة الضيم أسد شرى / شمس العزائم أو اهوان رهبان
سفن النجاة هداة الناس قادتهم / طهر السرائر للاسلام حيطان
تقيلوا مدح القرآن أجمعها / اذا استحق مديح الله ايمان
جدوا الى الباقيات الصالحات فلم / يفتهم في التقى سر واعلان
على الحنيفية الزهراء سيرهم / والوجه والقصد ايمان واحسان
بسيرة العمرين استلأموا وسطوا / لشربة النهروان الكل عطشان
صعب الشكائم في ذات الاله فان / حناهم الحق عن مكروهة لانوا
مسومين لنصر الله أنفسهم / أرواحهم في سبيل الله قربان
سبق إلى الخير عن جد وعن كيس / دانوا النفوس فعزت حيثما دانوا
سيماهم النور في خلق وفي خلق / وهديهم سنة بيضاء تبيان
مقيدون بحكم الله حكمتهم / وهمهم حيثما كان الهدى كانوا
هم أسمع الناس في حق وأبصرهم / وفي سواه هم صم وعميان
لم تلههم زهرة الدنيا وزخرفها / اذ همهم صالح يتلوه رضوان
باعوا بباقية الرضوان فانيهم / كأن لذة هذا العيش أوثان
وقف على السنة البيضاء سعيهم / وفي الجهادين ان عزوا وان هانوا
ما زايلت خطوة المختار خطوتهم / ولا ثنى عزمهم نفس وشيطان
فجاهدوا واستقاموا في طريقته / عزومهم لصروح الدين أركان
وسلطوا بحدود الله حكمهم / حتى استقام لحكم الله سلطان
أولئك القوم أنواري هديت بهم / عقبى محبتهم عفو وغفران
أئمتي عمدتي ديني محجتهم / غوثي اذا ضاق بي في الكون امكان
لا يقبل الله دينا غير دينهم / ولا يصح الهدى الا بما دانوا
من عهد بدر وأحد لا تزعزعهم / عن موقف الحق أزمات وأزمان
حقيقة الحق ما دانوا به وأتوا / ما عداه أخاليط وخمان
ان يشرف الناس في الدنيا بثروتهم / فثروة القوم اخلاص وايقان
لله ما جمعوا لله ما تركوا / لله ان قربوا لله ان بانوا
أزكى الصنيعين ما كان الهدى معه / لديهم وله في الحق رجحان
تراهم في ضمير الليل صيرهم / مثل الخيالات تسبيح وقرآن
هم الأباضية الزهر الكرام لهم / بعزة الله فوق الخلق سلطان
لا يعرف العدل الا في استقامتهم / لم يوف الا لهم في العدل ميزان
في الذب عن حرمات الله شأنهم / لا شأن دنياهم نيل وحرمان
رضوا ببلغة محياهم على خطر / منها كأنهم بالبلغة اختانوا
سيما التعفف تكسوهم جلال غنى / فالقلب في شبع والبطن خمصان
سمت الملوك وهدى الأنبياء على / أخلاقهم فكأن الفقر تيجان
تمثلت لهم الدنيا فما جهلوا / حقيقة الأمر ان العيش ثعبان
جازوا الجسور خفاف الحاذ وقرهم / زهد وخوف واصبار وشكران
فاز المخفون من دار الغرور فلا / خوف عليهم ولا بالقوم أحزان
مضوا وآثارهم نور وذكرهم / رحمى ومضجعهم روح وريحان
تتابعوا دولة في أثر سابقة / كما جلى الرسل أحيان فأحيان
حتى انجلى الكوكب الدري فانكشفت / بنوره عن وجوه الحق أغيان
هنالك انبعثت روح الحياة الى / جسم الوجود وقد أراده طغيان
وقام للحق شأن بعدما لغيت / من الكوارث أحكام وأديان
واصلت الله أصليتا يحس به / سواعدا شدها بغي وكفران
وأعرب الكون عن بشرى ضمائره / فالكائنات أغاريد وألحان
أمنية رقب الاسلام طلعتها / أتاحها الله لم يضرب لها آن
وللأماني أوقات اذا قدرت / وللأماني آيات وايذان
تمنعت في خدور الغيب آونة / ثم انجلت فانجلى عدل واحسان
ما ساورتها صروف الدهر اذ نجمت / وما لرد مراد الله امكان
وحكمة الله في التدبير قاهرة / وقائد العقل في المقدار حيران
يقضي بما يشاء والأسباب جامدة / ويحكم الأمر والأفكار عميان
يختص من شاء بالرحمى ويصرفها / عمن يشاء وفي الحكمين رحمن
ان الذي يتعاطاه الذكاء لدى / حكم المقادير تخمين وبهتان
ما حيلة الظن والأوهام في قدر / الا قصور وعجز ثم اذعان
لابد أن تربط الأفهام وحدته / ولو تطاول تقريب وامعان
خذ ما أتاك وسلمها لخالقها / فالشأن لا غير للاكوان ديان
انظر الى دولة أعيت معاجرها / رأى الفحول ففيها ثم برهان
أرادها الله فاحتلت مناصبها / والعقل في نصب والكون اسجان
بأسهم الله ترمي من يقاومها / ولا يقوم لسيف الحق بطلان
ان الأسنة لا تعدو مقاتلها / ان شد بالجد والتوفيق مطعان
عادت الى جدلها من طول غربتها / خلافة الله والاسلام جذلان
عناية الله تحدوها لموطنها / وللخلافة في الاسلام أوطان
تنحو ابن بجدتها العليا وبؤبؤها / وشأنها لمصاص المجد خلصان
تقلد العقد منها صدر قيمها / صدر بخالصة الايمان ملآن
همامها العاصم الكافي لعصمتها / له على حملها جد وأقران
صميدع مثل صدر السمهري له / في هضبة المجد اجدال وأغصان
رحب المباءة قرم لا بواء له / بفضله شهدت سهل وأحزان
مشمر أحوذي رأيه فلق / وعزمه قبل وضع الرمح طعان
مروع ألمعي في بصيرته / من الذكاء لمحض الرأي تبيان
تحكمت من أصيل الرأي فطنته / كأنها فيه أبصار وآذان
يطوي عزائم بالتقوى وينشرها / كأنهن بخصم الله نيران
أصاره علمه بالله محض هدى / وغير بدع هدى يذكيه عرفان
لم يترك العلم منه موضعا كدرا / يمثل الشمس منه الذات والشأن
ما زال تمحصه التقوى ويمحصها / وسره ملك والشخص انسان
حتى تمحض نورا لا يكدره / خير وشر واغيار وأغيان
والعلم بالله والاخلاص عارفة / من الكريم وتخصيص واحسان
مواهب ساقها من فيض رحمته / لا نفس ما لها في الناس حسبان
يعدها الناس من أحجار سوحهم / وهن في ملكوت الله شهبان
يمشون بلها وهم النفس في كيس / والعقل في الوجد بالمشهود ولهان
والفتح يقصد قلبا ما به سعة / إلا لمن لم تسعه قط أكوان
محبة الله سر حيثما صدقت / لها على عالم الامكان سلطان
تعطيك فتحا وان سدت مغالقه / وطور عقلك في ذا الفتح حيران
فلا عليك اذا صحت محبته / اذا وفى لك هذا الخلق أو خانوا
لله ما أنفس في سرها اشتعلت / بالحب لله أنوار ونيران
تحل في الأرض والالباب طائرة / في عالم فيه أهل الله ندمان
ريانة بشراب الحب محرفة / والحال صحو وكل الشرب نشوان
تلك النفوس التي هذا (الامام) لها / قطب ومورده الصافي لها حان
خاض الحقيقة كشفا فاستقام له / شف وشرع وتكميل وسلطان
جاءت امامته والآرض مظلمة / والناس فوضى وأهل الجور ذؤبان
فاشرق العدل في أرجائها ولقى / عز المفاسد ارهاق وايهان
جاءته ما كان بدعا من أئمتها / من جده ابن تميم المجد(عزان)
في ضئضئ العزة القسعاء محتده / اذا تفاخر قحطان وعدنان
بذروة اليحمد الصيد الملوك له / اعراق مجد وأساس وبنيان
لا ينكر الناس ما للقوم من قدم / وكيف يلحق عين الشمس نكران
احسابهم ومعاليهم ودينهم / كواكب وهدايات ورضوان
ما اختاره الله صفوا من خلاصتهم / الا وللصفو من اكرامه شان
(يا سالم ) الدين والدنيا ابن راشد خذ / أمانة الله والأقدار أعوان
أنت الضليع بها حملا وتأديه / اذ كل أمرك تدبير واتقان
احذر واصعد وايقن ان صاحبها / سيف من الله لا تحويه أجفان
يسوسها مؤمن بالله معتصم / وخير ما دبر الأملاك ايمان
للاستقامة في تقديره قبس / فظنه تحت نور الله ايقان
لا يصرف (الفكر) في شيء فيخلفه / لأنه من فيوض الكشف ملآن
والمؤمنون بنور الله ناظرة / عيونهم وعين الله أعيان
يا للرجال وداعي الله بينكم / لبوا الدعاء فان الصوت قرآن
يا للرجال ألم يأن الجهاد لكم / بلى لقد فات ابان وابان
يا للرجال أقيموا وزن قسطكم / فما لكم قبل وزن القسط ميزان
يا للرجال احفظوا أوطان ملتكم / فما لكم بعد خذل الدين أوطان
يا للرجال أحفظوا أحساب مجدكم / ان لم تكنن فيكم للدين أشجان
يا للرجال اندبوا لله غيرتكم / فالوقت قد ضاق والتثبيط خسران
يا للرجال الا لله منتصر / فناصر الله لا يعروه خذلان
يا للرجال أروني من شهامتكم / ان الحوادث آساد وسيدان
يا للرجال اجعلوا لله نجدتكم / فالغاية الفتح أو موت ورضوان
يا للرجال ألم يحزنكم زمن / طار(البغاث) به وانحط عقبان
يا للرجال ألم يدهش عقولكم / صوت الأرامل والأيتام إذهانوا
هذا اليتيم قد انحازت مفاصله / من جلبة الجوع والظلام تخمان
يا للرجال بيوت الله قد هدمت / وما لها للعدا نهب وحلوان
يا للرجال دماء المسلمين غدت / هدرا كما عبثت بالماء صبيان
فلا قصاص ولا أرش ولا قود / كأن لحم بني الاسلام جعلان
يا للرجال أفيقوا من سباتكم / فقد أحاط بكم بغي وعدوان
أخيفة الموت ظل العجز يقعدكم / وليس للأجل المعدود نقصان
لا يحجب الموت جبن عند موقعه / ولا يقدم وعد الموت شجعان
يا للرجال لقد ذلت حفيظتكم / اذا استطاعت على الأساد حملان
ان السيوف التي كانت لسالفكم / ما ضمها معهم رمس وأكفان
مريضة هي في الأجفان أم مرضت / قلوبكم أم نأى عنهن وجدان
بئس السيوف اذا حلت عواتقكم / وما بها لعتيق المجد أحزان
لا تحجبوها أناثا في مغامدها / فان تلك اليمانيات ذكران
فديتكم أوردوها انها عطشت / ان كان فيكم يلاقي الري عطشان
كانت بوارق في الأخطار ساهرة / وهم أصحابها في المجد سهران
فاليوم نامت هموم القوم في جدث / وساهر البرق في الأغماد وسنان
تكاد أن تتلاشى من تحرقها / غيظا على صار أو حزنا على كانوا
أورثتموها من الأوتار مشعلة / كأنها في دخان الحرب نيران
واليوم تغمط فيكم وهي مغضبة / وما بكم لحقوق السيف غضبان
ما عودتها بنو عدنان ما لقيت / منكم ولا أسكنتها الغمد قحطان
لا تحملوها اذا كانت لزينتكم / ان الرجال بفعل السيف تزدان
فليت أسيافكم صارت معاولكم / وليت خيلكم معز وثيران
حتى م طرف الهدى سهران من قلق / فيكم وطرف العدا في الظلم سهران
ليست بسنتكم مذكان عنصركم / وانما الحظ كالأزمان أزمان
يا للقبائل يا أهل الحفاظ ومن / أمجادهم في جبين الدهر عنوان
شدوا العزائم في استدراك فائتكم / ان العزائم للادراك أقران
أهل المكارم ان الله أكرمكم / بنعمة العدل اذ للجور بركان
لا تكفروا الله في نعماء أنعمها / فانما يربط النعماء شكران
فأين أين ذئاب الدو حمتها / بنو تمام ومن ربته(جعلان)
وأين عنها الجنيبيون أنهم / سعد العشيرة عليا مذحج كانوا
غاراتهم برياح الموت عاصفة / وفخرهم بحميد الذكر يزدان
وأين رأسب سيف الأزد أنهم / سارت بصيتهم في الأرض ركبان
وأين أهل الذمار الهشم بحرهم / بالمجد والفضل فياض وملآن
عهدي لهم نجدة في الحرب شاهرة / ومنهم لحقوق الله أعوان
ويا لشمس وكبات الخميس لكم / أنتم لها يا أسود الله أركان
أنتم سماء الوغى لبوا أمامكم / وعندكم من ثغور الله (جعلان)
وأين أولاد عيسى والحفاظ لهم / نجد ضراغم أو اهون رهبان
صميم كنده حي الملك من يمن / عهدي بهم للهدى حصن وايوان
شدوا فديتكم أنتم بواسلها / أم فيكم لمصاب الدين سلوان
وأين يحمدها الحرث الكرام ففي / عزائم القوم جنات ونيران
ضنائن الله أنتم لا يزال لكم / في نصرة الله صولات وسلطان
يبلى الزمان ولا تبلى محامدكم / ما دام يحمد مطعام ومطعان
ان كان (صالح) طود المجد فارقكم / فان اصلاحكم رضوان ونهلان
(عيسى) لكم خلف صدق لخير أب / وفي (علي) أخيه للعلي شأن
صنوان يستبقان المجد في حسب / سيارة الشهب في جنبيه صوان
وفيكم الأسد الكرار فارس شر / فاء ابن عمهما الكافي (سليمان)
السيد ابن حميد سطوتكم / ومن له في بناء المجد أركان
بحر المكارم غوث الخلق من شملت / للكون من بره رحمى واحسان
الباسل البطل المغوار من شهدت / بطول يمناه آباء وولدان
وفيكم من رجال المجد من خرست / عنه القوافي ولم يبلغه تبيان
أين المساكرة الصيد الغطارف من / ذوائب الأزد حيث المجد والشان
في ذروة المجد من فهم اذا انتسبوا / أساود الموت يوم الهول طوفان
شم اذا حزموا نار اذا عزموا / شهب اذا رجموا للفضل هتان
كواكب العز لا ترعى مسارحهم / ولا تراع لهم بالضيم جيران
وأين حبس كرام الخيم من قدم / وفيهم من عباد الله غسان
سيوفها وعواليها وأسهمها / وهم اذا افتخر الفرسان فرسان
وأين أسد شراها من وهيبة أهل / الجد والجود ان شدوا وان لانوا
وأين عامر والاحساب مشرقة / ناهيك من عامر والأصل عيلان
وأين همدان من صفين تعرفهم / اذ عك عك واذ همدان همدان
وأين قائدهم ليث المعارك صم / صام المعاضل بدر الفضل سلطان
وأين نار الوغى ال المسيب من / قضاعة وزعيم القوم زهران
وأين وائل والآثار شاهدة / ومجد وائل في التاريخ شهبان
وأين معولة قبل الرسول لهم / على (مزون) أتاوات وتيجان
وأين عنها ذئاب الخطم إن لهم / مناقبا لا يدانيهن انسان
وأين حلقوم ذاك الملك معصمه / سمائل فهي للسلطان سلطان
وأين عن أجربيها منع بيضتها / والأجربان بنو عبس وذبيان
يا جمرة العرب يا عبس الطعان الا / لا يطفئن جمركم بغي وعدوان
لا تشعلوا الحرب الا في مواقدها / حيث الجهاد على الباغين مونان
ويا بني عمنا ذبيان مجدكم / أنا وإياكم في المجد صنوان
بآل حصن وبالعمرين قد فرعت / عزا ونبلا جميع الناس غطفان
إذا مدحت بني ذبيان اخوتنا / أظهرت شمسا لها في العين برهان
فياليوث بغيض در دركم / هلا سباق الى خير وارهان
فرسان داحس والحنفاء حسبكم / من الرهان جهاد فهو ميدان
ذروا الضغائن تذروها الرياح فما / تبقى على خالص الايمان اضعان
ان الحظوظ التي ترجى بالفتكم / في الدين في محكم التنزيل فرقان
وما شفاء حزازات الصدور سوء / ان يستبد بطب القلب ايمان
وأين أزكى وطيس الحرب ما فعلت / فان عمدة هذا الأمر جرنان
وأين حمير أهل العز ما اعتتبوا / عن وعر عزتهم يوما ولا هانوا
صيد صناديد اقيال عباهلة / أسد كواسر في الهيجاء حردان
جاءت ريام بما أعلته حمير من / مجد وقام على البنيان بنيان
وأين حميرها الثاني وأسرته / ذوو المعالي ملوك الناس نبهان
أبقى له السؤدد الأعلى كواهله / مظفر وسليمان وكهلان
هود عرار فلاح محسن ملكوا / فنبهوا الملك حينا وهو نعسان
وكان من فرعهم ملك اليعاربة ال / صيد الكرام وما ادراك ما الشان
سل سيف يعرب عن أخبار سيرتهم / فمنطق السيف اعراب وألحان
ويا بني غافر عليا قريش لكم / أصل وانتم لذاك الأصل أغصان
قوموا الى الله واعتدوا لنصرته / فموعد الله جنات وغفران
وأين أطوادها العليا بنوحكم / أين الذهول سراة المجد شيبان
وأين رهط بني سمح فوارسها / بنو شكيل وأين الأسد كلبان
وأين قوام أمر الناس قادتهم / بنو خروص حماة الدين مذ كانوا
وأين عنها ليوث الغاب مرتها / بنو هناءة ما دينوا وكم دانو
أين اليعاقيب أرض السر ملكهم / ومن مفاخرهم للفخران أركان
وأين أهل الغنى في كل معضلة / بنو علي بن سود أين حدان
وأين يا آل سعد عزم نجدتكم / وأنتم لرسول الله أحضان
هلم يا ابن هلال قم بنصرتها / فالمسلمون بهذا الدين بنيان
وأين من آل بدر سادة نجد / مبادرون الى الخيرات سرعان
أين الحواسنة النجب الكرام فما / عهدي لهم في كفاح الحرب أقران
وأين عنها عواديها بنو عمر / فان جانبهم بالفخر عمران
وأين ضنك واقبال النعيم بها / أين الصلوف وطود الفضل سلطان
وأين كعب وأين الحي من قتب / أين الظواهر والفرسان كهلان
وما رجاء بني يأس على خطأ / فانما القوم أعوان واخوان
قوم على صهوات الخيل طفلهم / يربو له من دم الأطفال ألبان
مساعر الحرب ان تنزل لهم نزلوا / وان تعاضلهم ركبا فركبان
أسد خدورهم سمر الرماح فان / شب الهياج فتلك السمر شهبان
صعب شكائمهم سحب مكارمهم / ان حاربوا صعبوا أو أكرموا هانوا
لا يقتنون رياشا فوق سابغة / كأنهن اذا ألقين غدران
وغير صفحة هندي مفللة / كأنها بنفاث الموت ثعبان
وغير أنياب أغوال مسننة / من عهد عادلها ذكر واسنان
وغير شمس سراحيب مفنقة / كأنها في قتام الحرب غربان
تعلمت من مراس الحرب نجدتها / فهن تحت يد الشجعان شجعان
كأنهن أعاصير اذا احتدمت / نار الوغى وهي في التسنين دؤبان
تلكم حصون بني يأس ومعقلهم / لا يحصن القوم أسوار وأفدان
وأين عنها بنو بطاش أين هم / من لي بهم وهم للحرب أخدان
طال الرقاد بكم هبوا فديتكم / فالشمس طالعة والسيل ارعان
عادات طيء تخضيب السيوف وار / واء المثقف وهو اليوم عطشان
أين العصائب من قحطان أجمعها / وأين من نتجت للمجد عدنان
هبوا لأخذ المعالي من مراقدكم / فليس يستدرك العلياء نومان
هبوا لداعي الهدى هبوا لعزتكم / وكيف نومكم والخصم يقظان
جدوا فديتكم في نصر دينكم / فاليوم فيكم لنصر الدين امكان
كتائب الله لا يحتل بيضتكم / خصم مساعيه في الاسلام ثعبان
كتائب الله ذودوا عن حياضكم / كي لا يهدمها بغي وكفران
كتائب الله ما عيش الذليل لكم / عيش ولا في منايا العز نقصان
كتائب الله لم يعهد بكم خور / وللجبال على الأزمات أقران
كتائب الله حاموا عن حنيفتكم / قد لوثتها خنازير وصلبان
كتائب الله دين الله في طلق / والمشرفيات في الأيمان طلقان
كتائب الله لم تخلق نفوسكم / لكي يسخرها ذل وأهوان
كتائب الله أدعوكم إلى شرف / عقباه أن تصدق النيات رضوان
كتائب الله يوم الهول عيدكم / فما لكم لبغيض الله عبدان
يا غارة الله والأحكام مرملة / لها من الحزن بالتعطيل اردان
يا غارة الله والحر الغيور له / صدع وما أذنت بالصدع آذان
يا غارة الله نخزى في ديانتنا / أليس عارا وحامي الدين خزيان
يا غارة الله نحيا كالبلية في / عقال سوء وما بالرجل عقلان
يا غارة الله كم نرضى مهانتنا / والسيف يرفع أقواما وإن هانوا
أين العزائم أين النخوة انتقلت / أين الحفاظ وأين العز والشان
أين الشكائم في الاسلام ما فعلت / أظنها مع آباء لنا بانوا
سلوا القبور التي ضمت أصولكم / هل واطنوا الذل أم في دينهم هانوا
ربوا لكم بالظبي والسمر ملتكم / وأنتم الآن تجار ورهبان
تركتم سنة الأسلاف مطرقة / ولا يؤنب بالأطراق خجلان
تمشون هونا كأن الزهد أثقلكم / وأنتم بهوان النفس ثقلان
أما يحرككم أن قال ناصحكم / الأصل كاس وفرع الأصل عريان
أقول للبعض منكم وهو عن أسف / والحر يأسف للأحرار إن شانوا
قد كنت نخبة هذا الأمر من قدم / واليوم أنت على الأبواب ذبان
ماذا تقول اذا كنت ابن بجدتها / والأصل معرفة والفعل نكران
طالع صحيفة مجد أنت وارثه / ان كان فيها مجيد القوم خوان
اذا تنكرت للاسلام عن حسد / فاسأل أباك وليَّ الله ما الشان
يخبرك أنك قد فارقت خطته / وانه للذي فارقت حسران
أبعد شيبك في الاسلام يفعلها / يبكي الخليل لها والحبر شاذان
أحسن عزاءك من علم ومن عمل / وأنت للطمع المرذول نجران
واليوم أنت على الأبواب ذبان / وأنت للطمع المرذول تجان
أين السوابق يا قمقامها طويت / أعاذك الله طاويهن شيطان
أساءت العدل اذ قامت به فئة / لها مع الله أقدار وأوزان
ألا تكون لها قطبا تدور به / هل أنت عن قطبها المعهود غفلان
(أظن عهد الشهيدين اللذين هما / يستنصرانك قد أعفاه نسيان)
( أبعد أحبارك الأبرار تنسفها / وأنت في بحرها دور ومرجان)
بنيت قبة ايمان وتهدمها / لله هل بعد هذا الهدم بنيان
نظرت أحمد حتى حل مسكنه / في الخلد من حوله حور وولدان
وصار عند أبيه في حظائر قد / س الله حظهما فوز ورضوان
عدوت تنقضها مثنى وواحدة / وكاكم في مقام الفضل صنوان
وقلت شأنك من باب السياسة في / دفع الأجانب لا بغي وعدوان
تسوسها أنت والايمان يتركها / ما قام عمرك في دعواك برهان
سياسة الله في القرآن كافية / وما يزيد على القرآن نقصان
فارجع الى الله وانظر في سياسته / فأنت من مشرب القرآن ريان
ماذا رأيت أباك الطهر يصنع في / سياسة الدين لما قام (عزان)
أنت الشهيد على اشراق سيرته / وللبصائر بالمشهود ايقان
أفي أمامة حق بعد ما ثبتت / بحقها أنت يا ذا اللب حيران
لا عذر لا عذر فيها حجة قطعت / عذر الخلاف لها في الدين تبيان
فما انحرافك عنها بعد ما وجبت / الا خروج عليها وهو عصيان
أبعد ستين عاما عشت تنفقها / في الله والحمد أنت اليوم خسران
فاتبع إمامك والزم غرز سيرته / ودع هوى النفس ان النفس شيطان
وصن بقية هذا العمر في كيس / فان دهرك لو فكرت كيسان
فارقت عزتك العليا الى طمع / حتى لقد قال أهل السوء ساسان
للمسلمين ظنون فيك عالية / يا ابن المعالي وهن اليوم خيلان
كنت السفينة للاسلام تحمله / ثم انكفأت به والغي طوفان
كنت المرزء للاسلام تكلؤه / واليوم من كثر ما يشكوك ضجران
فافتح فديتك عيني حاذر يقظ / فان كاتب ما تمليه يقظان
بيض العمائم لا تجدي اذا انكدرت / بيض القلوب وللايمان عنوان
طهر ثيابك واغسل راحتيك فها / تيك المطامع أوساخ وأدران
وأحمد نصيحة حر لا يريد بها / ذما وفيك لطود الحمد أركان
ان تعرف الصدق في نصحي فقد سبقت / عهود صدق واخلاص واحسان
ليس الخليل المداجي عند شائنة / إن المداجي في العوراء فتان
لكنه من رأى عيبا وحققه / أهداك عيبك غيظا وهو لهفان
أريك من أسفي خصما تباعده / والقلب من حبك المكنون ولهان
خذ من مضائق أقوالي نصائحها / وفي ضميري لكم بالحب ميدان
يا قوم أهل عمان كم تخالفكم / ان التفرق لا يرضاه ايمان
أطول دهركم خوف مداهنة / مطامع حسد بأو وخذلان
أهذه شعب الايمان عندكم / أهكذا سنة قالت وقرآن
ماذا الشقاق الذي يغري جنوبكم / والمؤمنون بذات الدين اخوان
أطلقتم السيف في أفراد ملتكم / وقيدته عن الأعداء أجفان
هب أن أسيافكم غرثى بها قرم / ففي لحوم العدا يعتاش غرثان
هانت عليكم تراث الكفر واشتعلت / فيكم على بعضكم للبعض أضغان
والفه الدين قربى لم يكن معها / أعلى وأدنى وأحزاب وأديان
يا قوم هذا إمام الدين بينكم / مقصوده الحق لا ملك وسلطان
يدعو الى الله قواما بملته / له حسامان أقساط واحسان
يا قوم طاعته في مصركم وجبت / فرضا عليكم وما في الدين أدهان
يا قوم لا تدبروا عنه فان لكم / ربا يحاسب والإدبار عصيان
يا قوم إن تدبروا يغضب الهكم / وأين ملجؤكم والله غضبان
ان تنصروا الله ينصركم فلا تهنوا / فالكفر في المقت والاسلام رضوان
ان الامام يمين الله بينكم / فبايعوه والا حل خسران
قامت عليكم بحكم الله حجته / ان كان فيكم لحكم الله إذعان
ان تتبعوه فعين الرشد خطتكم / أو تعرضوا عنه فالإعراض طغيان
فراقبوا الله فيه ان حجته / قد قام فيها بحكم الله برهان
تلكم وصية حسان لكم ثبتت / فانني اليوم للاسلام حسان
لا يصدق الدين الا من يناصحه / ولا يتم بغير النصح ايمان
فان تمكن نصحي من بصائركم / بدا لكم من ضياء الحق فرقان
لن ترضي الله حتى تخلص الورعا
لن ترضي الله حتى تخلص الورعا / ولن ترى ورعا بالجهل مجتمعا
حق العبادة فرض لن تؤديه / ان كنت تجهل مفروضا وممتنعا
أمانة الله تسطيع الأداء لها / اذا علمت بعون الله ما شرعا
ولم يجد صانع اتقان صنعته / حتى يكون على علم بما صنعا
ومن مضى في طريق لا دليل لها / ولا معالم تهدي ضل وانقطعا
وفاقد العين محتاج لقائده / لولاه لم يدر مهما جار أو سدعا
فاستنهض النفس في ادراك ما جهلت / حتى ترى العلم في حافاتها سطعا
فهذه النفس مرآة جبلتها / ما قابلت كائنا الا بها انطبعا
مضيئة الذات والاكدار عارضة / لنورها فاذا استجليته انصدعا
والعلم أشرف ما أوليت من خطر / ما حل في موضع لله فاتضعا
فاطلبه لله يفتحه بلا تعب / لا تحتجز غير ما يرضى به طمعا
واليسر يصحب مرتاد العلوم اذا / كان ارتيادا عن الأكوان منقطعا
والعلم بحر محيط لست محصيه / فكن بأنفعه في الدين مقتنعا
ولو فرضنا انحصار العلم في بشر / وقصده غير وجه الله ما نفعا
فاصرف الى الله وجه القصد معتقلا / عقائل العلم فالانسان حيث سعى
والعلم بالله أولى ما عنيت به / وما سواه الى ادراكه نزعا
فابغ المعارف آلات لصنعته / اذ يتقن الصنع بالآلات من صنعا
ولا تقولن علم ليس ينفعني / بكل علم يعيش العبد منتفعا
فاطلب وأطلق بلا قيد ولا حرج / وقف اذا كان عنه الشرع قد منعا
وقدم العلم بالطاعات تقض به / حقا لمحظوره أو ما إليه دعا
دع المهندس في الاشكال مختبطا / وصاحب النجم يرعى النجم ان طلعا
واقصد فقيها بنور الله مشتعلا / يريك ما ضاق عنه الجهل متسعا
فلا يهمك يوم الحشر هندسة / ولا سؤال عن المريخ كم قطعا
ولن ترى من كتاب خطه ملك / يوم القيامة الا الذنب والورعا
فاعمل بعلم واشغل كاتبيك به / فلا يفوتك ما تملي وما جمعا
لا تنفق العمر بطالا فلست ترى / يوم الندامة للأعمال متسعا
في لمحة العمر امكان ومزرعة / وسوف يحصد في عقباه ما زرعا
اذا حشرت بلا علم ولا عمل / عرفت كونك بالتفريط منخدعا
أدرك بقية أيام تمر بلا / مهل فان نجاز العمر قد قرعا
وأيقظ العزم ان نامت لواحظه / في الجد لله لا وهنا ولا هلعا
واصرف حياتك من بدء لخاتمة / في علم دينك للقرآن متبعا
هو المهم الذي ترجى عواقبه / ان مت أحياك أو قدمته شفعا
مزية العلم أعلا نعمة رفعت / عبدا ولولاه لم يذكر من ارتفعا
ما فوق مرتبة المختار مرتبة / ولا وساعة تسمو فوق ما وسعا
وكل علم لمخلوق تقدمه / أو سوف يعقبه من بحره نبعا
وكل ذرة نور أو مقام هدى / فمن مشارق نور المصطفى طلعا
وكل ذلك والقرآن يأمره / قل رب زدني علما فوق ما جمعا
لأن للعلم شأنا كل مرتبة / وكل شان رفيع دونه اتضعا
والنفس قابلة للازدياد فلا / تضيق عنه اتساعا كيفما اتسعا
فارقمه في لوحها واجعله مرشدها / الى حقائق أعمال لها وضعا
فلتطلب العلم للأعمال يخدمها / كالسيف يحمله للضرب من شجعا
ماذا تريد بعلم لا يردك عن / شر ولست به للخير متبعا
ليس الحمار من الأسفار يحملها / بغير أثقالها اياه منتفعا
بئس المثال لمن أوعى العلوم ولم / تفده إلا فلان عالم برعا
وان طلبت به الدنيا فموبقة / أحرى بها من خسيس الجهل ان تقعا
جرده من كل شيء لا يشاكله / ما أقبح العلم مهما قارن الطمعا
واشرف العلم ما يهدي لصالحه / تكون ذخرا وما عن سيء ردعا
ليس السيادة في مال ولا نشب / لكنها العلم مهما رافق الورعا
لله نخبة ابرار فقدتهم / كانوا الأمان فأبقوا بعدهم فزعا
كانوا البحار فابقوا بعدهم يبسا / كانوا السحاب فأبقوا بعدهم قزعا
صحبتهم وغيوث العلم هاطلة / وفارقوني فضن الغيث وانقطعا
أولئك القوم ملح الأرض ان فسدت / فأين هم وفساد الأرض قد قرعا
ما للمعارف من افلاكها نزلت / والآن حلت بطون الأرض والتلعا
من لي بهم في زمان بعض موعده / رفع العلوم وهذا العلم قد رفعا
ورفعه موت من يبغي به عملا / برا ولو حل فيمن ضل وابتدعا
عسى لطائف روح الله منشئة / بعد الاياس سحابا يمطر الطمعا
فتنجلي غبرة الأيام عن خلف / صدق يقوم بنفع الحلق مضطلعا
فان لي املا في فنية نجب / وريثما حاولوا ادراكه خضعا
تنالوا المجد من أركان سالفهم / برق الفضيلة في أعطافهم لمعا
لهم وجوه مصابيح مشعشعة / كأنما البدر في أغصانها طلعا
نجد أماجد في أحسابهم فلق / ومن أياديهم البيضاء قد نبعا
زهر المناقب ينشق المجاد بها / عن حاجب الشمس أو عن صبحها انصدعا
مثل الكواكب في علم وفي عمل / وفي قلوب وفي صيت لهم شسعا
تنافسوا في اقتناء المجد واستبقوا / والكل جلى لمجد ليس مخترعا
سمت بهم همة كالشمس نيرة / فكل هم عزيز تحتها ركعا
وناصبوا الدهر والأيام كالحة / بفضل حرية الأحرار فاندفعا
ونظموا عقد مجد باجتماعهم / لا زال عقدا بعين الله مجتمعا
" تناول المجد" صعب غيرانهم / تناولوه وما شدوا له النسعا
بخ بخ يا سراة المجد انكم / ذكرتم المجد ما أعطى وما منعا
ما زال ينتخب الأحرار في زمن / مقطم الوجه حتى فيكم وقعا
فكنتم الغرة الزهراء فيه ولم / يبصر بأكمل منكم لا ولا سمعا
لنا الهناء بأن المجد بشرنا / منكم بأكرم من في مفخر نزعا
وان مستقبلا يأتي لنزعتكم / من دون حصر المعالي ليس مقتنعا
وانكم ولسان الصدق يشهد لي / وصلتم من حبال العرف ما انقطعا
ومن شعرتم بأن الجهل منقصة / والعلم يعلي برغم الجهل ما اتضعا
أسستم لعلوم الدين مدرسة / كهالة الشمس أنوارا ومنتفعا
ضمت شبيبة اطهار نفوسهم / أصفى من الدر بالأصداف ملتفعا
تعطشوا لاكتساب العلم اذ فهموا / كون الجهالة في حكم الحجى شنعا
مشمرين ذيول الجد همهم / ان يعبدوا الله بالوجه الذي شرعا
أوحت اليهم عقول غير قاصرة / ضرورة العلم فانقادوا لها تبعا
على نشاط وعزم لا يعارضه / معارض فكأن البحر مندفعا
بشراكم يا وعاة العلم ان لكم / يوما سيرجع فيه الجهل منهزعا
وتسعدون بألباب منورة / يصونها الله ان تستمرئ البدعا
يا عمدتي يا غيوث الأرض حسبكم / مسح الملائك تبريكا ومنتفعا
هل تقبلوني فردا من رجالكم / حتى نعيش على هذا الفلاح معا
قد اختصصتم بشأن كله شرف / هل تسمحون بأن يبقى لنا شرعا
ما زلت ادعوا الى أمثال نهضتكم / فكنتم يا رجال الفضل مستمعا
فثبت الله مسعاكم وزادكم / تقدما في العلا ما كوكب طلعا
ألا هل لداعي الله في الأرض سامع
ألا هل لداعي الله في الأرض سامع / فاني بأمر الله يا قوم صادع
وهل من يرى لله حقا ومرجعا / اليه وأن الدين لا شك واقع
وهل من يرى أن الحقوق التي دعا / اليها رسول الله غفل ضوائع
وهل من يرى الشرع الشريف تدرأت / عليه حثالات مبير وخانع
وهل من يرى أن الحنيفة سامها / بما شاء من ضيم لعين مخادع
تمالأ ظلما خيله ورجاله / وليس لهم حد سوى الله مانع
يدوسونها دوس الحصيد كأنها / لقى وأخو الايمان في الأسر خاشع
أفيقوا بني القرآن إن هداكم / الى الجبت والطاغوت في الذل ضارع
أفيقوا بني القرآن إن كتابكم / يناقض في أحكامه وينازع
تعيث قرود الجبت في سنة الهدى / اذا عقدوا شنعاء جاءت شنائع
يعدون دين الله بهتا وهجنة / وان ليس من صوب الاله شرائع
وأن وقوع الدين في الأرض مفسد / وان قوانين السماء فظائع
وان الذي جاءت به الرسل كله / مضر لأسباب الرقي مصارع
وان هدى الاسلام في الأرض ظلمة / ولو زال بانت للرقي سواطع
وان بني الاسلام في همجية / وحوش تعادي في الفلا أو صفادع
وان بني الانسان في الأرض طائر / على شرك عز الجناحين واقع
ولولا عرى إشراكه لتوسعت / مداركهم حيث الحدود الموانع
هلم بنا نقطع حبالة ديننا / اذ الدين عن نور التمدن قاطع
ونرسل أطيار النفوس إلى الهوى / فان هواها للسعادة جامع
ونذروا وصايا الله في الريح تربة / فليس بها استغفر الله نافع
وفي دولة التعطيل مرعى ونضرة / وفي دولة الدين الديار البلاقع
ولا كون الا للطبيعة انها / لها الضر في أكوانها والمنافع
وأن ننتحل شبها لدين سياسة / ففي دولة التبشير فعل مضارع
حبالة صياد ودين ودولة / وتعطيل انسانية وخدائع
فيا لبني القرآن أين عقولكم / وقد عصفت هذي الرياح الزعازع
أمسلوبة هذي النهى من صدورنا / وهل فقدت أبصارنا والمسامع
أما كذبوا لا قبح الله غيرهم / ولا أفلحت تلك الوجوه للواكع
لقد ملأوا الآفاق افكا وخزية / وبغيا ولا مقصود الا المطامع
نفوا ملة الاسلام اذ منعتهم / محارم في حكم العقول فظائع
ولو قلدوا الاسلام ضاق عليهم / سبيل الى ما تشتهي النفس واسع
ولا أطلقتهم في الرذالة رتعا / نذالتهم مهما اقتضته الطبايع
ولا حرشتهم شرة وفظاظة / لهم كلب في نهبنا وتنازع
كأن بني الاسلام صيد رماحهم / وأملاكهم إرث لهم أو قطائع
فلا غرو أن يستنكفوا من ديانة / وقد اسلبت فيها عداها الزرايع
وليتهم اذ عطلوا الدين سايروا / طبيعة تكوين العمار وتابعوا
فأي عمار قام والظلم أسه / وتلكم ديار الظالمين بلاقع
وليت بني الاسلام قرت صفاتهم / فما زعزعتها للغرور الزعازع
وليتهم ساسوا بنور "محمد" / ممالكهم اذ باغتتها القواقع
وليتهم لم ينحروا بسلاحهم / نحورهم اذ جاش فيها التقاطع
لقد مكن الأعداء منا انخداعنا / وقد لاح آل في المهامه لامع
وسورة بعض فوق بعض وحملة / لزيد على عمرو وما ثم رادع
وتمزيق هذا الدين كل لمذهب / له شيع فيما ادعاه تشايع
وما الدين الا واحد والذي نرى / ضلالات أتباع الهوى تتقارع
وما ترك المختار الف ديانة / ولا جاء في القرآن هذا التنازع
فياليت أهل الدين لم يتفرقوا / وليت نظام الدين للكل جامع
لو التزموا من عزة الدين شرطها / لما اتضعت منها الرعان الفوارع
وما ذبح الاسلام الا سيوفنا / وقد جعلت في نفسها تتقارع
ولو سلت السيفين يمنى اخوة / لدكت جبال المعتدين المصارع
وما صدعة الاسلام من سيف خصمه / بأعظم مما بين أهليه واقع
فكم سيف باغ حز أوداج دينه / بأفظع مما سيف ذي الشرك باخع
هراشا على الدنيا وطيشا على الهوى / وذلك سم في الحقيقة ناقع
وما حرش الأضغان في قلب مسلم / على مسلم الا من النعي وازع
ولو نصع القلبان لم يتباغضا / ولا ضام متبوع ولا ضيم تابع
وما هذه الدنيا لها قدر قيمة / يضاع له ذخر من الله نافع
وما نال منها لهائلا غير اثمها / وأكدارها المستأثرون الأمانع
ولو بعدت في النفس منزعة التقى / لما نزعت نحو الشقاق المنازع
ولا ضبحت تعلو بأسباب وهمها / على غير ذي ثبت جداه القوارع
أما هذه الدنيا التي يقتنونها / ستقتضب الاعمار منها الفجائع
قراضة آجال ومطلب جاهل / ونحن لناعيها الينا ودائع
فما بيعنا الحسنى ومرضاة ربنا / بها بيعة ينمى بها الربح بائع
على أي شيء يقتل البعض بعضنا / وتذكي فظاظات النفوس المطامع
ولسنا برغم العقل نطلب وادعا / ولا أحد منا وان عاش وادع
ويكشف عن ساق لنا الحتف دائبا / ونعجله في باطل نتقارع
أليس الذي يأتي من العمر مقبلا / كمثل الذي ولى وفيه المصارع
ولو أشربت منا النفوس تبصرا / لما كان منها للشرارة ناقع
بلى أشربت داءا دخيلا اصارها / كما كمنت في حجرهن الاقارع
ولو بحثت عن دائها كان كبرها / فمنه بلا قيد تثور الشنائع
ولو فكرت في أصلها ومصيره / لدافع داء الكبر منها التواضع
رويدا بني الانسان ان شروركم / يعود عليكم ويلها المتتابع
فما أرسل الانسان سهما محرما / سوى أنه في نحر راميه راجع
ولست وان برأت نفسك خالصا / من الشر والدعوى اليه ذرائع
أنلزمها الاشرار والداء شامل / وننفي اشتراكا فيه والسم نافع
ولو سلمت من صبغة الشر نسمة / لما راع في أوكاره الفرخ رائع
وكل لجاج المرء في الشر نهمة / من النفس تغريها عليه الطبائع
أليس عجيبا زرع نفس شرورها / وعند حصاد الزرع يحصد زارع
ولولا نواميس السماء لما زكت / نفوس ولم يعرف مضر ونافع
ومن سنن الله التدافع بيننا / ليصلح مدفوع ويصلح دافع
ومن سنن الله اختبار عباده / وابلاؤهم وهو الحبى والصنائع
يصب على من شاء صبا بلاءه / وذاك بلاء للمواهب جامع
ومن سنن الله اختفاء اصطناعه / فكم شق أمر ضيق وهو واسع
ومن سنن الله التفاضل في العطا / فذو الجهل موفور وذو العقل جائع
ومن سنن الله التأني بمن طغى / وتعجيل عقبى هفوة اذ تواقع
ومنها انتقام من ظلوم بظالم / وهذا حسام للمظالم قاطع
ألم تر أن الله سلط مشركا / على مسلم والعدل للكل وازع
فما الشأن الا العدل في أي حادث / والاخفي اللطف للزيغ رادع
وفي الشأن أسرار تجلت لذي النهى / عليها جمال الله باللطف شايع
ترى سلطة لا تعرف الله أفظعت / بعارفه والعدل تلك الفظائع
فأنت اذا فكرت لم تلف ذرة / من الظلم في شيء له الله صانع
وما يوجب المقت الالهي عدوة / عدوت بها في خرق ما هو شارع
ولو ثبتت رجلاك دون حدوده / لما كان عن رضوانه لك قاطع
وما يوجب الجود الالهي رحمة / وفضل وتوب منه للتوب زارع
أيحظر أمرا ثم تهتك حظره / كأنك مدعو بما هو مانع
وأنت مع الايعاد للسخط تنتحي / ومن حيث اتيان المساخط طامع
فما من وعيد الله يمنع عاصم / اذا لم يزع من حرمة الله وازع
نضج ضجيج النيب مما ينوبنا / ونحن الى ما تقتضيه نسارع
نطاوع أسواء المغبة رغبة / ولسنا لمحمود الجزاء نطاوع
وما هذه الأوقار فوق رقابنا / يدافع عقابهن عنا مدافع
وبعض عقاب الاثم أخذ معجل / وبعض على الاملاء جانيه وادع
ولو أمحض التقدير عقل لأظهرت / شوارقها بالحكمتين مطالع
فما هو في تعجيله البطش عابث / ولا عارضته في التأني موانع
ولا هو بالاعجال يحذر فائتا / سواه تعالى قبل فوت يسارع
فجل في مجاري حكمه وشئونه / تبن لك فيها حكمة وبدايع
وفي عدله حسب اقتضاه شئونه / تدابير وحدانية لا تمانع
فلا تخبطن في فهم أحكام عدله / اذا اختلفت أشكالها والمواقع
ورب بلاء حل في شكل عدله / وما هو الا الفضل واللطف واقع
فمن ذاك للتوفير وهو أجله / ومنه لتمحيص لذنب يواقع
وتقديمه انذاره ووعيده / الى عبده حد عن العدل مانع
وفي عين هذا العدل فضل محقق / الى مستقر الفضل والجود نافع
وذلك في الجود الالهي لازم / ليذكر اللاهي وينزع نازع
وعاقبة الانذار انقاذ عبده / حذارك مما قيل خلف وشافع
فقم نحو ما يدعو اليه بفضله / فداعيك قيوم برحماه واسع
ولا تعجب ان خالفته كيف بطشه / فمالك الا صحة التوب نافع
ولا تعجبن مما تراه مسارعا / الينا فعدل الله هذا المسارع
الى ما أفضنا فيه من ترك أمره / واتيان منهياته العدل صادع
ففيم صراخ المسلمين وجأرهم / وأغلبهم للمقسطين منازع
لهم في أساليب الشقاق طرائق / وكل طريق في الضلالة شارع
وأغلبهم للاستقامة شانيء / بسيف التعدي في حمى الله شانع
ولو شملتنا الاستقامة لم نزل / لنا ألفة ترفض عنها المطامع
سقى الله أرضا تنبت القسط سوحها / وبين رباها العلم والحق راتع
ربوع بحمد الله نور "محمد" / عليها بنور الله أبلج ساطع
وحيت يمين الله بالروح والرضا / رجالا لهم تلك العراص مرابع
رجال سعوا لله سعيا مباركا / فما قطعتهم عن رضاه القواطع
أنابوا الى الله اتباع سبيله / فما صدعتهم في السبيل الصوادع
وقاموا بمفروض القيام عليهم / فما عز جبار ولا ذل ضارع
فما جمعوا ما فرق الله جمعه / ولا فرقوا في الدين ما الله جامع
ولا شرفوا الا بخالصة التقى / حظوظهم منها البحور الجوامع
بهم يقتدى في العلم والهدي والهدى / وعن خلقهم تروي النجوم السواطع
عليهم وقار الرسل أرست جباله / وهم لكمالات النفوس مطالع
تجلت لهم من باطن الشرع حكمة / ولو أظهروها ناقضتها الشرائع
ألحوا على الاخلاص حتى تفجرت / على لسنهم بالحمتين ينابع
ولو أظهروا من حكمة السر ذرة / لكانوا بحكم الظاهر الشرك واقعوا
فبورك علما طابع الشرع باطنا / وفي ظاهر الأحكام للعذر قاطع
أولئك أهل الله رحمة أرضه / بهم تمطر الارض السحاب الهوامع
أولئك أوتاد الوجود وغوثه / وأحوالهم في الاعتبار شوافع
أولئك أهل الحق ما ضل مقتف / هداهم ولا يغوي عليهم متابع
أولئك أهل الفهم ما جار فهمهم / عن الله ما يقضي وما هو شارع
أولئك أهل الخير أما حياتهم / فغنم وأما ذكرهم فذرايع
أولئك أهل الفضل حتى ولو فنوا / لهم بركات في الدنا ومنافع
أولئك أشياخي فجئني بمثلهم / اذا جمعتنا يا جرير المجامع
ولست بجاء في الوجود بمثلهم / وللقوم شأن في الولاية شاسع
وللقوم ارث صادق من "محمد" / لكل هدى للرسل لا شك جامع
وماذا عسى أن يبلغ الحمد فيهم / وهم لضياء المرسلين مطالع
نعم أن نور الرسل في قلب ختمهم / وفي القوم نور الختم أبلج ساطع
سرى علمهم بالله في سر سرهم / وهذا لصدق الاتباعين تابع
وما صدقوا في الاتباع لغاية / ولكن لحب الله فيهم نوازع
ومحترق الأركان من خوف ربه / له صعقات بينه ومصارع
له ما عدا العلم القديم صحيفة / يشاهد فيها صنعه ويطالع
ومهما يكن في الملك والملكوت من / بدائع لم تحجبه تلك البدايع
يرى كل شيء غير مرضاة ربه / رمادا به اشتدت رياح زعازع
ولو خالست منه العلائق لفتة / كفاها من التوفيق عنه ممانع
يطارد آفات الوجود بعزمه / فتنكص حسرى عنه والعزم ناصع
رمى عرض الدنيا وراء يقينه / بأن وراء الحد شأنا يسارع
يحرر نفسا من عبودة مطمع / سوى رغب فيه الى الله طامع
به أنف الأملاك في نضرة الغنى / وما نال منه ما تقل الأصابع
كفته لقيمات يقومن صلبه / وطمر من الانهاج بأياه راقع
يلذ فطام النفس عن كل لذة / ولذات هذا العيش بئس المراضع
يبيت اللأحزان جمرة قلبه / تشب اذا سالت عليها المدامع
اذا ذكر الأخرى تضاءل جازعا / كأن راعه من هادم العمر رائع
وان ذكر الدنيا تفانى وأصعقت / مشاعرة تلك الصعاب القوارع
على وحشة في السجن من بغتة الفنا / وما خلف يوم الموت كيف المفازع
وما زخرف الدنيا وان راق رونقا / على عينه الا العنا والفجائع
أحال على أنفاسه البر والتقى / فللبر والتقوى عليها طوابع
على الأرض منكور ويعرف في السما / له مخبر بين الملائك شايع
تراه متى ما الليل عمد بيته / عمودا على محرابه وهو راكع
يشعشع بالقرآن أنوار قلبه / فعنهن شقت للعيون المدارع
يرجع في الديجور رنة ثاكل / نحيبا كما ناح الحمام السواجع
يناوحه همان هم مخافة / وهم رجاء والبرايا هواجع
بأمثال هذا يرحم الله خلقه / وان عظمت أحداثهم والشنائع
بأمثال هذا تحفل الشاة ضرعها / ويسمن مهزول ويقطف يانع
بأمثال هذا يخصب الله أرضه / ويشرب عطشان ويشبع جائع
بأمثال هذا تنزل السحب رجعها / وينضر صدع الأرض وهي بلاقع
بأمثال هذا يدفع الله سخطه / وليس لسخط الله في الأرض دافع
لهم منزل في القرب للخلق نافع / وحدّث وأطلق كيف تلك الموانع
أولئك أبرار الأباضية الألى / على نهر حرقوص وزيد كوارع
هم القوم أحرار الوجود سمت بهم / الى الله من حظ سواه المنازع
محبتهم ديني بها أبتغي الرضا / الى الله والزلفى وهم لي ذرائع
ودعوتهم لي سنة وجماعة / أجهاد في احيائها وأقارع
واني وان يتركني السيف قعددا / فذلك للأمر الذي لا أدافع
قضى الله أن أحيا من العجز قابعا / وما أنا في همي الى الله قابع
اذ لمت نفسي أقنعتني قيودها / وما أنا دون النصر لله قانع
وما نصرتي بالقول والقول تشتفي / من الغيظ لولا دون عزمي موانع
الى الله أشكو حائلا صد همتي / فعشت كما عاش الجبان الموادع
أأحيا كسير النفس والسيف عانيا / وسيف الأباضيين في الخصم شارع
على أنني إن هدني الحزن هدة / ونهنهني مما قضى الله قادع
ليعلم قصدي عالم الجهر والخفا / وللعبد ما ينوي وان سد مانع
لعل ختام القصد نيل موفق / يهيئه حول من الله واسع
فأضحى بتهليل السيوف مهلالا / متى حيعلت نحو الجهاد الوقائع
ويرضى الهي في مواطن حربه / قيامي اليه والرماح كوارع
لعلمي ان لاقيت حتفي مجاهدا / فذلك فوز عشت فيه أنازع
وان وقوع الموت للمرء موضع / وليس لموت كالجهاد مواضع
وما مات من ألقى الى الله نفسه / وان حولت وسط اللحود المضاجع
وأي رجاء بعد ستين حجة / لعيش وهل ماض من العمر راجع
فهلا انقطاع العمر لله لحظة / أحق به والعمر يبليه قاطع
ولم يبق منه غير فضلة ساغب / سيخطفها من طائر الموت واقع
وأمنيتي في بيعها من إلهها / بسوق جهاد حيث تزكو البضائع
على الله احسان الخواتم انه / اذا شاء بين العبد والخير جامع
أصبحت لا أملك للنفس وطر
أصبحت لا أملك للنفس وطر / ولا أرد ذرة من القدر
أحمد مولاي على خير وشر / مستسلما لما قضى وما قدر
أصبحت والذنب عظيما موبقا / أوقعني في أسر أشراك الشقا
إن لم يكن لي سيدي موفقا / ولم يكن لتوبتي محققا
أصبحت عبدا في مقام الذلة / قضيت عمري باطلا وضله
ابارز الله بقبح الخله / انتهك الزلة بعد الزله
أصبحت عبدا بذنوبي معتقل / قد غرني الجهل وأرداني الأمل
يا ويلتاه قد دمنا مني الأجل / ولم أقدم صالحا من العمل
تلك صفاتي بئس وصف المتصف / عن كل ما يرضي الهي منحرف
أواه أواه عبيد مقترف / مصرح عما جنيت معترف
ظلمت نفسي وتركت رشدي / وكان هزلي في الهوى وجدي
وفي المعاصي خطأي وعمدي / وكل شين وقبيح عندي
ها قد ندمت الندم الصريحا / على حضيض ذلتي طريحا
تبت اليك توبة نصوحا / علمتك الحليم والصفوحا
تبت اليك توبة أخلصتها / طاهرة على الهدى نصصتها
خالصة من الهوى محصتها / على الذي يرضيك قد خصصتها
تبت اليك حط عني اصري / أنا الذي أخلق وجهي وزري
أنا الذي أثقل ذنبي ظهري / أنا الذي فررت عنك عمري
تبت اليك عائذا بوجهكا / من الخطايا الموجبات سخطكا
من ذا يقوم سيدي لمقتكا / أم من يطيق يا الهي عدلكا
تبت اليك توب من لا يرجع / عن كل ما يسخط ربي مقلع
ولست الا في رضاك أنزع / اذ ليس لي الا رضاك ينفع
تبت اليك توب من لن ينقضا / عهدك أو يأتي مكروها مضى
ما أعظم الفوز اذا نلت الرضا / والويل لي ان تك عني معرضا
تبت اليك من ذنوب السر / تبت اليك من ذنوب الجهر
ومن ذنوب قاصمات العمر / ومن ذنوب موجبات الفقر
تبت اليك من خواطر اللمم / وكل محظور جرى به العلم
وكل ما عدت له بعد ندم / وما انتهكت فيك من أي الحرم
تبت اليك توبة تأتي على / قولي وفعلي تاركا وفاعلا
وما جنيت عالما وجاهلا / وما اقترفت ذاكرا وغافلا
تبت متابا جامعا لما جرى / بالقلب والقالب مما حجرا
اليك نفسي نادما مستغفرا / عند الصباح يحمد القوم السرى
تبت من الجور على كل أحد / والكبر والعجب ومن ذنب الحسد
ومن عقوق الوالدين والولد / ومن حقوق من دنا ومن بعد
أستغفر الله من التعسف / في الدين والغلو والتعجرف
ومن ذنوب الشك والشرك الخفي / وفتنة المسرف والمسوف
أستغفر الله للغو مقولي / وسعي رجلي ويدي في خطل
ولاتباعي الشهوات الرذل / ومهلك التقصير والتوغل
أستغفر الله لقصد انطوى / على رضا الله فصده الهوى
ونية تميلني لمن غوى / وان يكن لكل عبد ما نوى
أستغفر الله من الكبائر / أستغفر الله من الصغائر
أستغفر الله لحلف فاجر / وكل ما يخطر في سرائري
أستغفر الله من الملاهي / والبذل والتبذير في المناهي
والحب والبغض لغير الله / وخلق الفاخر والمباهي
يا غافر الذنب اغتفر لي ذنبيه / يا قابل التوب تقبل توبيه
علمت هودي وشهدت لبيه / لبيك سعديك حنانيك ليه
فرطت في جنبك تفريطا جلل / ولم أغادر ذرة من الزلل
آتي معاصيك على غير وجل / ثم ألح في الدعا بلا خجل
ما أعظم المصاب ويلي ماليه / وأقبح السوءة من أفعاليه
جملت رشدي ومقام حاليه / وفاتني رشدي من أغفاليه
يا من غياثي علمه ورحمته / ومفرغي احسانه ومنته
ومن معاذي لطفه ورأفته / ومن رجائي عطفه ونظرته
عبدك قد باء بنفس ناكصه / وقد علمت مطلقا خصائصه
ذا روعة قد أرعدت فرائصه / بتوبة من كل جرم خالصه
باسمك الأعظم اسم الذات / مجمع الاسما منتهى الغايات
بحق الاسماء المباركات / وبالكمالات وبالصفات
بوصفك الذاتي والفعلي / بوصفك المضاف والسلبي
لست بموهوم ولا مرئي / مغاير الحسي والعقلي
بقدسك الأسنى بسبحانيتك / بالمنظر الأعلى برحمانيتك
بوجهك الباقي بربانيتك / بالشاهد القاضي بوحدانيتك
بأنك الأول من قبل الأول / بأنك الآخر من غير أجل
بأنك الخالق تعليل العلل / ولن تزال واحدا ولم تزل
بمعقد العز من العرش العظيم / بمنتهى الرحمة في الوحي الكريم
بكل إسم صانه العلم القديم / في السر أو علمته قلبا سليم
بملكك الباقي بقدر العظمه / بالقسط حكما بعلو الكلمه
بموضع السر في الآي المحكمة / بالنعمة المطلقة المتممة
برتبة الحق رفيع الدرجات / ذي العرش ملقى الروح باعث الرفات
بما على وجوده من بينات / بحق من لذاته من الثبات
بعزة القاهر واجب الوجود / بالصمد المعبود بالحق الودود
بالفاتح الباسط وهاب الجدود / بالوارث الباعث هامد اللحود
بمجدك الأعلى بقهر الجبروت / بعزة الملك بعظم الملكوت
بعز سلطانك حي لا تموت / بلطفك الساري بعطف الرحموت
بقهرك الغالب بالجلال / بالكرم الفياض بالجمال
بقدرك الشامخ بالكمال / بحكمة الشؤون في الأفعال
بالوحدة القديمة المكونه / بالقدرة الغالبة المهيمنه
بالقدم القيوم قبل الأزمنه / وبالتغالي عن ظروف الأمكنه
بسبحات النور الحقيقيه / بأبحر المحامد العميقه
وبنعوت ذاتك الحقيقيه / ظاهرة تذكر أو دقيقه
بحقك الواجب في طوع الذمم / بعدك الأشد بالوعد الأتم
بنورك المشرق كاشف الظلم / بلوحك المحفوظ ربي بالقلم
بالعلم بالحياة بالكلام / بقدرة القادر بالدوام
وبحمى الارادة اعتصامي / وبجلال الحق والاكرام
بحول مولانا بحبله الشديد / بقوة الله بأمره الرشيد
بسطوة الله ولا عنه محيد / بقربه الأقرب من حبل الوريد
بحكمة الله الحكيم البالغة / بحجة الله الولي الدامغه
بنعمة الله الكريم السابغه / بشمس برهان الصفات البازغه
بحكمة الابداع والتعبد / وبغناك المطلق المجرد
بلطفك الخافي بفيض المدد / بمجدك القائم بعد الأبد
بكبرياء الملك الحق المبين / بعز سلطان الألوهة المتين
بالقبضة الأولى بقوة اليمين / بحيطة القهر لكل العالمين
بعظم الذات بذات العظم / بالجبرياء بالعلاء الأعظم
بالكرم الحق بحق الكرم / بواسع الرحمة للمسترحم
بالواحدية التي لا تنقسم / بالأحدية الحقيقية القدم
بالعلم من قبل الوجود والعدم / بالبر بالرأفة في كل القسم
بسر كن عند مراد الخالق / بسر احصائك للخلائق
بحفظك المحيط بالحقائق / بنفس الرحمن في المضائق
بصمدانيتك اللهما / بجاهك الجاه الأعز الأسمى
بوهبك الظاهر والمعمى / بالمن منك عطفه ورحمى
بالطول يا ذا الطول والتطول / بكرم الذات بلا معلل
بالحلم بالعفو يغفر الزلل / بالفضل بالعدل بأعلى المثل
بحمدك الواجب للذاتيه / مستغرق المحامد الكليه
بما حمدت نفسك القدسيه / به من المحامد الزكيه
بما به أثنيت سيدي على / نفسك من أمجاد قدرك العلى
لوجهك المجد لجدك العل / اأنت كما أثنيت من نفسك لا
بحق قيومية الله على / عوالم الحادث علما وولا
سناء قيومية الله انجلى / بكل ذرة فلا سلب ولا
بمظهر الحق على الآثار / بمشهد الحق على الأطوار
بما لوجه الحق من أنوار / بما لذات الحق من إكبار
بسلطة الابداء والاعاده / بحكم الاختيار والاراده
بشدة المحال بالسيادة / بالملك بالانشاء بالاباده
باسمك الله الجليل الباهر / قطب الأسامي جامع المظاهر
مشرق الاسرار على السرائر / مقدس البطون والظواهر
بمظهَرَي رحمتك الحفية / من اسمك الرحمن للبرية
واسمك الرحيم بالكليه / حياتنا الدنيا والأخرويه
بمالك الملك المليك الملك / مدبر الأمر مدير الفلك
غير مماثل وغير مدرك / مملك الملوك ما لم تملك
بالطاهر القدوس ذاتا وصفه / عن صفة حادثة مكيفه
قداسة تدرك منها المعرفه / وحدته الباطنة المنكشفة
باسم السلام المؤمن المهيمن / بعز اسمك العزيز الأمكن
بقوة الجبار فوق الممكن / بالمتكبر الأعز الأمتن
بالخالق البارئ للبدائع / مصور الأشكال والصنائع
غفار ذنب مسرف وطائع / قهار الاشياء بلا منازع
بحق وهاب العطا بلا غرض / رزاق مخلوقاته بلا عوض
فتاح أبواب الندى وما غمض / عليم ما أوجد جسما وعرض
بالقابض الباسط أصناف النعم / بالخافض الرافع منا وكرم
بعزة المعز من شاء وكم / أذل باسمه المذل من أمم
بالحكم العدل اللطيف بالعباد / وبالخبير بالمريد والمراد
وباسمك الحليم عن أهل الفساد / وباسمك العظيم قدرا لا يساد
باسمك الغفور بالشكور / باسمك العلي بالكبير
باسمك الحفيظ في المقدور / بحفظك استقامة الأمور
باسمك المقيت للنفوس / والروح والقلوب بالناموس
باسمك الحسيب يا أنيسي / في وحشة المعقول والمحسوس
باسم الجليل مظهر الجلال / باسم الكريم مظهر الجمال
وبالرقيب شاهد الأحوال / وبالمجيب لهجة السؤال
بسرود اسمك الودود / بجاه مجد هيبة المجيد
باسمك الباعث بالشهيد / بالحق بالوكيل للموجود
باسم الولي بالحميد المحصي / بالمبديء المعيد مالا نحصي
وباسمك المحيي المميت نصي / اليك في ضراعتي ونقصي
باسمك الماجد باسم الواجد / بمظهر الوحدة اسم الواحد
بالأحد المشهود في المشاهد / بالصمد المغيث كل صامد
باسمك المقدم المؤخر / بالأول الآخر بعد الفطر
بالظاهر النور بوجه الأثر / بالباطن الذات عن المستر
باسمك الوالي صنوف ما خلق / بالمتعالي جده رب الفلق
باسمك البر المبر المرتزق / توبك يا تواب للتواب حق
باسم العفو بالرؤوف المقسط / باسمك الغني مغني المفرط
في الذنب والصالح والمفرط / بالمانع الحافظ في التورط
بالنور بالهادي البديع الباقي / بالوارث الرشيد بالخلاق
باسم الصبور صادق الميثاق / يمهلنا وما سواه الواقي
باسمك الأعلى إله الآلهه / باسمك هو ذكر القلوب الوالهه
باسمك أنت لهجة المواجهه / باسم أنا علوت عن مشابهه
بكلمة الاخلاص حصنك الحصين / بحق توحيدك حبلك المتين
بكل سر لك في الغيب خزين / بحق ذكر أهلك المقربين
بحق ما أنزلت من كلامكا / بحق ما أفهمت من الهامكا
بحق ما دل على إعظامكا / بحق ما تعلم من ثنائكا
بدعوات رسلك المطهره / بدعوات الأولياء الخيره
بحق اذكار الكرام البرره / بكل ما تجزى عليه المغفره
بالصلوات الطيبات أوألُ / بالباقيات الصالحات أسأل
بالكلم الطيب لي معول / بكل ما ترضاه مني أمثل
بحق ذكور نورك المحمدي / ببركات النفس المحمدي
بسر فيض المدد المحمدي / بنفخات روحك المحمدي
بقربات المصطفى محمد / بسبحاته مع التمجد
بماله في مصدر ومورد / من رتبة ومشهد ومدد
بقلبه بروحه بنفسه / بعلمه بسره بقدسه
بسبقه ليومه وأمسه / بنجمه ببدره بشمسه
بالمعنويات التي بها انطوى / وبالخصوصات التي لها احتوى
بعرش زلفاه الذي فيه استوى / يا فالق الحب وفالق النوى
بجاهه بقربه بقدره / بأمره بفتحه بنصره
بجده بعزمه بصبره / بحوله بغلبه بقهره
بحرصه على جميع الأمه / بكشفه لمعضلات الغمه
كم أزمة فرج بعد الأزمه / ما خاب من لاذ به وأمه
بشرعه المقدس النور المبين / بما تلقاه عن الروح الأمين
ومن تجلى رحمة للعالمين / فعم بالرحمة في دنيا ودين
بما اختصصته به من الهبه / ومن لدنياتك المغيبه
ومن كمال لا يوازيه شبه / ومن مقامات له ومرتبه
بهديه بسمته بهيبته / بفضله بوصله برأفته
بمعجزاته بغلب حجته / بحبه وحفظه لأمته
بنسله بآله المطهرين / بصحبه بالخلفاء الراشدين
بأهل بدر سادة المجاهدين / بأهل أحد المتقين الصالحين
بحمزة الشهيد عم المصطفى / بعمه العباس معدن الوفا
بجعفر الطيار نور الشرفا / بابن عباس امام من صفا
ببيعة العقبة الموزره / ببيعة الرضوان تحت الشجره
ومن وفى بعده ووقره / ففاز منك بالرضا والمغفره
بعبدك الصديق ذي المعية / صاحبه في الغار يوم الهجرة
بعمر الفاروق عدل السيرة / من كاد أن يفوز بالنبوة
بكل من بشره بالجنة / بكل من تابعه في السنه
بكل من لم ينغمس في الفتنة / ولم يغيره طروق المحنه
والتابعين لهمُ بإحسان / وكل من نورته بالايمان
وكل من أخلصته بالعرفان / وكل من أدبته بالقرآن
بالأمة الخير الشهيدة الوسط / بما لها عندك من خير الخطط
بكونها لكل رحمة فرط / كل مكلف لفضلها غبط
بالسادة الابدال بالأقطاب / بالسادة الأفراد بالأحباب
وبرجال الغيب بالانجاب / بالنقباء الطهر الأطياب
بدرجات الأزكياء السالكين / وبمقامات نفوس العارفين
وبقلوب الأولياء الواصلين / بالخلفاء منهم والمرشدين
بعلماء الدين أهل العمل / وبالأئمة السراة الكمل
بكل عبد لك في الغيب ولي / من أي أمة لأي الرسل
بالأنبياء بجميع رسلك / بالملأ الأعلى من اصناف الملك
بحاملي العرش بسالكي الفلك / بالعرش بالكرسي ربي أسألك
أدعوك يا ربي بما دعوت به / وكل ما تحب أن تسأل به
وكل ما تجيب من دعاك به / معتقداً لكل ما أمرت به
ملأت قلبي منك خوفا ورجا / جعلت حسن الظن فيك معرجا
فاجعل لنا من كل أمر مخرجا / وحاجتي ربي النجا فيمن نجا
أهم حاجاتي اليك المغفره / وان أكن ضيعت فرض المعذره
صحيفتي بالسيئات موقره / وليس عندي حسنة مؤثره
نعم بتوحيدي اليك ازلف / وان أكن في قيد ذنبي أرسف
بتوبتي في حوبتي أسوف / أسرف في الذنب وأنت تلطف
غفرانك اللهم أهل المغفره / ليست ذنوبي عنك بالمستتره
علمت مني توبة مستشعره / فاجعل الهي توبتي مكفره
غفرانك اللهم ذنبي كرما / وجهت وجهي حنيفا مسلما
قد اعترفت باكتسابي المأثما / اخفي وأبدي أوبة وندما
أعظمت في خلافك الجريره / وساءت السيرة والسريره
وانطمست من الهوى البصيره / ما للهوى ونفسي الأسيره
أبوء بالخطة من اسرافيه / وأنت بالنعمة لي والعافيه
لا أستحي منك على خلافيه / وأنت لا تخفى عليك الخافيه
نظرتك اللهم ربي نظرتك / علمت دحضي وعلمت حجتك
لا وجه لي إلا التماسي رحمتك / بروحها أنال ربي توبتك
لزتني الورطة منها في قرن / وحجبتني عنك ويلات الفتن
أخبط في الغي على غير سنن / وأنت تدعوني وتدني لي المنن
هذا اعترافي واقترافي أعظم / خدمته وبئس ما أقدم
ومن خطيئاتي ما لا أعلم / أحصاه في اللوح علي القلم
أعرض نفسي لعظيم الحلم / معترفا بخستي وظلمي
على يقين وثبات علم / بأن حلم الله فوق جرمي
حاشاك أن يقنط منك المسرف / وقد أتاك تائبا يعترف
ما هو مقدار الذي اقترف / في حلمك الذي به تتصف
من شأنك العفو عن الجرائم / من شأنك الصفح عن المآثم
وسعت كل محسن وظالم / أين مفر موقر المظالم
قدمت نفسي رافعا كلتى يدي / مستسلما لله لا أملك شي
فان تعذب فلك العدل علي / أو تعف عني فلك الفضل علي
اعترفت نفسي بعجز قدرها / اعترفت نفسي بأصل فقرها
ولي شئون أستحي من ذكرها / لما جنته من عظيم وزرها
احطت علما بشؤوني كلها / والعجز بي عن عقدها وحلها
وحالتي وفقرها وذلها / وأنت حسبي وكفى لنيلها
ادقعني الفقر وأنت الشاهد / وأنت ذو الطول الغني الواجد
بيدك الفضل ومنك الوارد / وكل موجود سواك نافد
فتحت أبوابك بالمواهب / منا على الخلق بغير واجب
فكلهم في بسطة الرغائب / كفاية وحسبة من واهب
خزنت بحر الرزق في الأسباب / وقد علمت حكمة الأكساب
والرزق تحت قسمة الوهاب / اخرج كل مدد من باب
أقمتني في سبب معوق / أستنطف الرزق من المرتزق
ما تحت وسع الله من مضيق / ما ضاق بي فضل غناك المطلق
ما نفدت خزائن الكريم / والفيض من احسانه القديم
ما قل وجد الملك القيوم / يا مخرج الموجود من معدوم
جميع الأسباب تقتطعت بي / والسبب الموصول فضل ربي
حسن افتقاري طيبات كسبي / والعمد الفتاح حسبي حسبي
ذريعتي جودك وافتقاري / وترك تدبيري واختياري
وخالص التفويض في الأطوار / وعلمك المحيط باضطراري
حاشاك عن طردي وقطع الأمل / لما علمت من قبيح العمل
أنت ولي الحمد والتفضل / جودا الهيا ولطف مجمل
حاشاك عن طردي وان ساء الأدب / لأي باب أم الى أين الهرب
منك اليك والتدابير نصب / تدبر الأمر وتنشئ السبب
لو جد جد الهمم المدبره / ردت إلى قسمتك المقدرة
كل قوي تدبيرنا منحصره / في قبضة الرب على ما قدره
ما قدر شكواي وما تعلقى / أي مقام لي في التخلق
يبلغ ما يبلغه تحققي / برحمة الله الغني المطلق
اني عن حق الدعاء اعجز / اطنب في تملقي أو أوجز
لكنها خصاصة تنجز / تعلمها مني وأنت المنجز
قد مسني الضر وأنت أرحم / وأنت باضر الهي أعلم
تهين من تهينه وتكرم / من يقصد العبد ومن يسترحم
مالك كفؤ وبك الكفايه / وقد رأيت موضع الشكايه
فانظر إلي نظر العنايه / من بدء أحوالي إلى النهايه
ان تنظر اللهم تنظر مسلما / أو تعطني تعط فقيرا معدما
لم يلف في الكون سواك مكرما / ولا من الخير لديه مقسما
قد ردني الكون إلى المكون / لم أر شيئا اذ فتحت أعيني
ومثل ما لم أره لم يرني / وانما أشهد ما أشهدتني
شهدت اطواري في كف الصفه / شهدت قيومية مصرفه
شهدت كل الحادثات موقفه / شاهدة بعجزها معترفه
شهدت معبودي بي حفيا / أوجد نفسي بشرا سويا
واسبغ النعمة لي مليا / كم ملأت يداه لي يديا
أنشلني اللهم من هذا الدرك / انقذني اللهم من هذا الشرك
ما فعل الفقر ترى وما ترك / ولست أشكو يا الهي قدرك
ما حيلة البائس إلا المسألة / وأن تراه صادقا تبتله
بوقفة يصلح فيها عمله / لوجهك الكريم يلقى أمله
مولاي قد علمت صدق المدعى / وحيلتي مولاي لهجة الدعا
دعوتني وأنت خير من دعا / فلا تدعني سيدي مودعا
ان كانت اللهجة مني كاذبه / وسيئاتي لمرادي حاجبه
فهذه البأساء ربي لازبه / فالطف وألطافك ربي جاذبه
باساء لا يقوى لها تجلدي / وأنت من ورائها بمرصد
يا فاتح الوهب وباسط اليد / يا قاسم الرزق مفيض المدد
أنت لها فجلها بعارفه / أرسل فيها سيدي لطائفه
عقدة سوء ادهشت محالي / عيل بها صبري وضاقت حالي
فأذن لها يا رب بانحلال / وأذن لألطافك في أحوالي
مشعر احسانك ربي مزدلف / وفيك لي من كل فائت خلف
قد انتهيت عن جميع المقترف / ان ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف
مكني اللهم في خير مقام / في الدين والدنيا وبلغني المرام
ورد أحزاب أعاديك الطغام / بغيظهم عنا وحدهم بانتقام
ليسوا بمعجزين في الأرض وما / كان لهم من دون ربي أوليا
ضاعف لهم من العذاب والشقا / معجلا ما عجزت عنه القوى
اليك وجهي يا عظيم المن / لا أعلم القاطع الا مني
خلقك عن خلقك ليست تغني / لا يملكون كشف ضر عني
لا أحذر السوء بأي موطن / وقد تقلدت سلاح المؤمن
يا حامي الجار حماك مأمني / من تتولى نصره لم يوهن
فوضت أمري كله اليكا / معتمدا في وجهتي عليكا
استنجح الأمال من لديكا / واستمد الخير من يديكا
بارك بيمناك على حياتي / وخذ اليك خالص التفاتي
لا تلقيَني بين مهلكاتي / ما النصر إلا من لديك آت
وهبتني الذكر كما أجريته / هب لي به نجاة من أنجيته
ووقني النار كمن وقيته / من تدخل النار فقد أخزيته
سمعت من نادى للايمان وقد / أمنت لا أعدل بالله أحد
بحق الايمان بغفرانك جد / معاذك اللهم من خزي الأبد
وآتنا وعدا على رسلك تم / لا تحزنا يوم القيام في الأمم
لا تخلف الميعاد ما قلت انحتم / ولا تضيع عملا فيك ولم
وهذه انابة افتقاري / جامعة لمنتهى أوطاري
وجل قصدي يا عزيز الجار / رضاك والجنة خير دار
ان وقع الدين وحالي مبلس / وطولب الدَين البئيس المفلس
لسان حجتي هناك أخرس / نعم من الرحمة لست أيأس
ان فاتني حظي من حسن العمل / ما فاتني حظي من حسن الأمل
والعمل الصالح كيفما كمل / كما له بفضله عز وجل
ما هو فضل العبد في أعماله / الا اذا نظرت في كماله
بك البلاغ الصرف في آماله / ماذا عساه بالغا بحاله
يا رب لا تترك صلاحا يبتغى / الا اليه كنت لي مبلغا
واجعل معاشي خالصا مفرغا / لله في طاعته مستفرغا
يا رب خذ بي في رضاك مأخذا / يا رب واعصمني من كل أذى
لا يجد الشيطان عندي منفذا / لست أرى الا الهي منقذا
رب وارزقني حسن الخاتمه / يا رب اسعدنا بحسن الخاتمه
توفني رب بحسن الخاتمه / يا رب وفقنا لحسن الخاتمه
وصل يا رب وسلم أبدا / فوق الرضاء ليس يحصى عددا
خص به رسولنا محمدا / والآل والصحب ومن به اهتدى
معاهد تذكاري سقتك الغمائم
معاهد تذكاري سقتك الغمائم / ملثا متى يقلع تلته سواجم
تعاهدك الانواء سح بعاقه / فسوحك خضر والوهاد خضارم
إذا أجفلت وطفاء حنت حنينها / على قنن الأوعار وطف روازم
ولا برحت تلك الرياض نواضرا / تضمخها طيب السلام النسائم
تصافحها بالزاكيات أكفها / فيحسب فيها والرياض تراجم
معاهد شط البعد بيني وبينها / وحل بقلبي برحمها المتقادم
تزاحم في روعي لها شوق واله / وصبر وآن الصبر أن لا يزاحم
اذا لاح برق سابقته مدامعي / وليت انطفاء البرق للغرب عاصم
لئن خانني دهري بشحط معاهدي / فقلبي برغم الشحط فيهن هائم
وان هيام القلب فيها وقد نأت / وسائل في شرع الهوى ولوازم
فيا لفؤادي ما التباريح والجوى / فعلن إذا ازدادت عليه اللوائم
على ان ذكر النفس عهدا ومعهدا / امض بها مما تمج الأراقم
خليلي في أعشار قلبي بقية / اضن بها ان ناوحتها الحمائم
خذا عللاني عن أحاديث جيرتي / فاني بحب القوم ولهان هائم
ولا تسلما عقلي الى هيمانه / فذكرهم عندي رقى وتمائم
نزحت وفي نفسي شجون نوازع / اليهم ونازعت الأسى وهو خائم
فكم جعلت نفسي تطالب صبرها / بنصر فيأبى الصبر الا التناوم
يقوم فيعروه التياع مبرح / فينكص وهناً فهو يقظان نائم
على غردان الايك مني تحية / كما هيمنت ريح الصبا والبشائم
أثارت رسيسا في الفؤاد بما شدت / ففاض به من ماء جفني راسم
خليلي ما تذكار ليلى لبانتي / أقامت بنجد أو حوتها التهائم
ولا ربعها العافي عليه تناوحت / صبا ودبور أو بكته الغمائم
تهادى به الآرام والعفو رتُعا / كما تتهادى البهكنات النواعم
ولا شفني حب لغيداء كاعب / كما ارتاع خشف في الخميلة باغم
ولكن شجاني معهد بان أهله / فبان الهدى في أثرهم والمكارم
توشح منهم بالنجوم فمذهوت / تعمت على أهل البلاد المعالم
تمادت به العلياء ترفع شأوه / بما أثلث فيه السراة الأكرام
لعمري لنعم المعهد المهتدى به / وقد ملأ الدنيا ظلام وظالم
هو المعهد الميمون أرضا وأمة / وان زمجرت للجور حينا زمازم
هو المعهد الممطور بالرحمة التي / سقت من امام المرسلين المراحم
سيكثر ورادا على الحوض أهله / اذا جاء يوم الحشر والكل هائم
لقد صدقوا المختار من غير رؤية / وتكذيب جل الشاهدين مقاوم
أولئك قومي باركتهم وأرضهم / بدعوة خير العالمين المكارم
ومن شعب الايمان حب يشفني / تجاذبه تلك الديار الكرائم
عقدت بها أنس الحياة وطيبها / وان شردت بي للبعاد هوازم
ولو صارفتني في محبتها الدنا / رضيت بها منها وما أنا نادم
واني ولبس الدهر جلدة أجرب / تجاهي وآمالي محال محارم
ومر الليالي كالحات عوابسا / علي كأني للكوارث جارم
تجشمني والصبر بيني وبينها / أفاعيلها فيمن عدته المآتم
وحنكي صروف الدهر حتى تبلدت / وأبصرت ما أخفين والجو قاتم
وأعجزني أن أستطيع مطالبي / من الله ما لم تمتلكه العزائم
لأعلم أن الخطب يصبح آزما / ويمسي قد انحلت عراه الأوازم
الى كم يلز الدهر نفسي بلية / ويقطعني عما تريد العظائم
وما جشأت حينها لهول ينوبها / ولكن من الأقدار مالا يقاوم
أحاول أمرا لونبا السيف دونه / لما عيب والأقدار عنه تصادم
أيغمدني كالسيف دهري عن العلى / وما حُمدت قبل الفعال الصوارم
وما همة المقدام الا مضاضة / اذا منعتها عن مناها الشكائم
أيكبت همي خامدا غير حامد / له العدل أمرا وهو في النفس جاحم
وأصبر نفسا مرة لاذمارها / حمته ولا انقضت عليه اللهاذم
ويقدح زند الروع من زاد همه / كهمي وأقوى ما لزندي ضارم
كفى حزنا أن أحسو الموت ليس في / جناحي خواف للعلى وقوادم
ويركب ظهر الروع حر غشمشم / ويقطعني عما امتطاه القوائم
ويأتدم العداء لحمي مهنئا / وما مرئت للصائدين الضراغم
ائن لفجت كفي بتشتيت طولها / الى حيث احساب الرجال تزاحم
يلم علي الدهر اعزاق سوقه / سفاها كما التفت علي السماسم
أيهزل هذا الدهر أم جد جده / وهل سروات المجد فيه مغانم
وهل عرقه وجه السري نقيبة / تزين وهل بخس الكرام مكارم
أينهض أهل الله والحق عندهم / ونصري محصور وهمي عاسم
وما ورق الدنيا مراعي عزيمتي / اذا أمرعت روض الدنايا العزائم
وفي النفس هم فضفض الصدر لاعج / تساور ادراكي مداه الصيالم
وأطول ما أقضي به أقصر المنى / خيال اصطبار بينها لو يلازم
فيالهفا اما قضيت وما قضت / حقوق معاليها الهموم العوارم
وما النازع المقصود فارق أرضه / يحن وفي شد الحبال القوائم
إذا لاح برق نازع الحبل سادما / فيكبو على اللبات والحبل لازم
بأوسع حزنا من بقية مهجتي / وان قلت اني الصابر المتحازم
أفارق في أفريقيا عمر عاجز / وبي كيس كالطود في النفس جائم
كأني كهيم الطبع أو قاصر الوفا / أو الخصم مظلوم أو الحق ظالم
وتسري سيوف الله في جنب خصمه / بايمان أمجاد وسيفي نائم
تجردها لله أسد أبية / توادد في ديانها وتصارم
وترمي بقايا الصالحين نجيعها / فتمسحها حور الجنان النواعم
ويغنم أهل (النهروان) شهادة / وما هي الا طعنة فالمغانم
يبيعون دنياهم بمرضاة ربهم / وان لامهم في مطلب الحق لائم
واقعد مخشوشا على مبرك الونى / ويحكمني عن غاية القوم حاكم
أليس احتساء الموت أحجى بحالتي / على أن بيني والمنايا تلازم
ينادي لاحدى الحسنيين مؤذن / واقعد عن تأذينه أتصامم
أدون فتوح النصر ترضى دنية / وهل في سوى الفردوس يخلد نائم
وهل حمدت في الأرض بعد (محمد) / وأصحابه الا الشراة الصماصم
وهل فاز بالعلياء الا مصمم / تهون لديه المزعجات الجسائم
اليكم أسود الله مني تحية / يمور بها فلك وتحدو رواسم
اليكم صناديد الغبيراء مدحة / لها في ذرى السبع الطباق دعائم
اليكم ليوث الاستقامة مدحة / لها في الكروبيين قدر مزاحم
أخذتم بأمر الله قلبا وقالبا / وشاهدكم نصر من الله قائم
وكافحتم عن عزة الدين خصمها / فعزت وأس العز تلك الملاحم
وقام لأبناء الحنيفة معقل / بنته لهم تلك القنا والصوارم
وقمتم بحكم القسط حتى تشعشعت / بأنواره بيد الفلا والعواصم
وصادرتم الأخطار في نصر ربكم / وهانت عليكم في الجهاد العظائم
ضمنتم قيام العدل لله حسبة / فقام بحمد الله والجور راغم
ذكرتم عهود الصالحين واحدقت / بوائق دهر نكرها متفاقم
فآثر تم ما آثرت سنة الهدى / وغيرتم بالسيف ما الله ناقم
على الأمر بالمعروف والنهي منكم / عن المنكر اشتدت لديكم شكائم
عرتكم لأخذ الحق لله غيرة / فآضت بفتح والثواب المغانم
وقفتم وسيل الظلم طام وطالما / بأزمائها باتت لنصر حوائم
فباء بحمد الله بالخزي خاسئا / لداهية تنقد منها الحيازم
وابتم وحد السيف بالعدل بارق / يبشر أن الحتف للظلم داهم
نعم ثبتت أقدامكم وقلوبكم / فولت أمام الحق تلك المظالم
وخابت أماني البغاة مهيضة / وقامت على قرن الشقاق المآتم
وأصبح سيف الله في كف دولة / لها مدد من ذي الجلال وعاصم
فما خام عنها غير نكس منافق / كما قام فيها أروع النفس حازم
وأصبح سلطان الشريعة ثابتا / له عمد في تخته ودعائم
على بيضة الاسلام قر أساسه / وطائره فوق السماكين حائم
وكانت ( عمان) الجور ملء أهابها / مجامل غفلا ليس فيها معالم
فأشرق نور الله في عرصاتها / الى أن أضاءت من سناها العوالم
وكانت حميات الرجال تحزبت / فأصبح كالعقد الشتيت العماعم
وصار جهاد المعتدين مشاعرا / يحج اليها المقسطون الأعاظم
منظمة ألبابهم وسيوفهم / ونياتهم والحق للكل ناظم
يؤلفهم ايمانهم واحتسابهم / كمؤتلف الأنصار والدخل عارم
فجمعهم فرد وفردهم به / غناء إذا كرَّ اللهام الخضارم
هنيئا للأهل الحق صدق انتصارهم / ويقظتهم في الله والدهر نائم
وفوا بوصايا الله في السخط والرضا / كراما وأفعال الكرام كرائم
فما حصروا في موقف الحق لمحة / ولا وسعوا ما ضيقته المحارم
ولا ختلبتهم زهرة العيش في الهوى / ولا زينتهم في المخاري العمائم
ولا حسدوا من نعمة الله ذرة / اذ الفضل مقسوم وذو الفضل قاسم
ولا احتقروا ذا القدر في منصب التقى / ولو زهدت للفقر فيه العوالم
ولا داهنوا في الدين من أجل مطمع / يسيل به أنف من الكبر وارم
تراموا على القرآن شربا بمائه / فأصدرهم والكل ريان هائم
مقدسة ألبابهم ونفوسهم / وأفعالهم والمنتحى والعزائم
لهم قدم في الاستقامة ثابت / وهمّ على الاخلاص لله قائم
وأيد عن الدنيا قصار قواصر / وفوق أعاديهم طوال قواصم
تمر بهم حالان للبؤس والرخا / وفيهم على الحالين وقر ملازم
ومن أذهلته طاعة الله أثرت / عليه فلم يحفل بحال تصادم
بأنفسهم شأن الى الله وجهه / شديد القوى تنبو عليه الصوارم
تجاذبهم وجهان وجه من الرجا / نضير ووجه بالمخافة ساهم
اذا خالفوا فالمسك طارت به الصبا / وان أفضلوا فهي اللجاج العيالم
وان حاربوا تستبشر الحرب منهم / لأن قراهم للحروب الملاحم
لهم في سبيل الله جد ونجدة / وثبت لكبات الوغى وصرائم
واقدام ضرغام اذا البهم أحجمت / وصخت بأذان النجوم الهماهم
وتشبيههم بالأسد تقريب ناعت / وشتان أقمار الهدى والبهائم
لقد وثبوا حياهم الله وثبة / رمى الكفر منها المخزيات القواصم
وشدوا بعزم الرسل لله غيرة / على قدر أهل العزم تأتي العزائم
فباءوا ونور القسط للجور باهر / عزيز وتيجان الضلال مناسم
وللحق أعناق البغاة خواضع / واذرعهم في بطشهن معاصم
وأبطال خيل الله تحكي أهلة / من الظفر الميمون منها المباسم
وألوية التحكيم تنشر عزها / وتدعو الى حكم به الله حاكم
وفتح (امام المسلمين) وقهره / وسلطانه لا ينتحي عنه عاصم
وخيل جنود الله تصبح شُزَّبا / بثارات "عزان بن قيس" تصادم
ومن همها ثأر"الخليلي" انها / اذا ذكرته طيرتها العزائم
أتذهب ادراج الرياح دماؤه / ولا كدم العصفور ما فيه قائم
وتعبث فعل الرافضي بوجهه / ولألاء ذاك الوجه في العرش ناجم
ويدفن حيا لا جريمة تقتضى / سوى أنه بالحق لله قائم
أليس من الغم المميت وقوعها / وطرف ولي الثأر في الأمن نائم
وتنسى قلوب المؤمنين مصابة / وللآن منه في السماء مآتم
ألا فاغضبي يا غارة الله ولتقم / نوادبه سمر القنا والصوارم
ولا تتركي ثأر المرزء حبرنا / " سعيد بن خلفان" لمن هو خائم
فان خام عنه وارتضى الضيم ملبا / وسالم فالأيمان ليس بسالم
ليحتكمن الله أخذا بثأره / ويعجز عند الاحتكام المقاوم
فلا تحسبوا أن الدماء مضاعة / اذا سفكتها في هواها المظالم
وان ضيعتها أهلها فحقوقها / يغار لها للعدل بالقسط قائم
خذي يا خيول الله في كل مرصد / بحملة غيظ تتقيها الصلادم
ولا تتناسي سيرة الحبر "صالح" / فسيرته للمهتدين معالم
قضى دهره لله محتسبا له / ومات شهيداً والقذائف ساجم
وما ساءني أن أكرم الله وجهه / بموت رجاه الطيبون الأكارم
تأسى بقوم بالشهادة أكرموا / لهم موطن في جنة الخلد دائم
وما قصرته همة عن مقامهم / الى أن تولى والتراث المكارم
فهل عند "عيسى" أن يقوم مقامه / وهل عنده أن القعود محارم
وهل عنده أن الجهاد فريضة / وقد وضح الامكان والخصم خائم
وهل عنده أن المقدر كائن / وان وقوع الحتف بالمرء لازم
وهل عنده أن المعالي صعبة ال / مراقي وأهلوها السراة اللهامم
وهل عنده أن الحدود تعطلت / وان حقوق المسلمين عنائم
وهل عنده أن المناهي أكرمت / وناب أعادي الله في العرف آزم
وهل عنده للاستقامة نصرة / وقد هجمت للقاسطين الهواجم
وهل عند "عيسى" أن للفرض عادة / قديمة ذكر جددتها المقادم
وفرض على ذي الفرض عادة فرضه / اذا لزمت حامي الذمار اللوازم
فدى لك نفسي يا ابن" صالح" قم بها / فانك للسيف الأباضي قائم
تجرد لها واذكر وقائع "صالح" / ودونك أسلاف كرام ضراغم
وخذ من قلوب المؤمنين بشعبة / فان قلوب المؤمنين صوارم
أناديك للجلى وأنت شهابها / وقمقامها ان أعوزتها القماقم
فخذ من "امام المسلمين" بضبعه / فمثلك من تدعو الأمور العظائم
ولا تلق للتنفيذ أذنا فانه / له بيعة صدق وقدر ملازم
وأنت بأحكام الامام وحقه / عليك وأحكام الولاية عالم
وقد أمكنتكم فرصة لقيامكم / وكم رامها من قبل ذا الوقت رائم
فلا تهملوها بعد أن جد جدها / وقام بها حسب الشريعة قائم
ألا فالزموها سنة وجماعة / وقد طالما حنت اليها العوالم
وعضوا عليها بالنواخذ جهدكم / ففيها بدايات الهدى والخواتم
يكن جهدكم فيها دليلا لنهضة / لأزكى صفات الصطفين تلائم
وان لكم فيمن هدى الله أسوة / وان هداكم للعباد معالم
وانكم للصالحات أدلة / وانكم للمرتقين سلالم
وان للأباضيين في الأرض حجة / على الناس ذي جهل ومن هو عالم
وان الذي وفى بشرعة دينكم / ومات عليهم فهو لا شك سالم
وان أمام المسلمين على هدى / مخالفة باغ على الحق ظالم
امامته حق وفرض اتباعه / على ساكني المصر العماني لازم
وان الذي وفى بطاعة أمره / ولي والا فالعدو المخاصم
وهذا اعتقاد فوق كل مكلف / له من أصول الدين قطعا دعائم
لقد شكر الله الذين تعاونوا / على البر والتقوى وفي الله قاوموا
وحسب الامام المهتدي من كرامة / بأن قام والدنيا جميعا تراغم
ومن يكن المنصور من عند ربه / وقاومه المخلوق ذل المقاوم
امام الهدى أن ينتضي الدين سيفه / فأنت له حد ونصل وقائم
أبرر فيك الحمد واللسن أخرس / وأبسط فيك المدح والعي واقم
واسترشد الأفكار فيك فأنثني / بأوضح أفهامي كأني واهم
وهيهات لم تبلغ بدائع مدحتي / لفضلك الا حيث تعي التراجم
وانى لما أرضى لمدحك كاره / لأنك للدنيا جميعا مصارم
ولكن حر القول ينحو مقره / كما أن للتيجان تنحو اليتائم
وما انتقي التمجيد فيك وانما / إليك اهتدى حر الكلام الملائم
يسابق فيك الحمد قبل انتقاده / وهذا لأن الحمد فيه مكارم
ولست بأقصى الحمد فيك مموها / الى العرض الفاني بشعري أزاحم
ولكن رأيت الله يمدح أهله / ومن فضله بدء العطا والخواتم
هداهم اليه ثم أثنى عليهم / وذلك في احسانه متلازم
وحمد ولي الله عين ولاية / وتوقيره فيض من الله ساجم
فكل رجائي بالثناء عليكم / ذخائر عند الله لي ومغانم
وأسنى حظوظي أن أوفق معية / وحب الى يوم القيامة دائم
فان محب القوم لا ريب منهم / قسيمهم ان مغنم أو مغارم
أحاول فوزا من حياتي بقربكم / يراعي وسيفي والنهى لك خادم
وانى لدهر صدني عنك شانئ / وحتى متى من صرفه أنا واجم
ادبر حزم الرأي في حل قيده / وهيهات أعيا منه عي وحازم
واني أشيم البرق من حيث نفعه / وانك أجدى بارق أنا شائم
وسرك بالتفريج أوحى مؤمل / وان سدت الأبواب دوني البوازم
فصل يا ولي الله وصلي بخطرة / على القلب لا تبقى عليها الأوازم
فان قلوب الأولياء فواعل / لا بحر نور الله فيها تلاطم
محل تجلي الحق مشكاة نوره / له وسعت اذ لم تسعه العوالم
فلا بدع من تأثيرها حيث أثرت / ولو حييت منها العظام الرمائم
واني بحمد الله فيك لمخلص / ولو خاصمتني في الولاء الخواصم
ومالي وللأعداء جاشت صدورهم / وغصت بما تحوي الصدور الحلاقم
على أنني واليت في الله أهله / وعاديت من نيطت عليه المآثم
ومن لهم أن أخذل الحق ظالما / ويظفر مني بالولاية ظالم
وهذا محال لا ينالون نيله / ولو ضغمت جسمي عليه الضياغم
"يديرونني عن سالم وأريغه" / وجلدة بين العين والأنف سالم
ولو نصبوا جسمي وجروا جيوشهم / لرفع حياتي لم ترعني الجوازم
وما آنس الأعداء مني هشاشة / أبى الله لا حيث تدعو المكارم
وكم عجموا عودي على الدين فانثنت / كلالا عن المر الصليب العواجم
ولولا المقادير التي عزت القوى / وما اكتسبت مني الخطوب الغواشم
نذرت حياتي تحت ظل لوائه / وأحرزت خصلي اذ تحز الغلاصم
ولم يك قسمي غير ضربة قاضب / اذا قسمت فوق الفروق الصوارم
أو الطعنة النجلاء ترمي نجيعها / تفوز بها مني الطلى واللهازم
وتلك لعمر الله أبخس قيمة / لرضوان ربي يوم تعطى المقاسم
بحب (أمير المؤمنين ابن راشد) / أدين وأنف الخصم خزيان راغم
محبة من باع الضلالة بالهدى / يبيع ويشري مؤمنا ويساوم
محبة من لا يتقي الموت مسلما / يحارب في دين الهدى ويسالم
إليكم عباد الله مني نصيحة / يبررها قول من الله جازم
أحقاً تقاعدتم بها وهي دينكم / وخارت عن العز المقيم العزائم
أحقا ًعباد الله بعض سيوفكم / لدعوة أهل الاستقامة حاسم
أحقا عباد الله بعض قواكم / لقوة عباد الصليب دعائم
أفي عزة الطاغوت يشهر مؤمن / حساما وتهوي في أخيه اللهاذم
أحقا عباد الله أن خياركم / تناصب قوام الهدى وتقاوم
سيوفكم يا قوم سيفان خاذل / لحق وسيف في المحقين خازم
أيهدم ألف ما بنى الفرد منكم / وكيف بناء الفرد والألف هادم
ويا أسفا أن تهشم العقر فتنة / زبون وتزجيها رجال معاصم
عرفناهم بالخير حينا فمذ بدت / سرائرهم لم تبد الا الأراقم
نصبتهم الدنيا فكانوا سباعها / وصيدهم منها الذميم المصارم
تمنيتم أن يظهر العدل لمحة / فلما بدا شدت عليه الضياغم
أفي العدل حيف أم من العدل ذلة / عليكم وكل العز للعدل لازم
وكيف يعادي العدل من همه التقى / ولكنه بغي بكم وتعاظم
هممتم بأمر والرزايا تنوشه / ويعقبها عدل من الله قاصم
فيا فتنة عظمى تحرشتم بها / تقضكم أنيابها والملاهم
فما تنتهي الا وللبغي صرعة / وحد حسام الله في البطل حاكم
وتنصر أهل الله غيرة ربهم / وأين اذا غار الاله المقاوم
ويعلو (امام المسلمين ) بعدله / عزيزا وميزان الحنيفة قائم
هزت العالم أدوار البشر
هزت العالم أدوار البشر / ينقضى الدور بأدوار أخر
كل دور رقص الدهر له / ضايق العالم وارتاد القمر
أيها العالم سعها جلدا / ان نصف الليل يتلوه السحر
من كفيل الكشف عن موضوعهم / هل له مستودع او مستقر
ان تكن فاسفة الدهر على / حدها الأول أدركنا الخير
يسقط الهز علينا كسفا / ثم لا يلبث اسقاط الحجر
ربما أشهد ظبيا كانسا / دب فيه الدور فاصطاد النمر
يا بني الانسان هل من عزمكم / دفع ما يجري به حكم القدر
ما تقرون على مألوفكم / كل ما يعجزكم عين الوطر
لو نغمت ناغية في زحل / كانت الهم لكم أو تعتقر
همسة عالية أم نهمة / أم شرور النفس ترمي بالشرر
يطفر الانسان عن مركزه / وهو لا يبرح من حيث طفر
مارس الاعراض كيف اعترضت / وانتحى أخطرها أنى خطر
ثم لا يثنيه عن مرغوبه / خطة العجز ولا هول الغير
فاذا أوهاه خطب جلل / قصر الخطوة عنه واقتصر
كم لنا نتقن درسا واحدا / وهو كون الدهر ذا نصب وجر
كم لنا نأمن من لا يتقى / نزلت من مكره احدى الكبر
كم لنا نحذر محتوم القضا / ومن المقدور لا يغني الحذر
رب خطب عُني الدهر به / وزنه في رأينا مثقال ذر
دبت الحية حتى نهست / في غصون العدل جهرا بعد سر
ما تركناها وفي أوهامنا / انها قد تركت ذاك الضرر
انما العدل اقتضى ابقاءها / تشرب الماء وتعتام الشجر
يا قطين النيل ما حادثة / بات جفن الدين منها في سهر
اقلقت مصر وغاظت غيرها / خطة القبط وذاك المؤتمر
يا لقومي والأسى كل الأسى / ان جرى النيل على هذا القدر
ضايقوكم في المراعي مطلقا / واشرأبوا لاختصاص واشر
طلبوا اعظم من مقدارهم / شأن من اكسبه العدل البطر
امة قومية ليس لها / في السياسيات حق يعتبر
ليت شعري ما الذي ابطرهم / ضغطة الرومان أم عدل عمر
أم وصايا المصطفى في حقهم / ان ملكناهم وسعناهم ببر
أم لصفح الدين عنهم بعدما / جيش نابليون ولانا الدبر
تبعوا نعقته وانجلفوا / نحوه اشباه ضان وبقر
ثم لما صنع الله لنا / وجلى الخصم وابنا بالظفر
خالطونا بضمير محرق / وبصدر فيه ضب محتجر
فاصطنعناهم وقلنا جارنا / واذى الجار جميل المصطبر
هذه سيرتهم حيث انجلت / قترة جاؤوا بادهى وامر
يا بني الاقباط تلكم مصرنا / انتم البنك ونحن المقتهر
ان هذا النيل أم حافل / كلنا يرضع منها ويذر
فغدت حافلنا ترضعها / حية اشبه شيء بسقر
رضعتها لبنا ثم دما / واغتبطنا بمشاش ووبر
وهي لا يقنعها ما ترتمي / لا ولا يقنعها بلع الحجر
ذكرتنا بعصا موسى على / ان ذي تلقف أرواح البشر
نبلنا في الغرب يجري ذهبا / وبقينا نترامى في الحفر
أن يكن جيش احتلال غركم / فهي امنية من لا يفتكر
ما يريد الجيش باستقلالكم / بعدما القى عصاه واستقر
عقد النير وما في همته / آمن المصري يوما أم كفر
جاء والمعية تلوى معيه / فامترى ثم تعاطى فعقر
طمت الجرفة يا اقباطها / انها مأدبة لا تنتقر
اصبح المطران والمسلم في / غمرها اعجاز نخل منقعر
قد تدربتم على بأوائكم / دربة قاسية ذات خطر
فاشعبوا الوحدة وحيا قبل ان / تتداعى كهشيم المحتظر
ان في مصر رجالا عرفت / كيف تأتي الأمر أو كيف تذر
لا تبارون لهم مأثرة / ولو احتلتم على كسف القمر
صعدوا في كل هم فكرهم / فاقتنوا حكم ابتداء وخبر
اثر الحكمة فيهم نير / كادت الأفلاك منه تنبهر
مثلوا غيرتهم مؤتمرا / ينصر الله ونعم المؤتمر
وطئوا الآمال بالدرك لما / ادركوه من تعاليم النظر
لا يبيتون على الضيم ولا / حيرة الذهن اذا الخطب انفجر
لا يهيمون بواد مبهم / هم الى التحقيق اهدى من بصر
يا بني التوحيد في مصر لقد / صرتم في جبهة الدهر غرر
صبغة الله على نهضتكم / ان من كان مع الله انتصر
بيئة مخلصة صادقة / لم يدنسها رياء واشر
فخذوا وجهتكم واصطبروا / لا ينال النجح الا من صبر
ثابروا جهدكم لا تسأموا / قد بدوا لي فتح أمر منتظر
ربما ضاق على حيلتنا / اعقب الفتح كلمح بالبصر
واذا الفتح تلافى أمة / جدّ في نهضتها أهل الخطر
صفوة الأمة انتم وعلى / أمركم صفوة ارباب النظر
بطل الاسلام قمقام العلى / رجل المجد الهمام المقتدر
ناصع الحجة معصوم النهى / جلد الهمة ذو العزم الذمر
صاحب العز رياض من غدت / فطرة التوحيد منه في وزر
هضبة الفضل عزيز المحتمى / شانه العدل بما ساء وسر
جرد الغيرة من اجفانها / فحمى الحق واخزى من غدر
عصم النحلة مرهوب السطى / لين الجانب صعب المنكسر
يا حمي الانف يا ليث الشرى / ذد عن الحوض فقد جد الحذر
لا تدع مصر لمن يعثو بها / غير ما عزك من أمر القدر
قائم انت على ارجائها / بملاك الأمر والحق الاغر
قم بحول الله لا تحفل بها / رقصت ام سكنت أم العبر
لو يكون الشعر نصرا لم أزل / انظم الانجم لا ارضى الدرر
لو ملكنا السيف لم نرجع الى / قلم في النصر ان قام عثر
والغيور الحر يبدي نصره / لأخي ملته كيف قدر
فخذوا شعري ثناء بعدما / مدحت نهضتكم آي السور
وليدم حيا رياض وليعش / ثابت العزة هذا المؤتمر
تلك ربوع الحي في سفح النقا
تلك ربوع الحي في سفح النقا / تلوح كالاطلال من جد البلى
أخنى عليها المرزمان حقبة / وعاثت الشمأل فيها والصبا
موحشة إلا كناس اعفر / ومجثم الرأل وافحوص القطا
عرج عليها والها لعلها / تريح شيئا من تباريح الجوى
نسألها ما فعلت قطانها / مذ باينوها ارتبعوا أي الحشا
هيهات أقوت لا مبين عنهم / لمحتف بشأنهم غير الصدى
تربع الآنس من أرجائها / واستأنست بها الظباء والها
فقف بنا عند غصون بانها / نشاطر الورق البكاء والأسى
بحيث اهريق بقايا دمعتي / واتبع النفس اذا الدمع انقضى
ان من الحق على مدامعي / ان تسبق السحب على ربع عفا
عهدي بدمعي طاعة ادكارهم / وبفؤادي أن دعا العذل عصى
وما قوفي عند بان نبتت / غصونه بين الضلوع والحشا
لولا علاقات هوى تحكمت / في رمق عاش على مثل الصلا
دعني أبكي دمنا تغيرت / وأطبق الجفن بها على القذى
واذكر الإلف الذي كان بها / وكيف شطت بهم عنها النوى
لم يبق فيها أثر لهم سوى / عيارة الخيل ومركز القنا
لتسرح البرحة في براحها / فانها قد بلغت رأس المدى
لطالما أطلحتها سارية / تمزع في الدو ولا مزع الطلا
يعملة قد أخذت سلاحها / من حقب يزينها على الونى
روعاء ترمي مقلتيها حذرا / بين عزيف وعواء وصدى
زيافة تحوذ في تجليحها / لا فرق ما بين الدماث والكدى
تخلف الريح تكوس خلفها / كأنها أعارت الريح الحفا
كأنها من حقب منحب / في سدفة الليل هلال قد خوى
كأنما تطير من لغامها / سرب ثغام فوق خيطان الغضا
بلبها البرق كأن سائقا / يزجها نحا بأسواط السنا
اذا استطار أرزمت رازفة / تواضخ الخال بأجواز الفلا
كأنما البرق لها أجنحة / اذا رأته حلقت الى السهى
أقول للبرق وقد أرقني / لهيبه أعلىثنيات الحمى
سقيت أجراز البلاد فارتوت / وحظ قلبي منك الهاب الجذى
خل نعاماك تداجي مهجتي / فانها محروقة من الجوى
اهفو الى روح النسيم راجيا / اطفاء ما بالقلب من حر الصلا
أعلل الشوق يصادي كبدي / نفح شميم الزهر من تلك الربى
فكان من حيث الشفاء علتي / ورى زناد الشوق من ذاك النثا
وربما منيت نفسي طيفهم / وهو حلال لي ان حل الكرى
ولو قصدت هفوة بحبهم / أو كنت من عاهدهم فما وفى
أرسلت طرفي رائدا لدهشة / بربعهم تذهلني عن الأسى
هيهات لا تمنعني طلولهم / وسانحات ذكرهم الا الضنى
ولو تركت واجبات حبهم / أو صدف الهجر غرامي والقلى
أو تركت لي كبدا صحيحه / أو جلد الحر على قرع النوى
لكان لي على الطول وقفة / أبريء النفس بها من الهوى
لكن لي قلبا عرته سكرة / ما ضل في غمارها ولا غوى
وعاش في صبابة تعمده / مال اليها عامدا فما ارعوى
اسلو بمن أهواهم وان نأوا / وكيف يسلو دنف بمن نأى
وكيفما خامرني الحب فما / قلت رشادي يا ترى أين وخى
ليعمل الحب بنفسي ما يرى / ان ضلالي بهوى القوم هدى
ما زال بي مع الهوى تبصر / ينتقد الحب على شرط الحجا
ليت النهي مع الهوى تثبنت / راسخة فيها عزائم التقى
لو ارعوت مع الغرام نهية / لم يعبث الحب بأحلام النهى
اعمد ممن ضللته صبوة / وبين فوديه ضياء ابن جلا
لربما يهفو التصابي بالفتى / وماله وهفوة اذا عتا
اذا تباشير مشيب وضحت / لم تعذر المرء متى ولا عسى
وفي الصبا معتبة وزاجر / فكيف بالشيب اذا العود انحنى
وكيف بالشيب اذا تقاربت / خطاه أن يقصر في الجد الخطى
يبادر الكيس أخرى عمره / فيرقع الخرق ويوثق العرى
اذا تولى أمد موقت / لم يبق للرجعة منه مرتجى
وكل ما تلبسه من جدة / يعروه من كر الجديدين البلى
ليس الجديدان وقد تباريا / في حربنا يرضيهما منا الفدا
حتى يثلا معهدا ومعهدا / ويمضيا ثم على الدنيا العفا
لقد بلوت الدهر في عفوته / فكدر الصفو وجد ما عقى
وكان ما اجتبيت في صروفه / بالصبر أجدى من تفارق العصا
وساءني الفائت اذ اكسبني / كنزا من الصبر وفوزا بالرضا
جبلة الدهر خؤون حول / ما راش في عافية إلا برى
محافظ الثبت على طباعه / حتى يحول الآل بحرا في الملا
لا يستقيل عثرة من ندم / ولا يقبل من به الحظ كبا
فاصحبه ذا عزم على علاته / تزجي الهموم للعلى على الوجا
مستحقب الصبر على مراسه / حرا سليم العرض من سوء النثا
تبلد الخطب اذا جالدته / بمرة تبسه بس السفا
محجب البث رحيبا شامخا / من رقة الشكوى وسورة الجفا
ان هزك الممض هز طوده / أو هزك الهول فسيف منتضى
توسعه مريرة ويتقي / من جدها ما تبقى من الردى
لا تعرف النكبة منك جولة / تخذو لها خذو مقودات البرى
تصارع الأخطار غير ضارع / لطورها الأعصم ساخ أو رسا
تحس كل حادث بسيفه / فان نبا حينا فأحيانا مضى
لا تعجل الأمر أمام وقته / ولا تفته حيث آن بالونى
وان تعارضك اثنتان فاتخذ / أولاهما بالحق وانبذ الهوى
ان القوي من ثنى شرته / ومن اذا مال الى النفس انتهى
والعقل والحق يحرران من / رق الهوى ويدعوان للعلا
وشر ما صاحب مرء جهله / مطية فارهة الى الردى
ومن تكن عادته طادية / بالسوء هد مجده بما طدا
أني أصون صفحتي مقتنعا / بما يطف من علالات الحسى
انبو والهوب أواري ساعيا / عن مشرب أشربه على القذى
يحمي الكريم عرضه ويحتمي / ان يرد الآجن من كل الركى
لم التفاني في براض آسن / لا يرتجى من نبضه بل الصدى
ولا أقامني طمعا مقادرا / ولست ولاجا بأسواء القمى
كي لا ترى عين خسيس موقفي / ببابه منتظرا من الجدا
في ظلف العيش على قناعة / تظلف للعرض عن السوء غنى
ومطعم تهافتت ذبانه / قضم الهبيد منه أحلى في اللها
ما أضيع النبل اذا تطاولت / خساسة العرق عليه بالحبى
حسبك عيش ماجد على الرضا / بما منى الله به من المنى
ما أقذر العرض يلب عاذبا / برأسه الى لئيم المنتحى
حتى بغاث الطير تسمو أنفا / عن مشروب تخزى به لمنتضى
آليت لا تعلو يدي يد أمرء / يسلفها اللؤم ويطغيها الغنى
ولا أرى وجهي ناظرا الى / وجه يحق أن يحيا بالحثى
وعيشة تمنها خساسة / أشد عندي قذرا من الوغى
قناعه المرء بما يمنى له / من حظه في عيشه خير المنى
ولا أذود الحظ عن طريقه / فالسيل حظ للوهاد لا الربى
ولا أبات شاكعا من حسد / قد هيأ الله لكل ما كفى
في قسمة الله وفي ضمانه / وفي اقتناع الرزق غايات الرضا
اذا سنا الله لعبد نعمة / فواجب العبد الرضا بما سنا
ففيم يصلى حاسد ضميره / والحظ والأرزاق تقدير مضى
فافطن لاقسام الحظوظ انها / قضية عادلة بين الورى
سوية وان تكن تمايزت / حالة ذي عدم وحال من ثرى
لم يظلم القاسم محروما ولا / كل سعيد بالثراء محتظى
ما سرني من الثراء وفره / ان كان بين اللؤم والحرص نما
اذا نفته هكذا وهكذا / صنائع في أهلها فقد زكى
فانهب المال حقائق العلا / وفك من أسر الزمان المهتدى
ما بليت موهبة في حقها / ووعد ما ضن به الحرص البلى
فربما تحسبه وضيعة / في متجر الفضل به الريح نما
عقائل المال اذا أطلقتها / خلدت الذكرى وأنت في الثرى
ما الحق الله بنفس حوبة / تحوبت من شحها بالمقتنى
أذل أعناق الرجال حرصهم / لاتستقيم عزة على الكدى
حتى متى كأسي ريق حية / ومطعمي من زمني مر الجنى
أطالب الدهر حقوقا كلها / كبارح الأروى منيعات الذرى
أقطع آمالي بما في بعضه / أكبر من كاف لدرك المبتغى
كأن تطلابي أمرا ممكنا / أصعب من أمر محال المرتجى
لست على الحمد من الأمر اذا / غالطته خلابة فيما أتى
آتيه نصا فاذا خادعني / فوضتها الله يقضي ما قضى
والخب لا تصحبه فضيلة / ولو إلى النجم بدهيه غلا
ان وسه الدهر احتمال عاجز / فهو سلاحي وتلادي المجتبى
ينفق في اهانتي صروفه / وانفق العزم وانفاقي زكى
ذنبي اليه جنفي عن لؤمه / وقدرتي على احتمال ما حنى
وانني الحتف على لئامه / انكأ في حلوقهم من الشجى
أذود عن حريتي بحقها / واجهد النصر لحر مبتلى
وانني لا اعرف الحد لما / استطيع أن أنجزه من العلى
وانني لا ابطل الجهد الى / حد سكوني بين أطباق الثرى
وانني أدرك أن عازما / مثابرا يدرك غايات المنى
وانني في محن ساورتها / علمت ما جهلته من الورى
وان في حسن التدابير غنى / عن خدع وهو عماد من وهى
وانني لا أستثير سيئا / ولا أسيئ دفعه اذا عنى
ولا أداجي مالئا وذامه / علي غيظا بفقاعات النثا
ولا أحاجي ملقا ذا ظاهر / يشف لي ظاهره عما انطوى
مالي وجهان ولا ثلاثه / إن لم اكن حلوا أكن مر الجنى
تلك وما يفضلها خصائصي / وليسها عند الزمان ترتضى
أرى الحياة كلها ذميمة / وخيرها وشرقها الى مدى
يحبها المرء على آفاتها / وتظهر الآفة عند المنتهى
يعيش لاتندى صفاة كفه / يخزن للوارث كل ما اصطفى
لا تربح الدنيا بشح وافتقد / ما أوضع الجامع من خلد الغنى
نهب فيها هبة فتنسري / وكلنا مرتهن بما أتى
يفوز فيها كيس بربه / أمامه الرشد بمنهاج الهدى
فاستخلص المجهود في تخليصها / من ورطة الذنب واشراك الهوى
وانتهز الفرصة في استدراكها / أوامر الله وما عنه نهى
ان لها عدوا الى غاياتها / والحد وافاك ودربك انقضى
لاتهملن ذرة في عبث / فلست متروكا كما شئت سدى
تودع الأنفاس لا تبكي لها / ورجع ما ودعته لا يرتجى
والكل منها راحل ببضعة / من أجل مقدر على شفا
وآخر الأنفاس يرجو وقته / فهل ترى تأخيره اذا دنى
وربما فكرت في تأخيره / يكون أدنى لك من فكر الحجى
فودع الباقي منها مخلصا / بالباقيات الصالحات في اللقا
دراكها مبادرا دراكها / فالأجل المعدود للعمر خلا
أما ترق لحياة أوذنت / بغصة الموت وهول الملتقى
ارحم حياة طلحت بوزرها / في حمل ذر منه ايهان القوى
لو قرصتها ذرة تألمت / فكيف بالنار الى غير مدى
حتى متى تنصبني أمنية / في نصرة الله فتعدوني المنى
كأنني مكبل في شرك / يزداد في الشد اذا قلت وهى
أشاطر النجم السهاد ساريا / فيغرب النجم وعيني في السرى
كأن أفعى نهشت حشاشتي / من لازب الهم وتلهاب الحشا
أذكى من النار بقلبي زفرة / يخرجها المظلوم من حر الأسا
محترق الأكباد من حسرته / لاغوث لا منصف لا يلوي الى
أنفاسه تطرق باب العرش لا / تطرق بابا غيره ولا ذرى
وعبرة تسفحها أرملة / كالخلق السحق اصارها الضوى
شعثاء غبراء عليها ذلة / مهضومة الحق عديمة الحمى
وصفرة على يتيم شاحب / ادقعه الفقر واشواه الضنى
مفترسا على العفا اديمه / وهل له عافية على العفا
يغدو ويمسي ضاحيا تحت السما / كأنه عود خلال أو خلا
وضربة من سيف باغ نهكت / وجه تقي مثل تشهاق العفا
وسطوة من ظالم شباته / اقتل الاسلام من حد الظبى
يتنهك الحرمة لا تريغه / ضريبة من كرم ولا تقى
يرى عيال الله صيد قوسه / يترك ما شاء وما شاء رمى
جاس البلاد بالبلاء طاميا / فبز حتى بلغ السيل الزبى
وغيرة المؤمن في ضميره / يطفئها الخوف ويطغيها الأسى
يهان في حريمه وعرضه / ودينه وماله مثل اللقا
حامي الحميا مرس لكنه / شرارة في ضرر لا ما عدا
ما نتفع الغيرة في مكمنها / والسيف في قرابه لا ينتضى
حتى تكر الخيل كشفا ساقطا / تهوي هوي العاصفات في الوغى
تجمز جمزا بالكماة شزبا / عوابسا شمسا كسيدان الغضى
هوازجا غربا لجاجا ضبعا / غمر الأجاري بعيدات الشحا
في فلق حالكة أركانه / يجلل الأرض الدجى راد الضحى
مجر لهام أرعن هطلع / غمر دخاس لجب صعب الذرى
يقل في الجو عجاجا لو هوى / عليه رضوى لم يصل الى الثرى
تعشش العقبان في أحضانه / وتنشط الوحش اليه للخلا
لولا بروق المشرفيات به / لم يهتد الجيش الأمام والقفا
تضطرم الأرض بما تقدحه / سنابك الجرد وتقراع الشبا
يخلط غورا بيفاع وقعه / فالأرض في بطن رحاه كاللها
تلتحم الشكه في رعاله / فالجيش في بحر حديد قد طغى
مزجر الوغر له زمازم / زهاؤه الليل اذا الليل عسا
بكل صنديد عتيك داغر / مهول الكبة شداد السطى
يستحقب الحتف ويشهى حينه / ان يكن الحتف انتصارا ً للهدى
تهوى النسور سيفه ورمحه / لما يتيحان لها من القرى
يصدع قلب الروع في عزيمة / أسرع من برق واورى من لظى
كأنها جرازه من قلبه / لا ينتحي ضريبة الا فرى
مجرس مضرس ممارس / يمترس الخطب اذا الخطب شحا
على سراة شامس مطهم / معترق في جريه عبل الشوى
يخترق الحومة في وطيسها / يعارض الهول ويعتام الردى
كأنه صاعقة منقضة / لوصلك في خطفته الطود ثرى
محتمشا مضطغنا صمصامة / يحوش أكداس الرعال كالقطا
أخلصه الصقل شهابا قبسا / وكمن الموت به على الشبا
يفضفض الجحفل باهتزازة / منه ويجتز الاشم إن هوى
يشفعه بلهذم سطامه / أعصل رقشاء على الحتف انطوى
في مأزق بين كمي قد دمى / يحشرج الروح وضرغام شصى
يسوط فيه فيلقا بفيلق / كما يسوط البهم ضرغام الشرى
بهذه الخطة نشفي غيظنا / ان كان بالسيف أخو الغيظ اشتفى
بهذه الخطة نرضي ربنا / ان كان فينا طالب منه الرضا
بهذه الخطة نبتاع العلى / في الدين والدنيا ونستوفي المنى
بهذه الخطة نرقى سلبا / لغاية حض عليها ودعا
أين رجال الله ما شأنكم / الى متى في ديننا نرضى الدنا
الى متى نعجز عن حقوقنا / الى متى يسومنا الضيم العدا
كنا أباة الضيم لا يقدح في / صفاتنا الذل ونقدح الصفا
كنا حماة الأنف لا يطمع في / ذروتنا الطامع في نيل الذرى
لا يطرق الوهن عماد مجدنا / وكم ثللنا عرش مجد فكبا
على م صرنا سوقة إمعة / اتبع من ظل واقتى من عصا
ما أفظع الشنار أو يزيله / ضرب يزيل الهام من فوق الطلى
الى متى نخزى ولا يؤلمنا / كالميت لا يؤلمه حز الشبا
أذل من وتد حمار فيهم / وقدرنا أقصر من ظفر القطا
الى متى نهطع في طاعتهم / ونتقي وليتها تجدي التقى
الى متى نهرع في أذنابهم / لا ملتجى لا منتهى لا منتحى
الى متى يعرقنا نكيرهم / وجورهم وكفرهم عرق المدى
الى متى تقضمنا أضراسهم / الى متى نحن لهم عبد العصا
الى متى تعركنا أحكامهم / الى متى الى متى الى متى
أين محب الله فينا صادقا / لو صدق الحب لهان المختشى
لا ينتهي اذ نفست قروانها / محارم الليل الى العزم اللقا
أين ذوو الغيرة من لي بهم / قد حزب الأمر قد انقد السلا
اتسع الخرق على راقعه / من يشعب الوهى ويرتق الثأى
أما شعرتم أنها داهية / شعواء لا فصية منها بالولى
هبوا من النومات ان حية / تنباع ما بين شراسيف الحشا
حتى على الموت الزؤام نومكم / وليته موت على حفظ الحمى
قد استباحوا حرمان دينكم / ومنعوا الأرض الحياة والحبا
تحكموا في ملككم ورزقكم / وكبسوا البئر وقطعوا الرشا
منوا عليكم بغذاء طفلكم / وحسوة الماء ونفحة الصبا
وأزعجوكم عن ظلال ريفكم / وليتكم لن تزعجوا عن الفلا
وضايقوكم في بلاد ربكم / حتى على مدفن ميت في الثرى
لا يرقبون فيكم الا ولا / ذمة دين أو ذمام من رعى
قد سفكت دماؤكم وانتهكت / حرمتكم ولا حشا ولا خلا
نقعد يشكو بعضنا لبعضنا / وما مفاد من شكا ومن بكى
في بعض هذا غصة لعاقل / لو رجعت أفكارنا الى النهى
يسومنا الخسف خسيس ناقص / لا دين لا حكمة لا فضل ولا
أليس مما يذهل اللب له / عسف الطواغيت بشرع المصطفى
وحملنا على اتباع غيهم / مصيبة لحرها ذاب الحصى
هب ملكنا ورزقنا فيئً لهم / فديننا الأقدس فيئ وجزى
لله ما أفظعها داهية / لو عوفيت قلوبنا من العمى
فيا صباحاه وهل من سامع / لصرختي وهل يجيب من دعا
قد ذبح الملك وهذا دمه / ومدية الذابح في نحر الهدى
وأصبح استقلالكم فريسة / بين كلاب النار يا أسد الشرى
أليس عارا أن نعيش أمة / مثل اللقا أو غرضا لمن رمى
يلفنا الخزي الى أوكاره / ويحكم النذل علينا ما يرى
أنشرب الماء القراح ما بنا / من مضض وليس بالحلق شجا
ونهنأ العيش على اكداره / وتطعم الأجفان لذات الكرى
وجنبنا جنب صدئ صاغر / والسيف حران الحشا من الصدى
كم نظلم السيف بمنع حقه / أما يجازى ظالم بما جنى
ان السيوف طبعت لحقها / وحقها تحكيمها على الطلى
والسيف شهم لا يفيت حقه / أصدق من جد وأكفى من كفى
والسيف حر لا يقر خازيا / يصول ان ضيم وان صال اشتقى
والسيف لا يرضى الذليل صاحبا / ان الذليل بالشنار مكتوى
والسيف جلاء المخازي آخذ / بضبع من يكرمه الى العلى
والسيف مفتاح اذا تضايقت / على الهمام الحر آراء النهى
والسيف كالصدق من الرجال ما / هززته لخطة الا مضى
والسيف في عزومه مؤيد / ان شد سد وتقاضى وقضى
والسيف ذو نقيبة في أمره / ثبت على العلات ميمون الخطى
والسيف أقضى بالحقوق حاكما / أوفر حق ما به السيف أتى
والسيف أوفى صاحب رافقته / ان خانك الدهر وأهله وفى
والسيف فيه فرج معجل / ان الغموم بالسيوف تجتلى
والسيف يعطيك الذي اشتهيته / ان توله من حقه كما اشتهى
ان السيوف عاهدت أربابها / بالمصدر الأقصى وتقريب القصا
هن فحول الحرب منها لقحت / وهن يقتدن الفحول بالبرى
والمجد حيث أبرقت وأرعدت / ينبت من ساعته ويرتعى
ما بالنا نحصنها عقائلا / من المقاصير عليهن الحلى
أين بنو الآسلام ما يعجزنا / والعزة الكر بحومات الوغى
أين بنو القرآن هل ثبطكم / كتابكم عن الجهاد للعدى
أين غطاريف الجلاد بالظبى / أين مشائيم الطعان بالقنا
أين بنو التوحيد لو صدقتم / توحيدكم ما رقص الشرك على
أين بنو الأحرار ما سكونكم / والملك والدين حريب والحرى
كم ذا يناغيكم مبير خادع / أطرق كرى ان النعام في القرى
فجشموه جشما وبيلة / أو تهصروا العظم وتنزعوا الشوى
هلم شدوا شدة قاصمة / مريضة الشمس حمية الوحا
ثبوا الى الموت كراما واندبوا / عزائما تسعر تسعار الصلا
ان ضرابا بالصفاح خطة / ترد ما فات وترسي ما هفا
قدآن للاحرام ان نحله / وتنحر الهدي على رأس الصفا
قدآن لصائم وقت فطره / لطالما ارمض بالصوم الحشا
قد آن للوضوء أن ننقضه / بالسافح الثائر فرصاد الكلى
نقر احلاس البيوت خشعا / أبصارنا مغمضة عما دهى
ندرس تأريخ الالى تقدموا / وحسبنا الله تعالى وكفى
ان العظام لا تؤاتي شرفا / ولا أقاصيص الوغى تكفي الوغى
والسلف الصالح سل سيفه / وكان ما كان له ثم انقضى
تلك الرفات طينة صالحة / لغارس وحارث ومن بنى
أتبحثون بينها عن عزة / أوفي لعل فرجا أوفي عسى
تلكم إذاً أمنية مخلفة / وضيعة العقل وجهل وعمى
لنا صفاح ولها سوابق / لكننا نصفح عن سبق العلى
والمجد لا يملك عن وراثة / لكن بتحطيم الشبا على الشبا
عز على ما اثلت عهودها / كسب المعالي واندفاع ما عنا
ولو تقلدنا فعال أهلها / لم يعبث الفأر بهيصار الشرى
نعيش في هينمة بذكرهم / يعقبها واها وانى ومتى
نعم لهم سوابق لكنها / لا تنعش الجد إذ الجد كبا
معصومة الذروة لا يبلغها / الا همام باللهاميم اقتدى
اذا اتكلنا قعددا عليهم / لم يسلم المجد اذا من الأذى
شدوا الحزيم للهوادي فانثنت / ودوخوا بالعزم صعب المرتقى
واحمشوا الحرب اباء ضيمها / بل هم لها متى ذكت عين الذكا
هم علموا الدهر مراس قرنه / ثم انتهى بعد المراس مهتدى
هم علموا السيف مضاء عزمهم / فهو قرين عزمهم حيث انتوى
هم أدهشوا الهول بما يهوله / فانكفأ الهول شكيا بالضوى
هم شيدوا المجد بما ابيض به / فود عوادي دهرهم حتى غطا
هم عقدوا بالعز عين همهم / فلا تداني ذلة لهم حمى
لا يطرق الضيم عزيز ركنهم / ولا يضام عائذ به احتمى
هم أسبغوا للمكرمات دهرهم / فدهرهم للمكرمات في طوى
هم أجدبوا سوحهم من وفرهم / وهم لأرض الله غيث وحيا
هم أنضبوا غدرانهم بجودهم / وفجروا في الناس ينبوع الغنى
هم وسعوا الكون حلوما وهدى / وصائلا ونائلا ومجتدى
هم أمجدوا وانجدوا وأوجدوا / وأفقدوا وطولوا الباع الوزى
هم جردوا وشردوا وطردوا / وأوعدوا وأوردوا بحر الجدى
هم لكبات الخميس حدها / وجدها وشدها والمحتمى
هم اذا الخيل ارتجحن بحرها / في مأزق الروع تراموا للردى
أولئك القوم وصيت فخرهم / ان كان في أسماعكم ذاك الوحا
أسلافنا ومالنا من مجدهم / الاحديث بعدهم لا يفترى
لم التحجي بعدهم في شرف / عند رفات القوم في الأرض حجا
نرفع منا أنفسنا وننتخي / كأنها من كسبنا تلك النخا
نصحبهن أنفسنا مثقلة / بطيئة تحمل أوقار الونى
تعزف عن مضوفة إذا عنت / مجفلة عن المضاف ان دعا
الا نفوس عزم عارفة / لهن جأش ان طمى الهول رسا
الاشدا في أنفس أبية / يصبرها على مقاساة الشدا
تشفع احسابا زكت بمثلها / لها بها أصله الأصل أسى
هلم فلنحذو حذو سعيهم / فليس للانسان الا ما سعى
ليسوا رجالا لا نطيق فعلهم / لكنهم جدوا وقصرنا الخطى
تناولت أكفنا سيوفهم / يا أسفا وعجزت عن السطى
ما انطمست من دوننا سبيلهم / قد نصبوا الأعلام فيها والصوى
ما كابدتنا خطة عن شأنهم / أفظع مما كابدوه فانفأى
هم غربوا وشرقوا وأيمنوا / وأشأموا ومهدوا لنا الذرى
وهم سروا بجدهم وجهدهم / فحمدوا صباحهم غب السرى
همو أقاموا سننا شامخة / تمثل الشهب ارتفاعا وسنا
هم أقدموا ارتجرد السراحيب لها / تعطش الصادى الى نار الوغى
تزفي الخميس جحفلا فجحفلا / مثل الدبور انجلفت عنها الطخى
ياهي مالي وعشيري ارملوا / معاقل العز وايتموا العلى
أين رجال الله أين غارهم / قد هدم الحوض ودمت الركى
أين الذين استخلصت شيمتهم / كأنها الدر اليتيم المنتقى
أين الذين محصت سيرتهم / مكدرات دهرهم حتى صفا
أين الذين عرجوا الى السما / أعني سماء العلم والدين الهدى
أين شموس الأرض أنى أفلت / وأبقت الناس على مثل الدجى
أين الخيار العائذ الكون بهم / وصفوة الصفوة من هذا الورى
أين ربيع الأرض أين غيثها / يا حربا لا غيثها ولا السدا
أين بقايا الله في عباده / ظنائن الله وقائذ التقى
أين أسود الغيل ماذا اغتالها / قد أسد الثعلب فينا وضرى
هيهات بعد القوم شدت رحلها / حمية الدين وصارت منتسى
أنشدها من مسجد فمعهد / فمنهج فمجمع فمنتدى
فلم أجد منشودتي في موضع / ثم حدست انها رهن الثرى
أرملة ناحت على أحرارها / ثم ثوت آسفة فيمن ثوى
اواه اواه رزئنا بعدهم / وليتنا في خلف عمن مضى
مافي الحمى من دافع ومتق / ما يعقب الخزي ولا من يتقى
قد ضاعت الحرمة بعد صونها / وشنت الغارة في عقر الحمى
وطرق الحي ذئاب جوه / ودعثر الزرب وخاس المرتعى
ادعوا رعاة الحي في قبورهم / ان سمع الميت دعاء من دعا
ادعوا لها الأموات اذ آيست من / احيائهم لعل فيهم من وعى
يا أيها الراعي انتبه فما بقي / حول المراعي ما ثغى وما رغى
يصخ صوتي مسمعا ومسمعا / لو كان من يزعجه هذا الندا
أصبح قومي جثة باردة / عي بها الطب وعيت الرقى
ما أثر النصح على ألبابهم / الا كآثار الحيا على الحصى
وما رسوخ الوعظ من قلوبهم / الا كما يرسخ في الصخر الصدى
ولا لاحرار الكلام عندهم / تكرمة ولا لحر مستوى
تنصحهم فتجتوى ديارهم / ان الكرام دارهم لا تجتوى
امحضهم نصائحا لو ذهبت / الى جماد ذاب أو ماء جسا
فتنثني نصائحي مكارها ً / يقرضها اللوم وينفيها القلى
سيدرك النصح لزاز محوذ / عزائم الرأي اذا لاح الجلا
لقد نفت عني الرجال شيمة / لو سكنتهم زلزلت قلب العدا
لكنني أعجز أن أفيتهم / تكذيبهم بينتي للمدعى
ان القلوب استشعرت جبلة / فتاركت أحلامها الى الهوى
ليس العصور الغر ان تكشفت / بحسنها هادية لمن غوى
كل امرئ بفعله معتبر / والسف بالشفرة يفضل العصا
فتحت عيني فرأيت غافلا / يحمله السيل وليته درى
ونائما والنار في جثمانه / كأنه جزل الغضى وما وعى
وراضيا بذلة مفتخرا / بأن يعيش خازيا ومزدرى
ومؤمنا مستضعفا يغمزه / ظالمه من الرجا الى الرجا
وعاقلا في رأيه متهما / وأرشد الآراء للحر الدوا
وحاسدا لنعمة تخاله / أسعر ما كان اذا قلت خبا
وبائعا لوطن فيه انتشى / بلقمة يلذها وهي الودى
فهل لنا استقامة وعزة / وحالنا مشؤومة كما نرى
وأغلب الناس الوفاء عندهم / مستهجن وعهدهم على شفا
يجرون في الأهواء لا تكبحهم / شكيمة عن دحل ولا هوى
وأدعياء الفضل ان دعوتهم / لغمرة الجلى تراموا للعرا
همهم في شهوات طبعهم / هم السوام في ارتياد المرتعى
سريهم من جمع المال ولو / أفلس من مروءة ومن حجى
اذا دعا المجد تفادى ناقصا / وان دعاه بذخ قال انا
لا يشرف اليوم بعقل مقتر / والسيد الأقعس من نال الغنى
فخذ من الغمر الدني رأيه / ان ملأ الكيس ودعه ان ضقا
تخاضعت له الرقاب عنوة / وان جست صفحته وان ظمى
عصائب الاسلام تلكم حالنا / وليس يخفى في الظلام ابن رجلا
ما تنظرون في التماس طبكم / قد نكأ الجرح وادنف الضنى
ليس لها الا التفاف قوة / بقوة ومقتدى بمقتدى
ليس لها الا نفوس طفئت / أضغانها واشتعلت فيها التقى
يلمها الايمان قلبا واحدا / وجهته الله وحشوة الهدى
اذا رمت فقوسها واحدة / وما رمت وانما الله رمى
دب اليكم داء من قبلكم / من حسد يسفعكم ومن قلى
فخلصوا الأنفس من أدوائها / فقل من مهما أصابته نجا
ولو تآلفتم على ايمانكم / وكانت الأوجه وجها ينتحى
ومحصت أنواره قلوبكم / فصفيت من فتنة ومن شذا
ضاق على الخصم الفضاء دونكم / وعزه الاركاس من حيث نزا
عسى الذي قدر ما يهولكم / يزيل باللطف الخفي ما عنا
ويمطر الروح على ربوعكم / فينضر الروض وان كان ذوى
مولاي أبشر لن تزال مجيدا
مولاي أبشر لن تزال مجيدا / حفظ الإله مقامك المحمودا
إقبال دهرك بالبشائر مؤذن / تزجي جدودا أشرقت وسعودا
نظرت إليك من السعادة عينها / فارفع يديك لتشكر المعبودا
وعد تحققه المشيئة قد أتى / ولسوف تعرف ذلك الموعودا
قرب الزمان وأشرقت أيامه / ليس الزمان بما أقول بعيدا
سترى العجائب مسرعات ترتمى / تحيي جهارا ميتا مفقودا
خذ الإشارة من لسان صادق / حتى تشاهد يومك المشهودا
و لقد أتيتك قبلها بإشارتي / وأظن أنك تذكر المعهودا
أبدى الزمان بما يكن ضميره / وترى زماناً بعد ذاك جديدا
أ خليفة الرحمان أيقن بالقضا / ليس القضا بحيله مردودا
يا من أضل بعيره بمضيعة / أبشر وجدت بعيرك المنشودا
فإذا انقضى خاء ودال بعدها / ألفان لام فارقب المعدودا
ستفور من قعر البحار جهنم / وتصير هاتيك البحار جليدا
ويعود مبيض السحائب أسودا / ترمي الأفاعي جندلا وحديدا
ستبيد خضراء الجراد فلا ترى / فوق البسيطة للجراد وجودا
فإذا انقضت يس طه بعدها / أسقطت بندا إذا رفعت بنودا
وإذا انقضت حاميم قام محمد / للاستقامة طالعا مسعودا
هذا كتابي قد تركت لذا الحجى / مفاتحه في قفله معقودا
وأراك فاتحة وخازن سره / عش في السعادة والجلال مجيدا
سميري وهل للمستهام سميرُ
سميري وهل للمستهام سميرُ / تنامُ وبرق الأبرقين سهيرُ
تمزقُ أحشاءَ الرباب نصاله / وقلبي بهاتيك النصال فطيرُ
تطايرَ مرفض الصحائف في المل / الهن انطواءٌ دائبٌ ونشورُ
يهلهل في الآفاق ريطا موردا / طوال الحواشي مكثهن قصيرُ
بمنتحبات مرزمات يحثها / حداءُ النعامى دمعهنُ غزيرُ
تنبه سميري نسأل البرق سقْيَهُ / لربع عفته شمأل ودَبورُ
ذكرت به عهداً حميداً قضيتهُ / وذو الحزن بالتذكار ويكَ أسيرُ
عهوداً على عين الرقيب اختلستها / ذوت روضة منها وجف غدير
متاعي رجع الطرف منها وكل ما / يسرك من عيش الزمان قصير
وبي من تباريح الجوى ما شجا الهوى / وذلك ما لا يدعيه ضمير
وفت لرسيس الحب بالصبر مهجتي / وما كل من شف الغرام صبور
إلا فما بالي وغور مدامع / ودمع التصابي لا يكاد يغور
أدهرى عميد الحب والعود ذابل / فهلا واملود الشباب نضير
عذير غوايات الغرام من الصبا / وما لغوايات المشيب عذير
وكل غرام قارن الشيب سوءة / وكل غرير في المشيب غرور
أبعد تباشير المشيب غواية / وللعقل منها زاجر ونذير
تناقلني عمران عمر قد انحنى / يشيب وعمر للشباب كسير
تناهت حياتي غير نزر على شفا / وذلك قدر لو نظرت يسير
صبابة عمر حشوها الغي والهوى / وهذا مقام بالتقاة جدير
تقضى ثمين العمر في نشوة الهوى / وحشو مزادي باطل وغرور
أألهو وقد نادى المنادي لمنتهى / إليه وإن طال المطال أصبر
وصبحان من عقل وشيب تنفسا / فذا مسفر هاد وذاك سفير
أأترك نفسي بعد ذا بيد الهوى / تسام كما جر الحمار جرير
وأوقرها شراً وفيها استطاعة / إلى الخير والناهي الرقيب غيور
وإني وإن سومت نفسي بمسرح / مراعيه سم ناقع وشرور
يطور لي الشيطان أطوار كيده / ونفسي له فيما يشاء نصير
فلست بمتروك سدى دون موقفي / على الغي عقبى أشرفت ومصير
سيوقفني من رقدة اللهو ناعب / يحط بمحتوم الردى ويطير
مقضي بي المحيا وجهلي مطيتي / وقائدها دنياي وهي غدور
أمان وأوهام وزخرف باطل / سراب بقيعان الفلاة يمور
محصلها بالكد والكدح راقب / لفوت وتفريق إليه تحور
فليس سديداً جمع هم لجمعها / ودائرة التفريق سوف تدور
سنتركها بالرغم وهي حبيبة / ورب حبيب للنفوس مبير
ومن عجيب ميل النفوس لعاجل / يحول على اكداره ويبور
وإسراعها في الغي إسراع آمن / وناقد أعمال العباد بصير
متى أقلعت عنا المنون وهل لنا / بغير طريق الغابرين عبور
أم الأمل الملهى براءة غافل / من الموت أم يوم المعاد يسير
أتمرح إن شاهدت نعشا لهالك / إليك أكف الحاملين تشير
ستركب ذاك المركب الوعر ساعة / إلى حيث سار الأولون تسير
نقى من غبار الأرض بيض ثيابنا / وتلك رفات الهالكين تطير
لي الويل هلا أرعوي عن مهالكي / أما في المنايا واعظ ونذير
أما في عويل النائحات مذكر / أم النوح حولي والبكاء صفير
أم الغارة الشعواء من أم قشعم / يشن أصيل هولها وبكور
على كل نفس غير نفسي رزؤها / ويمنعني منها حمى وستور
بلى سوف تغشاني متى حان حينها / فيعجز عنها ناصر وعشير
وتفجأني يوما وزادي خطيئة / واثم وحوب في الكتاب كبير
أرى الخطب صعبا والنفوس شحيحة / على زخرف فإن مداه قصير
وتلك ثمار الجهل والجهل مرتع / وخيم وداء للنفوس عقور
ولو حاولت نفس عن الشر نزعة / تنازعها طبع هناك خؤور
فزجت بها الآمال في غمراتها / إلى إن دهاها منكر ونكير
فثبطها تسويفها وهو قارض / لرمة اجال النفوس هصور
ودأب النفوس السوء من حيث طبعها / إذا لم يصنها للبصائر نور
بها ترتمي في الخسر آفات طبعها / خلائق توحيها الجبلة بور
تدارك وصايا الحق والصبر إنما / يفوز محق بالفلاح صبور
وخذ بكتاب الله حسبك إنه / دليل مبين للطريق خفير
فما ضل من كان القرآن دليله / ُوما خاب من سيرَ القرآن يسير
تمسك به في حالة السخط والرضا / وطهر به الآفات فهو طهور
وحارب به الشيطان والنفس تنتصر / فكافيك منه عاصم ونصير
دعيت لأمر ليس بالسهل فاجتهد / وسدد وقارب والطريق منير
وأسس على تقوى من الله توبة / نصوحا على قطب الكمال تدور
وزن صالح الأعمال بالخوف والرجا / هما جنة للصالحات وسور
وبالعدل والإحسان قم واستقم كما / أمرت وبادر فالمعاش قصير
وراقب وصايا الله سرا وجهرة / ففي كل نفس غفلة وفتور
وجرد على الاخلاص جدك في التقى / ففوقك بالشرك الخفي خبير
وثابر على المعروف كيف استطعته / ودع منكرات الأمر فهي ثبور
ومل حيث مال الحق والصدق واستبق / مليا إلى الخيرات حيث تصير
واخلص مع الجد اليقين فإنه / به تنضر الأعمال وهي بزور
وبالرتبة القصوى من الورع التبس / فللورع الدين الحنيف يحور
وكن في طريق الاستقامة حاذرا / كمين الاعادي فالشجاع حذور
يجوز طريق الاستقامة حازم / على حرب قطاع الطريق قدير
مراصدها شتى وفي كل مرصد / لخصمك حربٌ بالبوار تغور
فلا تخش ارهاقا وساور ليوثها / بعزم يفض الخطب وهو حسير
ورافق دليل العلم يهدك انه / طريق يحار العقل فيه وعير
وفعلك حد المستطاع من التقى / على غير علم ضيعة وغرور
فما زكت الطاعات إلا لمبصر / على نور علم في الطريق يسير
أتدخر الأعمال جهلا بوجهها / وأنت إلى علم هناك فقير
فيا طالب الله ائته من طريقه / وإلا فبالحرمان أنت جدير
فلست إذا لم تهتد الدرب واصلا / قبيلك في جهل السلوك دبير
وما العلم إلا ما أردت به التقى / وإلا فخطأ ما حملت كبير
فكم حامل علما في الجهل لو درى / سلامته مما إليه يصير
وما أنت بالعلم الغزير بمفلح / ومالك جد في التقاة غزير
وحسبك علما نافعا فرد حكمة / بها السر حي والجوارح نور
تعلم لوجه الله وأعمل لوجهه / وثق منه بالموعود فهو جدير
تعرض لتوفيق الإله بحبه / ودع ما سواه فالجميع قشور
هو الشأن بالتوفيق تزكو ثماره / ومتجره والله ليس يبور
كأي رأينا عالما ضل سعيه / وضل به جم هناك غفير
معارفه بحر ويصرف وجهه / إلى الباطل الخذلان وهو بصير
وأفلح بالتوفيق قوم نصيبهم / من العلم في رأي العيون حقير
وتلك حظوظ للإرادة فسمها / وحكمة من يختارنا ويخير
تحزبت الأحزاب بعد محمد / فكل إلى نهج رآه يصير
وقرت على الحق المبين عصابة / قليل وقل الأكرمين كثير
هم الوارثون المصطفى خير أمة / لمدحهم آي الكتاب تشير
أولئك قوم لا يزال ظهورهم / على الحق ما دام السماء تدور
على هضبات الاستقامة خيموا / إذا اعوج أقوام وضل نفير
تنافر عنهم رفض وخوارج / وحشوية حشو البلاد تمور
رأوا طرقا غير الهدى فتنافروا / إليها وبئست ضلة ونفور
لهم نصب من بدعة وزخارف / بها عكفوا ما للعقول شعور
تدعمهم أهواؤهم في هلاكهم / كما دع في ذل الأسار أسير
لأقوالهم صد وفيهم شقاشق / لهن ولا جدوى هناك هدير
دليلهم يهوي بهم في مضلة / وهم خلفه عمش العيون وعور
فيا أسفا للعلم يطمسه الهوى / ويا أسفا للقوم كيف أبيروا
أرى القوم ضلوا والدليل بحيرة / وللحق نور والصراط منير
سروا يخبطون الليل عميا تلفهم / شمائل من أهوائهم ودبور
يتيهون سكعا في المجاهل ما بهم / بمواطئ أخفاف المطي بصير
يقولون ما لا يعلمون وربما / على علمه بالشيء ضل خبير
ولو كان عين الحق منشود جهدهم / لما حال سد أو طوته ستور
نعم أبصروه حيث غرهم الهوى / فصدهم عنه هوى وغرور
أقاموا لهم من زخرف القول ظهرة / ذو للبطل فيما استظهروه ظهور
وفي زخرف القول إزدهاء لمن غوى / والهنة عن لب الصواب قشور
وفي البدع الخضر ابتهاج لأنفس / تدور بها الأهواء حيث تدور
نشاوى من الدعوى التي يعصرونها / وليس لبرهان هناك عصير
وما روقوه من رحيق مفوه / فذلك سم في الإناء خثير
يدرون أنواء الكلام وما بها / وراء ولا يطفي بهن هجير
وما كل طول في الكلام بطائل / ولا كل مقصور الكلام قصير
وما كل منطوق بليغ هداية / ولا كل زحار المياه نمير
وما كل موهوم الظنون حقائق / ولا كل مفهوم التعقل نور
وما كل مرئي البصائر حجة / ولا كل عقل بالصواب بصير
وما كل معلوم بحق ولا الذي / تقيل علما بالأحق جدير
ولكن نور الله وهب لحكمة / يصير مع التوفيق حيث يصير
وهدى الله حظ والحظوظ مقاسم / إلى مقتضى العلم القديم تحور
وليس اختيار الله في فيض نوره / بمكتسب أو تقتضيه أمور
وفي ظاهر الأقدار أسرار حكمة / طواهن من علم الغيوب ضمير
ارتنى هدى زيد وفي العلم قلة / وضلة عمرو والعلوم بحور
وذاك دليل ان لله أنفسا / عليها من اللطف الخفي ستور
ظواهراها بله وتحوي بواطنا / لدى علمها جنس الوجود حقير
عليها خدور من غبار غباوة / ولكنها تحت الخدور بدور
تجردن من لبس الخيالات وانطوى / عليهن ريش من هدى وشكير
سرين رياح الله تحدو ركابها / اليه وأنوار اليقين خفير
يغادرن فيه منزلا بعد منزل / يكاد بها الشوق الملح يطير
تدثرن خيل الله حتى بلغنه / وواحدها في العالمين دثور
وردن مياه النهر غرثى صوادئا / وليس لها حتى اللقاء صدور
اوانس في مرج الرجاء رواتع / وللخوف في احشائهن زفير
غسلن به احكام سهم واشعر / ودرن مع القرآن حيث يدور
نحرن عقيب الدار بازل ناكث / وأمس بصفين لهن هرير
فلو قدرتها هاشم حق قدرها / هشمن ابن صخر للحروب صخور
ولكن وهى رأى وخامت عزيمة / فحكم خصم واستبيح نصير
بني هاشم عمدا ثللتم عروشكم / وفي عبد شمس نجدة وظهور
على غير ذنب غير إنكار قسطهم / وللجور من نفس المحق نكير
قتلتم جنودا حكموا الله لا سوى / وقالوا علي لا سواه أمير
فيها لدماء في حروراء غودرت / تمور وأطباق السماء تمور
وانفس صديقين أزهقها الردى / وشقت عن التقوى لهن نحور
مخردلة الأشلاء للطير في الفلا / وهن بجنات النعيم طيور
على جنبات النهروان عقائر / كما وقيت بالمشعرين نذور
أبيد خيار المسلمين بضحوة / كما نحرت للميسرين جزور
يعجون بالتحكيم لله وحده / وهامهم تحت العجاج تطير
فيا أمة المختار هل فيك غيرة / فان محب الله فيه غيور
ويا ظهرة الإيمان هل فيك منعة / وهيهات عزت منعة وظهير
ويا لرجال الله أين محمد / وناصره بالنهروان عقير
ولو وقعة كانت بعين محمد / لما قر عينا أو يزول ثبير
فمن لصدور الخيل فوق صدورهم / ولله في تلك الصدور بحور
تطل دماء المؤمنين على الهدى / وخيل ابن صخر في البلاد تغير
ويعصى ابن عباس إذا لم شعثها / ويسمع فيها أشعت وجرير
على أن علت فوق الرماح مصاحف / ونادوا إلى حكم الكتاب نصير
مكيدة عمرو حيث رثت حباله / وكادت بحور القاسطين تغور
أبا حسن ذرها حكومة فاسق / جراحات بدر في حشاه تفور
أبا حسن اقدم فأنت على هدى / وأنت بغايات الغوي بصير
أبا حسن لا تعطين دنية / وأنت بسلطان القدير قدير
أبا حسن لاتنس أحدا وخندقا / وماجر عير قبلها ونفير
أبا حسن أين السوابق غودرت / وأنت أخوه والغدير غدير
أبا حسن إن تعطها اليوم لم تزل / يحل عراها فاجر ومبير
أبا حسن طلقتها لطليقها / وأنت بقيد الأشعري أسير
أتحبس خيل الله عن خيل خصمه / وسبعون ألفا فوقهن هصور
أثرها رعالا تنسف الشام نسفة / بثارات عمار لهن زفير
وصك ثغور القاسطين بقيلق / له مدد من ربه وظهير
فلم يبق الا غلوة أو تحسهم / ويبكي ابن صخر قبة وسرير
فما لك والتحكيم والحكم ظاهر / وأنت علي والشآم تمور
أفي الدين شك أم هوادة عاجز / تجوزتها أم ذو الفقار كسير
يبيت قرير الجفن بالجفن لاصقا / وجفن حسام ابن اللعين سهير
فلا جبرت حداه ان ظل مغمدا / وهندي هند منجد ومغير
ولا جبرت حداه يوم سللته / له في رقاب المؤمنين صرير
أتغمده عن عبد شمس وحزبها / ويلفح حزب الله منه سعير
فمالك والأبرار تنثر هامهم / كأنك زراع وهن بذور
ذروتهم عصفا وتبكى عليهم / بلى فابك خطب بالبكاء جدير
فما هي إلا جدعة الأنف ما شفت / غليلا وجرح لا يزال يغور
ستحصد هذا الزرع مهما تقصدت / عراقك لا يلوى عليك ضمير
تنازعها سل السيوف فتلتوى / وتخطب فيها والقلوب صخور
قتلت نفير الله والريح فيهم / وأصبحت فذا والنفير نفور
نشدت دوي النحل لما فقدتهم / ويعسوب ذاك النحل عنه خبير
أرقت دماء المؤمنين بريئة / لهن بزيزاء الحرار خرير
عليا أمير المؤمنين بقية / كأن دماء المؤمنين خمور
سمعناك تنفى شركهم ونفاقهم / فأنت على أي الذنوب نكير
وما الناس إلا مؤمن أو منافق / ومنهم جحود بالإله كفور
وقد قلت ما فيهم نفاق ولا بهم / جحود وهذا الحكم منك شهير
فهل أوجب الإيمان سفك دمائهم / وأنت بإحكام الدماء بصير
تركتهم جزر السباع عليهم / لفائف من إيمانهم وستور
مصاحفهم مصبوغة بدمائهم / عليهن من كتب السهام سطور
وكنت حفيا يا ابن عم محمد / بحفظ دماء مالهن خطير
وكنت حفيا ان يكونوا بقية / لنصرك حيث الدائرات تدور
تناسيت يوم الدار إذ جد ملكها / فللعاص فيها دولة وظهور
ويوم جبال الناكثين تدكدكت / وطلحة والعود الطليح عقير
وحربا تؤز الشام ازا قراعها / له في جموع القاسطين سعير
تعوذ منها القاسطون بخدعة / بجدعة تلك الأنف فاز قصير
مواطن أهوال تبوأت فلجها / إلى أن دهتها فلتة وفتور
تفانت ضحايا النهر في غمراتها / وأنت شهيد والعدو وتير
تنادي أعيروني الجماجم كرة / فقد قدموها والوطيس سعير
أما والذي لا حكم من فوق حكمه / على خلقه ورد به وصدور
لقد ما أعاروك الجماجم خشعا / عليهن من قرع الصفاح فطور
فقصعتها إذ حكمت حكم ربها / فما بقيت عارية ومعير
فيا أسفا من سيف آل محمد / على المؤمنين الصالحين شهير
نباعن رؤوس الشام في الحق وانثنى / إلى ثفنات العابدين يجور
أحيدرة الكرار إن خياركم / وقراءكم تحت السيوف شطور
أحيدرة الكرار تابعت أشعثا / وأشعث شيطان ألد كفور
أعشرون ألفا قلبهم قلب مؤمن / بأوجههم نور اليقين ينور
بهاليل أفنوا في العبادة أنفسا / لهم أثر في الصالحات اثير
أسود لدى الهيجا رَهابين في الدجى / أناجيلهم وسط الصدور سطور
وفي القوم حرقوص وزيد وفيهم / أويس ومن بدر هناك بدور
ومن بيعة الرضوان فيهم بقية / بأيديهم منها ندى وعبير
اكلتهم في النهر فطرة صائم / فكيف أبا السبطين ساغ فطور
فيا فتنة في الدين ثار دخانها / وذاك إلى يوم النشور يثور
نجونا بحمد الله منها على هدى / فنحن على سير النبي نسير
بصائرنا من ربنا مستمدة / إذا اشتبهت للمارقين أمور
وثقنا بأن الدين عروة أمرنا / وماشذ عنه فتنة وغرور
وإن رجـالاً حـكموا اللّه حجة / على من بتحكيم الرجال يصور
ببينة مـن ربـهم وبـصيرة / تجاهل فـيــهــا عـسـكر وأمـير
وإنــهـــم حــجـــوا عـليــاً وأعـذروا / ومـا فـاتهم مـمن لديـه عـذير
عـلى أنـه مـن أبصـر الناس للهدى / وكــم بـقضـاء اللّه ضل بصير
تـنـورهـا الحبـر ابن عبـاس منـهـم / فــحـــج عـليــاً والحـجــيــج نـصــيــر
جـزى اللّه أهـل النـهــروان رضـاءه / ومـــا فــوق مــرضـــاة الإله أجور
كما جاهدوا في اللّه حق جهاده / وقامـوا بمـا يرضى وفيـه أبيروا
ومـاتــوا كـرامــاً قانـتـيـن وكلهم / عـلى المـوت صـبار هـناك شكور
شــراة ســراة لا يــخـــط غـبــارهــم / وإن أبــلحـــت فــوق الأمــور أمـور
إذا انتـهـكـت من دين الاسلام حرمة / فــليـــس لهـم عـيــش هـنــاك قـريــر
كــرام شــداد الغـار في ذات ربـهــم / عــلى كــل حــال والمــحـــب غــيــور
نـفـوسـهـم حيـث ابتـلوا وجه ربهـم / قــرابـــيــن مـنــهــم قـدمــت ونـذور
نـديــن لوجـه اللّه طـوعــاً بحـبـهـم / ومــا شــنــآن المـلحــديــن مـضــيــر
هـم القـوم بـلتــهـم مخـافـة ربهـم / ودارت عــليـــهـــم أبــطـــن وظــهــور
فـلا بـارح الروح الالهـي ربـعـهـم / ولا فــارقـــتـــهـــم رحـمــة وحـبــور
واخـوانــهـم أهل النخـيـلة بعـدهـم / واتـبــاعــهــم حـتــى يـقــوم نـشــور
ولا زال مـنــهــل السـلام عـليــهــم / تـــــرادف آصــــال بــــه وبكور
وأدخـــلهـــم دار الســلام إلهــهـــم / جـمــيــعــاً عـليــهــم نـضــرة وسـرور
غوث الوجود أغثني ضاق مصطبري
غوث الوجود أغثني ضاق مصطبري / سر الوجود استلمني من يد الخَطر
نور الوجود تداركني فقد عميت / بصيرتي في ظلام العين والاثر
رُوحَ الوجود حياتي إنها ذهبت / من جهلها بين سمع الكون والبصر
روح الوجود دهي الكرب العظيم وفي / أنفاس روحك روح المحرج الحصر
أنسَ الوجود قد استوحشتُ من زللي / وأنت انسي في وردي وفي صدري
أمنَ الوجود اجرني من مخاوف ما / أحرزتُ نفسي منها في حمى الحذر
عين الوجود ترى بؤسي ونازلتي / وفي محالك انقاذي من الضرر
عزَّ الوجود بعز الله أنتَ لها / فواقر درست أعيانها أثري
وجهت نحو رسول الله نازلتي / وقلتُ يا نفس حُمّ النصر فانتظري
أمنية الفوز منه غير خائبة / ومطمع النجح منه غير منحسر
ونائل الخير منه غير منقطع / وفائض البر منه غير منحصر
بسطتُ كفي إلى فياض رحمته / على يقين بدرك السؤل والظفر
وقمتُ الهجُ والآمالُ صادقة / ٌ يا عصمتي يا حبيب الله يا وزري
حقيقة الصبر استعطي الثواب بها / والفقر يلزمني ما عزّ مقتدري
ولست اعذر هذا الدهر في شظف / ما دام فضلك عندي غير معتذر
ولا أريدك بالأيام تبصرة / لأنت أبصر بالدنيا من البصر
أنت الحياة التي نفس البقاء بها / بل أنت مكنون سر الله في البشر
مولاي من كنت في الأزمان ناصره / فليس يغلبه شيءٌ سوى القدر
تلقني في مهاوي حوبتي فلقد / أوقعت نفسي ييعدي عنك في الخطر
يا مصطفى الله يا مختار نظرته / يا أصل ما أظهر الابداع من فطر
يا رحمة الله يا مبعوثَ رأفته / يا مظهر اللطف في الأرواح والصور
يا أول الكل بعد الله مبتدَعا ً / وأول الكل عند الله في الخطر
يا آخر الرسل لا تأخير مرتبة / وإنما السرّ مطويٌ عن الفكر
يا ظاهرا بكمالات الظهور على / كل الظواهر في سُلطان مقتهر
يا باطنا ً لم تفته الباطنات ولم / يُدرك مقاماته علم من الفطر
أنوار حبك في قلبي قد انطبعت / جبلة ً كانطباع الشمس في القمر
ما زال حبك في روحي يخامرها / حتى تجردت عن عيني وعن أثري
ما للمحبة مقدار اذا اقتصرت / الحق حبك حب غير مقتصر
تجرداً من هنات كلها حجبٌ / لا وصل والحُبّ محجوب بذي الستر
أدعوك خلف حجاب الكون منبسطاً / في بسط حبك لم أخلص من الأثر
ذهلتُ عن كل شيء مذ علقتُ به / فلا أفرق بين الصفو والكدر
لا أحسب الروح الا انها خُلقت / من الهوى فاختفت عن عالم الصور
فلا علاج لها من أصل فطرتها / اذا أصيبت بسهم الحب عن قدر
وجدتُ روحي صريعاً في مصارعه / يا حبُّ لا تُبق من روحي ولا تذر
نار المحبة نار لا يقام لها / لواحة قسماً بالحب للبشر
طارحت أهل الهوى حتى بليت به / ففتهم ومشوا خلفي على أثري
لا يصدُقُ الحب إلا من يموت به / ما للهوى دون حسو الموت من قدر
وليتها موتة في الحب موصلة / بوصلة من حبيب الله في العمر
ولستُ في الحب من نفسي على ثقة / من نصبها للهوى طوراً على وطر
ان كان حبي معلولاً فأنتَ لها / أدرك عليلك قبل الأخذ في الخطر
بقدس نورك أستشفي وقد ضنيت / نفسي بأفات هذا العلم القدر
وأنت طب بصير قد بعثت بما / يشفي العضال فانقذني من الضرر
فداً لك الكون لا أسلو بزهرته / عن فرط حبك يا من حبه وزري
وكيف تفدى بكون أنت علته / لولاك ما أوجدت موجودة الفطر
لو كنت أعلم غير الحب منزلة / تدني اليك لكانت منتهى خيري
لكنني بغرامي فيك لي آمل / من اليقين بأني منك بالنظر
كم نال منك العدى عفوا ونآئلة / ما شأن من روحه بالحب في سُعر
صدق الهوى فيك ينتاط الفلاح به / فاقبل محبك يا سمعي ويا بصري
مضناك مضناك لا ترجئ رجاوته / أطلقت فيك رجاءً غير مقتصر
وما أناديك عن عذر أحققه / أبوء ويلي بذنب غير منحصر
أوقرت وقر الشقا حتى خذيت له / والنفس من أبحر الغفلات في غمر
في شرة السهو أجري سادرا نزقا / لا أرعوي عن غواياتي لمزدجر
تسوقني نزغة الشيطان منغمسا / في ورطة من غرور الزخرف الوضر
يا سائقا حطما رفقا بسائمة / عشواء تخبط من جهل بمعتكر
نضوبراها الونى ندت بمقفرة / بين السباع بلا ماء ولا شجر
هيهات لا يقلع السواق من ملل / ولا المسوق عن استرسال مؤتسر
الا اذا عصمتني منك عاصمة / تحلني منك في أمن وفي وزر
يا من به سلوتي في كل واقعة / عن كل كائنة في الورد والصدر
أدنى حقوقك تشقيق القلوب واز / هاق النفوس متى تخطر لمدكر
يا من وقته السحاب الحر تابعة / لذاته في حلول الركب والسفر
يا من به بشرتنا الأنبياء كم / شدت به الجن في بدر وفي حضر
يا من به أخبر الكهان وهو على / أرائك الغيب لم يبدر من الستر
يا من تقدم نورا في حظائر نو / ر الله حتى تلقاه أبو البشر
فلم يزل تتلقاه الكرام على / طهارة الشرع حتى حل في مضر
ومنه في صلب الياس فاسمعه / في الصلب لبيك بين الركن والحجر
حتى تهلل في مشكاة آمنة / يا أخت زهرة حزت النور فازدهري
وزارها أنبياء الله قاطبة / فبشروها به في نومة السحر
وكم لها من خصوصات وخارقة / في حمله شاهدتها رؤية البصر
وللخوارق في لوح الوجود له / في برهة الحمل شأن غير مستتر
ما صدع ايوان كسرى في تزلزله / الا لنازلة من معجز القدر
وهي التي طيرت اكليل مفرقه / يا طير قد عشت دهراً قبل لم تطر
وما لساوة غاضت هل تقيلها / وادي سماوة حتى فاض بالقفر
وما هي النار من خطب اذ انظفأت / يا نار في كبد الاشتراك فاستعري
حتى اذا آن اتحاف الوجود به / وان يباشره بالفوز والظفر
تهلل العرش والكرسي والملأ ال / أعلى وزخرفت الجنات بالبشر
وجاء جبريل بالتمجيد مبتدرا / مشاعر الله والأملاك في زمر
وحفت الحور والعذراء مريم وال / غراء آسية في الدل والخفر
ببنت وهب وروح الله يمسحها / بالروح والنور من أنفاسه العطر
والبيت يهتز والأملاك خافقة / شرقا وغربا وكون الله في خبر
تنزلت في غواشي الروح لائحة ال / اذن الالهي بين الفجر والسحر
فأبرزت درة الأكوان ذات صف / ي الله ساجدة لله في العفو
فليتني ذرة من تربة لمست / آرابه في سجود غير مبتكر
في عالم النور لم تفتر مساجده / منه فلا تفتكر في عالم الصور
بالقول مجد عيسى والحبيب أتى / بالقول والفعل في التمجيد بالصغر
مواهب الله في تمجيده وحصرت / له الكمالات في أطواره الزهر
فلا كمال لمخلوق وليس به / وانما فاض منه الفيض للفطر
لا عرش لا فرش لا كرسي لا ملك / لا أنس لا جن لم يمدده بالخير
أب لكل وجود أصله مبدئه / منه ومنه مداد الأنفس الطهر
لا بدع أن تغمر الأكوان رحمته / لأنها منه كالأغصان للثمر
ماذا عسى بالغا اطراء مدحته / دقيقة الأمر لم يخطر على الفكر
أقصى المدائح في تمجيده حسرت / وشأنه في المعالي غير منحسر
وانما يؤخذ التوصيف منه كما / يشتقه الطير وسط البحر من قطر
ما للمعاجز قدر في مراتبه / الشأن أغنى عن التدليل والنظر
مجد الرسالة والشأن المضاف له / شهادة الله أغنته عن العبر
عز المكانة عند الله متصل / بحجة الله لا تسبيحة الحجر
وانما سيقت الآيات تكرمه / له وتبصرة للسيء البصر
بصائر جهرت أبصار جاحدها / يخفى لديهن ضوء الشمس والقمر
لو لم يكن غير أعجاز البلاغة في ال / ذكر الحكيم لطوع الجن والبشر
أتى وللبلغاء اللسن عارضة / فصك ثغر بيان القوم بالحجر
واستيقنوا ان خلقا لا يجيء به / وانه خارج عن طاقة الفطر
وحين ابهتهم حادث شكائمهم / بغيا وعدوا إلى الالحاد والأشر
فقال بعضهم سحر وبعضهم / سجع وبعض أساطير من الزبر
تنافروا عن هدى مولاهم وهم / على بصيرة علم نفرة الحمر
وعاندوا اذ تحداهم به حسدا / من عند أنفسهم رميا بلا وتر
فكان جهد حدياهم مساورة ال / بيض القواضب اذ خاموا عن السور
فصكهم سيف جبار بكلمة ج / بار السماء على الأجيال منتصر
فاجتث اثلتهم سلطان سطوته / بصولة من جلال الله في وزر
بصارم في يمين الله قائمة / كأنها صيغ حداه من القدر
كم فيلق جره من تحت رايته / جيوش جبريل فوق الشزب الضمر
مسومين بنور الله يقدمهم / حيزوم والملأ الأعلى على الأثر
يباشرون الوغى بلقا خيولهم / صفرا عمائمهم في قالب البشر
نعم الكتائب روح الحق سيدها / والروح جبريل من فرسانها الذمر
أجلت وغاها وخيل اللات ضاحية / على الظواهر والقيعان كالجزر
اشلاء دفت عليها الفتح وانتهبت / أوصالها السيد بعد البيض والسمر
يا نخوة اللات والعزى خزيت ويا / جبرية الشرك جاء الله فانكسري
ويا بني الجبت والطاغوت حسبكم / من رمية الله في الدنيا وفي سقر
ويا مثلثة اللاهوت قد كسر الله / الصلب بهذا الصارم الذكر
ويا معطلة التكوين قد بهرت / قضية الله شأن الدهر فاندحري
بالهاشمي الذي نادت به الصحف / الأولى مبشرة في سالف العصر
جاء المشفع مالأجيال تعرفه / بنعته عن لسان الرسل والزبر
جاء المشفع جاء النور مبتدرا / لم يأتي الا لمولاه ولم يذر
جاء البشير النذير السيد الصمد ال / بر الكريم المرجي خيرة الخير
يهدي الى الله لا تثنيه كارثة / عن أمره من غموم الأزمة النكر
يدعو الى الله فرداً في عوالمه / بعزم مضطلع لله مصطبر
أتي على فترة والدين مشترك / بين الكواكب والأملاك والحجر
فقام لله لا يألو مجاهدة / فيه حنيفا على السراء والضر
حتى استقامت له في الكون سيطرة / من فطرة الله بين العز والظفر
حنيفة سمحه بيضاء نيرة / إلى القيامة في أمن من الغير
يحمي حماها مليك الأنبياء أب / ى الضيم حيا وميتا منه في وزر
ليث الرسالة صنديد الملاحم سل / طان العوالم مولى سائر الفطر
شمس النبوة إجلالا ومرتبة / لولاه قنديل جنس النور لم ينر
محمد عاصم الكونين فاتح ك / ك الخير قائد كل البر والخير
فتح السعادة في الدارين موهبة / منه وانعاش جد العاثر الذعر
مبارك رحمة للعالمين به / درك الفلاح وكشف البؤس والضرر
مهيئ لاختصاص لا مقام له / في غيرة وكمال غير منحصر
شمس الكمالات الاسمائية انبسطت / منه الكمالات في كنهية الأثر
حقيقة عكفت فيها المحاسن فال / إبداع مندهش من حسنها النضر
عز ترقى بعليين رفعتة / بمشرق المجد والأدوار لم تدر
ولا يزال ترقيه لغير مدى / يسمو المراتب من أولى إلى أخر
ولن تزال على الأعيان فائضة / فيوض رحماه بالاصال والبكر
محمديته البحر المحيط فمن / فياضه رحمة الدارين للفطر
ان غاب شخصا فما غابت شهادته / الكون منه محل السمع والبصر
سرت عنايته في كل ناشئة / وروحه سريان الماء في الشجر
مهاد رأفته عدن ونحن بها / في مقعد الصدق نحيا عند مقتدر
محصنين بحصن من رعايته / مستعصمين به في الصفو والكرد
مخلصين به في عز ملته / مما نحاذر في الدارين من خطر
نصير دعوته يحمي حفائظنا / فنحن من عزة الايمان في وزر
طوبى لنا قد جعلنا أمة وسطا / خيرا شهودا لمولانا على البشر
مباركين بنور الختم تنفحنا / أنفاس أحمد حمادين في الزبر
نمشي على سنة الصدر المبارك من / أصحابه المهتدين السادة الطهر
شعب كريم قديم الذكر باركه / نور الرسالة في الأسرار والسير
عناية الله خصتهم بما سبقوا / به البرية من زلفى ومن خير
في الله جدوا فجدوا في مفاخرهم / ومدحه الله فيهم حسب مفتخر
فروا إلى الله واستبقوا بجهدهم / بقية الله ذخرا خير مدخر
وجردوا النفس تجريد السيوف / فلله النفوس وحد السيف للكفر
هبوا لداعي الهدى والنور حشوهم / ما بين ذي هجرة فيه ومنتصر
أسد صناديد في أيدي عزائمهم / طي الخطوب ونشر الفوز والظفر
غر أيامن انضاء العبادة في / وجوهمم من سجود نير الأثر
حتى مضى المصطفى والله يمدحهم / وهم لنا قادة والحق في وزر
نهاية القول فيهم انهم بشر / فازوا بما لم ينله سائر البشر
يا صحب أحمد يا أنصار حجته / والحائزين مقام القرب والنظر
أنتم شفيعي إلى من ليس يجبهكم / بحر الكمال عظيم الشأن والخطر
ما قدر مدحي وقول الله يمدحكم / لولا المحبة واستمداد مفتقر
عساه يشفع عند الله لي فله / شفاعة وسعت ما كان من وطري
يا سيدي با رسول الله قد وصلت / اليك حالي فصلها منك بالنظر
فنظرة منك في حالي يكون بها / فوزي بربي وانقاذي من الضرر
ياسيد الرسل ضاقت كل كائنة / بناصر" فلتكن لي خير منتصر
وأن يضق بي أمري فهو متسع / بوسع جاهك في وردي وفي صدري
هذا الرجاء حبيب الله منبسط / فابسط يمينك بالحسنى إلى ضروري
يا رب صل وسلم عد ما وهبت / يداك من نعمة في السر والجهر
ومثل نورك ملء العرش منبسطا / وملء ما حاطه المقدور من أثر
ومثل حبك أقواما رضيتهم / بمقتضى أزلي العلم والقدر
ومثل حبهم اياك اذ خلصوا / فمالهم غير حب الله من وطر
ومثل اضعاف نور المصطفى رتبا / ومجده ومعاليه على البشر
على رسولك مولانا الحفي بنا / محمدوعلى اولاده الطهر
وآله وجميع الصحب من شهدت / بفضلهم ابديا ألسن السور
أنمى صلاة وأزكاها وأوفرها / موصولة الفيض والامداد في العصر
ترضى بها سيدي عنى وتلهمني / رشدي وتغفر لي يا خير مغتفر
وتجعل الفوز بالجنات جائزتي / بفضلها ونجاتي رب من سقر
ووالدي وأولادي ومقربتي / والمؤمنين وأنصاري ومؤتزري
وكل ماض وآت والمعاصر من / أئمة الدين والقوام بالبشر
واجعل صلاتي له يا رب متصلا / بروحه نورها كالنور بالبصر
واجعل مديحي له ضيفا يلم به / يعود لي عنه بالاكرام والخير
ما خاب راجي رسول الله في أمل / ولا انثنى عنه إلا قاضي الوطر
ريب المنون مقارض الأعمار
ريب المنون مقارض الأعمار / وحياتنا تعدو الى المضمار
والنفس تلهو فوق تيار الردى / يا ليتها حذرت من التيار
قرت على رنق وزخرف باطل / مثل القرار على شفير هار
ماذا يغر المرء من محياه في / دنياه وهي قرارة الاكدار
يتساقط المغرور في لهواتها / تفريه بالانياب والاظفار
كشفت سرائرها ونادت جهرة / بعيوبها في سائر الاعصار
لم يبق شيء من شئون صروفها / في نحت اثلتنا على الاضمار
نفقت تجارتها وما باعت على / غرر ولا كذبت على التجار
يتهافت العمار في هلكاتها / فعل الفراش على لهيب النار
تجري الى شهواتها سعيا على / أنقاض ما هدمت من الأعمار
نصبت حبالتها وأنذرت الردى / وكأننا صمم عن الانذار
صدعت بما جبلت عليه ولم تدع / ذكرى ولا عظة وراء ستار
شر الغرور سكون ذي بصر الى / عيش تمزقه يد الأخطار
عبر تلونها الصروف وأنفس / تفنى وآثار على آثار
هل زاد عيشك ذرة عن هذه / لو كنت في الدنيا على استبصار
هلا اعتبرت وفي حياتك عبرة / مما تصرفه يد المقدار
لا تستمر لك السلامة لمحة / وغوائل الأيام في استمرار
ما بالنا نبكي الفقيد ونحن من / حب الذي أرداه في استهتار
شغف النفوس بما يراقبه الفنا / أثر الهوى ومحبة الأوطار
جسر المنون أمام وجهك عابر / ولسوف تعبره مع السفار
شمر لتعبره مخفا سالما / من ثقل ما أوقرت من أوزار
ليس العظات بما يقول مذكر / مثل العظات بمصرع الأعمار
كم للمنون لو اعتبرنا من يد / في سلبها الأرواح بالتذكار
ما الحزن الفتنا لمقصود الردى / يغتال في الايراد والأصدار
اترى يجد البين فينا هازلا / ويريحنا بمصارع الأخيار
كلا ولكن الحياة بهيمة / تجري عليها مدية الجزار
خلقت لما خلقت له من حكمة / وتعود تتبع دعوة الجبار
مزمومة نير القضاء يقودها / مربوبة لمشيئة المختار
كتب البقاء لنفسه مستأثرا / باماتة الأحياء والأنشار
واذا اعتبرت حياتك الدنيا تجد / ان الحياة مظنة الأعذار
ما بين معركة وأخرى يبتغي / أملا لباقية ذوو الأبصار
لو كان يشترك البقاء لغادرت / غيل المنيه أنفس الأبرار
يا صرعة الموت انتقرت خيارنا / وتركت أمتنا بغير خيار
ناهيك من اطفاء أنوار الهدى / غشى الظلام وضل فيه الساري
ناهيك من اعدام احبار التقى / فالدين لا يبقى بلا احبار
ناهيك من قعص السراة فانهم / سور ادين المصطفى وسواري
ناهيك من هلك الكرام فما بقي / رسم الكرام ولا حماة الجار
ويلاه أوحشت الديار من الألى / كانوا خلائف سنة المختار
أو كلما نجمت فضيلة سيد / قدرتها وترا من الأوتار
أسرعت في الاغواث والاقطاب / والاعلام والابدال والاخيار
مهلا فما أبقيت ثم بقية / نزح القطين وجف روض الدار
ما زلت تعتقرين كل أعزتي / فالجو خاو والديار عواري
افقدتني شهب الفضائل كلهم / ويلاه من شهبي ومن أقماري
ويلاه أين سماؤها ونجومها / وشموسها ذهبوا كأمس الجاري
من كل أروع لوذعي كامل / يهتز عرفا كالقنا الخطار
عمد الديانة قطبها قوامها / سحب المكارم أبحر الأنوار
تلألأ الأكوان من عرفانهم / كالشمس تملأ هيكل الأقطار
أنضاهم التسبيح والترتيل / والتهجيد بين جوانح الأسحار
خبت اذا جن الظلام رايتهم / طاروا الى الملكوت بالأسرار
غر اذا سجد الظلام على الفضا / سجدوا على الثفنات كالأحجار
قطع النحيب صدورهم وكأنما / وضعوا السحائب موضع الأشفار
قربانهم أرواحهم ونعيمهم / دأب على السبحات والاذكار
حصروا الشريعة والحقيقة والمعا / رف والكمال بانفس الأطهار
فهم غياث الكائنات وسرهم / مدد النفوس ومنبع الأنوار
نقلتهم الآجال من دار الفنا / وتبؤوا سعداء عقبى الدار
سلكوا بمحياهم وبعد مماتهم / اذ وفقوا بمسالك الأبرار
درجوا وأصبحت العراص عقيبهم / من فقدهم مغبرة الآثار
يا موت أفنيت الأعزة فاقتصد / ان كنت ترحم عبرة الأحرار
بأولئك الأبرار كنت معززا / بأولئك الأبرار كنت أباري
أزرى اذا ضاق الخناق بحادث / وهم اذا انطمس الطريق مناري
يا موت وقعك فيهم سلب الهنا / وأقامني للنوح والتذكار
ترك الحمام النوح اذ ناوحته / واستبردت كبدي لهيب النار
لم اسلهم حتى رزئت بصدعة / أخذت بقية سالف الأكدار
أخذت بكظم الدين وانتحت السما / فبكت لها بالمدمع المدرار
واستأثرت بقلوب حزب محمد / لله فجعة ذاك الاستئثار
ما الهول في يوم النشور أشد من / هول النعى بسيد الأبرار
العالم القطب المجدد عمدة الع / لماء طرا كعبة الأسرار
ليث المعارك مربع الفضل الذي / رفع المنار ولات حين منار
غوث البسيطة معلم الدنيا / أبي الضيم مولانا عزيز الجار
حامي حمى الاسلام حجته / معز الدين سيف الملة البتار
بحر المعارف والكمال مسدد الأ / عمال في الاقبال والادبار
السالمي أبي محمد المني / ف الذكر طود المجد بدر الساري
تمضي وترسلها العراك مروعة / والليل داج والذئاب ضواري
مهلا همام الاستقامة ما الذي / غادرت من هول ومن اذعار
قومتها فتقومت فهجرتها / يا هجرة طالت على السفار
ارجع اليها حيث قل حماتها / ارجع فديتك يا غريب الدار
ارجع الى الاسلام تمم نصره / فالعز تحت عزائم الأنصار
ارجع فان الاستقامة أرملت / ارحم يتيمك وهو دين الباري
ارجع تشاهد كيف دمع السيف / والعسال والأقلام والأسفار
ارجع وما ظني بأنك مشتر / بجوار ربك جيرة الأشرار
أدعوك للجلى وأنت عظيمها / عهدي وأنت لها شديد الغار
أدعوك للأمر الذي تدعى له / شيم الرجال وهمة الأحرار
أدعوك للخطب الذي أعيا على / رأي الفحول وانفذ الأنظار
أدعوك اذ فرغت يدي من كل من / يدعى لنائبة وحفظ ذمار
أدعوك ان كنت السميع لدعوتي / لخطابة التبشير والأنذار
أدعوك للحرب العوان وكنت في / لهواتها تكفي كفاء الغار
أدعوك للقرآن تكشف سره / وتبين منه غوامض الأسرار
أدعوك للسنن المنيرة انها افت / تقرت مقاصدها الى الأبصار
أدعوك للاجماع والأحكام وال / اديان والتذكير والتذكار
هيهات يا أسفاه لا رجعى وقد / جثمت عليك صحائف الأحجار
يسلون بالآثار بعد صحابها / ومثار حزني فيك بالآثار
" يا طلعة الشمس" استري عنا الضيا" / " وخذي الحداد "مشارق الأنوار"
سفران ان هديا لرشد ارشدا / من فجعتي قلبي لغير وقار
كنت النصير وكان لي صبر الحصا / فاصبت في صبري وفي أنصاري
اقدرت لي جلدا يقاوم نكبتي / فاليوم لا جلدي ولا أقداري
ناهيك من جلدي يقيني بالرضا / والسخط في أن المقدر جاري
وبأن هذا المرء عرضة طارف ال / حدثان تحت مخالب الأقدار
ما غاض من عيني رأيت عديله / من طرف داجية وطرف نهار
لم تصغ نادبة لندبة جارها / هي تستعد لندبة في الدار
سول لنفسك أن تعيش معمرا / لكنه أمد الى مضمار
تلك المصائب مدركات صيدها / سيان في فر وفي استقرار
أمعنت في هذي الصروف بصيرتي / وسبرت ما تقضيه بالمسبار
فرأيت برد العيش احسان العزا / والاطمنانة تحت حكم الباري
يا من أذاب الصخر حر مصابه / من ذا تركت لدولة الأحرار
وزعت بين الدين والوطن الأسى / توزيعك الطاعات في الأطوار
ودعوت في الاسلام دعوة مخلص / ثابت إليك بها ذوو الأبصار
ثابت اليك عصائب وهبيه / من أسد ذي يمن وأسد نزار
عشقوا المنايا واستماتوا في الهدى / من قبل "صفين" ويوم الدار
حنيت ضلوعهم على جمر الغضى / من حب ربهم وخوف النار
غضبوا لربهم فشدوا شدة / متكاتفين على هدى عمار
ملأ اليقين صدورهم فاستصغروا / عند اليقين عظائم الأخطار
لعزائم الأعيان فيهم وازع / دينا وحاشا هم لزوم العار
باعوا لمرضاة الاله نفوسهم / اربح ببيعتهم ونعم الشاري
ورضوا لأعباء الخلافة كفأها / سبط النجاد موفق الأنظار
فلك الجلالة والنبالة والتقى / بيدي الحيا عن ضياء نهار
ورث المهنا وابن كعب وارثا / "والصلت " من أجداده الأطهار
أخذ الامامة كابرا عن كابر / أخذ الثمار جواهر الأشجار
عرفته عاهلها ومفرق تاجها / ولطالما لغبت من الانكار
عاذت به فأعاذها واقامها / عمرية الميزان والمعيار
رقبته حتى أمكنتها نظرة / ازلية من نجمة السيار
فاقتادها عزما وحزما آتيا / بمعاجز طمست عن الأبصار
زهراء بين "السالمي" وسالم / نشأت وبين حماتها الأخيار
لم توف حق الشكر حتى استرجعت / صبرا بفقد الصابر الشكار
صبرا امام المسلمين فانه / حكم على كل البرية جاري
صبرا فعنك الصبر والتأساء يؤ / خذ بل وكل فضائل الأحرار
ما دامت الدنيا على أحد ولا / دامت على السراء والأضرار
عارية هذي النفوس ولازم / ان يسترد العدل كل معار
ومواهب الأيام حرص كلها / اذ سوف تنزعها بغير خيار
ولبئس عيش ريثما استحليته / كرت عليه غارة الأغيار
لا يستقر له اللبيب لأنه / وقف شعوب له بباب الدار
رأت البصائر ما يعاقب عيشنا / فالرأي ان نحيا على استبصار
يا شعر أجمل في الرثاء فان لي / قلبا من الأحزان كالأعشار
هل زاد في " الخنساء" الا كربها / شعر تردد ولبس صدار
يا صبر ان قر الأحبة في الثرى / فاثبت لدي ولا تمل قراري
لا خل الا الصبر بعد فراقهم / ان لم يزله نازل الأقدار
رحم الاله أحبة غادرتهم / ولزمت صحبة دهري الغدار
ما كان في أملي التخلف بعدهم / والعيش في الأشجان والتذكار
لكنه الحدثان يطلب وقته / ومنية تأتي على مقدار
عرجوا عن الدنيا وأعرج في الهوى / شتان بين قرارهم وقراري
تبكيهم الحسنى الى من أحسنوا / ويضاحكون الحور في الأجبار
آليت لا أنفك أندب أثرهم / ما دام تذرف أعين الأحجار
آسي واجرح ما تكن خواطري / بنوازع الأحزان زالأكدار
مددي بهم وشفاء قلبي ذكرهم / وبحبهم يطفى لهيب اواري
بحياتهم ومماتهم أسرارهم / توحي مواهبها الى أسراري
درجوا وجاء السالمي عقيبهم / يحيي الرسوم بسيبه المدرار
حتى تدافعت الرياض نضارة / بالسنة الزهراء لا الأزهار
حتم المصير له الى دار البقا / ولنعم دار بدلت من دار
حيا الاله ضريحه بالروح وال / ريحان بالآصال والابكار
يا عام أزهقت النفوس بفقده / واطرت روح الدين أي مطار
يا عام لا يبعد فقيد الدين ط / لاع الثنايا معقد الابكار
حزن على حزن وهول مدهش / يمضي المدى والغم في تكرار
يا عام لا عادت لبطشك دعوة / كافيك منها بطشة الجبار
ارحم عيال الله قد حزبتهم / أخطار ملتهم على أخطار
يا عام ازهقت الديانة خطة / كالنار ذات ذوائب وشرار
اطفأت أزهر كوكب ملأ الفضا / ضوءا وجئت بظلمة الاكدار
ختمت له الحسنى ووافى ربه / متقبلا لمزية الاطهار
عفا عن الدنيا خميصا بطنه / منها سوى ما كان سهم الباري
يا من أجاب الدعوتين لربه / لم لا تلبي دعوتي وجواري
لمعاهد الاسلام بعدك رنة / وعهود فضلك كالنجوم سواري
قدست من غوث وقدس مشهدا / غبطته فيك عوالم الأنوار
شط المزار مع الحياة وويلتا / بعد الممات متى يكون مزاري
ومن السعادة أن أمرغ جبهتي / بعبير تلك التربة المعطار
يا وافد الرحمن أي كرامة / لقيت في عدن وأي جوار
بمنازل الشهداء ترتع آمنا / حتى رضيت لخوفنا الكرار
حلقت للطاعات خطفة طائر / فحللت مسرح جعفر الطيار
بعت الحياة فنلت أربح بيعة / لكنها رجعت لنا بخسار
لله ما سنة لك البشرى بها / ولنا بها كالنار في اعصار
تأريخها ما طال ما لحب الردى / الصبر أحرى يا أولى الأبصار
تهد العمر رائعة المنون
تهد العمر رائعة المنون / وحد الحي اتيان اليقين
الهواً بالغرور ولا نبالي / ونؤخذ بالشمال وباليمين
الا جزع لقاصفة وأخرى / تليها للمباين والقرين
ونركن والمهالك عاصفات / الى تغرير كاذبة خؤون
على ان الحياة لها حدود / سنقطعها على رغم الركون
اليس على الغباوة ذو هناء / وظفر الحتف يفري في الوتين
يمر القارظان ونحن ندري / بأن مسيرنا نحو الكمين
ولو ان الكمين على خفاء / ولكن بطشه رأي العيون
يثبطنا من الآمال وهم / ويُجلى الوهم بالحق المبين
ودون مدارك الآمال رصد / من الآجال منقطع الظنون
تمر بنا جنائزنا بطانا / حواصلها تزف الى الوكون
وتغدو في مراعيها خماصا / الا عمدا من الخمص البطين
لقد ظعن الأحبة واغتبطنا / بما تركوه غبطة ذي جنون
ونحن نرى الحداة بنا ألحت / تطوحنا بعزمات شطون
نقضي ما قضوه وعن قليل / نصير لدى مناخات الظعون
وهل نقضي سوى عيش قصير / اجب الظهر مقبوب الوضين
نمنى فسحة قبضت عليه / على غصص كأوقات السجين
وعيش حشوه كدر وسوء / يلذ على مداهنة الضنين
والا فالحقيقة كل بال / نصيبك منه زادك لليقين
تزود منه للعقبى ودعه / فليس الشأن في الفاني المهين
وطلق هذه الدنيا بتاتا / طلاقك لا اليك ولا تليني
عرفتك حية لينا وسوءا / " دعيني منك يا دنيا دعيني"
خدعت بنيك ثم فتكت فيهم / " وانك لا محالة تخدعيني"
يروعني ابتسامك فوق مكر / كذاك السيف براق المتون
ابنت محاسنا زانت فشاهدت / فبيني أيها الشوهاء بيني
هبلتك يا غدور خذي طريقا / فاني آخذ ذات اليمين
تركتك مزجر الكلب المضري / سوى ما كان منك لأمر ديني
بلوتك يا مخبئة الدواهي / فكنت السم في الماء المعين
وحسبك يا فجار من المساوي / رحاك المستيرة في القرون
أريني أين هم فلديك خبر / جهينة خبرينا باليقين
دعي التدليس ان القوم صاروا / طحينا يا مبددة الطحين
فغري يا خباث بني العمايا / وكفي عن خداع المستبين
اسلمك ابتغي والفتك جار / ونحن لديك في حرب زبون
دهانك ما تشعث ليس يجدي / لأن القصد حلقوم الدهين
حبست الكأس عنا أم عمرو / وامني كأس برك في يميني
فما أمني فجورك أم عمرو / وقد خالفت خالصة الأمين
زبنتك لا أبوء اليك رغبا / مقام الذئب كالرجل اللعين
صحبت الناس صحبة غير صدق / وعاشوا منك في داء دفين
لحنت اليَّ لحنك فاصرفيه / وكل الشر في تلك اللحون
عرفتك بالخلابة منذ عهدي / بسهلك انه صعب الحزون
أريني أين أصحابي وأهلي / ومن عمروك أحقابا أريني
ألم تنزلهم نوب المنايا / عن الظهر الموطأ للبطون
كأن حياتهم لما تقضت / خيال طاف في نوم العيون
وأنت على الطريقة لن تبالي / بمن تفنين حينا بعد حين
أبعد السادة الأطهار بشر / يباشر حبة القلب الحزين
أبعد الصيد من ثروات قومي / تراموا في القبور وخلفوني
ألذ معيشة وسكون قلب / وهيهات السبيل الى السكون
أبعد الطيبين يطيب أنس / وطيب القوم في خلق ودين
أبعد تهدم الاكناف منهم / تظل الناس كانفة بلين
أبعد أفول أقمار المعالي / ألام على النياحة والحنين
حييت بهم على علق ثمين / فمن لي اليوم بالعلق الثمين
هم ضمنوا بكشف الكرب عنا / فقد اخنت شعوب على الضمين
هم كانوا لنا بلدا أمينا / فواحربا على البلد الأمين
هم كانوا السما سقيا ورعيا / فأقلعت السماء عن القطين
هم كانوا رياضا سابغات / بما ترجوه ناضرة الغصون
طوى حضراتهم اعصار هلك / سوى الآثار كالورق اللجين
رميت بفقدهم فاذود عني / حريقا ليس يطفى من شجوني
لو اعج لا يهدئها التأسي / ولا يطفأن من سح الشئون
ولو رمحا شككت به ولكن / تواردت الأسنة كالشطون
فما برحت هموم من فؤادي / ولم نرهق بمرتقب شفون
اكفكف عبرة في جنب أخرى / وذلك دينها أبدا وديني
وما هذي الصدور بثالجات / على مضض الفراق من الضنين
وما في الموت رائفة لوهن / ولا بقيا على طرف سخين
فما تبقى على حصن مشيد / ولا تنجو بناحية امون
نصبر هذه الألباب حتى / تلاشت بالتأوه والأنين
وما كرم العزاء بمستطير / لهم الصدر أو همل العيون
ولكن حيث لا طمع لرد / فحسن الصبر مرتبع الحزين
ألا يكفي المنون الجذ فينا / فما أبقت على حبل متين
لقد أزمت على طود مكين / فكانت نقلة الطود المكين
أبي الضيم مصباح الدياجي / كريم الخيم وهاب المئين
عريض الجاه مبيض الأيادي / رحيب الصدر وضاح الجبين
محيط العلم مفصال القضايا / عميد الفضل ذي الشرف الرصين
جسيم المكرمات لراحتيه / سخاء المزن بالوبل الهتون
عشية " سالم" امسى دفينا / وكل الخير في كفن الدفين
فديتك با ابن أحمد قد رزئنا / بيوم نواك بالحصن الحصين
فلا تبعد وهيهات التداني / بمن سطت به ريب المنون
صحبتك أيها الدر المصفى / فكانت صحبة الحر الرزين
وكنت الركن لي اذ عز ركني / وقد قد السلا رأس الجنين
وكنت العوذ في خير وشر / نزيل حماك في عز مكين
وكنت العون في يسر وعسر / فديتك من أخي ثقة ودين
وداهية أخو حقد رماها / نصبت لها جبينك عن جبيني
وصرت اليك أنسب من نسيب / وصرت عليك أكرم من خدين
تهون عليك نفسك في احترامي / وأنت أعز من ليث العرين
وأعداء أرادوا حذف جاهي / كسرتهم بآلات السكون
فلم تحذر لهم برقا ورعدا / وما شأن الذبابة والطنين
فكنت لي الحسام اذا اشرأبوا / وكنت الدرع للشبوات دوني
وكنت الحامل الثقل المعايي / اذا رست الفوادح كالرعون
خفضت لي الجناح وكنت ردءا / ولم تحفل بغث او سمين
فقد أمسيت في جدث مريع / وتضحى للمذعذعة الحنون
وان ضريحة ضمتك فازت / ببحر ليس ينزف بالعيون
بقاؤك للمعارف والمعالي / بقاء البدر في سدف الدجون
وفقدك لاقتراب الحشر نوع / من الاشراط في أخرى القرون
وأرباب الكمال إذا تولوا / تولى الخير في دنيا ودين
ابعدكم رجال الدين يرجى / صلاح الأرض أو جبر الوهين
فلا تذهب فديتك من خليل / وان أبقيت للحمد الثمين
أتمضي والزمان على شحوب / وكان لديك في خصب ولين
أتمضي والمشاكل ناصبات / أكنت قد اعتمدت على ضمين
فلا وابيك ما بالدار خل / وقد عصفت شعوب على القطين
متى اللقيا أبا الوضاح بيني / وبينك بعد رحلتك الحجون
وهيهات اللقاء وأنت رهن / لرمس همه حبس الرهين
لقد خلفت ذا قلب طعين / بفقدك عل رثيت لذا الطعين
أجالد بين جانحتي نارا / يؤوسا من هدوء أو هدون
وما جلد عليك بمستطاع / ولكن بعض رشد للحزين
اذا استبصرت عن جلد وصبر / تلاشى الصبر في وهج الشجون
متى ترجو الحياة رخاء بال / وقد زرعت لتحصد بالمنون
حميد الذكر هل غادرت نفسا / تطيق الصبر أو بخل العيون
وما عن دعوة الرحمن واق / فديتك لا أقيك ولا تقيني
وليكن لوعة التذكار شبت / فطيرت التشبث في الرنين
وقرض الصبر مرجوع اليه / وحسب المرء من حبل متين
وما يقضي بايجاب وسلب / يكون ولا محيص لمستكين
صبرنا أم جزعنا سوف يجري / قضاء الله بالحق اليقين
أبا الوضاح هيض جناح صبري / وقللت الرزية من متوني
فبت من الهموم على المكاوي / ارادف عبرة الغرب الشنين
وكيف وبين احشائي اوار / تصاعده عن الجمر الطبين
أرى صنعاء كاسفة النواحي / وكانت منك زاهرة الجبين
حدادك أيها الثكلى مليا / ونوحك نوح ورقاء الغصون
فقد أضناك يا خنساء حزن / وعندي ما لديك فأسعديني
فما حرم الصدار عليك صنعا / وصدرك قد تفضفض بالشجون
فكم قلدت يا صنعا البرايا / صنائع منه كالدر الكنين
ومسجدك المنور اذ تعرى / من التسبيح والذكر المبين
بكى محرابه القوام فيه / اذا جال الكرى بين الجفون
وحق له البكاء وقد تردى / باردية عقيب النور جون
ويا اسفاره نوحي عليه / وقري للبلى وسط الخزين
بيان الشرع هل لك من بيان / بيان الشرع هل لك من قرين
ويا تمهيد سيدنا الخليلي / تمهد ان تعيش بلا خدين
فان العالم المقباس أضحى / لحيدا بين أحجار وطين
لقد أضحت مرابعه يبابا / لنوح البوم من بعد القطين
كأن لم تغن بالاحكام يوما / بشرع المصطفى البر الأمين
كأن لم تغن بالكافي الموفي / موازين الندى فوق الظنون
أبا الوضاح إن لاقيت حتفا / فان المرء مجراه لحين
عليك الرحمة العظمى استهلت / مسرمدة بصيّبها الهتون
سموط ثناء في سموط فريد
سموط ثناء في سموط فريد / بكل لسان قد بثثن وجيد
وحمد تغص الكائنات بنشره / اذا نشرت منه أجل برود
وذكر له تحيا النفوس بذكره / ويبعث قبل البعث من هو مودي
تعطرت الآفاق من طيب عرفه / فما مسك دارين يشاب بعود
ويزري بنور الشمس نور ابتسامه / اذا ما تجلى في صحائف سود
لمن هو أهل الحمد والمدح والثنا / لذى الفضل والألاء خير مفيد
لمن سبحته الكائنات شواهدا / بتوحيده والله خير شهيد
أعاد وأيدى من أياديه أنعما / فيا أنعم المولى بدأت فعودي
ويارب لطفا من لعبد مؤمل / بسيط لسان بالدعاء مديد
ويقصر منه القول ذكر ذنوبه / وقبح الخطايا فهو أي بليد
ويغضي حياء هيبة ومخافة / لعزك اجلالا بكل شهود
فجد بمتاب عن مقر مصرح / بذنب وتقصير وطول صدود
منيب يرجى عندك مول / بذكرك لا ذكر اللوا وزرود
فقير لما أسديت من كل نعمة / شكورلما أوليت غير جحود
دعاك ولا يرجو سواك لفقره / وأنت الذي تدعى لكل شديد
وما ظن يوما ان يخيب آمل / بباب كريم في غناه حميد
ولم يك يشقى في دعائك عمره / ومنك يرجى اليوم كل مزيد
الهي تداركني بلطف واغنني / بواسع رزق من نداك عتيد
فمهما ترد شيئا يكن بمقال كن / فهلا بكن تقضتي بأوسع جود
يجود به من جوده العمر شامل / على كل موجود بكل وجود
فما كان لي في غير جودك مطمع / وجودك منه طالارفي وتليدي
وجودك اذ عز الشفيع وسيلتي / وجودك اذ عز البريد بريدي
واني لوقاف ببابك سائل / لفضلك راج منك نجح وعودي
وقد دفعتني الكائنات بأسرها / اليك ولم تحفظ وثيق عهودي
واني ان زايلت بابك قاصدا / سواك فقد أبرمت نقض عقودي
وحاشاك عن ردي وقطع مطامعي / لشؤم جدودي واتضاح جمودي
وان كان سعي لا يفي بمطالبي / وان حظوظي عن مناي قيودي
فان بقصدي الله تغدو صعابها / وان عظمت قدرا أذل مقود
ومن يتمسك بالاله تكن له / اذا رامها العنقا أذل مصيد
ولما رأيت الحظ عني نائما / وكان قيامي فيه مثل قعودي
وان فعالي مثل مالي كلاهما / لدارس دين الله غير معيد
وان لساني مثل كفي كلاهما / لاظهار دين الله غير مفيد
وان حسامي كاليراع كلاهما / لأعداء دين الله غير مبيد
ودهري لم يأذن بغير اهانتي / واكرام خصم للاله عنيد
وغاية محصولي المواعيد والمنى / وان وعود الغدر أي وعود
ولم يبق عندي اليوم الا تمسكي / بعروة ركن للاله شديد
جمعت همومي وانتجعت بهمتي / الى باب وهاب الجدود مجيد
الى باب من يدعوه في الأرض والسما / ومن فيهما من سيد ومسود
الى باب من في كل يوم بحمده / له أي شأن في الأنام جديد
الى باب خير الناصرين وأكرم ال / فيدين خير الفاتحين ودود
الى باب وهاب الممالك قالب ال / كراسي قهار لكل عنيد
الى مالك الملك العظيم اقتداره / الى من له الأملاك خير عبيد
وقوفا على أبوابه منه راجيا / قيام حظوظي في العلى وجدودي
فتخرق لي فيه العوائد نفحة / سماوية من مبدئ ومعيد
حظوظا يقوم به الدهر فيها بخدمتي / ويسعى بما لا يشتهيه حسودي
تقوم بتدبير الاله وكيده / لأمر عليه لم أكن بجليد
وتسعى بما يرضي الاله لدينه / اذا ما أمات الحق كل مريد
بها قام من قلبي الأئمة بالهدى / وكانت لرسل الله قبل وجودي
يتم بها النعما على متمها / قديما على خير الخلائق صيد
ومن لي بهذا في زمان مضاعة / به سنن الاسلام بين قرود
ومن لي بأن يرضى الاله لدينه / بتعطيل أحكام ورفض حدود
ومن لي بأن يرضي لأمة أحمد / وقد سامها بالخسف كل كنود
ومن لي بأنصار الى الله وحده / اشداء بأس في الحروب أسود
تباري النعام الربد خليهم اذا / بحيء على نصر المهيمن نودى
يغاث بهم داع الى الله قد دعا / وخوصم في ذات الاله وعودي
ومن لي بسهم يقطع الهام والطلى / ويفري من الأعداء كل وريد
حسام لدين الله والله ضارب / بحدية والهيجاء ذات وقود
ولو عارض الشم الجبال بضربة / لناحت على طود أشم فقيد
فيا غارة الله اغضبى وخيوله / اركبي ومواضيه انعمي بورود
ومني على الأعداء منك بزورة / تريحهم من كفرهم بلحود
ويا رب مزق كل سور وخندق / عليهم وحصن شامخ ووصيد
وقد مكروا فامكر بهم وأذقهم / عواقب مكر في البلاد شديد
فطهر بقاع الأرض منهم بأنفس / من البغي تجريها بكل صعيد
وشرد بهم في كل أرض فلا سوى / قتيل ومأسور يرى وطريد
وصب عليهم سوط منتقم كما / لعاد وفرعون جرى وثمود
ولا تبق ديارا على الأرض منهم / فما قوم نوح منهم ببعيد
وعجل بنصر منك للدين مظهر / وعن كيد من عاداك غير مكيد
يقوم بأرباب الديانات والتقى / ويسطع نور الحق بعد خمود
وتنشر أعلام العلوم لواءها / بأسياف عدل لم تلق بغمود
يدبرها ماضي العزيمة حاذق / بانفاذ أمر الله غير مَؤُود
تذل له الآساد حتى النقاد لا / تذاد عن المرعى بأطلس جيد
أمين على دين الاله وشرعه / خليفته المأمون خير رشيد
به قرت الدنيا عيونا وأهلها / على العدل والاحسان منه شهودي
ومن على عبد دعاك بنظرة / تجلي على الآفاق شمس سعودي
فتشمل من في الأرض حتى أراهم / الى الله أنصاري وفيه جنودي
فاحشد في نصر الاله ودينه / ومن قام بالدين الحنيف حشودي
فأصبح منصورا مطاعا مؤيدا / بفتح وتمكين وجاه سعيد
عسى ولعل الله يظهر دينه / على كل دين لم يكن بسديد
فتخضر آمالي وتورق منيتي / ويثمر في دوح المكارم عودي
فانك فعال لما قد تريده / قدير على ما شئت خير مريد
الهي استجب دعوى اليك بعثتها / وقد طال ترجيعي بها ونشيدي
عقود ثناه قد أجدت نظامها / وان كنت للأشعار غير مجيد
قصدت بها باب المليك ولم تزل / على بابه الآمال خير وفود
وصل وسلم مثل معلوم ما يجري / به القلم الأعلى من الخلق والأمر
بلا أمد يأتي ولا منتهي حصر / على المصطفى الهادي محمد البر
لا تكترث بالليالي إنها دول
لا تكترث بالليالي إنها دول / لا يستمر لها حزن ولا جذل
كأن حلة حرباء تلونها / لا تظهر الشكل الا ريث ينتقل
ولا تضق بالقضايا في تقلبها / في طي كل شديد خيرة جلل
اذا اعتبرت صروف الدهر مرسلة / ايقنت ان القضايا كلها نقل
وان تفكرت في خطب لتنسفه / بصولة الرأي غرت فكرك الحيل
من اوزع الفكر في شيء يقدره / إلا اعتبارا صمى ايزاعن الخبل
ما فكرة المرء فيما ليس يملكه / من أمر مولاه الا فكرة خطل
لا تحترس بذكاء عند مقدرة / قد يهشم الانف امر تتقى المقل
تيقض الحزم والاقدار جارية / هم برد قضاء ما له قبل
جالد صروف الليالي بالتجلد واف / طن أن احوالها حل ومرتحل
بينا وقيد الرزايا في مهانتها / سما به الجد واستخذى له الأمل
ليصحب المرء في امريه منصرة / من اليقين بان الحال تنتقل
لو ابصر الحر ما بيدي مزيته / من المكاره طابت عنك الغيل
مزية الحر ما عيب الحسام به / ان كان عيبا يحد الصارم الغلل
اسنى الفضائل يبدي شر صفحته / كان ضد الرزايا دونه كلل
صك الخطوب بخطب اسمه جلد / والق الامور بحلم شخصه جبل
وصانع الناس لا نكسا ولا ملقا / بما يسرك من تلقائه الرجل
والبس لدهرك ان لم تزك سيرته / من التجمل ما تزكو به الخلل
مالي وللدهر يغري بي حوادثه / كأن صبري على لأوائه زلل
كان فضلي في عين الزمان قذى / لقد درى انه في عينه كحل
كأن همي سهم في مقاتله / ومذهبي في العلى رجله كبل
اذا تشطت لحقي في العلى عرضت / أمام عزمي في اعراضه علل
لا اجتني خطة الا مخالسة / ودون اتمامها الاهوال تشتعل
ما سرني درك مجد لا تقارعني / من دونه نكبات الدهر والغيل
ولا هنئت بفضل لا تراقبني / من الرزايا عليه خطة جلل
ارى العلى بخطوب الدهر سامية / كأن طرق الرزايا للعلى سبل
قد يكسب المجد مجدا من رزيئته / كجوهر التبر تبدي حسنة الشعل
أقول للدهر ارسلها العراك فان / اجزع لحظتها فالويل والهبل
وهات كاسك ان صابا وان عسلا / فقد تساوى لدي الصاب والعسل
اني انفت من البقيا إذا أنفت / الا اغتيال السري الماجد العضل
متى اضيق بخطب غبه فرج / ونازلات الليالي كلها ظلل
ما ان شهدت امورا وهي مدبرة / لها واعقب من اضدادها قبل
لا آمن الدهر في لين وفي شعث / وطبعه للوفا والغدر محتمل
ما أطيب العيش لولا ان يشاركني / فيما ينغصه الهيابة الوكل
ولست ارتاد ماء ما به كدر / الا اذا كان دهري ما به دغل
ليت الحوادث لا تعدو مساورتي / ولا عرى يد دهر كادني شلل
ان لم اسلط اذا اتقضت عزائمها / بوادر العزم مهتزا لها زحل
ليعلم الجد أما زل بي قدما / اني على جد عزم ما به زلل
صادر همومك والاخطار كالحة / ما يلزم الوهن الا الخامل الوكل
فان افاتك سوء الجد صالحة / فحد همك في ادراكها بدل
من يعطه الله فيها نفسه كرهت / صبرا فما كرهت بالخير مشتمل
فضيلة العزم عما لا تقاومه / عزيمة الفضل فيما تبتغي خول
لبست لمحة طرف نعمة بليت / كما تمزق عن اصليته الخلل
فما جذلت لخير في يدي أجل / ولا جزعت لشر بعده أمل
صارفت صرف زماني بالتي حسنت / في اعين المجد واهتزت لها الفضل
حتى م ارسف في قيد له ذهلت / عني الجدود وصبري ليس ينذهل
وفيم تهتضم الايام بادرتي / فعل الوتير وحسن الواتر الدخل
اليس جوهر عرضي لا ينافس في / اعراضها انها الآفات والغيل
تصدني عن مساع كلها غرر / في جبهة الدهر أو في ساقه حجل
والحظ كاب عقير في براثنها / كأنه أمل ينتاشه أجل
اراقب الجد في نصري فينشدني / لا ناقة لي في هذا ولا جمل
هذا اعتذاري الى العلياء ان طمحت / ما لزني خور عنها ولا فشل
ما ذنب امنية يغتالها قدر / في امرها وقضاء الله يعتقل
اصبحت والدهر من بغضي به جرب / آسيه نبلا وما ينفك يأتكل
اذا تطارحت اغري بي سماسمه / وان تنمرت حاصت عني الحيل
وان بسطت نوالي سامني سفها / اعن سفاهة رأي يفضل النبل
المال لا شيء عندي كي اضن به / في موضع الفضل واللاشيء مبتذل
علق المضنة ما تزكو مزيته / والفضل في الله علق ما له مثل
يزكو الثراء على التوزيع يذهبه / في الله والحمد ليس اللهو والختل
عودت ربي إنفاذي فواضله / فيه وعودني التعويض ينهمل
عوائد الله أغنى لي وان تربت / كفي ونعمة ربي نعمة جلل
يكفي من الوفر ان تبقى محامده / ما أحمد الوفر حسن الحمد يأتثل
حقائق المال كانت في العطا غررا / ولا مزية أن لا تتبع النفل
اوجب لسالبة الانفال فضل يد / فانما سلبها الاعطاء والنفل
لن يلبث المال تذروه الرياح ويب / قى من صفاياه ما شدت به الخلل
نفاسة الفضل علق لا تنافسه / اضبارة من حطام حالها حول
ضمانة الله للانسان كافية / ففيم تدبيره والحرص والعجل
ان كنت تملك بالتدبير رزق غد / فلترجع فائتا من امرك الحيل
كلا لقد اعجز التدبير ما حتمت / به الامور فلا جد ولا خول
ثبت يقينك فيما الله قاسمه / لا بد آتيك لا فوت ولا ميل
اني لا علم امرا ليس يجهله / دهري ولكن صوابي عنده خطل
أيجهل الدهر اذ خضت الغمار به / ان ليس يعحزني عن خوضه الوشل
وهل نفذت شهابا والخطوب دجى / وعندي الصارمان القول والعمل
وهل تقلد جيد المجد من أدبي / مالا تنافسه الجوزاء والحمل
انا ابن بجدة امر لا قرار له / لها على خطة أس لها زحل
على م تنحلني الايام نحلتها / جهلا على خلة ما شانها خلل
تنحو على فضل أوطاري فتعكسها / فلست ابرام امرا ليس ينفتل
قارعت اطوارها حتى خذيت لها / وبي من الصبر مالا يحمل الجبل
وارجف الغدر هيض العظم من عسر / نعم ولكن وفائي الدهر متصل
ان يعقل العسر فضلي عن مواقعه / فلي خليقة بر ليس تعتقل
اذا زكى خلق من اصله نزعت / الى الكمال على علاتها الخلل
لا تنفق النفس إلا من جبلتها / والفضل في النفس ليس المال يؤتثل
عقائل المال تؤتاها وتنزعها / وما عقلية فضل النفس تنتقل
اذا جبلت على امر حمدت به / عداك ذم وان جدوا وان هزلوا
لتبلونك أخطار فكن خطرا / يكاد منك فؤاد الدهر ينذهل
ولا تنم وعيون الدهر ساهرة / وان تناوم فهو المكر والختل
وخذ حقائق ما تخشى عواقبه / من الأواخر مما آتت الأول
وارغب بنفسك ان تخزى على طمع / دع المطامع ترعى خزيها الهمل
واختر على الذل عزا ان تسام به / فدون وجهك في ادراكه سبل
غيظ الزمان اذا عز الكرام به / غيظ المفاخر تعطو نحوها السفل
فلتشف نفسك من عز تغيظ به / قلب الزمان ولو في الحتف ترتسل
ماذا تريد من الدنيا تعانيها
ماذا تريد من الدنيا تعانيها / أما ترى كيف تفنيها عواديها
غدارة ما وفت عهداً وإن وعدت / خانت وإن سالمت فالحرب توريها
ما خالصتك وإن لانت ملامسها / ولا اطمأن إلى صدق مصافيها
سحر ومكر وأحزان نضارتها / فاحذر إذا خالست مكراً وتمويها
وانفر فديتك عنها أنها فتن / وإن دعتك وإن زانت دعاويها
كذابة في دعاويها منافقة / والشاهدات على قولي معانيها
تريك حسناً وتحت الحسن مهلكة / يا عاشقيها أما بانت مساويها
نسعى إليها على علم بسيرتها / ونستقر وإن ساءت مساعيها
أم عقوق وبئس الأم تحضننا / على غذاء سموم من أفاعيها
بئس القرار ولا ننفك نألفها / ما أعجب النفس تهوى من يعاديها
تنافس الناس فيها وهي ساحرة / بهم وهمهم أن يهلكوا فيها
يجنون منها على مقدار شهوتهم / وما جنوه ذعاف من مجانيها
من الذي لم ترعه من طوارقها / وأي نفس من البلوى تفاديها
كل البرية موتور لما فتكت / لا ثار يؤخذ لا أنصار تكفيها
تروعهم روعة للحسن مدهشة / وهي الحبائل تبديها وتخفيها
ما أغفل الناس فيها عن معائبها / وإنما راقهم منها ملاهيها
وللبصائر حكم في تقلبها / بأن عيشتها فيها سترديها
غول تغول أشكالاً حقيقتها / مكراً ولا يرعوي عنها مدانيها
نجري إلى غاية فيها فتصرعنا / لا بد من صرع جار في مجاريها
وإن داراً إلى حد نصاحبها / من أحزم الأمر إنا لا نصافيها
أنيَّ نصافي التي آباءنا طحنت / والآن تطحننا الانياب في فيها
أنستقر على لهو بلا ثقة / ولا أمان ولا نفس تعافيها
ما سالمت من نأى عنها وحاربها / ولا تسالم قطعاً من يداجيها
لا ترحم الطفل تردى عنه والده / ولا الثكالى ولو سالت مآقيها
لم تهدء الدور من نوح وصارخة / ولا المقابر من مستودع فيها
نمر بالطرق والايتام تملأها / ولا نفكر فيمن كان يؤويها
ونرسل الطرف والأبواب مغلقة / والدور فارغة والدهر يبليها
أين الذين غنوا فيها مقرهم / أظنهم في طباق الأرض تطويها
أين الذين عهدنا أين مكثهم / أين القرون لمن تبقى مغانيها
أين الحميم الذي كنا نخالطه / أين الأحبة نبكيها ونرثيها
أين الملوك ومن كانت تطوف بها / أو من ينازعها أو من يداريها
أين الأباعد أين الجار ما فعلت / بهم بنات الليالي في تقاضيها
لو أمكن القوم نطق كان نطقهم / ريب المنون جرت فينا عواديها
عظامهم نخرت بل حال حائلها / تربا لدى الريح تذروها عوافيها
لا شبر في الأرض إلا من رفاتهم / فخل رجلك رفقاً في مواطيها
نبني القصور وذاك الطين من جسد / بال ونحرث أرضاً مزقوا فيها
عواتق الناس لا ترتاح آونة / من النعوش ولا يرتاح ناعيها
ما بين غارة صبح تحت ممسية / يراقب الناس إذ نادى مناديها
تغدو وتمسي على الأرواح حاصدة / لا ينتهي الحصد أو تفنى بواقيها
ونحن في أثرهم ننحو مصيرهم / وجوعة اللحد تدعونا ونقريها
والعين جامدة والنفس لاهية / والزاد ذنب إلى عقبى نوافيها
ونهمة النفس فيما تشتهيه طغت / على الأزمة والآمال تطغيها
ما هكذا عمل الأكيَاس فانتبهوا / من غفلة وعمايات نواتيها
حقاً ولا سلك الأبرار مسلكها / ساروا خماصاً من الدنيا وما فيها
شدوا الحيازيم صبراً عن زخارفها / إذ كل ما زخترفته من مخازيها
لا تحسن الظن فيها أنها ملئت / غدراً ولا تتبعوها في دعاويها
فالكيس الحر من يقوى بعفوتها / على السلوك إلى دار تنافيها
تدعو حذاراً وتزهو من ملابسها / تذللاً لجهول ليس يدريها
والمدركون لمعناها رأوا أجلاً / ينعى الركون إليها في دواهيها
فشمروا الذيل واستاقوا نفوسهم / سوق القلاص سراعاً عن مراعيها
تعرضت لهم فاستبصروا جنفا / عنها سوى بلغة في ربهم فيها
ماذا يريدون منها وهي شاهرة / سيف الملاحم لا ترثي لأهليها
دست شباك هلاك تحت زخرفها / فما تورط فيها غير باغيها
تخفي الدسائس خدعاً في بشاشتها / لكنه بان للابصار خافيها
لم ينج منها سوى المستبصرين بها / ولا توهق فيها غير غاويها
تأثلوا صالح الأعمال وامتثلوا / بغضاً ولم يستقيموا نحو تاليها
وكان من شأنهم أن لا تغرهم / نضارة حشوها الحيات تغريها
فروا إلى اللّه من دنيا تجارتها / خسر وغم وآفات تصاليها
رأوا يقيناً بأن اللّه حقرها / فنابذوها ولم يصغوا لداعيها
وحاربوا النفس والشيطان واجتنبوا / ذل الحياة لري من سواقيها
تلكم هموم رجال نحو ضرتها / ليست غضارة دنياهم تناويها
أزكى بضاعتهم منها قناعتهم / على الكفاء وأن تبقى لأهليها
تلك البضاعة لا الأموال تجمعها / وعن قريب إلى الوراث تلقيها
تشقى بمكسبها والخصم يأكلها / صفواً يمتع نفساً ما يمنيها
دفنت من بعد اخراج الدفين لهم / وصار دفنك للأعداء ترفيها
وصرت في القبر مرهوناً بمأثمها / وفات نفسك في العقبى تلافيها
أعدد جوابك في حين الحساب إذا / نوقشت كيف أتت أو كيف تجريها
ما تبتغي من حطام أصله تعب / والمنتهى حسرة لا حد يقصيها
كم تخزن المال لا تعطى حقائقه / تلك المخازن ملأى من مكاويها
ماذا تريد بجمر عشت تركمه / جحيمه باشتداد الحرص تذكيها
هلا نجوت سليماً من معاطبها / فالنفس ميسور هذا العيش يكفيها
قرص وطمر وشكر فهي مملكة / عظيمة ملك كسرى لا يوازيها
هي السلامة لا كي الجباه بما / كنزت لا تتوخى فيه تنزيها
ارفق بنفسك لا تقوى على سقر / وافزع إلى اللّه من ذنب سيخزيها
ارحم عظامك أن تصلى بزفرتها / وخز البعوضة لو فكرت يؤذيها
ألا يهولك ما قدمت من خطأ / إن الذنوب ديون سوف توفيها
بادر إلى توبة تمحو الذنوب بها / فما سوى أوبة الاخلاص ماحيها
بادر لأوبة نفس كلما أدكرت / قبح الخطيئة نار الخوف تشويها
وحقق الصبر واعزم عزم مصطبر / في حربك النفس تغنيها وتطويها
واركب مطايا الليالي في العبادة لا / تنم على غفلة المغرور تقضيها
لطالما شحنتها منك منقصة / شغلاً بدنياك عن عقبى ستنهيها
يمر عمرك لا حسنى بها رمق / تجديك نفعاً ولا شنعاء تنفيها
ولا هوى يعقب الأهوال تدفعه / ولا مراشد تأتيها وتحويها
تمضي لياليك صفراً منك من حسن / وبالفظائع والحوبات تزجيها
جلال ربك لا تخشى وسطوته / وأخذة العدل حتماً أنت لاقيها
لزمت فعل معاصيه برحمته / أنعمة اللّه بالكفران تجزيها
تغذوك نعماه يا بطال نامية / بغير حولك فضلاً منه يوليها
وأنت تقوى ملياً في مساخطه / بنعمة منه لا مخلوق يحصيها
فافرغ الدمع إن الذنب منطبق / يا غمة ليس غير التوب يجليها
من مقلة ملأ العصيان ساحتها / دعها من الخوف منصباً عزاليا
عساك تغسل أدرانا بها اتسخت / صحيفة طالما اسودت نواحيها
واندب حياتك فالحدباء باركة / بعتبة الباب لا تردى براقيها
حامت عليك المنايا وهي واقعة / كيف الأمان ورأس الروح في فيها
لا تبعد الموت وارقبه باهبته / واهبة الموت بالتقوى توفيها
خذ فسحة العمر من أيدي بطالته / إن الأماني والتسويف يرديها
إن المنية لا تقدير يمنعها / لها جياد إلى الغايات تجريها
الوالدين ونسل الظهر قد أخذت / وأنت من فعلها فيهم تفاديها
كم قد دفنت وكم ترجو لتدفنه / وأنت نفسك بالآمال تغريها
كلا ستهجم عند الحد غايتها / فليس يفديك شاكيها وباكيها
فكر إذا قعقعت في الصدر حشرجة / هل أنت بالمال تلك الحال تكفيها
والروح تنساب من أقصى اكنتها / والعين شاخصة والكرب يعميها
ملقى صريعاً وعزرائيل ينزعها / وغصة النزع والحلقوم تلويها
تلك المصارع لا توقى بمقدرة / ولا يحاول أن يوقى ملاقيها
لا بد منها ولا أحكام تكشفها / وإنما الشأن في إحسان تاليها
قد بين اللّه للتقوى مراشدها / لم يخف عنك هداها من مناهيها
فاثبت على خطة التقوى تفز أبداً / لا تلق نفسك تهوي في مهاويها
لا تستخفنك الدنيا بزهرتها / فاخسر الناس في أخراه هاويها
فقد تبين منها فوز تاركها / كما تبين منها خسر غاويها
وارغب إلى اللّه في إحسان خاتمة / تلقى بها اللّه والرضوان يؤتيها
فإنما بالخواتيم الأمور عسى ال / رب الكريم بفضل منه يسديها
طنبت في الوادي المقدس خيمتي
طنبت في الوادي المقدس خيمتي / ورعيت بين شعوبه أغنامي
قل للذئاب الكاسرات تفسحي / عز الحمى وأعز منه الحامي
فلقد نزلت على عظيم قادر / عز الجلال اليه والأكرام
يقضي ولا يقضى عليه نزيله / لو كاده الثقلان غير مضام
من بعد ما طردت كل مطرد / ونشبت بين أظافر الأيام
سترتني الأسماء في ملكوتها / فحجبت عن فهمي وعن أوهامي
وسقتنيَ الأسرار شربة ذوقها / فعجزت عن تعبيره وكلامي
وذكرت من هو في الحقيقة ذاكري / وحقيقتي لا شيء وهي مقامي
وحقيقتي أني محوت حقيقتي / اذ ثبتها صنم من الأصنام
لما محوت اسمي باسم محققي / مكنت فوق رؤوسهم أقدامي
أنفقت وجداني لوحدة موجدي / وعلى سواه حقائق الاعدام
واردتي اياه ظل ارادة / سبقت له في النقض والابرام
ما يفعل المرء إن زاد الغرام به
ما يفعل المرء إن زاد الغرام به / ومن يحبُّ بحب الغير مشغولُ
إن رام تركا ً فهذا لا سبيل له / اورام صبرا ً فعقد الصبر محلولُ
خَلّ الصبابة تسري في خليقته / والحب من سره لطف وتذليلُ
لعل سكرته في الحب تجذبُه / ُ الى وصالك يوما ً وهو مذهولُ
فاصبر عليه وخل الحب ينحله / جرح بجرح وما في الحب تبديلُ
أشعة الحق لا تخفى عن النظر
أشعة الحق لا تخفى عن النظر / وانما خفيت عن فاقد البصر
وكلمة الله لم تنزل محجبة / عن البصائر بين الوهم والفكر
نادى المنادي بها بيضاء نيرة / حنيفة سمحة لم تعي بالفطر
أقامها الله دينا غير ذي عوج / جاء البشير بها للجن والبشر
والجاهلية في غلواء عارضة / من جهلها ومن الأشراك في غمر
فقام مضطلعا ثقل الرسالة مج / دود العزائم فرداً خيرة الخير
والوحي يأتي نجوما معجزا قيما / والشرك يكبت والإسلام في ظفر
وكلمة الله تعلو فوق جاحدها / وآية الحجر تمحو آية الحجر
حتى تجلى منار الدين منبلجا / بصادع الذكر والصمصامة الذكر
وآمنت برسول الله طائفة / أعطاهم السبق فيه سابق القدر
زكى قلوبهم النور المبين كما / يزكو النبات بما يلقى من المطر
لاقى صدورهم الإيمان فانشرحت / له وقاموا به في عزم منتصر
تأزروا شعب الإيمان وانتبهوا / بين الجهادين منهم أنفس العمر
أحاطهم وأمين الله فانتشئوا / بين الأمينين والقرآن في وزر
غذاهم الوحي في مهد الرسالة من / طور إلى آخر كالماء في الشجر
نور بواطنهم نور ظواهرهم / نور خلائقهم في الفعل والخبر
تضائق الملأ الأعلى مكانتهم / في فطرة الله لا في فطرة البشر
كم جاء جبريل في أحزابه مددا / من السماء على المعتاقة الضمر
خير القرون قرين المصطفى وكذا / حكم القرينين لا ينفك من أثر
فمات عنهم رسول الله عدتهم / كالأنبياء عدول الحكم والسير
وكلهم أولياء غير مقترف / كبيرة لم يتب منها فمنه بري
ومن مصوب ذي بطل لدى فتن / لا واقف جاهلا من بالصواب حري
وعالم الحق في حزن توقف عن / علم فذاك وقوف غير مغتفر
تشهيا أو رجوعا عن بصيرته / فالحكم يبرأ من هذا بلا حذر
وهم وإن شرفوا من أجل صحبته / فحكم تكليفهم كالحلم في البشر
ومدحه لهم فرع استقامتهم / في طاعة الله لا مدحا على الغير
وللموفين في الإيمان متجه / ما جاء من مدحهم في محكم السور
وفي البراءة من أبقى ولاية ذي / بطل المحض عموم المدح في الزبر
والحب والبغض فرضان استحقهما / خصمان في الله من بر ومن فجر
والأمر يبنى على الأعمال كيف جرت / والمدح والذم بحتا غير معتبر
وأكرم الخلق أتقاهم فليس إذا / للمدح والذم بالأهواء من أثر
فيم المحاباة ما قربي بمزلقة / من دون تقوى ولا بعدي على خطر
لا نسل لا أهل لا أصحاب يفرقهم / دينا عن الخلق حكم ما من الصور
نادى العشيرة في رأس الصفا علنا / وصاح فيهم رسول الله بالنذر
فأنظر إلى حكمة التخصيص كيف أتت / للأقربين من أهل البدو والحضر
ليعلموا أنه التكليف لا نسب / يغني ولا فيه دون الله من وزر
لو كان بالشرف التكليف مرتفعا / إذا تعطل عدل الله في الفطر
وحجة الله بالتكليف لازمة / سيان في الأمر مفضول وذو الخطر
للرسل والملأ الأعلى وأشرفهم / بالاستقامة تكليف بلا عذر
الكل في قرن التكليف مؤتسر / ما بال من ليس معصوما من الغير
لا نبخس الناس بالأهواء حقهم / ولا نبالي بقدح الخاتر الأشر
قد جاءنا الله بالقرآن بينة / وسنة الحق والاجماع والأثر
فما وجدنا بحكم الله عاصية / لمحض قرباه معدودا من البرر
ولا تقيا لأمر الله متبعا / بالحب حكما لأجل البعد غير حري
كمال توحيد ربي حب طائعه / وبغض أعدائه في السر والجهر
يا من أعاب على الأبرار نحلتهم / اعيت ويلك دين الله عن بصر
هم حجة الله أهل الاستقامة ما / خامت عزائمهم عن آية الزمر
متى جهلت أبا السبطين خطته / وأنت أعلم أهل الطين والوبر
حاكمته بعد ما ألحمته قرما / بعقر سبعين ألفا عقرة الجزر
حاكمته بعد عمار وروحته / إلى الجنان وبعد السادة الطهر
حاكمته بعد حكم الله فيه بما / يشفي الغليل وقد أيقنت بالظفر
أقمت في البغي حد الله أولها / ففيم تستن بالتحكيم في الأخر
أصبت في حربك الباغين ثغرتها / بحكم ربك لم تضلل ولم تجر
قبلت عوراء من عمرو يفت بها / سواعد الدين فت العصف بالحجر
ولم تعر نصحاء الدين واعية / وليت للأشعث الملعون لم تعر
فأصرف أعنتها صوب العراق فقد / سدت عليك ثغور الشام بالبدر
فطالبو الدين قد نابذت عصمتهم / والأمر من طالبي الدنيا على ضرر
فيم الحكومة أخزى الله ناصبها / لم يترك الله هذا الحكم للبشر
ولست في ريبة مما عنيت به / ولا القضاء قياسي على صور
فما قتالك بعد الحكم راضية / وما قتالك من لم يرض بالنهر
قد ارتكبت أبا السبطين في جلل / وفاتك الحزم واستأسرت للحذر
وما قتال ابن صخر بعدما انسكبت / خلافة الله في بلعومه البحر
حكمته في حدود الله ينسفها / نسف العواصف مندوفا من الوبر
بأي أمريك نرضى يا أبا حسن / تحكيم قاسطهم أم قتلة البرر
أم بانقيادك عزما خلف أشعثها / يفري أديمك لا يألو بلا ظفر
أرضعته درة الدنيا فما مصحت / وأنت من دمها ريان في غمر
ما زال ينقب خيل الله مشئمة / فاعرقت صهوات الخيل بالدبر
ألم تقاتله مرتدا فمذ علقت / به البراثن ألقى سلم محتضر
يلقى شراشره مكرا عليك وما / ينضم من حنق الأعلى سعر
أصبحت في أمة أوترت معظمها / بهيمة الله بين الذيب والنمر
تسدد الرأي معصوما فتنقضه / بطانة السوء مركوسا إلى الحفر
تنافرت عنك أوشاب النفاق إلى / دنيا بني عبد شمس نفرة الحمر
محكمين براء من معاوية / ومن علي يا ليت الأخير بري
والقاسطين أبي موسى وصاحبه / عمرو اللعين فتى قطاعة البظر
وقاسطي الشام والراضي حكومتهم / من أهل صفين والراضي على الأثر
ليت الحكومة ما قامت قيامتها / وليتها من أبي السبطين لم تصر
ملعونة جعلتها الشام جنتها / من ذي الفقار وقد أشفت على الخطر
عجت بتحكيم عمرو بعدما حكمت / همدان فيما بحكم البيض والسمر
تبا لها رفعت كيدًا مصافحها / ومقتضاهن منبوذ على العفر
مهلا أبا حسن إن التي عرضت / زوراء في الدين كن منها على حذر
ضغائن اللات والعزى رقلن بها / تحت الطليق وعثمانية الأشر
لا تلبسن أبا السبطين مخزية / فذلك الثوب مطوي على غرر
لم تنتقل عبد شمس من نكارتها / دم الكبود على أنيابها القذر
فما صحيفة صفين التي رقمت / إلا صحيفة بين الركن والحجر
نسيت بدرا واحدا يا أبا حسن / وندوة الكفر ذات المكر والغدر
ويوم جاءك بالأحزاب صخرهم / فاندك بالريح صخر القوم والذعر
وفتح مكة والأعياص كاسفة / وأنت حيدرة الإسلام كالقدر
والقوم ما أسلموا إلا مؤلفة / والرأي في اللات بين السمع والبصر
متى ترى هاشم صدق الطليق بها / وثغرة الجرح بين النحر والفقر
ما لابن هند بثار الدار من عرض / له مرام وليت الدار في سقر
لقد تقاعد عنها وهي محرجة / حتى قضت فقضى ما شاء من وطر
تربص الوغد من عثمان قتلته / فقام ينهق بين الحمر والبقر
ينوح في الشام ثكلى ناشرا لهم / قميص عثمان نوح الورق بالسحر
حتى إذا لف أولاها بآخرها / بشبهة ما تغطى نقرة الظفر
أتاك يقرع ظنبوب الشقاق له / روقان في الكفر من جهل ومن بطر
تعك عك نفاقا خلف خطوته / كأنها ذنب في عجمه الوضر
يدير بين وزيريه سياسته / عمرو وابليس في ورد وفي صدر
وعزك الجد والتوفيق فانصدعت / سياسة الدين صدعا سيء الأثر
قد كنت في وزر ممن فتكت بهم / أحسن عزاءك لست اليوم في وزر
ما ذنب عيبة نصح الدين إذ عصفت / بهم رياحك لا تبقى ولم تذر
بقية الله قد هاضت عظائمهم / عرارة الحرب أو هوان في السحر
اقعصتهم في صلاة لا بواء لهم / هلا مشابرة والقوم في حذر
قد حكموا الله لم يفلل عزيمهم / عن نصرة الله قرع الصارم الذكر
رميت سهمك عن كبداء في كبد / حرى من الذكر والتسبيح والسور
إن القلوب التي ترمي تطير بها / مصاحف الذكر والإيمان لم يطر
ما علقوها على أعناقهم غرضا / فاكفف سهامك واكسرها عن الزبر
أعظمتها يوم أهل الدار ترفعها / واليوم ترمي كرمي العفر والبقر
هانت عليك جباه ظلت ترضخها / لطالما رضختها سجدة السحر
لم تقتل القوم عن سوء بدينهم / وانما الأمر مبني على القدر
قتلتهم بروايات تقيم بها / عذر القتال وليست عذر معتذر
ماذوا الثدية الا خدعة نصبت / للحرب توهم فيها صحة الخبر
وما حديث مروق القوم معتبر / فيهم لمن سلك الإنصاف في النظر
خلصت نفسك بالتحكيم منخدعا / وأنت أولى بها من سائر الفطر
فحكموا الله واختاروك أنت لها / فكان قولهم نوعا من الهذر
وقلت قد مرقوا اذ هم على قدم / صدق من الحق لم يبطر ولم يجر
مضوا به قدما جريا على سنن / للمصطفى وأبي بكر إلى عمر
ما بدل القوم في دار ولا جمل / وهم على العهد ما حالوه بالغير
شفيت نفسك من غيظ بها بدم / من مهجة الدين والإيمان منفجر
دم ابن وهب وحرقوص وحبرهم / زيد ابن حصن خيار الأمة الطهر
دماء عشرين ألفا وقت جمعتهم / وسط الصلاة همت كالوابل الهمر
ليهنك الدم يا منصور قد رجفت / منه السموات والارضون من حذر
لو ان رمحك في حرقوص اشتركت / فيه الخليقة أرادهم إلى سقر
يا فتنة فتكت بالدين حمتها / تذوب من هولها ملمومة الحجر
ما ساءني أن أقول الحق أنهم / قوم قتلتهم بغيا بلا عذر
وانهم أولياء الله حبهم / فرض وبغضهم من أفظع النكر
صلى الإله على أرواحهم وسقى / أجداثهم روحه بالأصل والبكر
عش ما تشاء وراقب فجعة الأجل
عش ما تشاء وراقب فجعة الأجل / سينقضي العمر في بطء وفي عجل
تلهو بتصويرك الآمال مغتبطا / وبين جنبيك ما يلهي عن الأمل
تناقلتك ليال غير راجعة / وما تجاهك يوم غير منتقل
ماذا يغرك من دنيا نضارتها / نهب المنون ومجراها الى الزلل
قالوا دسائسها في طي زخرفها / وقلت قد صرحت بالسم في العسل
لم تخف عيبا ولم تأخذ مخالسة / ولا الهناء بها الا على علل
هل في مصارع أجيال بهم فتكت / عذر المحيل عليها شنعة الأمل
فما التهافت منا في مهالكها / جهل بماض ولا علم بمقتبل
ما باينتك عواديها مصادقة / ولم تعاهدك أمنا غارة الغيل
رأي الركون الى افاتها سفه / وصفوها بين نابي مهلك جلل
ما شأن صولاتها البقيا على أحد / وانما أجل يتلو خطى أجل
بئس القرارة أهنى عيشها رنق / ينتابه الحتف بالابكار والأصل
انجاز ايعادها بالموت منتظر / والقول عن مقتضاها غير مفتعل
ما أصدق العلم بالغدر المشوب بها / واكذب الظن في التغرير والأمل
خسيسة الطبع بالأكدار طافحة / ختالة تخلب الألباب بالحيل
لا تستقيم لريعان الشباب ولا / لرائع الشيب منها لحظة الجذل
تضيع عمر بنيها تحت عرتهم / بها وحاصلهم منها على دغل
تزال تنبت نفسا ثم تأكلها / وانما يحرث الحراث للأكل
تسعى جنائزها بجرا حقائبها / مما انتهبن بحرب الصبح والطفل
ما بين صادرة في وجه واردة / ينتبن فل بقايا غارة الأجل
ما بالنا ومطايا الموت تنقلنا / نلهو بما قيل "ان العز في النقل"
ان الملاط الذي نبني البلاط به / رفات من نقلت بالأعصر الأول
لو كان تقديرنا تخليد قاطنها / لأوجب العقل أن تلقى على العلل
فكيف وهي حياة لا عتاد بها / مغمومة بالشقا والويل والهبل
أضحية الحتف لا ترجو مغادرة / والأرض تبلع والجزار في العمل
كم زفرة لنعي ما أذنت لها / ولا مشفعة من صارخ صحل
زمازم الموت في الأذان صادعة / لكن الى فبب الألباب لن تصل
يا رب نادبة ما جف مدمعها / وعينها في نظام الحلي والحلل
حتى متى نحن والآجال تحفزنا / والجد والهزل منا تابع الأمل
نرى مصارع قوم جل فقدهم / كفقدنا في الملاهي صالح العمل
نفني الدموع ونرثي من نظن به / ومالنل برثاء الرشد من شغل
كأننا في أمان من مصارعهم / أو المنايا عن الأحياء في كسل
كلا ولكنهم صاروا لنا فرطا / والركب مرتحل في اثر مرتحل
ومن تكن هذه الساعات أنيقة / قضى المسافة لم يملل ولم تطل
فقدت نفسي فخلت الدمع سال بها / والعهد بالنفس قبل اليوم لم تسل
وليس بدعا اذا ذابت بفادحة / ذابت عليها صخور السهل والجبل
حمت لنا حزرة لم تبق من خلد / بغير خالدة الأحزان منفعل
ما كنت أحسب أن أحياء وادركها / يدا تقلد جيد المجد بالعطل
أبكت سماء وأرضا وهي ضاحكة / على السلامة ان طالت ولم تطل
وليتها حيث أبكت كل كائنة / رقت بقلب من التهويل منذهل
ماذا نحاول من ريب المنون اذا / قلنا حنانيك أو سيري على مهل
أبعد ما طحنت أجيال أولنا / يبقى الأواخر في البقيا على أمل
أم بعد اعجالها الأبرار تنسفهم / نسف الزعازع ننهاها عن العجل
هيهات يرقأ دمع من مصائبهم / أو يصبح الكون منهم مقفر الطلل
أما تراها سهاما تنتحى كبدا / مقروحة وجراحا غير مندمل
لا تترك الجرح الا ريث تنكئه / ولا تسعر قلبا غير مشتعل
نقارع النفس والشيطان ينصرها / وما لنا بقراع الموت من حيل
في كل ناد نداء الموت مصطخب / وكل دار بها دور من الأجل
فلا نؤسس صبرا غير معتقر / ولا ندافع صبرا غير معتقل
لو دافع الصبر حزنا ثم اذهبه / لكنت بين رجال الصبر كالجبل
لكن من الخطب خطب لو يقاومه / صبر الجليد انثنى بالدحض والفشل
فقدت كفل اصطبار كان يكفلني / في النائبات فخان الآن مكتفلي
فليس بعد مصاب الدين من طمع / في الصبر أو الجزع بالصبر منعزل
يا ناعي الدين هل أبصرت من بقيت / فيه بقية رشد غير منذهل
غادرت في أنفس الأكوان حشرجة / فان قضى الكون فاستسلم ولا تسل
لا غرو إن فاضت الأكوان آسفة / لفقد فرد على الأكوان مشتمل
يا ناعي الغوث هل لاقيت من خلف / ممن نعيت وهل قدرت من مثل
يا ناعيا سيد الأبرار هل تركت / بالله فينا المنايا اليوم من بدل
يا ناعي القطب من ذا قام موقفه / فصار قطب مدار العلم والعمل
نعيت فردا أم الدنيا بأجمعها / إني أحس بدهش شامل جلل
إني أحس بدهش غم كاربه / حتى الملائك حتى برزخ الرسل
تنعى ابن يوسف فتح السالكين وخ / تم الواصلين مربي الأنفس الكمل
محمدا مدد ألأمداد روحهم / مروع النفس أن يعمل وان يقل
مقدس الشرفين المطعم الجفلى / كافي الكفاة المرجى طاهر الخلل
مرزء الأرض خلاها وحل بها / لك السلامة لم تحلل ولم تحل
نعم حللت قلوبا لا تزال بها / فأين أنت وفي الألباب لم تزل
بل أنت في الرفرف الأعلى وغبطته / في البشر والروح والريحان والجذل
لقيت وعدك من حسنى مخلدة / ونحن للفقد في الأحزان والوجل
يا خير من حل في الدنيا ليصلحها / من ذا تركت لها يا خير منتقل
ناصحت ربك في تعزيز ملته / فلتنصح اليوم ندبا خيرة الملل
قد كنت رحمة هذا الكون تنفعه / خليفة قائما عن خاتم الرسل
هلا رحمت قلوبا ذاب معظمها / حزنا عليك وقد سالت من المقل
فاجبر مصابك فينا اننا بشر / فينا افتقار إلى أنفاس كل ولي
جردت نفسك للاسلام تخدمه / في جد محتسب للهول محتمل
تقارع الزيغ والأنوار بارقة / وأنت في نجدة والخصم في فشل
كم حجة بسطت بالبطل أيديها / صدعت بالحق فيها فهي في شلل
كم مشكل أعجز الأفكار جئت به / صديعة الفجر نورا واضح السبل
كم معضل كشفته منك معرفة / ذات انبساط بنور الله مشتعل
كم قاطع في سبيل الله يمنعها / رميته بشهاب منك مختزل
كم جاهل ملأت ضوءا بصيرته / بصيرة لك تدعى الشمس بالحمل
شمس المعارف يا سلطانها كسفت / كسوف شمسك عن صبح وعن طفل
والاستقامة في كسر مزلزلة / يا جابر الكسر أدركتها على الزلل
تمضي وتترك هذا الدين في جزع / والأرض مظلمة والدهر في خبل
من للحنيفة يا قيامها علم / يهدي اليها ومن يحمي من الغيل
من للشريعة قد قامت قيامتها / ومن يسدد منها موضع الخلل
قد كنت فيها مكان الروح في جسد / وقمت فيها مقام السيف في الخلل
من للطريقة من يصفي مشاربها / للسالكين كؤوس العل والنهل
قد كنت حاديها تحدو ركائبها / بنغمة لحنتها زمرة الرسل
رجعت صوتك فاشتاقت معاهدها / واليوم تصغي لمن يا حادي الابل
ياذا العلوم اللدنيات موهبة / هل أنت في الرمس أم في حبرة النزل
خلفت علمت فينا أم رحلت به / اني اشاهد نورا غير منتقل
نعم تعقب نور أنت مشعله / ونور وجهك في الفردوس كالشعل
تلك العلوم التي أوعيت جوهرها / قلبا بحب جمال الله في شغل
ما زلت تسلبح في القرآن ملتقطا / در المعارف لم تضجر ولم تحل
حتى ملأت مراد العقل معرفة / ممدودة الفيض حتى لحظة الأجل
وفزت بالسنة الزهراء محتويا / على الاشارات والتفصيل والجمل
وجئت بالدين والأحكام مكتشفا / للنقل والعقل كشفا غير ذي دخل
مستنبطا أوجه التأويل رأسخة / على النصوص مصونات عن الزلل
من الكواكب في وعد وفي شرف / وفي ارتفاع واشراق وفي مثل
ما فاتك العمر لكن نقلة حتمت / الى مقر وعمر غير منتقل
ولا انفصلت عن الدنيا وقد وصلت / لك المعارف محيا غير منفصل
ولا اعتزلت عن الدنيا لضرتها / الا وأنت عن الدنيا بمعتزل
تركت زخرفها للغافلين ولم / تحفل بها في مضيق العيش والغفل
عاملتها بمراد الله منحرفا / الى نصيبك من عقباك بالعمل
فما تقيلت منها قدر أنملة / ولا أدخرت سوى الحسنى لمقتبل
ولا نظرت إلى فتان رونقها / الا بما تنظر المحتال في الحيل
ولم تصدك عن علم ولا عمل / ولا سرور ولا سم ولا عسل
ياطائرا طار ما أضفى قوادمه / نجوت من قفص في حكم محتبل
وقفت لله من دنياك في عطل / فلتسرع الآن بين الحلي والحلل
أجهدت نفسك في مرضاة خالقها / يا مجهد النفس اربح رحمة الأزل
اربح فديتك ما قدمت موجبه / نعم البضاعة لم توزن ولم تكل
أحمد سراك فقد أصبحت أن يدا / قد باركت فيك لا تكدي ولم تزل
أحمد سراك فقد طالت متاعبه / وقد حللت خيام الحي فاعتقل
قدمت خيرا فلم تعدو جوائزه / ان الجوائز عقبى صالح العمل
أوقدت نفسك في المحراب مشتعلا / فأسرع الآن نحو الكوثر اغتسل
أوقدتها بالرجا والخوف معتجلا / يا برد الله مثوى الواقد العجل
تنحو المقامات والزلفى بمسلكها / وقد وصلت ولولا الجد لم تصل
نلت الكرامات لم تصدعك منتها / عن الشهود ولم تعجب ولم تمل
ان الكرامات أوثان لمشتغل / بها عن الله أو مكر بمشتغل
ما فاتك الفهم من مولاك اذ سفرت / لك الدقائق أن يعمل وان ينل
وكل موهبة قدرت موقعها / بالشكر لله في حزن وفي جذل
وصبرت الصبر لا تنحل عروته / عند البلاء ولا يدنو من الفشل
هما مقامان كنت العدل بينهما / توفيهما الحق لم تبطر ولم تبل
حصرت ما عند أرباب القلوب فما / مقام حالك الا دولة الدول
يا من أفات فؤادي الرشد من حزن / عليه أصلحه لي يا شافي العلل
لا غرو أن تشفي الألباب من مرض / بسر قلب بنور الله مشتعل
أعطيت قلبا بحب الله ممتزجا / له التصرف في فعل ومنفعل
في قبضة الحب يطويه وينشره / فالسر في الحب لا في الشكل والعضل
ارسل فديتك روحا شاملا أملي / من سر روحك واجمع لي به شملي
فان أرواح أهل الله فاعلة / بقوة الحق لا بالحل والنقل
لها الكرامة في الكونين موصلة / في القبض والبسط وصلا غير منبتل
ما كان رأيك في الدنيا وقد فقدت / أسرار يمنك مثل العرض الهطل
رعيتها ووصايا الله آونة / فانظر رعاياك قد هامت مع الهمل
خلفتها ووصايا الله ثاكلة / والفضل والعلم والاسلام في وجل
متى أهديء قلبي من تسعره / ورنة الملأ الأعلى على زجل
يا حاملي نعشه مهلا بمحملكم / كيف احتملتم رزايا الرحلة الجلل
تدرون من تحمل الأكتاف ما حملت / من بعده هذه الأكوان من ثقل
سيروا رويدا فكل العالمين به / دفن العوالم لا يقضى على عجل
ذروه يقضي من المحراب حاجته / اني أخاف على الدنيا من الخبل
ذروره للأمر بالمعروف محتسبا / للنهي عن منكر قد عم كالظلل
ذروه للعلم يجليه فقد سقطت / بنا الجهالة في الآبار والدغل
ذروه يقطع أعناق الشقاق فما / نحن البقية غير العصبة العزل
ذروه يرجم شيطان النفاق فما / ابقى مريدا رحيما غير منجدل
ذروه تبكي عليه كل مكرمة / فانها بعده تحيا على ثكل
ذروه أبكي عليه ما حييت فان / أمت بكى في البلى عظمي بلا مقل
ليت البكاء أفاد الحي ما فقدت / عيناه لكنه فقد بلا أمل
يا راحلا عن بني الاسلام تاركهم / وللكآبة فعل السيف والأسل
وودع معاهدك الزهراء إن بها / غما لو احتل غمر البحر لم يسل
ودع رجالك قد بانت عقولهم / إن راجع العقل من توديع مرتحل
ودع تصانيفك الحق المبين فقد / صار المداد حدادا غير منفتل
فوامصاباه ان ودعت مرتحلا / وما وراءك للإسلام من بدل
لفوك في كفن ماذا تريد به / وأنت من نور حب الله في حلل
وأودعوك ترابا لو تفوز به / حور الجنان لأفنته من القبل
ماذا الرثاء وفي القرآن صادعة / تثني على اخر الأبرار والأول
الا شجيا عقيب الظعن يندبهم / ومقلة أوقفت دمعا على الطلل
وما رثيتك تذكارا لمحمدة / خلدت حمدا وان كان الزمان بلي
سقى الاله ربوع الزاب ماطرة / من رحمة الله بالابكار والأصل
وباشرتك هبات الله دائبة / بعارض من عظيم الفضل منهطل
وروح الله بالرضوان روحك في / منازل القرب والاسعاد والنزل
وواصل الروح والريحان ذاتك في / أزكى سلام من الرحمن منهمل
ونسأل الله غفران ننال به / رضوانه في جوار الله والرسل
نشكو اليك ولي الله وحدتنا / وعيشنا بين غل الدهر والكبل
الله الله يا أهل القلوب ففي / قلوبكم نظر الرحمن في الأزل
لا تتركونا مع الأهوال ان لكم / نصرا من الله وحيا غير منخذل
خذوا بأيد قصار انها بكمو / تطول وانتشلونا من هوى الفشل
توجهوا لجمال الله وانتدبوا / للغوث يا أولياء الله في عجل
أين انتصاركم والملة انطمست / والأمة التبطت في فخ مهتبل
صلى الاله على أرواحكم وسقى / اجداثكم رحمة بالرائث الهمل
جرد النفس وانهها عن هواها
جرد النفس وانهها عن هواها / لا تذرها في غيها تتلاهى
زكها بالتقوى فما تفلح النف / س بحال الا على تقواها
واستلمها عن المراعى الوبيا / ت اذا استرسلت الى مرعاها
واتخذ في مراصد الكيد منها / حرسا يكسرون صعب قواها
فلها للعصيان ميل عظيم / لو نفه عن طبعها ما عداها
ولها في المتاب شدة عجز / بعدات التسويف نيطت عراها
ولها في المتاب مكر خفي / جعلته تلبسا من حلالها
ان كيد الشيطان كان ضعيفا / ودواهي النفوس لا تتضاهى
فتيقض لها وقد أمكن الام / ر فما الحزم تركها ومناها
فاعتقلها في مبرك الزهد بالخو / ف الى أن تبدو هزالا كلاها
فاذا انحلت القوى فأثرها / لمراعي اليقين تشفي طواها
واذا ا رزمت وحنت لألف الطب / ع فارفض حنينها وبكاها
فمروج اليقين فيها زهور / معصرات التوفيق تسقي رباها
ما رعاها حي فعاش ولا مي / ت فلم يحي ريثما يرعاها
ومتى هب للقبول قبول / بين روضاتها وفاح شذاها
فاسر بالدهس لا الحزون بليل / آمنا من كلالها...وحفاها
ما سرت للأوطان نفسك الا / حمدت غب صبحه مسراها
أنت في هذه الرسوم العتيقا / ت غريب فخلها وبلاها
والبدار البدار للموطن الدا / ئم حيث الحياة القت عصاها
قد تراءات لك الخيام فما عج / زك عن أن تحل وسط فناها
شمر الذيل واركب الليل واصحب / ذات صبر فما السلوك سواها
وعلى الأين فاحتمل كل خطب / سوف تحلو الخطوب في عقباها
واذا شقت المسالك طالت / قصر الشوق للحبيب مداها
ما الكرى والبروق ساهرة ان / كان في الشوق صادقا دعواها
خلف العالم الطبيعي وارحل / للتي لم تخلق لدار سواها
هذه معبر وتلك مقام / فاعبروها لا تعمروا مغناها
عجبا من محجوبة في كثيف / عنصر العالم اللطيف رماها
نسيت انسها بمقعد صدق / وتجافت لويلها وشقاها
حبست في ضنك ووحشة طبع / فتمنت ان لا يحول عناها
ليتها حلقت الى الرفرف الأخ / ضر حيث الأنوار تغذو قواها
رجعي يا ورقاء نوحك للأل / ف فان الولهى تبث جواها
واندبي المعهد القديم عسى الرج / عة قد آذنت اليه عساها
وانقذي من اشراك سجنك شوقا / لرياض نشات بين رباها
جاذبي كفة الحبالة فالحا / بل موف بمدية قد نضاها
واسرحي في الرياض من ملكوت الله / ترعين فيضه في فضاها
لو شجاك التذكار من لوعة البي / ن لمزقت القلب آها وواها
عالم الكون والفساد بليا / ت لك الاختيار فيما عداها
رشحتك الألطاف للحضرة العلي / ا أما ترغبين في لقياها
لهف نفسي على النفوس النفيسا / ت اضاعت اقدارها وعلاها
برزت من مضارب الحق في افض / ية الأمر فاستباها هواها
تانف الوادى المقدس رعيا / ورعت حيث الاسد تفري فراها
لو تمنت خلاصها ادركته / وغدت لا تراع وسط حماها
ما ارادت من جيفة الزخرف الحا / ئل لو ابصرت سبيل هداها
تتجلى لها الحقائق لا غي / ن ولا غيم ساتر مجلاها
باهرات الجمال يدعين للوص / ل فتأبى النفوس ان تهواها
غرها الجهل فاطمأنت إليه / ان جهل النفوس أصل شقاها
أيها النفس علم معناك بحر / في عميقات غمره العقل تاها
لو شهدت المسطور في نسخة الغي / ب ومعناك ما حوت دفتاها
وكشفت المستور فيك لايقن / ت بأن الوجود فيك تناهى
أنت في هيكل خبيئة أمر / من حكيم لحكمة امضاها
فاميطي قذاة عينك من بين / زواياه تدركي اياها
فالخفايا عليك في لوحك المحف / وظ لو ما كشفت عنها غطاها
آه يا نفس والبقية من عمر / ك قد اشرفت على منتهاها
آه يا نفس ادركيها فلا مط / مع بعد الفراق في لقياها
ودعيها بالصالحات عسى نف / حة توب ورحمة تغشاها
لست في هذه الحياة على ش / يء سوى ما تلفين في عقباها
فاصدري عن غمار باطلها عط / شى فاصدى عطاشها ارواها
ومسير العطاش اقطع للب / يد وخير الاظماء ما احفاها
فاطمئني وأوّبي وانيبي / واخلصي من افاتها وبلاها
آه يا نفس والعلائق اعدا / ء شداد وانت من اسراها
" يندبون اللوى واندب نجدا" / " كل عين تبكي على ما شجاها"
ليت اني بيسجن اجتلي النو / ر من العالم الذي لا يباهى
استمد الفيوض في قبضه الوه / بي أو تملأ السيول زباها
قطعت بي قواطع الدهر عنه / حاجة في نفس الزمان قضاها
كشفت لي عنه الحقائق والحق / شهيدي بأنه منتماها
وارث الأنبياء علما وحكما / وسفير عنها الى من عداها
ادرك الملة الحنيفية البي / ضاء اذ فوضت له شكواها
تتضنى مروعة تندب الأبرا / ر حزنا همالة مقلتاها
فاثارته شربة النهر والغي / رة لله في رضا مصطفاها
فحماها وسامها وكذاك ال / أسد تحمي عرينها وحماها
ردها مثل رد يوشع للشم / س وقد غاب نورها وضياها
عجبا اشرقت من الغرب شمس / فاتتنا للشرق يسعى سناها
انها آية وان كان لابد / ع من العارفين من شرواها
درجات الكمال والفضل لاتح / صى وقد حاز شانه اعلاها
تلك آثاره له شاهدات / انه للعلوم قطب رحاها
طلعت من جبال مصعب والزا / ب جبال من علمه ارساها
ثم دارت بالأرض كالفلك الدو / ار لا تحصر النهى اقصاها
جاء تفسيره بمعجزة قد / بهرت أهل الابتداع سطاها
يبرق الحق من مصادره العل / يا وينهل العلم من مجلاها
وحدته العقول في الفن حكما / فنفينا الانداد والاشباها
فانهضي نهضة الغضنفر لا تؤ / لين جهدا في قتلها وجلاها
واستعدي الاجناد من طاعة / الله فقد عزك النصير سواها
واعلمى ان طاعة الله لا ينه / ض الا بالعلم قطعا بناها
دونك الجد آفرغي فيه انفا / سك فالهزل ضاق عنه مداها
واستمدي الأنوار من كلمات / الله إن الهدى بحق هداها
هي مرج البحرين فالتقطي الجو / هر من ذا وذاك من فحواها
شرب العارفون منها فهاموا / بمذاقين من رحيق طلاها
راع خلف الستور ما اظهرته / من جمال فكيف ما في خفاها
ان الله في الخفاء نفوسا / في ميادين قدسه اخفاها
حجبتها ستائر اللطف عنها / وجلاها من أمره ما جلاها
اخذتها عناية الله عن اطو / ارها فانتهت بها في حماها
هذه الأخذة التي احرقت قل / بي وطاشت قواي تحت قواها
ليت اني اذهبت الف حياة / وتراءت لي لمحة من خباها
أنا من تيمته غزلان نجد / وخميلات الرند بين رباها
لي نفس لولا التشقي بأروا / ح صباها ذابت بحر جواها
أن يك الغور تيم الغير فالاه / واء شتى وللقلوب هواها
حاك من قبله الضلال نسيجا / غزلته خرقاؤه لشتاها
رقعي يا خرقاء طمرك والأن / واء تحدو ظعونها جربياها
لا يواريك ما غزلت ولايد / فيء في سبرة الشتاء كساها
هذه الحلة التي نسج الح / ق رصينا الحامها وسداها
لم تحك فطرة العقول على من / والها ليس صنعها من قواها
انها فيضة لدنية سي / قت لرباني وهذا سناها
وبحور الفيوض من عالم الوه / ب لأهل العرفان لا تتناهى
ما تلقيت يا محمد ذي الفي / ضة الا وأنت من خلصاها
شمل الكون منك مقباس نور / فانارت عشية كضحاها
ارضعتك الآيات ألباب ضرع / يها فبرهنت هاديا مقتضاها
واقامتك في مقامات ذي التح / قيق حتى نزلت وادي طواها
هكذا يا ابن يوسف الحق لا يتر / ك نفسا أحبها وارتضاها
أو تجلى لها الحقائق كشفا / فترى عنه عامضات عماها
قصرت عنك بالثناء وبالحم / د لساني وعزني أملاها
نسبتي للمديح فيك كما بني / وبين النجوم وسط سماها
قد تبركت بالثناء على وجه / ك ابغي به مع الله جاها
فاجزني بدعوة تجمع الخي / رات لي في الدنيا وفي عقباها
ظهرت منك في الوجود كراما / ت رجوت الامداد من جدواها
هل اتى النحلة الاباضية الغراء / ان افلحت بدرك مناها
اذ اتاح التوفيق والقدر السا / بق ارغام كل من ناواها
بتمام التفسير طبعا على هم / ة املاكها واسد شراها
فدعتني هواتف الحق للتا / ريخ والبشر شامل اياها
قلت ارخ دوام "جد وبشر" / ان هميان الزاد طبعا تناهى
قيل فامدح زابا وزد قلت زاب / علم الجهل ظلمة فجلاها

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025