المجموع : 293
تَجَلّى فَألهى القَلْبَ عَنْ كُلِّ مقصَدِ
تَجَلّى فَألهى القَلْبَ عَنْ كُلِّ مقصَدِ / وَلاحَ فَألوى الطّرفَ عَنْ كُلِّ مَشْهَدِ
خَفِيٌّ لأفِراطِ الظُّهورِ وَكَم نَبَتْ / عَنِ الشَمْسِ للإِشراقِ مُقلَةُ أرْمَدِ
أَرَاني بهِ في وَصْفِ مَعناهُ حائراً / على أنّني في حَيْرةِ الْقَصْدِ مُهْتَدي
وَمَن كانَ ذا حُسْنٍ بغيْرِ نهايةٍ / فَكلُّ هَوَىً في حُبِّهِ لَمْ يُجَدَّدِ
بَدَا بِيَ إحساناً لأَكرَمِ غايةٍ / وَغايَتُها أَنّي أُشاهِدُ مُوجدي
وَلاحَظَني مِنّي بِعَينِ مُخَيِّرٍ / إلى أَمرِهِ أَمرُ الهُدى والتّهوُّدِ
فإنَ لَمْ أشاهدْهُ بِكُلِّ مُشاهدٍ / لآياتهِ أَنكَرْتُ مَعْنى التّشَهُّدِ
أَهيمُ بهِ في كُل وادٍ وإنّني / لآنَسُ مِنْهُ بابتهاجِ التَوَدُّدِ
وَلولا عَلاقاتُ الصّبابةِ والهَوَى / لما طالَ في تلك الرُّسومِ تَرَدُّدي
وَمَا عاقَني في الْبُعْدِ والْقُربِ عائقٌ / سِوَى طَمَعي في بُلْغَةِ الْمُتَزَوِّدِ
وَفي كَبدي لِلْواقِدِيِّ لَواعجٌ
وَفي كَبدي لِلْواقِدِيِّ لَواعجٌ / وَمَنْ لِيَ أن أَحظى بِذاكَ المبَرِّدِ
كلِفْتُ بِرَشفي مِنْ سُلافة حُبِّهِ / وَقَدْ شَعْشَعَتْ كالكَوكَبِ المتوقدِ
إذا ما أُديرَتْ للِندامى كُؤوسُها
إذا ما أُديرَتْ للِندامى كُؤوسُها / بَدَتْ بَيْنَ ساه سامدٍ وَمُعَرْبِدِ
فَمِنْ ثَمِلٍ يَهْتَزُّ في الحانِ نَشْوَةً / كما اهتَزَّ غُصْنُ البانةِ المتأوِّدُ
وَمِن خالِعِ ثوبَ الوقارِ خَلاعةً / وَمِنْ طَرِبٍ قَدْ شاقَهُ كُلُّ مُنْشِدِ
وَنَشْوانَ مِنْها قَدْ تَداوى بِها هَوَىً / وقيلَ لَهُ إنْ كُنْتَ ملآن فازدَدِ
نَزيفٌ قَضاهُ السُّكرُ إلاَ صَبابةً / متى ساوَرَتْهُ للصّبابةِ يَلْحَدِ
وَمُسْتَندٍ نَحْو الدِّنانِ يَظُنُّها / ينابيعَ نورٍ و معادِنَ عَسْجَدِ
وَجَذْ لان في ظِلِّ العَريشِ مُحاولاً / جنى كُلِّ قَطْفٍ كالجُمانِ المنَضَدِ
يَنُمُّ عَلَيْهِ العَرْفُ مِن بابليّة / سحورٍ لِلُبِّ النَاسِكِ المُتَعَبِّدِ
فَيَا حُسْنَ ما أَبْدَتْ لِعَينيْ كؤوسُها / ويَا بَرْدَ ما أَهدَتْ إلى قَلبيَ الصّدي
على أَنني والحمدُ للهِ آملٌ / شفاعَةَ خَيْرِ المرسَلينَ مُحَمّدِ
نَبيٌّ براهُ الله مِشكاةَ نورِهِ / فَلاحَ فَلاحٌ هادياً مِنْهُ مُهتَدي
وكم فارسٍ في أَرضِ فارسَ نارُهُ / دَعاها لنورٍ نورُ أَحمدَ أَخمدي
وذاكَ دَليلٌ للنّجاةِ مِنَ اللّظى / بهِ لانطفاءِ النّارِ مِن كُلِّ موقدِ
وَلولا غِنى الآفاقِ عن كلِّ نَيِّرٍ / بمرآهُ لم يَنْشَقَّ بدرٌ بمِشْهَدِ
فَلا بدرَ إلاَّ وَجْهُهُ النّيِّرُ الذي / بهِ أَهلُ بَدْرٍ نالت الفوزَ في غدِ
دنا فَتَدلّى قابَ قُرْبٍ وما رمى / بهِ قوسُ سَهْمِ الغَيْبِ رَمْيَ مُبَعّدِ
على أَنّهُ ما زايَلَ الوَصْلَ إنما / تَجَلّى بأوصاف الكمالِ المؤبّدِ
فَلانَ لَهُ الأقصى حُنُواً وَلمْ تَكَدْ / لَهُ الصَخرَةُ الصمّاءُ تُلفى بجْلمدِ
وعادَ كَلَمحِ الطرفِ في مُسْتَقَرِّهِ / إلى مَرْقَد ما زال أَشرَفَ مَرْقَدِ
وَمن شَرَفي أَنّي شَرُفتُ بمَدْحه / وأطربتُ بالإنشادِ كُلَّ مُغَرِّدِ
عَلَيْهِ صَلاةُ اللهِ ما لاحَ بارِقٌ / وَهَبّت صَبَا نَجْدٍ بُبْرقَةِ ثَهْمَدِ
مازلتُ في طَوري أُخاطبُ ذاتي
مازلتُ في طَوري أُخاطبُ ذاتي / من غير ماطَورٍ ولا ميِقات
حتى تَفَقّهْتُ الخطابَ كأنّهُ / قد كانَ يُسْمَعُ منْ جميع جهاني
آنَستُ نارَ الأُنس من وادي طُوى / سرَّي فَضَاءَتْ بالهدى ظُلُماتي
قَسَماً بنون الكون والقَلَم الذي / قد خَطَّ في لوح البقاء صفاتي
وَبمَنْ بَقيتُ على الفناء لحُبه / حتى غدا موتي عَليْه حياتي
إنّي رأيَتُ به وجودي في الورى / عَدمي وآلامي به لَذَّاتي
عَن كُلِّ شيءٍ قَدْ خَفيتَ وإنَني / لأراكَ في الأشياء بالآيات
حَسْبي وصالُكَ فَهْوَ أوَّلُ بُغيتي / أملاً وأخرُ مُنتهى طَلباتي
إنَّ النزوعَ إلى لقائكَ حجَةٌ / يَرمي فؤادَ الصّبِّ بالجمرات
حَجي بجُثماني إليكَ بحجَتَي / بالأين إذ لا أينَ منكَ لآتي
وَمُنايَ أنتَ إذا أَقامَ على منى / قوم ومَعرفَتي ذُرى عَرَفات
وَلَبَيْتُ قَلْبٍ أنت ساكنُ خلبه / لأحقُّ بالتّطواف والعمرات
لَسْتُ المروَّعَ بالجحيم ولا الذي / يبغي جناناً غَضّة الثَمرات
تَرْكُ الشّهيِّ لما يُحَبُّ دوامُه / شَرَه وَحرص في اقتنا الشّهوات
والخوفُ من شيءٍ سواكَ تَشَاغل / بسواكَ في عُمُري وَبَعْدَ مماتي
بل بُغيتي صلَتي بحَضْرَتكَ اللتي / جَلّتْ عن الحركات والسَكَنَات
وَتَخلُّصي من آلتي لأنالَ ما / لا يَنبغي بتناوُل الآلات
وَتَمَتُّعي بجَمالكَ الفَرد الذي / هو غايةُ الحُسن البديع الذاتي
حَسَنٌ على الأكوان منهُ بهجةٌ / معشوقة للنّاس من لمحاتي
روحُ البريّة نَفْحَةٌ من روحه / نَسَمَتْ فأحيَتْ مَيِّتَ النّسمات
لم أدعُ هزّاً للعطاء ولم أزدْ / علماً بحالي حالةَ الأزمات
إنْ كانَ علْمُكَ حاضراً ذاتاً وما / توليه فيّاضاً على الأشتات
لكنْ أُوَطدُ للتّلَقّي مُهْجَةً / قَلقَت بما أُبديه من دَعَواتي
ولأَنتَ أقرَبُ حينَ أدعو مُخلصاً / في الخطب من ريقي إلى لهواتي
فَلكَ الثّناءُ السّرْمَديَ مؤبّداً / لم يحُصه مُتَكلم بصفت
يا عالماً بي ما بي
يا عالماً بي ما بي / وَمُظهري بحجابي
وَمَنْ به كُنْتُ مذ كُنْ / تُ في مَدَى الأحقاب
رَحمتني في مَجيئي / فكيف أخشى ذهابي
أستغفرُ اللهَ من ذنوبي
أستغفرُ اللهَ من ذنوبي / فإنّني ظاهرُ العيوب
أَسرَفت يا نَفْسُ في التّصابي / قد آنَ يا نفسُ أَنْ تتوبي
غيرُ بعيدٍ مَدَى المنايا / توبي إلى الله من قريب
كفى بشيب القذال وعظاً / قد قاله واعظُ المشيب
وغايةُ النجم في شروقٍ / يبديه أُفق إلى غروب
قد عَقلنا والعَقْلُ أي وثاق
قد عَقلنا والعَقْلُ أي وثاق / وَصَبَرنا والصّبرُ مُرُّ المذاق
كلُّ مَنْ كانَ فاضلاً كان مثلي / فاضلاً عندَ قسمة الأرزاق
هل في الملوك لنَيْل كُلِّ طلاب
هل في الملوك لنَيْل كُلِّ طلاب / غيرُ المليك الصالح الوهّاب
مَلكٌ تخيّرَ للمواكب والوغى / غرَ الخيول كريمةَ الأنساب
إمّا كميتاً قد بَدا ذا غُرَّةٍ / مثلَ الكُميت الصرف ذات حُباب
أَو أَدهماً قَرَنَ الحجولَ بغُرَّةٍ / كالصُّبْح في ذيل الدجى المنجاب
وكأنّما حَلَكُ السّواد بجسْمه / فوقَ البياض قَصيرةُ الأهداب
أَو أَشقراً يَحكي الهلالَ جبينهُ / لمّا حكى شَفَقاً بلون إهاب
أَو أَشهباً يَنْقَضُّ إثرَ مُحاربٍ / في ليل نَقعٍ كانقضاض شهاب
أَو أَبلقاً راقَ العيونَ بمنظَرٍ / كالبرق يبدو من خلال سحاب
من معشَرٍ رَكبوا الجيادَ وَغُيبوا / بينَ القنا فحكوا أُسودَ الغاب
وإذا امتطى يومَ الجلاد طمرّةً / بارى خيولَ العُجم والأعراب
وأتى بأجدلَ للرياح هبوبُه / حُضراً لوَشْك مَجيئةٍ وَذَهاب
ذو أربعٍ مثلُ الرَياح تحمّلَتْ / بُرجاُ رُكزْنَ على متون قعاب
بمولَك الأذُنين تَحْسَبُ أنّه / أصغى وأطرقَ لاستماع خطاب
مُتناسب في الخَلق منسوب إلى / أبناء أعوجَ أو إلى البَواب
أو لاحقٍ أو ذي الوسوم وزاملٍ / وجميرةٍ والورد والأعراب
لا بَل أجَل من السّميدَع مَحتداً / أو ذي العقال وَوُزَّلٍ وَحَلاب
وابن النّعامة والقُرَيط وحومَلٍ / وعَرادة أو نخلةٍ وَنَصاب
والجون واليعسوب والهطال وال / طيّار والخطّار والسّكاب
وَقسام واليحموم والورهاء وال / شقراء والغبراء والقصّاب
يبتز زادَ الركب حسنُ شياته / ويفوقُ وَصفَ هَراوة الأَعراب
كالأشهب المكّيِّ وهو يفوقُ في / حُسنٍ صواحبَ هذه الأَلقاب
عُرٍْف كَفْرخ الأثَل تحتَ حمامَة / وَكنَتَ وَرَدْف كالكثيب الرابي
وانظر به شمساً على قَمَرَ له / فَلَك يدورُ بأنجم الأطلاب
ويكادُ يَسبقُ ظلّهُ ويسيلُ من / حَقْويه من زَهوٍ ومن إعجاب
قَمَر حوافرُهُ تُريكَ أَهلّةً / وَتخالُهُ في البيد لَمْعَ سراب
أَو كالأبي بكريِّ بكرُ محاسنٍ / بمعاطف كالخيزران قطاب
فالأَصفرُ الحبشي لاح مُضَمّخاً / ورساً ولاثَ المسك فوق نقاب
وسلامة جوَاب كُلِّ تنوفَةٍ / حذرَ السّلامة للفتى الجوَّاب
والعيسَويَ طوى الحجازَ مفاوزاً / وسباسباً سبقاً كَطَيِّ كتاب
هذي العِتاقُ إذا تُعَدُّ وَرُبّما / أَعْيَتْ أُصولاً نُسبةَ النُّسّاب
وإذا تُقادُ جَنائباً فاستَجلها / كعرائسٍ بضَفائر الأذنابِ
مرحاً بأصيَدَ لا يشَق غُبارُهُ / ليثٍ هزَبْرٍ أغلبٍ وَثّاب
يرمي العدا بِقسيّهِ وَلَرُبّمَا / جازَتْ سوابِقهُ مدى النُّشّابِ
في خيمةٍ كالشمس إلاَ أنهّا
في خيمةٍ كالشمس إلاَ أنهّا / مَدَّتْ أشعّتها مَن الأطنابِ
خَليلُ تكسير أصنام الزَّمان وكم
خَليلُ تكسير أصنام الزَّمان وكم / جَبَرْتَ قَوماً ولكن بَعْضُهم هُبَلُ
فكل نمرودَ قد أودى بهامَته / ذُبابُ سَيفكَ حتى خالَهُ الأَجَلُ
فأينَ يحيا فرار منكَ ذا حذرٍ
فأينَ يحيا فرار منكَ ذا حذرٍ / وقَبضتاكَ عليه السّهلُ والجبلُ
مَن حادَ عادَ برأسٍ مالهُ جسد / غير القنا وهو ليس يحتمل
يلوحُ من دَمه في خَدِّه أَثَر / كأنَّ حمرَتَه في خَدَه خَجَلُ
حصدتَ ما زرَعوا فرَّقت ما جمعوا
حصدتَ ما زرَعوا فرَّقت ما جمعوا / عطلت ما شرعوا أبطلت ما عملوا
وقد تحقّق أهلُ الشرك أَنّهُم / إن سالموا سلموا أو قتلوا قُتلوا
ما رأى الناسُ مثلَ مُلككَ مُلْكا
ما رأى الناسُ مثلَ مُلككَ مُلْكا / مَلأَ الخافقينِ للحربِ تُركا
وَجُيوشاً لو صادَمَتْ جَبَلَ الشّرْ / كِ لدكتهُ بالسّنابك دكّا
عَزْمةٌ أرعَدَتْ فَرائصَ أرغو / ن فأمسى للخوفِ لا بتلكّا
شامَ برقاً بالشّامِ بيضُكَ لمّا / ضَحكَتْ منهُ بالسّواحل ضحْكا
أي برقٍ غيوثُهُ النبْلُ يُصمي / كُلَّ قَلْبٍ ناواكَ شقاً وسَكاً
فقضى خيفَةً وقتلُ أعادي / ك بأوهامهم أشد وأنكا
أيُّها الأشرفُ الذي شرّف الدن / يا وقد أصبحت له الأرضُ مُلكا
أنتَ أذكى الملوكِ نَشراً وإن حا / ولتَ أمراً فأنتَ في الرأي أذكى
وثبات في البأس عزماً وحزماً / وثبات في الناس حلماً وَنُسْكا
قد رأينا ونت أنت صلاح الدّ / ين ما كانَ عَن سَميكَ يُحكى
صدتَ صيدا قنصاً وصورَ وعثلي / تَ وَبَيْروتَ بعدَ فتحكَ عَكا
حجر بَهرَجُ الملوك قديماً / في التماسٍ حتى رأوه مَحَكّا
وَنَظَمتَ الرؤوسَ بالطّعن حتى / ظنَّ قوم تلكَ الذَّوابلَ سلكا
راعَ بابَ الثورين أَسدُ عَرين / ضارياتٍ تَدحي الفريسةَ دعكا
شُرُفات بَدَتْ كأسنمة العي / س وباتَتْ على المفاوز بُركا
قبّلَتْ هَيْبَةً لمقْدمَكَ الأر / ضَ ومادَتْ بِشدَّة الخوف منكا
لو رأى الباب يوم صلّى صلاة / الموت والقومُ في ذُرى الباب هُلكا
لرأى أَنَّ رأيهُ كان رأياً / فاسداً كأتخاذه الدين إفكا
ولكم قد أَظَلّهم ذلك الشي / خُ وأضحى على العصا يتوكّا
ساقَهم كالأنعام براً وبحراً / فَقطين بعض وَبَعض مُذكى
كُل علجٍ أَعطى قفاهُ وولّى / في انهزامٍ فَحَقُّهُ أَنْ يُسَكَا
لو تَركنا تَلَّ الفُضُول وَرُحنا
لو تَركنا تَلَّ الفُضُول وَرُحنا / لاسترحنا ممّا لقيناهُ ضنكا
يا مليك الزَّمان هنّأكَ اللهُ / بما أَضْحَك العبادَ وأبكى
هزَ النّسيمُ معاطِفَ الأغصان
هزَ النّسيمُ معاطِفَ الأغصان / فانشقَ قلبُ شَقائق النُّعمان
وَتَبَسَمَ الروضُ الأريضُ عن الرُّبى / بالأقحوان تبسُّمَ الجذلان
وأبانَت العجمُ الفصاحُ عن الجوى / والشّوق صَدْحاً في غصون البان
يا حبّذا وادي السّدير فإنْهُ / مأوى المها ومراتِعُ الغزلان
وادٍ يزورُ الطيرُ ناضرَ روضه / زمناً فَيُلهيه عن الأوطان
يا سَعدُ قد جاء الربيعُ وأَصَبَحتْ / تلكَ الجنانُ مواطِنَ الولدان
وغدا جليلُ الطير يهتُفُ بالضحى / بغرائب الأنغام والألحان
فاتَبعُه بالأوتار حساً مُطرباً / قلباً يَهُمُّ إليه بالطيران
من كُلِّ كرْكيّ تسامى صاعداً / كالمبتغي ذكراً لَدى كيوان
لَطَم السّحابَ جَنَاحهُ بمثاله / وأجابَ صَوْتَ الرّعد منه بثان
وإوَزُّهُ مِثلُ الخريدَة صَدْرُها / فَعْم وَجؤجُؤها بديعُ معانِ
خنساءُ واضحةُ الجبين صَباحَة / جيداءُ تنظرُ نَظْرَةَ النّشوانِ
تَمشي فَتَسُبرُ كلَّ روضٍ ناضِرٍ / رَعْياً بِمنقارِ مِنَ العُقيانِ
أو لَغْلَغ حَسَنُ الشّياة مُدَبّج / مثلَ العروس تُزَف ذا ألوانِ
وأنيسةٍ وشّى نَهارَ أديمِها / ليل نجومُ ظَلامه العينانِ
وألتّم ذو الحُسن الأتّم كيانُهُ / در ومن شيحٍ لَهُ رجلانِ
وتخالُ خالاً لاحَ في منقاره / من عَنْبَرٍ مُلِهي فؤاد العاني
وَِشُبَيْطرٍ ألِفَ الجبالَ تَرَفُّعاً / وَسَطَا بقوته على الثعبانِ
أو مثل كي للوَقار كأنّه / قاضٍ يُدينُ بُحكمه الخصمانِ
أو مثل غُرنوقٍ شريفٍ لم يَزَل / بِذؤابتيه مُشَرفَ الأقرانِ
والصّوغُ صِيغَ مِنَ الملاحَة كُلّها / فَلِذاكَ يُسبي ناظِرَ الإنسانِ
أو مثلُ عَنّازٍ يُريك مدارعاً / سواداً كمثل مدارع الرُّهبان
كالليل إلا أنَّ أبيضَ صَدره / صُبح تَشَعْشَعَ واضِحاً لِعيانِ
أو حُبْرُجٍ متَدرْعٍ نورَ الضُّحى / مصَفَرَّ لون مثل ذي اليَرَقانِ
أو مُرزمٍ قَدْ قَدَّ من شَفَق الدجى / ثوباً لَهُ كالورد أحمرَ قانِ
أو مثل نَسْرٍ قد تَسَرْبَلَ حُلةً / دكناءَ دونَ سُمُوَه النسرانِ
أو كالعُقاب أخي العقاب بمنسرٍ / وبمخلبٍ يُفري بِحَدِّ سِنانِ
طيرٌ غدا ملِك الطيور لأنه / زَنكُ المليك الصَالِح السُلطانِ
أعني فتى المنصور ذا النصر الذي / أردى الطغاة بذلة وَهَوانِ
فصل الربيع بوجهه قد أَقبلا
فصل الربيع بوجهه قد أَقبلا / متبسماً ببدائع الأزهار
وَغدا به نبتُ الخمائل مخْضَلا / يحكي السما بالنور والأنوار
فكأنَهُ حلّى الربى أَو كلّلا / إذ أَنجما بجواهرٍ وَنُضار
والطيرُ بين رياضه قد رتَلا / مُترنما يُلهي عن المزمار
شكراً لِمُبْدعه تعالى ذي العلا / ما أَعظما من واحد قهّار
وتخالُ هاتيكَ السحائبُ هُطّلا / لمّا همى سحاحها بقطار
جودُ المليك الصالح الهامي على / من أَعدما بنواله الزّخار
مَلِك إذا ما حلَّ قطراً ممحلا / متكرماً كالقطر للأقطار
أَورى وأروى مُبرقاً أَو مسبلا / مُهجاً وما لعداه والأنصار
وترى الكماةَ إذا أَثارَ القسطلا / تبكي دَما بالصارم البتار
فاللهُ يكلأ ملكَهُ ما أَعدلا / ما أَكرما من باسلٍ مِغوار
لولاه سعُر الشّعر سوماً ما غلا / إذ نُظَّما من بعد طول بوار
كلا ولا اتضحت مذاهبُه ولا / ما استَبْهما أضحى عليَّ منار
ووزيره الفخرُ الذي قد خوّلا / بالمنتمي فخراً على النظار
والدارُ تمّمها لعزٍّ مَعقِلا / أسنى حمى فغدا تميمُ الدار
فَلْيُهنِه عيد أَتاه مُقبلا / جذلاً بما أَولاه في الأمصار
لا زالَ ما تالى أَخير أَوّلا / مُتَنَعِّما ما لاحَ ضوءُ نَهار
إذا تغنى الحمام
إذا تغنى الحمام / أبكى المشوق الغرام
وحنَّ والشوق أنىّ / غنى الحمام حِمام
يا نازحَ الدَّار لكن / له الفؤادُ مُقامُ
حَلَلْتَ هَجري فوصلي / لأيِّ شيء حرامُ
إنْ كنتَ جَنةَ طرفي / فالقلبُ فيه ضرامُ
أَو كانَ ثغرُك برقاً / فإن جَفني غَمامُ
ما لي أَبيتُ مُسجّى / إذا تبدى الظلامُ
لا يدخلُ النّومُ جفني / ولا بسمعي الملام
زرني ولو زرتُ طيفاً / وأينَ مني المنامُ
لولا لماكَ لما كانَ / تَطّبيني المدامُ
ولا كِلفتُ غراماً / بما حواه اللثامُ
اللهَ فِيَّ فقد قي / لَ لِلْمُحِبِّ ذمامُ
هَزَزْتَ قَدَّكَ رُمحاً / والجفنُ منه حسامُ
وفوقَ طرفك قوس / له الجفونُ سهامُ
وَليس قصدُكَ إلا / قتلي أسىً والسّلام
تالله لا نِلتَ مني / ولي المليك الهمامُ
سَر الرعّية منهُ / نون وجيم ولامُ
بدا هِلالاً ولكن / أَبوهُ بدر تمامُ
بُشرى لملوك بمَلكٍ / لهُ الزَّمانُ غُلام
إلى كمال المعالي / فصالُه والفطام
غصن لدوحة مُلكٍ / بها تَفَيّا الأنامُ
بَلْ جدولٌ من عُبابٍ / بهِ يداوي الأوام
نَعَمْ أخَجَلَتْ وردَ الرياض خدودها
نَعَمْ أخَجَلَتْ وردَ الرياض خدودها / وأزرَت ْ برمان الغصون نهودُها
رَداح تَجافَتْ أنْ تلامِسَ مَسّها / لأردافِها عندَ التَّثَنّي بُرودُها
فَمَثنى إذا رامَتْ نُهوضاً نُهوضُها / وفَل إذا رامَتْ قُعوداً قُعودُها
هِي الظبيُ لا ما للظباء قوامُها / هيَ البدرُ لا ما للبدور عقودُها
وللبدر منها وجْهُها ومكانُها / وللظّبي مِنها مُقْلتاها وجيدُها
ونافِرَةٍ عني سأنصُبُ في الكرى / حبائلّ أحلامٍ لَعلَي أَصيدُها
وَمَنْ لي بِعَينٍ تألفُ الغمضَ ليلةً / إذا ألفَتْ طيفَ الخيال رُقودُها
إلى الله أشكو قلبَ من لا يُريدني / على مقتَضى حظّي وَقَلبي يُريدُها
ولا ذنب لي إلا تلثمُ لوعةٍ / أبى الصَّبر أنْ تبدو ودمعي يعيدُها
ومِسقامَة الجفنين والخصر لم تَعُدْ / وَوُدِّي أنّي كلَّ يومٍ أعودُها
محجبةٌ تَجني على الصّب دَلّها / ولا مِثلما تَجني عَلَيْه صُدودُها
لها مُقلةٌ أنكى مِنَ البيضِ في الحشا / إذا جرَّدَتْها فالقلوبُ غمودُها
أَباحَتْ لهَا قَتْلَ المحبِّ تَعَمُّداً / وماذا تُرى قَتْلُ المحِبُ يُفيدُها
إذا قُلْتُ سَلماً حارَبتني لحاظُها / ألا فاشهدوا أنّي الغداةَ شهيدُها
أما وَليالينا بكاظمة الحمى / وَقَدْ أشغَفَتْنا بالتواصُل غيدُها
وذكّرني صيدَ الظباءِ اقتناصُها / بِتركِ كماةٍ ماترامُ أسودُها
ولمّا وَقَفنا بالقطاحيّة التي / تنفّس مِسكاً بالرّياضِ صَعيدُها
وقد ضمَّ ذاك الجيش بالبيدِ حَلْقَةً / على كُلِّ قُطْرٍ ليسَ يحصى عَديدُها
وَللْغَيْثِ رشٌّ بالرَّذاذِ وَمِثْلُه / سحائبُ نيلٍ والصّريخُ رُعودُها
وَسَلْ بالصّقورِ الطاميات مَنِ الذي / تجشّمها حتى أتيحَ ورودُها
وهل غيرُ خيلِ الصالحِ الملك التي / بها اتّسَمَتْ أغوارُها ونُجودُها
أطلّتُ على البحرِ الطّويل مغيرةً / سريعٌ إلى ما يبتغيهِ مديدُها
عِزٌّ لِمُتّخذ الجهاد لُبوساً
عِزٌّ لِمُتّخذ الجهاد لُبوساً / لِيذودَ بالبأس الشّديد البوسا
مَلَكَ البسيطَةَ باسِطُ العدل الذي / أضحى به ثَغْرُ الهدى محروسا
عزم صَلاحيِّ إذا ابتَدَرَ الوغى / أبدى بدوراً للورى وَشُموساً
زرعَ النِّبالَ وَلَمْ يصلْ بحسامهِ
زرعَ النِّبالَ وَلَمْ يصلْ بحسامهِ / إلاّ لِيحصدَ بالكفاح رؤوسا
حُصن بدا للنّسر وَكراً بل غدا / أسد السّماء يرومُ فيه خيسا
أوفى على الجبل المُطلِّ كأنّه / نجم يُضيئُ لمدلجٍ تغلِسا
أكلت مِنَ الدَّهر القرون تقادُماً / فكأنّما الشرفاتُ كنَّ ضُروسا
وكأنّما الحرسيُّ باتَ مُضاجعاً / للنجم أو للبدر باتَ أَنيسا
فَغَدَتْ بعين المنجنيق مصابةً / صرعى يصافح فرعُها التأسيسا
وتعلّقت تلك السلاسلُ صخرَها / جذباً فَظُنَّ الصّخرُ مغناطيسا
ما ظَنّها ليفونُ تُصْحَب بعدَما / كانت على كلِّ الملوك شموسا
متغيِّراً بالتاج يلمسُ رأسَهُ / طوراً وآونَةً يُرى مَنكوسا
قوم على حول البصيرة واحداً / نظروا الثّلاثَ وَوَلّدوا القِسيّسا
كذبوا على عيسى فَشاهتْ أوجه / منهم وجالَ على لحاهُم موسى
حلقوا ذقونَهم ولو طالت بهمِ / لرأَيتَهم عندَ النِّطاح تُيوسا
وتبدّلت تلكَ المدائحُ بعدَما / ذبحوا بها التَهليلَ والتّقديسا
إنْ كان قد خَرَبَتْ وليسَ بمنكَرٍ / تصحيفُها جَرَبَتْ سَتُعدي سيسا
في جمعة الشَهر الأَصَمِّ وانَه / رَجَبُ الذي قد طَهّرَ التنجيسا
هل شاهدوا من قبل ذلكَ جمعةً / طلعت عليهم بالقتال خَميسا
طلبوا النجاة ولا نجاةَ وغادروا / كنزَ الغنى إذ يمّموا تفليسا