المجموع : 318
يا بَنى الهالكين هل مِنْ وَقاءِ
يا بَنى الهالكين هل مِنْ وَقاءِ / لكمُ من مَصارعِ الآباءِ
وإذا ما الأصولُ جَفَّت فما يَط / مع فرعٌ من بعدِها بالبقاء
كلُّ داءٍ له دَواءٌ وقد أَعْ / جَز داءُ المَنونِ كلَّ دواء
سُلِّطت حيلةُ العقول على كُ / لّ خَفىٍّ من غامضِ الأشياء
وتَناهَتْ في الموتِ بَدْءا وعَوْدا / فأَقرَّتْ بالعجز والإعياء
كم ثَوَى تحتَ قبةِ الفَلَك الأع / لى منَ الْخَلْق بين ترْب وماء
هل ترى غادرَتْ يدُ الموت مخلو / قا من ألأقوياء والضعفاء
حيوان من كلِّ جنسٍ فما يُحْ / صَر منها الأَقلُّ بالإِحْصاء
فيقول الإنسانُ عَلَّى لذاك الش / خصِ دونَ الوَرَى من الأَكْفاء
ولَعَمْرى لو عاشتِ الْخَلْقُ طُرّا / ورمى الموتُ واحدا بالفناءِ
لاقتَضَى الحزم أن نخاف إذِ المم / كِنُ في العقلِ جائزُ الإمْضاءِ
كيف بالفاقدِ المُضيفِ إلى الآ / باء فَقْدَ الإخوانِ والأبناء
وحَمّامٍ إذا ما كنتَ فيه
وحَمّامٍ إذا ما كنتَ فيه / فبادِرْ بالمِذَبَّةِ والكِساءِ
فهَذِى للبعوضِ إذا تَغنَّى / وذاك يَقيكَ عادِيةَ الشِّتاء
وكنْ مستصحِبا حطبا وقِدْرا / لكي تهتم في تَسْخينِ ماء
ولا تَتَكشَّفنَّ بها حِذارا / من النَّزلاتِ عن بردِ الهواء
ولو أنِّى دعوتُ على عدوِّى / بأصْعبِ ما يكون من الدعاء
لَكانَت هذه الحَمَامُ أقصَى / نهايِة ما اقْترحتُ من البلاء
أَمرتَنى بركوبِ البحرِ مُرْتَئِيا
أَمرتَنى بركوبِ البحرِ مُرْتَئِيا / فغُرَّ غيريَ واخْصُصْه بذا الرَّاءِ
ما أنت نوح فتُنْجِينى سَفينتُه / ولا المسيحُ أنا أمشِى على الماء
تَأَمَّلْ هيئةَ الهَرَمَيْن وانظُرْ
تَأَمَّلْ هيئةَ الهَرَمَيْن وانظُرْ / وبينهما أبو الهولِ العجيبُ
كعُمّارَّيتَيْن على رحيلٍ / بمحبوبين بينهما رقيب
وماءُ النيلِ تحتَهما دموعٌ / وصوتُ الريحِ عندهما نَحيب
وظاهِرُ سجنِ يوسفَ مثلُ صَبٍّ / تَخلَّف فَهو محزونٌ كئيب
أَيا سَيِّدا نالَ أعلى الرُّتَبْ
أَيا سَيِّدا نالَ أعلى الرُّتَبْ / وحاز الكمالَ بأَوْفَى سَبَبْ
أَمالكَ في الراىِ رأىٌ فإنَّ / له صفةً أَوْجَبتْ أن يُحَبّْ
تَربَّى مع النيلِ حتى رَبا / وصار من الشَّحْم ضخما خِدَبّْ
ولا حِسَّ للعظمِ في جسمِه / فليس على الضِّرْس منه تَعَب
يذوب كما ذاب شحمُ الكُلَى / إذا الْجَمْرُ قارَبَه أو قَرُب
يَروقك نيئاً وفي قَلْيِه / فتُبصِرُ من حالتَيْه العَجَبْ
نُصولُ السكاكينِ مصقولةٌ / وفي القَلْى تَمْوِيهُها بالذهب
كأن اللُّجينَ الذي قد عَلا / وذاك النُّضارَ الذي في الذَّنَب
لَفائفُ قطْنٍ لِطافٌ وقد / تَبدَّى بأَطرافِهن اللَّهَب
فيا حُسْنَه وهْو بين الشِّباك / وقد ظلَّ مشتِبكا يضطربْ
كزُرْقِ الأَسَّنِة بين الدروعِ / تَميل بهنّ العوالى السُّلُب
فبادِرْ فنحنُ بشطِّ الخليِج / على روضةٍ رَقَّمَتْها السُّحُب
على حالةٍ نامَ عنها الهلالُ / فإنْ لم تكن حاضِرا لم تَطِب
انظُرْ إلى الفحم في الكانون حين بَدا
انظُرْ إلى الفحم في الكانون حين بَدا / سوادُه فوق مُحْمَرٍّ من اللَّهَبِ
تَخالُ ما لاحَ من حُسْنِ اجتماعِهما / لمْحامن البرقِ في جَوْنٍ من السُّحُب
أو عِمّةً من حِدادٍ لم تَعُمَّ ولم / تَسْتُر قَلَنْسُوةَ حَمْرا من الذَّهب
كأنّ الثُّرَيا تقدم الفجرَ والدُّجى
كأنّ الثُّرَيا تقدم الفجرَ والدُّجى / يضم حَواشِى سَجْفِه للمَغاربِ
مُقدَّمُ جيشِ الرّوم أَوْمَى بكفه / لتهديد جيشٍ من بنى الزنج هارب
هَلِّلْ فهذا هلالُ العيدِ عاد بما
هَلِّلْ فهذا هلالُ العيدِ عاد بما / قد كنتَ تَعْبدُ من لهوٍ ومن طَرَبِ
يلوح في الأفُق الغربي في شَفق / كالنون خُطَّتْ على لوحٍ من الذهب
أو ما يُجدِّد أصل الظفر حين بدا / نُصولُ حِنّائِه من كَفِّ مختضِب
أو حَلْقه من لُجَينٍ ذابَ أكثرُها / لما تَغافَل مُلْقيها على اللهب
جامٌ حَوَى في الظَّرْفِ كلَّ بابِ
جامٌ حَوَى في الظَّرْفِ كلَّ بابِ / مُستملَحٍ منه ومستطابِ
فالحسنُ فيه واضحُ الأسبابِ / منقِطع الأشكالِ والأَضْراب
يُعجِز في الوصفِ ذوى الأَلْباب / مع التَّغالي فيه والإطْناب
له غِشاءٌ صيغ من إهاب / حُرِّر بالأيدي وبالألباب
حتى أتى في غاية الصواب / ليس بذي مَيْل ولا اضطراب
مُزَعفَرٌ محبَّب الْجِلْباب / كظاهِرِ النارَنجُ والعُنّاب
أو مثلُ دينارٍ كِرا ضَرّابِ / ثم يُعرَّى منه باسْتِلاب
مثلُ حُسامٍ سُلَّ من قِراب / أو بدرُ تِمٍّ لاحَ من سَحاب
أو غادةٍ تُسْفِر من نِقاب / شَفٍّ كماءٍ راقَ في ثِعاب
كأنما صُوِّر من شَراب / صُفَّ على ساحاتِه الرِّحاب
قَطائفٌ لَطائفٌ رَوابِ / لم تُحْشَ بل صُفَّت على اصْطِحاب
في المسكِ والفُسْتقِ والْجُلاَّب / كأنها أَلسِنة الأحباب
في الشَّكْل والنَّكْهة والرُّضاب / مَلْمَسُهاَ كوَجْنَةِ الكَعاب
وطعمُها كلَذَّة العِتاب / من بعدِ صَدٍّ طالَ واجْتنابِ
تَنزل في الْحَلْق بلا حِجاب / فهْي طعامٌ وهْي كالشَّراب
فالنّابُ عنها الدهرَ غيرُ نابِ / والقلبُ في حرصٍ وفي طِلاب
واليدُ بين السَّيْرِ والإياب / في نَقْلِها للفم كالدُّولابِ
كأنها زيارةُ الإغْبابِ / والعُمرُ في الصحة والشَّباب
لو ذُقْتَ حين عَتَبتَ أَيْسرَ حُبِّه
لو ذُقْتَ حين عَتَبتَ أَيْسرَ حُبِّه / لَعلِمتَ حُلْوَ غرامِه من صابِه
ومن البليةِ أنْ يلومَ أخا الهوى / مَن ليس يعلمُ سهلَه من صَعْبِه
ما أنت منه إذا تَطاولَ ليلُه / قَلَقا ولَجَّتْ مُقْلَتاه بِشُهْبِه
وثمِلت من كأس الهوى ويدُ الهوى / تسقى جوارحَه بميَسم كَرْبِه
أنا بعضُ من سَبَتِ اللِّحاظُ فؤادَه / فسَرَى ولم يَحْفِل بلأمِة حَرْبه
يا ساكني مصرٍ أمَا من رحمةٍ / لمتيَّمٍ ذهبَ الغرامُ بلُبِّه
أمِن المروءةِ أن يزورَ بلادكم / مثلى ويرجعَ مُعْدِما من قلبه
بي منكمُ خَنِثُ الجفون يَشوبُها / خَفَرٌ أَقام قيامَة المُتَنبِّه
ماء يموجُ به النعيم لطافةً / لولا غِلالتُه لفُزْتُ بشُرْبه
يبدو فتستحلى العيونُ مَذاقَه / نَظَرا وتحترق القلوب بحبه
صَلِف تَوقَّفت المطامعُ دونَه / فالشمسُ أيسرُ مَطْلَبا من قُربْه
مَنْ راحِمٌ من عاصِمٌ من حاكِم / فيه فيُنصِفَ ذِلَّتي من عُجْبه
ولقد عزمتُ على السلوِّ مصمِّما / فإذا الجوانحُ كلها من حِزْبِه
وإذا هَواهُ أحاط بي فكأنني / فيه على التحريرِ نُقْطةُ قُطبِه
وروضةٍ زاهرةٍ
وروضةٍ زاهرةٍ / منَ اللُّجَيْنِ والذَّهبْ
لكنَّها ما نبتتْ / في الأصل إلا باللَّهبْ
انظر إلى صنعتها / فكلُّ ما فيها عَجَب
كأنما عُطارِدٌ / أَحْكَم فيها ما ضَرَب
كأنما ابنُ مُقْلةٍ / حَرَّر فيها ما كَتَبْ
أوْدَعها نَقّاشُها / لكلِّ عين ما تُحِبّ
فهْيَ كوجهٍ حَسَنٍ / إذا تَبَدَّى لُمحِبّ
من بعدِ صَدٍّ واجتنا / ب وافتراقٍ وغضبْ
منسوبةٌ للصينِ ل / كنْ نُتِجت بين العرب
أخْلَصها السَّبْكُ فما / فيها من الغش نَدَب
مثلُ غَديرٍ قد صَفا / وراق ما بين الكُثُب
جاءتْ بها سعادة ال / أفضلِ حَسْبَ ما طلب
لو لم يَصُغْها صائغ / تكَّونتْ بلا تَعَب
أنا مفتاحُ المَلاهِي والطربْ
أنا مفتاحُ المَلاهِي والطربْ / هيئتي ظَرْفٌ وأحوالي عَجَب
أنا في مجلس مَلْكٍ قد حَوى / شخصُه حُسْنا وجُودا وأدب
لِلَّهِ أيامي بقليوبِ
لِلَّهِ أيامي بقليوبِ / والعيشُ مُخضَرُّ الجَلابيبِ
والطيرُ في الأغصان فَتّانة / ما بين تَلْحين وتَطْريب
والشمس في المَغربِ مُصْفَرَّة / كعاشق من بعدِ محبوب
وجُلَّنار بين أغصانه / يُبدِي أفانينَ الأَعاجيب
كزَعْفرانِ لاحَ في لاذةٍ / حمراءَ في راحةِ مخضوب
لقد قَدَح الشيبُ في جانِبي
لقد قَدَح الشيبُ في جانِبي / وأَثَّر ما ليس بالواجِبِ
أتانيَ عندَ تولِّى الشباب / فُلقِّبت بالأَشْمَط الشائب
فلما تظلَّمتُ من فعله / وضِقتُ به قال لي صاحبي
لقد غَضَّ منك فهَلاّ لبستَ / علىرغمه حُلَّةَ الخاضِب
فقلت الشبابُ على صدقه / يَخون فما الظنُّ بالكاذب
وبيضاء العَوارِض قابلتْها
وبيضاء العَوارِض قابلتْها / شَبيهتُها السَّميةُ من مَشيِبي
فظَلَّت لا تَرُدّ الطَّرْفَ عنْها / تلاحظُها ملاحظةَ المُريب
وقالتْ لي أَشِبتَ فقلتُ كلا / ولكنْ هذِه زَبَدُ الخُطوب
وهَجْرُك آكَدُ الأسبابِ فيها / فمُوجِبها ذنُوبك لا ذنوبِي
فقالت لي هجرتُك لا لعيبٍ / فكيف على الكثير منَ العيوب
قُلْ للذي فارَق الشَّبابا
قُلْ للذي فارَق الشَّبابا / واسْتَبدل القَصَّ وَالخِضابا
وقَعتَ لا شكَّ في عيوبٍ / لما توهمتَ أن تُعابا
عَوَّضك الله من غرابٍ / بازا فلِمْ تؤْثِر الغُرابا
في أصلِ لون المشيب شك / كيف إذا زال واسْتَتابا
أَعْجِبْ بحاليه حين أَضْحَى / مُجانِبا فيهما الصوابا
طاوَع شيطانَه فَتيًّا / وحارَب اللهَ حين شابا
يا مَنْ يغطِّى شَيْبَه
يا مَنْ يغطِّى شَيْبَه / بُمحالِ تَزْويرِ الخِضابْ
ويظنُّ أن الناس عن / إدراكِ ذلك في حِجابْ
إن كان فِقْدانُ الشبا / ب من المُصيبات الصِّعاب
فزَوالُ عقِلك بالجنو / ن أشدُّ من عُدْم الشباب
وغاضبٍ غالَط عن شَيْبِهِ
وغاضبٍ غالَط عن شَيْبِهِ / كأنما دُلَّ على عَيْبِهِ
لو كان أَبْقاهُ على حالِه / ما أَلْجَأ الناس إلى رَيبْه
قد رامَ أَنْ يَخْفَى ومن خَلَفِه / أَدِلةٌ تُعْرِب عن غَيْبِه
والشيبُ كالسيل إذا ما طما / لم تَدْرِ ما يمنع من شَييْبِه
تَوَلَّوا فَأَفْنَى الهمُّ قلبي عليهمُ
تَوَلَّوا فَأَفْنَى الهمُّ قلبي عليهمُ / وصِرْتُ بلا قلبٍ كأنىَ قَلْبُهُ
وزادَ إلى أنْ كدتُ أَفْنَى من الضَّنى / وقال الأسى للهمِّ وَيْلَك حَسْبُه
ونَّفر صبحُ الشيبِ ليلَ شَيبتي / كذا عادتي في الصُّبِح معْ من أحبه
يا نفسُ ما عيشُك بالدائبِ
يا نفسُ ما عيشُك بالدائبِ / فقَصِّري من أملٍ خائبِ
وَيْكِ أَما يكفيك أن تُبِصري / جَنائزا تنقَل بالراتب
بالطفلِ والبالغِ والمُبتدى / شبابَه والكَهْلِ والشائب
من والدٍ أو ولد أو أخٍ / أو من غريبٍ عنكِ أو صاحِب
فهل تَبَقَّى لك من حُجّةٍ / إلا غرور الأمل الكاذب
أمَا عجيبٌ أنّ ذا كلَّه / موفر في شره الكاسب
لو لم يكن شيءٌ سوى الموتِ كا / ن الزهدُ في الدنيا من الواجب
أو لم يكن موتٌ لكانتْ هم / ومُ الدهرِ تَنْفِى رغبةَ الراغب
فكيفَ والإنسانُ من بعدِه / مُناقَشٌ من عالمٍ حاسِب
قد أَنْذَرَ الوعظُ وأَسْماعُنا / عن كلِّ ما يذكرُ في جانب