المجموع : 16
نأتْكَ بليلى دارُها لا تَزورها
نأتْكَ بليلى دارُها لا تَزورها / وشطّت نواها واستمَّر مريرُها
وخفت نواها من جَنوب عُنيزةٍ / كما خفّ من نيلِ المرامي جفيرُها
وقال رجال لا يَضيرُكَ نأيُها / بلى كلَّ ما شفَّ النفوسَ يضيرها
أليس يضير العينَ أنْ تكثرَ البُكا / ويمنعَ منها نومُها وسُرورُها
أرى اليومَ يأتي دونَ ليلى كأنما / أتى دونَ ليلى حِجةٌ وشهورُها
لكلَّ لقاءٍ نلتقيهِ بشاشةٌ / وإنْ كانَ حولا كلُّ يومٍ أزورُها
خليليَّ روحا راشدينَ فقد أتتْ / ضَرّيةُ من دون الحبيبِ فِنيرُها
خليليَّ ما منْ ساعةٍ تَقفانِها / منِ الليلِ إلاّ مثلُ أخرى نَسيرُها
وقد تذهبُ الحاجاتُ يطلُبها الفتى / شَعاعا وتخشى النفسُ مالا يَضيرُها
وكنت إذا ما زُرتُ ليلى تبرقعتْ / فقد رابني منها الغَداةَ سُفورها
خليليَّ قد عمَّ الأسى وتقاسمتْ / فنون البِلى عُشّاق ليلى ودورها
وَقَدْ رابني منها صُدودٌ رأيتُهُ / وأعراضُها عن حاجتي وبُسورُها
ولو أنَّ ليلى في ذُرى مُتَمنّع / بنجرانَ لالتفتْ عليَّ قصورُها
يَقَرَّ بعيني أنْ أرى العِيسَ تعتلي / بنا نَحو ليلى وهيَ تجري ضفورُها
وما لحِقتْ حتى تقلقلَ غُرْضُها / وسامحَ من بعدِ المَراح عَسيرُها
وأُشرفُ بالأرضِ اليفاعِ لعلَّني / أرى نارَ ليلى أو يراني بَصيرُها
فناديتُ ليلى والحُمولُ كأنّها / مواقيرُ نخلٍ زعزعتها دَبورُها
فقالتْ أرى أنْ لا تُفيدكَ صُحبتي / لهيبةِ أعداءٍ تَلظّى صدورُها
فمدتْ ليَ الأسبابَ حتى بلغتُها / برِفقي وقد كادَ ارتقائي يَصورُها
فلما دخلتُ الخَدرَ أطَتْ نسوعُهُ / وأطرافُ عِيدانِ شديدٍ أسُورُها
فأرختْ لنضّاخ القَفا ذي مِنصةٍ / وذي سيرةٍ قد كان قِدماً يسيرُها
وإني ليُشفيني من الشَّوقِ أن أرى / على الشَرَفِ النائي المخوفِ أزورُها
وأنْ أتركَ العَنْسَ الحسيرَ بأرضِها / يطيفُ بها عُقبانُها ونُسورُها
إلاّ إنّ ليلى قد أجدَّ بكورها / وزُمتْ غداةَ السَّبت للبين عِيرُها
فما أمُّ سَوداءِ المحاجرِ مُطفِلٌ / بأحسنَ منها مقلتينِ تُديرُها
أرتنا حياضَ الموتِ ليلى وراقنا / عُيونٌ نقّياتُ الحواشي تُديرُها
ألا يا صفيَّ النَّفسِ كيفَ تنولها / لو أنَّ طريداً خائفاً يستجيرُها
تُجيرُ وإن شَطتْ بها غُربةُ النَّوى / ستُنعِم يوماً أو يُفادى أسيرُها
وقالتْ أراكَ اليومَ أسودَ شاحباً / وأيُّ بياضِ الوجهِ حرّتْ حُرورها
وإن كانَ يومٌ ذو سَمومٍ أسيرهُُ / وتقصرُ من دونِ السَمومِ سُتورُها
وغيّرني إنْ كنتِ لّما تغّيري / هواجرُ تكتنينّها وأسيرُها
حمامةَ بطنِ الواديينِ إلا انعمي / سَقاكَ من الغُر الغَوادي مَطيرهُا
أبيني لنا لا زالَ ريشُك ناعماً / ولا زلتِ في خضراءَ غَضٍّ نضيرُها
فإن سَجعتْ هاجتْ لعينيكَ عبرةً / وإنْ زفرتْ هاجَ الهوى قر قريرها
وقد زعمت ليلى بأنيَّ فاجرٌ / لنفسي تُقاها أو عليها فجورُها
فقل لعُقيلٍ ماحديثُ عِصابةٍ / تكنّفها الأعداءُ أني تَضيرها
فالاً تناَهوا تُركبُ الخيل بيننا / وركضٌ برَجْلٍ أو جناحٌ يُطيرها
لعلّك يا تيساً نزا في مريرةٍ / مُعاقبُ ليلى أنْ تراني أزورُها
عليَّ دْماءُ الُبدن إن كانَ زوجُها / يرى لَي ذَنباً غيرَ أنّي أزورُها
وإني إذا ما زرتها قلتُ يا اسلمي / فهل كانَ في قولي اسلمي ما يضيرُها
من النّاعباتِ المشيّ نَعباً كأنّما / يُناطُ بِجذعٍ من أوالٍ جريرِها
من العَرَكانياتِ حرفٌ كأنّها / مريرةُ ليفٍ شُدَّ شَزْراً مريرُها
قطعتُ بها أجوازَ كلَّ تَنوفةٍ / مَخوفٍ رداها حينَ يَستنَ مُورُها
ترى ضُعفاءَ القومِ فيها كأنّهم / دعاميصُ ماءٍ نشَّ عنها غديرُها
وقسورةَ الليلِ الذي بينَ نصفهِ / وبين العِشاء قد دأبتُ أسيرُها
أبتْ كثرةُ الأعداء أنْ يتجنّبوا / كلابيَ حتى يُستثارَ عَقورُها
وما يُشتكى جهلي ولكنَّ غِرّتي / تراها بأعدائي بطِيئاً طُروُها
أمتخرمي ريبَ المنونِ ولم أزرْ / عَذارايِ من هَمْدانَ بيضاً نُحورُها
ينؤنَ بأعجازٍ ثِقالٍ وأسوقٍ / خَدالٍ وأقدامٍ لطافٍ خُصورُها
تذكرتَ من ليلاكَ ما لستَ ناسياً
تذكرتَ من ليلاكَ ما لستَ ناسياً / يدَ الدهر إلاّ ريثَ ما أنت ذاكرهُ
وَلوعٌ أتيحتْ للفؤادِ ولم تكنْ / تُنالُ على عفوٍ كذاكَ سرائرهُ
ألمتْ بأصحابِ الرّحال فبينتْ / بنفحةِ مِسكٍ أرّقَ الركبَ تاجرهُ
أرى النّأي من ليلاكَ سُقماًوقرَبها / حياً كحيا الغيثِ الذي أنت ناصرهُ
ولو سألتْ للنّاسِ يوماً بوجهها / سحابَ الثريا لا ستهلّتْ مواطُره
بأبلجَ كالدّينارِ لم تطلّعْ لهُ / من العيشِ إلاّ نعمُهُ وسرائرهُ
ومَن يُبقِ مالاً عُدّةًوضنانةً / فلا الشُحُ مُبقيهِ ولا الدهرُ وافرهُ
ومَنْ يكُ ذا عُودٍ صَليبٍ رَجَابهِ / ليكسِرَ عُودَ الدَهرُفالدهرُ كاسرهُ
ألا هلْ فؤادي عن صِبا اليومِ صافحُ
ألا هلْ فؤادي عن صِبا اليومِ صافحُ / وهلْ ما وأتْ ليلى بهِ لكَ ناجحُ
وهلْ في غدٍ إنْ كانَ في اليومِ عِلّةٌ / سَراحٌ لما تلوي النفوسُ الشحائحُ
سَقتني بشُربِ المُستضافِ فصرّدتْ / كما صرّد اللّوحَ النّطافُ الضحاضحُ
ولو أنَّ ليلى الأخيليةَ سَلّمت / عليَّ ودوني جَنْدلٌ وصفائحُ
لسلمتُ تسليمَ البشاشةِ أوزقا / إليها صدىً من جانبِ القَبر صائحُ
ولو أنَّ ليلى في السماء لأصعدتُ / بطَرفي إلى ليلى العيونُ الكواشحُ
ولو ارسلتْ وحياً إليّ عرفتُهُ / معَ الرّيحِ في مَوارِها المتناوحِ
إذا النّاسُ قالوا كيفَ أنتَ وقد بدا / ضميرُ الذي بي قلتُ للناس صالحٌ
وأُغَبطُ من ليلى بما لا أنالُهُ / ألا كلُّ ما قرتْ به العينُ صالحُ
فهلْ تبكينْ ليلى لئنِ متُّ قبلَها / وقامَ على قبري النساءُ الصّوائحُ
كما لو أصابَ الموتُ ليلى بكيتُها / وجادَ لها جارٍ من الدمعِ سافحُ
وفتيانِ صدقِ قد وصلتُ جَناحهم / على ظهرِ مُغبرَ المفاوزِ نازِحُ
بمائرةِ الضبعَينِ معقودةِ النّسا / جنوف هواها السَّبسبُ المتطاوحُ
وما ذُكرهُ ليلى على نأيِ دارِها / بنجرانَ إلا التُرَّهاتُ الصحاصحُ
رماني وليلى الأخيليةَ قومُها
رماني وليلى الأخيليةَ قومُها / بأشياء لم تُخلقْ ولم أدرِ ما هيا
فليتَ الذي تلقى ويُحزنُ نفسَها / ويُلقونهُ بيني وبينَ ثِيابيا
فهل يبدرنَّ البابَ قومُكَ إنني / قد أصبحتُ فيهم قاصيَ الدارِ نائيا
تمسَّكْ بحبلِ الأخيليةِ واطَّرحْ / عدا النَّاسِ فيها والوشاةَ الأدانيا
فإنْ تمنعوا ليلى وحسنَ حديثها / فلن تمنعوا مني البُكا والقوافيا
ولا رَمَل العِيسِ النوافخ في البُرى / إذا نحنُ رّفعنا لهنَّ المثانيا
فهلاّ منعتمْ إذ منعتمْ كلامَها / خيالاً يُوافيني على النأي هاديا
ولو كنتُ مولى حَّقها لمنعتُها / ولكنَّ مِنْ دوني لليلى مواليا
يلومُكَ فيها اللائمونَ نصاحةً / فليتَ الهوى باللائمينَ مكانيا
ولو أنَّ الهوى عن حُبِّ ليلى أطاعني / أطعتُ ولكنَّ الهوى قد عصانيا
وكم مِن خليلٍ قد تجاوزتُ بذَلَهُ / إليكِ وصادٍ لو أتيتُ سَقانيا
لعمري لقد سهّدتِني يا حمامةَ / العَقيقِ وقد أبكيت مَنْ كانَ باكيا
وكنتُ وقورَ الحِلم ما يستهشُني / بكاءُ الصدى لو نُحتُ نوحاً يمانيا
ولو أنَّ ليلى في بلاد بعيدةٍ / بأقصى بلاد النّاس والجنِّ واديا
لكانتْ حديثَ الرَّكبِ أو لا نتحى بها / إذا أعلنَ الركبُ الحديثَ فؤاديا
تَربّع ليلى بالمُضيّح فالحِمى / وتقتاظُ من بطنِ العَقيقِ السَّواقيا
ذكرتُكَ بالغَورِ التِّهامي فأصعدتْ / شجونُ الهوى حتى بلغنَ التَّراقيا
فما زلتُ أُزجي العيسَ حتى كأنما / ترى بالحصى أخفافها الجمرَ حاميا
بثمدين لاحتْ نار ليلى وصُحبتي / بفرعِ الغَضا تُزجي قِلاصاً نواجيا
وبي من هوى ليلى هوىً لو أبثّهُ
وبي من هوى ليلى هوىً لو أبثّهُ / ولو كانَ أعدى النّاسِ لي كانَ ينصحُ
هوىً لَمْ تُغّيرهُ الحروبُ ولم يزلْ / على عهدٍ ليلى أو يزيدُ فيربحُ
دعا الخَوْصاءَ توبةُ والمنايا
دعا الخَوْصاءَ توبةُ والمنايا / تُساوِرهُ وقد حُظِر النَّجاءُ
إلاّ يَذذْ عنها أساقِ بسيفه
إلاّ يَذذْ عنها أساقِ بسيفه / يكنْ بلداً بالتْ عليه الثعالبُ
ألتسمْ أحقَّ النّاس أنْ لا نريبكم / بشيءٍ ولو دبتْ علينا العقاربُ
رأى رُطّباً غَضّاً فأنساهُ دينَهُ / وشجراءَ فيها يانعٌ مُتراكبُ
فقلتُ له إنَّ الثمارَ التي ترى / لقومٍ قَروْها العامَ إذ أنت غائبُ
وشى واشياً ليلى فقلت صدقتما
وشى واشياً ليلى فقلت صدقتما / وأقبلت في إعراضِ ليلى أعيبُها
ليغترَّ واشٍ أو ليحسبَ كاشحٌ / مُوِدٌّ لليلى قد تولىّ نشوبّها
عفت نوبةٌ من أهلها فستورها
عفت نوبةٌ من أهلها فستورها / فذات الّصفيح المنتضى فحَصيرُها
فُبرْقُ مرورى الدانياتُ فصائحٌ / إلى الأُدمى أقوتْ من الحيّ دُورُها
تنجو إذا قيل لها يَعاطِ
تنجو إذا قيل لها يَعاطِ / تنجو بهم من خلل الأمشاط
قالت مخافةَ بيننا وبكتْ بهِ
قالت مخافةَ بيننا وبكتْ بهِ / فالبَيْنُ مبعوثٌ على المتخوّفِ
لو ماتَ شيءٌ من مخافةِ فُرقةٍ / لأماتَني للبين طولُ تخوفي
ملأ الهوى قلبي فضِقتُ بحمله / حتى نطقتُ به بغيرِ تكلّفِ
عفا الله عنها هل أبتين ليلةً
عفا الله عنها هل أبتين ليلةً / من الدهر لا يسري إليّ خيالُها
إنْ يمكنِ الدهرُ فسوفَ أنتقمْ
إنْ يمكنِ الدهرُ فسوفَ أنتقمْ / أولاً فإنَّ العفوَ أدنى للكرمْ
كأنَّ القلب ليلةَ قيل يُغدى
كأنَّ القلب ليلةَ قيل يُغدى / بليلى العامريةِ أو يُراحُ
قطاةٌ عزّها شَرَكٌ فباتت / تُعالجهُ وقد عَلِقَ الجناحُ
لها فرخانِ قد علقا بوكرٍ / فعشّهما تصفقّه الرّياحُ
فلا بالليلِ نالتْ ما تَرجّى / ولا بالصّبح كان لها بَراحُ
علامَ تقول عاذلتي تلومُ
علامَ تقول عاذلتي تلومُ / تُؤرّقني إذا انجاب الصذَريمُ
أروحُ بتسليم عليكِ وأغتدي
أروحُ بتسليم عليكِ وأغتدي / وحسُبك بالتَسليم مني تقاضيا
كفى بِطلابِ المرء مل لا ينالهُ / عناءً وباليأس المبّرح شافيا