القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الطُّغْرائي الكل
المجموع : 375
سأحجُبُ عنّي أُسرتي عند عسرتي
سأحجُبُ عنّي أُسرتي عند عسرتي / وأبرز فيهم إِنْ أصبت ثراءَ
ولي أُسوةٌ بالبدر يُنفق نورَه / فيخفَى إِلى أن يستجدَّ ضياءَ
من خصَّ بالشكر الصديقَ فإِنني
من خصَّ بالشكر الصديقَ فإِنني / أحبو بخالص شكريَ الأعداءَ
جعلوا التنافسَ في المعالي شِيمتي / حتى امتطيت بنعليَ الجوزاءَ
ونعوا عليَّ معايبي فحذرتُها / ونفيتُ عن أخلاقيَ الأقذاءَ
ولربما انتفع الفتى بعدوّهِ / والسّمُ أحياناً يكون دواءَ
إنّ قوماً فارقتُهم ملكوا الأم
إنّ قوماً فارقتُهم ملكوا الأم / رَ وبيني و بينهم شحناءُ
عِفتُ إِحسانَهم وخِفْتُ أَذاهم / ومع الخَوف لا يطيبُ الثَّواءُ
منهم في الرِّقاب غِلٌّ ثقيلٌ / فإِذا أحسنوا إِليَّ أساءُوا
ما مُقامُ العزيزِ في البلد الهُو / نِ يليه المعاشر الأعداءُ
ليس إلا القُطوعُ والعِيس والحا / دي وجُنحُ الظلام والبيداءُ
ومساعدٍ لي في البكاء مُساهرٍ
ومساعدٍ لي في البكاء مُساهرٍ / بالليل يؤنِسُني بطيبِ لقائِهِ
هامِي المدامع أو يُصابَ بعينهِ / حامي الأضالعِ أو يموتَ بدائهِ
غرثانُ يأخذ روحَه من جسمهِ / فحياتُه مرهونةٌ بفَنائِهِ
يُشفِي على تَلَفٍ فيُضربُ عُنْقُهُ / فيكونُ أقوى موجبٍ لِشفائهِ
ساويتُه في لونه ونُحولهِ / وفضَلتُه في بُؤسهِ وشقَائهِ
هَبْ أَنَّهُ مِثلي بحُرقةِ قلبه / وسُهاده طولَ الدُّجَى وبكائهِ
أفوادِعٌ طولَ النهار مرفَّهٌ / كمعذّبٍ بصباحه ومسائهِ
يقولون أَبْقِ المالَ واجمعْه مُمْسِكاً
يقولون أَبْقِ المالَ واجمعْه مُمْسِكاً / فعِزُّ الفَتى في أن يَجُمَّ ثراؤُهُ
فقلت كلانا لا محالةَ هالكٌ / فأهوَنُ عندي من فنائِي فناؤهُ
وإِنَّ بقاءَ المالِ بعديَ نافعٌ / لمن كان بعدي في الزمان بقاؤهُ
ثراءُ الفتى من دون إِنفاقِه له / فسادٌ وإِنفاقُ الثَّراء نَماؤهُ
فأَنفِقْ فإِن العينَ يركُدُ ماؤُها / فيأسَنُ والمنزوحُ يعذُبُ ماؤهُ
ومُرّوِحٍ سِرّي سرورُ لقائِه
ومُرّوِحٍ سِرّي سرورُ لقائِه / لولا اتصالُ فنائِه ببَقَائِهِ
يحكي القضيبَ قوامُه ونحولُه / حسناً وضوءُ البدرِ من أسمائِهِ
فيسرُّنِي ليلاً بحسنِ وفائِه / ويسوؤُني صُبْحاً بقبحِ جفائِهِ
يشكو الحنينَ إِلى الأليفِ ويغتدِي / كُلٌّ يعلِّلُ نفسَهُ برجائِهِ
أبكي فيبكي غيرَ أَنَّ دموعَه / صِرفٌ ودمعي ممزجٌ بدمائِهِ
أُعدي عليه لظَى فُؤادِي فالتقَى / نارٌ تَحَدَّثُ عن لَظَى بُرَحائِهِ
أمعذَّبٌ والنارُ في عَذَباتِهِ / كمعذَّبٍ والنارُ في أحشائِهِ
يا أيها المولَى الذي اصطنَعَ الورى
يا أيها المولَى الذي اصطنَعَ الورى / شرقاً وغربَا
والمُستعانُ على الزمان إِذا اعتَرى / وأجدَّ حربا
أقسمتُ بالبُزْلِ النوافحِ في البُرَى / قُوداً وقُبَّا
واصلنَ نحوَ البيتِ بالسير السُّرَى / يحملن رَكْبا
يُرضيهمُ بعدَ الصدى وِرْدُ الصَّرَى / رِفْهَاً وغِبَّا
لقد ابتنيتَ المُلكَ مرفوعَ الذُّرَى / بكَ مستتبَّا
وتركتَ دينَ اللّه مشدودَ العُرَى / بُعْداً وقُرْبَا
وضَمِنْتَ للدنيا ومن فيها القِرَى / وكشفتَ جدبَا
من قالَ غيرُكَ للعُلَى فقد افترى / مَيْناً وكذْبَا
قَرُبَ الرحيلُ وزندُ عبدِكَ ما ورَى / فيما أَحبَّا
فأَجرْهُ من دهرٍ بَراهُ كَما تَرى / طعناً وضربا
أرخَى فضولَ عِنانه لمَّا جَرَى / فكبَا وكَبَّا
فانظُرْ إِليهِ وهو مطرودُ الكرى / ضُرَّاً وجدبا
هجر الأنامَ إليك طُرَّاً واشترى / بالجَدْب خِصْبَا
فأتاكَ يرتَعُ في ذراك وبالحَرى / ألّا يُذبَّا
لقاءُ الأمانِي في ضمان القَواضِبِ
لقاءُ الأمانِي في ضمان القَواضِبِ / ونيلُ المعالي في ادِّراعِ السَّبَاسِبِ
إِذا ما ارتمى بالمرء مَنْسِمُ ذِلّةٍ / فليس له إِلّا اقتعادُ الغَواربِ
وما قَذَفاتُ المجدِ إِلّا لفاتكٍ / إِذا هَمَّ لم يستَقْرِ سُبْلَ العواقبِ
إِذا استاف ضيماً عاده خُنْزُوانةٌ / وشَمَّمَ عِرنينَ الألَدّ المحاربِ
وصَحبٍ كجُمَّاعِ الثُّرَيَّا تأَلُّفَاً / مغاويرَ نُجْلِ الطعنِ هُدْلِ الضرائبِ
إِذا نزلوا البطحاءَ سدَّوا طِلاعَها / بسُمْرِ القَنَا والمقرباتِ السَّلاهِبِ
مطاعينُ حيثُ الرمحُ يزحَمُ مثلَهُ / على حَلَقِ الدِّرع ازدحامَ الغرائبِ
يَمُدّونَ أطرافَ القَنَا بخوادِرٍ / كأنّ القَنَا فيها خُطوطُ الرَّواجبِ
إِذا أوردوا السمر اللِّدانَ تحاجزوا / بها عن دماءِ الأُسْدِ حُمْرَ الثعالبِ
بهم أقتضي دينَ الليالي إِذا لوت / وأبلُغُ آمالي وأقضي مآربي
وانتهبُ الحَيَّ اللَّقاحَ وأكتفِي / بريعانِ عزمي عن طِرادِ التجاربِ
وهاجرةٍ سجراءَ تأكلُ ظِلَّها / ملوَّحَةِ المِعْزاء رمضَى الجَنادبِ
ترى الشمسَ فيها وهي تُرسِلُ خيطَها / لتمتاحَ رِيَّاً من نِطافِ المذانبِ
سَفَعْنا بها وجهَ النهار فراعَنَا / بنُقْبَةِ مُسْوَدِّ الخياشيم شاحبِ
وبات على الأكوار أشلاءُ جُنَّحٍ / خوافقُ فوق العِيس ميلُ العصائبِ
فلما اعتسفنا ظِلَّ أخضرَ غاسقٍ / على قِمَع الآكامِ جُونِ المناكبِ
وردنا سُحيراً بين يومٍ وليلةٍ / وقد عَلِقَتْ بالغَرب أيدي الكواكبِ
على حينَ عرَّى منكِبُ الشرقِ جذبةً / من الصبح واسترخَى عِنانَ الغياهبِ
غديراً كمرآة الغريبةِ تلتقي / بصَوْحَيْه أنفاسُ الرياحِ اللَّواغبِ
إِذا ما نِبالُ الفَقْرِ تاحتْ له اتَّقَى / بموضُونةٍ حَصْداءَ من كل جانبِ
بمنعَرجٍ من رَيْدِ عيطاءَ لم تزلْ / وقائعُه يرشفنَ ظَلْمَ السحائبِ
يقبِّلُ أفلاذَ الحَيا ويُكِنُّها / بطاميةِ الأرجاء خُضر النَّصائبِ
بعيسٍ كأطرافِ المَدارَى نواحلٍ / فَرَقْنا بها الظلماءَ وُحْفَ الذوائبِ
نشطنَ به عذباً نِقاخا كأنّما / مشافرُها يُغمِدْن بيضَ القواضبِ
رأينَ جِمامَ الماء زُرقاً ومثلَها / سنا الصبحِ فارتابتْ عيونُ الركائبِ
فكم قامحٍ عن لُجَّةِ الماء طامحٍ / إِلى الفجرِ ظنَّ الفجرَ بعضَ المشاربِ
إِلى أن بدا قَرْنُ الغزالةِ ماتِعاً / كوجهِ نظام الملك بينَ المواكبِ
فما روضةٌ بالحَزْنِ شعشَعَ نَوْرَها / طليقُ العزالى مستهلُّ الهواضبِ
جرتْ في عنانِ المُرزَمِينَ وأوطِئَتْ / مضاميرَها خيلُ الصَّبَا والجَنائبِ
كأن البروقَ استودعتها مشاعلاً / تباهي مصابيحَ النجومِ الثواقبِ
كأن القَطارَ استخزنتها لآلِئاً / فمن جامدٍ في صفحتيها وذائبِ
يُريكَ مُجاجَ القَطْرِ في جَنَباتِها / دموعَ التشاكِي في خُدودِ الكواعبِ
بأعبقَ من أخلاقهِ الغُرِّ إنها / لطائِمُ فضَّتْها أكفُّ النواهبِ
إِذا عُدَّ من صُيَّابةِ الفُرْسِ رهطُه / أقرَّتْ لعلياهُ لُؤَيُّ بنُ غالبِ
وأبيضَ لولا الماءُ في جَنَباتِه / تَلَسَّنُ في خدَّيه نار الحَباحِبِ
أضرَّ به حُبُّ الجَماجمِ والطُّلَى / فغادَرهُ نِضواً نحيلَ المضاربِ
يَوَدُّ سِباعُ الوحش والطيرِ أنّه / يُفَدَّى بأنيابٍ لها ومخالبِ
ينافسُ في يُمنَى يديه يراعةً / مُرَوَّضةَ الآثار ريَّا المساحبِ
إِذا التفعتْ بالليل غرَّةُ صُبْحِه / جرى سنُّهُ مجراهُما بالعجائبِ
عزائمهُ في الخَطْبِ عُقْلُ شواردٍ / وآراؤه في الحرب خُطمُ مصاعبِ
إِذا صالَ روَّى السُّمْرَ غيرَ مراقبٍ / وإنْ قال أمضَى الحُكْمَ غيرَ مُواربِ
ملقّي صدور الخيلِ كلَّ مرشَّةٍ / مهوَّرةِ الجُرْفينِ شَهْقَى الحوالبِ
وقائدها جُرداً عناجيجَ طوَّحتْ / أعنَّتَها مستهلكاتِ الحَقائبِ
إِذا ضاقَ ما بين الحسامينِ لم يزلْ / يجولُ مجالَ العِقْدِ فوقَ الترائبِ
يشُنُّ عليها الركضُ وبلَ حميمها / إذا غيَّمتْ بالعِثْيَرِ المتراكبِ
يقرِّطُها مثنَى الأعنَّة حازمٌ / ألَدُّ جميعُ الرأي شتَّى المذاهبِ
يقدِّمُها والجدُّ يَضمنُ أنه / متى ما التقَى الزحفانِ أوّلُ غالبِ
رمى بنواصِيها الفراتَ فأقبلتْ / مُغَيَّبَةَ الأعطافِ تُلعَ المناكِبِ
وخاضَ بها جيحانَ يلطم مَوْجَهُ / ملاطمةَ الخصم الألدِّ المشاغبِ
خميسٌ أقاصي الشرقِ تُرزم تحته / وترتَجُّ منه أُخرياتُ المغاربِ
إِذا خاضَ بحراً لم يُبقِّ صدورُهُ / لإعجازهِ في البحر نُغْبَةَ شاربِ
وإن رامَ بَرَّاً لم يدعْ سَرَعانُه / لساقتهِ في البَّرِ موقفَ راكبِ
أرادتْ وفودُ الريحِ والقَطْرِ حصرَهُ / فمن ذارعٍ لا يستطيعُ وحاسبِ
فما حسبته القَطرُ غيرَ غوالبٍ / ولا ذرعتهُ الهُوجُ غيرَ لواغبِ
يروعُ به الأعداءَ أروعُ سيفُهُ / يُراوحُ ما بينَ الطُّلَى والعَراقبِ
يفُلُّهُمُ بالرَّوْعِ قبلَ طِرادِهمْ / ويَهزِمهُمْ بالكُتْبِ قبلَ الكتائبِ
رآنِيَ والأيامُ تَحرِقُ نابَها / فأنقذَ شِلْوِي من نُيُوبِ النوائبِ
وأعلقَنِي الحبلَ المتينَ وطالما / تقطَّعَ حَبْلي في أكُفِّ الجواذِبِ
وأبصر ما فَوَّتْنَ نفسي وأُسرتِي / فغرَّمَها حتى دهور الشبائبِ
نصيحُكما فيما يقولُ مُريبُ
نصيحُكما فيما يقولُ مُريبُ / وشأنُكما في اللائمينَ عجيبُ
وإن الذي أسرفْتُما في ملامِهِ / بهِ من قِراعِ الحادثاتِ نُدوبُ
فما سَمْعُه للعاذِلاتِ بعُرضةٍ / ولا قلبُه للظاعنينَ جَنِيبُ
إِذا ما أتيتُ الغَوْرَ غورَ تِهامة / تطَلَّعَ نحوي كاشِحٌ ورقيبُ
يقولون مَنْ هذا الغريبُ وما لَهُ / وفِيمَ أتانا والغريبُ مُريبُ
غَدا في بُيوتِ الحي ينشُدُ نِضْوَهُ / ونحن نرى أَنَّ المُضِلَّ كَذُوبُ
وهل أنا إلا ناشِدٌ في بُيوتِهم / فؤاداً به مما يُجِنُّ ندوبُ
وماذا عليهم أنْ يُلِمَّ بأرضهمْ / أخو حاجةٍ نائي المزارِ غريبُ
وما راعَهمْ إلا شمائلُ ماجدٍ / طَروبٍ أَلا إنَّ الكريمَ طروبُ
ولو نامَ بعضُ الحَيِّ أو غابَ ليلةً / لقرَّتْ عيونٌ واطمأنَّ جُنوبُ
خليليَّ بالجَرْعاءِ من أيمَن الحَمى / هل الجزعُ مرهومُ الرياضِ مَصُوبُ
وهل نطفةٌ زرقاءُ ينقشها الصَّبَا / هنالك سَلسالُ المذاق شَروبُ
فعهدي به والدهرُ أغيَدُ والهَوى / بماء صِباهُ والزمانُ قَشِيبُ
وبالسَّفحِ مَوْشِيُّ الحدائقِ آهلٌ / وبالجِزْع مَوْلِيُّ الرياض غريبُ
بأبطحَ مِعْشابٍ كأن نسيمَهُ / ثناءٌ لمجدِ المُلْكِ فيه نصيبُ
هو الأزهرُ الوضَّاحُ أَمّا مَهزُّه / فلَدْنٌ وأمّا عُودهُ فصليبُ
ذَهوبٌ من العلياءِ في كلِّ مذهبٍ / وَهوبٌ لما يحوي عِداهُ نَهوبُ
يُشَيِّعُه في ما يرومُ فُؤادُه / إِذا خَانَ آراءَ الرِّجالِ قُلوبُ
منوعٌ لأطراف الممالك حافظٌ / جَمُوعٌ لأشتاتِ العَلاءِ كَسُوبُ
أخو الحَزْمِ أَمّا الغورُ منه فإنَّه / بعيدٌ وأَمّا المستقَى فقريبُ
يَنوبُ عن الأنواءِ فيضُ يمينهِ / ويُغني عن البيضاء حين تغيبُ
ويرفَضُّ نُجْحَاً وعدُه لعُفَاتِه / وبعضُهمُ في ما يقولُ خَلوبُ
مُدَبِّرُ مُلكٍ لا تني عَزَماتُه / إِذا ما ترامتْ بالخُطوبِ خُطُوبُ
وحامِي ذمارٍ لا تزالُ جِيادُه / تحومُ على ثَغْر العِدَى وتلوبُ
بهِ انتعش المُلكُ المُضاعُ وأقبلتْ / توائبُه بعدَ الفواتِ تثوبُ
أقامَ عمودَ المُلك بالشرق وانثنى / إِلى الغربِ نَاءٍ حيثُ كان قَريبُ
ولما سما للبغي ثانِيَ عِطْفِه / طَموعٌ لأقصَى ما يُرامُ طَلوبُ
وضَمَّ إِلى ظِلِّ اللواء عصابةً / مقاحيمَ تُدعَى باسمه فتُجيبُ
وضاعتْ حقوقُ المُلك إِلّا أقلَّها / وكادتْ ظُنونُ الأولياءِ تَخِيبُ
وأيقظَ أبناءُ الضَّلالةِ فتنةً / تهالَكَ فيها مُخطِئٌ ومُصيبُ
أُتِيحَ لها شَزْرُ المريرةِ مُقْدِمٌ / على الهَول مصحوبُ الجَنانِ مَهيبُ
سَرَى يطردُ الجُرْدَ العِتاقَ سواهِماً / ترامَى بها بعدَ السُهوبِ سُهوبُ
موارِقُ تمتاحُ الغبارَ وقد طَوى / شمائلَها طَيَّ الرداءِ لغُوبُ
إِذا ما لبسنَ الليلَ طفلاً خلعْنَهُ / عليه ووَخْطُ الصُبحِ فيه مشيبُ
لها مصَّةُ الماء القَراحِ ونشطةٌ / من الروض والمرعَى أعمُّ خصيبُ
يؤُمُّ بها أرضَ العراق مُشَاوِرٌ / وقد عاثَ في السَّرْحِ المسَيَّبِ ذيبُ
هجمنَ عليها بالقنابل والقَنَا / تَمُورُ على أكتافهن كعُوبُ
تعاسلنَ أطراف القُنيّ كأنها / جَرادٌ زهتها بالعَشِيِّ جَنُوبُ
وفي سرعانِ الخيل رائِدُ نُصْرةٍ / له موطِيٌء أينَ استرادَ عَشيبُ
يَرُدُّ دبيبَ المارقين بوثبةٍ / وهل يتساوى وثبةٌ ودَبيبُ
أمرَّ لهم عقدَ المكيدةِ حازمٌ / بصيرُ بأدواءِ الخُطوب طبيبُ
تنام العِدَى من كيدهِ وهو ساهرٌ / وتفتُرُ عمَّا هَبَّ وهو دَؤُوبُ
إِذا أضمروا كيداً تدلَّى عليهم / عليمٌ بأسرارِ الغُيوب لَبيبُ
وما أُتِيَ المغرورُ فيمن برى له / من الحزمِ لولا ما جَناهُ شَعُوبُ
أرادَ وقد حاقَ الشقاءُ بجدِّهِ / مغالبةَ الأقدارِ وهي غلوبُ
ولم يكن المقدارُ فيما علمْتُهُ / لِيُسْعَدَ عبداً أوبقَتْهُ ذُنوبُ
سرى نحوَهُ الحَيْنُ المُتاحُ ودونَهُ / بِساطٌ لأيدي اليَعْمُلاتِ رحيبُ
وعاجله المقدارُ من دون بغيه / وللبغي سيفٌ بالدماءِ خَضِيبُ
ولم يَدْرِ أَنَّ العزَّ كان رِداؤُهُ / مُعَاراً إِلى أن خَرَّ وهو سليبُ
وأُقسِمُ لولا يُمْنُ جَدِّك قُطِّعَتْ / رِقابٌ وعُلَّتْ بالدماءِ جُيوبُ
هي الغمرةُ العظمى تجلَّتْ وأقلعتْ / برأيكَ إِذْ عمَّ القلوبَ وجيبُ
تقوض إِقلاعَ الجَهام فسادها / وقد كانَ يَهْمي وَدْقُهُ ويصُوبُ
أبُثُّكَ مجدَ المُلْكِ قولةَ صادقٍ / وكِذْبُ الفَتَى فيما يُحَدِّثُ حوبُ
أُراني لَقَىً لا أُنْتَضَى لِمُلِمَّةٍ / ولا أُرتَضَى للخطب حين ينُوبُ
يُثَبِّطنِي فضلي عن الغاية التي / يَخِفُّ إِليها جاهلٌ فيُصِيْبُ
ويقصُرُ باعي أنْ ينالَ شظيّةً / من العِزِّ يزكو نَيْلُها ويَطيبُ
وهُلْكُ الفتى أن لا يُساءَ بسطوهِ / عدوٌ ولا يرجُو جَداهُ حبيبُ
فهَبْ ليَ يوماً منك يُنْشَرُ ذِكْرُهُ / فأنتَ لما يرجو العُفاةُ وهوبُ
وعِشْ سالماً طولَ الزمان فإِنما / بقاؤك زيَنٌ للزمان وطِيبُ
لنجمكَ في أفقِ المكارم رفعةٌ / وللريح في جوّ العلاءِ هُبوبُ
بعضَ التَماسُكِ أيُّها القلبُ
بعضَ التَماسُكِ أيُّها القلبُ / فهو الهَوى ومرامُه صعبُ
إن الأُلَى قدروا وما غفروا / ما لي سوى حُبِيّهمُ ذنبُ
صَالوا على ضَعْفِي بقوَّتِهمْ / ما هكذا يتعاشَرُ الصحبُ
من ذا ألومُ على إِساءتِهم / قلبي عليَّ مع الهَوى إِلْبُ
تاللّه ما قلبي بمنفردٍ / في الحبِّ كُلُّ جوارحي قلبُ
إِنيَ لتشعرنِي مواعِدُهمْ / طرباً وأعلم أنها كِذْبُ
وأَغُرُّ نفسي منهم طمعاً / فيهم فَيَملِكني له عُجْبُ
ما لي وما للركب إِذ حسِبوا / أنّي يُسكِّنُ ما بيَ العَتْبُ
العَتْبُ أيسرُ ما أكابدُهُ / لو كان يعلمُ ما بي الرّكْبُ
يا وقفةً إثْرَ الأُلَى رحلُوا / حيث التقَى بالأبطحِ الشِّعْبُ
أرضٌ إِذا ولعَ النسيمُ بها / مَرِضَ الصَّبَا وتماثَلَ الترْبُ
فترابُها جَعْدٌ ونطفتُهَا / عذبٌ وذيلُ نسيمها رَطْبُ
أبكي لها دهراً قضيتُ له / نحبي ولا يُقْضَى له نَحْبُ
ساعاتُه خُلَسٌ ولذَّتُهُ / مسروقَةٌ ونعيمُه نَهْبُ
دهرٌ غريمٌ لم يُحِسَّ به / ريبٌ ولم يَفْطُنْ له خَطْبُ
قد قلتُ للمُزجِي قلائِصَهُ / حُدْباً تَعرَّق لحمَها الحُدْبُ
مترجِّحاً يحدو به رَغَبٌ / فيصدُّهُ عن قَصْدهِ الرَّهْبُ
أبشِرْ فقد جادتْكَ مقبلةً / أيامُ مجدِ المُلْك والخِصْبُ
أيامُ من ضَمِنَتْ سعادتُه / أنْ لا يطورَ فِناءَهُ جَدْبُ
ذاك الذي خضعتْ لطاعتِه / صِيْدُ الملوكِ وأذعنَ الغُلْبُ
ذاك الذي يغدو وشِكَّتُه / إِقبالُه وجنودُه الرُّعْبُ
رَدَّ الأمورَ إِلى حقائِقِها / حتَّى استبدَّ بدورِه القُطْبُ
وحمى حريمَ الملك ممتعِضاً / للجِدّ قد ألوَى به اللِّعْبُ
وشفَى من الداءِ العُضَالِ وقدْ / عجزَ الرُقَاةُ وأبلسَ الطِّبُ
وأقامَ للأجنادِ هيبتَه / حتى صَفا للدولة الشرْبُ
فتوقرتْ من بعدِما قَلِقَتْ / عُقَدُ الحُبَى وتفاقمَ الشغْبُ
وتراجعتْ بيضُ السيوف إِلى ال / أغمادِ لا طَعْنٌ ولا ضَرْبُ
من بعدِ ما هجمَ الزمانُ بها / بِكْراً وحَلَّ عِقالَها الحَرْبُ
في فترةٍ نُسِيَ الحُلومُ بها / وتشابَه المربوبُ والربُّ
بعزيمةٍ لو أنَّ هبَّتَها / للريح لم يَثْبُتْ لها هِضْبُ
ولطافةٍ لو أنَّها رأبتْ / شعبَ الزُّجَاجِ تلاءَم الشَّعْبُ
وسياسةٍ تحمي حميَّتُها / فتذوبُ في أغمادِها القُضْبُ
وأغرَّ مطبوعِ النَّدَى شَرِقٍ / بالمجد فيضُ يمينِه سَكْبُ
لقطوبهِ من بشرِهِ شِيَعٌ / ولحِلْمه من بطشهِ حِزْبُ
مُرُّ الحلاوةِ في مَهَزّتِه / لِينٌ ومَعْجَمُ عودِه صُلْبُ
لم تشتهرْ بالشرق عزمتُه / إِلّا ودانَ لحدِّها الغَرْبُ
آراؤُه كمقالِه سدَدٌ / ولسانُه كحسامِه عَضْبُ
لم يُسْمَ في صَمَّاءَ مُعْضِلَةٍ / إِلّا تفرَّجَ باسمهِ الكَرْبُ
متبرجٌ للوفدِ همَّتُهُ / بينَ الوفُودِ وبينَهُ حُجْبُ
رأيٌ بعيدُ الغَوْرِ سانَدَهُ / جُودٌ قريبُ المستقَى عَذْبُ
وندىً لَوَ اَن السحبَ تَعْشُرُه / لم يتَّسِعْ لِقطَارها سُهبُ
وعُلىً لوَ اَن الشمس تبلُغُها / في وجهِها سجدتْ لها الشُّهْبُ
وصَرامةٌ لو أنّ أيسرَهَا / للسيف لم يُثلَمْ له غرْبُ
لا نارُهُ تخبُو ولا يدُهُ / تنبو ولا إِقبالُه يكبُو
ساسَ الرعيةَ لا يباعدُه / بُغْضٌ ولا يدنُو به حُبُّ
واستغزرَ الأموالَ لا عنَتٌ / فيما يُثَمِّرُهُ ولا غَصبُ
جادت حلوبتُها بدَرَّتِها / عفواً ولا مَرْيٌ ولا عصبُ
وسواهُ قد جُهِدتْ حلوبتُه / مَرْياً ولم يُملأْ له قَعْبُ
لولا تأخّرُ عصرهِ نزلتْ / في شأنه الآياتُ والكُتْبُ
خُذْهَا مدبَّجَةً يَذِلُّ لها / قِطَعُ الرياض ويَخْجَلُ العصْبُ
واسْعد بعيد العُجْمِ مغتبطاً / من شأنك الإِعطاءُ والسلبُ
غَمرَ الخلافُ الناسَ واتفقتْ / فيه وفيك العُجْمُ والعُرْبُ
تصعيدُ هذا الدهرِ والتصويبُ
تصعيدُ هذا الدهرِ والتصويبُ / مثلي على حاليهما مغلُوبُ
لا تنكري أنّي تغيَّر شيمتي / فالرمحُ قد يَنْأدُّ منه كعوبُ
لا تعجبي أني شكوتُ فإِنَّه / قد يظلعُ المتحسِّرُ المنكوبُ
أجري على عِرْقِ المكارمِ مثلَما / يجري على أعراقِه اليعبُوبُ
ومَليحةِ الشكوى إليَّ مليحةٌ / من صرفِ أيام لهن دَبِيبُ
أنحَتْ عليَّ بلومها ولقد دَرَتْ / أنِّي على عَجْمِ الزمانِ صليبُ
واستنزلَتْني عن يَفَاعِ أبيَّتِي / ثم انثنتْ ورجاؤُها مكذُوبُ
ولقلَّما عادَ الرجاءُ مصدِّقاً / حيثُ التَوى وتعثَّر المطلُوبُ
ورأتُ وما عرفتْ نزاهةَ شِيمَتي / أني على جُرَعِ الحِياضِ ألُوبُ
غُرَّتْ بترجيمِ الظنون فأخطأتْ / والظنُّ يُخطِئُ مرةً ويُصيبُ
أوَمَا درتْ أني أنزِّهْ شيمتي / كيلا أبيتَ وعِرضِيَ المَسْبوبُ
أروى بشربِ الضَّبِّ مجتزئَاً به / والماء سَلسالُ المذاقِ شَروبُ
وأَصُدُّ دونَ الوِرْدِ والوُرَّادُ أَر / سالٌ كما ازدحَمَ القطا الأسروبُ
وأصونُ نعلي أنْ تَمَسَّ مواطِئَاً / عِرضي بوطء ترابها مثلوبُ
وأكُرُّ حيثُ السيفُ فوقَ جماجمي / والموتُ حدُّ سِنانِه مذروبُ
لا الهولُ يملأُ ناظريَّ ولا الردَى / عندي مريرٌ طعمُه مرهوبُ
فليبلونَّ أخا عزائم عندها / إِلّا البسالةَ والسماح غريبُ
في حلقِ كلِّ مُكايدٍ منه شجاً / وبصدرِ كُلِّ منابذٍ أُلهوبُ
فُجِعَتْ بها نفسِي وأيامُ الفتى / نَسَماتُ أرواحٍ لهنَّ هُبوبُ
واهاً لأيامٍ لهوتُ بطيبِها / غُصْنُ الصِّبَا ما بينهنَّ رَطِيبُ
فإِذا اعتزينَ فإنهنَّ شواغِلٌ / وإِذا انقضينَ فإنهنَّ كُروبُ
ولقد لبستُ رداءَها فنزعتُه / عن عاتقَيَّ وهل يدومُ قَشيبُ
ومُحاذرٍ وَخْزَ الهوانِ صَحِبْتُه / فَسرى بضوء جبينهِ الأركُوبُ
يخطو رقابَ القومِ وهو كأنَّه / عَوْدٌ بغاربه الندوبُ ركوبُ
تَئِقٌ إِذا ما الضيمُ مَسَّ إِهابَه / لم يرضَ أو يتخضبَ الأنبوبُ
تُخْفِي بسالتُه مطارحَ همِّه / ومرامِه إِنَّ الهَيُوبَ مُرِيبُ
قلبَ الزمانُ ظهورَهُ لبطونِه / إِنّ المعارفَ مدّها التجريبُ
خالستُه نُهَزَ السّرَى حتى انْجلَى / عن مثلِ حَدِّ المرهفِ التأويبُ
ولقد يكونُ الدهرُ أعجمَ صرفهُ / حتى استوى المكروهُ والمحبوبُ
سَلْ بي بناتِ الدهرِ فهي خبيرةٌ / أني عن المرعَى الذميمِ عَزُوبُ
تَبّاً لمن يُمْسِي ويُصْبِحُ لاهِياً / ومرامُهُ المأكولُ والمشروبُ
أَوما يَرى الأرزاق تطلُب غافلاً / وتَصُدُّ عن لهفانَ وهو طَلوبُ
وأرى الجدودَ هي الحواكمَ للورَى / وبهنَّ يُخفِقُ طالبٌ ويُصيبُ
فإِذا قطعْنَك فالغريبُ مبَعَّدٌ / وإِذا وصَلْنَكَ فالبعيدُ قَريبُ
حبُّ البقاءِ طبيعةٌ مجبولةٌ / وهل البقاءُ وقدرُه محسوبُ
ولكَمْ حياةٍ دونَها جُرَعُ الرَّدَى / ضَربٌ مشوبٌ والحياةُ ضُروبُ
والدهرُ ذو حاليْنِ أعرَجُ قُلَّبٌ / والعيش كَدٌّ أو يريح شعوبُ
أهابَ به داعي الهَوى فأجابا
أهابَ به داعي الهَوى فأجابا / وعاودَهُ نكسُ الصّبَا فتصَابَى
وأدَّاهُ من بعدِ التجارب رأيُهُ / إِلى أن عصَى حُكْمَ الحِجَى فتغابَى
وطابَ له عن غِرَّةِ العيشِ أَرْيُهُ / وقد ذاقَ من طعمِ التجارب صَابَا
وحَلَّ عِقَالَ العَقْلِ عندَ يَدِ الهَوى / فسامَ كما شاء الغرامُ وسَابَا
وشَام بُرَيْقَاً بالحِمى شاقَ لَمْعُهُ / رفاقاً وخيلاً بالغُويرِ عِرَابَا
تناعس للأيقاظ فوقَ رِحالِهم / فمدّوا عُيوناً نحوَهُ ورِقَابَا
فكم دونَ ذاك البرق من متجلِّدٍ / يُكاتمُ أسرارَ الغَرامِ صحَابَا
وآخرَ نمّامِ الجفونِ زفيرهُ / يشُقُّ وراءَ السابريِّ حِجابَا
ومن مُقْصِرٍ يصمي حَماطةَ قلبهِ / صوائبُ وُطْفٌ ما كُسِينَ لُغَابَا
يُردّدُ طرفا في صَرى الدمع سابحاً / ويَرقِي فُؤاداً بالعَزاء مُصَابَا
وأغيدَ لو خاصرتَهُ في سُجوفِه / لردَّ مشيبَ العارضَيْنِ شَبابَا
أغنَّ إِذا استمليتَ وحيَ جُفونِه / درسْنَ من السحرِ المبينِ كِتابَا
فيا رُفقة تُزجِي الرِكابَ طلائحاً / سقَتْهَا الغوادِي رُفقةً ورِكابَا
حَدا بِهِمُ حادي الغرامِ فَيَمَّمُوا / مساقِطَ مُزْنٍ بالأباطحِ صابَا
ولو قايَسُوا بالمُزْنِ عيني لصادفوا / دُموعيَ أندى العارضين سَحابَا
يَؤُمّونَ أرضاً بالبِطَاحِ أريضَةً / وزُرقَ حمامٍ بالعُذَيبِ عِذَابَا
ومرهومةً مرقومةً عُنِيَتْ بها / صَناع كستْ وجهَ السماء نِقَابَا
يلينُ لها قلبُ الهجير إِذا قَسا / بسُقْيا جُفونٍ ما يَزَلْنَ رِطَابَا
وتهدي إليها في النسيمِ إِذا سرَى / لطائمُ تَحوي عنبراً ومَلابَا
لك اللّه إني ناشدٌ كَبِداً بها / صُدوعٌ فهل من مُنْشِدٍ فيُثَابَا
وهل عندكم صبرٌ جميلٌ فتعمرُوا / فُؤاداً من الصبرِ الجميلِ خرابَا
وهل فيكمُ راقٍ فيشفي برُقْيَةٍ / لديغَ هوىَ يرجُو لديهِ ثَوابَا
وهل نظرةٌ عجلَى يُريكَ اختلاسُها / غليلَ مُعَنَّى لا يذوقُ شَرابَا
أخادعُ نفسِي بالسؤالِ تعَلُّلاً / وإن لم تردُّوا للسؤالِ جَوابَا
وما الرأيُ إلّا الهجرُ لو أنَّ مُسْعِداً / من الصبرِ إذ يُدعَى إليهِ أجابَا
إِذا ما الهَوى استولَى على الرأي لم يدعْ / لصاحبهِ في ما يراهُ صَوابَا
مَلِلْتُ ثَوائي بالعراقِ وملَّني / رفاقي وكانوا بالعراق طِرابَا
وأَنفقتُ من عُمْرِي وذاتِ يدي بها / بضائِعَ لم أملِكْ لهُنَّ حسابَا
وزاحمت مهري والمهنَّدَ في الغِنَى / فلم أُبْقِ إلّا مِقوداً وقِرابَا
وأبْلَى بها الجُردُ العِتاقُ أجِلَّةً / عليهنَّ والصحبُ الكرامُ ثِيابَا
وفارقَنِي أهلُ الصَّفاءِ تبرُّماً / بشَحْطِ نوىً شابوا عليه وشَابَا
فلا زائرٌ يَغشَى جنابي لحاجةٍ / ولا أنا أغشَى ما أقمتُ جَنابَا
ولا موقِدٌ ناري بعلياءَ للقِرَى / ولا رافعٌ لي بالعَراء قِبابَا
إِذا قلتُ إني قد ظفِرتُ بصاحبٍ / سكنتُ إليه خاننِي وأرابَا
أُقلِّبُ عيني لا أرى غيرَ صاحبٍ / ظننتُ به الظَّنَّ الجميلَ فخابَا
وكيف ثَوائي بالعراق وقد غَدا / عليّ بها رَوْحُ النسيم عَذابَا
هو الربعُ لم يُخْلَق بنوه أعزَّةً / كِراماً ولم تَنبُتْ قناهُ صلابَا
ولا طرقت أُمُّ الحفاظِ بماجدٍ / ولا حضَنَتْ ظِئرُ العفافِ كِعابَا
بنو الغَدْرِ لما فتَّشَ البحثُ عنهم / أراكَ وميضَاً خُلَّباً وسَرابَا
متى ما نَبَا دهرٌ نَبَوا وتصَّرفُوا / على حالتَيْه جَيْئَةً وذَهابَا
معاشرُ لو طابَ الثرى في بلادِهم / زكا عندَهم غرسُ الجميلِ وطابَا
مناكِيدُ تأبَى أن تجودَ لِقاحُهم / بِدَرِّ بَكِيٍّ أو تُشَدّ عِصابَا
إِذا استخبَر المرءُ التجاربَ عنهمُ / أرتْهُ بِهاماً رُتَّعاً وذِئَابَا
إِذا كنتَ عند الحادثاتِ وقد عرتْ / مِجَنّاً لهم كانوا قَناً وحِرابَا
أُفارقُهم لا آسفاً لفراقِهمْ / ولا مؤْثِراً نحو العراق إيابَا
فيا عجباً حتى الخلافةُ ما رأتْ / لحقِّيَ أن أُجْزَى به وأُثَابَا
ولم تَرْعَ لي نُصْحِي القديمَ وخدمتِي / أخوضُ غِماراً أو أروضُ صِعابَا
لَعمري لَقَدْ ماحضتُها النُّصحَ باذلاً / لوُسعي وقد رُدَّتْ إليَّ منابَا
فيا ليت نُصحي كان غِشَّاً وطاعتي / نفاقاً وصِدقي في الولاء خِلابَا
كما صار آمالي غُروراً وخدمتي / هباءً وسعيي خيبةً وتَبابَا
ويا ليتني دامجتُ فيه معاشراً / تركتهُمُ شُوْسَاً عليَّ غِضَابَا
أليس زُرَيقٌ لم يخَفْ أن أمضَّهُ / عتاباً وهل يخشَى اللئيمُ عتابَا
تصاممَ عنِّي أو تعامَى ولم يخَفْ / سِهاماً من العَتْبِ الممِضِّ صِيَابَا
وفَيْتُ بعهدٍ كان بيني وبينَهُ / وبينَ مَقاماتٍ بمصرَ خطابَا
ولو صَحَّ ما يُعزى إليه لحلَّقتْ / بأشلائه رُبْدُ النُّسورِ سِغَابَا
وكيف يُرَجِّي من يكونُ ادِّعَاؤُهُ / وَلاءَ أميرِ المؤمنين كِذابَا
لعمريَ ما فارقتُ ربعيَ عن قِلىً / ولا رَضيَتْ نفسي سواهُ مَآبَا
ولكنْ تكاليفُ السيادةِ جَعْجَعَتْ / برحلي ودهرٌ بالحوادثِ رَابَا
أهُمُّ بأمرٍ والليالي تردُّنِي / وأجمعُ شملي والحوادثُ تابَى
سقَى اللّه جَيَّا ما أرقَّ نسيمهَا / إِذا الظِلُّ من لفحِ الهواجرِ ذابَا
وأندى ثراها والغوادي شحيحةٌ / بصوبِ حَياها أن تبلَّ تُرابَا
وأطيبَ مغناها وأعذبَ ماءَها / وأفيحَها للطارقينَ رِحابَا
وأبهى رِباعاً وسْطَها ومنازلاً / وأزكى صُحوناً حولَها وهِضَابَا
عسى اللّه يقضي أوبةً بعد غيبةٍ / ويختِمُ بالحُسنَى ويفتحُ بابَا
وكَرمةٍ أعراقُها في الثَّرَى
وكَرمةٍ أعراقُها في الثَّرَى / بعيدةِ المنزِعِ والمضرَبِ
كريمةٍ تلتفُّ أغصانُها ال / غضَّةُ بالأقربِ فالأقربِ
تمتاحُ من قعرِ الثَّرى رِيَّها / أشطانُها عفواً ولم تَجذِبِ
إِذا ارتوتْ من مائِها أسبلتْ / جفونُها بالواكفِ الصَّيِّبِ
وإنْ تغَشَّى سِفلها بالنَّدى / أخصبَ أعلاها ولم يُجدِبِ
ألقحَها الريحُ وصوبُ الحَيَا / والشمسُ في المشرقِ والمغربِ
فأعقبتْ عائِلَها بعدما / عاشَ زماناً وهي لم تُعقِبِ
ووضَعتها نُجُبَاً تنتمِي / إِلى أبٍ أكرِمْ به من أبِ
وألحفتها خُضْرَ أوراقِها / مغذوَّةً بالحَلَبِ الأعذَبِ
وأسكنتها الشمسُ من صنعةِ ال / تلويحِ في الأغرب فالأغربِ
فمهرتْ فيها وجاءتْ بما / يبهرُ من مستحسَنٍ مُعْجِبِ
وبَدَّلتْ خُضْرَ عناقِيدِها / بالأدهمِ اليحمومِ والأشهبِ
واستسلفتْ ماءً وجادتْ بهِ / مُدامةً كالقبَسِ المُلهَبِ
ولم تزلْ بالرِفْقِ حتى اكتسَى / لُجَيْنُها من صبغها المُذهَبِ
فالأشقرُ المنتوجُ من نَسْلِها / سليلُ ذاكَ الأشهبِ المنجِبِ
تَرى الثُّريَّا من عناقِيدِها / تلوح في أخضرَ كالغيهبِ
ألوانُها شَتَّى وأنواعها / متفقاتُ النَّجْرِ والمنْصبِ
كم سبجٍ فيها وكم جَزعةٍ / صحيحةِ التدويرِ لم تُثقَبِ
من حالكِ اللونِ كجُنْحِ الدُّجَى / وناصعٍ يلمعُ كالكوكبِ
كأنما تحمِلُ حَباتِها / أكارِعُ النغرانِ بالمخلبِ
خَيْلان من رُوم وزَنْجٍ غدتْ / في جُنَنٍ خُضْرٍ لها تجتبي
أطيِبْ بها حِلَّاً ومحظورةً / في كَرْمها أو كأسِها أطيِبِ
أنعَتُ نخلاً تُجتنَى
أنعَتُ نخلاً تُجتنَى / ثِمارُها من كثبِ
مخلوقةً من فضَّةٍ / مغموسةً في ذهبِ
من ذَوبِها تُسقَى ولا / تَروي إِذا لم تذُبِ
لا عِرقُها تحتَ الثَّرَى / ولا لها من كَرَبِ
تحملُ فوقَ رأسِها / جُمَّارةً من ذَهَبِ
وطلعُها منسبكٌ / من ذوبها المنسكبِ
مغروسةً في مجلسٍ / ضَنْكٍ بمرأى عجبِ
نوريَّةً ناريةً / شبيهةً بالشُّهُبِ
يُمعِنُ جُنْدُ الليل من / لقائِها في الهَربِ
وكأنّ آذريونَ روضتِنا
وكأنّ آذريونَ روضتِنا / كانونُ فَحْمٍ حولَه لَهَبُ
أو جامُ جَزعٍ حولَه سَبَجٌ / أو سورُ مِسْكٍ جامُهُ ذَهَبُ
شَجراتُ وَرْدٍ أصْفَرٍ بَعَثَتْ
شَجراتُ وَرْدٍ أصْفَرٍ بَعَثَتْ / في قلب كلِّ متيَّمٍ طرَبَا
خرطتْ مهودَ زبرجدٍ حملتْ / أجوافُها من عَسْجدٍ لُعَبَا
فإِذا الصَّبَا فتقتْ كمائِمَها / سَحَراً ومادَ الغُصْنُ وانتصَبَا
شبَّهْتُها بخَرِيدةٍ طَرَحَتْ / في الخُضْرِ من أثوابِها لَهَبا
سكبتْ يدُ الغيمِ اللجينَ لها / فكستْهُ صبْغَاً مونِقاً عَجَبَا
من ذا رأى من قبلهِ شَجَراً / سُقِيَ اللُّجينَ فأثْمَرَ الذَّهَبا
ساريةٌ لم تُخْلِنَا
ساريةٌ لم تُخْلِنَا / من رَغَبٍ ومن رَهَبْ
فودْقُها وبَرْقُها / ماءُ حياةٍ ولَهَبْ
والوَدْقُ منها فِضَّةٌ / بيضاءُ والبَرْقُ ذَهَبْ
إنْ نامَ جَفْنُ برقِها / صاحَ به الريحُ فَهَبّْ
أصبحتِ الأرضُ بها / غنيّةً مما تَهَبْ
فالماءُ خمرٌ تُجْتَلَى / والماءُ مسكٌ مُنْتَهَبْ
كم ليلةٍ ساهرتُ زُهْرَ نجُومها
كم ليلةٍ ساهرتُ زُهْرَ نجُومها / والجوُّ من أنفاسِ وجديَ شاحِبُ
أرعى السماءَ ونجْمُها متلبِّدٌ / حيرانُ قد سُدَّتْ عليه مذاهبُ
وكأنها بحرٌ يُعَبُّ عُبابُه / وكأنه فيها غريقٌ راسبُ
وترى بها أمَّ النجوم كجدولٍ / في روضةٍ فيها لجَينٌ ذائِبُ
وبناتُها سربُ الظِباء فواردٌ / أو صادرٌ أو جازيٌ أو قاربُ
وكأنما الشمسُ المنيرةُ إذْ بدتْ
وكأنما الشمسُ المنيرةُ إذْ بدتْ / والبدرُ يجنَحُ للمغيب ويغْرُبُ
متحاربانِ مِجَنُّ ذا قد صاغَهُ / من فضةٍ ولذا مِجَنٌّ مُذْهَبُ
لا أدَّعِي أنِّي وفَيْتُ بعهدِكمْ
لا أدَّعِي أنِّي وفَيْتُ بعهدِكمْ / ورعيتُكمْ إنّ الوفاءَ ضُروبُ
أأعيشُ من بعد الفِراقِ وأدَّعِي / حُسنَ الرعايةِ إنَّني لَكذوبُ
إنْ لم أمتْ أسفاً عليك فإنَّ لي / قلباً كما شاء الفِراقُ يذوبُ
ومن الشهودِ على غَراميَ أنَّني / طَرِبُ الشمائلِ والمُحِبُّ طروبُ
أَرتاحُ إنْ لاحَ الوميضُ وأنثني / نشوانَ إن هبَّتْ عليَّ جَنُوبُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025