المجموع : 51
أَلا بَكَرَت عِرسي تُوائِمُ مَن لَحى
أَلا بَكَرَت عِرسي تُوائِمُ مَن لَحى / وَأَقْرِبْ بِأَحلامِ النِساء مِنَ الرَدى
أَفي جَنبِ بَكرٍ قَطَّعَتني مَلامَةً / لَعَمري لَقَد كانَت مَلامَتُها ثِنى
أَلا لا تَلومي وَيبَ غَيرِكِ عارِياً / رَأى ثَوبَهُ يَوماً مِنَ الدَهرِ فَاِكتَسى
فَأُقسِمُ لَولا أَن أُسِرَّ نَدامَةً / وَأُعلِنَ أُخرى إِن تَراخَت بِكَ النَوى
وَقيلُ رِجالٍ لا يُبالونَ شَأنَنا / غَوى أَمرُ كَعبٍ ما أَرادَ وَما اِرتَأى
لَقَد سَكَنَت بَيني وَبَينَكِ حِقبَةً / بِأَطلائِها العَينُ المُلَمَّعَةُ الشَوى
فَيا راكِباً إِما عَرَضتَ فَبَلِّغَن / بَني مِلقَطٍ عَني إِذا قيلَ مَن عَنى
فَما خِلتُكُم يا قَومُ كُنتُم أَذِلَّةً / وَما خِلتَكُم كُنتُم لِمُختَلِسٍ جَنى
لَقَد كُنتُم بِالسَهلِ وَالحَزنِ حَيَّةً / إِذا لَدَغَت لَم تَشفِ لَدغَتَها الرُقى
فَإِن تَغضَبوا أَو تُدرِكوا لي بِذِمَّةٍ / وَأَصبَحَ زَيدٌ بَعدَ فَقرٍ قَد اِقتَنى
وَإِن الكُمَيتَ عِندَ زَيدٍ ذِمامَةٌ / وَما بِالكُمَيتِ مِن خَفاءٍ لِمَن رَأى
يَبينُ لِأَفيالِ الرِجالِ وَمِثلُهُ / يَبينَ إِذا ما قيدَ في الخَيلِ أَو جَرى
مُمَرٌّ كَسَرحانِ القَصيمَةِ مُنعَلٌ / مَساحِيَ لا يُدمي دَوابِرَها الوَجى
شَديدُ الشَظى عَبلُ الشَوى شَنِجُ النَسا / كَأَنَّ مَكانَ الرِدفِ مِن ظَهرِهِ وَعى
هَلّا سَأَلتِ وَأَنتِ غَيرُ عَيِيَّةٍ
هَلّا سَأَلتِ وَأَنتِ غَيرُ عَيِيَّةٍ / وَشِفاءُ ذي العِيِّ السُؤالُ عَنِ العَمى
عَن مَشهَدي بِبُعاثَ إِذ دَلَفَت لَهُ / غَسّانُ بِالبيضِ القَواطِعِ وَالقَنا
وَعَنِ اِعتِناقي ثابِتاً في مَشهَدِ / مُتَنافِسٍ فيهِ الشَجاعَةُ لِلفَتى
فَشَرَيتُهُ بِأَجَمَّ أَسوَدَ حالِكٍ / بِعُكاظَ مَوقوفاً بِمَجمَعِها ضُحا
ما إِن وَجَدتُ لَهُ فِداءً غَيرُهُ / وَكَذاكَ كانَ فِداؤُهم فيما مَضى
إِنّي اِمرُؤٌ أَقني الحَياءَ وَشيمَتي / كَرمُ الطَبيعَةِ وَالتَجَنُّبُ لِلخَنا
مِن مَعشَرٍ فيهِم قُرومٌ سادَةٌ / وَلِيوثُ غابٍ حينَ تَضطَرِمُ الوَغى
وَيَصولُ بِالأَبدانِ كُلُّ مُسَفَّرٍ / مِثلَ الشِهابِ إِذا تَوَقَّدَ بِالغَضا
إِن يُدرِكَكَ مَوتٌ أَو مَشيبٌ
إِن يُدرِكَكَ مَوتٌ أَو مَشيبٌ / فَقَبلَكَ ماتَ أَقوامٌ وَشابوا
تَلَبَّثنا وَفَرَّطنا رِجالاً / دُعوا وَإِذا الأَنامُ دُعوا أَجابوا
وَإِنَّ سَبيلَنا لَسَبيلُ قَومٍ / شَهِدنا الأَمرَ بَعدَهُمُ وَغابوا
فَلا تَسأَلَ سَتَثكَلُ كُلُّ أُمٍّ / إِذا ما إِخوَةٌ كَثُروا وَطابوا
أَمِن دِمنَةٍ قَفرٍ تَعاوَرَها البِلى
أَمِن دِمنَةٍ قَفرٍ تَعاوَرَها البِلى / لِعَينَيكَ أَسرابٌ تَفيضُ غُروبُها
تَعاوَرَها طولُ البِلى بَعدَ جِدَّةٍ / وَجَرَّت بِأَذيالٍ عَلَيها جَنوبُها
فَلَم يَبقَ فيها غَيرُ أُسٍّ مُذَعذَعٍ / وَلا مِن أَثافي الدارِ إلّا صَليبُها
تَحَمَّلَ مِنها أَهلُها فَنَأَت بِهِم / لِطِيَّتِهِم مَرُّ النَوى وَشُعوبُها
وَإِذ هِيَ كَغُصنِ البانِ خَفَّاقَةَ الحَشى / يَروعُكَ مِنها حُسنُ دَلٍّ وَطيبُها
فَأَصبَحَ باقي الوُدِّ بَيني وَبَينَها / أَمانِيَّ يُزجيها إِلَيَّ كَذوبُها
فَدَعهَا وَعَدِّ الهَمَّ عَنكَ وَلَو دَعا / إِلى ذِكرِ سَلمى كُلَّ يَومٍ طَروبُها
أَتَصبو إِلى سَلمى وَمِن دونِ أَهلِها / مَهامِهُ يَغتالُ المَطِيَّ سُهوبُها
وَبِالعَفوِ وَصّاني أَبي وَعَشيرَتي / وَبِالدَفعِ عَنها في أُمورٍ تُريبُها
وَقَومَكَ فَاِستَبِقِ المَوَدَّةَ فيهِمُ / وَنَفسَكَ جَنِّبها الَّذي قَد يَعيبُها
ما بَرَّحَ الرَسمُ الَّذي بَينَ حَنجَرٍ
ما بَرَّحَ الرَسمُ الَّذي بَينَ حَنجَرٍ / وَذَلفَةٍ حَتّى قيلَ هَل هُوَ نازِحُ
وَمازِلتَ تَرجو نَفعَ سُعدى وَوُدَّها / وَتُبعِدُ حَتّى اِبيَضَّ مِنكَ المَسائِحُ
وَحَتّى رَأَيتَ الشَخصَ يَزدادُ مِثلُهُ / إِلَيهِ وَحَتّى نِصفُ رَأسِيَ واضِحُ
عَلا حاجِبَيَّ الشَيبُ حَتّى كَأَنَّهُ / ظِباءٌ جَرَت مِنها سَنيحٌ وَبارِحُ
فَأَصبَحتُ لا أَبتاعُ إِلا مُؤامِراً / وَما بَيعُ مَن يَبتاعُ مِثلِيَ رابِحُ
أَلا لَيتَ سَلمى كُلَّما حانَ ذِكرُها / تُبَلِّغُها عَنّي الرِياحُ النَوافِحُ
وَقالَت تَعلَّم أَنَّ ما كانَ بَينَنا / إِلَيكَ أَداءٌ إِنَّ عَهدَكَ صالِحُ
جَميعاً تُؤَدّيهِ إِلَيكَ أَمانَتي / كَما أُدِّيَت بَعدَ الغِرازِ المَنائِحُ
وَقالَت تَعلَّم أَنَّ بَعضَ حُمُوَّتي / وَبَعلي غِضابٌ كُلُّهُم لَكَ كاشِحُ
يَحِدّونَ بِالأَيدي الشَفارَ وَكُلُّهُم / لِحَلقِكَ لَو يَستَطيعُ حَلقَكَ ذابِحُ
وَهَزَّةِ أَظعانٍ عَلَيهِنَّ بَهجَةٌ / طَلَبتُ وَرَيعانُ الصِبا بِيَ جامِحُ
فَلَمّا قَضَينا مِن مِنىً كُلَّ حاجَةٍ / وَمَسَّحَ رُكنَ البَيتِ مَن هُوَ ماسِحُ
وَشُدَّت عَلى حُدبِ المَهارى رِحالُها / وَلا يَنظُرُ الغادي الَّذي هُوَ رائِحُ
فَقُلنا عَلى الهوجِ المَراسيلِ وَاِرتَمَت / بِهِنَّ الصَحارى وَالصِمادُ الصَحاصِحُ
نَزَعنا بِأَطرافِ الأَحاديثِ بَينَنا / وَمالَت بِأَعناقِ المَطِيِّ الأَباطِحُ
وَطِرتُ إِلى قَوداءَ قادَ تَليلُها / مَناكِبَها وَإِشتَدَّ مِنها الجَوانِحُ
كَأَنّي كَسَوتُ الرَحلَ جَوناً رَباعِياً / تَضَمَّنهُ وادي الرَجا فَالأَفايِحُ
مُمَرّاً كَعَقدِ الأَندَرِيِّ مُدَمَّجاً / بَدا قارِحٌ مِنهُ وَلَم يَبدُ قارِحُ
كَأَنَّ عَلَيهِ مِن قَباءٍ بِطانَةً / تَفَرَّجَ عَنها جَيبُها وَالمَناصِحُ
أَخو الأَرضِ يَستَخفي بِها غَيرَ أَنَّهُ / إِذا اِستافَ مِنها قارِحاً فَهُوَ صائِحُ
دَعاها مِنَ الأَمهادِ أَمهادِ عامِرٍ / وَهاجَت مِن الشِّعرى عَلَيهِ البَوارِحُ
صَبَحنا الحَيَّ حَيَّ بَني جِحاشٍ
صَبَحنا الحَيَّ حَيَّ بَني جِحاشٍ / بِمَكُروثاءَ داهِيَةً نَآدا
فَما جَبُنوا غَداتَئِذٍ وَلَكِن / أُشِبَّ بِهِم فَلَم يَسَعوا الذِيادا
فَإِن تَكُ أَخطَأَتَ سَعدُ بِنُ بَكرٍ / فَقَد تَرَكَت مَواليها عِبادا
بَني عَوفٍ وَدُهمانَ بِنَ نَصرٍ / وَكانَ اللَهُ فاعِلَ ما أَرادا
صَبَحناهُم بِجَمعٍ فيهِ أَلفٌ / رَواياهُم يُخَضخِضنَ المَزادا
أَرَبَّت باِلأَكارِعِ وَهيَ تَبغي / رُعاةَ الشاءِ وَالضَأنَ القِهادا
فَجُلنا جَولَةً ثُمَّ اِرعَوَينا / وَأَمكَنّا لِمَن شاءَ الجِلادا
بِضَربٍ يُلقِحُ الضِبعانُ مِنهُ / طَروقَتَهُ وَيَأتَنِفُ السِفادا
أَبَت ذِكرَةٌ مِن حُبِّ لَيلى تَعودُني
أَبَت ذِكرَةٌ مِن حُبِّ لَيلى تَعودُني / عِيادَ أَخي الحُمّى إِذا قُلتُ أَقصَرا
كَأَنَّ بِغِبطانِ الشُرَيفِ وَعاقِلٍ / ذُرا النَخلِ تَسمو وَالسَفينَ المُقَيَّرا
أَلَم تَعلَمي أَنّي إِذا وَصلُ خُلَّةٍ / كَذاكِ تَولّى كُنتُ بِالصَبرِ أَجدَرا
وَمُستأَسِدٍ يَندى كَأَنَّ ذُبابَهُ / أَخو الجَمرِ هاجَت شَوقَهُ فَتَذَكَّرا
هَبَطتُ بِمَلبونٍ كَأَنَّ جِلالَهُ / نَضَت عَن أَديمٍ لَيلَةَ الطَلِّ أَحمَرا
أَمينِ الشَظى عَبلٍ إِذا القَومُ آنَسوا / مَدى العَينِ شَخصاً كانَ بِالشَخصِ أَبصَرا
كَتَيسِ الإِرانِ الأَغفَرِ إِنضَرَجَت لَهُ / كِلابٌ رَآها مِن بَعيدٍ فَأَحضَرا
وَخالي الجَبا أَورَدتَهُ القَومَ فَاِستَقَوا / بِسُفرَتِهم مِن آجِنِ الماءِ أَصفَرا
وَخَرقٍ يَعِجُّ العَودُ أَنَّ يَستَبينَهُ / إِذا أَورَدَ المَجهولَةَ القَومُ أَصدَرا
تَرى بِحِفافَيهِ الرَذايا وَمَتنِهِ / قِياماً يُفَتِّرنَ الصَريفَ المُفَتَّرا
تَرَكتُ بِهِ مِن آخِرِ اللَيلِ مَوضِعي / لَدَيهِ وَمُلقايَ النَقيشَ المُسَمَّرا
وَمَثنى نَواجٍ ضُمَّرٍ جَدَلِيَّةٍ / كَجَفنِ اليَماني نَيُّها قَد تَحَسَّرا
وَمَرقَبَةٍ عَيطاءَ بادَرتُ مُقصِراً / لِأَستَأَنِسَ الأَشباحَ أَو أَتَنَوَّرا
عَلى عَجَلٍ مِني غِشاشاً وَقَد بَدا / ذُرا النَخلِ وَاِحمَرَّ النَهارُ فَأَدبَرا
إِنَّ عِرسي قَد آذَنَتني أَخيراً
إِنَّ عِرسي قَد آذَنَتني أَخيراً / لَم تُعَرِّج وَلَم تُؤامِر أَميرا
أَجِهاراً جاهَرتِ لا عَتبَ فيهِ / أَم أَرادَت خِيانَةً وَفُجورا
ما صَلاحُ الزَوجَينِ عاشا جَميعاً / بَعدَ أَن يَصرِمَ الكَبيرُ الكَبيرا
فَاِصبِري مِثلَ ما صَبَرتُ فَإِنّي / لا إِخالُ الكَريمَ إِلّا صَبورا
أَيَّ حينٍ وَقَد دَبَبتُ وَدَبَّت / وَلَبِسنا مِن بَعدِ دَهرٍ دُهورا
ما أَرانا نَقولُ إِلّا رَجيعاً / وَمُعاداً مِن قَولِنا مَكرورا
عَذَلَتني فَقُلتُ لا تَعذُليني / قَد أُغادي المُعَذَّل المَخمورا
ذا صَباحٍ فَلَم أُوافِ لَدَيهِ / غَيرَ عَذّالَةٍ تَهِرُّ هَريرا
عَذَلَتُهُ حَتّى إِذا قال إِنّي / فَذَريني سَأَعقِلُ التَفكيرا
غَفَلَت غَفلَةً فَلَم تَرَ إِلّا / ذاتَ نَفسٍ مِنها تَكوسُ عَقيرا
فَذَريني مِنَ المَلامَةِ حَسبي / رُبَّما أَنتَحي مَوارِدَ زورا
تَتَأَوّى إِلى الثَنايا كَما شَكَّ / ت صَناعٌ مِن العَسيبِ حَصيرا
خُلُجاً مِن مُعَبَّدٍ مُسبَطِرٍّ / فَقَّرَ الأُكَم وَالصُوى تَفقيرا
واضِحِ اللَونِ كَالمَجَرَّةِ لا يَع / دَمُ يَوماً مِنَ الأَهابِيِّ مورا
وَذِئاباً تَعوي وَأَصواتَ هامٍ / موفِياتٍ مَعَ الظَلامِ قُبورا
غَيرَ ذي صاحِبٍ زَجَرتُ عَلَيهِ / حُرَّةً رَسلَةَ اليَدَينِ سَعورا
أَخرَجَ السَيرُ وَالهَواجِرُ مِنها / قَطِراناً وَلَونَ رُبٍّ عَصيرا
يَومَ صَومٍ مِن الظَهيرَةِ أَو يَو / مَ حَرورٍ يُلَوِّحُ اليَعفورا
وَإِذا ما أَشاءُ أَبعَثُ مِنها / مَطلَعَ الشَمسِ ناشِطاً مَذعورا
ذا وُشومٍ كَأَنَّ جِلدَ شَواهُ / في دَيابيجَ أَو كُسينَ نُمورا
أَخرَجَتهُ مِنَ اللَيالي رَجوسٌ / لَيلَةً هاجَها السِماكُ دَرورا
غَسَلَتهُ حَتّى تَخالَ فَريداً / وَجُماناً عَن مَتنِهِ مَحدورا
في أُصولِ الأَرطي وَيُبدي عُروقاً / ثَئِداتٍ مِثلَ الأَعِنَّةِ خورا
واشِجاتٍ حُمراً كَأَنَّ بِأَظلافِ / يَدَيهِ مِن مائِهِنَّ عَبيرا
كَمُطيفِ الدَوّارِ حَتّى إِذا ما / ساطِعُ الفَجرِ نَبَّهَ العُصفورا
رابَهُ نَبأَةٌ وَأَضمَرَ مِنها / في الصَماخَينِ وَالفُؤادِ ضَميرا
مِن خَفِيِّ الطِمرَينِ يَسعى بِغُضفٍ / لَم يُؤَيِّهِ بِهِنَّ إِلّا صَفيرا
مُقعِياتٍ إِذا عَلَونَ يَفاعاً / زَرِقاتٍ عُيونُها لِتُغيرا
كالِحاتٍ مَعاً عَوارِضَ أَشداقٍ / تَرى في مَشَقِّها تَأخيرا
طافِياتٍ كَأَنَّهُنَّ يَعاسيبُ / عَشِيٍّ بارَينَ ريحاً دَبورا
ما أَرى ذائِداً يَزيدُ عَلَيهِ / غابَ عَنهُ أَنصارُهُ مَكثورا
بِأَسيلٍ صَدقٍ يُثَقِّفُهُ / فيهِنَّ لا نابِياً وَلا مَأطَورا
فَكَأَنّي كَسَوتُ ذَلِكَ رَحلي / أَو مُمَرَّ السَراةِ جَأباً دَريرا
أَو أَقَبّاً تَصَيَّفَ البَقلَ حَتّى / طارَ عَنهُ النَسيلُ يَرعى غَريرا
يَرتَعي بِالقَنانِ يَقرو أَريضاً / فَاِنتَحى آتُناً جَدائِدَ نورا
أَلصَقَ العَذمَ وَالعَذابَ بِقَبّاءَ / تَرى في سَراتِها تَحسيرا
سَمحَةٍ سَمحَجِ القَوائمِ حَقباءَ / مِنَ الجونِ طُمِّرَت تَطميرا
فَوقَ عوجٍ مُلسِ القَوائِمَ أُنعِلنَ / جَلاميدَ أَو حُذَينَ نُسورا
دَأَبَ شَهرَينِ ثُمَّ نِصفاً دَميكاً / بِأَريكَينِ يَكدُمانَ غَميرا
فَهِيَ مَلساءُ كَالعَسيبِ وَقَد بانَ / نَسيلٌ عَن مَتنِها لِيَطيرا
قَد نَحاها بِشَرِّهِ دونَ تِسعٍ / كانَ ما رامَ عِندَهُنَّ يَسيرا
كَالقِسِيِّ الأَعطالِ أَفرَدَ عَنها / آتُناً قُرَّحاً وَوَحشاً ذُكورا
مُرتِجاتٍ عَلى دَعاميصَ غَرقى / شُمُسٌ قَد طَوَينَ عَنهُ الحُجورا
تَرَكَ الضَربُ بِالسَنابِكِ مِنهُنُّ / بِضاحي جَبينِهِ تَوقيرا
عَلِقَت مُخلِفاً جَنيناً وَكانَت / مُنِحَت قَبلَهُ الحِيالَ نَزورا
مِثلَ دَرصِ اليَربوعِ لَم يَربُ عَنهُ / غَرِقاً في صَوانِهِ مَغمورا
فَإِذا ما دَنا لَها مَنَحَتهُ / مُضمَراً يَفرِصُ الصَفيحَ ذَكيرا
ذَكَرَ الوِردَ فَاِستَمَرَّ إِلَيهِ / بِعَشِيٍّ مُهَجِّراً تَهجيرا
جَعَلَ السَعدَ وَالقَنانَ يَميناً / وَالموارةَ شَأمَةً وَحَفيرا
عامِداً لِلقَنانِ يَنضو رِياضاً / وَطِراداً مِنَ الذِنابِ وَدورا
وَيَخافانِ عامِراً عامِرَ الخُض / رِ وَكانَ الذِنابُ مِنهُ مَصيرا
رامِياً أَخشَنَ المَناكِبِ لا يُش / خِصُ قَد هرَّهُ الهَوادي هَريرا
ثاوِياً ماثِلاً يُقَلِّبُ زُرقاً / رَمَّها القَينُ بِالعُيونِ حُشورا
شَرِقاتٍ بِالسُمِّ مِن صُلَّبِيٍّ / وَرَكوضاً مِنَ السَراءِ طَحورا
ذاتَ حِنوٍ مَلساءَ تَسمَعُ مِنها / تَحتَ ما تَنبِضُ الشِمالُ زَفيرا
يَبعَثُ العَزفُ وَالتَرَنُّمُ مِنها / وَنَذيرٌ إِلى الخَميسِ نَذيرا
وَأَحَسّا فَأَجفَلا حِسَّ رامٍ / كانَ بِالمُمكناتِ قِدماً بَصيرا
لاصِقٌ يَكلَأُ الشَريعَةَ لا يُغ / في فُواقاً مُدَمِّراً تَدميرا
لَو كُنتُ أَعجَبُ مِن شَيءٍ لَأَعجَبَني
لَو كُنتُ أَعجَبُ مِن شَيءٍ لَأَعجَبَني / سَعيُ الفَتى وَهُوَ مَخبوءٌ لَهُ القَدَرُ
يَسعى الفَتى لأُِمورٍ لَيسَ مُدرِكَها / وَالنَفسُ واحِدَةٌ وَالهَمُّ مُنتَشِرُ
وَالمَرءُ ما عاشَ مَمدودٌ لَهُ أمَلٌ / لا تَنتَهي العَينُ حَتّى يَنتَهي الأَثَرُ
أَلِمّا عَلى رَبعٍ بِذاتِ المَزاهِرِ
أَلِمّا عَلى رَبعٍ بِذاتِ المَزاهِرِ / مُقيمٍ كَأَخلاقِ العَباءَةِ داثِرِ
تُراوِحُهُ الأَرواحُ قَد سارَ أَهلُهُ / وَما هُوَ عَن حَيِّ القَنانِ بِسائِرِ
وَنارٍ قُبَيلَ الصُبحِ بادَرتُ قَدحَها / حَيا النارِ قَد أَوقَدتُها لِمُسافِرِ
فَلَوَّحَ فيها زادَهُ وَرَبَأتُهُ / عَلى مَرقَبٍ يَعلو الأَحِزَّةَ قاهِرِ
وَلَمّا أَجَنَّ اللَيلُ نَقباً وَلَم أَخَف / عَلى أَثَرٍ مِنّي وَلا عَينَ ناظِرِ
أَخَذتُ سِلاحي وَإِنحَدَرتُ إِلى اِمرِئٍ / قَليلٍ أَذاهُ صَدرُهُ غَيرُ واغِرِ
فَطِرتُ بِرَحلي وَاِستَبَدَّ بِمِثلِهِ / عَلى ذاتِ لَوثٍ كَالبَلِيَّةِ ضامِرِ
تُعادي مَشَكَّ الرَحلِ عَنها وَتَتَّقي / بِمِثلِ صَفيحِ الجَدوَلِ المُتَظاهِرِ
فَأَصبَحُ مُمسانا كَأَنَّ جِبالَهُ / مِنَ البُعدِ أَعناقُ النِساءِ الحَواسِرِ
مَن سَّرهُ كَرُمُ الحَياةِ فَلا يَزَل
مَن سَّرهُ كَرُمُ الحَياةِ فَلا يَزَل / في مِقنَبٍ مِن صالِحي الأَنصارِ
تَزِنُ الجِبالَ رَزانَةً أَحلامُهُم / وَأَكُفُّهم خَلَفٌ مِنَ الأَمطارِ
المُكرِهينَ السَمهَرِيِّ بِأَذرُعٍ / كَصَواقِلِ الهِندِيِّ غَيرِ قِصارِ
وَالناظِرينَ بِأَعيُنٍ مُحَمَرَّةٍ / كَالجَمرِ غَيرِ كَليلَةِ الإِبصارِ
وَالذائِدينَ الناسَ عَن أَديانِهِم / بِالمِشرَفِيِّ وَبِالقَنا الخَطّارِ
وَالباذِلينَ نُفوسَهُم لِنَبِّيِهِم / يَومَ الهِياجِ وَقُبَةِ الجَبّارِ
دَرِبوا كَما دَرِبت أُسودٌ خَفِيَّةٌ / غُلبُ الرِقابِ مِنَ الأُسودِ ضَواري
وَهُم إِذا خَوَتِ النُجومُ فَإِنَّهُم / لِلطائِفينَ السائِلينَ مَقاري
وَهُمُ إِذا اِنقَلَبوا كَأَنَّ ثِيابَهُم / مِنها تَضَوُّعُ فَأرَةِ العَطّارِ
وَالمُطعِمَونَ الضَيفَ حينَ يَنوبُهُم / مِن لَحمِ كومٍ كَالهِضابِ عِشارِ
وَالمُنعِمون المُفضِلونَ إِذا شَتَوا / وَالضارِبون عِلاوَةَ الجَبّارِ
رُمِيَت نَطاةٌ مِنَ الرَسولِ بِفَيلَقٍ / شَهباءَ ذاتِ مَناكِبٍ وَفَقارِ
بِالمُرهَفاتِ كَأَنَّ لَمعَ ظُباتِها / لَمعُ السَواري في الصَبيرِ الساري
لا يَشتَكون المَوتَ إِن نَزَلَت بِهِم / شَهباءُ ذاتُ مَعاقِمٍ وَأُوارِ
وَإذا نَزَلتَ لِيَمنَعوكَ إِلَيهُمُ / أَصبَحتَ عِندَ مَعاقِلِ الأَغفارِ
وَرِثوا السِيادَةَ كابِراً عَن كابِرٍ / إِنَّ الكِرامَ هُمُ بَنو الأَخيارِ
لِلصُلبِ مِن غَسّانَ فَوقَ جَراثِمٍ / تَنبو خَوالِدُها عَنِ المِنقارِ
لَو يَعلَمُ الأَحياءُ عِلمِي فيهُم / حَقّاً لصَدّقَني الَّذينَ أُمارِي
صَدَموا عَلِيّاً يَومَ بَدرٍ صَدمَةً / داَنَت عَلِيُّ بَعدَها لِنِزارِ
يَتَطَّهرونَ كَأَنَّهُ نُسُكٌ لَهُم / بِدِماءِ مَن عَلِقوا مِنَ الكُفّارِ
وَإِلَيهِمُ اِستَقبَلتُ كُلَّ وَديقَةٍ / شَهباءَ يَسفُع حَرُّها كَالنارِ
وَمَريضَةٍ مَرَضَ النُعاسِ ذَعَرتُها / بادَرتُ عِلَةَ نَومِها بِغِرارِ
وَعَلِمتُ أَنّي مُصبِحٌ بِمَضيَعَةٍ / غَبراءَ تَعزِفُ جِنُّها مِذكارِ
وَكَسَوتُ كاهِلَ حُرَّةٍ مَنهوكَةٍ / بِالفَجرِ حارِيّاً عَديمَ شَوارِ
سَلِسَت عَراقيهِ فَكُلُّ قَبيلَةٍ / مِن حِنوِهِ قَلِقَت إِلى مِسمارِ
وَسَدَت مُهَملِجَةً عُلالَةَ مُدمَجٍ / مِن فالِقٍ حَصِدٍ مِنَ الإِمرارِ
حَتّى إِذا اِكتَسَتِ الأَبارِقُ نُقبَةً / مِثلَ المُلاءِ مِنَ السَرابِ الجاري
وَرَضيتُ عَنها بِالرِضا لَمَّا أَتَت / مِن دون عُسرَةِ ضِغنِها بِيَسارِ
تَنجو بِها عُنُقٌ كِنازٌ لَحمُها / حَفَزَت فَقاراً لاحِقاً بِفَقارِ
في كاهِلٍ وَشَجَت إِلى أَطباقِهِ / دَأَياتُ مُنتَفِخٍ مِنَ الأَزوارِ
وَتُديرُ لِلخَرقِ البَعيدِ نِياطُهُ / بَعدَ الكَلالِ وَبَعدَ نَومِ الساري
عَيناً كمِرآةِ الصَناعِ تُديرُها / بِأَنامِلِ الكَفَّينِ كُلَّ مُدارِ
بِجَمالِ مَحجَرِها وَتعلَمُ ما الَّذي / تُبدي لِنَظرَةِ زَوجِها وَتُواري
لَعَمرُكَ لَولا رَحمَةُ اللَهِ إِنَّني
لَعَمرُكَ لَولا رَحمَةُ اللَهِ إِنَّني / لَأَمطو بِجَدٍ ما يُريدُ ليَرفَعا
فَلَو كُنتُ حوتاً رَكَّضَ الماءُ فَوقَهُ / وَلو كُنتُ يَربوعاً سَرى ثُمَّ قَصَّعا
إِذا ما نَتَجنا أَربَعاً عامَ كُفأَةٍ / بَغاها خَناسيرٌ فَأَهلَكَ أَربَعا
إِذا قُلتُ إِنّي في بِلادٍ مَضِلَّةٍ / أَبى أَنَّ مُمسانا وَمُصَبحنا مَعا
رَحَلتُ إِلى قَومي لِأَدعو جُلَّهُم
رَحَلتُ إِلى قَومي لِأَدعو جُلَّهُم / إِلى أَمرِ حَزمٍ أَحَكَمتُهُ الجَوامِعُ
لِيوفوا بِما كانوا عَلَيهِ تَعاقَدوا / بِخَيفِ مِنىً وَاللَهُ راءٍ وَسامِعُ
وَتوصَلَ أَرحامٌ وَيُفَرَجَ مُغرَمٌ / وَتَرجِعَ بِالوُدِّ القَديمِ الرَواجِعُ
فَأَبلِغ بِها أَفناء عُثمانَ كُلَّها / وَأَوساً فَبَلِّغها الَّذي أَنا صانِعُ
سَأَدعوهُمُ جُهدي إِلى البِرِّ وَالتُقى / وَأَمرِ العُلا ما شايَعَتني الأَصابِعُ
فَكونوا جَميعاً ما اِستَطَعتُم فَإِنَّهُ / سيَلبَسُكُم ثَوبٌ مِنَ اللَهِ واسِعُ
وَقُوموا فآسوا قَومَكُم فَاِجمَعُوهُمُ / وَكونوا يَداً تَبني العُلا وَتُدافِعُ
فَإِن أَنتُمُ لَم تَفعَلوا ما أَمَرتُكُم / فَأَوفوا بِها إِنَّ العُهودَ وَدائِعُ
لشَتانَ مَن يَدعو فُيوفي بِعَهدِهِ / وَمَن هُوَ لِلعَهدِ المُؤَكَّدَ خالِعُ
إِلَيكَ أَبا نَصرٍ أَجازَت نَصيحَتي / تُبَلِّغُها عَني المَطِيُّ الخَواضِعُ
فَأَوفِ بِما عاهَدتَ بِالخَيفِ مِن مِنىً / أَبا النَصرِ إِذا سُدَّت عَلَيكَ المَطالِعُ
فَنَحنُ بَنو الأَشياخِ قَد تَعلَمونَهُ / نُذَبِّبُ عَن أَحسابِنا وَنُدافِعُ
وَنَحبِسُ بِالثَغرِ المَخوفِ مَحَلُّهُ / لِيُكشَفَ كَربٌ أَو لِيُطعَمَ جائِعُ
بانَ الشَبابُ وَأَمسى الشَيبُ قَد أَزِفا
بانَ الشَبابُ وَأَمسى الشَيبُ قَد أَزِفا / وَلا أَرى لِشَبابٍ ذاهِبٍ خَلَفا
عادَ السَوادُ بَياضاً في مَفارِقِهِ / لا مَرحَباً هابِذا اللَونِ الَّذي رَدِفا
في كُلِّ يَومٍ أَرى مِنهُ مُبَيِّنَةً / تَكادُ تُسقِطُ مِني مُنَّةً أَسَفا
لَيتَ الشَبابَ حَليفٌ لا يُزايلُنا / بَل لَيتَهُ اِرتَدَّ مِنهُ بَعضُ ما سَلفا
ما شَرُّها بَعدَ ما إِبيَضَّت مَسائِحُها / لا الوُدَّ أَعرِفُهُ مِنها وَلا اللَطَفا
لَو أَنَّها آذَنَت بِكراً لَقُلتُ لَها / يا هيدَ مالِكِ أَو لَو آذَنَت نَصَفا
لَولا بَنوها وَقولُ الناسِ ما عُطِفَت / عَلى العِتابِ وَشرُّ الوُدِّ ما عُطِفا
فَلَن أَزالَ وَإِن جامَلتُ مُضطَّغِناً / في غَيرِ نأَرَةٍ ضَبَّا لَها شَنَفا
وَلاحِبٍ كَحَصيرِ الرامِلاتِ تَرى / مِنَ الَمَطِيِّ عَلى حافاتِهِ جِيَفا
وَالمُرذِياتِ عَلَيها الطَيرُ تَنقُرُها / إِمّا لَهيداً وَإِمّا زاحِفاً نَطِفا
قَد تَرَكَ العامِلاتُ الراسِماتُ بِهِ / مِنَ الأَحِزَّةِ في حافاتِهِ خُنُفا
يَهدي الضَلولَ ذَلولٍ غَيرِ مُعتَرِفٍ / إِذا تَكاءَدَهُ دَوِّيُهُ عَسَفا
سَمحٌ دَريرٍ إِذا ما صُوَّةٌ عَرَضَت / لهُ قَريباً لِسَهلٍ مالَ فَاِنحَرَفا
يَجتازُ فيهِ القَطا الكُدرِيُّ ضاحِيَةً / حَتّى يَؤوبَ سِمالاً قَد خَلَت خُلُفا
يَسقينَ طُلساً خَفِيّاتٍ تَراطُنُها / كَما تَراطَنُ عُجمٌ تَقرَأُ الصُحُفا
جَوانِحٌ كَالأَفاني في أَفاحِصِها / يَنظُرنَ خَلفَ رَوايا تَستَقي نُطَفا
حُمرٌ حَواصِلُها كَالمَغدِ قَد كُسِيَت / فَوقَ الحواجِبِ مِمّا سَبَّدَت شَعَفا
يَوماً قَطَعَتُ وَموماةٍ سَرَيتُ إِذا / ما ضارِبُ الدُفِّ مِن جِنّانِها عَزَفا
كَلَّفتُها حُرَّةَ اللَيتَينِ ناجِيَةً / قَصرَ العَشِيِّ تُباري أَينُقاً عُصُفا
أَبقَى التَهَجُّرُ مِنها بَعدَ ما اِبتُذِلَت / مَخيَلَةً وَهِباباً خاَلِطاً كَثَفا
تَنجو وَتَقطُر ذِفراها عَلى عُنُقٍ / كَالجِذعِ شَذَّب عَنهُ عاذِقٌ سَعَفا
كَأَنَّ رَحلي وَقَد لاَنَت عَريكَتُها / كَسَوتُهُ جَورَفاً أَقرابُهُ خَصِفا
يَجتازُ أَرضَ فَلاةٍ غَيرَ أَنَّ بِها / آثارَ جِنٍّ وَوَسماً بَينَهُم سَلَفا
تَبري لَهُ هِقلَةٌ خَرجاءُ تَحسَبُها / في الآَلِ مَخلولَةً في قَرطَفٍ شَرَفا
ظَلّا بِأَقرِيَةِ النَفّاخِ يَومَهُما / يَحتَفِرانِ أُصولَ المَغدِ وَاللَصَفا
وَالشَرى حَتّى إِذا إِخضَرَّت أُنوفُهُما / لا يَألَوانِ مِنَ التَنُّوِم ما نَقَفا
راجا يَطيرانِ مُعوَجَّينِ في سَرَعٍ / وَلا يَريعان حَتّى يَهبِطا أُنُفا
كَالحَبشيينِ خافا مِن مَليكِهِما / بَعضَ العَذابِ فَجالا بَعدَما كُتِفا
كَالخالِيَينِ إِذا ما صَوَّبا اِرتَفَعا / لا يَحقِرانِ مِنَ الخُطبانِ ما نَقِفا
فَاِغتَرَّها فَشَآها وَهِيَ غافِلَةٌ / حَتّى رَأَتهُ وَقَد أَوفى لَها شَرَفا
فَشَمَّرت عَن عَمودَي بانَةٍ ذَبَلا / كَأَنَّ ضاحِيَ قِشرٍ عَنهُما اِنقَرَفا
وَقارَبَت مِن جَناحَيها وَجُؤجُئِها / سَكّاءَ تَثني إِلَيها لَيِّناً خَصِفا
كانَت كَذِلكَ في شَأوٍ مُمَنَّعَةً / وَلو تَكلَّفَ مِنها مِثلَهُ كَلِفا
أَنّى ألَمَّ بِكَ الخَيالُ يَطيفُ
أَنّى ألَمَّ بِكَ الخَيالُ يَطيفُ / وَمَطافُه لَكَ ذِكرَةٌ وَشُعوفُ
يَسري بِحاجاتٍ إِلَيَّ فَرُعنَني / مِن آلِ خَولَة كُلُّها مَعروفُ
فَأَبيتُ مُحتَضِراً كَأَنِّيَ مُسلَمٌ / لِلجِنِّ رَيعَ فُؤادُهُ المَخطوفُ
فَعَزَفتُ عَنها إِنَّما هُوَ أَن أَرى / ما لا أَنالُ فَإِنَني لَعَزوفُ
لا هالِكٌ جَزَعاً عَلى ما فاتَني / وَلِما ألَمَّ مِنَ الخُطوبِ عَروفُ
صَفراءُ آنِسَةُ الحَديثِ بِمِثلِها / يَشفي غَليلَ فُؤادِه المَلهوفُ
وَلَو أَنَّها جادَت لِأَعصَمَ حِرزُهُ / مُتَمَنِّعٌ دونَ السَماءِ مُنيفُ
لَاِستَنزَلَتهُ عَيطَلٌ مَكحولَةٌ / حَوراءُ جادَ لَها النِجادَ خَريفُ
دَعها وَسَلِّ طِلابَها بُجَلالَةٍ / إِذ حانَ مِنكَ تَرَحُّلٌ وخُفوفُ
حَرفٍ تَوارَثَها السِفارُ فَجِسمُها / عارٍ تَساوَكُ وَالفُؤادُ خَطيفُ
وَكَأَنَّ مَوضِعَ رَحلِها مِن صُلبِها / سَيفٌ تَقادَمَ جَفنُهُ مَعجوفُ
أَوحَرفُ حِنوٍ مِن غَبيطٍ ذابِلٍ / رَفَقَت بِهِ قَينِّيَةٌ مَعطوفُ
فَإِذا رَفَعتُ لَها اليَمينَ تَزاوَرَت / عَن فَرجِ عوجٍ بَينَهُنَّ خَليفُ
وَتَكونُ شَكواها إِذا هِيَ أَنجَدَت / بَعدَ الكِلالِ تَلَمُّكٌ وَصَريفُ
وَكَأَنَّ أَقتادي غَدا بِشَوارِها / صَحماءُ خَدَّدَ لَحمَها التَسويفُ
كَالقَوسِ عَطَّلَها لِبَيعٍ سائِمٌ / أَو كَالقَناةِ أَقامَها التَثقيفُ
أَفَتِلكَ أَم رَبداءُ عارِيَةُ النَسا / زَجّاءُ صادِقَةُ الرَواحِ نَسوفُ
خَرجاءُ جَوَّفَها بَياضٌ داخِلٌ / لِعِفائِها لَونانِ فَهُوَ خَصيفُ
ظَلَّت تُراعي زَوجَها وَطَباهُما / جِزعٌ قَد اِمرَعَ سَربُهُ مَصيوفُ
يَنجو بِها خَرِبُ المُشاشِ كَأَنَّهُ / بِخِزامِهِ وَزِمامِهِ مَشنوفُ
قَرِعُ القَذالِ يَطير عَن حَيزومِهِ / زَغَبٌ تُفَيِّئُهُ الرِياحُ سَخيفُ
وَكَأَنَّها نُوبِيَةٌ وَكَأَنَّهُ / زَوجٌ لَها مِن قَومِها مَشعوفُ
نَفى أَهلَ الحَبَلَّقِ يَومَ وَجٍّ
نَفى أَهلَ الحَبَلَّقِ يَومَ وَجٍّ / مُزَينَةُ جَهرَةً وَبَنو خُفافِ
ضَرَبناهُم بِمَكَّةَ يَومَ فَتحِ النَ / بِيِّ الخَيرِ بِالبيضِ الخِفافِ
صَبَحناهُم بِأَلفٍ مِن سُلَيمٍ / وَأَلفٍ مِن بَني عُثمانَ وافِ
حَدَوا أَكتافُهُم ضَرباً وَطَعناً / وَرَمياً بالمُرَيَّشَةِ اللِطافِ
رَمَيناهُم بِشُبّانٍ وَشيبٍ / تُكَفكِفُ كُلَّ مُمتَنِعِ العِطافِ
تَرى بَينَ الصُفوفِ لَهُنَّ رَشقاً / كَما اِنصاعَ الفَواقُ عنِ الرِصافِ
تَرى الجُردَ الجِيادَ تَلوحُ فيهِم / بِأَرماحٍ مُقَوَّمَةِ الثِقافِ
وَرُحنا غانِمين بِما أَرَدنا / وَراحوا نادِمينِ عَلى الخِلافِ
وَقَد سَمِعوا مَقالَتَنا فَهَمّوا / غَداةَ الرَوعِ مِنا بِاِنصِرافِ
وَأَعطَينا رَسولَ اللَهِ مِنّا / مَواثيقاً عَلى حُسنِ التَصافيِ
فَجُزنا بَطنَ مَكَة وَاِمتَنَعنا / بِتَقوى اللَهِ وَالبيضِ الخِفافِ
وَحَلَّ عمودُنا حَجَراتِ نَجدٍ / فَأَليَةَ فَالقُدوسَ إِلى شَرافِ
أَرادوا اللّاتَ وَالعُزّى إِلَهاً / كَفى بِاللَهِ دَونَ اللّاتِ كافِ
أَمِن نَوارَ عَرَفتَ المَنزِلَ الخَلَقا / إِذ لا تُفارِقُ بَطنَ الجَوِّ فَالبُرَقا
وَقَفتُ فيها قَليلاً رَيثَ أَسأَلُه / فَاِنهَلَّ دَمعي عَلى الخَدَّينِ مُنسَحِقا
كادَت تُبَيِّنُ وَحياً بَعضَ حاجَتِنا / لَو أَنَّ مَنزِلَ حَيٍ دارِساً نَطَقا
لازَالتِ الريحُ تُزجي كُلَّ ذي لَجَبٍ / غَيثاً إِذا ما وَنَتهُ ديمةٌ دَفَقا
فَأَنبَتَ الفَغوَ وَالريحانَ وابِلُهُ / وَالأَيهُقانَ مَعَ المُكنانِ وَالذُرَقا
فَلمَ تَزَل كُلُّ غَنّاءِ البُغامِ بِهِ / مِنَ الظِباءِ تُراعي عاقِداً خَرِقا
تَقرو بِهِ مَنزِلَ الحَسناءِ إِذ رَحَلَت / فَاِستَقبَلَت رُجَبَ الجَوفَين فَالعُمَقا
حَلَّت نَوارُ بِأَرضٍ لا يُبَلِّغُها / إِلّا صُموتُ السُرى لا تَسأَمُ العَنَقا
خَطّارَةٌ بَعدَ غِبِّ الجَهدِ ناجِيَةٌ / لا تَشتَكي لِلحَفا مِن خُفِّها رَقَقا
تَرى المَريءَ كَنَصلِ السَيفِ إِذ ضَمِنَت / أَو النَضِيَّ الفَضا بَطَّنتَهُ العُنُقا
تَنفي اللُغامَ بِمِثلِ السَبتِ خَصَّرَهُ / حاذٍ يَمانٍ إِذا ما أَرقَلَت خَفَقا
تَنجو نَجاءَ قَطاةِ الجَوِّ أَفزَعَها / بِذي العِضاهِ أَحَسَّت بازِياً طَرَقا
شَهمٌ يَكُبُّ القَطا الكُدري مُختَضِبُ ال / أظفارِ حُرٌّ تَرى في عَينهِ زَرَقا
باتَت لَهُ لَيلَةٌ جَمٌّ أَهاضِبُها / وَباتَ يَنفُضُ عَنهُ الطَلَّ وَاللَثَقا
حَتّى إِذا ما اِنجَلَت ظَلماءُ لَيلَتِهِ / وَاِنجابَ عَنهُ بَياضُ الصُبحِ فَاِنفَلَقا
غَدا عَلى قَدَرٍ يَهوي فَفاجَأَها / فَاِنقَضَّ وَهُوَ بِوَشكِ الصَيدِ قَد وَثِقا
لا شَيءَ أَجوَدُ مِنها وَهِيَ طَيِّبَةٌ / نَفساً بِما سَوفَ يُنجيها وَإِن لَحِقا
نَفَّرَها عَن حِياضِ المَوتِ فَاِنتَجَعَت / بِبَطنِ لينَةَ ماءً لَم يَكُن رَنِقا
يا لَيتَ شِعري وَلَيتَ الطَيرَ تُخبِرُني / أَمِثلَ عِشقي يُلاقي كُلُّ مِن عَشِقا
إِذا سَمِعتُ بِذكرِ الحُبِّ ذَكَّرَني / هِنداً فَقَد عَلِقَ الأَحشاءَ ما عَلِقا
كَم دونَها مِن عَدُوٍّ ذي مُكاشَحَةٍ / بادِيَ الشَوارَةِ يُبدي وَجهُهُ حَنَقا
ذي نَيرَبٍ نَزِعٍ لَو قَد نَصَبتُ لَهُ / وَجهي لَقَد قالَ كُنتَ الحائِنَ الحَمِقا
كَالكَلبِ لا يَسأَمُ الكَلبُ الهَريرَ وَلَو / لاقَيتَ بِالكَلبِ لَيثاً مُخدِراً ذَرَقا
وَمُرهَقٍ قَد دَعاني فَاِستجَبتُ لَهُ / أَجَزتُ غُصَّتُهُ مِن بَعدَ ما شَرِقا
أَعلَمُ أَنّي مَتى ما يَأتِني قَدَري
أَعلَمُ أَنّي مَتى ما يَأتِني قَدَري / فَلَيسَ يَحبِسُهُ شُحٌّ وَلا شَفَقُ
بَينا الفَتى مُعجَبٌ بِالعَيشِ مُغتَبِطٌ / إِذا الفَتى لِلمَنايا مُسلَمٌ غَلِقُ
وَالمَرءُ وَالمالُ يَنمي ثُم يُذهِبُهُ / مَرُّ الدُهورِ ويُفنيهِ فيَنسَحِقُ
كَالغُصنِ بَينا تَراهُ ناعِماً هَدِباً / إِذ هاجَ وَاِنحَتَّ عَن أَفنانِهِ الوَرَقُ
كَذلِكَ المَرءُ إِذ يُنسَأ لَهُ أَجَلٌ / يُرَكَبُ بِهِ طَبَقٌ مِن بَعدِهِ طَبَقُ
قَد يُعوِزُ الحازِمُ المَحمودُ نِيَّتُهُ / بَعدَ الثَراءِ وَيُثري العاجِزُ الحَمِقُ
فَلا تَخافي عَلَينا الفقرَ وَاِنتَظِري / فَضلَ الَّذي بِالغِنى مِن عِندِه نَثِقُ
إِن يَفنَ ما عِندَنا فَاللَهُ يَرزُقُنا / وَمَن سِوانا وَلَسنا نَحنُ نَرتَزِقُ
نَفى شَعرَ الرَأَسِ القَديمَ حَوالِقُهُ
نَفى شَعرَ الرَأَسِ القَديمَ حَوالِقُهُ / وَلاحَ بِشَيبٍ في السَوادِ مَفارِقُهُ
وَأَفنى شَبابي صُبحُ يَومٍ وَليلَةٌ / وَما الدَهرُ إِلّا مُسيُهُ وَمَشارِقُهُ
وَأَدرَكتُ ما قَد قالَ قَبلي لِدَهرِهِ / زُهَيرٌ وَإِن يَهلِك تُخَلَّد نَواطِقُهُ
تَبَصَّر خَليلي هَل تَرى مِن ظَعائِنٍ / كَنَخلِ القُرى أَو كَالسَفينِ حَزائِقُهُ
تَرَبَّعنَ رَوضَ الحَزنِ ما بينَ لَيَّةٍ / وَسَيحانَ مُستَكّاً لَهُنَّ حَدائِقُهُ
فَلَمّا رَأَينَ الجَزءَ وَدَّعَ أَهلَهُ / وَحَرَّقَ نيرانَ الصَفيحِ وَدائِقُهُ
عَزَمنَ رَحيلاً وَاِنتَجَعنَ عَلى هَوىً / وَخِفنَ العِراقَ أَن تَجيشَ بَوائِقُهُ
وَخُبِّرنَ ما بَينَ الأَخاديدِ واللِوى / سَقَتهُ الغَوادي وَالسَواري طَوارِقُهُ
وَباكَرنَ جَوفاً تَنسُجُ الريحُ مَتنَهُ / تَناءَمُ تَكليمَ المَجوسِ غَرانِقُهُ
إِذا ما أَتَتهُ الريحُ مِن شَطرِ جانِبٍ / إِلى جانِبٍ حازَ التُرابَ مَهارِقُهُ
بِحافَتِهِ مِن لا يَصيحُ بِمَن سَرى / وَلا يَدَّعي إِلا بِما هُوَ صادِقُهُ
عَلَى كُلِّ مُعطٍ عِطفَهُ مُتَزَيِّدٍ / بِفَضلِ الزِمامِ أَو مَروحٍ تُواهِقُهُ
وَقَد قُلنَ بِالبَردِيِّ أَوَّلُ مَشرَبٍ / أَجَلَّ جَيرٍ إِن كانَت سَقَتهُ بَوارِقُهُ
وَقَد يَنبَري لِيَ الجَهلُ يَوماً وَأَنبَري / لِسربٍ كَحُرّاتِ الهِجانِ تُوافِقُهُ
ثلاثٌ غَريراتُ الكَلامِ وَناشِصٌ / عَلى البَعلِ لا يَخلو وَلا هِيَ عاشِقُهُ
أَلا أَبلِغا عَنَي بُجَيراً رِسالَةً
أَلا أَبلِغا عَنَي بُجَيراً رِسالَةً / فَهَل لَكَ فيما قُلتَ بِالخَيفِ هَل لَكا
شَرِبتَ مَعَ المَأمونِ كَأساً رَوِيَّةً / فَاِنهَلَكَ المَأَمونُ مِنها وَعَلَّكا
وَخالَفَت أَسبابَ الهُدى وَتَبِعتَهُ / فَاِنهَلَكَ المَأَمونُ مِنها وَعَلَّكا
عَلى خُلُقٍ لَم تُلفِ أُمّاً وَلا أَباً / عَلَيهِ وَلَم تُدرِك عَلَيه أَخاً لَكا
أَلا أَسماءُ صَرَّمتِ الحِبالا
أَلا أَسماءُ صَرَّمتِ الحِبالا / فَأَصبَحَ غادِياً عَزَمَ اِرتِحالا
وَذاتُ العِرضِ قَد تَأتي إِذا ما / أَرادت صُرمَ خُلِّتِها الجِمالا
تَعاوَرَها الوُشاةُ فَغَيَّروها / عَنِ الحالِ الَّتي في الدَهرِ حالا
وَمَن لا يَفثَإِ الواشينَ عَنهُ / صَباحَ مَساءَ يَبغوهُ الخَبالا
فَسَلِّ طِلابَها وَتعَزَّ عَنها / بِناجِيَةٍ كَأَنَّ بِها خَيالا
أَمونٌ ما تَمَلُّ وَما تَشَكّى / إِذا جَشَّمتَها يَوماً كَلالا
كَأَنَّ الرَحلَ مِنها فَوق جَأبٍ / يُقَلِّبُ آتُناً خُلُجاً حِيالا
مِن اللاتي أَلفِنَ جَنوبَ إيرٍ / كَأَنَّ لَهُنَّ مِن سِبتٍ نِعالا
يَظَلُ جَبينُهُ غَرَضاً لِسُمرٍ / كَأَنَّ نُسورَها حُشِيَت نِصالا
أَجَشُّ تَخالُه عَلِقاً إِذا ما / أَرَنَّ عَلى جَواحِرَها وَجالا
فَأَبِلِغ إِن عَرَضتَ بِنا رَسولاً / أَبا المَملوحِ إِنَّ لَهُ جَلالا
أَمودٍ خَلفُكُم هَرَماً وَلمّا / تَذوقوا مِن عَداوَتِنا وَبالا
وَلَمّا تَفعلوا إِلّا وَعيداً / كَفى بِوَعيدِكُم لَهُمُ قِتالا
وَعيدٌ تَخدِجُ الأَرحامُ مِنهُ / وَيَنقُلُ مِن أَماكِنها الجِبالا
خَفيفُ الغَيثِ تُعجِبُ مَن رَآهُ / مَخيلَتُهُ وَلَم تَقطُر بِلالا