القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ دَرّاج القَسْطَلّي الكل
المجموع : 174
لَكَ اللهُ بِالنَّصْرِ العزيزِ كَفيلُ
لَكَ اللهُ بِالنَّصْرِ العزيزِ كَفيلُ / أَجَدَّ مُقامٌ أَم أَجدَّ رَحيلُ
هوَ الفتحُ أَمَّا يَومُهُ فَمُعَجَّلٌ / إليكَ وَأَمَّا صُنعُهُ فَجزِيلُ
وآياتُ نصرٍ مَا تزالُ وَلَمْ تزَلْ / بهنَّ عماياتُ الضَّلالِ تَزولُ
سيوفٌ تنيرُ الحقَّ أنَّى انْتَضَيْتَها / وخيلٌ يجولُ النصرُ حَيْثُ تَجولُ
أَلا فِي سبيلِ اللهِ غزوُكَ من غَوى / وَضلَّ بِهِ فِي النَّاكثينَ سَبِيلُ
لئِنْ صَدِئَتْ أَلبابُ قومٍ بمكرِهِمْ / فسيفُ الهدى فِي راحَتَيْكَ صَقيلُ
فَإِنْ يَحْيَ فيهم بَغْيُ جالُوتَ جَدِّهِمْ / فَأَحجارُ دَاودٍ لَديْكَ مُثُولُ
هُدىً وَتُقىً يُودِي الظلامُ لَدَيْهِما / وحقٌّ بدفعِ المُبْطِلينَ كَفيلُ
بجمعٍ لَهُ من قائدِ النصرِ عاجِلٌ / إِلَيْهِ ومن حَقِّ اليقينِ دَليلُ
تحمَّلَ منه البحرُ بحراً من القَنَا / يروعُ بِهَا أَمواجَهُ وَيَهُولُ
بِكُلِّ مَعَالاةِ الشِّرَاعِ كَأَنَّها / وَقَدْ حملَتْ أُسْدَ الحَقائِقِ غِيلُ
إِذا سَابَقَتْ شَأْوَ الرِّيَاحِ تخَيَّلَتْ / خيولاً مدى فُرْسَانِهِنَّ خُيُولُ
سحائبُ تزجيها الرياح فإِنْ وَفَتْ / أَنافَتْ بِأَجْيَادِ النعامِ فُيُولُ
ظباءُ سِمَامٍ مَا لَهُنَّ مَفَاحِصٌ / وزُرْقُ حَمامٍ مَا لَهُنَّ هَدِيلُ
سَوَاكِنُ فِي أَوْطانهنَّ كَأَنْ سَمَا / بِهَا الموجُ حَيْثُ الرَّاسِيَاتُ تَزُولُ
كما رفع الآلُ الهوادجَ بالضُّحى / غَداةَ استَقَلَّتْ بالخليطِ حُمُولُ
أَراقِمُ تَقْرِي ناقعَ السّمِّ مَا لَهَا / بما حَملت دون الغواة مقيلُ
إِذا نَفَثَتْ فِي زوْرِ زِيري حُماتَها / فَوَيْلٌ لَهُ من نَكْزِها وأَليلُ
هنالك يَبْلُو مرتعَ المكْرِ أَنَّهُ / وخِيمٌ عَلَى نفس الكَفُورِ وَبِيلُ
كَتائبُ تعتامُ النفاقَ كَأَنَّها / شآبيبُ فِي أَوطانه وَسُيُولُ
بكُلِّ فتىً عارِي الأَشَاجِع مَا لَهُ / سِوَى الموت فِي حَمْيِ الوطيسِ مَثِيلُ
خفيفٌ عَلَى ظهرِ الجواد إِذَا عدا / ولكن عَلَى صَدْرِ الكَمِيِّ ثقيلُ
وجرداءَ لَمْ تبخل يداها بغايةٍ / ولا كَرُّها نحو الطعان بخيلُ
لها من خوافي لَقْوَةِ الجَوِّ أَرْبَعٌ / وَكَشحانِ من ظبي الفَلا وَتَلِيلُ
وَبيضٍ تَرَكْنَ الشِّرْكَ فِي كل مُنْتَأىً / فُلُولاً وَمَا أَزرى بهنَّ فُلُولُ
تمورُ دماءُ الكُفرِ فِي شَفَراتِها / ويرجعُ عنها الطرفُ وهوَ كليلُ
وأَسمرَ ظمآنِ الكعوبِ كَأَنَّما / بِهِنَّ إِلَى شُرْبِ الدماءِ غليلُ
إِذا مَا هوى للطعنِ أَيقنتَ أَنه / لصرف الرَّدَى نحو النفوس رسولُ
وَحنَّانَةِ الأَوتَارِ فِي كلِّ مهجةٍ / لعاصيكَ أَوْتَارٌ لَهَا وَذُحُولُ
إِذا نَبْعُها عنها أَرَنَّ فإنما / صداه نحيبٌ فِي العدى وعويلُ
كَتائبُ عِزُّ النصرِ فِي جَنَبَاتِها / فكلُّ عزيزٍ يمَّمَتْهُ ذليلُ
يُسَيِّرُها فِي البرِّ والبحر قائدٌ / يسيرٌ عَلَيْهِ الخطبُ وَهْوَ جليلُ
جوادٌ لَهُ من بهجة العزِّ غُرَّةٌ / ومن شِيَمِ الفضلِ المبينِ حُجولُ
به أَمِنَ الإسلامُ شرقاً ومغرباً / وغالت غواياتِ الضلالةِ غُولُ
يَصُولُ بسيفِ اللهِ عَنَّا وإنما / بِهِ السيف فِي ضَنْكِ المقام يصولُ
حُسامٌ لداءِ المكر والغدر حاسمٌ / وظلٌّ عَلَى الدين الحنيف ظليلُ
إِذا انْشَقَّ ليلُ الحربِ عن صُبحِ وجههِ / فقد آن من يوم الضلالِ أَصيلُ
كَريمُ التأَنِّي فِي عِقَابِ جُنَاتِهِ / وَلَكِنْ إِلَى صوت الصَّرِيخ عَجُولُ
لِيَزْهُ بِهِ بحرٌ كَأَنَّ مُدُودَدُ / نوافلُ من معروفه وفضُولُ
ويا رُبَّ نجمٍ في الدُّجى وَدَّ أَنَّه / من المركَبِ الحاوي سناه بديلُ
تهادت بِهِ أَنفاسُ رَوْحٍ من الصَّبا / وَخَدٌّ من البحر الخِضَمِّ أَسيلُ
وقد أَوْمَتِ الأَعلامُ نحوَ حُلُولِهِ / وحنَّ من الغُرِّ الجياد صهيلُ
فجلّى سناه العدْوَتَيْنِ وَبَشَّرَتْ / خوافقُ راياتٍ لَهُ وَطبولُ
وأَيقنَ باغِي حتفِه أَنَّ أُمَّه / وَقَدْ أَمَّهُ الليثُ الهصورُ هَبُولُ
فواتحُ عِزٍّ مَا لَهَا دونَ زمزمٍ / وَلا دُونَ سَعْي المروتَيْنِ قُفُولُ
وهل عائقٌ عنها وكلّ سَنِيَّةٍ / إليك تَسَامى أَوْ إليكَ تَؤولُ
سيوفٌ عَلَى الجُرْدِ العِتاقِ عَزِيزَةٌ / وَأَرْضٌ إِلَى البَيْتِ العَتيقِ ذَلُولُ
فقد أَذِنتْ تِلْكَ الفِجَاجُ وَدُمِّثَتْ / حُزونٌ لِمَهوَى مَرِّهَا وسُهولُ
وقامَ بِهَا عند المقامِ مُبَشِّرٌ / وشَامَ سناها شَامَةٌ و طَفِيلُ
فيَهنيك يَا منصورُ مبدأُ أَنْعُمٍ / عَوائدُه صنعٌ لديكَ جَمِيلُ
وفرعان من دوح الثناء نمتهما / من المجد فِي التُّرْبِ الزَّكِيِّ أُصولُ
عقيبان بَيْنَ الحربِ وَالمُلْكِ دولة / وعزٌّ مُدَالٌ منهما ومُديلُ
مليكانِ عَمَّ السّلمَ والحربَ منهما / غِنىً وَغَنَاءٌ مُبْرَمٌ وَسحيلُ
وَيَهْنِيكَ شَهْرٌ عند ذي العرش شاهِدٌ / بأَنك بَرٌّ بالصيام وَصُولُ
فَوُفِّيتَ أَجرَ الصابرين ولا عَدَا / مساعِيكَ فَوزٌ عاجلٌ وَقَبُولُ
هل أَنت مُدْرِكُ آمالي فمحييها
هل أَنت مُدْرِكُ آمالي فمحييها / ومُبْدِلِي فِي الورى من ذِلَّتِي تِيها
بلحظةٍ تقتضِي مِنِّي مكارِمَهَا / هدِيَّةً لَكَ حازَ السبقَ مُهْدِيها
جواهراً من بحورِ العلمِ لَيْسَ لَهَا / إِلَّا استماعكَها قدرٌ يُسَاوِيهَا
حتى ترى الطِّرْفَ فِي كَرَّاتِ فارِسِهِ / وَالكاعِبَ الرُّوَد فِي أَثوابِ جَاليها
عسى الَّذِينَ نأَوْا عنِّي أُخْبِّرُهم / بأَنَّ نَفْسِيَ مبلوغٌ أَمَانِيهَا
أَضَاءَ لَهَا فجرُ النُّهى فَنَهاها
أَضَاءَ لَهَا فجرُ النُّهى فَنَهاها / عن الدَّنِفِ المُضْنى بِحَرِّ هواها
وضَلَّلها صبحٌ جلا ليلة الدُّجى / وَقَدْ كَانَ يَهدِيها إِليَّ دُجاها
ويشفع لِي منها إِلَى الوصل مَفْرِقٌ / يُهِلُّ إِلَيْهِ حَلْيُهَا وحُلاها
فيا للشبابِ الغَضِّ أَنْهَجَ بُرْدُهُ / ويا لرياضِ اللهو جَفَّ سَفَاها
وما هِيَ إِلّا الشَّمْسُ حَلَّتْ بمفرقي / فأَعشى عيونَ الغانياتِ سَناها
وعين الصِّبا عار المشيبُ سَوادَها / فَعَنْ أَيِّ عينٍ بعد تِلْكَ أراها
سلامٌ عَلَى شرخ الشباب مُرَدَّدٌ / وآهاً لوصل الغانيات وآها
ويا لديار اللهو أَقوت رُسُومُهَا / وَمَحَّتْ مغانيها وَصَمَّ صَدَاها
وَخَبَّر عَنها سَحْقُ أَثْلَمَ خَاشِعٍ / كَهالةِ بدرٍ بَشَّرتْ بحياها
فيا حبذا تِلْكَ الرسومُ وحبذا / نوافِحُ تُهْدِيها إِلَيَّ صَبَاهَا
تهادي المها الوحشيِّ فِي عَرَصَاتِها / يذكِّرُنيه آنسات مهاها
ومبتسم الأَحباب فِي جنباتها / أَقاحٍ كَساهُنَّ الربيع رُباها
دعوتُ لَهَا سُقيَا الحيا ودعا الهوى / وَبَرْحُ الهوى دمعِي لَهَا فسقاها
وقد أَستقيد الحُورَ فِيهَا بِلِمَّةٍ / تَبَارَى نفوسُ العِينِ نحو فِدَاهَا
وأُصبِحُها الشَّرْبَ الكرامَ سُلافَةً / أَهانت لَهَا أَموالَها وَنُهَاها
كُمَيْتاً كَأَنَّ النجمَ حينَ تَشُجُّها / تقحَّمَ كَأْسٌ كَأْسَهَا فَعَلاهَا
بأَيدي سُقَاةٍ مثل قُضبانِ فِضَّةٍ / جَلَت أحمر الياقوت فَهْوَ جَنَاهَا
وتُزْهى بِسحرٍ من أَحاديثَ بيننا / كَأَنَّ أَسيرَيْ بابلٍ نَفَثَاهَا
وقد عَجَمَتْ مني الخطوبُ ابنَ حُرَّةٍ / أَبِيّاً محزَّاتِي لِوَقعِ مُدَاها
جديراً إِذَا أَكْدى الزمان برحلةٍ / يُحَقِّرُ بُعْدَ الأَرضِ عَرْضُ فلاها
رَحلْتُ لَهَا أَدماءَ وَجَناءَ حُرَّةً / وشيكاً بأَوْبَاتِ السرور سُرَاها
أَقامت بمرعى خصبِ أَرضٍ مَرِيعَةٍ / أَطاع لَهَا تُنُّومُها وَأَلاها
بما أَفرغ الفَرْغانِ ثُمَّتَ أَتبعت / بنوء الثريّا فالتقى ثَرَيَاها
أَشُجُّ بِهَا والليلُ مُرْخٍ سُدُولَه / سَبَارِيتَ أَرضٍ لا يُرَاعُ قطاها
أُسَائِلُ عن مجهولِها أَنْجُمَ الهُدى / بِعَيْنٍ كَأَنَّ الفرقَدَيْنِ قذاها
وَأُحْيِي نُفُوسَ الرَّكْبِ من مِيتَةِ الكَرى / وَقَدْ عَطَفَ الليلُ التَّمامُ طُلاها
بِذِكْرِ أَيادِي العامِرِيِّ الَّتِي طَمَتْ / عَلَى نَأْيِ آفاقِ البِلادِ مُنَاها
وَمُوحشةِ الأقطارِ طامٍ جِمَامُهَا / مَرِيشٌ بأَسرابِ القَطا رَجَوَاهَا
أَهلَّ إليها بعد خَمسٍ دَلِيلُنَا / فعُجْنَا صدورَ العِيسِ نَحْوَ جَبَاها
نُغِيثُ بقايا من نفوسٍ كَأَنَّهَا / بقايا نجوم القَذْفِ غارَ سَنَاها
وقمنا إِلَى أَنْقاضِ سَفْرٍ كَأَنَّهَا / وَقَدْ رحلت شطراً شطورُ بُرَاها
وقلتُ لنِضوٍ فِي الزِّمَام رَذِيَّةٍ / تَشكَّى إِلَى الأَرْضِ الفضاءِ وَجَاها
عسى راحةُ المَنْصُورِ تُعْقِبُ رَاحةً / وَحَتْمٌ لآمال العُفَاةِ عَساها
فِللهِ منه قائدُ الحَمْدِ قادَهَا / وَمِنّيَ مَحدُوُّ الخطوبِ حَدَاها
ولله عزمي يوم وَدَّعْتُ نحوه / نُفُوساً شجاني بَيْنُهَا وَشَجاها
وَرَبَّةُ خدرٍ كَالجُمَان دُمُوعُها / عَزِيزٌ عَلَى قلبي شُطُوطُ نَوَاها
وَبِنْتُ ثمانٍ مَا يزال يَرُوعُنِي / عَلَى النّأْيِ تَذْكَارِي خُفُوقَ حَشَاها
وَمَوْقِفَها وَالبَيْنُ قَدْ جَدَّ جدُّهُ / مَنُوطاً بحبلَيْ عَاتِقَيَّ يَدَاها
تَشَكَّى جَفَاءَ الأَقْرَبِين إِذَا النَّوى / تَرَامَتْ برحلي فِي البلادِ فَتَاهَا
وَأَقسم جُودُ العَامِرِيِّ لَيَرْجعَنْ / حَفِيّاً بِهَا مَنْ كَانَ قَبلُ جَفَاها
وَرَامَتْ ثواءً من أَبٍ وَثواؤه / عَلَى الضَّيْمِ بَرْحٌ من شماتِ عِدَاها
وَأَنّى لَهَا مَثْوَى أَبيها وَقَدْ دَعَتْ / بوارقُ كَفِّ العامِريِّ أَبَاها
بُنَيَّ إليكِ اليوم عَنِي فإِنها / عزائمُ كَفُّ العامريّ مداها
فَحَطَّتْ بمغنى الجودِ والمجدِ رَحْلَها / وَأَلقت بِرَبْعِ المَكرُمَاتِ عَصَاها
لدى مَلِكٍ إِحدى لواحِظِ طَرْفِهِ / بعين الرِّضَا حَسْبُ المُنى وَكَفَاها
هو الحاجِبُ المنصورُ والمَلِكُ الَّذِي / سَعى فتعالى جَدُّه فَتَناهى
سليلُ الملوكِ الصِّيدِ من سَرْوِ حِميَرٍ / توسَّط فِي الأَحساب سَمْك ذُرَاها
لبابُ معاليها وإنسانُ عَيْنِها / وَبَدْرُ دَيَاجِيهَا وَشمسُ ضُحَاها
مُعَظَّمُها مَنْصُورُها وَجَوادُها / وفارسُها يومَ الوغى وفتاها
وَوَارِثُ مُلْكٍ أَثَّلَتْهُ مُلُوكُها / وَجَامِعُ شَمْلَيْ مَجْدِها وَعُلاها
نَمَاهُ لِقَوْدِ الخيل تُبَّعُ فخرِها / وأَوْرَثَهُ سَبْيَ المُلُوكِ سَبَاها
ذَوُو المُلْكِ وَالتِّيجَانِ والغُرَرِ الَّتِي / جَدِيرٌ بِهَا التيجانُ أَن تَتَبَاهى
شُمُوسُ اعتلاءٍ تُوِّجَتْ بِأَهِلَّةٍ / وَسُرْبِلَتِ الآجالُ فَهْو كَسَاها
أَنْضَيْتُ خَيْلِي فِي الهوى وَرِكَابِي
أَنْضَيْتُ خَيْلِي فِي الهوى وَرِكَابِي / وَعَمَرْتُ كَأْسَ صِباً بِكَأْسِ نِصابِ
وَعُنيتُ مُغْرىً بالغواني وَالصِّبا / وَاللَّهْوِ وَاللَذَّاتُ قَدْ تُغْرى بي
فِي غَمرَةٍ لا تنقضي نَشَواتُها / من صَرْفِ كأْسٍ أَوْ جُفونِ كَعَابِ
أَيَّامَ لا تَرْتَاعُ من صَرْفِ النَّوَى / أَمْناً ولا نُصْغِي لِنَعْبِ غُرَابِ
أَيَّامَ وَجْهُ الدهر نحوي مُشْرِقٌ / وَمحاسِنُ الدُّنيا بَغَيْرِ نِقَابِ
ولقد أَضاءَ الشَّيْبُ لي سنَنَ الهُدَى / فَثَنَى سِنِي دَدَني عَلَى الأَعْقَابِ
ورأَيتُ أَرْدِيَةَ النُّهَى منشورةً / تسعى بِجَدَّتها إِلَى أَتْرَابِي
وَرَأْيتُ دارَ اللَّهوِ أَقْوَى ربعُها / وَخَلَتْ معاهِدُها منَ الأَحبابِ
وَخَلَتْ بِيَ النَّكَبَاتُ ترمِي ناظِري / وخواطري بنوافِذِ النُّشَابِ
وَلَكَمْ أَصابتْنِي الخطوبُ بِشَكَّةٍ / تُعْيِي التجلُّدَ واحْتَسَبْتُ مُصابِي
حِفْظاً لِعلمٍ حاز صَدْرِي حفظه / أَلَّا أَخِيسَ بحُرْمَةِ الآدابِ
حَتَّى تركتُ الدهر وَهْوَ لِمَا بِهِ / صَبْراً وغادرني السقامُ لِمَا بي
وصرفتُ عن صرفِ الزمان ملامتي / وَكففت عن سَعْيِ الحسودِ عتابي
علماً بأَن الحِرْصَ لَيْسَ بزائدٍ / حَظّاً وَأَنَّ الدهرَ غيرُ مُحَابِ
هِممُ الفتى نُكْبٌ تُبَرِّح بالمُنى / أَبداً إِذَا عَمَّ القضاءُ الآبي
فقطعتُ يَا منصورُ نحوَكَ نَازِعاً / خُدَعَ المنى وعلائقَ الأَسبابِ
فرِضَاكَ تأْميلي وقربُكَ هِمَّتِي / ونداكَ مَحْيائِي وحمدُكَ دَابِي
وقد احتلَلْتُ لديكَ أَمْنَعَ مَعْقِلٍ / وَحَطَطْتُ رحلي فِي أَعَزِّ جَنَابِ
في ذِمَّةِ المَلِكِ الَّذِي آمالُنَا / من راحَتَيْهِ تَحْتَ صَوْبِ سحابِ
قَمَرٌ توسَّطَ من مناسِبِ يَعْرُبٍ / قِمَمَ السَّنَاءِ وَذِرْوَةَ الأَنْسابِ
صَدَقَتْ بِهِ فِي اللهِ عزمةُ مُخْلِصٍ / تركَت ذَمَاءَ الشِّرْكِ رَهْنَ ذَهَابِ
بِكَتَائِبٍ عَزَّتْ بِهَا سُبُلُ الهُدَى / ومَحَتْ رُسُومَ الكفرِ مَحْوَ كِتَابِ
غادَرْنَ أَرْضَهُمُ كَأَنَّ فضاءهَا / أَغوالُ قَفْرٍ أَوْ سُهُوبُ يَبَابِ
تَحْتَثُّ سالِكَها بغيرِ هدايةٍ / وتجيبُ سائلَها بغَيرِ جَوَابِ
يا أَيُّهَا المَلِكُ الَّذِي عَزَمَاتهُ / فِي الدِّينِ أَعظَمُ أَنْعُمِ الوَهَّابِ
وَصَلَ الإلهُ لديكَ عُمْراً يَقْتَضِي / أَمَدَ السنينَ وَمُدَّةَ الأحقابِ
ولك السرورُ مضاعِفاً أَيَّامَهُ / ولَكَ النعيمُ مُجدَّدَ الأَثْوابِ
وليَهْنِكَ الأَضحى الَّذِي أَضحى بِهِ / صُنْعُ الإِلهِ مُفَتَّحَ الأَبوابِ
واسْلَم لِسِبْطَيْك اللَّذِينِ تَمَلَّكَا / رِقَّ السناءِ تملُّكَ الأَرْبَابِ
السابِقِيْنِ إِلَى مَقَامَاتِ العُلاَ / ذا فِي الحروبِ وذاك فِي المِحْرَابِ
الحاجبُ الأَعلى الَّذِي زُهِيتْ بِهِ / رُتَبُ العُلا ومفاخرُ الأحسابِ
فَلَكَمْ تَدَانَى فِي مَكَرٍّ للوغى / كالشمس فِي كِسَفِ العَجَاجِ الهابي
وبِرَأْيِ عَيْنِي منه يومَ قُلُنْيَةٍ / منه شهابٌ خاطفٌ لشهابِ
سيفُ الإله وحزبُهُ المُفْنِي بِهِ / شِيَعَ الضَّلالِ وفِرْقَةَ الأَحزابِ
مِنَنٌ بِأَيْسَرِ شُكْرِهَا أَعْيَيْتَنِي
مِنَنٌ بِأَيْسَرِ شُكْرِهَا أَعْيَيْتَنِي / فمتى أَقومُ بشكرِ مَا أَوْليتَنِي
أَعطيتَنِي ذُخْرَ الزَّمَانِ وَإِنَّمَا / شرفَ الحياةِ وَعِزَّها أَعطيتني
لَبَيْكَ شاكرَ نعمةٍ أَنت الَّذِي / لما دعوتُ غِياثَها لَبَّيْتَنِي
فَقتلْتَ هَمّاً ذُقْتُ حَدَّ سيوفِهِ / بسيوفِ إِنعامٍ بِهَا استحيَيتَنِي
وخَطَطْتَ بالكَفِّ الكريمةِ مُلحَقِي / والفخرُ فخري منك إِذ سمَّيْتَنِي
حَسْبِي فحين ذكرتَنِي كَرَّمْتَنِي / وكفى فحين نطقتَ بي أَعييتَني
ذكراك أعظمُ نِعمةٍ أَلبستني / ورضاك أعلى خُطَّةٍ وَلَّيتَني
ففداؤك الأَملاكُ يومَ سمعتَني / لهفانَ فِي أَسرِ الأَسى ففديتَني
وسُقيتَ غيثَ النصر حين بَصُرت بي / ظَمْآنَ ملتهبَ الحشا فسقيتَني
آواك ظِلُّ اللهِ فِي سلطانِهِ / ونعِيمِهِ بجزاءِ مَا آويتَني
ورَعى لَكَ الرحمن مَا اسْتَرْعاكَهُ / من دِينِهِ أَجْراً بما راعيتَني
وشَفى سُيُوفَكَ من عِدَاكَ وَقَدْ سَطَا / هَمٌّ أَموتُ بِدَائِهِ فَشَفَيْتَنِي
وكُفيتَ مَا اسْتُكْفيتَ يومَ أَلَمَّ بِي / هَمٌّ أَناخَ بكلكلي فكفيتَني
فكأنما استيقَنْتَ مَا لَكَ فِي الحشا / من طاعةٍ ونصيحةٍ فجزيتَني
وعلمتَ أَنِّي فِي وفائك سَابِقٌ / فَسَبَقْتَ بالنعم الَّتِي وَفَّيْتَنِي
فلوَ اَنَّ آمالي بقربِكَ أَسْعَفَتْ / مَا قُلتُ بعد بلوغها يَا ليتَني
حتى أُقَبِّلَ كُلَّما قابلتُها / كفّاً بجودِ عطائها أَحْيَيْتَنِي
محلُّك بالدنيا وبالدينِ آهِلُ
محلُّك بالدنيا وبالدينِ آهِلُ / فعِيدٌ وأَعيادٌ وعامٌ وقابلُ
وسعدٌ وإِقْبَالٌ ويمنٌ وغبطةٌ / ونصرٌ وفتحٌ عاجلٌ ثُمَّ آجلُ
وصومٌ كريمٌ بالمَبَرَّةِ رِاحِلٌ / وفِطرٌ عزيزٌ بالمَسَرَّةِ نازِلُ
ورَفْعُ لواءٍ شَدَّدَ اللهُ عَقْدَهُ / ليعلُوَ حَقٌّ أَوْ ليَسْفُلَ باِطلُ
أَلا فِي سبيلِ اللهِ عَزْمَتُكَ الَّتِي / عَلَى الدينِ والإِسلامِ منها دلائلُ
فقد نَطَقَتْ بالنصرِ فِيهَا شواهدٌ / وَقَدْ وَضَحَتْ للفتح منها مَخَائِلُ
فأَبْشِرْ فنجمُ الدين بالسَّعْدِ طالِعٌ / وأَيْقِنْ فنجم الشِّرْكِ بالخزيِ آفِلُ
وقد أُصحِبَ التسديد مَا أَنت قائلٌ / وَأُيِّدَ بالتوفيقِ مَا أَنتَ فاعِلُ
وساعَدَ صُنْعُ اللهِ مَا أَنت طالبٌ / وَأَسْعَدَ جُودُ الله مَا أنتَ سائلُ
فما تَصِلُ الأَيامُ من أَنت قاطِعٌ / ولا تقطع الأَيامُ من أنت واصلُ
وهل خَيَّبَتْ يمناك مَنْ جاءَ آمِلاً / فيُكْذِبَ ربُّ العرش مَا أَنت آملُ
وقد أفطر الإسلامُ والسيف صائِمٌ / وَعَلَّتْ ظِمَاءٌ والرماحُ نواهلُ
فأَوْرِدْ صواديها فقد طاب مَشرَعٌ / وَقَدْ حان مأْكُولٌ وَقَدْ حَنَّ آكِلُ
فما أَنتَ إِلَّا الشمسُ تطلع للعِدَى / فظِلُّهُمُ حَتْماً بِنُورك زائِلُ
كَرُمْتَ فما يَعْيَا بِحَمْدِكَ مُفْحَمٌ / وسُدْتَ فما يَغبَى بِقَدْرِكَ جاهلُ
وجودُك فِي سلْمٍ وبأَسُك فِي وَغىً / بُحُورٌ طوامٍ مَا لَهُنَّ سواحلُ
فَلا خَذْلَ الرحمنُ مَنْ أَنت ناصرٌ / ولا نصر الرحمنُ من أنت خاذلُ
لَئِنْ سَرَّتِ الدُّنْيا فأَنت سُرُورُهَا
لَئِنْ سَرَّتِ الدُّنْيا فأَنت سُرُورُهَا / وإِنْ سَطَعَت نُوراً فوجْهُكَ نورُهَا
سلامٌ عَلَى الأَيَّامِ مَا شِمْتَ لِلعُلا / أَهِلَّتَهَا واستقبلتْكَ بُدُورُهَا
وبُورِكَتِ الأَزْمانُ مَا أَشرَقَتْ لَنَا / بوجْهكَ هَيْجَاوَاتُهَا وقُصُورُهَا
فَلا أَوْحَشَتْ من عِزِّ ذكرِكَ دَولَةٌ / إِليكَ انتهى مأْمُورُهَا وَأَمِيرُهَا
فَما راقَ إِلّا في جبينِك تاجُهَا / ولا قَرَّ إلا إِذ حواك سريرُها
فلا راعها خَطْبٌ وسيفُكَ أُنْسُهَا / ولا رامها ضيمٌ وأَنتَ مُجيرُهَا
ومَنْ ذا يُناوِيهَا وأَنت أَميرُها / ومن نسْلِكَ الزاكي الكريمِ وزيرُها
فتىً طالَعَتْهُ بالسعود نجومُها / وطارت لَهُ باليُمْنِ فينا طيورُها
أَذَلَّ لَهُ عَبْدُ المليكِ ملوكَهَا / وَأَنْجَبَهُ المنصورُ فَهْوَ نصيرُها
بِحَارٌ أَمَرَّتْ للأَعادي طُعومُها / كَمَا طاب فينا شُرْبُهَا وطَهُورُها
وأَربابُ مُلْكٍ فِي رياسةِ أُمَّةٍ / لهم فِي المعالي عِيرُها ونفيرُها
وما يتساوى موتُها وحياتُها / ولا يَتَكافَى ظِلُّهَا وَحَرُورُهَا
وأَنت الَّذِي أَوْرَدْتَ لُونَةَ قاهِراً / خيولاً سماءُ الأَرْضِ فيها نُحُورُها
وقد لاح بالنصر العزيز لواؤها / وأَعْلَنَ بالفتحِ المبين بَشِيرُهَا
وَحلَّتْ حُلُولَ اللَّيلِ فِي كلِّ بلدةٍ / سَوَاءٌ بِهَا إِدْلاجُها وَبُكُورُها
وقد فَتَأَتْ سُمْرُ القنا بِدِمائِهَا / وَغَالَتْ صُدُورَ الدارعين صُدُورُها
صَلِيتَ وَقَدْ أَذْكَى الطِّعَانُ وَقُودَهَا / وَفَارَ بِنِيرانِ السُّيُوفِ سَعِيرُهَا
وَخَضْتَ وَقَدْ أَعْيَتْ نجاةُ غَرِيقِهَا / وهالَتْ بأمواجِ المنايا بُحُورُها
وقد ضربت خدراً عَلَى الشمس وانجلت / بِهَا عن شموس الغانيات خدورُها
عَقَائِلَ أَبكاراً غَدَوْنَ نواكحاً / وَمَا أَصْبَحَتْ إِلّا السيوفَ مُهُورُها
فَلا مُحِيَتْ أَفْخَاذُهَا مِنْ سِمَاتِكُمْ / ولا عَرِيت من ناصِرِيكُمْ ظُهُورُها
فَدَيْنَاكَ سَيْفاً لَمْ تَخُنْهُ مَضَارِبُهْ
فَدَيْنَاكَ سَيْفاً لَمْ تَخُنْهُ مَضَارِبُهْ / وبحرَ عَطَاءٍ مَا تَغِيضُ مواهِبُهْ
وبدراً تجَلَّى فِي سماءٍ رياسةٍ / كواكبُها آثارُهُ وَمَنَاقِبُهْ
تقلَّدَ سيفَ اللهِ وَالتَحَفَ النَّدى / فَسَدَّدَ رَاجيهِ وَأعْذَرَ هائِبُهْ
فها هو ذا في كلِّ قلبٍ ممثَّلٌ / وهاتيك عند الفرقدين مراتبُهْ
فَمَا عَرَّجَتْ عنه سبيلٌ لِطَالِبٍ / ولا رَحُبَتْ أرضٌ بِمَنْ هو طَالِبُهْ
خلائِقُ مِنْ مَاءِ الحياةِ وطَالَمَا / يَغَصُّ بِهِ يوم الكريهةِ شارِبُهْ
أَمُلْبِسَنَا النُّعْمى أَلاَ رُبَّ مَلْبَسٍ / سَنِيٍّ وتاجٍ لِلْعُلا أَنت سَالِبُهْ
وَلَيْلٍ كريعانِ الشباب قَذَفْتَهُ / بِهَوْلِ السُّرى حَتَّى أُشِيبَتْ ذَوَائِبُهْ
وَصَلْتَ بِهِ يوماً أَغَرَّ صَحِبْتَهُ / غُلاماً إِلَى أَنْ طَرَّ باللَّيْلِ شَارِبُهْ
بِكُلِّ مُذَلٍّ كَرَّمَتْهُ جُدُودُهُ / وَكُلِّ كمِيٍّ أَحْكَمَتْهُ تَجَارِبُهْ
وَعَضْبٍ يَمَانٍ قَدْ تَعَرَّفْتَ يُمْنَهُ / وإِنْ يَنْتَسِبْ تَعْطِفْ عَلَيْكَ مَنَاسِبُهْ
وسُمْرٍ لِدَانٍ كالكواكب سُقْتَهَا / ليومٍ من الأَعداءِ بَادٍ كَواكِبُهْ
صليتَ ونارُ الحربِ يَذْكُو سَعِيرُهَا / وَخَضْتَ وَمَوْجُ الموتِ تَطْفُو غَوَارِبُهْ
ولا مثلَ يومٍ نحو لُونَةَ سِرْتَهُ / وقد قَنَّعَت شَمْسَ النهارِ غَيَاهِبُهْ
رَفَعْتَ لَهَا فِي عارِضِ النَّقْعِ بَارِقاً / تَسِحُّ شآبيبَ المنايا سَحَائِبُهْ
وَعَذْرَاءَ لَمْ يأَتِ الزمانُ بِكُفْئِهَا / ولا رامها بَعْلٌ وإِنْ عَزَّ جانِبُهْ
معوَّذةٍ لَمْ يَسْرِ خطبٌ بِأَرْضِهَا / ولا عَرَفَتْ بالدَّهْرِ كَيْفَ نوائِبُهْ
ثَوَتْ بَيْنَ أَحْشَاءِ الضَّلالِ وَأُشْرِعتْ / أَسِنَّتُهُ مِنْ دُونِهَا وَقَواضِبُهْ
وأَصْبَحْتَ يَا عبد المليكِ مَليكَهَا / وَأَنْجَحَ سَاعٍ جَاءَ والسَّيفُ خاطِبُهْ
وَسُقْتَ لَهَا صِدْقَ اللقاءِ مُعَجَّلاً / صَدَاقاً إِذَا مَا هَلْهَلَ الضَّرْبَ كاذِبُهْ
وجيشٍ أَضاءَ الخافِقَيْنِ رِمَاحُهُ / وفاضت عَلَى رَحْبِ البِلادِ كتائِبُهْ
وقد ضَمَّهَا فِي نَفْنَفِ الجوِّ مَعْقِلٌ / عَسِيرٌ عَلَى عُصْمِ الوُعُولِ مَرَاقِبُهْ
بَعَثْتَ عليها منكَ دَعْوَةَ واثقٍ / صَفَا شاهِدُ الإِخْلاصِ منه وغَائِبُهْ
فسَرْعَانَ مَا أَقْوى الشّرى من أُسودِهِ / وأُبرِزَ من حُرِّ الحِجَالِ كواعِبُهْ
ثَلاثَةُ آلافٍ حِسَاباً وَمِثْلُهَا / وَقَدْ غَلَّ عَازِيهِ وأَسَأَرَ حَاسِبُهْ
فيا لَيْتَ قُوطاً حين شادَ بِناءَهُ / رآه وَقَدْ خَرَّتْ إِلَيْكَ جَوانِبُهْ
ويا ليت إِذْ سَمَّاهُ بَدْراً مُعَظَّماً / رآه وَفِي كِسْفِ العَجَاجِ مَغَارِبُهْ
فَيَعْلَمَ أَن الحقَّ دَافِعُ كَيْدِهِ / وَأَنَّكَ حِزْبَ اللهِ لا شَكَّ غَالِبُهْ
فلا خُذِلَ الدِّينُ الَّذِي أَنت سَيْفُهُ / ولا أَوْحَشَ المُلْكُ الَّذِي أَنت حَاجِبُهْ
زَمَانٌ جَدِيدٌ وَصُنعٌ جديدُ
زَمَانٌ جَدِيدٌ وَصُنعٌ جديدُ / ودنيا تَرْوقُ وَنُعْمى تَزِيدُ
وغيثٌ يَصُوبُ وعيشٌ يِطيبُ / وَعِزٌّ يدومُ وعِيدٌ يعودُ
ومُلْكٌ يُنِيرُ بِعَبْدِ المليكِ / كَشَمْسِ الضُّحى سَاعَدَتْهَا السُّعُودُ
وَنَصْرٌ كَمَا تَتَمَنَّى الأَمَانِي / وَمَوْلَىً كَمَا يتمنّى العبيدُ
حَيَاءٌ وَحِلمٌ وفضلٌ وعدلٌ / وعَطْفٌ وَعَفْوٌ وبأسٌ وجُودُ
إِذا سِيلَ كاد يذوبُ ارتياحاً / وإِنْ صالَ كادَ يذوبُ الحديدُ
فيا خير من وَلَدَتْهُ الملوكُ / وأَكرَمَ من نَصَرَتْهُ الجنودُ
وأَشجعَ من حملته الخيولُ / وأَهيَبَ من رَهِبَتْهُ الأُسودُ
وأَصمدَ من جَرَّبَتْهُ السيوفُ / وأَجملَ من ظَلَّلَتْهُ البُنُودُ
ومَنْ هو للمُلْكِ سورٌ منيعٌ / ومن هو للدينِ ركنٌ مَشِيدُ
تقبَّلْ هدِيَّةَ عبدٍ حَدَاها / لسانٌ شَكورٌ وقلبٌ وَدُودُ
جواهِرَ من نظمِ حُرِّ الثناءِ / تبيدُ اللَّيالي وَمَا إِنْ تبيدُ
كُلُّ الكواكِبِ مَا طَلَعْتَ سُعُودُ
كُلُّ الكواكِبِ مَا طَلَعْتَ سُعُودُ / وإِذا سَلِمْتَ فكلُّ يومٍ عِيدُ
وَافَاكَ يومُ المِهْرَجَانِ وَبَعْدَهُ / للفِطْرُ يومٌ بالسرورِ جَديدُ
فصلٌ يُعَاوِدُ كلَّ عامٍ والنَّدَى / فِي كُلِّ حِينٍ من يَدَيْكَ يَعُودُ
إِن أَقْلَعَتْ دِيَمُ السَّحابِ فلم تَجُدْ / فسحابُ كفِّكَ مَا يزال يَجُودُ
ولَئِنْ طوى عَنَّا الربيعُ ثيابَهُ / فَربيعُ جودِكَ شاهدٌ مَشْهُودُ
لا زالت الدنيا وأَنْتَ لأهلِهَا / مولىً ونحن لرَاحَتَيْكَ عبيدُ
الْيَوْمَ أَبْهَجَتِ المُنى إِبْهَاجَهَا
الْيَوْمَ أَبْهَجَتِ المُنى إِبْهَاجَهَا / وَتَوسَّطَتْ شَمْسُ الضُّحى أَبْرَاجَهَا
ما لِلْوزارَةِ لا تضِيءُ لَنَا وَقَدْ / أَضْحى سِرَاجُ العَالَمِينَ سِرَاجَهَا
شَمْسٌ تبدَّتْ فِي ذَوَائِبِ يَعْرُبٍ / رَكِبَتْ إِلَى الرُّتَبِ العُلى مِعْرَاجَهَا
لَمْ تَنْتَقِلْ قِدْماً لأَوَّلِ مَنْزِلٍ / فِي المجْدِ حَتَّى اسْتَقْبَلَتْ مِنْهَاجَهَا
أَنْجَبْتَهُ ذُخْرَ الخِلافَةِ إِنْ شَكَتْ / أَلَماً تَضَمَّنَ بُرْءَهَا وَعِلاجَهَا
وَسَلَلْتَهُ سيفاً لكلِّ مُلِمَّةٍ / يَفْرِي بِأَوَّلِ ضَرْبَةٍ أَوْدَاجَهَا
فَنَظَمْتَ فِي صَدرِ الوزارة عِقْدَها / وَعَقَدْتَ فِي رأسِ الرِّيَاسَةِ تاجَهَا
والخيلُ جَانِحَةٌ إِلَيْهِ كُلَّما / رُفِعَ اللِّوَاءُ وأَوْجَسَتْ إِسْرَاجَها
وكَأَنَّنِي بِجَبِينِهِ فِي لُجَّةٍ / للحَرْبِ يَخْرِقُ بالقَنَا أَموَاجَهَا
حَتَّى يُغيّبَ فِي النُّجُومِ دِماءَهَا / دَفْناً وَيَرْفَعَ فِي السَّمَاءِ عَجَاجهَا
ويَؤُوبَ بالفتحِ المُبِينِ وَقَدْ كَسَا / نَفَلُ العُداةِ شِعَابَها وَفِجاجَهَا
يا قِبْلَةً لِلآمِلينَ وَكَعْبَةً / تَدْعُو بِحَيّ عَلَى النَّدَى حُجَّاجَها
ومُبارِزَ الأُسْدِ الغِضابِ وَقَدْ غَلَتْ / حربٌ تُوَكِّلُ بالحتوفِ هِياجَهَا
أَنتَ الَّذِي فَرَّجْتَ عَنِّي كُرْبَةً / للدهر قَدْ سَدَّتْ عَلَيَّ رِتَاجَها
وجلوتَ لي فَلَقَ المُنى من ليلة / طاوَلْتَ فِي ظُلَمِ الأَسى إِدلاجَها
وسقيتَنِي من جودِ كَفِّكَ مُنعِماً / كأْساً وجدتُ من الحياةِ مِزاجَهَا
فَلأُلْبِسَنَّ الدهر فيك مَلابِساً / للحَمْدِ أحكمَ مَنْطِقي دِيباجَها
جُدُداً عَلَى طولِ الزمانِ أبى لَهُ / حُرُّ التيقُّظِ والنُّهى إِنْهاجَها
ما عاقَبَ الليلُ النهارَ ورَجَّعَتْ / وُرْقُ الحمائِمِ بالضُّحَى أَهْزاجَها
سلامٌ عَلَى البدرِ الَّذِي خَلَفَ الشَّمْسَا
سلامٌ عَلَى البدرِ الَّذِي خَلَفَ الشَّمْسَا / وَكَانَ لَنَا فِي يومِ وحشتِهِ أُنْسا
سِراجان للدنيا وللدِّينِ أَشرقا / فشمسٌ لمنْ أَضحى وبدرٌ لمن أَمسى
رمى فِي سبيلِ الله غايةَ مُقْدِمٍ / جديرٍ بأن يستعبدَ الجنَّ والإنسا
فسابَقَ حَتَّى لَمْ يَجِدْ للعُلا مَدىً / وجاهَدَ حَتَّى لَمْ يَجِد للعِدى حِسَّا
وسارَ وروحُ المُلْكِ فِي نورِ وَجههِ / وَخلّاك يَا نجلَ الملوكِ لَهُ نَفْسا
لَتَعْتَصِبَ التاجَ السَّنيَّ الَّذِي اكْتَسى / وترتَقيَ الطودَ الرفيعَ الَّذِي أَرْسى
وتجلُو لَنَا منه شمائلَ لَمْ تَغِبْ / وَتُذْكِرنا منه شمائلَ لا تُنْسى
وتكسُو ثيابَ العُرْفِ والجودِ والندى / أَمانِيَّ لا زالت بأَنعمه تُكسى
فلا أَوْحشت هذي المنازِلُ منكما / ولا فارقت أَبراجُها البدرَ والشمسا
بشيرُ يومٍ بمُلْكِ دَهْرِ
بشيرُ يومٍ بمُلْكِ دَهْرِ / وَصِدْقُ فَأْلٍ بطولِ عُمْرِ
ودولةٌ بالسرور تَبْأَى / وأَنجُمٌ بالسعودِ تجْرِي
وَغُرّةٌ بَشَّرَتْ بفتح / وفاك واستبشَرَتْ بنصر
شاهدُ صُنعٍ وغيثُ فتحٍ / تواعَدا طُهْرَهُ لِقَدْرِ
فأقبلا سابقٌ وَتَالٍ / طلوعَ شمسٍ بِإِثْرِ فَجْرِ
فآنَ يَا نفسُ أَنْ تُسَرِّي / بكلِّ مَا شئتِ أَن تُسَرِّي
وحانَ يَا عَينُ أَن تَقَرِّي / بكُلِّ مَا شئتِ أن تَقَرِّي
غيثُ سحابٍ وغيثُ جود / وطيبُ عَرْفٍ وطيبُ ذِكْرِ
وراحةٌ غَيَّمَتْ علينا / تغدِقُ ساحاتِنَا بِتِبْرِ
الأرضُ قَدْ حُلِّيَتْ رياضاً / كُلِّلَ تيجانُها بِزَهْرِ
كأنما أَنْبتت رُباها / زُمُرُّداً أَثمرَتْ بِدُرِّ
وخير شمسٍ لِعَبْدِ شَمْسٍ / أَحلَّهُ السعدُ خيرَ قَصْرِ
خليفةُ اللهِ راحَ ضَيْفاً / لسيفِهِ الحاجِبِ الأَغَرِّ
زارَ لتطهير من كَساهُ / وِزَارَتَيْ مَفْخَرٍ وَخَطْرِ
فأَيُّ ضيفٍ وأَيُّ سيفٍ / وأيُّ مُلْكٍ وأيُّ فَخْرِ
وأيُّ شِبْلٍ لأَيِّ لَيْثٍ / وأَيُّ نهرٍ لأيِّ بَحْرِ
مُتَوَّجٌ قبلَ يومِ مُلكٍ / مُطَهَّرٌ قبل حين طهرِ
أدنى إِلَيْهِ الطبيب عَطْفاً / فِي مُرْتَقىً للخطوب وَعْرِ
فَسُدِّدَتْ كفُّه بصنعٍ / وَأُدْهِشَت نفسُهُ بذُعْرِ
فيا لَهُ رَامَ غَمْرَ ليثٍ / ومدَّ كَفَّاً لِلَمْسِ بَدْرٍ
أُغْمِدَ عَنهُ حُسامُ بَأْسٍ / فقد تَكَمَّى بدرعِ صَبْرِ
لِسُنَّةٍ للإِلهِ أَعطَى / قيادَ رَاضٍ بِهَا مُقِرِّ
يا لوْعَةً لِلْحَدِيدِ فازتْ / طُلَّابُ أعدائها بوِتْرِ
وقطرةً من دمٍ سَتَمْرِي / دمَ العِدَى وابلاً بقَطْرِ
وجُنْدُ أَنصارها شهودٌ / لَمْ يُذْعِنُوا قَبْلَها لَقَسْرِ
وأَبرَزوا كلَّ شبلِ غابٍ / بكُلِّ ذي لبدةٍ هِزَبْرِ
كلٌّ يُوَاسِي بنفسِ عَبدٍ / يقضي عليها بصَبْرِ حُرِّ
فَحُفَّ بدرُ السماءِ منه / بِأَنْجُمٍ للسعود زُهْرِ
وأَصبحَ الدهرُ من كُساهُ / فِي حُمْرِ إِسْتَبْرقٍ وَخُضْرِ
وأَشرقَ المسكُ والغَوَالي / فِي أَوْجُهٍ من نداه غُرِّ
شُكْراً لمن أعطاك مَا أعطاكا
شُكْراً لمن أعطاك مَا أعطاكا / رَبٌّ أَذَلَّ لِمُلْكِكَ الأَملاكا
فَشَفَى الأَمانِي من يمينكَ مِثلَما / رَوّى سيوفَكَ من دماءِ عِداكا
شِيَمٌ بِعَدْلِ اللهِ فيك تقسَّمَتْ / فِي العَالَمِينَ معايشاً وهلاكا
والله أَشْقَى جَدَّ من عاداكا / صُنْعاً وأَسْعَدَ جَدَّ مَنْ والاكا
يا حَيْنَ مختارٍ لسُخْطِكَ بعدما / ضاءَتْ لَهُ الدنيا بنجمِ رِضاكا
جَدَّتْ مساعِيهِ ليَحْفِرَ هُوَّةً / فهوَى إليها من سماء عُلاكا
لَفَحَتْهُ نارٌ باتَ يقدحُ زَنْدَها / فِي روضةٍ ممطورةٍ بِنَداكا
أَمسى وأَصبحَ بَيْنَ ثَوْبَيْ غَدْرَةٍ / سَلَبَتْهُ ما ألبستَ من نُعْماكا
أَوَ مَا رأى المُغتَرُّ عُقْبَى مَنْ سَعى / فِي كُفْر مَا أَسْدَتْ لَهُ يُمْنَاكا
أَوَ مَا رآك قَد اسْتَعَنْتَ بذي العلا / فأعانَ واسْتَكْفَيْتَهُ فكَفاكا
أَوَ مَا رأى أَحكامَهُ وقضاءَهُ / يَجْرِي بمَهْلِكِ مَنْ يشُقُّ عَصاكا
أَوَ مَا رأى إِشراقَ تاجِكَ فِي الورى / والمكْرُمَاتِ الزُّهْرَ بعضَ حُلاكا
أَوَ مَا رأى مفتاحَ بابِ اليُمْنِ فِي / يُمْنَاكَ والميسورَ فِي يُسْراكا
ومتى رأى دَاءً جهِلْتَ دواءَهُ / أَوْ خطبَ دهرٍ قبْلهُ أَعْياكا
مَا كَانَ أَبْيَنَ فِي شواهِدِ عِلْمِهِ / أَنَّ الرياسة لا تُريدُ سِوَاكا
حتى هَوَتْ قَدَماهُ فِي ظُلَمِ الرَّدى / لما اهْتَدى فِيهَا بِغَيْرِ هُدَاكا
وأراك فِيهِ اللهُ منْ نِقْمَاتِهِ / عاداتِه فِي حَتْفِ مَن عاداكا
قُلْ للمُصَرَّعِ لا لَعاً من صَرْعَةٍ / وافَيْتَها بغياً عَلَى مَوْلاكا
تبّاً لسَعيِكَ إِذ تَسُلُّ مُعانِداً / لِخِلافِهِ السيف الَّذِي حلّاكا
وسقاك كأساً للحتوف وَكَمْ وَكَمْ / مِنْ قَبْلِها كأْسَ الحياةِ سقاكا
لا تَفْلُلِ الأَيَّامُ سيفاً ماضياً / فضَّ الإِلهُ بشفرتيه فاكا
حَيِيَتْ لموتكَ أَنْفُسٌ مظلومَةٌ / كانت مناياهُنَّ فِي مَحْياكا
فانْهَضْ بخِزْي الدينِ والدنيا بما / قَدْ قَدَّمَتْ فِي المُسلِمِينَ يَدَاكا
هذا جزاءُ الغَدْرِ لا عَدِمَ الهُدى / مولىً بسعيكَ فِي النفاق جزاكا
يا أَيُّهَا المولى الَّذِي نَصَرَ الهُدى / وحَمى الثغورَ وَذَلَّلَ الإِشرَاكا
لا يُبْعِدِ الرحمنُ إِلّا مُهْجَةً / ضلَّتْ وَفِي يدها سِرَاجُ هُدَاكا
تَعْساً لِمَنْ ناواك بل ذُلّاً لِمنْ / ساماك بَلْ خِزْياً لمن جاراك
فابلُغْ مُنَاكَ فإِنَّ غاياتِ المنى / للمسلمين بأَنْ تنالَ مُنَاكا
حتى ترى النَّجْلَ المُبارَكَ رافِعاً / عَلَمَ السيادة جَارياً لمداكا
ويُريكَ فِي شِبْلِ المكارِم والهُدى / والبِرِّ أَفضَلَ مَا أَرَيْتَ أَباكا
جَهِّزْ لَنَا فِي الأرض غزوةَ مُحْتَسِبْ
جَهِّزْ لَنَا فِي الأرض غزوةَ مُحْتَسِبْ / وانْدُبْ إليها من يُساعدُ وانْتَدِبْ
واحمِل عَلَى خيلِ الهوى شِيَمَ الصِّبا / واعقِد لجيشِ اللَّهو أَلوِيَةَ الطَّرَبْ
واهتِفْ بأجنادِ السرور وقُدْ بِهَا / نحوَ الرياضِ وأنت أَكرمُ مَنْ رَكِبْ
جيشاً تَكون طبولُهُ عِيْدَانَهُ / وقرونُهُ النَّاياتِ تُسْعِدُها القَصَبْ
واهزُزْ رِماحاً من تباشير المُنى / واسلُلْ سيوفاً من مُعَتَّقَةِ العِنَبْ
وانصِبْ مجانيقاً من النَّيَمِ الَّتِي / أَحجارُهُنَّ من الرَّواطِمِ وَالنَّخَبْ
لمعاقلٍ من سَوسَنٍ قَدْ شَيَّدَتْ / أَيدي الربيع بِنَاءها فَوْقَ القُضُبْ
شُرُفاتُها من فضَّةٍ وحُمَاتُهَا / حولَ الأَميرِ لهم سُيوفٌ من ذَهَبْ
مُتَرَقِّبينَ لأَمره وَقَدْ ارْتقى / خَلَلَ البناءِ ومَدَّ صَفْحَةَ مُرتقِبْ
كأَمير لُونَةَ قَدْ تطلَّعَ إِذْ دَنا / عبدُ الملِيكِ إِلَيْهِ فِي جَيشٍ لَجبْ
فلَئنْ غَنِمْتَ هناك أَمثالَ الدُّمى / فهُنا بيوتُ المِسكِ فاغنَمْ وانْتَهِبْ
تُحَفاً لشعبانٍ جلا لَكَ وَجْهَهُ / عِوَضاً مِنَ الوردِ الَّذِي أهدى رَجَبْ
فاقْبَلْ هدِيَّتَهُ فقد وافى بِهَا / قدراً إِلَى أَمد الصيام إذا وجبْ
واسْتَوفِ بهجتَها وطيبَ نسيمها / فإذا دَنا رمضانُ فاسْجُد واقترِبْ
وصلِ الجهادَ إِلَى الصِّيامِ بَعَزْمَةٍ / من ثائرٍ يُرْضي الإلهَ إِذَا غَضِبْ
فالنَّصْرُ مضمونٌ عَلَى برّ الهُدى / وعواقِبُ الرّاحَاتِ أثمارُ التَّعَبْ
وارفَعْ رغائِبَ مَا نَوَيْتَ إِلَى الَّذِي / ما زِلْتَ ترفعُها إِلَيْهِ فلم تَخِبْ
حتى تؤوبَ وَقَدْ نَظَمْتَ قلائداً / فَوْقَ المنابر لا تُغَيِّرُها الحِقَبْ
بجواهرٍ من فخر يومِك فِي العِدى / تبْأَى بِهَا فِي الدَّهْرِ تيجانُ العَرَبْ
فتح تكاد سطورُهُ من نورِها / تبدُو فتُقْرَأُ خلْفَ طَيَّاتِ الكُتُبْ
واقبَلْ هَدِيَّةَ عبدِكَ الراجي الَّذِي / أَهدى إليك الدُّرَّ من بحر الأدبْ
دُعيتَ فَأَصْغِ لِداعي الطَّرَبْ
دُعيتَ فَأَصْغِ لِداعي الطَّرَبْ / وطاب لَكَ الدهرُ فاشْرَبْ وَطِبْ
وهذا بَشيرُ الربيع الجديد / يُبَشِّرُنَا أَنَّهُ قَدْ قَرُبْ
بَهَارٌ يَروقُ بِمِسْكٍ ذَكِيٍّ / وصُنعٍ بَديعٍ وخَلْقٍ عَجَبْ
غصونُ الزَّبَرْجَدِ قَدْ أَوْرَقَتْ / لَنَا فِضَّةً نَوَّرَتْ بالذَّهَبْ
إذا جُمِعَتْ فِي جِبالِ الحَرِيرِ / وقَامَتْ أَمامك مِثلَ اللُّعَبْ
فَمِنْ حَقِّها أَنْ تَرى الشَّارِبينَ / وَقَدْ نَفَّقَتْ سُوقُهُمْ بالنُّخَّبْ
وأَنْ تَسْألوا اللهَ طُولَ البَقَاءِ / لِعَبْدِ المَلِيكِ مَليكِ العَرَبْ
فلولا مَحاسِنُهُ لَمْ تَرُقْ / ولولا شمائِلُهُ لَمْ تَطِبْ
شكلانِ من راحٍ وروضةِ نَرجِسٍ
شكلانِ من راحٍ وروضةِ نَرجِسٍ / يَتَنَازَعَانِ الشِّبْهَ وَسْطَ المجلِسِ
مُتَبَاهِيَيْنِ تَلَوُّناً بِتَلَوُّنٍ / متبارِيَيْنِ تنفُّساً بتنفسِ
لكنَّ هَذِي بَيْنَ أحشاءِ الفتى / نارٌ وهَذَا جَنَّةٌ لِلأَنْفُسِ
فكأَنَّها من حَدِّ سيفِكَ تلْتظِي / وكأَنَّهُ من طِيبِ خُلْقِكَ يَكْتَسِي
يا مَنْ عَلا من رُتْبَةٍ فِي رُتْبَةٍ / حَتَّى غَدَا وَسْطَ النجومِ الخُنَّسِ
وابْنَ الذينَ هُداهُمُ ونُهاهُمُ / أدبُ الملوكِ وأُسْوَةٌ للمؤْتَسِي
غدا غَيْرَ مُسْعِدِنا ثُمَّ رَاحَا
غدا غَيْرَ مُسْعِدِنا ثُمَّ رَاحَا / يُسَاعِدُنَا طَرَباً وارْتِياحا
وخُيِّرَ فاختارَ دِينَ الغَبُوقِ / ولَجَّ فليسَ يَرى الإِصْطِباحا
فإِنْ آنَسَ الصُّبحَ نامَ وشَحَّ / وإِنْ آنَسَ الليلَ نَمَّ وفاحا
كما خَيَّرَ اللهُ عَبْدَ المَلِي / كِ فاخْتارَ فِي رَاحَتَيْهِ السَّمَاحا
وفي صَهَوَاتِ الخُيُولِ الرِّجَالَ / ومِنْ أدوَاتِ الرِّجَالِ السِّلاحا
فَعَمَّ القريبَ نَدىً والبَعيدَ / ورَوَّى السُّيوفَ دَماً والرِّماحا
أعارَهُ النَّرجْسُ من لَوْنِهِ
أعارَهُ النَّرجْسُ من لَوْنِهِ / تفضُّلاً وازدَادَ مِنْ طِيبِهِ
وناسَبَ النَّمَّامَ لما انْتَمَى / إِلَى اسْمِهِ الأَدْنى وتركِيبِهِ
وما يُجاري واحداً منهما / إِلّا كَبَا فِي ريحِ تَقْرِيبِهِ
ولوْ رَجا عبدَ المليكِ الَّذِي / تأَدَّبَ الدهرُ بتَأديبِهِ
لجاءَنا مُبْتَدِراً سابِقاً / يُزري بمَنْ قَدْ كَانَ يُزْرِي بِهِ
ضَحِكَ الزمانُ لَنَا فَهاكَ وهاتِهِ
ضَحِكَ الزمانُ لَنَا فَهاكَ وهاتِهِ / أوَ مَا رأيتَ الوردَ فِي شجراتِهِ
قد جاءَ بِالنَّارِنْجِ من أَغصانِهِ / وبخَجلَةِ المعشوقِ من وَجَنَاتِهِ
وكساهُ مولانا غلائلَ سَيْفِهِ / يوماً يُسَرْبِلُهُ دماء عُدَاتهِ
مِنْ بَعْد مَا نَفَخَ الحيا منْ رُوحِهِ / فِيهِ وعرْفُ المِسْكِ من نَفَحَاتِهِ
إِنْ كَانَ أبدعَ واصفٌ فِي وصفِهِ / فلقد تقاصَرَ عن بديع صِفاتهِ
كمديحٍ سيفِ الدولة الأعلى الَّذِي / أَعْيا فأَعْيا فِي مدى غاياتِهِ
مَلِكٌ يُنيرُ الجودَ فِي لَحَظاتهِ / واليُمْنُ والإِيمانُ فِي عَزَمَاتِهِ
وحياتِه إِنْ كَانَ أَبقى حاجةً / لِمَن ارتجاه غيرَ طُولِ حياتهِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025