المجموع : 235
عَنْ مِثْلِ فَضْلِكَ تَنْطِقُ الشُّعَراءُ
عَنْ مِثْلِ فَضْلِكَ تَنْطِقُ الشُّعَراءُ / وَبِمِثْلِ فَخْرِكَ تَفْخَرُ الأُمَرْاءُ
وَأَرَى الثَّرى والمَاءَ حَوْلَكَ حُمَّلا
وَأَرَى الثَّرى والمَاءَ حَوْلَكَ حُمَّلا / مَا لا يَقُومُ لَهُ الثَّرَى والمَاءُ
لَمْ يَبْقَ مِنْ طُرَفِ الْعِراقِ وَغَيْرِهِ / شَيْءٌ يَرُوقُ الْعَيْنَ مِنْهُ رُوَاءُ
حَتَّى كأَنَّ الشَّرْقَ أَعْمَلَ فكْرَهُ / في أَنْ حَوَتْهُ يَمِينُكَ الْبَيْضاءُ
وَأَتَتْكَ مِنْ كَسْبِ المُلوكِ زَرافَةٌ / شَتَّى الصِّفاتِ لِكَوْنِها أَنْباءُ
جَمَعَتْ مَحاسِنَ ما حَكَتْ فَتَنافَسَتْ / فِي خَلْقِها وتَنَافَتِ الأَعْضاءُ
تَحْتَثها بَيْنَ الْحَوَاني مِشْيَةٌ / بادٍ عَلَيْها الْكِبْرُ وَالْغُلَوَاءُ
وَتَمُدُّ جِيداً في الْهَواءِ يَزِينُها / فَكَأَنَّهُ تَحْتَ اللِّوَاءِ لِوَاءُ
حُطَّتْ مَآخِرُها وَأشْرَفَ صَدْرُها / حَتَّى كَأَنَّ وُقُوفَها إِقْعاءُ
وَكَأَنَّ فِهْرَ الطَّيبِ ما رَجَمَتْ بِهِ / وَجْهَ الثَّرَى لَوْ لُمَّتِ اْلأَجْزاءُ
وَتَخَيَّرَتْ دُونَ المَلابِسِ حُلَّةً / عُنِيَتْ بِصَنْعَةِ مِثْلِها صَنْعاءُ
لَوْناً كَلَونِ الدَّبْلِ إِلاَّ أَنَّهُ / حَلْيٌ وَجَزَّعَ بَعْضَهُ الَحْلاَّءُ
أَوْ كَالسَّحابِ الْمُكْفَهِرَّةِ خُيَّطَتْ / فِيها الْبُرُوقُ وَشَقُّها إيَماءُ
أَوْ مِثْلَ ما صَدِئَتْ صَفائِحُ جَوْشَ / وَجَرَى على حافاتِهِنَّ جِلاءُ
نِعْمَ التَّجافِيفُ الَّتي ادَّرَعَتْ بِهِ / مِنْ جِلْدِهَا لَوْ كانَ فِيهِ وِقاءُ
وَسَوَابِقٌ مِثْلُ البُرُوقِ لَواحِقٌ / بَلْ عِنْدَها أَنَّ الْبُرُوقَ بِطاءُ
جُرْدٌ يَقَعْنَ عَلى الصَّفا فَيُثِرْنَهُ / وَكأَنَّهُنَّ عَلى الثَّرَى أَنْداءُ
مَكْسُوَّةُ الصَّهَوَاتِ كُلَّ مْكَلَّلٍ / لا يَنْتَهيهِ بِقيمَةٍ إِحْصاء
يَلْمَعْنَ مِنْ أَكْتافِهِنَّ كَأَنْجُمٍ / زُهْرٍ تَوَلَّتْ صَقْلَها الأْنْواء
والمُذْهَباتُ مِنَ الَخْوافِقِ بَعْضُها / لَيْثٌ أَزَلُّ وَلَقْوَةٌ فَتْخَاء
عَذَبٌ كأَلْسِنَةِ الْبُرُوقِ تَلَمَّظَتْ / لَيْلاً بِهِنَّ الدِّيمَةُ الْوَطْفاء
كادَتْ يُنالُ بِها السَّماء تَطاوُلاً / قَصَبُ النُّضارِ وَلَنْ يُنالَ سَماء
وَالبُخْتُ مُوقَرَةُ الظَّهْورِ لِبَعْضِها / تَحْتَ القِبابِ تَخَمُّطٌ وَرُغَاء
مِنْ كُلِّ واحِدَةٍ تَرِفُّ بِهَوْدَجٍ / كادَتْ تُقَبِّلُ رَأْسَها الَجْوْزَاءُ
كُسِيَتْ جَلالِيبَ النَّسيجِ كَأَنَّما / نُشِرَتْ عَلَيْها رَوْضَةٌ زَهْراء
فِيهِنَّ أَمْثالُ الظِّباءِ أَوَانِسٌ / وَمِنَ الأَنِيسِ جَآذِرٌ وَظِباء
بِيضٌ يُباشِرْنَ الَحْرِيرَ بِمِثْلِهِ / وَلَهُ عَلى أَبْشارِهِنَّ جُسَاء
فِيها القِيانُ الْمُلْهِياتُ كَأَنَّما / أَلحْانُهُنَّ عَلى الْمُعِزِّ ثَنَاء
يُصْحِيكَ مِنْ سُكْرِ الْمُدَامِ سَماعُها / وَبِهِ تُصَرِّعُ لُبَّها الندَماء
لَوْ غَنَّتِ الصَّمَّانَ وَهْوَ كَلَفْظْهِ / جَبَلٌ أَصَمُّ يبَدَا لَهُ إِصْغاء
ورَوَاقصٌ هِيْفُ الُخْصُورِ كأنَّما / حَرَكاتُهُنَّ على الْغِناء غِناء
لَوْ أَنَّ مَوْطِئَهُنَّ مُقْلَةُ أَرْمَدٍ / لَمْ يَشْكُ أَنَّ نِعالَهُنَّ حفاء
وَمُدَبَّبات لَوْ لُبِسْنَ لَدَى الْوَغَى / ما كانَ فِيهَا للْحَدِيدِ مَضاء
يَتَلَهَّبُ الإِبْرِيزُ فيها حَيْثُ لا / يُخْشَى لِماءِ فِرِنْدِهَا إطْفاء
وَمِنَ الْقَواضِبِ كُلُّ أَبْيَضَ صَارِمٍ / لا يُسْتَهَالُ بِمِثْلِهِ الأَعْداء
سَبَقَ الدِّماءَ إلى النفُوسِ فَفاتَها / وَمَضَى وَلَيْسَ بِشَفِرَتَيْهِ دِماء
مِمَّا تَخَيَّرَهُ لِلُبْسِكَ تُبَّعٌ / وَأَحَقُّ مَنْ وَرِثَ الأَبَ الأْبناء
مُتَقَلِّداً منْهُنَّ كُلَّ مُجَوْهَرٍ / نَصْلاً وَغِمْداً حِلْيَتَاهُ سَوَء
وَكَأَنَّما ضَحِكَتْ ثُغورٌ أَوْ بَكَتْ / فيها عُيُونٌ دَمْعُهُنَّ رِوء
قَدْرُ الْمُدامَةِ فَوْقَ قَدْرِ الماءِ
قَدْرُ الْمُدامَةِ فَوْقَ قَدْرِ الماءِ / فَارْغَبْ بِكاسِكَ عَنْ سِوَى الأَكفاءِ
مَا لي وَمَزْجُ الرَّاحِ إِلاَّ في فَمي / بِالرِّيقِ مِنْ غَادَةٍ حَسْناءِ
ذَاكَ المِزَاجُ وَإنْ تَعَدَّاني الَّذي / في المُزْنِ مِنْ ذِي رِقَّةٍ وَصَفاءِ
أَشْتَهي وأَبْلَغُ في الْفُؤَادِ مَسرَّةً / مِنْ غَيْرِهِ وَأَدَبُّ في الأَعْضاءِ
لي الصِّرْفُ إِنْ فَرِحَ النَّديمُ وَلَمْ أَكُنْ / مُسْتَأْثِراً فِيها عَنِ النُّدَماءِ
المنايا حَتْمٌ فَطُوبَى لِنَفْسٍ
المنايا حَتْمٌ فَطُوبَى لِنَفْسٍ / سَلَّمَتْ بالرَّضَى لِحُكْمِ القَضاءِ
لَوْ بِوُدِّي قَتَلْتُ نَفْسي لأَلْقا / هُ وَلَكِنْ خَشِيتُ فَوْتَ اللِّقاءِ
أَمَرْتَني ِرُكُوبِ البَحْرِ مُجْتَهِداً
أَمَرْتَني ِرُكُوبِ البَحْرِ مُجْتَهِداً / وَقَدْ عَصِيتُكَ فاخْتَرْ غَيْرَ ذَا الدَّاءِ
ما أنتَ نوحٌ فَتُنجِيني سَفينَتُهُ / وَلا الْمَسِيحُ أَنا أَمْشي عَلى المَاءِ
تَثَبَّتْ لا يُخامِرْكَ اضْطِرابُ
تَثَبَّتْ لا يُخامِرْكَ اضْطِرابُ / فَقَدْ خَضَعَتْ لِعِزَّتكَ الرِّقابُ
وَإِنْ لَمْ تُعْجَبي بِبَياضِ شَعْرٍ
وَإِنْ لَمْ تُعْجَبي بِبَياضِ شَعْرٍ / فَلا تَسْتَغْرِبي بَلَقَ الْغُرابِ
تَعافينَ المَشِيبَ وَلَيْسَ هَذَا / وَلَكِنْ هَذِهِ شِيَةُ الشَّبابِ
أَراكَ للِشَيْبِ ذَا اكْتِئابِ
أَراكَ للِشَيْبِ ذَا اكْتِئابِ / فَأَيْنَ تَمْضي عَنِ الصَّوَابِ
إِنْ كُنْتَ تَرْعَى الوَفاءَ حَقّاً / فَالشَّيْبُ أَوْفَى مِنَ الشَّبابِ
لاحَ لي حاجِبُ الْهِلالِ عَشِيَّا
لاحَ لي حاجِبُ الْهِلالِ عَشِيَّا / فَتَمَنَّيْتُ أَنَّني مِنْ سَحابِ
قُلْتُ أَهْلاً وَلَيْسَ أَهْلاً لِما قُلْ / تُ وَلَكِنْ أَسْمَعْتُها أَصْحابي
مُظْهِراً حُبَّهُ وَعِنْديَ بُغْضٌ / لِعَدُوِّ الْكُؤُوسِ الأَكْوَابِ
وَمُهَفْهَفٍ يَحْميهِ عَنْ نَظَرِ الْوَرَى
وَمُهَفْهَفٍ يَحْميهِ عَنْ نَظَرِ الْوَرَى / غَيْرانُ سُكْنَى المُلْكِ تَحْتَ قِبابِهِ
أَوْما إِلَيَّ أَنِ ائْتِني فأَتَيْتُهُ / وَالفَجْرُ يَرْمُقُ مِنْ خِلالِ نِقابِهِ
وَضَمَمْتُهُ لِلصَّدْرِ حَتَّى اسْتَوهَبَتْ / مِنِّي ثِيابي بَعْضَ طِيْبِ ثِيابِهِ
فَلَثَمْتُ خَدّاً مِنْهُ ضَرَّمَ لَوْعتي / وَجَعَلْتُ أُطْفي حَرَّها بِرُضابِهِ
فَكَأَنَّ قَلْبي مِنْ وَراءِ ضُلوعِهِ / طَرَباً يُخَبِّرُ قَلْبَهُ عَمَّا بِهِ
رَأَيْتُ التَّعَزِّيَ مِما يَهيجُ
رَأَيْتُ التَّعَزِّيَ مِما يَهيجُ / على المَرْءِ ساكِنَ أَوْصابِهِ
وَما نالَ ذُو أُسْوَةٍ سَلْوَةً / وَلَكِنْ أَتى الْحُزْنَ مِنْ بابِهِ
تَفَكَّرَ في مِثْلِ أَرْزائِهِ / فَذَكَّرَهُ مَا بِهِ ما بِهِ
وَأَهْوى الَّذي أَهْوَى لَهُ الْبَدر ساجداً
وَأَهْوى الَّذي أَهْوَى لَهُ الْبَدر ساجداً / أَلَسْتَ تَرَى في وَجْهِهِ أَثرَ التُّرْبِ
قُلْتُ لِمَنْ ناوَلَني مُزَّةً
قُلْتُ لِمَنْ ناوَلَني مُزَّةً / ما بِيَ حُبُّ الْغِيدِ بَلْ حُبُّها
لا تَسْقِني لِلرَّاحِ مَمْزُوجَةً / وَاشْرَبْ فَما يُمْكِنُني شُرْبُها
ما رَاحَتي في الرَّاحِ إِنْ غُيِّرَتْ / دَعْها كَما جَاءَ بِها رَبُّها
وَمَجْنُونَةٍ أَبَداً لَمْ تَكُنْ
وَمَجْنُونَةٍ أَبَداً لَمْ تَكُنْ / مُذَلَّلَةَ الظَّهْرِ للرَّاكِبِ
قَدِ اتَّصَلَ الْجِيدُ مِنْ ظَهْرِها / بِمِثْلِ السَّنامِ بِلا غارِبِ
مُلَمَّعَةٍ مِثْلَما / بِحَناءِ وَشْيٍ يَدُ الكاعِبِ
كَأَنَّ الْجَوَارِيَ كَنَّفْنَها / تَخَلَّخُ مِنْ كُلِّ ما جانِبِ
خُلِقْتُ طِيناً وَماءُ الْبَحْرِ يُتْلِفُهُ
خُلِقْتُ طِيناً وَماءُ الْبَحْرِ يُتْلِفُهُ / وَالْقَلْبُ فِيهِ نُفورٌ مِنْ مَراكِبِهِ
فالْبَحْرُ خَيْرُ رَفيقٍ بِالرَّفيقِ لَهُ / وَالبَرُّ مِثْلُ اسْمِهِ بَرٌّ بِرَاكِبِهِ
يُعْطَى الْفَتَى فَيَنالُ في دَعَةٍ
يُعْطَى الْفَتَى فَيَنالُ في دَعَةٍ / مَا لَمْ يَنَلْ بالْكَدِّ والتَّعَبِ
فَاطْلُبْ لِنَفْسِكَ فَضْلِ راحَتِها / إذْ لَيْسَتِ الأَشْياءُ بالطَّلَبِ
إنْ كانَ لا رِزْقٌ بِلا سَبَبٍ / فَرَجاء رَبِّكَ أَعْظَمُ السَّببِ
وَمِنْ حَسَناتِ الدَّهْرِ عِنْدِيَ لَيْلَةٌ
وَمِنْ حَسَناتِ الدَّهْرِ عِنْدِيَ لَيْلَةٌ / مِنَ الْعُمْرِ لَمْ تَتْرُكْ لأَيَّامِها ذَنْبا
خَلَوْنا بِها نَنْفي الْقَذَى عَنْ عُيُونِنا / بِلُؤْلُؤَةٍ مَمْلُوءَةٍ ذَهَباً سَكْبا
وَمِلْنا لِتَقْبيلِ الثغُورِ وَلَثْمِها / كَمِثْلِ جُنُوحِ الطَّيْرِ تَلْتَقِطُ الَحَبَّا
إِنْ كُنْتَ تُنْكِرُ ما فيْك ابْتُلِيتُ بِهِ
إِنْ كُنْتَ تُنْكِرُ ما فيْك ابْتُلِيتُ بِهِ / فَإِنَّ بُرْءَ شَقامي عَزَّ مَطْلَبُهُ
أَشِرْ بِعُودٍ مِنَ الْكَبْريتِ نَحْوَ فَمِي / وانْظُرْ إِلى زَفَراتي كَيْف تُلْهِبُهُ
قَرَعْتُ سِنِّي على ما فاتَني نَدَماً
قَرَعْتُ سِنِّي على ما فاتَني نَدَماً / مِنَ الشَّبابِ وَمَنْ باللَّهْوِ للشِّيبِ
فَقَدْ رَدَدْتُ كُؤُوسَ الرَّاحِ مُتْرَعَةً / عَلى السُّقاةِ وَكَانَتْ جُلَّ مَشْرُوبي
أُنَزِّهُ السَّمْعَ وَالْعَيْنَيْنِ في نَغَمٍ / وَمَنْظَرٍ عَابِثٍ بِالْحُسْنِ والطِّيبِ
مِنْ كُلِّ لافِظَةٍ بالدُّرِّ باسِمَةٍ / عَنْهُ مُحَلاَّةِ نَوْعٍ مِنْهُ مَثْقوبِ
أَيَّامَ تَصْحَبُني الغِزْلانُ آنِسَةً / هذا على أَنَّني أعْدَى مِنَ الذِّيبِ
سَأَلْتُ الأَرْضَ لِمْ كانَتْ مُصَلَّى
سَأَلْتُ الأَرْضَ لِمْ كانَتْ مُصَلَّى / وَلِمْ كانَتْ طُهْراً وَطِيبا
فَقالَتْ غَيْرَ ناطِقَةٍ لأَنِّي / حَوَيْتُ لِكُلِّ إِنْسانٍ حَبيبا