المجموع : 29
للغانياتِ بِذي المَجازِ رُسومُ
للغانياتِ بِذي المَجازِ رُسومُ / فَبِبَطنِ مَكّةَ عهدُهنَّ قَديمُ
فَبمَنحر الهَدي المقَلدِ مِن مِنى / جُدَدٌ يلُحنَ كَأَنَّهُنَّ وشومُ
هِجنَ البكاءَ لِصاحِبي فزَجرتُهُ / وَالدَّمعُ مِنه في الرِّداءِ سُجومُ
قال اِنتَظِر نَستَحفِ مَغنَى دِمنَةٍ / أَنَّى اِنتَوَت لِلسائلين رَميمُ
قُلتُ اِنصَرِف إِنَّ السؤالَ لَجاجَةٌ / وَالناسُ منهم جاهِلٌ وَحَليمُ
فَأَبى بِهِ أَن يَستَمِرَّ عَن الهَوى / لِنَجاحِ أَمرٍ لُبُّهُ المَقسومُ
وَالحُبُّ ما لَم تَمضيَن لِسَبيلِهِ / داءٌ تضمَّنَهُ الضُلوعُ مُقيمُ
أَبلِغ رُمَيمَ عَلى التنائي أَنَّني / وصّالُ إِخوان الصَفاءِ صَرومُ
أَرعَى الأمانَة للأمينِ بِحَقِّها / فَيبينُ عَفّاً سِرُّهُ مَكتومُ
وَأَشَدُّ لِلمَولى المُدَفَّعِ رُكنُهُ / شَفَقاً مِن التَعجيزِ وَهوَ مُليمُ
يَنأى بِجانِبه إِذا لَم يفتَقِر / وَعَليَّ لِلخَصمِ الأَلدِّ هَضيمُ
إِنَّ الأَذِلَّةَ وَاللئامَ مَعاشِرٌ / مَولاهُم المُتَهَضّمُ المَظلومُ
وَإِذا أَهنتَ أَخاكَ أَو أَفردتَهُ / عَمداً فَأَنتَ الواهِنُ المَذمومُ
لا تَتَّبِع سُبُلَ السفاهَةِ وَالخَنا / إِنَّ السفيهَ معنَّفٌ مَشتومُ
وَأَقِم لِمَن صافيتَ وَجهاً واحِداً / وَخَليقَةً إِنَّ الكَريمَ قَؤومُ
لا تَنهَ عَن خُلُقٍ وَتأتيَ مِثلَهُ / عارٌ عَلَيكَ إِذا فعلتَ عَظيمُ
وَإِذا رَأَيتَ المَرءَ يَقفو نَفسَهُ / وَالمُحصَناتِ فَما لِذاكَ حَريمُ
وَمُعيِّري بِالفَقرِ قُلتُ لَهُ اِقتَصِد / إِنّي أَمامَك في الزَمانِ قَديمُ
قَد يُكثِرُ النكس المُقَصِّرِ هَمّهُ / وَيَقِلُّ مالُ المَرء وَهوَ كَريمُ
تَراكُ أَمكنةٍ إِذا لَم أَرضَها / حَمّالُ أَضغانٍ بِهِنَّ غَشومُ
بَل رُبَّ مُعتَرِضٍ رَدَدتُ جِماحَهُ / في رأسِهِ فأقَرَّ وَهوَ لَئيمُ
أَغضى عَلى حَدِّ القَذى إِذ جِئتهُ / وَبأنفِهِ مِمّا أَقولُ وسومُ
أَنضَجتُ كَيَّتُهُ فَظَلَّ منكِّساً / وسطَ النَديِّ كَأَنَّه مأمومُ
متَقَنِّعاً خَزيانَ أَعلى صَوتِه / بَعدَ اللجاجَةِ في الصُراخِ نَئيمُ
أَقصِر فَإِنّي لا يَرومُ عضادتي / يابنَ الجَموحِ مُوَقَّعٌ مَلطومُ
وَإِذا شَرِبتَ الخَمرَ فاِبغِ تَعِلَّةً / غَيري يَئينُ بِها إِلَيكَ نَديمُ
أَنَّى تُحارِبُني وَعودُكَ خِروَعٌ / قَصفٌ وَأَنتَ مِن العَفافِ عَديمُ
ما كانَ ظَهري لِلسّياطِ مظِنَّةً / زَمَناً كأَنّي لِلحُدودِ غَريمُ
قَد كُنتُ قُلتُ وَأَنتَ غَيرُ موفقٍ / ماذا زُوَيملَةُ الضَّلالِ يَرومُ
أَنتَ امرؤٌ ضَيَّعتَ عِرضَكَ جاهِلٌ / وَرَضِيتَ جَهلاً أَن يُقالَ أَثيمُ
إِنّي أَبى ليَ أَن أُقَصِّرَ والِدٌ / شَهمٌ عَلى الأَمرِ القَوي عَزومُ
وَقَصائِدي فَخرٌ وَعِزي قاهِرٌ / مُتَمَنِّعٌ يَعلو الجِبالَ جَسيمُ
وَأَنا امرؤٌ أَصِلُ الخَليلَ وَدونَهُ / شُمُّ الذُّرى وَمَفازَةٌ ديمومُ
وَلَئِن سَئِمتُ وصالَه مادامَ بي / مُتَمَسِّكاً إِنّي إِذَن لَسَؤومُ
لا بَل أُحَيّي بِالكَرامَةِ أَهلَها / وَأذمُّ مَن هوَ في الصَديقِ وَخيمُ
وَبِذاكَ أَوصاني أَبي وَأَنا امرؤٌ / فَرعٌ خزيمةُ معقِلي وَصَميمُ
لا أرفِدُ النُّصحَ امرءاً يَغتَشُّني / حَتّى أَموتَ وَلا أَقولُ حَميمُ
لِمبعِّدٍ قُربي يَمُتُّ بِدونِها / إِنَّ امرءاً حُرِمَ الهُدى مَحرومُ
تَلقى الدَّني يَذُمُّ مَن يَنوي العُلى / جَهلاً ومتنُ قَناتِه مَوصومُ
فِعل المُنافِق ظَلَّ يأبِنُ ذا النُّهى / في دينِهِ وَنِفاقُهُ مَعلومُ
هَذا وَإِمّا أُمسِ رَهنَ مَنيَّةٍ / فَلَقَد لَهَوتُ لَو اَنَّ ذاكَ يَدومُ
بِكَواعِبٍ كالدُرِّ أَخلصَ لَونَها / صَونٌ غُذينَ بِهِ مَعاً وَنَعيمُ
في غَيرِ غِشيانٍ لأمرٍ مَحرَمٍ / وَمَعي أَخٌ لي لِلخَليلِ هَضومُ
وَلَقَد قَطَعتُ الخَرقَ تَحتي جَسرَةٌ / خَطّارَةٌ غِبَّ السُّرى عُلكومُ
مَوّارَةُ الضبعَينِ يَرفَعُ رَحلَها / كَتِدٌ أَشَمُّ وَتامِكٌ مَدمومُ
تَقِصُ الإِكام إِذا عدَت بِملاطِسٍ / سُمرِ المَناسِمِ كلّهنَّ رَثيمُ
مَدفوقَةٌ قُدُماً تَبوَّعُ في السُّرى / أجدٌ مُداخَلَةُ الفَقارِ عَقيمُ
زَيّافَةٌ بمقَذِّها وبليتِها / مِن نَضحِ ذِفراها الكُحَيلُ عصيمُ
وَجناءُ مُجفِرَةٌ كَأَنَّ لُغامَها / قُطنٌ بِأَعلى خَطمِها مَركومُ
أَرمي بِها عُرضَ الفَلاةِ إِذا دَجا / لَيلٌ كَلَونِ الطَّيلسانِ دَهيمُ
تهدي نجايبَ ضُمَّراً وَكَأَنَّما / ضَمِنَ الوَليَّةَ وَالقتودَ ظَليمُ
مُتَواتِراتٍ تَعتلينَ ذواقِنا / فَكأَنَّهُنَّ مِن الكَلالَةِ هِيمُ
وَلَها إِذا الحِرباءُ ظَلَّ كَأَنَّهُ / خَصمٌ يُنازِعُهُ القُضاة خصيمُ
عَنسٌ كَأَنَّ عِظامَها مَوصولَةٌ / بِعِظامِ أُخرى في الزِّمامِ سَعومُ
وَلَقَد شَهِدتُ الخَيلَ يَحمِلُ شِكَّتي / طِرفٌ أَجَشُّ إِذا وَنينَ هَزيمُ
رَبِذُ القَوائِمِ حينَ يَندى عِطفُه / وَيَمورُ مِن بعدِ الحَميمِ حَميمُ
يَنفي الجِيادَ إِذا اِصطَكَكنَ بِمأزِم / قَلِقُ الرِّحالَةِ وَالحِزامِ عَذومُ
وَإِذا عَلت مِن بَعدِ وَهدٍ مَرقَباً / عَرضت لَها دَيمومَةٌ وَحُزومُ
يَهدي أَوائِلَها المُوَقَّفُ غُدوَةً / وَيَلوحُ فَوقَ جَبينِه التسويمُ
طالَت قَوائِمُه وَتَمَّ تَليلُه / وَاِبتَزَّ سائِرَ خَلقِه الحَيزومُ
مُسحَنفِرٌ تُذري سَنابِكُه الحَصى / فَكأنَّ تَذراهُ نَوىً مَعجومُ
ذو رَونَقٍ يَذري الحِجارَةَ وَقعُهُ / وَبِهِنَّ للمتوسِّمينَ كُلومُ
فَكأَنَّهُ مِن ظَهرِ غَيبٍ إِذ بَدا / يَمتَلُّ هَيقٌ في السرابِ يَعومُ
هَزِجُ القِيادِ أمرَّ شَزراً هَيكَلٌ / نَزِقٌ عَلى فأسِ اللِّجامِ أزومُ
يَهوي هَويَّ الدلوِ أسلمها العُرى / فَتَصَوَّبت وَرِشاؤُها مَجذومُ
مُتَتابِعٌ كَفِتٌ كَأَنَّ صَهيلَهُ / جَرسٌ تَضَمَّنَ صَوتَهُ الحُلقومُ
صُلبُ النسورِ لَهُ مَعَدٌّ مُجفِرٌ / سَبِطُ الضلوعِ وَكاهِلٌ ملمومُ
مُتَقاذِفٌ في الشَّدِّ حينَ تَهيجُه / كَتقاذُفِ الحِسي الخَسيف طَميمُ
مِن آلِ أَعوَجَ لا ضَعيفٌ مُقصَفٌ / سَغِلٌ وَلا نَكِدُ النباتِ ذَميمُ
سَلِطُ السنابِكِ لا يُوَرِّعُ غَربَهُ / فَأسٌ أُعِدَّ لَهُ مَعاً وَشَكيمُ
شَنِجُ النسا ضافي السَّبيبِ مُقَلِّصٌ / بِكَظامَةِ الثَّغرِ المَخوفِ صَرومُ
يَرمي بِعَينَيهِ الفِجاجَ وَرَبُّهُ / لِلخَوفِ يقعدُ تارَةً وَيَقومُ
كالصَّقرِ أَصبحَ باليَفاعِ وَلَفَّهُ / يَومٌ أَجادَ مِن الرَبيعِ مُغيمُ
قِفي قَبلَ التفَرُّقِ يا أُماما
قِفي قَبلَ التفَرُّقِ يا أُماما / ورُدِّي قَبلَ بَينكم السَّلاما
طَرِبتُ وشاقني يا أُمَّ بَكرٍ / دُعاءُ حَمامَةٍ تَدعو حَماما
فَبِتُّ وَباتَ هَمّي لي نَجيّاً / أُعزّي عَنكِ قَلباً مُستَهاما
إِذا ذُكِرت لِقَلبكِ أُمُّ بَكرٍ / يَبيتُ كَأَنَّما اِغتَبَقَ المُداما
خَدَلَّجةٌ تَرِفُّ غروبُ فيها / وَتَكسو المتنَ ذا خُصَلٍ سُخاما
أَبى قَلبي فَما يَهوى سِواها / وَإِن كانَت مودَّتُها غَراما
يَنامُ اللَّيلَ كُلُّ خَلِيِّ هَمٍّ / وَتأَبى العَينُ مِنّي أَن تَناما
أُراعِي التالِياتِ مِن الثرَيّا / وَدَمعُ العَينِ مُنحَدِرٌ سِجاما
عَلى حين اِرعويتُ وَكانَ رأسي / كَأَنَّ عَلى مفارِقِه ثَغاما
سَعى الواشونَ حَتّى أَزعَجوها / وَرَثَّ الحَبلُ فاِنجذمَ اِنجِذاما
فَلَستُ بِزائِلٍ مادُمتُ حَيّا / مُسرّاً من تذكرِها هُياما
تُرَجِّيها وَقَد شَطَّت نَواها / وَمَنَّتكَ المُنى عاماً فَعاما
خَدَلَّجةٌ لَها كَفَلٌ وَبوصٌ / يَنوءُ بِها إِذا قامَت قِياما
مُخَصَّرَةٌ ترى في الكَشحِ مِنها / عَلى تَثقيلِ أَسفَلِها اِنهِضاما
لَها بَشَرٌ نَقيُّ اللَّونِ صافٍ / وَأَخلاقٌ تَشينُ بِها اللِّئاما
وَنَحرٌ زانَهُ دُرٌّ حَليٌّ / وَياقوتٌ يُضَمِّنُهُ النِّظاما
إِذا اِبتَسَمت تَلألأَ ضَوءُ بَرقٍ / تَهَلَّلَ في الدجُنَّةِ ثُمَّ داما
وَإِن مالَ الضَّجيعُ فَدِعصُ رَملٍ / تَداعى كَأَنَّ مُلتَبِداً هَياما
وَإِن قامَت تأمَّلَ مَن رآها / غَمامَةَ صَيفٍ وَلجَت غَماما
وَإِن جَلست فَدُميَةُ بَيتِ عيدٍ / تُصانُ فَلا تُرى إِلا لِماما
إِذا تَمشي تَقولُ دَبيبَ سَيلٍ / تَعرَّجَ ساعَةً ثُمَّ اِستَقاما
فَلَو أَشكو الَّذي أَشكو إِلَيها / إِلى حَجَرٍ لراجَعني الكَلاما
أُحِبُّ دنُوَّها وَتحِبُّ نَأيي / وَتَعتامُ الثناءَ لَها اعتِياما
كَأَنّي مِن تَذكُّرِ أُمِّ بَكرٍ / جَريحُ أَسِنَّةٍ يَشكو كِلاما
تَساقَطُ أَنفُساً نَفسي عَلَيها / إِذا سَخِطت وَتغتَمُّ اِغتِماما
غَشيتُ لَها مَنازِلُ مُقفِراتٍ / عَفَت إِلا أَياصِرَ أَو ثُماما
وَنؤياً قَد تَهَدَّمَ جانِباهُ / وَمَبناها بِذي سَلَمِ الخِياما
كَأَنَّ البختَريَةَ أم خِشفٍ / تَرَبَّعَتِ الجُنَينَةَ فالسلاما
تَطوفُ بِواضِحِ الذِّفرى إِذا ما / تَخَلَّفَ ساعَةً بغمت بُغاما
صِليني واِعلمي أَنّي كَريمٌ / وَأَنَّ حَلاوَتي خُلِطَت عُراما
وَأَنّي ذو مدافعةٍ صَليبٌ / خُلِقتُ لِمَن يضارِسُني لِجاما
فَلا وَأَبيك لا أَنساكِ حَتّى / تُجاوِرَ هامَتي في القَبرِ هاما
لَقَد عَلِمت بَنو الشَّدّاخِ أَنّي / إِذا زاحَمتُ اِضطَلِعُ الزِّحاما
فَلَستُ بِشاعرِ السَّفسافِ مِنهم / وَلا الجاني إِذا أشِرَ الظَلاما
وَلَكِنِّي إِذا حارَبتُ قَوماً / عَبأتُ لَهُم مذكرةً عُقاما
أَقِي عِرضي إِذا لَم أَخشَ ظُلماً / طَغامَ الناسِ إِنَّ لهَمُ طَغاما
إِذا ما البَيتُ لَم تُشدَد بِشيءٍ / قَواعِدُ فرعه اِنهَدَمَ اِنهِداما
سأُهدي لابنِ ربعيٍّ ثَنائي / وَمِمّا أَن أَخصَّ بِهِ الكِراما
لعِكرِمةُ بنُ رَبعيّ إِذا ما / تَساقا القَومُ بالأَسَلِ السِّماما
أَشَدُّ حَفيظَةً مِن لَيثِ غابٍ / تَخالُ زَئيرَهُ اللجبَ اللُّهاما
أَخو ثِقَةٍ يُرى بَيني المَعالي / يَضيمُ وَيَحتَمي مِن أَن يُضاما
يَرى قَولاً نَعَم حَقّاً عَلَيهِ / وَقَولاً لا لِسائِلِهِ حَراما
فَتى لا يَرزأُ الخُلانَ إِلا / ثَناءَهُم يرى بِالبُخلِ ذاما
كَأَنَّ قدورَهُ مِن رأسِ ميلٍ / عَلى عَلياءَ مشرفَةٍ نَعاما
تَظَلُّ الشارِفُ الكَوماءُ فيها / مُطبَّقَةً مَفاصِلُها عِظاما
يُحَسُّ وَقودُها بِعِظامِ أُخرى / فَلا ينفكُّ يَحتَدِمُ اِحتِداما
كَأَنَّ الطائِفينَ بِها صَوادٍ / رأت رِيّا وَقَد وردت هُياما
لَو اَنَّ الحَوشبينِ لَهُ لَكانا / لمن يَغشى سُرادِقَهُ طَعاما
لَقَد جارَيتُما يا ابنَي رُوَيمٍ / هَزيمَ الغَربِ يَنثَلِمُ اِنثِلاما
يُقَصِّرُ سَعيُ أَقوامٍ كِرامٍ / وَيأبى مَجدُه إِلا تَماما
لَهُ بَحرٌ تَغَمَّدَ كُلَّ بَحرٍ / فَما عدلَ الدَّوارِجَ وَالسناما
يَرى لِلضَيفِ وَالجيرانِ حَقّاً / وَيَرعى في صَحابَتِهِ الذِّماما
إِذا بَرَدَ الزمانُ أَهانَ فيهِ / عَلى المَيسورِ وَالعُسرِ السَّواما
يُسابِقُ بالتلادِ إِلى المَعالي / حِمامَ النَّفسِ إِنَّ لَها حِماما
أَغَرُّ تَكَشَّف الظلماء عَنهُ / يَعِزُّ مِن المَلامَةِ أَن يُلاما
نَما ونمت بهم أَعراقُ صِدقٍ / وَحيٌّ كانَ أَوَّلُهم زِماما
كَأَنَّ الجارَ حينَ يَحلُّ فيهم / عَلى الشُمِّ البَواذِخ مِن شَماما
يُقيمونَ الضرابَ لِمَن أَتاهُم / وَنارُ الحَربِ تَضطَرِمُ اِضطِراما
هُوَ المُعطي الكِرامَ وَكُلَّ عَنسٍ / صَموتٍ في السُّرى تَقِصُ الأَكاما
وَخِنذيذٍ كَمَرِّيخِ المُغالي / إِذا ما خَفَّ يَعتَزِمُ اِعتِزاما
طَويلِ الشخص ذي خُصَلٍ نَجيبٍ / أَجَشّ تَقُطُّ زفرتُه الحِزاما
فَلَم أرَ سوقةً يُربي عَلَيهِ / بِنائِلِهِ وَلا مَلِكاً هُماما
أَجَدَّ اليَوم جيرَتُكَ اِحتِمالا
أَجَدَّ اليَوم جيرَتُكَ اِحتِمالا / وَحَثَّ حُداتهم بِهِم الجِمالا
فَلَم يَأووا لِمن تَبَلوا وَلَكِن / تَوَلَّت عيرُهم بِهِم عِجالا
وَقطَّعتِ النَّوى أَقرانَ حَيٍّ / تَحَمَّلَ عَن مَساكِنه فَزالا
عَلَوا بالرَّقمِ وَالدِّيباجِ بُزلاً / تَخَيَّلُ في أَزِمَّتِها اِختِيالا
وَفي الأَظعانِ آنسةٌ لَعوبٌ / تَرى قَتلي بِغَيرِ دَمٍ حَلالا
حَباها اللَّهُ وَهيَ لِذاكَ أَهلٌ / مَع الحَسَبِ العَفافةَ وَالجَمالا
أُمَيَّةُ يَومَ دارِ القَسرِ ضَنَّت / عَلَينا أَن تُتَوِّلنا نَوالا
دَنَت حَتّى إِذا ما قُلتُ جادَت / أَجَدَّت بَعدُ بُخلاً واِعتِلالا
لَعَمرُكَ ما أُمَيَّةُ غَيرُ خِشفٍ / دَنا ظِلُّ الكِناسِ لَهُ فَقالا
إِذا وَعدتكَ مَعروفاً لَوَتهُ / وَعَجَّلَتِ التَّجَرُّمَ وَالمِطالا
تُذَكِّرُني ثَناياها مِراراً / أَقاحي الرَّملِ باشرتِ الطِّلالا
لَها بَشَرٌ نَقيُّ اللَّونِ صافٍ / ومتنٌ خُطَّ فاِعتَدَلَ اِعتِدالا
إِذا تَمشي تأوَّدُ جانِباها / وَكادَ الخصرُ يَنخَزِلُ اِنخِزالا
فَإِن تُصبِح أُمَيَّةُ قَد تَوَلَّت / وَعادَ الوَصلُ صُرماً وَاِعتِلالا
تنوءُ بِها رَوادِفُها إِذا ما / وِشاحاها عَلى المَتنين جالا
فَقَد تَدنو النَوى بَعدَ اِغتِرابٍ / بِها وَتُفَرِّقُ الحَيَّ الحلالا
تُعَبِّسُ لي أُمَيَّةُ بَعدَ أُنسٍ / فَما أَدري أَسُخطاً أَم دَلالا
أَبيني لي فَرُبَّ أَخٍ مُصافٍ / رُزِئتُ وَما أُحِبُّ بِهِ بدالا
أَصُرمٌ مِنكِ هَذا أَم دَلالٌ / فَقَد عَنّى الدلالُ إِذن وَطالا
أَمِ اِستَبدلتِ بي وَمَللتِ وَصلي / فبُوحي لي بِهِ وَذَري الخِتالا
فَلا وَأَبيكِ ما أَهوى خَليلاً / أُقاتِلُه عَلى وَصلي قِتالا
فَكَم مِن كاشِحٍ يا أُمَّ بَكرٍ / مِن البَغضاءِ يأتَكِلُ اِئتِكالا
لَبِستُ عَلى قَنادِعَ مِن أَذاهُ / وَلولا اللَّهُ كُنتُ له نَكالا
يَقولُ فَتىً وَلَو وَزَنوهُ يَوماً / بِحَبَّةِ خَردَلٍ رَجَحَت وَشالا
أَنا الصقرُ الَّذي حُدِّثتَ عَنهُ / عِتاقُ الطَّيرِ تَندَخِلُ اِندِخالا
قَهرتُ الشعرَ قَد عَلِمَت مَعَدٌّ / فَلا سَقَطاً أَقولُ وَلا اِنتِحالا
وَمَن يَدنو وَلَو شَطَّت نَواكُم / لَكم في كُلِّ مُعظَمةٍ خَيالا
تَزورُ وَدونَها يَهماءُ قَفرٌ / تَشَكَّى الناعِجاتُ بِها الكَلالا
تَظَلُّ الخِمسُ ما يُطعَمنَ فيهِ / وَلَو مَوَّتنَ مِن ظَمإٍ بِلالا
سِوى نُطَفٍ بِعَرمَضِهِنَّ لَونٌ / كَلَونِ الغِسلِ أَخضَرَ قَد أَحالا
بِها نَدرأ قوادمَ مِن حَمامٍ / مُلقّاةٍ تُشَبِّهُها النِّصالا
إِذا ما الشَّوقُ ذَكَّرَني الغَواني / وأسوقها المُمَلأَةَ الخِدالا
وَأَعناقاً عَلَيها الدرُّ بيضاً / وأعجازاً لَها رُدُحاً ثِقالا
ظَلَلتُ بذكرِهِنَّ كَأَنَّ دَمعي / شَعيباً شَنَّة سرباً فَسالا
رَأَيتُ الغانِياتِ صَدَفنَ لَمّا / رَأَينَ الشَّيبَ قَد شَمِلَ القَذالا
سَقى أَرواحَهُنَّ عَلى التنائي / مُلِحُّ الوَدقِ يَنجَفِلُ اِنجِفالا
إِذا أَلقى مَراسِيهُ بِأَرضٍ / رأَيتَ لسيرِ رَيِّقِه جفالا
يُزيلُ إِذا أَهَرَّ بِبَطنِ وادٍ / أُصولَ الأثلِ وَالسُّمُرَ الطِّوالا
عَلى أَنَّ الغَوانيَ مُولَعاتٌ / بأن يَقتُلنَ بالحَدَقِ الرِّجالا
إِذا ما رُحنَ يَمشينَ الهُوَينا / وَأَزمَعنَ المَلاذَةَ وَالمِطالا
تَرَكنَ قُلوبَ أَقوامٍ مِراضاً / كَأَنَّ الشوقَ أَورثَهُم سُلالا
قَصدنَ العاشِقينَ بنَبلِ جِنٍّ / قَواصِدَ يَقتَتِلنَهُمُ اِقتِتالا
كَواذِبُ إِن أُخِذنَ بِوَصلِ وُدٍّ / أَثَبنَكَ بَعدَ مُرِّ الصَّرمِ خالا
فَلَستُ بِراجعٍ فيهِنَّ قَولاً / إِذا أَزمَعنَ لِلصرمِ اِنتِقالا
تَشَعَّبَ وُدُّهُنَّ بَناتِ قَلبي / وَشَوقُ القَلبِ يورِثُه خَبالا
نواعِمُ ساجِياتُ الطرفِ عينٌ / كَعينِ الإِرخِ تَتَّبِعُ الرِّمالا
أَوانِسُ لَم تلوِّحهُنَّ شَمسٌ / وَلَم يَشدُدنَ في سَفَرٍ رِحالا
نَواعِمُ يَتَّخِذنَ لِكُلِّ مُمسَى / مُروطَ الخَزِّ وَالنَّقَبَ النعالا
يَصُنَّ مَحاسِناً وَيُرينَ أُخرى / إِذا ذو الحِلمِ أبصَرهُنَّ مالا
رأَينا حَوشَباً يَسمو وَبَيني / مَكارِمَ لِلعَشيرَةِ لن تُنالا
رَبيعاً في السنين لمعتَفيه / إِذا هَبَّت بصُرّادٍ شَمالا
حَمولاً لِلعَظائِمِ أَريحيّاً / إِذا الأَعباءُ أَثقلتِ الرِّجالا
وَجَدتُ الغُرَّ مِن أَبناءِ بَكرٍ / إِلى الذهلَينِ تَرجِعُ وَالفِضالا
بَنو شَيبانَ خَيرُ بُيوتِ بَكرٍ / إِذا عُدّوا وأمتَنُها حِبالا
رِجالاً أُعطيَت أَحلامَ عادٍ / إِذ اِنطَلَقوا وأيديها الطِّوالا
وَتَيمُ اللَّهِ حَيٌّ حَيُّ صِدقٍ / وَلَكِنَّ الرَّحى تَعلو الثِّفالا
أَعِكرِمَ كُنتَ كالمبتاعِ بَيعاً / أَتى بيعَ الندامَةِ فاِستَقالا
أَقِلني يا ابنَ رَبعيّ ثنائي / وهَبها مِدحَةً ذهبت ضَلالا
تفاوتني عَمايَ بِها وَكانَت / كَنظرةِ مَن تَفَرَّس ثُمَّ مالا
حَبَوتُكَ بِالثَّناءِ فَلَم تَثُبني / وَلَم أَترُك لِمُمتَدِحٍ مَقالا
فَلَستُ بِواصلٍ أَبَداً خَليلا / إِذا لَم تُغنِ خُلَّتُه قِبالا
صَرَمتكَ رَيطَةُ بَعدَ طولِ وِصالِ
صَرَمتكَ رَيطَةُ بَعدَ طولِ وِصالِ / وَنأتكَ بعدَ تَقَتُّلٍ وَدَلالِ
عَلِقَ الفُؤادُ بِذكرِ رَيطَةَ إِنَّهُ / شُغُلٌ أُتيحَ لَنا مِن الأَشغالِ
أسَديَّةٌ قذفَت بِها عَنكَ النَّوى / إِنَّ النَّوى ضَرّارةٌ لِرجالِ
بَل حالَ دونَ وِصالِها بَعضُ الهَوى / وَتَبدَّلَت بدَلاً مِن الأَبدالِ
إِنَّ الغَواني لا يَدُمنَ وَإِنَّما / موعودُهُنَّ وَهُنَّ فيءُ ظِلالِ
حاشى حَبيبَةَ إِنَّما هيَ جَنَّةٌ / لَو أَنَّها جادَت لَنا بِنوالِ
خَلطَت مَلاحَتَها بِحُسنِ تَقتُّل / وَفخامَةٍ لِلمُجتَلي وَجَلالِ
صَفراءُ رادِعَةٌ تُصافي ذا الحِجى / وَتَعافُ كُلَّ مُمَزَّحٍ بَطّالِ
زعمَ المُحَدِّثُ أَنَّها هيَ صَعدَةٌ / عَجزاءُ خَدلَةُ موضعِ الخَلخالِ
خَودٌ إِذا اِغتَسلَت رأَيتَ وِشاحَها / فَوقَ البَريمِ يَجولُ كُلَّ مَجالِ
لا تَبتَغي مِقَةً إِذا اِستَنطَقتَها / إِلا بِصِدقِ مَقالَةٍ وَفَعالِ
ليست بآفِكَةٍ يَظَلُّ عَشيرُها / مِنها وَجارُ الحَيِّ في بَلبالِ
أَبلِغ حَبيبَةَ أَنَّني مُهدٍ لَها / وُدّي وَإِن صَرَمَت جَديدَ حِبالي
إِنّي امرؤٌ لَيسَ الخَنا مِن شِيمَتي / وَإِذا نَطقتُ نَطقتُ غَيرَ عيالِ
نَزلت حَبيبَةُ مِن فُؤادي شُعبَةً / كانَت حِمىً وَحشاً مِن النُّزَّالِ
وَوَفَت حَبيبَةُ بالَّذي اِستَودَعتُها / وَركائِبي مشدودَةٌ برحالي
لا تَطنُزي بي يا حَبيبُ فَإِنَّني / عَجِلٌ لِمَن يَهوى الفِراقَ زَوالي
كَم مِن خَليلٍ قَد رَفَضتُ فَلَم يَجِد / بَعدي لموضِع سِرِّهِ أَمثالي
أَبدى القَطيعَةَ ثُمَّ راجَع حِلمَهُ / بَعدَ استِماعِ مقالَةِ الجُهّالِ
إِنّي امرؤٌ أَصِلُ الخَليلَ وَإِن نأى / وَأَذُبُّ عَنهُ بِحيلَةِ المُحتالِ
مَن يُبلِني بالوُدِّ يَوماً أجزِهِ / بِالقَرضِ مِثلَ مثالِه بِمِثالي
فَصِلي حَبيبَتَنا وَإِلا فاِصرمي / أَعرِف وَتَقصُرُ خُطوَتي وَسُؤالي
واعصي الوُشاةَ فَقَد عَصَيتُ أَقارِبي / وَوَصَلتُ حَبلَكِ واِرعوى عُذّالي
مَن تُكرمي أُكرِم ومن يَكُ كاشِحاً / يَعلَم وَراءَكِ بالمَغيبِ نِضالي
بَل كَيفَ أَهجُركم وَلَم تَرَ مِثلَكُم / عَينَيَّ في حَرَمٍ وَلا إِحلالِ
أَنتِ المُنى وَحَديثُ نَفسي خالياً / أَهلي فِداؤُكِ يا حَبيبُ وَمالي
هَل أَنتِ إِلّا ظَبيَةٌ بخَميلةٍ / أَدماءُ تَثني جيدَها لِغَزالِ
تُسبي الرِّجالَ بِذي غُروبٍ بارِدٍ / عَذبٍ إِذا شرعَ الضَّجيعُ زُلالِ
كالأُقحُوانِ يَرِفُّ عَن غِبِّ النَّدى / في السَّهلِ بَينَ دَكادِكٍ وَرِمالِ
وَإِذا خَلوتَ بِها خلوتَ بِحُرَّةٍ / رَيّا العِظامِ دَميثَةٍ مِكسالِ
نِعمَ الضَجيعُ إِذا النُّجومُ تغوَّرَت / في كُلِّ لَيلَةِ قرَّةٍ وَشمالِ
تُصبي الحَليمَ بعينِ أَحوَر شادِنٍ / تَقرو دوافِعَ رَوضَةٍ مِحلالِ
وَبواضِحِ الذِّفرى أَسيلٍ خَدُّهُ / صَلتِ الجَبينِ وفاحمٍ مَيّالِ
وَبِمعصَمٍ عَبلٍ وَكفّ طَفلَةٍ / وَروادفٍ تَحتَ النِّطاقِ ثِقالِ
أَسَدِيَّةٌ يَسمو بِها آباؤُها / في كُلِّ يَومِ تَفاخُرٍ وَنِضالِ
بَينَ القصيرَةِ وَالطويلَةِ بَرزَةٌ / لَيسَت بِفاحشَةٍ وَلا مِتفالِ
كالشمسِ أَو هِي أَسوى إِذ بَدَت / في الصَّحوِ غِبّ دُجُنَّةٍ وَحِلالِ
إِن تُعرِضِي عَنّا حَبيبُ وَتَبتَغي / بَدلاً فَلَستُ لَكُم حَبيبُ بقالي
هَل كانَ ودُّكِ غَيرَ آلٍ لامِعٍ / يَغشى الصُّوى وَيَزولُ كُلَّ مَزالِ
قَد كانَ في حِجَجٍ مضينَ لِعاشِقٍ / طَلَبٌ لِغانيَةٍ وَطولُ مِطالِ
أَسَئِمتِ وَصلي أَم نَسيتِ مَودَّتي / إِيّاكِ في حِجَجٍ مضينَ خَوالِ
إِلا يَكُن وُدّي يُغيِّرهُ البِلى / وَالنأيُ عَنكِ فَإِنَّ وُدَّكِ بالي
مَنَّيتِني أُمنيَّةً فَتَرَكتُها / وَرَكبتِ حالاً فاِنصرفتُ لِحالي
يا صاحِبَيَّ قِفا عَلى الأَطلالِ / أَسَلِ الديارَ وَلا تَرُدُّ سُؤالي
عَن أَهلِها إِنّي أَراها بُدِّلَت / بقَرَ الصَّريمَةِ بَعدَ حَيّ حلالِ
قَد كُنتُ أَحسِبُ أَنَّني فيما مَضى / مَن يَسلُ أَو يَصبِر فَلَستُ بِسالي
تَمشي الرئالُ بِها خَلاء حولَها / وَلَقَد أراها غَيرَ ذاتِ رِئالِ
فَسَقى مساكِنَ أَهلِها حَيثُ اِنتوَت / صَوبُ الغَمامِ بواكِفٍ هَطّالِ
رَدَّ الخَليطُ جِمالَهم فَتَحَمَّلوا / لِلبَينِ بَعدَ الفَجرِ والآصالِ
وَحَدا ظعائِنَهم أَجَشُّ مشَمِّرٌ / ذو نيقَةٍ في السيرِ وَالتَّنزالِ
رَفَعوا الخُدورَ عَلى نَجايبَ جِلَّةٍ / مِن كُلِّ أَغلبَ بازِلٍ ذَيّالِ
مُتَدافِعٍ بالحملِ غَيرَ مواكِلٍ / شَهمٍ إِذا اِستَعجلته شِملالِ
يَرمي بِعَينيهِ الغُيوبَ مُفَتَّلٍ / رَحبِ الفُروجِ عُذافِرٍ مِرقالِ
طَرَقَت حَبيبَةُ وَهيَ فيهم موهنِاً / إِنَّ المُحِبَّ مُخالِطُ الأَهوالِ
فاِشتَقتُ وَالرجلُ المُحِبُّ مُشَوَّقٌ / وَجَرى دُموعُ العَينِ في السِّربالِ
لَم تَسرِ لَيلَتها حَبيبَةُ إِذ سَرَت / إِلا لتَشغَفَنا بطَيفِ خَيالِ
أَنّى اِهتَديتِ لفتيَةٍ غِبَّ السُّرى / قَد خَفَّ حِلمُهُم مَعَ الإِرمالِ
متوسِّدي أَيدي نَواعِجَ ضُمَّرٍ / مُتَضَمِّناتِ سآمةٍ وَكَلالِ
وَضعوا رِحالَهُم بخَرقٍ مجهَلٍ / قَمنٍ مطالِعُهُ مِن الإِيغالِ
تَرمي خيامَهُم شَمالٌ زَعزَعٌ / وَتَطيرُ بَينَ سَوافِلٍ وَعَوالِ
مِن كُلِّ ممهولِ اللبانِ مقَلِّصٍ / ذي رونَقٍ يَعلو القيادَ طِوالِ
يَرقى وَيَطعَنُ في العِنانِ إِذا اِنتَهى / منه الحَميمُ وَهَمَّ بالإِسهالِ
لأياً بلأيٍ ما ينالُ غُلامُنا / مِنهُ مَكانَ مُعَذَّرٍ وَقَذالِ
في ضُمَّرٍ لَم يُبقِ طولُ قيادِنا / مِنهنّ غَيرَ جَناجِنٍ ومحالِ
يَردينَ في غَلَسِ الظَلامِ عَوابِساً / صُعرَ الخُدودِ تَكَدُّسَ الأَوعالِ
وَيُرينَ مِن خَلَلِ الغُبارِ إِذا دَعا / داعي الصَباحِ كَأَنَّهُنَّ مَغالي
وَالمَشرَفيَّةُ كُلُّ أَبيَضَ باتِرٍ / مِنها وآخَرُ مُخلَصٍ بِصِقالِ
إِذ لا تَرى إِلا كَميّاً مُسنَداً / تَحتَ العجاجِ مُلَحَّبِ الأَوصالِ
وَالخَيلُ عَقرى بَينَ ذاكَ كَأَنَّما / بِنُحورِها نَضحٌ مِن الجِريالِ
لِلطَّيرِ مِنها وَالسِّباعِ ذَخيرَةٌ / في كُلِّ مُعتَركٍ لَها وَمَجالِ
تُدني رِجالاً مِن مَواطِنَ عِندَها / أَجرٌ وَمُنقَطِعٌ مِن الآجالِ
خَليليَّ عُوجا اليَومَ واِنتظراني
خَليليَّ عُوجا اليَومَ واِنتظراني / فَإِنَّ الهَوى وَالهَمَّ أمُّ أَبانِ
هيَ الشَّمسُ تَدنو لي قَريباً بعيدُها / أَرى الشَّمسَ ما أسطيعُها وَتَراني
نأت بَعدَ قُربٍ دارُها وَتَبدَّلَت / بِنا بَدَلاً وَالدَهرُ ذو حَدَثانِ
فَهاجَ الهَوى وَالشوقُ لي ذِكرَ حُرَّةٍ / مِن المُرجَحِنّاتِ الثِّقالِ حَصانِ
شَموسٌ وشاحاها إِذا اِبتُزَّ ثَوبُها / عَلى مَتنِ خُمصانِيَةٍ سَلِسانِ
رَقودُ الضُّحى رَيّا العِظامِ كَأَنَّها / مَهاةُ كِناسٍ مِن نِعاجِ قِطانِ
شَديدَةُ إِشراقِ التَّراقي أسيلَةٌ / عَلَيها رَقيباً مَربإٍ حَذِرانِ
ومن دونِها صَعبُ المَراقي مَشَيَّدٌ / نِيافٌ وَصَرّارانِ مؤتلفانِ
خَليليَّ ما لامَ امرأً مِثلُ نَفسِه / إِذا هيَ لاقَت فاِربَعا وَذَراني
سَبَتني بِجيدٍ لَم يُعَطَّل ولبَّةٍ / عَلَيها رِدافا لؤلؤٍ وَجُمانِ
وَأَسحَم مَجّاجِ الدهانِ كَأَنَّهُ / بِأَيدي النِّساءِ الماشِطاتِ مَثاني
جَرى ليَ طَيرٌ أَنَّني لَن أَنالَها / وَإِنَّ الهَوى وَالنَّجرَ مختَلِفانِ
فعزَّيتُ قَلباً كان صَبّاً إِلى الصبا / وَعدَّيتُ وَالعَينانِ تَبتَدِرانِ
بأَربَعَةٍ في فَضلِ بُردي ومِحمَلي / كَما انهَلَّ غَربا شَنَّةٍ خَضِلانِ
خَليليَّ غُضّا اللومَ عَنّي إِنَّني / عَلى العَهدِ لا مُخنٍ وَلا مُتَوانِ
سَتَعلَمُ قَومي أَنَّني كُنتُ سورَةً / مِن العِزِّ إِن داعي المَنون دَعاني
أَلا رُبَّ مَسرورٍ بِمَوتيَ لَو أَتى / وآخرَ لَو أنعَى لَه لَبَكاني
نَدِمتُ عَلى شَتمِ العَشيرَةِ بَعدَما / تَغَنّى عراقيٌّ بِهِم وَيَماني
قلبتُ لهم ظَهرَ المِجَنِّ وَلَيتَني / عَفَوتُ بِفَضلٍ مِن يَدي وَلِساني
بني عَمِّنا إِنّا كَما قَد عَلِمتُم / أُولو خُشنَةٍ مَخشِيَّةٍ وَزِبانِ
عَلى أَنَّني لَم أَرمِ في الشِّعرِ مسلما / وَلَم أَهجُ إِلا مَن رَمى وهَجاني
هُمُ بَطروا الحلمَ الَّذي من سَجِيَّتي / فَبدَّلتُ قَومي شِدَّةً بِليانِ
فَلَو شِئتُم أَولادَ وَهبٍ نَزَعتُم / وَنَحنُ جَميعاً شَملُنا أَخوانِ
نَهَيتُ أَخاكُم عَن هِجائي وَقَد مَضى / لَهُ بَعدَ حَولٍ كامِلٍ سنتانِ
فَمَنَّ وَمنّاهُم رِجالٌ رأَيتُهُم / إِذا ضارسوني يكرهونَ قِراني
وَكُنتُ امرءاً يأبى لي الضيمَ أَنَّني / صَرومٌ إِذا الأَمرُ المُهِمُّ عَناني
وَصولٌ صَرومٌ لا أَقولُ لمدبِرٍ / هَلُمَّ إِذا ما اِغتَشَّني وَعَصاني
خَليليَّ لَو كُنتُ امرءاً فيَّ سقطَةٌ / تَضَعضَعتُ أَو زَلَّت بيَ القَدَمانِ
أَعيشُ عَلى بغي العُداةِ ورغمِهم / وَآتي الَّذي أَهوى عَلى الشَّنآنِ
وَلَكِنَّني ثَبتُ المَريرَةِ حازِمٌ / إِذا صاحَ حُلابي ملأتُ عِناني
خَليليَّ كَم مِن كاشِحٍ قَد رَميتُهُ / بقافيةٍ مَشهورَةٍ وَرَماني
فَكانَ كَذاتِ الحَيضِ لَم تُبقِ ماءَها / وَلَم تُنقِ عَنها غُسلَها لأوانِ
تَشَمَّتُ للأعداءِ حينَ بَدا لَهُم / مِن الشَرِّ داني الوَبلِ ذو نَفَيانِ
فَهابوا وِقاعي كالَّذي هابَ حاذِراً / شتيمَ المُحَيّا خَطوُهُ مُتَداني
تُشَبِّهُ عينيهِ إِذا ما فَجِئتَهُ / سِراجَينِ في دَيجورَةٍ تَقِدانِ
كَأَنَّ ذِراعَيهِ وَبَلدَةَ نَحرِهِ / خُضِبنَ بِحنّاءٍ فَهُنَّ قَواني
عَفَرناً يَضُمُّ القرنَ مِنهُ بِساعِدٍ / إِلى كاهِلٍ عاري القَرا وَلَبانِ
أَزَبُّ هَريتُ الشّدقِ وَردٌ كَأَنَّما / يُعَلَّى أَعالي لَونِهِ بدِهانِ
مُضاعفُ لَونُ الساعِدَينِ مُضَبَّرٌ / هَموسُ دُجى الظَّلماءِ غَيرُ جَبانِ
أَبا خالِدٍ حَنَّت إِلَيكَ مَطيَّتي / عَلى بُعدِ مُنتابٍ وَهَولِ جَنانِ
كَأَنَّ ذِراعَيها إِذا ما تَذَيَّلَت / بَدا ماهِرٍ في الماءِ يَغتَليانِ
إِذا رُعتُها في سَيرَةٍ أَو بَعثتُها / عَدَت بي ونِسعا ضَفرِها قَلِقانِ
جماليةٌ مِثلُ الفَنيقِ كَأَنَّما / يَصيحُ بِفَلقَي رأسِها صَديانِ
أَبا خالِدٍ في الأَرضِ نأيٌ وَمَفسَحٌ / لِذي مِرَّةٍ يُرمى بِهِ الرجَوانِ
فَكَيفَ يَنامُ الليلَ حُرٌّ عَطاؤُهُ / ثَلاثٌ لِرأسِ الحَولِ أَو مِئَتانِ
تَناهَت قَلوصي بَعد إِسآديَ السُّرى / إِلى مَلِكٍ جَزل العَطاءِ هِجانِ
تَرى الناسَ أَفواجاً يَنوبونَ بابَهُ / لِبِكرٍ مِن الحاجاتِ أَو لِعَوانِ
نامَ الخَليُّ فَنَومُ العَينِ تَسهيدُ
نامَ الخَليُّ فَنَومُ العَينِ تَسهيدُ / وَالقَلبُ مُحتَبَلٌ بالخَودِ مَعمودُ
إِن ساعفَت دارُها ضَنَّت بِنائِلِها / وَسَقيُها الصادي الحَرّانَ تَصريدُ
شَطت نَواها وَحانَت غُربَةٌ قَذَفٌ / وَذِكرُ ما قَد مَضى بالمَرءِ تَفنيدُ
إِذ تَستَبيكَ بِمَيّالٍ لَه حَبَكٌ / وَواضِحٍ زانَهُ اللباتُ وَالجيدُ
وَذي طَرائِقَ لَم تَحمِل بِهِ وَلَداً / فالكَشحُ مُضطَمِرٌ رَيّانُ مَمسودُ
كَأَنَّ أَردافَها دِعصٌ بِرابيَةٍ / مُستَهدَفٌ نخلتهُ الريحُ مَنضودُ
خَودٌ خَدلَّجةٌ نَضحُ العَبيرِ بِها / يُشفي مَضاجِعَها لُبسٌ وَتَجريدُ
لَمّا رأَت أَنَّني لابُدَّ منطَلِقٌ / وَلِلفَتى أَجَلٌ قَد خُطَّ مَعدودُ
قامَت تُكَرِّهُني غَزوى وَتُخبِرُني / أَن سَوفَ يُخلِدُني رَوعٌ وَتَبليدُ
هلِ المَنيَّةُ إِلا طالِبٌ ظَفِرٌ / وَحَوضُها مَنهَلٌ لابُدَّ مورودُ
وَالناسُ شَتّى فمَهدِيٌّ نَقيبَتُهُ / وَجائِرٌ عَن سَبيلِ الحَقِّ مَحدودُ
وَذو نَوالٍ إِذا ما جئتَ تَسأَلهُ / شَيئاً وَمستَكثِرٌ بالخَيرِ مَوجودُ
وَالخَيرُ وَالشرُّ إِمّا كُنتِ سائِلَتي / شَتى مَعاً وَكَذاكَ البُخلُ وَالجُودُ
إِنّي امرؤٌ أَعرِفُ المَعروفَ ذو حَسَبٍ / سَميحٌ إِذا حاردَ الكومُ المَرافيدُ
أَجري عَلى سُنَّةٍ مِن والدي سبقت / وَفي أرومتِه ما يُنبِتُ العودُ
مُطَلَّبٌ بِتراتٍ غَيرِ مُدرَكةٍ / مُحسَّدٌ وَالفَتى ذو اللُبِّ مَحسودُ
عِندي لِصالحِ قَومي ما بَقيتُ لَهم / حَمدٌ وَذم لأهلِ الذَّمِّ مَعدودُ
أَعيَت صفاتي عَلى مَن يَبتَغي عنَّتي / فَما يُوَهِّنُ متنَيها الجَلاميدُ
كَم قَد هَجاني مِن مستَقتِلٍ حَمِقٍ / فيهِ إِذا هَزَّ عِند الحَقِّ تَغريدُ
جانٍ عَلى قَومِهِ بادٍ مُقاتله / كالعيرِ أَحزنَهُ دجنٌ وَتَقييدُ
كَأَنَّهُ كَودَنٌ تَدمى دَوابِرُهُ / فيهِ من السوطِ وَالساقَينِ تَربيدُ
كَزُّ النَدى مَجدُه دَينٌ يؤخِّرُهُ / وَلؤمُه حاضِرٌ لابُدَّ مَنقودُ
مِن مَعشَرٍ كُحِلت باللؤمِ أَعيُنُهُم / زُرقٌ بِهم ميسَمٌ منه وَتَقليدُ
مازِلتُ أَقدُمُهم حَتّى عَلوتهُم / وَهَرَّني رافِدٌ منهم وَمَرفودُ
وَقَد نَهيتُهُم عَنّي عَلانيَةً / لَو كانَ ينفعُهم نَهيٌ وَتَوصيدُ
أُمَّ الصَّبيينِ دومي إِنَّني رجلٌ / حَبلي لأهلِ النَّدى وَالوَصلِ مَمدودُ
لا تَسألي القَومَ عَن مالي وكَثرتِهِ / وَقَد يُقتِّرُ المَرءُ يَوماً وَهوَ مَحمودُ
وَسائِلي عِندَ جدِّ الأَمرِ ما حَسبي / إِذا الكُماةُ التَقى فُرسانُها الصيدُ
وَقَد أَروعُ سَوامَ الحَيِّ تحمِلُني / شَقاءُ مِثلَ عُقابِ الدجنِ قيدودُ
حَقباءُ سَهلَبَةُ الساقينِ منهِبَةٌ / في لَحمِها مِن وَجيفِ القَومِ تَخديدُ
تُؤَخِّرُ السَّرجَ تأَخيراً إِذا جَمَزَت / عَن مَتنِها وَحِزامُ السَّرجِ مَشدودُ
تَرى بسُنبُكِها وَقعاً تُبَيِّنُهُ / كَأَنَّهُ في جَديدِ الأَرضِ أُخدودُ
في رأسِها حينَ يَندى عِطفُها صَدَدٌ / وَفي مَناكِبها للشَّدِّ تَحديدُ
كَأَنَّها هِقلَةٌ رَبداءُ عارضها / هَيقٌ تأَوَّبَ جُنحَ الليلِ مَطرودُ
كَأَنَّ هادِيها إِذ قامَ مُلجِمُها / جِذعٌ تَحَسَّرَ عَنهُ الليفُ مَجرودُ
هَشُّ الفُؤادِ هواءُ الصَّدرِ مُنتَخِبٌ / مُقَلِّصٌ عَن قَميصِ الساقِ مَوطودُ
وَفَيلَقٍ كَشُعاعِ الشَّمسِ مُشعلةٍ / تُعشي البَصيرَ إِذا مالَت بِهِ البيدُ
قَومي إِذا ما لَقَوا أَعداءَهُم صَبَروا / واِستورَدوهم كَما يُستَورَدُ العودُ
تَرى نَوادِرَ أَطرافٍ بمَزحَفِهم / والهامُ بينهمُ مُذرىً وَمَقدودُ
وَالمَشرَفِيَّةُ قَد فُلَّت مَضارِبُها / وَالسَّمهَريَّةُ مُرفَض وَمَقصودُ
وَفِتيَةٌ كَسُيوفِ الهِندِ قُلتُ لَهُم / سيروا وأَعناقُهم غِبّ السُّرى غيدُ
أَرمي بِهم وَبِنَفسي مَهمَهاً زَلِقاً / وَعُرضَ مُطَّرِدٍ أَكنافُه سودُ
تَخدي بِهم في الوَغى قُبٌّ مساحِلُها / جُردٌ ضَوامِرُ أَمثالَ القَنا قُودُ
فيهِم فَوارِسُ لا مَيلٌ وَلا كُشفٌ / عليهم زَغَفٌ بالشَّكِّ مَسرودُ
يا رَيط هَل لي عِندَكُم نائِل
يا رَيط هَل لي عِندَكُم نائِل / أَم لا فَإِنّي مِن غَدٍ راحِلُ
لا يَكُ ما مَنَّيتِنا باطِلاً / وَشَرُّ ما عيشَ بِهِ الباطِلُ
أَفي لودّي فاِصرُمي أَو صِلي / أَو لِتلادي لَكمُ باذِلُ
يا رَيط يا أُختَ بَني مالِكٍ / أَنتِ لِقَلبي شُغلٌ شاغِلُ
إِنَّ مِلاكَ الوَصلِ أَن تَفعَلي / ما قُلتِ إِنَّ المُوفيَ الفاعِلُ
دومِي عَلى الوُدِّ الَّذي بَينَنا / لا يَقُلِ الهُجرَ لَنا قائِلُ
بِوَحي لا أَو بنعم إِنَّما / مَطلُكِ هَذا خَبَلٌ خابِلُ
أَو أَيئِسينا إِنَّ من دونِكُم / وَحشاً يَرى غرَّتَها الخاتِلُ
فَإِنَّ في لا أَو نعم راحَةً / إِنّي لما اِستَودعتِني حامِلُ
لَم يَبقَ من رَيطَةَ إِلا المُنى / عاجِلُها مستأخِراً آجِلُ
لَيتَ الَّذي أَضمَرتُ مِن حُبِّها / يَنحَلُّ أَو يَنقُلُه ناقِلُ
كُلِّفها قَلبي وَعُلِّقتُها / وَلا يُرى مِن وُدِّها طائِلُ
يا أسمَ كوني حَكَماً بَينَنا / عَدلاً فَإِنَّ الحَكَمَ العادِلُ
مَن هوَ لا مُفشي الَّذي بَينَنا / يَوماً مِن الدَّهرِ وَلا باخِلُ
فَلم تُثِب أُختُ بَني مالِكٍ / وَلَم تَجُد لي بِالَّذي آمُلُ
لا هيَ تَجزيني بِوُدّي لَها / وَلا امرؤٌ عَن ذِكرِها ذاهِلُ
لِسانُها حُلوٌ وَمعروفُها / حَيثُ يَحُلُّ الأَعصَمُ العاقِلُ
يا رَيطَ هَل عِندَكُم دائِمٌ / إِنّي لمن واصلَني واصِلُ
كَم لامَني يا رَيطَ مِن صاحِبٍ / فيك وَبَعضُ القَومِ لي قائِلُ
وَعاذِلٍ قُلتُ له ناصِحٍ / نَفسَكَ أرشد أَيُّها العاذِلُ
فَقالَ لي كَيفَ تصابي امرئٍ / وَالشَّيبُ في مَفرِقِهِ شامِلُ
رَيطَةُ لَو كُنتَ بِها خابِراً / آنِسَةٌ مجلِسُها آهِلُ
مِثلُ نوارِ الوَحشِ لَم يَرمِها / رامٍ مِن الناسِ وَلا حابِلُ
مِثلُ مَهاةِ الرَّملِ في رَبرَبٍ / يَتبَعُها ذو جُدَّةٍ خاذِلُ
أَصيلَةٌ يألفُها ذو الحِجى / وَيَتَّقيها البَرَمُ الجاهِلُ
في كُلِّ مُمسى منهم زائِرٌ / لا شَنأُ الوَجهِ وَلا عاطِلُ
يَعتَسِفُ الأَصرَمُ مِن دونِها / أَغبرَ مَرهوبَ الرَّدى ماحِلُ
هَل أَنتَ إِن رَيطَةُ شَطَّت بِها / عَنكَ النَّوى مِن سَقَمٍ وائِلُ
أَقفرَ مِن رَيطَةَ جَنبا مِنّي / فالجِزعُ مِن مَكَّةَ فالساحِلُ
إلا رُسوماً قَد عَفا آيُها / مَعروفُها مُلتَبِدٌ ناحِلُ
كَأَنَّ دارَ الحَيِّ لَمّا خَلَت / غَربَل أَعلى تُربِها ناخِلُ
من نَسجِ ريحٍ درجَت فوقَها / جالَ عليها تُربُها الجائِلُ
بَينَ جَنوبٍ وَصَباً تَغتَدي / طاوَعَها ذو لَجبٍ هاطِلُ
كَأَنَّما الوَحشُ بِها خِلفَةً / بَعدَ الأَنيسِ النعَمُ الهامِلُ
وَقَد أراها وَبِها سامِرٌ / منهُم وَجُردُ الخَيلِ وَالجامِلُ
تَغَيَّرَت رَيطَةُ عَن عَهدِنا / وَغالَ وُدّي بَعدَها غائِلُ
وَكُلُّ دُنيا وَنَعيمٍ لَها / مُنكَشِفٌ عَن أَهلِهِ زائِلُ
لا وَالَّذي يَهوى إِلى بَيتِهِ / مِن كُلِّ فَجٍّ محرِمٌ ناحِلُ
ما ليَ مِن عِلمٍ بِها باطِنٍ / وَقَد بَراني حُبُّها الداخِلُ
هَل يُبلِغَنّي دارَها إِن نأَت / أَغلَبُ خَطّارُ السُّرى ذائِلُ
ناجٍ تَرى المِرفَقَ عَن زَورِه / كَأَنَّما يَفتِلُه فاتِلُ
يا رَيطَ يا رَيطَ أَلَم تُخبَري / عَنّا وَقَد يَحمِدُنا السائِلُ
وَالجارُ وَالمختَبِطُ المُعتَفي / مَعروفَنا وَالآخَرُ النازِلُ
إِن تَسألي عَنّا يَقُل سادَةٌ / فيهِم حلومٌ وَندىً فاضِلُ
نُهينُ لِلضِّيفانِ شَحمَ الذُّرى / فَمِنهُمُ الوارِدُ وَالناهِلُ
نَحنُ بَنو الشَّدَّاخِ لَم يَعلُهم / حافٍ مِن الناسِ وَلا ناعِلُ
تَناذَرَ الأَعداءُ إِيقاعَنا / فارِسُهُم وَالآخرُ الرَّاجِلُ
خُيولُنا بالسَّهلِ مَشطونَةً / مِثلُ السَّعالي وَالقَنا الذابِلُ
نُعِدُّها إِن كادَنا مَعشَرٌ / أَو نزلت حَربٌ بِنا حائِلُ
في كُلِّ ملتَفّ لفرسانِها / مِنهم عَقيرٌ وَفَتىً مائِلُ
يَعدونَ بالأَبطالِ نَحوَ الوَغى / وَهَمُّهُنَّ الشَّرَفُ القابِلُ
عوجٌ عناجِيجُ تُباري الوَغى / مِثلُ المَغالي لَحمُها ذابِلُ
يَخرُجنَ من أَكدَرَ مُعصَوصِبٍ / وردَ القَطا يَحفِزُها الوابِلُ
بِكُلِّ كَهلٍ وَفَتىً نَجدَةٍ / يَصُدُّ عَنهُ البَطَلُ الباسِلُ
يُروي بكفيهِ غَداةَ الوَغى / صَدرَ سِنانِ الرُّمحِ وَالعامِلِ
أَروَعُ واري الزَّندِ ذو مِرَّةٍ / تَشقَى بِهِ المُتليَةُ البازِلُ
إِنّا أُناسٌ تَستَنيرُ جُدودُنا
إِنّا أُناسٌ تَستَنيرُ جُدودُنا / وَيَموتُ أَقوامٌ وَهُم أَحياءُ
قَد يَعلَمُ الأَقوامُ غَيرَ تَنَحُّلٍ / أَنّا نُجومٌ فَوقَهم وَسَماءُ
إِنَّنا مَعشَرٌ خُلِقنا صُدوراً
إِنَّنا مَعشَرٌ خُلِقنا صُدوراً / من يُسوّي الصُّدورَ بالأَذنابِ
لا أعدَمُ الذمَّ حينَ أُخطي
لا أعدَمُ الذمَّ حينَ أُخطي / وَلَيسَ لي في الصَّوابِ حَمدُ
أَبلِغ أَبا إِسحاقَ إِن جِئتَهُ
أَبلِغ أَبا إِسحاقَ إِن جِئتَهُ / أَنّي بِكُرسِيِّكُم كافِرُ
تَنزو شِبامٌ حَولَ أَعوادِه / وَتَحمِلُ الوَحيَ لَهُ شاكِرُ
مُحمَرَّةً أَعينُهُم حَولَهُ / كَأَنَّهُنَّ الحِمَّصُ الحادِرُ
قَتَلوا حُسَيناً ثُمَّ هُم يَنعونَهُ
قَتَلوا حُسَيناً ثُمَّ هُم يَنعونَهُ / إِنَّ الزَّمانَ بِأَهلِهِ أَطوارُ
لا تَبعدن بالطّفِّ قَتلى ضُيِّعَت / وَسَقى مَساكِنَ هامِها الأَمطارُ
ما شُرطَةُ الدَّجالِ تَحتَ لِوائِهِ / بِأَضلَّ مِمَّن غَرَّهُ المُختارُ
أَبني قَسِيٍّ أوثِقوا دَجالَكُم / يُجلَ الغُبارُ وَأَنتُم أَحرارُ
لَو كانَ عِلمُ الغَيبِ عِندَ أَخيكُمُ / لَتَوطَّأت لَكُم بِهِ الأَحبارُ
وَلَكانَ أَمراً بَينَنا فيما مَضَى / تَأتي بِهِ الأَنباءُ وَالأَخبارُ
إِنّي لأَرجو أَن يُكَذِّبَ وَحيَكُم / طَعنٌ يَشُقُّ عَصاكُمُ وَحِصارُ
وَيجيئُكم قَومٌ كَأَنَّ سُيوفَهُم / بأَكُفِّهم تَحتَ العَجاجَةِ نارُ
لا يَنثَنونَ إِذا هُمُ لاقَوكُمُ / إِلا وَهامَ كُماتِكُم أَعشارُ
وَردٌ تَظَلُّ لَه السِّباعُ تُطيعُه
وَردٌ تَظَلُّ لَه السِّباعُ تُطيعُه / طَوعَ العُلوجِ تَلينُ للإِسوارِ
فَلا تَنكحَنَّ الدَّهرَ إِن كُنتَ ناكِحاً
فَلا تَنكحَنَّ الدَّهرَ إِن كُنتَ ناكِحاً / عَشَوزَنةً لَم يَبقَ إِلا هَريرُها
تَجودُ برجلَيها وَتَمنَعُ مالَها / وَإِن غَضِبَت راعَ الأُسودَ زَئيرُها
إِذا فرغَت مِن أَهلِ دارٍ تُبيرُهم / سَحَت سَحوةً أُخرى لِدارٍ تُبيرُها
إِنّي إِذا ما الخَليلُ أَحدَثَ لي
إِنّي إِذا ما الخَليلُ أَحدَثَ لي / صرماً وَمَلَّ الصَّفاءَ أَو قَطَعا
لا أَحتَسِي ماءَهُ عَلى رَنَقٍ / وَلا يَراني لِبَينِهِ جَزِعا
أَهجُرُهُ ثُمَّ تَنقَضي غُبَّرُ ال / هِجرانِ عَنّي وَلَم أَقُل قَذَعا
إِحذَر وِصالَ اللئيم إِنَّ لَهُ / عَضهاً إِذا حَبلُ وَصلِهِ اِنقَطَعا
إِذا زفراتُ الحُبِّ صَعَّدنَ في الحَثا
إِذا زفراتُ الحُبِّ صَعَّدنَ في الحَثا / وَرَدنَ وَلَم يوجَد لَهُنَّ طَريقُ
مَدحتُ سَعيداً واِصطَفَيتُ ابنَ خالِدٍ
مَدحتُ سَعيداً واِصطَفَيتُ ابنَ خالِدٍ / وَللخَيرِ أَسبابٌ بِها يُتَوَسَّمُ
فَكُنتُ كمُجتَسٍّ بِمحفارِهِ الثَّرى / فَصادَفَ عَينَ الماءِ إِذ يَتَرَسَّمُ
فَإِن يَسألِ اللَهُ الشُهورَ شَهادَةً / تُنَبِّئ جُمادى عَنكُم وَالمُحَرَّمُ
بِأَنَّكُما خَيرُ الحِجازِ وَأَهلِهِ / إِذا جَعَلَ المُعطي يَمَلُّ وَيَسأَمُ
أَرأَيتَ إِن أَهلَكتُ ماليَ كُلَّهُ
أَرأَيتَ إِن أَهلَكتُ ماليَ كُلَّهُ / وَتَرَكتُ مالَكَ فيمَ أَنتَ تَلومُ
تَجَرَّمَ لي بِشرٌ غَداةَ أَتَيتُه
تَجَرَّمَ لي بِشرٌ غَداةَ أَتَيتُه / فَقُلتُ لَه يا بِشرُ ماذا التَّجَرُّمُ
وَلَستُ بِقانِعٍ مِن كُلِّ فَضلٍ
وَلَستُ بِقانِعٍ مِن كُلِّ فَضلٍ / بأن أُعزى إِلى جَدِّ هُمامِ