المجموع : 478
خَطَرَت وَفي قَلبي لِذاكَ خُفوقُ
خَطَرَت وَفي قَلبي لِذاكَ خُفوقُ / وَرَنَتْ فَكُلُّ الصاحِبين رَشيقُ
هَيفاءُ مالَ بصَبِّها سُكُر الهَوى / لَمَّا تَمايَلَ عِطفُها المَمشوقُ
قاَمت تُديرُ لَنا الرَّحيقَ وَلَيتَها / طَلَبَت مُجانَسَةً فَدارَ الرِّيقُ
وَشَدَت فَأَطرَبَتِ الجَمادَ وَهَيَّجَتْ / حَتَّى عَلِمنا كَيفَ يُحيِي البوقُ
ناظرتُها فَسكرتُ مِن لحَظاتِها / وَشَرِبتُ خَمرتَها فَكَيفَ أُفِيقُ
وَرَأَيتُ رِقَّةَ خَصرِها فَوَهَبتُها / قَلبي فَإِنَّ كِلَيهِما لَرَقيقُ
غَيداءُ آنِسةٌ نَفُورٌ عِندَها / يَحيا الرَّجاءُ وَيُقتَلُ التَوفيقُ
كَالآلِ يُطمِعُ لامِعاً مُتَقرِّباً / وَلِمَن أَتاهُ زُفرَةٌ وَشَهيقُ
قالتْ وَقَد غازَلتُها متصبِّباً / لَيسَ الصَّبابَةُ بِالمَشِيبِ تَليقُ
هَيهاتِ ما كِبَراً مَشِيبي إِنَّما / هَذا الدَّلالُ إِلى المَشيبِ يَسُوقُ
إِني أمرُوءٌ طَرِبٌ عَلى غَزَلِ المَهى / وَعلى مُناظَرَةِ الحِسانِ مَشُوقُ
حَجَّتْ إِلى قَلبي العُيونُ فَإِنَّهُ / بَيتٌ وَلَكنْ لا أَقولُ عَتيقُ
يا رَبَّةَ الحُسنِ العَزيزِ لَكِ الحَشا / مِصرٌ غَلا فَسَطا عَلَيهِ حَريقُ
نُعمانُ خَدِّكِ في الرِّياضِ وَمَدمَعي / هَذا لَها خالٌ وَذاكِ شَقيقُ
دَمعي حَدِيثٌ لا يَزالُ مُسَلسَلاً / أَبَداً وَقَلبي بِالغَرام خَليقُ
قَلبٌ كَخالكِ في المَحبَّةِ طَيِّبٌ / لَكنَّ ذا مسكٌ وَذاكِ فتيقُ
هُوَ شافِعِيٌّ عِندَهُ حُسنُ الوَفا / لابنِ الكَرامةِ سُنَّةٌ وَحُقُوقُ
وَمَتى الوَفاءُ وَكُلَّ يَومٍ بَرَّةٌ / لَكَ في المحاسنِ لِلوَفاءِ سَبُوقُ
تَأتي النَفائِسُ مِنكَ لا مَطروقَةً / مِن دُونِهِنَّ الدِّرهَمُ المَطروقُ
اللَهُ أَكبَرُ في الأَيمَّةِ فَردُها / وَلَفيفُها المَقرونُ وَالمَفروقُ
رَجلٌ وَماذا وَصفُهُ وَكَفى بِهِ / رَجُلٌ لَهُ المَفهومُ وَالمَنطوقُ
حَسَنُ المَعاني وَالبَيانِ كَلامُهُ / جَزلٌ وَمَعناهُ الرَّقيق دَقيقُ
فَإِذا تَكلَّمَ راحَ يَفعَلُ لَفظُهُ / ما راحَ يَفعَلُ بِالنُّهى الرَّاووقُ
حيِّ القَريضَ وَآخذِيهِ وَقُل لَهُ / قَد كانَ مُقتَرَضٌ وَأَنتَ طَليقُ
ها أَنتَ في يَدِهِ رَقيقٌ أَن تَحُل / عَنها فَإِنَّكَ آبقٌ مَسروقُ
لَكَ مِن قَريحَتِهِ السَّليمةِ صِحَّةٌ / وَطِرازُ وَشيٍ لا يَرِثُّ أَنيقُ
هِيَ ذَلِكَ الإِكسيرُ صُنعُ اللَهِ لا اُل / إِكسيرُ مِمَّا يَصنَعُ الإِنبيقُ
تُلقي الهِلالَ فَيَستَحيلُ بِها إِلى / شَمسٍ لَها عِندَ الأُفولِ شُروقُ
يا بُطرسُ الشَّهمُ الكَريمُ مَكانُهُ / وَبنانُهُ وَلِسانُهُ المِنطيقُ
أَنتَ الكَرامَةُ وَاِبنُها وَأَبٌ لَها / نَسَبٌ كَريمٌ في الكِرامِ عَريقُ
طُفتُ البِلادَ وَقَد جَلَستُ إِلَيكَ لا / سَفَرٌ وَلَم تَمنُنْ عَلَيَّ النُوقُ
ما فاتَني أَنَّ الأَوائلَ قَد مَضَوا / وَبَقِيتَ أَنتَ ولي اليكَ طَريقُ
أَجملَ اللَهُ في فؤادِكَ صَبرا
أَجملَ اللَهُ في فؤادِكَ صَبرا / وَجزى مِنَّةً وَأَعظمَ أَجرا
وَسَقى تُرْبَ مَن فَقَدتَ سَحابا / لا دُموعاً فَذاكَ أَندى وَأَطرى
انَّ أَمراً دَهاكَ أعظمُ أَمرٍ / مَن تَلقَّاهُ لا يُعظِّمُ أَمرا
غَيرَ أَنَّ المَريضَ يَرجو دَواءً / فَإِذا لَم يَنلْهُ فَالصَّبرُ أَحرى
إِنَّ حَقّاً عَلى الطَبيعةِ إِن تَحْ / زَنَ وَالعَقلُ بِالنَتيجةِ أَدرى
لَو يفيدُ البُكاءُ وَالنَّوحُ شَيئاً / لَأَقامَتْ خَنساءُ قَبلَكَ صَخرا
كُلُّ ما في الوُجودِ وَهمٌ فَلا نر / حَمُ زَيداً وَلا نُغبِّطُ عَمرا
يَطمَعُ المَرءُ في الحياةِ طَويلاً / وَهْوَ في المَوتِ أَو عَنِ المَوتِ فِتْرا
وَحياةُ الدُّنيا تُسمَّى حَياةً / مِثلَما تُحسَبُ المَجَرَّةُ نَهرا
هَكَذا النَّاسُ عاثِرٌ إِثرَ كابٍ / كلُّ عَينٍ بِدَمعةِ البينِ شَكرَى
رُبَّ باكٍ لِضَربةٍ صادَفتَني / وَهْوَ قَد شَكَّ أَن تُفاجيهِ أُخرى
كُلُّ مُستضحِكٍ سَيُبكيكَ وَالبا / كي سيُبكَى فَالكُلُّ قَتلى وَأَسرى
نحنُ وَالدَّاءُ وَالدَّواءُ مِن الأَر / ضِ تُراباً وَالكُلُّ لِلأَرضِ طُرّا
وَحياةُ الدُّنيا طَريقٌ إِلى الأُخْ / رَى فَخُذْ زادَها الَّذي هُوَ أَمرى
يا طَريقَ البَقا إِذا كُنتَ خَيراً / فَلَكَ الفَضلُ كُلَّما زِدتَ قِصْرا
طالَما عالَجَ الزَّمانَ رِجالٌ / فَاِبتَلاهم بِأَحرُفٍ لَيسَ تُقرا
حيلَةٌ تَركُها سَبيلٌ إِلَيها / وَسقامٌ برَفضنا الطِبَّ يَبرا
لَستَ أَهلاً لَأَن تُعزّى بِما جِئْ / نَا بِهِ أَنتَ فَوقَ ذَلِكَ قَدرا
عِندَنا ما لَديكَ فَالبَعضُ مِمَّا / بِكَ وَالبَعضُ مِن دَمٍ راحَ هَدرا
لَو أَطَعنا الدُّموعَ مُبتَدِراتٍ / ما وَقَفنا عَليكَ نُنشِدُ شِعرا
قَد عَهِدناكَ تُوسِعُ النَّاس حِلماً / وَعَهِدناكَ تُوسِعُ النَّاس زَجرا
وَعَهِدناكَ كُلَّما اتَّسَعَ الخَطْ / بُ حَوالَيكَ كُنتَ أَوسَعَ صَدرا
أَنتَ بَحرٌ وَالحُزنُ جَمرةُ نارٍ / مِن رَأى جَمرَةً تُسخِّنُ بَحرا
قَد عَركتَ الخطوبَ شَفعاً وَوَترا / وَعَرَفتَ الأَيَّامَ بَطناً وظَهرا
وَلِمثلي عَلَيكَ نُصحٌ وَقَد كا / نَ فَهَذا مِمَّا تَخيَّرتُ ذُخرا
وَإِذا ما سَلِمتَ هانَ فَقد أَغْ / نَيْتَ عَمَّن يَكونُ عَبراً وغَبرا
صَدرٌ بِهِ سَعةٌ وَشَوقٌ أَوسَعُ
صَدرٌ بِهِ سَعةٌ وَشَوقٌ أَوسَعُ / فَالحِلمُ يُعطي والبلِيَّةُ تمنَعُ
وَحُشاشةٌ مَسلوبَةٌ وَلَعَلَّها / ذَهَبَت عَلى أَثَرِ الفُؤادِ تُودِّعُ
يا راحلاً رَحَلَت إِلَيهِ قُلوبُنا / وَأَظُنُّها مِن شَوقِها لا تَرجِعُ
مالي أَرى الدَّارَ الَّتي فارَقَتها / مَأهولةً وَكَأَنَّما هِيَ بَلقَعُ
قَد فَرَّقَ البينُ المُشتِّتُ شَملَنا / وَالشَّملُ لَفظٌ مُفردٌ لا يُجمَعُ
كانَ اللِّسانُ رَسولَ قَلبي فَاِنثَنى / قَلبي الرَسولَ عَنِ اللِّسانِ يُشيِّعُ
ما كانَ أَقصَرَ مُدَّةً لَكَ بَينَنا / كَالحُلمِ تُبصِرُهُ العُيون الهُجَّعُ
وَكَذا الزَّمانُ يَمُرُّ مُختَلِفاً بِنا / وَألسُّوءُ فيهِ وَالسُّرورُ يُضَيَّعُ
ما كُنتُ أَرضى بِالحَياةِ وَكُلُّها / عِلَلٌ وَلَكنْ صَرفُها لا يُمنَعُ
إِن لم يَكُنْ بَينُ النُّفوسِ مُروِّعاً / فَغُرابُ بَينٍ لِلنُفوسِ مروِّعُ
ما أَغفلَ الإِنسانَ عَن نُصَحائِهِ / وَأَشَدَّ صَبوَتهُ إِلى مَن يَخدَعُ
يَرعى الكَواكبَ في السَّماءِ ضَئيلَةً / وَالنَّفسُ أَقرَبُ مِنهُ لَو يَتَطَلَّعُ
أَخذ الطَّبيبُ بِأَن يُداويَ غَيرَهُ / وَنَسِي الطَّبيبُ فُؤادَهُ يَتَوَجَّعُ
وَالعِلمُ مَصلَحةُ النُّفوسِ فَإِن يَكُنْ / لا نفعَ فيهِ فَالجَهالةُ أَنفَعُ
بَأَبي الذي اُنحَنَتِ المَفارِقُ بَعدهُ / وَتَقوَّمَت وَجداً عَلَيهِ الأَضلُعُ
أَنتَ المنزَّهُ عَن مَظِنَّةِ جاهِلٍ / وَصِفاتِ مَن بِطِباعهِ يَتَطَبَّعُ
يا ساكِناً قَلبي المُتيَّمَ إنَّهُ / بَيتٌ وَلَكن في هَواكَ مُصرَّعُ
يا طالَما أَنشَدتُ فيكَ قَوافِياً / وَحَشاشَتي كَعُروضها تَتَقطَّعُ
نَفسي مُجرَّدَةٌ إِليكَ عَن الوَرى / وَلَعَلَّ ذَلِكَ في المَحَبَةِ يَرفَعُ
إِن كانَ قَد مُنِعَ التَقَرُّبُ بَينَنا / فَأَحَبُّ شَيءٍ عِندَنا ما يُمنَعُ
نُفارِقُكُم وَنَضرِبُ في البِلادِ
نُفارِقُكُم وَنَضرِبُ في البِلادِ / وَلا تَتَرحَّلونَ عَنِ الفُؤادِ
نَغيبُ وَلا تَغيبُ الدَّارُ عَنَّا / فَتُوهِمُنا التَقَرُّبَ في البِعادِ
رَحَلنا بِالغَداةِ عَلى وَداعٍ / فَمَن هَذا المُسلِّمُ في الهَوادي
وَفارَقنا الدِّيارَ وَما يَليها / فَما هَذا المشخَّصُ في السَوادِ
خُذُوا عَنّا الَّذي حَمَّلتُمونا / مِنَ الأَشواقِ فَهوَ أَمَرُّ زادِ
وَكُفُّوا عَنْ خَواطِرنا وَعَنَّا / فَقَد حُلتُم بِها دُونَ الرُّقادِ
تَكلَّفْنا الرَّحيلَ فَما أَقَمنا / مَخافَةَ أَن نَذُوبَ عَلى الوِسادِ
وَكان نَصيبُنا مِنكُم كَلاماً / قَطَعناهُ لِتشتَفِيَ الأَعادي
تَرَحَّلنا الجِيادَ وَكُلُّ صَدرٍ / كَأَنَّ فُؤادَهُ تَحتَ الجِيادِ
وَلَو كُنّا نُملَّكُ كُلَّ أَرضٍ / نَطاها ما مَشينا عَن مُرادِ
أَجارَتَنا الَّتي كُنّا نَراها / وَما بَرِحَت وَلَو طالَ التَمادي
أراكِ صَحبِتنا وَظلِلتِ مَعْنا / وظَلَّتْ وحْشةٌ لكِ في ازديادِ
كوجهِ أميرِ قيسٍ حين يبدو / نراهُ وكلُّنا رَيَّانُ صادِ
نراهُ كما نراهُ ولا جديدٌ / بهِ ونَظَلُّ في مُلَحٍ جِدادِ
سَلِ الهَيجاءَ عنهُ وسَلْهُ عنها / إذا انقطعَ الكلامُ لدَى الطِرادِ
وسَلْ عنهُ الخزائِنَ لا تَسَلْها / عنِ المالِ الطريفِ ولا التِلاد
وسلْ عنهُ اليَراعَ وما لدَيهِ / من البيضِ الصحائفِ والمِدادِ
وسلْ عنهُ القريضَ وما يليهِ / وسل كُتُبَ الحواضِرِ والبوادِي
وسلْ ما شئتَ عما شئتَ حتى / ترى ما شئتَ من غُرَرٍ جيادِ
ترى بَرّاً فسيحاً تحتَ ثوبٍ / وبحراً يستقلُّ على جَوادِ
وبدراً لا يُلِمُّ بهِ سِرارٌ / وغيثاً ظلَّ يُفْعِمُ كلَّ وادِ
رُويدكَ أَيُّها المولى المُفدَّى / فأنتَ على ذُرَى السّبعِ الشِدَادِ
إذا فَدَتِ النفوسُ كرامَ قومٍ / فُديتَ بِكُلِ مَفدِيٍّ وفادِ
متى وَثِقَتْ بِعهدٍ منكَ نفسٌ / كفاها العهدُ عن صَوبِ العِهادِ
ومثلُكَ لا يضيعُ فتىً لديهِ / وها أنتَ الأَمينُ على العبادِ
شرِيكُ الناسِ في خَلقٍ جميلٍ / وفي الخُلُقِ الجليلِ على انفِرادِ
لئِن تكُ صُورةٌ جَمَعَتْ فأوعَت / فإنَّ التِبرَ أشبَهُ بالرَّمادِ
طالَ النَوى حتى تقطَّعتِ المُنى
طالَ النَوى حتى تقطَّعتِ المُنى / وضَنيتُ حتى رقَّ لي قلبُ الضَّنى
والقلبُ ضاقَ بوَجدِهِ عن صبرِهِ / حتى يَرُودُ ولا يُصادِفُ مَسكِنا
دُمْ والْقَنا كالبَدرِ يا شبهاً لهُ / في البُعدِ عنَّا والتَنَقُّلِ والسَّنَى
إني على الحالَينِ لا أنساكَ في / عُمري ولو أوشكْتُ أنسى مَن أنا
ولقد ذكرتُكَ فاضطربتُ مهابةً / وطَرِبتُ فاشتُقَّ النُواحُ من الغِنا
فبكيتُ حتَّى ما بكيتُ لِفاقةٍ / من أدمُعي والدَّمعُ يُدرِكُهُ الفَنا
وَوَدِدْتُ لو أبكي البُكاء لأنَّهُ / يشفي القلوبَ ولو أضرَّ الأعيُنا
ولقدْ رَكِبتُ الشِعرَ حتى مَلَّني / ومَلِلتُهُ فأسأْتُ فيهِ وأحسَنا
وخَلائقُ الرُّوح الأمينِ تقودُني / كَرْهاً وتَظلِمُني بإِنشادِ الثَّنا
صِفَةٌ يضيقُ بها الزَّمانُ وهِمَّةٌ / تَرَكتْ بها الأيامُ داءً مُزمِنا
ما كلُ من قالَ القصائدَ شاعرٌ / هيهاتِ يَطعنُ كلُّ من حَمَلَ القَنا
عَزمَ الشِهابُ على النزولِ بموطِنٍ / يوماً فكانَ البُرجُ يَصلُحُ مَوْطِنا
قد صارَ ساحلُ بحرِنا بحراً بهِ / ها مَجمَعُ البحرينِ أصبحَ عِندَنا
لا تحسُدوا مِصراً لفائِضِ نيلها / أَلنيلُ في مِصرٍ وراحتُهُ هُنا
تحيا البلادُ بهِ فلو هنَّأْتَهُ / يوماً بها قالَتْ لنا ولكَ الهنا
شهمٌ إذا أخنى الزَّمانُ بأهلهِ / عَصَمتْهُ نفسٌ لا يُراوِدها الخَنا
وإذا حَوَى الأموالَ كان كتاجرٍ / يبغي النَّفاقَ مُعجَّلاً ما أمكَنا
شَرَفٌ على كَبِدِ الوَدَاعةِ نازِلٌ / ذَهَبَتْ إليهِ مَذَهباً مُستحسنا
ولَطائِفٌ وُصِف النسيمُ بمِثلها / في ظِلِ بأْسٍ قد أرَدنَ تحَصُّنا
يا رُكنَ دَوْلةِ آلَ قيسصٍ قد صَبَت / قَيسٌ على يمنٍ إليكَ تَيَمُّنا
كانت تنُوخُ لها ذِرَاعاً أيسَراً / قِدَماً وكُنتَ لها الذّرَاعَ الأَيمنا
لاذَتْ بساحتِكَ الوُفودُ وأطبَقَتْ / مثلَ ازدِحامِ الحجِّ في وادي مِنَى
فيكَ الرَّجاءُ ومنكَ كلُّ كرامةٍ / وعليكَ كلُّ مُعَوَّلٍ وبكَ الغِنى
أفِرَاقاً حَسِبتها أم لِقاءَ
أفِرَاقاً حَسِبتها أم لِقاءَ / وَقْفةٌ بالأُبَيرِقَينِ مساءَ
كُنتُ منها على رَجاءٍ فَلمَّا / حَضَرتْني قَطَعتُ ذاكَ الرَّجاءَ
طالما كُنتُ واثقاً بِصفاءٍ / فأنا اليومَ لستُ أرجو صفاءَ
لا يَظُنُّ الصحيحُ فجأةَ سُقمٍ / وإذا اعتَلَّ لا يَظُنُّ شِفاءَ
يا بني عَمِّنا رُوَيداً علينا / أوَلَسْنا جميعُنا غُرَباءَ
إن نكُ اليومَ في البِلادِ افترقنا / فقريباً نُفارِقُ الدَنْياءَ
يَرِدُ البُؤْسُ والنعيمُ على المَرْ / ءِ وكلٌّ يروحُ من حيثُ جاءَ
عاشَ قومٌ رَغْداً وقومٌ وَبالاً / ثم ماتوا طُرّاً فراحوا سَواءَ
أيها العائفُ الكفَافَ تَمنَّى / لو دامَ الزمانُ خُبزاً وماءَ
وإذا أحسَنَ الزمانُ فلا تَغْ / ترَّ واعلَمْ بأنهُ قد اساءَ
والذي يَعلمُ الحقيقةَ لا يُبْ / لَى بداءٍ ولا يُعالِجُ دَاءَ
كَأَبيها وشيخنا ابن الشرابيْ / يِ الذي صحَّ أنَّ فيهِ الشِفاءَ
صاحبُ القولِ والفَعالِ رشيداً / باطنُ الرأْيِ حَسْبَما يَتَراءَى
سَلِمَتْ عينُهُ ولا شكَّ فيها / فَهْيَ ممَّا يُسِلّمُ الأعضاءَ
أيُّها اللابسُ السَوادَ ولا بدْ / عَ إذا كُنتَ تقتفي الخُلفاءَ
أنتَ في أرضنا خليفةُ عيسى / ولكَ المُلكُ يومَ تأتي السماءَ
خلقَ اللهُ فيكَ روحاً من اللُطْ / فِ وجِسماً منَ البَها حيثُ شاءَ
فإذا قُلتَ أوْ فعلتَ فذاكَ ال / جوهرُ الفردُ يفتِنُ الحُكمَاءَ
لا تَسْلني حقَّ الثَّناءِ وتأتي / كلَّ يومٍ بما يُطِيلُ الثَّناء
ليسَ عندي الا سَوادُ مِدادٍ / هل يكافي تلك اليدَ البيضاءَ
ما مَدَحْناكَ بل صَدَقناكَ إذ قُلْ / نا بكَ الحَقَّ واكتفَيْنا الخَطاءَ
وبماذا الفتَى يَمُنُّ على البدْ / رِ إذا قالَ إنَّهُ قد أضاءَ
أيُّ ذنبٍ تُرَى وأيَّةُ زَلَّه
أيُّ ذنبٍ تُرَى وأيَّةُ زَلَّه / للمُحِبِّ الذي تحلَّلتَ قَتْلهْ
كلُ ما ترتضيهِ سَهْلٌ ولكن / عَثَراتُ الآمالِ لَيستْ بسَهْلهْ
يا لقومي لَقد سباني غزالٌ / تَقتلُ الأُسدَ من عِذارَيهِ نملَهْ
علَّمَ الخطَّ باقلٌ منهما يا / قوتَ دمعي في الرَّبْعِ وهْوَ ابنُ مُقلَهْ
ذابلُ الجَفْنِ فاترُ الطرْفِ لابِدْ / عَ ففي خدِهِ من النارِ شُعلَهْ
هُوَ دائِي ولا أقول الدوا من / هُ لئلا يقولَ حُبّي لعلَّهْ
يا مرِيضَ الجفونِ ليسَ عليها / حَرَجٌ تتَّقيهِ في كلِّ مِلّهْ
إنَّ فيها لفترةً وَأَرَى لح / ظكَ في مُهجتي يُرَدِّدُ رُسْلهْ
نَقَلَ الثَغْرُ عن صِحاح الثنايا / أنَّهُ الجوهريُّ فاختَرْتُ نَقْلهْ
وحكى قوسُ حاجِبَيكَ عنِ الرِّي / شِ من الهُدْبِ أنَّ لحظكَ نَبْلَهْ
إنَّ قلبي لغيرُ منصرفٍ عن / كَ فويلاهُ كسرُهُ مَن أحَلَّهْ
صِلْ ولا يمَنَعَّكَ اليومَ عني / سُوءُ حالي فالحال تُحسَبُ فضلَهْ
ضاعَ صبرِي وإنهُ صِلَةُ المو / صولِ عِندي فهل عَرَفتَ مَحَلَّهْ
كيفَ تقوى على بوارِحِ وجدٍ / مُنَتَهى الجمعِ أَضلُعٌ جمعُ قِلَّهْ
ليس للشوقِ من خِتامٍ فأستخْ م / لِص منهُ وأدمُعي مُستهِلَّهْ
سلبَتْني الأيّامُ ماليَ حتى / سلبتني القريضَ إلا أقَلَّهْ
وبنفسي بقيَّةٌ صُنتُها من / هُ إلى مُلتقَى الذي بَقِيتْ لهْ
وبماذا تُرَى الفتى يلتقي البح / رَ ولو كانَ فوق كفِّيهِ دِجْلَهْ
كعبةٌ حَجَّتِ القوافي إليها / طائفاتٍ برُكنها مُستظلَّهْ
إنَّ وضْعَ القريضِ بين يديهِ / وإلى بابهِ المُؤَيَّدِ حَمْلهْ
شاعرٌ يَنِظمُ القوافي عُقوداً / دُونَها في الرؤُوس عَقْدُ الأكِلَّهْ
وهوَ قاضٍ يقومُ بالقِسطِ بين الن / ناس قد أحكمَ الخِطابَ وفَصْلَهْ
راحمٌ في سِوَى القَضاءِ رأُوفٌ / يبتغي عفوَهُ وينصُرُ عَدْلهْ
صحَّ نحوُ ابنِ حاجبٍ عنْدَهُ واع / تلَّ خطُّ ابنِ مُقلةٍ أيَّ عِلَّهْ
والفتاوى لأَحمديَّاتهِ الغر / راءَ لا خيريَّاتِ صاحبِ رَمْلهْ
طالما طالَ فاصلاً بيَراعٍ / تشتهي أن تكونَهُ كّلُّ نَصْلَهْ
سوَّد الطِرسَ فاستنارَ فذياَّ / ك سَوادُ العيونِ يَهْدِي الأضِلَّهْ
يا إمامَ الكِرامِ في خير مِحرا / بٍ من الخيرِ خيرهُ لك قَبْلَهْ
أنتَ نَدْبٌ لهُ التُقَى سُنَّةٌ وال / عدلُ فرضٌ واللهُ يَعلمُ نَفْلَهْ
رَحَلتْ ناقتي إليكَ وقلبي / قبلَها فَهْيَ رحلةٌ بعدَ رحلَهْ
ورِضاكَ المُنى وحَسْبيَ طَلٌّ / منهُ إن كنتُ لا أُصادِفُ وَبْلَهْ
لأَهلِ الدهرِ آمالٌ طِوالُ
لأَهلِ الدهرِ آمالٌ طِوالُ / وأطماعٌ ولو طالَ المِطالُ
وأهلُ الدهرِ عُمَّالٌ أطاعُوا / هَواهُ كما أوهُ مالَ مالوا
كُرورُ الدهرِ حَوَّلَ كلَّ حالٍ / هُوَ الدهرُ الدوامُ لهُ مُحالُ
لَعَلَّ الصَدَّ معْهُ لهُ حُؤُولٌ / أُؤَمِّلُهُ كما حالَ الوِصالُ
صلاحُ الحالِ والأعمال مالٌ / ومهما ساءَ مالٌ ساءَ حالُ
دَعِ العُلَماءَ والحُكَماءَ طُرّاً / وسَلْ مالاً ألا ساءَ المآلُ
لأهلِ العِلمِ عَصْرٌ مرَّ مَعْهم / ومرَّ الحِلمُ معْهُ والكَمالُ
مَدَارِسُهُ كأطلالٍ أراها / دَوارِسَ لا سَلامَ ولا سؤَالُ
علا أهلَ المكارِمِ أهلُ لؤْمٍ / أداروا كأْسهم وسَطَوْا وصالوا
مَعاهِدُ كُلِّ هِرٍّ كلُّ صَرْحٍ / وأكرَمُ مَعْهَدِ الأُسدِ الدِحالُ
وكم مَلِكٍ لعاملِهِ ملالٌ / ومملوكٍ لمالِكِه دَلالُ
وما كلُّ امرءٍ دَمُهُ حَرامٌ / ولا كلُّ امرءٍ دمُهُ حَلالُ
عَداكَ اللَومُ ما للعارِ ماءٌ / لوِردِكَ لا ولا للوَهمِ آلُ
اصحَّ الحلمُ عهدَكَ لا حؤُولٌ / لهُ واصحَّ وعدَكَ لا مِطالُ
لكَ الوُدُّ المؤَكَّدُ لا مِراءٌ / عَراهُ ولا مَلامَ ولا مَلالُ
أمامَكَ والوراءَ صِراطُ عدلٍ / سواءٌ حولَهُ حُطَّ الرِحالُ
صُدُورُ مكارِمٍ وأُصولُ عِلمٍ / أُعدِّدُها كما عُدَّ الرِمالُ
وآراءٌ لمادِحها كَلامٌ / وآلاءٌ لحامِدِها كَلالُ
لَكُمْ حَملَ الرسولُ سطور طِرْسٍ / مَطالِعُها كما طَلَعَ الهِلالُ
سُطورٌ كالعَرُوسِ لها حِلاها / ولو أهداكَها كِلمٌ عِطال
هَوىً في القلبِ يعذُبُ وهوَ دَاءُ
هَوىً في القلبِ يعذُبُ وهوَ دَاءُ / كذا الدُنيا وما فيها رياءُ
يرَى ما لا أرَى قلبي فيصبو / وهل قلبُ المُحبِ كما يَشاءُ
مررتُ بدارِ من أهوى فحيَّت / وأشغَلَني عن الردِّ البُكاءُ
خَلَتْ مِن نازلٍ لم يخْلُ منهُ / فُؤَادي فالفُؤَادُ لهُ خِباءُ
على المتحَمِّلينَ لنا سَلامٌ / وإن طالَ التجنُّبُ والجَفاءُ
إذا حالت مودَّتُنا لبُعدٍ / فقد حالَ التَكرُّمُ والوفاءُ
تذكرتُ الصَّباءَ فهِمتُ شَوقاً / لَقد كانَ الهَوى مُنذُ الصَباءُ
وما طيبُ الصَباءِ فدَتْكَ نفسي / وإن يَكُ لا يفي هذا الفِداءُ
سَفكتُ دماً لعيني فيكَ دمعاً / فلا تغَفُلْ فبينَكما دِماءُ
ورُبَّ رِسالةٍ عذراءَ جاءت / لها بالمِسكِ ختمٌ وابتِداءُ
من اللفظِ الصحيحِ لها خِباءُ / على المعنى الصريحِ لهُ بِناء
لآلئُ لُجَّةٍ بِيضٌ عليها / رجالُ الحيِّ غارت والنِساءُ
إذا قلنا اليتيمةُ كَذَّبتْنا / لها شِيَعٌ تَجِلُّ وأنسبِاءُ
تُطارحُني المديحَ وكلُّ مدحٍ / ثوى في غيرِ موضِعِهِ هجاءُ
رأَيتُكَ ما أنِفْتَ لمَدحِ مِثلي / فذاكَ عليكَ من كَرَمٍ ثَناءُ
يَزينُ الحُبُّ ما لا حُسنَ فيهِ / فإنَّ الحُسنَ حُبٌّ وارتضاءُ
ولو حسُنت بعين الكُلِّ لَيْلَى / لَجُنَّ الكُلُّ واشْتَملَ البَلاءُ
أنا الوادي إذا ناديتَ لبَّى / صَداهُ فكانَ منكَ لكَ النِداءُ
خلعتَ عليَّ فضلاً أَدَّعيهِ / وحَسْبي أنَّ مِثلكَ لي جِلاءُ
تَقطَّعَتِ الزِّيارةُ منكَ عنَّا / إلى أن كادَ ينقَطِعُ الرَّجاءُ
ولم يكُ بينَنا نارٌ ولكن / تَعرَّضَ بيننا كالنارِ ماءُ
لقد طالَ البِعادُ ولستُ أدرِي / فأصبِرَ هل يطولُ لهُ البَقاءُ
نقولُ غداً ونَطمَعُ أنْ نَراهُ / فيضحكُ من عُلالتِنا القَضاءُ
تَمَتَّعْ من حَبيبِكَ قبلَ يَومٍ / بهِ من داءِ حُبِّكما شفاءُ
فبعضُ الليلِ ليس لهُ صَباحٌ / وبعضٌ اليومِ ليسَ لهُ مَساءُ
سقاني حُبُّهُ كأْساً دِهَاقا
سقاني حُبُّهُ كأْساً دِهَاقا / فأسكَرَني وأسكَرتُ الرِفاقا
وما عِلمُ الفُؤادُ قديمَ سُكرٍ / بهِ ولكانَ يَعَلمُ لو أفاقا
هَوَى قلبٍ تملَّكَهُ رقيقاً / فواعجبا ولا يرضَى العَتاقا
إذا رقَّ الحبيبُ ودقَّ معنىً / لهُ رقَّ الهَوَى ورَقِي وراقا
جميلٌ قد صَرَفتُ جميلَ صبري / على يدهِ فأحسنَتُ الطِباقا
يَتُوقُ إليهِ قلبي وَهْوَ فيهِ / ويخشى أن يذوبَ فلا يُلاقى
طبيبٌ لا ينالُ الموتُ منهُ / دِماءَ عليلِهِ إلا اسِتراقا
ولو تَرَكَ الدواءَ لنابَ عنهُ / بأطيبَ منهُ نشْراً أو مَذَاقا
فتىً يلهو العليلُ إذا أتاهُ / بهِ عمَّا أُصِيبَ فما أطاقا
ويُوشِكُ أن يخافَ فِراقَ سُقمٍ / مخافةَ أن يذوقَ لهُ فِراقا
قد طَلَعَ البدرُ من المَغرِبِ
قد طَلَعَ البدرُ من المَغرِبِ / فَمنْ رأى هذا ولم يَعجَبِ
والبحرُ في البحرِ أتى راكباً / في طَيِّ فُلْكٍ طيّبَ المَشرَبِ
شخصٌ إذا أقبلَ لكنَّهُ / من شخصهِ يَخرُجُ في مَوْكِبِ
في كلِّ فنٍّ ولسانٍ ترى / منهُ إماماً مُذْهبَ المَذهبِ
يعلمُ ما ليسَ لهُ عالمٌ / قارئَما قد كان لم يُكتِ
في قلبهِ من نَظَرٍ صادِقٍ / ما كذَّبَ العَينَ ولم يَكذبِ
دائِرَةُ الحِكمةِ أقلامُهُ / أعمِدةُ الحقِّ على المَنْكبِ
أحاطَ بالعِلمِ وأسرارهِ / إحاطةَ الهالةِ بالكوكبِ
وكادَ يستقصي لُغاتِ الورى / من مُعْجَمٍ فيها ومن مُعرَبِ
تستحضرُ الأمرَ لهُ فِكرَةٌ / تَستدركُ الأبَعدَ بالأقرَبِ
بَدِيهُ رأيٍ من وَقارٍ بهِ / يأبى ابتِدارَ القولِ بالمُوجَبِ
يَعفوُ على قُدرتهِ مُغضِياً / من حلِمهِ عن نَظَر المغُضَبِ
يحتالُ في التَّرْكِ لذَنبٍ فإنْ / كانَ ففي معذِرَةِ المُذنِبِ
بديعُ لُطفٍ كنسيم الصَبَا / يُهدِي الرُبى عَرْفَ الكِبا الطيّبِ
رَحْبُ النُهَى والصدرِ والباعِ وال / مَنطِقِ والدارِ كريمُ الأبِ
إن كان خيرُ الناسِ من ينفَعُ النْ / نَاسَ فقُلْ هذا ولا تَرْهبِ
ورُبما ضَرَّ حَسُوداً لهُ / أتعَبهُ جرياً ولم يتعَبِ
يا لابساً ثَوبَ سَوادٍ كما / يلبَسُ بدرٌ حُلَّةَ الغَيهَبِ
هَيَّجت بي في الشعر بعد النَّوى / وَجداً قدِيماً في الحَشا قد ربي
والشِعرُ مثلُ المُهرِ في خُلقِهِ / إن طالَ عهدُ الرَّبْطِ لم يُركَبِ
نارٌ وما ادراكَ ناري ما هيا
نارٌ وما ادراكَ ناري ما هيا / نارٌ يؤَجِّجُها هواكَ يمانيا
لا تُنكِروا أن ذابَ قلبي دُونَها / لو أنَّهُ جَبَلٌ لأصَبحَ وادِيا
طالَ الزمانُ وما ظَفِرتُ بطائلٍ / وصبَرتُ حتى ملَّ صبري عاصيا
ورَضيِتُ بالطَّيْفِ المُلِمِّ فخانني / نومي فصرْتُ بذِكرِ طيفِكَ رَاضيا
يا كوكباً قد غابَ عنا أولاً / وَيلاهُ هل يُرجىَ طُلوعُكَ ثانيا
أهوَى لوَجِهكَ كلَّ نجمٍ طالعٍ / ويبيتُ طَرْفي للكواكبِ راعيا
إن كانَ ما بُلّغِتَ عني كاذِباً / فغداً سيصدُقُ ليسَ حَيٌّ باقيا
وفِراقُ من أَحبَبْتَ موتٌ عاجلٌ / للعاشِقينَ فلا تكذِّبْ ناعيا
لا تبكِ مَيْتاً ولا تَفرحْ بمولودِ
لا تبكِ مَيْتاً ولا تَفرحْ بمولودِ / فالميْتُ للدُّودِ والمولودُ للدُّودِ
وكُلُّ ما فوقَ وجْهِ الأرْضِ تنظرُهُ / يُطوَى على عَدَمٍ في ثوبِ موجودِ
بئسَ الحياةُ حياةٌ لا رَجاء لها / ما بينَ تصويبِ أنفاسٍ وتصعيدِ
لا تستقرُّ بها عينٌ على سنَةٍ / الأعلى خوف نومٍ غيرِ محدُود
ما أجهَلَ المرْءَ في الدُّنيا وأغفَلَهُ / ولا نُحاشي سُليمانَ بنَ دَاودِ
يرى ويعلمُ ما فيها على ثقةٍ / منهُ ويغترُّ منها بالمواعيدِ
كلٌّ يفارِقها صَفْرَ اليدَينِ بلا / زادٍ فما الفرقُ بينَ البخلِ والجُودِ
يَضَنُّ بالمالِ محموداً يُثابُ بهِ / طَوعاً ويُعطيهِ كرْهاً غيرَ محمودِ
هانَ المَعادُ فما نفسٌ به شُغِلَتْ / عن رَبَّة العُودِ أو عن رَنَّةِ العُودِ
يا أعيُنَ الغِيدِ تَسْبينا لواحِظُها / قِفِي انظُري كيفَ تُمسي أعيُنُ الغيِدِ
يبدوُ الهِلاَلُ ويأتي العِيدُ في أنَقٍ / ماذا الهِلاَلُ وماذا بَهجةُ العيدِ
يومٌ لغيركَ ترجوهُ وليسَ لهُ / كُلٌّ ليومٍ غَدَاةَ البينِ مشهودِ
قد صغَّرَ الدَّهرُ عندي كلَّ ذي خَطرٍ / حتى استوى كلُّ مرحومٍ ومحسودِ
إذا فُجِعتُ بمفقودٍ صَبَرتُ لهُ / إني سأتركُ مفجوعاً بمفقودِ
يا من لهُ منهُ أهلٌ لا جَزِعْتَ على / أهلٍ وهل لكَ رُكنٌ غيرُ مهدُودِ
لسْنا نُعزّيكَ إجلالاً وتَكْرِمةً / فأنتَ أدرى ببُرهانٍ وتقليدِ
لكل داءٍ دواءٌ يُستطبُ بهِ / وليس للحُزنِ إلا صَبرُ مجهودِ
والصَّبرُ كالصَّدرِ رُحباً عندَ صاحبهِ / فإنَّ صبركَ مثلُ البِيد في البيِدِ
لله أيَّةُ عينٍ غيرُ باكيةٍ / تُرى وأيُّ فُؤادٍ غيرُ مفؤودِ
إن كانَ لا بدَّ ممَّا قد بُليتَ بهِ / هانَ البِلى بينَ موعودٍ ومنقودِ
حاشاكَ من خُطَّةٍ للقوم باطلةٍ / منها الأسى لِفَواتٍ غيرِ مردودِ
فالحِلمُ في القلبِ مثلُ السُورِ في بَلَدٍ / والعِلمُ في العقلِ مثلُ الطوقِ في الجِيدِ
لِمَنِ الدَّمعَ بعدَ هذا تَصوُنُ
لِمَنِ الدَّمعَ بعدَ هذا تَصوُنُ / وعلامَ الصبرُ الجميلُ يكونُ
كلُّ حُزنٍ بحَسْبِ كلِّ فقيدٍ / وبحَسْبِ الأحزان يبكي الحزِينُ
وبحسبِ البلاءِ صبرٌ بهِ القلْ / بُ على حَمْل ما بهِ يستعينُ
يُخلَقُ النَّاسُ للشَّقاءِ فما أسْ / عَدَ من لم يُخْلقْ فذاك أمينُ
طالما جَدَّتِ الرّجالُ على الدُّن / يا فغارَت ضِحْكاً عليهِ المَنُونُ
قد أعدّتْ لدهرِها وهْيَ لا تطْ / معُ في يومها فبئِسَ الجُنونُ
كلُّ حَيٍّ يرجو الحياةَ ولو في ال / موتِ وهماً فماتَ وهْوَ ضنينُ
قد أطالت فينا الظُنونُ الأمانيْ / يَ وعندَ القضاءِ صحَّ اليقينُ
عِلّةُ الموتِ لا تُداوى ولا تَح / مِي الرُّقَى منهُ والقنا والحُصونُ
ولَعلّ الدواءَ منهُ سَقامٌ / ولَعلَّ الفِرارَ منهُ كمينُ
ما تُرَى من حِماهُ شَرْبةُ ماءٍ / يَتّقي مَن قَضاهُ كافٌ ونُونُ
حيلةٌ أعيتِ الأنامَ فمات ال / شيخُ عجزاً كما يموتُ الجنينُ
نشتكي شِدّةَ الحياةِ ولا نر / ضى كما لا يرضى الخَلاصَ السجينُ
كلُّنا في الحياةِ يطلبُ أرضاً / شاكَلَتهُ فنحنُ ماءٌ وطينُ
أيها العمرُ طُلْ أوِ اقصُرْ فإني / للمنايا مهما أطلتَ رَهينُ
كلُّ أمرٍ لا بُدَّ منهُ أراهُ / كان قبلاً فلم أخَفْ إذ يكونُ
راحةُ المرءِ تركُ دُنياهُ طَوعاً / فَهْوَ كُرْهاً لتركها سَيَدينُ
خَبّرينا يا أرضُ كيفَ سُلَيما / نُ وعادٌ وأينَ تلكَ القُرونُ
كنتِ مِلكاً لهم فصاروا تُراباً / منكِ ملْكاً لنا بهِ نستهينُ
إِلْفُ هذِي الحياةِ جَدّدَ في الأن / فُسِ أُنساً بها فطالَ الحنينُ
وأنِسْنا بعضاً ببعضٍ فكانت / وَحْشةٌ في القلوبِ حين نَبِينُ
أيها الرَّاحلُ الذي زادُهُ التق / وَى إلى اللهِ والعَفافُ هَجينُ
أنتَ في التُرْب قد دُفِنتَ ولكن / لكَ طيَّ القُلوبِ شخصٌ دفينُ
إن تكن نمتَ نومةَ الدهرِ فالنو / مُ علينا قد حرَّمتهُ الجُفُونُ
ولئن كُنتَ قد بَليتَ فلا يَب / لَى اشتياقٌ ولا تَرِثُّ شُجونُ
يا لكَ اللهُ هل سمعتَ نُواحاً / في الليالي لهُ الصَفاةُ تَلينُ
إن يكن لم تُصب ثَراكَ الغوادي / كُلَّ يومٍ فقد سقَتْهُ العُيونُ
كنتَ لا تُخلِفُ الرَّجاءَ كريماً / وكريماً خابت لَدَيكَ الظنونُ
نحنُ نَبغي لكَ الحياةَ فهل تَر / ضى بدُونٍ وكيفَ يُرضِيكَ دُونُ
كنت في الأرض زاهداً مطمئناً / لم تَبِعْ دارَها وأنتَ غبينُ
لا يُبالي بأُرجُوانٍ وخَزٍّ / من كَسَاهُ عقلٌ وعِرضٌ ودِينُ
قد جمعتَ الدَّارَينِ هذِهْ تولَّت / ها بنانُ اليُسرَى وتلكَ اليمينُ
ومِنَ الناسِ جاهلٌ وحكيمٌ / ومِنَ الدارِ ناصحٌ وخَؤونُ
بين ضربِ الطُلَى وطعنِ الصدورِ
بين ضربِ الطُلَى وطعنِ الصدورِ / تَنزِلُ المَكرُماتُ حولَ غديرِ
وعلى صَهْوةِ السوابقِ تُبنى / من عَجَاجٍ للمجد شُمُّ القصورِ
إنَّما الفضلُ بالكَرامةِ والإق / دامِ والحَزْم في اعتراكِ الأُمورِ
مثلما سادَ في الوَرَى حَمَدُ المح / مودُ حَمْدَ المؤَمَّلِ المشكورِ
طارفٌ عن تليدِ جَدٍّ قديمٍ / وَرِثَ المكرُماتِ إرثَ الجديرِ
لَقَّبوهُ الصغيرَ وهْوَ عليٌّ / إذ رأَوهُ دُونَ الإمام الكبيرِ
فئةٌ تَصلُحُ العُلى والعطايا / والسرايا لهم ونحرُ الجَزورِ
لِسَريرِ العُلَى رِجالٌ وإلا / ضاقَ بالجالِسِينَ مَتْنُ السريرِ
أنتَ منهم وفَوْقَهم أيُّها الصا / في كمالاً لِصَفْوةِ التكريرِ
حَسَبٌ فوقَ ذلك المجدِ قد زا / دَ كأبياتِ الشِعرِ بالتشطيرِ
ضاقَ عنك الثَّناءُ شرحاً فما تُو / صَفُ إلا بمثلِ رمزِ المُشيرِ
فوقَ أهلِ القرِيضِ علماً فمن أرْ / ضاكَ منهم فذاكَ فوقَ جريرِ
طالما تَنِظِمُ القوافيي من الشِع / رِ طباقاً بمالكَ المنثورِ
شاعرٌ يَخلُقُ المعاني ويَرضَى / من فصيح الألفاظِ بالمشهورِ
لا تَلُمْني إذا اقتصرتُ فقد كلْ / لَفتُ نفسي إليك عزمَ الجسورِ
مَوقِفٌ هائلٌ وسيفٌ كليلٌ / وكِلا الجانبينِ داعي القُصورِ
في فتح عكا بَرْدُ نارِ معَاطبٍ
في فتح عكا بَرْدُ نارِ معَاطبٍ / دارِ الخليل وللديارِ بهِ البُكا
رأسَ الثَمانِ وأربعينَ بِطيّهِ / مئتانِ مَعْ ألفٍ فبارَكَ ربُّكا
أنت الخليلُ وفي الأطلال بردُ لظىً
أنت الخليلُ وفي الأطلال بردُ لظىً / أطلالِ عكَّا ورَفضُ الرُعْبِ والحَذَرِ
كن بالغاً أوجَ سعدٍ ما بهِ ضررٌ / أو غالباً لم يزَل في أوَّل الظفرِ
الزهرُ تَبسِمُ نُوراً عن أقاحيها
الزهرُ تَبسِمُ نُوراً عن أقاحيها / إذا بكى من سحابِ الفَجْرِ باكيها
نورُ الأقاحي الذي ما بالحياءِ بهِ / من صِحَّةٍ وصَفاءٍ عَزَّ مُنشيها
تلكَ الرُبوعُ لليلى أينَ مَربَعُها / عن قصدِهِ وسُيوفُ العُرْبِ تَحْميها
أدماءُ تَجْني على الأكباد مُصليةً / تَبارَكَ اللهُ ما أحلَى تَجَنّيها
ليْلَى ولي شَوقُ قيسٍ في محبّتها / فشِعرهُ فجُنونٌ شابَهُ فيها
خالٌ لها عَمَّهُ وَرْدٌ بَدا حَرَماً / في وَجنةٍ حُمِيَتْ عمَّن يُدانيها
للهِ مُقلَتُها السوداءُ صائدةً / قُلوبَ عُشّاقها والقُرطُ راعيها
يقول قومي رُويداً قد سَقِمتَ هوىً / فقُلتُ مَهْلاً شفائي من نواحيها
لعلَّ صافي نسيمٍ من خَمائلها / أتَى يَهُبُّ على رُوحي فيشفيها
وبي رِقاقُ ليالٍ في النقاءِ وَفَت / بِيضُ اللّقاءِ فما أهَنى لياليها
في جَنَّةٍ حُوْرُها تزهو بنا وبها / لو كان يصفو خُلودٌ في روابيها
يَهُزُّني ذِكرُها وجداً فأَعْلَمُهُ / جُرحاً ورُوحي تراهُ من مجَانيها
أسأتُ كتمَ الهوى والصَبُّ كيف لهُ / سِترٌ وأدمُعُهُ قد هلَّ واشيها
ليسَ الهوى بخفيٍّ عندَ رادِعِهِ / فكيفَ ناشرُهُ يَطْويِهِ تمويها
استودعُ اللهَ صبراً ما أُمارِسُهُ / ومُهجةً عن حِسانٍ لَسْتُ أَحميها
طاب الهوى والضنى واللَومُ لي فدَمِي / أُسَرُّ في بذلِهِ في حيِّ أَهليها
لَبَّيكَ يا لحظَها الجاني على كَبِدٍ / سالتْ أسىً في الهَوَى لولا تأَسِّيها
إنْ تعفُ طوعاً فإنّ العفوَ لي أرَبٌ / أو لا فرَيحانُ رُوحي في تَفانيها
ليتَ الصِبا عاد لي بعد المَشيبِ على / شرطِ الوفا وهْوَ مِن تجلّيها
بِكرٌ محجَّبةٌ لا تنجلي لحياً / حتى من النَجمِ حتّى ما يُلاقيها
راقَ الدَّلالُ لها والذُلُّ لي أبَداً / ولم يَرُقْ كأْسُ وردي من تدانيها
دمعي ومَبِسمُها الدُّرُّ الثمينُ صدىً / لمُهجتي فبصَبرِ القلبِ أُرْويها
لمّا رأت جِدَّ وَجْدي في محبَّتها / قامت بسيماءِ هَزْلٍ عينُها تِيها
ظنَّ الجَهُولُ الهَوَى سَهْلاً لوالجِهِ / مَهْلاً فقد تاهَ جهلاً أو عَمِي تِيها
يَهيجُهُ غزلُ عينٍ جاءَ حائكُهُ / يَحُوكُ بُرْدَ الضنَى حَلْياً لهاويها
إنَّ العُيونَ التي بانت لَطائفُها / لها خَفاءُ معانٍ ليسَ نَدريها
طلاسمٌ سحرُها المرموزُ طالعةٌ / أَشكالُهُ في سُطورٍ حارَ قاريها
لواحظٌ لُحْنَ في زِيِّ الحِدادِ لِكَي / يُبرِزنَ حُزناً على قَتْلَى رواميها
الناهباتُ البواكي المبكياتُ فقد / كَفّت عقولُ البرايا عن معانيها
لولا سَوادٌ لها ما أبيضَّ فَوْدِيَ عن / شَيبي ولا احمرَّ دمعي من تهاديهَا
عزيزةُ الحُسن من أحكام دولتِهِ / أنْ يجنيَ الذُلَّ دهراً من يُواليها
كلُّ الجراحاتِ مُشفيها الدواءُ سِوَى / جِراحِها أينَ حلَّت فَهيَ مُشفيها
إلى العُيونِ التي في طرفها حَوَرٌ / عَهدُ الرِعايةِ رِقّاً من مُحبيّها
ويلاهُ من زَيْغها داءً نطيبُ بهِ / فلا شُفينا بِعتقٍ من دياجيها
رُوحي وعيني فِدَى عينٍ مُطهَّرةٍ / ومُهجةٍ للّتي بالنَّفسِ أفديها
فَهْيَ الجميلةُ لكن بين عاشقها / والصبرِ جورٌ قبيحٌ من تجافيها
ضاعَ الزمانُ وطالَ الوجدُ وا أَسفي / ولم يقصِّرْ سباقي في تصابيها
أشابَني عَتْبُها قُرباً فأزهَدَها / وعَيَّرتْني بشيءٍ جاءَ من فِيها
للشَيْبِ أنفعُ طِبٍ في الفتى نَبَأً / بما يوافي وترهيباً وتنبيها
رأسٌ يُصفِّدُهُ نامي الصِبا عَبَثاً / بأَدهمِ الشَعْرةِ النَدّابِ ناميها
عيشٌ قصيرٌ طويل الرُّعبِ أعدَلُهُ / ما يَقصُرُ النفسَ قُرباً نحوَ باريها
برقُ المُنى خُلَّبٌ إلا أقلَّ حِبَىً / تَقِرُّ عَينٌ بهِ رَصدْاً يُسلّيها
والناس من يشتهي ما المطلُ حاصلُهُ / ومن تفيهِ عِدَاتٌ نام داعيها
أعوذ بالله من علمٍ بلا عملٍ / ومن تَدارُكِ نفسٍ كَلَّ راعيها
لَوَّامةٌ أوقفتني لا أُطاوعُها / ولا يُحبِّبُ ضُعفِي أنْ أُعاصيها
حَلَت لها النّارُ دُونَ العارِ في دُوَلٍ / من حاسديها بأَرضٍ سالَ واديها
ذَرْني وما بيَ هل لَومٌ عليَّ بها / وقد مُلئِتُ ومَلَّتْ من أعاديها
رِماحَكم يا كرامَ الحيِّ لا تَقِفوا / ولا تَرُعْكُم بِلىً جَدَّت دواهيها
كُلُّ البلايا من الدُنيا مَتَى نَزَلَتْ / بنا فنِيرانُ إبراهيمَ تُفنيها
نارٌ ونُورٌ متى قال النِّزالُ لهُ / والجُودُ هاتِ يداً لم يُلقَ ثانيها
بَنَى من العِزِّ بيتاً دُونَ أعمدةٍ / سِوَى قَناةٍ لهُ عَزّتْ مبانيها
اللوذعيُّ العزيزُ الباسلُ المَلِكُ ال / غازي المَلا بِيَدٍ حَسْبي أياديها
للسيفِ والرُمحِ والأقلامِ قد وُلِدَتْ / راحاتُهُ ولِسُؤَّالٍ تفاجيها
غازٍ مَهيبٌ حسيبٌ ماجدٌ نَجِبٌ / صافي الصِفاتِ نفيسُ النفسِ زاكيها
أقوالُهُ خُطَبٌ أفعالُهُ شُهُبٌ / آراؤهُ قُضُبٌ باللهِ حاميها
أحيى المحامدَ مُفداةً مُسلِّمةً / أليسَ أموالُهُ تَفنى وتُبقيها
وَردَّ ما مرَّ من عَدلِ الصَحابةِ لا / يلهو بزَهرٍ ولا خمرٍ يُعاطيها
جَرَّارُ خيلٍ يَحِلُّ البأسُ جانِبَها / والفتحُ والحتفُ عَدلاً بين أيديها
سَلْ قومَ عكاءَ حِينَ اربَدَّ مشرِقُها / والشأمَ والتُركَ لمَّا اسودَّ ناديها
عبدُ الخليلِ لعبد اللهِ صارَ بها / إسما وشبهَ اسمهِ راحت أساميها
داسَ البلادَ بإذن اللهِ يكسِرها / وتَكسِرُ السيفَ نَزْعاً من نَواصيها
ماجت سراياهُ أبطالاً بسَطْوتها / تُبقي وفيّاً وتُبلي مَن يُعاديها
أحبِبْ بأصيَدَ تحكي الدَّهرَ همَّتُهُ / لكن متى نابَ شرٌّ مَن يحاكيها
بعيدُ قدْرٍ عن الأمثالِ ليسَ لهُ / شبهٌ فما مَدحُهُ ما جاءَ تَشبيها
هوَ الذي حجُّ آلِ البيتِ جاءَ بهِ / بعدَ الذَّهابِ جَلِيِّ الطُرْقِ جاليها
ضلَّ السُعوديُّ وَهَّابُ السوادِ فما / أهداهُ إلاَّ ببرْقِ البيض واليها
رَسولُ حَقٍّ نِزالُ الحربِ سُنَّتهُ / وفَرْضُهُ الجِدُّ بالجَدْوى يُواليها
رامَ الحجازَ وسُودَ الزّنجِ ثمَّ رَمَى / فيها القِتالَ وأمَّ الرُومَ يَرْميها
اللهُ أكبرُ هذا حالُ مَنْ جَلَسَ ال / أَيَّامَ فوقَ سُروجِ الخيلِ يُدميها
والحمدُ للهِ لم تَقصُرْ بواكرُهُ / في ما يقوُمُ ولم تُحصرْ مساعيها
غَلاَّبُ نادٍ وأجنادٍ يُعاهِدُهُ / نصرٌ قريبٌ على لُطفٍ يماشيها
أحصى المُنى والثَّنا والحَزْمَ والكَرَمَ ال / أسنى وآياتِ عدلٍ لَستُ أُحصيها
لا أعقَبَ الويلُ مِصراً وَهْوَ تارِكُها / همّاً فجُودُ يَديهِ جاءَ يُغنيها
بحرٌ وبدرٌ وليثٌ لا يُرَدُّ لهُ / أَمرٌ وصَمْصامةٌ سبحانَ باريها
أبو الفُتوحاتِ أُمُّ الحربِ طاهيها / سُلطانُ ساحاتِ بَرِّ العُرْبِ واقيها
لهُ البلادُ بأشخاصِ العبادِ بما / أبقَى التِلادُ بما حاطت أقاصيها
محمَّديٌّ عليٌّ شأْنُهُ كُسِرَتْ / طوارقُ الرَوع باسمٍ منهُ يأتيها
يا يومَ عُثمانَ لم يَقفُلْ بباكرِهِ / إلاَّ حفايا ظُعونٍ وَهْوَ حاديها
زَلَّت به قَدَمٌ جاءَت بهِ مَرَحاً / فرَدّها عن يدٍ والنَّصرُ تاليها
لسيفِ سُلطانِ مصرٍ هَيبةٌ لقِيَ ال / بلادَ حيٌّ بها يا سَيفَ غازيها
فاقَ الثَّنا أنَّكَ الدُّنيا وقاهِرُها / سعداً وحاكمُها حقاً وقاضيها
يا فاتحَ المنصِبِ الطاري نَدَىً وردىً / على الصَدَى والعِدَى يُخلِي طواريها
أتيتُ نحوَك أُحْيي الليلَ عن عَجَلٍ / وأقتُلُ الخيلَ جوَّاباً أُزَجّيها
واللهُ يشهَدُ كم ليلٍ سَهِرتُ بكم / أجلو رقيمةَ دُرٍ رُدَّ جاليها
لم يأتها قَبْلُ إلاّ شاكرٌ عَجَباً / وجئتُ بعدُ فأهدتني قوافيها
أبقَت صُداعاً برأسٍ راحَ يسلُبُهُ / وحبَّذا سَلبُ أدواءٍ تُداويها
لم ألقَ كُفْواً لها مِمَّنْ رَفَعتُ يدي / قبلاً إليه فلم أهتمَّ تنزيها
ظلَّ البديعُ لها عَبداً يُلِمُّ بها / وكلُّ خَطبٍ سليمٌ عِندَ راقيها
فانعَمْ بها وهْيَ فَلْتَنْعَمْ بمُكرِمها / جُوداً ومُعظِمِها جاهاً ومُعُليها
راقَتْ كأدنَى مَعانيكَ الحِسانِ فما / آياتُ حقٍ كشَطْرٍ من مَبانيها
أخافُ إذا أشارَ براحتَيه
أخافُ إذا أشارَ براحتَيه / لِعِلمي أنَّ رُوحي في يَدَيه
يَخفِقُ عِندَ نَظْرتهِ فُؤَادي / لأَنَّ سَوادَهُ من مُقلتَيهِ
رَشاً أَلِفَ النِّفارَ وليسَ بِدْعٌ / فقد خُلِقَ النِّفارُ لِمَعْطِفَيهِ
يُعاهِدُ كُلَّ يومٍ كلَّ عَهدٍ / ويَغدُرُ بالنبيِّ وصاحبيْهِ
أُريدُ سُلوَّهُ من كلِّ قلبي / وقلبي لا يُطاوِعُني عليهِ
وهيهاتِ السُلوُّ وقد ظَلِلْنا / وظَلَّ الغُنجُ يَعْقِدُ حاجبَيهِ
وما طُفنا البلادَ ولا رأَينا / مَقامَ المجدِ والدُّنيا لديهِ
لديهِ الفاضلُ البحريُّ بحرٌ / تَضيقُ بِحارُنا في جانبَيهِ
أَصَحُّ الكاتبينَ يداً وفكراً / وأَضبَطُ حاسِباً من كاتبَيهِ
وأَمضَى من ذُبابِ السيفِ رأُياً / وأَجملُ طَلعةً من صَفْحتَيهِ
بيَحيَى تَلهَجُ الفُضَلاءُ طُرّاً / كما لَهِجَ النُحاةُ بِسيبَويْهِ
وتُثنِي المكرُماتُ عليهِ ممَّا / يُعظّمُها وتَحمَدُ أَصغَرَيهِ
أقولُ لمُقلتي لمَّا رأَتهُ / أَهذا مَن رَجَونا أن تَرَيْهِ
لكِ البُشرَى بهِ فاهنَيْ وقِرّي / بمن يُنسِي المُسافرَ والدَيْهِ
دعوتُ من الطريقِِ أَبا سليمٍ / فلبَّاني وأَبرَزَ مِعْصَمَيهِ
فَرُحتُ وقد ضَرَبتُ الدَّهرَ صَفْحاً / وراحَ الدَّهرُ يَضرِبُ أَصدَرَيهِ
سيعلمُ أَهلُ لُبنانٍ بأنّي / فتىً وَطِئَ السِّماكَ بأَخمَصَيهِ
ويَحسُدُني الذينَ حَسَدتُ قبلاً / على وَطَرٍ نَزَلتُ بأَسوَدَيهِ
أَلِفتُ الصَّبرَ حتى صِرتُ صبراً / ولكن كُنتُ أطوَلَ شُقَّتيهِ
وشَيَّبَ عارضَيَّ وليسَ بِدعٌ / إذا شابَ الكريمُ بعارِضيهِ
وَصَلتُ بهِ إلى وَطَرٍ كريمٍ / على الأَوطارِ يَعقِدُ خِنصِرَيهِ
كريمٌ من كريمٍ حين يبدو / تَرى الأَبصارَ شاخصةً إليهِ
رَفَعتُ إليهِ دعوَى الحُبِّ شَرْعاً / وهذي العينُ أَعدَلُ شاهدَيهِ
عَفَتْ دارٌ كقلبكَ بعد سَلْمَى
عَفَتْ دارٌ كقلبكَ بعد سَلْمَى / فأَيُّ المنزلينِ أَضَلُّ رَسْما
وهل تُغنِي الدِيارُ بغيرِ أهلٍ / ولو سَلِمَتْ وكيفَ تَنالُ سِلْما
بَكيْتُ على المَنازِلِ فاسترابَتْ / فَتىً يسقي المنازلَ وَهْوَ يَظما
تَخُطُّ مدامعي و إذا كأَنّي / أُداعِبُها فأَمحو الخَطَّ لَثْما
فَدَيتُكِ من مُوَدِّعةٍ تَوَلَّت / وَخيَّمَ شخصُها في السِّرِ وَهْما
حُرِمنا مُنذُ عَهدِكِ غُمضَ جَفنٍ / فكيفَ نَظُنُّ وَصلَكِ كانَ حُلما
إلى الجَبَلَينِ منَّا اليومَ شوقٌ / وإِنْ لم نَعرِفِ الجَبَلينِ قِدْما
إذا أَبصَرتُ نارَهُما تَمَنَّى / فُؤَادي أَنَّهُ قد كان فَحْما
حَرَصتُ على الحيَاةِ وتلكَ رَهنٌ / لمن تُدمِي بأَلحاظٍ وتُدمَى
إذا أعطت لواحظُها أَماناً / فتأخيرٌ إلى أَجَلٍ مُسَمَّى
مُنَعَّمةٌ بنارِ الوجدِ تُحمِي / ممنَّعةٌ بماءِ البيضِ تُحمَى
رأَيتُ لعينِها قَوساً ورِيشاً / فما كذَّبتُ أَنَّ هناكَ سهما
يُسَاقُ إلى الدلائِلِ كلُّ حكمٍ / إذا قامَ الدليلُ أَقامَ حُكما
فما قُلنا طَرابُلُسٌ سَماءٌ / إلى أَنْ أَطلَعَت في الأُفقِ نَجْما
كريمٌ للثَّناءِ بهِ ثَناءٌ / فخيرُ القولِ ما لم يُخطِ مَرمَى
لَدَيهِ تَخجَلُ الأَشعارُ نَقْداً / وإِنْ تَكُ قد تباهَتْ فيهِ نَظما
أَصَحُّ القومِ في الغَمَراتِ رِأياً / وأَجلى رُؤْيةً وأَجَلُّ حَزْما
وأَطيَبُ من نسيمِ الرَوضِ نَشْراً / وأعذَبُ من سُلافِ الكأْس طَعْما
يُحِبُّ البَذْلَ إلاّ في امتِنانٍ / ويأْبَى الفضلَ إلاَّ أَن يَتِمَّا
و لا يَهوَى لمُهجتِهِ رَواءً / على عَطَشٍ بصاحبِهِ أَلَّما
نجيبٌ يَسبِقُ الداعي مجيباً / لهُ لو كانَ يُؤْتى قبلُ عِلمَا
وَيَعذِرُ من أتاهُ وليسَ عُذرٌ / لهُ في الناس إذْ لم يأْتِ جُرْما
تُقيِّدُ كُلَّ آبدةٍ لديهِ / سُطورٌ كالسَلاسلِ جئنَ دُهْما
تَخَيَّلَ من بياضِ العينِ طِرساً / فجاءَ بأَسودِ الإِنسان رَقما
وَحَسْبُكَ شاعرٌ عربيُّ لَفظٍ / تَدِقُّ لهُ معانٍ خِلْنَ عُجْما
تَصَرَّفَ بالغرائبِ عن فُؤَادٍ / لأَغلاقِ المَشاكلِ فضَّ خَتْما
رأَيتُكَ تَنظِمُ الدُّرَرَ اليتَامَى / فقد لُقِّبتَ بالنَحَّاسِ ظُلما
وما كُلٌّ يُلَقَّبُ عن حِسابٍ / ولا كُلُّ على قَدَرٍ يُسمَّى
أجاشَ الشِعرَ شِعرُك في فُؤَادي / فقُمتُ صَبَابةً وقَعَدتُ سقُما
وتقصيرُ الضعيفِ يُعَدُّ عيباً / ولكنْ لا يُعدُّ عليهِ إِثما