القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الشَّريف المُرتَضى الكل
المجموع : 591
أَراعكَ ما راعَني مِن رَدى
أَراعكَ ما راعَني مِن رَدى / وجدتُ له مثلَ حزّ المُدى
وَهَل في حِسابك أنّي كَرَعْتُ / برُزءِ الإمامِ كؤوس الشّجا
كأنّي وقد قيل لي إنّه / أتاه الرَّدى في يَمينِ الرّدى
فَقُل لِلأَكارمِ مِن هاشمٍ / ومن حلّ من غالبٍ في الثَّرى
رِدوها المَريرة طولَ الحياةِ / وكم واردٍ كَدِراً وما اِنروى
وشقّوا القلوبَ مَكانَ الجُيوبِ / وجُزّوا مكانَ الشّعورِ الطُّلى
وحلّوا الحُبا فعلى رُزْئِهِ / كِرامُ الملائكِ حلّوا الحُبا
ولِمْ لا وما كتبوا زلّةً / عليه وأيُّ اِمرئٍ ما هَفا
فيا ليتَ باكيَهُ ما بكاهُ / ويا ليت ناعيَهُ ما نعى
ويا لَيتنِي ذقتُ عنه الحِمامَ / ويا لَيتَني كنتُ عنه الفِدا
هوَ المَوتُ يَستلبُ الصالحينَ / وَيَأخذُ مِن بَيننا مَن يَشا
فَكَم دافَعوه فَفات الدفاعُ / وَكَم قَد رَقَوْه فَأَعيا الرُّقى
مَضى وهوَ صِفْرٌ منَ الموبقاتِ / نقيَّ الإزارِ خفيفَ الرِّدا
إِذا رابَهُ الأَمرُ لَم يأتِهِ / وإن خَبُثَ الزَّادُ والَى الطَّوى
تعزَّ إِمامَ الوَرى وَالّذي / بِه نَقتَدي عَن إِمامِ الوَرى
وَخَلِّ الأَسى فَالمَحلُّ الّذي / جَثَمتَ بِهِ لَيسَ فيهِ أَسى
فَإِمّا مَضى جَبلٌ وَاِنقَضى / فَمِنكَ لَنا جَبلٌ قَد رَسَا
وَإِمّا فُجِعنا بِبَدرِ التمامِ / فَقَد بَقيت مِنك شمسُ الضُحى
وَإِن فاتَنا مِنهُ لَيثُ العَرين / فَقَد حاطَنا مِنكَ لَيثُ الشَّرى
وَأَعجَبُ ما نالَنا أَنَّنا / حُرِمنا المنى وَبَلَغنا المنى
لَنا حَزَنٌ في محلِّ السرورِ / وَكَم ضَحِكٍ في خِلالِ البُكا
فَجَفْنٌ لَنا سالِمٌ مِن قَذىً / وآخرُ مُمتَلِئٌ مِن قَذى
فَيا صارِماً أَغمدته يدٌ / لَنا بَعدكَ الصارِمُ المُنتضى
ويا رُكُناً ذَعْذَعته الخطوبُ / لَنا بَعدَ فَقدِكَ رُكنٌ ثوى
وَيا خالِداً في جِنانِ النّعيمِ / لَنا خالدٌ في جِنانِ الدُّنا
فَقوموا اِنظروا أَيّ ماضٍ مَضى / وَقوموا اِنظُروا أيّ آتٍ أتى
فَإِنْ كانَ قادرُنا قَد مضى / فَقائِمُنا بَعدَهُ ما مَضى
ولَمّا دُوينا بِفَقدِ الإمامِ / عَجِلتَ إلينا فكنت الدَّوا
رَضيناكَ مالكَنا فَاِرضنا / فَما نَبتَغي مِنكَ غَيرَ الرِّضا
وَلَمّا حَضرناكَ عندَ البِياعِ / عَرَفنا بِهَديك طُرقَ الهُدى
فَقابَلتَنا بوَقارِ المَشيبِ / كَمالاً وَسِنُّك سِنُّ الفَتى
وَجِئناكَ تَتلو عَلَينا العزاءَ / فَعزَّيتَنا بِجَميلِ العزا
وَذادَتْ مَواعِظُك البالغاتُ / أَخامِصَنا عَن طَريقِ الهَوى
وَعَلَّمتَنا كَيفَ نَرضى إِذا / رَضي اللَّه أَمراً بِذاكَ القَضا
فَشَمّرْ لَنا أَيُّهاذا الإمامُ / وَكُن لِلوَرى بَعدَ فَقرٍ غِنى
وَنَحِّ عَنِ الخَلقِ بَغيَ البُغاةِ / وَعُطَّ عَنِ الدّينِ ثوبَ الدُّجى
فَقَد هَزَّك القَومُ قَبلَ الضِّرابِ / فَما صادَفوكَ كَليلَ الشَّبا
وَأَعلَمَهم طولُ تَجريبِهم / بِأَنَّكَ أَولاهمُ بِالعُلى
وَأَنّك أَضرَبُهم بِالسّيوف / وَأَنَّك أَطعنُهم بالقنا
وَأَنّكَ أَضرَبُهم في الرّجا / ل عِرْقاً وأطولُ منهم بنا
وَأَنّك وَالحَربُ تُغلى لها ال / مَراجلُ أوسعُ منهم خُطَا
وَأَنّك أَجوَدُهم بالنُّضارِ / وَأَنَّكَ أَبذَلُهم لِلنّدى
سَقى اللَّهُ قَبراً دَفنَّا بِهِ / جَميعَ العَفافِ وَكُلَّ التُّقى
وَجادَ عَلَيهِ قُطارُ الصّلاةِ / فَأَغناهُ عَن قَطَرات الحَيا
ومَيْتٌ له جُدُدٌ ما بَلين / مآثرُهُ لا يَمَسُّ البِلى
وَإِنْ غابَ مِن بَعدِ طولِ المَدى / فَإِنَّك أَطوَلُ مِنهُ بقا
لَقَد ضَلّ مَن يَسترقّ الهَوى
لَقَد ضَلّ مَن يَسترقّ الهَوى / وَعَبدُ الغَرامِ طَويلُ الشَّقا
وَكَيفَ أَحلُّ بِدارِ الصَّواب / وَلي همّةٌ تزدري بالذُّرا
وتُظْلِمُ دونِيَ طُرْقُ الصّواب / وَمِنّي اِستَعارَ النَّهار السَّنا
رُويدَكِ يا خُدُعاتِ الزّمانِ / كَفاني فِعالُكِ فيمَن مَضى
جَذبتِ عَنانَ شَديد الجُموحِ / وَراوَدتِ مُستَهزِئاً بالرُّقى
يَعُدُّ الغِنى منك غُرمَ العقولِ / وَأَنّ ثَراءك مِثلُ الثرى
ومَنْ مَلأت سَمعَه الذابلاتُ / وَقَرعُ الظبا لَم يَرُعْه الصَّدى
رَمى الدَهرُ بي في فَمِ النائباتِ / كأنِّيَ في مُقلَتيهِ قَذى
وَلَم يَدرِ أنّيَ حتفُ الحُتوف / وَأَردَيتُ بِالسّيف عُمْرَ الرّدى
وَأَنّي لَبِستُ ثِيابَ العَراء / وَلا مُؤْنسٌ لِيَ غيرُ المَها
وَقَلبٌ نَبا عَنهُ كَيدُ الزّمانِ / فَما للمُنى في رُباهُ خُطا
إِذا نازَعَتني خُطوبُ الزَّمان / مَلأتُ بِهِ فُرُجاتِ المَلا
أُلوِّحُ بِالنَّقعِ وَجهَ النهارِ / وَأَحسرُ بالبيضِ وَجهَ الدجى
عَلى سابِحٍ في بِحارِ المنونِ / كفيلٍ بِوَطء الشَّوى بالشّوى
أَنالُ بِهِ فائِتاتِ الوُحوش / وَأَلمسُ مِن صَفحَتيه السُّها
إِذا ما نَظَرتُ إِلى لَونِهِ / رَأيتُ الدُّجى قَد تردّى الضُّحى
عَذيريَ مِن مدّعٍ لِلعُلى / وَلَم يَحنِ السَّير ظهرَ السُّرى
وَلا حَملتهُ ظُهورُ الجِياد / ولا رَوِيتْ في يَديهِ الظّبا
وَما كلُّ ذي عَضُدٍ باطشٌ / ولا كلُّ طرفٍ سليمٍ يرى
وَبَعض الأَنامِ الّذي تَرتَضيهِ / وَبَعض الرؤوسِ مَغاني الحِجى
فَكَم مِن طَريرٍ يَسوء الخبيرَ / وَكَم فَرَسٍ لا يُجارى العَفا
دَعِ الفِكرَ فيمَن أَعَلَّ الزّمانُ / وَإِلا فَقُم بِاِعتِدال الشِّفا
فما غيّرت كفُّ ذي صنعةٍ / بِأَخفى التحلّي مَكانَ الحُلى
وَلَلطبعُ أَقهرُ مِن طابعٍ / وَطرف الهَوى ما خَلا من عمى
سَقى اللَّهُ مَنزلَنا بِالكثيب / بِكَفِّ السّحائِب غَمْرَ الحيا
مَحلّ الغيوثِ وَمَأوى اللّيوث / وَبحرُ النّدى وَمَكان الغِنى
فَكَم قَد نعمت بِه ما اِشتهيْ / تُ مشتملاً بإزار الصِّبا
تُعانِقُني منهُ أَيدي الشّمال / وَيَلثِمُ خدّي نَسيمُ الصَّبا
وَكَم وَردتهُ رِكابُ العُفاةِ / فَأَصدرتها بِبلوغِ المُنى
إِذا ما طَمَتْ بِيَ أَشواقُه / دَعوتُ الحُسينَ فَغاضَ الأسى
فتىً لا تعثّر آراءَه / بِطرقِ المَكارم صمّ الصَّفا
يَجودُ بِما عَزَّ مِن مالِهِ / فإنْ سِيلَ أَدنى علاهُ أَبى
وَيَوماهُ في الفَخرِ مُستَيقنان / فَيومُ العَطاءِ ويومُ الوغى
يُفيض بِهذا جزيلَ الحِباءِ / وَيُقري بِهذا القَنا في القَرا
تَعرّف في الخلقِ بِالمَكرُمات / فَأَغنَتهُ عَن رائِقاتِ الكُنى
وَأَخرَسَ بِالمجدِ قَولَ العُداة / وَأَنطقَ خُرسَ اللَّها باللُّها
أَيا مَن كَبا فيهِ طِرفُ الحسود / فأمّا جوادُ مديحٍ فلا
تَمنّى أَعادِيكَ ما فارَقوه / وَمِن دونِ ما أمَّلوه العُلى
وَعِرضٌ يمزِّقُ مِرْطَ العُيوب / وَيَهتِكُ عَنهُ برودَ الخَنا
وَلَولا عُلوُّك عَن قَدرِهم / لَحَكَّمتَ فيهِم طِوالَ القنا
وَأَلحَظْتَ أعيُنَهم غُرّةً / تفارقُ مِنها الجسومُ الطُلى
لَقَد عَصَمتهُمْ سفاهاتُهُمْ / وكهفُ السَّفاهة بِئسَ الحِمى
أَبَى اللَّه وَالمجدُ والمشرفيُّ / وسُمرُ الرّماح مُرادَ العدا
تهنّأْ بشهرٍ تهنّأ منك / بِصدقِ اليقينِ وصدقِ التُقى
فَهَذا بِه تَستَضيء السّنون / وَأَنتَ بِمَجدكَ فَخرُ الوَرى
نادِ اِمرءاً غُيّبَ خَلف النَّقا
نادِ اِمرءاً غُيّبَ خَلف النَّقا / فكَم فَتىً نادَيته ما وَعى
وَقُل لمَن لَيس يرى قائلاً / بأيِّ عهدٍ دبّ فيكَ البِلى
وَكَيف دُلّيتَ إِلى حُفرةٍ / يَمحوكَ مَحو الطِّرسِ فيها الثَّرى
كَذِي ضنىً مُلقىً وَلَيتَ الّذي / سيطَ بِهِ جِسمكَ كانَ الضّنى
أَرّقنِي فَقدُك مِن راحلٍ / وَاِستَلَّ مِن عَينَيَّ طعمَ الكَرى
وَبِنتَ لا عَن مَللٍ مِن يَدي / وَغبتَ عَن عَينيَّ لا عن قِلى
فَكَيفَ وَلّيت وَخَلَّفتني / أَكرعُ مِن بَعدك كأسَ الأَسى
كَأَنَّني سارٍ عَلى قَفرةٍ / مَسلوبَةٍ أَعلامُها وَالصُّوى
أَو مُنفِضٍ مِن كلِّ أَزواده / يَحرِقُ القَيظ بِنارِ الصَّدى
وصاحِبٍ لِي كُنتُ صَبَّاً بِهِ / أَخشى عَلَيهِ مِن مُرورِ الصَّبا
تَمَّ وَلَمّا لَم يَجِد مُنتهى / غافَصنِي فيهِ طروق الرَّدى
خُولِستهُ مُحتظراً رابعاً / كالنّجم ولّى أو كغصنٍ ذَوى
فَفي جُفونِي منهُ سَيلُ الزُّبَى / وَفي فُؤادِي مِنهُ نارُ القِرى
وَإنْ تَقلّبتُ عَلى مَضجَعي / كانَ لِجَنبي فيهِ جَمرُ الغَضا
وَكانَ في العَينينِ لي قرّةً / فَصارَ مَيتاً لِجفوني قَذى
قَد قُلتُ لِلمُسلينَ عَن حُزنِه / ما أَنا طَوعاً لِعَذولٍ سَلا
فَإِن رَقا دَمعِي فلم يَبكِهِ / فَلن أُصبِحَ فيمَن بَكى
وَكَيفَ أَسلاهُ وَبي صَبوةٌ / أَم كَيفَ أَنساهُ وفيهِ الهُدى
كَانَ كَنارٍ أُضرمت وَاِنطَفت / أَو بارِقٍ ما لاحَ حتّى اِنجَلى
أَو كَوكَبٍ ما لحظتْ نورَهُ / في أُفقِه العَينانِ حتّى خوى
يَنبو عَنِ الفُحشِ وَلَم يَستطِعْ / مُعرّساً في عَرَصَات الخَنا
وَإنْ تَنُطْ سِرّاً إِلى حفظِهِ / فَهوَ عَلى طولِ المَدى ما فشا
كَم أَخَذَ الدّهر لَنا صاحِباً / وَكَم طَوى في تُربِهِ ما طَوى
وَكَم أَمالَت كفُّهُ صَعْدةً / عالِيةً شاهِقةَ المُرتَقى
إِن شِئتَ أَنْ تَعجَب فَانظُر إِلى / مُرتَبَعٍ بادَ ورَبْعٍ خلا
وَنِعمَةٍ سابغةٍ قَلّصتْ / وَمَنزلٍ بَعَد كَمالٍ عفا
وَمَعشَرٍ حَلّوا وَلَم يَرتَضوا / بَأساً وعزّاً في محلِّ السُّها
مِن دونِ ما أرغم آنافهم / ضَربُ الوَريدَينِ وَطَعنُ الكُلى
أَكفُّهُم لِلمُجتَدين الغِنى / وَدورُهُم في النائِباتِ الحِمى
وَكَم لَهُم مِن مُعجِزٍ باهرٍ / أظهرهُ للناسِ يَوم الوغى
سيقوا إِلى الموتِ كَما سُوِّقتْ / لِلعَقْرِ بِالكُرهِ بِهامُ الفلا
وَطوّحوا في بَرزَخٍ واسعٍ / بَينَ هُوى مظلمَةٍ أو كُدى
كَأَنَّهم ما قسّمتْ برهةً / أَيديهمُ الأَرزاقَ بَينَ الوَرى
وَلا أَقاموا العزَّ ما بَينَهم / بِالبيضِ مَعموداً وسُمر القنا
هوَ الرَّدى لَيسَ لَه مَدفعٌ / وَالمَوتُ لا يَقبلُ بذلَ الرّشا
وَكَم مَضى قبلك أغلوطةً / بِالسّيفِ مِن غَفلته مِن فَتى
إِن ساءَني البينُ فَقَد سَرَّني / أَنّك فارَقتَ شَهيرَ الظبا
تَمضِي إِلى القومِ الأُلى لَم تَزلْ / تَجعلهم في الظّلماتِ الهُدى
فَإِنْ تَبوّأتَ لَهُم مَنزلاً / كُنتَ بِهم في الدرجاتِ العُلى
وَلَم يَزَل قَبركَ تُبلى بهِ / عَليكَ إِن شِئتَ دُموعُ الحَيا
فَلَم يَضِرْ وَهوَ ندٍ تُربه / مِن رَحمةٍ أَن لَم يُصبه النّدى
وَإِنْ تَكُن مُظلمةً حَوله / قُبورُ أَقوامٍ فَفيهِ السَّنا
وَإِنْ يَبِتْ في غَيِر ما رَبوةٍ / فَهوَ لَدَى الرّحمَنِ أَعلى الرُّبى
سَلامٌ وَهَل يُغني السَّلام على الَّذِي
سَلامٌ وَهَل يُغني السَّلام على الَّذِي / مَضى هالكاً عنّى كَما اِقتَرح الرَّدى
سَددتُ بهِ بَطنَ الصَّعيد وَإِنّه / لَيُؤلم قَلبي أَنْ سَددتُ بهِ الثّرى
وَعَن غَيرِ إِيثارٍ عَمَرتُ بِهِ اللّوى / وَحَكّمتُ في أَوصالِهِ شِقّةَ الرِّدا
فَخُذْ سِرَّ قَلبي مِلءَ كفّيكَ من شجىً / وَخُذ جَفْنَ عَيني ملءَ كفّيكَ مِن قَذى
فَبنْ غَير مَملولٍ فَكم بانَ بائنٌ / مغافصةً لا عَن ملالٍ ولا قِلى
أَقولُ وَقَد عَزّ اِصطِباري هَكَذا / أَرادَ مَليكُ الأرضِ أَو هَكذا قَضى
أأُسقى نميرَ الماءِ ثمَّ يَلذُّ لي
أأُسقى نميرَ الماءِ ثمَّ يَلذُّ لي / ودورُكُمُ آلَ الرّسولِ خَلاءُ
وَأَنتم كَما شاءَ الشَّتاتُ وَلَستُمُ / كَما شِئْتُمُ في عيشَةٍ وَأَشاءُ
تُذاودن عَن ماءِ الفُراتِ وكارعٌ / بِهِ إِبلٌ لِلغادرين وشاءُ
تَنَشّر مِنكم في القواءِ معاشرٌ / كَأنّهُمُ لِلمُبصرينَ مُلاءُ
أَلا إِنَّ يَومَ الطفّ أَدمى مَحاجراً / وأَدوى قُلوباً ما لَهُنَّ دواءُ
وَإِنّ مُصيباتِ الزمانِ كَثيرةٌ / وَرُبّ مُصابٍ لَيسَ فيهِ عَزاءُ
أَرى طَخْيةً فينا فَأَينَ صَباحُها / وَداءً عَلى داءٍ فأين شفاءُ
وَبَينَ تَراقينا قُلوبٌ صَديئةٌ / يُرادُ لَها لَو أُعطيَتْهُ جلاءُ
فَيا لائِماً في دَمعَتي أَو مفنّداً / عَلى لَوعَتي وَاللوم منهُ عَناءُ
فَما لَكَ مِنّي اليومَ إلّا تَلهُّفٌ / وَما لكَ إلّا زَفرةٌ وبكاءُ
وَهَل ليَ سُلوانٌ وآلُ محمّدٍ / شَريدُهُمُ ما حان منه ثواءُ
تُصَدُّ عنِ الرّوحاتِ أَيدي مَطِيِّهمْ / وَيُزوى عَطاءٌ دَونَهم وحِباءُ
كأنّهُمُ نسلٌ لغير محمّدٍ / وَمِن شعبهِ أَو حزبهِ بُعداءُ
فَيا أَنجُماً يَهدي إِلى اللَّهِ نورُها / وَإِن حالَ عَنها بِالغبيّ غَباءُ
فَإِنْ يكُ قَومٌ وُصلةً لِجَهنّمٍ / فَأَنتمْ إِلى خُلدِ الجنانِ رِشاءُ
دَعوا قَلبِيَ المَحزونَ فيكم يهيجُهُ / صَباحٌ عَلى أُخراكمُ ومساءُ
فَلَيسَ دُموعي مِن جُفوني وَإِنّما / تَقاطَرْنَ مِن قَلبي فَهُنَّ دِماءُ
إِذا لَم تَكونوا فَالحياةُ مَنيّةٌ / وَلا خَيرَ فيها وَالبقاءُ فناءُ
وَإمّا شَقيتمْ في الزمانِ فإنّما / نَعيمي إِذا لَم تلبسوهُ شقاءُ
لَحَا اللَّهُ قَوماً لَم يُجازوا جَميلكم / لأنَّكُمُ أَحسنتُمُ وَأَساؤوا
وَلا اِنتاشهُم عندَ المكارِهِ مُنهضٌ / ولا مَسّهم يَومَ البلاءِ جزاءُ
سَقَى اللَّهُ أَجداثاً طُوين عَليكُمُ / وَلا زالَ مُنْهلاً بهنَّ رِواءُ
يَسيرُ إِلَيهِنّ الغمامُ وَخَلفهُ / زَماجِرُ مِن قَعقاعِه وحُداءُ
كَأَنَّ بواديهِ العِشار تَروَّحتْ / لَهنَّ حنينٌ دائمٌ ورُغاءُ
وَمَن كانَ يُسقى في الجنانِ كَرامةً / فَلا مَسَّه مِن ذي السحائِبِ ماءُ
وَمِنَ السَّعادةِ أَن تَموتَ وَقَد مَضى
وَمِنَ السَّعادةِ أَن تَموتَ وَقَد مَضى / مِن قبلكَ الحُسّادُ والأعداءُ
فَبَقاءُ مَن حُرِمَ المرادَ فناؤُه / وفناءُ من بلغ المرادَ بقاءُ
وَالنّاسُ مُختَلِفونَ في أَحوالِهم / وَهُمُ إِذا جاءَ الرّدى أكفاءُ
وَطِلابُ ما تفنى وَتتركُهُ على / مَن لَيسَ يَشكرُ ما صَنعتَ عناءُ
عَلى مثلهِ تُذرى العيونُ دماء
عَلى مثلهِ تُذرى العيونُ دماء / فَلا يَحتَشِم باكٍ عَليهِ بُكاءا
وَقُل لِلّذي سَحّت شؤونُ دُموعِهِ / دَعِ الدمعَ يَجري كَيفَ شِئتَ وشَاءا
وَلا تَمنعِ الأجفانَ سَحَّا فكلّما / هَرَقْنَ الّذي فيهنَّ عُدنَ ملاءا
فَما اليوم إِلّا يَومُ حُزنٍ وَلَوعَةٍ / فَخلِّ حِراناً في الأَسى وَإِباءا
وَإِن كُنتَ طَوْعاً لِلحَياءِ فَلا تُطِعْ / بِجَدّك في هَذا المُصابِ حَياءا
وَنادِ نَصيحاً لا أُحبُّ نصيحةً / وَقُل لِمعَزٍّ لا أريدُ عَزاءا
أَمِن بعدِ فجعِ الموتِ بِاِبن مُحمّدٍ / وَكانَ كَصدر المشرَفيِّ مَضاءا
أُرجّي بِأوطانِ العَدامة ثَروةً / وَآمل في دارِ الفناءِ بَقاءا
دَفَنتُ الإِخاءَ العذب لمّا دَفنتهُ / فَلَستُ بباغٍ ما حييتُ إخاءا
وَما كانَ إِلّا حامِلاً ثِقْلَ قومهِ / إِذا أَظلَموا يَوماً عليهِ أَضاءا
وَلَم يكُ خَوّاراً وَلا كانَ عُودُهُ / إِذا عَجموهُ بِالنيوبِ أَباءا
يَعِلُّونَه ما يُجتَوى ويَعِلُّهمْ / صَفاءً عَلى تَرنيقِهم وَوفاءا
وَيُسرع نَهّاضاً بما آدَ ثِقلُه / إِلَيهم وَإِن كانوا عَليه بِطاءا
وَمِمّا شَجا أنّي رُزِئتك بَغتةً / وَقَد كنتُ مَملوءَ الفُؤادِ رَجاءا
وَودَّ رِجالٌ لَو فَدَوْك وقلّما / تَقبّل وُرّادُ الحِمامِ فِداءا
أَلا إِنَّ قَومي بعدَ بَأسٍ وَكَثرةٍ / قَضَوا بِفُنونِ الحادِثاتِ قَضاءا
رَدوا بعدَ أَن كانوا سدادَ عظيمةٍ / وَكانوا لأوجاعِ الزّمانِ شِفاءا
وولَّوا كما انقضّت نجومُ دُجُنَّةٍ / وقد أترعوا صُحفَ الرّواة ثناءا
وَلَمّا مَضوا يَهوُون في سنَنِ الرّدى / أَحالوا صباحَ المَكرُمات مَساءا
يا مَليكِ الوَرى وَمَن عقدَ الل
يا مَليكِ الوَرى وَمَن عقدَ الل / ه بِإِقبالِهِ العَزيز لِواءا
وَالَّذي أَخجَلَ المُلوكَ قَديماً / وَحَديثاً تَكرّماً وَمَضاءا
إِنْ قَرنّاهُمُ إِلَيكَ جَميعاً / كنتَ صُبحاً لَنا وَكانوا مَساءا
أَيُّ شيءٍ أَبقيت ما كنتَ إلّا / سابِقاً أَوّلاً وَكانوا وَراءا
أَنتَ أَولى بِهم بِناصِية الفض / لِ وَأَحرى وَلَم يَكونوا بِطاءا
فَهَنيئاً بِالعيدِ وَاِستَأنف الفِطْ / رَ بِما شئتَ مِن سرورٍ وَشاءا
وَتَيقَّنْ أَنّ الصّيام الّذي ما / زِلتَ فيه تُجانِبُ الأَهواءا
رَفَعتهُ لَكَ المَلائِكُ حَيثُ ال / عَرشُ وَاِحتلَّ قُلّةً عَلياءا
فَدَعِ الفكرَ في الأَعادي فَإِن ال / لَهَ يَكفيكَ وَحدَهُ الأَعداءا
طالَما خابَ مَن تَعاطى بِجهلٍ / وَاِغتِرارٍ أَن يَلمَس الجَوزاءا
إِنْ أَعدّوا غَدراً فَإِنّك أَعددْ / تَ حلوماً رزينةً وَوفاءا
قَد أَساؤوا واللّهُ يُخْزي سَريعاً / مَن إِلى مُحسنٍ صَنيعاً أَساءا
ما رَأَينا مِنَ الملوكِ أُولي الحن / كةِ إلّا من يَحْمَدُ الإبقاءا
أَنتَ تَجزي عَفواً وَصَفحاً فإنْ أُحْ / رِجْتَ أَجريتَ بِالسيوفِ الدّماءا
في مَقامٍ يَزْوَرُّ فيه نَجاءٌ / عَن يَمينٍ إِذا طلبتَ نجاءا
ما تَرى إِنْ رَأيتَ إِلّا رُؤوساً / هابطاتٍ في التُّربِ أَو أَعضاءا
وُجوهاً بِلا حَياءٍ لَدى الحَرْ / بِ وَيَقطرنَ يومَ سِلْمٍ حَياءا
وَخُيولاً يَلبَسْنَ بِالطَّعنِ في الأَق / دامِ والضّربِ من نجيعٍ مُلاءا
وَضِراباً يَستَقدمُ النَّصرَ مِن شَحْ / طٍ وطعناً يفرّجُ الغمَّاءا
فَاِبقَ فينا مُمَلَّكاً ذِرْوَةَ المُل / كِ طَويلاً حتّى تَمَلَّ البقاءا
وَاِستَمِع مِنّي الثناءَ فما زا / لَ جَميلُ قَولي يفوتُ الثَّناءا
كُلُّ مَدحٍ وَإِن تَأنّق ذو الإح / سانِ فيهِ أَرضٌ وكنتَ سماءا
أَماويُّ إِنْ كانَ الشبابُ الَّذي اِنقَضَت
أَماويُّ إِنْ كانَ الشبابُ الَّذي اِنقَضَت / لَياليهِ عَنّي شابَ مِنكَ صَفاءا
فَما الذّنبُ لي في فاحمٍ حالَ لَونهُ / بَياضاً وَقَد حالَ الظلامُ ضِياءا
وَما إِنْ عَهِدنا زائلاً حانَ فقدُهُ / وَإِنْ كانَ مَوقوفاً أَزال إِخاءا
وَلَو كانَ فيما يُحدثُ الدَّهرُ حيلةٌ / أَبَيْتُ عَلى هَذا المَشيبِ إِباءا
فَلا تُنكري لَوناً تَبَدّلتُ غَيرَه / كَمُستَبدِلٍ بَعدَ الرّداءِ رِداءا
فَإِنّي على العهدِ الّذي تَعهَدينهُ / حفاظاً لما اِستَحفَظتِنِي وَوفاءا
مَشيبٌ كَفَتقِ اللّيلِ في مُدلهمّةٍ / أَتاك يَقيناً أو أَزال مِراءا
كَأنَّ اللَيالي عنهُ لمّا رَمَينني / جَلَوْنَ صَداءً أو كشَفن غِطاءا
فَلا تَجعلي ما كانَ منكِ مِنَ الأَذى / عِقاباً لِما لَمْ آتِهِ وَجَزاءا
وَعُدّي بَياضَ الرّأسِ بعدَ سوادهِ / صَباحاً أَتى لَمْ أَجْنِهِ وَمَساءا
وَلا تَطلُبي شَيئاً يَكونُ طِلابهُ / وَقَد ضَلَّ عنهُ رائِدوهُ عناءا
فَإِنّكِ إِنْ نادَيتِ غِبَّ تلهّفٍ / شَباباً وَقَد وَلّى أَضَعْتِ نِداءا
لَوَ اِنّكَ عَرَّجتَ في منزلٍ
لَوَ اِنّكَ عَرَّجتَ في منزلٍ / يَهونُ العَزيزُ بأَرجائِهِ
وَبيءِ المَواردِ لا يستفيقُ / بهِ القلبُ والجسمُ من دائِهِ
جَفاهُ النعيمُ فَما إِنْ بِهِ / لِقاطنِهِ غيرُ بَأْسائِهِ
فَيا قُربَ ما بَين إِضحاكِهِ / لسنٍّ وَما بينَ إِبكائِهِ
كَأنّيَ فيهِ أَخو قَفرةٍ / يُزجّي كَليلاتِ أنضائِهِ
وَسارٍ على سَغَبٍ في القَواءِ / بلا زادِهِ وبلا مائِهِ
وَذو سَقَمٍ ملَّهُ عائدوه / وَفاتَ عِلاجُ أطبّائِهِ
فَقُلْ للّذي ظَنَّ أنّي حَفَلْت / بِضَوضائهِ يومَ ضوْضائِهِ
ومَنْ لا أُبالي اِحتِقاراً لهُ / بِإِصباحِهِ وبإمسائِهِ
نَجوتَ وَلَكِنْ بِنَقصٍ كَما / أَجمّ الغَديرُ لأَقذائِهِ
وَذَمُّ الفَتى مِثلُ مَدحِ الفَتى / لأشكالِهِ وَلأكفائِهِ
وَلَمّا اِستَقلّتْ بِابنِ حَمْدٍ رِكابُهُ
وَلَمّا اِستَقلّتْ بِابنِ حَمْدٍ رِكابُهُ / وَأَشعرتُ نَفسي مِن نواهُ بِنَأيها
ذَهَلتُ فَما أَدري وَنَفسي دريّةٌ / أَفي أَرضِها وَدّعتُهُ أَم سَمائهَا
وَقُلتُ لِحادِيهِ هُبلتَ فإِنّما / رَميتَ صَحيحاتِ القُلوبِ بدائِهَا
كَأنّي وَقَد فارقته ابنُ رَكِيّةٍ / رَجاها فَزلّتْ كفُّه عن رِشائِهَا
حَرامٌ على عَيني الكرى بَعدَ بُعدِكم / وَحَلّ لِعَيني أَنْ تَجودَ بمائِهَا
وَكَمْ عَبرَةٍ كَفكَفتُ منهُ تجمّلاً / فلمّا أَبَتْ مرَّتْ على غُلوائِهَا
وَعاذلةٍ هبّتْ تهوّن بَينَكم / وَهَيهات مِن سَمعي قبولُ نِدائِها
ما نَحنُ إِلّا لِلفَناءِ
ما نَحنُ إِلّا لِلفَناءِ / وَإِن طَمِعنا في البقاء
نُعطى وَيسلبُنا الّذي / أَعطى التمتّعَ بالعطاء
وَالموتُ داءٌ ما لَهُ / عِندَ المُداوي مِن دواء
وَالناسُ فينا كلُّهم / ما بينَ يَأسٍ أو رجاء
أَينَ الّذين سَقَتْهُمُ ال / أَيّامُ كاساتِ الرّخاء
وَتَملّكُوا رِبَقَ الورى / وعَلَوْا على قممَ العَلاء
وَتَرى بعقْوةِ دارِهم / مَجثى الحميَّةِ والإباء
وَالساحِبونَ على قِنا / نِ المُلكِ هُدَّابَ المُلاء
وَالمُرتَوونَ مِنَ النَّعيمِ / كما تَمَنَّوْا والثّراء
وَالسائرونُ وَحَولهم / أُسدُ الشّرى تحت اللواء
وَالهاجِمونَ عَلى الرّدى / وَاليومُ يجرى بالدّماء
لَم يَقنَعوا في مَغْرَمٍ / سيقوا إِلَيهِ باللّقاء
مِن كُلِّ مَملوءِ الأسر / رَةِ والجبين من الحَياء
تجري يداهُ بِكُلِّ ما / يَهوى المؤمّلُ من سخاء
وَتراهُ كَالصَّقرِ الَّذِي / لَمحَ القنيصةَ مِن علاء
ما ضَلَّ قطُّ وإنْ هُمُ / غَدَروا بِهِ طُرقَ الوفاء
وَرُموا إِلى ظُلَمِ الصَّفا / ئحِ في صباحٍ أو مساء
دَخَلوا وَلَكِنْ في الّذي / لا يَرتَضونَ مِنَ الخلاء
وَمَتى دَعَوتهُمُ فهمْ / صُمُّ المَسامعِ مِن دُعاء
وبَغَوْا نجاءً حين سُد / دَتْ دونهم طُرُقُ النَّجاء
وَنأَوْا كما اِقتَرحَ الحِما / مُ عن التنعّمِ والشّقاء
وَتَراهُمُ في ضَيّقِ ال / أَقطارِ من ذاك الفضاء
وَتَطايَروا بِيَد البِلى / خَلفَ الجَنادِل كالهباء
وَالقيظُ عِندهُمُ وَقَد / سُلبوا المِشاعرَ كالشّتاء
ما في الرّدى ما في سوا / هُ مِنَ التّنازع والمِراء
وَإِذا نَظرت إلى الحِما / مِ فَما لِعَينك مِن غطاء
خَلِّ التعجُّبَ مِن قَذىً / وَخُذِ التعجُّبَ من صَفاء
يا قُربَ ما بَينَ الهنا / ءِ بِما يَسرّك وَالعزاء
خَفِّض عَلَيكَ وَدَع تتب / بُعَ ما مضى بيد القضاء
وَإِذا بَقيتَ فَقُل لنا / أَيَعيشُ مَيْتٌ بالبكاء
وَالخَوفُ صِرْفٌ رِيبَ غي / رُكَ إنّما هو للنساء
وَأَخوكَ أَفناهُ الّذي / كانَ السبيلَ إلى الإخاء
أَعْراكَ مَنْ قِدْماً كَسا / وحباكَ مُرتجعُ الحِباء
لَيسَ التهالكُ في المُصي / بَةِ بِالحميمِ من الوفاء
وَسِوى التجلّدِ في الشدي / دَةِ إِنْ أَتَتك من العناء
وَعَلى التجاربِ بانَ نب / عٌ تجتنيه مِنْ أَباء
وَإِذا بَقيتَ فَلا تَلُمْ / مَن خَصّ غَيركَ بِالفناء
وَسَقى الّذي وَارَى أَخا / كَ مِنَ الثّرى سَحُّ الرِّواء
صَخْبُ الترنّمِ حالِكُ ال / قطرينِ مَملوءُ الوعاء
وَلَرَحْمَةٌ مصبوبةٌ / خيرٌ له من فيضِ ماء
زُرتُ هنداً وَمن ظلامٍ قميصي
زُرتُ هنداً وَمن ظلامٍ قميصي / لا بوعدٍ ومن نِجادٍ ردائي
وَاِعتَنَقنا وَبَيننا جَفنُ ماضٍ / في فراشِ الرؤوسِ أيُّ مضاءِ
وَتَجافتْ عنهُ وَلَيسَ لَها إِنْ / أَنصفَت عَن جِوارهِ مِن إِباءِ
إِنّهُ حارسٌ لَنا غَير أن ليْ / سَ علينا من جُملةِ الرُّقباء
لكِ في النّحرِ من عيونِ تميمٍ / فَاِحسَبيه تَميمةَ الأَعداءِ
هو ساهٍ عَنِ الّذي نَحنُ فيهِ / مِن حَديثٍ وَقيلةٍ وَاِشتِكاءِ
وَدَعيني طِوالَ هذا التداني / ناعماً لا أخافُ غير التنائي
فَلَئِن مَسَّ فيهِ بعض عناءٍ / فَعناهُ مُستَثمرٌ من عنائي
وَلَمّا اِلتَقَينا وَالرّقيب بِنَجْوةٍ
وَلَمّا اِلتَقَينا وَالرّقيب بِنَجْوةٍ / وَقَد حانَ مِن شَمسِ النّهارِ مَغيبُ
أَبَحْنا الهَوى ما شاءَ مِنّا وَرُوِّيَتْ / عُيونٌ ظِماءٌ في الهَوى وَقُلوبُ
فَلَم تَكُ إِلّا ساعةً ثُمَّ زعزع ال / تَلاقي شمالٌ لِلنّوى وجنوبُ
ولولا النّوى ما كان للدهر زلّةٌ / ولا لِلَّيالي الماضياتِ عيوبُ
يَقولونَ لي لِمْ أَنتَ بِالذُّلِّ راكدٌ
يَقولونَ لي لِمْ أَنتَ بِالذُّلِّ راكدٌ / فَقُلتُ لِأَنّي في الحَياةِ رَغوبُ
نَضَا العزّ مِن أَكنافِهِ مَنْ تروقُهُ / حَياةٌ وَتحْلَولى لَهُ وتَطيبُ
وَعَيشِيَ بَينَ الأغبياءِ غضاضةٌ / وَلي مِن عيوبِ الأقربينَ عُيوبُ
وَبَينَ ضُلوعي غَيرَ أَنْ لَم أبُحْ بهِ / أُوارٌ عَلى فَوتِ المُنى وَلَهيبُ
وَلِلدّهرِ عِندي كُلَّ يَومٍ وَلَيلَةٍ / وَإِن لَم يَكُن مِنّي العتابُ ذنوبُ
وَلي كلُّ داءٍ قاتلٍ ثُمّ لَيس لي / مِنَ الداءِ في كُلِّ الرّجالِ طَبيبُ
إِذا كنتِ أَزمعتِ الرّحيل فإنّنا
إِذا كنتِ أَزمعتِ الرّحيل فإنّنا / سَتَرحلُ مِنّا أَنفسٌ وقلوبُ
وَإنْ تَبعدي عنّا فَللعَينِ أدمعٌ / تَصوب وَللقلبِ المَشوق وجيبُ
وَما لِحَياةٍ بَعدَ فَقدِكِ لذّةٌ / وَلَيسَ لِعَيشٍ بعد بينِكِ طيبُ
وَمَن قالَ إِنّ البينَ يُسلي عَنِ الهَوى / جَهول بِأَسبابِ الغَرامِ كَذوبُ
مَرَرنا عَلى سِربِ الظّباءِ عَشيّةً
مَرَرنا عَلى سِربِ الظّباءِ عَشيّةً / فَلَم يَعدُنا حَتّى تَقنّصنا السِّربُ
وَكُنّا نَظنُّ القربُ يَشفي سَقامنا / فَلم يَكُ إِلّا كلُّ أَدوائنا القُربُ
وَقالوا أَلَمّا تَنْهَ قلبك عَن هوىً / فَقلتُ وَهَل لي بَعدِ بَينِهِمُ قلبُ
ضَنَّتْ عَليك بِوَصْلها لكَ زينبُ
ضَنَّتْ عَليك بِوَصْلها لكَ زينبُ / وَطلبتَ لمّا عزَّ منها المطلبُ
وَأَرَتْكَ برقاً لامِعاً مِن وَعدِها / لَكِنَّهُ بَرقٌ لَعَمْركَ خُلَّبُ
وَتقولُ لي جَهلاً بِأَسبابِ الهَوى / كَيفَ الهَوى والرّأس مِنكَ الأشيبُ
وَالحُبُّ داءٌ لِلرجالِ تَباعَدوا / عَن شيبةٍ وَشَبيبةٍ وَتَقَرّبوا
لا تَلُمني فَإنّني لِهَوى النّف
لا تَلُمني فَإنّني لِهَوى النّف / سِ مُطيعٌ في حبِّ مَن لا يُحبُّ
قَد جَرَت عادَتي بِأَن أَعشَقَ البي / ضَ وتبديل ما تُعُوِّدُ صَعبُ
إِنّما تَعذل الّذي يلج العَذْ / لُ إِلى قلبهِ وما لِيَ قلبُ
وَإِذا لَم يَكن منَ الذّنب إِلّا / أنّ قَلبي يَهوى فما لي ذنبُ
زَعازعٌ ثمّ نُكْب
زَعازعٌ ثمّ نُكْب / خَطب لَعَمْرُكَ صَعْبُ
قولوا لِمَن هوَ مُغرىً / بذي الرّياسةِ صَبُّ
أَما تَراها خَبوطاً / تزلُّ طوراً وتكبو
لَها عُيوبٌ عَليها / يُحِبّها مَن يُحبُّ
تَبرّجَتْ لَيسَ عَنها / يَوماً لِعَينيكَ حُجْبُ
تَدنو وَتَنأى وَتَبدو / طَوراً هناكَ وَتَخبو
وَللدُموعِ عَلَيها / سَحٌّ وقَطْرٌ وسَكْبُ
كأنّها جِذْلُ راعٍ / ومِنْ حَوالَيهِ جُرْبُ
رَوْحٌ لَعَمْرُكَ فيها / لَكِنَّ عُقباهُ كَرْبُ
وَكَيفَ يلتَذُّ سِلمٌ / يَتْلو أُخيراه حربُ
مِن أَينَ خِلٌّ وَفيٌّ / حُلْوُ المَذاقَةِ عذبُ
لا عُجبَ فيهِ وَلَكِن / فيهِ لِقَلبيَ عُجبُ
كَالسّيفِ لَيسَ بِنابٍ / وَالسّيف بِالضربِ يَنبو
وَالطِّرفُ لَيسَ بِكابٍ / وَالطِّرف بِالرّكضِ يَكبو
إِيّاكَ إِن كُنت يوماً / تُحبُّ ما لا يُحبُّ
وَالضّرعُ لا دَرَّ فيهِ / فَليسَ يَنفَعُ حَلْبُ
وَالرّزقُ يَأتي شعوباً / وَإِن خَلا مِنهُ شَعبُ
ما اِجتُرَّ رِزقٌ بِحِرصٍ / سِيّان مَشيٌ وَوَثْبُ
كَم طائِرٍ صُدَّ عنهُ / وَنالهُ مَن يدُبُّ
وَنالَ رجْلٌ بطاءٌ / مِنهُ وَأَخفقَ رَكْبُ
لَو أَنصَفَتنا اللّيالي / وَكانَ لِلدّاءِ طِبُّ
ما كانَ بَغيٌ وَغَصْبٌ / وَلا اِبتِزازٌ وسَلْبُ
أَقسمتُ بِالبيتِ طافَتْ / بِهِ جَحاجحُ غُلْبُ
سَرَتْ وَأَدنَتْ إِلَيهِ / بِهِم جِيادٌ وَنُجبُ
شُعثٌ سغابٌ وَمِنْ تحْ / تِهمْ ظِماءٌ وسُغبُ
ما ضَرَّهُ وَهوَ يُطوى / إِلَيهِ سَهْبٌ فسَهْبُ
وَلِلملائكِ مِنْ حَوْ / لِهِ حَفيفٌ وقربُ
أَن لا يكونَ عَليهِ / لِلعَينِ وَشيٌ وعصْبُ
وَبِالّذي هَرَقوهُ / مِنَ الدّماء وصبّوا
وَالبائِتين بِجَمعٍ / لَهُم أُوارٌ وشبُّ
جَبّوا العَلائِقَ عَنهم / وَإِنَّما الإِثمَ جبّوا
لا اِبتَعتُ ذلّاً بِعِزٍّ / وَفي يَمينيَ عَضبُ
وَلا أقضّ عَلى ما / صنعتهُ لِيَ جَنبُ
وَلا تَركتُ لِساناً / يَقولُ لي لكَ ذَنبُ
أَذلَّ رَبّيَ قَوماً / لَهُم مِنَ الذُلّ شِربُ
رَأَوا قَذىً لَم يُبالوا / بِهِ فَأَغضوْا وعبّوا
قِيدوا بِبارقِ نَفعٍ / كَما يُقاد الأَجَبُّ
كَم ذا التمادي وعُمرٌ / يَجري بِنا ويخُبُّ
فَإِن عَتبتُ على الدّه / رِ ضاع منّيَ عتبُ
أَرعى الأمانيَ عُمري / مَرعىْ لَعمرُك جَدْبُ
وَلَيسَ بِالرّمحِ طَعنٌ / وَلَيسَ بِالسَّيفِ ضربُ
أَبغي وَما العودُ رَطْباً / ما كانَ وَالعودُ رَطْبُ
وَكانَ رَأسيَ لَيلاً / ما فيهِ للعينِ شُهْبُ
فَالآنَ لَيليَ صُبحٌ / يَزْوَرُّ عنه المحبُّ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025