المجموع : 685
جَزاءُ أَميرِ المُؤمِنينَ ثَنائي
جَزاءُ أَميرِ المُؤمِنينَ ثَنائي / عَلى نِعَمٍ ما تَنقَضي وَعَطاءِ
أَقامَ اللَيالي عَن بَقايا فَريسَتي / وَلَم يَبقَ مِنها اليَومَ غَيرُ ذَماءِ
وَأَدنى أَقاصي جاهِهِ لِوَسائِلي / وَشَدَّ أَواخي جودِهِ بِرَجائي
وَعَلَّمَني كَيفَ الطُلوعُ إِلى العُلى / وَكَيفَ نَعيمُ المَرءِ بَعدَ شَقاءِ
وَكَيفَ أَرُدُّ الدَهرَ عَن حَدَثانِهِ / وَأَلقى صُدورَ الخَيلِ أَيَّ لِقاءِ
فَما لِيَ أُغضي عَن مَطالِبَ جَمَّةٍ / وَأَعلَمُ أَنّي عُرضَةٌ لِفَناءِ
وَأَترُكُ سُمرَ الخَطِّ ظَمأى خَلِيَّةً / وَشَرُّ قَناً ما كُنَّ غَيرَ رِواءِ
إِذا ما جَرَرتُ الرُمحَ لَم يُثنِني أَبٌ / يُليحُ وَلا أُمٌّ تَصيحُ وَرائي
وَشَيَّعَني قَلبٌ إِذا ما أَمَرتُهُ / أَطاعَ بِعَزمٍ لا يَروغُ وَرائي
أَرى الناسَ يَهوَونَ الخَلاصَ مِنَ الرَدى / وَتَكمِلَةُ المَخلوقِ طولُ عَناءِ
وَيَستَقبِحونَ القَتلَ وَالقَتلُ راحَةٌ / وَأَتعَبُ مَيتٍ مَن يَموتُ بِداءِ
فَلَستُ اِبنَ أُمِّ الخَيلِ إِن لَم تَعُد بِها / عَوابِسَ تَأبى الضَيمَ مِثلَ إِبائي
وَأُرجِعُها مَفجوعَةً بِحُجولِها / إِذا اِنتَعَلَت مِن مَأزِقٍ بِدِماءِ
إِلى حَيِّ مَن كانَ الإِمامُ عَدُوَّهُ / وَصَبَّحَهُ مِن أَمرِهِ بِقَضاءِ
هُوَ اللَيثُ لا مُستَنهَضٌ عَن فَريسَةٍ / وَلا راجِعٌ عَن فُرصَةٍ لِحَياءِ
وَلا عَزمُهُ في فِعلِهِ بِمُذَلَّلٍ / وَلا مَشيُهُ في فَتكِهِ بِضَراءِ
هُوَ النابِهُ النَيرانِ في كُلِّ ظُلمَةٍ / وَمُجري دِماءَ الكومِ كُلَّ مَساءِ
وَمُعلي حَنينِ القَوسِ في كُلِّ غارَةٍ / بِسَهمِ نِضالٍ أَو بِسَهمِ غَلاءِ
فَخارٌ لَوَ اَنَّ النَجمَ أُعطِيَ مِثلَهُ / تَرَفَّعَ أَن يَأوي أَديمَ سَماءِ
وَوَجهٌ لَوَ اَنَّ البَدرَ يَحمِلُ شُبهَهُ / أَضاءَ اللَيالي مِن سَنىً وَسَناءِ
مَغارِسُ طالَت في رُبى المَجدِ وَاِلتَقَت / عَلى أَنبِياءِ اللَهِ وَالخُلَفاءِ
وَكَم صارِخٍ ناداكَ لَمّا تَلَبَّبَت / بِهِ السُمرُ في يَومٍ بِغَيرِ ذُكاءِ
رَدَدتَ عَلَيهِ النَفسَ وَالشَمسَ فَاِنثَنى / بِأَنعَمِ روحٍ في أَعَمِّ ضِياءِ
وَكَم صَدرِ مَوتورٍ تَطَلَّعَ غَيظُهُ / وَقَلَّبَ قَولاً عَن لِسانِ مِراءِ
يُغَطّي عَلى أَضغانِهِ بِنِفاقِهِ / كَذي العَقرِ غَطّى ظَهرَهُ بِكَفاءِ
كَرَرتَ عَلَيهِ الحِلمَ حَتّى قَتَلتَهُ / بِغَيرِ طِعانٍ في الوَغى وَرِماءِ
إِذا حَمَلَ الناسُ اللِواءَ عَلامَةً / كَفاكَ مَثارُ النَقعِ كُلَّ لِواءِ
وَجَيشٍ مُضِرٍّ بِالفَلاةِ كَأَنَّهُ / رِقابُ سُيولٍ أَو مُتونُ نِهاءِ
كَأَنَّ الرُبى زَرَّت عَلَيهِ جُيوبَها / وَرَدَّتهُ مِن بَوغائِها بِرِداءِ
وَخَيلٌ تَغالى في السُروجِ كَأَنَّها / صُدورُ عَوالٍ أَو قِداحُ سَراءِ
لَها السَبقُ في الضَمّاتِ وَالسَبقُ وَخدُها / إِذا غُطِّيَت مِن نَقعِها بِغِطاءِ
وَلَيسَ فَتىً مَن يَدَّعي البَأسَ وَحدَه / إِذا لَم يُعَوِّذ بَأسَهُ بِسَخاءِ
وَما أَنتَ بِالمَبخوسِ حَظّاً مِنَ العُلى / وَلا قانِعاً مِن عَيشِهِ بِكِفاءِ
نَصيبُكَ مِن ذا العيدِ مِثلُكَ وافِرٌ / وَسَعدُكَ فيهِ مُؤذِنٌ بِبَقاءِ
وَلَو كانَ كُلٌّ آخِذاً قَدرَ نَفسِهِ / لَكانَت لَكَ الدُنيا بِغَيرِ مِراءِ
وَما هَذِهِ الأَعيادُ إِلّا كَواكِبٌ / تَغورُ وَتولينا قَليلَ ثَواءِ
فَخُذ مِن سُرورٍ ما اِستَطَعتَ وَفُز بِهِ / فَلِلناسِ قِسماً شِدَّةٍ وَرَخاءِ
وَبادِر إِلى اللَذّاتِ فَالدَهرُ مولَعٌ / بِتَنغيصِ عَيشٍ وَاِصطِلامِ عَلاءِ
أَبُثُّكَ مِن وُدّي بِغَيرِ تَكَلُّفٍ / وَأُرضيكَ مِن نُصحي بِغَيرِ رِياءِ
وَأَذكُرُما أَولَيتَني مِن صَنيعَةٍ / فَأُصفيكَ رَهنَي طاعَةٍ وَوَفاءِ
أَعِنّي عَلى دَهرٍ رَماني بِصَرفِهِ / وَرَدَّ عِناني وَهوَ في الغُلَواءِ
وَحَلَّأَني عَمَّن أَعُدُّ بَعادَهُ / سَقامي وَمِن قُربي إِلَيهِ شِفائي
فَقَدتُ وَفي فَقدِ الأَحِبَّةِ غُربَةٌ / وَهِجرانُ مَن أَحبَبتُ أَعظَمُ داءِ
فَلا تَطمَعَن يا دَهرُ فيَّ فَإِنَّهُ / مَلاذِيَ مِما راعَني وَوِقائي
أَرُدُّ بِهِ أَيدي الأَعادي وَأَتَّقي / نَوافِذَ شَتّى مِن أَذىً وَبَلاءِ
أَلَذُّ بِقَلبي مِن مُنايَ تَقَنُّعي / وَأَحسَنُ عِندي مِن غِنايَ غَنائِيَ
وَمَن كانَ ذا نَفسٍ تُطيعُ قَنوعَةً / رَضي بِقَليلٍ مِن كَثيرِ ثَراءِ
حَدَوا بِالمَطايا يَومَ جالَت غُروضُها / وَيَومَ اِتَّقَت رُكبانُها بِرُغاءِ
تَأُمُّكَ لا تَلوِي عَلى كُلِّ رَوضَةٍ / يَصيحُ بِها حَوذانُها وَأَضاءِ
وَلا تَشرَبُ الأَمواهَ إِلّا تَعِلَّةً / إِذا عَثَرَت أَخفافُهُنَّ بِماءِ
لَها سائِقٌ يَطغى عَلَيها بِسَوطِهِ / وَيَشدو عَلى آثارِها بِحَداءِ
غُلامٌ كَأَخلاءِ اللِجامِ تُجيزُهُ / صُدورُ القَنا وَالبيضُ كُلَّ فَضاءِ
إِذا بَلَغَت ناديكَ نالَ رِفاقُها / عَريضَ عَطاءٍ مِن طَويلِ ثَناءِ
وَمِثلُكَ مَن يُعشى إِلى ضَوءِ نارِه / وَيُلفى قِراهُ عِندَ كُلِّ خِباءِ
وَما كُلُّ فُعّالِ النَدى بِشِبائِهِ / وَلا كُلُّ طُلّابِ العُلى بِسَواءِ
بَهاءُ المُلكِ مِن هَذا البَهاءِ
بَهاءُ المُلكِ مِن هَذا البَهاءِ / وَضَوءُ المَجدِ مِن هَذا الضِياءِ
وَما يَعلو عَلى قُلَلِ المَعالي / أَحَقُّ مِنَ المُعَرِّقِ في العَلاءِ
وَلا تَعنُ الرُعاةُ لِذي حُسامٍ / إِذا ما لَم يَكُن راعي رُعاءِ
وَما اِنتَظَمَ المَمالِكَ مِثلُ ماضٍ / يَتِمُّ لَهُ القَضاءُ عَلى القَضاءِ
إِذا اِبتَدَرَ الرِهانَ مُبادِروهُ / تَمَطَّرَ دونَهُم يَومَ الجَزاءِ
وَإِن طَلَبَ النَدى خَرَجَت يَداهُ / خُروجَ الوَدقِ مِن خَلَلِ الغَماءِ
حَذارِ إِذا تَلَفَّعَ ثَوبَ نَقعٍ / حَذارِ إِذا تَعَمَّمَ بِاللِواءِ
حَذارِ مِنِ اِبنِ غَيطَلَةٍ مُدِلٍّ / يَسُدُّ مَطالِعَ البيدِ القَواءِ
إِذا أَلقى عَلى لَهَواتِ ثَغرٍ / يَدَي غَضبانَ مَرهوبِ الرُواءِ
تَمُرُّ قَعاقِعُ الرِزينِ مِنهُ / كَمَعمَعَةِ اللَهيبِ مِنَ الأَباءِ
وَمِطراقٍ عَلى اللَحَظاتِ صِلٍّ / مَريضِ الناظِرَينِ مِنَ الحَياءِ
تَنَكَّسَ كَالأَميمِ فَإِن تَسامى / مَضى كَالسَهمِ شَذَّ عَنِ الرِماءِ
وَما يُنجي اللَديغَ بِهِ تَداوٍ / وَقَد أَمسى بِداءٍ أَيِّ داءِ
وَلا قُضُبُ الرِجالِ الصيدِ فَضلاً / عَنِ الأَصواتِ في حَليِ النِساءِ
وَيَومُ وَغىً عَلى الأَعداءِ هَولٌ / تُمازُ بِهِ السِراعُ مِنَ البِطاءِ
رَمَيتُ فُروجَهُ حَتّى تَفَرّى / بِأَيدي الجُردِ وَالأَسَلِ الظِماءِ
فَمِن غُلبٍ كَأَنَّهُمُ أُسودٌ / عَلى قُبٍّ ضَوامِرَ كَالظِباءِ
وَمِن بيضٍ كَأَنَّ مُجَرِّديها / يُمِرّونَ الأَكُفَّ عَلى الأَضاءِ
نَواحِلَ لَم يَدَع ضَربُ الهَوادي / بِها أَبَداً مَكاناً لِلجُلاءِ
وَمِن هاوٍ تَرَنَّحَ في العَوالي / وَعارٍ قَد أَقامَ عَلى العَراءِ
وَآخَرَ مالَ كَالنَشوانِ مالَت / بِهامَتِهِ شَآبيبُ الطِلاءِ
وَعُدتُ وَقَد خَبَأتُ الحَربَ عَنهُ / إِلى سِلمِ الرَغائِبِ وَالعَطاءِ
فَيَومٌ لِلمَكارِمِ وَالعَطايا / وَيَومٌ لِلحَمِيَّةِ وَالإِباءِ
تَقودُ الخَيلَ أَرشَقَ مِن قَناها / شَوازِبَ كَالقِداحِ مِنَ السَراءِ
بِغاراتٍ كَوَلغِ الذِئبِ تَترى / عَلى الأَعداءِ بَيِّنَةِ العَداءِ
عَزائِمُ كَالرِياحِ مَرَرنَ رَهواً / عَلى الأَقطارِ مِن دانٍ وَناءِ
وَقَلبٌ كَالشُجاعِ يَسورُ عَزماً / وَيَجذِبُ بِالعُلى جَذبَ الرَشاءِ
وَكَفٌّ كَالغَمامِ يَفيضُ حَتّى / يَعُمُّ الأَرضَ مِن كَلَإٍ وَماءِ
وَوَجهٌ ماجَ ماءُ الحُسنِ فيهِ / وَلاحَ عَلَيهِ عُنوانُ الوَضاءِ
يُشارِكُ في السَنى قَمَرَ الدَياجي / وَيَفضُلُهُ بِزائِدَةِ السَناءِ
وَمُعتَلِجِ الجَلالِ نَزَعتَ عَنهُ / عَلى عَجَلٍ رِداءَ الكِبرِياءِ
فَأَصبَحَ خارِجاً مِن كُلِّ عِزٍّ / خُروجَ العودِ بُزَّ مِنَ اللِحاءِ
وَحُزتَ جِمامَ نِعمَتِهِ وَكانَت / غِماراً لا تُكَدَّرُ بِالدِلاءِ
بِرَأيٍ ثُقِفَ الإِقبالُ مِنهُ / فَأَقدَمَ كَالسِنانِ إِلى اللِقاءِ
إِذا أَشِرَ القَريبُ عَلَيكَ فَاِقطَع / بِحَدِّ السَيفِ قُربى الأَقرِباءِ
وَكُن إِن عَقَّكَ القُرَباءُ مِمَّن / يَميلُ عَلى الأُخوَّةِ لِلإِخاءِ
فَرُبَّ أَخٍ خَليقٍ بِالتَقالي / وَمُغتَرِبٍ جَديرٍ بِالصَفاءِ
وَلا تُدنِ الحَسودَ فَذاكَ عُرٌّ / مَضيضٌ لا يُعالَجُ بِالهِناءِ
كَفاكَ نَوائِبَ الأَيّامِ كافٍ / طَريرُ العَزمِ مَشحوذُ المَضاءِ
أَمينُ الغَيبِ لا يوكى حَشاهُ / لِآمِنِهِ عَلى الداءِ العَياءِ
أَقامَ يُنازِلُ الأَبطالَ حَتّى / تَفَلَّلَ كُلُّ مَشهورِ المَضاءِ
إِزاءَ الحَربِ يَعتَنِقُ العَوالي / وَيَغتَبِقُ النَجيعَ مِنَ الدَماءِ
إِذا ما قيلَ مَلَّ رَأَيتَ مِنهُ / نَوازِعَ تَشرَئِبُّ إِلى اللِقاءِ
فَجَرِّبني تَجِدني سَيفَ عَزمٍ / يُصَمِّمُ غَربَهُ وَزِنادَ راءِ
وَأَسمَرَ شارِعاً في كُلِّ نَحرٍ / شُروعَ الصَلِّ في يَنبوعِ ماءِ
إِذا عَلِقَت يَداكَ بِهِ حِفاظاً / مَلَأتَ يَدَيكَ مِن كَنزِ العَناءِ
يُعاطيكَ الصَوابَ بِلا نِفاقٍ / وَيَمحَضُكَ السَدادَ بِلا رِياءِ
جَريٌّ يَومَ تَبعَثُهُ لِحَربٍ / وَقورٌ يَومَ تَبحَثُهُ لِراءِ
إِذا كانَ الكُفاةُ لِذا عَبيداً / فَذا كافي الكُفاةِ بِلا مِراءِ
بَهاءَ الدَولَةِ المَنصورَ إِنّي / دَعَوتُكَ بَعدَ لَأيٍ مِن دُعائي
وَكُنتُ أَظُنُّ أَنَّ غِناكَ يَسري / إِلَيَّ بِما تَبَيَّنَ مِن غِناءِ
فَلِم أَنا كَالغَريبِ وَراءَ قَومٍ / لَوِ اِختُبِروا لَقَد كانوا وَرائي
بَعيدٌ عَن حِماكَ وَلي حُقوقٌ / قَواضٍ أَن يَطولَ بِهِ ثَوائي
أَأَبلى ثُمَّ يَبدو بِاِصطِناعي / كَفاني ما تَقَدَّمَ مِن بَلائي
وَذَبّي عَن حِمى بَغدادَ قِدماً / بِفَضلِ العَزمِ وَالنَفسِ العِصاءِ
غَداةَ أَظَلَّتِ الأَقطارُ مِنها / مُضَرَّجَةً تَبَزَّلُ بِالدِماءِ
دُخانٌ تَلهَبُ الهَبَواتُ مِنهُ / مَدى بَينَ البَسيطَةِ وَالسَماءِ
صَبَرتُ النَفسَ ثُمَّ عَلى المَنايا / إِلى أَقصى الثَميلَةِ وَالذَماءِ
رَجاءً أَن تَفوزَ قِداحُ ظَنّي / وَتَلوي بِالنَجاحِ قُوى رَجائي
وَلي حَقٌّ عَلَيكَ فَذاكَ جِدّي / قَديمٌ في رِضاكَ وَذا ثَنائي
وَمِن شِيَمِ المُلوكِ عَلى اللَيالي / مُجازاةُ الوَليِّ عَلى الوَلاءِ
سَيَبلو مِنكَ هَذا الصَومُ خِرقاً / رَحيبَ الباعِ فَضفاضَ الرِداءِ
تَصومُ فَلا تَسومُ عَنِ العَطايا / وَعَن بَذلِ الرَغائِبِ وَالحِباءِ
أَلا فَاِسعَد بِهِ وَبِكُلِّ يَومٍ / يُفَوِّقُهُ الصَباحُ إِلى المَساءِ
وَدُم أَبَدَ الزَمانِ فَأَنتَ أَولى / بَني الدُنيا بِعارِيَةِ البَقاءِ
عَلَيَّ الجَدُّ مُقتَرِبَ الأَماني / عَزيزَ الجارِ مَطروقَ الفِناءِ
أَيا لِلَّهِ أَيُّ هَوىً أَضاءَ
أَيا لِلَّهِ أَيُّ هَوىً أَضاءَ / بَريقٌ بِالطَوالِعِ إِذ تَراءى
أَلَمَّ بِنا كَنَبضِ العِرقِ وَهناً / فَلَمّا جازَنا مَلَأَ السَماءَ
كَأَنَّ وَميضَهُ أَيدي قُيونٍ / تُعيدُ عَلى قَواضِبِها جَلاءَ
طَرِبتُ إِلَيهِ حَتّى قالَ صَحبي / لِأَمرٍ هاجَ مِنكَ البَرقُ داءَ
وَلَم يَكُ قَبلَها يَقتادُ طَرفي / وَلا يَمضي بُلُبّي حَيثُ شاءَ
خَليلَيَّ اَطلِقا رَسَني فَإِنّي / أَشَدُّكُما عَلى عَزمٍ مَضاءَ
أَبَت لي صَبوَتي إِلّا اِلتِفاتاً / إِلى الدَمَنِ البَوائِدِ وَاِنثِناءَ
فَإِن تَرَيا إِذا ما سِرتُ شَخصي / أَمامَكُما فَلي قَلبٌ وَراءَ
وَرُبَّتَ ساعَةٍ حَبَّستُ فيها / مَطايا القَومِ أَمنَعُها النَجاءَ
عَلى طَلَلٍ كَتَوشِعِ اليَماني / أَمَحَّ فَخالَطَ البيدَ القَواءَ
قِفارٌ لا تُهاجُ الطَيرُ فيها / وَلا غادٍ يَروعُ بِها الظِباءَ
فَيا لي مِنهُ يُصبِيني أَنيقاً / بِساكِنِهِ وَيُبكيني خَلاءَ
أُنادي الرَكبَ دونَكُمُ ثَراهُ / لَعَلَّ بِهِ لِذي داءٍ دَواءَ
تَساقَينا التَذَكُّرَ فَاِنثَنَينا / كَأَنّا قَد تَساقَينا الطِلاءَ
وَعُجنا العيسَ توسِعُنا حَنيناً / تُغَنّينا وَنوسِعُها بُكاءَ
إِلى كَم ذا التَرَدُّدِ في التَصابي / وَفَجرُ الشَيبِ عِندي قَد أَضاءَ
فَيا مُبدي العُيوبِ سَقى سَواداً / يَكونُ عَلى مَقابِحِها غِطاءَ
شَبابي إِن تَكُن أَحسَنتَ يَوماً / فَقَد ظَلَمَ المَشيبُ وَقَد أَساءَ
وَيا مُعطي النَعيمَ بِلا حِسابٍ / أَتاني مَن يُقَتِّرُ لي العَطاءَ
مَتاعٌ أَسلَفَتناهُ اللَيالي / وَأَعجَلَنا فَأَسرَعنا الأَداءَ
تَسَخَّطنا القَضاءَ وَلَو عَقَلنا / فَما يُغني تَسَخُّطُنا القَضاءَ
سَأَمضي لِلَّتي لا عَيبَ فيها / وَإِن لَم أَستَفِد إِلّا عَناءَ
وَأَطلُبُ غايَةً إِن طَوَّحَت بي / أَصابَت بي الحِمامَ أَوِ العَلاءَ
أَنا اِبنُ السابِقينَ إِلى المَعالي / إِذا الأَمَدُ البَعيدُ ثَنى البِطاءَ
إِذا رَكِبوا تَضايَقَتِ الفَيافي / وَعَطَّلَ بَعضُ جَمعِهِمُ الفَضاءَ
نَماني مِن أُباةِ الضَيمِ نامٍ / أَفاضَ عَلَيَّ تِلكَ الكِبرِياءَ
شَأَونا الناسَ أَخلاقاً لِداناً / وَأَيماناً رِطاباً وَاِعتِلاءَ
وَنَحنُ النازِلونَ بِكُلِّ ثَغرٍ / نُريقُ عَلى جَوانِبِهِ الدِماءَ
وَنَحنُ الخائِضونَ بِكُلِّ هَولٍ / إِذا دَبَّ الجَبانُ بِهِ الضَراءَ
وَنَحنُ اللابِسونَ لِكُلِّ مَجدٍ / إِذا شِئنا اِدِّراعاً وَاِرتِداءَ
أَقَمنا بِالتَجارِب كُلَّ أَمرٍ / أَبى إِلّا اِعوِجاجاً وَاِلتِواءَ
نَجُرُّ إِلى العُداةِ سُلافَ جَيشٍ / كَعَرضِ اللَيلِ يَتَّبِعُ اللِواءَ
نُطيلُ بِهِ صَدى الجُردِ المُذاكي / إِلى أَن نورِدَ الأَسَلَ الظِماءَ
إِذا عَجمُ العِدا أَدمى وَأَصمى / وَطَيَّرَ عَن قَضيبِهِمُ اللِحاءَ
عَجاجٌ تَرجِعُ الأَرواحُ عَنهُ / فَلا هوجاً يُجيزُ وَلا رُخاءَ
شَواهِقُ مِن جِبالِ النَقعِ تَرمي / بِها أَبَداً غُدوّاً أَو مَساءَ
وَغِرٍّ آكِلٍ بِالغَيبِ لَحمي / وَإِنَّ لِأَكلِهِ داءً عَياءَ
يُسيءُ القَولَ إِمّا غِبتَ عَنهُ / وَيُحسِنُ لي التَجَمُّلَ وَاللِقاءَ
عَبَأتُ لَهُ وَسَوفَ يَعُبُّ فيها / مِنَ الضَرّاءِ آنِيَةً مِلاءَ
وَمِنّا كُلُّ أَغلَبَ مُستَحينٌ / إِنَ اَنتَ لَدَدتَهُ بِالذُلِّ قاءَ
إِذا ما ديمَ نَمَّرَ صَفحَتَيهِ / وَقامَ عَلى بَراثِنِهِ إِباءَ
وَإِن نودي بِهِ وَالحِلمُ يَهفو / صَغا كَرَماً إِلى الداعي وَفاءَ
وَنَأبى أَن يَنالَ النِصفُ مِنّا / وَأَن نُعطي مُقارِعَنا السَواءَ
وَلَو كانَ العِداءُ يَسوغُ فينا / لَما سُمنا الوَرى إِلّا العِداءَ
أَيُّ العُيونِ تُجانِبُ الأَقذاءَ
أَيُّ العُيونِ تُجانِبُ الأَقذاءَ / أَم أَيُّ قَلبٍ يَقطَعُ البُرَحاءَ
وَالمَوتُ يَقنِصُ جَمعَ كُلِّ قَبيلَةٍ / قَنصَ المَريعِ جاذِراً وَظِباءَ
يَتَناوَلُ الضَبَّ الخَبيثَ مِنَ الكُدى / وَيَحُطُّ مِن عَليائِها الشُغواءَ
تَبكي عَلى الدُنيا رِجالٌ لَم تَجِد / لِلعُمرِ مِن داءِ المَنونِ شِفاءَ
وَالدَهرُ مُختَرِمٌ تَشُنُّ صُروفُهُ / في كُلِّ يَومٍ غارَةً شَعواءَ
إِنَّ بَنو الدُنيا تَسيرُ رِكابُنا / وَتُغالِطُ الإِدلاجَ وَالإِسراءَ
وَكَأَنَّنا في العَيشِ نَطلُبُ غايَةً / وَجَميعُنا يَدَعُ السِنينَ وَراءَ
أَينَ المَعاوِلُ وَالغَطارِفَةُ الأولى / هَجَروا الدِيارَ وَعَطَّلوا الأَفناءَ
فَاِخلِط بِصَوتِكَ كُلَّ صَوتٍ وَاِستَمِع / هَل في المَنازِل مَن يُجيبُ دُعاءَ
وَاِشمُم تُرابَ الأَرضِ تَعلَم أَنَّها / جَرباءُ تُحدِثُ كُلَّ يَومٍ داءَ
كَم راحِلٍ وَلَّيتُ عَنهُ وَمَيِّتٍ / رَجَعَت يَدي مِن تُربِهِ غَبراءَ
وَكَذا مَضى قَبلي القُرونُ يَكُبُّهُم / صَرفُ الزَمانِ تَسَرُّعاً وَنَجاءَ
هَذا أَميرُ المُؤمِنينَ وَظِلُّهُ / يَسَعُ الوَرى وَيُجَلِّلُ الأَحياءَ
نَظَرَت إِلَيهِ مِنَ الزَمانِ مُلِمَّةٌ / كَاللَيثِ لا يُغضي الجُفونَ حَياءَ
وَأَصابَهُ صَرفُ الرَدى بِرَزيَّةٍ / كَالرُمحِ أَنهَرَ طَعنَةً نَجلاءَ
ماذا نُؤَمِّلُ في اليَراعِ إِذا نَشَت / ريحٌ تَدُقُّ الصَعدَةَ الصَمّاءَ
عَصَفَ الرَدى بِمُحَمَّدٍ وَمُذَمَّمٍ / فَكَأَنَّما وَجَدَ الرِجالَ سَواءَ
وَمُصابُ أَبلَجَ مِن ذُؤابَةِ هاشِمٍ / وَلَجَ القُبورَ وَأَزعَجَ الخُلَفاءَ
وَتَرَ الرَدى مَن لَو تَناوَلَ سَيفَهُ / يَوماً لَنالَ مِنَ الرَدى ما شاءَ
غُصنٌ طَموحٌ عَطَّفَتهُ مَنيَّةٌ / لِلخابِطينَ وَطاوَعَ النَكباءَ
يا راحِلاً وَرَدَ الثَرى في لَيلَةٍ / كادَ الظَلامُ بِها يَكونُ ضِياءَ
لَمّا نَعاكَ الناعِيانِ مَشى الجَوى / بَينَ القُلوبِ وَضَعضَعَ الأَحشاءَ
وَاِسوَدَّ شَطرُ اليَومِ تَرجُفُ شَمسُهُ / قَلَقاً وَجَرَّ ضِياؤُهُ الظَلماءَ
وَاِرتَجَّ بَعدَكَ كُلُّ حَيٍّ باكِياً / فَكَأَنَّما قُلِبَ الصَهيلُ رُغاءَ
قَبرٌ تَخَبَّثَ بِالنَسيمِ تُرابُهُ / دونَ القُبورِ وَعَقَّلَ الأَنواءَ
تَلقاهُ أَبكارُ السَحابِ وَعونُها / تَلقى الحَيا وَتُبَدِّدُ الأَنداءَ
مُتَهَلِّلُ الجَنَباتِ تَضحَكُ أَرضُهُ / فَكَأَنَّ بَينَ فُروجِهِ الجَوزاءَ
أَولى الرِجالِ بِرَيِّ قَبرٍ ماجِدٍ / غَمَرَ الرِجالَ تَبَرُّعاً وَعَطاءَ
وَلَوَ اَنَّ دُفّاعَ الغَمامِ يُطيعُني / لَجَرى عَلى قَبرِ اللَئيمِ غُثاءَ
لازالَ تَنطُفُ فَوقَهُ قِطَعُ الحَيا / بِمُجَلجِلٍ يَدَعُ الصُخورَ رَواءَ
وَتَظُنُّ كُلَّ غَمامَةٍ وَقَفَت بِهِ / تَبكي عَلَيهِ تَوَدُّداً وَوَلاءَ
وَإِذا الرِياحُ تَعَرَّضَت بِتُرابِهِ / قُلنا السَماءُ تَنَفَّسُ الصُعَداءَ
إِيُّها تَمَطَّرَ نَحوَكَ الداءُ الَّذي / قَرَضَ الرِجالَ وَفَرَّقَ القُرَباءَ
إِنَّ الرِماحَ رُزِئنَ مِنكَ مُشَيَّعاً / غَمرَ الرِداءِ مُهَذَّباً مِعطاءَ
وَطَويلَ عَظمِ الساعِدَينِ كَأَنَّما / رَفَعَت بِعِمَّتِهِ الجِيادُ لِواءَ
وَلَقَينَ بَعدَكَ كُلَّ صُبحٍ ضاحِكٍ / يَوماً أَغَمَّ وَلَيلَةً لَيلاءَ
أَنعاكَ لِلخَيلِ المُغيرَةِ شُزَّباً / وَاليَومَ يَضرِبُ بِالعَجاجِ خِباءَ
وَلَخَوضِ سَيفِكَ وَالفَوارِسُ تَدَّعي / حَرباً يَجُرُّ نِداؤُها الأَسماءَ
وَغَيابَةٍ فَرَّجتَها وَمَقامَةٍ / سَدَّدتَ فيها حُجَّةً غَرّاءَ
وَخَلَطتَ أَقوالَ الرِجالِ بِمِقوَلٍ / ذَرِبٍ كَما خَلَطَ الضَرّابُ دِماءَ
وَمَطيَّةٍ أَنضَيتَها وَكِلاكُما / تَتَنازَعانِ السَيرَ وَالإِنضاءَ
إِنَّ البُكاءَ عَلَيكَ فَرضٌ واجِبٌ / وَالعَيشُ لا يُبكى عَلَيهِ رِياءَ
بِأَبيكَ يَطمَحُ نَحوَ كُلِّ عَظيمَةٍ / طَرفٌ تَعَلَّمَ بَعدَكَ الإِغضاءَ
فَاِسلَم أَميرَ المُؤمِنينَ وَلا تَزَل / تُجري الجِيادَ وَتُحرِزُ الغُلواءَ
فَإِذا سَلِمتَ مِنَ النَوائِبِ أَصبَحَت / تَرضى وَنَرضى أَن يَكونَ فِداءَ
وَلَئِن تَسَلَّطَتِ المُنونُ لَقَد أَتَت / ما رَدَّ لَومَ اللائِمينَ ثَناءَ
وَهَبَت لَنا هَذا الحُسامَ المُنتَضى / فينا وَهَذي العِزَّةَ القَعساءَ
نَهنَهتَ بادِرَةَ الدُموعِ تَجَمُّلاً / وَالعَينُ تُؤنِسُ عَبرَةً وَبُكاءَ
فَاِستَبِق دَمعَكَ في المَصائِبِ وَاِعلَمن / أَنَّ الرَدى لا يُشمِتُ الأَعداءَ
وَتَسَلَّ عَن سَيفٍ طَبَعتَ غِرارَهُ / وَأَعرتَ شَفرَتَهُ سَناً وَمَضاءَ
وَالصَبرُ عَن وَلَدٍ يَجِئُ بِمِثلِهِ / أَولى وَلَكن نَندُبُ الآباءَ
فَلَقَد رَجَعتَ عَنِ المُطيعِ بِسَلوَةٍ / مِن بَعدِ ما جَرَتِ الدُموعُ دِماءَ
وَالإِبنُ لِلأَبِ إِن تَعَرَّضَ حادِثٌ / أَولى الأَنامِ بِأَن يَكونَ وِقاءَ
وَإِذا اِرتَقى الآباءُ أَمنَعَ نَجوَةٍ / فَدَع الرَدى يَستَنزِلُ الأَبناءَ
وَرَدَ الزَمانُ بِهِ وَأَورَدَهُ الرَدى / بَغياً فَأَحسَنَ مَرَّةً وَأَساءَ
وَرَمى سِنيهِ إِلى الحِمامِ كَأَنَّما / أَلقى بِها عَن مَنكِبَيهِ رِداءَ
فَلتَعلَمِ الأَيّامُ أَنَّكَ لَم تَزَل / تَفري الخُطوبَ وَتَكشِفُ الغَمّاءِ
خَضَعَت لَكَ الأَعداءُ يَومَ لَقيتَها / جَلداً تُجَرِّدُ لِلمُصابِ عَزاءَ
وَتَمَطَّتِ الزَفراتُ حَتّى قَوَّمَت / ضِلعاً عَلى أَضغانِها عَوجاءَ
وَمُضاعِنٍ مَلآنَ يَكتُمُ غَيظَهُ / جَزَعاً كَما كَتَمَ المَزادُ الماءَ
مُتَحَرِّقٌ فَإِذا رَأَتكَ لِحاظُهُ / نَسِيَت مَجامِعُ قَلبِهِ الشَحناءَ
وَأَمّا وجودُكَ إِنَّهُ قَسَمٌ لَقَد / غَمَرَ القُلوبَ وَأَنطَقَ الشُعَراءَ
وَأَنا الَّذي والَيتُ فيكَ مَدائِحاً / وَعَبَأتُ لِلباغي عَلَيكَ هِجاءَ
وَنَفَضتُ إِلّا مِن هَواكَ خَواطِري / نَفضَ المُشَمِّرِ بِالعَراءِ وِعاءَ
فَاِسلَم وَلا زالَ الزَمانُ يُعيرُني / طَمَعاً يَمُدُّ إِلى نَداكَ رَجاءَ
أَبكيكِ لَو نَقَعَ الغَليلَ بُكائي
أَبكيكِ لَو نَقَعَ الغَليلَ بُكائي / وَأَقولُ لَو ذَهَبَ المَقالُ بِداءِ
وَأَعوذُ بِالصَبرِ الجَميلِ تَعَزِّياً / لَو كانَ بِالصَبرِ الجَميلِ عَزائي
طوراً تُكاثِرُني الدُموعُ وَتارَةً / آوي إِلى أَكرومَتي وَحَيائي
كَم عَبرَةٍ مَوَّهتُها بِأَنامِلي / وَسَتَرتُها مُتَجَمِّلاً بِرِدائي
أُبدي التَجَلُّدَ لِلعَدوِّ وَلَو دَرى / بِتَمَلمُلي لَقَد اِشتَفى أَعدائي
ما كُنتُ أُذخَرُ في فِداكَ رَغيبَةً / لَو كانَ يَرجِعُ مَيِّتٌ بِفِداءِ
لَو كانَ يُدفَعُ ذا الحِمامُ بِقوَّةٍ / لَتَكَدَّسَت عُصَبٌ وَراءَ لِوائي
بِمُدَرَّبينَ عَلى القِراعِ تَفَيَّأوا / ظِلَّ الرِماحِ لِكُلِّ يَومِ لِقاءِ
قَومٌ إِذا مَرِهوا بِأَغبابِ السُرى / كَحَلوا العُيونَ بِإِثمِدِ الظَلماءِ
يَمشونَ في حَلَقِ الدُروعِ كَأَنَّهُم / صُمُّ الجَلامِدِ في غَديرِ الماءِ
بِبُروقِ أَدراعٍ وَرَعدِ صَوارِمٍ / وَغَمامِ قَسطَلَةٍ وَوَبلِ دِماءِ
فارَقتُ فيكِ تَماسُكي وَتَجَمُّلي / وَنَسيتُ فيكَ تَعَزُّزي وَإِبائي
وَصَنَعتُ ما ثَلَمَ الوَقارَ صَنيعُهُ / مِمّا عَراني مِن جَوى البُرحاءِ
كَم زَفرَةٍ ضَعُفَت فَصارَت أَنَّةً / تَمَّمتُها بِتَنَفُّسِ الصُعَداءِ
لَهفانَ أَنزو في حَبائِلَ كُربَةٍ / مَلَكَت عَلَيَّ جَلادَتي وَغَنائي
وَجَرى الزَمانُ عَلى عَوائِدِ كَيدِهِ / في قَلبِ آمالي وَعَكسِ رَجائي
قَد كُنتُ آمُلُ أَن أَكونَ لَكِ الفِدا / مِمّا أَلَمَّ فَكُنتِ أَنتِ فِدائي
وَتَفَرُّقُ البُعداءِ بَعدَ مَوَدَّةٍ / صَعبٌ فَكَيفَ تَفَرُّقُ القُرَباءِ
وَخَلائِقُ الدُنيا خَلائِقُ مومِسٍ / لِلمَنعِ آوِنَةً وَلِلإِعطاءِ
طَوراً تُبادِلُكَ الصَفاءَ وَتارَةً / تَلقاكَ تُنكِرُها مِنَ البَغضاءِ
وَتَداوُلُ الأَيّامِ يُبلينا كَما / يُبلي الرَشاءَ تَطاوُحُ الأَرجاءِ
وَكَأَنَّ طولَ العُمرِ رَوحَةُ راكِبٍ / قَضّى اللُغوبَ وَجَدَّ في الإِسراءِ
أَنضَيتِ عَيشَكِ عِفَّةً وَزَهادَةً / وَطُرِحتِ مُثقَلَةً مِنَ الأَعباءِ
بِصِيامِ يَومِ القَيظِ تَلهَبُ شَمسُهُ / وَقِيامِ طولِ اللَيلَةِ اللَيلاءِ
ما كانَ يَوماً بِالغَبينِ مَنِ اِشتَرى / رَغدَ الجِنانِ بِعيشَةٍ خَشناءِ
لَو كانَ مِثلَكِ كُلُّ أُمٍّ بَرَّةٍ / غَنِيَ البَنونَ بِها عَنِ الآباءِ
كَيفَ السُلوُّ وَكُلُّ مَوقِعِ لَحظَة / أَثَرٌ لِفَضلِكِ خالِدٌ بِإِزاءِ
فَعَلاتُ مَعروفٍ تُقِرُّ نَواظِري / فَتَكونُ أَجلَتَ جالِبٍ لِبُكائي
ما ماتَ مَن نَزَعَ البَقاءَ وَذِكرُهُ / بِالصالِحاتِ يُعَدُّ في الأَحياءِ
فَبِأَيِّ كَفٍّ أَستَجِنُّ وَأَتَّقي / صَرفَ النَوائِبِ أَم بِأَيِّ دُعاءِ
وَمَنِ المُمَوِّلُ لي إِذا ضاقَت يَدي / وَمَنِ المُعَلِّلُ لي مِنَ الأَدواءِ
وَمَنِ الَّذي إِن ساوَرَتني نَكبَةٌ / كانَ المُوَقّى لي مِنَ الأَسواءِ
أَم مَن يَلِطُّ عَلَيَّ سِترَ دُعائِهِ / حَرَماً مِنَ البَأساءِ وَالضَرّاءِ
رُزآنِ يَزدادانِ طولَ تَجَدُّدٍ / أَبَدَ الزَمانِ فَناؤُها وَبَقائي
شَهِدَ الخَلائِقُ أَنَّها لَنَجيبَةٌ / بِدَليلِ مَن وَلَدَت مِنَ النُجَباءِ
في كُلِّ مُظلِمِ أَزمَةٍ أَو ضيقَةٍ / يَبدو لَها أَثَرُ اليَدِ البَيضاءِ
ذَخَرَت لَنا الذِكرَ الجَميلَ إِذا اِنقَضى / ما يَذخَرُ الآباءُ لِلأَبناءِ
قَد كُنتُ آمُلُ أَن يَكونَ أَمامَها / يَومي وَتُشفِقُ أَن تَكونَ وَرائي
كَم آمِرٍ لي بِالتَصَبُّرِ هاجَ لي / داءً وَقَدَّرَ أَنَّ ذاكَ دَوائي
آوي إِلى بَردِ الظِلالِ كَأنَّني / لِتَحَرُّقي آوي إِلى الرَمضاءِ
وَأَهُبُّ مِن طيبِ المَنامِ تَفَزُّعاً / فَزَعَ اللَديغِ نَبا عَنِ الإِغفاءِ
آباؤُكَ الغُرُّ الَّذين تَفَجَّرَت / بِهِمِ يَنابيعٌ مِنَ النَعماءِ
مِن ناصِرٍ لِلحَقِّ أَو راعٍ إِلى / سُبُلِ الهُدى أَو كاشِفِ الغَمّاءِ
نَزَلوا بِعَرعَرَةِ السَنامِ مِنَ العُلى / وَعَلَوا عَلى الأَثباجِ وَالأَمطاءِ
مِن كُلِّ مُستَبِقِ اليَدَينِ إِلى النَدى / وَمُسَدِّدِ الأَقوالِ وَالآراءِ
يُرجى عَلى النَظَرِ الحَديدِ تَكَرُّماً / وَيُخافُ في الإِطراقِ وَالإِغضاءِ
دَرَجوا عَلى أَثَرِ القُرونِ وَخَلَّفوا / طُرُقاً مُعَبَّدَةً مِنَ العَلياءِ
يا قَبرُ أَمنَحُهُ الهَوى وَأَوَدُّ لَو / نَزَفَت عَلَيهِ دُموعُ كُلِّ سَماءِ
لا زالَ مُرتَجِزُ الرعودِ مُجَلجِلٌ / هَزِجُ البَوارِقِ مُجلِبُ الضَوضاءِ
يَرغو رُغاءَ العودِ جَعجَعَهُ السُرى / وَيَنوءُ نَوءَ المُقرِبِ العُشَراءِ
يَقتادُ مُثقَلَةَ الغَمامِ كَأَنَّما / يَنهَضنَ بِالعَقَداتِ وَالأَنقاءِ
يَهفو بِها جِنحَ الدُجى وَيَسوقُها / سَوقَ البِطاءِ بِعاصِفٍ هَوجاءِ
يَرميكَ بارِقُها بِأَفلاذِ الحَيا / وَيَفُضُّ فيكَ لَطائِمَ الأَنداءِ
مُتَحَلِّياً عَذراءَ كُلِّ سَحابَةٍ / تَغذو الجَميمَ بِرَوضَةٍ عَذراءِ
لَلَؤُمتُ إِن لَم أَسقِها بِمَدامِعي / وَوَكَلتُ سُقياها إِلى الأَنواءِ
لَهفي عَلى القَومِ الأولى غادَرتُهُم / وَعَلَيهِمُ طَبَقٌ مِنَ البَيداءِ
مُتَوَسِّدينَ عَلى الخُدودِ كَأَنَّما / كَرَعوا عَلى ظَمَإٍ مِنَ الصَهباءِ
صُوَرٌ ضَنَنتُ عَلى العُيونِ بِلَحظِها / أَمسَيتُ أوقِرُها مِنَ البَوغاءِ
وَنَواظِرٌ كَحَلَ التُرابُ جُفونَها / قَد كُنتُ أَحرُسُها مِنَ الأَقذاءِ
قَرُبَت ضَرائِحُهُم عَلى زُوّارِها / وَنَأوا عَنِ الطُلّابِ أَيِّ تَنائي
وَلَبِئسَ ما تَلقى بِعُقرِ دِيارِهِم / أُذنُ المُصيخِ بِها وَعَينُ الرائي
وَمَعروفُكِ السامي أَنيسُكِ كُلَّما / وَرَدَ الظَلامُ بِوَحشَةِ الغَبراءِ
وَضِياءُ ما قَدَّمتِهِ مِن صالِحٍ / لَكِ في الدُجى بَدَلٌ مِنَ الأَضواءِ
إِنَّ الَّذي أَرضاهُ فِعلُكِ لا يَزَل / تُرضيكِ رَحمَتُهُ صَباحَ مَساءِ
صَلّى عَلَيكِ وَما فَقَدتِ صَلاتَهُ / قَبلَ الرَدى وَجَزاكِ أَيُّ جَزاءِ
لَو كانَ يُبلِغُكِ الصَفيحُ رَسائِلي / أَو كانَ يُسمِعُكِ التُرابُ نِدائي
لَسَمِعتِ طولَ تَأَوُّهي وَتَفَجُّعي / وَعَلِمتِ حُسنَ رِعايَتي وَوَفائي
كانَ اِرتِكاضي في حَشاكِ مُسَبِّباً / رَكضَ الغَليلِ عَلَيكِ في أَحشائي
أَتَرى السَحابَ إِذا سَرَت عُشراؤُهُ
أَتَرى السَحابَ إِذا سَرَت عُشراؤُهُ / يُمرى عَلى قَبرٍ بِبابِلَ ماؤُهُ
يا حادِيَيهِ قِفا بِبُزلِ مَطيَّهِ / فَإِلى ثَرى ذا القَبرِ كانَ حُداؤُهُ
يَسقي هَوىً لِلقَلبِ فيهِ وَمَعهَداً / رَقَّت مَنابِتُهُ وَرَقَّ هَواؤُهُ
قَد كانَ عاقَدَني الصَفاءَ فَلَم أَزُل / عَنهُ وَما بَقّى عَلَيَّ صَفاؤُهُ
وَلَقَد حَفِظتُ لَهُ فَأَينَ حِفاظُهُ / وَلَقَد وَفَيتُ لَهُ فَأَينَ وَفاؤُهُ
أَوعى الدُعاءَ فَلَم يُجِبهُ قَطيعَةً / أَم ضَلَّ عَنهُ مِنَ البِعادِ دُعاؤُهُ
هَيهاتَ أَصبَحَ سَمعُهُ وَعِيانُهُ / في التُربِ قَد حَجَبَتهُما أَقذاؤُهُ
يُمسي وَلينُ مِهادِهِ حَصباؤُهُ / فيهِ وَمُؤنِسُ لَيلِهِ ظَلماؤُهُ
قَد قُلِّبَت أَعيانُهُ وَتَنَكَّرَت / أَعلامُهُ وَتَكَسَّفَت أَضواؤُهُ
مُغفٍ وَلَيسَ لِلَذَّةٍ إِغفاؤُهُ / مُغضٍ وَلَيسَ لِفِكرَةٍ إِغضاؤُهُ
وَجهٌ كَلَمحِ البَرقِ غاضَ وَميضُهُ / قَلبٌ كَصَدرِ العَضبِ فُلَّ مَضاؤُهُ
حَكَمَ البِلى فيهِ فَلَو يَلقى بِهِ / أَعداؤُهُ لَرَثى لَهُ أَعداؤُهُ
إِنَّ الَّذي كانَ النَعيمُ ظِلالَهُ / أَمسى يُطَنَّبُ بِالعَراءِ خِباؤُهُ
قَد خَفَّ عَن ذاكَ الرَواقِ حُضورُهُ / أَبَداً وَعَن ذاكَ الحِمى ضَوضاؤُهُ
كانَت سَوابِقُهُ طِرازَ فِنائِهِ / يَجلو جَمالَ رَواؤُهُنَّ رَواؤُهُ
وَرِماحُهُ سُفَراؤُهُ وَسُيوفُهُ / خُفَراؤُهُ وَجِيادُهُ نُدَماؤُهُ
ما زالَ يَغدو وَالرِكابُ حُداؤُهُ / بَينَ الصَوارِمِ وَالعَجاجِ رِداؤُهُ
اُنظُر إِلى هَذا الأَنامِ بِعِبرَةٍ / لا يُعجِبَنَّكَ خَلقُهُ وَبَهاؤُهُ
بَيناهُ كَالوَرَقِ النَضيرِ تَقَصَّفَت / أَغصانُهُ وَتَسَلَّبَت شَجَراؤُهُ
أَنّى تَحاماهُ المَنونُ وَإِنَّما / خُلِقَت مَراعِيَ لِلرَدى خَضراؤُهُ
أَم كَيفَ تَأمُلُ فَلتَةً أَجسادُهُ / مِن ذا الزَمانِ وَحَشوُها أَدواؤُهُ
لا تَعجَبَنَّ فَما العَجيبُ فَناؤُهُ / بِيَدِ المَنونِ بَلِ العَجيبُ بَقاؤُهُ
إِنّا لَنَعجَبُ كَيفَ حُمَّ حِمامُهُ / عَن صِحَّةٍ وَيَغيبُ عَنّا داؤُهُ
مَن طاحَ في سُبُلِ الرَدى آباؤُهُ / فَليَسلُكَنَّ طَريقَهُ أَبناؤُهُ
وَمُؤَمَّرٍ نَزَلوا بِهِ في سوقَةٍ / لا شَكلُهُ فيهِم وَلا قُرَناؤُهُ
قَد كانَ يَفرَقُ ظِلَّهُ أَقرانُهُ / وَيَغُضُّ دونَ جَلالِهِ أَكفاؤُهُ
وَمُحَجَّبٍ ضُرِبَت عَلَيهِ مَهابَةٌ / يُغشي العُيونَ بَهاؤُهُ وَضِياؤُهُ
نادَتهُ مِن خَلفِ الحِجابِ مَنيَّةٌ / أَمَمٌ فَكانَ جَوابَها حَوباؤُهُ
شُقَّت إِلَيهِ سُيوفُهُ وَرِماحُهُ / وَأُميتَ عَنهُ عَبيدُهُ وَإِماؤُهُ
لَم يُغنِهِ مَن كانَ وَدَّ لَوَ اَنَّهُ / قَبلَ المَنونِ مِنَ المَنونِ فِداؤُهُ
حَرَمٌ عَلَيهِ الذُلُّ إِلّا أَنَّهُ / أَبَداً لَيَشهَدُ بِالجَلالِ بِناؤُهُ
مُتَخَشِّعٌ بَعدَ الأَنيسِ جَنابُهُ / مُتَضائِلٌ بَعدَ القَطينِ فِناؤُهُ
عُريانُ تَطرُدُ كُلُّ ريحٍ تُربَهُ / وَتُطيعُ أَوَّلَ أَمرِها حَصباؤُهُ
وَلَقَد مَرَرتُ بِبَرزَخٍ فَسَأَلتُهُ / أَينَ الأُلى ضَمَّتهُمُ أَرجاؤُهُ
مِثلِ المَطيِّ بَوارِكاً أَجداثُهُ / تُسفى عَلى جَنَباتِها بَوغاؤُهُ
نادَيتُهُ فَخَفي عَلَيَّ جَوابُهُ / بِالقَولِ إِلّا ما زَقَت أَصداؤُهُ
مِن ناظِرٍ مَطروفَةٍ أَلحاظُهُ / أَو خاطِرٍ مَطلولَةٍ سَوداؤُهُ
أَو واجِدٍ مَكظومَةٍ زَفَراتُهُ / أَو حاقِدٍ مَنسيَّةٍ شَحناؤُهُ
وَمُسَنَّدينَ عَلى الجُنوبِ كَأَنَّهُم / شَربٌ تَخاذَلَ بِالطِلا أَعضاؤُهُ
تَحتَ الصَعيدِ لِغَيرِ إِشفاقٍ إِلى / يَومِ المَعادِ تَضُمُّهُم أَحشاؤُهُ
أَكَلَتهُمُ الأَرضُ الَّتي وَلَدَتهُمُ / أَكلَ الضَروسِ حَلَت لَهُ أَكلاؤُهُ
حَيّاكَ مُعتَلِجُ النَسيمِ وَلا يَزَل / سَحَراً تُفاوِحُ نَورُهُ أَصباؤُهُ
يَمري عَلَيكَ مِنَ النُعامى خِلفَه / مِن عارِضٍ مُتَبَزِّلٍ أَنداؤُهُ
فَسَقاكَ ما حَمَلَ الزُلالَ سِجالُهُ / وَنَحاكَ ما جَرَّ الزُحوفَ لِواؤُهُ
لَولا اِتِّقاءُ الجاهِليَّةِ سُقتُهُ / ذَوداً تَمورُ عَلى ثَراكَ دِماؤُهُ
وَأَطَرتُ تَحتَ السَيفِ كُلَّ عَشيَّةٍ / عُرقوبَ مُغتَبِطٍ يَطولُ رُغاؤُهُ
لَكِن سَيَخلُفُ عَقرَها وَدِماءَها / أَبَدَ اللَيالي مَدمَعي وَبُكاؤُهُ
أَقني الحَياءَ تَجَمُّلاً لَو أَنَّهُ / يَبقى مَعَ الدَمعِ اللَجوجِ حَياؤُهُ
وَإِذا أَعادَ الحَولُ يَومَكَ عادَني / مِثلَ السَليمِ يَعودُهُ آناؤُهُ
دارٌ بِقَلبي لا يَعودُ طَبيبُهُ / يَأساً إِلَيَّ وَلا يُصابُ دَواؤُهُ
فَاِذهَب فَلا بَقِيَ الزَمانُ وَقَد هَوى / بِكَ صَرفُهُ وَقَضى عَلَيكَ قَضاؤُهُ
ما لي أُوَدِّعُ كُلَّ يَومٍ ظاعِناً
ما لي أُوَدِّعُ كُلَّ يَومٍ ظاعِناً / لَو كُنتُ آمُلُ لِلوَضاعِ لِقاءَ
وَأَروحُ أَذكَرَ ما أَكونُ لِعَهدِهِ / فَكَأَنَّني اِستَودَعتُهُ الأَحشاءَ
فَرَغَت يَدي مِنهُ وَقَد رَجَعَت بِهِ / أَيدي النَوائِبِ وَالخُطوبِ مِلاءَ
تَشكو القَذى عَيني فَيَكثُرُ شَكوُها / حَتّى يَعودَ قَذىً بِها أَقذاءَ
شَرَقٌ مِنَ الحِدثانِ لَو يُرمى بِهِ / ذا الماءُ مِن أَلَمٍ أَغَصُّ الماءَ
أَحبابِيَ الأَدنَينَ كَم أَلقى بِكُم / داءً يَمُضُّ فَلا أُداوي الداءَ
أَحيا إِخاءَكُمُ المَماتُ وَغَيرَكُم / جَرَّبتُهُم فَثَكِلتُهُم أَحياءَ
إِلّا يَكُن جَسَدي أُصيبَ فَإِنَّني / فَرَّقتُهُ فَدَفَنتُهُ أَعضاءَ
حَيِّ بَينَ النَقا وَبَينَ المُصَلّى
حَيِّ بَينَ النَقا وَبَينَ المُصَلّى / وَقَفاتِ الرَكائِبِ الأَنضاءِ
وَرَواحَ الحَجيجِ لَيلَةَ جَمعٍ / وَبِجَمعٍ مَجامِعُ الأَهواءِ
وَتَذَكَّر عَنّي مُناخَ مَطِيّي / بِأَعالي مِنىً وَمَرسى خِبائي
وَتَعَمَّد ذِكري إِذا كُنتَ بِالخي / فِ لِظَبيٍ مِن بَعضِ تِلكَ الظِباءِ
قُل لَهُ هَل تُراكَ تَذكُرُ ما كا / نَ بِبابِ القُبَيبَةِ الحَمراءِ
قالَ لي صاحِبي غَداةَ اِلتَقَينا / نَتَشاكى حَرَّ القُلوبِ الظِماءِ
كُنتَ خَبَّرتَني بِأَنَّكَ في الوَج / دِ عَقيدي وَأَنَّ داءَكَ دائي
ما تَرى النَفرَ وَالتَحَمُّلَ لِلبَي / نِ فَماذا اِنتِظارُنا لِلبُكاءِ
لَم يَقُلها حَتّى اِنثَنَيتُ لِما بي / أَتَلَقّى دَمعي بِفَضلِ رِدائي
خُطوبٌ لا يُقاوِمُها البَقاءُ
خُطوبٌ لا يُقاوِمُها البَقاءُ / وَأَحوالٌ يَدِبُّ لَها الضَراءُ
وَدَهرٌ لا يَصُحُّ بِهِ سَقيمُ / وَكَيفَ يَصُحُّ وَالأَيّامُ داءُ
وَأَملاكٌ يَرَونَ القَتلَ غُنماً / وَفي الأَموالِ لَو قَنِعوا فِداءُ
هُمُ اِستَولَوا عَلى النُجَباءِ مِنّا / كَما اِستَولى عَلى العودِ اللِحاءُ
مُقامٌ لا يُجاذِبُهُ رَحيلٌ / وَلَيلٌ لا يُجاوِرُهُ ضِياءُ
سَيَقطَعُكَ المُثَقَّفُ ما تَمَنّى / وَيُعطيكَ المُهَنَّدُ ما تَشاءُ
بَلَونا ما تَجيءُ بِهِ اللَيالي / فَلا صُبحٌ يَدومُ وَلا مَساءُ
وَأَنضَينا المَدى طَرَباً وَهَمّاً / فَما بَقِيَ النَعيمُ وَلا الشَقاءُ
إِذا كانَ الأَسى داءً مُقيماً / فَفي حُسنِ العَزاءِ لَنا شِفاءُ
وَما يُنجي مِنَ الأَيّامِ فَوتٌ / وَلا كَدٌّ يَطولُ وَلا عَناءُ
تَنالُ جَميعَ ما تَسعى إِلَيهِ / فَسِيّانِ السَوابِقُ وَالبِطاءُ
وَما يُنجي مِنَ الغَمَراتِ إِلّا / ضِرابٌ أَو طِعانٌ أَو رِماءُ
وَرُمحٌ تَستَطيلُ بِهِ المَنايا / وَصَمصامٌ تُشافِهُهُ الدِماءُ
وَإِنّي لا أَميلُ إِلى خَليلٍ / سَفيهِ الرَأيِ شيمَتُهُ الرِياءُ
يُسَوَّمُني الخِصامَ وَلَيسَ طَبعي / وَما مِن عادَةِ الخَيلِ الرُغاءُ
أَقولُ لِفِتيَةٍ زَجَروا المَطايا / وَخَفَّ بِهِم عَلى الإِبلِ النَجاءُ
عَلى غَوراءَ تَشتَجِرُ الأَداوى / بِعَرصَتِها وَتَزدَحِمُ الدِلاءُ
رِدوا وَاِستَفضِلوا نُطَفاً فَحَسبي / مِنَ الغُدرانِ ما وَسِعَ الإِناءُ
وَبَعدَكُمُ أَناخَ إِلى مَحَلٍّ / يُطَلِّقُ عِندَهُ الدَلوَ الرِشاءُ
تَقَلَّصُ عَن سَوائِمِهِ المَراعي / وَتَخرُزُ دِرَّةَ الضَرعِ الرُعاءُ
إِذا ما الحُرُّ أَجدَبَ في زَمانٍ / فَعِفَّتُهُ لَهُ زادٌ وَماءُ
أَرى خَلقاً سَواسِيَةً وَلَكِن / لِغَيرِ العَقلِ ما تَلِدُ النِساءُ
يُشَبَّهُ بِالفَصيلِ الطِفلُ مِنهُم / فَسيّانِ العَقيقَةُ وَالعَفاءُ
تَصونُهُمُ الوِهادُ وَأَيُّ بَيتٍ / حَمى اليَربوعَ لَولا النافِقاءُ
هُمُ يَومَ النَدى غَيمٌ جَهامٌ / وَفي اللَأواءِ ريحٌ جِربِياءُ
قِرىً لا يَستَجيرُ بِهِ خَميصٌ / وَنارٌ لا يُحَسُّ بِها الصِلاءُ
وَضَيفٌ لا يُخاطِبُهُ أَديبٌ / وَجارٌ لا يَلَذُّ لَهُ الثَواءُ
هَوى بَدرُ التَمامِ وَكُلُّ بَدرٍ / سَتَقذِفُهُ إِلى الأَرضِ السَماءُ
وَعِلمي أَنَّهُ يَزدادُ نوراً / وَيَجذِبُهُ عَنِ الظُلمِ الضِياءُ
أَمُرُّ بِدارِهِ فَأُطيلُ شَوقاً / وَيَمنَعُني مِنَ النَذَرِ البُكاءُ
تَعَرَّضُ لي فَتُنكِرُها لِحاظي / مُعَطَّلَةً كَما نُقِضَ الخِباءُ
كَأَنّي قائِفٌ طَلَبَ المَطايا / عَلى جَدَدٍ تُبَعثِرُهُ الظِباءُ
دِيارٌ يَنبُتُ الإِحسانُ فيها / وَنَبتُ الأَرضِ تَنّومٌ وَآءُ
وَقَد كانَ الزَمانُ يَروقُ فيها / وَيَخرَبُ حُسنَها الحَدَقُ الظَماءُ
وَدارٌ لا يَلَذُّ بِها مُقيمٌ / وَلا يُغشى لِساكِنِها فِناءُ
تُخَيَّبُ في جَوانِبِها المَساعي / وَيُنقَصُ في مَواطِنِها الإِباءُ
وَما حَبَسَتكَ مَنقَصَةٌ وَلَكِن / كَريمُ الزادِ يُحرِزُهُ الوِعاءُ
فَلا تَحزَن عَلى الأَيّامِ فينا / إِذا غَدَرَت وَشيمَتُنا الوَفاءُ
فَإِنَّ السَيفَ يَحبِسُهُ نِجادٌ / وَيُطلِقُهُ عَلى القِمَمِ المَضاءُ
لَئِن قَطَعَ اللِقاءَ غَرامُ دَهرٍ / لَما اِنقَطَعَ التَوَدُّدُ وَالإِخاءُ
وَما بَعَثَ الزَمانُ عَلَيكَ إِلّا / وُفورُ العِرضِ وَالنَفسُ العِصاءُ
وَلَو جاهَرتَهُ بِالبَأسِ يَوماً / لَأَبرَأَ ذَلِكَ الجَرَبَ الهِناءُ
وَكُنتَ إِذَ وَعَدتَ عَلى اللَيالي / تَمَطَّرَ في مَواعِدِكَ الرَجاءُ
وَأَعجَلَكَ الصَريخُ إِلى المَعالي / كَما يَستَعجِلُ الإِبلَ الحُداءُ
وَأَيُّ فَتىً أَصابَ الدَهرُ مِنّا / تُصابُ بِهِ المُروءَةُ وَالوَفاءُ
صَقيلُ الطَبعِ رَقراقُ الحَواشي / كَما اِصطَفَقَت عَلى الرَوضِ الأَضاءُ
يَنالُ المَجدَ وَضّاحُ المُحَيّا / طَويلُ الباعِ عِمَّتُهُ لِواءُ
كَلامٌ تَستَجيبُ لَهُ المَعالي / وَوَجهٌ يَستَبِدُّ بِهِ الحَياءُ
فَلا زالَت هُمومُكَ آمِراتٍ / عَلى الأَيّامِ يَخدُمُها القَضاءُ
تَجولُ عَلى ذَوابِلِكَ المَنايا / وَيَخطِرُ في مَنازِلِكَ العَلاءُ
تُعَيِّرُني فَتاةُ الحَيِّ أَنّي
تُعَيِّرُني فَتاةُ الحَيِّ أَنّي / حَظيتُ مِنَ المُروءَةِ وَالفَتاءِ
وَأَنّي لا أَميلُ إِلى جَوادٍ / يُعَبِّدُ حُرَّ وَجهي لِلعَطاءِ
لَعَمرُكَ ما لِغَدرِكَ فِيَّ ذَنبٌ / وَلَيسَ الذَنبُ إِلّا مِن وَفائي
وَما جودُ الزَفيرِ عَلَيكَ جوداً / وَلَكِن ذاكَ مِن لُؤمِ العَزاءِ
مُعاداةُ الرِجالِ عَلى اللَيالي / أُطيقُ وَلا مُداراةُ النِساءِ
رَضينا الظُبى مِن عِناقِ الظِبا
رَضينا الظُبى مِن عِناقِ الظِبا / وَضَربَ الطُلى مِن وِصالِ الطَلا
وَلَم نَرضَ بِالبَأسِ دونَ السَماحِ / وَلا بِالمَحامِدِ دونَ الجَدا
وَقُمنا نَجُرُّ ذُيولَ الرَجا / وَتَرعى العُيونُ بُروقَ المُنى
إِلى أَن ظَفِرنا بِكَأسِ النَجي / عِ فَالرُمحُ يَشرَبُ حَتّى اِنتَشى
وَمِلنا عَلى القورِ مِن نَقعِنا / بِأَوسَعَ مِنها وَأَعلى بِنا
وَلِلخَيلِ في أَرضِنا جَولَةٌ / تَحَلَّلَ عَنها نِطاقُ الثَرى
أَثَرنا عَلَيها صُدورَ الرِما / حِ يَمرَحُ في ظِلِّهِنَّ الرَدى
فَجاءَت تَدَفَّقُ في جَريِها / كَما أُفرِغَت في الحِياضِ الدِلا
وَلَيلٍ مَرَرنا بِظَلمائِهِ / نُضاوي كَواكِبَهُ بِالظُبى
إِذا مُدَّتِ النارُ باعَ الشُعاعِ / مَدَدنا إِلَيها ذِراعَ القِرى
وَيَومٍ تَعَطَّفُ فيهِ الجِيا / دُ تَشرَقُ أَلوانُها بِالدِما
فَما بَرِحَت حَلبَةُ السابِقا / تِ تورِدُنا عَفَواتِ المَدى
بِرَكضٍ يُصَدِّعُ صَدرَ الوِها / دِ حَتّى تَئِنَّ قُلوبَ الصَفا
يَلوذُ بِأَبياتِنا الخائِفو / نَ حَتّى طَرائِدُ وَحشِ الفَلا
وَتُصغي لَنا فارِياتُ الخُطو / بِ قَواضِبَ ما آجَنَت بِالصَدا
يُبَشِّرُها بُعدُ هِمّاتِنا / بِأَنَّ الحِمامَ قَريبُ الخُطا
وَجَوٍّ تَقَلَّبُ فيهِ الرِيا / حُ بَينَ الجَنوبِ وَبَينَ الصَبا
سَلَلنا النَواظِرَ في عَرضِهِ / فَطَوَّلَ مِن شَأوِها المُنتَضى
تُصافِحُ مِنهُ لِحاظَ العُيونِ / مَريضَ النَسيمِ أَريضَ الرُبى
وَإِنّي عَلى شَغَفي بِالوِقارِ / أَحِنُّ إِلى خَطَراتِ الصِبا
وَمِمّا يُزَهِّدُني في الزَمانِ / وَيَجذِبُني عَن جَميعِ الوَرى
أَخٌ ثَقَّفَ المَجدُ أَخلاقَهُ / وَأَشعَرَ أَيّامَهُ بِالعُلى
وَأَنكَحَهُ بِهَديِّ السَنا / وَطَلَّقهُ مِن قَبيحِ النَشا
وَقورٌ إِذا زَعزَعَتهُ الخُصو / مُ وَاِنفَرَجَت حَلَقاتُ الحُبى
إِذا هَزهَزَ الرُمحَ رَوّى السِنا / نِ وَاِستَمطَرَ السَيفُ هامَ العِدى
وَما هُوَ إِلّا شِهابُ الظَلا / مِ صافَحَ لَحظي بِحُسنِ الرُوا
يَقُصُّ وَمِن غَيرِ سَهمٍ أَصابَ / وَيَرمي وَمِن غَيرِ قَوسٍ رَمى
فَغَيثٌ يُعانِقُني في السَحابِ / وَبَدرٌ يُنادِمُني في السَما
سَقاني عَلى القُربِ كاسَ الإِخا / ءِ مَطلولَةً بِنَسيمِ الصَفا
فَلِلَّهِ كاسٌ صَرَعتُ الهُمو / مَ بِسَورَتِها وَعَقَرتُ الأَسى
وَسِربٍ تُنَفِّرُهُ بِالرِماحِ / وَوَعدٍ تُعَفِّرُهُ بِالعَطا
وَماءٍ تُصارِعُهُ بِالرِكابِ / وَجَيشٍ تُقارِعُهُ بِالقَنا
وَيَومٍ تُسَوِّدُهُ بِالعَجاجِ / وَنادٍ تُبَيِّضُهُ بِالنَدى
سَناءٌ تَبَلَّدُ عَنهُ السَماءُ / وَمَجدٌ سَها عَن مَداهُ السُها
بَني خَلَفٍ أَنتُمُ في الزَمانِ / غُيوثُ العَطارِ لُيوثُ الوَغى
بُدورٌ إِذا اِزدَحَمَت في الظَلا / مِ شَمَّرَ بُردَيهِ عَنها الدُجى
حَرِيّونَ إِن نُسِبوا بِالسَماحِ / جَرِيّونَ في كُلِّ أَمرٍ عَرا
لَهُم كُلَّ يَومٍ إِلى الغادِري / نَ جَمعٌ تَقَلقَلَ عَنهُ الفَضا
حَلَفتُ بِسابِحَةٍ في الفِجاجِ / تَمزُجُ أَخفافَها بِالذُرى
وَتَنهَضُ في صَهَواتِ الهَجي / رِ بَينَ النِعامِ وَبَينَ المَها
بِخَطوٍ يُمَزِّقُ بُردَ الصَعيدِ / وَرَكضٍ يُلَطِّمُ وَجهَ المَلا
هَبَبنَ وَلَم تُغرِهِنَّ الخُداةُ / فَقامَ الهِبابُ مَقامَ الحُدا
تَحُطُّ رَحائِلَها بِالمُقامِ / وَتُلقي أَزِمَّتَها بِالصَفا
لَقَد حَلَّ وِدُّكَ مِن مُهجَتي / بِحَيثُ يُقيلُ الأَسى وَالإِسا
وَحاشاكَ أَن تَستَسِرَّ الوَدادَ / وَتُرمِدَ بِالهَجرِ طَرفَ الهَوى
لِبَذلِ النَدى إِن ثَويتَ الثَوى / وَفَلِّ العِدى إِن سَرَيتَ السُرى
رَأَيتَ عَليّاً يَرُدُّ الرَسيلَ / حَسيرَ القَوائِمِ دامي القَرا
إِذا الرَكبُ حَطَّ بِأَبوابِهِ / تَنَفَّضَ عَنهُ غُبارُ النَوى
وَإِن سَلَكَ البَرَّ هَزَّ الرَعا / نَ حَتّى يُنَفَّرَ ذَودَ القَطا
بِكُلِّ مُعَوِّذَةٍ بِالحَدي / دِ إِن رَوَّعَتها نِبالُ العِدى
سَأَشدو بِذِكرِكِ ما اِستَعبَرَت / مَطِيٌّ يُسَلِّمُ فيها الوَجى
وَأُصفيكَ وُدّي وَبَعضُ الرِجا / لِ يَمزِجُ بِالوُدِّ ماءَ القِلى
يُخيطُ الضُلوعَ عَلى إِحنَةٍ / وَيَرعى الإِخاءَ بِعَينِ العَمى
وَلَمّا ذَكَرتُكِ حَنَّ الفُؤا / دُ وَاِعتَلَّ في مُقلَتَيَّ الكَرى
فَلا زِلتَ في رَقَداتِ النَعي / مِ تَهفو بِلا موقِظٍ مِن أَذى
رِياضٌ تَشُقُّ عَلَيكَ النَسيمَ / وَلَيلٌ يَمُجُّ عَلَيكَ الضُحى
كَربَلا لا زِلتِ كَرباً وَبَلا
كَربَلا لا زِلتِ كَرباً وَبَلا / ما لَقي عِندَكِ آلُ المُصطَفى
كَم عَلى تُربِكِ لَمّا صُرِّعوا / مِن دَمٍ سالَ وَمِن دَمعٍ جَرى
كَم حَصانِ الذَيلِ يَروي دَمعُها / خَدَّها عِندَ قَتيلٍ بِالظَما
تَمسَحُ التُربَ عَلى إِعجالِها / عَن طُلى نَحرٍ رَميلٍ بِالدِما
وَضُيوفٍ لِفَلاةٍ قَفرَةٍ / نَزَلوا فيها عَلى غَيرِ قِرى
لَم يَذوقوا الماءَ حَتّى اِجتَمَعوا / بِحِدى السَيفِ عَلى وِردِ الرَدى
تَكسِفُ الشَمسُ شُموساً مِنهُمُ / لا تُدانيها ضِياءً وَعُلى
وَتَنوشُ الوَحشُ مِن أَجسادِهِم / أَرجُلَ السَبقِ وَأَيمانَ النَدى
وَوُجوها كَالمَصابيحِ فَمِن / قَمَرٍ غابَ وَنَجمٍ قَد هَوى
غَيَّرَتهُنَّ اللَيالي وَغَدا / جايِرَ الحُكمِ عَلَيهِنَّ البِلى
يا رَسولَ اللَهِ لَو عايَنتَهُم / وَهُمُ ما بَينَ قَتلى وَسِبا
مِن رَميضٍ يُمنَعُ الذِلَّ وَمِن / عاطِشٍ يُسقى أَنابيبَ القَنا
وَمَسوقٍ عاثِرٍ يُسعى بِهِ / خَلفَ مَحمولٍ عَلى غَيرِ وَطا
مُتعَبٍ يَشكو أَذى السَيرِ عَلى / نَقِبِ المَنسِمِ مَجزولِ المَطا
لَرَأَت عَيناكَ مِنهُم مَنظَراً / لِلحَشى شَجواً وَلِلعَينِ قَذى
لَيسَ هَذا لِرَسولِ اللَهِ يا / أُمَّةَ الطُغيانِ وَالبَغيِ جَزا
غارِسٌ لَم يَألُ في الغَرسِ لَهُم / فَأَذاقوا أَهلَهُ مُرُّ الجَنى
جَزَروا جَزرَ الأَضاحي نَسلَهُ / ثُمَّ ساقوا أَهلَهُ سَوقَ الإِما
مُعجَلاتٍ لا يُوارينَ ضُحى / سُنَنَ الأَوجُهِ أَو بيضَ الطُلى
هاتِفاتٍ بِرَسولِ اللَهِ في / بُهَرِ السَعيِ وَعَثراتِ الخُطى
يَومَ لا كِسرَ حِجابٍ مانِعٌ / بِذلَةَ العَينِ وَلا ظِلَّ خِبا
أَدرَكَ الكُفرُ بِهِم ثاراتِهِ / وَأُزيلَ الغَيِّ مِنهُم فَاِشتَفى
يا قَتيلاً قَوَّضَ الدَهرُ بِهِ / عُمُدَ الدينِ وَأَعلامَ الهُدى
قَتَلوهُ بَعدَ عِلمٍ مِنهُمُ / أَنَّهُ خامِسُ أَصحابِ الكِسا
وَصَريعاً عالَجَ المَوتَ بِلا / شَدَّ لَحيَينِ وَلا مَدَّ رِدا
غَسَلوهُ بِدَمِ الطَعنِ وَما / كَفَّنوهُ غَيرَ بَوغاءِ الثَرى
مُرهَقاً يَدعو وَلا غَوثَ لَهُ / بِأَبٍ بَرٍّ وَجَدٍّ مُصطَفى
وَبِأُمٍّ رَفَعَ اللَهُ لَها / عَلَماً ما بَينَ نُسوانِ الوَرى
أَيُّ جَدٍّ وَأَبٍ يَدعوهُما / جَدَّ يا جَدَّ أَغِثني يا أَبا
يا رَسولَ اللَهِ يا فاطِمَةٌ / يا أَميرَ المُؤمِنينَ المُرتَضى
كَيفَ لَم يَستَعجِلِ اللَهُ لَهُم / بِاِنقِلابِ الأَرضِ أَو رَجمِ السَما
لَو بِسِبطَي قَيصَرٍ أَو هِرقِلٍ / فَعَلوا فِعلَ يَزيدٍ ما عَدا
كَم رِقابٍ مِن بَني فاطِمَةٍ / عُرِقَت ما بَينَهُم عَرقَ المِدى
وَاِختَلاها السَيفُ حَتّى خِلتَها / سَلَمَ الأَبرَقِ أَو طَلحَ العُرى
حَمَلوا رَأساً يُصَلّونَ عَلى / جَدِّهِ الأَكرَمِ طَوعاً وَإِبا
يَتَهادى بَينَهُم لَم يَنقُضوا / عَمَمَ الهامِ وَلا حَلّوا الحُبا
مَيِّتٌ تَبكي لَهُ فاطِمَةٌ / وَأَبوها وَعَليٌّ ذو العُلى
لَو رَسولُ اللَهِ يَحيا بَعدَهُ / قَعَدَ اليَومَ عَلَيهِ لِلعَزا
مَعشَرٌ مِنهُم رَسولُ اللَهِ وَال / كاشِفُ الكَربِ إِذا الكَربُ عَرا
صِهرُهُ الباذِلُ عَنهُ نَفسَهُ / وَحُسامُ اللَهِ في يَومِ الوَغى
أَوَّلُ الناسِ إِلى الداعي الَّذي / لَم يُقَدِّم غَيرَهُ لَمّا دَعا
ثُمَّ سِبطاهُ شَهيدانِ فَذا / بَحَسا السُمَّ وَهَذا بِالظُبى
وَعَلِيٌّ وَاِبنُهُ الباقِرُ وَال / صادِقُ القَولِ وَموسى وَالرِضا
وَعَلِيٌّ وَأَبوهُ وَاِبنُهُ / وَالَّذي يَنتَظِرُ القَومُ غَدا
يا جِبالَ المَجدِ عِزّاً وَعُلى / وَبُدورَ الأَرضِ نوراً وَسَنا
جَعَلَ اللَهُ الَّذي نابَكُمُ / سَبَبَ الوَجدِ طَويلاً وَالبُكا
لا أَرى حُزنَكُمُ يُنسى وَلا / رُزءَكُم يُسلى وَإِن طالَ المَدى
قَد مَضى الدَهرُ وَعَفّى بَعدَكُم / لا الجَوى باخَ وَلا الدَمعُ رَقا
أَنتُمُ الشافونَ مِن داءِ العَمى / وَغَداً ساقونَ مِن حَوضِ الرَوا
نَزَلَ الدينُ عَلَيكُم بَيتَكُم / وَتَخَطّى الناسَ طُرّاً وَطَوى
أَينَ عَنكُم لِلَّذي يَبغي بِكُم / ظِلَّ عَدنٍ دونَها حَرُّ لَظى
أَينَ عَنكُم لَمُضِلٍّ طالِبٍ / وَضَحَ السُبلِ وَأَقمارَ الدُجى
أَينَ عَنكُم لِلَّذي يَرجو بِكُم / مَع رَسولِ اللَهِ فَوزاً وَنَجا
يَومَ يَغدو وَجهُهُ عَن مَعشَرٍ / مُعرِضاً مُمتَنِعاً عِندَ اللُقى
شاكِياً مِنهُم إِلى اللَهِ وَهَل / يُفلِحُ الجيلُ الَّذي مِنهُ شَكا
رَبَّ ما حاموا وَلا آوَوا وَلا / نَصَروا أَهلي وَلا أَغنَوا غَنا
بَدَّلوا ديني وَنالوا أُسرَتي / بِالعَظيماتِ وَلَم يَرعَوا أَلى
لَو وَلي ما قَد وَلوا مِن عِترَتي / قائِمُ الشَركِ لَأَبقى وَرَعى
نَقَضوا عَهدي وَقَد أَبرَمتُهُ / وَعُرى الدينِ فَما أَبقوا عُرى
حُرَمي مُستَردَفاتٌ وَبَنَو / بِنتِيَ الأَدنَونَ ذِبحٌ لِلعِدى
أَتُرى لَستُ لَدَيهِم كَاِمرِئٍ / خَلَّفوهُ بِجَميلٍ إِذ مَضى
رَبِّ إِنّي اليَومَ خَصمٌ لَهُمُ / جِئتُ مَظلوماً وَذا يَومُ القَضا
أَشكو إِلى اللَهِ قَلباً لا قَرارَ لَهُ
أَشكو إِلى اللَهِ قَلباً لا قَرارَ لَهُ / قامَت قِيامَتُهُ وَالناسُ أَحياءُ
إِن نالَ مِنكُم وِصالاً زادَهُ سَقماً / كَأَنَّ كُلَّ دَواءٍ عِندَهُ داءُ
كَأَنَّ قَلبِيَ يَومَ البَينِ طارَ بِهِ / مِنَ الرِفاعِ نَجيبُ الساقِ عَدّاءُ
كَريمٌ لَهُ يَومانِ قَد كَفِلا لَهُ
كَريمٌ لَهُ يَومانِ قَد كَفِلا لَهُ / بِنَيلِ العُلى مِن بَأسِهِ وَسَخائِهِ
فَيَومُ نِزالٍ مُشمِسٌ مِن سُيوفِهِ / وَيَومُ نَوالٍ ماطِرٌ مِن عَطائِهِ
لَو كانَ قِرنُكَ مَن تَعِزُّ بِمَنعِهِ
لَو كانَ قِرنُكَ مَن تَعِزُّ بِمَنعِهِ / أَو مَن يُهابُ تَخَمُّطاً وَإِباءَ
سالَت مَحارِمُها عَلَيكَ بِأَوجُهٍ / مِثلِ السُيوفِ مَهابَةً وَضِياءَ
رَجَعتَ بِهِنَّ دَوامي الصِفا
رَجَعتَ بِهِنَّ دَوامي الصِفا / حِ يُنزَعُ مِنهُنَّ شَوكُ القَنا
وَضَمَّختَ أَعناقَها بِالدِما / وَأَوقَرتَ أَكفالَها بِالدُمى
وَهَل أُنجِدَنَّ بِعَبديَّةٍ
وَهَل أُنجِدَنَّ بِعَبديَّةٍ / تَمُدُّ عَلابيبَها لِلحُدا
وَأَسمَعُ لَيلَةَ أَورادِها / تَداعي الرُغاءِ وَزَجرِ الرُعا
غَداً يَهدِمُ المَجدُ المُؤَثَّلُ ما بَنى
غَداً يَهدِمُ المَجدُ المُؤَثَّلُ ما بَنى / وَتَكسِدُ أَسواقُ الصَوارِمِ وَالقَنا
مَضى المُصدِرُ الآراءِ وَالمورِدُ النُهى / فَمَن يَعدِلُ الميلاءَ أَو يَرأَبُ الثِنا
لَو عَلى قَدرِ ما يُحاوِلُ قَلبي
لَو عَلى قَدرِ ما يُحاوِلُ قَلبي / طَلَبي لَم يَقَرَّ في الغِمدِ عَضبي
هِمَّةٌ كَالسَماءِ بُعداً وَكَالري / حِ هُبوباً في كُلِّ شَرقٍ وَغَربِ
وَنِزاعٌ إِلى العُلى يَفطِمُ العي / سَ عَنِ الوِردِ بَينَ ماءٍ وَعُشبِ
رُبَّ بُؤسٍ غَدا عَلَيَّ بِنِعما / ءَ وَبُعدٍ أَفضى إِلَيَّ بِقُربِ
أَتَقَرّى هَذا الأَنامَ فَيَغدو / عَجَبي مِنهُمُ طَريقاً لِعُجبي
وَإِذا قَلَّبَ الزَمانَ لَبيبٌ / أَبصَرَ الجَدَّ حَربَ عَقلٍ وَلُبِّ
أَمُقاماً أَلَذُّ في غَيرِ عَليا / ءَ وَزادي مِن عيشَتي زادُ ضَبِّ
دونَ أَن أَترُكَ السُيوفَ كَقَتلا / ها رَزايا مِن حَرِّ قَرعٍ وَضَربِ
وَمِنَ العَجزِ إِن دَعا بِكَ عَزمٌ / فَرَآكَ الحُسامُ غَيرَ مُلَبّي
وَإِذا ما الإِمامُ هَذَّبَ دُنيا / يَ كَفاني وَصالَحَ الغِمدَ غَربِ
يا جَميلاً جَمالُهُ مِلءُ عَيني / وَعَظيماً إِعظامُهُ مِلءُ قَلبي
بِكَ أَبصَرتُ كَيفَ يَصفو غَديري / مِن صُروفِ القَذى وَيَأمَنُ سِربي
أَنتَ أَفسَدتَني عَلى كُلِّ مَأمو / لٍ وَأَعدَيتَني عَلى كُلِّ خَطبِ
فَإِذا ما أَرادَ قُربي مَليكٌ / قُلتُ قُربي مِنَ الخَليفَةِ حَسبي
عَزَّ شِعري إِلّا عَلَيكَ وَمازا / لَ عَزيزاً يَأبى عَلى كُلِّ خَطبِ
أَيُّ نَدبٍ ما بَينَ بُردَيكَ وَالدَه / رُ أَجَدُّ اليَدَينِ مِن كُلِّ نَدبِ
بَينَ كَفٍّ تَقي المَطامِعَ وَالآما / لَ أَو ذابِلٍ يُغيرُ وَيَسبي
ما تُبالي بِأَيِّ يَومَيكَ تَغدو / يَومَ جودٍ بِالمالِ أَو يَومِ حَربِ
كَم غَداةٍ صَباحُها في حِدادٍ / نَسَجَتهُ أَيدي نَزائِعَ قُبِّ
تَتَراءى السُيوفُ فيها وَتَخفى / وَيُنيرُ الطِعانُ فيها وَيُخبي
فَرَّجَتها يَداكَ وَالنَقعُ قَد سَد / دَ عَلى العاصِفاتِ كُلَّ مَهَبِّ
وَمُرَبّي العُلى إِذا بَلَغَ الغا / يَةَ رَبّاهُ في العُلى ما يُرَبّي
يا أَمينَ الإِلَهِ وَالنَبَرُ الأَع / ظَمُ وَالعَقبُ مِن مَقاوِلَ غُلبِ
عادَةُ المِهرَجانِ عِندي أَن أَر / وي بِذِكراكَ فيهِ قَلبي وَلُبّي
هُوَ عيدٌ وَلا يَمُرُّ عَلى وَج / هِكَ يَومٌ إِلّا يَروقُ وَيُصبي
راحِلٌ عَنكَ وَهوَ يَرقُبُ لُقيا / كَ إِلى الحَولِ عَن عَلاقَةِ صَبِّ
كَيفَ أَنسى وَقَد مَحَضتُكَ أَهوا / يَ وَحَصَّيتُ عَن عَدوِّكَ حُبّي
أَنتَ أَلبَستَني العُلى فَأَطِلها / أَحسَنُ اللِبسِ ما يُجَلِّلُ عَقبي
إِنَّني عائِذٌ بِنُعماكَ أَن أُك / ثِرَ قَولي وَأَن أُطَوِّلَ عَتبي
بِيَ داءٌ شِفاؤُهُ أَنتَ لَو تَد / نو وَأَينَ الطَبيبُ لِلمُستَطِبِّ
كَيفَ أَرضى ظَماً بِقَلبي وَطَرفي / يَتَجَلّى بَرقُ الرَبابِ المُرِبِّ
نَظرَةٌ مِنكَ تُرسِلُ الماءَ في عو / دي وَتُمطي ظِلّي وَتُنبِتُ تُربي
ما تَرَجَّيتُ غَيرَ جودِكَ جوداً / أَيُرَجّى القِطارُ مِن غَيرِ سُحبِ
لا تَدَعني بَينَ المَطامِعِ وَاليَأ / سِ وَوِردي ما بَينَ مُرٍّ وَعَذبِ
وَاِرمِ بي عَن يَدَيكَ إِحدى الطَريقَي / نِ فَما الشِعرُ جُلَّ مالي وَكَسبي
وَإِذا حاجَةٌ نَأَت عَن سُؤالي / مِنكَ لَم تَنأَ عَن غِلابي وَعَضبي
يَدٌ في قائِمِ العَضبِ
يَدٌ في قائِمِ العَضبِ / فَما الإِنظارُ بِالضَربِ
وَقَد أَمكَنَتِ الهامُ / ظُبى المَطرورَةِ القُضبِ
وَلِلأَرماحِ بِالقَومِ / حِكاكُ الإِبِلِ الجُربِ
يُنازِعنَ نِزاعَ الذَو / دِ يُرمَينَ عَنِ الشُربِ
قِوامُ الدينِ وَالدُنيا / غِياثُ الأَزلِ وَاللَزبِ
لَزِدتَ المُلكَ أَوضاحاً / إِلى أَوضاحِهِ الشُهبِ
وَقَرَّرتَ مَبانيهِ / عَلى الذابِلِ وَالعَضبِ
وَأَوضَحتَ إِلى المَجدِ / مَنارَ اللَقَمِ اللَجبِ
رَأَينا المُلكَ مِن بَأسِ / كَ قَد دارَ عَلى القُطبِ
فَقُل لِلخائِنِ المَغرو / رِ مَن أَغراكَ بِالشَغبِ
وَمَن طَوَّحَكَ اليَومَ / بِدارِ الأُسُدِ الغُلبِ
فَأَقبَلتَ بِمِحفارِ / كَ كَي تَصدَعَ بِالهَضبِ
وَهَيهاتَ لَقَد طالَ / عَكَ الحَينُ مِنَ النَقبِ
ضَلالاً لَكَ مِن غاوٍ / سَليبِ الرَأيِ وَاللُبِّ
أَبى العِزُّ لِبَيتِ الصَل / لِ أَن يُطرَقَ بِالضَبِّ
وَماذا آنَسَ الكُردُ / بِمَن زَلزَلَ بِالعُرَبِ
شِمِذ السَيفَ فَقَد قوتِ / لَ أَعداؤُكَ بِالرُعبِ
وَمُذ أَسخَطَكَ المَغرو / رُ ما قَرَّ عَلى الجَنبِ
وَقِدماً طالَهُ الخَوفُ / مَطالَ المَخضِ لِلوَطبِ
بَغى السَلمَ وَقَد أَشفى / عَلى مَزلَقَةِ الخَطبِ
وَكَم سِلمٍ وَإِن غَرَّال / عِدى أَدمى مِنَ الحَربِ
نَقَلتَ الطَعنَ في الجِلدِ / إِلى طَعنِكَ في القَلبِ
تَقوا مِن رَبضَةِ اللَيثِ / فَقَد يَربِضُ لِلوَثبِ
وَخافوا نَومَةَ الأَسيا / فِ في الإِغمادِ وَالقُربِ
سَتُرمَونَ بِها يَقظى / إِذا قالَ لَها هُبّي
قَضى اللَهُ لِراياتِ / كَ بِالإِظهارِ وَالغَلبِ
وَأَصفاكَ بِمُلكِ الأَر / ضِ مِن شَرقٍ إِلى غَربِ
وَأَغنى بِكَ مِن عُدمٍ / وَأَسقى بِكَ مِن جَدبِ
وَوَلّى بِأَعاديكَ / مَعَ الزَعازِعِ النُكبِ
عَلى آثارِهِم حَدوُ ال / قَنا بِالضُمَّرِ القُبِّ
رَفَعتَ اليَومَ مِن قَدري / وَأَوطَأتَ العِدى عَقبي
وَوَطَّأتَ لِيَ الرَحلَ / عَلى عَرعَرَةِ الصَعبِ
وَحَلَّيتَ لِيَ العاطِ / لَ بِالطَوقِ وَبِالقُلبِ
وَوَسَّعتَ لِيَ الضيقَ / إِلى المُضطَرَبِ الرَحبِ
وَزاوَجتَ لِيَ الطولَ / زَواجَ الماءِ لِلعُشبِ
فَكَم مِن نِعمَةٍ مِنكَ / كَعَرفِ المَندَلِ الرَطبِ
أَتَتني سَمحَةَ القَودِ / ذَلولاً سَهلَةَ الرَكبِ
مُهَنّاةً كَما ساغَ / زُلالُ البارِدِ العَذبِ
وَلَم أَظفَر بِها مِنكَ / جِذابَ العِلقِ بِالعَضبِ
وَما إِنعامُكَ الغَمرُ / بِزَوّارٍ عَلى الغِبِّ
سَقاني كَرَعَ الجَمِّ / بِلا واسِطَةِ القَعبِ
وَأَرضاني عَلى الأَيّا / مِ بَعدَ اللَومِ وَالعَتبِ
وَأَعلى المَدحِ ما يُثني / بِهِ العَبدُ عَلى الرَبِّ