المجموع : 53
أَبداً تَحنُّ إِلَيكُمُ الأَرواحُ
أَبداً تَحنُّ إِلَيكُمُ الأَرواحُ / وَوِصالُكُم رَيحانُها وَالراحُ
وَقُلوبُ أَهلِ وِدادكم تَشتاقُكُم / وَإِلى لَذيذ لقائكم تَرتاحُ
وَا رَحمةً للعاشِقينَ تَكلّفوا / سرّ المَحبّةِ وَالهَوى فَضّاحُ
بِالسرِّ إِن باحوا تُباحُ دِماؤُهم / وَكَذا دِماءُ العاشِقينَ تُباحُ
وَإِذا هُم كَتَموا تَحَدّث عَنهُم / عِندَ الوشاةِ المَدمعُ السَفّاحُ
أَحبابنا ماذا الَّذي أَفسدتمُ / بِجفائكم غَير الفَسادِ صَلاحُ
خَفضَ الجَناح لَكُم وَلَيسَ عَلَيكُم / لِلصَبّ في خَفضِ الجَناح جُناحُ
وَبَدَت شَواهِدُ للسّقامِ عَلَيهمُ / فيها لِمُشكل أمّهم إِيضاحُ
فَإِلى لِقاكم نَفسهُ مُرتاحةٌ / وَإِلى رِضاكُم طَرفه طَمّاحُ
عودوا بِنورِ الوَصلِ مِن غَسَق الدُّجى / فَالهَجرُ لَيلٌ وَالوصالُ صَباحُ
صافاهُمُ فَصَفوا لَهُ فَقُلوبهم / في نُورِها المِشكاةُ وَالمِصباحُ
وَتَمَتّعوا فَالوَقتُ طابَ لِقُربِكُم / راقَ الشّراب وَرَقّتِ الأَقداحُ
يا صاحِ لَيسَ عَلى المُحبِّ مَلامَةٌ / إِن لاحَ في أُفق الوِصالِ صَباحُ
لا ذَنبَ لِلعُشّاقِ إِن غَلَبَ الهَوى / كِتمانَهُم فَنما الغَرامُ فَباحوا
سَمَحوا بِأَنفُسِهم وَما بَخِلوا بِها / لَمّا دَروا أَنّ السَّماح رَباحُ
وَدعاهُمُ داعي الحَقائقِ دَعوة / فَغَدوا بِها مُستَأنسين وَراحوا
رَكِبوا عَلى سنَنِ الوَفا وَدُموعهُم / بَحرٌ وَشِدّة شَوقهم مَلّاحُ
وَاللَّهِ ما طَلَبوا الوُقوفَ بِبابِهِ / حَتّى دعوا فَأَتاهُم المفتاحُ
لا يَطربونَ بِغَيرِ ذِكر حَبيبِهم / أَبَداً فَكُلُّ زَمانِهم أَفراحُ
حَضَروا وَقَد غابَت شَواهِدُ ذاتِهم / فَتَهَتّكوا لَمّا رَأوه وَصاحوا
أَفناهُم عَنهُم وَقَد كشفَت لَهُم / حجبُ البقا فَتَلاشتِ الأَرواحُ
فَتَشَبّهوا إِن لَم تَكُونوا مِثلَهُم / إِنَّ التَّشَبّه بِالكِرامِ فَلاحُ
قُم يا نَديم إِلى المدامِ فَهاتها / في كَأسِها قَد دارَتِ الأَقداحُ
مِن كَرمِ أَكرام بدنّ ديانَةٍ / لا خَمرَة قَد داسَها الفَلّاحُ
هيَ خَمرةُ الحُبِّ القَديمِ وَمُنتَهى / غَرض النَديم فَنعم ذاكَ الراحُ
وَكَذاكَ نوحٌ في السَّفينة أَسكَرَت / وَلَهُ بِذَلِكَ رَنَّةً وَنِياحُ
وَصَبَت إِلى مَلَكوتِهِ الأَرواحُ / وَإِلى لِقاءِ سِواه ما يَرتاحُ
وَكَأَنَّما أَجسامهُم وَقُلوبهُم / في ضَوئِها المِشكاةُ وَالمِصباحُ
مَن باحَ بَينَهُم بِذِكرِ حَبيبِهِ / دَمهُ حلالٌ لِلسّيوفِ مُباحُ
خلقَت هَياكِلُها بِجَرعاءِ الحِمى
خلقَت هَياكِلُها بِجَرعاءِ الحِمى / وَصَبت لِمَغناها القَديم تَشَوّقا
مَحجوبَة سَفرت وَأَسفَر صُبحها / وَتَجَرَّدت عَمّا أَجدّ وَأَخلقا
وَتَلَفّتت نَحوَ الدِّيارِ فَشاقَها / رَبع عَفَت أَطلالُهُ فتَمَزَّقا
وَغَدَت تردّدُ في الفَضاءِ حَبيبها / فَيَروم مُرتَبِعاً يَروق المُرتقى
وَقَفَت تُسائِلُه فَرَدَّ جَوابَها / رَجعَ الصَّدى أن لا سَبيلَ إِلى اللّقا
فَشَكَت بِعَينِ الحالِ مَعهَد عَهدِها / أَسَفاً عَلى شَملٍ مَضى وَتَفَرَّقا
فَكَأَنَّما بَرقٌ تَأَلّق بِالحِمى / ثُمَّ اِنطَوى فَكَأَنَّهُ ما أَبرَقا
شَرّد نومي دنِفا
شَرّد نومي دنِفا / يرقّ عَلى الغور نَفا
ذَكَّرَني وَميضه / طيبَ لَيالٍ سَلَفا
وَا أَسفي عَلى الحِمى / وَأَهلِه وَا أَسَفا
يا لَيتَ حادي عيسِهِم / لَمّا سَرى تَوقَّفا
هيَّجني لَمّا حَدا / وَمَرّ عَنّي معسفاً
وَالعِيسُ مِن أَشواقِها / قَد رَقَصَت تَلَطّفا
طَرَقَ السَمع يا أهيلَ المصلّى
طَرَقَ السَمع يا أهيلَ المصلّى / خَبَراً مِنكُم فَزادَ اِشتِياقي
مُحكَمُ النَّقلِ قَد رَوته ثِقاةٌ / مُسنَدٌ بِالرّواةِ وَالاتفاقِ
أَن سَأَفنى بِكُم وَتَفنى عِظامي / وَرَسيس الغَرامِ في القَلب باقي
أَيُّها السائِقُ يَبغي دارَ مي
أَيُّها السائِقُ يَبغي دارَ مي / وَعريباً دونَ ذيّاك اللّوي
هَذِهِ الباناتُ باناتُ الحِمى / حَيّها يا مَيّت الأَشواقِ حي
وَاِطوِ ذِكرَ البانِ في ظلِّ النّقا / بَينَ سَفحِ السَّفحِ مِن سلعٍ وَطي
وَإِذا الحُسن بَدا فَاِسجُد لَهُ / فَسُجودُ الشُّكرِ فَرضٌ يا أَخي
هَذِهِ أَنوارُ لَيلى قَد بَدَت / فَلِسَلبِ العَقلِ يا صاحي نهي
فَالفَتى ما سَلبته جُملة / لا الَّذي تَسلبه شَيئاً فتي
كُلُّ حَيٍّ في هَواها مَيّت / إِنَّما ميتُ هَواها ذاكَ حي
شَوقي يَجلُّ عَنِ الوَسائل
شَوقي يَجلُّ عَنِ الوَسائل / وَهوَى ينزّه عَن مُماثِل
شَوقي يُجدّدهُ الزَّمان / إِلَيكَ لا نَحوَ المَنازل
بُشّرتُ أَنّك قاتِلي / يا حَبَّذا إِن كُنتَ قاتل
زَوّد فُؤادي نَظرَة / مِن حُسنِ وَجهِكَ فَهوَ راحِل
روحي فِداء مُبَشِّري / إِن صَحَّ أَنَّكَ لي مُواصِل
مُستَشفِعٌ بِوَسائلٍ / وَأَلَذّ مِن إِحدى الوَسائل
سَهَري لِغَيركَ ضائِعٌ / وَتَيمّمي بِسِواكَ باطِل
بَيني وَبَينَكَ في المَوَدّةِ نِسبَةٌ
بَيني وَبَينَكَ في المَوَدّةِ نِسبَةٌ / مَكتومَة عَن سرّ هَذا العالَمِ
نَحنُ اللّذان تعارَفَت أَرواحُنا / مِن قَبلِ خَلق اللَّه طينَةَ آدمِ
بانوا وَأَضحى الجِسمُ مِن بعدِهِم
بانوا وَأَضحى الجِسمُ مِن بعدِهِم / ما تُبصِرُ العَينُ لَهُ فيّا
يا أَسَفي مِنهُم وَمِن قَولِهُم / ما ضَرَّكَ الفَقدُ لَنا شيّا
بِأَيّ وَجهٍ أَتَلَقّاهُم / إِن وَجَدوني بَعدَهُم حَيّا
لا تَأمَنِ المَوتَ الخَؤو
لا تَأمَنِ المَوتَ الخَؤو / نَ وَخَف بَوادِرَ آفته
المَوت سَهمٌ مُرسَلٌ / وَالعُمرُ قَدر مَسافَته
إِذا ما أَتَتنا الرّيحُ مِن نَحوِ أَرضِهِ
إِذا ما أَتَتنا الرّيحُ مِن نَحوِ أَرضِهِ / أَتَتناه بِريّاه مطاب فَطابَ هبوبُها
أَتَتنا بِعَرفٍ خالِد المِسك عَنبرٍ / وَريحِ خُزامى باكَرتهُ جنوبُها
أَحنّ لِذكراهُ إِذا ما ذَكَرتُهُ / وَتَنهل عَبراتٌ تَفيض غُروبها
حَنينُ أَسيرٍ نازحٍ شدّ قَيدهُ / وَأَعوال نَفسٍ غابَ عَنها حَبيبها
وَبي أَملٌ أَنّي أَسودُ وَكَيفَ لا
وَبي أَملٌ أَنّي أَسودُ وَكَيفَ لا / وَآل بُويهٍ بَعدَ فَقرِهم سادوا
وَأَحكمُ في أَهلِ الزَّمانِ كَما أَشا / وَأَملِكُ ما صانوا وأَهدِمُ ما شادوا
وَأَفعلُ ما أَختار في كلِّ فاسِق / مِنَ الصّيد حَتّى لا تَراهُم وَقَد بادوا
لا يَمنَعنّكَ مِن بِغا
لا يَمنَعنّكَ مِن بِغا / ءِ الخَيرِ تِعقاد التَّمائم
لا وَالتَّشاؤم بِالعطا / سِ وَلا التَّيامن بِالمَقاسم
فَلَقَد غَدَوت وَكُنتُ لا / أَغدو عَلى واقٍ وَحاتم
فَإِذا الأَشائِمُ كَالأَيا / مِن وَالأَيامن كَالمَشائِم
وَكَذاكَ لا خَيرَ وَلا / شرّ عَلى أَحدٍ بِدائم
قَد خَطَّ ذَلِكَ في الزّبو / رِ الأَوليّاتِ القَدائِم
أَحنّ إِلى أَرضِ الحِجازِ وَحاجَتي
أَحنّ إِلى أَرضِ الحِجازِ وَحاجَتي / خِيامٌ بِنَجدٍ دونَها الطّرف يَقصرُ
وَما نَظَري نَحوَ الحِجاز بِنافعي / أَجل وَلَكِنّي عَلى ذَاكَ أَنظرُ
أَفي كُلِّ يَومٍ نَظرَةٌ ثُمّ عَبرةٌ / لِعَينيك يَجري ماؤُها يَتَحدّرُ
مَتى يَستريحُ القَلبُ إِمّا مُجاور / حَزين وَإِمّا نازِحٌ يَتَذَكّرُ
وَالمَرءُ يَفرَحُ بِالأَيّام يَقطَعها
وَالمَرءُ يَفرَحُ بِالأَيّام يَقطَعها / وَكُلّ يَومٍ مَضى يَدنو مِن الأَجلِ
بَلاءٌ لَيسَ يُشبِههُ بَلاء
بَلاءٌ لَيسَ يُشبِههُ بَلاء / عَداوَة غَير ذي حَسَب وَدينِ
يُبيحك مِنهَ عرضاً لَم يَصنهُ / وَيَرتَع مِنكَ في عرض مَصونِ
تَوَلَّت بِهجَةُ الدُّنيا
تَوَلَّت بِهجَةُ الدُّنيا / فَكُلُّ جَديدها خَلقُ
وَخانَ النّاسَ كُلَّهُم / فَما أَدري بِمَن أَثقُ
رَأَيتُ مَعالِمَ الخَيرا / تِ سدَّت دونَها الطُّرقُ
فَلا حَسبٌ وَلا نَسَب / وَلا دين وَلا خلقُ
فَلَست مُصَدّق الأَقوا / مِ في شَيءٍ وَلَو صَدَقوا
إِذا المَرء لَم يَحتل وَقَد جَدّ جَدّه
إِذا المَرء لَم يَحتل وَقَد جَدّ جَدّه / أَضاعَ وَقاسى أَمره وَهوَ مدبرُ
وَلَكِن أَخو الحَزم الَّذي لَيسَ نازلا / بِهِ الأَمرُ إِلا وَهوَ لِلقَصد مبصرُ
فَذاكَ قَريعُ الدَّهرِ ما عاشَ حَولَهُ / إِذا سدّ مِنهُ منخرٌ جاشَ منخرُ
لا يَمنَعنّك خَفض العَيشِ في دِعةٍ
لا يَمنَعنّك خَفض العَيشِ في دِعةٍ / مِن أَن تَبَدّل أَوطاناً بِأَوطانِ
تَلَقى بِكُلّ بِلادٍ إِن حَللتَ بِها / أَهلاً بِأَهلٍ وَإِخواناً بِإِخوانِ
رَأَيتُ خَيالَ الظلِّ أَكبرَ عبرَة
رَأَيتُ خَيالَ الظلِّ أَكبرَ عبرَة / لِمَن كانَ في عِلمِ الحَقيقَةِ راقي
شخوصٌ وَأَشباحٌ تَمُرُّ وَتَنقَضي / سَريعاً وَأَشكالاً بِغَيرِ وِفاقِ
تَجيئ وَتَمضي تارَةً بَعدَ تارَة / وَتَغنى جَميعاً وَالمحرّك باقي
وَما أمّ خشفٍ طولَ يَومٍ وَليلةٍ
وَما أمّ خشفٍ طولَ يَومٍ وَليلةٍ / بِبلقعةٍ بَيداء ظَمآن صادِيا
تَهيم وَلا تَدري إِلى أَين تَبتَغي / مولّهة حُزناً تَجوزُ الفَيافِيا
أَضرّ بِها لِفتحِ الهَجير فَلَم تَجِد / لعلّتِها مِن بارِدِ الماءِ شافياً
إِذا اِنقَلَبَت عَن خَشفها اِنقَطَعَت لَهُ / فَأَلفتهُ مَلهوفَ الجَوانِح طاوِيا
بأَوجع مِنّي يَوم شَدّوا حُمولهم / وَنادى مُنادي البَين أَن لا تَلاقيا