المجموع : 28
طَحا بِكَ قَلبٌ في الحِسانِ طَروبُ
طَحا بِكَ قَلبٌ في الحِسانِ طَروبُ / بُعَيدَ الشَبابِ عَصرَ حانَ مَشيبُ
تُكَّلِفُني لَيلى وَقَد شَطَّ وَلِيُّها / وَعادَت عَوادٍ بَينَنا وَخُطوبُ
مُنَعَّمَةٌ لا يُستَطاعُ كَلامُها / عَلى بابِها مِن أَن تُزارَ رَقيبُ
إِذا غابَ عَنها البَعلُ لَم تُفشِ سِرَّهُ / وَتُرضي إِيابَ البَعلِ حينَ يَؤوبُ
فَلا تَعدِلي بَيني وَبَينَ مُغَمَّرٍ / سَقَتكِ رَوايا المُزنِ حَيثُ تَصوبُ
سَقاكِ يَمانٍ ذو حَبِيٍّ وَعارِضٍ / تَروحُ بِهِ جُنحَ العَشِيِّ جُنوبُ
وَما أَنتَ أَم ما ذِكرُها رَبَعِيَّةً / يُخَطُّ لَها مِن ثَرمَداءَ قَليبُ
فَإِن تَسأَلوني بِالنِساءِ فَإِنَّني / بَصيرٌ بِأَدواءِ النِساءِ طَبيبُ
إِذا شابَ رَأسُ المَرءِ أَو قَلَّ مالُهُ / فَلَيسَ لَهُ مِن وُدِّهِنَّ نَصيبُ
يُرِدنَ ثَراءَ المالِ حَيثُ عَلِمنَهُ / وَشَرخُ الشَبابِ عِندَهُنَّ عَجيبُ
فَدَعها وَسَلِّ الهَمَّ عَنكَ بِجَسرَةٍ / كَهَمِّكَ فيها بِالرِدافِ خَبيبُ
وَناجِيَةٍ أَفنى رَكيبَ ضُلوعِها / وَحارِكَها تَهَجَّرٌ فَدُؤوبُ
وَتُصبِحُ عَن غِبِّ السُرى وَكَأَنَّها / مُوَلَّعَةً تَخشى القَنيصَ شَبوبُ
تَعَفَّقَ بِالأَرطى لَها وَأَرادَها / رِجالٌ فَبَذَّت نَبلَهُم وَكَليبُ
إِلى الحارِثِ الوَهّابِ أَعمَلتُ ناقَتي / لِكَلكَلِها وَالقُصرَيَينَ وَجيبُ
لِتُبلِغَني دارَ اِمرِئٍ كانَ نائِياً / فَقَد قَرَّبَتني مِن نَداكَ قَروبُ
إِلَيكَ أَبَيتَ اللَعنَ كانَ وَجيفُها / بِمُشتَبِهاتٍ هَولُهُنَّ مَهيبُ
تَتَبَّعُ أَفياءَ الظِلالِ عَشِيَّةً / عَلى طُرُقٍ كَأَنَّهُنَّ سُبوبُ
هَداني إِلَيكَ الفَرقَدانِ وَلاحِبٌ / لَهُ فَوقَ أَصواءِ المِتانِ عُلوبُ
بِها جِيَفُ الحَسرى فَأَمّا عِظامُها / فَبيضٌ وَأَمّا جِلدُها فَصَليبُ
فَأَورَدتُها ماءً كَأَنَّ جِمامَهُ / مِنَ الأَجنِ حِنّاءٌ مَعاً وَصَبيبُ
تُرادَ عَلى دِمنِ الحِياضِ فَإِن تَعُفُّ / فَإِنَّ المُنَدّى رِحلَةٌ فَرُكوبُ
وَأَنتَ اِمرُؤٌ أَفضَت إِلَيكَ أَمانَتي / وَقَبلَكَ رَبَّتني فَضِعتُ رُبوبُ
فَأَدَّت بَنو عَوفِ بنِ كَعبٍ رَبيبَها / وَغودِرَ في بَعضِ الجُنودِ رَبيبُ
فَوَاللَهِ لَولا فارِسُ الجَونِ مِنهُمُ / لَآبوا خَزايا وَالإِيابُ حَبيبُ
تُقَدِّمُهُ حَتّى تَغيبَ حُجولُهُ / وَأَنتَ لِبَيضِ الدارِعينَ ضَروبُ
مُظاهِرُ سِربَالي حَديدٌ عَلَيهِما / عَقيلاً سُيوفٍ مِخذَمٌ وَرُسوبُ
فَجالَدتَهُم حَتّى اِتَّقوكَ بِكَبشِهِم / وَقَد حانَ مِن شَمسِ النَهارِ غُروبُ
وَقاتَلَ مِن غَسّانَ أَهلُ حِفاظِها / وَهِنبٌ وَقاسٌ جالَدَت وَشَبيبُ
تَخَشخَشُ أَبدانُ الحَديدِ عَلَيهِمُ / كَما خَشخَشَت يَبسَ الحَصادِ جَنوبُ
تَجودُ بِنَفسٍ لا يُجادُ بِمِثلِها / وَأَنتَ بِها يَومَ اللِقاءِ تَطيبُ
كَأَنَّ رِجالَ الأَوسِ تَحتَ لَبانِهِ / وَما جَمَعَت جَلٌّ مَعاً وَعَتيبُ
رَغا فَوقَهُم سَقبُ السَماءِ فَداحِصٌ / بِشَكَّتِهِ لَم يُستَلَب وَسَليبُ
كَأَنَّهُمُ صابَت عَلَيهِم سَحابَةٌ / صَواعِقُها لِطَيرِهُنَّ دَبيبُ
فَلَم تَنجُ إِلّا شَطبُةٌ بِلِجامِها / وَإِلّا طِمِرٌّ كَالقَناةِ نَجيبُ
وَإِلّا كَمِيٌّ ذو حِفاظٍ كَأَنَّهُ / بِما اِبتَلَّ مِن حَدِّ الظُباتِ خَصيبُ
وَفي كُلِّ حَيٍّ قَد خَبَطتَ بِنِعمَةٍ / فَحُقَّ لِشَأسٍ مِن نَداكَ ذَنوبُ
وَما مِثلُهُ في الناسِ إِلّا قَبيلُهُ / مُساوٍ وَلا دانٍ لَذاكَ قَريبُ
فلَا تُحرِمَنّي نائِلاً عَن جَنابَةٍ / فَإِنّي اِمرُؤٌ وَسطَ القِبابِ غَريبُ
هَل ما عَلِمتَ وَما اِستودِعَت مَكتومُ
هَل ما عَلِمتَ وَما اِستودِعَت مَكتومُ / أَم حِبلُها إِذ نَأَتكَ اليَومَ مَصرومُ
أَم هَل كَبيرٌ بَكى لَم يَقضِ عَبرَتَهُ / إِثرَ الأَحِبَّةِ يَومَ البَينِ مَشكومُ
لَم أَدرِ بِالبَينِ حَتّى أَزمَعوا ظَعناً / كُلُّ الجِمالِ قُبَيلَ الصُبحِ مَزمومُ
رَدَّ الإِماءُ جِمالَ الحَيِّ فَاِحتَمَلوا / فَكُلُّها بِالتَزيدِيّاتِ مَعكومُ
عَقلاً وَرَقماً تَظَلُّ الطَيرُ تَتبَعُهُ / كَأَنَّهُ مِن دَمِ الأَجوافِ مَدمومُ
يَحمِلَنَّ أُترُجَّةً نَضخُ العَبيرِ بِها / كَأَنَّ تَطيابَها في الأَنفِ مَشمومُ
كَأَنَّ فارَةَ مِسكٍ في مَفارِقِها / لِلباسِطِ المُتَعاطي وَهوَ مَزكومُ
فَالعَينُ مِنّي كَأَن غَربٌ تَحُطُّ بِهِ / دَهماءُ حارِكُها بِالقِتبِ مَخزومُ
قَد عُرِّيَت حِقبَةً حَتّى اِستَطَفَّ لَها / كِترٌ كَحافَةِ كيرِ القَينِ مَلمومُ
كَأَنَّ غِسلَةَ خِطمِيٍّ بِمِشفَرِها / في الخَدِّ مِنها وَفي اللَحيَينِ تَلغيمُ
قَد أَدبَرَ العُرُّ عَنها وَهيَ شامِلُها / مِن ناصِعِ القَطِرانِ الصِرفِ تَدسيمُ
تَسقي مَذانِبَ قَد زالَت عَصيفَتُها / حُدورُها مِن أَتِيِّ الماءِ مَطمومُ
مِن ذِكرِ سَلمى وَما ذِكري الأَوانِ لَها / إِلّا السَفاهُ وَظَنُّ الغَيبِ تَرجيمُ
صِفرُ الوِشاحَينِ مِلءُ الدِرعِ خَرعَبَةٌ / كَأَنَّها رَشأٌ في البَيتِ مَلزومُ
هَل تُلحِقَنّي بِأولى القَومِ إِذ شَحَطوا / جُلذِيَّةٌ كَأَتانِ الضَحلِ عُلكومُ
تُلاحِظُ السَوطَ شَزَراً وَهيَ ضامِزَةٌ / كَما تَوَجَّسَ طاوي الكَشحِ مَوشومُ
كَأَنَّها خاضِبٌ زُعرٌ قَوائِمُهُ / أَجنى لَهُ بِاللِوى شَريٌ وَتَنّومُ
يَظَلُّ في الحَنظَلِ الخُطبانِ يَنقُفُهُ / وَما اِستَطَفَّ مِنَ التَنّومِ مَخذومُ
فوهٌ كَشَقِّ العَصا لَأياً تُبَيَّنُّهُ / أَسَكُّ ما يَسمَعُ الأَصواتَ مَصلومُ
حَتّى تَذَكَّرَ بيضاتٍ وَهيَّجَهُ / يَومُ رَذاذٍ عَلَيهِ الريحُ مَغيومُ
فَلا تَزَيُّدُهُ في مَشيِهِ نَفِقٌ / وَلا الزَفيفُ دُوَينَ الشَدِّ مَسؤومُ
يَكادُ مَنسِمُهُ يَختَلُّ مُقلَتَهُ / كَأَنَّهُ حاذِرٌ لِلنَخسِ مَشهومُ
يَأوي إِلى خُرَّقٍ زُعرٍ قَوادِمُها / كَأَنَّهُنَّ إِذا بَرَّكنَ جُرثومُ
وَضّاعَةٌ كَعِصِيِّ الشَرعِ جُؤجُؤُهُ / كَأَنَّهُ بِتَناهي الرَوضِ عُلجومُ
حَتّى تَلافى وَقَرنُ الشَمسِ مُرتَفِعٌ / أُدِحَيَّ عِرسَينِ فيهِ البيضُ مَركومُ
يوحي إِلَيها بِإِنقاضٍ وَنَقنَقَةٍ / كَما تَراطَنُ في أَفدانِها الرومُ
صَعلٌ كَأَنَّ جَناحَيهِ وَجُؤجُؤَهُ / بَيتٌ أَطافَت بِهِ خَرقاءُ مَهجومُ
تَحُفُّهُ هِقلَةٌ سَطعاءُ خاضِعَةٌ / تُجيبُهُ بِزِمارٍ فيهِ تَرنيمُ
بَل كُلُّ قَومٍ وَإِن عَزّوا وَإِن كَثُروا / عَريفُهُم بِأَثافي الشَرِّ مَرجومُ
وَالجودُ نافِيَةٌ لِلمالِ مُهلِكَةٌ / وَالبُخلُ مُبقٍ لِأَهليهِ وَمَذمومُ
وَالمالُ صوفُ قَرارٍ يَلعَبونَ بِهِ / عَلى نِقادَتِهِ وافٍ وَمَجلومُ
وَالحَمدُ لا يُشتَرى إِلّا لَهُ ثَمَنٌ / مِمّا تَضِنُّ بِهِ النُفوسُ مَعلومُ
وَالجَهلُ ذو عَرَضٍ لا يُستَرادُ لَهُ / وَالحِلمُ آوِنَةً في الناسِ مَعدومُ
وَمُطعَمُ الغُنمِ يَومَ الغُنمِ مُطعَمُهُ / أَنّى تَوَجَّهَ وَالمَحرومُ مَحرومُ
وَمَن تَعَرَّضَ لِلغِربانِ يَزجُرُها / عَلى سَلامَتِهِ لابُدَّ مَشؤومُ
وَكُلُّ بَيتٍ وَإِن طالَت إِقامَتُهُ / عَلى دَعائِمِهِ لابُدَّ مَهدومُ
قَد أَشهَدُ الشَربَ فيهِم مِزهَرٌ رَنِمٌ / وَالقَومُ تَصرَعُهُم صَهباءُ خُرطومُ
كَأسُ عَزيزٍ مِنَ الأَعنابِ عَتَّقَها / لِبَعضِ أَربابِها حانِيَّةٌ حومُ
تَشفي الصُداعَ وَلا يُؤذيكَ صالِبُها / وَلا يُخالِطُها في الرَأسِ تَدويمُ
عانِيَّةٌ قُرقُفٌ لَم تُطَّلَع سَنَةً / يُجِنُّها مُدمَجٌ بِالطينِ مَختومُ
ظَلَّت تُرَقرِقُ في الناجودِ يَصفِقُها / وَليدُ أَعجَمَ بِالكَتّانِ مَفدومُ
كَأَنَّ إِبريقَهُم ظَبيٌ عَلى شَرَفٍ / مُفَدَّمٌ بِسَبا الكَتّانِ مَلثومُ
أَبيَضُ أَبرَزَهُ لِلضِحِّ راقِبُهُ / مُقَلِّدٌ قُضُبَ الريحانِ مَفغومُ
وَقَد غَدَوتُ عَلى قِرني يُشَيِّعُني / ماضٍ أَخو ثِقَةٍ بِالخَيرِ مَوسومُ
وَقَد عَلَوتُ قُتودَ الرَحلِ يَسفَعُني / يَومَ تَجيءُ بِهِ الجَوزاءُ مَسمومُ
حامٍ كَأَنَّ أَوارَ النارِ شامِلُهُ / دونَ الثِيابِ وَرَأسُ المَرءِ مَعمومُ
وَقَد أَقودُ أَمامَ الحَيِّ سَلهَبَةً / يَهدي بِها نَسبٌ في الحَيِّ مَعلومُ
لا في شَظاها وَلا أَرساغِها عَنَتٌ / وَلا السَنابِكُ أَفناهُنَّ تَقليمُ
سُلّاءَةٌ كَعَصا النَهدِيِّ غُلَّ بِها / ذو فَيئَةٍ مِن نَوى قُرّانَ مَعجومُ
تَتبَعُ جوناً إِذا ما هُيِّجَت زَجِلَت / كَأَنَّ دُفّاً عَلى عَلياءَ مَهزومُ
يَهدي بِها أَكلَفُ الخَدَّينِ مُختَبِرٌ / مِنَ الجِمالِ كَثيرُ اللَحمِ عَيثومُ
إِذا تَزَغَّمَ مِن حافاتِها رُبَعٌ / حَنَّت شَغاميمُ في حافاتِها كومُ
وَقَد أُصاحِبُ فِتياناً طَعامُهُمُ / خُضرُ المَزادِ وَلَحمٌ فيهِ تَنشيمُ
وَقَد يَسَرتُ إِذا ما الجوعُ كُلِّفَهُ / مُعَقَّبٌ مِن قِداحِ النَبعِ مَقرومُ
لَو يَيسِرونَ بِخَيلٍ قَد يَسَرتُ بِها / وَكُلُّ ما يَسرَ الأَقوامُ مَغرومُ
ذَهَبتَ مِنَ الهِجرانِ في غَيرِ مَذهَبٍ
ذَهَبتَ مِنَ الهِجرانِ في غَيرِ مَذهَبٍ / وَلَم يَكُ حَقّاً كُلُّ هَذا التَجَنُّبِ
لَيالِيَ لا تَبلى نَصيحَةُ بَينِنا / لَيالِيَ حَلّوا بِالسِتارِ فَغُرَّبِ
مُبَتَّلَةٌ كَأَنَّ أَنضاءَ حَليِها / عَلى شادِنٍ مِن صاحَةٍ مُتَرَبَّبِ
مَحالٌ كَأَجوازِ الجَرادِ وَلُؤلُؤٌ / مِنَ القَلَقِيِّ وَالكَبيسِ المُلَوَّبِ
إِذا أَلحَمَ الواشونَ لِلشَرِّ بَينَنا / تَبَلَّغَ رَسُّ الحُبِّ غَيرُ المُكَذَّبِ
وَما أَنتَ أَم ما ذِكرُها رَبَعِيَّةً / تَحُلُّ بِإيرٍ أَو بِأَكنافِ شُربُبِ
أَطَعتَ الوُشاةَ وَالمُشاةَ بِصُرمِها / فَقَد أَنهَجَت حِبالُها لِلتَقَضُّبِ
وَقَد وَعَدَتكَ مَوعِداً لَو وَفَت بِهِ / كَمَوعودِ عُرقوبٍ أَخاهُ بِيَثرِبِ
وَقالَت وَإِن يُبخَل عَلَيكَ وَيُعتَلَل / تَشَكَّ وَإِن يَكشِف غَرامَكَ تَدرِبِ
فَقُلتُ لَها فيئي فَما تَستَفِزُّني / ذو فَيئَةٍ مِن نَوى قُرّانَ مَعجومُ
فَفاءَت كَما فاءَت مِنَ الأُدمِ مُغزِلٌ / بِبيشَةَ تَرعى في أَراكٍ وَحُلَّبِ
فَعِشنا بِها مِنَ الشَبابِ مُلاوَةً / فَأَنجَحَ آياتُ الرَسولِ المُخَبِّبِ
فَإِنَّكَ لَم تَقطَع لُبانَةَ عاشِقٍ / بِمِثلِ بُكورٍ أَو رَواحٍ مُؤَوِّبِ
بِمُجفَرةِ الجَنبَينِ حَرفٍ شِمِلَّةٍ / كَهَمِّكَ مِرقالٍ عَلى الأَينِ ذِعلِبِ
إِذا ما ضَرَبتُ الدَفَّ أَو صُلتُ صَولَةً / تَرَقَّبُ مِنّي غَيرَ أَدنى تَرَقُّبِ
بِعَينٍ كَمِرآةِ الصَناعِ تُديرُها / لِمَحجَرِها مِنَ النَصيفِ المُنَقَّبِ
كَأَنَّ بِحاذَيها إِذا ما تَشَذَّرَت / عَثاكيلَ عِذقٍ مِن سُمَيحَةَ مُرطِبِ
تَذُبُّ بِهِ طَوراً وَطَوراً تُمِرُّهُ / كَذَبِّ البَشيرِ بِالرِداءِ المُهَدَّبِ
وَقَد أَغتَدي وَالطَيرُ في وُكُناتِها / وَماءُ النَدى يَجري عَلى كُلِّ مِذنَبِ
بِمُنجَرِدٍ قَيدِ الأَوابِدِ لاحَهُ / طِرادُ الهَوادي كُلَّ شَأوٍ مُغَرِّبِ
بغَوجٍ لَبانُهُ يُتَمُّ بَريمُهُ / عَلى نَفثِ راقٍ خَشيَةَ العَينِ مُجلِبِ
كُمَيتٍ كَلَونِ الأُرجُوان نَشَرتَهُ / لِبَيع الرِداءِ في الصُوانِ المُكَعَّبِ
مُمَرٍّ كَعَقدِ الأَندَرِيِّ يَزينُهُ / مَعَ العِتقِ خَلقٌ مُفعَمٌ غَيرُ جَأنَبِ
لَهُ حُرَّتانِ تَعرِفُ العِتقَ فيهِما / كَسامِعَتي مَذعورَةٍ وَسطَ رَبربِ
وَجَوفٌ هَواءٌ تَحتَ مَتنٍ كَأَنَّهُ / مِنَ الهَضَبَةِ الخَلقاءِ زُحلوقُ مَلعَبِ
قَطاةٌ كَكُردوسِ المَحالَةِ أَشرَفَت / إلى سَنَدٍ مِثلِ الغَبيطِ المُذَأَّبِ
وَغُلبٌ كَأَعناقِ الضِباعِ مَضيغُها / سِلامُ الشَظى يَغشى بِها كُل مَركَبِ
وَسُمرٌ يُفَلِّقنَ الظِراب كَأَنَّها / حِجارَةُ غَيلٍ وارِساتٌ بِطُحلُبِ
إِذا ما اِقتَنَصنا لَم نُخاتِل بِجُنَّةٍ / وَلَكِن نُنادي مِن بَعيدٍ أَلا اِركَبِ
أَخا ثِقَةٍ لا يَلعَنُ الحَيُّ شَخصَهُ / صَبوراً عَلى العِلّاتِ غَيرَ مُسَبَّبِ
إِذا أَنفَدوا زاداً فَإِنَّ عِنانَهُ / وَأَكرُعَهُ مُستَعمَلاً خَيرُ مَكسَبِ
رَأَينا شِياهاً يَرتَعينَ خَميلَةً / كَمَشيِ العَذارى في المُلاءِ المُهَدِّبِ
فَبَينا تَمارينا وَعَقدُ عِذارهِ / خَرَجنَ عَلَينا كَالجُمانِ المُثَقَّبِ
فَأَتبِع آثارَ الشِياهِ بِصادِقٍ / حَثيثٍ كَغَيثِ الرائِحِ المُتَحَلِّبِ
تَرى الفَأرَ عَن مُستَرغَبِ القِدرِ لائِحاً / عَلى جَدَدِ الصَحراءِ مِن شَدِّ مُلهَبِ
خَفى الفَأرَ مِن أَنفاقِهِ فَكَأَنَّما / تَخَلَّلَهُ شُؤبوبُ غَيثٍ مُنقِّبِ
فَظَلَّ لِثيرانِ الصَريمِ غَماغِمٌ / يُداعِسُهُنَّ بِالنَضِيِّ المُعَلَّبِ
فَهاوٍ عَلى حُرِّ الجَبينِ وَمُتَّقٍ / بِمِدراتِهِ كَأَنَّها ذَلقُ مِشعَبِ
وَعادى عِداءً بَينَ ثَورٍ وَنَعجَةٍ / وَتَيسٍ شَبوبٍ كَالهَشيمَةِ قَرهَبِ
فَقُلنا أَلا قَد كانَ صَيدٌ لِقانِصٍ / فَخَبّوا عَلَينا فَضلَ بُردٍ مُطَنَّبِ
فَظَلَّ الأَكُفُّ يَختَلِفنَ بِحانِذٍ / إِلى جُؤجُؤٍ مِثلِ المَداكِ المُخَضَّبِ
كَأَنَّ عُيوبَ الوَحشِ حَولِ خِبائِنا / وَأَرحُلِنا الجَزعُ الَّذي لَم يُثَقَّبِ
وَرُحنا كَأَنّا مِن جُواثى عَشِيَّةً / نُعالي النِعاج بَينَ عِدلٍ وَمُحقَبِ
وَراحَ كَشاةِ الرَبل يَنفُضُ رَأسَهُ / أَذاةً بِهِ مِن صائِكٍ مُتَحَلِّبِ
وَراحَ يُباري في الجِنابِ قَلوصَنا / عَزيزاً عَلَينا كَالحُبابِ المُسَيَّبِ
دافَعتُ عَنهُ بِشِعرِيَ إذ
دافَعتُ عَنهُ بِشِعرِيَ إذ / كانَ لِقَومي في الفِداءِ جَحَد
فَكانَ فيهِ ما أَتاكَ وَفي / تِسعينَ أَسرى مُقرَنينَ صَفَد
دافَعَ قَومي في الكَتيبَةِ إذ / طارَ لِأَطرافِ الظُباتِ وَقَد
فَأَصبَحوا عِندَ اِبنِ جَفنَةَ في ال / أَغلالِ مِنهم وَالحَديدِ عُقَد
إِذ مُخنَبٌ في المُخنَبينَ وَفي الن / نَهكَةِ غَيٌّ بادِئٌ وَرَشَد
تَراءَت وَأَستارٌ مِنَ البَيتِ دونَها
تَراءَت وَأَستارٌ مِنَ البَيتِ دونَها / إِلَينا وَحانَت غَفلَةُ المُتَفَقِّدِ
بِعَينَي مَهاةٍ يَحدُرُ الدَمعُ مِنهُما / بَريمَينِ شَتّى مِن دُموعٍ وَإِثمِدِ
وَجيدِ غَزالٍ شادِنٍ فَرَدَت لَهُ / مِنَ الحَلي سَمطَي لُؤلُؤٍ وَزَبَرجَدِ
وَدَّ نُفَيرٌ لِلمَكاوِرِ أَنَّهُم
وَدَّ نُفَيرٌ لِلمَكاوِرِ أَنَّهُم / بِنَجرانَ في شاءِ الحِجازِ المُوَقَّرِ
أَسَعياً إِلى نَجرانَ في شَهرِ ناجِرٍ / حُفاةً وَأَعيا كُلُّ أَعيَسَ مِسفَرِ
وَقَرَّت لَهُم عَيني بِيَومِ حُذُنَّةٍ / كَأَنَّهُمُ تَذبيحُ شاءٍ مُعتَّرِ
عَمَدتُم إِلى شِلوٍ تُنوذِرَ قَبلَكم / كَثيرِ عِظامَ الرَأسِ ضَخمُ المُذَمَّرِ
وَأَخي مُحافَظَةٍ طَليقٍ وَجهُهُ
وَأَخي مُحافَظَةٍ طَليقٍ وَجهُهُ / هَشٍ جَرَرتُ لَهُ الشِواءَ بمِسعَرِ
مِن بازِلٍ ضُرِبَت بِأَبيَضَ باتِرٍ / بِيَدَي أَغَرَّ يَجُرُّ فَضلَ المِئزَرِ
وَرَفَعتُ راحِلَةً كَأَنَّ ضُلوعَها / مِن نَصِّ راكِبِها سَقائِفُ عَرعرِ
حَرَجاً إِذا هاجَ السَرابُ عَلى الصُوى / وَاِستَنَّ في أُفُقِ السَماءِ الأَغبَرِ
وَمَولىً كَمَولى الزِبرِقان دَمَلتُه
وَمَولىً كَمَولى الزِبرِقان دَمَلتُه / كما دُمِلَت ساقٌ تُهاضُ بِها وَقرُ
إِذا ما أَحالَت وَالجَبائِرُ فَوقَها / أَتى الحَولُ لا بُرءٌ جُبَيرٌ وَلا كَسرُ
تَراهُ كَأَنَّ اللَهَ يَجدَعُ أَنفَهُ / وَعَينَيهِ إِن مَولاهُ ثابَ لَهُ وَفرُ
تَرى الشَرَّ قَد أَفنى دَوائِرَ وَجهِهِ / كَضَبِّ الكُدى أَفنى أَنامِلَهُ الحَفرُ
وَشامِتٍ بِيَ لا تَخفى عَداوَتُهُ
وَشامِتٍ بِيَ لا تَخفى عَداوَتُهُ / إِذا حِمامِيَ ساقَتهُ المَقاديرُ
إِذا تَضَمَّنَني بَيتٌ بِرابِيَةٍ / آبوا سِراعاً وَأَمسى وَهوَ مَهجورُ
فَلا يَغُرَّنكَ جَرِّيَ الثَوبَ مُعتَجِراً / إِنّي اِمرُؤٌ فِيَّ عِندَ الجِدِّ تَشميرُ
كَأَنّي لَم أَقُل يَوماً لِعادِيَةٍ / شُدّوا وَلا فِتيَةٍ في مَوكِبٍ سيروا
ساروا جَميعاً وَقَد طالَ الوَجيفُ بِهِم / حَتّى بَدا واضِحُ الأَقرابِ مَشهورُ
وَلَم أُصَبِّح جِمامَ الماءِ طاوِيَةً / بِالقَوم وِردُهمُ لِلخِمسِ تَبكيرُ
أَورَدتُها وَصُدورُ العيسِ مُسنَفَةٌ / وَالصُبحُ بِالكَوكَبِ الدُرِيِّ مَنحورُ
تَباشَروا بَعدَما طال الوَجيفُ بِهِم / بِالصُبحِ لَمّا بَدَت مِنهُ تَباشيرُ
بَدَت سَوابِقُ من أولاهُ نَعرِفُها / وَكِبَرُهُ في سَوادِ اللَيلِ مَستورُ
وَفي الحَيِّ بَيضاءُ العَوارِضِ ثَوبُها
وَفي الحَيِّ بَيضاءُ العَوارِضِ ثَوبُها / إِذا ما اِسبَكَرَّت لِلشَبابِ قَشيبُ
وَعيسٍ بَرَيناها كَأَنَّ عُيونَها / قَواريرُ في أَذهانِهِنَّ نُضوبُ
وَلَستَ لِإنسِيٍّ وَلَكِن لِمَلأَكٍ / تَنَزَّلَ مِن جَوِّ السَماءِ يَصوبُ
وَأَنتَ أَزَلتَ الخُنزُوانَةَ عَنهُمُ / بِضَربٍ لَهُ فَوقَ الشُؤونِ وَجيبُ
وَأَنتَ الَّذي آثارُهُ في عَدُوِّهِ / مِنَ البُؤسِ وَالنُعمى لَهُنَّ نُدوبُ
قُدَيديمَةَ التَجريبِ وَالحِلمِ أَنَّني
قُدَيديمَةَ التَجريبِ وَالحِلمِ أَنَّني / أَرى غَفَلاتِ العَيشِ قَبلَ التَجارِبِ
سَماوَتُهُ أَسمالُ بُردٍ مُحَبَّرٍ
سَماوَتُهُ أَسمالُ بُردٍ مُحَبَّرٍ / وَصَهوَتُهُ مِن أَتحَمِيٍّ مُعَصَّبِ
وَدَوِّيَّةٍ لا يُهتَدى لِفَلاتِها
وَدَوِّيَّةٍ لا يُهتَدى لِفَلاتِها / بِعِرفانِ أَعلامٍ وَلا ضَوءِ كَوكَبِ
وَيلُمِّ لَذّاتِ الشَبابِ مَعيشَةً
وَيلُمِّ لَذّاتِ الشَبابِ مَعيشَةً / مَعَ الكُثرِ يُعطاهُ الفَتى المُتلِفُ النَدي
وَقَد يَعقِلُ القُلُّ الفَتى دونَ هَمَّهِ / وَقَد كانَ لَولا القُلُّ طَلّاعَ أَنجُدِ
وَقَد أَقطَعُ الخَرقَ المَخوفَ بِهِ الرَدى / بِعَنسٍ كَجَفنِ الفارِسِيِّ المُسَرَّدِ
كَأَنَّ ذِراعَيها عَلى الخَلِّ بَعدَما / وَنينَ ذِراعا ماتِحٍ مُتَجَرِّدِ
لِلماءِ وَالنَارِ في قَلبي وَفي كَبِدي
لِلماءِ وَالنَارِ في قَلبي وَفي كَبِدي / مِن قِسمَةِ الشَوقِ ساعورٌ وَناعورُ
وَنَحنُ جَلبنا مِن ضَرِيَّةَ خَيلَنا
وَنَحنُ جَلبنا مِن ضَرِيَّةَ خَيلَنا / نُكَلِّفُها حَدَّ الإِكامِ قَطائِطا
سِراعاً يَزِلُّ الماءُ عَن حَجَباتِها / نُكَلِّفُها غَولاً بَطيناً وَغائِطا
يُحَتُّ يَبيسُ الماءِ عَن حَجَباتِها / وَيَشكونَ آثارَ السِياطِ خَوابِطا
فَأَدركَهُم دونَ الهُيَيمَاءِ مُقصِراً / وَقَد كانَ شَأواً بالِغَ الجَهدِ باسِطا
أَصَبنَ الطَريفَ وَالطَريفَ بنَ مالِكٍ / وَكانَ شِفاءً لَو أَصَبنَ المَلاقِطا
إِذاً عَرَفوا ما قَدَّموا لِنُفوسِهِم / مِنَ الشَرِّ إِنَّ الشَرَّ مُردٍ أَراهِطا
فَلَم أَرَ يَوماً كانَ أَكثَرَ باكِياً / وَأَكثَرَ مَغبوطاً يُجَلُّ وَغابِطاً
أَمسى بَنو نَهشَلٍ نَيّانُ دونَهمُ
أَمسى بَنو نَهشَلٍ نَيّانُ دونَهمُ / المُطعِمونَ اِبنَ جارِهِم إِذا جاعا
كَأَنَّ زَيدَ مَناةَ بَعدَهُم غَنَمٌ / صاحَ الرِعاءُ بِها أَن تَهبِطَ القاعا
أَبلِغ بَني نَهشَلٍ عَنّي مُغَلغَلَةً / أَنَّ الحِمى بَعدَهُم وَالثَغرَ قَد ضاعا
كَأَنَّ اِبنَةَ الزَيدِيِّ يَومَ لَقيتُها
كَأَنَّ اِبنَةَ الزَيدِيِّ يَومَ لَقيتُها / هُنَيدَةَ مَكحولُ المَدامعِ مُرشِقُ
تُراعي خَذولاً يَنفُضُ المُردَ شادِناً / تَنوشُ مِنَ الضال القِذافَ وَتَعلَقُ
وَقُلتُ لَها يَوماً بِوادي مُبايِضٍ / أَلا كُلُّ عانٍ غَيرَ عَانيكِ يُعتَقُ
يُصادِفُ يَوماً مِن مَليكٍ سَماحَةً / فَيَأخُذُ عَرضَ المالِ أَو يَتَصَدَّقُ
وَذَكَّرنيها بَعدَما قَد نَسيتُها / ديارٌ عَلاها وابِلٌ مُتَبَعِّقُ
بِأَكنافِ شَمّاتٍ كَأَنَّ رُسومَها / قَضيمُ صَناعٍ في أَديمٍ مُنَمَّقُ
يُطَرِّدُ عاناتٍ بِرَهبى فَبَطنُه
يُطَرِّدُ عاناتٍ بِرَهبى فَبَطنُه / خَميصٌ كَطَيِّ الرازِقِيَّةِ مُحنِقُ
وَهَل أَسوى بَراقِشُ حينَ أَسوى
وَهَل أَسوى بَراقِشُ حينَ أَسوى / بِبَلقَعَةٍ وَمُنبَسِطٍ أَنيقِ
وَحَلّوا مِن مَعينٍ يَومَ حَلّوا / لِعِزِّهِمُ لَدى الفَجِّ العَميقِ