القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الرّاعي النُّمَيْري الكل
المجموع : 127
عَجِبتُ مِنَ السارينَ وَالريحُ قَرَّةٌ
عَجِبتُ مِنَ السارينَ وَالريحُ قَرَّةٌ / إِلى ضَوءِ نارٍ بَينَ فَردَةَ وَالرَحى
إِلى ضَوءِ نارٍ يَشتَوي القِدَّ أَهلُها / وَقَد يُكرَمُ الأَضيافُ وَالقِدُّ يُشتَوى
فَلَمّا أَتَونا فَاِشتَكَينا إِلَيهِمُ / بَكَوا وَكِلا الحَيَّينِ مِمّا بِهِ بَكى
بَكى مُعوِزٌ مِن أَن يُلامَ وَطارِقٌ / يَشُدُّ مِنَ الجوعِ الإِزارَ عَلى الحَشا
فَأَلطَفتُ عَيني هَل أَرى مِن سَمينَةٍ / وَوَطَّنتُ نَفسي لِلغَرامَةِ وَالقِرى
فَأَبصَرتُها كَوماءَ ذاتَ عَريكَةٍ / هِجاناً مِنَ اللاتي تَمَتَّعنَ بِالصُوى
فَأَومَأتُ إيماءً خَفِيّاً لِحَبتَرٍ / وَلِلَّهِ عَينا حَبتَرٍ أَيُّما فَتى
وَقُلتُ لَهُ أَلصِق بِأَيبَسِ ساقِها / فَإِن يَجبُرِ العُرقوبُ لا يَرقَإِ النَسا
فَأَعجَبَني مِن حَبتَرٍ أَنَّ حَبتَراً / مَضى غَيرَ مَنكوبٍ وَمُنصُلَهُ اِنتَضى
كَأَنّي وَقَد أَشبَعتُهُم مِن سَنامِها / جَلَوتُ غِطاءً عَن فُؤادِيَ فَاِنجَلى
فَبِتنا وَباتَت قِدرُنا ذاتَ هِزَّةٍ / لَنا قَبلَ ما فيها شِواءٌ وَمُصطَلى
وَأَصبَحَ راعينا بُرَيمَةُ عِندَنا / بِسِتّينَ أَنقَتها الأَخِلَّةُ وَالخَلا
فَقُلتُ لِرَبِّ النابِ خُذها ثَنِيَّةً / وَنابٌ عَلَينا مِثلُ نابِكَ في الحَيا
يُشَبُّ لِرَكبٍ مِنهُمُ مِن وَرائِهِم / فَكُلُّهُمُ أَمسى إِلى ضَوئها سَرى
تَقولُ اِبنَتي لَمّا رَأَت بُعدَ مائِنا
تَقولُ اِبنَتي لَمّا رَأَت بُعدَ مائِنا / وَإِطلابَهُ هَل بِالسُبَيلَةِ مَشرَبُ
فَقُلتُ لَها إِنَّ القَوافِيَ قَطَّعَت / بَقِيَّةَ خُلّاتٍ بِها نَتَقَرَّبُ
رَأَيتُ بَني حِمّانَ أَسقَوا بَناتِهِم / وَما لَكِ في حِمّانَ أُمٌّ وَلا أَبُ
طالَ العِشاءُ وَنَحنُ بِالهَضبِ
طالَ العِشاءُ وَنَحنُ بِالهَضبِ / وَأَرِقتُ لَيلَةَ عادَني خَطبي
حَمَّلتُهُ وَقُتودَ مَيسٍ فاتِرٍ / سُرُحِ اليَدَينِ وَشيكَةِ الوَثبِ
لَم يُبقِ نَصّي مِن عَريكَتِها / شَرَفاً يُجِنُّ سَناسِنَ الصُلبِ
وَمَعاشِرٍ وَدّوا لَوَ انَّ دَمي / يُسقَونَهُ مِن غَيرِ ما سَغبِ
أَلصَقتُ صَحبي مِن هَواكِ بِهِم / وَقُلوبُنا تَنزو مِنَ الرُهبِ
مُتَخَتِّمينَ عَلى مَعارِفَنا / نَثني لَهُنَّ حَواشِيَ العَصبِ
وَعَلى الشَمائِلِ أَن يُهاجَ بِنا / جُربانُ كُلِّ مُهَنَّدٍ عَضبِ
وَتَرى المَخافَةَ مِن مَساكِنِهِم / بِجُنوبِنا كَجَوانِبِ النُكبِ
وَلَقَد مَطَوتُ إِلَيكَ مِن بَلَدٍ / نائي المَزارَ بِأَينُقٍ حُدبِ
مُتَواتِراتٍ بِالإِكامِ إِذا / جَلَفَ العَزازَ جَوالِبُ النُكبِ
وَكَأَنَّهُنَّ قَطاً يُصَفِّقُهُ / خُرُقُ الرِياحِ بِنَفنَفٍ رَحبِ
قَطَرِيَّةٌ وَخِلالُها مَهرِيَّةٌ / مِن عِندِ ذاتِ سَوالِفٍ غُلبِ
خوصٌ نَواهِزُ بِالسُدوسِ إِذا / ضَمَّ الحُداةُ جَوانِبَ الرَكبِ
حَتّى أُنِخنَ إِلى اِبنِ أَكرَمِهِم / حَسَباً وَهُنَّ كَمُنجِزِ النَحبِ
فَوَضَعنَ أَزفَلَةً وَرَدنَ بِها / بَحراً خَسيفاً طَيِّبَ الشُربِ
وَإِذا تَغَوَّلَتِ البِلادُ بِنا / مَنَّيتُهُ وَفِعالُهُ صَحبي
أَسَعيدُ إِنَّكَ في قُرَيشٍ كُلِّها / شَرَفُ السَنامِ وَمَوضِعُ القَلبِ
مُتَحَلِّبُ الكَفَينِ غَيرُ عَصِيِّهِ / ضَيقٍ مَحَلَّتُهُ وَلا جَدبِ
أَلأَوبُ أَوبُ نَعائِمٍ قَطَرِيَّةٍ / وَالأَلُّ أَلُّ نَحائِصٍ حُقبِ
إِنّي أَتاني كَلامٌ ما غَضِبتُ لَهُ
إِنّي أَتاني كَلامٌ ما غَضِبتُ لَهُ / وَقَد أَرادَ بِهِ مَن قالَ إِغضابي
جُنادِفٌ لاحِقٌ بِالرَأسِ مَنكِبُهُ / كَأَنَّهُ كَودَنٌ يوشى بِكُلّابِ
مِن مَعشَرٍ كُحِلَت بِاللُؤمِ أَعيُنُهُم / قُفدِ الأَكُفِّ لِئامِ غَيرِ صُيّابِ
قَولُ اِمرِئٍ غَرَّ قَوماً مِن نُفوسِهِمُ / كَخَرزِ مُكرَهَةٍ في غَيرِ إِطنابِ
هَلّا سَأَلتَ هَداكَ اللَهُ ما حَسَبي / إِذا رُعائِيَ راحَت قَبلَ حُطّابي
إِنّي أُقَسِّمُ قِدري وَهيَ بارِزَةٌ / إِذ كُلُّ قِدرٍ عَروسٌ ذاتُ جِلبابِ
كَأَنَّ هِنداً ثَناياها وَبَهجَتُها / لَمّا اِلتَقَينا عَلى أَدحالِ دَبّابِ
مَوليَّةٌ أُنُفٌ جادَ الرَبيعُ بِها / عَلى أَبارِقَ قَد هَمَّت بِإِعشابِ
عَفَت بَعدَنا أَجراعُ بِكرٍ فَتَولَبِ
عَفَت بَعدَنا أَجراعُ بِكرٍ فَتَولَبِ / فَوادى الرِداهِ بَينَ مَلهىً فَمَلعَبِ
إِذاً لَم يَكُن رِسلٌ يَعودُ عَلَيهِمُ / مَرَينا لَهُم بِالشَوحَطِ المُتَقَوِّبِ
بِمَكنونَةٍ كَالبيضِ شانَ مُتونَها / مُتونُ الحَصى مِن مُعلَمٍ وَمُعَقَّبِ
بَقايا الذُرى حَتّى تَعودَ عَلَيهِمُ / عَزالي سَحابٍ في اِغتِماسَةِ كَوكَبِ
إِذا كُنتَ مُجتازاً تَميماً لِذِمَّةٍ / فَمَسِّك بِحَبلٍ مِن عَديِّ بنِ جُندَبِ
هُمُ كاهِلُ الدَهرِ الَّذي يُتَّقى بِهِ / وَمَنكِبُهُ المَرجُوُّ أَكرَمُ مَنكِبِ
إِذا مَنَعوا لَم يُرجَ شَيءٌ وَراءَهُم / وَإِن رَكِبَت حَربٌ بِهِم كُلَّ مَركَبِ
وَإِنّي لَداعيكَ الحَلالَ وَعاصِماً / أَباكَ وَعِندَ اللَهِ عِلمُ المُغَيَّبِ
أَبى لِلحَلالِ رِخوَةً في فُؤادِهِ / وَأَعراقُ سَوءٍ في رَجيعٍ مُعَلَّبِ
وَأَصفَرَ عَطّافٍ إِذا راحَ رَبُّهُ / جَرى اِبنا عِيانٍ بِالشِواءِ المُضَهَّبِ
خَروجٍ مِنَ الغُمّى إِذا كَثُرَ الوَغى / مُفَدّىً كَبَطنِ الأَينِ غَيرِ مُسَبَّبِ
غَدا عانِداً صَعلاً يَنوءُ بِصَدرِهِ / إِلى الفَوزِ مِن كَفِّ المُفيضِ المُؤَرَّبِ
حَلَفتُ لَهُم لا تَحسِبونَ شَتيمَتي / بِعَينَي حُبارى في حِبالَةِ مُعزِبِ
رَأَت رَجُلاً يَسعى إِلَيها فَحَملَقَت / إِلَيهِ بِمَأقى عَينِها المُتَقَلِّبِ
تَنوشُ بِرِجلَيها وَقَد بَلَّ ريشَها / رَشاشٌ كَغِسلِ الوَفرَةِ المُتَصَبِّبِ
وَأَورَقَ مُذ عَهدِ اِبنِ عَفّانَ حَولَهُ / حَواضِنُ أُلّافٌ عَلى غَيرِ مَشرَبِ
وِرادُ الأَعالي أَقبَلَت بِنُحورِها / عَلى راشِحٍ ذي شامَةٍ مُتَقَوِّبِ
كَأَنَّ بَقايا لَونِهِ في مُتونِها / بَقايا هَناءٍ في قَلائِصِ مُجرِبِ
أَلَم تَعلَمي يا أَلأَمَ الناسِ أَنَّني / بِمَكَّةَ مَعروفٌ وَعِندَ المُحَصَّبِ
وَكُنّا كَنوكانِ الرِجالِ وَعِندَنا / حِبالٌ مَتى تَعلَق بِنوكانَ تَنشَبِ
أَخو دَنَسٍ يُعطي الأَعادي بِإِستِهِ / وَفي الأَقرَبينَ ذو كِذابٍ وَنَيرَبِ
سَريعٌ دَريرٌ في المِراءِ كَأَنَّهُ / عَمودُ خِلافٍ في يَدَي مُتَهَيِّبِ
وَبَدرِيَّةٍ شَمطاءَ تَبني خِباءَها / عَلى بَرَمٍ عِندَ الشِتاءِ مُجَنَّبِ
رَأَيتُ الجَحشَ جَحشَ بَني كُلَيبٍ
رَأَيتُ الجَحشَ جَحشَ بَني كُلَيبٍ / تَيَمَّمَ حَولَ دِجلَةَ ثُمَّ هابا
فَأَولى أَن يَظَلَّ العَبدُ يَطفو / بِحَيثُ يُنازِعُ الماءُ السَحابا
أَتاكَ البَحرُ يَضرِبُ جانِبَيهِ / أَغَرَّ تَرى لِجِريَتِهِ حَبابا
نُمَيرٌ جَمرَةُ العَرَبِ الَّتي لَم / تَزَل في الحَربِ تَلتَهِبُ اِلتِهابا
وَإِنّي إِذ أَسُبُّ بِها كُلَيباً / فَتَحتُ عَلَيهِمُ لِلخَسفِ بابا
وَلَولا أَن يُقالَ هَجا نُمَيراً / وَلَم نَسمَع لِشاعِرِها جَوابا
رَغِبنا عَن هِجاءِ بَني كُلَيبٍ / وَكَيفَ يُشاتِمُ الناسُ الكِلابا
وَدارِيٍّ سَلَختُ الجِلدَ عَنهُ / كَما سَلَخَ القِرارِيُّ الإِهابا
أَلا أَيُّها الرَبعُ الخَلاءُ مَشارِبُه
أَلا أَيُّها الرَبعُ الخَلاءُ مَشارِبُه / أَشِر لِلفَتى مِن أَينَ صارَ حَبائِبُه
فَلَمّا رَأَينا أَنَّما هُوَ مَنزِلٌ / وَمَوقِدُ نارٍ قَلَّما عادَ حاطِبُه
مَضَيتُ عَلى شَأني بِمِرَّةِ مُخرَجٍ / عَنِ الشَأوِ ذي شَغبٍ عَلى مَن يُحارِبُه
وَأَوسُ بنُ مَغراءَ الهَجينُ يَسُبُّني / وَأَوسُ بنُ مَغراءَ الهَجينُ أُعاقِبُه
تَمَنّى قُرَيشٌ أَن تَكونَ أَخاهُمُ / لِيَنفَعَكَ القَولُ الَّذي أَنتَ كاذِبُه
قُرَيشُ الَّذي لا تَستَطيعُ كَلامَهُ / وَيَكسِرُ عِندَ البابِ أَنفَكَ حاجِبُه
بُوَيزِلُ عامٍ لا قُلوصٌ مُمَلَّةٌ
بُوَيزِلُ عامٍ لا قُلوصٌ مُمَلَّةٌ / وَلا عَوزَمٍ في السِنِّ فانٍ شَبيبُها
إِنّا وَجَدنا العيسَ خَيراً بَقِيَّةً
إِنّا وَجَدنا العيسَ خَيراً بَقِيَّةً / مِنَ القُفعِ أَذناباً إِذا ما اِقشَعَرَّتِ
تَنالُ جِبالاً لَم تُنِلها جِبالُها / وَدَوِّيَّةً ظَمأى إِذا الشَمسُ ذَرَّتِ
مَهاريسُ في لَيلِ التِمامِ نَهَتهُ / إِذا سَمِعَت أَصواتَها الجِنُّ فَرَّتِ
إِذا اِكتَحَلَت بَعدَ اللِقاحِ نُحورُها / بِنَسأٍ حَمَت أَغبارُها وَاِزمَهَرَّتِ
عَلى الدارِ بِالرُمّانَتَينِ تَعوجُ
عَلى الدارِ بِالرُمّانَتَينِ تَعوجُ / صُدورُ مَهارى سَيرُهُنَّ وَسيجُ
فَعُجنا عَلى رَسمٍ بِرَبعٍ تَجُرُّهُ / مِنَ الصَيفِ جَشّاءُ الحَنينِ نَؤوجُ
شَآمِيَّةٌ هَوجاءُ أَو قَطَرِيَّةٌ / بِها مِن هَباءِ الشِعرَيَينِ نَسيجُ
تُثيرُ وَتُبدي عَن دِيارٍ بِنَجوَةٍ / أَضَرَّ بِها مِن ذي البِطاحِ خَليجُ
عَلامَتُها أَعضادُ نُؤيٍ وَمَسجِدٌ / يَبابٌ وَمَضروبِ القَذالِ شَجيجُ
وَمَربَطُ أَفلاءِ الجِيادِ وَمَوقِدٌ / مِنَ النارِ مُسوَدُّ التَرابِ فَضيجُ
أَذاعَ بِأَعلاهُ وَأَبقى شَريدَهُ / ذَرى مُجنَحاتٍ بَينَهُنَّ فُروجُ
ثَلاثٍ صَلَينَ النارَ شَهراً وَأَرزَمَت / عَلَيهِنَّ رَجزاءُ القِيامِ هَدوجُ
كَأَنَّ بِرَبعِ الدارِ كُلَّ عَشِيَّةٍ / سَلائِبَ وُرقاً بَينَهُنَّ خَديجُ
تَبَدَّلَتِ العُفرُ الهِجانِ وَحَولَها / مَساحِلُ عاناتٍ لَهُنَّ نَشيجُ
نَفَينَ حَوالِيَّ الجِحاشِ وَعَشَّرَت / مَصايِيفُ في أَكفالِهِنَّ سُحوجُ
تَأَوَّبَ جَنبَي مَنعِجٍ وَمَقيلُها / بِحَزمِ قِرَورى خِلفَةٌ وَوَشيجُ
عَهِدنا بِها سَلمى وَفي العَيشِ غِرَّةٌ / وَسُعدى بِأَلبابِ الرِجالِ خَلوجُ
لَيالِيَ سُعدى لَو تَراءَت لِراهُبٍ / بِدَومَةَ تَجرٌ عِندَهُ وَحَجيجُ
فَلا دينَهُ وَاِهتاجَ لِلشَوقِ إِنَّها / عَلى الشَوقِ إِخوانَ العَزاءِ هَيوجُ
وَيَومَ لَقيناها بِتَيمَنَ هَيَّجَت / بَقايا الصِبى إِنَّ الفُؤادَ لَجوجُ
غَداةَ تَراءَت لِاِبنِ سِتّينَ حِجَّةً / سَقِيَّةُ غَيلٍ في الحِجالِ دَموجُ
إِذا مَضَغَت مِسواكَها عَبِقَت بِهِ / سُلافٌ تَغالاها التِجارُ مَزيجُ
فِداءٌ لِسُعدى كُلُّ ذاتِ حَشِيَّةٍ / وَأُخرى سَبَنتاةُ القِيامِ خَروجُ
كَأَدماءَ هَضماءَ الشَراسيفِ غالَها / عَنِ الوَحشِ رِخوَدُّ العِظامِ نَتيجُ
رَعَتهُ صُدورَ الطَلعِ فَنّاءُ كَمشَةٌ / بِحَزمِ رِضامٍ بَينَهُنَّ شُروجُ
أَلَم تَعلَمي يا أُمَّ أَسعَدَ أَنَّني / أُهاجُ لِخَيراتِ النَدى وَأَهيجُ
وَهَمٍّ عَراني مِن بَعيدٍ فَأَدلَجَت / بِيَ اللَيلَ مَنجاةُ العِظامِ زَلوجُ
وَشُعثٍ نَشاوى مِن نُعاسٍ وَفَترَةٍ / أَثَرتُ وَأَنضاءٍ لَهُنَّ ضَجيجُ
ظَلِلنا بِحَوّارينَ في مُشمَخِرَّةٍ / تَمُرُّ سَحابٌ تَحتَنا وَتَلوجُ
تَرى حارِثَ الجَولانِ يَبرُقُ دونَهُ / دَساكِرُ في أَطرافِهِنَّ بُروجُ
شَرِبنا بِبَحرٍ مِن أُمَيَّةَ دونَهُ / دِمَشقُ وَأَنهارٍ لَهُنَّ عَجيجُ
فَلَمّا قَضَينَ الحاجَ أَزمَعنَ نِيَّةً / لِخَلجِ النَوى إِنَّ النَوى لَخَلوجُ
عَلَيها دَليلٌ بِالفَلاةِ وَوافِدٌ / كَريمٌ لِأَبوابِ المُلوكِ وَلوجُ
وَيَقطَعنَ مِن خَبطٍ وَأَرضٍ بَسيطَةٍ / بَسابِسَ قَفراً وَحشُهُنَّ عُروجُ
فَلَمّا دَنا مِنها الإِيابُ وَأَدرَكَت / عَجارِفُ حُدبٌ مُخُّهُنَّ مَزيجُ
إِذا وُضِعَت عَنها بِظَهرِ مَفازَةٍ / حَقائِبُ عَن أَصلابِها وَسُروجُ
رَأَيتَ رُدافَي فَوقَها مِن قَبيلَةٍ / مِنَ الطَيرِ يَدعوها أَحَمُّ شَهوجُ
فَلَمّا حَبا مِن خَلفِنا رَملُ عالِجٍ / وَجَوشٌ بَدَت أَعناقُها وَدَجوجُ
أَلا اِسلَمي اليَومَ ذاتَ الطَوقِ وَالعاجِ
أَلا اِسلَمي اليَومَ ذاتَ الطَوقِ وَالعاجِ / وَالدَلِّ وَالنَظَرِ المَستَأنِسِ الساجي
وَالواضِحِ الغُرِّ مَصقولٍ عَوارِضُهُ / وَالفاحِمِ الرَجِلِ المُستَورِدِ الداجي
وَحفٍ أَثيثٍ عَلى المَتنَينِ مُنسَدِلٍ / مُستَفرَغٍ بِدِهانِ الوَردِ مَجّاجِ
وَمُرسَلٍ وَرَسولٍ غَيرِ مُتَّهَمٍ / وَحاجَةٍ غَيرِ مُزجاةٍ مِنَ الحاجِ
طاوَعتُهُ بَعدَ ما طالَ النَجِيُّ بِهِ / وَظَنَّ أَنّي عَلَيهِ غَيرُ مُنعاجِ
ما زالَ يَفتَحُ أَبواباً وَيُغلِقُها / دوني وَيَفتَحُ باباً بَعدَ إِرتاجِ
حَتّى أَضاءَ سِراجٌ دونَهُ بَقَرٌ / حُمرُ الأَنامِلِ عَينٌ طَرفُها ساجِ
يَكشِرنَ لِلَّهوِ وَاللَذّاتِ عَن بَرَدٍ / تَكَشُّفَ البَرقِ عَن ذي لُجَّةٍ داجِ
كَأَنَّما نَظَرَت نَحوي بِأَعيُنِها / عَينُ الصَريمَةِ أَو غِزلانِ فِرتاجِ
بيضُ الوُجوهِ كَبَيضاتٍ بِمَحنِيَةٍ / في دِفءِ وَحفٍ مِنَ الظِلمانِ هَدّاجِ
يا نُعمَها لَيلَةً حَتّى تَخَوَّنَها / داعٍ دَعا في فُروعِ الصُبحِ شَحّاجِ
لَمّا دَعا الدَعوَةَ الأولى فَأَسمَعَني / أَخَذتُ بُردَيَّ وَاِستَمرَرتُ أَدراجي
وَزُلنَ كَالتينِ وارى القُطنُ أَسفَلَهُ / وَاِعتَمَّ مِن بَرَدَيّا بَينَ أَفلاجِ
يَمشينَ مَشيَ الهِجانِ الأُدمِ أَقبَلَها / خَلُّ الكَؤودِ هِدانٌ غَيرُ مُهتاجِ
كَأَنَّ في بُرَتَيها كُلَّما بَدَتا / بُردِيَّتَي زَبَدِ الآذِيِّ عَجّاجِ
إِن تَنءَ سَلمى فَما سَلمى بِفاحِشَةٍ / وَلا إِذا اِستودِعَت سِرّاً بِمِزلاجِ
كَأَنَّ مِنطَقَها ليثَت مَعاقِدُهُ / بِعانِكٍ مِن ذُرى الأَنقاءِ بَحباجِ
وَشَربَةٍ مِن شَرابٍ غَيرِ ذي نَفَسٍ / في كَوكَبٍ مِن نُجومِ القَيظِ وَهّاجِ
سَقَيتُها صادِياً تَهوي مَسامِعُهُ / قَد ظَنَّ أَن لَيسَ مِن أَصحابِهِ ناجي
وَفِتيَةٍ غَيرِ أَنكاسٍ دَلَفتُ لَهُم / بِذي رِقاعٍ مِنَ الخُرطومِ نَشّاجِ
أَولَجتُ حانوتَهُ حُمراً مُقَطَّعَةً / مِن مالِ سَمحٍ عَلى التُجّارِ وَلّاجِ
فَاِختَرتُ ما عِندَهُ صَهباءَ صافِيَةً / مِن خَمرِ ذي نَطَفاتٍ عاقِدِ التاجِ
يَظَلُّ شارِبِها رِخواً مَفاصِلُهُ / يَخالُ بُصرى جِمالاً ذاتَ أَحداجِ
وَقَد أَقولُ إِذا ما القَومُ أَدرَكَهُم / سُكرُ النُعاسِ لِحَرفٍ حُرَّةٍ عاجِ
فَسائِلِ القَومَ إِذ كَلَّت رِكابُهُمُ / وَالعيسُ تَنسَلُّ عَن سَيري وَإِدلاجي
وَنَصِّيَ العيسَ تَهديهِم وَقَد سَدِرَت / كُلُّ جُماليَّةٍ كَالفَحلِ هِملاجِ
عُرضَ المَفازَةِ وَالظَلماءُ داجِيَةٌ / كَأَنَّها جُبَّةٌ خَضراءُ مِن ساجِ
وَمَنهَلٍ آجِنٍ غُبرٌ مَوارِدُهُ / خاوي العُروشِ يَبابٍ غَيرِ إِنهاجِ
عافي الجَبا غَيرَ أَصداءٍ يُطِفنَ بِهِ / وَذو قَلائِدَ بِالأَعطانِ عَرّاجِ
باكَرتُهُ بِالمَطايا وَهيَ خامِسَةٌ / قَبلَ رِعالٍ مِنَ الكُدريِّ أَفواجِ
حَتّى أَرُدَّ المَطايا وَهيَ ساهِمَةٌ / كَأَنَّ أَنضاءَها أَلواحُ أَحراجِ
تَكسو المَفارِقَ وَاللَبّاتِ ذا أَرَجٍ / مِن قُصبِ مُعتَلِفِ الكافورِ دَرّاجِ
أَفي أَثَرِ الأَظعانِ عَينُكَ تَلمَحُ
أَفي أَثَرِ الأَظعانِ عَينُكَ تَلمَحُ / نَعَم لا تَهَنّا إِنَّ قَلبَكَ مِتيَحُ
ظَعائِنُ مِئنافٍ إِذا مَلَّ بَلدَةً / أَقامَ الرِكابَ باكِرٌ مُتَرَوَّحُ
مِنَ المُتبِعينَ الطَرفَ في كُلِّ شَتوَةٍ / سَنا البَرقِ يَدعوهُ الرَبيعُ المُطَرِّحُ
يُسامي الغَمامَ الغُرَّ ثُمَّ مَقيلُهُ / مِنَ الشَرَفِ الأَعلى حِساءٌ وَأَبطَحُ
رَعَينَ قَرارَ المُزنِ حَيثُ تَجاوَبَت / مَذاكٍ وَأَبكارٌ مِنَ المُزنِ دُلَّحُ
بِلادٌ يَبُزُّ الفَقعُ فيها قِناعَهُ / كَما اِبيَضَّ شَيخٌ مِن رِفاعَةَ أَجلَحُ
أَقامَت بِهِ حَدَّ الرَبيعِ وَجارُها / أَخو سَلوَةٍ مَسّى بِهِ اللَيلُ أَملَحُ
فَلَمّا اِنتَهى نَيُّ المَرابيعِ أَزمَعَت / خُفوفاً وَأَولادُ المَصايِيفِ رُشَّحُ
رَماها السَفا وَاِعتَزَّها الصَيفُ بَعدَما / طَباهُنَّ رَوضٌ مِن زُبالَةَ أَفيَحُ
وَحارَبَتِ الهَيفُ الشِمالَ وَآذَنَت / مَذانِبُ مِنها اللَدنُ وَالمُتَصَوِّحُ
تَحَمَّلنَ مِن ذاتِ التَنانيرِ بَعدَما / مَضى بَينَ أَيديها سَوامٌ مُسَرَّحُ
وَعالَينَ رَقماً فَوقَ رَقمٍ كَسَونَهُ / قَنا عَرعَرٍ فيهِ أَوانِسُ وُضَّحُ
عَلى كُلِّ عَجعاجٍ إِذا عَجَّ أَقبَلَت / لَهاةٌ تُلاقيها مَخالِبُ كُلَّحُ
تَبَصَّرتُهُم حَتّى إِذا حالَ دونَهُم / رُكامٌ وَحادٍ ذو غَذاميرَ صَيدَحُ
وَقُلنَ لَهُ حُثَّ الجِمالَ وَغَنِّها / بِصَوتِكَ وَالحادي أَحَثُّ وَأَنجَحُ
بِإِحدى قَياقِ الحَزنِ في يَومِ قُتمَةٍ / وَضاحي السَرابِ بَينَنا يَتَضَحضَحُ
تَواضَعُ أَطرافِ المَخارِمِ دونَهُ / وَتَبدو إِذا ما غَمرَةُ الآلِ تَنزَحُ
فَلَمّا دَعا داعي الصَباحِ تَفاضَلَت / بِرُكبانِها صُهبُ العَثانينِ قُرَّحُ
لَحِقنا بِحَيٍّ أَوَّبوا السَيرَ بَعدَما / دَفَعنا شُعاعَ الشَمسِ وَالطَرفُ مُجنَحُ
تُدافِعُهُ عَنّا الأَكُفُّ وَتَحتَهُ / مِنَ الحَيِّ أَشباحٌ تَصولُ وَتَمصَحُ
فَلَمّا لَحِقنا وَاِزدَهَتنا بَشاشَةٌ / لِإِتيانِ مَن كُنّا نَوَدُّ وَنَمدَحُ
أَتَتنا خُزامى ذاتُ نَشرٍ وَحَنوَةٌ / وَراحٌ وَخَطّامٌ مِنَ المِسكِ يَنفَحُ
فَنِلنا غِراراً مِن حَديثٍ نَقودُهُ / كَما اِغبَرَّ بِالنَصِّ القَضيبُ المُسَمَّحُ
نُقارِبُ أَفنانَ الصِبى وَيَرُدُّنا / حَياءٌ إِذا كِدنا نُلِمُّ فَنَجمَحُ
حَرائِرُ لا يَدرينَ ما سوءُ شيمَةٍ / وَيَترُكنَ ما يُلحى عَلَيهِ فَيُفصِحُ
فَأَعجَلَنا قُربُ المَحَلِّ وَأَعيُنٌ / إِلَينا فَخِفناها شَواخِصُ طُمَّحُ
فَكائِن تَرى في القَومِ مِن مُتَقَنِّعٍ / عَلى عَبرَةٍ كادَت بِها العَينُ تَسفَحُ
لَهُ نَظرَتانِ نَحوَهُنَّ وَنَظرَةٌ / إِلَينا فَلِلَّهِ المَشوقُ المُتَرَّحُ
كَحَرّانِ مَنتوفِ الذِراعَينِ صَدَّهُ / عَنِ الماءِ فُرّاطٌ وَوِردٌ مُصَبَّحُ
فَقامَ قَليلاً ثُمَّ باحَ بِحاجَةٍ / مُصَرَّدُ أَشرابٍ مُرَمّىً مُنَشَّحُ
إِلى المُصطَفى بِشرِ بنِ مَروانَ ساوَرَت / بِنا اللَيلَ حولٌ كَالقِداحِ وَلُقَّحُ
نَقانِقُ أَشباهٌ بَرى قَمَعاتِها / بُكورٌ وَإِسآدٌ وَمَيسٌ مُشَيَّحُ
فَلَم يَبقَ إِلّا آلُ كُلِّ نَجيبَةٍ / لَها كاهِلٌ جَأبٌ وَصُلبٌ مُكَدَّحُ
ضُبارِمَةٌ شُدقٌ كَأَنَّ عُيونَها / بَقايا جِفارٍ مِن هَراميتَ نُزَّحُ
فَلَو كُنَّ طَيراً قَد تَقَطَّعنَ دونَكُم / بِغُبرِ الصُوى فيهِنَّ لِلعَينِ مَطرَحُ
وَلَكِنَّها العيسُ العِتاقُ يَقودُها / هُمومٌ بِنا مُنتابَها مُتَزَحزِحُ
بَناتُ نَحيضِ الزَورِ يَبرُقُ خَدُّهُ / عِظامُ مِلاطَيهِ مَوائِرُ جُنَّحُ
لَهُ عُنُقٌ عاري المَحالِ وَحارِكٌ / كَلَوحِ المَحاني ذو سَناسِنَ أَفطَحُ
وَرِجلٌ كَرِجلِ الأَخدَرِيِّ يَشُلُّها / وَظيفٌ عَلى خُفِّ النَعامَةِ أَروَحُ
يُقَلِّبُ عَينَي فَرقَدٍ بِخَميلَةٍ / كَساها نَصِيُّ الخِلفَةِ المُتَرَوِّحُ
تَرَوَّحنَ مِن حَزمِ الجُفولِ فَأَصبَحَت / هِضابُ شَرَورى دونَها وَالمُضَيَّحُ
وَما كانَتِ الدَهنا لَها غَيرَ ساعَةٍ / وَجَوَّ قَساً جاوَزنَ وَالبومُ يَضبَحُ
سَمامٌ بِمَوماةٍ كَأَنَّ ظِلالَها / جَنائِبُ تَدنو تارَةً وَتَزَحزَحُ
وَلَمّا رَأَت بُعدَ المِياهِ وَضَمَّها / جَناحانِ مِن لَيلٍ وَبَيداءُ صَردَحُ
وَأَغسَت عَلَيها طِرمِساءُ وَعُلِّقَت / بِهَجرٍ أَداوى رَكبِها وَهيَ نُزَّحُ
حَذاها بِنا روحٌ زَواجِلُ وَاِنتَحَت / بِأَجوازِها أَيدٍ تَمُدُّ وَتَنزَحُ
فَأَضحَت بِمَجهولِ الفَلاةِ كَأَنَّها / قَراقيرُ في آذِيِّ دِجلَةَ تَسبَحُ
لَهاميمُ في الخَرقِ البَعيدِ نِياطُهُ / وَراءَ الَّذي قالَ الأَدِلّاءُ تُصبِحُ
فَما أَنا إِن كانَت أَعاصيرُ فِتنَةٍ / قُلوبُ رِجالٍ بَينَهُنَّ تَطَوَّحُ
كَمَن باعَ بِالإِثمِ التُقى وَتَفَرَّقَت / بِهِ طُرُقُ الدُنيا وَنَيلٌ مُتَرَّحُ
رَجَوتُ بُحوراً مِن أُمَيَّةَ دونَها / عَدُوٌّ وَأَركانٌ مِنَ الحَربِ تَرمَحُ
وَما الفَقرُ مِن أَرضِ العَشيرَةِ ساقَنا / إِلَيكَ وَلَكِنّا بِقُربِكَ نَبجَحُ
وَقَد عَلِمَ الأَقوامُ أَنَّكَ تَشتَري / جَميلَ الثَنا وَالحَمدُ أَبقى وَأَربَحُ
وَأَنتَ اِمرُؤٌ تَروي السِجالَ وَيَنتَحي / لِأَبعَدَ مِنّا سَيبُكَ المُتَمَنِّحُ
وَإِنَّكَ وَهّابٌ أَغَرُّ وَتارَةً / هِزَبرٌ عَلَيهِ نُقبَةُ المَوتِ أَصبَحُ
أَبوكَ الَّذي نَجّى بِيَثرِبَ قَومَهُ / وَأَنتَ المُفَدّى مِن بَنيهِ المَمَدَّحُ
إِذا ما قُرَيشُ المُلكِ يَوماً تَفاضَلوا / بَدا سابِقٌ مِن آلِ مَروانَ أَقرَحُ
فَإِن تَنءِ داراً يا اِبنَ مَروانَ غَربَةٌ / بِحاجَةِ ذي قُربى بِزَندِكَ يَقدَحُ
فَيا رُبَّ مَن يُدني وَيَحسِبُ أَنَّهُ / يَوَدُّكَ وَالنائي أَوَدُّ وَأَنصَحُ
هَجَوتُ زُهَيراً ثُمَّ إِنّي مَدَحتُهُ / وَما زالَتِ الأَشرافُ تُهجى وَتُمدَحُ
فَلَم أَدرِ يُمناهُ إِذا ما مَدَحتُهُ / أَبِالمالِ أَم بِالمَشرَفِيَّةِ أَنفَحُ
وَذي كُلفَةٍ أَغراهُ بي غَيرُ ناصِحٍ / فَقُلتُ لَهُ وَجهُ المُحَرِّشِ أَقبَحُ
وَإِنّي وَإِن كُنتُ المُسيءَ فَإِنَّني / عَلى كُلِّ حالاتي لَهُ مِنهُ أَنصَحُ
دَأَبتُ إِلى أَن يَنبُتَ الظِلُّ بَعدَما / تَقاصَرَ حَتّى كادَ في الآلِ يَمصَحُ
وَجيفَ المَطايا ثُمَّ قُلتُ لِصُحبَتي / وَلَم يَنزِلوا أَبرَدتُمُ فَتَرَوَّحوا
أَلَم تَدرِ ما قالَ الظِباءُ السَوانِحُ
أَلَم تَدرِ ما قالَ الظِباءُ السَوانِحُ / مَرَرنَ أَمامَ الرَكبِ وَالرَكبُ رائِحُ
فَسَبَّحَ مَن لَم يَزجُرِ الطَيرَ مِنهُمُ / وَأَيقَنَ قَلبي أَنَّهُنَّ نَواجِحُ
فَأَوَّلُ مَن مَرَّت بِهِ الطَيرُ نِعمَةٌ / لَنا وَمَبيتٌ عِندَ لَهوَةَ صالِحُ
سَبَتكَ بِعَينَي جُؤذَرٍ حَفَلَتهُما / رِعاثٌ وَبَرّاقٌ مِنَ اللَونِ واضِحُ
وَأَسوَدَ مَيّالٍ عَلى جيدِ مُغزِلٍ / دَعاها طَلىً أَحوى بِرَمّانَ راشِحُ
وَعَذبُ الكَرى يَشفي الصَدى بَعدَ هَجعَةٍ / لَهُ مِن عُروقِ المُستَظِلَّةِ مائِحُ
غَذاهُ وَحَولِيُّ الثَرى فَوقَ مَتنِهِ / مَدَبُّ الأَتِيِّ وَالأَراكِ الدَوائِحُ
فَلَمّا اِنجَلى عَنهُ السُيولُ بَدا لَها / سَقِيُّ خَريفٍ شُقَّ عَنهُ الأَباطِحُ
إِذا ذُقتَ فاها قُلتَ طَعمَ مُدامَةٍ / دَنا الزِقُّ حَتّى مَجَّها وَهوَ جانِحُ
وَفي العاجِ وَالحِنّاءِ كَفٌّ بَنانُها / كَشَحمِ النَقا لَم يُعطِها الزَندَ قادِحُ
فَكَيفَ الصِبى بَعدَ المَشيبِ وَبَعدَما / تَمَدَّحتَ وَاِستَعلى بِمَدحِكَ مادِحُ
وَقَد رابَني أَنَّ الغَيورَ يَوَدُّني / وَأَنَّ نَدامايَ الكُهولُ الجَحاجِحُ
وَصَدَّ ذَواتُ الضِغنِ عَنّي وَقَد أَرى / كَلامِيَ تَهواهُ النِساءُ الجَوامِحُ
وَهِزَّةَ أَظعانٍ عَلَيهِنَّ بَهجَةٌ / طَلَبتُ وَرَيعانُ الصِبى فِيَّ جامِحُ
بِأَسفَلِ ذي بيضٍ كَأَنَّ حُمولَها / نَخيلُ القُرى وَالأَثأَبُ المُتَناوِحُ
فَعُجنَ عَلَينا مِن عَلاجيمَ جِلَّةٍ / لِحاجَتِنا مِنها رَتوكٌ وَفاسِحُ
يُحَدِّثنَنا بِالمُضمَراتِ وَفَوقَها / ظِلالُ الخُدورِ وَالمَطِيُّ جَوانِحُ
يُناجينَنا بِالطَرفِ دونَ حَديثِنا / وَيَقضينَ حاجاتٍ وَهُنَّ مَوازِحُ
وَخالَطَنا مِنهُنَّ ريحُ لَطيمَةٍ / مِنَ المِسكِ أَدّاها إِلى الحَيِّ رابِحُ
صَلَينَ بِها ذاتَ العِشاءِ وَرَشَّها / عَلَيهِنَّ في الكَتّانِ رَيطٌ نَصائِحُ
فَبِتنا عَلى الأَنماطِ وَالبيضُ كَالدُمى / تُضيءُ لَنا لَبّاتِهِنَّ المَصابِحُ
إِذا فاطَنَتنا في الحَديثِ تَهَزهَزَت / إِلَيها قُلوبٌ دونَهُنَّ الجَوانِحُ
وَظَلَّ الغَيورُ آنِفاً بِبَنانِهِ / كَما عَضَّ بِرذَونٌ عَلى الفَأسِ جامِحُ
كَئيباً يَرُدُّ اللَهفَتَينِ لِأُمِّهِ / وَقَد مَسَّهُ مِنّا وَمِنهُنَّ ناطِحُ
فَلَمّا تَفَرَّقنا شَجينَ بِعَبرَةٍ / وَزَوَّدنَنا نُصباً وَهُنَّ صَحائِحُ
فَرَفَّعَ أَصحابي المَطِيَّ وَأَبَّنوا / هُنَيدَةَ فَاِشتاقَ العُيونُ اللَوامِحُ
فَوَيلُ اِمِّها مِن خُلَّةٍ لَو تَنَكَّرَت / لِأَعدائِنا أَو صالَحَت مَن نُصالِحُ
وَصَهباءَ مِن حانوتِ رَمّانَ قَد غَدا / عَلَيَّ وَلَم يَنظُر بِها الشَرقَ صابِحُ
فَساقَيتُها سَمحاً كَأَنَّ نَديمَهُ / أَخا الدَهرِ إِذ بَعضَ المُساقينَ فاضِحُ
فَقَصَّرَ عَنّي اليَومَ كَأسٌ رَوِيَّةٌ / وَرَخصُ الشِواءِ وَالقِيانُ الصَوادِحُ
إِذا نَحنُ أَنزَفنا الخَوابِيَ عَلَّنا / مَعَ اللَيلِ مَلثومٌ بِهِ القارُ ناتِحُ
لَدُن غُدوَةً حَتّى نَروحَ عَشِيَّةً / نُحَيّا وَأَيدينا بِأَيدٍ نُصافِحُ
إِذا ما بَرَزنا لِلفَضاءِ تَقَحَّمَت / بِأَقدامِنا مِنّا المِتانُ الصَرادِحُ
وَداوِيَّةٍ غَبراءَ أَكثَرُ أَهلِها / عَزيفٌ وَهامٌ آخِرُ اللَيلِ ضابِحُ
أَقَرَّ بِها جَأشي بِأَوَّلِ آيَةٍ / وَماضٍ حُسامٍ غِمدُهُ مُتَطايِحُ
يَمانٍ كَلَونِ المِلحِ يُرعَدُ مَتنُهُ / إِذا هُزَّ مَطبوعٌ عَلى السَمِّ جارِحُ
يُزيلُ بَناتِ الهامِ عَن سَكَناتِها / وَما يَلقَهُ مِن ساعِدٍ فَهوَ طائِحُ
كَأَنَّ بَقايا الأُثرِ فَوقَ عَمودِهِ / مَدَبُّ الدَبا فَوقَ النَقا وَهوَ سارِحُ
وَطَخياءَ مِن لَيلِ التِمامِ مَريضَةٍ / أَجَنَّ العَماءُ نَجمَها فَهوَ ماصِحُ
تَعَسَّفتُها لَمّا تَلاوَمَ صُحبَتي / بِمُشتَبِهِ المَوماةِ وَالماءُ نازِحُ
وَعِدٍّ خَلا فَاِخضَرَّ وَاِصفَرَّ ماؤُهُ / لِكُدرِ القَطا وِردٌ بِهِ مُتَطاوِحُ
نَشَحتُ بِها عَنساً تَجافى أَظَلُّها / عَنِ الأُكمِ إِلّا ما وَقَتها السَرائِحُ
فَسافَت جَباً فيهِ ذُنوبٌ هَراقَهُ / عَلى قُلُصٍ مِن ضَربِ أَرحَبَ ناشِحُ
تَريكٍ يَنِشُّ الماءَ في حَجَراتِهِ / كَما نَشَّ جَزرٌ خَضخَضَتهُ المَجادِحُ
كَريحِ خُزامى حَرَّكَتها عَشِيَّةً / شَمالٌ وَبَلَّتها القِطارُ النَواضِحُ
فَأَصبَحَتِ الصُهبُ العِتاقُ وَقَد بَدا / لَهُنَّ المَنارُ وَالجَوادُ اللَوائِحُ
لِتَهجَعَ وَاِستَبقَيتُها ثُمَّ قَلَّصَت
لِتَهجَعَ وَاِستَبقَيتُها ثُمَّ قَلَّصَت / بِسُمرٍ خِفافِ الوِطءِ وارِيَةِ المُخِّ
وَلِلسِرِّ حالاتٌ فَمِنهُ جَماعَةٌ
وَلِلسِرِّ حالاتٌ فَمِنهُ جَماعَةٌ / وَمِنهُ نَجِيّانِ وَأَحزَمُها الفَردُ
وَأَفضَلُ مِنها صَونُ سِرِّكِ كاتِماً / إِلى الفُرَصِ اللاتي يُنالُ بِها الجَدُّ
بانَ الأَحِبَّةُ بِالعَهدِ الَّذي عَهِدوا
بانَ الأَحِبَّةُ بِالعَهدِ الَّذي عَهِدوا / فَلا تَمالُكَ عَن أَرضٍ لَها عَمَدوا
وَرادَ طَرفُكَ في صَحراءَ ضاحِيَةٍ / فيها لِعَينَيكَ وَالأَظعانِ مُطَّرِدُ
وَاِستَقبَلَت سَربَهُم هَيفٌ يَمانِيَةٌ / هاجَت نِزاعاً وَحادٍ خَلفَهُم غَرِدُ
حَتّى إِذا حالَتِ الأَرحاءُ دونَهُمُ / أَرحاءَ أَرمُلَ حارَ الطَرفُ أَو بَعَدوا
حَثّوا الجِمالَ وَقالوا إِنَّ مَشرَبَكُم / وادي المِياهِ وَأَحساءٌ بِهِ بُرُدُ
وَفي الخِيامِ إِذا أَلقَت مَراسِيَها / حورُ العُيونِ لِإِخوانِ الصِبى صُيُدُ
كَأَنَّ بَيضَ نَعامٍ في مَلاحِفِها / إِذا اِجتَلاهُنَّ قَيظٌ لَيلُهُ وَمِدُ
لَها خُصورٌ وَأَعجازٌ يَنوءُ بِها / رَملُ الغِناءِ وَأَعلى مَتنِها رُؤُدُ
مِن كُلِّ واضِحَةِ الذِفرى مُنَعَّمَةٍ / غَرّاءَ لَم يَغذُها بُؤسٌ وَلا وَبَدُ
يَثني مَساوِفُها غُرضوفَ أَرنَبَةً / شَمّاءَ مِن رَخصَةٍ في جيدِها أَوَدُ
لَها لِثاثٌ وَأَنيابٌ مُفَلَّجَةٌ / كَالأُقحُوانِ عَلى أَطرافِهِ البَرَدُ
يَجري بِها المِسكُ وَالكافورُ آوِنَةً / وَالزَعفَرانُ عَلى لَبّاتِها جَسِدُ
كَأَنَّ رَيطَةَ جَبّارٍ إِذا طُوِيَت / بَهوُ الشَراسيفِ مِنها حينَ تَنخَضِدُ
نِعمَ الضَجيعُ بُعَيدَ النَومِ يُلجِئُها / إِلى حَشاكَ سَقيطُ اللَيلِ وَالثَأَدُ
كَأَنَّ نَشوَتَها وَاللَيلُ مُعتَكِرٌ / بَعدَ العِشاءِ وَقَد مالَت بِها الوُسُدُ
صَهباءُ صافِيَةٌ أَغلى التِجارُ بِها / مِن خَمرِ عانَةَ يَطفو فَوقَها الزَبَدُ
لَولا المَخاوِفُ وَالأَوصابُ قَد قَطَعَت / عُرضَ الفَلاةِ بِنا المَهرِيَّةُ الوُخُدُ
في كُلِّ غَبراءَ مَخشِيٍّ مَتالِفُها / جَدّاءَ لَيسَ بِها عِدٌّ وَلا ثَمَدُ
تُمسي الرِياحُ بِها حَسرى وَيَتبَعُها / سُرادِقٌ لَيسَ في أَطرافِهِ عَمَدُ
بَصباصَةُ الخِمسِ في زَوراءَ مَهلَكَةٍ / يَهدي الأَدِلّاءَ فيها كَوكَبٌ وَحَدُ
كَلَّفتُ مَجهولَها نوقاً يَمانِيَةً / إِذا الحُداةُ عَلى أَكسائِها حَفَدوا
حُسبَ الجَماجِمِ أَشباهاً مُذَكَّرَةً / كَأَنَّها دُمُكٌ شيزِيَّةٌ جُدُدُ
قامَ السُقاةَ فَناطوها إِلى خُشُبٍ / عَلى كُبابٍ وَحَومٍ خامِسٌ يَرِدُ
ذَوُو جَآجِئَ مُبتَلٌّ مَآزِرُهُم / بَينَ المَرافِقِ في أَيديهِمُ حَرَدُ
أَو رَعلَةٌ مِن قَطا فَيحانَ حَلَّأَها / عَن ماءِ يَثبَرَةَ الشُبّاكُ وَالرَصَدُ
تَنجو بِهِنَّ مِنَ الكُدرِيِّ جانِيَةٌ / بِالرَوضِ رَوضِ عَماياتٍ لَها وَلَدُ
لَمّا تَخَلَّسَ أَنفاساً قَرائِنُها / مِن غَمرِ سَلمى دَعاها تَوأَمٌ قَرِدُ
تَهوي لَهُ بِشُعَيبٍ غَيرِ مُعصَمَةٍ / مُنغَلَّةٍ دونَها الأَحشاءُ وَالكَبِدُ
دونَ السَماءِ وَفَوقَ الأَرضِ مَسلَكُها / تيهٌ نَفانِفُ لا بَحرٌ وَلا بَلَدُ
تَطاوَلَ اللَيلُ مِن هَمٍّ تَضَيَّفَني / دونَ الأَصارِمِ لَم يَعشُر بِهِ أَحَدُ
إِلّا نَجِيَّةَ آرابٍ تُقَلِّبُني / كَما تَقَلَّبَ في قُرموصِهِ الصَرِدُ
مِن أَمرِ ذي بَدَواتٍ لا تَزالُ لَهُ / بَزلاءُ يَعيا بِها الجَثّامَةُ اللُبَدُ
وَعَينِ مُضطَمِرِ الكَشحَينِ أَرَّقَهُ / هَمٌّ غَريبٌ وَناوي حاجَةٌ أَفِدُ
وَناقَةٍ مِن عِتاقِ النوقِ ناجِيَةٍ / حَرفٍ تَباعَدَ مِنها الزَورُ وَالعَضَدُ
ثَبجاءَ دَفواءَ مَبنيٍّ مَرافِقُها / عَلى حَصيرَينِ في دَفَّيهِما جُدَدُ
مَقّاءَ مَفتوقَةِ الإِبطَينِ ماهِرَةٍ / بِالسَومِ ناطَ يَدَيها حارِكٌ سَنَدُ
يَنجو بِها عُنُقٌ صَعلٌ وَتُلحِقُها / رِجلٍ أَصَكَّ خِدَبٍّ فَوقَهُ لَبِدُ
تُضحي إِذا العيسُ أَدرَكنا نَكائِثَها / خَرقاءَ يَعتادُها الطوفانُ وَالزُؤُدُ
كَأَنَّها حُرَّةُ الخَدَّينِ طاوِيَةٌ / بِعالِجٍ دونَها الخَلّاتُ وَالعُقَدُ
تَرمي الفِجاجَ بِكَحلاوَينِ لَم تَجِدا / ريحَ الدُخانِ وَلَم يَأخُذهُما رَمَدُ
باتَت بِشَرقِيِّ يَمؤودٍ مُباشَرَةً / دِعصاً أَرَذَّ عَلَيهِ فُرَّقٌ عُنُدُ
في ظِلِّ مُرتَجِزٍ تَجلو بَوارِقُهُ / لِلناظِرَينِ رِواقاً تَحتَهُ نَضَدُ
طَورَينِ طَوراً يَشُقُّ الأَرضَ وابِلُهُ / بَعدَ العَزازَ وَطَوراً ديمَةٌ رَغَدُ
حَتّى غَدَت في بَياضِ الصُبحِ طَيِّبَةً / ريحَ المَباءَةَ تَخدي وَالثَرى عَمِدُ
لَمّا رَأَت ما أُلاقي مِن مُجَمجَمَةٍ / هِيَ النَجِيُّ إِذا ما صُحبَتي هَجَدوا
قامَت خُلَيدَةُ تَنهاني فَقُلتُ لَها / إِنَّ المَنايا لِميقاتٍ لَهُ عَدَدُ
وَقُلتُ ما لِاِمرِئٍ مِثلي بِأَرضِكُمُ / دونَ الإِمامِ وَخَيرِ الناسِ مُتَّأَدِ
إِنّي وَإِيّاكِ وَالشَكوى الَّتي قَصَرَت / خَطوي وَنَأيُكِ وَالوَجدُ الَّذي أَجِدُ
كَالماءِ وَالظالِعُ الصَديانُ يَطلُبُهُ / هُوَ الشِفاءُ لَهُ وَالرِيُّ لَو يَرِدُ
إِنَّ الخِلافَةَ مِن رَبّي حَباكَ بِها / لَم يُصفِها لَكَ إِلّا الواحِدُ الصَمَدُ
أَلقابِضُ الباسِطُ الهادي لِطاعَتِهِ / في فِتنَةِ الناسِ إِذ أَهواؤُهُم قِدَدُ
أَمراً رَضيتَ لَهُ ثُمَّ اِعتَمَدتَ لَهُ / وَاِعلَم بِأَنَّ أَمينَ اللَهِ مُعتَمَدُ
وَاللَهُ أَخرَجَ مِن عَمياءَ مُظلِمَةٍ / بِحَزمِ أَمرِكَ وَالآفاقُ تَجتَلِدُ
فَأَصبَحَ اليَومَ في دارٍ مُبارَكَةٍ / عِندَ المَليكِ شِهاباً ضَوءُهُ يَقِدُ
وَنَحنُ كَالنَجمِ يَهوي مِن مَطالِعِهِ / وَغوطَةُ الشامِ مِن أَعناقِنا صَدَدُ
نَرجو سِجالاً مِنَ المَعروفِ تَنفَحُها / لِسائِليكَ فَلا مَنٌّ وَلا حَسَدُ
ضافي العَطِيَّةِ راجيهِ وَسائِلُهُ / سَيّانِ أَفلَحَ مَن يُعطي وَمَن يَعِدُ
أَنتَ الحَيا وَغِياثٌ نَستَغيثُ بِهِ / لَو نَستَطيعُ فَداكَ المالُ وَالوَلَدُ
أَزرى بِأَموالِنا قَومٌ أَمَرتَهُمُ / بِالعَدلِ فينا فَما أَبقوا وَما قَصَدوا
نُعطي الزَكاةَ فَما يَرضى خَطيبُهُمُ / حَتّى نُضاعِفَ أَضعافاً لَها غُدَدُ
أَمّا الفَقيرُ الَّذي كانَت حُلوبَتُهُ / وَفقَ العِيالِ فَلَم يُترَك لَهُ سَبَدُ
وَاِختَلَّ ذو المالِ وَالمُثرونَ قَد بَقِيَت / عَلى التَلاتِلِ مِن أَموالِهِم عُقَدُ
فَإِن رَفَعتَ بِهِم رَأساً نَعَشتَهُمُ / وَإِن لَقوا مِثلَها في قابِلٍ فَسَدوا
طافَ الخَيالُ بِأَصحابي وَقَد هَجَدوا
طافَ الخَيالُ بِأَصحابي وَقَد هَجَدوا / مِن أُمِّ عَلوانَ لا نَحوٌ وَلا صَدَدُ
فَأَرَّقَت فِتيَةً باتوا عَلى عَجَلٍ / وَأَعيُناً مَسَّها الإِدلاجُ وَالسُهُدُ
هَل تُبلِغَنِّيَ عَبدَ اللَهِ دَوسَرَةً / وَجناءُ فيها عَتيقُ النَيِّ مُلتَبِدُ
عَنسٌ مُذَكَّرَةٌ قَد شُقَّ بازِلُها / لَأياً تَلاقى عَلى حَيزومِها العُقَدُ
كَأَنَّها يَومَ خِمسِ القَومِ عَن جُلَبٍ / وَنَحنُ وَالآلُ بِالمَوماةِ نَطَّرِدُ
قَرمٌ تَعاداهُ عادٍ عَن طُروقَتِهِ / مِنَ الهِجانِ عَلى خُرطومِهِ الزَبَدُ
أَو ناشِطٌ أَسفَعُ الخَدَّينِ أَلجَأَهُ / نَفحُ الشَمالِ فَأَمسى دونَهُ العَقَدُ
باتَ إِلى دِفءِ أَرطاةٍ أَضَرَّ بِها / حُرُّ النَقا وَزَهاها مَنبِتٌ جَرَدُ
باتَ البُروقُ جَنابَيهِ بِمَنزِلَةٍ / ضَمَّت حَشاهُ وَأَعلاهُ بِها صَرِدُ
ما زالَ يَركُبُ رَوقَيهِ وَجَبهَتَهُ / حَتّى اِستَباثَ سَفاةً دونَها الثَأَدُ
حَتّى إِذا نَطَقَ العُصفورُ وَاِنكَشَفَت / عَمايَةُ اللَيلِ عَنهُ وَهوَ مُعتَمِدُ
غَدا وَمِن عالِجٍ خَدٌّ يُعارِضُهُ / عَنِ الشَمالِ وَعَن شَرقيِّهِ كَبِدُ
يَعلو عِهاداً مِنَ الوَسمِيِّ زَيَّنَهُ / أَلوانُ ذي صَبَحٍ مُكّاءُهُ غَرِدُ
بِكُلِّ مَيثاءَ مِمراحٍ بِمَنبِتِها / مِنَ الذِراعَينِ رَجّافٌ لَهُ نَضَدُ
ظَلَّت تُصَفِّقُهُ ريحٌ تَدُرُّ لَها / ذاتُ العَثانينِ لا راحٌ وَلا بَرَدُ
أَصبَحَ يَجتابُ أَعرافَ الضَبابِ بِهِ / مُجتازَ أَرضٍ لِأُخرى فارِدٌ وَحَدُ
يَهوي كَضَوءِ شِهابٍ خَبَّ قابِسُهُ / لَيلاً يُبادِرُ مِنهُ جِذوَةً تَقِدُ
حَتّى إِذا هَبَطَ الوُحدانَ وَاِنقَطَعَت / عَنهُ سَلاسِلَ رَملٍ بَينَها عُقَدُ
صادَفَ أَطلَسَ مَشّاءً بِأَكلُبِهِ / إِثرَ الأَوابِدِ ما يَنمي لَهُ سَبَدُ
أَشلى سُلوقِيَّةً باتَت وَباتَ بِها / بِوَحشِ إِصمِتَ في أَصلابِها أَوَدُ
يَدِبُّ مُستَخفِياً يَغشى الضِراءُ بِها / حَتّى اِستَقامَت وَأَعراها لَهُ الجَرَدُ
فَجالَ إِذ رُعنَهُ يَنأى بِجانِبِهِ / وَفي سَوالِفِها مِن مِثلِهِ قِدَدُ
ثُمَّ اِرفَأَنَّ حِفاظاً بَعدَ نَفرَتِهِ / فَكَرَّ مُستَكبِرٌ ذو حَربَةٍ حَرِدُ
فَذادَها وَهيَ مُحمَرٌّ نَواجِذُها / كَما يَذودُ أَخو العُمِّيَّةِ النَجِدُ
حَتّى إِذا عَرَّدَت عَنهُ سَوابِقُها / وَعانَقَ المَوتَ مِنها سَبعَةٌ عَدَدُ
مِنها صَريعٌ وَضاغٍ فَوقَ حَربَتِهِ / كَما ضَغا تَحتَ حَدِّ العامِلِ الصُرَدُ
وَلّى يَشُقُّ جِمادَ الفَردِ مُطَّلِعاً / بِذي النِعاجِ وَأَعلى رَوقِهِ جَسِدُ
حَتّى أَجَنَّ سَوادُ اللَيلِ نُقبَتَهُ / حَيثُ اِلتَقى السَهلُ مِن فَيحانَ وَالجَلَدُ
راحَت كَما راحَ أَو تَغدو كَغَدوَتِهِ / عَنسٌ تَجودُ عَلَيها راكِبٌ أَفِدُ
تَنتابُ آلَ أَبي سُفيانَ واثِقَةً / بِفَضلِ أَبلَجَ مُنجازٍ لِما يَعِدُ
مُسَأَّلٌ يَبتَغي الأَقوامُ نائِلَهُ / مِن كُلِّ قَومٍ قَطينٌ حَولَهُ وُفُدُ
جاءَت لِعادَةِ فَضلٍ كانَ عَوَّدَها / مَن في يَدَيهِ بِإِذنِ اللَهِ مُنتَقَدُ
إِلى اِمرِئٍ لَم تَلِد يَوماً لَهُ شَبَهاً / أُنثى لَهُ كَرَماً يَوماً وَلَن تَلِدُ
لا يَبلُغُ المَدحَ أَقصى وَصفِ مَدحِكُمُ / وَلَم يَنَل مِثلَ ما أَدرَكتُمُ أَحَدُ
لا يَفقِدُ الناسُ خَيراً ما بَقيتَ لَنا / وَالجودُ وَالعَدلُ مَفقودانِ إِن فَقَدوا
حَتّى أُنيخَت لَدى خَيرِ الأَنامِ مَعاً / مِن آلِ حَربٍ نَماهُ مَنصِبٌ حَتِدُ
أَمسَت أُمَيَّةُ لِلإِسلامِ حائِطَةً / وَلِلقَبيضِ رُعاةً أَمرُها الرَشَدُ
يَظَلُّ في الشاءِ يَرعاها وَيَعمِتُها / وَيَكفِنُ الدَهرَ إِلّا رَيثَ يَهتَبِدُ
وَدَيتَ اِبنَ راعي الإِبلِ إِذ حانَ يَومُهُ
وَدَيتَ اِبنَ راعي الإِبلِ إِذ حانَ يَومُهُ / وَشَقَّ لَهُ قَبراً بِأَرضِكَ لاحِدُ
وَقَد كانَ ماتَ الجودُ حَتّى نَعَشتَهُ / وَذَكَّيتَ نارَ الجودِ وَالجودُ خامِدُ
فَلا حَمَلَت أُنثى وَلا آبَ غائِبٌ / وَلا وَلَدَت أُنثى إِذا ماتَ خالِدُ
تَذَكَّرَ هَذا القَلبُ هِندَ بَني سَعدِ
تَذَكَّرَ هَذا القَلبُ هِندَ بَني سَعدِ / سَفاهاً وَجَهلاً ما تَذَكَّرَ مِن هِندِ
أَفي كُلِّ يَومٍ أَنتَ موفٍ فَناظِرٌ / إِلى آلِ هِندٍ نَظرَةً قَلَّما تُجدي
تَذَكَّرتُ عَهداً كانَ بَيني وَبَينَها / قَديماً وَهَل أَبقَت لَنا الحَربُ مِن عَهدِ
فَما مُغزِلٌ أَدماءُ ريعَت فَأَقبَلَت / بِسالِفَةٍ كَالسَيفِ سُلَّ مِنَ الغِمدِ
بِأَحسَنَ مِن هِندٍ وَلا ضَوءُ مُزنَةٍ / جَلا البَرقُ عَنها في مُكَلَّلَةٍ فَردِ
تَضُمُّ عَلى مَضنونَةٍ فارِسِيَّةٍ / ضَفائِرَ لا ضاحي القُرونَ وَلا جَعدِ
وَتُضحي وَما ضَمَّت فُضولَ ثِيابِها / إِلى كَتِفَيها بِاِئتِزارٍ وَلا عَقدِ
كَأَنَّ الخُزامى خالَطَت في ثِيابِها / جَنِيّاً مِنَ الرَيحانِ أَو قُضُبِ الرَندِ
وَساقَ النِعاجَ الخُنسَ بَيني وَبَينَها / بِرَعنِ إِشاءٍ كُلُّ ذي جُدَدٍ قَهدِ
غَدَت بِرِعالٍ في قَطاً في حُلوقِهِ / أَداوى لِطافُ الطَيِّ موثَقَةُ العَقدِ
فَلَمّا عَلا وَجهُ النَهارِ وَرَفَّعَت / بِهِ الطَيرُ أَصواتاً كَواعِيَةِ الجُندِ
وَفي ناتِقٍ كانَ اِصطِلامُ سَراتِهِم
وَفي ناتِقٍ كانَ اِصطِلامُ سَراتِهِم / لَيالِيَ أَفنى القَرحُ جُلَّ إِيادِ
نَفَوا إِخوَةً ما مِثلَهُم كانَ إِخوَةٌ / لِحَيٍّ وَلَم يَستَوحِشوا لِفَسادِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025