المجموع : 380
نسيم عبيرٍ في غلالة ماءِ
نسيم عبيرٍ في غلالة ماءِ / وتمثال نور في أديم هواءِ
حكى لؤلؤاً رطباً مُغَشّىً بجوهرٍ / مصفّىً بفرطَي رقةٍ وصفاءِ
لقد رحم الرحمنُ رقة جسمه / فجلَّله من نوره برِداء
يُرى مَلَكاً في الحسن في جبروته / فمن نور نورٍ في ضياء ضياءِ
تسربل سربالاً من الحسن وارتدى / رداءَ جمالٍ طُرِّزا ببهاءِ
تحيَّرتُ فيه لستُ أُحسِن وصفَه / على أنني من أوصف الشعراءِ
فلو أنه في عهد يوسف قُطِّعت / قلوبُ رجالٍ لا أكُفُّ نساءِ
يُدير إداراتٍ بسيفَي لحاظهِ / فيقتلنا من غير سفك دماء
وتطربُ
وتطربُ / وتترك من يهواك يبلى ويعطبُ
له مقلة مذ غبتَ لم تطعم الكرى / وقلبٌ على جمر الغَضى يتقلَّبُ
سقاني الهوى سمَّ الفراق فدواني / فعندك ترياق الوصال مجربُ
طرحتَ لقلبي قُرطُمَ الأنس والمنى / فأصبح في فَخِّ الهوى يتضرَّبُ
تقطعت الأسبابُ بي في هواكمُ / فو اللَهِ ما أدري بما أتسبَّبُ
فلا تسألنّي كيف حاليَ بعدكم / فما حال جسمٍ روحهُ عنه يُحجَبُ
فمن غاب عن عينَيهِ وجه حبيبه / فعن روحه روحُ الحياة يُغَيَّبُ
وما حال مَن ذاق النعيم وطيبَه / وأصبح من بعد النعيم يُعذَّبُ
سرورُ الهوى أحلى من العيش كلِّه / وكربُ النوى من غصَّة الموت أكربُ
دُفِعتُ إلى التنغيص من بعد لذةٍ / وأُبعدتُ عما كنت منه أُقرَّبُ
لقد كنت في رَوح الجنان منعَّماً / فأصبحتُ في نارٍ عَلَيَّ تَلَهَّبُ
وأصعب شيءٍ شقوةٌ بعد نعمةٍ / أجَل والقلى بعد التلطف أصعبُ
إذا ما دعوتُ الصبرَ لبّانيَ الهوى / فشوقي مكينٌ واصطباري مذبذب
إذا اعتلجا في القلب شوقٌ مبرِّحٌ / وصبرٌ فان الشوق لا شكَّ أغلبُ
سقى اللَه ليلاً كنتُ فيه أزورُكم / وأخرج عنكم خائفاً أترقَّبُ
هناك سرور أنت فيه مُؤمَّرٌ / وحولك من جيش اللذاذة موكبُ
فإن كنتَ قد أقصيتني ونسيتني / فأنت إلى قلبي من القرب أقربُ
فلا كانت الدنيا إذا كان عيشها / ولذتها كالثوب يبلى ويُسلَبُ
صار التغزُّل في هواه عتابا
صار التغزُّل في هواه عتابا / فهواه يمزج بالنعيم عذابا
ما ضرَّ مَن أخلصتُ في دين الهوى / لرضاه لو جعل الوفاءَ ثوابا
نقض العهودَ وحلَّ عقدَ ضمانِهِ / من بعد ما عذب الوصالُ وطابا
وأمنتُه فأتاح لي من مأمني / غدراً كذا مَن يأمن الأحبابا
فإذا أردتُ عتابَه لجنايةٍ / جعل التقطُّبَ للعتاب جوابا
خدَعُ الوساوسِ لم تزل لي حيلةً / حتى أمنتُ على الغزال كلابا
إن السلوَّ لَرَاحةٌ وصيانة / للحرِّ لو أن السلوَّ أجابا
ومن العجائب أن يُذيبَ مفاصلي / مَن لو جرى نَفسي عليه لذابا
إلفٌ يعاقبني لأني محسن / أرأيتَ إحساناً يجرُّ عقابا
جرَّبتُ أيماناً له فوجدتها / كذباً فصرتُ بصدقها مُرتابا
فَدَع التصابي للشباب فإنه / وَصمٌ على ذي الشيب أن يتصابى
وامدح رئيسَ بلاغةٍ وكتابةٍ / زانَ الولاةَ وشرَّف الكُتّابا
يا أحمد بن عَليّ الباني العلا / والمُستعدُّ لكل خطبٍ نابا
أملي إليك تطلَّعت أسبابُهُ / والجاه منك يولِّدُ الأسبابا
وإليك أبواب الرجاء تفتَّحت / فافتح لهنَّ من العناية بابا
وأثرِ رياحَ وسائلٍ لمؤمِّلٍ / فعسى يُثِرنَ من النجاح سحابا
واقصِد بأذرعك الذريعة إنها / تكسوكَ من حُسن الثناء ثيابا
واعلم يقيناً أنه لم ينتصب / لشفاعةٍ إلا الكريم نصابا
هذا النبيُّ مُكرَّماً بشفاعة / للناس إذ لا يملكُون خطابا
ولقوله صلّى عليه إلهُهُ / وكفى بما قال النبيُّ صوابا
نعم عليكم ذي الحوائج عندكم / واللهُ أوجَبَ شكرَها إيجابا
وإذا أحَبَّ اللّهُ عبداً منكم / أجرى على يدِهِ النجاحَ مثابا
وكفى بآداب المبارك قدوةً / وهُدىً لمَن يتخيَّرُ الآدابا
فافهم هديتَ وأنتَ غيرُ مفهَّمٍ / إن الصَّنائع يمتلكنَ رقابا
وإذا الخلائق في الرقاب تفاضلت / كانت فضائلهم لها أنسابا
واللَهُ عن علم أتاك مواهباً / إذ كنتَ تُحسِن تشكر الوهّابا
فبسطتَ للحاجات نفساً رحبةً / لو قُسِّمت خِطَطاً لَكُنَّ رِحابا
وخلائقاً لك عذبة لو أنها / ماءٌ لَجُرِّدَ للملوك شرابا
وقريحةً نوريَّةً لو جُسِّمت / كانت لأقراط الذكاء شهابا
ومواعداً لك ينبجسن ينابعاً / إذ وعد غيرِك يستحيل سرابا
ومكارماً تابعتَهنَّ كأنما / تقرا بهنَّ على الأنام كتابا
واللَه يعلم حيث يجعل فضلَه / وكفى بذلك للحسود جوابا
هذا مقال من فعالك يحتذى / فاسمعه لا لغواً ولا كِذّابا
يمتاز فعلُك بين أفعال الورى / تبراً ويترك ما سواه ترابا
خُذها إليك أبا الحسين عروسةً / زَفَّت إليك علا النهود شبابا
فإذا بدت من خدرها جُعلت لها / حركات أفهام الرجال نهابا
فيظن سامعُها لحُسن نظامها / أن قد نثرتُ لسامعيه سِخابا
ويظن منشدها لعذب كلامها / أن قد ترشَّف للحبيب رضابا
لا زلتَ مبسوط اليدين بنعمةٍ / وبسطوةٍ كي تُرتجَى وتهابا
أرى النفس في شغلٍ لفقد حبيبِها
أرى النفس في شغلٍ لفقد حبيبِها / فما تَتَهَنّى بالوصال وطيبِها
فيا مَن شجاني بالفراق تركتني / أُسائل عنك الريحَ عند هبوبها
سقاميَ طرّاً أنت تعرف طبَّه / وهل يعرف الأسقامَ غيرُ طبيبها
يا غريبَ الحُسن هَب لي
يا غريبَ الحُسن هَب لي / منك إحساناً غريبا
أنتَ مولايَ فكُن لي / أيها المولى حبيبا
إنَّ مَن كنتَ له أن / تَ سقاماً وطبيبا
فلقد نال من الدُّن / يا وفي الدنيا نصيبا
لا أستطيع من الضنَّى شكوى الضَّنى
لا أستطيع من الضنَّى شكوى الضَّنى / ويكاد ما بي أن يرقَّ لِما بي
لا صبر لي أنَّى عليك تصبري / والتيهُ دابُكَ والتذلُّل دابي
فخلعتُ في خلع العذول تجملي / ولبستُ ثوبَ السقم تحت ثيابي
لا تمزجوا كأسي فإن مدامعي / تكفي وتفضل عن مزاج شرابي
إذا ما استبدل الوام
إذا ما استبدل الوام / قُ بُعدَ الدار بالقربِ
ولم يبق سوى الأخبا / ر والرُّسل مع الكُتبِ
فقد رَثَّت قُوى العهدِ / كما رثَّت قوى الحُبِّ
ومَن غاب عن العَينِ / فقد غاب عن القلبِ
رأيتُ مُحبّاً يداوي حبيباً
رأيتُ مُحبّاً يداوي حبيباً / فكاد فؤادي له أن يذوبا
وشبَّهتُ شكواه في رفعه / بشكوى عليلٍ يُداوي طبيبا
أستغفرُ اللَه وأستغفر ال
أستغفرُ اللَه وأستغفر ال / محبوبَ من ذَنبَينِ في ذنبِ
إن نظرت عيني إلى غيره / بشهوةٍ هَمَّ بها قلبي
فقد عصيتُ اللَه في نظرتي / وخُنتُ من أهوى بلا عتبِ
فعائذٌ باللَه من نظرةٍ / فيها فساد الدّين والحبِّ
قالوا ولو صحَّ ما قالوا لفُزتُ به
قالوا ولو صحَّ ما قالوا لفُزتُ به / مَن لي بتصديق ما قالوا بتكذيبِ
عَليَّ واللَه فيما شيَّعوا كذبوا / ككذْبِ أولاد يعقوبٍ على الذيبِ
أستودع اللَهَ أحباباً حُسِدتُ بهم / غابوا وما زوَّدوني غير تثريبِ
بانوا ولم يقضِ زيدٌ منهمُ وطراً / ولا انقضت حاجةٌ في نفس يعقوب
أبحتُ أبا الحسين صميم ودي
أبحتُ أبا الحسين صميم ودي / فداعبني بألفاظٍ عِذابِ
رأيتُ جلوسَه عندي كعرسٍ / فجُدت له بتمسيك الثيابِ
وبغضي للمشيب أعد عندي / كُميتاً لونه لونُ الخضابِ
وإن كان التقزز منه فخراً / فلِمْ يُكنَى الوصيُّ أبا ترابِ
إذا لم نطب في ذا الزمان وطيبه
إذا لم نطب في ذا الزمان وطيبه / فليس لنا في الطيِّبات نصيبُ
على حُسن أيام الربيع وطيبها / وقد تحسن الدنيا به وتطيبُ
أجب داعيَ اللذات والورد قائم / على منبر اللذات وهو خطيبُ
فيا ورد أمتعنا بطيبٍ وبهجةٍ / فأنت لتشبيه الحبيب حبيبُ
وروِّح قلوبَ العاشقين وحبها / وهل لُقيت للعاشقين قلوبُ
أتوني بالطبيب فساءَلُوه
أتوني بالطبيب فساءَلُوه / فلم يدرِ الطبيبُ بما يجيبُ
سقاني شربةً لم تُغنِ شيئاً / سوى أن زاد في القلب اللَّهيبُ
فقلتُ له ألا دعني لدائي / وقم واذهب لشأنك يا طبيبُ
دوائي في يدَي من كان دائي / فقال وما الدَّوا قلتُ الحبيبُ
أخي لا تؤاخذني وإن كان لي ذنبُ
أخي لا تؤاخذني وإن كان لي ذنبُ / فليس على العشاق في فعلهم عتبُ
وعدتُك وعداً عاقني عنه عائق / وللناس أسباب لها يُقلَبُ القلبُ
لقد فاتني كلُّ المنى حين فاتني / مشاهدُك الحسنى ومنطقُك العذبُ
لئن كان لي خل عليك مقدَّماً / إذا ذُكِر الخلّانُ عنديَ والصحبُ
لخالفتُ توحيدي وعفت أئمتي / وملتُ الى الجِبتِ المضلل والنصبِ
ولولا التصابي كان في الحسن مذهبي / فلاحاً ولكن ليس يفلح من يصبو
تحيَّرتُ في تركِ الحبيب وترككم / ففي تركه لهو وفي ترككم ذنبُ
وقال فؤادي ليس يعذرك الإخا / على جفوةٍ إذ ليس يعذرك الحِبُّ
ولما رأيتُ القلبَ سهَّل سخطكم / ليرضى الهوى أيقنتُ أن الهوى صعبُ
ولمّا خشيت الموتَ كذبت وعدَكم / فقولوا أكان الموتُ خيراً أم الكذْبُ
ولم تتغالب شهوةٌ ومُرُوَّةٌ / فيفترقا إلا وللشهوة الغلبُ
ولم يثنني التقصير عنكم وإنما / ثنى عزمتي لما انثنى الغُصُنُ الرطبُ
لقد ذُبتُ إذ أبدى إليَّ مضاحكاً / كما ذاب شيطانٌ تقض له شهبُ
إذا زاد في التقبيل زدتُ تحشُّماً / فذاك نِهابٌ في الوصال وذا نَهبُ
ويبذل لي بشراً وأُعطيه غيره / فبعض المنى عطبٌ وبعض المنى عصبُ
ومال إلى سخف فملتُ ولم أكن / سخيفاً ولكن كلُّ شيءٍ له طبُّ
فحلت عقود إذ تحلل محكه / ودارت رحى الكذّان إذ رُكِّب القطبُ
وفزتُ بشيءٍ بين جدٍ ولعبةٍ / ويا رُبَّ جدٍ كان أوَّلَه اللّعْبُ
فلو أنني كنتُ استشرتك لم تشر / عليَّ ببُعد الإلف إذ أمكن القربُ
ولولا ارتقابي في رضاك لما اعتدت / بكشف أمورٍ كان في دوِّها حجبُ
من العذل أخشى أنَّ من كان موجعاً / له العذلُ يوماً ليس يؤلمه الضَّربُ
وقد يخلص الإخوان من بعد عثرة / كما تستهبُّ الخيل من بعد ما تكبو
وأيّ جواد لم تكن منه هفوة / وأي حسام في الأحايين لا ينبو
تراني يطيف الغدر عندي لصاحبٍ / له الكرم المأثور والخلق الرحب
فإن قلت هل يُجفَى الصديق لأمرد / فلا عجب إذ كان يعصى به الربُّ
فلا تُدْنِسَنْ أخلاقَك الغرَّ بالقلى / فحيث يكون الجور لا يحمد الخصبُ
وما الأنس إلا حيث يستطلع الرضا / وما الرعي إلا حيث يستعذب العشبُ
وما شاني الإخلاص في الود والهوى / وما الأكل من شاني هناك ولا الشربُ
ولست أُحبُّ الفضل من غير وجهه / كما لا تُحَبُّ الشمس مطلعها الغربُ
فدونك أمثالاً من الدرِّ نُظِّمت / سموطاً ولكن ما تخلَّلها ثقبُ
ستذكر قولي عند كل طريفةٍ / بذكرك للداري اذا استطرف النعبُ
أنا في وحشتي غريب بحبي
أنا في وحشتي غريب بحبي / لغزالٍ في حُسنه كالغريبِ
لي حبيب أضحى حبيباً إلى النا / س بحُسنٍ مُقلِّبٍ للقلوب
صرتُ مثل القضيب يبساً لوجدي / برشيقٍ في قدِّه كالقضيبِ
فكأنّا إذا اعتنقنا قضيبٌ / جفَّ فالتفَّ في قضيبٍ رطيبِ
أُديرُ في العائدين طرفي
أُديرُ في العائدين طرفي / عسى أرى طلعة الحبيبِ
لا تسألوا عنيَ الأطِبّا / فانني عارفٌ طبيبي
كأنكم بي يقال هذي / جنازة العاشق الغريبِ
غصصُ الفراقِ مُزِجنَ بالحسَراتِ
غصصُ الفراقِ مُزِجنَ بالحسَراتِ / وفراق مَن أهوى فراق حياتي
عجبٌ لمَن يبقى لبُعد حبيبه / أن لا يموتَ بكثرة الزفراتِ
موت البريَّة عند وقت وفاتِها / والعاشقون لهم فنونُ مماتِ
مَن لم يَذُق طَعم الصبابة والهوى / ويكون صباً عُدَّ في الأمواتِ
لمّا عفوتُ ولم أحقد على أحَدٍ
لمّا عفوتُ ولم أحقد على أحَدٍ / أرحتُ نفسيَ من هَمِّ العداواتِ
إنّي أُحَيِّي عدوّي عند رؤيتهِ / لأدفعَ الشرَّ عني بالتحياتِ
ولستُ أبغي وإن بغيٌ يكفِّفني / كفاني البغيَ جبارُ السماوات
والغل والحقد من يخلع لباسهما / فقد تلبَّس أثوابَ الدياناتِ
أُخفي جميلاً كما أُبدي ويسترني / من البليّات علّامُ الخفيّاتِ
كم تنعَّمتُ في الهوى وشقيتُ
كم تنعَّمتُ في الهوى وشقيتُ / كم وكم متُّ فيه ثم حييتُ
إن أكن ربما سخطتُ على الده / ر لذنبٍ فطال ما قد رضيتُ
نغص اللَهُ حاسداً نغص العي / شَ وقد طال للحبيب المَبيتُ
ما يريد الحسودُ منّا ولكن / كلُّ شيءٍ من المَقيت مَقيتُ
أكبرُ الآدابِ فيمن حازها
أكبرُ الآدابِ فيمن حازها / مَن إذا حُدِّث بالشيءِ نَصَتْ
رحم اللَه من العالَم مَن / حَضَرَ الناسَ بخيرٍ أو سكت