المجموع : 22
أَبا خالِدٍ يا اِنفُر فَلَستَ بِخالِدٍ
أَبا خالِدٍ يا اِنفُر فَلَستَ بِخالِدٍ / وَما جَعَلَ الرَحمنُ عُذراً لِقاعِدِ
أَتَزعُمُ أَنَّ الخارِجِيَّ عَلى الهُدى / وَأَنتَ مُقيمٌ بَينَ لِصٍّ وَجاحِدِ
لَعَمرُكَ إِنّي في الحَياةِ لَزاهِدٌ
لَعَمرُكَ إِنّي في الحَياةِ لَزاهِدٌ / وَفي العَيشِ ما لَم أَلقَ أُمَّ حَكيمِ
مِنَ الخَفَراتِ البيضِ لَم يُرَ مِثلُها / شِفاءً لِذي بَثٍّ وَلا لِسَقيمِ
لَعَمرُكَ إِنّي يَومَ دولابَ أَبصَرَت / طِعانَ فَتىً في الحَربِ غَيرَ ذَميمِ
وَلَو شَهِدَتني يَومَ دولابَ أَبصَرَت / طِعانَ فَتىً في الحَربِ غَيرَ ذَميمِ
غَداةَ طَفَت عَ الماءِ بَكرُ بنُ وائِلِ / وَأُلافَها مِن حِميرٍ وَسَليمِ
وَمالَ الحِجازِيّونَ نَحوَ بِلادِهِم / وَعُجنا صُدورَ الخَيلِ نَحوَ تَميمِ
وَكانَ لِعَبدِ القَيسِ أَوَّلُ جِدِّها / وَوَلَّت شُيوخُ الأَزدِ فَهِيَ تَعومُ
فَلَم أَرَ يَوماً كانَ أَكثَرَ مَقعَصاً / يَمُجُّ دَماً مِن فائِظٍ وَكَليمِ
وَضارِبَةٍ خَداً كَريماً عَلى فَتىً / أَغَرَّ نَجيبُ الأُمَّهاتِ كَريمِ
أُصيبَ بِدولابٍ وَلَم تَكُ مَوطِناً / لَهُ أَرضُ دولابٍ وَديرَ حَميمِ
فَلَو شَهِدَتنا يَومَ ذاكَ وَخَيلُنا / تُبيحُ مِنَ الكُفّارِ كُلَّ حَريمِ
رَأَيتُ فِتيَةً باعوا الإِلهَ نُفوسَهُم / بِجَنّاتِ عَدنٍ عِندَهُ وَنَعيمِ
إِذا قُلتُ تَسلو النَفسُ أَو تَنتَهي المُنى
إِذا قُلتُ تَسلو النَفسُ أَو تَنتَهي المُنى / أَبي القَلبُ إِلّا حُبَّ أُمِّ حَكيمِ
مُنعِمَةٌ صَفراءُ حُلوٌ دَلالُها / أَبيتُ بِها بَعدَ الهُدُوِّ أَهيمُ
قَطوفُ الخُطى مَحطوطَةُ المُتنِ زانَها / مَعَ الحُسنِ خَلقٌ في الجَمالِ عَميمُ
أَقولُ لَها وَقَد طارَت شَعاعاً
أَقولُ لَها وَقَد طارَت شَعاعاً / مِنَ الأَبطالِ وَيحَكَ لَن تُراعي
فَإِنَّكِ لَو سَأَلتِ بَقاءَ يَومٍ / عَلى الأَجَلِ الَّذي لَكِ لَم تُطاعي
فَصَبراً في مَجالِ المَوتِ صَبراً / فَما نَيلُ الخُلودِ بِمُستَطاعِ
وَلا ثَوبُ البَقاءِ بِثَوبِ عِزٍّ / فَيُطوى عَن أَخي الخَنعِ اليُراعُ
سَبيلُ المَوتِ غايَةُ كُلِّ حَيٍّ / فَداعِيَهُ لِأَهلِ الأَرضِ داعي
وَمَن لا يُعتَبَط يَسأَم وَيَهرَم / وَتُسلِمهُ المَنونُ إِلى اِنقِطاعِ
وَما لِلمَرءِ خَيرٌ في حَياةٍ / إِذا ما عُدَّ مِن سَقَطِ المَتاعِ
يا رُبَّ ظِلِّ عُقابٍ قَد وَقيتُ بِها
يا رُبَّ ظِلِّ عُقابٍ قَد وَقيتُ بِها / مُهري مِنَ الشَمسِ وَالأَبطالُ تَجتَلِدُ
وَرُبَّ يَومٍ حِمىً أَرعيتُ عِقوَتِهِ / خَيلي اِقتِصاراً وَأَطرافُ القَنا قِصَدُ
وَيَومِ لَهوٍ لِأَهلِ الخَفضِ ظَلَّ بِهِ / لَهوي اِصطِلاءَ الوَغى أَو نارِهِ تَقِدُ
مُشهِراً مَوقِفي وَالحَربُ كاشِفَةٌ / عَنها القِناعَ وَبَحرُ المَوتِ يَطَّرِدُ
وَرُبَّ هاجِرَةٍ تَغلي مَراجِلُها / مَخَرتُها بِمَطايا غارَةٍ تَخِدُ
تَجتابُ أَودِيَةَ الأَفزاعِ آمِنَةً / كَأَنَّها أُسُدٌ تَقتادُها أُسُدُ
فَإِن أَمُت حَتفَ أَنفي لا أَمُت كَمَداً / عَلى الطِعانِ وَقُصرُ العاجِزِ الكَمِدُ
وَلَم أَقُل لَم أُساقِ المَوتَ شارِبَهُ / في كَأسِهِ وَالمَنايا شُرَّعٌ وُرُدُ
إِلى كَم تَغاريني السُيوفُ وَلا أَرى
إِلى كَم تَغاريني السُيوفُ وَلا أَرى / مُغاراتِها تَدعو إِلَيَّ حِمامِيا
أُقارِعُ عَن دارِ الخُلودِ وَلا أَرى / بَقاءً عَلى حالٍ لِمَن لَيسَ باقِيا
وَلَو قَرَّبَ المَوتَ القُراعُ لَقَد أَنى / لِمَوتي أَن يَدنو لِطولِ قِراعِيا
أُغادي جِلادَ المُعلِمينَ كَأَنَّني / عَلى العَسَلِ الماذِيِّ أُصبِحُ غادِيا
وأَدعو الكُماةَ لِلنِزالِ إِذا القَنا / تَحَطَّمَ فيما بَينَنا مِن طِعانِيا
وَلَستُ أَرى نَفساً تَموتُ وَإِن دَنَت / مِنَ المَوتِ حَتّى يَبعَثَ اللَهُ داعِيا
إِذا اِستَلَبَ الخَوفُ الرِجالَ قُلوبَهُم / حَبِسنا عَلى المَوتِ النُفوسَ الغَوالِيا
حَذارَ الأَحاديثِ الَّتي لَومُ غَيِّها / عَقَدنَ بِأَعناقِ الرِجالِ المَخازِيا
لا يَركَنَن أَحَدٌ إِلى الإِحجامِ
لا يَركَنَن أَحَدٌ إِلى الإِحجامِ / يَومَ الوَغى مُتَخَوِّفاً لِحَمامِ
فَلَقَد أَراني لِلرِّماحِ دَريئَةً / مِن عَن يَميني مَرَّةً وَأَمامي
حَتّى خَضَبتُ بِما تَحَدَّرَ مِن دَمي / أَكنافَ سِرجي أَو عَنانَ لِجامي
ثُمَّ اِنصَرَفتُ وَقَد أَصَبتُ وَلَم أُصَب / جَذَعَ البَصيرَةِ قارِحَ الإِقدامِ
مُتَعَرِّضاً لِلمَوتِ أَضرِبُ مُعَلِّماً / بُهمَ الحُروبِ مُشَهَّرَ الأَعلامِ
أَدعو الكُماةَ إِلى النِزالِ وَلا أَرى / نَحرَ الكَريمِ عَلى القَنا بِحَرامِ
أَلا أَيُّها الباغي البِرازَ تَقَرَّبَن
أَلا أَيُّها الباغي البِرازَ تَقَرَّبَن / أُساقِكَ بِالمَوتِ الذُعافَ المُقَشَّبا
فَما في تَساقي المَوتِ في الحَربِ سُبَّةٌ / عَلى شارِبَيهِ فَاِسقِني مِنهُ وَاِشرَبا
يا نَفسُ لا يَلهِيَنَّكِ الأَمَلُ
يا نَفسُ لا يَلهِيَنَّكِ الأَمَلُ / فَرُبَّما أَكذَبَ المُنى الأَجَلُ
أَلَم يَأتِها أَنّي لَعِبتُ بِخالِدٍ
أَلَم يَأتِها أَنّي لَعِبتُ بِخالِدٍ / وَجاوَزتُ حَدَّ اللُعبِ لَولا المُهَلَّبُ
وَأَنا أَخَذنا مالَهُ وَسِلاحَهُ / وَسُقنا لَهُ نيرانَها تَتَلَهَّبُ
فَلَم يَبقَ مِنهُ غَيرُ مُهجَةِ نَفسِهِ / وَقَد كانَ مِنهُ المَوتُ شَبراً وَأَقرَبُ
وَلكِن مُنينا بِالمُهَلَّبِ إِنَّهُ / شَجىً قاتِلٌ في داخِلِ الحَلقِ مُنشَبُ
أَلا قُل لِبُشرَ إِن بِشَراً مُصَبَّحٌ
أَلا قُل لِبُشرَ إِن بِشَراً مُصَبَّحٌ / بِخَيلٍ كَأَمثالِ السَراحينَ شُزَّبِ
يُقَحِّمُها عَمرو القَنا وَعُبَيدَةٌ / مُفدىً خِلالَ النَقعِ بِالأُمِ وَالأَبِ
هُنالِكَ لا تَبكي عَجوزٌ عَلى اِبنِها / فَأَبشِر بِجَدعٍ لِلأُنوفِ مُوَعَّبِ
أَلَم تَرَنا وَاللَهُ بالِغُ أَمرِهِ / وَمَن غالَبَ الأَقدارَ بِالشَرِّ يُغلَبُ
رَجِعنا إِلى الأَهوازِ وَالخَيلُ عُكَّفٌ / عَلى الخَيرِ ما لَم تَرمِنا بِالمُهَلَّبِ
إِنَّ شَجانا في الوَغى المُهَلَّبُ
إِنَّ شَجانا في الوَغى المُهَلَّبُ /
ذاكَ الَّذي سِنانُهُ مُخَضَّبُ /
سُبحانُ رَبّي باعِثِ العِبادِ
سُبحانُ رَبّي باعِثِ العِبادِ /
سُبحانُ رَبّي حاكِمِ المِعادِ /
أَن يَلقَني بِحَدِّهِ المُهَلَّبُ
أَن يَلقَني بِحَدِّهِ المُهَلَّبُ /
أَصبِر وَإِلّا لَم يَضِرني المُهَرَّبُ /
شَيخٌ بِشَيخٍ ذا وَذا مُجَرَّبُ /
رِمَحاهُما كِلاهُما مُخَضَّبُ /
حَتّى مَتّى تُخطِئُني الشَهادَه
حَتّى مَتّى تُخطِئُني الشَهادَه /
وَالمَوتُ في أَعناقِنا قِلادَه /
لَيسَ الفِرارُ في الوَغى بِعادَه /
يا رَبِّ زِدني في التُقى عِبادَه /
وَفي الحَياةِ بَعدَها زَهادَه /
لَعَمري لَئِن كُنّا أُصِبنا بِنافِعٍ
لَعَمري لَئِن كُنّا أُصِبنا بِنافِعٍ / وَأَمسى اِبنُ ماحوزٍ قَتيلاً مُلحِبا
لَقَد عَظُمَت تِلكَ المُصيبَةُ فيهِما / وأَعظَمُ مِن هاتَينِ خَوفي المُهَلَّبا
رُمينا بِشَيخٍ يَفلُقُ الصَخرَ رَأيُهُ / يَراهُ رِجالٌ حَولَ رايَتِهِ أَبا
نَفاكُم عَنِ الجِسرِ المُهَلَّبُ عَنوَةً / وَعَن صَحصَحِ الأَهوازِ نَفياً مُشَذَّبا
وَأَنحى عَلَيكُم يَومَ اِربَلَ نابَهُ / وَكانَ مِنَ الأَيّامَ يَوماً عَصَبصَبا
فَلَن تَهزِموهُ بِالمُنى فَاِصِبِروا لَهُ / وَقولوا لِأَمرِ اللَهِ أَهلاً وَمَرحَبا
فَما الدينُ كَالدُنيا وَلا الطَعنُ كَالمُنى / وَلا الضُرُّ كَالسَرا وَلا اللَيثُ ثَعلَبا
لَعَمري لَئِن كانَ المَزوني فارِساً
لَعَمري لَئِن كانَ المَزوني فارِساً / لَقَد لَقِيَ القَرمُ المَزوني فارِسا
تَناوَلتُهُ بِالسَيفِ وَالخَيلُ دونَهُ / فَبادَرَني بِالجُرزِ ضَرباً مُخالِسا
فَوَلَّيتُ عَنهُ خَوفَ عَودَةِ جُرزِهِ / وَوَلّى كَما وَلَّيتُ يَخشى الدَهارِسا
كِلانا يَقولُ الناسُ فارِسُ جَمعِهِ / صَبِرتُ فَلَم أَحبِس وَلَم يَكُ حابِسا
فَدونَكُها يا اِبنَ المُهَلَّبِ ضَربَةً / جَدَعتُ بِها مِن شانِئيكَ المَعاطِسا
وَأُقسِمُ لَو أَنّي عَرَفتُكَ ما نَجا / بِكَ المُهرُ أَو تَجلو عَلَينا العَوابِسا
فَتَعلَمَ إِذ لاقَيتَني أَن شَدَّتي / تُخافُ فَسَل عَنّي الرِجالَ الأَكايِسا
يَقولوا بِلا مِنهُ المَغيرَةُ ضَربَةً / فَأَصبَحتَ مِنها لِلغَضاضَةِ لابِسا
فَقُلتُ بَلى ما مِن إِذا قيلَ مَن لَهُ / تَسَمَّ لَهُ لَم أَغضُضِ الطَرفَ ناكِسا
فَتىً لا يَزالُ الدَهرَ سُنَّةُ رُمحِهِ / إِذا قيلَ هَل مِن فارِسٍ أَن يُداعِسا
كانَ المَزوني إِذا بَدا لَهُ
كانَ المَزوني إِذا بَدا لَهُ /
أَن تَلقَحَ الحَربُ دَعا أَشبالَهُ /
ثُمَّ حَذاهُم في الوَغى نِعالَهُ /
حَتّى يَكونوا عِندَها أَمثالَهُ /
لَعَلَّ هذا طالِبٌ فِعالَهُ /
لا تَطمَعَن فيهِ فَلَن تَنالَهُ /
أَقولُ لِنَفسي حينَ طالَ حِصارُها
أَقولُ لِنَفسي حينَ طالَ حِصارُها / وَفارَقَها لِلحادِثاتِ نَصيرُها
لَكِ الخَيرُ موتي إِنَّ في الخَيرِ راحَةً / فَيَأتي عَلَيها حَينُها ما يُضيرُها
فَلَو أَنَّها تَرجو الحَياةَ عَذَرتُها / وَلكِنَّها لِلمَوتِ يُحدى بَعيرُها
وَقَد كُنتُ أوفي لِلمُهَلَّبِ صاعَهُ / وَيَشجى بِنا وَالخَيلُ تُثنى نُحورَها
إِذا ما أَتَت خَيلٌ لِخَيلٍ لَقيتُها / بِأَقرانِها أُسداً تَدانى زَئيرُها
وَلا يَبتَغي الهِندِيُّ إِلّا رُؤوسَها / وَلا يَلتَقي الخَطِيَّ إِلّا صُدورَها
فَفَرَّقَ أَمري عَبدُ رَبٍّ وصَحبُهُ / أَدارَ رَحى مَوتٍ عَلَيهِ مُديرُها
فَقُدماً رَأى مِنّا المُهَلَّبُ فُرصَةً / فَها تِلكَ أَعدائي طَويلٌ سُرورُها
وَأَعظَمُ مِن هذا عَلَيَّ مُصيبَةً / إِذا ذَكَرَتها النَفسُ طالَ زَفيرُها
فِراقُ رِجالٍ لَم يَكونوا أَذِلَّةً / وَقَتلُ رِجالٍ جاشَ مِنها ضَميرُها
لَقونِيَ بِالأَمرِ الَّذي في نُفوسِهِم / وَلا يَقتُلُ الفُجّارَ إِلّا فُجورُها
غَبَرنا زَماناً وَالشُراةُ بِغِبطَةٍ / يُسَرُّ بِها مَأمورُها وَأَميرُها
وَرُبَّ مَصاليتٍ نَشاطٍ إِلى الوَغى
وَرُبَّ مَصاليتٍ نَشاطٍ إِلى الوَغى / سِراعٍ إِلى الداعي كِرامِ المَقادِمِ
أَخَضتُهُمُ بَحرَ الحِمامِ وَخُضتُهُ / رَجاءَ الثَوابِ لا رَجاءَ المَغانِمِ
فَأُبنا وَقَد حُزنا الثَوابَ وَلَم نُرِد / سِوى ذاكَ غُنماً وَاِبتِناءِ المَكارِمِ