المجموع : 22
لَعَمري لَقَد راعَت أُمَيمَةَ طَلعَتي
لَعَمري لَقَد راعَت أُمَيمَةَ طَلعَتي / وَإِنَّ ثَوائي عِندَها لَقَليلُ
تَقولُ أَراهُ بَعدَ عُروَةَ لاهِياً / وَذلِكَ رُزءٌ لَو عَلِمتِ جَليلُ
وَلا تَحسَبي أَنّي تَناسَيتُ عَهدَهُ / وَلكِنَّ صَبري يا أُمَيمَ جَميلُ
أَلَم تَعلَمي أَن قَد تَفَرَّقَ قَبلَنا / خَليلا صَفاءٍ مالِكٌ وَعَقيلُ
أَبى الصَبرَ أَنّي لا يَزالُ يَهيجُني / مَبيتٌ لَنا فيما خَلا وَمَقيلُ
وَأَنّي إِذا ما الصُبحُ آنَستُ ضَوءَهُ / يُعاوِدُني قِطعٌ عَلَيَّ ثَقيلُ
أَرى الدَهرَ لا يَبقى عَلى حَدَثانِهِ / أَقَبُّ تُباريهِ جَدائِدُ حولُ
أَبَنَّ عِقاقاً ثُمَّ يَرمَحنَ ظَلمَهُ / إِباءً وَفيهِ صَولَةٌ وَذَميلُ
يَظَلُّ عَلى البَرزِ اليَفاعِ كَأَنَّهُ / مِنَ الغارِ وَالخَوفِ المُحِمِّ وَبيلُ
وَظَلَّ لَها يَومٌ كَأَنَّ أُوارَهُ / ذَكا النارِ مِن فَيحِ الفُروغِ طَويلُ
فَلَمّا رَأَينَ الشَمسَ صارَت كَأَنَّها / فُوَيقَ البَضيعِ في الشُعاعِ خَميلُ
فَهَيَّجَها وَاِنشامَ نَقعاً كَأَنَّهُ / إِذا لَفَّها ثُمَّ اِستَمَرَّ سَحيلُ
مُنيباً وَقَد أَمسى تَقَدَّمَ وِردَها / أُقَيدِرُ مَحموزُ القِطاعِ نَذيلُ
فَلَمّا دَنَت بَعدَ اِستِماعٍ رَهَفنَهُ / بِنَقبِ الحِجابِ وَقعُهُنَّ رَجيلُ
يُفَجّينَ بِالأَيدي عَلى ظَهرِ آجِنٍ / لَهُ عَرمَضٌ مُستَأسِدٌ وَنَجيلُ
فَلَمّا رَأى أَن لا نَجاءَ وَضَمَّهُ / إِلى المَوتِ لِصبٌ حافِظٌ وَقَفيلُ
وَكانَ هُوَ الأَدنى فَخَلَّ فُؤادَهُ / مِنَ النَبلِ مَفتوقُ الغِرارِ بَجيلُ
كَأَنَّ النَضِيَّ بَعدَ ما طاشَ مارِقاً / وَراءَ يَدَيهِ بِالخَلاءِ طَميلُ
وَلا أَمعَرُ الساقَينِ ظَلَّ كَأَنَّهُ / عَلى مُحزَئِلّاتِ الإِكامِ نَصيلُ
رَأى أَرنَباً مِن دونِها غَولُ أَشرُجٍ / بَعيدٌ عَلَيهِنَّ السَرابُ يَزولُ
فَضَمَّ جَناحَيهِ وَمِن دونِ ما يَرى / بِلادٌ وُحوشٌ أَمرُعٌ وَمُحولُ
تُوائِلُ مِنهُ بِالضَراءِ كَأَنَّها / سَفاةٌ لَها فَوقَ التُرابِ زَليلُ
يُقَرِّبُهُ النَهضُ النَجيحُ لِما يَرى / وَمِنهُ بُدُوٌّ مَرَّةً وَمُثولُ
فَأَهوى لَها في الجَوِّ فَاِختَلَّ قَلبَها / صَيودٌ لِحَبّاتِ القُلوبِ قَتولُ
فَقَدتُ بَني لُبنى فَلَمّا فَقَدتُهُم
فَقَدتُ بَني لُبنى فَلَمّا فَقَدتُهُم / صَبَرتُ وَلَم أَقطَع عَلَيهِم أَباجِلي
حِسانُ الوُجوهِ طَيِّبٌ حُجُزاتُهُم / كَريمٌ نَثاهُم غَيرُ لُفٍّ مَعازِلِ
رِماحٌ مِنَ الخَطِّيَّ زُرقٌ نِصالُها / حِدادٌ أَعاليها شِدادُ الأَسافِلِ
قَتَلتَ قَتيلاً لا يُحالِفُ غَدرَةً / وَلا سُبَّةً لا زِلتَ أَسفَلَ سافِلِ
وَقَد أَمِنوني وَاِطمَأَنَّت نُفوسُهُم / وَلَم يَعلَموا كُلَّ الَّذي هُوَ داخِلي
فَمَن كانَ يَرجو الصُلحَ مِنهُم فَإِنَّهُ / كَأَحمَرِ عادٍ أَو كُلَيبٍ لِوائِلِ
أُصيبَت هُذَيلٌ بِاِبنِ لُبنى وَجُدِّعَت / أُنوفُهُمُ بِاللَوذَعِيِّ الحُلاحِلِ
رَأَيتُ بَني العَلّاتِ لَمّا تَضافَروا / يَحوزونَ سَهمي دونَهُم بِالشَمائِلِ
فَلَهفي عَلى عَمرِو بنِ مُرَّةَ لَهفَةً / وَلَهفى عَلى مَيتٍ بِقَوسى المَعاقِلِ
لَقَد عَلِمَت أُمُّ الأُدَيبِرِ أَنَّني
لَقَد عَلِمَت أُمُّ الأُدَيبِرِ أَنَّني / أَقولُ لَها هَدّي وَلا تَذخَري لَحمي
فَإِنَّ غَداً إِن لا نَجِد بَعضَ زادِنا / نُفِىء لَكِ زادا أَو نُعَدِّكِ بِالأَزمِ
إِذا هِيَ حَنَّت لِلهَوى حَنَّ جَوفُها / كَجَوفِ البَعيرِ قَلبُها غَيرُ ذي عَزمِ
فَلا وَأَبيكِ الخَيرَ لا تَجِدينَهُ / جَميلَ الغِنى وَلا صَبوراً عَلى العُدمِ
وَلا بَطَلاً إِذا الكُماةُ تَزَيَّنوا / لَدى غَمَراتِ المَوتِ بِالحالِكِ الفَدمِ
أَبَعدَ بَلائي ضَلَّتِ البَيتَ مِن عَمىً / تُحِبُّ فِراقي أَو يَحِلُّ لَها شَتمي
وَإِنّي لَأُثوى الجوعَ حَتّى يَمَلَّني / فَيَذهَبَ لَم يَدنَس ثِيابي وَلا جِرمى
وَأَغتَبِق الماءَ القَراحَ فَأَنتَهى / إِذا الزادَ أَمسى لِلمُزَلَّجِ ذا طَعمِ
أَرُدُّ شُجاعَ البَطنِ قَد تَعلَمينَهُ / وَأوثِرُ غَيري مِن عِيالِكِ بِالطُعمِ
مَخافَةَ أَن أَحيا بِرَغمٍ وَذِلَّةٍ / وَلَلمَوتُ خَيرٌ مِن حَياةٍ عَلى رَغمِ
رَأَت رَجُلاً قَد لَوَّحَتهُ مَخامِصٌ / وَطافَت بِرَنّانِ المَعَدَّينِ ذي شَحمِ
غَذِيِّ لِقاحٍ لا يَزالُ كَأَنَّهُ / حَميتٌ بِدَبغٍ عَظمُهُ غَيرُ ذي حَجمِ
تَقولُ فَلَولا أَنتَ أُنكِحتُ سَيِّدا / أُزَفُّ إِلَيهِ حُمِلتُ عَلى قَرمِ
لَعَمري لَقَد مُلِّكتِ أَمرَكِ حِقبَةً / زَمانا فَهَلّا مِستِ في العَقمِ وَالرَقمِ
فَجاءَت كَخاصي العَيرِ لَم تَحلَ جاجَةً / وَلا عاجَةً مِنها تَلوحُ عَلى وَشمِ
أَفاطِمَ إِنّي أَسبِقُ الحَتفَ مُقبِلاً / وَأَترُكُ قِرني في المَزاحِفِ يَستَدمي
وَلَيلَةِ دَجنٍ مِن جُمادى سَرَيتُها / إِذا ما اِستَهَلَّت وَهِيَ ساجِيَةٌ تَهمي
وَشَوطٍ فِضاحٍ قَد شَهِدتُ مُشايِحاً / لِأُدرِكَ ذَحلاً أَو أُشيفَ عَلى غُنمِ
إِذا اِبتَلَّت الأَقدامُ وَالتَفَّ تَحتَها / غُثاءٌ كَأَجوازِ المُقَرَّنَةِ الدُهمِ
وَنَعلٍ كَأَشلاءِ السُمانى نَبَذتُها / خِلافَ نَدىً مِن آخِرِ اللَيلِ أَورِهمِ
إِذا لِم يُنازِع جاهِلُ القَومِ ذا النُهى / وَبَلَّدَت الأَعلامُ بِاللَيلِ كَالأُكمِ
تَراها صِغارا يَحسِرُ الطَرفُ دونَها / وَلَو كانَ طَوداً فَوقَهُ فِرَقُ العُصمِ
وَإِنّي لَأَهدي القَومَ في لَيلَةِ الدُجى / وَأَرمي إِذا ما قيلَ هَل مِن فَتىً يَرمي
وَعادِيَةٍ تُلقي الثِيابَ وَزَعتُها / كَرِجلِ الجَرادِ يَنتَحي شَرَفَ الحَزمِ
عَدَونا عَدوَةً لا شَكَّ فيها
عَدَونا عَدوَةً لا شَكَّ فيها / وَخِلناهُم ذُؤَيبَةَ أَو حَبيبا
فَنُغرى الثائِرينَ بِهِم وَقُلنا / شِفاءُ النَفسِ أَن بَعَثوا الحُروبا
كَأَنّي إِذ عَدَوا ضَمَّنتُ بَزّي / مِنَ العِقبانِ خائِتَةً طَلوبا
جَريمَةَ ناهِضٍ في رَأسِ نيقٍ / تَرى لِعِظامِ ما جَمَعَت صَليبا
رَأَت قَنَصاً عَلى فَوتٍ فَضَمَّت / إِلى حَيزومِها ريشاً رَطيبا
فَلاقَتهُ بِبلقَعَةٍ بَرازٍ / فَصادَمَ بَينَ عَينَيها الجَبوبا
مَنَعنا مِن عَدِيِّ بَني حُنَيفٍ / صِحابَ مُضَرِّسٍ وَاِبنَي شَعوبا
فَأَثنوا يا بَني شِجعٍ عَلَينا / وَحَقُّ اِبنَي شَعوبٍ أَن يُثيبا
فَسائِل سَبرَةَ الشِجعِيَّ عَنّا / غَداةَ تَخالُنا نَجواً جَنيبا
بِأَنَّ السابِقَ القِردِيَّ أَلقى / عَلَيهِ الثَوبَ إِذ وَلّى دَبيبا
وَلَولا نَحنُ أَرهَقَهُ صُهَيبٌ / حُسامَ الحَدِّ مَذروبا خَشيبا
بِهِ نَدَعُ الكَمِيَّ عَلى يَدَيهِ / يَخِرُّ تَخالُهُ نَسراً قَشيبا
غَداةَ دَعا بَني شِجعٍ وَوَلّى / يَؤُمُّ الخَطمَ لا يَدعو مُجيبا
لَعَلَّكَ نافِعي يا عُروَ يَوماً / إِذا جاوَرتُ مِن تَحتِ القُبورِ
إِذا راحوا سِوايَ وَأَسلَموني / لِخَشناءِ الحِجارَةِ كَالبَعيرِ
أَخَذتَ خُفارَتي وَضَربتَ وَجهي / فَكَيفَ تُثيبُ بِالمَنِّ الكَثيرِ
بِما يَمَّمتُهُ وَتَركتُ بِكري / بِما أُطعِمتُ مِن لَحمِ الجَزورِ
وَيَوماً قَد صَبَرتُ عَلَيكَ نَفسي / مَعَ الأَشهادِ مُرتِديَ الحَرورِ
أَواقِدُ لَم أَغرُركَ في أَمرِ واقِدٍ
أَواقِدُ لَم أَغرُركَ في أَمرِ واقِدٍ / فَهَل تَنتَهي عَنّي وَلَستَ بِجاهِلِ
أَواقِدُ لا آلوكَ إِلّا مُهَنَّداً / وَجِلدَ أَبي عِجلٍ وَثيقِ القَبائِلِ
غَذاهُ مِنَ السِرَّينِ أَو بَطنِ حَليَةٍ / فُروعُ الأَباءِ في عَميمِ السَوائِلِ
مِشَبُّ إِذا الثيرانُ صَدَّت طَريقَهُ / تَصَدَّعنَ عَنهُ دامِياتِ الشَواكِلِ
يَظَلُّ عَلى البَرزِ اليَفاعِ كَأَنَّهُ / طِرافٌ رَسَت أَوتادُهُ عِندَ نازِلِ
حَذاني بَعدَ ما خَذِمَت نِعالي
حَذاني بَعدَ ما خَذِمَت نِعالي / دُبَيَّةُ إِنَّهُ نِعمَ الخَليلُ
بِمَورِكَتَينِ مِن صَلَوَي مِشَبٍّ / مِنَ الثيرانِ عَقدُهُما جَميلُ
بِمِثلِهِما نَروحُ نُريدُ لَهواً / وَيَقضي حاجَةَ الرَجُلِ الرَجيلُ
فَنِعمَ مُعَرِّسُ الأَضيافِ تَذحى / رِحالَهُم شَآمِيَةٌ بَليلُ
يُقاتِلُ جوعَهُم بِمُكَلَّلاتٍ / مِنَ الفُرنَيِّ يَرعَبُها الجَميلُ
رَفَوني وَقالوا يا خُوَيلِدُ لا تُرَع
رَفَوني وَقالوا يا خُوَيلِدُ لا تُرَع / فَقُلتُ وَأَنكَرتُ الوُجوهَ هُمُ هُمُ
فَعَدَّيتُ شَيئاً وَالدَريسُ كَأَنَّما / يُزَعزِعُهُ وِردٌ مِنَ المومِ مُردِمُ
تَذَكُّرَ ما أَينَ المَفَرُّ وَإِنَّني / بِغَرزِ الَّذي يُنجي مِنَ المَوتِ مُعصِمُ
فَوَاللَهِ ما رَبداءَ أَو عِلجُ عانَةٍ / أَقَبُّ وَما إِن تَيسُ رَبلٍ مُصَمِّمُ
وَبُثَّت حِبالٌ في مَرادٍ يَرودُهُ / فَأَخطَأَهُ مِنها كِفافٌ مُخَزَّمُ
يَطيحُ إِذا الشَعراءَ صاتَت بِجَنبِهِ / كَما طاحَ قِدحُ المُستَفيضِ المُوَشَّمُ
كَأَنَّ المُلاءَ المَحضَ خَلفَ ذِراعِهِ / صُراحِيُّهُ وَالآخِنِيُّ المُتَحَّمُ
تَراهُ وَقَد فاتَ الرُماةَ كَأَنَّهُ / أَمامَ الكِلابِ مُصغِيَ الخَدِّ أَصلَمُ
بِأَجوَدَ مِنّي يَومَ كَفَّتُّ عادِياً / وَأَخطَأَني خَلفَ الثَنِيَّةِ أَسهُمُ
أُوائِلُ بِالشَدِّ الذَليقِ وَحَثَّني / لَدى المَتنِ مَشبوحُ الذِراعَينِ خَلجَمُ
تَذَكَّرَ ذَحلاً عِندَنا وَهُوَ فاتِكٌ / مِنَ القَومِ يَعروهُ اِجتِراءٌ وَمَأثَمُ
فَكِدتُ وَقَد خَلَّفتُ أَصحابَ فائِدٍ / لَدى حَجَرِ الشَغرى مِنَ الشَدِّ أُكلَمُ
تَقولُ اِبنَتي لَمّا رَأَتني عَشِيَّةً / سَلِمتَ وَما إِن كِدتَ بِالأَمسِ تَسلَمُ
وَلَولا دِراكُ الشَدِّ قاظَت حَليلَتي / تَخَيَّرُ مِن خُطّابِها وَهِيَ أَيِّمُ
فَتَقعُدُ أَو تَرضى مَكاني خَليفَةً / وَكادَ خِراشٌ يَومَ ذلِكَ يَيتَمُ
فَجَّعَ أَضيافي جَميلُ بنُ مَعمَرٍ
فَجَّعَ أَضيافي جَميلُ بنُ مَعمَرٍ / بِذي فَجَرٍ تَأوي إِلَيهِ الأَرامِلُ
طَويلُ نِجادِ البَزِّ لَيسَ بِجَيدَرِ / إِذا اِهتَزَّ وَاِستَرخَت عَلَيهِ الحَمائِلُ
إِلى بَيتِهِ يَأوي الغَريبُ إِذا شَتا / وَمُهتَلِكٌ بالي الدَريسَينِ عائِلُ
تَرَوَّحَ مَقروراً وَراحَت عَشِيَّةً / لَها جَدَبٌ يَحتَثُّهُ فَيُوائِلُ
تَكادُ يَداهُ تُسلِمانِ رِداءَهُ / مِنَ الجودِ لَمّا اِستَقبَلَتهُ الشَمائِلُ
فَما بالُ أَهلِ الدارِ لَم يَتَحَمَّلوا / وَقَد بانَ اللَوذَعِيُّ الحُلاحِلُ
فَوَاللَهِ لَو لاقَيتَهُ غَيرَ مُوَثَقٍ / لَآبَكَ بِالجَزعِ الضِباعِ النَواهِلُ
وَإِنَّكَ لَو واجَهتَهُ إِذ لَقيتَهُ / فَنازَلتَهُ أَو كُنتَ مِمَّن يُنازِلُ
لَظَلَّ جَميلٌ أَسوَأَ القَومِ تَلَّةً / وَلكِنَّ قِرنَ الظَهرِ لِلمَرءِ شاغِلُ
وَلَم أَنسَ أَيّاماً لَنا وَلَيالِياً / بِحَليَةَ إِذ نَلقى بِها مِن نُحاوِلُ
فَلَيسَ كَعَهدِ الدارِ يا أُمَّ مالِكٍ / وَلكِن أَحاطَت بِالرِقابُ السَلاسِلُ
وَعادَ الفَتى كَالكَهلِ لَيسَ بِقائِلٍ / سِوى العَدلِ شَيئاً فَاِستَراحَ العَواذِلُ
فَأَصبَحَ إِخوانُ الصَفاءِ كَأَنَّما / أَهالَ عَلَيهِم جانِبَ التُربِ هائِلُ
أَرِقتُ لِهَمٍّ ضافَني بَعدَ هَجعَةٍ
أَرِقتُ لِهَمٍّ ضافَني بَعدَ هَجعَةٍ / عَلى خالِدٍ فَالعَينُ دائِمَةُ السَجمِ
إِذا ذَكَرَتهُ العَينُ أَغرَقَها البُكى / وَتَشَرَقَ مِن تَهمالِها العَينُ بِالدَمِّ
فَباتَت تُراعي النَجمَ عَينٌ مَريضَةٌ / لِما عالَها وَاِعتادَها الحُزنُ بِالسُقمِ
وَما بَعدَ أَن قَد هَدَّني الدَهرُ هَدَّةً / تَضالَ لَها جِسمي وَرَقَّ لَها عَظمي
وَما قَد أَصابَ العَظمَ مِنّي مُخامِرٌ / مِنَ الداءِ داءٌ مُستَكِنٌّ عَلى كَلمِ
وَأَن قَد بَدا مِنّي لِما قَد أَصابَني / مِنَ الحُزنِ أَنّي ساهِمُ الوَجهِ ذو هَمِّ
شَديدُ الأَسى بادي الشُحوبِ كَأَنَّني / أَخو جِنَّةٍ يَعتادَهُ الخَبلُ في الجِسمِ
بِفَقدِ اِمرىءٍ لا يَجتَوي الجارُ قُربَهُ / وَلَم يَكُ يُشكى بِالقَطيعَةِ وَالظُلمِ
يَعودُ عَلى ذي الجَهلِ بِالحِلمِ وَالنُهى / وَلَم يَكُ فَحّاشاً عَلى الجارِ ذا عَذمِ
وَلَم يَكُ فَظّاً قاطِعاً لِقَرابَةٍ / وَلكِن وُصولاً لِلقَرابَةِ ذا رُحمِ
وَكُنتَ إِذا ساجَرتَ مِنهُم مُساجِراً / صَفَحتَ بِفَضلٍ في المُروءِ وَالعِلمِ
وَكُنتَ إِذا ما قُلتَ شَيئاً فَعَلتَهُ / وَفُتَّ بِذاكَ الناسَ مُجتَمِعَ الحَزمِ
فَإِن تَكُ غالَتكَ المَنايا وَصَرفُها / فَقَد عِشتَ مَحمودَ الخَلائِقِ وَالحِلمِ
كَريمَ سَجِيّاتِ الأُمورِ مُحَبَّباً / كَثيرَ فُضولِ الكَفِّ لَيسَ بِذي وَصمِ
أَشَمَّ كَنَصلِ السَيفِ يَرتاحُ لِلنَّدى / بَعيداً مِنَ الآفاتِ وَالخُلُقِ الوَخمِ
جَمَعتَ أَموراً يُنفِذُ المَرَّ بَعضُها / مِنَ الحِلمِ وَالمَعروفِ وَالحَسَبِ الضَخمِ
أَتَتهُ المَنايا وَهوَ غَضٌّ شَبابُهُ / وَما لِلمَنايا عَن حِمى النَفسِ مِن عَزمِ
وَكُلُّ اِمرىءٍ يَوماً إِلى المَوتِ صائِرُ / قَضاءً إِذا ما حانَ يُؤخَذُ بِالكَظمِ
وَما أَحَدٌ حَيٌّ تَأَخَّرَ يَومُهُ / بِأَخلَدَ مِمَّن صارَ قَبلُ إِلى الرَجمِ
سَيَأتي عَلى الباقينَ يَومٌ كَما أَتى / عَلى مَن مَضى حَتمٌ عَلَيهِ مِنَ الحَتمِ
فَلَستُ بِناسيهِ وَإِن طالَ عَهدُهُ / وَما بَعدَهُ لِلعَيشِ عِندي مِن طَعمِ
إِنَّكِ لَو أَبصَرتِ مَصرَعَ خالِدٍ
إِنَّكِ لَو أَبصَرتِ مَصرَعَ خالِدٍ / بِجَنبِ السِتارِ بَينَ أَظلَمَ فَالحَزمِ
لَأَيقَنتِ أَن البَكرَ لَيسَ رَزِيَّةً / وَلا النابَ لا اِنضَمَّت يَداكِ عَلى غُنمِ
تَذَكَّرتُ شَجواً ضافَني بَعدَ هَجعَةٍ / عَلى خالِدٍ فَالعَينُ دائِمَةُ السَجمِ
لَعَمرُ أَبي الطَيرِ المُرِبَّةِ بِالضُحى / عَلى خالِدٍ لَقَد وَقَعنَ عَلى لَحمِ
كُليهِ وَرَبّي لا تَجيئينَ مِثلَهُ / غَداةَ أَصابَتهُ المَنِيَّةُ بِالرَدمِ
فَلا وَأَبي لا تَأكُلُ الطَيرُ مِثلَهُ / طَويلَ النِجادِ غَيرَ هارٍ وَلا هَشمِ
ما لِدُبَيَّةَ مُنذُ العامِ لَم أَرَهُ
ما لِدُبَيَّةَ مُنذُ العامِ لَم أَرَهُ / وَسطَ الشُروبِ وَلَم يُلمِم وَلَم يَطِفِ
لَو كانَ حَيّاً لَغاداهُم بِمُترَعَةٍ / فيها الرَواويقُ مِن شيزى بَني الهَطِفِ
كابي الرَمادِ عَظيمُ القِدرِ جَفنَتُهُ / عِندَ الشِتاءِ كَحَوضِ المَنهَلِ اللَقِفِ
أَمسى سُقامٌ خَلاءً لا أَنيسَ بِهِ / إِلّا السِباعُ وَمَرُّ الريحُ بِالغَرَفِ
أَفي كُلِّ مَمسى لَيلَةٍ أَنا قائِلٌ
أَفي كُلِّ مَمسى لَيلَةٍ أَنا قائِلٌ / مِنَ الدَهرِ لا تَبعُد قَتيلَ جَميلِ
فَما كُنتُ أَخشى أَن تَنالَ دِماءَنا / قُرَيشٌ وَلَمّا يُقتَلوا بِقَتيلِ
وَأَبرَحُ ما أُمِّرتُمُ وَمَلَكتُمُ / يَدَ الدَهرِ ما لَم تُقتَلوا بِغَليلِ
حَمِدتُ إِلهي بَعدَ عُروَةَ إِذ نَجا
حَمِدتُ إِلهي بَعدَ عُروَةَ إِذ نَجا / خِراشٌ وَبَعضُ الشَرِّ أَهوَنُ مِن بَعضِ
فَوَاللَهِ لا أَنسى قَتيلاً رُزِئتُهُ / بِجانِبِ قَوسِيَ ما مَشيتُ عَلى الأَرضِ
بَلى إِنَّها تَعفو الكُلومُ وَإِنَّما / نُوَكَّلُ بِالأَدنى وَإِن جَلَّ ما يَمضي
وَلَم أَدرِ مِن أَلقى عَلَيهِ رِداءَهُ / وَلكِنَّهُ قَد سُلَّ مِن ماجِدٍ مَحضِ
وَلَم يَكُ مَثلوجَ الفُؤادِ مُهَبَّجاً / أَضاعَ الشَبابَ في الرَبيلَةِ وَالخَفضِ
وَلكِنَّهُ قَد نازَعَتهُ مَخامِصٌ / عَلى أَنَّهُ ذو مِرَّةٍ صادِقُ النَهضِ
كَأَنَّهُمُ يَشَّبَّثونَ بِطائِرٍ / خَفيفِ المُشاشِ عَظمُهُ غَيرُ ذي نَحضِ
يُبادِرُ قُربَ اللَيلِ فَهُوَ مُهابِذٌ / يَحُثُّ الجَناحَ بِالتَبَسُّطِ وَالقَبضِ
لَستُ لِمُرَّةَ إِن لَم أوفِ مَرقَبَةً
لَستُ لِمُرَّةَ إِن لَم أوفِ مَرقَبَةً / يَبدو لِيَ الحَرفُ مِنها وَالمَقاضيبُ
في ذاتِ رَيدٍ كَذَلَق الفَأسِ مُشرِفَةٍ / طَريقُها سَرَبٌ بِالناسِ دُعبوبُ
لَم يَبقَ مِن عَرشِها إِلّا دِعامَتُها / جِذلانِ مُنهَدِمٌ مِنها وَمَنصوبُ
بِصاحِبٍ لا تُنالُ الدَهرَ غِرَّتُهُ / إِذا اِفتَلى الهَدَفَ القِنَّ المَعازيبُ
بَعَثتُهُ بِسَوادِ اللَيلِ يَرقُبُني / إِذ آثَرَ النَومَ وَالدِفءَ المَناجيبُ
مِثلُ اِبنِ وائِلَةَ الطَرّادِ أَو رَجُلٍ / مِن آلِ مُرَّةَ كَالسِرحانِ سُرحوبُ
يَظَلُّ في رَأسِها كَأَنَّهُ زُلَمٌ / مِنَ القِداحِ بِهِ ضَرسٌ وَتَعقيبُ
سَمحٌ مِنَ القَومِ عُريانٌ أَشاجِعُهُ / خَفَّ النَواشِرُ مِنهُ وَالظَنابيبُ
كَأَنَّهُ خالِدٌ في بَعضِ مِرَّتِهِ / وَبَعضُ ما يَنحَلُ القَومُ الأَكاذيبُ
وَلا اللَهِ لا أَنسى زُهَيراً
وَلا اللَهِ لا أَنسى زُهَيراً / وَلَو كَثُرَ المَرازي وَالفُقودُ
أَبى نِسيانَهُ فَقري إِلَيهِ / وَمَشهَدُهُ إِذا اِربَدَّ الجُلودُ
وَذِمَّتُهُ إِذا قَحَمَت جُمادى / وَعاقَبَ نَوءَها خَصَرٌ شَديدُ
وَلا وَاللَهِ لا يُنجيكَ دِرعٌ / مُظاهَرَةٌ وَلا شَبحٌ وَشيدُ
وَلا يَبقى عَلى الحَدَثانِ عِلجٌ / بِكُلِّ فَلاةِ ظاهِرَةٍ يَرودُ
تَخَطّاهُ الحُتوفُ فَهوَ جَونٌ / كِنازُ اللَحمِ فائِلُهُ رَديدُ
غَدا يَرتادُ في حَجَراتِ غَيثٍ / فَصادَفَ نَوءَهُ حَتفٌ مُجيدُ
غَدا يَرتادُ بَينَ يَدَي قَنيصٍ / تُدافِعُهُ سَفَنَّجَةٌ عَنودُ
جَمومٌ نَهدَةٌ ثَبتٌ شَظاها / إِذا رُكِبَت عَلى عَجَلٍ تَصيدُ
فَأَلجَمَها فَأَرسَلَها عَلَيهِ / وَوَلّى وَهُوَ مُنتَفِدٌ بَعيدُ
كَأَنَّ المَروَ بَينَهُما إِذا ما / أَصابَ الوَعثَ مُنتَقِفاً هَبيدُ
فَأَدرَكَهُ فَأَشرَعَ في نَساهُ / سِناناً حَدُّهُ حَرِقٌ حَديدُ
فَخَرَّ عَلى الجَبينِ فَأَدرَكَتهُ / حُتوفُ الدَهرِ وَالحَينُ المُفيدُ
كَأَنَّ الغُلامَ الحَنظَلِيَّ أَجارَهُ
كَأَنَّ الغُلامَ الحَنظَلِيَّ أَجارَهُ / عُمانِيَّةٌ قَد عَمَّ مَفرِقَها القَملُ
أَباتَ عَلى مِقراكَ ثُمَّ قَتَلتَهُ / عَلى غَيرِ ذَنبٍ ذاكَ جَدَّبكَ الثُكلُ
فَهَل هُوَ إِلّا ثَوبُهُ وَسِلاحُهُ / وَما بِكُم عُريٌ إِلَيهِ وَلا عُزلُ
دَعا قَومَهُ لَمّا اِستُحِلَّ حَرامُهُ / وَمِن دونِهِم عَرضُ الأَعِقَّةِ فَالرَملُ
وَلَو سَمِعوا مِنهُم دُعاءً يَروعُهُم / إِذا لَأَتَتهُ الخَيلُ أَعيُنُها قُبلُ
شَواحِيَ يَمرِيهِنَّ بِالقَومِ وَالقَنا / فُروعُ السِياطِ وَالأَعِنَّةُ وَالرَكلُ
إِذاً لَأَتاهُ كُلُّ شاكٍ سِلاحُهُ / يُعانِشُ يَومَ البَأسِ ساعِدُهُ جَدلُ
فَلَو كانَ سَلمى جارَهُ أَو أَجارَهُ / رِياحُ بنُ سَعدٍ رَدَّهُ طائِرٌ كَهلُ
تَرى طالِبي الحاجاتِ يَغشَونَ بابَهُ / سِراعاً كَما تَهوى إِلى أُدَمى النَحلُ
أَظُنُّ وَلا أَدري وَإِنّي لَقائِلٌ
أَظُنُّ وَلا أَدري وَإِنّي لَقائِلٌ / لَعَلَّ الغُلامَ الحَنظَلِيَّ سَيُنشَدُ
إِذا جاءَ خَصمٌ كَالحِفافِ لَبوسُهُم / سَوابِغُ أَبدانٍ وَرَيطٌ مُعَضَّدُ
تُخاصِمُ قَوماً لا تَلَقّى جَوابَهُم / وَقَد أَخَذَت مِن أَنفِ لِحيَتِكَ اليَدُ
أَبلِغ عَلِيّاً أَطالَ اللَهُ ذُلَّهُمُ
أَبلِغ عَلِيّاً أَطالَ اللَهُ ذُلَّهُمُ / أَنَّ البُكَيرَ الَّذي أَسعَوا بِهِ هَمَلُ
السِلمُ سِلمٌ وَلا يَنفَكُّ ضِغثُهُمُ / أَو يَنحَرَ البَكرَ مِنّا مَرَّةً رَجُلُ
إِذا أَجاروا عَوى في بَيتِ جارِهِمُ / إِمّا حِرابٌ وَإِمّا مِثلَهُ قُتِلوا
كَم مِن عَقيدٍ وَجارٍ حَلَّ عِندَهُمُ / وَمِن مُجارٍ بِعَهدِ اللَهِ قَد قَتَلوا
لَمّا رَأَيتُ بَني نُفاثَةَ أَقبَلوا
لَمّا رَأَيتُ بَني نُفاثَةَ أَقبَلوا / يُشلَونَ كُلَّ مُقَلِّصٍ خِنّابِ
فَنَشيتُ ريحَ المَوتِ مِن تِلقائِهِم / وَكَرِهتُ كُلَّ مُهَنَّدٍ قَضّابِ
وَرَفَعتُ ساقا لا يُخافُ عِثارُها / وَطَرَحتُ عَنّي بِالعَراءِ ثِيابي
أَقبَلتُ لا يَشتَدُّ شَدّي واحِدٌ / عِلجٌ أَقَبُّ مُسَيَّرُ الأَقرابِ
اللَهُ يَعلَمُ ما تَرَكتُ مُنَبِّها / عَن طيبِ نَفسٍ فَاِسأَلوا أَصحابي
لامَت وَلَو شَهِدَت لَكانَ نَكيرُها / ماءً يَبُلُّ مَشافِرَ القَبقابِ
لَحى اللَهُ جَدّاً راضِعاً لَو أَفادَني
لَحى اللَهُ جَدّاً راضِعاً لَو أَفادَني / غَداةَ التَقى الرَجلانِ في كَفِّ ساهِكِ
فَإِن تَزعُمي أَنّي جَبُنتُ فَإِنَّني / أَفِرُّ وَأَرمي مَرَّةً كُلَّ ذلِكِ
أُقاتِلُ حَتّى لا أَرى لي مُقاتِلاً / وَأَنجو إِذا ما خِفتُ بَعضَ المَهالِكِ