القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الأَخْطَل التَّغلِبي الكل
المجموع : 198
عَفا واسِطٌ مِن آلِ رَضوى فَنَبتَلُ
عَفا واسِطٌ مِن آلِ رَضوى فَنَبتَلُ / فَمُجتَمَعُ الحُرَّينِ فَالصَبرُ أَجمَلُ
فَرابِيَةُ السَكرانِ قَفرٌ فَما بِها / لَهُم شَبَحٌ إِلّا سَلامٌ وَحَرمَلُ
صَحا القَلبُ إِلّا مِن ظَعائِنَ فاتَني / بِهِنَّ اِبنُ خَلّاسٍ طُفَيلٌ وَعَزهَلُ
كَأَنّي غَداةَ اِنصَعنَ لِلبَينِ مُسلَمٌ / بِضَربَةِ عُنقٍ أَو غَوِيٌّ مُعَذَّلُ
صَريعُ مُدامٍ يَرفَعُ الشَربُ رَأسَهُ / لِيَحيا وَقَد ماتَت عِظامٌ وَمَفصِلُ
نُهاديهِ أَحياناً وَحيناً نَجُرُّهُ / وَما كادَ إِلّا بِالحُشاشَةِ يَعقِلُ
إِذا رَفَعوا عَظماً تَحامَلَ صَدرُهُ / وَآخَرُ مِمّا نالَ مِنها مُخَبَّلُ
شَرِبتُ وَلاقاني لِحَلِّ أَلِيَّتي / قِطارٌ تَرَوّى مِن فَلَسطينَ مُثقَلُ
عَلَيهِ مِنَ المِعزى مُسوكٌ رَوِيَّةٌ / مُمَلَّأَةٌ يُعلى بِها وَتُعَدَّلُ
فَقُلتُ اِصبَحوني لا أَبا لِأَبيكُمُ / وَما وَضَعوا الأَثقالَ إِلّا لِيَفعَلوا
أَناخوا فَجَرّوا شاصِياتٍ كَأَنَّها / رِجالٌ مِنَ السودانِ لَم يَتَسَربَلوا
وَجاؤوا بِبَيسانِيَّةٍ هِيَ بَعدَما / يَعُلُّ بِها الساقي أَلَذُّ وَأَسهَلُ
تَمُرُّ بِها الأَيدي سَنيحاً وَبارِحاً / وَتوضَعُ بِاللَهُمَّ حَيِّ وَتُحمَلُ
فَتوقَفُ أَحياناً فَيَفصِلُ بَينَنا / غِناءُ مُغَنٍّ أَو شِواءٌ مُرَعبَلُ
فَلَذَّت لِمُرتاحٍ وَطابَت لِشارِبٍ / وَراجَعَني مِنها مِراحٌ وَأَخيَلُ
فَما لَبَّثَتنا نَشوَةٌ لَحِقَت بِنا / تَوابِعُها مِمّا نُعَلُّ وَنُنهَلُ
تَدِبُّ دَبيباً في العِظامِ كَأَنَّهُ / دَبيبُ نِمالٍ في نَقاً يَتَهَيَّلُ
فَقُلتُ اِقتُلوها عَنكُمُ بِمِزاجِها / وَأَطيِب بِها مَقتولَةً حينَ تُقتَلُ
رَبَت وَرَبا في حَجرِها اِبنُ مَدينَةٍ / يَظَلُّ عَلى مِسحاتِهِ يَتَرَكَّلُ
إِذا خافَ مِن نَجمٍ عَلَيها ظَماءَةً / أَدَبَّ إِلَيها جَدوَلاً يَتَسَلسَلُ
أَعاذِلَ إِلّا تُقصِري عَن مَلامَتي / أَدَعكِ وَأَعمِد لِلَّذي كُنتُ أَفعَلُ
وَأَهجُركِ هِجراناً جَميلاً وَيَنتَحي / لَنا مِن لَيالينا العَوارِمِ أَوَّلُ
فَلَمّا اِنجَلَت عَنّي صَبابَةُ عاشِقٍ / بَدا لِيَ مِن حاجاتِيَ المُتَأَمَّلُ
إِلى هاجِسٍ مِن آلِ ظَمياءَ وَالَّتي / أَتى دونَها بابٌ بِصِرّينَ مُقفَلُ
وَبَيداءَ مِمحالٍ كَأَنَّ نَعامَها / بِأَرجائِها القُصوى أَباعِرُ هُمَّلُ
تَرى لامِعاتِ الآلِ فيها كَأَنَّها / رِجالٌ تَعَرّى تارَةً وَتَسَربَلُ
وَجَوزِ فَلاةٍ ما يُغَمَّضُ رَكبُها / وَلا عَينُ هاديها مِنَ الخَوفِ تَغفُلُ
بِكُلِّ بَعيدِ الغَولِ لا يُهتَدى لَهُ / بِعِرفانِ أَعلامٍ وَما فيهِ مَنهَلُ
مَلاعِبُ جِنّانٍ كَأَنَّ تُرابَها / إِذا اِطَّرَدَت فيهِ الرِياحُ مُغَربَلُ
أَجَزتُ إِذا الحِرباءُ أَوفى كَأَنَّهُ / مُصَلٍّ يَمانٍ أَو أَسيرٌ مُكَبَّلُ
إِلى اِبنِ أَسيدٍ خالِدٍ أَرقَلَت بِنا / مَسانيفُ تَعرَوري فَلاةً تَغَوَّلُ
تَرى الثَعلَبَ الحَولِيَّ فيها كَأَنَّهُ / إِذا ما عَلا نَشزاً حِصانٌ مُجَلَّلُ
تَرى العِرمِسَ الوَجناءَ يَضرِبُ حاذَها / ضَئيلٌ كَفَرّوجِ الدَجاجَةِ مُعجَلُ
يَشُقُّ سَماحيقَ السَلا عَن جَنينِها / أَخو قَفرَةٍ بادي السَغابَةِ أَطحَلُ
فَما زالَ عَنها السَيرُ حَتّى تَواضَعَت / عَرائِكُها مِمّا تُحَلُّ وَتُرحَلُ
وَتَكليفُناها كُلَّ نازِحَةِ الصُوى / شَطونٍ تَرى حَرباءَها يَتَمَلمَلُ
وَقَد ضَمَرَت حَتّى كَأَنَّ عُيونَها / بَقايا قِلاتٍ أَو رَكِيٌّ مُمَكَّلُ
وَغارَت عُيونُ العيسِ وَاِلتَقَتِ العُرى / فَهُنَّ مِنَ الضَرّاءِ وَالجَهدِ نُحَّلُ
وَصارَت بَقاياها إِلى كُلِّ حُرَّةٍ / لَها بَعدَ إِسآدٍ مِراحٌ وَأَفكَلُ
وَقَعنَ وُقوعَ الطَيرِ فيها وَما بِها / سِوى جِرَّةٍ يَرجِعنَها مُتَعَلَّلُ
وَإِلّا مَبالٌ آجِنٌ في مُناخِها / وَمُضطَمِراتٌ كَالفَلافِلِ ذُبَّلُ
حَوامِلُ حاجاتٍ ثِقالٍ تَرُدُّها / إِلى حَسَنِ النُعمى سَواهِمُ نُسَّلُ
إِلى خالِدٍ حَتّى أَنَخنَ بِخالِدٍ / فَنِعمَ الفَتى يُرجى وَنِعمَ المُؤَمَّلُ
أَخالِدُ مَأواكُم لِمَن حَلَّ واسِعٌ / وَكَفّاكَ غَيثٌ لِلصَعاليكِ مُرسَلُ
هُوَ القائِدُ المَيمونُ وَالمُبتَغى بِهِ / ثَباتُ رَحىً كانَت قَديماً تَزَلزَلُ
أَبى عودُكَ المَعجومُ إِلّا صَلابَةً / وَكَفّاكَ إِلّا نائِلاً حينَ تُسأَلُ
أَلا أَيُّها الساعي لِيُدرِكَ خالِداً / تَناهَ وَأَقصِر بَعضَ ما أَنتَ تَفعَلُ
فَهَل أَنتَ إِن مَدَّ المَدى لَكَ خالِدٌ / مُوازِنُهُ أَو حامِلٌ ما يُحَمَّلُ
أَبى لَكَ أَن تَسطيعَهُ أَو تَنالَهُ / حَديثٌ شَآكَ القَومُ فيهِ وَأَوَّلُ
أُمَيَّةُ وَالعاصي وَإِن يَدعُ خالِدٌ / يُجِبهُ هِشامٌ لِلفَعالِ وَنَوفَلُ
أولَئِكَ عَينُ الماءِ فيهِم وَعِندَهُم / مِنَ الخيفَةِ المَنجاةُ وَالمُتَحَوَّلُ
سَقى اللَهُ أَرضاً خالِدٌ خَيرُ أَهلِها / بِمُستَفرِغٍ باتَت عَزاليهِ تَسحَلُ
إِذا طَعَنَت ريحُ الصَبا في فُروجِهِ / تَحَلَّبَ رَيّانُ الأَسافِلِ أَنجَلُ
إِذا زَعزَعَتهُ الريحُ جَرَّ ذُيولَهُ / كَما زَحَفَت عوذٌ ثِقالٌ تُطَفِّلُ
مُلِحٌّ كَأَنَّ البَرقَ في حَجَراتِهِ / مَصابيحُ أَو أَقرابُ بُلقٍ تَجَفَّلُ
فَلَمّا اِنتَحى نَحوَ اليَمامَةِ قاصِداً / دَعَتهُ الجَنوبُ فَاِنثَنى يَتَخَزَّلُ
سَقى لَعلَعاً وَالقُرنَتَينِ فَلَم يَكَد / بِأَثقالِهِ عَن لَعلَعٍ يَتَحَمَّلُ
وَغادَرَ أُكمَ الحَزنِ تَطفو كَأَنَّها / بِما اِحتَفَلَت مِنهُ رَواجِنُ قُفَّلُ
وَشَرَّقَ لِلدَهنا مُلِثٌّ كَأَنَّهُ / مُحَمَّلُ بَزٍّ ذو جَلاجِلَ مُثقَلُ
وَبِالمَعرَسانِيّات حَلَّ وَأَرزَمَت / بِرَوضِ القَطا مِنهُ مَطافِلُ حُفَّلُ
لَقَد أَوقَعَ الجَحّافُ بِالبِشرِ وَقعَةٌ / إِلى اللَهِ مِنها المُشتَكى وَالمُعَوَّلُ
فَسائِل بَني مَروانَ ما بالُ ذِمَّةٍ / وَحَبلٍ ضَعيفٍ لا يَزالُ يُوَصَّلُ
بِنَزوَةِ لِصٍّ بَعدَ ما مَرَ مُصعَبٌ / بِأَشعَثَ لا يُفلى وَلا هُوَ يُغسَلُ
أَتاكَ بِهِ الجَحّافُ ثُمَّ أَمَرتَهُ / بِجيرانِكُم وَسطَ البُيوتِ تُقَتَّلُ
لَقَد كانَ لِلجيرانِ ما لَو دَعَوتُمُ / بِهِ عاقِلَ الأَروى أَتَتكُم تَنَزَّلُ
فَإِلّا تُغَيِّرها قُرَيشٌ بِمُلكِها / يَكُن عَن قُرَيشٍ مُستَمازٌ وَمَزحَلُ
وَنَعرُر أُناساً عَرَّةً يَكرَهونَها / وَنَحيا كِراماً أَو نَموتَ فَنُقتَلُ
وَإِن تَحمِلوا عَنهُم فَما مِن حَمالَةٍ / وَإِن ثَقُلَت إِلّا دَمُ القَومِ أَثقَلُ
وَإِن تَعرِضوا فيها لَنا الحَقَّ لا نَكُن / عَنِ الحَقِّ عُمياناً بَلِ الحَقَّ نَسأَلُ
وَقَد نَنزِلُ الثَغرَ المَخوفَ وَيُتَّقى / بِنا البَأسُ وَاليَومُ الأَغَرُّ المُحَجَّلُ
لَعَمري لَقَد أَسرَيتُ لا لَيلَ عاجِزٍ
لَعَمري لَقَد أَسرَيتُ لا لَيلَ عاجِزٍ / بِساهِمَةِ العَينَينِ طاوِيَةِ القُربِ
جُمالِيَّةٍ لا يُدرِكُ العيسُ رَفعَها / إِذا كُنَّ بِالرُكبانِ كَالقِيَمِ النُكبِ
مُعارِضَةٍ خوصاً حَراجيجَ شَمَّرَت / بِنُجعَةِ مَلكٍ لا ضَئيلٍ وَلا جَأبِ
كَأَنَّ رِحالَ المَيسِ حينَ تَزَعزَعَت / عَلى قَطَواتٍ مِن قَطا عالِجٍ حُقبِ
أَجَدَّت لِوِردٍ مِن أُباغَ وَشَفَّها / هَواجِرُ أَيّامٍ وَقَدنَ لَها شُهبِ
إِذا حَمَلَت ماءَ الصَرائِمِ قَلَّصَت / رَوايا لِأَطفالٍ بِمَعمِيَّةٍ زُغبُ
تَوائِمَ أَشباهٍ بِأَرضٍ مَريضَةٍ / يَلُذنَ بِخِذرافِ المِتانِ وَبِالعِربِ
إِذا صَخِبَ الحادي عَلَيهِنَّ بَرَّزَت / بَعيدَةُ ما بَينَ المَشافِرِ وَالعَجبِ
فَكَم جاوَزَت بَحراً وَلَيلاً يَخُضنَهُ / إِلَيكَ أَميرَ المُؤمِنينَ وَمِن سَهبِ
عَوادِلَ عوجاً عَن أُناسٍ كَأَنَّما / تَرى بِهِمِ جَمعَ الصَقالِبَةِ الصُهبِ
يُعارِضنَ بَطنَ الصَحصَحانِ وَقَد بَدَت / بُيوتٌ بِوادٍ مِن نُمَيرٍ وَمِن كَلبِ
وَيا مَنَّ عَن نَجدِ العُقابِ وَياسَرَت / بِنا العيسُ عَن عَذراءَ دارِ بَني الشَجبِ
يَحِدنَ بِنا عَن كُلِّ شَيءٍ كَأَنَّنا / أَخاريسُ عَيّوا بِالسَلامِ وَبِالنَسبِ
إِذا طَلَعَ العَيّوقُ وَالنَجمُ أَولَجَت / سَوالِفَها بَينَ السِماكَينِ وَالقَلبِ
إِلَيكَ أَميرَ المُؤمِنينَ رَحَلتُها / عَلى الطائِرِ المَيمونِ وَالمَنزِلِ الرَحبِ
إِلى مُؤمِنٍ تَجلو صَفيحَةُ وَجهِهِ / بَلابِلَ تَغشى مِن هُمومٍ وَمِن كَربِ
مُناخِ ذَوي الحاجاتِ يَستَمطِرونَهُ / عَطاءَ كَريمٍ مِن أُسارى وَمِن نَهبِ
تَرى الحَلَقَ الماذِيَّ تَجري فُضولُهُ / عَلى مُستَخِفٍّ بِالنَوائِبِ وَالحَربِ
أَخوها إِذا شالَت عَضوضاً سَما لَها / عَلى كُلِّ حالٍ مِن ذَلولٍ وَمِن صَعبِ
إِمامٌ سَما بِالخَيلِ حَتّى تَقَلقَلَت / قَلائِدُ في أَعناقِ مُعمَلَةٍ حُدبِ
شَواخِصُ بِالأَبصارِ مِن كُلِّ مُقرَبٍ / أُعِدَّ لِهَيجا أَو مُواقَفَةِ الرَكبِ
سِواهِمَ قَد عاوَدنَ كُلَّ عَظيمَةٍ / مُجَلَّلَةَ الشَطِّيِّ طَيِّبَةَ الكَسبِ
يُعانِدنَ عَن صُلبِ الطَريقِ مِنَ الوَجى / وَهُنَّ عَلى العِلّاتِ يَردينَ كَالنُكبِ
إِذا كَلَّفوهُنَّ التَنائِيَ لَم يَزَل / غُرابٌ عَلى عَوجاءَ مِنهُنَّ أَو سَقبِ
وَفي كُلِّ عامٍ مِنكَ لِلرومِ غَزوَةٌ / بَعيدَةُ آثارِ السَنابِكِ وَالسَربِ
يُطَرِّحنَ بِالدَربِ السِخالِ كَأَنَّما / يُشَقِّقنَ بِالأَسلاءِ أَردِيَةَ العَصبِ
بَناتُ غُرابٍ لَم تُكَمَّل شُهورُها / تَقَلقَلنَ مِن طولِ المَفاوِزِ وَالجَذبِ
وَإِنَّ لَها يَومَينِ يَومَ إِقامَةٍ / وَيَوماً تَشَكّى القَضَّ مِن حَذَرِ الدَربِ
غَموسُ الدُجى تَنشَقُّ عَن مُتَضَرِّمٍ / طَلوبِ الأَعادي لا سَؤومٍ وَلا وَجبِ
عَلى اِبنِ أَبي العاصي قُرَيشٌ تَعَطَّفَت / لَهُ صُلبُها لَيسَ الوَشائِظُ كَالصُلبِ
وَقَد جَعَلَ اللَهُ الخِلافَةَ فيكُمُ / لِأَبيَضَ لا عاري الخِوانِ وَلا جَدبِ
عَتَبتُم عَلَينا قَيسَ عَيلانَ كُلُّكُم / وَأَيُّ عَدُوٍّ لَم نُبِتهُ عَلى عَتبِ
لَقَد عَلِمَت تِلكَ القَبائِلُ أَنَّنا / مَصاليتُ جَذّامونَ آخِيَّةَ الشَغبِ
فَإِن تَكُ حَربُ اِبنَي نِزارٍ تَواضَعَت / فَقَد عَذَرَتنا مِن كِلابٍ وَمِن كَعبِ
وَفي الحُقبِ مِن أَفناءِ قَيسٍ كَأَنَّهُم / بِمُنعَرَجِ الثَرثارِ خُشبٌ عَلى خُشبِ
وَهُنَ أَذَقنَ المَوتَ جَزءَ بنَ ظالِمٍ / بِماضِيَةٍ بَينَ الشَراسيفِ وَالقُصبِ
وَظَلَّت بَنو الصَمعاءِ تَأوي فُلولُهُم / إِلى كُلِّ دَسماءِ الذِراعَينِ وَالعَقبِ
وَقَد كانَ يَوما راهِطٍ مِن ضَلالِكُم / فَناءً لِأَقوامٍ وَخَطباً مِنَ الخَطبِ
تُسامونَ أَهلَ الحَقِّ بِاِبنَي مُحارِبٍ / وَرَكبِ بَني العَجلانِ حَسبُكَ مِن رَكبِ
قُرومَ أَبي العاصي غَداةَ تَخَمَّطَت / دِمَشقُ بِأَشباهِ المُهَنَّأَةِ الجُربِ
يَقودونَ مَوجاً مِن أُمَيَّةَ لَم يَرِث / دِيارَ سُلَيمٍ بِالحِجازِ وَلا الهَضبِ
مُلوكٌ وَأَحكامٌ وَأَصحابُ نَجدَةٍ / إِذا شوغِبوا كانوا عَلَيها أُلي شَغبِ
أَهَلّوا مِنَ الشَهرِ الحَرامِ فَأَصبَحوا / مَوالِيَ مُلكٍ لا طَريفٍ وَلا غَصبِ
تَذودُ القَنا وَالخَيلُ تُثنى عَلَيهِمِ / وَهُنَّ بِأَيدي المُستَميتينَ كَالشُهبِ
وَلَم تَرَ عَيني مِثلَ مُلكٍ رَأَيتُهُ / أَتاكَ بِلا طَعنِ الرِماحِ وَلا الضَربِ
وَبِالسودِ أَستاهاً فَوارِسِ مُسلِمٍ / غَداةَ يَرُدُّ المَوتَ ذو النَفسِ بِالكَربِ
وَلَكِن رَآكَ اللَهُ مَوضِعَ حَقِّهِ / عَلى رَغمِ أَعداءٍ وَصَدّادَةٍ كُذبِ
لَحى اللَهُ صِرماً مِن كُلَيبٍ كَأَنَّهُم / جِداءُ حِجازٍ لاجِئاتٌ إِلى زَربِ
أُكارِعُ لَيسَوا بِالعَريضِ مَحَلُّهُم / وَلا بِالحُماةِ الذائِدينَ عَنِ السَربِ
بَني الكَلبِ لَولا أَنَّ أَولادَ دارِمٍ / تُذَبِّبُ عَنكُم في الهَزاهِزِ وَالحَربِ
إِذاً لَاِتَّقَيتُم مالِكاً بِضَريبَةٍ / كَذَلِكَ يُعطيها الذَليلُ عَلى العَصبِ
وَإِنَّ الَّتي أَدَّت جَريراً بِزَفرَةٍ / لَخائِنَةُ العَينَينِ صائِبَةُ القَلبِ
وَما يَفرَحُ الأَضيافُ أَن يَنزِلوا بِها / إِذا كانَ أَعلى الطَلحِ كَالرَمَكِ الشُهبِ
يَقولونَ ذَبِّب يا جَريرُ وَراءَنا / وَلَيسَ جَريرٌ بِالمُحامي وَلا الصُلبِ
بانَت سُعادُ فَفي العَينَينِ مَلمولُ
بانَت سُعادُ فَفي العَينَينِ مَلمولُ / مِن حُبِّها وَصَحيحُ الجِسمِ مَخبولُ
فَالقَلبُ مِن حُبِّها يَعتادُهُ سَقَمٌ / إِذا تَذَكَّرتُها وَالجِسمُ مَسلولُ
وَإِن تَناسَيتُها أَو قُلتُ قَد شَحَطَت / عادَت نَواشِطُ مِنها فَهوَ مَكبولُ
مَرفوعَةٌ عَن عُيونِ الناسِ في غُرَفٍ / لا يَطمَعُ الشُمطُ فيها وَالتَنابيلُ
يُخالِطُ القَلبَ بَعدَ النَومِ لَذَّتُها / إِذَ تَنَبَّهَ وَاِعتَلَّ المَتافيلُ
يُروي العِطاشَ لَها عَذبٌ مُقَبَّلُهُ / في جيدِ آدَمَ زانَتهُ التَهاويلُ
حَليٌ يَشُبُّ بَياضَ النَحرِ واقِدُهُ / كَما تُصَوَّرُ في الدَيرِ التَماثيلُ
أَو كَالعَسيبِ نَماهُ جَدوَلٌ غَدِقٌ / وَكَنَّهُ وَهَجَ القَيظِ الأَظاليلُ
غَرّاءُ فَرعاءُ مَصقولٌ عَوارِضُها / كَأَنَّها أَحوَرُ العَينَينِ مَكحولُ
أَخرَقَهُ وَهوَ في أَكنافِ سِدرَتِهِ / يَومٌ تُضَرِّمُهُ الجَوزاءُ مَشمولُ
فَسَلِّها بِأَمونِ اللَيلِ ناجِيَةٍ / فيها هِبابٌ إِذا كَلَّ المَراسيلُ
قَنواءَ نَضّاخَةِ الذِفرى مُفَرَّجَةٍ / مِرفَقُها عَن ضُلوعِ الزَورِ مَفتولُ
تَسمو كَأَنَّ شَراراً بَينَ أَذرُعِها / مِن ناسِفِ المَروِ مَرضوحٌ وَمَنجولُ
كَأَنَّها واضِحُ الأَقرابِ في لِقَحٍ / أَسمى بِهِنَّ وَعِزَّتهُ الأَناصيلُ
تَذَكَّرَ الشِربَ إِذ هاجَت مَراتِعُهُ / وَذو الأَشاءِ طَريقُ الماءِ مَشغولُ
فَظَلَّ مُرتَبِئاً عَطشانَ في أَمرٍ / كَأَنَّ ما مَسَّ مِنهُ الشَمسُ مَملولُ
يَقسِمُ أَمراً أَبَطنَ الغَيلِ يورِدُها / أَم بَحرَ عانَةَ إِذ نَشفَ البَراغيلُ
فَأَجمَعَ الأَمرَ أُصلاً ثُمَّ أَورَدَها / وَلَيسَ ماءٌ بِشُربِ البَحرِ مَعدولُ
فَهاجَهُنَّ عَلى الأَهواءِ مُنحَدِرٌ / وَقعُ قَوائِمِهِ في الأَرضِ تَحليلُ
قارِحُ عامَينِ قَد طارَت نَسيلَتُهُ / سُنبُكُهُ مِن رُضاضِ المَروِ مَفلولُ
يَحدو خِماصاً كَأَعطالِ القَسِيِّ لَهُ / مِن وَقعِهِنَّ إِذا عاقَبنَ تَخبيلُ
أَورَدَها مَنهَلاً زُرقاً شَرائِعُهُ / وَقَد تَعَطَّشَتِ الجِحشانُ وَالحولُ
يَشرَبنَ مِن بارِدٍ عَذبٍ وَأَعيُنُها / مِن حَيثُ تَخشى وَوارى الرامِيَ الغيلُ
نالَت قَليلاً وَخاضَت ثُمَّ أَفزَعَها / مُرَمَّلٌ مِن دِماءِ الوَحشِ مَعلولُ
فَاِنصَعنَ كَالطَيرِ يَحدوهُنَّ ذو زَجَلٍ / كَأَنَّهُ في تَواليهِنَّ مَشكولُ
مُستَقبِلٌ وَهَجَ الجَوزاءِ يَهجِمُها / سَحَّ الشَآبيبِ شَدٌّ فيهِ تَعجيلُ
إِذا بَدَت عَورَةٌ مِنها أَضَرَّ بِها / بادي الكَراديسِ خاظي اللَحمِ زُغلولُ
يَتبَعُهُ مِثلُ هُدّابِ المُلاءِ لَهُ / مِنها أَعاصيرُ مَقطوعٌ وَمَوصولُ
يا أَيُّها الراكِبُ المُزجي مَطِيَّتَهُ / أَسرِع فَإِنَّكَ إِن أُدرِكتَ مَقتولُ
لا يَخدَعَنَّكَ كَلبِيٌّ بِذِمَّتِهِ / إِنَّ القُضاعِيَّ إِن جاوَزتَهُ غولُ
كَم قَد هَجَمنا عَلَيهِم مِن مُسَوَّمَةٍ / شُعثٍ فَوارِسُها البيضُ البَهاليلُ
نَسبي النِساءَ فَما تَنفَكُّ مُردَفَةً / قَد أَنهَجَت عَن مَعاريها السَرابيلُ
رَأَيتُ قُرَيشاً حينَ مَيَّزَ بَينَها
رَأَيتُ قُرَيشاً حينَ مَيَّزَ بَينَها / تَباحُثُ أَضغانٍ وَطَعنُ أُمورِ
عَلَتها بُحورٌ مِن أُمَيَّةَ تَرتَقي / ذُرا هَضبَةٍ ما فَرعُها بِقَصيرِ
أَخالِدُ ما بَوّابُكُم بِمُلَعَّنٍ / وَلا كَلبُكُم لِلمُعتَفي بِعَقورِ
أَخالِدُ إِيّاكُم يَرى الضَيفُ أَهلَهُ / إِذا هَرَّتِ الضيفانُ كُلَّ ضَجورِ
يَرَونَ قِرىً سَهلاً وَداراً رَحيبَةً / وَمُنطَلَقاً في وَجهِ غَيرِ بَسورِ
أَخالِدُ أَعلى الناسِ بَيتاً وَمَوضِعاً / أَغِثنا بِسَيبٍ مِن نَداكَ غَزيرِ
إِذا ما اِعتَراهُ المُعتَفونَ تَحَلَّبَت / يَداهُ بِرَيّانِ الغَمامِ مَطيرِ
وَلَو سُئِلَت عَنّي أُمَيَّةُ أَخبَرَت / لَها بِأَخٍ حامي الذِمارِ نَصورِ
إِذا اِنقَشَعَت عَنّي ضَبابَةُ مَعشَرٍ / لَبِستُ لِأُخرى مَحمَلي وَزُروري
وَزارٍ عَلى النابينَ في الحَربِ لَو بِهِ / أَضَرَّت لَهَرَّ الحَربَ أَيَّ هَريرِ
وَلَيسَ أَخوها بِالسَؤومِ وَلا الَّذي / إِذا زَبَنَتهُ كانَ غَيرَ صَبورِ
أَمَعشَرَ قَيسٍ لَم يُمَتَّع أَخوكُمُ / عُمَيرٌ بِأَكفانٍ وَلا بِطَهورِ
تَدُلُّ عَلَيهِ الضَبعَ ريحٌ تَضَوَّعَت / بِلا نَفحِ كافورٍ وَلا بِعَبيرِ
وَقَتلى بَني رِعلٍ كَأَنَّ بُطونَها / عَلى جَلهَةِ الوادي بُطونُ حَميرِ
وَإِن تَسأَلونا بِالحَريشِ فَإِنَّنا / مُنينا بِنوكٍ مِنهُمُ وَفُجورِ
غَداةَ تَحامَتنا الحَريشُ كَأَنَّها / كِلابٌ بَدَت أَنيابُها لِهَريرِ
وَجاؤوا بِجَمعٍ ناصِرٍ أُمَّ هَيثَمٍ / فَما رَجَعوا مِن ذَودِها بِبَعيرِ
إِذا ذَكَرَت أَنيابَها أُمُّ هَيثَمٍ / رَغَت جَيأَلٌ مَخطومَةٌ بِضَفيرِ
أَلا أَيُّهَذا المَوعِدي وَسطَ وائِلٍ / أَلَستَ تَرى زاري وَعِزَّ نَصيري
وَغَمرَةَ مَوتٍ لَم تَكُن لِتَخوضَها / وَلَيسَ اِختِلاسي وَسطَهُم بِيَسيرِ
هُمُ فَتَكوا بِالمُصعَبَينِ كِلَيهِما / وَهُم سَيَّروا عَيلانَ شَرَّ مَسيرِ
وَناطوا مِنَ الكَذّابِ كَفّاً صَغيرَةً / وَلَيسَ عَلَيهِم قَتلُهُ بِكَبيرِ
وَأَحمَوا بِلاداً لَم تَكُن لِتَحُلَّها / هَوازِنُ إِلّا عُوَّذاً بِأَميرِ
وَذادَ تَميماً وَالَّذينَ يَلونَهُم / بِها كُلُّ ذَيّالِ الإِزارِ فَخورِ
أَتاني وَدوني الزابِيانِ كِلاهُما
أَتاني وَدوني الزابِيانِ كِلاهُما / وَدِجلَةُ أَنباءٌ أَمَرُّ مِنَ الصَبرِ
أَتاني بِأَنَّ اِبنَي نِزارٍ تَناحَبا / وَتَغلِبُ أَولى بِالوَفاءِ وَبِالغَدرِ
عَفا مِن آلِ فاطِمَةَ الثُرَيّا
عَفا مِن آلِ فاطِمَةَ الثُرَيّا / فَمَجرى السَهبِ فَالرِجَلِ البِراقِ
فَأَصبَحَ نازِحاً عَنهُ نَواها / تَقَطَّعُ دونَها القُلُصُ المَناقي
وَكانَت حينَ تَعتَلُّ التَفالي / تُعاطي بارِداً عَذبَ المَذاقِ
عَلَيها مِن سُموطِ الدُرِّ عِقدٌ / يَزينُ الوَجهَ في سَنَنِ العِقاقِ
عَداني أَن أَزورَكُمُ هُمومٌ / نَأَتني عَنكُمُ فَمَتى التَلاقي
أَلا مَن مُبلِغٌ قَيساً رَسولاً / فَكَيفَ وَجَدتُمُ طَعمَ الشِقاقِ
أَصَبنا نِسوَةً مِنكُم جِهاراً / بِلا مَهرٍ يُعَدُّ وَلا سِياقِ
تَظَلُّ جِيادُنا مُتَمَطِّراتٍ / مَعَ الخَبَبِ المُعادِلِ وَالمِشاقِ
فَإِن يَكُ كَوكَبُ الصَمعاءِ نَحساً / بِهِ وُلِدَت وَبِالقَمَرِ المُحاقِ
فَقَد أَحيا سَفاهُ بَني سُلَيمٍ / دَفينَ الشَرِّ وَالدِمَنِ البَواقي
مَلَأنا جانِبَ الثَرثارِ مِنهُم / وَجَهَّزنا أُمَيمَةَ لِاِنطِلاقِ
ضَرَبناهُم عَلى المَكروهِ حَتّى / حَدَرناهُم إِلى حَدَثِ الرِقاقِ
وَلاقى اِبنُ الحُبابِ لَنا حُمَيّاً / كَفَتهُ كُلَّ حازِيَةٍ وَراقي
فَأَضحى رَأسُهُ بِبِلادِ عَكٍّ / وَسائِرُ خَلقِهِ بِجَبى بُراقِ
تَعودُ ثَعالِبُ الحَشّاكِ مِنهُ / خَبيثاً ريحُهُ بادي العُراقِ
وَإِلّا تَذهَبِ الأَيّامُ نَرفِد / جَميلَةَ مِثلَها قَبلَ الفِراقِ
بِأَرضٍ يَعرِفونَ بِها الشَمَرذى / نُطاعِنُهُم بِفِتيانٍ عِتاقِ
وَشيبٍ يُسرِعونَ إِلى المُنادي / بِكَأسِ المَوتِ إِذ كُرِهَ التَساقي
وَنِعمَ أَخو الكَريهَةِ حينَ يُلقى / إِذا نَزَتِ النُفوسُ إِلى التَراقي
تَعوذُ نِسائُهُم بِاِبنَي دُخانٍ / وَلَولا ذاكَ أُبنَ مَعَ الرِفاقِ
فَلا تَستَرسِلوا لِرَجاءِ سِلمٍ / فَإِنَّ الحَربَ شامِذَةُ النِطاقِ
قَليلاً كَي وَلا حَتّى تَرَوها / مُشَمِّرَةً عَلى قَدَمٍ وَساقِ
فَلا تَبكوا رَجاءَ بَني تَميمٍ / فَما لَكُمُ وَلا لَهُمُ تَلاقي
وَأَمّا المُنتِنانِ اِبنا دُخانٍ / فَقَد نُقِحا كَتَنقيحِ العُراقِ
أَصَنّا يَحمِيانِ ذِمارَ قَيسٍ / فَلَم يَقِ آنُفَ العَبدَينِ واقي
وَمَن يَشهَد جَوارِحَ يَمتَريها / يُلاقِ المَوتَ بِالبيضِ الرِقاقِ
أَقفَرَتِ البُلخُ مِن عَيلانَ فَالرُحَبُ
أَقفَرَتِ البُلخُ مِن عَيلانَ فَالرُحَبُ / فَالمَحلَبِيّاتُ فَالخابورُ فَالشُعَبُ
فَأَصبَحوا لا يُرى إِلّا مَنازِلُهُم / كَأَنَّهُم مِن بَقايا أُمَّةٍ ذَهَبوا
فَاللَهُ لَم يَرضَ عَن آلِ الزُبَيرِ وَلا / عَن قَيسِ عَيلانَ طالَما خَرَبوا
يُعاظِمونَ أَبا العاصي وَهُم نَفَرٌ / في هامَةٍ مِن قُرَيشٍ دونَها شَذَبُ
بيضٌ مَصاليتُ أَبناءُ المُلوكِ فَلَن / يُدرِكَ ما قَدَّموا عُجمٌ وَلا عَرَبُ
إِن يَحلُموا عَنكَ فَالأَحلامُ شيمَتُهُم / وَالمَوتُ ساعَةَ يَحمى مِنهُمُ الغَضَبُ
كَأَنَّهُم عِندَ ذاكُم لَيسَ بَينَهُمُ / وَبَينَ مَن حارَبوا قُربى وَلا نَسَبُ
كانوا مَوالِيَ حَقٍّ يَطلُبونَ بِهِ / فَأَدرَكوهُ وَما مَلّوا وَلا لَغِبوا
إِن تَكُ لِلحَقِّ أَسبابٌ يُمَدُّ بِها / فَفي أَكُفِّهِمِ الأَرسانُ وَالسَبَبُ
هُمُ سَعَوا بِاِبنِ عَفّانَ الإِمامِ وَهُم / بَعدَ الشِماسِ مَرَوها ثُمَّتَ اِحتَلَبوا
حَرباً أَصابَ بَني العَوّامِ خانِبُها / بُعداً لِمَن أَكَلَتهُ النارُ وَالحَطَبُ
حَتّى تَناهَت إِلى مِصرٍ جَماجِمُهُم / تَعدو بِها البُردُ مَنصوباً بِها الخَشَبُ
إِذا أَتَيتَ أَبا مَروانَ تَسأَلُهُ / وَجَدتَهُ حاضِراهُ الجودُ وَالحَسَبُ
تَرى إِلَيهِ رِفاقَ الناسِ سابِلَةً / مِن كُلِّ أَوبٍ عَلى أَبوابِهِ عُصَبُ
يَحتَضِرونَ سِجالاً مِن فَواضِلِهِ / وَالخَيرُ مُحتَضَرُ الأَبوابِ مُنتَهَبُ
وَالمُطعِمُ الكومَ لا يَنفَكُّ يَعقِرُها / إِذا تَلاقى رِواقُ البَيتِ وَاللَهَبُ
كَأَنَّ حيرانَها في كُلِّ مَنزِلَةٍ / قَتلى مُجَرَّدَةُ الأَوصالِ تُستَلَبُ
لا يَبلُغُ الناسُ أَقصى وادِيَيهِ وَلا / يُعطي جَوادٌ كَما يُعطي وَلا يَهَبُ
بانَ الشَبابُ وَرُبَّما عَلَّلتُهُ
بانَ الشَبابُ وَرُبَّما عَلَّلتُهُ / بِالغانِياتِ وَبِالشَرابِ الأَصهَبِ
وَلَقَد شَرِبتُ الخَمرَ في حانوتِها / وَلَعِبتُ بِالقَيناتِ عَفَّ المَلعَبِ
وَلَقَد أُوَكَّلُ بِالمُدَجَّجِ تُتَّقى / بِالسَيفِ عُرَّتُهُ كَعُرَّةِ أَجرَبِ
يَسعى إِلَيَّ بِبَزَّهِ وَسِلاحِهِ / يَمشي بِشِكَّتِهِ كَمَشيِ الأَنكَبِ
وَلَقَد غَدَوتُ عَلى التِجارِ بِمِسمَحٍ / هَرَّت عَواظِلُهُ هَريرَ الأَكلُبِ
لَذٌّ تُقَبَّلَهُ النَعيمُ كَأَنَّما / مُسِحَت تَرائِبُهُ بِماءٍ مُذهَبِ
لَبّاسُ أَردِيَةِ المُلوكِ يَروقُهُ / مِن كُلِّ مُرتَقَبٍ عُيونُ الرَبرَبِ
يَنظُرنَ مِن خَلَلِ السُتورِ إِذا بَدا / نَظَرَ الهِجانِ إِلى الفَنيقِ المُصعَبِ
خَضلُ الكِئاسِ إِذا تَنَشّى لَم تَكُن / خُلُفاً مَواعِدُهُ كَبَرقِ الخُلَّبِ
وَإِذا تُعُوِّرَتِ الزُجاجَةُ لَم يَكُن / عِندَ الشَرابِ بِفاحِشٍ مُتَقَطِّبِ
إِنَّ السُيوفَ غُدُوَّها وَرَواحَها / تَرَكَت هَوازِنَ مِثلَ قَرنِ الأَعضَبِ
وَتَرَكنَ عَمَّكَ مِن غَنِيٍّ مُمسِكاً / بازاءِ مُنخَرِقٍ كَجُحرِ الثَعلَبِ
وَتَرَكنَ فَلَّ بَني سُلَيمٍ تابِعاً / لِبَني ضَبينَةَ كَاِتِّباعِ التَولَبِ
أَلقوا البِرينَ بَني سُلَيمٍ إِنَّها / شانَت وَإِنَّ حَزازَها لَم يَذهَبِ
وَلَقَد عَلِمتُ بِأَنَّها إِذ عُلِّقَت / سِمَةُ الذَليلِ بِكُلِّ أَنفٍ مُغضَبِ
وَالخَيلُ تَعدو بِالكُماةِ كَأَنَّها / أُسدُ الغَياطِلِ مِن فَوارِسِ تَغلِبِ
بانَت سُعادُ فَفي العَينَينِ تَسهيدُ
بانَت سُعادُ فَفي العَينَينِ تَسهيدُ / وَاِستَحقَبَت لُبَّهُ فَالقَلبُ مَعمودُ
وَقَد تَكونُ سُلَيمى غَيرَ ذي خُلُفٍ / فَاليَومَ أَخلَفَ مِن سَلمى المَواعيدُ
لَمعاً وَإيماضَ بَرقٍ ما يَصوبُ لَنا / وَلَو بَدا مِن سُلَيمى النَحرُ وَالجيدُ
إِمّا تَريني حَناني الشيبُ مِن كِبَرٍ / كَالنَسرِ أَرجُفُ وَالإِنسانُ مَهدودُ
وَقَد يَكونُ الصِبا مِنّي بِمَنزِلَةٍ / يَوماً وَتَقتادُني الهيفُ الرَعاديدُ
يا قَلَّ خَيرُ الغَواني كَيفَ رُغنَ بِهِ / فَشِربُهُ وَشَلٌ فيهِنَّ تَصريدُ
أَعرَضنَ مِن شَمَطٍ في الرَأسِ لاحَ بِهِ / فَهُنَّ مِنّي إِذا أَبصَرنَني حيدُ
قَد كُنَّ يَعهَدنَ مِنّي مَضحَكاً حَسَناً / وَمَفرِقاً حَسَرَت عَنهُ العَناقيدُ
فَهُنَّ يَشدونَ مِنّي بَعضَ مَعرِفَةٍ / وَهُنَّ بِالوُدِّ لا بُخلٌ وَلا جودُ
قَد كانَ عَهدي جَديداً فَاِستُبِدَّ بِهِ / وَالعَهدُ مُتَّبَعٌ ما فيهِ مَنشودُ
يَقُلنَ لا أَنتَ بَعلٌ يُستَقادُ لَهُ / وَلا الشَبابُ الَّذي قَد فاتَ مَردودُ
هَلِ الشَبابُ الَّذي قَد فاتَ مَردودُ / أَم هَل دَواءٌ يَرُدُّ الشَيبَ مَوجودُ
لَن يَرجِعَ الشيبُ شُبّاناً وَلَن يَجِدوا / عِدلَ الشَبابِ لَهُم ما أَورَقَ العودُ
إِنَّ الشَبابَ لَمَحمودٌ بَشاشَتُهُ / وَالشَيبُ مُنصَرَفٌ عَنهُ وَمَصدودُ
أَما يَزيدُ فَإِنّي لَستُ ناسِيَهُ / حَتّى يُغَيِّبَني في الرَمسِ مَلحودُ
جَزاكَ رَبُّكَ عَن مُستَفرِدٍ وَحَدٍ / نَفاهُ عَن أَهلِهِ جُرمٌ وَتَشريدُ
مُستَشرَفٍ قَد رَماهُ الناسُ كُلُّهُمُ / كَأَنَّهُ مِن سُمومِ الصَيفِ سَفّودُ
جَزاءَ يوسُفَ إِحساناً وَمَغفِرَةٍ / أَو مِثلَما جُزِيَ هارونٌ وَداوُودُ
أَو مِثلَ ما نالَ نوحٌ في سَفينَتِهِ / إِذِ اِستَجابَ لِنوحٍ وَهوَ مَنجودُ
أَعطاهُ مِن لَذَّةِ الدُنيا وَأَسكَنَهُ / في جَنَّةٍ نَعمَةٌ مِنها وَتَخليدُ
فَما يَزالُ جَدا نُعماكَ يَمطُرُني / وَإِن نَأَيتُ وَسَيبٌ مِنكَ مَرفودُ
هَل تُبلِغَنّي يَزيداً ذاتُ مَعجَمَةٍ / كَأَنَّها صَخرَةٌ صَمّاءُ صَيخودُ
مِنَ اللَواتي إِذا لانَت عَريكَتُها / كانَ لَها بَعدَهُ آلٌ وَمَجلودُ
تَهدي سَواهِمَ يَطويها العَنيقُ بِنا / فَالعيسُ مُنعَلَةٌ أَقرابُها سودُ
تَلفَحُهُنَّ حَرورٌ كُلَّ هاجِرَةٍ / فَكُلُّها نَقِبُ الأَخفافِ مَجهودُ
كَأَنَّها قارِبٌ أَقرى حَلائِلَهُ / ذاتَ السَلاسِلِ حَتّى أَيبَسَ العودُ
ثُمَّ تَرَبَّعَ أُبلِيّاً وَقَد حَمِيَت / مِنهُ الدَكادِكُ وَالأُكمُ القَراديدُ
فَظَلَّ مُرتَبِئاً وَالأُخذُ قَد حَمِيَت / وَظَنَّ أَنَّ سَبيلَ الأُخذِ مَثمودُ
ثُمَّ اِستَمَرَّ يُجاريهِنَّ لا ضَرَعٌ / مُهرٌ وَلا ثَلِبٌ أَفناهُ تَعويدُ
طاوي المِعى لاحَهُ التَعداءُ صَيفَتَهُ / كَأَنَّما هُوَ في آثارِها سيدُ
ضَخمُ المِلاطَينِ مَوّارُ الضُحى هَزِجٌ / كَأَنَّ زُبرَتَهُ في الآلِ عُنقودُ
يَنضِحنَهُ بِصِلابٍ ما تُؤَيِّسُهُ / قَد كانَ في نَحرِهِ مِنهُنَّ تَفصيدُ
فَهُنَّ يَنبونَ عَن جَأبِ الأَديمِ كَما / تَنبو عَنِ البَقَرِيّاتِ الجَلاميدُ
إِذا اِنصَما حَنِقاً حاذَرنَ شَدَّتَهُ / فَهُنَّ مِن خَوفِهِ شَتّى عَباديدُ
يَنصَبُّ في بَطنِ أُبلِيٍّ وَيَبحَثُهُ / في كُلِّ مُنبَطَحٍ مِنهُ أَخاديدُ
إِذا أَرادَ سِوى أَطهارِها اِمتَنَعَت / مِنهُ سَراعيفُ أَمثالُ القَنا قودُ
يَصيفُ عَنهُنَّ أَحياناً بِمَنخِرِهِ / فَبِاللَبانِ وَبِاللِيتَينِ تَكديدُ
يَنضِحنَ بِالبَولِ أَولاداً مُغَرَّقَةً / لَم تَفتَحِ القُفلَ عَنهُنَّ الأَقاليدُ
بَناتِ شَهرَينِ لَم يَنبُت لَها وَبَرٌ / مِثلَ اليَرابيعِ حُمرٌ هُنَّ أَو سودُ
مِثلَ الدَعاميصِ في الأَرحامِ غائِرَةً / سُدَّ الخَصاصُ عَلَيها فَهوَ مَسدودُ
تَموتُ طَوراً وَتَحيا في أَسِرَّتِها / كَما تَفَلَّتُ في الرُبطِ المَراويدُ
كَأَنَّ تَعشيرَهُ فيها وَقَد وَرَدَت / عَينَي فَصيلٍ قُبَيلَ الصُبحِ تَغريدُ
ظَلَّ الرُماةُ قُعوداً في مَراصِدِهِم / لِلصَيدِ كُلَّ صَباحٍ عِندَهُم عيدُ
مِثلَ الذِئابِ إِذا ما أَوجَسوا قَنَصاً / كانَت لَهُم سَكتَةٌ مُصغٍ وَمَبلودُ
بِكُلِّ زَوراءَ مِرنانٍ أُعِدَّ لَها / مُداخَلٌ صَحِلٌ بِالكَفِّ مَمدودُ
عَلى الشَرائِعِ ما تَنمي رَمِيَّتُهُم / لَهُم شِواءٌ إِذا شاؤوا وَتَقديدُ
كَذَبَتكَ عَينُكَ أَم رَأَيتَ بِواسِطٍ
كَذَبَتكَ عَينُكَ أَم رَأَيتَ بِواسِطٍ / غَلَسَ الظَلامِ مِنَ الرَبابِ خَيالا
وَتَعَرَّضَت لَكَ بِالأَبالِخِ بَعدَ ما / قَطَعَت بِأَبرَقَ خُلَّةً وَوِصالا
وَتَغَوَّلَت لِتَروعَنا جِنِّيَّةٌ / وَالغانِياتُ يُرينَكَ الأَهوالا
يَمدُدنَ مِن هَفَواتِهِنَّ إِلى الصِبا / سَبَباً يَصِدنَ بِهِ الغُواةُ طُوالا
ما إِن رَأَيتُ كَمَكرِهِنَّ إِذا جَرى / فينا وَلا كَحِبالِهِنَّ حِبالا
المُهدِياتُ لِمَن هَوَينَ مَسَبَّةً / وَالمُحسِناتُ لِمَن قَلَينَ مَقالا
يَرعَينَ عَهدَكَ ما رَأَينَكَ شاهِداً / وَإِذا مَذِلتَ يَصِرنَ عَنكَ مِذالا
وَإِذا وَعَدنَكَ نائِلاً أَخلَفنَهُ / وَوَجَدتَ عِندَ عِداتِهِنَّ مِطالا
وَإِذا دَعَونَكَ عَمَّهُنَّ فَإِنَّهُ / نَسَبٌ يَزيدُكَ عِندَهُنَّ خَبالا
وَإِذا وَزَنتَ حُلومَهُنَّ إِلى الصِبا / رَجَحَ الصِبا بِحُلومِهِنَّ فَمالا
أَهِيَ الصَريمَةُ مِنكَ أُمَّ مُحَلِّمٍ / أَم ذا الدَلالُ فَطالَ ذاكِ دَلالا
وَلَقَد عَلِمتِ إِذا العِشارُ تَرَوَّحَت / هَدَجَ الرِئالِ تَكُبُّهُنَّ شَمالا
تَرمي العِضاةَ بِحاصِبٍ مِن ثَلجِها / حَتّى يَبيتَ عَلى العِضاهِ جُفالا
أَنّا نُعَجِّلُ بِالعَبيطِ لِضَيفِنا / قَبلَ العِيالِ وَنَقتُلُ الأَبطالا
أَبَني كُلَيبٍ إِنَّ عَمَّيَّ اللَذا / قَتَلا المُلوكَ وَفَكَّكا الأَغلالا
وَأَخوهُما السَفّاحُ ظَمَّأَ خَيلَهُ / حَتّى وَرَدنَ جِبى الكِلابِ نِهالا
يَخرُجنَ مِن ثَغرِ الكُلابِ عَلَيهِمِ / خَبَبَ السِباعِ تَبادَرُ الأَوشالا
مِن كُلِّ مُجتَنَبٍ شَديدٍ أَسرُهُ / سَلِسِ القِيادِ تَخالُهُ مُختالا
وَمُمَرَّةٍ أَثَرُ السِلاحِ بِنَحرِها / فَكَأَنَّ فَوقَ لَبانِها جِريالا
قُبَّ البُطونِ قَدِ اِنطَوَينَ مِنَ السُرى / وَطِرادِهِنَّ إِذا لَقَينَ قِتالا
مُلحَ المُتونِ كَأَنَّما أَلبَستَها / بِالماءِ إِذ يَبِسَ النَضيحُ جِلالا
وَلَقَلَّما يُصبِحنَ إِلّا شُزَّباً / يَركَبنَ مِن عَرَضِ الحَوادِثِ حالا
فَطَحَنَّ حائِرَةَ المُلوكِ بِكَلكَلٍ / حَتّى اِحتَذَينَ مِنَ الدِماءِ نِعالا
وَأَبَرنَ قَومَكَ ياجَريرُ وَغَيرَهُم / وَأَبَرنَ مِن حَلَقِ الرِبابِ حِلالا
وَلَقَد دَخَلنَ عَلى شَقيقٍ بَيتَهُ / وَلَقَد رَأَينَ بِساقِ نَضرَةَ خالا
وَبَنو غُدانَةَ شاخِصٌ أَبصارُهُم / يَسعَونَ تَحتَ بُطونِهِنَّ رِجالا
يَنقُلنَهُم نَقلَ الكِلابِ جِرائَها / حَتّى وَرَدنَ عُراعِراً وَأُثالا
خُزرَ العُيونِ إِلى رِياحٍ بَعدَما / جَعَلَت لِضَبَّةَ بِالرِماحِ ظِلالا
وَما تَرَكنَ مِنَ الغَواضِرِ مُعصِراً / إِلّا قَصَمنَ بِساقِها خَلخالا
وَلَقَد سَما لَكُمُ الهُذَيلُ فَنالَكُم / بِإِرابَ حَيثُ يُقَسِّمُ الأَنفالا
في فَيلَقٍ يَدعو الأَراقِمَ لَم تَكُن / فُرسانُهُ عُزلاً وَلا أَكفالا
بِالخَيلِ ساهِمَةَ الوُجوهِ كَأَنَّما / خالَطنَ مِن عَمَلِ الوَجيفِ سُلالا
وَلَقَد عَطَفنَ عَلى فَزارَةَ عَطفَةً / كَرَّ المَنيحِ وَجُلنَ ثُمَّ مَجالا
فَسَقَينَ مِن عادَينَ كَأساً مُرَّةً / وَأَزَلنَ جَدَّ بَني الحُبابِ فَزالا
يَغشَينَ جيفَةَ كاهِلٍ عَرَّينَها / وَاِبنَ المُهَزَّمِ قَد تَرَكنَ مُذالا
فَقَتَلنَ مَن حَمَلَ السِلاحَ وَغَيرَهُم / وَتَرَكنَ فَلَّهُمُ عَلَيكَ عِيالا
وَلَقَد بَكى الجَحّافُ مِمّا أَوقَعَت / بِالشَرعَبِيَّةِ إِذ رَأى الأَطفالا
وَلَقَد جَشِمتَ جَريرُ أَمراً عاجِزاً / وَأَرَيتَ عَورَةَ أُمِّكَ الجُهّالا
وَإِذا سَما لِلمَجدِ فَرعا وائِلٍ / وَاِستَجمَعَ الوادي عَلَيكَ فَسالا
كُنتَ القَذى في مَوجِ أَكدَرَ مُزبِدٍ / قَذَفَ الأَتِيُّ بِهِ فَضَلَّ ضَلالا
وَلَقَد وَطِئنَ عَلى المَشاعِرِ مِن مِنىً / حَتّى قَذَفنَ عَلى الجِبالِ جِبالا
فَاِنعَق بِضَأنِكَ يا جَريرُ فَإِنَّما / مَنَّتكَ نَفسُكَ في الخَلاءِ ضَلالا
مَنَّتكَ نَفسُكَ أَن تُسامِيَ دارِماً / أَو أَن تُوازِنَ حاجِباً وَعِقالا
وَإِذا وَضَعتَ أَباكَ في ميزانِهِم / قَفَزَت حَديدَتُهُ إِلَيكَ فَشالا
إِنَّ العَرارَة وَالنُبوحَ لِدارِمٍ / وَالمُستَخِفُّ أَخوهُمُ الأَثقالا
المانِعينَ الماءَ حَتّى يَشرَبوا / عِفَواتِهِ وَيُقَسِّموهُ سِجالا
وَاِبنُ المَراغَةِ حابِسٌ أَعيارَهُ / قَذفَ الغَريبَةِ ما يَذُقنَ بِلالا
لَقَد جارَيتَ يا اِبنَ أَبي جَريرٍ
لَقَد جارَيتَ يا اِبنَ أَبي جَريرٍ / عَذوماً لَيسَ يُنظِرُكَ المِطالا
نَصَبتَ إِلَيَّ نَبلَكَ مِن بَعيدٍ / فَلَيسَ أَوانَ تَدَّخِرُ النِصالا
فَلا وَأَبيكَ ما يَسطيعُ قَومٌ / إِذا لَم يَأخُذوا مِنّا حِبالا
عَرارَتَنا وَإِن كَثُروا وَعَزّوا / وَلا يَثنونَ أَيدِيَنا الطِوالا
وَما اليَربوعُ مُحتَضِناً يَدَيهِ / بِمُغنٍ عَن بَني الخَطَفى قِبالا
نَسُدُّ القاصِعاءَ عَلَيهِ حَتّى / يُنَفِّقَ أَو يَموتَ بِها هُزالا
فَلا تَدخُل بُيوتَ بَني كُلَيبٍ / وَلا تَقرَب لَهُم أَبَداً رِحالا
تَرى فيها اللَوامِعَ مُبرِقاتٍ / يَكَدنَ يَنِكنَ بِالحَدَقِ الرِجالا
قَصيراتِ الخُطا عَن كُلِّ خَيرٍ / إِلى السَوآتِ مُسمِحَةً رِعالا
لِمَنِ الدِيارُ بِحائِلٍ فَوُعالِ
لِمَنِ الدِيارُ بِحائِلٍ فَوُعالِ / دَرَسَت وَغَيَّرَها سُنونَ خَوالي
دَرَجَ البَوارِحُ فَوقَها فَتَنَكَّرَت / بَعدَ الأَنيسِ مَعارِفُ الأَطلالِ
فَكَأَنَّما هِيَ مِن تُقادُمِ عَهدَها / وَرَقٌ نُشِرنَ مِنَ الكِتابِ بَوالي
دِمَنٌ تُذَعذِعُها الرِياحُ وَتارَةً / تُسقى بِمُرتَجِزِ السَحابِ ثَقالِ
باتَت يَمانِيَةُ الرِياحِ تَقودُهُ / حَتّى اِستَقادَ لَها بِغَيرِ حِبالِ
في مُظلِمٍ غَدِقِ الرَبابِ كَأَنَّما / يَسقي الأَشَقَّ وَعالِجاً بِدَوالي
وَعَلى زُبالَةَ باتَ مِنهُ كَلكَلٌ / وَعَلى الكَثيبِ وَقُلَّةِ الأَدحالِ
وَعَلا البَسيطَةَ فَالشَقيقُ بِرَيِّقٍ / فَالضَوجَ بَينَ رُوَيَّةٍ فَطِحالِ
دارٌ تَبَدَّلَتِ النَعامَ بِأَهلِها / وَصِوارَ كُلِّ مُلَمَّعٍ ذَيّالِ
أُدمٌ مُخَدَّمَةُ السَوادِ كَأَنَّها / خَيلٌ هَوامِلُ بِتنَ في الأَجلالِ
تَرعى بَحازِجُها خِلالَ رِياضِها / وَتَميسُ بَينَ سَباسِبٍ وَرِمالِ
وَلَقَد تَكونُ بِها الرَبابُ لَذيذَةً / بِفَمِ الضَجيعِ ثَقيلَةَ الأَوصالِ
يَجري ذَكِيُّ المِسكِ في أَردانِها / وَتَصيدُ بَعدَ تَقَتُّلٍ وَدَلالِ
قَلبَ الغَوِيِّ إِذا تَنَبَّهَ بَعدَ ما / تَعتَلُّ كُلُّ مُذالَةٍ مِتفالِ
عِشنا بِذَلِكَ حِقبَةً مِن عَيشِنا / وَثَرىً مِنَ الشَهَواتِ وَالأَموالِ
وَلَقَد أَكونُ لَهُنَّ صاحِبَ لَذَّةٍ / حَتّى تَغَيَّرَ حالُهُنَّ وَحالي
فَتَنَكَّرَت لَمّا عَلَتني كَبرَةٌ / عِندَ المَشيبِ وَآذَنَت بِزِيالِ
لَمّا رَأَت بَدَلَ الشَبابِ بَكَت لَهُ / وَالشَيبُ أَرذَلُ هَذِهِ الأَبدالِ
وَالناسُ هَمُّهُمُ الحَياةُ وَما أَرى / طولَ الحَياةِ يَزيدُ غَيرَ خَبالِ
وَإِذا اِفتَقَرتَ إِلى الذَخائِرِ لَم تَجِد / ذُخراً يَكونُ كَصالِحِ الأَعمالِ
وَلَئِن نَجَوتُ مِنَ الحَوادِثِ سالِماً / وَالنَفسُ مُشرِفَةٌ عَلى الآجالِ
لَأُغَلغِلَنَّ إِلى كَريمٍ مِدحَةً / وَلَأُثنِيَنَّ بِنائِلٍ وَفَعالِ
إِنَّ اِبنَ رِبعِيٍّ كَفاني سَيبُهُ / ضِغنَ العَدُوِّ وَنَبوَةَ البُخّالِ
أَغلَيتَ حينَ تَواكَلَتني وائِلٌ / إِنَّ المَكارِمَ عِندَ ذاكَ غَوالي
وَلَقَد شَفَيتَ غَليلَتي مِن مَعشَرٍ / نَزَلوا بِعَقوَةِ حَيَّةٍ قَتّالِ
بَعُدَت قُعورُ دِلائِهِم فَرَأَيتُهُم / عِندَ الحَمالَةِ مُغلَقي الأَقفالِ
وَلَقَد مَنَنتَ عَلى رَبيعَةَ كُلِّها / وَكَفَيتَ كُلَّ مُواكِلٍ خَذّالِ
كَزمِ اليَدَينِ عَنِ العَطِيَّةِ مُمسِكٍ / لَيسَت تَبِضُّ صَفاتُهُ بِبِلالِ
مِثلِ اِبنِ بَزعَةَ أَو كَآخَرَ مِثلِهِ / أَولى لَكَ اِبنَ مُسيمَةِ الأَجمالِ
إِنَّ اللَئيمَ إِذا سَأَلتَ بَهَرتَهُ / وَتَرى الكَريمَ يراحُ كَالمُختالِ
وَإِذا عَدَلتَ بِهِ رِجالاً لَم تَجِد / فَيضَ الفُراتِ كَراشِحِ الأَوشالِ
وَإِذا تَبَوَّعَ لِلحَمالَةِ لَم يَكُن / عَنها بِمُنبَهِرٍ وَلا سَعّالِ
وَإِذا أَتى بابَ الأَميرِ لِحاجَةٍ / سَمَتِ العُيونُ إِلى أَغَرَّ طُوالِ
ضَخمٍ سُرادِقُهُ يُعارِضُ سَيبُهُ / نَفَحاتِ كُلِّ صَبا وَكُلِّ شَمالِ
وَإِذا المِؤونَ تُؤوكِلَت أَعناقُها / فَاِحمِل هُناكَ عَلى فَتىً حَمّالِ
لَيسَت عَطِيَّتُهُ إِذا ما جِئتَهُ / نَزراً وَلَيسَ سِجالُهُ كَسِجالِ
فَهُوَ الجَوادُ لِمَن تَعَرَّضَ سَيبَهُ / وَاِبنُ الجَوادِ وَحامِلُ الأَثقالِ
وَمُسَوِّمٍ خِرَقُ الحُتوفِ تَقودُهُ / لِلطَعنِ يَومَ كَريهَةٍ وَقِتالِ
أَقصَدتَ قائِدَها بِعامِلِ صَعدَةٍ / وَنَزَلتَ عِندَ تَواكُلِ الأَبطالِ
وَالخَيلُ عابِسَةٌ كَأَنَّ فُروجَها / وَنُحورَها يَنضَحنَ بِالجِريالِ
وَالقَومُ تَختَلِفُ الأَسِنَّةُ بَينَهُم / يَكبونَ بَينَ سَوافِلٍ وَعَوالِ
وَلَقَد تَرُدُّ الخَيلَ عَن أَهوائِها / وَتَلُفُّ حَدَّ رِجالِها بِرِجالِ
وَمُوَقَّعٍ أَثَرُ السِفارِ بِخَطمِهِ / مِن سودِ عَقَّةَ أَو بَني الجَوّالِ
يَمري الجَلاجِلَ مَنكِباهُ كَأَنَّهُ / قُرقورُ أَعجَمَ مِن تِجارِ أُوالِ
بَكَرَت عَلَيَّ بِهِ التِجارُ وَفَوقَهُ / أَحمالُ طَيِّبَةِ الرِياحِ حَلالِ
فَوَضَعتُ غَيرَ غَبيطِهِ أَثقالَهُ / بِسِباءِ لا حَصِرٍ وَلا وَغّالِ
وَلَقَد شَرِبتُ الخَمرَ في حانوتِها / وَشَرِبتُها بِأَريضَةٍ مِحلالِ
وَلَقَد رَهَنتُ يَدي المَنِيَّةَ مُعلِماً / وَحَمَلتُ عِندَ تَواكُلِ الحُمّالِ
فَلَأَجعَلَنَّ بَني كُلَيبٍ شُهرَةً / بِعَوارِمٍ ذَهَبَت مَعَ القُفّالِ
كُلَّ المَكارِمِ قَد بَلَغتُ وَأَنتُمُ / زَمَعَ الكِلابِ مُعانِقو الأَطفالِ
وَكَأَنَّما نَسِيَت كُلَيبٌ عَيرَها / بَينَ الصَريحِ وَبَينَ ذي العُقّالِ
يَمشونَ حَولَ مُخَدَّمٍ قَد سَحَّجَت / مَتَنَيهِ عَدلُ حَناتِمٍ وَسِخالِ
وَإِذا أَتَيتَ بَني كُلَيبٍ لَم تَجِد / عَدَداً يُهابُ وَلا كَبيرَ نَوالِ
العادِلينَ بِدارِمٍ يَربوعَهُم / جَدعاً جَريرُ لِأَلأَمِ الأَعدالِ
وَإِذ وَرَدتَ جَريرُ فَاِحبِس صاغِراً / إِنَّ البُكورَ لِحاجِبٍ وَعِقالِ
هَل تَعرِفُ اليَومَ مِن ماوِيَّةَ الطَلَلا
هَل تَعرِفُ اليَومَ مِن ماوِيَّةَ الطَلَلا / تَحَمَّلَت إِنسُهُ عَنهُ وَما اِحتَمَلا
بِبَطنِ خَينَفَ مِن أُمِّ الوَليدِ وَقَد / تامَت فُؤادَكَ أَو كانَت لَهُ خَبَلا
جَرَّت عَلَيهِ رِياحُ الصَيفِ حاصِبَها / حَتّى تَغَيَّرَ بَعدَ الأُنسِ أَو خَمَلا
فَما بِهِ غَيرُ موشِيٍّ أُكارِعُهُ / إِذا أَحَسَّ بِشَخصٍ نابِئٍ مَثَلا
يَرعى بِخَينَفَ أَحياناً وَتُضمِرُهُ / أَرضٌ خَلاءٌ وَماءٌ سائِلٌ غَلَلا
شَهرَي جُمادى فَلَمّا كانَ في رَجَبٍ / أَتَمَّتِ الأَرضُ مِمّا حُمِّلَت حَبَلا
كَأَنَّ عَطّارَةً باتَت تَطيفُ بِهِ / حَتّى تَسَربَلَ ماءَ الوَرسِ وَاِنتَعَلا
مِن خَضبِ نورِ خُزامى قَد أَطاعَ لَهُ / أَصابَ بِالقَفرِ مِن وَسمِيِّهِ خَضَلا
فَهوَ يَقَرُّ بِها عَيناً لِمَرتَعِهِ / وَالقَلبُ مُستَشعِرٌ مِن خيفَةٍ وَجَلا
حَتّى إِذا اللَيلُ كَفَّ الطَرفَ أَلبَسَهُ / غَيثٌ إِذا ما مَرَتهُ ريحُهُ سَحَلا
داني الرَبابِ إِذا اِرتَجَّت حَوامِلُهُ / بِالماءِ سَدَّ فُروجَ الأَرضِ وَاِحتَفَلا
فَباتَ مُكتَلِئاً لِلبَرقِ يَرقُبُهُ / كَلَيلَةِ الوَصبِ ما أَغفى وَما غَفَلا
فَباتَ في حِقفِ أَرطاةٍ يَلوذُ بِها / إِذا أَحَسَّ بِسَيلٍ تَحتَهُ اِنتَقَلا
كَأَنَّهُ ساجِدٌ مِن نَضخِ ديمَتِهِ / مُسَبِّحٌ قامَ بَعضَ اللَيلِ فَاِبتَهَلا
يَنفي التُرابَ بِرَوقَيهِ وَكَلكَلِهِ / كَما اِستَمازَ رَئيسُ المِقنَبِ النَفَلا
كَأَنَّما القَطرُ مَرجانٌ يُساقِطُهُ / إِذا عَلا الرَوقَ وَالمَتنَينِ وَالكَفَلا
حَتّى إِذا الشَمسُ وافَتهُ بِمَطلَعِها / صَبَّحَهُ ضامِرٌ غَرثانُ قَد نَحَلا
طاوٍ أَزَلُّ كَسِرحانِ الفَلاةِ إِذا / لَم تُؤنِسِ الوَحشُ مِنهُ نَبأَةً خَتَلا
يُشلي سَلوقِيَّةً غُضفاً إِذا اِندَفَعَت / خافَت جَديلَةَ في الآثارِ أَو ثُعَلا
مُكَلَّبينَ إِذا اِصطادوا كَأَنَّهُمُ / يَسقونَها بِدِماءِ الأُبَّدِ العَسَلا
فَاِنصاعَ كَالكَوكَبِ الدُرِيِّ جَرَّدَهُ / غَيثٌ تَقَشَّعَ عَنهُ طالَما هَطَلا
حَتّى إِذا قُلتُ نالَتهُ سَوابِقُها / كَرَّ عَلَيها وَقَد أَمهَلنَهُ مَهَلا
فَظَلَّ يَطعُنُها شَزراً بِمِغوَلِهِ / إِذا أَصابَ بِرَوقٍ ضارِياً قَتَلا
كَأَنَّهُنَّ وَقَد سُربِلنَ مِن عَلَقٍ / يَغشَينَ موقَدَ نارٍ تَقذِفُ الشُعَلا
إِذا أَتاهُنَّ مَكلومٌ عَكَفنَ لَهُ / عَكفَ الفَوارِسِ هابوا الدارِعَ البَطَلا
حَتّى تَناهَينَ عَنهُ سامِياً حَرِجاً / وَما هَدى هَديَ مَهزومٍ وَما نَكَلا
وَقَد تَبيتُ هُمومُ النَفسِ تَبعَثُني / مِنها نَوافِذُ حَتّى أُعمِلَ الجَمَلا
إِذ لا تَجَهَّمُني أَرضُ العَدُوِّ وَلا / عَسفُ البِلادِ إِذا حِرباؤُها جَذَلا
يَظَلُّ مُرتَبِئاً لِلشَمسِ تَصهَرُهُ / إِذا رَأى الشَمسَ مالَت جانِباً عَدَلا
كَأَنَّهُ حينَ يَمتَدُّ النَهارُ لَهُ / إِذا اِستَقَلَّ يَمانٍ يَقرَءُ الطولا
وَقَد لَبِستُ لِهَذا الدَهرِ أَعصُرَهُ / حَتّى تَجَلَّلَ رَأسي الشَيبُ وَاِشتَعَلا
مِن كُلِّ مُضلِعَةٍ لَولا أَخو ثِقَةٍ / ما أَصبَحَت أَمَماً عِندي وَلا جَلَلا
وَقَد أَكونُ عَميدَ الشَربِ تُسمِعُنا / بَحّاءُ تَسمَعُ في تَرجيعِها صَحَلا
مِنَ القِيانِ هَتوفٌ طالَما رَكَدَت / لِفِتيَةٍ يَشتَهونَ اللَهوَ وَالغَزَلا
فَبانَ مِنّي شَبابي بَعدَ لَذَّتِهِ / كَأَنَّما كانَ ضَيفاً نازِلاً رَحَلا
إِذ لا أُطاوِعُ أَمرَ العاذِلاتِ وَلا / أُبقي عَلى المالِ إِن ذو حاجَةٍ سَأَلا
وَكاشِحٍ مُعرِضٍ عَنّي غَفَرتُ لَهُ / وَقَد أُبَيِّنُ مِنهُ الضِغنَ وَالمَيَلا
وَلَو أُواجِهُهُ مِنّي بِقارِعَةٍ / ما كانَ كَالذِئبِ مَغبوطاً بِما أَكَلا
وَموجَعٍ كانَ ذا قُربى فُجِعتُ بِهِ / يَوماً وَأَصبَحتُ أَرجو بَعدَهُ الأَمَلا
وَلا أَرى المَوتَ يَأتي مَن يُحَمُّ لَهُ / إِلّا كَفاهُ وَلاقى عِندَهُ شُغُلا
وَبَينَما المَرءُ مَغبوطٌ بِمَأمَنِهِ / إِذ خانَهُ الدَهرُ عَمّا كانَ فَاِنتَقَلا
دَعِ المُغَمَّرَ لا تَسأَل بِمَصرَعِهِ / وَاِسأَل بِمَصقَلَةَ البَكرِيِّ ما فَعَلا
بِمُتلِفٍ وَمُفيدٍ لا يَمُنُّ وَلا / تُهلِكُهُ النَفسُ فيما فاتَهُ عَذَلا
جَزلُ العَطاءِ وَأَقوامٌ إِذا سُئِلوا / يُعطونَ نَزراً كَما تَستَوكِفُ الوَشَلا
وَفارِسٍ غَيرِ وَقّافٍ بِرايَتِهِ / يَومَ الكَريهَةِ حَتّى يُعمِلَ الأَسَلا
ضَخمٌ تُعَلَّقُ أَشناقُ الدِياتِ بِهِ / إِذا المِئُونَ أُمِرَّت فَوقَهُ حَمَلا
وَلَو تَكَلَّفَها رِخوٌ مَفاصِلُهُ / أَو ضَيِّقُ الباعِ عَن أَمثالِها سَعَلا
وَقَد فَكَكتَ عَنِ الأَسرى وِثاقَهُمُ / وَلَيسَ يَرجونَ تَلجاءً وَلا دَخَلا
وَقَد تَنَقَّذتَهُم مِن قَعرِ مُظلِمَةٍ / إِذا الجَبانُ رَأى أَمثالَها زَحَلا
فَهُم فِداؤُكَ إِذ يَبكونَ كُلُّهُمُ / وَلا يَرَونَ لَهُم جاهاً وَلا ثِقَلا
ما في مَعَدٍّ فَتىً يُغني رَباعَتَهُ / إِذا يَهُمُّ بِأَمرٍ صالِحٍ عَمِلا
الواهِبُ الماءَةَ الجُرجورَ سائِقُها / تَنزو يَرابيعُ مَتنَيهِ إِذا اِنتَقَلا
إِنَّ رَبيعَةَ لَن تَنفَكَّ صالِحَةً / ما أَخَّرَ اللَهُ عَن حَوبائِكَ الأَجَلا
أَغَرُّ لا يَحسِبُ الدُنيا تُخَلِّدُهُ / وَلا يَقولُ لِشَيءٍ فاتَ ما فَعَلا
تَغَيَّرَ الرَسمُ مِن سَلمى بِأَحفارِ
تَغَيَّرَ الرَسمُ مِن سَلمى بِأَحفارِ / وَأَقفَرَت مِن سُلَيمى دِمنَةُ الدارِ
وَقَد تَكونُ بِها سَلمى تُحَدِّثُني / تَساقُطَ الحَليِ حاجاتي وَأَسراري
ثُمَّ اِستَبَدَّ بِسَلمى نِيَّةٌ قَذَفٌ / وَسَيرُ مُنقَضِبِ الأَقرانِ مِغيارِ
كَأَنَّ قَلبي غَداةَ البَينِ مُقتَسَمٌ / طارَت بِهِ عُصَبٌ شَتّى لِأَمصارِ
وَلَو تَلُفُّ النَوى مَن قَد تُشَوِّفَهُ / إِذاً قَضَيتُ لُباناتي وَأَوطاري
ظَلَّت ظِباءُ بَني البَكّاءِ تَرصُدُهُ / حَتّى اِقتَنَصنَ عَلى بُعدٍ وَإِضرارِ
وَمَهمَهٍ طامِسٍ تُخشى غَوائِلُهُ / قَطَعتُهُ بِكَلوءِ العَينِ مِسهارِ
بِحُرَّةٍ كَأَتانِ الضَحلِ أَضمَرَها / بَعدَ الرَبالَةِ تَرحالي وَتَسياري
أُختِ الفَلاةِ إِذا شُدَّت مَعاقِدُها / زَلَّت قُوى النِسعِ عَن كَبداءَ مِسفارِ
كَأَنَّها بُرجُ رومِيٍّ يُشَيِّدُهُ / لُزَّ بِجَصٍّ وَآجُرٍّ وَأَحجارِ
أَو مُقفِرٌ خاضِبُ الأَظلافِ قادَ لَهُ / غَيثٌ تَظاهَرَ في مَيثاءَ مِبكارِ
فَباتَ في جَنبِ أَرطاةٍ تُكَفِّئُهُ / ريحٌ شَآمِيَّةٌ هَبَّت بِأَمطارِ
يَجولُ لَيلَتَهُ وَالعَينُ تَضرِبُهُ / فيها بِغَيثٍ أَجَشِّ الرَعدِ نَثّارِ
إِذا أَرادَ بِها التَغميضَ أَرَّقَهُ / سَيلٌ يَدِبُّ بِهَدمِ التُربِ مَوّارِ
كَأَنَّهُ إِذ أَضاءَ البَرقُ بَهجَتَهُ / في أَصفَهانِيَّةٍ أَو مُصطَلي نارِ
أَمّا السَراةُ فَمِن ديباجَةٍ لَهَقٍ / وَبِالقَوائِمِ مِثلُ الوَشمِ بِالنارِ
حَتّى إِذا اِنجابَ عَنهُ اللَيلُ وَاِنكَشَفَت / سَماؤُهُ عَن أَديمٍ مُصحِرٍ عاري
آنَسَ صَوتَ قَنيصٍ أَو أَحَسَّ بِهِم / كَالجِنِّ يَهفونَ مِن جَرمٍ وَأَنمارِ
فَاِنصاعَ كَالكَوكَبِ الدُرّيءِ مَيعَتُهُ / غَضبانَ يَخلِطُ مِن مَعجٍ وَإِحضارِ
فَأَرسَلوهُنَّ يُذرينَ التُرابَ كَما / يُذري سَبائِخَ قُطنٍ نَدفُ أَوتارِ
حَتّى إِذا قُلتُ نالَتهُ سَوابِقُها / وَأَرهَقَتهُ بِأَنيابٍ وَأَظفارِ
أَنحى إِلَيهِنَّ عَيناً غَيرَ غافِلَةٍ / وَطَعنَ مُحتَقِرِ الأَقرانِ كَرّارِ
فَعَفَّرَ الضارِياتِ اللاحِقاتِ بِهِ / عَفرَ الغَريبِ قِداحاً بَينَ أَيسارِ
يَعُذنَ مِنهُ بِحُزّانِ المِتانِ وَقَد / فُرِّقنَ عَنهُ بِذي وَقعٍ وَآثارِ
حَتّى شَتا وَهوَ مَغبوطٌ بِغائِطِهِ / يَرعى ذُكوراً أَطاعَت بَعدَ أَحرارِ
فَردٌ تُغَنّيهِ ذِبّانُ الرِياضِ كَما / غَنّى الغُواةُ بِصَنجٍ عِندَ إِسوارِ
كَأَنَّهُ مِن نَدى القُرّاصِ مُغتَسِلٌ / بِالوَرسِ أَو خارِجٌ مِن بَيتِ عَطّارِ
وَشارِبٍ مُربِحٍ بِالكَأسِ نادَمَني / لا بِالحَصورِ وَلا فيها بِسَوّارِ
نازَعتُهُ طَيِّبَ الراحِ الشَمولِ وَقَد / صاحَ الدَجاجُ وَحانَت وَقعَةُ الساري
مِن خَمرِ عانَةَ يَنصاعُ الفُراتُ لَها / بِجَدوَلٍ صَخِبِ الآذِيِّ مَرّارِ
كُمَّت ثَلاثَةَ أَحوالٍ بِطينَتِها / حَتّى إِذا صَرَّحَت مِن بَعدِ تَهدارِ
آلَت إِلى النِصفِ مِن كَلفاءَ أَترَعَها / عِلجٌ وَلَثَّمَها بِالجَفنِ وَالغارِ
لَيسَت بِسَوداءَ مِن مَيثاءَ مُظلِمَةٍ / وَلَم تُعَذَّب بِإِدناءٍ مِنَ النارِ
لَها رِداءانِ نَسجُ العَنكَبوتِ وَقَد / لُفَّت بِآخَرَ مِن ليفٍ وَمِن قارِ
صَهباءُ قَد كَلِفَت مِن طولِ ما حُبِسَت / في مَخدَعٍ بَينَ جَنّاتٍ وَأَنهارِ
عَذراءُ لَم تَجتَلِ الخُطّابُ بَهجَتَها / حَتّى اِجتَلاها عِبادِيٌّ بِدينارِ
في بَيتِ مُنخَرِقِ السِربالُ مُعتَمِلٍ / ما إِن عَلَيهِ ثِيابٌ غَيرُ أَطمارِ
إِذا أَقولُ تَراضَينا عَلى ثَمَنٍ / ضَنَّت بِها نَفسُ خَبِّ البَيعِ مَكّارِ
كَأَنَّما العِلجُ إِذ أَوجَبتُ صَفقَتَها / خَليعُ خَصلٍ نَكيبٌ بَينَ أَقمارِ
لَمّا أَتَوها بِمِصباحٍ وَمِبزَلِهِم / سارَت إِلَيهِم سُؤورَ الأَبجَلِ الضاري
تَدمى إِذا طَعَنوا فيها بِجائِفَةٍ / فَوقَ الزُجاجِ عَتيقٌ غَيرُ مُسطارِ
كَأَنَّما المِسكُ نُهبى بَينَ أَرحُلِنا / مِمّا تَضَوَّعَ مِن ناجودِها الجاري
إِنّي حَلَفتُ بِرَبِّ الراقِصاتِ وَما / أَضحى بِمَكَّةَ مِن حُجبٍ وَأَستارِ
وَبِالهَدِيِّ إِذا اِحمَرَّت مَذارِعُها / في يَومِ نُسكٍ وَتَشريقٍ وَتَنحارِ
وَما بِزَمزَمَ مِن شُمطٍ مُحَلِّقَةٍ / وَما بِيَثرِبَ مِن عونٍ وَأَبكارِ
لَأَلجَأَتني قُرَيشٌ خائِفاً وَجِلاً / وَمَوَّلَتني قُرَيشٌ بَعدَ إِقتارِ
المُنعِمونَ بَني حَربٍ وَقَد حَدَقَت / بِيَ المَنِيَّةُ وَاِستَبطَأتُ أَنصاري
بِهِم تَكَشَّفُ عَن أَحيائِها ظُلَمٌ / حَتّى تَرَفَّعَ عَن سَمعٍ وَأَبصارِ
قَومٌ إِذا حارَبوا شَدّوا مَآزِرَهُم / عَنِ النِساءِ وَلَو باتَت بِأَطهارِ
أَتَغضَبُ قَيسٌ أَن هَجَوتُ اِبنَ مِسمَعٍ
أَتَغضَبُ قَيسٌ أَن هَجَوتُ اِبنَ مِسمَعٍ / وَما قَطَعوا بِالعِزِّ باطِنَ وادي
وَكُنّا إِذا اِحمَرَّ القَنا عِندَ مَعرَكٍ / نَرى الأَرضَ أَحلى مِن ظُهورِ جِيادِ
كَما اِزدَحَمَت شُرفٌ نِهالٌ لِمَورِدٍ / أَبَت لا تَناهى دونَهُ لِذِيادِ
وَقَد ناشَدَتهُ طَلَّةُ الشَيخِ بَعدَ ما / مَضَت حِقبَةٌ لا يَنثَني لِنِشادِ
رَأَت بارِقاتٍ بِالأَكُفِّ كَأَنَّها / مَصابيحُ سُرجٍ أوقِدَت بِمِدادِ
وَطَلَّتُهُ تَبكي وَتَضرِبُ نَحرَها / وَتَحسِبُ أَنَّ المَوتَ كُلَّ عَتادِ
وَما كُلُّ مَغبونٍ وَلَو سَلفَ صَفقُهُ / بِراجِعِ ما قَد فاتَهُ بِرِدادِ
فَإِيّاكَ لا أَقذِفكَ وَيحَكَ إِنَّني / أَصُكُّ بِصَخرٍ في رُؤوسِ صِمادِ
فَلا توعِدونا بِاللِقاءِ وَأَبرِزوا / إِلَينا سَواداً نَلقَهُ بِسَوادِ
فَقَد عُرِكَت شَيبانُ مِنّا بِكَلكَلٍ / وَعَيَّلنَ تَيمَ اللاتِ رَهطَ زِيادِ
وَلَو لَم يَعُذ بِالسِلمِ مِنهُنَّ هانِئٌ / لَعَفَّرنَ خَدَّي هانِئٍ بِرَمادِ
وَظَلَّ الحُراقُ وَهوَ يَحرُقُ نابَهُ / لِما قَد رَأى مِن قُوَّةٍ وَعَتادِ
هَديرَ المُعَنّى أَلقَحَ الشَولَ غَيرَهُ / فَظَلَّ يُلَوّي رَأسَهُ بِقَتادِ
وَكُنَّ إِذا أَجحَرنَ بَكرَ بنِ وائِلٍ / أَقَمنَ لِأَهلِ الشامِ سوقَ جِلادِ
بِقَومٍ هُمُ يَومَ الذَنائِبِ أَهلَكوا / شَعاثِمَ رَهطِ الحارِثِ بنِ عُبادِ
فَأَدرَكَهُنَّ السِلمُ كُلَّ مُحارِبٍ / وَتَرنَ وَقُدناهُنَّ كُلَّ مَقادِ
يَمشونَ حَولَ جِنابَيهِ وَبَغلَتِهِ
يَمشونَ حَولَ جِنابَيهِ وَبَغلَتِهِ / زُبَّ العَثانينِ مِمّا جَمَّعَت هَجَرُ
أَعضادُ زَيدِ اللَهِ في عُنقِ الجَمَل
أَعضادُ زَيدِ اللَهِ في عُنقِ الجَمَل /
قُبِّحَ ذاكَ جَمَلاً وَما حَمَل /
أَلا تَرى إِلى اللَئيمِ المُحتَمَل /
أَلا يا اِسلَمي يا هِندُ هِندَ بَني بَدرِ
أَلا يا اِسلَمي يا هِندُ هِندَ بَني بَدرِ / وَإِن كانَ حَيّانا عِدىً آخِرَ الدَهرِ
وَإِن كُنتِ قَد أَصمَيتِني إِذ رَمَيتِني / بِسَهمِكِ فَالرامي يَصيدُ وَلا يَدري
أَسيلَةُ مَجرى الدَمعِ أَمّا وِشاحُها / فَيَجري وَأَمّا الحِجلُ مِنها فَلا يَجري
وَكُنتُم إِذا تَدنونَ مِنّا تَعَرَّضَت / خَيالاتُكُم أَو بِتُّ مِنكُم عَلى ذُكرِ
لَقَد حَمَلَت قَيسَ بنَ عَيلانَ حَربُنا / عَلى يابِسِ السيساءِ مُحدَودِبِ الظَهرِ
رَكوبٍ عَلى السَوآتِ قَد شَرَمَ اِستَهُ / مُزاحَمَةُ الأَعداءِ وَالنَخسُ في الدُبرِ
وَطاروا شِقاقاً لِاِثنَتَينِ فَعامِرٌ / تَبيعُ بَنيها بِالخِصافِ وَبِالتَمرِ
وَأَمّا سُلَيمٌ فَاِستَعاذَت حِذارَنا / بِحَرَّتِها السَوداءِ وَالجَبَلِ الوَعرِ
تَنِقُّ بِلا شَيءٍ شُيوخُ مُحارِبٍ / وَما خِلتُها كانَت تَريشُ وَلا تَبري
ضَفادِعُ في ظَلماءِ لَيلٍ تَجاوَبَت / فَدَلَّ عَلَيها صَوتُها حَيَّةَ البَحرِ
وَنَحنُ رَفَعنا عَن سَلولٍ رِماحَنا / وَعَمداً رَغِبنا عَن دِماءِ بَني نَصرِ
وَلَو بِبَني ذُبيانَ بَلَّت رِماحُنا / لَقَرَّت بِهِم عَيني وَباءَ بِها وِتري
شَفى النَفسَ قَتلى مِن سُلَيمٍ وَعامِرٍ / وَلَم تَشفِها قَتلى غَنِيٍّ وَلا جَسرِ
وَلا جُشَمٍ شَرِّ القَبائِلِ إِنَّها / كَبَيضِ القَطا لَيسوا بِسودٍ وَلا حُمرِ
وَما تَرَكَت أَسيافُنا حينَ جُرِّدَت / لِأَعدائِنا قَيسِ بنِ عَيلانَ مِن وِترِ
وَقَد عَرَكَت بِاِبنَي دُخانٍ فَأَصبَحا / إِذا ما اِحزَأَلّا مِثلَ باقِيَةِ البَظرِ
وَأَدرَكَ عِلمي في سُواءَةَ أَنَّها / تُقيمُ عَلى الأَوتارِ وَالمَشرَبِ الكَدرِ
وَقَد سَرَّني مِن قَيسِ عَيلانَ أَنَّني / رَأَيتُ بَني العَجلانِ سادوا بَني بَدرِ
وَقَد غَبَرَ العَجلانُ حيناً إِذا بَكى / عَلى الزادِ أَلقَتهُ الوَليدَةُ بِالكِسرِ
فَيُصبِحُ كَالخُفّاشِ يَدلُكُ عَينَهُ / فَقُبِّحتَ مِن وَجهٍ لَئيمٍ وَمِن حَجرِ
وَكُنتُم بَني العَجلانِ أَلأَمَ عِندَنا / وَأَحقَرَ مِن أَن تَشهَدوا عالِيَ الأَمرِ
بَني كُلِّ دَسماءِ الثِيابِ كَأَنَّما / طَلاها بَنو العَجلانِ مِن حُمَمِ القِدرِ
تَرى كَعبَها قَد زالَ مِن طولِ رَعيِها / وَقاحَ الذُنابى بِالسَوِيَّةِ وَالزِفرِ
وَشارَكَتِ العَجلانُ كَعباً وَلَم تَكُن / تُشارِكُ كَعباً في وَفاءٍ وَلا غَدرِ
وَنَجّى اِبنُ بَدرٍ رَكضُهُ مِن رِماحِنا / وَنَضّاخَةُ الأَعطافِ مُلهِبَةُ الحُضرِ
إِذا قُلتُ نالَتهُ العَوالي تَقاذَفَت / بِهِ سَوحَقُ الرِجلَينِ صائِبَةُ الصَدرِ
كَأَنَّهُما وَالآلُ يَنجابُ عَنهُما / إِذا اِنغَمَسا فيهِ يَعومانِ في غَمرِ
يُسِرُّ إِلَيها وَالرِماحُ تَنوشُهُ / فِدىً لَكِ أُمّي إِن دَأَبتِ إِلى العَصرِ
فَظَلَّ يُفَدّيها وَظَلَّت كَأَنَّها / عُقابٌ دَعاها جِنحُ لَيلٍ إِلى وَكرِ
كَأَنَّ بِطُبيَيها وَمَجرى حِزامِها / أَداوى تَسُحُّ الماءَ مِن حَوَرٍ وُفرِ
وَظَلَّ يَجيشُ الماءَ مِن مُتَفَصِّدٍ / عَلى كُلِّ حالٍ مِن مَذاهِبِهِ يَجري
فَأُقسِمُ لَو أَدرَكنَهُ لَقَذَفنَهُ / إِلى صَعبَةِ الأَرجاءِ مُظلِمَةِ القَعرِ
فَوُسِّدَ فيها كَفَّهُ أَو لَحَجَّلَت / ضِباعُ الصَحارى حَولَهُ غَيرَ ذي قَبرِ
لَعَمري لَقَد لاقَت سُلَيمٌ وَعامِرٌ / عَلى جانِبِ الثَرثارِ راغِيَةَ البَكرِ
أَعِنّي أَميرَ المُؤمِنينَ بِنائِلٍ / وَحُسنِ عَطاءٍ لَيسَ بِالرَيِّثِ النَزرِ
وَأَنتَ أَميرُ المُؤمِنينَ وَما بِنا / إِلى صُلحِ قَيسٍ يا اِبنَ مَروانَ مِن فَقرِ
فَإِن تَكُ قَيسٌ يا اِبنَ مَروانَ بايَعَت / فَقَد وَهِلَت قَيسٌ إِلَيكَ مِنَ الذُعرِ
عَلى غَيرِ إِسلامٍ وَلا عَن بَصيرَةٍ / وَلَكِنَّهُم سيقوا إِلَيكَ عَلى صُغرِ
وَلَمّا تَبَيَّنّا ضَلالَةَ مُصعَبٍ / فَتَحنا لِأَهلِ الشامِ باباً مِنَ النَصرِ
فَقَد أَصبَحَت مِنّا هَوازِنُ كُلُّها / كَواهي السُلامى زيدَ وَقراً عَلى وَقرِ
سَمَونا بِعِرنينٍ أَشَمَّ وَعارِضٍ / لِنَمنَعَ ما بَينَ العِراقِ إِلى البِشرِ
فَأَصبَحَ ما بَينَ العِراقِ وَمَنبِجٍ / لِتَغلِبَ تَردي بِالرُدَينِيَّةِ السُمرِ
إِلَيكَ أَميرَ المُؤمِنينَ نَسيرُها / تَخُبُّ المَطايا بِالعَرانينِ مِن بَكرِ
بِرَأسِ اِمرِئٍ دَلّى سُلَيماً وَعامِراً / وَأَورَدَ قَيساً لُجَّ ذي حَدَبٍ غَمرِ
فَأَسرَينَ خَمساً ثُمَّ أَصبَحنَ غَدوَةً / يُخَبِّرنَ أَخباراً أَلَذَّ مِنَ الخَمرِ
يُخَبِّرنَنا أَنَّ الأَراقِمَ فَلَّقوا / جَماجِمَ قَيسٍ بَينَ راذانَ فَالحَضرِ
جَماجِمَ قَومٍ لَم يَعافوا ظُلامَةً / وَلَم يَعلَموا أَينَ الوَفاءُ مِنَ الغَدرِ
خَفَّ القَطينُ فَراحوا مِنكَ أَو بَكَروا
خَفَّ القَطينُ فَراحوا مِنكَ أَو بَكَروا / وَأَزعَجَتهُم نَوىً في صَرفِها غِيَرُ
كَأَنَّني شارِبٌ يَومَ اِستُبِدَّ بِهِم / مِن قَرقَفٍ ضُمِّنَتها حِمصُ أَو جَدَرُ
جادَت بِها مِن ذَواتِ القارِ مُترَعَةٌ / كَلفاءُ يَنحَتُّ عَن خُرطومِها المَدَرُ
لَذٌّ أَصابَت حُمَيّاها مُقاتِلَهُ / فَلَم تَكَد تَنجَلي عَن قَلبِهِ الخُمَرُ
كَأَنَّني ذاكَ أَو ذو لَوعَةٍ خَبَلَت / أَوصالَهُ أَو أَصابَت قَلبَهُ النُشَرُ
شَوقاً إِلَيهِم وَوَجداً يَومَ أُتبِعُهُم / طَرفي وَمِنهُم بِجَنبَي كَوكَبٍ زُمَرُ
حَثّوا المَطِيَّ فَوَلَّتنا مَناكِبُها / وَفي الخُدورِ إِذا باغَمتَها الصُوَرُ
يُبرِقنَ لِلقَومِ حَتّى يَختَبِلنَهُمُ / وَرَأيُهُنَّ ضَعيفٌ حينَ يُختَبَرُ
يا قاتَلَ اللَهُ وَصلَ الغانِياتِ إِذا / أَيقَنَّ أَنَّكَ مِمَّن قَد زَها الكِبَرُ
أَعرَضنَ لَمّا حَنى قَوسي مُوَتِّرُها / وَاِبيَضَّ بَعدَ سَوادِ اللِمَّةِ الشَعَرُ
ما يَرعَوينَ إِلى داعٍ لِحاجَتِهِ / وَلا لَهُنَّ إِلى ذي شَيبَةٍ وَطَرُ
شَرَّقنَ إِذ عَصَرَ العيدانَ بارِحُها / وَأَيبَسَت غَيرَ مَجرى السِنَّةِ الخُضَرُ
فَالعَينُ عانِيَةٌ بِالماءِ تَسفَحُهُ / مِن نِيَّةٍ في تَلاقي أَهلِها ضَرَرُ
مُنقَضِبينَ اِنقِضابَ الحَبلِ يَتبَعُهُم / بَينَ الشَقيقِ وَعَينِ المَقسِمِ البَصَرُ
حَتّى هَبَطنَ مِنَ الوادي لِغَضبَتِهِ / أَرضاً تَحُلُّ بِها شَيبانُ أَو غُبَرُ
حَتّى إِذا هُنَّ وَرَّكنَ القَصيمَ وَقَد / أَشرَفنَ أَو قُلنَ هَذا الخَندَقُ الحَفَرُ
وَقَعنَ أُصلاً وَعُجنا مِن نَجائِبِنا / وَقَد تُحُيِّنَ مِن ذي حاجَةٍ سَفَرُ
إِلى اِمرِئٍ لا تُعَرّينا نَوافِلُهُ / أَظفَرَهُ اللَهُ فَليَهنِئ لَهُ الظَفَرُ
الخائِضِ الغَمرَ وَالمَيمونِ طائِرُهُ / خَليفَةِ اللَهِ يُستَسقى بِهِ المَطَرُ
وَالهَمُّ بَعدَ نَجِيِّ النَفسِ يَبعَثُهُ / بِالحَزمِ وَالأَصمَعانِ القَلبُ وَالحَذَرُ
وَالمُستَمِرُّ بِهِ أَمرُ الجَميعِ فَما / يَغتَرُّهُ بَعدَ تَوكيدٍ لَهُ غَرَرُ
وَما الفُراتُ إِذا جاشَت حَوالِبُهُ / في حافَتَيهِ وَفي أَوساطِهِ العُشَرُ
وَذَعذَعَتهُ رِياحُ الصَيفِ وَاِضطَرَبَت / فَوقَ الجَآجِئِ مِن آذِيِّهِ غُدُرُ
مُسحَنفِراً مِن جِبالِ الرومِ تَستُرُهُ / مِنها أَكافيفُ فيها دونَهُ زُوَرُ
يَوماً بِأَجوَدَ مِنهُ حينَ تَسأَلُهُ / وَلا بِأَجهَرَ مِنهُ حينَ يُجتَهَرُ
وَلَم يَزَل بِكَ واشيهِم وَمَكرُهُمُ / حَتّى أَشاطوا بِغَيبٍ لَحمَ مَن يَسَروا
فَمَن يَكُن طاوِياً عَنّا نَصيحَتَهُ / وَفي يَدَيهِ بِدُنيا غَيرِنا حَصَرُ
فَهوَ فِداءُ أَميرِ المُؤمِنينَ إِذا / أَبدى النَواجِذَ يَومٌ باسِلٌ ذَكَرُ
مُفتَرِشٌ كَاِفتِراشِ اللَيثِ كَلكَلَهُ / لِوَقعَةٍ كائِنٍ فيها لَهُ جَزَرُ
مُقَدِّمٌ ماءَتَي أَلفٍ لِمَنزِلَةٍ / ما إِن رَأى مِثلَهُم جِنٌّ وَلا بَشَرُ
يَغشى القَناطِرَ يَبنيها وَيَهدِمُها / مُسَوِّمٌ فَوقَهُ الراياتُ وَالقَتَرُ
حَتّى تَكونَ لَهُم بِالطَفِّ مَلحَمَةٌ / وَبِالثَوِيَّةِ لَم يُنبَض بِها وَتَرُ
وَتَستَبينَ لِأَقوامٍ ضَلالَتُهُم / وَيَستَقيمَ الَّذي في خَدِّهِ صَعَرُ
وَالمُستَقِلُّ بِأَثقالِ العِراقِ وَقَد / كانَت لَهُ نِعمَةٌ فيهِم وَمُدَّخَرُ
في نَبعَةٍ مِن قُرَيشٍ يَعصِبونَ بِها / ما إِن يُوازى بِأَعلى نَبتِها الشَجَرُ
تَعلو الهِضابَ وَحَلّوا في أَرومَتِها / أَهلُ الرِباءِ وَأَهلُ الفَخرِ إِن فَخَروا
حُشدٌ عَلى الحَقِّ عَيّافو الخَنا أُنُفٌ / إِذا أَلَمَّت بِهِم مَكروهَةٌ صَبَروا
وَإِن تَدَجَّت عَلى الآفاقِ مُظلِمَةٌ / كانَ لَهُم مَخرَجٌ مِنها وَمُعتَصَرُ
أَعطاهُمُ اللَهُ جَدّاً يُنصَرونَ بِهِ / لا جَدَّ إِلّا صَغيرٌ بَعدُ مُحتَقَرُ
لَم يَأشَروا فيهِ إِذ كانوا مَوالِيَهُ / وَلَو يَكونُ لِقَومٍ غَيرِهِم أَشِروا
شُمسُ العَداوَةِ حَتّى يُستَقادَ لَهُم / وَأَعظَمُ الناسِ أَحلاماً إِذا قَدَروا
لا يَستَقِلُّ ذَوُو الأَضغانِ حَربَهُمُ / وَلا يُبَيِّنُ في عيدانِهِم خَوَرُ
هُمُ الَّذينَ يُبارونَ الرِياحَ إِذا / قَلَّ الطَعامُ عَلى العافينَ أَو قَتَروا
بَني أُمَيَّةَ نُعماكُم مُجَلِّلَةٌ / تَمَّت فَلا مِنَّةٌ فيها وَلا كَدَرُ
بَني أُمَيَّةَ قَد ناضَلتُ دونَكُمُ / أَبناءَ قَومٍ هُمُ آوَوا وَهُم نَصَروا
أَفحَمتُ عَنكُم بَني النَجّارِ قَد عَلِمَت / عُليا مَعَدٍّ وَكانوا طالَما هَدَروا
حَتّى اِستَكانوا وَهُم مِنّي عَلى مَضَضٍ / وَالقَولُ يَنفُذُ ما لا تَنفُذُ الإِبَرُ
بَني أُمَيَّةَ إِنّي ناصِحٌ لَكُمُ / فَلا يَبيتَنَّ فيكُم آمِناً زُفَرُ
وَاِتَّخِذوهُ عَدُوّاً إِنَّ شاهِدَهُ / وَما تَغَيَّبَ مِن أَخلاقِهِ دَعَرُ
إِنَّ الضَغينَةَ تَلقاها وَإِن قَدُمَت / كَالعَرِّ يَكمُنُ حيناً ثُمَّ يَنتَشِرُ
وَقَد نُصِرتَ أَميرَ المُؤمِنينَ بِنا / لَمّا أَتاكَ بِبَطنِ الغوطَةِ الخَبَرُ
يُعَرِّفونَكَ رَأسَ اِبنِ الحُبابِ وَقَد / أَضحى وَلِلسَيفِ في خَيشومِهِ أَثَرُ
لا يَسمَعُ الصَوتَ مُستَكّاً مَسامِعُهُ / وَلَيسَ يَنطِقُ حَتّى يَنطِقَ الحَجَرُ
أَمسَت إِلى جانِبِ الحَشّاكِ جيفَتُهُ / وَرَأسُهُ دونَهُ اليَحمومُ وَالصِوَرُ
يَسأَلُهُ الصُبرُ مِن غَسّانَ إِذ حَضَروا / وَالحَزنُ كَيفَ قَراكَ الغِلمَةُ الجَشَرُ
وَالحارِثَ بنَ أَبي عَوفٍ لَعِبنَ بِهِ / حَتّى تَعاوَرَهُ العِقبانُ وَالسُبَرُ
وَقَيسَ عَيلانَ حَتّى أَقبَلوا رَقَصاً / فَبايَعوكَ جِهاراً بَعدَ ما كَفَروا
فَلا هَدى اللَهُ قَيساً مِن ضَلالَتِهِم / وَلا لَعاً لِبَني ذَكوانَ إِذ عَثَروا
ضَجّوا مِنَ الحَربِ إِذ عَضَّت غَوارِبَهُم / وَقَيسُ عَيلانَ مِن أَخلاقِها الضَجَرُ
كانوا ذَوي إِمَّةٍ حَتّى إِذا عَلِقَت / بِهِم حَبائِلُ لِلشَيطانِ وَاِبتَهَروا
صُكّوا عَلى شارِفٍ صَعبٍ مَراكِبُها / حَصّاءَ لَيسَ لَها هُلبٌ وَلا وَبَرُ
وَلَم يَزَل بِسُلَيمٍ أَمرُ جاهِلِها / حَتّى تَعَيّا بِها الإيرادُ وَالصَدَرُ
إِذ يَنظُرونَ وَهُم يَجنونَ حَنظَلَهُم / إِلى الزَوابي فَقُلنا بُعدَ ما نَظَروا
كَرّوا إِلى حَرَّتَيهِم يَعمُرونَهُما / كَما تَكُرُّ إِلى أَوطانِها البَقَرُ
فَأَصبَحَت مِنهُمُ سِنجارُ خالِيَةً / فَالمَحلَبِيّاتُ فَالخابورُ فَالسُرَرُ
وَما يُلاقونَ فَرّاصاً إِلى نَسَبٍ / حَتّى يُلاقِيَ جَديَ الفَرقَدِ القَمَرُ
وَلا الضَبابَ إِذا اِخضَرَّت عُيونُهُمُ / وَلا عُصَيَّةَ إِلّا أَنَّهُم بَشَرُ
وَما سَعى مِنهُمُ ساعٍ لِيُدرِكَنا / إِلّا تَقاصَرَ عَنّا وَهوَ مُنبَهِرُ
وَقَد أَصابَت كِلاباً مِن عَداوَتِنا / إِحدى الدَواهي الَّتي تُخشى وَتُنتَظَرُ
وَقَد تَفاقَمَ أَمرٌ غَيرُ مُلتَئِمٍ / ما بَينَنا فيهِ أَرحامٌ وَلا عِذَرُ
أَمّا كُلَيبُ بنُ يَربوعٍ فَلَيسَ لَهُم / عِندَ المَكارِمِ لا وِردٌ وَلا صَدَرُ
مُخَلَّفونَ وَيَقضي الناسُ أَمرَهُمُ / وَهُم بِغَيبٍ وَفي عَمياءَ ما شَعَروا
مُلَطَّمونَ بِأَعقارِ الحِياضِ فَما / يَنفَكُّ مِن دارِمِيٍّ فيهِمِ أَثَرُ
بِئسَ الصُحاةُ وَبِئسَ الشَربُ شُربُهُمُ / إِذا جَرى فيهِمِ المُزّاءُ وَالسَكَرُ
قَومٌ تَناهَت إِلَيهِم كُلُّ فاحِشَةٍ / وَكُلُّ مُخزِيَةٍ سُبَّت بِها مُضَرُ
عَلى العِياراتِ هَدّاجونَ قَد بَلَغَت / نَجرانَ أَو حُدِّثَت سَوآتِهِم هَجَرُ
الآكِلونَ خَبيثَ الزادِ وَحدَهُمُ / وَالسائِلونَ بِظَهرِ الغَيبِ ما الخَبَرُ
وَاِذكُر غُدانَةَ عِدّاناً مُزَنَّمَةً / مِنَ الحَبَلَّقِ تُبنى حَولَها الصِيَرُ
تَمذي إِذا سَخُنَت في قُبلِ أَدرُعِها / وَتَزرَئِمُّ إِذا ما بَلَّها المَطَرُ
وَما غُدانَةُ في شَيءٍ مَكانَهُمُ / أَلحابِسو الشاءِ حَتّى تَفضُلَ السُؤَرُ
يَتَّصِلونَ بِيَربوعٍ وَرِفدُهُمُ / عِندَ التَرافُدِ مَغمورٌ وَمُحتَقَرُ
صُفرُ اللِحى مِن وَقودِ الأَدخِناتِ إِذا / رَدَّ الرِفادَ وَكَفَّ الحالِبِ القَرِرُ
ثُمَّ الإِيابُ إِلى سودٍ مُدَنَّسَةٍ / ما تَستَحِمُّ إِذا ما اِحتَكَّتِ النُقَرُ
قَد أَقسَمَ المَجدُ حَقّاً لا يُحالِفُهُم / حَتّى يُحالِفَ بَطنَ الراحَةِ الشَعَرُ
عَفا دَيرُ لِبّى مِن أُمَيمَةَ فَالحَضرُ
عَفا دَيرُ لِبّى مِن أُمَيمَةَ فَالحَضرُ / وَأَقفَرَ إِلّا أَن يُلِمَّ بِهِ سَفرُ
قَليلاً غِرارُ العَينِ حَتّى يُقَلِّصوا / عَلى كَالقَطا الجونِيِّ أَفزَعَهُ القَطرُ
عَلى كُلِّ فَتلاءِ الذِراعَينِ رَسلَةٍ / وَأَعيَسَ نَعّابٍ إِذا قَلِقَ الضَفرُ
قَضَينَ مِنَ الدَيرَينِ هَمّاً طَلَبنَهُ / فَهُنَّ إِلى لَهوٍ وَجاراتِها شُزرُ
وَيامَنَّ عَن ساتيدَما وَتَعَسَّفَت / بِنا العيسُ مَجهولاً مَخارِمُهُ غُبرُ
سِواهُمُ مِن طولِ الوَجيفِ كَأَنَّها / قَراقيرُ يُغشيهِنَّ آذِيَّهُ البَحرُ
إِذا غَرَّقَ الآلُ الإِكامَ عَلَونَهُ / بِمُنتَعِتاتٍ لا بِغالٌ وَلا حُمرُ
صَوادِقِ عِتقٍ في الرِحالِ كَأَنَّها / مِنَ الجَهدِ أَسرى مَسَّها البُؤسُ وَالفَقرُ
مُحَلِّقَةٍ مِنها العُيونُ كَأَنَّها / قَلاتٌ ثَوَت فيها مَطائِطُها الخُضرُ
وَقَد أَكَلَ الكيرانُ أَشرافَها العُلى / وَأُبقِيَتِ الأَلواحُ وَالعَصَبُ السُمرُ
وَأَجهَضنَ إِلّا أَنَّ كُلَّ نَجيبَةٍ / أَتى دونَ ماءِ الفَحلِ مِن رِحمِها سِترُ
مِنَ الهوجِ خَرقاءُ العَنيقِ مُطارَةُ ال / فُؤادِ بَراها بَعدَ إِبدانِها الضُمرُ
إِذا اِتَّزَرَ الحادي الكَميشُ وَقَوَّمَت / سَوالِفَها الرُكبانُ وَالحَلَقُ الصُفرُ
حَمَينَ العَراقيبَ العَصا فَتَرَكنَهُ / بِهِ نَفَسٌ عالٍ مُخالِطُهُ بُهرُ
يَحِدنَ عَنِ المُستَخبِرينَ وَأَتَّقي / كَلامَ المُنادي إِنَّني خائِفٌ حَذرُ
أُقاتِلُ نَفساً قَد يُحِبُّ لَها الرَدى / بَنو أُمِّ مَذعورٍ وَرَهطُكَ يا جَبرُ
إِذا ما أَصابَت جَحدَرِيّاً بِصَكَّةٍ / دَعَتهُ بِإِقبالٍ خُزاعَةُ أَو نَصرُ
وَقَيسٌ تَمَنّاني وَتُهدي عَوارِماً / وَلَمّا يُصِب مِنّي بَني عامِرٍ ظُفرُ
وَما قَبِلَت مِنّي هِلالٌ أَمانَةً / وَلا عائِذٌ يُغني الضِبابَ وَلا شِمرُ
فَإِن تَكُ عَنّي جَعفَرٌ مُطمَئِنَّةً / فَإِنَّ قُشَيراً في الصُدورِ لَها غِمرُ
وَإِن أَعفُ عَنها أَو أَدَعها لِجَهلِها / فَما لِبَني قَيسٍ عِتابٌ وَلا عُذرُ
وَقَد كُنتُ أُعفي مِن لِسانِيَ عامِراً / وَسَعداً وَيُبدي عَن مَقاتِلِها الشِعرُ
وَلَولا أَميرُ المُؤمِنينَ تَكَشَّفَت / قَبائِلُ عَنّا أَو بَلاها بِنا الدَهرُ
إِذاً لَرَفَعنا طَيِّئاً وَحَليفَها / بَني أَسَدٍ في حَيثُ يَطَّلِعُ الوَبرُ
وَكَلبٌ إِذا حالَت قُرى الشامِ دونَها / إِلى النيلِ هُرّاباً وَإِن أَجدَبَت مِصرُ
يَعوذونَ بِالسُلطانِ مِنّا وَفَلُّهُم / كَذي الغارِبِ المَنكوبِ أَوجَعَهُ الوِقرُ
وَإِلّا تَصُر أَعرابَ بَكرِ بنِ وائِلٍ / مُهاجِرُها لا يُرعَ إِلٌّ وَلا صِهرُ
فَما تَرَكَت أَسيافُنا مِن قَبيلَةٍ / تُحارِبُنا إِلّا لَها عِندَنا وِترُ
حَجَونا بَني النُعمانِ إِذ عَضَّ مُلكُهُم / وَقَبلَ بَني النُعمانِ حارَبَنا عَمروُ
لَبِسنا لَهُ البيضَ الثِقالَ وَفَوقَها / سُيوفُ المَنايا وَالمُثَقَّفَةُ السُمرُ
وَأَمسَكَ أَرسانَ الجِيادِ أَكُفُّنا / وَلَم تُلهِنا عَنها الحِجالُ بِها العُفرُ
أَكُلَّ أَوانٍ لا يَزالُ يَعودُني / خَيالٌ لِأُختِ العامِرِيِّينَ أَو ذِكرُ
وَبَيضاءَ لا نَجرُ النَجاشِيِّ نَجرُها / إِذا اِلتَهَبَت مِنها القَلائِدُ وَالنَحرُ
مِنَ الصُوَرِ اللاتي يَرَحنَ إِلى الصِبا / تَظَلُّ إِلَيها تَنزِعُ النَفسُ وَالهَجرُ
وَلَكِن أَتى الأَبوابُ وَالقَصرُ دونَها / كَما حالَ دونَ العاقِلِ الجَبَلُ الوَعرُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025