المجموع : 347
فَواكَبِدا مِن حُبِّ مَن لا يَحُبُّني
فَواكَبِدا مِن حُبِّ مَن لا يَحُبُّني / وَمِن زَفَراتٍ ما لَهُنَّ فَناءُ
أَرَيتِكِ إِن لَم أُعطِكَ الحُبَّ عَن يَدِ / وَلَم يَكُ عِندي إِذ أَبَيتِ إِباءُ
أَتارِكَتي لِلمَوتُ إِنّي لَمَيِّتٌ / وَما لِلنُفوسِ الهالِكاتِ بَقاءُ
إِذ هِيَ أَمسَت مَنبِتُ الرَبعِ دونَها / وَدونَكِ أَرطىً مُسهِلٌ وَأَلاءُ
فَلا وَصلَ إِلّا أَن يُقارِبَ بَينَنا / قَلائِصُ في أَذنابِهِنَّ صَفاءُ
يَجُبنَ بِنا عُرضَ الفَلاةِ وَما لَنا / عَليهِنَّ إِلّا وَحدَهُنَّ شِفاءُ
إِذا القَومُ قالوا وِردُهُنَّ ضُحى غَدٍ / تَواهَقنَ حَتّى وِردُهُنَّ عِشاءُ
إِذا اِستُخبِرَت رُكبانُها لَم يُخَبَّروا / عَلَيهُنَّ إِلّا أَن يَكونَ نِداءُ
وَقالوا لَو تَشاءُ سَلَوتَ عَنها
وَقالوا لَو تَشاءُ سَلَوتَ عَنها / فَقُلتَ لَهُم فَإِنّي لا أَشاءُ
وَكَيفَ وَحُبُّها عَلِقٌ بِقَلبي / كَما عَلِقَت بِأَرشِيَةٍ دِلاءُ
لَها حُبٌّ تَنَشَّأَ في فُؤادي / فَلَيسَ لَهُ وَإِن زُجِرَ اِنتِهاءُ
وَعاذِلَةٍ تُقَطِّعُني مَلاماً / وَفي زَجرِ العَواذِلِ لي بَلاءُ
فَقالوا أَينَ مَسكَنُها وَمَن هِيَ
فَقالوا أَينَ مَسكَنُها وَمَن هِيَ / فَقُلتُ الشَمسُ مَسكَنُها السَماءُ
فَقالوا مَن رَأَيتَ أَحَبَّ شَمساً / فَقُلتُ عَلَيَّ قَد نَزَلَ القَضاءُ
إِذا عَقَدَ القَضاءُ عَلَيَّ أَمراً / فَلَيسَ يَحُلُّهُ إِلّا القَضاءُ
أَتَيتُ مَعَ الخازينَ لَيلى فَلَم أَقُل
أَتَيتُ مَعَ الخازينَ لَيلى فَلَم أَقُل / فَأَخلَيتُ فَاِستَعجَمتُ عِندَ خَلاءِ
خَرَجتُ فَلَم أَظفُر وَعُدتُ فَلَم أَفُز / بِنَيلٍ كِلا اليَومَينِ يَومُ بَلاءِ
فَيا حَسرَتي مَن أَشبَهَ اليَأسِ بِالغِنى / وَإِن لَم يَكونا عِندَنا بِسَواءِ
أَمِن أَجلِ خَيماتٍ عَلى مَدرَجِ الصَبا
أَمِن أَجلِ خَيماتٍ عَلى مَدرَجِ الصَبا / بِجَرعاءَ تَعفوها الصَبا وَالجَنائِبُ
أَلا قاتَلَ اللَهُ الرَكائِبَ إِنَّما / تُفَرِّقُ بَينَ العاشِقينَ الرَكائِبُ
بَكَرنَ بُكوراً وَاِجتَمَعنَ لِمَوعِدٍ / وَسارَ بِقَلبي بَينَهُنَّ النَجائِبُ
مَتى يَشتَفي مِنكَ الفُؤادُ المُعَذَّبُ
مَتى يَشتَفي مِنكَ الفُؤادُ المُعَذَّبُ / وَسَهمُ المَنايا مِن وِصالِكِ أَقرَبُ
فَبُعدٌ وَوَجدٌ وَاِشتِياقٌ وَرَجفَةٌ / فَلا أَنتِ تُدنيني وَلا أَنا أَقرَبُ
كَعُصفورَةٍ في كَفِّ طِفلٍ يَزُمُّها / تَذوقُ حِياضَ المَوتِ وَالطِفلُ يَلعَبُ
فَلا الطِفلُ ذو عَقلٍ يَرِقُّ لِما بِها / وَلا الطَيرُ ذو ريشٍ يَطيرُ فَيَذهَبُ
وَلي أَلفُ وَجهٍ قَد عَرَفتُ طَريقَهُ / وَلَكِن بِلا قَلبٍ إِلى أَينَ أَذهَبُ
فَوَاللَهِ ثَمَّ وَاللَهِ إِنّي لَدائِبٌ
فَوَاللَهِ ثَمَّ وَاللَهِ إِنّي لَدائِبٌ / أُفَكِّرُ ما ذَنبي إِلَيكِ فَأَعجَبُ
وَوَاللَهِ ما أَدري عَلامَ هَجَرتِني / وَأَيَّ أُموري فيكِ يا لَيلَ أَركَبُ
أَأَقطَعُ حَبلَ الوَصلِ فَالمَوتُ دونَهُ / أَمَ اَشرَبُ كَأساً مِنكُمُ لَيسَ يُشرَبُ
أَمَ اَهرُبُ حَتّى لا أَرى لي مُجاوِراً / أَمَ اَفعَلُ ماذا أَم أَبوحُ فَأُغلَبُ
فَأَيُّهُما يا لَيلَ ما تَفعَلينَهُ / فَأَوَّلُ مَهجورٌ وَآخَرُ مُعتَبُ
فَلَو تَلتَقي أَرواحُنا بَعدَ مَوتِنا / وَمِن دونِ رَمسَينا مِنَ الأَرضِ مَنكِبُ
لَظَلَّ صَدى رَمسي وَإِن كُنتُ رِمَّةً / لِصَوتِ صَدى لَيلى يَهُشُّ وَيَطرَبُ
وَلَو أَنَّ عَيناً طاوَعَتنِيَ لَم تَزَل / تَرَقرَقُ دَمعاً أَو دَماً حينَ تَسكُبُ
أَما وَالَّذي أَرسى ثَبيراً مَكانَهُ
أَما وَالَّذي أَرسى ثَبيراً مَكانَهُ / عَلَيهِ السَحابُ فَوقَهُ يَتَنَصَّبُ
وَما سَلَكَ الموماةَ مِن كُلِّ حَسرَةٍ / طَليحٍ كَجَفنِ السَيفِ تَهوي فَتُركَبُ
لَقَد عِشتُ مِن لَيلى زَماناً أُحِبُّها / أَخا المَوتَ إِذ بَعضُ المُحِبّينَ يَكذُبُ
أَحِنُّ إِلى لَيلى وَإِن شَطَّتِ النَوى
أَحِنُّ إِلى لَيلى وَإِن شَطَّتِ النَوى / بِلَيلى كَما حَنَّ اليَراعُ المُثَقَّبُ
يَقولونَ لَيلى عَذَّبَتكَ بِحُبِّها / أَلا حَبَّذا ذاكَ الحَبيبُ المُعَذِّبُ
أَبَت لَيلَةٌ بِالغَيلِ يا أُمَّ مالِكٍ
أَبَت لَيلَةٌ بِالغَيلِ يا أُمَّ مالِكٍ / لَكُم غَيرَ حُبٍّ صادِقٍ لَيسَ يَكذِبُ
إِلَيكَ عَنِّيَ هائِمٌ وَصِبٌ
إِلَيكَ عَنِّيَ هائِمٌ وَصِبٌ / أَما تَرى الجِسمَ قَد أَودى بِهِ العَطَبُ
لِلَّهِ قَلبِيَ ماذا قَد أُتيحَ لَهُ / حَرُّ الصَبابَةِ وَالأَوجاعُ وَالوَصَبُ
ضاقَت عَلَيَّ بِلادُ اللَهِ ما رَحُبَت / يا لَلرِجالِ فَهَل في الأَرضِ مُضطَرَبُ
البَينُ يُؤلِمُني وَالشَوقُ يَجرَحُني / وَالدارُ نازِحَةٌ وَالشَملُ مُنشَعِبُ
كَيفَ السَبيلُ إِلى لَيلى وَقَد حُجِبَت / عَهدي بِها زَمَناً ما دونَها حُجُبُ
لَو سيلَ أَهلُ الهَوى مِن بَعدِ مَوتِهِمُ
لَو سيلَ أَهلُ الهَوى مِن بَعدِ مَوتِهِمُ / هَل فُرِّجَت عَنكُمُ مُذ مِتُّمُ الكُرَبُ
لَقالَ صادِقُهُم أَن قَد بَلى جَسَدي / لَكِنَّ نارَ الهَوى في القَلبِ تَلتَهِبُ
جَفَّت مَدامِعُ عَينِ الجِسمِ حينَ بَكى / وَإِنَّ بِالدَمعِ عَينَ الروحِ تَنسَكِبُ
أَلا لا أَرى وادي المِياهِ يُثيبُ
أَلا لا أَرى وادي المِياهِ يُثيبُ / وَلا النَفسُ عَن وادي المِياهِ تَطيبُ
أُحِبُّ هُبوطَ الوادِيَينِ وَإِنَّني / لَمُشتَهِرٌ بِالوادِيَينِ غَريبُ
أَحَقّاً عِبادَ اللَهِ أَن لَستُ وارِداً / وَلا صادِراً إِلّا عَلَيَّ رَقيبُ
وَلا زائِراً فَرداً وَلا في جَماعَةٍ / مِنَ الناسِ إِلّا قيلَ أَنتَ مُريبُ
وَهَل ريبَةٌ في أَن تَحِنَّ نَجيبَةٌ / إِلى إِلفِها أَو أَن يَحِنَّ نَجيبُ
وَإِنَّ الكَثيبَ الفَردَ مِن جانِبِ الحِمى / إِلَيَّ وَإِن لَم آتِهِ لَحَبيبُ
وَلا خَيرَ في الدُنيا إِذا أَنتَ لَم تَزُر / حَبيباً وَلَم يَطرَب إِلَيكَ حَبيبُ
لَئِن كَثُرَت رُقابُ لَيلى فَطالَما / لَهَوتُ بِلَيلى ما لَهُنَّ رَقيبُ
وَإِن حالَ يَأسٌ دونَ لَيلى فَرُبَّما / أَتى اليَأسُ دونَ الشَيءِ وَهوَ حَبيبُ
وَمَنَّيتَني حَتّى إِذا ما رَأَيتِني / عَلى شَرَفٍ لِلناظِرينَ يَريبُ
صَدَدتِ وَأَشمَتِّ العُداةَ بِهَجرِنا / أَثابَكِ فيما تَصنَعينَ مُثيبُ
أُبَعِّدُ عَنكِ النَفسَ وَالنَفسُ صَبَّةٌ / بِذِكرِكِ وَالمَمشى إِلَيكِ قَريبُ
مَخافَةَ أَن تَسعى الوُشاةُ بِظِنَّةٍ / وَأَكرَمُكُم أَن يَستَريبَ مُريبُ
فَقَد جَعَلَت نَفسي وَأَنتِ اِختَرَمتِها / وَكُنتِ أَعَزَّ الناسِ عَنكِ تَطيبُ
فَلَو شِئتِ لَم أَغضَب عَلَيكِ وَلَم يَزَل / لَكِ الدَهرَ مِنّي ما حَيِيتُ نَصيبُ
أَما وَالَّذي يَتلو السَرائِرَ كُلَّها / وَيَعلَمُ ما تُبدي بِهِ وَتَغيبُ
لَقَد كُنتِ مِمَّن تَصطَفي النَفسُ خُلَّةً / لَها دونَ خِلّانِ الصَفاءِ حُجوبُ
وَإِنّي لَأَستَحيِيكِ حَتّى كَأَنَّما / عَلَيَّ بِظَهرِ الغَيبِ مِنكِ رَقيبُ
تَلَجّينَ حَتّى يَذهَبَ اليَأسُ بِالهَوى / وَحَتّى تَكادَ النَفسُ عَنكِ تَطيبُ
سَأَستَعطِفُ الأَيامَ فيكِ لَعَلَّها / بِيَومِ سُروري في هَواكِ تَؤوبُ
لا أَيُّها البَيتُ الَّذي لا أَزورُهُ
لا أَيُّها البَيتُ الَّذي لا أَزورُهُ / وَهُجرانُهُ مِنّي إِلَيهِ ذُنوبُ
هَجَرتُكِ مُشتاقاً وَزُرتُكِ خائِفاً / وَفيكِ عَليَّ الدَهرَ مِنكِ رَقيبُ
سَأَستَعطِفُ الأَيامَ فيكِ لَعَلَّها / بِيَومِ سُرورٍ في هَواكِ تُثيبُ
وَأُفرِدتَ إِفرادَ الطَريدِ وَباعَدَت / إِلى النَفسِ حاجاتٌ وَهُنَّ قَريبُ
لَئِن حالَ يَأسي دونَ لَيلى لَرُبَّما / أَتى اليَأسُ دونَ الأَمرِ فَهوَ عَصيبُ
وَمَنَّيتِني حَتّى إِذا ما رَأَيتِني / عَلى شَرَفٍ لِلناظِرينَ يَريبُ
صَدَدتِ وَأَشمَتِّ العَدوَّ بِصَرمِنا / أَثابَكِ يا لَيلى الجَزاءُ مَثيبُ
جَرى السَيلُ فَاِستَبكانِيَ السَيلُ إِذ جَرى / وَفاضَت لَهُ مِن مُقلَتَيَّ غُروبُ
وَما ذاكَ إِلّا حينَ أَيقَنتُ أَنَّهُ / يَكونُ بِوادٍ أَنتِ مِنهُ قَريبُ
يَكونُ أُجاجاً دونَكُم فَإِذا اِنتَهى / إِلَيكُم تَلَقّى طيبَكُم فَيَطيبُ
فَيا ساكِني أَكنافِ نَخلَةَ كُلُّكُم / إِلى القَلبِ مِن أَجلِ الحَبيبِ حَبيبُ
أَظَلُّ غَريبَ الدارِ في أَرضِ عامِرٍ / أَلا كُلَّ مَهجورٍ هُناكَ غَريبُ
وَإِنَّ الكَثيبَ الفَردَ مِن أَيمَنِ الحِمى / إِلَيَّ وَإِن لَم آتِهِ لَحَبيبُ
فَلا خَيرَ في الدُنيا إِذا أَنتَ لَم تَزُر / حَبيباً وَلَم يَطرَب إِلَيكَ حَبيبُ
أَرى أَهلَ لَيلى أَورَثوني صَبابَةً
أَرى أَهلَ لَيلى أَورَثوني صَبابَةً / وَمالي سِوى لَيلى الغَداةَ طَبيبُ
إِذا ما رَأَوني أَظهَروا لي مَوَدَّةً / وَمِثلُ سُيوفِ الهِندِ حينَ أَغيبُ
فَإِن يَمنَعوا عَينَيَّ مِنها فَمَن لَهُم / بِقَلبٍ لَهُ بَينَ الضُلوعِ وَجيبُ
إِن كانَ يا لَيلى اِشتِياقي إِلَيكُمُ / ضَلالاً وَفي بُرئي لِأَهلِكِ حوبُ
فَما تُبتُ مِن ذَنبٍ إِذا تُبتُ مِنكُمُ / وَما الناسُ إِلّا مُخطِئٌ وَمُصيبُ
بِنَفسي وَأَهلي مَن إِذا عَرَضوا لَهُ / بِبَعضِ الأَذى لَم يَدرِ كَيفَ يُجيبُ
وَلَم يَعتَذِر عُذرَ البَريءِ وَلَم يَزَل / بِهِ سَكنَةٌ حَتّى يُقالَ مُريبُ
فَلا النَفسُ يُسليها البُعادُ فَتَنثَني / وَلا هِيَ عَمّا لا تَنالُ تَطيبُ
وَكَم زَفرَةٍ لي لَو عَلى البَحرِ أَشرَقَت / لَأَنشَفَهُ حَرٌّ لَها وَلَهيبُ
وَلَو أَنَّ ما بي بِالحَصى فُلِقَ الحَصى / وَبِالريحِ لَم يُسمَع لَهُنَّ هُبوبُ
وَأَلقى مِنَ الحُبِّ المُبَرِّحِ لَوعَةً / لَها بَينَ جِلدي وَالعِظامِ دَبيبُ
أَلا لا أَرى وادي المِياهِ يُثيبُ
أَلا لا أَرى وادي المِياهِ يُثيبُ / وَلا النَفسُ عَن وادي المِياهِ تَطيبُ
أُحِبُّ هُبوطَ الوادِيَينِ وَإِنَّني / لَمُشتَهِرٌ بِالوادِيَينِ غَريبُ
أَحَقّاً عِبادَ اللَهِ أَن لَستُ وارِداً / وَلا صادِراً إِلّا عَلَيَّ رَقيبُ
وَلا زائِراً فَرداً وَلا في جَماعَةٍ / مِنَ الناسِ إِلّا قيلَ أَنتَ مُريبُ
أَلا في سَبيلِ الحُبِّ ما قَد لَقيتُهُ / غَراماً بِهِ أَحيا وَمِنهُ أَذوبُ
أَلا في سَبيلِ اللَهِ قَلبٌ مُعَذَّبٌ / فَذِكرُكِ يا لَيلى الغَداةَ طَروبُ
أَيا حُبَّ لَيلى لا تُبارِح مُهجَتي / فَفي حُبِّها بَعدَ المَماتِ قَريبُ
أَقامَ بِقَلبي مِن هَوايَ صَبابَةً / وَبَينَ ضُلوعي وَالفُؤادِ وَجيبُ
فَلَو أَنَّ ما بي بِالحَصا فُلِقَ الحَصا / وَبِالريحِ لَم يُسمَع لَهُنَّ هُبوبُ
وَلَو أَنَّ أَنفاسي أَصابَت بِحَرِّها / حَديداً لَكانَت لِلحَديدِ تُذيبُ
وَلَو أَنَّني أَستَغفِرُ اللَهَ كُلَّما / ذَكَرتُكِ لَم تُكتَب عَلَيَّ ذُنوبُ
وَلَو أَنَّ لَيلى في العِراقِ لَزُرتُها / وَلَو كانَ خَلفَ الشَمسِ حينَ تَغيبُ
أُحِبُّكِ يا لَيلى غَراماً وَعَشقَةً / وَلَيسَ أَتاني في الوِصالِ نَصيبُ
أُحِبُّكِ حُبّاً قَد تَمَكَّنَ في الحَشا / لَهو بَينَ جِلدي وَالعِظامِ دَبيبُ
أُحِبُّكِ يا لَيلى مَحَبَّةَ عاشِقٍ / أَهاجَ الهَوى في القَلبِ مِنهُ لَهيبُ
أُحِبُّكِ حَتّى يَبعَثَ اللَهُ خَلقَهُ / وَلي مِنكِ في يَومِ الحِسابِ حَسيبُ
سَقى اللَهُ أَرضاً أَهلُ لَيلى تَحُلُّها / وَجادَ عَلَيها الغَيثُ وَهوَ سَكوبُ
لِيَخضَرَّ مَرعاها وَيُخصِبَ أَهلَها / وَيَنمي بِها ذاكَ المَحَلِّ خَصيبُ
وَمُستَوحِشٍ لَم يُمسِ في دارِ غُربَةٍ
وَمُستَوحِشٍ لَم يُمسِ في دارِ غُربَةٍ / وَلَكِنَّهُ مِمَّن يَوَدُّ غَريبُ
إِذا رامَ كِتمانَ الهَوى نَمَّ دَمعُهُ / فَآهٍ لِمَحزونٍ جَفاهُ طَبيبُ
أَلا أَيُّها البَيتُ الَّذي لا أَزورُهُ / وَهُجرانُهُ مِنّي إِلَيكِ ذُنوبُ
هَجَرتُكِ مُشتاقاً وَزُرتُكِ خائِفاً / وَمِنّي عَلَيَّ الدَهرَ فيكِ رَقيبُ
سَلامٌ عَلى الدارِ الَّتي لا أَزورُها / وَإِن حَلَّها شَخصٌ إِلَيَّ حَبيبُ
وَكَم قائِلٍ لي اِسلُ عَنها بِغَيرِها
وَكَم قائِلٍ لي اِسلُ عَنها بِغَيرِها / وَذَلِكَ مِن قَولِ الوُشاةِ عَجيبُ
فَقُلتُ وَعَيني تَستَهِلُّ دُموعَها / وَقَلبي بِأَكنافِ الحَبيبِ يَذوبُ
لَئِن كانَ لي قَلبٌ يَذوبُ بِذِكرِها / وَقَلبٌ بِأُخرى إِنَّها لَقُلوبُ
فَيا لَيلَ جودي بِالوِصالِ فَإِنَّني / بِحُبِّكِ رَهنٌ وَالفُؤادُ كَئيبُ
لَعَلِّكِ أَن تُروى بِشُربٍ عَلى القَذى / وَتَرضى بِأَخلاقٍ لَهُنَّ خُطوبُ
وَتَبلي وِصالَ الواصِلينَ فَتَعلَمي / خَلائِقَ مَن يُصفي الهَوى وَيَشوبُ
لَقَد شَفَّ هَذا القَلبَ أَن لَيسَ بارِحاً / لَهُ شَجَنٌ ما يُستَطاعُ قَريبُ
فَلا النَفسُ تَخليها الأَعادي فَتَشتَقى / وَلا النَفسُ عَمّا لا تَنالُ تَطيبُ
لَكِ اللَهُ إِنّي واصِلٌ ما وَصَلتِني / وَمُثنٍ بِما أُوليتِني وَمُثيبُ
وَآخِذُ ما أَعطَيتِ عَفواً وَإِنَّني / لَأَزوَرُّ عَمّا تَكرَهينَ هَيوبُ
فَلا تَترُكي نَفسي شَعاعاً فَإِنَّها / مِنَ الوَجدِ قَد كادَت عَلَيكَ تَذوبُ
وَأَلقى مِنَ الحُبِّ المُبَرِّحِ سَورَةً / لَها بَينَ جِلدي وَالعِظامِ دَبيبُ
وَإِنّي لَأَستَحيِيكِ حَتّى كَأَنَّما / عَلَيَّ بِظَهرِ الغَيبِ مِنكِ رَقيبُ
هَوى صاحِبي ريحُ الشَمالِ إِذا جَرَت
هَوى صاحِبي ريحُ الشَمالِ إِذا جَرَت / وَأَهوى لِنَفسي أَن تَهُبَّ جَنوبُ
فَوَيلي عَلى العُذّالِ ما يَترُكونَني / بِغَمّي أَما في العاذِلينَ لَبيبُ
يَقولونَ لَو عَزَّيتَ قَلبَكَ لَاِرعَوى / فَقُلتُ وَهَل لِلعاشِقينَ قُلوبُ
دَعاني الهَوى وَالشَوقُ لَمّا تَرَنَّمَت / هَتوفُ الضُحى بَينَ الغُصونِ طَروبُ
نُحاوِبُ وُرقاً قَد أَصَخنَ لِصَوتِها / فَكُلٌّ لِكُلٍّ مُسعِدٌ وَمُجيبُ
فَقُلتُ حَمامَ الأَيكِ ما لَكَ باكِياً / أَفارَقتَ إِلفاً أَم جَفاكَ حَبيبُ
فَقالَ رَماني الدَهرُ مِنهُ بِقَوسِهِ / وَأَعرَضَ إِلفي فَالفُؤادُ يَذوبُ
تُذَكِّرُني لَيلى عَلى بُعدِ دارِها / وَلَيلى قَتولٌ لِلرِجالِ خَلوبُ
وَقَد رابَني أَنَّ الصَبا لا تُجيبُني / وَقَد كانَ يَدعوني الصَبا فَأُجيبُ
سَبى القَلبَ إِلّا أَنَّ فيهِ تَخَلُّداً / غَزالٌ بِأَعلى الماتِحينَ رَبيبُ
فَكَلِّم غَزالَ الماتِحينِ فَإِنَّهُ / بِدائي وَإِن لَم يَشفِني لَطَبيبُ
أُردِدُ عَنكِ النَفسَ وَالنَفسُ صَبَّةٌ / بِذِكرِكَ وَالمَمشى إِلَيكِ قَريبُ
مَخافَةَ أَن تَسعى الوُشاةُ بِظِنَّةٍ / وَأَكرَمَكُم أَن يَستَريبَ مُريبُ
فَلَو أَنَّ ما بي بِالحَصا فَلَقَ الحَصا / وَبِالريحِ لَم يُسمَع لَهُنَّ هُبوبُ
وَلَو أَنَّني أَستَغفِرُ اللَهَ كُلَّما / ذَكَرتُكِ لَم تُكتَب عَلَيَّ ذُنوبُ
وَلَو أَنَّ أَنفاسي أَصابَت بِحَرِّها / حَديداً إِذا ظَلَّ الحَديدُ يَذوبُ
فَدومي عَلى عَهدٍ فَلَستُ بِزائِلٍ / عَنِ العَهدِ مِنكُم ما أَقامَ عَسيبُ
حَلَفتُ لَها بِالمَشعَرَينِ وَزَمزَمٍ
حَلَفتُ لَها بِالمَشعَرَينِ وَزَمزَمٍ / وَذو العَرشِ فَوقَ المُقسِمينَ رَقيبُ
لَئِن كانَ بَردُ الماءِ حَرّانَ صادِياً / إِلَيَّ حَبيباً إِنَّها لَحَبيبُ
وَإِنّي لَآتيها وَفي النَفسِ هَجرُها / بَتاتاً لِأُخرى الدَهرِ أَو لِتُثيبُ
فَما هُوَ إِلّا أَن أَراها فَجاءَةً / فَأُبهَتُ حَتّى ما أَكادُ أُجيبُ