المجموع : 81
كَفى بِالَّذي تولينَهُ لَو تَجَنَّبا
كَفى بِالَّذي تولينَهُ لَو تَجَنَّبا / شِفاءً لِسُقمٍ بَعدَما عادَ أَشيَبا
عَلى أَنَّها كانَت تَأَوَّلُ حُبَّها / تَأَوُّلَ رِبعِيِّ السِقابِ فَأَصحَبا
فَتَمَّ عَلى مَعشوقَةٍ لا يَزيدُها / إِلَيهِ بَلاءُ الشَوقِ إِلّا تَحَبُّبا
وَإِنّي اِمرُؤٌ قَد باتَ هَمّي قَريبَتي / تَأَوَّبَني عِندَ الفِراشِ تَأَوُّبا
سَأوصي بَصيراً إِن دَنَوتُ مِنَ البِلى / وَصاةَ اِمرِئٍ قاسى الأُمورَ وَجَرَّبا
بِأَن لا تَبَغَّ الوُدَّ مِن مُتَباعِدٍ / وَلا تَنأَ عَن ذي بِغضَةٍ إِن تَقَرَّبا
فَإِنَّ القَريبَ مَن يُقَرِّبُ نَفسَهُ / لَعَمرُ أَبيكَ الخَيرَ لا مَن تَنَسَّبا
مَتى يَغتَرِب عَن قَومِهِ لا يَجِد لَهُ / عَلى مَن لَهُ رَهطٌ حَوالَيهِ مُغضَبا
وَيُحطَم بِظُلمٍ لا يَزالُ يَرى لَهُ / مَصارِعَ مَظلومٍ مُجَرّاً وَمَسحَبا
وَتُدفَنُ مِنهُ الصالِحاتُ وَإِن يُسِئ / يَكُن ما أَساءَ النارَ في رَأسِ كَبكَبا
وَلَيسَ مُجيراً إِن أَتى الحَيَّ خائِفٌ / وَلا قائِلاً إِلّا هُوَ المُتَعَيَّبا
أَرى الناسَ هَرّوني وَشُهِّرَ مَدخَلي / وَفي كُلِّ مَمشى أَرصَدَ الناسُ عَقرَبا
فَأَبلِغ بَني سَعدِ بنِ قَيسٍ بِأَنَّني / عَتَبتُ فَلَمّا لَم أَجِد لِيَ مَعتَبا
صَرَمتُ وَلَم أَصرِمكُمُ وَكَصارِمٍ / أَخٌ قَد طَوى كَشحاً وَأَبَّ لِيَذهَبا
وَمِثلُ الَّذي تولونَني في بُيوتِكُم / يُقَنّي سِناناً كَالقُدامى وَثَعلَبا
وَيَبعُدُ بَيتُ المَرءِ عَن دارِ قَومِهِ / فَلَن يَعلَموا مُمساهُ إِلّا تَحَسُّبا
إِلى مَعشَرٍ لا يُعرَفُ الوُدُّ بَينَهُم / وَلا النَسَبُ المَعروفُ إِلّا تَنَسُّبا
أَراني لَدُن أَن غابَ قَومي كَأَنَّما / يَرانِيَ فيهِم طالِبُ الحَقِّ أَرنَبا
دَعا قَومَهُ حَولي فَجاؤوا لِنَصرِهِ / وَنادَيتُ قَوماً بِالمُسَنّاةِ غُيَّبا
فَأَرضوهُ أَن أَعطوهُ مِنّي ظُلامَةً / وَما كُنتُ قُلّاً قَبلَ ذَلِكَ أَزيَبا
وَرُبَّ بَقيعٍ لَو هَتَفتُ بِجَوِّهِ / أَتاني كَريمٌ يَنفُضُ الرَأسَ مُغضَبا
أَرى رَجُلاً مِنكُم أَسيفاً كَأَنَّما / يَضُمُّ إِلى كَشحَيهِ كَفّاً مُخَضَّبا
وَما عِندَهُ مَجدٌ تَليدٌ وَلا لَهُ / مِنَ الريحِ فَضلٌ لا الجَنوبُ وَلا الصَبا
وَإِنّي وَما كَلَّفتُموني وَرَبِّكُم / لَيَعلَمَ مَن أَمسى أَعَقَّ وَأَحرَبا
لَكَالثَورِ وَالجِنِّيُّ يَضرِبُ ظَهرَهُ / وَما ذَنبَهُ إِن عافَتِ الماءَ مَشرَبا
وَما ذَنبُهُ أَن عافَتِ الماءَ باقِرٌ / وَما إِن تَعافُ الماءَ إِلّا لِيُضرَبا
فَإِن أَنأَ عَنكُم لا أُصالِح عَدوَّكُم / وَلا أُعطِهِ إِلّا جِدالاً وَمِحرَبا
وَإِن أَدنُ مِنكُم لا أَكُن ذا تَميمَةٍ / يُرى بَينَكُم مِنها الأَجالِدُ مُثقَبا
سَيَنبَحُ كَلبي جَهدَهُ مِن وَرائِكُم / وَأُغني عِيالي عَنكُمُ أَن أُؤَنَّبا
وَأَدفَعُ عَن أَعراضِكُم وَأُعيرُكُم / لِساناً كَمِقراضِ الخَفاجِيِّ مِلحَبا
هُنالِكَ لا تَجزونَني عِندَ ذاكُمُ / وَلَكِن سَيَجزيني الإِلَهُ فَيُعقِبا
ثَنائي عَلَيكُم بِالمَغيبِ وَإِنَّني / أَراني إِذا صارَ الوَلاءُ تَحَزُّبا
أَكونُ اِمرَءً مِنكُم عَلى ما يَنوبُكُم / وَلَن يَرَني أَعداؤكُم قَرنَ أَعضَبا
أَراني وَعَمرواً بَينَنا دَقُّ مَنشِمٍ / فَلَم يَبقَ إِلّا أَن أُجَنَّ وَيَكلَبا
كِلانا يُرائي أَنَّهُ غَيرُ ظالِمٍ / فَأَعزَبتُ حِلمي أَو هُوَ اليَومَ أَعزَبا
وَمَن يُطِعِ الواشينَ لا يَترُكوا لَهُ / صَديقاً وَإِن كانَ الحَبيبَ المُقَرَّبا
وَكُنتُ إِذا ما القِرنُ رامَ ظُلامَتي / غَلِقتُ فَلَم أَغفِر لِخَصمي فَيَدرَبا
كَما اِلتَمَسَ الرومِيُّ مِنشَبَ قُفلِهِ / إِذا اِجتَسَّهُ مِفتاحُهُ أَخطَأَ الشَبا
فَما ظَنُّكُم بِاللَيثِ يَحمي عَرينَهُ / نَفى الأُسدَ عَن أَوطانِهِ فَتُهُيِّبا
يُكِنُّ حِداداً مَوجَداتٍ إِذا مَشى / وَيُخرِجُها يَوماً إِذا ما تَحَرَّبا
لَهُ السَورَةُ الأولى عَلى القِرنِ إِذ غَدا / وَلا يَستَطيعُ القِرنُ مِنهُ تَغَيُّبا
عَلَوتُكُمُ وَالشَيبُ لَم يَعلُ مَفرِقي / وَهادَيتُموني الشِعرَ كَهلاً مُجَرَّبا
تَصابَيتَ أَم بانَت بِعَقلِكَ زَينَبُ
تَصابَيتَ أَم بانَت بِعَقلِكَ زَينَبُ / وَقَد جَعَلَ الوُدُّ الَّذي كانَ يَذهَبُ
وَشاقَتكَ أَظعانٌ لِزَينَبَ غُدوَةً / تَحَمَّلنَ حَتّى كادَتِ الشَمسُ تَغرُبُ
فَلَمّا اِستَقَلَّت قُلتُ نَخلَ اِبنِ يامِنٍ / أَهُنَّ أَمِ اللاتي تُرَبِّتُ يَترَبُ
طَريقٌ وَجَبّارٌ رِواءٌ أُصولُهُ / عَلَيهِ أَبابيلٌ مِنَ الطَيرِ تَنعَبُ
عَلونَ بِأَنماطٍ عِتاقٍ وَعَقمَةٍ / جَوانِبُها لَونانِ وَردٌ وَمُشرَبُ
أَجَدّوا فَلَمّا خِفتُ أَن يَتَفَرَّقوا / فَريقَينِ مِنهُم مُصعِدٌ وَمُصَوِّبُ
طَلَبتُهُمُ تَطوي بِيَ البيدَ جَسرَةٌ / شُوَيقِئهِ النابَينِ وَجناءُ ذِعلِبُ
مُضَبَّرَةٌ حَرفٌ كَأَنَّ قُتودَها / تَضَمَّنَها مِن حُمرِ بَيّانَ أَحقَبُ
فَلَمّا اِدَّرَكتُ الحَيَّ أَتلَعَ أُنَّسٌ / كَما أَتلَعَت تَحتَ المَكانِسِ رَبرَبُ
وَفي الحَيِّ مَن يَهوى لِقانا وَيَشتَهي / وَآخَرُ مَن أَبدى العَداوَةَ مُغضَبُ
فَما أَنسَ مِلأَشياءِ لا أَنسَ قَولَها / لَعَلَّ النَوى بَعدَ التَفَرُّقِ تُصقِبُ
وَخَدّاً أَسيلاً يَحدُرُ الدَمعَ فَوقَهُ / بَنانٌ كَهُدّابِ الدَمَقسِ مُخَضَّبُ
وَكَأسٍ كَعَينِ الديكِ باكَرتُ حَدَّها / بِفِتيانِ صِدقٍ وَالنَواقيسُ تُضرَبُ
سُلافٍ كَأَنَّ الزَعفَرانَ وَعَندَماً / يُصَفَّقُ في ناجودِها ثُمَّ تُقطَبُ
لَها أَرَجٌ في البَيتِ عالٍ كَأَنَّما / أَلَمَّ بِهِ مِن تَجرِ دارينَ أَركَبُ
أَلا أَبلِغا عَنّي حُرَيثاً رِسالَةً / فَإِنَّكَ عَن قَصدِ المَحَجَّةِ أَنكَبُ
أَتَعجَبُ أَن أَوفَيتَ لِلجارِ مَرَّةً / فَنَحنُ لَعَمري اليَومَ مِن ذاكَ نَعجَبُ
فَقَبلَكَ ما أَوفى الرُفادُ لِجارِهِ / فَأَنجاهُ مِمّا كانَ يَخشى وَيَرهَبُ
فَأَعطاهُ حِلساً غَيرَ نِكسٍ أَرَبَّهُ / لُؤاماً بِهِ أَوفى وَقَد كادَ يَذهَبُ
تَدارَكَهُ في مُنصِلِ الأَلِّ بَعدَما / مَضى غَيرَ دَأداءٍ وَقَد كادَ يَعطَبُ
وَنَحنُ أُناسٌ عودُنا عودُ نَبعَةٍ / إِذا اِنتَسَبَ الحَيّانِ بَكرٌ وَتَغلِبُ
لَنا نَعَمٌ لا يَعتَري الذَمُّ أَهلَهُ / تُعَقَّرُ لِلضَيفِ الغَريبِ وَتُحلَبُ
وَيُعقَلُ إِن نابَت عَلَيهِ عَظيمَةٌ / إِذا ما أُناسٌ موسِعونَ تَغَيَّبوا
وَيَمنَعُهُ يَومَ الصِياحِ مَصونَةٌ / سِراعٌ إِلى الداعي تَثوبُ وَتُركَبُ
عَناجيجُ مِن آلِ الصَريحِ وَأَعوَجٍ / مَغاويرُ فيها لِلأَريبِ مُعَقَّبُ
وَلَدنٌ مِنَ الخَطِيِّ فيهِ أَسِنَّةٌ / ذَخائِرُ مِمّا سَنَّ أَبزى وَشَرعَبُ
وَبيضٌ كَأَمثالِ العَقيقِ صَوارِمٌ / تُصانُ لِيَومِ الدَوخِ فينا وَتُخشَبُ
وَكُلُّ دِلاصٍ كَالأَضاةِ حَصينَةٍ / تَرى فَضلَها عَن رَبِّها يَتَذَبذَبُ
بانَت سُعادُ وَأَمسى حَبلُها رابا
بانَت سُعادُ وَأَمسى حَبلُها رابا / وَأَحدَثَ النَأيُ لي شَوقاً وَأَوصابا
وَأَجمَعَت صُرمَنا سُعدى وَهِجرَتَنا / لَمّا رَأَت أَنَّ رَأسي اليَومَ قَد شابا
أَيّامَ تَجلو لَنا عَن بارِدٍ رَتِلٍ / تَخالُ نَكهَتَها بِاللَيلِ سُيّابا
وَجيدِ مُغزِلَةٍ تَقرو نَواجِذُها / مِن يانِعِ المَردِ ما اِحلَولى وَما طابا
وَعَينِ وَحشِيَّةٍ أَغفَت فَأَرَّقَها / صَوتُ الذِئابِ فَأَوفَت نَحوَهُ دابا
هِركَولَةٌ مِثلُ دِعصِ الرَملِ أَسفَلُها / مَكسُوَّةٌ مِن جَمالِ الحُسنِ جِلبابا
تُميلُ جَثلاً عَلى المَتنَينِ ذا خُصَلٍ / يَحبو مَواشِطَهُ مِسكاً وَتَطيابا
رُعبوبَةٌ فُنُقٌ خُمصانَةٌ رَدَحٌ / قَد أُشرِبَت مِثلَ ماءِ الدُرِّ إِشرابا
وَمَهمَهٍ نازِحٍ قَفرٍ مَسارِبُهُ / كَلَّفتُ أَعيَسَ تَحتَ الرَحلِ نَعّابا
يُنبي القُتودَ بِمِثلِ البُرجِ مُتَّصِلاً / مُؤَيَّداً قَد أَنافوا فَوقَهُ بابا
كَأَنَّ كوري وَميسادي وَميثَرَتي / كَسَوتُها أَسفَعَ الخَدَّينِ عَبعابا
أَلجاهُ قَطرٌ وَشَفّانٌ لِمُرتَكِمٍ / مِنَ الأَميلِ عَلَيهِ البَغرُ إِكثابا
وَباتَ في دَفِّ أَرطاةٍ يَلوذُ بِها / يَجري الرَبابُ عَلى مَتنَيهِ تَسكابا
تَجلو البَوارِقُ عَن طَيّانَ مُضطَمِرٍ / تَخالُهُ كَوكَباً في الأُفقِ ثَقّابا
حَتّى إِذا ذَرَّ قَرنُ الشَمسِ أَو كَرَبَت / أَحَسَّ مِن ثُعَلٍ بِالفَجرِ كَلّابا
يُشلي عِطافاً وَمَجدولاً وَسَلهَبَةً / وَذا القِلادَةِ مَحصوفاً وَكَسّابا
ذو صِبيَةٍ كَسبُ تِلكَ الضارِياتِ لَهُم / قَد حالَفوا الفَقرَ وَاللَأواءَ أَحقابا
فَاِنصاعَ لا يَأتَلي شَدّاً بِخَذرَفَةٍ / تَرى لَهُ مِن يَقينِ الخَوفِ إِهذابا
وَهُنَّ مُنتَصِلاتٌ كُلَّها ثَقِفٌ / تَخالُهُنَّ وَقَد أُرهِقنَ نَشّابا
لَأياً يُجاهِدُها لا يَأتَلي طَلَباً / حَتّى إِذا عَقلُهُ بَعدَ الوَنى ثابا
فَكَرَّ ذو حَربَةٍ تَحمي مَقاتِلَهُ / إِذا نَحا لِكُلاها رَوقَهُ صابا
لَمّا رَأَيتُ زَماناً كالِحاً شَبِماً / قَد صارَ فيهِ رُؤوسُ الناسِ أَذنابا
يَمَّمتُ خَيرَ فَتىً في الناسِ كُلَّهُمُ / الشاهِدينَ بِهِ أَعني وَمَن غابا
لَمّا رَآني إِياسٌ في مُرَجَّمَةٍ / رَثَّ الشَوارِ قَليلَ المالِ مُنشابا
أَثوى ثَواءَ كَريمٍ ثُمَّ مَتَّعَني / يَومَ العُروبَةِ إِذ وَدَّعتُ أَصحابا
بِعَنتَريسٍ كَأَنَّ الحُصَّ ليطَ بِها / أَدماءَ لا بَكرَةً تُدعى وَلا نابا
وَالرِجلُ كَالرَوضَةِ المِحلالِ زَيَّنَها / نَبتُ الخَريفِ وَكانَت قَبلُ مِعشابا
جَزى الإِلَهُ إِياساً خَيرَ نِعمَتِهِ / كَما جَزى المَرءَ نوحاً بَعدَما شابا
في فُلكِهِ إِذ تَبَدّاها لِيَصنَعَها / وَظَلَّ يَجمَعُ أَلواحاً وَأَبوابا
أَوصَلتَ صُرمَ الحَبلِ مِن
أَوصَلتَ صُرمَ الحَبلِ مِن / سَلمى لِطولِ جِنابِها
وَرَجَعتَ بَعدَ الشَيبِ تَب / غي وُدُّها بِطِلابِها
أَقصِر فَإِنَّكَ طالَما / أوضِعتَ في إِعجابِها
أَوَلَن يُلاحَمَ في الزُجا / جَةِ صَدعُها بِعِصابِها
أَوَلَن تَرى في الزُبرِ بَيِّ / نَةً بِحُسنِ كِتابِها
إِنَّ القُرى يَوماً سَتَه / لِكُ قَبلَ حَقِّ عَذابِها
وَتَصيرُ بَعدَ عَمارَةٍ / يَوماً لِأَمرِ خَرابِها
أَوَلَم تَرَي حِجراً وَأَن / تِ حَكيمَةٌ وَلِما بِها
إِنَّ الثَعالِبَ بِالضُحى / يَلعَبنَ في مِحرابِها
وَالجِنُّ تَعزِفُ حَولَها / كَالحُبشِ في مِحرابِها
فَخَلا لِذَلِكَ ما خَلا / مِن وَقتِها وَحِسابِها
وَلَقَد غَبَنتُ الكاعِبا / تِ أَحَظُّ مِن تَخبابِها
وَأَخونُ غَفلَةَ قَومِها / يَمشونَ حَولَ قِبابِها
حَذَراً عَلَيها أَن تُرى / أَو أَن يُطافَ بِبابِها
فَبَعَثتُ جِنّيّاً لَنا / يَأتي بِرَجعِ جَوابِها
فَمَشى وَلَم يَخشَ الأَني / سَ فَزارَها وَخَلا بِها
فَتَنازَعا سِرَّ الحَدي / ثِ فَأَنكَرَت فَنَزا بِها
عَضبُ اللِسانِ مُتَقِّنٌ / فَطِنٌ لِما يُعنى بِها
صَنَعٌ بِلينِ حَديثِها / فَدَنَت عُرى أَسبابِها
قالَت قَضَيتَ قَضِيَّةً / عَدلاً لَنا يُرضى بِها
فَأَرادَها كَيفَ الدُخو / لُ وَكَيفَ ما يُؤتى لَها
في قُبَّةٍ حَمراءَ زَيَّ / نَها اِئتِلاقُ طِبابِها
وَدَنا تَسَمُّعُهُ إِلى / ما قالَ إِذ أَوصى بِها
إِنَّ الفَتاةَ صَغيرَةٌ / غِرٌّ فَلا يُسدى بِها
وَاِعلَم بِأَنّي لَم أُكَل / لِم مِثلَها بِصِعابِها
إِنّي أَخافُ الصُرمَ مِن / ها أَو شَحيجَ غُرابِها
فَدَخَلتُ إِذ نامَ الرَقي / بُ فَبِتُّ دونَ ثيابِها
حَتّى إِذا ما اِستَرسَلَت / مِن شِدَّةٍ لِلِعابِها
قَسَّمتُها قِسمَينِ كُل / لَ مُوَجَّهٍ يُرمى بِها
فَثَنَيتُ جيدَ غَريرَةٍ / وَلَمَستُ بَطنَ حِقابِها
كَالحُقَّةِ الصَفراءِ صا / كَ عَبيرُها بِمَلابِها
وَإِذا لَنا نامورَةٌ / مَرفوعَةٌ لِشَرابِها
وَنَظَلُّ تَجري بَينَنا / وَمُفَدَّمٌ يَسقي بِها
هَزِجٌ عَلَيهِ التَومَتا / نِ إِذا نَشاءُ عَدا بِها
وَوَديقَةٍ شَهباءَ رُدِّ / يَ أَكمُها بِسَرابِها
رَكَدَت عَلَيها يَومَها / شَمسٌ بِحَرِّ شِهابِها
حَتّى إِذا ما أوقِدَت / فَالجَمرُ مِثلُ تُرابِها
كَلَّفتُ عانِسَةً أَمو / ناً في نَشاطِ هِبابِها
أَكلَلتُها بَعدَ المِرا / حِ فَآلَ مِن أَصلابِها
فَشَكَت إِلَيَّ كَلالَها / وَالجَهدَ مِن أَتعابِها
وَكَأَنَّها مَحمومُ خَي / بَرَ بَلَّ مِن أَوصابِها
لَعِبَت بِهِ الحُمّى سِني / نَ وَكانَ مِن أَصحابِها
وَرَدَت عَلى سَعدِ بنِ قَي / سٍ ناقَتي وَلِما بِها
فَإِذا عَبيدٌ عُكَّفٌ / مُسَكٌ عَلى أَنصابِها
وَجَميعُ ثَعلَبَةَ بنِ سَع / دٍ بَعدُ حَولَ قِبابِها
مِن شُربِها المُزّاءَ ما اِس / تَبطَنتُ مِن إِشرابِها
وَعَلِمتُ أَنَّ اللَهَ عَم / داً حَسَّها وَأَرى بِها
أَصرَمتَ حَبلَكَ مِن لَمي
أَصرَمتَ حَبلَكَ مِن لَمي / سَ اليَومَ أَم طالَ اِجتِبابُه
وَلَقَد طَرَقتُ الحَيَّ بَع / دَ النَومِ تَنبَحُني كِلابُه
بِمُشَذَّبٍ كَالجِذعِ صا / كَ عَلى تَرائِبِهِ خِضابُه
سَلِسٍ مُقَلَّدُهُ أَسي / لٍ خَدُّهُ مَرِعٍ جَنابُه
في عازِبٍ وَسَميِّ شَه / رٍ لَن يُعَزِّبَني مَصابُه
حَطَّت لَهُ ريحٌ كَما / حُطَّت إِلى مَلِكٍ عِيابُه
وَلَقَد أَطَفتُ بِحاضِرٍ / حَتّى إِذا عَسَلَت ذِئابُه
وَصَغا قُمَيرٌ كانَ يَم / نَعُ بَعضَ بِغيَةٍ اِرتِقابُه
أَقبَلتُ أَمشي مِشيَةَ ال / خَشيانِ مُزوَرّاً جِنابُه
وَإِذا غَزالٌ أَحوَرُ ال / عَينَينِ يُعجِبُني لِعابُه
حَسَنٌ مُقَلَّدُ حَليِهِ / وَالنَحرُ طَيِّبَةٌ مَلابُه
غَرّاءُ تَبهَجُ زَولَهُ / وَالكَفُّ زَيَّنَها خِضابُه
لَعَبَرتُهُ سَبحاً وَلَو / غُمِرَت مَعَ الطَرفاءِ غابُه
وَلَوَ اِنَّ دونَ لِقائِها / جَبَلاً مُزَلِّقَةً هِضابُه
لَنَظَرتُ أَنّى مُرتَقا / هُ وَخَيرُ مَسلَكِهِ عِقابُه
لَأَتَيتُها إِنَّ المُحِب / بَ مُكَلَّفٌ دَنِسٌ ثِيابُه
وَلَوَ اِنَّ دونَ لِقائِها / ذا لِبدَةٍ كَالزُجِّ نابُه
لَأَتَيتُهُ بِالسَيفِ أَم / شي لا أُهَدَّ وَلا أَهابُه
وَلِيَ اِبنُ عَمٍّ ما يَزا / لُ لِشِعرِهِ خَبَباً رِكابُه
سَحّاً وَساحِيَةً وَعَم / ما ساعَةٍ ذَلِقَت ضَبابُه
ما بالُ مَن قَد كانَ حَظ / ظي مِن نَصيحَتِهِ اِغتِيابُه
يُزجي عَقارِبَ قَولِهِ / لَمّا رَأى أَنّي أَهابُه
يا مَن يَرى رَيمانَ أَم / سى خاوِياً خَرِباً كِعابُه
أَمسى الثَعالِبُ أَهلَهُ / بَعدَ الَّذينَ هُمُ مَآبُه
مِن سوقَةٍ حَكَمٍ وَمِن / مَلِكٍ يُعَدُّ لَهُ ثَوابُه
بَكَرَت عَلَيهِ الفُرسُ بَع / دَ الحُبشِ حَتّى هُدَّ بابُه
فَتَراهُ مَهدومَ الأَعا / لي وَهوَ مَسحولٌ تُرابُه
وَلَقَد أَراهُ بِغِبطَةٍ / في العَيشِ مُخضَرّاً جَنابُه
فَخَوى وَما مِن ذي شَبا / بٍ دائِمٍ أَبَداً شَبابُه
بَل هَل تَرى بَرقاً عَلى ال / جَبَلَينِ يُعجِبُني اِنجِيابُه
مِن ساقِطِ الأَكنافِ ذي / زَجَلٍ أَرَبَّ بِهِ سَحابُه
مِثلِ النَعامِ مُعَلَّقاً / لَمّا دَنا قِرداً رَبابُه
وَلَقَد شَهِدتُ التاجِرَ ال / أُمّانَ مَوروداً شَرابُه
بِالصَحنِ وَالمِصحاةِ وَال / إِبريقِ يَحجُبُها عِلابُه
فَإِذا تُحاسِبُهُ النَدا / مى لا يُعَدّيني حِسابُه
بِالبازِلِ الكَوماءِ يَت / بَعُها الَّذي قَد شَقَّ نابُه
وَلَقَد شَهِدتُ الجَيشَ تَخ / فِقُ فَوقَ سَيِّدِهِم عُقابُه
فَأَصَبتُ مِن غَيرِ الَّذي / غَنِموا إِذِ اِقتُسِمَت نِهابُه
بَل آلَ كِندَةَ خَبِّروا / عَنِ اِبنِ كَبشَةَ ما مَعابُه
إِنَّ الرَزيئةَ مِثلُ حَب / وَةَ يَومَ فارَقَهُ صِحابُه
بادَ العَتادُ وَفاحَ ري / حُ المِسكِ إِذ هُجِمَت قِبابُه
مَن ذا يُبَلِّغُني رَبي / عَةَ ثُمَّ لا يُنسى ثَوابُه
إِنّي مَتى ما آتِهِ / لا يَجفُ راحِلَتي ثَوابُه
إِنَّ الكَريمَ اِبنَ الكَري / مِ لِكُلِّ ذي كَرَمٍ نِصابُه
أَلَم تَنهَ نَفسَكَ عَمّا بِها
أَلَم تَنهَ نَفسَكَ عَمّا بِها / بَلى عادَها بَعضُ أَطرابِها
لِجارَتِنا إِذ رَأَت لِمَّتي / تَقولُ لَكَ الوَيلُ أَنّى بِها
فَإِن تَعهَديني وَلي لِمَّةٌ / فَإِنَّ الحَوادِثَ أَلوى بِها
وَقَبلَكِ ساعَيتُ في رَبرَبٍ / إِذا نامَ سامِرُ رُقّابِها
تُنازِعُني إِذ خَلَت بُردَها / مُفَضَّلَةً غَيرَ جِلبابِها
فَلَمّا اِلتَقَينا عَلى بابِها / وَمَدَّت إِلَيَّ بِأَسبابِها
بَذَلنا لَها حُكمَها عِندَنا / وَجادَت بِحُكمي لِأُلهى بِها
فَطَوراً تَكونُ مِهاداً لَنا / وَطَوراً أَكونُ فَيُعلى بِها
عَلى كُلِّ حالٍ لَها حالَةٌ / وَكُلُّ الأَجارِيِّ يُجرى بِها
فَكَيفَ بِدَهرٍ خَلا ذِكرُهُ / وَكَيفَ لِنَفسٍ بِإِعجابِها
وَإِذ لِمَّتي كَجَناحِ الغُدافِ / تَرنو الكَعابُ لَإِعجابِها
أَكَلتُ السَنامَ فَأَفنَيتُهُ / وَشُدَّ النُسوعُ بِأَصلابِها
تَراهُنَّ مِن بَعدِ إِسآدِهِن / وَسَيرِ النَهارِ وَتَدآبِها
طِوالَ الأَخادِعِ خوصَ العُيونِ / خِماصاً مَواضِعُ أَحقابِها
وَكَأسٍ شَرِبتُ عَلى لَذَّةٍ / وَأُخرى تَداوَيتُ مِنها بِها
لِكَي يَعلَمَ الناسُ أَنّي اِمرُؤٌ / أَتَيتُ المَعيشَةَ مِن بابِها
كُمَيتٍ يُرى دونَ قَعرِ الإِنى / كَمِثلِ قَذى العَينِ يُقذى بِها
وَشاهِدُنا الوَردُ وَالياسَمي / نُ وَالمُسمِعاتُ بِقُصّابِها
وَمِزهَرُنا مُعمَلٌ دائِمٌ / فَأَيُّ الثَلاثَةِ أُزرى بِها
تَرى الصَنجَ يَبكي لَهُ شَجوَهُ / مَخافَةَ أَن سَوءَ يَدعى بِها
مَضى لي ثَمانونَ مِن مَولِدي / كَذَلِكَ تَفصيلُ حُسّابِها
فَأَصبَحتُ وَدَّعتُ لَهوَ الشَبا / بِ وَالخَندَريسَ لِأَصحابِها
أُحِبُّ أَثافِتَ وَقتَ القِطافِ / وَوَقتَ عُصارَةِ أَعنابِها
وَكَعبَةُ نَجرانَ حَتمٌ عَلَي / كِ حَتّى تُناخي بِأَبوابِها
نَزورُ يَزيدَ وَعَبدَ المَسيحِ / وَقَيساً هُمُ خَيرُ أَربابِها
إِذا الحَبَراتُ تَلَوَّت بِهِم / وَجَرّوا أَسافِلَ هُدّابِها
لَهُم مَشرَباتٌ لَها بَهجَةٌ / تَروقُ العُيونَ بِتِعجابِها
مِن دِيارٍ بِالهَضبِ هَضبِ القَليبِ
مِن دِيارٍ بِالهَضبِ هَضبِ القَليبِ / فاضَ ماءُ الشُؤونِ فَيضَ الغُروبِ
أَخلَفَتني بِهِ قُتَيلَةُ ميعا / دي وَكانَت لِلوَعدِ غَيرَ كَذوبِ
ظَبيَةٌ مِن ظِباءِ بَطنِ خُسافٍ / أُمُّ طِفلٍ بِالجَوِّ غَيرِ رَبيبِ
كُنتُ أَوصَيتُها بِأَن لا تُطيعي / فيَّ قَولَ الوُشاةِ وَالتَخَبيبِ
وَفَلاةٍ كَأَنَّها ظَهرُ تُرسٍ / قَد تَجاوَزتُها بِحَرفٍ نَعوبِ
عِرمِسٍ بازِلٍ تَخَيَّلُ بِالرِد / فِ عَسوفٍ مِثلِ الهِجانِ السَيوبِ
تَضبُطُ المَوكِبَ الرَفيعَ بِأَيدٍ / وَسَنامٍ مُصَعَّدٍ مَكثوبِ
قاصِدٌ وَجهُها تَزورُ بَني الحا / رِثِ أَهلَ الغِناءِ عِندَ الشُروبِ
الرَفيئينَ بِالجِوارِ فَما يُغ / تالُ جارٌ لَهُم بِظَهرِ المَغيبِ
وَهُم يُطعِمونَ إِذ قَحَطَ القَط / رُ وَهَبَّت بِشَمأَلٍ وَضَريبِ
وَخَوَت جِربَةُ النُجومِ فَما تَش / رَبُ أُروِيَّةٌ بِمَريِ الجَنوبِ
مَن يَلُمني عَلى بَني اِبنَةِ حَسّا / نَ أَلُمهُ وَأَعصِهِ في الخُطوبِ
إِنَّ قَيساً قَيسَ الفِعالِ أَبا الأَش / عَثِ أَمسَت أَعداؤُهُ لِشَعوبِ
كُلَّ عامٍ يَمُدُّني بِجَمومٍ / عِندَ وَضعِ العِنانِ أَو بِنَجيبِ
قافِلٍ جُرشُعٍ تَراهُ كَتَيسِ ال / رَبلِ لا مُقرِفٍ وَلا مَخشوبِ
صَدَءُ القَيدِ في يَدَيهِ فَلا يُغ / فَلُ عَنهُ في مَربَطٍ مَكروبِ
مُستَخِفٍّ إِذا تَوَجَّهَ في الخَي / لِ لِشَدِّ التَفنينِ وَالتَقريبِ
تِلكَ خَيلي مِنهُ وَتِلكَ رِكابي / هُنَّ صُفرٌ أَولادُها كَالزَبيبِ
أَلَم تَرَوا لِلعَجَبِ العَجيبِ
أَلَم تَرَوا لِلعَجَبِ العَجيبِ /
إِنَّ بَني قِلابَةَ القُلوبِ /
أُنوفُهُم مِالفَخرِ في أُسلوبِ /
وَشَعَرُ الأَستاهِ بِالجَبوبِ /
يا رَخَماً قاظَ عَلى يَنخوبِ /
يُعجِلُ كَفَّ الخارِئِ المُطيبِ /
أَهلُ النُهى وَالحَسَبِ الحَسيبِ /
وَالخَمرِ وَالتِرياقِ وَالزَبيبِ /
تَراهُمُ غَيرَ أَثباطٍ بِمَذرَعَةٍ
تَراهُمُ غَيرَ أَثباطٍ بِمَذرَعَةٍ / تَوابِعٌ لِلَحيمٍ حَيثُما ذَهَبوا
أَجَدَّ بَتِيّاً هَجرُها وَشَتاتُها
أَجَدَّ بَتِيّاً هَجرُها وَشَتاتُها / وَحَبَّ بِها لَو تُستَطاعُ طِياتُها
وَما خِلتُ رَأيَ السوءِ عَلَّقَ قَلبَهُ / بِوَهنانَةٍ قَد أَوهَنَتها سِناتُها
رَأَت عُجُزاً في الحَيِّ أَسنانَ أُمَّها / لِداتي وَشُبّانُ الرِجالِ لِداتُها
فَشايَعَها ما أَبصَرَت تَحتَ دِرعِها / عَلى صَومِنا وَاِستَعجَلَتها أَناتُها
وَمِثلِكِ خَودٍ بادِنٍ قَد طَلَبتُها / وَساعَيتُ مَعصِيّاً لَدَينا وُشاتُها
مَتى تُسقَ مِن أَنيابِها بَعدَ هَجعَةٍ / مِنَ اللَيلِ شِرباً حينَ مالَت طُلاتُها
تَخَلهُ فِلَسطِيّاً إِذا ذُقتَ طَعمَهُ / عَلى رَبِذاتِ النَيِّ حُمشٍ لِثاتُها
وَخَصمٍ تَمَنّى فَاِجتَنَيتُ بِهِ المُنى / وَعَوجاءَ حَرفٍ لَيِّنٍ عَذَباتُها
تَعالَلتُها بِالسَوطِ بَعدَ كَلالِها / عَلى صَحصَحٍ تَدمى بِهِ بَخَصاتُها
وَكَأسٍ كَماءِ النَيِّ باكَرتُ حَدَّها / بِغِرَّتِها إِذ غابَ عَنّي بُغاتُها
كُمَيتٍ عَلَيها حُمرَةٌ فَوقَ كُمتَةٍ / يَكادُ يُفَرّي المَسكَ مِنها حَماتُها
وَرَدتُ عَلَيها الريفَ حَتّى شَرِبتُها / بِماءِ الفُراتِ حَولَنا قَصَباتُها
لَعَمرُكَ إِنَّ الراحَ إِن كُنتَ سائِلاً / لَمُختَلِفٌ غُدِيُّها وَعَشاتُها
لَنا مِن ضُحاها خُبثُ نَفسٍ وَكَأبَةٌ / وَذِكرى هُمومٍ ما تَغِبُّ أَذاتُها
وَعِندَ العَشيِّ طيبُ نَفسٍ وَلَذَّةٌ / وَمالٌ كَثيرٌ غُدوَةً نَشَواتُها
عَلى كُلِّ أَحوالِ الفَتى قَد شَرِبتُها / غَنِيّاً وَصُعلوكاً وَما إِن أَقاتُها
أَتانا بِها الساقي فَأَسنَدَ زِقَّهُ / إِلى نُطفَةٍ زَلَّت بِها رَصَفاتُها
وُقوفاً فَلَمّا حانَ مِنّا إِناخَةٌ / شَرِبنا قُعوداً خَلفَنا رُكَباتُها
وَفَينا إِلى قَومٍ عَلَيهِم مَهابَةٌ / إِذا ما مَعَدٌّ أَحلَبَت حَلَباتُها
أَبا مِسمَعٍ إِنّي اِمرُؤٌ مِن قَبيلَةٍ / بَنى لِيَ مَجداً مَوتُها وَحَياتُها
فَلَسنا لِباغي المُهمَلاتِ بِقِرفَةٍ / إِذا ما طَها بِاللَيلِ مُنتَشِراتُها
فَلا تَلمَسِ الأَفعى يَداكَ تُريدُها / وَدَعها إِذا ما غَيَّبَتها سَفاتُها
أَبا مِسمَعٍ أَقصِر فَإِنَّ قَصيدَةً / مَتى تَأتِكُم تَلحَق بِها أَخَواتُها
أَعَيَّرتَني فَخري وَكُلُّ قَبيلَةٍ / مُحَدِّثَةٌ ما أَورَثَتها سُعاتُها
وَمِنّا الَّذي أَسرى إِلَيهِ قَريبُهُ / حَريباً وَمَن ذا أَخطَأَت نَكَباتُها
فَقالَ لَهُ أَهلاً وَسَهلاً وَمَرحَباً / أَرى رَحِماً قَد وافَقَتها صِلاتُها
أَثارَ لَهُ مِن جانِبِ البَركِ غُدوَةً / هُنَيدَةَ يَحدوها إِلَيهِ رُعاتُها
وَمِنّا اِبنُ عَمروٍ يَومَ أَسفَلِ شاحِبٍ / يَزيدُ وَأَلهَت خَيلَهُ عُذَراتُها
سَما لِاِبنِ هِرٍّ في الغُبارِ بِطَعنَةٍ / يَفورُ عَلى حَيزومِهِ نَعَراتُها
وَمِنّا اِمرُؤٌ يَومَ الهَمامَينِ ماجِدٌ / بِجَوٍّ نَطاعٍ يَومَ تَجني جُناتُها
فَقالَ لَهُ ماذا تُريدُ وَسُخطُهُ / عَلى ماءَةٍ قَد كَمَّلَتها وُفاتُها
وَمِنّا الَّذي أَعطاهُ في الجَمعِ رَبُّهُ / عَلى فاقَةٍ وَلِلمُلوكِ هِباتُها
سَبايا بَني شَيبانَ يَومَ أُوارَةٍ / عَلى النارِ إِذ تُجلى لَهُ فَتَياتُها
كَفى قَومَهُ شَيبانَ أَنَّ عَظيمَةً / مَتى تَأتِهِ تُؤخَذ لَها أُهُباتُها
إِذا رَوَّحَ الراعي اللَقاحَ مُعَزِّباً / وَأَمسَت عَلى آفاقِها غَبَراتُها
أَهَنّا لَها أَموالَنا عِندَ حَقِّها / وَعَزَّت بِها أَعراضُنا لا نُفاتُها
وَدارَ حِفاظٍ قَد حَلَلنا مَخوفَةٍ / سُراةً قَليلٍ رِعيُها وَنَباتُها
فِدىً لِبَني ذُهلِ اِبنِ شَيبانَ ناقَتي
فِدىً لِبَني ذُهلِ اِبنِ شَيبانَ ناقَتي / وَراكِبُها يَومَ اللِقاءِ وَقَلَّتِ
هُمُ ضَرَبوا بِالحِنوِ حِنوِ قُراقِرٍ / مُقَدِّمَةَ الهامَرزِ حَتّى تَوَلَّتِ
فَلِلَّهِ عَينا مَن رَأى مِن عِصابَةٍ / أَشَدَّ عَلى أَيدي السُقاةِ مِنَ الَّتي
أَتَتهُم مِنَ البَطحاءِ يَبرُقُ بَيضُها / وَقَد رُفِعَت راياتُها فَاِستَقَلَّتِ
فَثاروا وَثُرنا وَالمَنِيَّةُ بَينَنا / وَهاجَت عَلَينا غَمرَةٌ فَتَجَلَّتِ
وَقَد شَمَّرَت بِالناسِ شَمطاءُ لاقِحٌ / عَوانٌ شَديدٌ هَمزُها فَأَضَلَّتِ
كَفَوا إِذ أَتى الهامَرزُ تَخفِقُ فَوقَهُ / كَظِلِّ العُقابِ إِذ هَوَت فَتَدَلَّتِ
وَأَحمَوا حِمى ما يَمنَعونَ فَأَصبَحَت / لَنا ظُعُنٌ كانَت وُقوفاً فَحَلَّتِ
أَذاقوهُمُ كَأساً مِنَ المَوتِ مُرَّةً / وَقَد بَذَخَت فُرسانُهُم وَأَذَلَّتِ
سَوابِغُهُم بيضٌ خِفافٌ وَفَوقَهُم / مِنَ البيضِ أَمثالُ النُجومِ اِستَقَلَّتِ
وَلَم يَبقَ إِلّا ذاتُ رَيعٍ مُفاضَةٌ / وَأَسهَلَ مِنهُم عُصبَةٌ فَأَطَلَّتِ
فَصَبَّحَهُم بِالحِنوِ حِنوِ قُراقِرٍ / وَذي قارِها مِنها الجُنودُ فَفُلَّتِ
عَلى كُلِّ مَحبوكِ السَراةِ كَأَنَّهُ / عُقابٌ هَوَت مِن مَرقَبٍ إِذ تَعَلَّتِ
فَجادَت عَلى الهامَرزِ وَسطَ بُيوتِهِم / شَآبيبُ مَوتٍ أَسبَلَت وَاِستَهَلَّتِ
تَناهَت بَنو الأَحرارِ إِذ صَبَرَت لَهُم / فَوارِسُ مِن شَيبانَ غُلبٌ فَوَلَّتِ
وَأَفلَتَهُم قَيسٌ فَقُلتُ لَعَلَّهُ / يَبِلُّ لَئِن كانَت بِهِ النَعلُ زَلَّتِ
فَما بَرِحوا حَتّى اِستُحِثَّت نِساؤُهُم / وَأَجرَوا عَلَيها بِالسِهامِ فَذَلَّتِ
لَعَمرُكَ ما شَفَّ الفَتى مِثلُ هَمِّهِ / إِذا حاجَةٌ بَينَ الحَيازيمِ جَلَّتِ
فِداءٌ لِقَومٍ قاتَلوا بِخَفيَّةٍ
فِداءٌ لِقَومٍ قاتَلوا بِخَفيَّةٍ / فَوارِسَ عَوصٍ إِخوَتي وَبَناتي
يَكُرُّ عَلَيهِم بِالسَحيلِ اِبنُ جَحدَرٍ / وَما مَطَرٌ فيها بِذي عَذَراتِ
سَيَذهَبُ أَقوامٌ كِرامٌ لِوَجهِهِم / وَتُترَكُ قَتلى وُرَّمُ الكَمَراتِ
أَتاني ما يَقولُ لي اِبنُ بُظرى
أَتاني ما يَقولُ لي اِبنُ بُظرى / أَقَيسٌ يا اِبنَ ثَعلَبَةِ الصَباحِ
لَعَبدانَ اِبنِ عاهِرَةٍ وَخِلطٍ / رَجوفِ الأَصلِ مَدخولِ النَواحي
لَقَد سَفَرَت بَنو عَبدانَ بَيناً / فَما شَكَروا بِلَأمي وَالقِداحِ
إِلَيكُم قَبلَ تَجهيزِ القَوافي / تَزورُ المُنجِدينَ مَعَ الرِياحِ
فَما شَتمي بِسَنّوتٍ بِزُبدٍ / وَلا عَسَلٍ تُصَفِّقُهُ بِراحِ
وَلَكِن ماءُ عَلقَمَةٍ وَسَلعٍ / يُخاضُ عَلَيهِ مِن عَلَقِ الذُباحِ
لَأُمُّكَ بِالهِجاءِ أَحَقُّ مِنّا / لِما أَبَلَتكَ مِن شَوطِ الفِضاحِ
أَلَسنا المانِعينَ إِذا فَزَعنا / وَزافَت فَيلَقٌ قَبلَ الصَباحِ
سَوامَ الحَيِّ حَتّى نَكتَفيهِ / وَجودُ الخَيلِ تَعثُرُ في الرِماحِ
أَلَسنا المُقتَفينَ بِمَن أَتانا / إِذا ما حارَدَت خورُ اللِقاحِ
أَلَسنا الفارِجينَ لِكُلِّ كَربٍ / إِذا ما غُصَّ بِالماءِ القَراحِ
أَلَسنا نَحنُ أَكرَمَ إِن نُسِبنا / وَأَضرَبَ بِالمُهَنَّدَةِ الصَفاحِ
رِياحاً لا تُهِنهُ إِن تَمَنّى
رِياحاً لا تُهِنهُ إِن تَمَنّى / مَعارِفَ مِن شِمالي في رِياحِ
ما تَعيفُ اليَومَ في الطَيرِ الرَوَح
ما تَعيفُ اليَومَ في الطَيرِ الرَوَح / مِن غُرابِ البَينِ أَو تَيسٍ بَرَح
جالِساً في نَفَرٍ قَد يَئِسوا / مِن مُحيلِ القِدِّ مِن صَحبِ قُزَح
عِندَ ذي مُلكٍ إِذا قيلَ لَهُ / فادِ بِالمالِ تَراخى وَمَزَح
فَلَئِن رَبُّكَ مِن رَحمَتِهِ / كَشَفَ الضيقَةَ عَنّا وَفَسَح
أَو لَئِن كُنّا كَقَومٍ هَلَكوا / ما لِحَيٍّ يا لَقَومي مِن فَلَح
لَيَعودَن لِمَعَدٍّ عَكرُها / دَلَجُ اللَيلِ وَتَأخاذُ المِنَح
إِنَّما نَحنُ كَشَيءٍ فاسِدٍ / فَإِذا أَصلَحَهُ اللَهُ صَلَح
كَم رَأَينا مِن أُناسٍ هَلَكوا / وَرَأَينا المَرءَ عَمراً بِطَلَح
آفِقاً يُجبى إِلَيهِ خَرجُهُ / كُلَّ ما بَينَ عُمانٍ فَمَلَح
وَهِرَقلاً يَومَ سا آتيدَمى / مِن بَني بُرجانَ في البَأسِ رَجَح
وَرِثَ السُؤدَدَ عَن آبائِهِ / وَغَزا فيهِم غُلاماً ما نَكَح
صَبَّحوا فارِسَ في رَأدِ الضُحى / بِطَحونٍ فَخمَةٍ ذاتِ صَبَح
ثُمَّ ما كاؤوا وَلَكِن قَدَّموا / كَبشَ غاراتٍ إِذا لاقى نَطَح
فَتَفانَوا بِضِرابٍ صائِبٍ / مَلَأَ الأَرضَ نَجيعاً فَسَفَح
مِثلَ ما لاقَوا مِنَ المَوتِ ضُحىً / هَرَبَ الهارِبُ مِنهُم وَاِمتَضَح
أَم عَلى العَهدِ فَعِلمي أَنَّهُ / خَيرُ مَن رَوَّحَ مالاً وَسَرَح
وَإِذا حُمِّلَ عِبئاً بَعضُهُم / فَاِشتَكى الأَوصالَ مِنهُ وَأَنَح
كانَ ذا الطاقَةِ بِالثِقلِ إِذا / ضَنَّ مَولى المَرءِ عَنهُ وَصَفَح
وَهُوَ الدافِعُ عَن ذي كُربَةٍ / أَيدِيَ القَومِ إِذا الجاني اِجتَرَح
تَشتَري الحَمدَ بِأَغلى بَيعِهِ / وَاِشتِراءُ الحَمدِ أَدنى لِلرَبَح
تَبتَني المَجدَ وَتَجتازُ النُهى / وَتُرى نارُكَ مِن ناءٍ طَرَح
أَو كَما قالوا سَقيمٌ فَلَئِن / نَفَضَ الأَسقامَ عَنهُ وَاِستَصَح
لَيُعيدَن لِمَعَدٍّ عِكرَها / دَلَجَ اللَيلِ وَإِكفاءَ المِنَح
مِثلَ أَيّامٍ لَهُ نَعرِفُها / هَرَّ كَلبُ الناسِ فيها وَنَبَح
وَلَهُ المُقدَمُ في الحَربِ إِذا / ساعَةُ الشِدقِ عَنِ النابِ كَلَح
أَيُّ نارِ الحَربِ لا أَوقَدَها / حَطَباً جَزلاً فَأَورى وَقَدَح
وَلَقَد أَجذِمُ حَبلي عامِداً / بِعَفَرناةٍ إِذا الآلُ مَصَح
تَقطَعُ الخَرقَ إِذا ما هَجَّرَت / بِهِبابٍ وَإِرانٍ وَمَرَح
وَتُوَلّي الأَرضَ خُفّاً مُجمَراً / فَإِذا ما صادَفَ المَروَ رَضَح
فَثَداهُ رَيَمانُ خُفِّها / ذا رَنينٍ صَحِلَ الصَوتِ أَبَح
وَشَمولٍ تَحسِبُ العَينُ إِذا / صُفَّقَت وَردَتَها نَورَ الذُبَح
مِثلُ ذَكيِ المِسكِ ذاكٍ ريحُها / صَبَّها الساقي إِذا قيلَ تَوَح
مِن زِقاقِ التَجرِ في باطِيَةٍ / جَونَةٍ حارِيَّةٍ ذاتِ رَوَح
ذاتِ غَورٍ ما تُبالي يَومَها / غَرَفَ الإِبريقِ مِنها وَالقَدَح
وَإِذا ما الراحُ فيها أَزبَدَت / أَفَلَ الإِزبادُ فيها وَاِمتَصَح
وَإِذا مَكّوكُها صادَمَهُ / جانِباهُ كَرَّ فيها فَسَبَح
فَتَرامَت بِزُجاجٍ مُعمَلٍ / يُخلِفُ النازِحُ مِنها ما نَزَح
وَإِذا غاضَت رَفَعنا زِقَّنا / طُلُقَ الأَوداجِ فيها فَاِنسَفَح
وَنُسيحُ سَيَلانَ صَوبِهِ / وَهوَ تَسياحٌ مِنَ الراحِ مِسَح
تَحسِبُ الزِقَّ لَدَيها مُسنَداً / حَبَشِيّاً نامَ عَمداً فَاِنبَطَح
وَلَقَد أَغدو عَلى نَدمانِها / وَغَدا عِندي عَلَيها وَاِصطَبَح
وَمُغَنٍّ كُلَّما قيلَ لَهُ / أَسمَعِ الشَربَ فَغَنّى فَصَدَح
وَثَنى الكَفَّ عَلى ذي عَتَبٍ / يَصِلُ الصَوتَ بِذي زيرٍ أَبَح
في شَبابٍ كَمَصابيحِ الدُجى / ظاهِرُ النِعمَةِ فيهِم وَالفَرَح
رُجُحُ الأَحلامِ في مَجلِسِهِم / كُلَّما كَلبٌ مِنَ الناسِ نَبَح
لا يَشِحّونَ عَلى المالِ وَما / عُوُّدوا في الحَيِّ تَصرارا اللِقَح
فَتَرى الشَربَ نَشاوى كُلَّهُم / مِثلَ ما مُدَّت نِصاحاتُ الرُبَح
بَينَ مَغلوبٍ تَليلٍ خَدُّهُ / وَخَذولِ الرِجلِ مِن غَيرِ كَسَح
وَشَغاميمَ جِسامٍ بُدَّنٍ / ناعِماتٍ مِن هَوانٍ لَم تُلَح
كَالتَماثيلِ عَلَيها حُلَلٌ / ما يُوارينَ بُطونَ المُكتَشَح
قَد تَفَتَّقنَ مِنَ الغُسنِ إِذا / قامَ ذو الضُرِّ هُزالاً وَرَزَح
ذاكَ دَهرٌ لِأُناسٍ قَد مَضَوا / وَلِهَذا الناسِ دَهرٌ قَد سَنَح
وَلَقَد أَمنَحُ مَن عادَيتُهُ / كُلَّ ما يَحسِمُ مِن داءِ الكَشَح
وَقَطَعتُ ناظِرَيهِ ظاهِراً / لا يَكونُ مِثلَ لَطمٍ وَكَمَح
ذا جُبارٍ مُنضِجاً ميسَمُهُ / يُذكِرُ الجارِمَ ما كانَ اِجتَرَح
وَتَرى الأَعداءَ حَولي شُزُّراً / خاضِعي الأَعناقِ أَمثالَ الوَذَح
قَد بَنى اللُؤمُ عَلَيهِم بَيتَهُ / وَفَشا فيهِم مَعَ اللُؤمِ القَلَح
فَهُمُ سودٌ قِصارٌ سَعيُهُم / كَالخُصى أَشعَلَ فيهِنَّ المَذَح
يَضرِبُ الأَدنى إِلَيهِم وَجهَهُ / لا يُبالي أَيَّ عَينَيهِ كَفَح
أَجِدَّكَ وَدَّعتَ الصِبى وَالوَلائِدا
أَجِدَّكَ وَدَّعتَ الصِبى وَالوَلائِدا / وَأَصبَحتَ بَعدَ الجَورِ فيهِنَّ قاصِدا
وَما خِلتُ أَن أَبتاعَ جَهلاً بِحِكمَةٍ / وَما خِلتُ مِهراساً بِلادي وَمارِدا
يَلومُ السَفِيُّ ذا البَطالَةِ بَعدَما / يَرى كُلَّ ما يَأتي البَطالَةَ راشِدا
أَتَيتُ حُرَيثاً زائِراً عَن جَنابَةٍ / وَكانَ حُرَيثٌ عَن عَطائِيَ جامِدا
لَعَمرُكَ ما أَشبَهتَ وَعلَةَ في النَدى / شَمائِلَهُ وَلا أَباهُ المُجالِدا
إِذا زارَهُ يَوماً صَديقٌ كَأَنَّما / يَرى أَسَداً في بَيتِهِ وَأَساوِدا
وَإِنَّ اِمرَأً قَد زُرتُهُ قَبلَ هَذِهِ / بِجَوٍّ لَخَيرٌ مِنكَ نَفساً وَوالِدا
تَضَيَّفتُهُ يَوماً فَقَرَّبَ مَقعَدي / وَأَصفَدَني عَلى الزَمانَةِ قائِدا
وَأَمتَعَني عَلى العَشا بِوَليدَةٍ / فَأُبتُ بِخَيرٍ مِنكِ يا هَوذُ حامِدا
وَما كانَ فيها مِن ثَناءٍ وَمِدحَةٍ / فَأَعني بِها أَبا قُدامَةَ عامِدا
فَتىً لَو يُنادي الشَمسَ أَلقَت قِناعَها / أَوِ القَمَرَ الساري لَأَلقى المَقالِدا
وَيُصبِحُ كَالسَيفِ الصَقيلِ إِذا غَدا / عَلى ظَهرِ أَنماطٍ لَهُ وَوَسائِدا
يَرى البُخلَ مُرّاً وَالعَطاءَ كَأَنَّما / يَلَذُّ بِهِ عَذباً مِنَ الماءِ بارِدا
وَما مُخدِرٌ وَردٌ عَلَيهِ مَهابَةٌ / أَبو أَشبُلٍ أَمسى بِخَفّانِ حارِدا
وَأَحلَمُ مِن قَيسٍ وَأَجرَأُ مُقدَماً / لَدى الرَوعِ مِن لَيثٍ إِذا راحَ حارِدا
يَرى كُلَّ ما دونَ الثَلاثينَ رُخصَةً / وَيَعدو إِذا كانَ الثَمانونَ واحِدا
وَلَمّا رَأَيتُ الرَحلَ قَد طالَ وَضعُهُ / وَأَصبَحَ مِن طولِ الثِوايَةِ هامِدا
كَسَوتُ قُتودَ الرَحلِ عَنساً تَخالُها / مَهاةً بِدَكداكِ الصُفَيِّينِ فاقِدا
أَتارَت بِعَينَيها القَطيعَ وَشَمَّرَت / لِتَقطَعَ عَنّي سَبسَباً مُتَباعِدا
تَبُزُّ يَعافيرَ الصَريمِ كِناسَها / وَتَبعَثُ بِالفَلا قَطاها الهَواجِدا
أَلَم تَغتَمِض عَيناكَ لَيلَةَ أَرمَدا
أَلَم تَغتَمِض عَيناكَ لَيلَةَ أَرمَدا / وَعادَكَ ما عادَ السَليمَ المُسَهَّدا
وَما ذاكَ مِن عِشقِ النِساءِ وَإِنَّما / تَناسَيتَ قَبلَ اليَومَ خُلَّةَ مَهدَدا
وَلَكِن أَرى الدَهرَ الَّذي هُوَ خاتِرٌ / إِذا أَصلَحَت كَفّايَ عادَ فَأَفسَدا
شَبابٌ وَشَيبٌ وَاِفتِقارٌ وَثَروَةٌ / فَلِلَّهِ هَذا الدَهرُ كَيفَ تَرَدَّدا
وَما زِلتُ أَبغي المالَ مُذ أَنا يافِعٌ / وَليداً وَكَهلاً حينَ شِبتُ وَأَمرَدا
وَأَبتَذِلُ العيسَ المَراقيلَ تَغتَلي / مَسافَةَ ما بَينَ النَجيرِ فَصَرخَدا
فَإِن تَسأَلي عَنّي فَيا رُبَّ سائِلٍ / حَفِيٍّ عَنِ الأَعشى بِهِ حَيثُ أَصعَدا
أَلا أَيُّهَذا السائِلي أَينَ يَمَّمَت / فَإِنَّ لَها في أَهلِ يَثرِبَ مَوعِدا
فَأَمّا إِذا ما أَدلَجَت فَتَرى لَها / رَقيبَينِ جَدياً لا يَغيبُ وَفَرقَدا
وَفيها إِذا ما هَجَّرَت عَجرَفِيَّةٌ / إِذا خِلتَ حِرباءَ الظَهيرَةِ أَصيَدا
أَجَدَّت بِرِجلَيها نَجاءً وَراجَعَت / يَداها خِنافاً لَيِّناً غَيرَ أَحرَدا
فَآلَيتُ لا أَرثي لَها مِن كَلالَةٍ / وَلا مِن حَفىً حَتّى تَزورَ مُحَمَّدا
مَتى ما تُناخي عِندَ بابِ اِبنِ هاشِمٍ / تُريحي وَتَلقَي مِن فَواضِلِهِ يَدا
نَبِيٌّ يَرى ما لا تَرَونَ وَذِكرُهُ / أَغارَ لَعَمري في البِلادِ وَأَنجَدا
لَهُ صَدَقاتٌ ما تُغِبُّ وَنائِلٌ / وَلَيسَ عَطاءُ اليَومِ مانِعَهُ غَدا
أَجِدَّكَ لَم تَسمَع وَصاةَ مُحَمَّدٍ / نَبِيِّ الإِلَهِ حينَ أَوصى وَأَشهَدا
إِذا أَنتَ لَم تَرحَل بِزادٍ مِنَ التُقى / وَلاقَيتَ بَعدَ المَوتِ مَن قَد تَزَوَّدا
نَدِمتَ عَلى أَن لا تَكونَ كَمِثلِهِ / وَأَنَّكَ لَم تُرصِد لِما كانَ أَرصَدا
فَإِيّاكَ وَالمَيتاتِ لا تَأكُلَنَّها / وَلا تَأخُذَن سَهماً حَديداً لِتَفصِدا
وَذا النُصُبِ المَنصوبَ لا تَنسُكَنَّهُ / وَلا تَعبُدِ الأَوثانَ وَاللَهِ فَاِعبُدا
وَصَلَّ عَلى حينِ العَشِيّاتِ وَالضُحى / وَلا تَحمَدِ الشَيطانَ وَاللَهَ فَاِحمَدا
وَلا السائِلَ المَحرومَ لا تَترُكَنَّهُ / لِعاقِبَةٍ وَلا الأَسيرَ المُقَيَّدا
وَلا تَسخَرَن مِن بائِسٍ ذي ضَرارَةٍ / وَلا تَحسَبَنَّ المَرءَ يَوماً مُخَلَّدا
وَلا تَقرَبَنَّ جارَةً إِنَّ سِرِّها / عَلَيكَ حَرامٌ فَاِنكِحَن أَو تَأَبَّدا
أَتَرحَلُ مِن لَيلى وَلَمّا تَزَوَّدِ
أَتَرحَلُ مِن لَيلى وَلَمّا تَزَوَّدِ / وَكُنتَ كَمَن قَضّى اللُبانَةَ مِن دَدِ
أَرى سَفَهاً بِالمَرءِ تَعليقَ لُبَّهِ / بِغانِيَةٍ خَودٍ مَتى تَدنُ تَبعُدِ
أَتَنسَينَ أَيّاماً لَنا بِدُحَيضَةٍ / وَأَيّامَنا بَينَ البَدِيِّ فَثَهمَدِ
وَبَيداءَ تيهٍ يَلعَبُ الآلُ فَوقَها / إِذا ما جَرى كَالرازِقِيِّ المُعَضَّدِ
قَطَعتُ بِصَهباءِ السَراةِ شِمِلَّةٍ / مَروحِ السُرى وَالغِبِّ مِن كُلِّ مَسأَدِ
بَناها السَوادِيُّ الرَضيخُ مَعَ الخَلى / وَسَقيِي وَإِطعامي الشَعيرَ بِمَحفَدِ
لَدى اِبنِ يَزيدٍ أَو لَدى اِبنِ مُعَرِّفٍ / يَفُتُّ لَها طَوراً وَطَوراً بِمِقلَدِ
فَأَضحَت كَبُنيانِ التَهامِيِّ شادَهُ / بِطينٍ وَجَيّارٍ وَكِلسٍ وَقَرمَدِ
فَلَمّا غَدا يَومَ الرُقادِ وَعِندَهُ / عَتادٌ لِذي هَمٍّ لِمَن كانَ يَغتَدي
شَدَدتُ عَلَيها كورَها فَتَشَدَّدَت / تَجورُ عَلى ظَهرِ الطَريقِ وَتَهتَدي
ثَلاثاً وَشَهراً ثُمَّ صارَت رَذِيَّةً / طَليحَ سِفارٍ كَالسِلاحِ المُفَرَّدِ
إِلَيكَ أَبَيتَ اللَعنَ كانَ كَلالُها / إِلى الماجِدِ الفَرعِ الجَوادِ المُحَمَّدِ
إِلى مَلِكٍ لا يَقطَعُ اللَيلُ هَمَّهُ / خَروجٍ تَروكٍ لِلفِراشِ المُمَهَّدِ
طَويلَ نِجادِ السَيفِ يَبعَثُ هَمُّهُ / نِيامَ القَطا بِاللَيلِ في كُلِّ مَهجَدِ
فَما وَجَدَتكَ الحَربُ إِذ فُرَّ نابُها / عَلى الأَمرِ نَعّاساً عَلى كُلِّ مَرقَدِ
وَلَكِن يَشُبُّ الحَربَ أَدنى صُلاتِها / إِذا حَرَّكوهُ حَشَّها غَيرَ مُبرِدِ
لَعَمرُ الَّذي حَجَّت قُرَيشٌ قَطينَهُ / لَقَد كِدتَهُم كَيدَ اِمرِئٍ غَيرِ مُسنَدِ
أُلى كُلٌّ فَلَستَ بِظالِمٍ / وَطِئتَهُمُ وَطءَ البَعيرِ المُقَيَّدِ
بِمَلمومَةٍ لا يَنفُضُ الطَرفُ عَرضَها / وَخَيلٍ وَأَرماحٍ وَجُندٍ مُؤَيَّدِ
كَأَنَّ نَعامَ الدُوُّباضَ عَلَيهِمُ / إِذا ريعَ شَتّى لِلصَريخِ المُنَدِّدِ
فَما مُخدِرٌ وَردٌ كَأَنَّ جَبينَهُ / يُطَلّى بِوَرسٍ أَو يُطانُ بِمُجسَدِ
كَسَتهُ بَعوضُ القَريَتَينِ قَطيفَةً / مَتى ما تَنَل مِن جِلدِهِ يَتَزَنَّدِ
كَأَنَّ ثِيابَ القَومِ حَولَ عَرينِهِ / تَبابينُ أَنباطٍ لَدى جَنبِ مُحصَدِ
رَأى ضَوءَ نارٍ بَعدَما طافَ طَوفَةً / يُضيءُ سَناها بَينَ أَثلٍ وَغَرقَدِ
فَيا فَرَحا بِالنارِ إِذ يَهتَدي بِها / إِلَيهِم وَإِضرامِ السَعيرِ المُوَقَّدِ
فَلَمّا رَأَوهُ دونَ دُنيا رِكابِهِم / وَطاروا سِراعاً بِالسِلاحِ المُعَتَّدِ
أَتيحَ لَهُم حُبُّ الحَياةِ فَأَدبَروا / وَمَرجاةُ نَفسِ المَرءِ ما في غَدٍ غَدِ
فَلَم يَسبِقوهُ أَن يُلاقي رَهينَةً / قَليلَ المَساكِ عِندَهُ غَيرَ مُفتَدي
فَأَسمَعَ أولى الدَعوَتَينِ صِحابَهُ / وَكانَ الَّتي لا يَسمَعونَ لَها قَدِ
بِأَصدَقَ بَأساً مِنكَ يَوماً وَنَجدَةً / إِذا خامَتِ الأَبطالُ في كُلِّ مَشهَدِ
وَما فَلَجٌ يَسقي جَداوِلَ صَعنَبى / لَهُ شَرَعٌ سَهلٌ عَلى كُلِّ مَورِدِ
وَيُروي النَبيطُ الزُرقُ مِن حَجَراتِهِ / دِياراً تُرَوّى بِالأَتِيِّ المُعَمَّدِ
بِأَجوَدَ مِنهُ نائِلاً إِنَّ بَعضَهُم / كَفى ما لَهُ بِاِسمِ العَطاءِ المُوَعَّدِ
تَرى الأُدمَ كَالجَبّارِ وَالجُردَ كَالقَنا / مُوَهَّبَةً مِن طارِفٍ وَمُتَلَّدِ
فَلا تَحسَبَنّي كافِراً لَكَ نِعمَةً / عَلَيَّ شَهيدٌ شاهِدُ اللَهِ فَاِشهَدِ
وَلَكِنَّ مَن لا يُبصِرُ الأَرضَ طَرفُهُ / مَتى ما يُشِعهُ الصَحبُ لا يَتَوَحَّدِ
أَجُبَيرُ هَل لِأَسيرِكُم مِن فادي
أَجُبَيرُ هَل لِأَسيرِكُم مِن فادي / أَم هَل لِطالِبِ شِقَّةٍ مِن زادِ
أَم هَل تُنَهنَهُ عَبرَةٌ عَن جارِكُم / جادَ الشُؤونَ بِها تَبُلُّ نِجادي
مِن نَظرَةٍ نَظَرَت ضُحىً فَرَأَيتُها / وَلَمَن يَحينُ عَلى المَنِيَّةِ هادي
بَينَ الرَواقِ وَجانِبٍ مِن سَيرِها / مِنها وَبَينَ أَرائِكِ الأَنضادِ
تَجلو بِقادِمَتَي حَمامَةِ أَيكَةٍ / بَرَداً أُسِفَّ لِثاتُهُ بِسَوادِ
عَزباءُ إِذ سُئِلَ الخِلاسُ كَأَنَّما / شَرِبَت عَلَيهِ بَعدَ كُلِّ رُقادِ
صَهباءَ صافِيَةً إِذا ما اِستَودِفَت / شُجَّت غَوارِبُها بِماءِ غَوادي
إِن كُنتِ لا تَشفينَ غُلَّةَ عاشِقٍ / صَبٍّ يُحِبُّكِ يا جُبَيرَةُ صادي
فَاِنهَي خَيالَكِ أَن يَزورَ فَإِنَّهُ / في كُلِّ مَنزِلَةٍ يَعودُ وِسادي
تُمسي فَيَصرِفُ بابُها مِن دونِها / غَلَقاً صَريفَ مَحالَةِ الأَمسادِ
أَحدِث لَها تُحدِث لِوَصلِكَ إِنَّها / كُندٌ لِوَصلِ الزائِرِ المُعتادِ
وَأَخو النِساءِ مَتى يَشَأ يَصرِمنَهُ / وَيَكُنُّ أَعداءً بُعَيدَ وِدادِ
وَلَقَد أَنالُ الوَصلَ في مُتَمَنِّعٍ / صَعبٍ بَناهُ الأَوَّلونَ مَصادِ
أَنّى تَذَكَّرُ وُدُّها وَصَفاءَها / سَفَهاً وَأَنتَ بِصُوَّةِ الأَثمادِ
فَشِباكِ باعِجَةٍ فَجَنبَي جائِرٍ / وَتَحُلُّ شاطِنَةً بِدارِ إِيادِ
مَنَعَت قِياسُ الماسِخِيَّةِ رَأسَهُ / بِسِهامِ يَترِبِ أَو سِهامِ بِلادِ
وَلَقَد أُرَجِّلُ جُمَّتي بِعَشِيَّةٍ / لِلشَربِ قَبلَ سَنابِكِ المُرتادِ
وَالبيضِ قَد عَنَسَت وَطالَ جِراؤها / وَنَشَأنَ في قِنٍّ وَفي أَذوادِ
وَلَقَد أُخالِسُهُنَّ ما يَمنَعنَني / عُصُراً يَمِلنَ عَلَيَّ بِالأَجيادِ
وَلَقَد غَدَوتُ لِعازِبٍ مُستَحلِسِ ال / قَربانِ مُقتاداً عِنانَ جَوادِ
فَالدَهرُ غَيَّرَ ذاكَ يا اِبنَةَ مالِكٍ / وَالدَهرُ يُعقِبُ صالِحاً بِفَسادِ
إِنّي اِمرُؤٌ مِن عُصبَةٍ قَيسِيَّةٍ / شُمِّ الأُنوفِ غَرانِقٍ أَحشادِ
الواطِئينَ عَلى صُدورِ نِعالِهِم / يَمشونَ في الدَفَنِيِّ وَالأَبرادِ
وَالشارِبينَ إِذا الذَوارِعُ غولِيَت / صَفوَ الفِضالِ بِطارِفٍ وَتِلادِ
وَالضامِنينَ بِقَومِهِم يَومَ الوَغى / لِلحَمدِ يَومَ تَنازُلٍ وَطِرادِ
كَم فيهِمُ مِن فارِسٍ يَومَ الوَغى / ثَقفِ اليَدَينِ يَهِلُّ بِالإِقصادِ
وَإِذا اللُقاحُ تَرَوَّحَت بِأَصيلَةٍ / رَتَكَ النِعامِ عَشِيَّةَ الصُرّادِ
جَرياً يَلوذُ رِباعُها مِن ضُرِّها / بِالخَيمِ بَينَ طَوارِفٍ وَهَوادي
حَجَروا عَلى أَضيافِهِم وَشَوَوا لَهُم / مِن شَطِّ مُنقِيَةٍ وَمِن أَكبادِ
وَإِذا القِيانُ حَسِبتَها حَبَشِيَّةً / غُبراً وَقَلَّ حَلائِبُ الأَرفادِ
وَيَقولُ مَن يَبقيهِمُ بِنَصيحَةٍ / هَل غَيرُ فِعلِ قَبيلَةٍ مِن عادِ
وَإِذا العَشيرَةُ أَعرَضَت سُلّافُها / جَنِفينَ مِن ثَغرٍ بِغَيرِ سِدادِ
فَلَقَد نَحُلُّ بِهِ وَنَرعى رِعيَهُ / وَلَقَد نَليهِ بِقُوَّةٍ وَعَتادِ
نَبقي الغِبابَ بِجانِبَيهِ وَجامِلاً / عَكَراً مَراتِعُهُ بِغَيرِ جَهادِ
لَم يَزوِهِ طِرَدٌ فَيُذعَرَ دَرؤُهُ / فَيُلِجَّ في وَهَلٍ وَفي تَشرادِ
وَإِذا يُثَوِّبُ صارِخٌ مُتَلَهِّفٌ / وَعَلا غُبارٌ ساطِعٌ بِعِمادِ
رَكِبَت إِلَيكَ نَزائِعٌ مَلبونَةٌ / قُبُّ البُطونِ يَجُلنَ في الأَلبادِ
مِن كُلِّ سابِحَةٍ وَأَجرَدَ سابِحٍ / تَردي بِأُسدِ خَفِيَّةٍ وَصِعادِ
إِذ لا يُرى قَيسٌ يَكونُ كَقَيسِنا / حَسَباً وَلا كَبَنيهِ في الأَولادِ
إِنّي وَجَدتُ أَبا الخَنساءِ خَيرَهُمُ
إِنّي وَجَدتُ أَبا الخَنساءِ خَيرَهُمُ / فَقَد صَدَقتُ لَهُ مَدحي وَتَمجيدي
إِنَّ عِداتِكَ إِيّانا لَآتِيَةٌ / حَقّاً وَطَيِّبَةٌ ما نَفسُ مَوعودِ
ما فَوقَ بَيتِكَ مِن بَيتٍ عَلِمتُ بِهِ / وَفي أَرومَتِهِ ما مَنبِتُ العودِ