المجموع : 44
تَذَكَّرَ لَيلى حُسنَها وَصَفاءَها
تَذَكَّرَ لَيلى حُسنَها وَصَفاءَها / وَبانَت فَأَمسى ما يَنالُ لِقاءَها
وَمِثلِكِ قَد أَصبَيتُ لَيسَت بِكَنَّةٍ / وَلا جارَةٍ أَفضَت إِلَيَّ حَياءَها
إِذا ما اِصطَحَبتُ أَربَعاً خَطَّ مِئزَري / وَأَتبَعتُ دَلوي في السَخاءِ رِشاءَها
ثَأَرتُ عَدِيّاً وَالخَطيمَ فَلَم أُضِع / وِلايَةَ أَشياءٍ جُعِلتُ إزاءَها
ضَرَبتُ بِذي الزِرَّينِ رِبقَةَ مالِكٍ / فَأُبتُ بِنَفسٍ قَد أَصَبتُ شِفاءَها
وَسامَحَني فيها اِبنُ عَمروِ بنِ عامِرٍ / خِداشٌ فَأَدّى نِعمَةً وَأَفاءَها
طَعَنتُ اِبنَ عَبدِ القَيسِ طَعنَةَ ثائِرٍ / لَها نَفَذٌ لَولا الشُعاعُ أَضاءَها
مَلَكتُ بِها كَفّي فَأَنهَرتُ فَتقَها / يَرى قائِماً مِن خَلفِها ما وَراءَها
يَهونُ عَلَيَّ أَن تَرُدَّ جِراحُهُ / عُيونَ الأَواسي إِذ حَمِدتُ بَلاءَها
وَكُنتُ اِمرِأً لا أَسمَعُ الدَهرَ سُبَّةً / أُسَبُّ بِها إِلّا كَشَفتُ غِطاءَها
وَإِنِّيَ في الحَربِ الضَروسِ مُوَكَّلٌ / بِإِقدامِ نَفسٍ ما أُريدُ بَقاءَها
إِذا سَقِمَت نَفسي إِلى ذي عَداوَةٍ / فَإِنّي بِنَصلِ السَيفِ باغٍ دَواءَها
مَتى يَأتِ هَذا المَوتُ لا تَبقَ حاجَةٌ / لِنَفسِيَ إِلّا قَد قَضَيتُ قَضاءَها
وَكانَت شَجاً في الحَلقِ ما لَم أَبُؤ بِها / فَأُبتُ بِنَفسٍ قَد أُصِبتُ دَواءَها
وَقَد جَرَّبَت مِنّي لَدى كُلِّ مَأقِطٍ / دُحَيٌّ إِذا ما الحَربُ أَلقَت رِداءَها
وَإِنّا إِذا ما مُمتَرو الحَربِ بَلَّحوا / نُقيمُ بِأَسبادِ العَرينِ لِواءَها
وَنُلقِحُها مَبسورَةً ضَرزَنِيَّةً / بِأَسيافِنا حَتّى نُذِلَّ إباءَها
وَإِنّا مَنَعنا في بُعاثٍ نِساءَنا / وَما مَنَعَت مِنَ المُخزِياتِ نِساءَها
أَنّى سَرَبتِ وَكُنتِ غَيرَ سَروبِ
أَنّى سَرَبتِ وَكُنتِ غَيرَ سَروبِ / وَتُقَرِّبُ الأَحلامُ غَيرَ قَريبِ
ما تَمنَعي يَقظى فَقَد تُؤتينَهُ / في النَومِ غَيرَ مُصَرَّدٍ مَحسوبِ
كانَ المُنى بِلِقائِها فَلَقيتُها / فَلَهَوتُ مِن لَهوِ اِمرِئٍ مَكذوبِ
فَرَأَيتُ مِثلَ الشَمسِ عِندَ طُلوعِها / في الحُسنِ أَو كَدُنُوِّها لِغُروبِ
صَفراءُ أَعجَلَها الشَبابُ لِداتِها / مَوسومَةٌ بِالحُسنِ غَيرُ قَطوبِ
تَخطو عَلى بَردِيَّتَينِ غَذاهُما / غَدِقٌ بِساحَةِ حائِرٍ يَعبوبِ
تَنكَلُّ عَن حَمشِ اللِثاتِ كَأَنَّهُ / بَرَدٌ جَلَتهُ الشَمسُ في شُؤبوبِ
كَشَقيقَةِ السَيراءِ أَو كَغَمامَةٍ / بَحرِيَّةٍ في عارِضٍ مَجنوبِ
أَبَني دُحَيٍّ وَالحَنا مِن شَأنِكُم / أَنّى يَكونُ الفَخرُ لِلمَغلوبِ
وَكَأَنَّهُم في الحَربِ إِذ تَعلوهُمُ / غَنَمٌ تُعَبِّطُها غُواةُ شُروبِ
إِنَّ الفَضاءَ لَنا فَلا تَمشوا بِهِ / أَبَداً بِعالِيَةٍ وَلا بِذَنوبِ
وَتَفَقَّدوا تِسعينَ مِن سَرَواتِكُم / أَشباهَ نَخلٍ صُرِّعَت لِجُنوبِ
وَسَلوا صَريحَ الكاهِنَينِ وَمالِكاً / عَن مَن لَكُم مِن دارِعٍ وَنَجيبِ
أَجَدَّ بِعَمرَةَ غُنيانُها
أَجَدَّ بِعَمرَةَ غُنيانُها / فَتَهجُرَ أَم شَأنُنا شانُها
وَإِن تُمسِ شَطَّت بِها دارُها / وَباحَ لَكَ اليَومَ هِجرانُها
فَما رَوضَةٌ مِن رِياضِ القَطا / كَأَنَّ المَصابيحَ حَوذانُها
بِأَحسَنَ مِنها وَلا مُزنَةٌ / دَلوحٌ تَكَشَّفُ أَدجانُها
وَعَمرَةُ مِن سَرَواتِ النِسا / ءِ تَنفَحُ بِالمِسكِ أَردانُها
وَنَحنُ الفَوارِسُ يَومَ الرَبي / عِ قَد عَلِموا كَيفَ فُرسانُها
جَنَبنا الحِرابَ وَراءَ الصَري / خِ حَتّى تَقَصَّفَ مُرّانُها
فَلَمّا اِستَقَلَّ كَلَيثِ الغَري / فِ زانَ الكَتيبَةَ أَعوانُها
تَراهُنَّ يُخلَجنَ خَلجَ الدِلا / ءِ تَختَلِجُ النَزعَ أَشطانُها
وَلاقى الشَقاءَ لَدى حَربِنا / دُحَيٌّ وَعَوفٌ وَإِخوانُها
رَدَدنا الكَتيبَةَ مَفلولَةً / بِها أَفنُها وَبِها ذانُها
وَقَد عَلِموا أَن مَتى نَنبَعِث / عَلى مِثلِها تَذكُ نيرانُها
وَلَولا كَراهَةُ سَفكِ الدِماءِ / لَعادَ لِيَثرِبَ أَديانُها
وَيَثرِبُ تَعلَمُ أَنَّ النَبي / تَ راسٍ بِيَثرِبَ ميزانُها
حِسانُ الوُجوهِ حِدادُ السُيو / فِ يَبتَدِرُ المَجدَ شُبّانُها
وَبِالشَوطِ مِن يَثرِبٍ أَعبُدٌ / سَتَهلِكُ في الخَمرِ أَثمانُها
يَهونُ عَلى الأَوسِ أَثمانُهُم / إِذا راحَ يَخطِرُ نَشوانُها
أَتَتهُم عَرانينُ مِن مالِكٍ / سِراعٌ إِلى الرَوعِ فِتيانُها
وَقَد عَلِموا أَنَّ ما فَلَّهُم / حَديدُ النَبيتِ وَأَعيانُها
أَتَعرِفُ رَسماً كَاِطِّرادِ المَذاهِبِ
أَتَعرِفُ رَسماً كَاِطِّرادِ المَذاهِبِ / لَعَمرَةَ وَحشاً غَيرَ مَوقِفِ راكِبِ
دِيارَ الَّتي كادَت وَنَحنُ عَلى مِنىً / تَحُلُّ بِنا لَولا نَجاءُ الرَكائِبِ
تَبَدَّت لَنا كَالشَمسِ تَحتَ غَمامَةٍ / بَدا حاجِبٌ مِنها وَضَنَّت بِحاجِبِ
وَلَم أَرَها إِلّا ثَلاثاً عَلى مِنىً / وَعَهدي بِها عَذراءُ ذاتَ ذَوائِبِ
وَمِثلُكِ قَد أَصبَيتُ لَيسَت بِكَنَّةٍ / وَلا جارَةٍ وَلا حَليلَةِ صاحِبِ
دَعَوتُ بَني عَوفٍ لِحَقنِ دِمائَهُم / فَلَمّا أَبوا سامَحتُ في حَربِ حاطِبِ
وَكُنتُ اِمرِأً لا أَبعَثُ الحَربَ ظالِماً / فَلَمّا أَبَوا أَشعَلتُها كُلَّ جانِبِ
أَرِبتُ بِدَفعِ الحَربِ حَتّى رَأَيتُها / عَنِ الدَفعِ لا تَزدادُ غَيرَ تَقارُبِ
فَإِذ لَم يَكُن عَن غايَةِ المَوتِ مَدفَعٌ / فَأَهلاً بِها إِذ لَم تَزَل في المَراحِبِ
فَلَمّا رَأَيتُ الحَربَ حَرباً تَجَرَّدَت / لَبِستُ مَعَ البُردَينِ ثَوبَ المُحارِبِ
مُضاعَفَةً يَغشى الأَنامِلَ فَضلُها / كَأَنَّ قَتيرَيها عُيونُ الجَنادِبِ
أَتَت عَصَبٌ مِنَ الكاهِنَينِ وَمالِكٍ / وَثَعلَبَةَ الأَثرينَ رَهطِ اِبنِ غالِبِ
رِجالٌ مَتى يُدعَوا إِلى المَوتِ يُرقِلوا / إِلَيهِ كَإِرقالِ الجِمالِ المَصاعِبِ
إِذا فَزِعوا مَدّوا إِلى اللَيلِ صارِخاً / كَمَوجِ الأَتِيِّ المُزبِدِ المُتَراكِبِ
تَرى قِصَدَ المُرّانِ تَهوي كَأَنَّها / تَذَرُّعُ خِرصانٍ بِأَيدي الشَواطِبِ
صَبَحنا بِها الآطامَ حَولَ مُزاحِمٍ / قَوانِسُ أولى بَيضَنا كَالكَواكِبِ
لَوَ أَنَّكَ تُلقي حَنظَلاً فَوقَ بَيضِنا / تَدَحرَجَ عَن ذي سامِهِ المُتَقارِبِ
إِذا ما فَرَرنا كانَ أَسوَا فِرارِنا / صُدودَ الخُدودِ وَاِزوِرارَ المَناكِبِ
صُدودَ الخُدودِ وَالقَنا مُتَشاجِرٌ / وَلا تَبرَحُ الأَقدامُ عِندَ التَضارُبِ
إِذا قَصُرَت أَسيافُنا كانَ وَصلُها / خُطانا إِلى أَعدائِنا فَنُضارِبِ
أُجالِدُهُم يَومَ الحَديقَةِ حاسِراً / كَأَنَّ يَدي بِالسَيفِ مِخراقُ لاعِبِ
وَيَومَ بُعاثٍ أَسلَمَتنا سُيوفُنا / إِلى نَسَبٍ في جِذمِ غَسّانَ ثاقِبِ
يُعَرّينَ بيضاً حينَ نَلقى عَدُوَّنا / وَيُغمَدنَ حُمراً ناحِلاتِ المَضارِبِ
أَطاعَت بَنو عَوفٍ أَميراً نَهاهُم / عَنِ السِلمِ حَتّى كانَ أَوَّلَ واجِبِ
أَوَيتُ لِعَوفٍ إِذ تَقولُ نِساؤُهُم / وَيَرمينَ دَفعاً لَيتَنا لَم نُحارِبِ
صَبَحناهُمُ شَهباءَ يَبرُقُ بَيضُها / تُبينُ خَلاخيلَ النِساءِ الهَوارِبِ
أَصابَت سَراةً مِنَ الأَغَرِّ سُيوفُنا / وَغودِرَ أَولادُ الإِماءِ الحَواطِبِ
وَمِنّا الَّذي آلى ثَلاثينَ لَيلَةً / عَنِ الخَمرِ حَتّى زارَكُم بِالكَتائِبِ
رَضيتُ لَهُم إِذ لا يَريمونَ قَعرَها / إِلى عازِبِ الأَموالِ إِلّا بِصاحِبِ
فَلَولا ذُرى الآطامِ قَد تَعلَمونَهُ / وَتَركُ الفَضا شورِكتُمُ في الكَواعِبِ
فَلَم تَمنَعوا مِنّا مَكاناً نُريدُهُ / لَكُم مُحرِزاً إِلّا ظُهورَ المَشارِبِ
فَهَلّا لَدى الحَربِ العَوانِ صَبَرتُم / لِوَقعَتِنا وَالبَأسُ صَعبُ المَراكِبِ
ظَأَرناكُمُ بِالبَيضِ حَتّى لَأَنتُمُ / أَذَلُّ مِنَ السُقبانِ بَينَ الحَلائِبِ
وَلَمّا هَبَطنا الحَرثَ قالَ أَميرُنا / حَرامٌ عَلَينا الخَمرُ ما لَم نُضارِبِ
فَسامَحَهُ مِنّا رِجالٌ أَعِزَّةٌ / فَما بَرِحوا حَتّى أُحِلَّت لِشارِبِ
فَلَيتَ سُوَيداً راءَ مَن جُرَّ مِنكُمُ / وَمَن فَرَّ إِذ يَحدونَهُم كَالجَلائِبِ
فَأُبنا إِلى أَبنائِنا وَنِسائِنا / وَما مَن تَرَكنا في بُعاثٍ بِآئِبِ
وَغُيِّبتُ عَن يَومٍ كَنَتني عَشيرَتي / وَيَومُ بُعاثٍ كانَ يَومَ التَغالُبِ
رَدَّ الخَليطُ الجِمالَ فَاِنصَرَفوا
رَدَّ الخَليطُ الجِمالَ فَاِنصَرَفوا / ماذا عَلَيهِم لَو أَنَّهُم وَقَفوا
لَو وَقَفوا ساعَةً نُسائِلُهُم / رَيثَ يُضَحّي جِمالَهُ السَلَفُ
فيهِم لَعوبُ العَشاءِ آنِسَةُ ال / دَلِّ عَروبٌ يَسوءُها الخُلُفُ
بَينَ شُكولِ النِساءِ خِلقَتُها / قَصدٌ فَلا جَبلَةٌ وَلا قَضَفُ
تَغتَرِقُ الطَرفَ وَهيَ لاهِيَةٌ / كَأَنَّما شَفَّ وَجهَها نُزُفُ
قَضى لَها اللَهُ حينَ يَخلُقُها ال / خالِقُ أَلّا يُكِنَّها سَدَفُ
تَنامُ عَن كُبرِ شَأنِها فَإِذا / قامَت رُوَيداً تَكادُ تَنغَرِفُ
حَوراءُ جَيداءُ يُستَضاءُ بِها / كَأَنَّها خوطُ بانَةٍ قَصِفُ
تَمشي كَمَشيِ الزَهراءِ في دَمَثِ ال / رَملِ إِلى السَهلِ دونَهُ الجُرُفُ
وَلا يَغِثُّ الحَديثُ ما نَطَقَت / وَهوَ بِفيها ذو لَذَّةٍ طَرِفُ
تَخزُنُهُ وَهوَ مُشتَهى حَسَنٌ / وَهوَ إِذا ما تَكَلَّمَت أُنُفُ
كَأَنَّ لَبّاتِها تَبَدَّدَها / هَزلى جَرادٍ أَجوازُهُ جُلُفُ
كَأَنَّها دُرَّةٌ أَحاطَ بِها ال / غَوّاصُ يَجلو عَن وَجهِها الصَدَفُ
وَاللَهِ ذي المَسجِدِ الحَرامِ وَما / جُلِّلَ مِن يُمنَةٍ لَها خُنُفُ
إِنّي لَأَهواكَ غَيرَ ذي كَذِبٍ / قَد شُفَّ مِنّي الأَحشاءُ وَالشَغَفُ
بَل لَيتَ أَهلي وَأَهلَ أَثلَةَ في / دارٍ قَريبٍ مِن حَيثُ تَختَلِفُ
أَيهاتَ مَن أَهلُهُ بِيَثرِبَ قَد / أَمسى وَمَن دونَ أَهلِهِ سَرِفُ
يا رَبِّ لا تُبعِدَن دِيارَ بَني / عُذرَةَ حَيثُ اِنصَرَفتُ وَاِنصَرَفوا
أَبلِغ بَني جَحجَبى وَقَومَهُمُ / خَطمَةَ أَنّا وَراءَهُم أُنُفُ
وَأَنَّنا دونَ ما يَسومُهُمُ ال / أَعداءُ مِن ضَيمِ خُطَّةٍ نُكُفُ
نَفلي بِحَدِّ الصَفيحِ هامَهُمُ / وَفَليُنا هامَهُم بِنا عُنُفُ
إِنّا وَلَو قَدَّموا الَّتي عَلِموا / أَكبادُنا مِن وَرائِهِم تَجِفُ
لَمّا بَدَت غُدوَةً جِباهُهُم / حَنَّت إِلَينا الأَرحامُ وَالصُحُفُ
كَقيلِنا لِلمُقَدَّمينَ قِفوا / عَن شَأوِكُم وَالحِرابُ تَختَلِفُ
يَتبَعُ آثارَها إِذا اِختُلِجَت / سُخنٌ عَبيطٌ عُروقُهُ تَكِفُ
قالَ لَنا الناسُ مَعشَرٌ ظَفِروا / قُلنا فَأَنّى بِقَومِنا خَلَفُ
لَنا مَع آجامِنا وَحَوزَتِنا / بَينَ ذُراها مَخارِفٌ دُلُفُ
يَذُبُّ عَنهُنَّ سامِرٌ مَصِعٌ / سودَ الغَواشي كَأَنَّها عُرُفُ
تَروحُ مِنَ الحَسناءِ أَم أَنتَ مُغتَدي
تَروحُ مِنَ الحَسناءِ أَم أَنتَ مُغتَدي / وَكَيفَ اِنطِلاقُ عاشِقٍ لَم يُزَوَّدِ
تَراءَت لَنا يَومَ الرَحيلِ بِمُقلَتي / غَريرٍ بِمُلتَفٍّ مِنَ السِدرِ مُفرَدِ
وَجيدٍ كَجيدِ الرِئمِ صافٍ يَزينُهُ / تَوَقُّدُ ياقوتٍ وَفَصلِ زَبَرجَدِ
كَأَنَّ الثُرَيّا فَوقَ ثُغرَةِ نَحرِها / تَوَقَّدُ في الظَلماءِ أَيَّ تَوَقُّدِ
أَلا إِنَّ بَينَ الشَرعَبِيِّ وَراتِجٍ / ضِراباً كَتَخذيمِ السَيالِ المُعَضَّدِ
لَها حائِطانِ المَوتُ أَسفَلَ مِنهُما / وَجَمعٌ مَتى يُصرَخ بِيَثرِبَ يُصعِدِ
تَرى اللابَةَ السَوداءَ يَحمَرُّ لَونَها / وَيُسهِلُ مِنها كُلُّ ريعٍ وَفَدفَدِ
لَعَمري لَقَد حالَفتُ ذُبيانَ كُلَّها / وَعَبساً عَلى ما في الأَديمِ المُمَدَّدِ
وَأَقبَلتُ مِن أَرضِ الحِجازِ بِحَلبَةٍ / تَغُمُّ الفَضاءَ كَالقَطا المُتَبَدِّدِ
تَحَمَّلتُ ما كانَت مُزَينَةُ تَشتَكي / مِنَ الظُلمِ في الأَحلافِ حَملَ التَغَمُّدِ
أَرى كَثرَةَ المَعروفِ يُورِثُ أَهلَهُ / وَسَوَّدَ عَصرُ السوءِ غَيرَ المُسَوَّدِ
إِذا المَرءُ لَم يُفضِل وَلَم يَلقَ نَجدَةً / مَعَ القَومِ فَليَقعُد بِصُغرٍ وَيَبعَدِ
وَإِنّي لَأَغنى الناسَ عَن مُتَكَلِّفٍ / يَرى الناسَ ضُلّالاً وَلَيسَ بِمُهتَدي
كَثيرِ المُنى بِالزادِ لا خَيرَ عِندَهُ / إِذا جاعَ يَوماً يَشتَكيهِ ضُحى الغَدِ
نَشا غُمُراً بَوراً شَقِيّاً مُلَعَّناً / أَلَدَّ كَأَنَّ رَأسُهُ رَأسُ أَصيَدِ
وَذي شيمَةٍ عَسراءَ تَسخَطُ شيمَتي / أَقولُ لَهُ دَعني وَنَفسَكَ أَرشِدِ
فَما المالُ وَالأَخلاقُ إِلّا مُعارَةٌ / فَما اِسطَعتَ مِن مَعروفِها فَتَزَوَّدِ
مَتى ما تَقُد بِالباطِلِ الحَقَّ يَأبَهُ / وَإِن قُدتَ بِالحَقِّ الرَواسِيَ تَنقَدِ
مَتى ما أَتَيتَ الأَمرَ مِن غَيرِ بابِهِ / ضَلِلتَ وَإِن تَدخُل مِنَ البابِ تَهتَدِ
فَمَن مُبلِغٌ عَنّي شَريدَ بنَ جابِرٍ / رَسولاً إِذا ما جاءَهُ وَاِبنَ مَرثَدِ
فَأَقسَمتُ لا أُعطي يَزيدَ رَهينَةً / سِوى السَيفِ حَتّى لا تَنوءَ لَهُ يَدي
فَلا يُبعِدَنكَ اللَهُ عَبدَ بنَ نافِذٍ / وَمَن يَعلُهُ رُكنٌ مِنَ التُربِ يَبعَدِ
لِعَمرَةَ إِذ قَلبُهُ مُعجَبٌ
لِعَمرَةَ إِذ قَلبُهُ مُعجَبٌ / فَأَنّى بِعَمرَةَ أَنّى بِها
لَيالٍ لَنا وُدُّها مُنصِبٌ / إِذا الشَولُ لَطَّت بِأَذنابِها
وَراحَت حَدابيرَ حُدبَ الظُهو / رِ مُجتَلَماً لَحمُ أَصلابِها
كَأَنَّ القَرَنفُلَ وَالزَنجَبيلَ / وَذاكي العَبيرِ بِجِلبابِها
نَمَتها اليَهودُ إِلى قُبَّةٍ / دُوَينَ السَماءِ بِمِحرابِها
وَنارٍ يُقَصِّرُ عَنها الدَنِي / يُ آخِرَ لَيلٍ صَلَينا بِها
وَمَلمومَةٍ كَصَفاةِ المَسي / لِ دارَت رَحاها وَدُرنا بِها
مَشَينا إِلَيها كَجُربِ الجِما / لِ باقي الهِناءِ بِأَقرابِها
مَعاقِلُهُم آجامُهُم وَنِساؤُهُم
مَعاقِلُهُم آجامُهُم وَنِساؤُهُم / وَأَيمانُنا بِالمَشرَفِيَّةِ مُعقِلُ
كَأَنَّ رُؤوسَ الخَزرَجِيِّينَ إِذ بَدَت / كَتائِبُنا تَترى مَعَ الصُبحِ حَنظَلُ
فَلا تَقرَبوا جُذمانَ إِنَّ حَمامَهُ / وَجَنَّتَهُ تَأذى بِكُم فَتَحَمَّلوا
وَكائِن رَأَينا مِن أُناسٍ ذَوي غِنىً / وَجِدَّةِ عَيشٍ أَصبَحوا قَد تَبَدَّلوا
فَإِن تَكُ قَد أوتيتَ مالاً فَلا تَكُن / بِهِ بَطِراً وَالحالُ قَد تَتَحَوَّلُ
فَلَيسَ عَلَينا قالَةٌ غَيرَ أَنَّنا / نَسودُ وَنَكفي كُلَّ ذَلِكَ نَفعَلُ
كَأَنّا وَقَد أَجلَوا لَنا عَن نِسائِهِم / أُسودٌ لَها في عيصِ بيشَةَ أَشبُلُ
بِبِئرِ الدُرَيكِ فَاِستَعِدّوا لِمِثلِها / وَأَصغوا لَها آذانُكُم وَتَأَمَّلوا
سَلِ المَرءَ عَبدَ اللَهِ إِذ فَرَّ هَل رَأى
سَلِ المَرءَ عَبدَ اللَهِ إِذ فَرَّ هَل رَأى / كَتائِبَنا في الحَربِ كَيفَ مِصاعُها
وَلَو قامَ لَم يَلقَ الأَحِبَّةَ بَعدَها / وَلاقى أُسوداً هَصرُها وَدِفاعُها
وَنَحنُ هَزَمنا جَمعَكُم بِكَتيبَةٍ / تَضاءَلَ مِنها حَزنُ قورى وَقاعُها
إِذا هَمَّ جَمعٌ بِاِنصِرافٍ تَعَطَّفوا / تَعَطُّفَ وِردِ الخِمسِ أَطَّت رِباعُها
تَرَكنا بُعاثاً يَومَ ذَلِكَ مِنهُمُ / وَقورى عَلى رَغمٍ شِباعاً ضِباعُها
صَرَمتَ اليَومَ حَبلَكَ مِن كَنودا
صَرَمتَ اليَومَ حَبلَكَ مِن كَنودا / لِتُبدِلَ حَبلَها حَبلاً جَديدا
مِنَ اللائي إِذا يَمشينَ هَوناً / تَجَلبَبنَ المَجاسِدَ وَالبُرودا
كَأَنَّ بُطونَهُنَّ سُيوفُ هِندٍ / إِذا ما هُنَّ زايَلنَ الغُمودا
تَبَدَّت لي لِتَقتُلُني فَأَبدَت / مَعاصِمَ فَخمَةً مِنها وَجيدا
وَوَجهاً خِلتُهُ لَمّا بَدا لي / غَداةَ البَينِ ديناراً نَقيدا
سَقينا بِالفَضاءِ كُؤوسَ حَتفٍ / بَني عَوفٍ وَإِخوَتَهُم تَزيدا
لَقيناهُم بِكُلِّ أَخي حُروبٍ / يَقودُ وَراءَهُ جَمعاً عَتيدا
وَمُشرِفَةَ التَلائِلِ مُضمَراتٍ / طَوى أَحشاءَها التَعداءُ قودا
أَكُنتُم تَحسَبونَ قِتالَ قَومي / كَأَكلِكُمُ الفَغايا وَالهَبيدا
أَصابَ القَتلُ ساعِدَةَ بنَ كَعبٍ / وَغادَرَ في مَجالِسِها قُرودا
وَقَد رُدَّ العَزائِمُ في طَريفٍ / وَأَقيالٍ يَصوغونَ الحَديدا
وَإِنَّ سُيوفَنا ذَهَبَت عَلَيكُم / بَني شَرِّ الخَنى مَهلاً بَعيدا
وَيَأبى جَمعُكُم إِلّا فِراراً / وَيَأبى جَمعُنا إِلّا وُرودا
وَإِنَّ وَعيدَناكُم حينَ نَمشي / بِهِنَّ عَلى المَنونِ وَلا وَعيدا
أَلا مَن مُبلِغٌ عَنّي كُعَيباً / فَهَل يَنهاكَ لُبُّكَ أَن تَعودا
أَراني كُلَّما صَدَّرتُ أَمراً / بَني الرَقعاءَ جَشَّمَكُم صَعودا
فَما أَبقَت سُيوفُ الأَوسِ مِنكُم / وَحَدُّ ظُباتِها إِلّا شَريدا
فَلَن نَنفَكَّ نَقتُلُ ما حَيِينا / رِجالَكُمُ وَنَجعَلُكُم عَبيدا
وَبَعضُ القَولِ لَيسَ لَهُ عِياجٌ
وَبَعضُ القَولِ لَيسَ لَهُ عِياجٌ / كَمَخضِ الماءِ لَيسَ لَهُ إِتاءُ
يَصوغُ لَكَ اللِسانُ عَلى هَواهُ / وَيَفضَحُ أَكثَرَ القيلِ البَلاءُ
وَما بَعضُ الإِقامَةِ في دِيارٍ / يَكونُ بِها الفَتى إِلّا عَناءُ
وَلَم أَرَ كَاِمرِئٍ يَدنو لِخَسفٍ / لَهُ في الأَرضِ سَيرٌ وَاِنتِواءُ
وَبَعضُ خَلائِقِ الأَقوامِ داءٌ / كَداءِ الكَشحِ لَيسَ لَهُ شِفاءُ
أَلا مَن مُبلِغُ الشُعَراءِ عَنّي / فَلا ظُلمٌ لَدَيَّ وَلا اِبتِداءُ
وَلَستُ بِعابِطِ الأَكفاءِ ظُلماً / وَعِندي لِلمُلِمّاتِ اِجتِزاءُ
يُحِبُّ المَرءُ أَن يَلقى مُناهُ / وَيَأبى اللَهُ إِلّا ما يَشاءُ
مَن يَكُ غافِلاً لَم يَلقَ بُؤساً
مَن يَكُ غافِلاً لَم يَلقَ بُؤساً / يُنِخ يَوماً بِساحَتِهِ القَضاءُ
تَناوَلُهُ بَناتُ الدَهرِ حَتّى / تُثَلِّمَهُ كَما اِنثَلَمَ الإِناءُ
وَكُلُّ شَديدَةٍ نَزَلَت بِحَيٍّ / سَيَأتي بَعدَ شِدَّتِها رَخاءُ
فَقُل لِلمُتَّقي عَرَضَ المَنايا / تَوَقَّ وَلَيسَ يَنفَعُكَ اِتِّقاءُ
فَلا يُعطى الحَريصُ غِنىً لِحِرصٍ / وَقَد يَنمي لِذي العَجزِ الثَراءُ
غَنِيُّ النَفسِ ما اِستَغنى غَنِيٌّ / وَفَقرُ النَفسِ ما عَمِرَت شَقاءُ
إِذا جاوَزَ الإِثنَينِ سِرٌّ فَإِنَّهُ
إِذا جاوَزَ الإِثنَينِ سِرٌّ فَإِنَّهُ / بِنَشرٍ وَتَكثيرِ الحَديثِ قَمينُ
وَإِن ضَيَّعَ الإِخوانُ سِرّاً فَإِنَّني / كَتومٌ لِأَسرارِ العَشيرِ أَمينُ
يَكونُ لَهُ عِندي إِذا ما ضَمِنتُهُ / مَقَرٌّ بِسَوداءِ الفُؤادِ كَنينُ
سَلي مَن نَديمي في النَدامى وَمَألَفي / وَمَن هُوَ لي عِندَ الصَفاءِ خَدينُ
وَأَيُّ أَخي حَربٍ إِذا هِيَ شَمَّرَت / وَمِدرَهِ خَصمٍ بَعدَ ذاكَ أَكونُ
وَهَل يَحذَرُ الجارُ الغَريبُ فَجيعَتي / وَخَوني وَبَعضُ المُقرِفينَ خَؤونُ
وَما لَمَعَت عَيني لِغِرَّةِ جارَةٍ / وَلا وَدَّعَت بِالذَمِّ حينَ تَبينُ
أَبى الذَمَّ آباءٌ نَمَتني جُدودُهُم / وَمَجدي لِمَجدِ الصالِحينَ مُعينُ
فَذَلِكَ ما قَد تَعلَمينَ وَإِنَّني / لَجَلدٌ عَلى رَيبِ الخُطوبِ مَتينُ
أُمِرُّ عَلى الباغي وَيَغلُظُ جانِبي / وَذو القَصدِ أَحلولي لَهُ وَأَلينُ
وَإِنّي لَأَعتامُ الرِجالَ بِخُلَّتي / أُلي الرَأيِ في الأَحداثِ حينَ تَحينُ
رَدَّ الخَليطُ الجِمالَ فَاِنقَضَبا
رَدَّ الخَليطُ الجِمالَ فَاِنقَضَبا / وَقَطَّعوا مِن وِصالِكِ السَبَبا
قادَتهُمُ لِلفِراقِ شاطِنَةٌ / فَشَطَّ وَليُ الحَبيبِ فَاِغتَرَبا
لَم أَدرِ قَبلَ النَوى بِبَينِهِمُ / حَتّى اِستَطارَت عَصاهُمُ شُعَبا
هِندٌ تَجَنّى الذُنوبَ عاتِبَةً / يا حَبَّ بِالعاتِبِ الَّذي عَتَبا
أَقسَمتُ لَولا الَّذي زَعَمتُ وَما / خَبَّرتُ قَوماً عَن مَجدِهِم كَذِبا
وَقَد أَضَعتِ الَّذي حَفِظتُ مِنَ ال / وِدُّ لَقَدَّمتُ مِدحَةً عَجَبا
أَفنَيتُ دَهري وَطولَ دَهرِكِ لا / نَنفَكُّ نُزجي مَقالَةً لَعِبا
يَسلُكُ مِنها الصَعودُ مَن طَلَبَ ال / قَصدَ وَتَعوي سِباعُها كَلَبا
هَلّا إِذِ الخورُ في أَصِرَّتِها / وَالحَفلُ في الدَرِّ تَقطَعُ العَصَبا
لاقَيتِ أَمري وَالرَأيُ مُؤتَنِفٌ / أَتبَعُ رَأساً وَأَترُكُ الذَنَبا
في غَيرِ ما كُنهِهِ سَفِهتِ وَما / أَحدَثتِ حالاً فَتُحدِثي الخُطَبا
الحَمدُ لِلَّهِ ذي البَنِيَّةِ إِذ / أَمسَت دُحَيٌّ قَد أُثخِنَت غَلَبا
يَركَبُ حَزنَ الطَريقِ أَوَّلُهُم / يَدعو بَني عَمِّهِ وَقَد كُرِبا
غودِرَ عِندَ المَكَرِّ سَيِّدُهُم / فيهِ سِنانٌ تَخالُهُ لَهَبا
وَاِبنا حَرامٍ وَثابِتٌ كُشِفَت / خَيلاهُما عَنهُما وَقَد عَطِبا
زُرناهُمُ بِالخَميسِ ضاحِيَةً / نُزجي إِلى المَوتِ جَحفَلاً لَجِبا
جاءَت بَنو الأَوسِ عارِضاً بَرِداً / تَحلِبُهُ الريحُ مُقبِلاً حَلَبا
أَرعَنَ مِثلَ الأَتِيِّ أَعقَبَهُ / صَوبُ مُلِثٍّ يُسَيَّلُ الحَدَبا
إِنَّ بَني الأَوسِ حينَ تَستَعِرُ ال / حَربُ لَكَالنارِ تَأكُلُ الحَطَبا
إِنَّ بَني الأَوسِ مَعشَرٌ صَدَقوا ال / ضَربَ وَسَنّوا الإِساءَ وَالنَدَبا
فَصَمَدوا رَأسَ كَبشِ إِخوَتِهِم / حَتّى تَوَلَّوا وَاِستَنفَروا هَرَبا
بِكُلِّ لَينٍ ماضٍ ضَريبَتُهُ / عَضبٍ إِذا ما هَزَزتَهُ رَسَبا
قالَت بَنو الأَوسِ مِن عَفافِهِمُ / مُرّوا وَلا تَأخُذوا لَهُم سَلَبا
تَسوقُ أُخراهُم أَوائِلَهُم / كَما يَسوقُ المُعارِضُ الجَلَبا
لَمّا دَعاهُم لِلمَوتِ سَيِّدُهُم / زابَت إِلَيهِم جُموعُهُم عُصَبا
أَلَمَّ خَيالُ لَيلى أُمِّ عَمروِ
أَلَمَّ خَيالُ لَيلى أُمِّ عَمروِ / وَلَم يُلمِم بِنا إِلّا لِأَمرِ
تَقولُ ظَعينَتي لَمّا اِستَقَلَّت / أَتَترُكُ ما جَمَعتَ صَريمَ سَحرِ
فَقُلتُ لَها ذَريني إِنَّ مالي / يَروحُ إِذا غَلَبتُهُمُ وَيَسري
فَلَستُ لِحاصِنٍ إِن لَم تَرونا / نُجادِلُكُم كَأَنّا شَربُ خَمرِ
وَتَحمِلُ حَربَهُم عَنّا قُرَيشٌ / كَأَنَّ بَنانَهُم تَفريكُ بُسرِ
وَتُدرِكُ في الخَزارِجِ كُلَّ وِترٍ / بِذَمِّ الكاهِنَينِ وَذَمِّ عَمروِ
زَجَرنا النَخلَ وَالآطامَ حَتّى / إِذا هِيَ لَم تُشَيِّعنا لِزَجرِ
هَمَمنا بِالإِقامَةِ ثُمَّ سِرنا / كَسَيرِ حُذَيفَةِ الخَيرِ بنِ بَدرِ
وَرِثنا المَجدَ قَد عَلِمَت مَعَدٌّ / فَلَم نُغلَب وَلَم نُسبَق بِوِترِ
مَتى تَلقَوا رِجالَ الأَوسِ تَلقَوا / لِباسَ أَساوِدٍ وَجُلودَ نُمرِ
وَنَصدُقُ في الصَباحِ إِذا اِلتَقَينا / وَلَو كانَ الصَباحُ جَحيمَ جَمرِ
أَلا أَبلِغ بَني ظَفَرٍ رَسولاً / فَلَم نَذلِل بِيَثرِبَ غَيرَ شَهرِ
خُذِلناهُ وَأَسلَمنا المَوالي / وَفارَقنا الصَريحُ لِغَيرِ فَقرِ
أَبَحنا المُسبِغينَ كَما أَباحَت / يَمانونا بَني سَعدِ بنِ بَكرِ
فَإِن نَلحَق بِأَبرَهَةَ اليَماني / وَنُعمانٍ يُوَجِّهُنا وَعَمروِ
وَإِن نَنزِل بِذي النَجَداتِ كُرزٍ / نُلاقِ لَدَيهِ شُرباً غَيرَ نَزرِ
لَهُ سَجلانِ سَجلٌ مِن صَريحٍ / وَسَجلُ تَريكَةٍ بِعَتيقِ خَمرِ
وَنَمنَعُ ما أَرادوا لا يُعانى / مُقيمٌ في المَحَلَّةِ وَسطَ قَسرِ
وَإِن تَغدو بِنا غَطَفانُ نُردِف / نِساءَهُمُ وَنَقتُل كُلَّ صَقرِ
فَنَحنُ النازِلونَ عَلى المَنايا / وَنَحنُ الآخِذونَ بِكُلِّ ثَغرِ
لَأُصَرِّفَنَّ سِوى حُذَيفَةَ مِدحَتي
لَأُصَرِّفَنَّ سِوى حُذَيفَةَ مِدحَتي / لَفَتى العَشِيِّ وَفارِسِ الأَجرافِ
مَن لا يَزالُ يَكُبُّ كُلَّ نَقيلَةٍ / وَزماءَ غَيرَ مُحاوِلِ الإِنزافِ
رَحبُ المَباءَةِ وَالجَنابِ مُوَطَّأٌ / مَأوىً لِكُلِّ مُعَصَّبٍ مِسوافِ
الضارِبُ البَيضَ المُتَقَّنَ صُنعُهُ / يَومَ الهِياجِ بِكُلِّ أَبيَضَ صافي
إِن تَلقَ خَيلَ العامِرِيِّ مُغيرَةً / لا تَلقَهُم مُتَعَنِّقي الأَعرافِ
وَإِذا تَكونُ عَظيمَةٌ في عامِرٍ / فَهُوَ المُدافِعُ عَنهُمُ وَالكافي
الواتِرونَ المُدرِكونَ بِتَبلِهِم / وَالحاشِدونَ عَلى قِرى الأَضيافِ
تَعدو بِهِم في الرَوعِ كُلُّ طُوالَةٍ / تَنضو الجِيادَ وَمِنهَبٍ غَرّافِ
رَبِذٍ قَوائِمُهُ شَديدٍ أَسرُهُ / صَلتِ المُعَذَّرِ ذي سَبيبٍ ضافِ
أَلفَيتَهُم يَومَ الهِياجِ كَأَنَّهُم / أُسُدٌ بِبيشَةَ أَو بِغافِ رُوافِ
إِذا قَبيلٌ أَرادونا بِمُؤذِيَةٍ
إِذا قَبيلٌ أَرادونا بِمُؤذِيَةٍ / فَبِالظَواهِرِ أَهلُ النَجدَةِ البُهَمُ
إِذا الخَزارِجُ نادَت يَومَ مَلحَمَةٍ / وَشَدَّتِ الكاهِنانِ الخَيلَ وَاِعتَرَموا
تَدارَكوا الأَوسَ لَمّا رَقَّ عَظمُهُمُ / حَتّى تَلاقَت بِهِ الأَرحامُ وَالذِمَمُ
لَمّا أَتَت مِن بَني عَمروٍ مُلَملَمَةٌ / بِها تُهَدُّ حُزونُ الأَرضِ وَالأَكَمُ
وَمِن بَني خَطمَةَ الأَبطالِ قَد عَلِموا / لا يَهلَعونَ إِذا أَعداؤُهُم سَلِموا
جَزاهُمُ اللَهُ عَنّا أَينَما ذُكِروا / لَدى المَكارِمِ إِذ عُدَّت بِها النِعَمُ
تَاللَهِ نَكفُرُهُم ما أَورَقَت عِضَةٌ / وَكانَ بِالأَرضِ مِن أَعلامُها عَلَمُ
ساقوا الرُهونَ وَآسونا بِأَنفُسِهِم / عِندَ الشَدائِدِ قَد بَرّوا وَقَد كَرُموا
وَلَستُ ناسِيَهُم إِن جاهِلٌ خَطِلٌ / خَنا وَما جَدَبوا عِرضي وَما كَلَموا
تَقولُ اِبنَةَ العَمرِيِّ آخِرَ لَيلِها
تَقولُ اِبنَةَ العَمرِيِّ آخِرَ لَيلِها / عَلامَ مُنِعتَ النَومَ لَيلُكَ ساهِرُ
فَقُلتُ لَها قَومي أَخافُ عَلَيهِمُ / تَباغِيَهُم لا يُبهِكُم ما أُحاذِرُ
فَلا أَعرِفَنكُم بَعدَ عِزٍّ وَثَروَةٍ / يُقالُ أَلا تِلكَ النَبيتُ عَساكِرُ
فَلا تَجعَلوا حَرباتِكُم في نُحورِكُم / كَما شَدَّ أَلواحَ الرِتاجِ المَسامِرُ
يا عَمروُ قَد أَعجَبتَني مِن صاحِبٍ
يا عَمروُ قَد أَعجَبتَني مِن صاحِبٍ / حيناً تَشُجُّ وَتارَةً تَأسوني
أَمّا الفُؤادُ فَناصِحٌ فيما بَدا / وَالقَولُ قَولُ الأَحمَقِ المَجنونِ
وَإِذا أَقومُ بِخُطبَةٍ تَرضى بِها / وَإِذا أَقومُ بِخُطبَةٍ تُخزيني
كَم قائِمٍ يُحزِنُهُ مَقتَلي
كَم قائِمٍ يُحزِنُهُ مَقتَلي / وَقاعِدٍ يَرقُبُني شامِتُ
أَبلِغ خِداشاً أَنَّني مَيِّتٌ / كُلُّ اِمرِئٍ ذي حَسَبٍ مائِتُ