المجموع : 87
أَحْلَلْتَنِي بمَحَلَّةِ الجَوْزاءِ
أَحْلَلْتَنِي بمَحَلَّةِ الجَوْزاءِ / ورَوِيتُ عِنْدَكَ مِن دَمِ الأَعْدَاءِ
وطَعِمْتُ لَحْمَ المارقينَ فَأَخْصَبَتْ / حالي وبَلَّغَنِي الزَّمَانُ شِفائِى
وحَمَلْتَنِي كالصَّقْر فَوْقَ مَعَاشِر / تحتِى كَأَنَّهُمْ بَنَاتُ الماءِ
ولَمَحْتُ إِخْوَانِي لَدَيْكَ كأَنَّهُمْ / مِمّا رَفَعْتَهُمُ نُجُومُ سَماءِ
لا يَرْحَمِ الرَّحْمنُ مَصْرَعَ مارِقٍ / عَبِثَتْ بطاعتِهِ يَدُ الأَهْواءِ
أَلْحِقْ به إخْوانَهُ فحَيَاتُهُمْ / نَكَدٌ وقد أَوْدَى أَخُو السُّفَهاءِ
ساعِدْ بذاكَ ودَعْ مَقالَ مَعاشِرٍ / بَخِلُوا فنالُوا خُطَّةَ البُخَلاءِ
مَن لم يُفِدْكَ سِوَى الزَّمَان فَخَلِّهِ / للشَّمْسِ يَرْقُبُهَا مع الحِرباءِ
ودعِ القَلانِسَ في السَّحَابِ يَشُقُّهَا / ومَفاخِرَ الآباءِ للأَبْنَاءِ
إِنَّ الرِّجَالَ إِذا تَأَخَّرَ نَفْعُهُمْ / في كُلِّ مَعْنًى شُبِّهُوا بنِساءِ
أَناصِلُّهُمْ عنْدَ الخِصَامِ فخَلِّهِمْ / للِسانِ هذى الحَيَّةِ الرَّقْشاءِ
مَنازِلُهُمْ تَبْكِى إليكَ عَفاءَها
مَنازِلُهُمْ تَبْكِى إليكَ عَفاءَها / سَقَتْهَا الثُّرَيّا بالغَريِّ نِحاءَهَا
أَلَثَّتْ علَيْهَا المُعْصِراتُ بقَطْرِهَا / وجَرَّتْ بها هُوجُ الرِّيَاحِ مُلاءَهَا
حَبَسْتُ بها عَدْواً زِمَامَ مَطِيَّتِى / فَحَلَّتْ بها عَيْنِي عليَّ وِكاءَهَا
رَأَتْ شُدُنَ الآرامِ في زَمَنِ الهَوى / ولم تَرَ لَيْلى فهي تَسْفَحُ ماءَهَا
خَلِيلَىَّ عُوجا بارَكَ اللَّهُ فيكما / بدارتِها الأُولى نُحَيِّ فِناءَهَا
ولا تَمْنَعانِي أَنْ أَجُودَ بأَدْمُعٍ / حَوَاها الجَوى لمّا نَظَرْتُ جِواءَهَا
فأُقْسِمُ ما شِمْتُ الغَدَاةَ وَقُودَها / وَقد شِمْتُ ما رابَ الحِمى وأَساءَهَا
مَيادِينُ أَفْرَاسِ الصِّبا ومَراتِعٌ / رَتَعْتُ بها حتَّى أَلِفْتُ ظِباءَهَا
فلم أَرَ أَسْرَاباً كأَسْرَابِهَا الدُّمَى / ولا ذِئْبَ مِثْلي قد رَعَى ثَمَّ شاءَهَا
وَلا كضَلالٍ كانَ أَهْدَى لِصَبْوتِي / لَيَالِيَ يَهْدِيني الغَرامُ خِباءَهَا
وما هاجَ هَذا الشَّوْقَ إلَّا حَمائِمٌ / بَكَيْتُ لها لمّا سَمِعْتُ بُكَاءَهَا
تَغَنَّ فلا يَبْعُدْ بذِي الأَيْكِ عاشِقٌ / بَكى بَيْنَ لَيْلى فَاسْتَحَثَّ غِنَاءَهَا
عَجِبْتُ لنَفْسِي كَيْفَ مُلِّكَها الهَوَى / وكَيْفَ اسْتَفَزَّ الغانِيَاتُ إِبَاءَهَا
أَنا البَحْرُ لا يَسْتَوْهِنُ الخَطْبُ طاقَتى / وتَأْبَى الحِسانُ أَنْ أُطِيقَ لِقَاءَهَا
تَيَمَّمَ قَصْدِي النَّائِباتُ فرَدَّها / فتًى لم يُشَجِّعُ حِينَ حَانَ رِيَاءَهَا
إِذَا طَرَقَتْهُ الحادِثَاتُ أَعارَهَا / شَبا فِكَرَاتٍ قد أَطالَ مَضَاءَهَا
أَما وأَبى الأَعْدَاءُ ما دَفَعَتْهُمُ / يَدٌ سَبَقَتْهُمْ يَتَّقُونَ عَدَاءَهَا
جَزَاهُم بما حازُوا مِن الجَهْلِ حِلْمُهُ / كَرِيمٌ إِذَا راءَ المَكَارمَ جاءَهَا
ولَوْ أَنَّنِى أَنْحَتْ عليّ أَكَارِمٌ / تَرَضَّيْتُ بالعِرْضِ الكَرِيمِ جَزَاءَهَا
وَلَكِنَّ جِرْذَانَ الثُّغُورِ رَمَيْنَنِي / فأَكْرَمْتُ نَفْسِى أَن تُرِيقَ دِماءَهَا
إِلَيْكَ أَبا مَرْوَانَ أَلْقَيتُ رابِياً / بِحاجَة نَفْسٍ ما حَرَبْتُ خَزَاءَهَا
هَزَزْتُكَ في نَصْرِي ضُحًى فكأَنَّنِي / هَزَزْتُ وقَدْ جِئْتُ الجبَالَ حِرَاءَهَا
نَقَضْتُ عُرَى عَزْمِ الزَّمَانِ وإِن عَتا / بعَزْمَةِ نَفْس لا أُريدُ بَقَاءَهَا
وكَم لكَ مِن يَوْمٍ وَقَفْتَ بظِلِّهِ / وقد نَازَلَتْنَا الحادثَاتُ إِزاءَهَا
ومِن مَوْقِفٍ ضَنْكٍ زَحَمْتَ به العِدى / وقَد نَفَضَتْ فيهِ العُقَابُ رِداءَهَا
وَكَم أُمّة أَنْجَدْتَها وكأَنَّهَا / يَرابِيعُ سَدَّتْ خِيفةً قُصَعاءَهَا
ومِن خُطْبَة في كَبّة الصَّكِّ فَيْصَلٍ / حَسَمْتَ بها أَهْواءَهَا ومِراءَهَا
قَد تَرَكْنَا الصِّبا لكُلِّ غَوِىٍّ
قَد تَرَكْنَا الصِّبا لكُلِّ غَوِىٍّ / وانْسَلَخْنَا مِن كُلِّ ذامٍ وعابِ
وانْقَطَعْنَا لِواعِظَاتِ مَشِيبٍ / آذَنَتْنَا حَيَاتُهَا بذَهابِ
وإِذا ما الصِّبا تَحَمَّلَ عنَّا / فقَبِيحٌ بنا ارْتِضَاءُ التَّصابِي
وارْتَكَضْنَا حتَّى مَضَى اللَّيْلُ يَسْعى / وأَتى الصُّبْحُ قاطِعَ الأَسْبَابِ
فكأَنَّ النُّجُومَ في اللَّيْلِ جَيْشٌ / دَخَلُوا للْكُمُونِ في جَوْفِ غابِ
وكأَنَّ الصَّبَاحَ قانِصُ طَيْرٍ / قَبَضَتْ كَفُّه برِجْلِ غُرابِ
وفُتُوٍّ سَرَوْا وقد عَكَفَ اللَّيْ / لُ وأَرْخَى مُغْدَوْدِنَ الأَطْنَابِ
وكأَنَّ النُّجُومَ لمّا هَدَتْهُم / أَشرقَتْ للعُيُونِ مِن آدابِي
وكأَنَّ البُرُوقَ إِذ طالَعَتْهُم / أُوقِدَتْ في سَمائِهَا مِن شِهابِي
يَتَقَرَّوْنَ جَوْزَ كُلِّ فَلاةٍ / جُنْحَ لَيْلٍ جَوْزَاؤُه من رِكابِي
عَنَّ ذِكْرِي لمُدْلجِيهِمْ فتاهُوا / مِن حَدِيثِي في عُرْضِ أَمْرٍ عُجَابِ
هِمَّةٌ في السَّمَاءِ تَسْحَبُ ذَيْلاً / مِن ذُيُولِ العُلا وجَدٌّ كابِي
وفَتًى أَرْهَفَتْ ظُبَاهُ المَعَالِى / فَثَنَتْهُ بالباتِرِ القِرْضَابِ
نَيَّبَتْهُ أَيَّامُهُ ولَيالِي / هِ بظُفْرٍ مِن الخُطُوبِ ونابِ
حُوَّلٌ لَوْ رآهُ صَرْفُ اللَّيَالي / لَتَوَارى مِن خَوْفِهِ في حِجابِ
ذاقَ أَيّامَهُ فكانَ سَواءً / عِنْدَهُ طَعْمُ شُهْدِها والصّابِ
ولَو انَّ الدُّنْيَا كَرِيمةُ نَجْرٍ / لم تَكُنْ طُعْمَةً لفَرْسِ الكِلابِ
وإِذا ما نَظَرْتُ ما حازَ غَيْرِي / قلَّ عمّا حَمَلْتُهُ في ثِيابِي
جِيفةٌ أَنْتَنَتْ فطارَ إلَيْهَا / مِن بَني دَهْرِها فِرَاخُ الذِّئَابِ
مِن شُهَيْدٍ في سِرِّهَا ثُمَّ مِنْ أَش / جَعَ في السِّرِ مِن لُبَابِ اللُّبَابِ
خُطَبَاءُ الأَنَام إنْ عَنَّ خَطْبٌ / وأَعارِيبُ في مُتُونِ عِرابِ
غيرَ أَنِّي مع الوَزِيرِ أَبِي القا
غيرَ أَنِّي مع الوَزِيرِ أَبِي القا / سِم حِزْبٌ مَحْضٌ مِن الأَحْزَابِ
التَّقيُّ النَّقِيُّ كَهْلاً وطِفْلاً / فارِسُ الجَيْشِ راهِبُ المِحْرَابِ
ومُنَفِّرٍ للنَّوْمِ مَسْكَنُهُ إِذا
ومُنَفِّرٍ للنَّوْمِ مَسْكَنُهُ إِذا / نامَ المُمَلَّكُ بَيْنَ أَثْنَاءِ الثِّيَاب
يَسْرِي إِلى الأَجْسَامِ يَهْتِكُ عَدْوُهُ / عنِ كُلِّ جِسْمٍ صِيغَ بالنُّعْمَى حِجَاب
وَيَعَضُّ أَرْدَافَ الحِسَانِ وماله / كَفٌّ وَلَكِنْ فُوهُ مِن أَعْدَى الحراب
مُتَحَكِّمٌ في كُلِّ جِسْمٍ ناعِم / مُتَدَلِّلٌ مَا بَيْنَ أَلْحَاظِ الكِعَاب
فإِذا هَمَمْتَ بِزَجْرِهِ وَلَّى وَلا / يَثْنِيهِ عَمَّا قد تَعَوَّدَهُ طِلاب
وتَرَى مَوَاضِعَ عَضِّهِ مَخْضُوبةً / بِدَمِ القُلُوبِ وما تَعَاوَرَهُ خِضَاب
قَرْمٌ مِن اللَّيْلِ البَهيمِ مُكَوَّرٌ / يَمْشي البَرَازَ ومَا تُوارِيهِ ثِياب
عَظُمَتْ رَزِيَّتُهُ وَلَكِنْ قَدْرُهُ / أَخْزَى وأَهْوَنُ مِن ذُبَاب في تُراب
ما أَطْرَبَتْ فَوْقَ الغُصُونِ حَمامةٌ
ما أَطْرَبَتْ فَوْقَ الغُصُونِ حَمامةٌ / إِلا رَأَيْتَ دُمُوعَ عَيْني تُسْكَبُ
وإِذا الرِّياحُ تَناوَحَتْ أَلْفَيْتَنِي / بَيْنَ الصَّبَابَةِ والأَسَى أَتَقَلَّبُ
يا عاذِلى في الحُبِّ مَهْلاً بالأَذى / لَوْ كُنْتَ تَعْشَقُ ما ظَلَلْتَ تُؤَنِّبُ
كم حاوَلَتْ نَفْسي السُّلُوَّ فطالَبَتْ / أَسْبَابَهُ جُهْداً فعَزَّ المَطْلَبُ
ظَنَنَّا الَّذِي نادى مُحِقَّا بمَوْتِهِ
ظَنَنَّا الَّذِي نادى مُحِقَّا بمَوْتِهِ / لِعُظْمِ الَّذِي أَنْحَى منَ الرزءِ كاذِبَا
وخلْنا الصَّباحَ الطلقَ لَيْلاً وإِنَّما / حَبَطْنا خُداريَّا مِن الحُزْنِ كارِبَا
ثَكِلْنا الدُّنا لما اسْتَقَلَّ وإِنَّما / فقَدْناكَ يا خَيْرَ البَريّةِ ناعِبَا
وما ذَهَبَتْ إِذ حَصَّلَ القَبْرُ نَفْسَهُ / ولكِنَّما الإِسْلامُ أَدْبَرَ ذاهِبَا
ولمّا أَبَى إِلَّا التَّحَمُّلَ رائِحاً / مَنَحْناهُ أَعْناقَ الكِرامِ رَكائِبَا
يَسِيرُ به النَّعْشُ الأَغَرُّ وحَوْلهُ / أَباعِدُ راحُوا للمُصابِ أَقارِبَا
علَيْهِ حَفِيف لِلْمَلائِكِ أَقْبَلَتْ / تُصافِحُ شَيْخاً ذاكِر اللَّه تائِبَا
تخالُ لَفِيفَ النَّاسِ حَوْلَ ضَريحِهِ / خَلِيطَ قَطاً وافى الشَّرِيعَةَ هَارِبَا
إِذا ما امْتَرَوْا سُحْبَ الدُّمُوعِ تَفَرَّعَتْ / فُرُوعُ البُكا عن بارِقِ الحُزْن لاهِبَا
فمَن ذَا لِفَصْلِ القَوْلِ يَسْطَعُ نُورُهُ / إِذا نحنُ نَاوَأْنَا الألَدّ المناوبَا
ومَن ذا رَبيعُ المُسْلِمينَ يَقُوتُهُم / إِذا النَّاسُ شامُوها بُرُوقا كَواذِبَا
فيا لَهْفَ قَلْبي آهِ ذابَتْ حُشاشتي / مَضى شَيْخُنا الدَّفَّاعُ عنَّا النَّوائِبَا
وماتَ الَّذِي غابَ السُّرُورُ لمَوْتِهِ / فلَيْسَ وإِنْ طالَ السُّرَى منه آيِبَا
وكانَ عَظِيماً يُطْرِقُ الجَمْعُ عِنْدَهُ / ويَعْنُو له رَبُّ الكَتِيبةِ هائِبَا
وذا مِقْوَلٍ عَضْبِ الغرارَيْنِ صارِم / يَرُوحُ به عن حَوْمَةِ الدِّينِ ضارِبَا
أَبا حاتِم صَبْرَ الأَدِيبِ فإِنَّني / رَأَيْتُ جَمِيلَ الصَّبْرِ أَحْلَى عَواقِبَا
وَما زِلْتَ فِيْنَا ترْهب الدَّهْرَ سطْوةً / وصَعْباً به نُعْي الخُطُوبَ المَصاعِبَا
سَأَسْتَعْتِبُ الأَيَّامَ فيكَ لَعَلَّها / لصِحَّةِ ذاك الجِسْمِ تَطْلُبُ طالِبَا
لَئِنْ أَفَلَتْ شَمْسُ المكارِمِ عنكُمُ / لقد أَسأَرَتْ بَدْراً لها وكَواكِبَا
لا تَبْكِيَنَّ مِن اللَّيالي أَنَّها
لا تَبْكِيَنَّ مِن اللَّيالي أَنَّها / حَرَمَتْكَ نَغْبَةَ شارِب مِن مَشْرَبِ
فأَقَلُّ مالكَ عِنْدَها سَيْفُ الردَى / يُسْتَلُّ مِن شَعْرِ القَذالِ الأَشْيبِ
ورَحِيلُ عَيْشِكَ كُلَّ رِحْلةِ ساعة / وفَناءُ طِيبِكَ في الزَّمَانِ الأَطْيَبِ
فإِذا بَكَيْتَ فَبَكِّ عُمْرَكَ إِنَّهُ / زَجلُ الجَناحِ يَمُرُّ مَرَّ الكَوْكَبِ
مَرَّ بي في فَلَك من ربرَب
مَرَّ بي في فَلَك من ربرَب / قَمَرٌ مُبْتَسمٌ عن شَنَبِ
زَيَّنُوا أَعْلاه بالدُّرِّ كما / ثقَّلُوا أَسْفَلَهُ بِالكُثُبِ
فازْدَهَتْنى أَرْيَحِيّاتُ الصِّبا / واسْتَخَفَّتْنِي دواعِي طَرَبي
فَتَعَرَّضْتُ لتَسْلِيمٍ له / فإِذا التَيَّاهُ لا يَعْبأُ بي
قالَ هذا العَبْدُ مَن دَلَّلَهُ / ما الَّذِي أَمَّنَهُ مِن غَضَبي
يا ظُبَا لَحظِي خُذِي لي رأْسَهُ / فَهْوَ لا شَكَّ مِن أهلِ الرِّيبِ
فانْبَرَتْ أَلْحاظُهُ تَطْلُبُني / وأَنا قُدَّامَها في الهَرَبِ
لَوْ تَراني وأَنا أُلْطِفُهُ / وأُدارِيهِ مُدَارَاةَ الصَّبي
خِلْتَهُ جَبَّارَ قَوْمٍ مَرَدُوا / وأَنا في لُطُف الوَعْظِ نَبي
أَذَّنَ الدِّيكُ فَثُبْ أَوْ ثَوِّب
أَذَّنَ الدِّيكُ فَثُبْ أَوْ ثَوِّب / وانْضَحِ القَلْبَ بماءِ العِنَبِ
وَتَأَمَّلْ آيةً مُعْجِزَةً / ما قَرَأْنَا مِثْلَها في الكُتُبِ
رَكَعَ الإبْرِيقُ مِن طاعتِهِ / وبَكى فابْتَلَّ ثَوْبُ الأَكْوُبِ
وَلْوَلَ المِزْهَرُ يَنْفِي كُرَبي / وَتَطَرَّبْتُ فأَعْيا طَربَي
ورَبِيبٍ قامَ فينا ساقِيًا / كالرَّشا أُرْضِعَ بَيْنَ الرَّبْرَبِ
ظَبْية دُونَ الصَّبايا قُصِّصَتْ / فأَتَتْ غَيْداءَ في شَكْل الصَّبي
فُتِّحَ الوَرْدُ على صَفْحتِها / وحَماهُ صُدْغُها بالعَقْرَبِ
فَمشَتْ نَحْوِي وقد مُلِّكْتُها / مِشْيةَ العُصْفورِ نَحْوَ الثَّعْلَبِ
وغَمامٍ باكَرَتْنا عَيْنُهُ / تُتْرِعُ الأُفْقَ بدَمْعٍ صَيِّبِ
مِثْلَ بَحْرٍ جَاءَنا مِن فَوْقِنا / جِرْمُه مِن لُؤْلُؤٍ لم يُثْقَبِ
فَدَنا حتى حَسِبْنا أَنَّه / يَمْسَحُ الأَرْضَ بفَضْلِ الهَيْدَبِ
فسَأَلْناهُ وقد أَعْجَبَنا / حَشوُهُ العَيْنَ بمَرأى مُعْجِبِ
أَنْتَ ماذا قالَ مُزْنٌ عَلَّمَتْ / كَفَّهُ النُّجْعةَ كَفَّا دَرِبِ
سامَني بالشَّرْقِ أَنْ أَسْقِيَكُم / رَحْمةً منه بأَقْصَى المَغْرِبِ
فَسَأَلْناهُ أَبِنْ ذاك لنا / قالَ هل يَخْفى ضِياءُ الكَوْكَبِ
مَلِكٌ ناصَبَ مَن خالَفَكُمْ / عامِرِيُّ المُنْتَمَى والمَنْصِبِ
فَعلمْنا أَنَّهَا نَفْحةُ مَن / وَرِثَ الجُودَ أَباً بَعْدَ أَبِ
لكَ كَفٌّ بالثُّرَيَّا فَيْضُها / ولها بَسْطُ النَّدَى مِن كَثَبِ
كَقَلِيبٍ دَلْوُها مُتْرَعَةٌ / أَشْرَقَتْ بالماءِ عَقْدَ الكَرَبِ
تُبْصِرُ العَيْنانِ منه إِنْ بَدا / قَمَرَ السَّرْجِ وشَمْسَ المَوْكِبِ
أَنْجَبَتْهُ للمعالي أُسْرَةٌ / نَزَلُوا للمَجْدِ أَعْلَى الرُّتَبِ
بنُفُوسٍ مِن سَناءٍ غَضَّةٍ / في جُسُومٍ بَضَّة من حَسَبِ
ووُجُوهٍ مُشْرِقاتٍ أَوْ مَضَتْ / ضاحِكات في وُجُوهِ الكُرَبِ
لهُمُ أَيّامُ حَرْبٍ كَثَّرَتْ / في عِداهُمْ داعِياتِ الحَرَبِ
لم يُطِقْ عامِرُ قِدْما مِثْلَها / لا ولا عَمْرُو بن مَعْدِ يكرِبِ
سَحَبُوا مِن ذَيْلِ مَجْد إِذْ هُمُ / للْوَغَى في ظِلِّ نَقْعٍ أَشْهَبِ
يا ابْن أُمِّ المَجْدِ خُذْها عِبْرةً / جِدّ قَوْلٍ يُشْتَهَى كاللَّعِبِ
مِن بَناتِ اللُّبِّ زانَتْكَ كما / زانَ صَدْرَ المُهْرِ حَلْيُ اللَّبَبِ
خَمْرةٌ مِن طيبِها قد سُبيَتْ / قَطَعَتْ نَحْوَكَ عَرْضَ السَّبْسَبِ
أَفْدِي أُسَيْماءَ مِن نَدِيمٍ
أَفْدِي أُسَيْماءَ مِن نَدِيمٍ / مُلازِمٍ لِلْكُؤوسِ راتِبْ
قَد عَجِبُوا في السُّهادِ منها / وَهْيَ لَعَمْرِي مِن العَجائِبْ
قالُوا تَجافى الرُّقادُ عنها / فقُلْتُ لا تَرْقُدُ الكَواكِبْ
أَبُو جَعْفَرٍ رَجُلٌ كاتِبٌ
أَبُو جَعْفَرٍ رَجُلٌ كاتِبٌ / مَلِيح شَبا الخَطِّ حُلْوُ الخَطابَهْ
تَمَلَّأَ شَحْماً ولَحْماً وما / يَلِيقُ تَمَلُّؤهُ بالكِتابَهْ
وذُو عَرَقٍ لَيْسَ ماءَ الحَياءِ / وَلَكِنَّهُ رَشْحُ فَضْلِ الجَنابَهْ
جَرَى الماءُ في سُفْلِهِ جَرْىَ لِينٍ / فأَحْدَثَ في العُلْو منه صَلابَهْ
ولم أَنْسَ بالنَّاوُوس أَيَّامَنا الأُلَى
ولم أَنْسَ بالنَّاوُوس أَيَّامَنا الأُلَى / بها أَيْنُنا مَحْبُوبُها وحَبَابُهَا
وفِتْيةَ ضَرْبٍ مِن زِناتَةَ مُمْطِرٍ / بوَيْلِ المَنايا طَعْنُها وضِرابُها
وَقَفْنا على جَمْرٍ مِن المَوْتِ وَقْفةً / صليّ لَظاهُ دَأْبُ قَوْمِي ودابُهَا
إِذا الشَّمْسُ رامَتْ فيه أَكْلَ لُحُومِنا / جَرى جَشَعاً فَوْقَ الجِيادِ لُعابُهَا
وقالُوا أَصابَ المَوْتُ نَفْساً كَرِيمة
وقالُوا أَصابَ المَوْتُ نَفْساً كَرِيمة / فقُلْتُ لصَحْبي هذه نَفْسُ صالِحِ
جُمِعَتْ بطاعةِ حُبِّكَ الأَضْدادُ
جُمِعَتْ بطاعةِ حُبِّكَ الأَضْدادُ / وتَأَلَّفَ الأَفْصَاحُ والأَعْيادُ
كَتَبَ القَضاءُ بأَنَّ جَدَّكَ صاعِدٌ / والصُّبْحُ رَقٌّ والظَّلامُ مِدادُ
أَعِينا امْرَءاً نَزَحَتْ عَيْنُهُ
أَعِينا امْرَءاً نَزَحَتْ عَيْنُهُ / ولا تَعْجَبا مِن جُفُونٍ جِمادِ
إِذا القَلْبُ أَحْرَقَهُ بَثُّهُ / فإِنَّ المَدامِعَ شِلْوُ الفُؤادِ
يَوَدُّ الفَتى مَنْهَلاً خالِياً / وسَعْدُ المَنِيَّةِ في كُلِّ وادِ
ويَعْرِفُ للكَوْنِ ما في يَدَيْهِ / وَما الكَوْنُ إِلا نَذِيرُ الفَسادِ
لقد عثر الدّهْرُ بالسابقي / نَ ولم يُعْجِزِ المَوْتَ ركض الجَوادِ
لَعَمْرُكَ ما رَدَّ رَيْبَ الرَّدَى / أَرِيبٌ ولا جَاهِدٌ باجْتِهادِ
سِهامُ المَنايا تُصِيبُ الفَتى / ولَوْ ضَرَبُوا دُونَه بالسِّدادِ
أَصَبْنَ على بَطْشِهِمْ جُرْهُما / وأَصْمَيْنَ في دارِهِمْ قَوْمَ عَادِ
وأَقْعَصْنَ كَلْباً على عِزِّهِ / فما اعْتَزَّ بالصّافِناتِ الجيادِ
وَلَكِنَّني خانَني مَعْشَرِي / ورُدْتُ يَفاعاً وبِيلَ المَرادِ
وَهل ضَرَبَ السّيْفُ مِن غَيْرِ كَفٍّ / وهل ثَبُتَ الرَّأْسُ في غَيْرِ هادِ
يا صاحِبِي قُمْ فَقد أَطَلْنَا
يا صاحِبِي قُمْ فَقد أَطَلْنَا / أَنَحْنُ طُولَ المَدى هُجُودُ
فقالَ لي لن نَقُومَ منها / ما دامَ مِن فَوْقِنا الصَّعِيدُ
تذكُرُ كَمْ لَيْلَةٍ لَهَوْنا / في ظِلِّهَا والزَّمَانُ عِيدُ
وكَمْ سُرُورٍ هَمَى علَيْنَا / سحابةً ثرّةً تجُودُ
كُلٌّ كأَنْ لم يكُنْ تَقَضَّى / وشُؤمُه حاضِرٌ عَتِيدُ
حصَّلَه كاتِبٌ حَفِيظٌ / وضمَّهُ صادِقٌ شَهِيدُ
يا وَيْلَنَا إِنْ تَنَكَّبَتْنَا / رَحْمَةُ مَن بَطْشُهُ شَدِيدُ
يا ربِّ عفْواً فأَنْتَ موْلىً / قَصَّر في أَمْرِكَ العبيدُ
قَرِيبٌ بِمُحْتَلِّ الهَوانِ بعِيدُ
قَرِيبٌ بِمُحْتَلِّ الهَوانِ بعِيدُ / يجُودُ ويَشْكُو حُزْنَهُ فيُجِيدُ
نَعَى ضرَّه عِنْد الإِمامِ فيا له / عدُوٌّ لأَبْنَاءِ الكِرَامِ حسُودُ
وما ضَرَّهُ إِلا مُزَاحٌ ورِقَّةٌ / ثَنَتْهُ سفِيه الذِّكْرِ وهْو رشِيدُ
جَنَى ما جَنَى في قُبَّة الماءِ غَيْرُهُ / وطُوِّقَ منه بالعَظيمةِ جيدُ
وما فِيَّ إِلَّا الشِّعْر أَثْبَتَهُ الهَوى / فسارَ به في العالَمِين فَرِيدُ
أَفُوهُ بما لم آتِهِ مُتَعَرِّضاً / لحُسْنِ المعانِي تَارةً فأَزِيدُ
فإِنْ طال ذِكْرِي بالمُجُونِ فإِنَّنِي / شَقِىٌّ بِمَنظومِ الكَلامِ سعيدُ
وهَلْ كُنْتُ في العُشَّاقِ أَوَّل عاشِقٍ / هَوتْ بحِجاهُ أَعْيُنٌ وخُدُودُ
وإِنْ طَال ذِكْرِي بالمُجُونِ فإِنَّهَا / عَظائِمُ لم يصْبِرْ لهُنَّ جلِيدُ
فراقٌ وسِجْنٌ واشْتِياقٌ وذلَّة / وجبَّارُ حُفَّاظٍ عليّ عَتيدُ
فَمن مُبْلغُ الفِتْيان أَنِّيَ بعْدهُم / مُقِيمٌ بدارِ الظالِمِين طَرِيدُ
مُقِيمٌ بِدارٍ ساكنُوها مِن الأَذى / قِيامٌ على جمْرِ الحِمام قُعُودُ
ويُسْمعُ للجنَّانِ في جنَباتِهَا / بسِيطٌ كَتَرْجِيعِ الصَّدَى ونَشِيدُ
وما اهْتَزَّ بابُ السِّجْنِ إِلا تَفَطَّرتْ / قُلُوبٌ لنا خَوْف الرَّدى وكُبُودُ
ولَسْتُ بِذِي قَيْدٍ يرِقُّ وإِنَّما / على اللَّحْظِ مِن سُخْطِ الإِمامِ قُيُودُ
وقُلْتُ لصدَّاحِ الحمامِ وقد بكَى / على القَصْرِ إِلْفاً والدُّمُوع تجُودُ
ألا أَيُّها الباكِي على من تُحِبُّهُ / كِلانَا مُعنى بالخَلاءِ فَرِيدُ
وهل أَنْت دانٍ من مُحِبٍّ نأَى به / عن الإِلْفِ سُلْطَانٌ علَيْهِ شَدِيدُ
فَصفَّق مِن ريِش الجنَاحيْنِ واقِعاً / على القُرْبِ حتَّى ما علَيْهِ مزِيدُ
ومازال يُبْكِينِي وأُبكِيهِ جاهِداً / وللشَّوْقِ مِن دُونِ الضُّلُوعِ وقُودُ
إِلى أَن بكى الجُدْرانُ مِن طُولِ شَجْوِنا / وأَجْهَشَ بابٌ جانِباهُ حدِيدُ
أَطاعتْ أَمِير المُؤْمِنِين كَتائِبٌ / تَصرَّف في الأَحْوالِ كَيْف يُرِيدُ
فللشَّمْسِ عنها بالنَّهَارِ تَأَخُّرٌ / وللبدْرِ عنها بالظَّلامِ صُدُودُ
أَلا إِنَّها الأَيَّامُ تَلْعبُ بالفَتَى / نُحُوسٌ تهادى تارةً وسُعُودُ
وما كُنْتُ ذا أَيْدٍ فيُذْعِنَ ذُو قُوى / مِن الدَّهْرِ مُبْدٍ صرْفَهُ ومُعِيدُ
وراضَتْ صِعابِي سطْوةٌ علَوِيَّةٌ / لها بارِقٌ نَحْوَ النَّدى ورُعودُ
تَقُولُ التَّي مِن بَيْتِها خَفَّ مَرْكَبِي / أَقُربُكَ دان أَمْ نَوَاكَ بَعِيدُ
فقُلْتُ لها أَمْرِي إِلى من سَمَتْ به / إِلى المجْدِ آباءٌ له وجُدُودُ
أَصُبَيْحٌ شِيمَ أَمْ بَرْقٌ بَدَا
أَصُبَيْحٌ شِيمَ أَمْ بَرْقٌ بَدَا / أَمْ سَنَا المَحبوبِ أَوْرَى أَزنُدَا
هَبَّ مِن مرْقدِهِ مُنْكَسِراً / مُسْبِلاً للْكُمِّ مُرْخٍ للرِّدا
يمْسحُ النَّعْسةَ مِنْ عيْنَيْ رشا / صائِدٍ في كُلِّ يوْمٍ أَسدا
أَوْرَدتهُ لُطُفا آيتُهُ / صفْوةَ العيْشِ وأَرْعتْهُ ددا
فَهْوَ مِن دلٍّ عراهُ زُبْدةٌ / مِن صريحٍ لم يُخَالِطْ زَبدا
قُلْتُ هَبْ لي يا حبِيبِي قُبْلَةً / تَشْفِ مِن غَمّك تَبريح الصَّدى
فانثَنَى يَهْتَزُّ مِن مَنكِبِه / قائِلاً لا ثُمَّ أَعْطَانِي اليدا
كُلَّما كَلَّمنِي قَبَّلْتُهُ / فَهْو إِمّا قال قَوْلاً ردَّدا
كاد أَنْ يرْجِع مِن لَثْمِي له / وارْتِشَافِي الثَّغْر منه أَدْرَدَا
قال لي يلْعبُ صِدْ لي طائِراً / فترانِي الدَّهْر أَجْرِي بالكُدَى
وإِذا اسْتَنْجَزْتُ يَوْماً وَعْدَه / قالَ لي يَمْطُلُ ذَكِّرْنِي غَدا
شَرِبَتْ أَعْطَافُهُ خَمْرَ الصِّبا / وسَقَاه الحُسْنُ حَتَّى عَرْبَدَا
وإِذا بِتُّ به في رَوْضة / أَغْيَداً يَعْرُو نَباتاً أَغْيَدَا
قامَ في اللَّيْلِ بجيدٍ أَتْلَعٍ / يَنْفُضُ اللمّةَ مِن دَمْعِ النَّدَى
رَشَأٌ بَلْ غادةٌ مَمْكُورةٌ / عُمِّمَتْ صُبْحاً بلَيْلٍ أَسْوَدَا
أَحَحَتْ مِن غَضَّتِي في نَهْدِها / ثُمَّ عَضَّتْ حُرَّ وَجْهي عَمَدَا
فَأنَا المجْرُوحُ مِن عَضَّتِهَا / لا شَفانِي اللَّهُ منها أَبَدَا
ومَكانٍ عازِبٍ مِن جِيرَةٍ / أَصْدِقَاءٍ وهُم عَيْنُ العِدَا
ذِي نباتٍ طَيِّبٍ أَعْرَافُهُ / كَعِذَارِ الشَّعْر في الخَدِّ بَدَا
تَحْسَبُ الهَضْبَةَ منه جَبَلاً / وحُدُورَ الماءِ منه أَبْردَا
قُلْتُ إِذ خَيَّمْتُ فيه قاطِناً / وتَلاقَتْنِي الأَمَانِي سُجَّدَا
وَرَأَيْتُ الدَّهْرَ خَوْفِي ساكِناً / وبَنِي الأَحْرَارِ حَوْلِي أَعْبُدَا
جادَ مَن أَصْبَحْتُ في أَيَّامِه / والرَّدى يَحْذَرُ مِن خَوْفِي الردَى
مَلِكٌ يُحْسَبُ عَدْلاً مَلَكاً / وإِمامٌ أَمَّ فينا فَهَدَى
خِلْتُهُ والرُّمْحُ في راحَتِهِ / قَمَراً يَحْمِلُ منه فَرْقَدَا
نِعمَ ما اخْتَرْتُ لنَفْسِي فاعْلَمُوا / إِنْ زَمَانٌ جارَ أَوْ صَرْفٌ عَدَا
لَيْسَ من يَعْشُو إِلى نار القِرى / مِثْلَ مَن يَعْشُو إِلى نارِ الهُدَى
قُلْ لمَن زاد إِذ تَباعد بُعْدا
قُلْ لمَن زاد إِذ تَباعد بُعْدا / وتَناسى عهْدِي ولم أَنْسَ عهْدا
لا يَغُرَّنْكَ ما تَرى مِن ودِادِي / فَلَعلِّي إِنْ شِئْتُ غَيَّرْتُ ودَّا
لا وحقِّ الهَوى وحقِّ لَيالِي / هِ ومن صاغَ حُسْن وجْهِك فَرْدا
ما أُطِيقُ الَّذِي ادَّعيْت ولَوْ مُلْ / لِكْتُهُ لم أَكُنْ لغَيْركَ عبْدا