المجموع : 30
أَمِنَ المَنونِ وَريبِها تَتَوَجَّعُ
أَمِنَ المَنونِ وَريبِها تَتَوَجَّعُ / وَالدَهرُ لَيسَ بِمُعتِبٍ مِن يَجزَعُ
قالَت أُمَيمَةُ ما لِجِسمِكَ شاحِباً / مُنذُ اِبتَذَلتَ وَمِثلُ مالِكَ يَنفَعُ
أَم ما لِجَنبِكَ لا يُلائِمُ مَضجَعاً / إِلّا أَقَضَّ عَلَيكَ ذاكَ المَضجَعُ
فَأَجَبتُها أَن ما لِجِسمِيَ أَنَّهُ / أَودى بَنِيَّ مِنَ البِلادِ فَوَدَّعوا
أَودى بَنِيَّ وَأَعقَبوني غُصَّةً / بَعدَ الرُقادِ وَعَبرَةً لا تُقلِعُ
سَبَقوا هَوَىَّ وَأَعنَقوا لِهَواهُمُ / فَتُخُرِّموا وَلِكُلِّ جَنبٍ مَصرَعُ
فَغَبَرتُ بَعدَهُمُ بِعَيشٍ ناصِبٍ / وَإَخالُ أَنّي لاحِقٌ مُستَتبَعُ
وَلَقَد حَرِصتُ بِأَن أُدافِعَ عَنهُمُ / فَإِذا المَنِيِّةُ أَقبَلَت لا تُدفَعُ
وَإِذا المَنِيَّةُ أَنشَبَت أَظفارَها / أَلفَيتَ كُلَّ تَميمَةٍ لا تَنفَعُ
فَالعَينُ بَعدَهُمُ كَأَنَّ حِداقَها / سُمِلَت بشَوكٍ فَهِيَ عورٌ تَدمَعُ
حَتّى كَأَنّي لِلحَوادِثِ مَروَةٌ / بِصَفا المُشَرَّقِ كُلَّ يَومٍ تُقرَعُ
لا بُدَّ مِن تَلَفٍ مُقيمٍ فَاِنتَظِر / أَبِأَرضِ قَومِكَ أَم بِأُخرى المَصرَعُ
وَلَقَد أَرى أَنَّ البُكاءَ سَفاهَةٌ / وَلَسَوفَ يولَعُ بِالبُكا مِن يَفجَعُ
وَليَأتِيَنَّ عَلَيكَ يَومٌ مَرَّةً / يُبكى عَلَيكَ مُقَنَّعاً لا تَسمَعُ
وَتَجَلُّدي لِلشامِتينَ أُريهِمُ / أَنّي لَرَيبِ الدَهرِ لا أَتَضَعضَعُ
وَالنَفسُ راغِبِةٌ إِذا رَغَّبتَها / فَإِذا تُرَدُّ إِلى قَليلٍ تَقنَعُ
كَم مِن جَميعِ الشَملِ مُلتَئِمُ الهَوى / باتوا بِعَيشٍ ناعِمٍ فَتَصَدَّعوا
فَلَئِن بِهِم فَجَعَ الزَمانُ وَرَيبُهُ / إِنّي بِأَهلِ مَوَدَّتي لَمُفَجَّعُ
وَالدَهرُ لا يَبقى عَلى حَدَثانِهِ / في رَأسِ شاهِقَةٍ أَعَزُّ مُمَنَّعُ
وَالدَهرُ لا يَبقى عَلى حَدَثانِهِ / جَونُ السَراةِ لَهُ جَدائِدُ أَربَعُ
صَخِبُ الشَوارِبِ لا يَزالُ كَأَنَّهُ / عَبدٌ لِآلِ أَبي رَبيعَةَ مُسبَعُ
أَكَلَ الجَميمَ وَطاوَعَتهُ سَمحَجٌ / مِثلُ القَناةِ وَأَزعَلَتهُ الأَمرُعُُ
بِقَرارِ قيعانٍ سَقاها وابِلٌ / واهٍ فَأَثجَمَ بُرهَةً لا يُقلِعُ
فَلَبِثنَ حيناً يَعتَلِجنَ بِرَوضَةٍ / فَيَجِدُّ حيناً في العِلاجِ وَيَشمَعُ
حَتّى إِذا جَزَرَت مِياهُ رُزونِهِ / وَبِأَيِّ حينِ مِلاوَةٍ تَتَقَطَّعُ
ذَكَرَ الوُرودَ بِها وَشاقى أَمرَهُ / شُؤمٌ وَأَقبَلَ حَينُهُ يَتَتَبَّعُ
فَاِفتَنَّهُنَّ مِن السَواءِ وَماؤُهُ / بِثرٌ وَعانَدَهُ طَريقٌ مَهيَعُ
فَكَأَنَّها بِالجِزعِ بَينَ يُنابِعٍ / وَأولاتِ ذي العَرجاءِ نَهبٌ مُجمَعُ
وَكَأَنَّهُنَّ رَبابَةٌ وَكَأَنَّهُ / يَسَرٌ يُفيضُ عَلى القِداحِ وَيَصدَعُ
وَكَأَنَّما هُوَ مِدوَسٌ مُتَقَلِّبٌ / في الكَفِّ إِلّا أَنَّهُ هُوَ أَضلَعُ
فَوَرَدنَ وَالعَيّوقُ مَقعَدَ رابِىءِ الض / ضُرَباءِ فَوقَ النَظمِ لا يَتَتَلَّعُ
فَشَرَعنَ في حَجَراتِ عَذبٍ بارِدٍ / حَصِبِ البِطاحِ تَغيبُ فيهِ الأَكرُعُ
فَشَرِبنَ ثُمَّ سَمِعنَ حِسّاً دونَهُ / شَرَفُ الحِجابِ وَرَيبَ قَرعٍ يُقرَعُ
وَنَميمَةً مِن قانِصٍ مُتَلَبِّبٍ / في كَفِّهِ جَشءٌ أَجَشُّ وَأَقطُعُ
فَنَكِرنَهُ فَنَفَرنَ وَاِمتَرَسَت بِهِ / سَطعاءُ هادِيَةٌ وَهادٍ جُرشُعُ
فَرَمى فَأَنفَذَ مِن نَجودٍ عائِطٍ / سَهماً فَخَرَّ وَريشُهُ مُتَصَمِّعُ
فَبَدا لَهُ أَقرابُ هذا رائِغاً / عَجِلاً فَعَيَّثَ في الكِنانَةِ يُرجِعُ
فَرَمى فَأَلحَقَ صاعِدِيّاً مِطحَراً / بِالكَشحِ فَاِشتَمَّلَت عَلَيهِ الأَضلُعُ
فَأَبَدَّهُنَّ حُتوفَهُنَّ فَهارِبٌ / بِذَمائِهِ أَو بارِكٌ مُتَجَعجِعُ
يَعثُرنَ في حَدِّ الظُباتِ كَأَنَّما / كُسِيَت بُرودَ بَني تَزيدَ الأَذرُعُ
وَالدَهرُ لا يَبقى عَلى حَدَثانِهِ / شَبَبٌ أَفَزَّتهُ الكِلابُ مُرَوَّعُ
شَعَفَ الكِلابُ الضارِياتُ فُؤادَهُ / فَإِذا يَرى الصُبحَ المُصَدَّقَ يَفزَعُ
وَيَعوذُ بِالأَرطى إِذا ما شَفَّهُ / قَطرٌ وَراحَتهُ بَلِيلٌ زَعزَعُ
يَرمي بِعَينَيهِ الغُيوبَ وَطَرفُهُ / مُغضٍ يُصَدِّقُ طَرفُهُ ما يَسمَعُ
فَغَدا يُشَرِّقُ مَتنَهُ فَبَدا لَهُ / أَولى سَوابِقَها قَريباً توزَعُ
فَاِهتاجَ مِن فَزَعٍ وَسَدَّ فُروجَهُ / غُبرٌ ضَوارٍ وافِيانِ وَأَجدَعُ
يَنهَشنَهُ وَيَذُبُّهُنَّ وَيَحتَمي / عَبلُ الشَوى بِالطُرَّتَينِ مُوَلَّعُ
فَنَحا لَها بِمُذَلَّقَينِ كَأَنَّما / بِهِما مِنَ النَضحِ المُجَدَّحِ أَيدَعُ
فَكَأَنَّ سَفّودَينِ لَمّا يُقتَرا / عَجِلا لَهُ بِشَواءِ شَربٍ يُنزَعُ
فَصَرَعنَهُ تَحتَ الغُبارِ وَجَنبُهُ / مُتَتَرِّبٌ وَلِكُلِّ جَنبٍ مَصرَعُ
حَتّى إِذا اِرتَدَّت وَأَقصَدَ عُصبَةً / مِنها وَقامَ شَريدُها يَتَضَرَّعُ
فَبَدا لَهُ رَبُّ الكِلابِ بِكَفِّهِ / بيضٌ رِهافٌ ريشُهُنَّ مُقَزَّعُ
فَرَمى لِيُنقِذَ فَرَّها فَهَوى لَهُ / سَهمٌ فَأَنفَذَ طُرَّتَيهِ المِنزَعُ
فَكَبا كَما يَكبو فِنيقٌ تارِزٌ / بِالخُبتِ إِلّا أَنَّهُ هُوَ أَبرَعُ
وَالدَهرُ لا يَبقى عَلى حَدَثانِهِ / مُستَشعِرٌ حَلَقَ الحَديدِ مُقَنَّعُ
حَمِيَت عَلَيهِ الدِرعُ حَتّى وَجهُهُ / مِن حَرِّها يَومَ الكَريهَةِ أَسفَعُ
تَعدو بِهِ خَوصاءُ يَفصِمُ جَريُها / حَلَقَ الرِحالَةِ فَهِيَ رِخوٌ تَمزَعُ
قَصَرَ الصَبوحَ لَها فَشَرَّجَ لَحمَها / بِالنَيِّ فَهِيَ تَثوخُ فيها الإِصبَعُ
مُتَفَلِّقٌ أَنساؤُها عَن قانِيٍ / كَالقُرطِ صاوٍ غُبرُهُ لا يُرضَعُ
تَأبى بِدُرَّتِها إِذا ما اِستُكرِهَت / إِلّا الحَميمَ فَإِنَّهُ يَتَبَضَّعُ
بَينَنا تَعَنُّقِهِ الكُماةَ وَرَوغِهِ / يَوماً أُتيحَ لَهُ جَرىءٌ سَلفَعُ
يَعدو بِهِ نَهِشُ المُشاشِ كَأَنّهُ / صَدَعٌ سَليمٌ رَجعُهُ لا يَظلَعُ
فَتَنادَيا وَتَواقَفَت خَيلاهُما / وَكِلاهُما بَطَلُ اللِقاءِ مُخَدَّعُ
مُتَحامِيَينِ المَجدَ كُلٌّ واثِقٌ / بِبَلائِهِ وَاليَومُ يَومٌ أَشنَعُ
وَعَلَيهِما مَسرودَتانِ قَضاهُما / داودٌ أَو صَنَعُ السَوابِغِ تُبَّعُ
وَكِلاهُما في كَفِّهِ يَزَنِيَّةٌ / فيها سِنانٌ كَالمَنارَةِ أَصلَعُ
وَكِلاهُما مُتَوَشِّحٌ ذا رَونَقٍ / عَضباً إِذا مَسَّ الضَريبَةَ يَقطَعُ
فَتَخالَسا نَفسَيهِما بِنَوافِذٍ / كَنَوافِذِ العُبُطِ الَّتي لا تُرقَعُ
وَكِلاهُما قَد عاشَ عيشَةَ ماجِدٍ / وَجَنى العَلاءَ لَو أَنَّ شَيئاً يَنفَعُ
هَلِ الدَهرُ إِلّا لَيلَةٌ وَنَهارُها
هَلِ الدَهرُ إِلّا لَيلَةٌ وَنَهارُها / وَإِلّا طُلوعُ الشَمسِ ثُمَّ غِيارُها
أَبى القَلبُ إِلّا أُمَّ عَمروٍ وَأَصبَحَت / تُحَرَّقُ ناري بِالشَكاةِ وَنارُها
وَعَيَّرَها الواشونَ أَنّي أُحِبُّها / وَتِلكَ شَكاةُ ظاهِرٌ عَنكَ عارُها
فَلا يَهنَأ الواشينَ أَنّي هَجَرتُها / وَأَظلَمَ دوني لَيلُها وَنَهارُها
فَإِن أَعتَذِر مِنها فَإِنّي مُكَذَّبٌ / وَإِن تَعتَذِر يُردَد عَلَيها اِعتِذارُها
فَما أُمُّ خِشفٍ بِالعَلايَةِ شادِنٍ / تَنوشُ البَريرَ حَيثُ نالَ اِهتِصارُها
مُوَلَّعَةٌ بِالطُرَّتَينِ دَنا لَها / جَنى أَيكَةٍ يَضفو عَلَيها قِصارُها
بِهِ أَبَلَت شَهرَي رَبيعٍ كِلَيهِما / فَقَد مارَ فيها نَسؤُها وَاِقتِرارُها
وَسَوَّدَ ماءُ المَردِ فاها فَلَونُهُ / كَلَونِ النَوورِ فَهيَ أَدماءُ سارُها
بِأَحسَنَ مِنها يَومَ قامَت فَأَعرَضَت / تُواري الدُموعَ حينَ جَدّا اِنحِدارُها
كَأَنَّ عَلى فيها عُقاراً مُدامَةً / سُلافَةَ راحٍ عَتَّقَتها تِجارُها
مُعَتَّقَةً مِن أَذرِعاتٍ هَوَت بِها الر / رِكابُ وَعَنَّتها الزِقاقُ وَقارُها
فَلا تُشتَرى إِلّا بِرِنجٍ سِباؤُها / بَناتُ المَخاضِ شومُها وَحِضارُها
تَرى شَربَها حُمرَ الحِداقِ كَأَنَّهُم / أَساوى إِذا ما سارَ فيهِم سُوارُها
فَإِنَّكَ مِنها وَالتَعَذُّرَ بَعدَما / لَجِجَت وَشَطَّت مِن فُطَيمَةَ دارُها
كَنَعتِ الَّتي ظَلَّت تُسَبِّعُ سُؤرَها / وَقالَت حَرامٌ أَن يُرَجَّلَ جارُها
تَبَرَّأُ مِن دَمِّ القَتيلِ وَبَزِّهِ / وَقَد عَلِقَت دَمَّ القَتيلِ إِزارُها
فَإِنَّكِ لَو ساءَلتِ عَنّا فَتُخبَري / إِذا البُزلُ راحَت لا تُدِرُّ عِشارُها
لَأُنبِئتِ أَنّا نَجتَدي الفَضلَ إِنَّما / نُكَلَّفُهُ مِنَ النُفوسِ خَيارُها
لَنا صِرَمٌ يُنحَرنَ في كُلِّ شَتوَةٍ / إِذا ما سَماءُ الناسِ قَلَّ قِطارُها
وَسودٌ مِنَ الصيدانِ فيها مَذانِبٌ / نُضارٌ إِذا لَم نَستَفِدها نُعارُها
لَهُنَّ نَشيجٌ بِالنَشيلِ كَأَنَّها / ضَرائِرُ حِرمِيٍّ تَفاحَشَ غارُها
إِذا اِستُعجِلَت بَعدَ الخُبُوِّ تَرازَمَت / كَهَزمِ الظُؤارِ جُرَّ عَنها حُوارُها
إِذا حُبَّ تَرويجُ القُدورِ فَإِنَّنا / نُرَوِّحُها سُفعاً حَميداً قُتارُها
فَإِن تَصرِمي حَبلي وَإِن تَتَبَدَّلي / خَليلاً وَإِحداكُنَّ سوءٌ قُصارُها
فَإِنّي إِذا ما خُلَّةٌ رَثَّ وَصلُها / وَجَدَّت بِصُرمٍ وَاِستَمَرَّ عِذارُها
وَحالَت كَحَولِ القَوسِ طُلَّت وَعُطِّلَت / ثَلاثاً فَزاغَ عَجسُها وَظُهارُها
فَإِنّي جَديرٌ أضن أُوَدِّعَ عَهدَها / بِحَمدٍ وَلَم يُرفَع لَدَينا شَنارُها
وَإِنّي صَبَرتُ النَفسَ بَعدَ اِبنِ عَنبَسٍ / نُشَيبَةٌ وَالهَلكى يَهيجُ اِدِّكارُها
وَذلِكَ مَشبوحُ الذِراعَينِ خَلجَمٌ / خَشوفٌ إِذا ما الحَربُ طالَ مِرارُها
ضَروبٌ لِهاماتِ الرِجالِ بِسَيفِهِ / إِذا عُجِمَت وَسطَ الشُؤونِ شِفارُها
بِضَربٍ يَقُضُّ البَيضَ شِدَّةُ وَقعِهِ / وَطَعنٍ كَرَكضِ الخَيلِ تُفلى مِهارُها
وَطَعنَةِ خَلسٍ قَد طَعَنتَ مُرِشَّةٍ / كَعَطِّ الرِداءِ لا يُشَكُّ طَوارُها
مُسَحسِحَةٍ تَنفي الحَصى عَن طَريقِها / يُطَيِّرُ أَحشاءَ الرَعيبِ اِنثِرارُها
وَمُدَّعَسٍ فيهِ الأَنيضُ اِختَفَيتَهُ / بِجَرداءَ يَنتابُ الثَميلَ حِمارُها
وَعادِيَةٍ تُلقي الثِيابَ كَأَنَّها / تُيوسُ ظِباءٍ مَحصُها وَاِنبِتارُها
سَبَقتَ إِذا ما الشَمسُ كانَت كَأَنَّها / صَلاءَةُ طيبٍ لِيطُها وَاِصفِرارُها
إِذا ما سِراعُ القَومِ كانوا كَأَنَّهُم / قَوافِلُ خَيلٍ جَريُها وَاِقوِرارُها
إِذا ما الخَلاجيمُ العَلاجيمُ نَكَّلوا / وَطالَ عَلَيهِم حَميُها وَسُعارُها
يَقولونَ لي لَو كانَ بِالرَملِ لَم يَمُت
يَقولونَ لي لَو كانَ بِالرَملِ لَم يَمُت / نُشَيبَةُ وَالطُرّاقُ يَكذِبُ قيلُها
وَلَو أَنَّني اِستَودَعتُهُ الشَمسَ لَاِرتَقَت / إِلَيهِ المَنايا عَينُها وَرَسولُها
وَكُنتُ كَعَظمِ العاجِماتِ اِكتَنَفنَهُ / بِأَطرافِهِ حَتّى اِستَدَقَّ نُحولُها
عَلى حينَ ساواهُ الشَبابُ وَقارَبَت / خُطايَ وَخِلتُ الأَرضَ وَعثاً سُهولُها
حَدَرناهُ بِالأَثوابِ في قَعرِ هُوَّةٍ / شَديدٍ عَلى ما ضَمَّ في اللَحدِ جولُها
أَلا زَعَمَت أَسماءُ أَن لا أُحِبُّها
أَلا زَعَمَت أَسماءُ أَن لا أُحِبُّها / فَقُلتُ بَلى لَولا يُنازِعُني شُغلي
جَزَيتُكِ ضِعفَ الوُدِّ لِما شَكَيتِهِ / وَما إِن جَزاكِ الضِعفَ مِن أَحَدٍ قَبلي
لَعَمرُكَ ما عَيساءُ تَتبَعُ شادِناً / يَعِنُّ لَها بِالجِزعِ مِن نَخِبِ النَجلِ
إِذا هِيَ قامَت تَقشَعِرُّ شَواتُها / وَيُشرِقُ بَينَ الليتِ مِنها إِلى الصُقلِ
تَرى حَمَشاً في صَدرِها ثُمَّ إِنَّها / إِذا أَدبَرَت وَلَّت بِمُكتَنِزٍ عَبلِ
وَما أُمُّ خِشفٍ بِالعَلايَةِ تَرتَعي / وَتَرمُقُ أَحياناً مُخاتَلَةَ الحَبلِ
بِأَحسَنَ مِنها يَومَ قالَت كُلَيمَةً / أَتَصرِمُ حَبلي أَم تَدومُ عَلى الوَصلِ
فَإِن تَزعُميني كُنتُ أَجهَلُ فيكُم / فَإِنّي شَرَيتُ الحِلمَ بَعدَكِ بِالجَهلِ
وَقالَ صِحابي قَد غُبِنتَ وَخِلتُني / غَبَنتُ فَلا أَدري أَشَكلُهُمُ شَكلي
فَإِن تَكُ أُنثى في مَعَدٍّ كَريمَةً / عَلَينا فَقَد أُعطيتِ نافِلَةَ الفَضلِ
عَلى أَنَّها قالَت رَأَيتُ خُوَيلِداً / تَنَكَّرَ حَتّى عادَ أَسوَدَ كَالجِذلِ
فَتِلكَ خُطوبٌ قَد تَمَلَّت شَبابَنا / زَماناً فَتُبلينا الخُطوبُ وَما نُبلي
وَتُبلى الأُولى يَستَلئِمونَ عَلى الأولى / تَراهُنَّ يَومَ الرَوعِ كَالحِدَإِ القُبلِ
فَهُنَّ كَعِقبانِ الشُرَيفِ جَوانِحٌ / وَهُم فَوقَها مُستَلئِمو حَلَقِ الجَدلِ
مَنايا يُقَرِّبنَ الحُتوفَ لِأَهلِها / جِهاراً وَيَستَمتِعنَ بِالأَنَسِ الجَبلِ
وَمُفرِهَةٍ عَنسٍ قَدَرتُ لِرِجلِها / فَخَرَّت كَما تَتّابَعُ الريحُ بِالقَفلِ
لِحَيٍّ جِياعٍ أَو لِضَيفٍ مُحَوَّلٍ / أُبادِرُ ذِكرا أَن يُلَجَّ بِهِ قَبلي
رَوَيتُ وَلَم يَغرَم نَديمي وَحاوَلَت / بَني عَمِّها أَسماءُ أَن يَفعَلوا فِعلي
فَما فَضلَةٌ مِن أَذرِعاتٍ هَوَت بِها / مُذَكَّرَةٌ عَنسٌ كَهادِيَةِ الضَحلِ
سُلافَةُ راحٍ ضُمِّنَتها إِداوَةٌ / مُقيَرَّةٌ رِدفٌ لِآخِرَةِ الرَحلِ
تَزَوَّدَها مِن أَهلِ مِصرٍ وَغَزَّةٍ / عَلى جَسرَةٍ مَرفوعَةِ الذَيلِ وَالكِفلِ
فَوافى بِها عُسفانَ ثُمَّ أَتى بِها / مَجَنَّةَ تَصفو في القِلالِ وَلا تَغلي
فَرَّوحَها مِن ذي المَجازِ عَشِيَّةً / يُبادِرُ أَولى السابِقاتِ إِلى الحَبلِ
فَجِئنَ وَجاءَت بَينَهُنَّ وَإِنَّهُ / لَيَسمَحُ ذِفراها تَزَغَّمُ كَالفَحلِ
فَجاءَ بِها كَيما يُوافِيَ حِجَّةً / نَديمُ كِرامٍ غَيرُ نِكسٍ وَلا وَغلِ
فَباتَ بِجَمعٍ ثُمَّ تَمَّ إِلى مِنىً / فَأَصبَحَ رَأداً يَبتَغي المَزجَ بِالسحلِ
فَجاءَ بِمَزجٍ لَم يَرَ الناسُ مِثلَهُ / هُوَ الضَحكُ إِلّا أَنَّهُ عَمَلُ النَحلِ
يَمانِيَةٍ أَحيا لَها مَظَّ مَأبِدٍ / وَآلِ قَراسٍ صَوبُ أَسقِيَةٍ كُحلِ
فَما إِن هَما في صَحفَةٍ بارِقِيَّةٍ / جَديدٍ أُرِقَّت بِالقَدومِ وَبِالصَقلِ
بِأَطيَبَ مِن فيها إِذا جِئتُ طارِقاً / وَلَم يَتَبَيَّن ساطِعُ الأُفُقِ المُجلى
إِذا الهَدَفُ المِعزابُ صَوَّبَ رَأسَهُ / وَأَمكَنَهُ ضَفوٌ مِنَ الثَلَّةِ الخُطلِ
وَيلُ أُمِّ قَتلى فَوَيقَ القاعِ مِن عُشَرٍ
وَيلُ أُمِّ قَتلى فَوَيقَ القاعِ مِن عُشَرٍ / مِن آلِ عُجرَةَ أَمسى جَدُّهُم هِصرا
كانَت أَرِبَّتَهُم بَهزٌ وَغَرَّهُمُ / عَقدُ الجِوارِ وَكانوا مَعشَراً غُدُرا
كانوا مَلاوِثَ فَاِحتاجَ الصِدّيقُ لَهُم / فَقدَ البِلادِ إِذا ما تُمِحلُ المَطَرا
لا تَأمَنَنَّ زُبالِيّاً بِذِمَّتِهِ / إِذا تَقَنَّعَ ثَوبَ الغَدرِ وَأتَزَرا
أَصبَحَ مِن أُمِّ عَمروٍ بَطنُ مَرَّ فَأَج
أَصبَحَ مِن أُمِّ عَمروٍ بَطنُ مَرَّ فَأَج / زاعُ الرَجيعِ فَذو سِدرٍ فَأَملاحُ
وَحشاً سِوى أَنَّ فُرّادَ السِباعِ بِها / كَأَنَّها مِن تَبَغّى الناسِ أَطلاحُ
يا هَل أُريكَ حُمولَ الحَيِّ غادِيَةً / كَالنَخلِ زَيَّنَهُ يَنعٌ وَإِفضاحُ
هَبَطنَ بَطنَ رُهاطٍ وَاِعتَصَبنَ كَما / يَسقي الجُذوعَ خِلالَ الدورِ نَضّاحُ
ثُم شَرِبنَ بِنَبطٍ والجِمالُ كَأَن / نَ الرَشحَ منهُنَّ بِالآباطِ أَمساحُ
ثُمَّ اِنتَهى بَصَري عَنهُم وَقَد بَلَغوا / بَطنَ المَخيمِ فَقالوا الجَوَّ أَو راحوا
إِلّا تَكُن ظُعُناً تُبنى هَوادِجُها / فَإِنَّهُنَّ حِسانُ الزِيِّ أَجلاحُ
فيهِنَّ أُمُّ الصَبِيَّينِ الَّتي تَبَلَت / قَلبي فَلَيسَ لَها ما عِشتُ إِنجاحُ
كَأَنَّها كاعِبٌ حَسناءُ زَخرَفَها / حَليٌ وَأَترَفَها طُعمٌ وَإِصلاحُ
أَمِنكِ بَرقٌ أَبيتُ اللَيلَ أَرقُبُهُ / كَأَنَّهُ في عِراضِ الشامِ مِصباحُ
يَجُشُّ رَعداً كَهَدرِ الفَحلِ تَتبَعُهُ / أُدمٌ تَعَطَّفُ حَولَ الفَحلِ ضَحضاحُ
فَهُنَّ صُعرٌ إِلى هَدرِ الفَنيقِ وَلَم / يَحفِز وَلَم يُسلِهِ عَنهُنَّ إِلقاحُ
فَمَرَّ بِالطَيرِ مِنهُ فاعِمٌ كَدِرٌ / فيهِ الظِباءُ وَفيهِ العُصمُ أَجناحُ
لَولا تَنَكُّبُهُنَّ الوَعثَ دَمَّرَها / كَما تَنَكَّبَ غَربَ البِئرِ مَتّاحُ
هذا وَمَرقَبَةٍ عَيطاءَ قُلَّتُها / شَمّاءُ ضاحِيَةٌ لِلشَمسِ قِرواحُ
قَد ظَلتُ فيها مَعي شُعثٌ كَأَنَّهُمُ / إِذا يُشَبُّ سَعيرُ الحَربِ أَرماحُ
لا يَستَظِلُّ أَخوها وَهُوَ مُعتَجِرٌ / لِرَيدِها مِن سَمومِ الصَيفِ مُلتاحُ
صَبا صَبوَةً بَل لَجَّ وَهُوَ لَجوجُ
صَبا صَبوَةً بَل لَجَّ وَهُوَ لَجوجُ / وَزالَت لَها بِالأَنعَمَينِ حُدوجُ
كَما زالَ نَخلٌ بِالعِراقِ مُكَمَّمٌ / أُمِرَّ لَهُ مِن ذي الفُراتِ خَليجُ
فَإِنَّكَ عَمري أَيَّ نَظرَةِ عاشِقٍ / نَظَرتَ وَقُدسٌ دونَنا وَدَجوجُ
إِلى ظُعُنٍ كَالدَومِ فيها تَزايُلٌ / وَهِزَّةُ أَجمالٍ لَهُنَّ وَسيجُ
غَدَونَ عَجالى وَاِنتَحَتهُنَّ خَزرَجٌ / مُعَفِّيَةٌ آثارَهُنَّ هَدوجُ
سَقى أُمَّ عَمروٍ كُلَّ آخِرِ لَيلَةٍ / حَناتِمُ سودٌ ماؤُهُنَّ ثَجيجُ
تَرَوَّت بِماءِ البَحرِ ثُمَّ تَنَصَّبَت / عَلى حَبَشِيّاتٍ لَهُنَّ نَئيجُ
إِذا هَمَّ بِالإِقلاعِ هَبَّت لَهُ الصَبا / فَأَعقَبَ نَشءٌ بَعدَها وَخُروجُ
يُضىءُ سَناهُ راتِقاً مُتَكَشِّفاً / أَغَرَّ كَمِصباحِ اليَهودِ دَلوجُ
كَما نَوَّرَ المِصباحُ لِلعُجمِ أَمرَهُم / بُعَيدَ رُقادِ النائِمينَ عَريجُ
أَرِقتُ لَهُ ذاتَ العِشاءِ كَأَنَّهُ / مَخاريقُ يُدعى وَسطَهُنَّ خَريجُ
تُكَركِرُهُ نَجدِيَّةٌ وَتَمُدُّهُ / يَمانِيَةٌ فَوقَ البِحارِ مَعوجُ
لَهُ هَيدَبٌ يَعلو الشِراجَ وَهَيدَبٌ / مُسِفٌّ بِأَذنابِ التِلاعِ خَلوجُ
ضَفادِعُهُ غَرقى رِواءٌ كَأَنَّها / قِيانُ شُروبٍ رَجعُهُنَّ نَشيجُ
لِكُلِّ مَسيلٍ مِن تِهامَةَ بَعدَما / تَقَطَّعَ أَقرانُ السَحابِ عَجيجُ
كَأَنَّ ثِقالَ المُزنِ بَينَ تُضارِعٍ / وَشامَةَ بَركٌ مِن جُذامَ لَبيجُ
فَذلِكَ سُقيا أُمُّ عَمرٍ وَإِنَّني / لِما بَذَلَت مِن سَيبِها لَبَهيجُ
كَأَنَّ اِبنَةَ السَهمِيِّ دُرَّةُ قامِسٍ / لَها بَعدَ تَقطيعُ النُبوحِ وَهيجُ
بِكَفَّي رَقاحِيٍّ يُحِبُّ نَماءَها / فَيُبرِزُها لِلبَيعِ فَهِيَ فَريجُ
أَجازَ إِلَيها لُجَّةً بَعدَ لُجَّةٍ / أَزَلُّ كَغُرنوقِ الضُحولِ عَموجُ
فَجاءَ بِها ما شِئتَ مِن لَطَمِيَّةٍ / يَدومُ الفُراتُ فَوقَها وَيَموجُ
فَجاءَ بِها بَعدَ الكَلالِ كَأَنَّهُ / مِنَ الأَينِ مِحراسُ أَقَذُّ سَحيجُ
عَشِيِّةَ قامَت بِالفَناءِ كَأَنَّها / عَقيلَةُ نَهبٍ تُصطَفى وَتَغوجُ
وَصُبَّ عَلَيها الطيبُ حَتّى كَأَنَّها / أَسِيٌّ عَلى أُمِّ الدِماغِ حَجيجُ
كَأَنَّ عَلَيها بالَةً لَطَمِيَّةً / لَها مِن خِلالِ الدَأيَتَينِ أَريجُ
كَأَنَّ اِبنَةَ السَهمِيِّ يَومَ لَقيتُها / مُوَشَّحَةٌ بِالطُرَّتَينِ هَميجُ
بِأَسفَلِ ذاتِ الدَبرِ أُفرِدَ خَشفُها / فَقَد وَلِهَت يَومَينِ فَهيَ خَلوجُ
فَإِن تَصرِمي حَبلي وَإِن تَتَبَدَّلي / خَليلاً وَمِنهُم صالِحٌ وَسَميجُ
فَإِنّي صَبَرتُ النَفسَ بَعدَ اِبنِ عَنبَسٍ / وَقَد لَجَّ مِن ماءِ الشُؤونِ لَجوجُ
لِأُحسَبَ جَلداً أَو لِيُنبَأَ شامِتٌ / وَلِلشَّرِّ بَعدَ القارِعاتِ فُروجُ
فَذلِكَ أَعلى مِنكِ فَقداً لِأَنَّهُ / كَريمٌ وَبَطني بِالكِرامِ بَعيجُ
وَذلِكَ مَشبوحُ الذِراعَينِ خَلجَمٌ / خَشوفٌ بِأَعراضِ الدِيارِ دَلوجُ
ضَروبٌ لِهاماتِ الرِجالِ بِسَيفِهِ / إِذا حَنَّ نَبعٌ بَينَهُم وَشَريجُ
يُقَرِّبُهُ لِلمُستِضيفِ إِذا أَتى / جِراءٌ وَشَدٌّ كَالحَريقِ ضَريحُ
يا بَيتَ خَثماءَ الَّذي يُتَحَبَّبُ
يا بَيتَ خَثماءَ الَّذي يُتَحَبَّبُ / ذَهَبَ الشَبابُ وَحُبُّها لا يَذهَبُ
مالي أَحِنُّ إِذا جِمالُكِ قُرِّبَت / وَأَصُدُّ عَنكِ وَأَنتِ مِنّي أَقرَبُ
لِلَّهِ دَرُّكِ هَل لَدَيكِ مُعَوَّلٌ / لِمُكَلَّفٍ أَم هَل لِوُدِّكِ مَطلَبُ
تَدعو الحَمامَةُ شَجوَها فَتَهيجُني / وَيَروحُ عازِبُ شَوقِيَ المُتَأَوِّبُ
وَأَرى البِلادَ إِذا سَكَنتِ بِغَيرِها / جَدباً وَإِن كانَت تُطَلُّ وَتُخصَبُ
وَيَحُلُّ أَهلي بِالمكانِ فَلا أَرى / طَرفي بِغَيرِكِ مَرَّةً يَتَقَلَّبُ
وَأُصانِعُ الواشينَ فيكِ تَجَمُّلاً / وَهُمُ عَلَيَّ ذَوو ضَغائِنَ دُؤَّبُ
وَتَهيجُ سارِيَةُ الرِياحِ مِنَ أَرضِكُم / فَأَرى الجَنابَ لَها يُحَلُّ وَيُجنَبُ
وَأَرى العَدُوَّ يُحِبُّكُم فَأُحِبُّهُ / إِن كانَ يُنسَبُ مِنكِ أَو يَتَنَسَّبُ
عَرَفتُ الدِيارَ كَرَقمِ الدَوا
عَرَفتُ الدِيارَ كَرَقمِ الدَوا / ةِ يَزبِرُها الكاتِبُ الحِميَرِيُّ
بِرَقمٍ وَوَشىٍ كَما زُخرِفَت / بِميشَمِها المُزدَهاةُ الهَدِيُّ
أَدانَ وَأَنبَأَهُ الأَوَّلو / نَ أَنَّ المُدانَ المَلِيُّ الوَفِيُّ
فَيَنظُرُ في صُحُفٍ كَالرِيا / طِ فيهِنَّ إِرثُ كِتابٍ مَحِيُّ
عَلَى أَطرِقا بالِياتُ الخِيا / مِ إِلّا الثُمامُ وَإِلّا العِصِيُّ
فَلَم يَبقَ مِنها سِوى هامِدٍ / وَسُفعُ الخُدودِ مَعاً وَالنُؤِيُّ
وَأَشعَثَ في الدارِ ذي لِمَّةٍ / لَدى إِرِثِ حَوضٍ نَفاهُ الأَتِيُّ
كَعوذِ المُعَطِّفِ أَحزى لَها / بِمَصدَرَةِ الماءِ رَأمٌ رَذِيُّ
فَهُنَّ عُكوفٌ كَنَوحِ الكَري / مِ قَد لاحَ أَكبادَهُنَّ الهَوِيُّ
وَأَنسى نُشَيبَةَ وَالجاهِلُ ال / مُغَمَّرُ يَحِسَبُ أَنّي نَسِيُّ
يَسُرُّ الصَديقَ وَيَنكي العَدُوَّ / وَمِردى حُروبٍ رَضِيٌّ نَدِيُّ
عَلى حينِ أَن تَمَّ فيهِ الثَلا / ثُ حَدٌّ وَجودٌ وَلُبٌّ رَخِيُّ
وَمِن خَيرِ ما عَمِلَ الناشِىءُ ال / مُعَمَّمُ خَيرٌ وَزَندٌ وَرِيُّ
وَصَبرٌ عَلى حَدَثِ النائِباتِ / وَحِلمٌ رَزينٌ وَقَلبٌ ذَكِيُّ
جَمالَكَ أَيُّها القَلبُ القَريحُ
جَمالَكَ أَيُّها القَلبُ القَريحُ / سَتَلقى مَن تُحِبُّ فَتَستَريحُ
نَهَيتُكَ عَن طِلابِكَ أُمَّ عَمرٍ / بِعاقِبَةٍ وَأَنتَ إِذٍ صَحيحُ
فَقُلتُ تَجَنَّبَن سُخطَ اِبنِ عَمٍّ / وَمَطلَبَ شُلَّةٍ وَنَوىً طَروحُ
وَما إِن فَضلَةٌ مِن أَذرِعاتٍ / كَعَينِ الديكِ أَحصَنَها الصُروحُ
مُصَفَّقَةٌ مُصَفّاةٌ عُقارٌ / شَآمِيَّةٌ إِذا جُلِيَت مَروحُ
إِذا فُضَّت خَواتِمُها وَفُكَّت / يُقالُ لَها دَمُ الوَدَجِ الذَبيحُ
وَلا مُتَحَيِّرٌ باتَت عَلَيهِ / بِبَلقَعَةٍ يَمانِيَةٌ تَفوحُ
خِلافَ مَصابِ بارِقَةٍ هَطولٍ / مُخالِطِ مائِها خَصَرٌ وَريحُ
بِأَطيَبَ مِن مُقَبَّلِها إِذا ما / دَنا العَيّوقُ وَاِكتَتَمَ النُبوحُ
أَبِالصُرمِ مِن أَسماءَ حَدَّثَكَ الَّذي
أَبِالصُرمِ مِن أَسماءَ حَدَّثَكَ الَّذي / جَرى بَينَنا يَومَ اِستَقَلَّت رِكابُها
زَجَرتَ لَها طَيرَ السَنيحِ فَإِن تُصِب / هَواكَ الَّذي تَهوى يُصِبكَ اِجتِنابُها
وَقَد طُفتُ مِن أَحوالِها وَأَرَدتُها / سِنينَ فَأَخشى بَعلَها أَو أَهابُها
ثَلاثَةَ أَعوامٍ فَلَمّا تَجَرَّمَت / عَلَينا بِهونٍ وَاِستَحارَ شَبابُها
عَصاني إِلَيها القَلبُ إِنّي لِأَمرِهِ / سَميعٌ فَما أَدري أَرُشدٌ طِلابُها
فَقُلتُ لِقَلبي يا لَكَ الخَيرُ إِنَّما / يُدَلّيكَ لِلمَوتِ الجَديدِ حِبابُها
فَما الراحُ راحُ الشامِ جاءَت سَبِيَّةً / لَها غايَةٌ تَهدي الكِرامَ عُقابُها
عُقارُ كَماءِ النِىءِ لَيسَت بِخَمطَةٍ / وَلا خَلَّةٍ يَكوي الشُروبَ شِهابُها
تَوَصَّلُ بِالرُكبانِ حيناً وَتُؤلِفُ ال / جِوارَ وَيُغشيها الأَمانَ رِبابُها
فَما بَرِحَت في الناسِ حَتّى تَبَيَّنَت / ثَقيفاً بِزَيزاءِ الأَشاةِ قِبابُها
فَطافَ بِها أَبناءُ آلِ مُعَتِّبٍ / وَعَزَّ عَلَيهِم بَيعُها وَاِغتِصابُها
فَلَمّا رَأَوا أَن أَحكَمَتهُم وَلَم يَكُن / يَحِلُّ لَهُم إِكراهُها وَغِلابُها
أَتَوها بِرِبحٍ حاوَلَتهُ فَأًصبَحَت / تُكَفَّتُ قَد حَلَّت وَساغَ شَرابُها
بِأَريِ الَّتي تَهوي إِلى كُلِّ مُغرِبٍ / إِذا اِصفَرَّ ليطُ الشَمسِ حانَ اِنقِلابُها
بِأَريِ الِّتي تَأرِيِ اليَعاسيبُ أَصبَحَت / إِلى شاهِقٍ دونَ السَماءِ ذُؤابُها
جَوارِسُها تَأرِيِ الشُعوفَ دَوائِباً / وَتَنقَضُّ أَلهاباً مَصيفاً شِعابُها
إِذا نَهَضَت فيهِ تَصَعَّدَ نَفرَها / كَقِترِ الغِلاءِ مُستَدِرّاً صِيابُها
تَظَلُّ عَلى الثَمراءِ مِنها جَوارِسٌ / مَراضيعُ صُهبُ الريشِ زُغبٌ رِقابُها
فَلَمّا رَآها الخالِدِيُّ كَأَنَّها / حَصى الخَذفِ تَكبو مُستَقِلّاً إِيابُها
أَجَدَّ بِها أَمراً وَأَيقَنَ أَنَّهُ / لَها أَو لِأُخرى كَالطَحينِ تُرابُها
فَقيلَ تَجَنَّبها حَرامُ وَراقَهُ / ذُراها مُبيناً عَرضُها وَاِنتِصابُها
فَأَعلَقَ أَسبابَ المَنِيَّةِ وَاِرتَضى / ثُقوفَتَهُ إِن لَم يَخُنهُ اِنقِضابُها
تَدَلّى عَلَيها بَينَ سِبٍّ وَخَيطَةٍ / بِجَرداءَ مِثلِ الوَكفِ يَكبو غُرابُها
فَلَمّا اِجتَلاها بِالإِيامِ تَحَيَّزَت / ثُباتٍ عَلَيها ذُلُّها وَاِكتِئابُها
فَأَطيِب بِراحِ الشَأمِ صِرفاً وَهذِهِ / مُعَتَّقَةً صَهباءَ وَهِيَ شِيابُها
فَما إِن هُما في صَحيفَةٍ بارِقِيَّةٍ / جَديدٍ حَديثٍ نَحتُها وَاِقتِضابُها
بِأَطيَبَ مِن فيها إِذا جِئتَ طارِقاً / مِنَ اللَيلِ وَالتَفَّت عَلَيكَ ثِيابُها
رَأَتني صَريعَ الخَمرِ يَوماً فَسُؤتُها / بِقُرّانَ إِنَّ الخَمرَ شُعثٌ صِحابُها
وَلَو عَثَرَت عِندي إِذاً ما لَحَيتُها / بِعَثرَتِها وَلا اُسيءَ جَوابُها
وَلا هَرَّها كَلبي لِيُبعِدَ نَفرَها / وَلَو نَبَحَتني بِالشَكاةِ كِلابُها
وَقائِلَةٍ ما كانَ حِذوَةُ بَعلِها
وَقائِلَةٍ ما كانَ حِذوَةُ بَعلِها / غَداتَئِذٍ مِن شاءِ قِردٍ وَكاهِلِ
تَوَقّى بِأَطرافِ القِرانِ وَعَينُها / كَعَينِ الحُبارى أَخطَأَتها الأَجادِلُ
رَدَدنا إِلى مَولىً بَنيها فَأَصبَحَت / تُعَدُّ بِها وَسطَ النِساءِ الأَرامِلِ
وَأَشعَثَ بَوشِىٍّ شَفَينا أُحاحَهُ / غَداتَئِذٍ ذي جَردَةٍ مُتَماحِلِ
أَهَمَّ بِنَيهِ صَيفُهُم وَشِتاؤُهُم / فَقالوا تَعَدَّ وَاِغزُ وَسطَ الأَراجِلِ
تَأَبَّطَ نَعلَيهِ وَشِقَّ فَريرِهِ / وَقالَ أَلَيسَ الناسُ دونَ حَفائِلِ
دَلَفتُ لَهُ تَحتَ الوَغى بِمُرِشَّةٍ / مُسَحسِحَةٍ تَعلو ظُهورَ الأَنامِلِ
كَأَنَّ اِرتِجازَ الجُعثُمِيّاتِ وَسطَهُم / نَوائِحُ يَجمَعنَ البُكا بِالأَزامِلِ
غَداةَ المُلَيحِ نَحنُ كَأَنَّنا / غَواشي مُضِرٍّ تَحتَ ريحٍ وَوابِلِ
رَمَيناهُمُ حَتّى إِذا اِربَثَّ أَمرُهُم / وَعادَ الرَصيعُ نُهيَةً لِلحَمائِلِ
عَلَوناهُمُ بِالمَشرَفِيِّ وَعُرِّيَت / نِصالُ السُيوفِ تَعتَلي بِالأَماثِلِ
ما بالُ عَيني لا تَجِفُّ دُموعُها
ما بالُ عَيني لا تَجِفُّ دُموعُها / كَثيرٌ تَشَكّيها قَليلٌ هُجوعُها
أُصيبَت بِقَتلى آلِ عَمرٍ وَنَوفَلٍ / وَبَعجَةَ فَاِختَلَّت وَراثَ رُجوعُها
إِذا ذَكَرَت قَتلى بِكَوساءَ أَشعَلَت / كَواهِيَةِ الأَخراتِ رَثٍّ صُنوعُها
وَكانوا السَنامَ اِجتُثَّ أَمسِ فَقَومُهُم / كَعَرّاءَ بَعدَ النَيِّ راثَ رَبيعُها
وَأَشعَثَ مالَهُ فَضَلاتُ ثَولٍ
وَأَشعَثَ مالَهُ فَضَلاتُ ثَولٍ / عَلى أَركانِ مَهلَكَةٍ زَهوقِ
قَليلٍ لَحمُهُ إِلّا بَقايا / طَفاطِفِ لَحمِ مَمحوصٍ مَشيقِ
تَأَبَّطَ خافَةً فيها مِسابٌ / فَأَضحى يَقتَري مَسَداً بِشيقِ
عَلى فَتخاءَ يَعلَمُ حَيثُ تَنجو / وَما في حَيثُ تَنجو مِن طَريقِ
وَكانَت وَقبَةً في رَأسِ نيقٍ / دُوَينَ الشَمسِ ذاتَ جَنىً أَنيقِ
فَيَمَّمَ وَقبَةً أَعيا جَناها / عَلى ذي النِيقَةِ اللَبِقِ الرَفيقِ
فَجاءَ بِها سُلافاً لَيسَ فيها / قَذىً صَهباءَ تَسبِقُ كُلَّ ريقِ
فَذاكَ تِلادُهُ وَمُسَلجَماتٌ / نَظائِرُ كُلُّ خَوّارٍ بَروقِ
لَهُ مِن كَسبِهِنَّ مُعَذلَجاتٌ / قَعائِدُ قَد مُلِئنَ مِنَ الوَشيقِ
وَبِكرٌ كُلَّما مُسَّت أَصاتَت / تَرَنُّمَ نَغمِ ذي الشَرعِ العَتيقِ
لَها مِن غَيرِها مَعَها قَرينٌ / يَرُدُّ مِراحَ عاصِيَةٍ صَفوقِ
أَبى اللَهُ إِلّا أَن يُقيدَكَ بَعدَما
أَبى اللَهُ إِلّا أَن يُقيدَكَ بَعدَما / تَراءَيتُموني مِن قَريبٍ وَمَودِقِ
وَمِن بَعدِ ما أُنذِرتُمُ وَأَضاءَني / لِقابِسِكُم ضَوءُ الشِهابِ المَحَرِّقِ
فَأَعشَيتُهُ مِن بَعدِ ما راثَ عِشيُهُ / بِسَهمٍ كَسَيرِ الثابِرِيَّةِ لَهوَقِ
وَقُلتُ لَهُ هَل كُنتَ آنَستَ خالِداً / فَإِن كُنتَ قَد آنَستَهُ فَتَأَرًّقِ
لَعَمرُكَ وَالمَنايا غالِباتٌ
لَعَمرُكَ وَالمَنايا غالِباتٌ / لِكُلِّ بَني أَبٍ مِنها ذَنوبُ
لَقَد لاقى المَطِيَّ بِجَنبِ عُفرٍ / حَديثٌ لَو عَجِبتَ لَهُ عَجيبُ
أَرِقتُ لِذِكرِهِ مِن غَيرِ نَوبٍ / كَما يَهتاجُ مَوشِيٌّ ثَقيبُ
سَبِيٌّ مِن يَراعَتِهِ نَفاهُ / أَتِيٌّ مَدَّهُ صُحَرٌ وَلوبُ
إِذا نَزَلَت سَراةُ بَني عَدِيٍّ / فَسَلهُم كَيفَ ما صَعَهُم حَبيبُ
يَقولوا قَد وَجَدنا خَيرَ طِرفٍ / بِرُقيَةَ لا يُهَدُّ وَلا يَخيبُ
دَعاهُ صاحِباهُ حينَ خَفَّت / نَعامَتُهُم وَقَد حُفِزَ القُلوبُ
مَرَدٌّ قَد يَرى ما كانَ فيهِ / وَلكِن إِنَّما يُدعى النَجيبُ
فَأَلقى غِمدَهُ وَهَوى إِلَيهِم / كَما تَنقَضُّ خائِتَةٌ طَلوبُ
مُوَقَّفَةُ القَوادِمِ وَالذُنابى / كَأَنَّ سَراتَها اللَبَنُ الحَليبُ
نَهاهُم ثابِتٌ عَنهُ فَقالوا / تُعَيِّبُنا العَشائِرُ لَو يَؤوبُ
عَلى أَنَّ الفَتى الخُثَمِيَّ سَلّى / بِنَصلِ السَيفِ حاجَةَ مَن يَغيبُ
وَقالَ تَعَلَّموا أَن لا صَريخٌ / فَأُسمِعَهُ وَلا مَنجىً قَريبُ
وَأَن لا غَوثَ إِلّا مُرهَفاتٌ / مُسالاتٌ وَذو رُبَدٍ خَشيبُ
فَإِنَّكَ إِن تُنازِلُني تُنازَل / فَلا تَكذِبكَ بِالمَوتِ الكَذوبُ
كَأَنَّ مُحَرَّباً مِن أُسدِ تَرجٍ / يُنازِلُهُم لِنابَيهِ قَبيبُ
وَلكِن خَبِّروا قَومي بَلائي / إِذا ما اِسّاءَلَت عَنّي الشُعوبُ
وَلا تُخنوا عَلَيَّ وَلا تَشِطّوا / بِقَولِ الفَخرِ إِنَّ الفَخرَ حوبُ
تُؤَمِّلُ أَن تُلاقِيَ أُمَّ وَهبٍ
تُؤَمِّلُ أَن تُلاقِيَ أُمَّ وَهبٍ / بِمَخلَفَةٍ إِذا اِجتَمَعَت ثَقيفُ
إِذا بُنِيَ القِبابُ عَلى عُكاظٍ / وَقامَ البَيعُ وَاِجتَمَع الأُلوفُ
تُواعِدُنا عُكاظَ لَنَنزِلَنهُ / وَلَم تَعلَم إِذاً أَنّي خَليفُ
فَسَوفَ تَقولُ إِن هِيَ لَم تَجِدني / أَخانَ العَهدَ أَم أَثِمَ الحَليفُ
وَما إِن وَجدُ مُعوِلَةٍ رَقوبٍ / بِواحِدِها إِذا يَغزو تُضيفُ
تُنَفِّضُ مَهدَهُ وَتَذُبُّ عَنهُ / وَما تُغني التَمائِمُ وَالعُكوفُ
تَقولُ لَهُ كَفَيتُكَ كُلَّ شَيءٍ / أَهَمَّكَ ما تَخَطَّتني الحُتوفُ
أُتيحَ لَهُ مِنَ الفِتيانِ خِرقٌ / أَخو ثِقَةٍ وَخِرّيقٌ خَشوفُ
فَبَينا يَمشِيانِ جَرَت عُقابٌ / مِنَ العِقبانِ خائِتَةٌ دَفوفُ
فَقالَ لَهُ وَقَد أَوحَت إِلَيهِ / أَلا لِلَّهِ أُمُّكَ ما تَعيفُ
بِأَرضٍ لا أَنيسَ بِها يَبابٍ / وَأَمسِلَةٍ مَدافِعُها خَليفُ
فَقالَ لَهُ أَرى طَيراً ثِقالاً / تُبَشِّرُ بِالغَنيمَةِ أَو تُخيفُ
فَأَلفى القَومَ قَد شَرِبوا فَضَمّوا / أَمامَ الماءِ مَنطِقُهُم نَسيفُ
فَلَم يَرَ غَيرَ عادِيَةٍ لِزاماً / كَما يَتَهَدَّمُ الحَوضُ اللَقيفُ
فَراغَ وَزَوَّدوهُ ذاتَ فَرغٍ / لَها نَفَذٌ كَما قُدَّ الحَشيفُ
وَغادَرَ في رَئيسِ القَومِ أُخرى / مُشَلشِلَةً كَما قُدَّ النَصيفُ
فَلَمّا خَرَّ عِندَ الحَوضِ طافوا / بِهِ وَأَبانَهُ مِنهُم عَريفُ
فَقالَ أَما خَشيتَ وَلِلمَنايا / مَصارِعُ أَن تُخَرِّقَكَ السُيوفُ
فَقالَ لَقَد خَشيتُ وَأَنبَأَتني / بِهِ العِقبانُ لَو أَنّي أَعيفُ
وَقالَ بِعَهدِهِ في القَومِ إِنّي / شَفَيتُ النَفسَ لَو يُشفى اللَهيفُ
نامَ الخَلِيُّ وَبِتُّ اللَيلَ مُشتَجِراً
نامَ الخَلِيُّ وَبِتُّ اللَيلَ مُشتَجِراً / كَأَنَّ عَينِيَ فيها الصابُ مَذبوحُ
لَمّا ذَكَرتُ أَخا العِمقى تَأَوَّبَني / هَمّي وَأَفرَدَ ظَهري الأَغلَبُ الشيحُ
جودا فَوَاللَهِ لا أَنهاكُما أَبَداً / وَزالَ عِندي لَهُ ذِكرٌ وَتَبجيحُ
المائِحُ الأُدمَ كَالمَروِ الصِلابِ إِذا / ما حارَدَ الخورُ وَاِجتُثَّ المَجاليحُ
وَزَفَّتِ الشَولُ مِن بَردِ العَشِيِّ كَما / زَفَّ النَعامُ إِلى حَفّانِهِ الروحُ
وَقالَ ما شيهِمُ سِيّانِ سَيرُكُمُ / وَأَن تُقيموا بِهِ وَاِغبَرَّتِ السوحُ
وَكانَ مِثلَينِ أَلّا يَسرَحوا نَعَماً / حَيثُ اِستَرادَت مَواشيهُم وَتَسريحُ
وَاِعصَوصَبَت بَكَراً مِن حَرجَفٍ وَلَها / وَسطَ الدِيارِ رَذِيّاتٌ مَرازيحُ
أَمّا أولاتُ الذُرا مِنها فَعاصِبَةٌ / تَجولُ بَينَ مَناقيها الأَقاديحُ
لا يُكرَمونَ كَريماتِ المَخاضِ وَأَن / ساهُم عَقائِلَها جوعٌ وَتَرزيحُ
أَلفَيتَهُ لا يَذُمُّ الضَيفُ جَفنَتَهُ / وَالجارُ ذو البَثِّ مَحبُوٌّ وَمَمنوحُ
ثُمَّ إِذا فارَقَ الأَغمادَ حُشوَتُها / وَصَرَّحَ المَوتُ إِنَّ المَوتَ تَصريحُ
وَصَرَّحَ المَوتُ عَن غُلبٍ كَأَنَّهُم / جُربٌ يُدافِعُها الساقي مَنازيحُ
أَلفَيتَهُ لا يَفُلُّ القِرنُ شَوكَتَهُ / وَلا يُخالِطُهُ في البَأسِ تَسميحُ
أَلفَيتَ أَغلَبَ مِن أُسدِ المَسَدِّ حَدي / دَ النابِ إِخذَتُهُ عَفرٌ فَتَطريحُ
وَمَتلَفٍ مِثلِ فَرقِ الرَأسِ تَخلِجُهُ / مَطارِبٌ زَقَبٌ أَميالُها فيحُ
يَجري بِجَوَّتِهِ مَوجَ السَرابِ كَأَن / ضاحِ الخُزاعِيِّ حازَت رنقَهُ الريحُ
مُستَوقِدٌ في حَصاهُ الشَمسُ تَصهَرُهُ / كَأَنَّهُ عَجَمٌ بِالكَفِّ مَرضوحُ
يَستَنُّ في جانِبِ الصَحراءِ فائِرُهُ / كَأَنُّهُ سَبِطُ الأَهدابِ مَملوحُ
جاوَزتَهُ حينَ لا يَمشي بِعَقوَتِهِ / إِلّا المَقانِبُ وَالقُبُّ المَقاريحُ
بُغايَةً إِنَّما يَبغي الصِحابَ مِن ال / فِتيانِ في مِثلِهِ الشُمُّ الأَناجيحُ
لَو كانَ مِدحَةُ حَيٍّ أَنشَرَت أَحَداً / أَحيا أُبُوَّتَكِ الشُمَّ الأَماديحُ
لَعَمرُكَ إِنّي يَومَ أَنظُرُ صاحِبي / عَلى أَن أَراهُ قافِلاً لَشَحيحُ
وَإِنَّ دُموعي إِثرَهُ لَكَثيرَةٌ / لَو أَنَّ الدُموعَ وَالبُكاءَ يُريحُ
فَوَاللَهِ لا أُرزا اِبنَ عَمٍّ كَأَنَّهُ / نُشَيبَةُ ما دامَ الحَمامُ يَنوحُ
وَإِنَّ غُلاماً نيلَ في عَهدِ كاهِلٍ / لَطِرفٌ كَنَصلِ المَشرَفِيَّ صَريحُ
سَأَبعَثُ نَوحاً بِالرَجيعِ حَواسِراً / وَهَل أَنا مِمّا مَسَّهُنَّ ضَريحُ
وَعادِيَةٍ تُلقي الثِيابَ كَأَنَّما / تُزَعزِعُها تَحتَ السَمامَةِ ريحُ
وَزَعتَهُمُ حَتّى إِذا ما تَبَدَّدوا / سِراعاً وَلاحَت أَوجُهٌ وَكُشوحُ
بَدَرتَ إِلى أولاهُمُ فَسَبَقتَهُم / وَشايَحتَ قَبلَ اليَومِ إِنَّكَ شيحُ
فَإِن تُمسِ في رَمسٍ بَرهَوةَ ثاوِياً / أَنيسُكَ أَصداءُ القُبورِ تَصيحُ
عَلى الكُرهِ مِنّي ما أُكَفكِفُ عَبرَةً / وَلكِن أُخَلّي سَربَها فَتَسيحُ
فَما لَكَ جيرانٌ وَما لَكَ ناصِرٌ / وَلا لَطَفٌ يَبكي عَلَيكَ نَصيحُ
وَلَو مارَسوهُ ساعَةً إِنَّ قِرنَهُ / إِذا خامَ أَخدانُ الرِجالِ يَطيحُ
وَسِربٍ يُطَلّى بِالعَبيرِ كَأَنَّهُ / دِماءُ ظِباءٍ بِالنُحورِ ذَبيحُ
بَذَلتَ لَهُنَّ القَولَ إِنَّكَ واجِدٌ / لِما شِئتَ مِن حُلوِ الكَلامِ مَليحُ
فَأَمكَنَّهُ مِمّا يُريدُ وَبَعضُهُم / شَقِيٌّ لَدى خَيراتِهِنَّ نَطيحُ
وَنازَعَهُنَّ القَولَ حَتّى اِرعَوَت لَهُ / قُلوبٌ تَفادى مَرَّةً وَتُريحُ
وَأَغبَرَ ما يَجتازُهُ مُتَوَضِّحُ ال / رِجالِ كَفَرقِ العامِرِيِّ يَلوحُ
بِهِ مِن نِعالِ القافِلينَ شَراذِمٌ / مُقابَلَةٌ أَقدامُها وَسَريحُ
بِهِ رُجُماتٌ بَينَهُنَّ مَخارِمُ / نُهوجٌ كَلَبّاتِ الهِجانِ تَفيحُ
أَجَزتَ إِذا كانَ السَرابُ كَأَنَّهُ / عَلى مُحزَئِلّاتِ الإِكامِ نَضيحُ
أَعاذِلُ إِنَّ الرُزءَ مِثلُ اِبنِ مالِكٍ
أَعاذِلُ إِنَّ الرُزءَ مِثلُ اِبنِ مالِكٍ / زُهَيرٍ وَأَمثالُ اِبنِ نَضلَةَ واقِدِ
وَمِثلُ السَدوسِيَّينِ سادا وَذَبذَبا / رِجالَ الحِجازِ مِن مَسودٍ وَسائِدِ
أَقَبّا الكُشوحِ أَبيَضانِ كِلاهُما / كَعالِيَةِ الخَطِّيِّ وارى الأَزانِدِ
أُعاذِلُ أَبقي لِلمَلامَةِ حَظَّها / إِذا راحَ عَنّي بِالجَلِيَّةِ عائِدي
فَقالوا تَرَكناهُ تَزَلزَلُ نَفسُهُ / إِذا أَسنَدوني أَو كَذا غَيرَ سانِدِ
وَقامَ بَناتي بِالنِعالِ حَواسِراً / وَأَلصَقنَ ضَربَ السِبتِ تَحتَ القَلائِدِ
يَوَدّونَ لَو يَفدونَني بِنُفوسِهِم / وَمَثنى الأَواقي وَالقِيانِ النَواهِدِ
وَقَد أَرسَلوا فُرّاطَهُم فَتَأَثَّلوا / قَليباً سَفاها كَالإِماءِ القَواعِدِ
مُطَأطَأَةً لَم يُنبِطوها وَإِنَّها / لَيَرضى بِها فُرّاطُها أُمَّ واحِدِ
قَضَوا ما قَضَوا مِن رَمِّها ثُمَّ أَقبَلوا / إِلَيَّ بِطاءَ المَشيِ غُبرَ السَواعِدِ
يَقولونَ لَمّا جُشَّتِ البِئرُ أَورِدوا / وَلَيسَ بِها أَدنى ذُفافٍ لِوارِدِ
فَكُنتُ ذَنوبَ البِئرِ لَمّا تَبَسَّلَت / وَسُربِلتُ أَكفاني وَوُسِّدتُ ساعِدي
أَعاذِلَ لا إِهلاكُ مالِيَ ضَرَّني / وَلا وَارِثي إِن ثُمَّرَ المالُ حامِدي
تَاللَهِ يَبقى عَلى الأَيّامِ مُبتَقِلٌ
تَاللَهِ يَبقى عَلى الأَيّامِ مُبتَقِلٌ / جَونُ السَراةِ رَباعٍ سِنُّهُ غَرِدُ
في عانَةٍ بِجُنوبِ السِيِّ مَشرَبُها / غَورٌ وَمَصدَرُها عَن مائِها نُجُدُ
يَقضي لُبانَتَهُ بِاللَيلِ ثُمَّ إِذا / أَضحى تَيَمَّمَ حَزماً حَولَهُ جَرَدُ
فَاِمتَدَّ فيهِ كَما أَرسى الطِرافَ بِدَو / داةِ القَرارَةِ سَقبُ البَيتِ وَالوَتِدُ
مُستَقبِلَ الريحِ تَجري فَوقَ مِنسَجِهِ / إِذا يُراحُ اِقشَعَرَّ الكَشحُ وَالعَضُدُ
يَرمي الغُيوبَ بِعَينَيهِ وَمَطرِفُهُ / مُغضٍ كَما كَسَفَ المُستَأخِذُ الرَمِدُ
فَاِختارَ بَعدَ تَمامِ الظِمءِ ناجِيَةً / مِثلَ الهِراوَةِ ثَنياً بِكرُها أَبِدُ
إِذا أَرَنَّ عَلَيها طارِداً نَزَقَت / فَالفَوتُ إِن فاتَ هادي الصَدرِ وَالكَنَدُ
وَلا شَبوبٌ مِنَ الثيرانِ أَفرَدَهُ / عَن كَورِهِ كَثرَةُ الإِغراءِ وَالطَرَدُ
مِن وَحشِ حَوضى يُراعي الصَيدَ مُبتَقِلاً / كَأَنَّهُ كَوكَبٌ في الجَوِّ مُنَجَرِدُ
في رَبرَبٍ يَلَقٍ حورٍ مَدامِعُها / كَأَنَّهُنَّ بِجَنبَي حَربَةَ البَرَدُ
أَمسى وَأَمسَينَ لا يَخشَينَ بائِجَةً / إِلّا الضَوارِيَ في أَعناقِها القِدَدُ
وَكُنَّ بِالرَوضِ لا يُرغَمنَ واحِدَةً / مِن عَيشِهِنَّ وَلا يَدرينَ كَيفَ غَدُ
حَتّى اِستَبانَت مَعَ الإِصباحِ رامِيَها / كَأَنَّهُ في حَواشي ثَوبِهِ صُرَدُ
فَسَمِعَت نَبأَةً مِنهُ وَآسَدَها / كَأَنَّهُنَّ لَدى أَنسائِهِ البُرَدُ
حَتّى إِذا أَدرَكَ الرامي وَقَد عَرِسَت / عَنهُ الكِلابُ فَأَعطاها الَّذي يَعِدُ
غادَرَها وَهِيَ تَكبو تَحتَ كَلكَلِهِ / يَكسو النُحورَ بِوَردٍ خَلفَهُ الزَبَدُ
حَتّى إِذا أَمكَنَتهُ كانَ حينَئِذٍ / حُرّاً صَبوراً فَنِعمَ الصابِرُ النَجِدُ