القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ المُعْتَزّ الكل
المجموع : 782
أَلا اِنتَظِروني ساعَةً عِندَ أَسماءِ
أَلا اِنتَظِروني ساعَةً عِندَ أَسماءِ / وَأَترابِها مِنهُنَّ بُرئي وَأَدوائي
ثَنَينَ الذُيولَ وَاِرتَدَينَ بِسابِغٍ / كَحَيّاتِ رَملٍ وَاِنتَقَبنَ بِحَنّاءِ
وَوَلَّينَ ما بالَينَ مَن قَد قَتَلنَهُ / بِلا تِرَةٍ تُخشى وَلا قَتلِ أَعدائي
رَدَدتُ سِهامي عَنكَ بيضاً وَخُضِّبَت / سِهامُكَ في قَلبٍ عَميدٍ وَأَحشاءِ
فَلَم أَرَ مِثلَ المَنعِ أَغرى لِحاجَةٍ / وَلا مِثلَ داءِ الحُبِّ أَبرَحَ داءِ
بادَرتُ مِنهُ مَوعِداً حاضِراً
بادَرتُ مِنهُ مَوعِداً حاضِراً / وَكانَ ذا عِندي مِنَ الداءِ
فَلَم أَنَل مِنهُ سِوى قُبلَةٍ / وَأَرجَفَ الناسُ بِأَشياءِ
أَبى اللَهُ ما لِلعاشِقينَ عَزاءُ
أَبى اللَهُ ما لِلعاشِقينَ عَزاءُ / وَما لِلمِلاحِ الغانِياتِ وَفاءُ
تَرَكنَ نُفوساً نَحوَهُنَّ صَوادِياً / مُسِرّاتِ داءٍ ما لَهُنَّ دَواءُ
يَرِدنَ حِياضَ الماءِ لا يَستَطِعنَها / وَهُنَّ إِلى بَردِ الشَرابِ ظِماءُ
وَجُنَّت بِأَطلالِ الدُجَيلِ وَمائِهِ / وَكَم طَلَلٍ مِن خَلفِهِنَّ وَماءُ
إِذا ما دَنَت مِن مَشرَعٍ قَعقَعَت لَها / عِصِيٌّ وَقامَت زَأرَةٌ وَزُقاءُ
خَليلَيَّ بِاللَهِ الَّذي أَنتُما لَهُ / فَما الحُبُّ إِلّا أَنَّةٌ وَبُكاءُ
كَما قَد أَرى قالا كَذاكَ وَرُبَّما / يَكونُ سُرورٌ في الهَوى وَشَقاءُ
لَقَد جَحَدَتني حَقَّ دَيني مَواطِلٌ / وَصَلنَ عُداةً ما لَهُنَّ أَداءُ
يُعَلِّلُني بِالوَعدِ أَدنَينَ وَقتَهُ / وَهَيهاتَ نَيلٌ بَعدَهُ وَعَطاءُ
فَدُمنَ عَلى مَنعي وَدُمتُ مُطالِباً / وَلا شَيءَ إِلّا مَوعِدٌ وَرَجاءُ
حَلَفتُ لَقَد لاقَيتُ في الحُبِّ مِنهُمُ / أَخا المَوتِ مِن داءٍ فَأَينَ دَواءُ
يا مَن بِهِ قَد خَسِرتُ آخِرَتي
يا مَن بِهِ قَد خَسِرتُ آخِرَتي / لا تُفسِدَن بِالصُدودِ دُنيائي
أَهُمُّ بِالصَبرِ حينَ يُسرِفُ في / هَجرِيَ وَالصَبرُ نازِحٌ نائي
حَتّى إِذا ما رَأَيتُ طَلعَتَهُ / غَيَّرَني ما رَأَيتُ عَن راءِ
قُل لِغُصنِ البانِ الَّذي يَتَثَنّى
قُل لِغُصنِ البانِ الَّذي يَتَثَنّى / تَحتَ بَدرِ الدُجى وَفَوقَ النَقاء
رُمتُ كِتمانَ ما بِقَلبي فَنَمَّت / زَفَراتٌ تَغشى حَديثَ الهَواء
وَدُموعٌ تَقولُ في الخَدِّ يا مَن / يَتَباكى كَذا يَكونُ البُكاء
لَيسَ لِلناسِ مَوضِعٌ في فُؤادي / زادَ فيهِ هَواكَ جَفني اِمتِلاء
فُكَّ حُرّاً لِلوَجدِ قَيدَ البُكاءِ
فُكَّ حُرّاً لِلوَجدِ قَيدَ البُكاءِ / فَاِعذُريني أَولا فَموتي بِدائي
لَو أَطَعنا لِلصَبرِ عِندَ الرَزايا / ما عَرَفناهُ شِدَّةً مِن رَخاءِ
أَسرَعَ الشَيبُ مُغرِياً لي بِهَمٍّ / كانَ يَدعوهُ مِن أَحَبِّ الدُعاءِ
ما لِهَذا المَساءِ لا يَتَجَلّى / أَحَياءً مِنهُ سِراجَ السَماءِ
قَرِّبا قَرِّبا عِقالَ المَطايا / وَاِحلُلا غِبها عِقالَ الثَواءِ
تُسعِدَنَّ الأَقدارُ جُهدي وَإِلّا / لَم أَمُت في ذا الحَيَّ مَوتَ النِساءِ
حُرَّةٌ قَد يَستَرعِفُ المَرءُ مِنها / مَنسِماً أَو مُستَنعِلاً بِالنَجاءِ
أُنفِذَت في لَيلِ التَمامِ وَحَنَّت / كَحَنينٍ لِلصَبِّ يَومَ التَنائي
وَالدُجى قَد يَنهَضُ الصُبحُ فيهِ / قائِماً يَنشُرُ ثَوبَ الضِياءِ
مَن لِهَمٍّ قَد باتَ يُشجي فُؤادي / ما لَهُ حالُ دَمعَتي مِن خَفاءِ
إِخوَةٌ لي قَد فَرَّقَتهُم خُطوبٌ / عَلَّمَت مُقلَتي طَويلَ البُكاءِ
إِن أَهاجوا بِآلِ أَحمَدَ حَرباً / بِبَنيكُم لا تَحلُبوا في إِنائي
وَتَحَلّوا عِقدَ التَمَلُّكِ مِنكُم / بِأَكُفٍّ قَد خُضِّبَت بِالدِماءِ
وَخَليلٍ قَد كانَ مَرعى الأَماني / وَرِضى أَنفُسٍ وَحَسبِ الإِخاءِ
غَرَّقَتني في لُجَّةِ البَينِ عَنهُ / فَتَعَلَّقتُ في حِبالِ الرَجاءِ
غَيرَ أَنّا مِنَ النَوى في اِفتِراقٍ / وَلِقاءٍ لِذِكرِنا في البَقاءِ
وَفُراقُ الخَليلِ قَرحٌ مُمِضٌّ / وَبِهِ يَعرِفونَ أَهلَ الوَفاءِ
حاذِقُ الوُدِّ لي بِما سَرَّ نَفسي / كانَ طَبّاً وَعالِماً بِالشِفاءِ
مُرسِلُ الجودَ مِنهُ في كُلِّ سُؤلٍ / يَكلَأُ المَجدَ بَينَ عَينِ السَخاءِ
يَعرِفَنَّ المَعروفَ طَبعاً وَيُثني / بِيَدِ الجودِ في عِنانِ الثَناءِ
يَخفِرَن عَزمَهُ بِقَلبٍ مُصيبٍ / يَتَلَظّى مَن فيهِ نارُ الذَكاءِ
يَكتُمَنَّ الأَسرارَ مِنهُ وَفيهِ / كَكُمونٍ لِلعودِ تَحتَ اللِحاءِ
وَتُفَلُّ الخُطوبُ مِنهُ بِرَأيٍ / قَد جَلاهُ بِالعَزمِ أَيَّ جَلاءِ
إِن يَحُل مِن بَيني وَبَينِكَ بَينٌ / فَلَكَم مِن نَأيٍ سَريعِ اللِقاءِ
رُدَّ عَنّي تَفويقَ سَهمِكَ حَسبي / فيكَ أَقصِر تَفويقَ سَهمِ الدُعاءِ
فَبِها يُستَحَثُّ دُرُّ الأَماني / وَبِها يُطلَقَنَّ كَيدُ العَناءِ
رُبَّ يَومٍ بِعامِرِ الكَأسِ ظَلنا / نُفرِغَنَّ المُدامَ فيهِ بِماءِ
في دُجى لَيلِنا وَطَيِّ الحَواشي / مُدنَفُ الريحِ في قَصيرِ النَقاءِ
تَسقُطَنَّ الأَمطارُ حَتّى تَثَنّى ال / نورُ وَاِبتَلَّ في جَناحِ الهَواءِ
فَتَرى لِلغُدرانِ في كُلِّ خَفضٍ / مُستَقِرّاً كَمُزنَةٍ في سَماءِ
زَمَنٌ مَرَّ قَد مَضى بِنَعيمٍ / وَصَباحٌ أَسَرَّنا في مَساءِ
وَاِجتَمَعنا بَعدَ التَنائي وَلَكِن / لا يُري العالَمينَ عَينَ الرَخاءِ
أَنا مُذ غِبتَ قَد أَروحُ وَأَغدو / مِن سُرورِ الدُنيا بِوُدٍّ خَلاءِ
لا أَرى في الأَنامِ جَمعَ وَفِيٍّ / وَغُرورٍ مُخاتِلٍ في وَفاءِ
فَضَماني إِلَيكَ ذِكرٌ وَشُكرٌ / وَعَلى رَبِّ العَرشِ حُسنُ الجَزاءِ
بِاللَهِ يا اِبنَ عَلِيٍّ فُضَّ جَمعَهُمُ
بِاللَهِ يا اِبنَ عَلِيٍّ فُضَّ جَمعَهُمُ / وَأَعفِ نَفسَكَ مِن غَيظٍ وَضَوضاءِ
لا تَجعَلونَ الثَلاثا لِاِجتِماعِكُمُ / إِنَّ الكَتاتيبَ تَخلو في الثُلاثاءِ
كايَدَكُم دَهرُكُم بِزامِرَةٍ
كايَدَكُم دَهرُكُم بِزامِرَةٍ / تُحدِثُ غَمّاً في كُلِّ سَراءِ
فَاِربُطوا شَدقَها إِذا نَفَخَت / فَذاكَ أَولى بِها مِنَ الناءِ
أَمكَنتُ عاذِلَتي مِن صَمتِ أَبّاءِ
أَمكَنتُ عاذِلَتي مِن صَمتِ أَبّاءِ / ما زادَهُ النَهيُ شَيئاً غَيرَ إِغراءِ
أَينَ التَوَرُّعُ مِن قَلبٍ يَهيمُ إِلى / حاناتِ لَهوٍ غَدا بِالعودِ وَالناءِ
وَصَوتِ فَتّانَةِ التَغريدِ ناظِرَةٍ / بِعَينِ ظَبيٍ تُريدُ النَومَ حَوراءِ
جَرَّت ذُيولَ الثِيابِ البيضِ حينَ مَشَت / كَالشَمسِ مُسبِلَةً أَذيالَ لَألاءِ
وَقَرعِ ناقوسِ دَيرِيٍّ عَلى شَرَفٍ / مُسَبِّحٍ في سَوادِ اللَيلِ دَعّاءِ
وَكَأسِ حَبرِيَّةٍ شَكَّت بِمَبزَلِها / أَحشاءَ مُشعَلَةٍ بِالقارِ جَوفاءِ
تَرفو الظِلالَ بِأَغصانٍ مُهَدَّلَةٍ / سودِ العَناقيدِ في خَضراءَ لَفّاءِ
أَجرى الفُراتُ إِلَيها مِن سَلاسِلِهِ / نَهراً تَمَشّى عَلى جَرعاءَ مَيثاءِ
وَطافَ يَكلَأُها مِن كُلِّ قاطِفَةٍ / راعٍ بِعَينٍ وَقَلبٌ غَيرُ نَسّاءِ
مُوَكَّلٌ بِالمَساحي في جَداوِلِها / حَتّى يَدُلَّ عَلَيها حَيَّةُ الماءِ
فَآبَ في آبَ يَجنيها لِعاصِرِها / كَأَنَّ كَفَّيهِ قَد عُلَّت بِحَنّاءِ
فَظَلَّ يَركُضُ فيها كُلُّ ذي أَشَرٍ / قاسٍ عَلى كَبِدِ العُنقودِ وَطّاءِ
ثُمَّ اِستَقَرَّت وَعَينُ الشَمسِ تَلحَظُها / في بَطنِ مَختومَةٍ بِالطينِ كَلفاءِ
حَتّى إِذا بَرَدَ اللَيلُ البَهيمُ لَها / وَبَلَّها سَحَراً مِنهُ بِأَنداءِ
صَبَّ الخَريفُ عَلَيها ماءَ غادِيَةٍ / أَقامَها فَوقَ طينٍ بَعدَ رَمضاءِ
يَسقيكَها خَنِثُ الأَلحاظِ ذو هَيَفٍ / كَأَنَّ أَلحاظَهُ أَفرَقنَ مِن داءِ
عَلى فِراشٍ مِنَ الوَردِ الجَنِيِّ وَما / بَدَلتَ مِن نَفَحاتِ الوَردِ بِاللاءِ
كَأَنَّهُ صَبُّ سِلسالَ المِزاجِ عَلى / سَبيكَةٍ مِن بَناتِ التِبرِ صَفراءِ
يا صاحِ إِن كُنتَ لَم تَعلَم فَقَد طُرِحَت / شَرارَةُ الحُبِّ في قَلبي وَأَحشائي
أَما تَرى البَدرَ قَد قامَ المُحاقُ بِهِ / مِن بَعدِ إِشراقِ أَنوارٍ وَأَضواءِ
وَقَد عَسَت شَعَراتٌ في عَوارِضِهِ / تُزري عَلى عارِضَيهِ أَيَّ إِزراءِ
أَعيَت مُناقَشَةً إِلّا عَلى أَلَمٍ / وَكُلَّ يَومٍ يُغاديها بِإِخفاءِ
فَاِنظُر زَبَرجَدَ خَدٍّ صارَ مِن سَبَجٍ / وَصَبَّ دَمعاً عَلَيهِ كُلُّ بَكّاءِ
يا لَيتَ إِبليسَ خَلّاني لِنُدبَتِهِ / وَلَم يُصَوِّب لِأَلحاظي بِأَشياءِ
ما لي رَأَيتُ فِلاحَ الناسِ قَد كَثُروا / وَلَم يُقَدَّر بِهِم إِبليسُ إِغوائي
فَكَيفَ أُفلِحُ مَع هَذا وَذاكَ وَذا / أَم كَيفَ يَثبُتُ لي في تَوبَةٍ رائي
داوِ الهُمومَ بِقَهوَةٍ صَفراءِ
داوِ الهُمومَ بِقَهوَةٍ صَفراءِ / وَاِمزُج بِنارِ الراحِ نورَ الماءِ
ما غَرَّكُم مِنها تَقادُمُ عَهدِها / في الدَنِّ غَيرَ حُشاشَةٍ صَفراءِ
ما زالَ يَصقُلُها الزَمانُ بِكَرِّهِ / وَيَزيدُها مِن رِقَّةٍ وَصَفاءِ
حَتّى إِذا لَم يَبقَ إِلّا نورُها / في الدَنِّ وَاِعتَزَلَت عَنِ الأَقذاءِ
وَتَوَقَّدَت في لَيلَةٍ مِن قارِها / كَتَوَقُّدِ المِرّيخِ في الظَلماءِ
نَزَلَت كَمِثلِ سَبيكَةٍ قَد أُفرِغَت / أَو حَيَّةٍ وَثَبَت مِنَ الرَمضاءِ
وَاِستَبدَلَت مِن طينَةٍ مَختومَةٍ / تُفّاحَةً في رَأسِ كُلِّ إِناءِ
لا تَذكُرَنّي بِالصُبوحِ وَعاطِني / كَأسَ المُدامَةِ عِندَ كُلِّ مَساءِ
كَم لَيلَةٍ شَغَلَ الرُقادُ عَذولَها / عَن عاشِقَينِ تَواعَدا لِلِقاءِ
عَقَدا عِناقاً طولَ لَيلِهِما مَعاً / قَد أَلصَقا الأَحشاءَ بِالأَحشاءِ
حَتّى إِذا طَلَعَ الصَباحُ تَفَرَّقا / بِتَنَفُّسٍ وَتَأَسُّفٍ وَبُكاءِ
ما راعَنا تَحتَ الدُجى شَيءٌ سِوى / شِبهِ النُجومِ بِأَعيُنِ الرُقَباءِ
فَتَنَتنا السُلافَةُ العَذراءُ
فَتَنَتنا السُلافَةُ العَذراءُ / فَلَها وُدُّ نَفسِهِ وَالصَفاءُ
روحُ دَنٍّ لَها مِنَ الكَأسِ جِسمٌ / فَهيَ فيهِ كَالنارِ وَهوَ هَواءُ
وَإِذا مَجَّتِ الأَباريقُ بِالمُز / نِ بِها شائِبٌ وَشابَ الماءُ
وَكَأَنَّ الحَبابَ إِذ مَزَجوها / وَردَةٌ فَوقَ دُرَّةٍ بَيضاءُ
وَكَأَنَّ الَّذي يَشُمُّ ثَراها / كَوكَباً كَفُّهُ عَلَيهِ سَماءُ
وَكَأسٍ كَمِصباحِ السَماءِ شَرِبتُها
وَكَأسٍ كَمِصباحِ السَماءِ شَرِبتُها / عَلى قُبلَةٍ أَو مَوعِدٍ بِلِقاءِ
أَتَت دونَها الأَيّامُ حَتّى كَأَنَّها / تَساقُطُ نورٍ مِن فُتوقِ سَماءِ
تَرى كَأسَها مِن ظاهِرِ الكَأسِ ساطِعاً / عَلَيكَ وَلَو غَطَّيتَها بِغَطاءِ
هَجَمَ الشِتاءُ وَنَحنُ بِالبَيداءِ
هَجَمَ الشِتاءُ وَنَحنُ بِالبَيداءِ / وَالقَطرُ بَلَّ الأَرضَ بِالأَنواءِ
فَاِشرَب عَلى زَهرِ الرِياضِ يَشوبُهُ / زَهرُ الخُدودِ وَزَهرَةُ الصَهباءِ
مِن قَهوَةٍ تُنسي الهُمومَ وَتَبعَثُ ال / شَوقَ الَّذي قَد ضَلَّ في الأَحشاءِ
تُخفي الزُجاجَةُ لَونَها وَكَأَنَّها / في الكَفِّ قائِمَةٌ بِغَيرِ إِناءِ
وَمُقَرطَقٍ يَسعى إِلى النَدماءِ
وَمُقَرطَقٍ يَسعى إِلى النَدماءِ / بِعَقيقَةٍ في دُرَّةٍ بَيضاءِ
وَالبَدرُ في أُفقِ السَماءِ كَدِرهَمٍ / مُلقىً عَلى ديباجَةٍ زَرقاءِ
كَم لَيلَةٍ قَد سَرَّني بِمَبِيتِهِ / عِندي بِلا خَوفٍ مِنَ الرُقَباءِ
وَمُهَفهَفٍ عَقَدَ الشَرابُ لِسانَهُ / فَحَديثُهُ بِالرَمزِ وَالإيماءِ
حَرَّكتُهُ بِيَدي وَقُلتُ لَهُ اِنتَبِه / يا فَرحَةَ الخُلَطاءِ وَالنُدَماءِ
فَأَجابَني وَالسُكرُ يَخفِضُ صَوتَهُ / بِتَلَجلُجٍ كَتَلَجلُجِ الفَأفاءِ
إِنّي لَأَفهَمُ ما تَقولُ وَإِنَّما / غَلَبَت عَلَيَّ سُلافَةُ الصَهباءِ
دَعني أَفيقُ مِنَ الخُمارِ إِلى غَدٍ / وَاِفعَل بِعَبدِكَ ما تَشا مَولائي
لَمّا تَفَرّى الأُفقُ بِالضِياءِ
لَمّا تَفَرّى الأُفقُ بِالضِياءِ / مِثلَ اِبتِسامِ الشَفَّةِ اللَمياءِ
وَشَمَطَت ذَوائِبُ الظَلماءِ / وَهَمَّ نَجمُ اللَيلِ بِالإِغفاءِ
قُدنا لِعَينِ الوَحشِ وَالظِباءِ / داهِيَةً مَحذورَةَ اللِقاءِ
شائِلَةً كَالعَقرَبِ السَمراءِ / مُرهَفَةً مُطلَقَةَ الأَحشاءِ
كَمَدَّةٍ مِن قالَمٍ سَواءِ / أَو هُدبَةٍ مِن طَرَفِ الرِداءِ
تَحمِلُها أَجنِحَةُ الهَواءِ / تَستَلِبُ الخَطوَ بِلا إِبطاءِ
وَمُخطَفاً مُوَثَّقَ الأَعضاءِ / خالَفَها بِجَلدَةٍ بَيضاءِ
كَأَثَرِ الشِهابِ في السَماءِ / وَيَعرِفُ الزَجرَ مِنَ الدُعاءِ
بِأُذُنٍ ساقِطَةِ الأَرجاءِ / كَوَردَةِ السَوسَنَةِ الشَهلاءِ
ذا بُرثُنٍ كَمِثقَبِ الحِذاءِ / وَمُقلَةٍ قَليلَةِ الأَقذاءِ
صافِيَةٍ كَقَطرَةٍ مِن ماءِ / تَنسابُ بَينَ أَكَمِ الصَحراءِ
مِثلَ اِنسِيابِ حَيَّةٍ رَقطاءِ / آنَسَ بَينَ السَفحِ وَالفَضاءِ
سِربَ ظِباءٍ رُتَّعِ الأَطلاءِ / في عازِبٍ مُنَوِّرٍ خَلاءِ
أَحوى كَبَطنِ الحَيَّةِ الخَضراءِ / فيهِ كَنَقشِ الحَيَّةِ الرَقشاءِ
كَأَنَّها ضَفائِرُ الشَمطاءِ / يَصطادُ قَبلَ الأَينِ وَالعَناءِ
خَمسينَ لا تَنقُصُ في الإِحصاءِ / وَباعَنا اللُحومَ بِالدِماءِ
يا ناصِرَ اليَأسِ عَلى الرَجاءِ / رَمَيتَ بِالأَرضِ إِلى السَماءِ
وَلَم تُصِب شَيئاً إِلى الهَواءِ / فَحَسبُنا مِن كَثرَةِ العَناءِ
هَناكَ هَذا الرَميُ بِاِبنِ الماءِ /
وَالنَجمُ في اللَيلِ البَهيمِ تَخالُهُ
وَالنَجمُ في اللَيلِ البَهيمِ تَخالُهُ / عَيناً تُخالِسُ غَفلَةَ الرُقَباءِ
وَالصُبحُ مِن تَحتِ الظَلامِ كَأَنَّهُ / شَيبٌ بَدا في لِمَّةٍ سَوداءِ
وَلي صارِمٌ فيهِ المَنايا كَوامِنٌ
وَلي صارِمٌ فيهِ المَنايا كَوامِنٌ / فَما يُنتَضى إِلّا لِسَفكِ دِماءِ
تَرى فَوقَ مَتنَيهِ الفِرِندَ كَأَنَّهُ / بَقِيَّةُ غَيمٍ رَقَّ دونَ سَماءِ
لِلَّهِ ما يَشاءُ
لِلَّهِ ما يَشاءُ / قَد سَبَقَ القَضاءُ
مَعَ التُرابِ حَيٌّ / لَيسَ لَهُ بَقاءُ
تَأكُلُهُ الرَزايا / وَالصُبحُ وَالمَساءُ
ضاقَ عَلَيكَ حَتماً / وَاِتَّسَعَ الفَضاءُ
إِصرِف شَرابي قَد هَجَرتُ كُؤوسُهُ
إِصرِف شَرابي قَد هَجَرتُ كُؤوسُهُ / شَهرَ الصِيامِ وَإِعفُني مِن مائِهِ
فَأَراقَ مِن إِبريقِهِ لي شَربَةً / كَالنارِ تُشرِقُ في دُجى ظَلمائِهِ
وَهِلالُ شَوّالٍ يَلوحُ ضِيائُهُ / وَبناتُ نَعشٍ وَقَّفَت بِإِزائِهِ
كَبَنانِهِ مِن مُخلِصٍ لَمّا بَدا / وَجهُ الوَزيرِ دَعا بِطولِ بَقائِهِ
وَسارِيَةٍ لا تَمَلُّ البُكا
وَسارِيَةٍ لا تَمَلُّ البُكا / جَرى دَمعُها في خُدودِ الثَرى
سَرَت تَقدَحُ الصُبحَ في لَيلِها / بِبَرقٍ كَهِندِيَّةٍ تُنتَضى
فَلَمّا دَنَت جَلجَلَت في السَما / ءِ رَعداً أَجَشَّ كَجَرِّ الرَحى
ضَمانٌ عَلَيها اِرتِداعُ اليَفا / عِ بِأَنوارِها وَاِعتِجارُ الرُبى
فَما زالَ مَدمَعُها باكِياً / عَلى التُربِ حَتّى اِكتَسى ما اِكتَسى
فَأَضحَت سَواءً وُجوهُ البِلادِ / وَجُنَّ النَباتُ بِها وَاِلتَقى
وَكَأسٍ سَبَقتُ إِلى شُربِها / عَذولي كَذَوبِ عَقيقٍ جَرى
يَسيرُ بِها غُصُنٌ ناعِمٌ / مِنَ البانِ مَغرِسَهُ في نَقا
إِذا شِئتَ كَلَّمَني بِالجُفو / نِ مِن مُقلَةٍ كُحِلَت في الهَوى
لَهُ شَعَرٌ مِثلُ نَسجِ الدُروعِ / وَطَرفٌ سَقيمٌ إِذا ما رَنا
وَيَضحَكُ عَن أُقحُوانِ الرِيا / ضِ وَيَغسِلُهُ بِالعَشِيِّ النَدى
وَمِصباحُنا قَمَرٌ مُشرِقٌ / كَتُرسِ اللُجَينِ يَشُقُّ الدُجى
سَقى اللَهُ أَهلَ الحِمى وابِلاً / سَفوحاً وَقَلَّ لِأَهلِ الحِمى
لَئِن بانَ صَرفُ زَمانٍ بِنا / لَما زالَ يَفعَلُ ما قَد تَرى
وَمُهلِكَةٍ لامِعٍ آلُها / قَطَعتُ بِحَرفٍ أَمونِ الخُطا
لَها ذَنَبٌ مِثلُ خَوصِ العَسيبِ / وَأَربَعَةٌ تَرتَمي بِالحَصى
بَناها الرَبيعُ بِناءَ الكَثيبِ / تَسوقُ رِياحَ الهَواءِ النَقا
فَما زالَ يُدئِبُها ماجِدٌ / عَلى الأَينِ حَتّى اِنطَوَت وَاِنطَوى
بِأَرضٍ تَأَوَّلَ آياتِها / عَلى الظَعنِ يَخبِطُ فيها الهَوى
صَرَعتُ المَطِيَّ لِأَرقى لَها / فَما اِعتَذَرَت بَينَها بِالوَجى
وَذي كُرَبٍ إِذ دَعاني أَجَبتُ / فَلَبَّيتُهُ مُسرِعاً إِذ دَعا
بِطِرفٍ أَقَبَّ عَريضِ اللِبا / نِ ضافي السَبيبِ سَليمِ الشَظا
وَفِتيانِ حَربٍ يُجيبونَها / بِزُرقِ الأَسِنَّةِ فَوقَ القَنا
كَغابٍ تُحَرِّقُ أَطرافُهُ / عَلى لُجَّةٍ مِن حَديدٍ جَرى
فَكُنتُ لَهُ دونَ ما يَتَّقي / مِجَنّاً وَمَزَّقتُ عَنهُ العِدا
أَنا اِبنُ الَّذي سائَهُم في الحَياةِ / وَسادَهُمُ بِيَ تَحتَ الثَرى
وَما لِيَ في أَحَدٍ مَرغَبٌ / بَلى فِيَّ يَرغَبُ كُلُّ الوَرى
وَأَسهَرُ لِلمَجدِ وَالمَكرُماتِ / إِذا اِكتَحَلَت أَعيُنٌ بِالكَرى

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025