عَجَبٌ خَولَةُ إِذ تُنكِرُني
عَجَبٌ خَولَةُ إِذ تُنكِرُني / أَم رَأَت خَولَةُ شَيخاً قَد كَبُرْ
وَكَساهُ الدَّهرُ سِبّاً ناصِعاً / وَتَحَنّى الظَّهرُ مِنهُ فَأُطِرْ
إِن تَرَي شَيباً فَإِنِّي ماجِدٌ / ذو بَلاءٍ حَسَنٍ غَيرُ غُمُرْ
ما أَنا اليَومَ عَلى شَيءٍ مَضَى / يا بنَةَ القَومِ تَوَلَّى بِحَسِرْ
قَد لَبِستُ الدَّهرَ مِن أَفنانِهِ / كُلَّ فَنٍّ حَسَنٍ مِنهُ حَبِرْ
وَتَعَلَّلتُ وَبالي ناعِمٌ / بِغَزالٍ أَحوَرِ العَينَينِ غِرّْ
وَتَبَطَّنتُ مَجوداً عازِباً / وَاِكفَ الكَوكَبِ ذَا نَورٍ ثَمِرْ
بِبَعِيدٍ قَدرُهُ ذِي عُذَرٍ / صَلَتانٍ مِن بَناتِ المُنكَدِرْ
سائِلٍ شِمراخُهُ ذي جُبَبٍ / سَلِطِ السُّنبُكِ في رُسغٍ عَجُرْ
قارِحٍ قَد فُرَّ عَنهُ جانِبٌ / وَرَباعٍ جانِبٌ لَم يَتَّغِرْ
فَهوَ وَردُ اللَّونِ في ازبِئرَارِهِ / وَكُمَيتُ اللَّونِ ما لَم يَزبَئِرْ
نَبعَثُ الحُطَّابَ أَن يُغدَى بِهِ / نَبتَغي صَيدَ نَعامٍ أَو حُمُرْ
شُندُفٌ أَشدَفُ ما وَرَّعتَهُ / فَإِذا طُؤطِئَ طَيّارٌ طِمِرّْ
يَصرَعُ العَيرَينِ في نَقعِهما / أَحوَذِيٌّ حينَ يَهوِي مُستَمِرّْ
ثُمَّ إِن يُنزَع إِلى أَقصاهُما / يَخبِطِ الأَرضَ اِختِباطَ المُحتَفِرْ
أَلِزٌ إِذ خَرَجَت سَلَّتُهُ / وَهِلاً نَمَسَحُهُ ما يَستَقِرّْ
قَد بَلَوناهُ عَلَى عِلّاتِهِ / وَعَلى التَيسيرِ مِنهُ وَالضُّمُرْ
فَإِذا هِجناهُ يَوماً بادِناً / فَحِضَارٌ كَالضِّرامِ المُستَعِرْ
وَإِذا نَحنُ حَمَصنا بُدنَهُ / وَعَصَرناهُ فَعَقبٌ وَحُضُرْ
يُؤْلِفُ الشَّدَّ عَلى الشَّدِّ كَما / حَفَشَ الوَابِلَ غَيثٌ مُسبكرّْ
صِفَةُ الثَّعلَبِ أَدنَى جَريِهِ / وَإِذا يُركَضُ يُعفُورٌ أَشِرْ
وَنَشاصِيُّ إِذا تُفزِعُهُ / لَم يَكَد يُلجَمُ إِلّا ما قُسِرْ
وَكَأَنّا كُلَّما نَغدُو بِهِ / نَبتَغي الصَيدَ بِبَازٍ مُنكَدِرْ
أَو بِمِرّيخٍ عَلَى شِريانَةٍ / حَشَّهُ الرَّامِي بِظُهرَانٍ حُشُرْ
ذو مِرَاحٍ فَإِذا وَقَّرتَهُ / فَذَلولٌ حَسَنُ الخُلْقِ يَسَرْ
بَينَ أَفرَاسٍ تَناجَلنَ بِهِ / أَعْوَجِيّاتٍ مَحاضِيرَ ضُبُرْ
وَلَقَد تَمرَحُ بي عِيديَّةٌ / رَسلَةُ السَّومِ سَبَنتاةٌ جُسُرْ
راضَها الرَّائِضُ ثُمَّ اِستُعفِيَت / لِقِرَى الهَمِّ إِذا ما يَحْتَضِرْ
بازِلٌ أَو أَخلَفَت بَازِلَها / عاقِرٌ لَم يُحْتَلَب مِنها فُطُرْ
تَتَّقي الأَرضَ وَصَوَّانَ الحَصَى / بِوَقَاحٍ مُجْمَرٍ غَيرِ مَعِرْ
مِثلَ عَدَّاءٍ بِرَوضاتِ القَطَا / قَلَصَت عَنهُ ثِمَادٌ وَغُدُرْ
فَحْلِ قُبٍّ ضُمَّرٍ أَقرَابُها / يَنهَسُ الأَكفَالَ مِنها وَيَزُرّْ
خَبطَ الأَرواثَ حَتّى هاجَهُ / مِن يَدِ الجَوزاءِ يَومٌ مُصمَقِرّْ
لَهَبانٌ وَقَدَت حِزَّانُهُ / يَرمَضُ الجُندُبُ مِنهُ فَيَصِرّْ
ظَلَّ فِي أَعلَى يَفَاعٍ جَاذِلاً / يَقْسِمُ الأَمْرَ كَقَسْمِ المُؤتَمِرْ
أَلِسُمنَانٍ فَيَسقِيها بِهِ / أَمْ لِقُلْبٍ مِن لُغَاطٍ يَسْتَمِرّْ
وَهْوَ يَفلِي شُعُثاً أَعرَافُهَا / شُخُصَ الأَبصارِ لِلوَحشِ نُظُرْ
وَدَخَلت البابَ لا أُعطِي الرُّشى / فَحَباني مَلِكٌ غَيرُ زَمِرْ
كَم تَرى مِن شانِئٍ يَحسُدُنِي / قَد وَراهُ الغَيظُ في صَدرٍ وَغِرْ
وَحَشَوتُ الغَيظَ فِي أَضلاعِهِ / فَهوَ يَمشِي حَظَلاناً كَالنَّقِرْ
لَمْ يَضِرني وَلَقَد بَلَّعتُهُ / قِطَعَ الغَيظِ بِصَابٍ وَصَبِرْ
فَهْوَ لا يَبْرَأُ ما في نَفسِهِ / مِثلَ ما لا يَبْرَأ العِرقُ النَّعِرْ
وَعَظيمِ المُلكِ قَد أَوعَدَنِي / وَأَتَتنِي دُونَهُ مِنهُ النُّذُرْ
حَنِق قَد وَقَدَتْ عَينَاهُ لِي / مِثلَ ما وَقَّدَ عَينَيهِ النَّمِرْ
وَيَرى دُوني فَلا يَسْطِيعُنِي / خَرْطَ شَوْكٍ مِن قَتَادٍ مُسمَهِرّْ
أَنَا مِنْ خِندِفَ في صُيَّابِهَا / حَيثُ طابَ القِبْصُ مِنهُ وَكَثُرْ
وَلِيَ النَّبعَةُ مِن سُلَّافِها / وَلِيَ الهامَةُ مِنها وَالكُبُرْ
وَلِيَ الزَّندُ الَّذي يُورَى بِهِ / إِن كَبا زَندُ لَئيمٍ أَو قَصُرْ
وَأَنا المَذكُورُ مِن فِتيَانِها / بِفَعالِ الخَيرِ إِن فِعلٌ ذُكِرْ
أَعرِفُ الحَقَّ فَلا أُنكِرُهُ / وَكِلابِي أُنُسٌ غَيرُ عُقُرْ
لا ترى كَلبِيَ إِلَّا آنِساً / إِن أَتَى خابِطُ لَيلٍ لَمْ يَهِرّْ
كَثُرَ النَّاسُ فَما يُنكِرُهُمْ / مِن أَسِيفٍ يَبتَغِي الخَيْرَ وَحُرّْ
هَل عَرَفْتَ الدارَ أَمْ أَنكَرْتَهَا / بَيْنَ تِبْرَاكٍ فَشَسَّيْ عَبَقُرّْ
جَرَّرَ السَّيلُ بِها عُثنُونَهُ / وَتَعَفَّتْها مَدَاليجُ بُكُرْ
يَتَقارَضْنَ بِها حَتّى اِستَوَت / أَشهُرَ الصَيفِ بِسَافٍ مُنفَجِرْ
وَتَرى مِنها رُسُوماً قَد عَفَت / مِثلَ خَطِّ اللامِ في وَحيِ الزُبُرْ
قَد نَرَى البِيضَ بِها مِثلَ الدُّمى / لَم يَخُنهُنَّ زَمَانٌ مُقشَعِرّْ
يَتَلَهَّينَ بِنَومَاتِ الضُّحى / راجِحَاتِ الحِلمِ وَالأُنسِ خُفُرْ
قُطُفَ المَشيِ قَرِيبَاتِ الخُطَى / بُدَّناً مِثلَ الغَمَامِ المُزمَخِرّْ
يَتَزَاوَرْنَ كَتَقْطاءِ القَطَا / وَطَعِمْنَ العَيشَ حُلواً غَيرَ مُرّْ
لَم يُطاوِعْنَ بِصُرْمٍ عاذِلاً / كادَ مِن شِدَّةِ لَوْم يَنْتَحِرْ
وَهَوَى القَلبِ الَّذِي أَعْجَبَهُ / صورَةٌ أَحسَنُ مَن لاثَ الخُمُرْ
راقَهُ مِنها بَياضٌ ناصِعٌ / يُؤْنِقُ العَينَ وَضافٍ مُسبَكِرّْ
تَهلِكُ المِدرَاةُ في أَفنائِهِ / فَإِذا ما أَرسَلَتهُ يَنعَفِرْ
جَعدَةٌ فَرعاءُ في جُمجُمَة / ضَخمَةٍ تَفرُقُ عَنها كَالضُّفُرْ
شاذِخٌ غُرَّتُهَا مِن نِسوَةٍ / كُنَّ يَفضُلنَ نِسَاءَ النَّاسِ غُرّْ
وَلَهَا عَينَا خَذُولٍ مُخرِفٍ / تَعلَقُ الضَّالَ وَأَفنانَ السَّمُرْ
وَإِذا تَضحَكُ أَبدَى ضِحْكُها / أُقْحُواناً قَيَّدَتهُ ذَا أُشُرْ
لَو تَطَعَّمْتَ بِهِ شَبَّهتَهُ / عَسَلاً شِيبَ بِهِ ثَلجٌ خَصِرْ
صَلتَةُ الخَدِّ طَويلٌ جِيدُها / ناهِدُ الثَدْيِ وَلَمَّا يَنكَسِرْ
مِثلُ أَنفِ الرِّئمِ يُنبِي دِرْعَها / في لَبَانٍ بَادِنٍ غَيرِ قَفِرْ
فَهْيَ هَيفَاءُ هَضِيمٌ كَشحُهَا / فَخْمَةٌ حَيثُ يُشَدُّ المُؤتَزَرْ
يَبْهَظُ المِفضَلَ مِن أَردَافِهَا / ضَفِرٌ أُردِفَ أَنقَاءَ ضَفِرْ
وَإِذا تَمشِي إِلَى جارَاتِها / لَم تَكَد تَبلُغُ حَتّى تَنبَهِرْ
دَفَعَت رَبلَتُهَا رَبلَتَهَا / وَتَهادَتْ مِثْلَ مَيلِ المُنْقَعِرْ
وَهْيَ بَدَّاءُ إِذا ما أَقبَلَت / ضَخمَةُ الجِسْمِ رَدَاحٌ هَيدَكُرْ
يُضْرَبُ السَّبْعُونَ في خَلْخالِهَا / فَإِذا ما أَكرَهَتهُ يَنكَسِرْ
نَاعَمَتْهَا أُمُّ صِدْقٍ بَرَّةٌ / وَأَبٌ بَرٌّ بِها غَيرُ حَكِرْ
فَهْيَ خَذوَاءُ بِعَيشٍ ناعِمٍ / بَرَدَ العَيْشُ عَلَيها وَقُصِرْ
لا تَمَسُّ الأَرضَ إِلَّا دونَها / عَن بَلاطِ الأَرضِ ثَوبٌ مُنعَفِرْ
تَطَأُ الخَزَّ وَلا تُكْرِمُهُ / وَتُطيلُ الذَّيلَ مِنهُ وَتَجُرّْ
وَتَرَى الرَّيطَ مَوَادِيعَ لَها / شُعُراً تَلبَسُها بَعدَ شُعُرْ
ثُمَّ تَنْهَدُّ عَلى أَنمَاطِها / مِثلَ ما مالَ كَثِيبٌ مُنقَعِرْ
عَبَقُ العَنبَرِ وَالمِسكِ بِها / فَهيَ صَفرَاءُ كَعُرجُون العُمُرْ
إِنَّما النَّومُ عِشَاءً طَفَلاً / سِنَةٌ تَأْخُذُها مِثْلَ السُّكُرْ
وَالضُّحَى تَغْلِبُها وَقدَتُها / خَرَقَ الجُؤْذُر في اليَومِ الخَدِرْ
وَهْيَ لَو يُعصَرُ مِن أَردَانِها / عَبَقُ المِسْكِ لَكَادَت تَنعَصِرْ
أَملَحُ الخَلقِ إِذا جَرَّدتَها / غَيرَ سِمطينِ عَلَيها وَسُؤُرْ
لَحَسِبتَ الشَّمسَ في جِلبابِها / قَد تَبَدَّت مِن غَمامٍ مُنسَفِرْ
صُورَةُ الشَّمسِ عَلى صُورَتِها / كُلَّما تَغرُبُ شَمْسٌ أَو تَذُرّْ
تَركتني لَستُ بِالحَيِّ وَلا / مَيِّتٍ لاقَى وَفَاةً فَقُبِرْ
يَسأَلُ النَّاسُ أَحُمَّى داؤُهُ / اَم بِهِ كانَ سُلالٌ مُستَسِرّْ
وَهْيَ دَائِي وَشِفائي عِندَها / مَنَعَتْهُ فَهْوَ مُلْوِيٌّ عَسِرْ
وَهْيَ لَو يَقْتُلُهَا بِي إِخوَتي / أَدرَكَ الطَّالِبُ مِنهُم وَظَفِرْ
ما أَنا الدَّهر بِناسٍ ذِكرها / ما غَدَتْ وَرْقاءُ تَدعُو سَاقَ حُرّْ