المجموع : 148
أَغنا جَزيلُ نَداكَ يا ابنَ مُقَلَّدٍ
أَغنا جَزيلُ نَداكَ يا ابنَ مُقَلَّدٍ / شُكري وَقَصَّرَ عَنكَ جُهدُ ثَنائي
وَصَفوا بَياضَ يَدِ الكَليمِ لِمُعجِزٍ / فيهِ وَكَم لَكَ مِن يَدٍ بَيضاءِ
وَاِستَطرَفوا إِحياء عيسى مَيِّتاً / فَرداً وجُودُكَ باعِثُ الفُقَراءِ
وَرَأَوا وَقَد طَلَعَ السَّماء مُحَمَّدٌ / عَجَباً وَقَدرُكَ فَوقَ كُلِّ سَماءِ
زُفَّت إِلَيكَ وَلَستَ مِن أَكفائِها
زُفَّت إِلَيكَ وَلَستَ مِن أَكفائِها / كَالشَّمسِ طالِعَةً عَلَى حِربائِها
بَيضاءُ أَشرَقَ وَجهُها في فَرعِها / حَتّى عَرَفتَ صَباحَها بِمَسائِها
لَو كانَ صَرفُ الدَّهرِ عِندَكَ حاضِراً / نَثَرَ الخُطوبَ عَلَيكَ وَقتَ جَلائِها
رَفَعَت سُتُورَكَ لِلهَناء بِأَخذِها / وَالحُسنُ قَبلَكَ جالِسٌ لِعَزائِها
ما جَادَتِ الدُّنيا عَلَيكَ بِمِثلِها / إِلَّا لِيَحمَدَ بُخلَها بِسَخائِها
وَمُعَذَّلٍ جارٍ عَلى غُلَوائِهِ
وَمُعَذَّلٍ جارٍ عَلى غُلَوائِهِ / يُروى حَديثُ نَداهُ عَن أَعدائِهِ
لَدنٍ كَعالِيَةِ القَناةِ يَخِفُّ في / عَزَماتِهِ وَيَميدُ في أَهوائِهِ
ثَمِلُ الشَّمائلِ مالَ في أَعطافِهِ / وَوِدادِهِ وَنَعيمِهِ وَشَقائِهِ
عَجِلَت عَلَيهِ يَدُ الحِمام وَعُودُهُ / رَيّانُ مِن خَمرِ الشَّبابِ وَمائِهِ
وَتَتابَعَت هَفَواتُهُ وَلَرُبَّما / فَلَّ الخُطوبَ بِخَطرَةٍ مِن رائِهِ
عَجَباً لِحَدِّ السَّيفِ كَيفَ أَصابَهُ / وَمَضاؤُهُ في الرَّوع دونَ مَضائِهِ
وَلِمصعَبٍ مَلأَ الزَّمانَ هَديرُهُ / قادوهُ بَعدَ شَماسِهِ وَإِبائِهِ
إِن يَرفَعوهُ فَقَد غَنوا بِعَلائِهِ / أَو يَشهِروهُ فَقَد كفُوا بِثَنائِهِ
أَو تُبدِع الأَعداء فيهِ فَسُنَّة / لِلدَّهرِ جاريَةٌ عَلى نُظرائِهِ
لا يَفرَحونَ بِها فَكَم مِن شامِتٍ / بِحِمامِهِ وَلَعَلَّهُ في دائِهِ
يا صاحِبَ الجَدَثِ الغَريبِ وَدُونَهُ / خَطَرٌ يُعَدُّ مَسافَةً في نائِهِ
ذَكَرَ الغَمامُ عَلى ثَراكَ عَلاقَةً / تَجري بِها العَبَراتُ مِن أَنوائِهِ
وَتَنَفَّسَت فيهِ الرِّياحُ مَريضَةً / مِن حَرِّ نارِ الحُزنِ أَو برحائِهِ
فَلَقَد جَفَوتُكَ رَهبَةً وَلَرُبَّما / هَجَرَ الصَّديقُ وَأَنتَ في أَحشائِهِ
يا مَالِكَ الثَّغرِ الَّذي بِسُيوفِهِ
يا مَالِكَ الثَّغرِ الَّذي بِسُيوفِهِ / عَزَّت مَطالِبُهُ عَلى أَعدائِهِ
أَشرَقتَ فيهِ فَلَيلُهُ كَنَهارِهِ / وَرَفَعتَ مِنهُ فَأَرضُهُ كَسَمائِهِ
لاموكَ في بَذلِ النَّوالِ وَإِنَّما / شَرَفُ الغَمام بِما جَرى مِن مائِهِ
وَوَجَدتَ عاقِبَةَ السَّماحِ حَميدَة / فَحَذارِ مِن نُصحِ البَخيلِ وَرائِهِ
لا تُشفِقَنَّ عَلى الثَّراءِ فَما ذَوى / رَوض تَكون ظُباك مِن أَندائِهِ
ضَمِنَت لَكَ الخُلفَ السَّريعَ شِفارُها / مِن بَعدِ ما عَرَفَت مَكانَ وَفائِهِ
ما رامَ عَبدُكَ أَن يُشيرَ وَإِنَّما / نَظمُ القَريضِ جَرى عَلى غَلوائِهِ
إِن صَدَّهُ عَنَتُ الزَّمانِ وَصَرفُهُ / فَلَهُ قَديمُ ذِمامِهِ وَوَلائِهِ
أَو كانَ مُقتَصِراً فَخِدمَةُ مِثلِهِ / مَعروفَةٌ بِثَنائِهِ وَدُعائِهِ
إِذا مِتُّ فادفِني بِوَعساءَ سَهلَةٍ
إِذا مِتُّ فادفِني بِوَعساءَ سَهلَةٍ / بِها السِّربُ يَعطو وَالجآذِرُ تَلعَبُ
وَفاحَ سُحَيريُّ الصِّبا مِن خَلائِقي / بِما هوَ أَذكى مِنهُ عُرفاً وَأَطيَبُ
سَقى بانَةَ الجَرعاء مِن بَطنِ تُوضَحِ
سَقى بانَةَ الجَرعاء مِن بَطنِ تُوضَحِ / وَلِلنّاسِ في سُقيا الدِّيارِ مَذاهِبُ
نَسيمٌ كَأَنفاسِ الخُزامى صَقيلَةٌ / بِريحِ النَّعامى قَبَّلَتها السَّحائِبُ
لاحَ وَعقدُ اللَّيلِ مَسلوبُ
لاحَ وَعقدُ اللَّيلِ مَسلوبُ / بَرق بِنارِ الشَّوقِ مَشبوبُ
طَوى الفَلا يَسألُ عَن حاجِرٍ / وَهوَ إِلى رامَة مَجلوبُ
ضَلالَةً لِلبانِ في طَيِّها / سُكرٌ وَلِلقِمريِّ تَطريبُ
وَعارِضٍ يَجمَعُ نُدّادَهُ / زَجرٌ مِنَ الرَّعدِ وَتَرهيبُ
عَقَدتُ أَجفاني بِهدّابِهِ / فَهوَ بِماء الدَّمعِ مَقطوبُ
أَسأَلُهُ عَنكُم وَفي بَرقِهِ / سَطرٌ مِنَ الأَخبارِ مَكتوبُ
فَلَيتَهُ أَظهَرَ مِن جَوشَنٍ / ما كَتَمَت تِلكَ الأَهاضيبُ
أَو لَيتَني أَذهَلُ عِن ذِكرِكُم / فَإِنَّهُ هَمٌّ وَتَعذيبُ
وَلائم يُظهِرُ إِشفاقَهُ / عِندي وَبَعضُ النُّصحِ تَثريبُ
ظَنَّ غَرامي بِكُم صَبوَة / وَهوَ مِنَ الآدابِ مَحسوبُ
ما لَكَ لا حَدَّثتَ عَن مِثلِها / إِلَّا وَتَعليلُكَ تَأنيبُ
يا صَاحِبَي رَحلي أَعِيدا أَما / نِيَّ فَفي الغَيبِ أَعاجيبُ
وَخَبِّراني أَينَ شَمسُ الضُّحى / فَإِنَّ لَونَ الصُّبحِ غِربيبُ
وا أَسَفي مِن غُربَةٍ طَوَّحَت / فيها إِلى الرُّومِ الأَعارِيبُ
قادَني الدَّهرُ إِلَيها وَمَن / يُحارِبُ الأَقدارَ مَغلوبُ
فَهَل تَشيمانِ عَلى راهِطٍ / ناراً لَها في الجَوِّ ألهُوبُ
دونَ سَناها كُلُّ مَجهُولَةٍ / تَعرِفُها الجُردُ السَّراحِيبُ
لَعَلَّها نارُ بَني مَلهَم / تُعقَرُ في أَرجائِها النِّيبُ
إِن خَلَت في المَحْلِ أَخلافُها / دَرَّت عَلى الضَّيفِ العَراقيبُ
قَومٌ ذَكَرناهُم وَمِن دونِهِم / لِلرِّيحِ إِسآدٌ وَتَأوِيبُ
فَرَنَّحَتنا لَهُم نَشوَة / يَطرَبُ مِنها الرَّاحُ وَالكُوبُ
ذَوائِبُ مِن عامِرٍ ضَمَّها / بَيتٌ عَلى الجَوزاءِ مَضروبُ
لَهُم إِذا أَمَّهُم سائِلٌ / فَنٌّ مِنَ الجودِ وَأسلوبُ
طَلاقَةٌ تُشرِقُ قَبلَ النَّدى / وَالبِشرُ مِثلُ الحُسنِ مَحبوبُ
تَعجَبُ مِن إِسعارِ أَيديهِمُ / نارُ الوَغى وَهيَ شآبيتُ
لانوا وَفيهِم لِلعِدى قَسوَة / وَالغَيثُ مَرجُوٌ وَمَرهوبُ
تَناسَوا قَبلَ إِلى مالِكِ / وَبانَ سِرٌّ فيهِ مَحجوبُ
فَهوَ سِنان طالَ عَن رُمحِهِ / وَاعتَدَلَت بَعدُ الأَنابِيبُ
أَبلَجُ تُبدي الغَيبَ أَفكارُهُ / وَكُلُّ رأي النَّاسِ تَجريبُ
أَزِمَّةُ الأَيام في كَفِّهِ / وَجامِحُ الأَقدارِ مَجنوبُ
كَمالُهُ يُغنيكَ عَن عَدِّ ما / فيهِ وَكُلُّ النُصحِ تَجنيبُ
لَهُ مَحَلٌّ دونَ إِدراكِهِ / لِلشُّهبِ تَصعيدٌ وَتَصويبُ
أَوفى عَلَيها فَلَها بَعدَهُ / في الأُفقِ تَشريقٌ وَتَغريبُ
تَشرُفُ إِن قابَلَها مِثلَما / تَشرُفُ بِالبَيتِ المَحاريبُ
يا ابنَ عَلِيَّ كَيفَ صارَ النَّدى / عَلَيكَ فَرضاً وَهوَ مَندوبُ
قَبلَكَ ضَلَّ النَّاسُ عَن نَهجِهِ / وَعَزَّ شَأوٌ فيهِ مَطلوبُ
فَما هَدى بَعدَكَ قُصَّادَهُ / إِلَّا مَنارٌ لَكَ مَنصوبُ
ما ضَرَّ أَهلَ الشَّامِ أَن يُخلِفَ / الغَيثُ وَإِحسانُكَ مَسكوبُ
كَم لَكَ في واديهِمُ رَوضَةً / نَمَّ إِلى رائِدِها الطِّيبُ
ما أَنتِ يا مُزنَةُ خَطّارَة / فيها وَلا ذَيلُكِ مَسحُوبُ
وَإِنَّما رَوَّضَها عارِض / إِلى نَصيرِ المُلكِ مَنسوبُ
جادَت يَداهُ حينَ ضَنَّ الحَيا / وَالخَيرُ مَمنوعٌ وَمَوهوبُ
يا خَيرَ مَن نُصَّت إِلى نارِهِ / ضَوامِرُ البُزلِ المَصاعِيبُ
رَعَيتُ إِحسانَكَ عِندي وَقَد / خانَ مَع البُعدِ الأَصاحِيبُ
فَلي غَرامٌ بِكَ ما أَضرَمَت / زِنادَهُ البِيضُ الرَّعابِيبُ
وَصَبوَة نَحوَكَ عُذرِيَّةٌ / فَكُلُّ مَدحي فيكَ تَشبيبُ
أَبعَدَني مِنكَ زَمان لَهُ / في طَلَبي وَخدٌ وَتَقرِيبُ
وَأَلفُ دارٍ بَرقُها لامِعُ / الآلِ وَراعي سَرحِها الذِّيبُ
ما هِيَ مِن بَعدِيَ إِلَّا كَما / أَقفَرَ في الأَطلالِ مَلحوبُ
فَهَل أَمانِيَّ إِذا راضَها / في الفِكرِ تَقديرٌ وَتَرتيبُ
تَصدُقني فيكَ إِذا ما / المُنى خِداعٌ وَأَكاذِيبُ
فَقَد شَفى الغُلَّةَ مِن يوسُفٍ / بَعدَ طَويلِ الحُزنِ يَعقوبُ
إِذا ما الغَمامُ الجَونُ أَنجَدَ صَوبُهُ
إِذا ما الغَمامُ الجَونُ أَنجَدَ صَوبُهُ / وَأَسفَرَ بِالإيماضِ وَهوَ قطوبُ
فَلَيتَ نَسيماً بِالغُوَيرِ يَقُودُهُ / وَيُمسِكُ عَنهُ شَمأَلٌ وَجَنوبُ
لَعَلَّ بِهِ مِن نَشرِ سَلمى بَقِيَّةً / يَضوعُ بِها ذاكَ الحَيا وَيَطيبُ
وَقَتكَ صُروفُ الدَّهرِ يا ابنَ مُقَلَّدٍ
وَقَتكَ صُروفُ الدَّهرِ يا ابنَ مُقَلَّدٍ / وَلا زِلتَ تَدعو سَعدَها فَتُجيبُ
وَراحَت رَزاياها عَلَيكَ شَفيقَةً / كَأَنَّ الخُطوبَ الطَّارِقاتِ قُلوبُ
وَلا صَحِبَت كَفَّاكَ غَيرَ صَوارِم / لَها في صُدورِ الدَّارِعينَ وَجِيبُ
تُنَفَّرَ عَنكَ الحادِثاتِ كَأَنَّها / غَوان وَبيضُ المُرهَفاتِ مَشيبُ
فَقَد زالَ داء كُنتَ فيما أَماطَهُ / كَما ثُقِّفَ الخَطِيُّ وَهوَ صَليبُ
وَقَد يُصقَلُ الهِندِيُّ وَهوَ مُذَرَّب / وَيُمسَح عِطفُ المَرءِ وَهوَ أَديبُ
رَمَت بِالحِمى أَبصارَها مُطمَئِنَّةً
رَمَت بِالحِمى أَبصارَها مُطمَئِنَّةً / فَلَمّا بَدَت نَجدٌ وَهَبَّت جَنوبُها
بَخِلنا عَلَيها بِالبُرى فَتَقَطَّعَت / وَقَلَّ لِنَجدٍ لَو تَقَرَّت قُلوبُها
تَروحُ بِنَجدِ تَغصِبُ الذِّئبَ زادَهُ
تَروحُ بِنَجدِ تَغصِبُ الذِّئبَ زادَهُ / وَقَومُكَ بِالرَّوحاءِ في المَنزِلِ الرَّحبِ
وَما ذاكَ إِلَّا نَفحَةٌ حاجِرِيَّةٌ / هَوَيتَ لَها عَيشَ الأَعاريبِ وَالجَدبِ
تَبيتُ خَميصَ البَطنِ إِلَّا مِنَ الجَوى / وَتَغدو رَخِيَّ البالِ إِلَّا مِنَ الحُبِّ
وَهَيَّجَكَ البَرقُ اليَمانِيُّ مَوهِناً / صَلا لَكَ ما لِلبَرقِ وَيبَكَ وَالقَلبِ
وَأَشعَثَ حَيَّينا بِهِ غُرَّةَ الدُّجى / وَقَد نَشِطَ التَّهويمُ عَن مُقَلِ الرَّكبِ
إِذا ما تَغَنَّت بَينَ أَبرادِهِ الصَّبا / تَرَنَّحَ مَرُّ الرِّيحِ بِالغُصُنِ الرَّطبِ
قَرُبتَ وَأَنواء الغَمامِ بَخيلَةٌ / بَعيد بِأَيام الغَضارَةِ وَالخِصبِ
أَبى اتِّخاذَ الزَّادِ ما لا يَنالُهُ / مِنَ الغَصبِ أَو يأسوبِهِ سَغَبَ الصَّحبِ
دَعا آلَ حَزنٍ وَالرِّماحُ تَنوشُهُ / فَيا قُربَ ما لَبَّيتَ بِالطَّعنِ وَالضَّربِ
وَلَو أَنَّني أَدعوهُ كانَ جَوابُهُ / بِأَسرَعَ مِن سَلّي لِحادِثَةٍ عَضبي
وَجَدتُكَ أَحلَى في جُفوني مِنَ الكَرى / وَأَعذَبَ في نَفسي مِنَ البارِدِ العَذبِ
فَقُل لِجَناب بِالغُوَيرِ تَضَوَّعَت / عَلَيكَ الخُزامى وَهيَ تَلعَبُ بِاللُّبِّ
سَقاكَ رَسِيلُ الدَّمعِ تَحسبُ جُودَهُ / أَكُفُّ الخَفاجِيين فاضِحَةَ السُّحبِ
إِذا خِلتَهُ إِيمانَهُم فَبروقُهُ / سُيوف وَهَل إِيمانُ قَومي بِلا قَضبِ
وَما كُنتُ أَهوى أَن يَحُلَّ فَناءَهُ / سِوى الدَّمع إِلَّا أَنَّها عادَةُ العُربِ
يَعُزُّ مَديحي دونَ إِعراضِ مَعشَرٍ / يَهمُّونَ بي حَتّى يَغُرُّهُمُ سَبيِّ
وَما كُنتُ أَرضى بِالدَّنِيَّةِ مِنهُمُ / سُبابي فَهَّلا حاكَموني إِلى الحَربِ
وَا وَعَدَني مِنهُم رِجالٌ بِغارَةٍ / تُشَنُّ فَأَمنا يا لقاحَ بَني كَعبِ
وَقَد عَلِموا أَنِّي جَعَلتُ صُدورَهُم / مَقَرِّي فَخالوني خُلِقتُ مِنَ الرُّعبِ
أَضاعوا المَعالي كَالضُّيوفِ وَجارُهُم / بَعيدُ القِرى غَيرُ الرَّبيلَةِ وَالعُشبِ
تَصَفَّحتُ إِخواني فَلَم أَرَ فيهِمُ / صَفِيَّ وِدادٍ لا يَقِرُّ عَلى ذَنبِ
وَقالَ فُؤادي لا تُطِع مُتَجَنِّباً / فَخالَفتُهُ وَاِختَرتُ قَومي عَلى قَلبي
وَلَكِن أَخٌ لي مِن تَنوخُ يَوَدُّني / عَلى البُعدِ إِن خانَ الصَّدِيقُ عَلى القُربِ
أَلِفنا ظَلامَ اللَّيلِ حَتّى كَأَنَّنا / وَجَدِّكَ أَولى بِاللَّيالي مِنَ الشُّهبِ
إِذا هَجَوتُكُمُ لَم أَخشَ سَطوَتَكُم
إِذا هَجَوتُكُمُ لَم أَخشَ سَطوَتَكُم / وَإِن مَدَحتُ فَما حَظّي سِوى التَّعَبِ
فَحِينَ لَم أَلفِ لا خَوفاً وَلا أَمَلاً / رَغِبتُ في الهَجوِ إِشفاقاً مِنَ الكَذِبِ
قَد أَلِفَ القَلبُ خِلافَ الَّذي
قَد أَلِفَ القَلبُ خِلافَ الَّذي / كرومَهُ مِن سَلوَةِ القَلبِ
فَعُد إِلى إِسعادِهِ في الهَوى / لَعَلَّهُ يَزهَدُ في الحُبِّ
هَل تَسمَعونَ شِكايَةً مِن عاتِبِ
هَل تَسمَعونَ شِكايَةً مِن عاتِبِ / أَو تَقبَلونَ إِنابَةً مِن تائِبِ
أَم كُلَّما يَتلوا الصَّديقُ عَلَيكُمُ / في جانِبٍ وَقُلوبُكُم في جانِبِ
أَمّا الوُشاةُ فَقَد أَصابوا عِندَكُم / سوقاً يُنَفِّقُ كُلَّ قَولٍ كاذِبِ
فَمَلَلتُمُ مِن صابِرٍ وَرَقَدتُمُ / عَن ساهِرٍ وَزَهِدتُمُ في راغِبِ
وَأَقَلُّ ما حَكَمَ المِلالُ عَلَيكُمُ / سوءَ القِلى وَسَماعَ قَولِ العائِبِ
أَناخَ عَليَّ الهَمُّ مِن كُلِّ جانِب
أَناخَ عَليَّ الهَمُّ مِن كُلِّ جانِب / بَياضُ عَذارى في سَوادِ المَطالِبِ
وَكُنتُ أَظُنُّ الأَربَعينَ تَصُدُّهُ / فَما قُبِلَت فيها شَهادَةُ حَاسِبِ
طَلَبتُ الصِّبا مِن بَعدِها فَكَأَنَّما / عَلِقتُ بِأَعجازِ النُّجومِ الغَوارِبِ
وَما ساءَني فَقدُ الشَّبابِ وَإِنَّما / بَكَيتُ عَلى شَطرٍ مِنَ العُمرِ ذاهِبِ
وَلا راعَني شَيبُ الذَّوائِبِ بَعدَهُ / وَعِندي هُمومٌ قَبلَ خَلقِ الذَّوائِبِ
وَلَكِنَّهُ وافى وَما أَطلَقَ الصِّبا / عَناني وَلا قَضّى الشَّبابُ مَآرِبي
وَما كُنتُ مِن أَصحابِهِ غَيرَ أَنَّهُ / وَفَى لِيَ لَمّا خانَني كُلُّ صاحِبِ
بَكَى النّاسُ أَطلالَ الدِّيارِ وَلَيتَني / وَجَدتُ دياراً لِلدُّموعِ السَّواكِبِ
وَقالوا زِيادٌ راحَ عازِبَ هِمَّةٍ / وَمَن لِفُؤادي بِالهُمومِ العَوازِبِ
أَأَحبابَنا هَل تَسمَعونَ عَلى النَّوى / تَحِيَّةَ عان أَو شَكِيَّةَ عاتِبِ
وَلَو حَمَلَت ريحُ الشَّمالِ إِلَيكُمُ / سَلاماً طَلَبنا مِثلَهُ في الجَنائِبِ
ذَكَرتُكُمُ مِن بَعدِ عِشرينَ حِجَّةً / لَقَد دَرَسَت أَسرارُكُم في التَّرائِبِ
وَما أَدَّعي أَنّي أَحِنُّ إِلَيكُمُ / وَيَمنَعُني الأَعداء مِن كُلِّ جانِبِ
وَلا أَنا بِالمُشتاقِ إِن قُلتُ بَينَنا / طِوالُ العَوالي أَو طِوالُ السَّباسِبِ
فَما لِقُلوبِ العاشِقينَ مَزِيَّةٌ / إِذا نَظَرَت أَفكارُها في العَواقِبِ
وَلا الشَّوقُ إِلَّا في صُدورٍ تَعَوَّدَت / لِقاء الأَعادي في لِقاء الحَبائِبِ
جَزى اللَّهُ عَنّا العِيسَ خَيراً فَطالَما / فَرَقتُ بِها بَيني وَبَينَ النَّوائِبِ
كَفَتنا ثَقيلَ الهَمِّ حَتّى كَأَنَّما / رَمَينا بِهِ فَوقَ الذُرى وَالغَوارِبِ
وَإِن صَدَقَت في ناصِرِ الدَّولَةِ المُنى / فَما هِيَ إِلَّا مِن أَيادي الرَّكائِبِ
فَتى حارَتِ الأَقدارُ مِن عَزَماتِهِ / عَلى أَنَّها مَعرُوفَةٌ بِالعَجائِبِ
وَأَدرَكَ أَعقابَ الأُمورِ بِفِكرِهِ / كَأَنَّ لَها عَيناً عَلى كُلِّ غائِبِ
لَهُ نَسَبٌ كَالشَّمسِ أَشرَقَ نورُهُ / عَلى طولِ أَيّامِ السِّنينِ الذَّواهِبِ
إِذا دَجَتِ الأَحسابُ لاحَت نُجومُهُ / ثَواقِبَ مِن قَبلِ النُّجومِ الثَّواقِبِ
جِيادُكَ يَومَ النِّيلِ ذَكَّرنَ أَهلَهُ / بِما صَنَعَت أَمَّلتُها في قُباقِبِ
سَقَت تِلكَ أَكنافَ المَشارِقِ وابِلَ / الدِّماءِ وَجادَت هَذِهِ في المَغارِبِ
تَرَكنَ دِياراً لا تَبين لِعارِف / وَخُضنَ بِحاراً لا تَحِلُّ لِشارِبِ
وَقَد سَمِعوا أَخبارَها في سِواهُمُ / فَما قَنِعوا إِلَّا بِبَعضِ التَّجارِبِ
إِذا كانَ عَقلُ المَرءِ أَدنى خِلالِهِ / فَما هوَ إِلَّا ثَغرَة لِلمَصائِبِ
وَكَم حَبَسَ القُمرِيَّ حُسنُ غِنائِهِ / وَقَيَّدَتِ البازِيَّ حُجنُ المَخالِبِ
طَلَعتَ عَلَيهِم وَالسُّيوفُ كَأَنَّها / ضَرائِبُ مِمّا كَسَّرَت في الضَّرائِبِ
بَقِيَّةُ آثارِ اللِّقانِ وَآلِسٌ / وَفَضلَةُ أَيّامِ الحِمَى وَالذَّنائِبِ
تُحَدِّثُ عَن تِلكَ المَنايا فُلولُها / وَقَد كُتِبَت أَخبارها في الكَتائِبِ
قَواضِبُ إِلَّا أَنَّها في أَنامِلٍ / تَكادُ تَقُدُّ الهامَ قَبلَ القَواضِبِ
حَمَيتَ بِها سِربَ الخِلافَةِ بَعدَ ما / تَرامَت بِهِ أيدي العَبيدِ اللَّواعِبِ
وَأَبعَدتَ عَن تَدبيرِها كُلَّ مائِقٍ / حَديثُ المُنى فيها حَديثُ المُناسِبِ
وَكُنتَ إِذا أَشرَعتَ رَأيَكَ في العِدى / طَعَنتَ بِهِ قَبلَ الرِّماحِ السَّوالِبِ
وَقَد يُبصِرُ الرَّأيَ الفَتى وَهوَ عاجِزٌ / وَرُبَّ حُسام سَلَّهُ غَيرُ ضارِبِ
كَأَنَّ المَدى في كُلِّ شَيء طَلَبتَهُ / دَنا لَكَ حَتَّى نِلتَهُ غَيرَ طالِبِ
يَظُنُّ العِدى أَنِّي مَدَحتُكَ لِلغِنى / وَما الشِّعرُ عِندي مِن كَريم المَكاسِبِ
وَما شِئتُ إِلَّا أَن تَتِمَّ صِفاتُهُ / وَلِلدُّرِّ مَعنىً في نَحورِ الكَواعِبِ
كَأَنِّي إِذا أَنشَدتُ فيكَ قَصيدَة / نَثَرتُ عَلَيهِم طالِعاتِ الكَواكِبِ
وَلَكِنَّها مَنسِيَّةُ الذِّكرِ فيكُمُ / تُسائِلُ عَن أَحسابِكُم كُلَّ راكِبِ
وَوَاللَّهِ ما صِدقُ الثَّناءِ بِضائع / عَلَيكَ وَلا حُسنُ الرَّجاءِ بِخائِبِ
وَفيكُم رَوى النَّاسُ المَديحَ وَمِنكُمُ / تَعَلَّمَ فيهِ القَومُ بَذلَ الرَّغائِبِ
أَعِنِّي عَلى نَيلِ الكَواكِبِ في العُلا / فَأَنتَ الَّذي صَيَّرتَها في مَطالِبي
وَدَعني وَصِدقُ القَولِ فيكَ لَعَلَّهُ / يُكَفِّرُ عَن تِلكَ القَوافي الكَواذِبِ
غَرائِبُ مَينٍ في سِواكَ كَثيرَة / وَلَكِنَّني مِنهُنَّ أَوَّلُ تائِبِ
وَما كُنتُ لَمّا أَعرَض البَحرُ زاخِراً / أقلبُ طَرفي في جَهام السَّحائِبِ
طَوَيتُ إِلَيكَ الباخِلينَ كَأَنَّما / سَرَيتُ إِلى شَمسِ الضُّحى في الغَياهِبِ
وَكانَ سَبيلُ الجودِ في الأَرضِ واحِداً / فَما عَرَفَ النَّاسُ اِختِلافَ المَذاهِبِ
وَشَرَّفَني قَصدي إِلَيكَ وَإِنَّما / يُبَينُ بِقَصدِ البَيتِ فَضلُ المُحارِبِ
فَمَن كانَ يَبغي في المَديحِ مَواهِباً / فَإِنَّ مَديحي فيكَ بَعضُ المَواهِبِ
مَضى الصِّبا وَأناس في الصِّبا عُرِفوا
مَضى الصِّبا وَأناس في الصِّبا عُرِفوا / أَستَودِعُ اللَّهُ أَطرابي وَأَترابي
وَلَو عَقِلَت لَما عَنِيَت بَعدَهُم / نَفسي وَأَتعَبَتُ آرابي بِآرابي
وَكُنتُ في جانِبِ الغَبراءِ مُعتَزِلا / عِزّي قُنوعي وَحِصني ظِلُّ مِحرابي
لا أَطلُبُ الرِّزقَ مِن سَيفٍ وَلا قلم / وَلا أفَكِّرُ في روم وَأَعرابِ
أَقولُ حَقّاً وَلَكِنّي أُخالِفُهُ / وَلَو عَقِلتُ لَكانَ الصَّمتُ أَحرى بي
يا إِخوَتي مِن مالِكِ بنِ كِنانَةٍ
يا إِخوَتي مِن مالِكِ بنِ كِنانَةٍ / حَيثُ السُّيوفُ تَطولُ بِالأَحسابِ
لا تَسأَلوا عَنّي الخَيالَ فَإِنَّهُ / ما زَارَني مِنكُم فَيَعلَمُ ما بي
وَاِستَخبِروا لَيلاً رَعَيتُ نُجومَهُ / فَنَضا وَلَم يَنصل دجاهُ شَبابي
سَهِرَت كَواكِبُهُ مَعي وَبَعُدتُمُ / أَنتُم كَواكِبُهُ وَهُنَّ صِحابي
قُل لِلنَّسيم إِذا حَمَلتَ تَحِيَّةً
قُل لِلنَّسيم إِذا حَمَلتَ تَحِيَّةً / فاهدِ السَّلامَ لِجَوشَنٍ وَهِضابِهِ
وَاسأَلهُ هَل سحب الرَّبيعُ رِداءَهُ / أَو جَرَّ ذَيلَ الفَضلِ مِن هُدَّابِهِ
وَتَبَسَّمَت عَنهُ الرِّياضُ وَأَفصَحَت / بِثَناء بارِقِهِ وَمَدِّ سَحابِهِ
فَلَقَد حَنَنتُ وَعادَني مِن نَحوِهِ / شَجَنٌ بَخِلتُ بِهِ عَلى خُطّابِهِ
وَصَبابَةٍ عَلِقَت بِقَلبِ مُتَيَّم / وَصَلَ الغَرامُ إِلَيهِ قَبلَ حِجابِهِ
وَإِذا الغَريبُ صَبا إِلى أَوطانِهِ / شَوقاً فَمَعناهُ إِلى أَحبابِهِ
لَو أَنَّ قَلبي مَعي سَلَوتُ بِهِ
لَو أَنَّ قَلبي مَعي سَلَوتُ بِهِ / أَو كُنتُ أَنفِيهِ عَن تَرائِبِهِ
لَكِنَّهُ بانَ عَن يَدَيَّ فَما / أَحكُمُ فيهِ مِن بَعدِ صاحِبِهِ
فؤادٌ ما يَقِرُّ مِنَ الوَجيبِ
فؤادٌ ما يَقِرُّ مِنَ الوَجيبِ / وَدَهرٌ لا يَجودُ عَلى لَبيبِ
وَجَفنٌ تُحسَبُ العَبَراتُ فيهِ / سَحائِبَ يَختَصِمنَ عَلى قَليبِ
وَهَل عَلِمَت بَنو حزنِ بنِ عَمرٍو / إِباي عَلى مُشاوَرَةِ الخُطوبِ
وَإِنَّ الدَّهرَ أَبقى مِن قِراعي / كَما أَبقى الضِّرابُ مِنَ العَروبِ
وَأَنزَلَ أسرَتي بِمَقَرِّ بُؤس / تَوارى عَنهُ لاعِبَة الجُنوبِ
أَجابوا فيهِ داعِيَةَ المَنايا / لَقَد صَعُبَ النِّداء عَلى المُجيبِ
إِذا كانَ المَشيبُ نَوى الغَواني / فَإِنَّ وِصالَهُم نَبذُ المَشيبِ
يُناديني بِزَفرَتِهِ عَدِيٌّ / وَيَعرِضُ إِن بَكَيتُ عَلى الكَثيبِ
وَلَو أَعدَتهُ ثُمَّ جُفونُ عَينِي / لَجادَ عَلَيهِ بِالدَّمعِ الغَريبِ
أَآلفَهُ النَّوى سَكَنَت قُلوب / تُعَلَّلُ فيك بِالأَمَلِ الكَذوبِ
بِعَهدِكَ كَيفَ دَنَّسَتِ اللَّيالي / بُروداً ما تُلاثُ عَلى مُعيبِ
وَكَيفَ أَماطَ عَنكِ التُّربُ حُسناً / وَمِنهُ نَضارَةُ الغُصنِ الرَّطيبِ
سَكَنتِ القَلبَ ثُمَّ حَباكِ عُذراً / فَساوى بَينَ حُبِّكَ وَالوَجيبِ
وَخانَتكِ الجُفونُ فَقَد أَقامَت / أُلوفاً بَعدَ شَخصك لِلنَّحيبِ
لَيالينا بِذي سَلَم أَقامَت / عَلَيكَ وَلا تُرَوَّع بِالرَّقيبِ
فَلَستُ أَرومُ أَعبَقَ مِن صِباها / لَقَد أَكثَرتِ مِن حُسنٍ وَطيبِ
إِذا ما الحزنُ ضَوَّعَهُ الخُزامى / وَصَدَّ الناعِجاتِ عَنِ اللَّغوبِ
وَخِلتُ نَسيمَهُ إِمّا نَشَقنا / يُنازِعُنا عَلى مُلكِ القُلوبِ
فَهَبَّ عَلى ثَراكِ وَلَم يُنَفِّر / أَنيسَ تُرابِهِ عِندَ الهُبوبِ
وَصافَحَ مُستَهِلَّ الرَّملِ مِنهُ / عَلى رِفقٍ مُصافَحَةَ الحَبيبِ
وَأَكبَرَ أَن يُفاجِئَهُ بِمَسٍّ / فَعارَضَ زَورَةَ الرَّجُلِ المُريبِ
أَأَنسيتَ المَواقِفَ في مَغان / وَما سَكَّنَّ مِن حُرَقِ الكُروبِ
سَلَبنا بِالسُّجودِ صَعيدَ نَجدٍ / فَفاحَ عَلى الدَّلادِلِ وَالجُيوبِ
وَكُنّا وَالزَّمانُ لَهُ أَيادٍ / يُوَكَّلُ فَيضُهُنَّ إِلى شُعوبِ
نُراسِلُ بِالتَّذَكُّرِ مِن بَعيدٍ / وَنَعتَبُ بِاللَّواحِظِ مِن قَريبِ
حَنَنتُ إِلى الأَراكِ فَقالَ سَعدٌ / طَرِبتَ وَأَيُّ عُذرٍ لِلطَّروبِ
عَهِدتُكَ لا تَحِنُّ لِغَيرِ مَجدٍ / أَخِلتَ غُصونَهُ لَعِبَ الكُعوبِ
فَلَيتَ تَنَسُّمي أَرَجَ الخُزامى / عَلى هِمَمي مِنَ الدُّنيا نَصيبي
وَيا بَرقَ الغُوَيرِ دَنَوتَ حَتَّى / يَغارُ عَليَّ مِنكَ شَبا قَضيبي
صَحِبتُكِ يا ذَكاء فَكُنتِ أَسري / وَأَصبِرُ في المَهامِهِ وَالسُّهوبِ
وَسَربَلناكِ بَردَ النَّقع حَتَّى / أَخَذتِ الثَّأرَ مِنّا بِالشُّحوبِ