المجموع : 141
أنا في شمال الحب قلبٌ خافقٌ
أنا في شمال الحب قلبٌ خافقٌ / وعلى يمين الحق طير شاد
غنيت للشرق الجريح وفي يدي / ما في سماء الشرق من أمجاد
من ذروة الأرز حتى رمل شاطئهِ
من ذروة الأرز حتى رمل شاطئهِ / وما تنسّم عنهُ السهل والجبلُ
أزاهر في حنايا السفح وادعةٌ / من الحياءٍ على أهدابِها بلَلُ
مسحتُ عن جفنِها الأسيانِ دمعتهُ / حتى ترقرق فيه الأنسُ والجزَلُ
عرائس من عيون الشعر سافرةٌ / حدا بها الرجز أو غنى بها الرمل
وصفتها بسمات من مناهلهِ / عذراءَ يرشحُ منها الطهرُ والخجَلُ
قُمْ نقبل ثغرَ الجهادِ وجيدهْ
قُمْ نقبل ثغرَ الجهادِ وجيدهْ / أشرقَ الكونُ يومَ جدَّدَ عيدهْ
لاتقلْ خانتِ القوافي فحسبُ / الشعر منها أبياتها المعدودة
يتهادينَ في غلائلَ كالوردِ / ويهبطنَ من سماءٍ بعيدة
شهدَ الله ما لمسْنَ جبيناً / من ترابٍ إلا كتبنَ خلودهْ
أيهاذا اللواءُ من خضرةِ الأرزِ / كساها دمُ الجهادِ ورودهْ
قد نشدناكَ عندَ كلَّ قناةِ / وعلى كل أيكةٍ غرِّيده
قل لمن حدَّد القيودَ رويداً / يعرف الحقَّ أن يفكَّ قيودهْ
نحنُ والموتُ صاحبان على / الدهرِ، حشدنا أرواحنا وبنودهْ
نحنُ لا نحسبُ الحياةَ حياةً / أو نفدي أوطاننا المعبودهْ
لن نراها إن لم نمت في هواها / أمةً حرَّة ودنيا جديدة
يبكي ويضحك لا حزناً ولا فرحا
يبكي ويضحك لا حزناً ولا فرحا / كعاشقٍ خطَّ سطراً في الهوى ومحا
من بسمة النجم همس في قصائده / ومن مخالسة الضّبي الذي سنحا
قلبٌ تمرس باللذات وهو فتى / كبرعم لمسته الريح فانفتحا
ما للأقاحية السمراء قد صرفت / عنّا هواها؟أرق الحسن ما سمحا
لو كنت تدرين ما ألقاه من شجن / لكنت أرفق من آسى ومن صفحا
غداةَ لوَّحْتِ بالآمال باسمةً / لان الذي ثار وانقاد الذي جمحا
ما همني ولسانُ الحب يهتف بي / إذا تبسم وجه الدهر أو كلح
فالروضُ مهما زهتْ قفرٌ اذا حرمت / من جانحٍ رفَّ أو من صادحٍ صدحا
اشجاك أنك رائح لا ترجع
اشجاك أنك رائح لا ترجع / وهواك والأوطان بعدك بلقع
متلفت ما تبتغي؟ متوجع / ما تشتكي؟ متنصتق ما تسمعُ
تلك الزغاليل التي غادرتَها / جف الندي ومات عنها المرضعُ
لا الريشُ مكتمل ولا أوكارها / خضر ولا السجع البكيُ يُشَفّعُ
ولكنت تسفك ناظريك ليرتووا / وتذيب قلبك في يديك ليشبعوا
جرس الكنيسة لو تكلم لاشتكى / ولبان فيه مذ نأيت تصدع
وتلفتت فيها الدمىو تساءلت / عن باقة في صحنها تتضوّع
ما بهجة الأعياد بعد كعهدها / في البيعتين ولا المرتل يسجع
ألجوزة الخضراء بعدك صوحت / إلا وريقات تكاد تودع
تقضي إلى النسمات في غدواتها / عما تكابد في نواك وتجرع
لله أنت مغربا ومشرقا / تذريك عاصفةٌ وأخرى تزرَعُ
حتى اندفعت فكلُ صحر روضة / سلمت يداك وكل أفق مطلع
وفتحت فتح العبقرية تاركا / في مسمع الدنيا صدى يترجع
تتحطم الأقدار ساعة تنبري / تتفجر الأنوار ساعة تطلع
فهناك أندلس القصائد تسجع / وهناك لبنان المواهب يلمع
أيها البلبل المغرد في الليل
أيها البلبل المغرد في الليل / على كل أخضر مياد
أنا أدري بالطيرِ حين تغنّي / كم جراح سالت على الأعواد
سل ضفاف الهوى اأنبتنَ غصنا / كحبيبي أو طائرا كفؤادي
كلما هلهل الأغاني عليها / قبلته وأنكرت كل شاد
خلق الله للهوى قبلة الروح / وراء الخدود والأجيادِ
نحنُ عرسان للغناء وللشعرِ / جلتنا مواكبُ الأعيادِ
أنا نايُ الهوى الذي اخترعَ اللهُ / وأنتَ الفريد من إنشادي
فتن الجمال وثورة الأقداح
فتن الجمال وثورة الأقداح / صبغت أساطير الهوى بجراحي
ولد الهوى والخمر ليلة مولدي / وسيحملان معي على ألواحي
يا ذابح العنقود خضب كفه / بدمائه بوركت من سفاح
أنا لست أرضى للندامى أن أرى / كسل الهوى وتشاؤب الأقداح
أدب الشراب إذا المدامة عربدت / في كأسها أن لا تكون الصاحي
هل لي إلى تلك المناهل رجعة / فلقد سئمت الماء غير قراح
رجعى يعود بي الزمان كأمسه / صهباء صارخة وليل ضاح
أشتف روحهما وأعطي مثلها / روحاً وأسلم ليلتي لصاحبي
روح كما انحطم الغدير على الصفا / شعباً ، مشعبة إلى أرواح
للحب أكثرها وبعض كثيرها / لرقى الجمال وبعضهما للراح
أنا لا أشيع بالدموع صبابتي / لكن ألف جناحها بجناحي
غذيتها بدم الشباب وطيبه / وهرقت في لهواتها أفراحي
إلفان في صيف الهوى وخريفه / عزا على غير الزمان الماحي
دعني وما زرع الزمان بمفرقي / ما كنت أدفنفي الثلوج صداحي
من كان من دنياه ينفض راحه / فأنا على دنياي أقبض راحي
إني أفدي كل شمس أصيلة / حذر المغيب ، بألف شمس صباح
قد أتاك يعتذرُ
قد أتاك يعتذرُ / لا تَسَلْهُ ما الخبرُ
كلّما أطلْتَ له / في الحديث يَخْتَصِر
في عيونه خبرُ / ليس يكذب النظرُ
قد وَهَبْتُهُ عُمُري / ضاع عنده العُمُرُ
حبّنا الذي نشروا / من شذاه ما نشروا
صُوِّحَتْ أزاهِرُهُ / قبل يُعقد الثمرُ
عُدْ فَعَنْكَ يؤنِسُنِي / في سماءه القمرُ
قد وفى بموعده / حين خانت البشرُ
من شاعرٌ نسقَ الرياضَ ونظما
من شاعرٌ نسقَ الرياضَ ونظما / أكبرتُ فيه العبقريَ الملهَما
قالوا الربيع فقلت ما أنكرتهُ / رشف الدموع وردهنّ تبسُما
حمل المشاعل لا يمر بربوة / إلا وخضب باللهيب وضرما
فإذا الأريج سحائب وردية / لبس الهزار بها الطراز المعلما
ثم استقر على مخبإ وردة / فشكا وداعب لحظة وترنما
وإذا الفراش رسول كل حبيبية / لحبيبها بأبي الرسول الأبكما
بيت الحبيبة أم وساوس حالم؟ / أصعدت أم هبطت على أرضي السما
إن كنت أجهل أرضه وسماءهُ / ما كان يمنعني الهوى أن أحلما
طالعت وجهك والصباح فلم أكد / أتبين الصبح المنور منهما
تعب الربيع من الطواف فلم يجد / بيتا أعز ولا مقاماً أكرما
فرمى الأكاليل التي ضفرت له / وسعى إليك وقد تهلل وانتمى
وأنا الذي غذى الجمال بشعرهِ / وحنا عليه سافرا وملثما
أنا يا ربيع لا أمن قصائدي / لولاك ما طبعت على فمها فما
صغرت فهبها في اللآلي حبة / أو لا فهبها في الأزاهر برعما
ندى ندى بسمة الور
ندى ندى بسمة الور / د للندى في الصباحِ
ندى ندى همسة الطهر / في شباه الأقاحي
ندى ندى شعلة / الحب قبلة الأرواحِ
كم من وشاحٍ كساها / الجمال كم من وشاح
أخت الفراشات يلعب / ن حاليات الجناح
لم تبق للزهر والطي / ر من شذا وصداح
رضابها للحميا / والخد للتفاحِ
كم من وشاح كساها / الجمال كم من وشاح
نداي من سلسل الخمر / في الثنايا العذاب؟
من صفف الشعر فوق الجبين / سطر كتاب؟
رددت لي بعد يأسي حلم / الهوى والشباب
الله الله لما / عضت على العناب
وصفقت بيديها / وغمغمت الجواب
سل الرياحين عني / وسل حنين الرباب
يا ربي لا تتركي ورداً
يا ربي لا تتركي ورداً / ولا تبقي أقاحا
مشتِ الشام إلى / لبنان شوقا والتياحا
فارشي الطرقَ قلوباً وثغوراً وصداحا / غرةق من عبد شمسٍ تملأُ الليل صباحا
وحسام يعربي / الحد ما ملَ الكفاحا
يشرعانِ الرايةَ / الحمراءً والحقّ الصراحا
جمعَ المجدُ على الأرز / سيوفاً وجراحا
فتساوينا جهاداً / وتآخينا سلاحا
ونشرناها على الدنيا / جناحا وجناحا
حفظَ الله مهجةَ الشعر في الشرقِ
حفظَ الله مهجةَ الشعر في الشرقِ / ووقّاهُ عادياتِ زمانِه
هبةٌ من مواهب الله للضاد / ونعمى حلت على لبنانِه
بسماتٌ على شفاه الحزانى / ومدام طافت على ندمائه
وكسا الأرز حاليات قوافيهِ / وغنى الهوى على قضبانه
كان ريحانةَ المناذرةِ الغُرِ / وراح الأرواح في غسّانه
ما زها مفرقٌ بتاجٍ إذا لم / يزهُ بالخالداتِ من تيجانِه
حل في ذروة العروبة حتى / حضنَنتهُ الآياتُ من قرآنِه
يتمضى حينا على الوتر الشادي / وحينا على شبا مرّانِه
وأحايين في لمى غزلانه / وأحايين في لها فرسانِه
يتمنى الملوك لو أنعم الله / عليهم بسكرة في حانه
ليت شعري ماذا أساء إلى الأيام / حتى أمعنَ في عدوانه
فهوى من سمائه كاسف اللون / إلى هوة الشقا وهوانه
كلما هم أن يطاطيء للدهر / ثناهُ العريقُ من عنفوانِه
مؤثرٌ أن يموت في كوخهِ الفاني / على الباقيات من ديوانه
كسراج في جوف دير قديم / هرقت روحهُ على جدرانه
يشهق الشهقة الخفيفة في الفجر / ويفني أنفاسهُ بدخانه
ايها الجدول الوديع الذي / تسمُرُ زهر الدجى على تحنانه
يتمنين لو جعلن حُلِيّا / في يديه أو حكمة في لسانه
أيها المدمع الحنون الذي لولاه / ما افتر مبسم عن جمانه
كنت إن جف مدمعي في جفوني / أستعير الدموع من أجفانه
وقفة عند قصر يلدز ليلا
وقفة عند قصر يلدز ليلا / والورى بين هجد ورقود
رقدوا في المهود لكنما الأنفس / منهم في قبضة من حديد
كل فجر تهب من نومها الأم / وتهفو إلى سرير الوليد
حيث ترمي بنفسها وتناديه / بفجر من الحياة جديد
ثم تجثو أمامه وتنادي / رب صنه من ظلم عبد الحميد
لا سلام عليك يا قصر مني / لا ولا جادك الحيا ببرود
زال عهد السجود يا أمم الأرضِ / فهذا عهد السلام الوطيد
لا بلغنا ذرى الحضارة إن لم / يمح عصر الإخاء عصر العبيد
يا وردة طابت وطبنا بها
يا وردة طابت وطبنا بها / أيام نسقيها بماء العيون
نحفظ بالأجفان اكمامها / ونسكب الأرواح تحت الغصون
وننفح الناس بأعرافها / فيعرف الفضل لنا الناشقون
ونلبس الأشعار من حسنها / ما شاءه إبداعنا أن يكون
حتى إذا دان لها في الهوى / من لم يدن وبايع المشركون
ودارت الأكؤس في عرسها / يرشفها الراوون والظامئون
وكثرت دعوى الهوى فيهمِ / وحبّذا لو صحّ ما يدعون
عدنا إلى شيمتِنا في الوفا / نحن نغنيها وهم يشربون
روحي فدى الوردة مهما تجُر / إنا إلى الله بها راجعون
الصبا والجمال ملك يديك
الصبا والجمال ملك يديك / اي تاج أعز من تاجيك
نصب الحسن عرشه فسألنا / من تراها له فدل عليك
فاسكبي روحك الحنون عليه / كانسكاب السماء في عينيك
كلما نافسَ الصبا بجمال / عبقري السنا نماه إليك
ما تغنى الهزارُ إلا ليلقي / زفراتِ الغرامِ في أذنيك
سكرَ الروضُ سكرةً صرعتهُ / عند مجرى العبير من نهديكِ
قتل الورد نفسه حسدا منك / وألقى دماه في وجنتيك
والفراشات ملت الزهر لما / حدثتها الأنسام عن شفتيك
رفعوا منك للجمال إلها / وانحنوا سجدا على قدميك
قل لوكر النسور قدستَ وكرا
قل لوكر النسور قدستَ وكرا / كل يوم تهدي إلى الأفق نسرا
عبقريَّ الجناحِ أقرَبُ مرماهُ / السماكان إن أرادَ مقرّا
مارد القلب واللسان إذا ما / هيجَ هزّ الفضاءَ عزفاً وزأرا
يحمل الحق مشعلا بين عينيه / فإن يحترق فقد مات حرا
إيه وكر النسور لم يحضن الأرز / وليداً أبرّ منكَوأجرا
ما ادلَهَمّت سماءُ لبنان إلا / أطلعت منك في دياجيهِ فجرا
تؤثر الموت أو تعيش عزيزا / ما رناً شامخاً ووجها أغرا
فخر بيروت أن تمُدَّ جناحيكَ / عليها أعظم بذلك فخرا
جعل الله كل عمرك عيدا / حملت كل ساعة منه بشرى
ما نسينا يا صرح تلك الليالي / يوم كانت أم الحوادث بكرا
كم نظرنا من كوتيك إلى الكون / وهل تعرف الطفولة شرا
نحلم الحلم كالصباحِ افتراراً / وكزهر الرياض لونا وعطرا
اكبر الهم أن نجوز امتحانا / آخر الشهر أو نؤلف سطرا
خلق الطير للغناء فغنّى / ما ترى الروض قد ترنّحَ سُكرا
غن يا طير غن عنك وعنا / إن أحلى الغناء ما كان شعرا
تعَجَّبَ اللَّيْلُ مِنْها عِنْدَما بَرَزَتْ
تعَجَّبَ اللَّيْلُ مِنْها عِنْدَما بَرَزَتْ / تُسَلْسِلُ النُّورَ في عَيْنَيْهِ عَيْناها
فَظَنَّها وَهي عِنْدَ المَاءِ قائِمَةٌ / مَنَارَةً ضَمَّهَا الشَّاطي وَفَدَّاها
وَتَمْتَمَتْ نَجْمَةٌ في أذْنِ جارَتِها / لمَّا رَأَتْها وَجُنَّتْ عِنْدَ مَرآها
أُنْظُرنَ يا إِخْوَتا هَذِي شَقيقَتُنا / فَمَنْ تُرَاهُ عَلى الغَبْراءِ أَلْقَاها؟
أَتِلْكَ مَنْ حَدَّثَتْ عَنْها عَجَائِزُنا / وَقُلْنَ إِنَّ مَليكَ الجِنِّ يَهْواها
فَأَطْلَقَ المارِدُ الجَبَّارَ عاصِفَةً / تَغْرو النُّجُومَ فَكانتْ مِنْ سَباياها؟
قَصَّتْ نُجَيْمَتُنا الحسناءُ بِدْعَتَها / عَنْ نَجْمَةِ الشَّطِّ وَالآذانُ تَرْعاهَا
وَكانَ بِالقُرْبِ مِنْها كَوْكَبٌ غَزِلٌ / يُصْغِي فَلَما رَآها، سَبَّحَ الله
وَرَاحَ يُقْسِمُ أَنْ لا باتَ لَيْلَتَهُ / إِلاَّ عَلى شَفَتَيْها لاثِماً فاها
يا مَلْعَبَ الشَّطِّ مِنْ (أَنْفا) أَتَعْلَمُ منْ / داسَتْ عَلى صَدْرِكَ البازِيِّ رِجْلاها
وَيا نَواتِئَ مِنْ مَوجٍ وَمنْ زَبَدٍ / أَثْنى عَلَيْكَ وَحَسْبُ الفَخْرِ نَهْداها
وَ الشَّطُّ في الصَّيْفِ جَنَّاتٌ مُفَوَّفَةٌ / كَمْ فاخَرَ الجَبَلَ العالي وَكَمْ باهى
إِذا أَرَتْكَ الجِبالُ الغِيدَ كاسِيَةً / فالشَّطُّ أَذْوَقُ مِنْها حينَ عَرَّاها
وافَتْ سُلَيْمى وَما أَدْري أَدَمْعَتُها / تِلْكَ الَّتي لَمَعَتْ لي أَمْ ثَنَاياها
وَذَلِكَ الأَبْيَضُ المَنْشورُ في يَدِها / مِنْديلُها أَمْ سُطورُ الحُبِّ تَقْراها
كَأَنَّما البَدْرُ قِدْماً كانَ خَادِمَها / فَمُذْ أَرادَتْهُ نادَتْهُ فَلَبَّاها
وما أَصابَ الهَوى نَفْساً وَأَشْقاها / إِلاَّ وَأَلْقَتْ بِإُذْنِ البَدْرِ شَكْواها
كَأَنَّهُ حَكَمُ العُشَّاقِ كَمْ وَسِعَتْ / بَيْضاءُ جُبَّتِهِ شَتَّى قَضاياها
أَوْ كاهِنُ الأَزَلِ الحالي بِشَيْبَتِهِ / قَبَّالُ تَوْبَتِها ماحِي خَطاياها
أَمَّا سُلَيْمى فَما زاغَتْ وَلا عَثَرَتْ / فَالْحُبُّ وَالطُّهْرُ يُمْنَاها وَيُسْراها
مَنْ كانَتْ الكُورَةُ الخَضْراءُ مَنْبِتَهُ / فَلَيْسَ يُنْبِتُ إِلاَّ المَجْدَ وَالجاها
تَعَلَّقَتْهُ طَرِيراً ، كالهِلال على / غُصْنٍ منَ البانِ مَاضِي العَزْمِ، تَيَّاها
نَمَتْهُ لِلْشَّرَفِ الأَسْمَى عُمُومَتُها / وَنَشَّأَتْهُ على ما كانَ جَدَّاها
أَحَبَّها وأَحَبَّتهُ وَعاهَدَها / أنْ لا يُظلِّلَهُ في الحُبِّ إِلاَّها
فَيَبْنِيا في ظلاِلِ الأرزِ وَكْرَهُما / وَيجْرَعا من كؤُوس الحُبِّ أَشْهاها
وَرَاحَ يَقْرَعُ بابَ الرِّزْقِ مُشْتَمِلاً / بِعَزْمَةٍ سَنَّها عِلْمٌ وَأمْضَاها
حتَّى انْثَنى وَعلى أَجْفانِهِ بَلَلٌ / وَدَّ الإِباءُ له لَوْ كانَ أَعْماها
بَكى فؤادٌ لِسلمى والبِلادِ معاً / وأَنْفُسٍ رَضِيَتْ في الذُّلِّ مَثْواها
فَحَمَّلَ المَوجَ منْ أشجانِهِ حُمَماً / وشَدَّ يَضْرِبُ أُولاها بأُخْراها
وقال واليأْسُ يمْشي في جَوارِحِهِ / دِيارُ سُلْمَى عَلى رُغْمٍ هَجَرْناها
خمسٌ مِنَ السَّنَواتِ السُّودِ لا رجِعَتْ / صَبَّتْ عَلى رأسِ لُبْنانٍ بَلاياها
وَحُبُّ سُلْمَى ورِيقٌ مِثْلُ أوّلِهِ / سَقَتْهُ منْ ذِكْرياتِ الأَمْسِ أَنْداها
تَمْضي لِواجبِها حتى إِذا انْصَرَفَتْ / فَلَيْسَ يَشْغَلُها إِلاَّ فُؤَاداها
سَلْمَى أَرَى الشَّمْسَ في خَدَّيْكِ ضاحِكَةً / وكُنْتِ كالغَيْمَةِ المَقْطُوبِ جَفْناها
أَنَفْحَةٌ من فُؤَادٍ؟ كِدْتُ أَقرَأُها / فَفي عُيُونِكِ مَبْنَاها وَمَعْنَاها
أَمْ سَوْرَةٌ مِنْ عِتَابٍ؟ أَيُّ فاجِئَةٍ / في لَحْظَةٍ صَبَغَ الخَدَّيْنِ لَونَاها
قُولي فَلَيسَ سِوى الخُلْجَانِ تَسْمَعُنا / وَرَقْرِقيها سُلافاً فَوقَ حَصْبَاها
قُلْ لِلْحَبيبِ إذا طَابَ البِعادُ لَهُ / وَنَقَّلَ النَّفْسَ مِنْ سُلْمَى لِلَيْلاها
وَاسْتأْسَرَتْهُ وَإخْوَاناً له سَبَقوا / مَظَاهِرٌ مِنْ رَخاءٍ ما عَرَفْنَاها
إِنَّا إِذَا ضَيَّعَ الأوْطَانَ فِتْيَتُها / واسْتَوثَقُوا بِسِوَاها ما أَضَعْنَاها
حَسْبُ البُنُوَّةِ إِنْ ضَاق الرِّجالُ بِها / أَنَّ الَّتي أَرْضَعَتْها المَجْدَ أُنْثَاها
لُبْنَانُ ما لِفِراخِ النَّسْرِ جائِعَةً / وَالأَرْضُ أَرْضُكَ أَعْلاها وَأَدْناها
أَلِلْغَرِيبِ اخْتِيالٌ في مَسَارِحِها / وَلِلْقَريبِ انْزِواءُ في زَواياها؟
مَنْ ظَنَّ أَنَّ الرَّياحينَ الَّتي سُقِيَتْ / دُمُوعَنا الحُمْرَ قَدْ ضَنَّتْ برَيَّاها
كأَنَّ ما غَرَسَ الآباءُ مِنْ ثَمَرٍ / لِغَيْرِ أبنائِهمْ قَدْ طابَ مَجْنَاها
ومَا بَنَوْهُ على الأَحقابِ منْ أُطُمٍ / لِغَيْرِ أَبْنائِهم قَدْ حَلَّ سُكْناها؟
لا ، لَمْ أَجِدْ لَكَ في البُلْدانِ من شَبَهٍ / ولا لِناسِكَ بَيْنَ النَّاسِ أشْباها
لوْ مَسَّ غَيْرَكَ هَذا الذُّلُّ من أسَدٍ / لَعَضَّ جِبْهَتَهُ سَيْفٌ وحَنَّاها
يا عاقد الحاجبين على الجبين اللجين
يا عاقد الحاجبين على الجبين اللجين / إن كنت تقصد قتلي قتلتني مرتين
ماذا يريبك مني وما هممت بشين / أصُفرةٌ في جبيني أم رعشة في اليدين
تَمر قفز غزالٍ بين الرصيف وبيني / وما نصبت شباكي ولا أذنت لعيني
تبدو كأنك لم تراني وملء عينك عيني / ومثل فعلك فعلي ويلي من الأحمقين
مولاي لم تبق مني حياً سوى رمقين / صبرت حتى براني وجدي وقرب حيني
ستحرم الشعر مني وهذا ليس بهين / أخاف أن تدعو القوافي عليك في المشرقين
وحسود لا يعطمُ الغمضَ عينيهِ
وحسود لا يعطمُ الغمضَ عينيهِ / كأنَ الكرى عليه حرام
يلطم الوجه حين يهتف باسمي / فكأنيفي عنقه آثام
ألتقيه بمهجة تذرف الحب / ووجه يحلو له الابتسام
مهجةٌ كالرياض يغمرُها النورُ / ويرتدُّ عن سماها الظلام
وترَ الشعرِ فيك ما ابتكرَ الله / نسيمٌ وجدولٌ تمتامُ
كم تهادى على رفارفك الخضر / وغنى الشباب والأحلامُ
سل عن قديم هوايض هذا الوادي
سل عن قديم هوايض هذا الوادي / هل كان يخفق فيه غير فؤادي
عهد الطفولةفي الهوى كم ليلة / مرت لنا ذهبية الأبرادِ
إذ نحن أهونُ أن نحرِّك ساكناً / في حاسد أو غلّةً في صادِ
تتضاحك الزهر النجوم لأدمُعي / في جيدها فإخالها حسادي
وأكاد أمتشق الغصون تشفيا / لتهامس الأوراق في الأعواد
غرّانِ نمرحُ في الهوى وفنونِهِ / وعلى خدودِ الوردِ والأجيادِ
ونُحِسُّ بالبين المشِتِّ فلا نرى / غير العناق على النوى من زاد
نتخاطف القبلَ الصباح كصبيةٍ / يتخاطفون هدية الأعياد
متواثبينِ كطائرَينِ تشابَكا / وتضاربَ المنقاد بالمنقادِ
أنا مذ أتيت النهر آخرَ ليلةٍ / كانت لنا ذكرتُهُ إنشادي
وسألتهُ عن ضفتيهِ الم يزل / لي فيهما أرجوحتي ووسادي
فبكى لي النهرُ الحنونُ توجعا / لما رأى هذا الشحوب البادي
ورأى مكان الفاحماتِ بمفرِقي / تلك البقيّةَ من جذىً ورمادِ
تلك العشية ما تزايل خاطري / في سفح دمر والضفاف هوادي
شفافة اللمحات نيرةُ الرُؤى / ريا الهوى أزَليَة الميلاد
أبدا يطوف خيالها بنواظري / فأحِلُّهُ بين الكرى وسهادي
وأهُمُ أرشُفُ مقلتيهِ وثغرَهُ / فيغوصُ في أفقٍ من الأبعاد
إيه خيال الماني طيب الكرى / أيتاح لي رجعي مع الورّادِ
لي في قرار الكاس بعد بقيةٌ / سمحت بها الآلمُ للعوّادِ
حنّت لها خُصرُ الدوالي رقَّقً / وبكى لها جفنُ النسيم النادي
هي كنهُ إحساسي وروحُ قصائدي / ومطافُ أحلامي وركنُ ودادي
للشعرُ منطلقَ الجوانحِ هائماً / بين السواقي الخضر والأوراد
متخيراً منهنَّ ما أبتكر الضحى / من لؤلؤٍ غب السحابِ الغادي
أندى على جفنٍ يساوِرهُ الأسى / وأخفُّ من مرحِ الهزارش الشادي
بردى هلِ الخلدُ الذي وعدوا به / إلاكَ بين شوادنٍ وشوادي
قالوا تحبُّ الشام قلتُ جوانِحي / مقصوصةٌ فيها وقلتُ فؤادي