القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أحمد زكي أبو شادي الكل
المجموع : 224
قَبَّلَ الأرض وناجاها هُياما
قَبَّلَ الأرض وناجاها هُياما / كشريدٍ عاد من منفى فَهاما
هام بالأم التي قد عقَّها / في ضلالٍ وغرورٍ وتعامى
وبكى مثل يتيم ضائع / لم يزل يذكر بؤسا وسقاما
ضل في الأوهام قبلا خاسرا / فتهاوى حين ظنَّوه تسامى
قال يا أمي كفاني أنني / لك أحيا ثم أفنى مُستهاما
أي روح غير روح منك لي / أو وجود غير معنى فيك داما
كل ما في الكون لا يشغلني / ولئن كان شباكا تترامى
عالم المجهولِ لم أغنمِ به / غيرَ أحلام أضَّلتني دواما
حينما عندك آيات كفت / نشوة العقل فتونا وُمداما
أنتِ بنت الشمس فهي جدَّةٌ / وكذا كنا شعاعا وضراما
ان عبدنا النور لم نأثم فما / كان غير الله نورا وسلاما
أو رجعت اليوم عبدا صاغرا / أتلقَّى عنك علما واحتكاما
فالأماني كلها في فسحة / لك أن ضاقت فما ضاقت نظاما
جَنَّتيِ أنت فان ضيعتها / حَّق أن أغدو في الذل حُطاما
واذا راعيتها في يقظة / لم تنم أصبحتُ للخلد لزاما
فاحتفت بي الأرض ثم ابتسمت / عن ربيع فاض بشرا وغراما
لم يُحصر الفن فن ذهن وانان
لم يُحصر الفن فن ذهن وانان / حتى يمجد شعري فوق حسباني
لكن هو النبل صنو الحب مذ خلقا / وكم يجسَّم احساناً باحسان
ومن أكون لأحظى من محبتكم / بما يجدد وجداني وايماني
وما يضاعف في عمري ويسعفه / بكل حلم يُغِّذى روح فنان
دنيا من الشعر نحيا في قصائدها / وما تحدب منها غير عنوان
جازت روائعها الأكوان وازدحمت / في كل شيء وجازت كل امكان
من شاء مُتعتها لم يَثنه تعبٌ / ومن تبرّم عاش الآسف العاني
كأنني من نداكم صرت مالكها / وصرت كانزها في طى وجداني
نوابغَ الأدب الوَّضاء في وطنٍ / أغلى معانيه تحريرُ لانسان
وافي الربيع بكم عطرا وأغنيةً / وساحرا ينتشي منه الجديدان
يُسدي الأيادي لا من ولا عددٌ / مثل الملَّك في جاهٍ وسلطان
لم يسأم الخلقُ جدواه مُرَّددة / أو عيده وهو عند اليوم عيدان
أقصى أمانيَّ أن أحيا شذَى وسنىً / بعد الحياة اذا التذكار أحياني
والان جُدُتم على نفسي بما عشقت / كأن عمري بعد اليوم عمران
من أي نبعٍ رحيقُ الشكر أنهله / نخباً لكم حين أسقيه بألحاني
وكيف أجزِي شعوراً لا كفاء له / واستقُّل بتعبيري وميزاني
من يبذلُ الحب لا يُجزي عوارفه / إلاّ صدىً في حنايا قلبه ألحاني
أكرم بكم من أساةٍ في عواطفهم / ومن حماةٍ لآداب وعرفان
خَفُّوا سراعاً لتكريمي كأنَّ بهم / يوم المرؤةِ ثأراً عند أحزاني
تركت مصر وقلبي لوعةٌ ولظىً / لِجنَّةٍ ضُيِّعت في نومَ جنَّان
عاث اليرابيعُ فيها وهو في شغل / عنها بأضغاث أحلام وبهتان
أذا أفاق تعالت صيحةٌ كذبت / فلم تُعقَّب بمجهودٍ ليقظان
بذلت عمري لأرعاها واوقظه / فكان سُقمي وتعذيبي وحرماني
فدىً لها لو أباحت كل ما ملكت / نفسي وما وهبت في حبها الجاني
تركتها وبودّي غير ما حكمت / به المقاديرَ في أشجانِ لهفان
وقلت عَّلى على بُعدٍ أشارفها / وأنفخُ الصورَ إن فاتته نيراني
في بيئةٍ تُنزل الأحياء منزلهم / ولا تحاول تخليدا لأكفان
فلم يخيب رجائي في نوازعها / ولم تكن هجرتي من مصر هجراني
هل يعلم الهدسن المحبوبُ ما شغفي / بُحسنه وكأن النيل نيلان
وما غرامي بُشعطان يغازلها / تصَّوفت فوق أحلام لشطآن
وكيف يجتمع الشَّو قَان في وطنٍ / أَسلاَ العديدين أشواقا لأوطان
وفي محبتكم غنيان ذى أدب / وفي مآثركم أضعاف غُنياني
قد أدرك الخلق حين الغيثُ جانبهم / وبَّر بي حين اصفى الأهل جافاني
شفت مرائيه أوصابي كرؤيتكم / وحين ناجيته عن مصر ناجاني
لم أحى في قُربه روحاً ولا بدنا / بل فكرةً فوق أرواحٍ وأبدان
اثنانُ خلَّدت الدنيا لأجلهما / الحب والنبُّل مذ كانا بإنسان
قد طوّقاني بدينٍ من فضائلكم / وان توارت وان باهت بديواني
وليس فيه سوى أصداء عاطفة / ذبيحةٍ بين آلام وأشجان
أنسيتُ مُوجعّ أتراحي وقد غمرت / تلك الألوف الضحايا نارُ شيطان
ياليت لي حَظَّ حكَّامس فانقذهم / فالموتُ والذل للأحرار سيان
واهاً لهم في الصحارى لاغذاءَ لهم / ولا كساء سوى الفاظ مَنَّان
كأنهم في الضنى والسقم بحصدهم / مُحاصرين زرافاتٍ لجرذان
أين البساتين كانوا زَينَ نضرتَها / أين الضياع بكت في دمع غُدران
ضاعت وضاعوا بلا ذنبٍ لأمَّتهم / وأصبحوا عبراً تُروى لأزمان
فإن بخلنا ببعض البرّ يسعفهم / فأي معنىً وعيناهُ لأديان
وما التشُّدقُ بالأوطان نخذلها / وما الوفاء تجَّلى شرَّ كفران
شكرا لكم سادتي شكراً فقدوتكم / كالشمس تطلع إلهاما لحيران
إن تكرموني فقد أنصفتمو أمماً / عانت وضَّحت وما زالت بأرسان
فُكُّوا القيود وأحيوها بحكمتكم / وجنبوها عباداتٍ لأوثان
لا خير في الشعر تطريب وتطريةً / ومحضَ زهوٍ بألحانٍ وألوان
وما الخلود لفن لا تسُود به / روحُ الجمال دنايا العالم الفاني
من دمعة الشعب ومن كدّه
من دمعة الشعب ومن كدّه / ومن دم الأمة في نَردِهِ
مُملَّك الحدِّ على صفوَها / ياليتها تملك من حدّه
كم يجعل الدينَ حبالاته / ليخنقَ المصلح في مهده
قد عضَّها النحسُ وما عضَّه / إلا فَمٌ يرشف في وَجدهِ
يُمرِغُ الأمَّةَ في رجسه / ويسرق الأمةّ في رِفده
عانت به وبأشابه / في قربه الجاني وفي بُعده
منتفخاً يمزح مستغرَقاً / في اللهوِ كالصائد في صيده
كالكركدنّ الذي يزدهى / في قبحهِ يُسخرُ من قدّه
لم تعطه غانيةٌ قبلةً / إلاّ كمن تهزأُ من رُشدهِ
أو بادلته نكتةً حلوةً / إلاّ ومغزاها مدى نقده
حَتَّامَ يا قومُ ضلالاتكم / تُمكِّنُ الفاجرَ من قصده
كنَّا نرجِّيه مثالَ الهدى / فأصبح الغاشم في حقده
كنَّا نُغنيه أغاني العلى / فأصبحَ المبدلَ من حَمدِهِ
كنا نُفديه بارواحنا / في روحه العالي وفي زهده
ما باله أضحى فتىَ ماجناً / الشاردَ الخادعَ في وعده
حَتامَ يستهزئُ من مجدكم / حتَّامَ والخِسَّةُ من مَجدِه
حَتَّام يسترسلِ في غِّيهِ / حتَّام والسوقةُ من جُنده
حتام أعلامُكم له صاغرٌ / حتام بل أهونُ من عبده
أعقلكم دون دفينِ الثرى / لو يعقل الميت في لحدهِ
ماذا أصابك أيها البستاني
ماذا أصابك أيها البستاني / وذويك ما هذا الجموحُ الجاني
الأنَّ أهلكَ أورثوك نسيتَ ما / وهبوا وما ابتدعوا من الاحسان
لا خيرَ في الانسانِ من ميراثه / الا الدمُ المحَيبه للانسان
ضَيَّعتَ غَرساً صوحَّت أفنانُه / وَشغلتَ بين مهازلٍ وغواني
الليلُ ينفقُ في القمار وفي الزنى / رجسان ماثورانِ للشيطان
ومن الفراش شكا النهارُ تُذيلهُ / وكأنه نَجسٌ من العبدان
تتضاءل الحسناتث منك وتمحى / في حين جمسك بعدها جسمان
ماذا دَهَى الأملَ العريضَ فطالما / أوحى لنا والآن لطمةٌ عانِ
كنا نرى ذاك الشباب ملاذَنا / مُذ خاننا الجبناءُ لا الحدثان
كنا نثشيد به وُنزجى حُبَّنا / سَمحاً إليه فشال في الميزان
كنا نرى الوجه الصبيحَ كأنه / رمزٌ لكل تطلع روحاني
ونصيخ للعذب الحديث كأنه / تفسيرُ أحكامٍ من القرآن
كنا حواليه نطوف بفرحةٍ / مترّنمين بأعذب الايمان
ماذا دَهَى هذى الغوالي كلَّها / وشخُوصها ما زلن في وجداني
ماذا أصابك أيُّها البساتي / وذويك ما هذا الجموحُ الجاني
كنا نزفُ إِليك أحلام العلى / والآن ليس سوى الرثاءِ يُداني
ما بالكم صرتم زبانيةً وقد / كنتم ملائكة ورُسلَ حنان
أُهوَ الخضوعُ الى الدخيل وَكم له / جولاتُ خَدّاعٍ لكسب رهان
الأجنبيث مسيطرٌ في بيتكم / ومبيحُ عرضكمو لكل لسان
مزقٌ بحيث يُعُّد اى مُدافع / عنه قرينَ سفاهةٍ وهوانِ
حين الورودُ تناثرت وتعثَّرت / في شوكها القدمانِ والعينان
هذا انتحارٌ لو دَريتض فهلُ ترى / تدري أم استسلمتَ للبهتان
هيهاتَ يُفلح فاسقٌ مستهترٌ / أو يستقُّل بعزةٍ ومكان
ما زلتُ أخلصكَ النصيحة فاتعظ / وتحاشَ من خُّروا الى الأذقان
فإذا أَبيتَ فأنت آخرُ هادمٍ / ويظل ذكرك عبرةَ الأزمان
واذا انتصحتَ ملكتَ عمراً ثانياً / وَغدوتَ في الأحياءِ أعقلَ بان
هيهاتَ ينفعكَ التمُّلق والرقىَ / وجميعُ ما يوحى جنونُ أناني
مهلاً ومهلاً أيها البستاني / ارجعِ لغرسكَ أيها البستاني
حلمت ولم أعلم أحلمىَ يقظةٌ
حلمت ولم أعلم أحلمىَ يقظةٌ / لروحيَ أم مالاح أضغاثُ أحلامِ
ولم أستطع تفسيره من تجاربي / ولا من مناجاتي لشهبٍ وأجرام
حلمت كأني في مجاهل غابة / مخاطرها خلفي وفوقي وقدامى
وكل أماني أن شوكاً أدوسه / وليس بصلٍ أو مخالبَ ضرغام
وليس حيالي غير نبت مُمرد / يردّد صيحات الوحوش لأوهامي
وغير خيالاتٍ وأشباح جنَّهِ / موسوسةٍ حتى تَعَّثر إقدامي
وقد أطبقَ الجو الثقيل كأنه / يحاول خنقي في تقننّ اجرام
يطل دمى الشوك العضوض مخاتلا / ويمسكه خوفي ويأسي وإحجامي
وهذي جموع للقرود صراخها / ينافس صرخات الرياح لإيلامي
وفي وحشتي فوجئت غير مؤمَّلٍ / بمسحة نور بدّدت كل إِظلامي
لعل ولىّ الله شربل قائدي / يطيب ما حولى وجسمي والهامي
تخيلته يمضى أمامي مباركا / فتنتفضُ الآياتُ من برهِ الهامي
فألفيت دُنيا غير غابٍ خشيته / مُرنقَّةً بالنور وِالعطر للظامي
تُغرد فيها الراقصات ملائكٌ / وفي كل ركن مُوحيات لأفهام
وأسرارها شتى ولكن تشرّبت / خوالجها أنداءُ عُشبٍ وآكامِ
تَضاحَك فيها الحسنُ وانجابَ شاعراً / خطيباً وكان النبعِ سمفوُن أنغام
وصار حنانُ الجو ينعش مهجتي / ويرعى تعلاتي رعاية أيتام
فقلت ولى الله سُّركض مُنقذي / فشكراً ولىَّ الله تعداد أيامي
وهل لك أن تُسدى لأمتى الهدى / وتنقذها من بؤسها الغامر الطامي
لأوثر هذا عن بقائَي سالما / وأهلي وأوطاني بضيمٍ وإعدام
فقال حرام أنَّ مثلك كادحا / يُضام ويُجزَى التيه ما بين ألغام
وأما بلاد تعبدُ العجل فاسقاً / فيركلها ركلاً مرارا بإحكام
وتنعم بالتضليلِ حتى كأنما / هَو أنٌ لها أن لا تعيش كأنعام
فما طاقتي أو عدل ربى وإن سما / لِيرَقىُ بها يوماً إلى عرشه السامي
أتاني كتاب الصديق العزيز
أتاني كتاب الصديق العزيز / عزيزاً كصاحبه المعلمِ
وليس التواضع إلا اعتزازاً / كما هبط اللحن للملهمِ
تنزه عن نزوةٍ للغرور / تَنُّزهَ باسمةِ الأنجم
وأشرق اخلاصُه بالحبورِ / حُبوري الذي صاغه عن فمي
فيا نعمةُ الحاج هذا وفائي / وفاؤك أحفظه في دمي
أبادلك الحب والعيدُ زاهٍ / ألسنا الى نوره ننتمى
وأقدر ما صُغتهُ للجمال / قرابينَ تسبح بالمغرم
ويُصغي إليها الآلهُ الطروب / فَيجبلها الروح في الآدمى
ما اسكندرُ اليازجُّي اليوم أعرفه
ما اسكندرُ اليازجُّي اليوم أعرفه / الا ثمالة كاسٍ لست أحسوها
من غيب الشاعر الخنذيذ عن أملي / وأى فاتنةٍ قد خصَّه فوها
ما كدت أعرف ألطافاً تَمثَّلها / حتىّ تغيبَّ واستبقاه هاووها
وعلني أنا أولى من يحف به / بحبه وبآىٍ منه أتلوها
فلا رسائل تُحييني ينمقها / ولا مجالس تشدوني وأشدوها
كأنه حُلمُ الجنات فارقنِي / فبنتُ عنها كسيفَ البال مشدوها
هل رجعةٌ لرؤىً كنا نُغازلها / وكنتَ تنفحها عَرفا وتغذوها
وهل لكأسك أن تبدو لنا ألقاً / من الشموس فتغنينا ونرجوها
وسائلةٍ هل تقرض الشعر فطرةً
وسائلةٍ هل تقرض الشعر فطرةً / فقلتُ أجل لكن بدمعي ونيراني
سواءٌ بمحراب الطبيعة لحنه / وفي هيكل الحب المطهر وجداني
وفي مَهمهِ الأرضِ الحزينةِ راثياً / بنى الأرضِ اذ أرثى وجودي وانساني
تَفَّجرَ من قلبي جداول لوعة / دماً يتلطى في أناشيد فرسان
عفاءً عليه ان أبحتُ له الردى / حِبالَةَ زهوٍ أو مطيةَ طغيان
ولم أدّخره للسموّ بأمتي / وآصرتي بل للسمو بإيماني
عفاء عليه إن يكن محض متعة / ومسرح أوهام ومعر ألحان
ولم يرتفع بالناس بل مبدعاً لهم / عوالمَ من خير وحب واحسان
فيا كافرا بالنبل في الكون ساخرا / من الحق ليس الكفر مجداً لفنان
سألهب في منفاى خيرَ شواعر / اذا كنتَ في مغناك غُصَّةَ لهفان
سأحتمل المرّ العذابَ خصاصةً / وَمقتاً وتجريحا لإنصاف أوطاني
فإن عشتُ فليؤخذ دم الحق من دمي / حبيرة ميثاق وَصلبان رهبان
وإن مُّت فالقلب الذي أنا تارك / بشعري سيحيا نابضا نبض بركان
ولا بد للطاغوت من وهدةٍ له / ولا بد للجانين من مصرع الجاني
إلى ابن حبيب من ثنائي أَجَّله
إلى ابن حبيب من ثنائي أَجَّله / ومن كل مالي ما يقل ولا يفي
ويا طالما أسدى الى دَماثةً / ولطفا وعلما بالفرائد مُسعفى
وكم مرةٍ ألفيته مثل ناسك / تغَّذى بانجيلٍ ولاذَ بمصحف
وقد عَّبقَ التبغُ الفضاءَ بحجرةٍ / يكاد بها يخفى دخانا ويختفى
تطالعني منها عقولٌ كثيرةٌ / وأحلامُ أجيالٍ وثروات أحرفٍ
وكم من عيونٍ شاخصاتٍ كأنني / عليلٌ يواسَى من هُداها ويشتفى
تعرفن طبي أن أعيشَ بقربها / ويا ليتني والناس عنها بمعزف
وكم مُدنفٍ بالوصل يُشفى منعما / ومثلى برغم الوصل أشوق مُدنَفِ
ويشرف توفيق عليها كأنها / عيال له تأبى سواه كمشرف
وكل يراعيه كطفل مدلل / عزيزٍ تُناغيه رؤى المتصوِّف
وما زال من يسدى العطايا كأنه / خليفةُ رب العالمين مُسر في
اذا قلت عفوا راح يغمرني غنىً / ويأمرني قهراً وراح معنفى
وبين إساءاتي رعايةُ ماله / وبين ضلالاتي دوام تعطفي
أَحمَّل اسفاراً وفي الحشر قسمتي / كتاب يميني لا صحائف ملحف
تَلهَّفُ نفسي أن أحوز أقلها / فأزجرها وهو المبيحُ تلهفي
وينعي علىَّ الكبحَ أضعافَ غضبتيِ / عليها ولا يرضى بغير تطرفي
يقول جميع الكتب ملكك ان تشأ / وكم من صديق بينها لم يُعَّرفِ
لعلك تجلوها الى الناس قادراً / مَفاتِنَ لم تخطر ببال مؤلف
وأنظر للأسفار وهي بواسمٌ / يُحيرني فيما أروم وأصطفى
وصاحبها الجذلان يرقب حيرتي / ويأبي كهارون الرشيد تخوفي
فنهبٌ مباحٌ كل كنزٍ حياله / وما حظه إلاّ رضى المتفلسف
تضخم دَينيِ وهو بالدَّين ساخرٌ / يهون منه وهو باللطفُ متلقى
إذا زادني براً رزحتُ ببره / كأني على الحالين أشقى بمنصفي
فهل يقبل التخفيفَ من عبء فضله / بما أنا مُزجيه الى حبه الوفي
وياما أقَّل المال رمزَ عواطفٍ / ويا ما أَجَّل الحب في كل موقف
عمرٌ ينقضي برشد وغىَّ
عمرٌ ينقضي برشد وغىَّ / وحياةٌ تشربت كلَّ حيّ
يا أخي أنت بعضُ نفسي فرفقا / لا نحاول إرهاق قلبي الأبى
أو تلمني على وفائي للحق / وذوِدي عن الغبين الشقي
ذا كياني وذا شعوري فما لي / حيلة في شعور قلبي الوفى
لم أكن من يغادر النيل لولا / ه طريداً وان اكن كالنبي
باكيا عزة الكنانة هانت / وتوارت كفنها العبقري
آسياً عانياً وقد حرّم الخل / ق عليه السلام في كل شئ
ألجموه وقيدوه وراحوا / يعلنون الفكاك أفظع غَىِّ
ربما كان لائمي من أفدي / ه بروحي كما أفدى بَنييّ
من تغربتُ كي أدوى بما ير / جو وقاسيت في كفاحي العتىّ
ترجمانا له وحيناً دليلاً / وحميما في بؤسه الأزلى
أقبل الرجمَ راضياً وهو يشكو / ني كأني غريم شعب غبيّ
فاته لاهياً جهودى وآلامي / دفاعاً عن حقه المنسى
وغدا سانداص نكاية حُسادى / وباغٍ بدا بثوب الولىّ
أنَّ طعنَ الحميمِ أقصى وأنكى / من شمات المضلل الجاهلي
وجحود الذي تخص به الحبَّ / لأمضى من كل داء عيى
سنوات خمس تكاد بها تم / ضى أماني المعذَّب المنفىّ
إن أكن قد ظفرت ف يجوى الطل / قِ بعمرٍ مجَّددِ ألمعىّ
ففؤادىِ مازال يبكى على قو / مي كحال اليهو والمبكىّ
لينا مثلهم وقد أصبحوا السا / دةَ في الدار والغنى السرمدىّ
حينما نحن يرشق الحرّمنا / يده عابثا بكل فرىّ
إن هَدمَ الأهرامِ أهونُ عُقبى / من زوال التضامن الوطني
يعزّ علي أن ألفىَ المعزى
يعزّ علي أن ألفىَ المعزى / أديباً ملءُ برديه الرجاءُ
وملءُ جَنابِه نورٌ أصيلٌ / كأنَّ هُداه ما وَعتِ السماءُ
أيحسنُ للحيياة وللبرايا / فيخذلُ أو يعذبُ أو يُساء
ومن أين التاسىّ في المآسي / ودنيانا يعُّج بها الشقاء
ونخترع السعادة في إباءٍ / لعزّتنا فلا يُجدى الإباء
عبيدٌ نحسبُ الأسياد منا / وفيمَ الوهمَ أو فيمَ الرياء
وليس سوى المقادر حاكماتٌ / تُراوغنا فيخدعنا الدهاء
لأمرٍ حارت الألبابُ فيه / وجود العالمين أو الفناء
تساوى كل ما نلقى ونرجو / كما وعت الشكولَ الكهرباءُ
ففي طى البقاء لنا فناءٌ / وفي طىّ الفناءِ لنا بقاء
على رغم المصاب أبا رجاءٍ / تصبر حينما الصبرُ الفداء
لئن غرق الشهيد فنحن غرقى / أشُّد ولا رجاءُ ولا نجاء
رَف الربيعُ على الشتاءِ الماحل
رَف الربيعُ على الشتاءِ الماحل / ورقدتَ أنت صريع هذا الساحل
اصغرتَ آلافَ الفراسخ جائزا / هذا العباب كعابر لجداول
وقدمتَ تُزجيك المحبة والوفا / هَزِجاً تدوس على عديد حوائل
أنَّى ترحَّل أو أقام فَحوله / زُمَرٌ تَحَّدثُ عن نهىً وشمائلِ
متهللاً معنى الشباب رواوءه / وخلاله كحديثه المتفائل
تتفيأُ الألبابُ في آدابه / وكأنَّها من أنسه بخمائل
ماذا دهاك وأنتَ زينةُ مجلسٍ / ورجاءُ أحبابِ ونفحةُ بابل
حتى سكنت الى الممات وطالما / قد كنت تهزأ بالممات الهازل
كنتَ الرياضيَّ العفيفَ مُساجلاً / فسقطت من غدر المصاب الهائل
كنت المثقف والأديب حياتهُ / هبةُ الفنونِ لأمةٍ ومحافل
وذهبت لا هذى الدموع سخينة / تكفى لتبيان العذاب الجائل
كلا ولا الأديان فيما فسرت / لتجيب عن ظُلم القضاءِ الخاذل
أو حيرةُ المتبادلين عزاءهم / لتحَّد من ذُعر الحزين الذاهل
جاء الممات من الحياة وقبله / جاء الوجود من الفناء الشامل
صور تضل لها العقول وربما / أغنى الغبُّى عن الحصيف العاقل
والعمرُ كيف العمر حظّ مقامرٍ / والحُّق كيف الحُّق أفظع باطل
ضيعتُ فلسفتي مراراً صاغرا / ووأدتُ تعزيتي أمام القاتل
إن كان إعزازُ الكمال فناءَه / فالحمقُ ان نحيا حياة الكامل
ونرى السوائم راتعين بنعمةٍ / ونرى المواهب في الحضيض السافل
ونرى الصباحَةَ والقسامَةَ في الثرى / ونرى الحقارة في أعزّ منازل
يا من عَددتُكَ في صميم جوارحي / ولدى ومن زودتُ منه فضائلي
فيمَ الرثاءُ وذاك عُرسكُ قادمٌ / أيصير عرسك لحن قلب الثاكل
كنا نهيئ مسعدين شرابه / فسقى الردى نخب الشباب الآفل
إن كان هذا عدل دنيا حرةٍ / بئسَ الجزاء من القضاء العادل
الأربعونَ صَدىَ فؤادي الدامي
الأربعونَ صَدىَ فؤادي الدامي / تمضى ولا تمضى بها آلامي
فِيمَ التجُّلدُ كالخُضابِ للمَّةٍ / نصلت وفيم السَّلم دون سلامِ
نفسي على حربٍ وبُعدُكَ كارثى / وعواطفي ثكلى عليك دوامى
ليست حروبُ الدهر في أَجرامه / أقسى وأفظعَ من عميقِ كلاَمى
في كل يوم بل بكل هنيهةٍ / هذا خيالك ما يزال أمامي
قلبي يحادُثه وأسمعُ صوَته / أدباً تَّنزهَ عن أذىً وخصام
مستغرقا فيما يقول كراهبٍ / مستغرقٍ بنوافح الإلهام
وجرت بلاغتهُ بحلو تسلسلٍ / كتسلسلِ الغدَران بالأنغامِ
وَحَوت وداعتهُ الترفع مثلما / حوت المرؤة عزّةَ المتسامى
يُدلى برائعة المعاني للنُّهى / وكأنَّها نَخبُ الشرابِ لظامى
إلاّ نُهاىَ فما يُبُّل ظَماؤه / وتردني الأحزانُ عن أوهامى
قد كنتَ لي مثلَ الجمال بما وَعَى / من فطنةٍ وعواطفٍ ومرامى
وُسمِّو أخلاقٍ وصحةِ بنيةٍ / عَّزت على الأرواح والأجسام
قد كنتَ لى الأملَ الجديد بحاضري / وبمقبلي فتبددت أعوامى
وحسبتُ في كف القضاء سعادي / فإذا الشقاء لديه فضلُ زمامي
يا للمصاب وقد تقَّنعَ ساخرا / بالحب والأمل العريض النامى
متظاهراً في الأصدقاء فَغَّرنا / هذا الشمولُ لبسمةِ الأّيام
حتى دُهِينا ذاهلينَ بخطبنا / في كل ما صُنَّاه من أحلام
وكأنّما تلك المواهبُ لم تكن / وكأنما الإنصاف جِدُّ حرِام
هذا طوافي حول قبركَ خاشعاً / أبكى كأنَّ الدمعَ من إحرامي
وأسيرُ فوق ثَرَاكَ لا مترفقاً / ورعاً فحسبُ بل الشهيدَ الدامى
أمشى كأنَّ جواهراً مبثوثةً / هذا الثرى فيردّني إقدامى
يا عقلُ لا تفكر فذاك ضلالةٌ / واخسأ وياعينَ الحبيب تَعامى
هذى عدالة عاَلمٍ مُتبجحٍ / بالشرّ بل عدل الآله السامى
هذا مآلُ الألمعية والهدَى / والنبلِ تحت جنادلٍ ورغام
هذى هي العقبىَ لأحلام الصبىَ / ونهايةُ الايمانِ والأحلام
كنا نُهيئُ كيف شئتَ معالماً / للعرس فانقلبت شهودَ حِمامِ
فلمت تركت الفاقديك تفجعوا / وهم الرجالُ عليك كالأيتامِ
لهفى بُنَّى وأنتَ بين نوابتٍ / نجمت عواطفَ لوعةٍ وغرام
رفَّت على ريح الغروب حزينةً / وتلهفت بمرارةٍ وأوام
ما كان أجدرَ منك بين جُموعنا / حّياً وأبعد منك عن نُّوامِ
غَدرَت بك الدنيا كأنَّك لم تكن / كنزاً لها بشبابهِ المقدام
أو أن لُطفك ما أمدَّ جمالها / بجماله وحنانه البسَّامِ
يا تاركي في لَوعةٍ لم يشفها / جَلدِى ولم يذهب بها إسلامي
دعني أزورك شاكياً ومُسائلاً / بل لاجئاص من لوعتي وضراميِ
على وعلك في التحادثِ نرتضى / بعضَ العزاءِ وأستقيه مُدامي
أي الحوادث جندلتك بِختلهَا / فُقتلتَ قتلَ الزهرِ في الأكمام
أي المظالم فرّقتك عن التي / قَدستَ للآباد لا الأعوام
أى الفواجع جُمِّعت في ليلةٍ / ظلماءَ قادتنا لدهر ظلام
حتى تنفستَ السموم مُسالما / ففقدتَ حين فقدُت كَّل سلامى
سأعيش ذكراك الحَّب وكلُّنا / ذاك المحُّب على مدى أيامى
وأجئ زائركَ الوفَّى كأنني / لم افتقدكَ ولم يكن إلمامي
على بحبي واندماجي أشتفى / بعضَ الشفاءِ ويهتدى لوَّامى
وأنالُ ثأرى من زمانٍ فاجرٍ / فَلذَاك أكرمُ لي من استسلامي
أنا الجنين وهذى الأرض من قدمٍ
أنا الجنين وهذى الأرض من قدمٍ / أميّ وكم لفظت عدَّ البلايينِ
وما استوى من بنيها عير شرذمةٍ / كانوا النبيين أو شبهَ النبيينِ
ويوم ميلاديَ المرقوبُ موعدهُ / يومٌ يتمّ به فنىّ وتدويني
لا يولد المرءُ إلاّ حيثما يَنعت / آثارهُ مثل نُوَّار البساتينِ
ودون ذلك لا عيشٌ له أبداً / وإن تسربل بالأخلاق والدين
عُمريَ بآثارىَ الزهراء إن نضجت / وكُّل ذِكَرٍ سواها ليس يُغنيني
ويومُ إحسانها يومٌ أُعُّد به / حياً ولدت لتخليدٍ وتمكين
ما الجسم شئ وما للفرد من قيمٍ / وإنما هي أحلامُ المجانينِ
وليس إلاّ تراث العقل م أزلٍ / حىٍ وما قد عَدَاه في القرابين
قالوا تصبر قد يتوب الغادرُ
قالوا تصبر قد يتوب الغادرُ / قبل الحسابِ وقد يحجّ الفاجرُ
عجباً أينسىِ الغافلينَ هو أنهمُ / عما جَنتهُ ضغائنٌ وصغائرُ
ايقامر المتسامحون بفكرهم / ان جاز أن يهب الثراءَ مقامر
أيخادعون مخادعاً إحسانُه / عبثٌ وأسخفُ ما حكاه مهاتُر
من مَّرغ الأدب اللبابَ جنونُه / وعلى يديه غدا الخرابُ العامرُ
وتحجرَ الشعرُ الكريم بنظمه / فشكت أذاهُ مَقاولٌ ومشاعر
سَرقَ الروائعَ من مفاخرِ غيره / وأماتهَّن ولا يزال يفاخر
ما خفَّفَ الإثمَ الكبير سوابق / حاكى مقابحها وراح يكابر
رُزءٌ تكَّررَ فالسفاهُة ملكها / إرثٌ على السفهاء وَقفٌ دائر
شقيت بهم مصرُ الأسيفهُ حقبةً / طالت وكلُ بالغرور يجاهر
من كل أرعن مالهُ أو كيدهُ / سيفٌ على الأحرار صَلتٌ باتر
حتى أتى البطل الأشمّ كأنّه / تُّل الخرائبِ جَفَّ فيه النَّاضرُ
فَرضَ الضريبةَ للسلامة من أذَّى / سُوَرَ التملق والتملقُ آسرُ
فتكاثر الغلمان حول سريره / مترنمين كما يشاء الساحر
ومرتلين له الخشوع كأنّه / في كل شعوذةِ إمامٌ نادر
وهو الممثل كم يسئ ويشتكى / أنَّ المساء هو النبيلُ الطَّاهر
جيلٌ من الأدباء ضُحىَ نَفعهُ / كيما تُعبَّقَ بالنفاق مجامر
تَخذَ السفيهُ من التبجح حُجَّةَ / للعبقريةِ وهو لاهٍ ساخر
وَجنىَ كما يجني الوباءُ على الحجى / وعلى التفوّقِ سُمُّهُ المتطايرُ
سَدَّ الطريقَ على مدى إبداهم / فالفُّن قبلهمو الفقيرُ الخاسرُ
جَعلَ السياسةَ سُلَّماً لصعوده / ولكم تصاعد بالسياسة عاثر
مَن ذا يعوّضهم وماذا يَرتَجىِ / إن غُيبوا يومَ الرثاءِ الشاعر
بل أى تكفير لجانٍ كافر / إن راحَ يبكى أو تباكي الكافر
أسفى على وطني المذَال عَظيمهُ / يَشقىَ وينعمُ بالنفاق الصاغر
والمخلص الحر الغيور مآله / نفىٌ تنوع أو مماتٌ جائر
الظلم مهما زُينت الوانه / ظلمٌ وظلمُ الفكر عاتٍ عاهر
واذا تنكر للمواهب مُدَّعٍ / سفهاً وصفق للدعىِ القادرُ
وغدا التصُّنعُ فوقَ كل أصالةٍ / واِلغُّر دان له الأبُّى الثائر
وَتخاذَل الأدباءُ يوم تعاونٍ / ومشى علهيم فاجرٌ وُمغامر
فالعدل ظلمٌ والمهانةُ ربُمَّا / هينت بهم ولقد تُهان مقابِر
مرحبا بالمِنافسِ الفاتكان
مرحبا بالمِنافسِ الفاتكان / بالآله الجديد ذى الَهيلمانَ
مرحباً مرحباً لقد أعلن الحر / بَ على الفكرِ بل على الأديانِ
وأذلَّ الجباهض من تحت نعلي / ه وقد عدها من الديدان
بل تأذىَّ من أن يدنس نعلي / ه بها ياله شرَّ جَانِ
وكأنَّ الذي جناه عليها / من هوانٍ تشريُفها في الهوانِ
أيُّها الحاكمُ العتُّى ترَّفق / أنتَ تلهو بُجثَّةٍ للزمان
وتذيق الردى رعاياك قسرا / في جنونٍ يا للجنونِ الأناني
غمر العلمُ كلَّ عصرٍ تقضىَّ / بجديدش الثورات والطوفان
ما تبقَّى إلاّ معالم آثا / رٍ ولم ينقرض سوىَ كل فان
أي بعثٍ لما انتهى الناس منه / باندثار الدفين والدّفان
ما مضى فات غيرُ وحى نبيلٍ / من فنونٍ ومن نُهى الفنَّان
أين منه الأغلالُ تُلقىَ جزافا / فوق رأىٍ وفوق حُرٍ يُعاني
أيها الشرق كنت فَجراً صدوقا / للنبوَّاتِ والنُّهىَ والأمان
كيف أصبحت بالحروب وبالظل / م وبالرَّق وَصمةَ الإنسان
رّبما كنت عاجزاً عن جوابيِ / تتلظى في ضاحك النيران
غلاسائل نيرون شعبٍ ذليل / فهو أدرى بُمعجزِ الأزمان
هل كان قانون ابن سي
هل كان قانون ابن سي / نا غير قانون الحياه
نسختهُ أبحاثٌ واحدا / ثٌ وما نَسخت هُداه
وتظل ذكراه تدو / رُ على الخواطر والشفاه
فانعم به يا صاحبي ال / حلبي كنزاً للعفاه
واذخره مثل أشعةِ ال / شمس المنيرة للحياة
أخي حبيباً أيادٍ منك أحمدُها
أخي حبيباً أيادٍ منك أحمدُها / في ودِّكَ الجمّ أو في لطفك الغدِقِ
سألتَ عنيَ مشكوراً وما سألت / هذى الجموع التي من أجلها أرقَى
كم مجلسٍ لكَ أهواهث ويُسعدني / بما به من معاني النور والشَّفقِ
وأنشدُ الشعرَ نيراناً فتجعلها / مثلَ النميرِ اذا أصغيتَ في حَرقىِ
نضجت سناً وعقلاً مثلما نضجت / هذى الكواكبُ في وحىٍ وفي أَلقِ
ولم تزل في شبابٍ فوقَ أخيلتي / وَمعدنَ الأدبِ الوضَّاءِ والخلقِ
والناسُ صنفانِ مُسدٍ لا جزاء له / غيرُ العقوقِ ومُجدٍ مصَّ بالعلقِ
وآخرٌ تزَحمُ التفكيرَ خلقتهُ / تَزاحمَ الحسنِ والثيران في الطُّرقِ
كم ساعةٍ كنتُ إن أمضيتها طرباً / لديكَ عدتُ جديدَ الخلقِ في خلقىِ
ولن أفرّطَ في تجديد نَشوتَها / كما أضُّن بإيماني ومُعتنقيِ
يا أخي نعمة شكرتكَ نُعمَى
يا أخي نعمة شكرتكَ نُعمَى / تُسعد الموسرينَ والمعدَمينا
أخرستني الهمومث وهي ضوار / ناهشاتٍ قلباً وفياً طعينا
علمَ اللهُ لستُ أنساك عمري / كيف أنسى الضياءَ والياسمينا
كلما سَقسقت يراعتيَ الحرَّ / ى أرادَ الشقاءُ ألاّ تُبيناً
ليتني كنتُ في جواركَ صدَّا / حاً بما صُغتهُ هُدىَ الملهمينا
ليتني ليتني فإنِّى في الهمِّ / رفيقُ الآلامِ دَيناً ودينا
وبوسعي لو أنني غيرُ من ت / رفُ أن أرتقىِ المحلَّ الأمينا
لستُ أشكو وإن شكوُت لأرضىَ / في حياة الجبانِ موتاً مَهينا
لستُ أرضى سوى الكفاح شعاراً / بعدَ ما حُكِّمَ الزعانفُ فينا
نِعمَ غَبنىِ إن كان براً بقومي / من يعش للأنامِ عاشَ غبيناَ
اضحكي يا شمسُ وابكى يا سماء
اضحكي يا شمسُ وابكى يا سماء / إنَّ هذا العيدَ عيدُ الشَّهداء
لا أبالي أيَّ قُطرٍ حازهُم / إنّهم ملءُ أناشيدِ الرجاء
لا أُبالي أيَّ تاريخٍ حوى / ذِكرهُم فالَّذكرُ عنوانُ البقاء
لم تميزهمُ سوى أعمالِهم / أو يعِّرفهم سوى لون الفدَاء
ربَّ منهم مَن تردَّى بالأسى / كم ذبيحٍ لم يُضرَّج بالدماء
كم شجاع عاينَ الموت وقد / هابهَ الموتُ وشُّر الأشقياء
ليس من يحملُ قلباً كفُّه / مثلَ من يحملُ ذُلَّ الجبناء
وفتاة في رُبَى شيلى حَمت / بطلاً بل بطلينِ من فناء
لجآ واستعصما في قبوها / كدنانِ الخمرِ تزكو في الخفاء
والدٌ حُّر وطفلٌ رَضعا / في اختلافِ السنِّ تقدَيس الإباء
كافحا في طردهم أسبانيا / حينَ سادَ الليلُ واغتيلَ الضياء
حين صار العيشُ والموتُ معاً / عَدَماً لليائسين الضعفاء
فأتى الجندُ لبحثٍ عنهما / وهما في القبو رهنٌ للقضاء
لحظةٌ إن شاءَ ماتا إثرَها / أو أبىَ مَرَّت مُجوناً أو هُراء
قالت الحسناءُ هذا منزلي / لا ألبىّ فيه حُكمَ الغربَاء
أي زادْ شئتمو حُّل لكم / إن يكن عندي وليس الاعتداء
ما مفاتيحي سوى رمزي فما / أرتضى ذُلاًّ لمن بالسيف جاء
ان يكن معناى هذا ضائعاً / بينكم فهو بنفسي والوفاء
قُبِّحتَ أعمالكم من ظَنِّكم / أنَّ عُذر الحرب عذر اللؤماء
تستبيحون بيوتاً لم تكن / غير أقداس عفافِ ونقاء
وتدوسون رضىَ اصحابها / هل هُموُ رجسٌ وأنتم أتقياء
فاستشاط الضابطُ العاتي وأرغى / حانقاً كالذئبِ دوَّى بالعواء
استعُّدوا فاستعُّدوا زُمرةَ / عُوِّدت لذةَ قتل الأبرياء
صوبوا النار إليها في رضىَ / يرقبونَ الأمرَ كالرَّاجي العطاء
والفتاةُ الحرةُ الهيفاءُ تأبى / أىَّ عفوٍ أو خضوعِ أو رياء
نظرت نظرةَ جبارٍ عنيدٍ / تطعنُ البغىَ بسهمِ الكبرياء
فإذا بالضابطِ المغرورِ يبدو / عاجزاً عن أن يُثنِّى بالنِّداء
وأخيراً بعد لأىٍ قال بل / سوف تغدونَ أمامي كالشِّواء
سأحيلُ البيتَ ناراً ملؤها / ضحكاتٌ من روؤسِ الأغبياء
لا تظنىّ والألى تحمينهم / أنكم إلاّ هباءً في هَباء
سأريكم في حجيمٍ حولكم / غاية الغدرِ وعقبى السفهاء
فأبت إلاّ شموخا زاده / ثورةً واستضحكت مما أفاء
وأشارت نحو جمرٍ لاعبٍ / باللَّظى في الموقدِ الجمّ الذَكاء
ثم قالت لك هذا كلُّهُ / فاغتنمه محرِقاً أنَّى تشاء
إنّ حرقَ الجسمِ أمرٌ هينٌ / حين تنجو الروحُ من هذا البلاء
فتهاوى ذلك القاسي كمن / ناله العُّى وإن فات الحياء
ومضى والجندُ ما مدوا يداً / نحوها أو لفظوا لفظا أساء
بل مضوا كالخرسٍ لم يُعرف لهم / غرضٌ أو نكصوا كالبلهاء
دامت الحربُ طويلا وانتهت / كانتهاءِ الشهُّبِ في القفر العراء
ما درى الناسُ لماذا نشبت / واستمرت في دموعٍ ودماء
ولماذا فجأةً قد انتهت / فتساوت في ابتداءٍ وانتهاء
أيدومُ الناس في ضلاّتهم / وأَضُّل الناسِ كان الزعماء
ما تعادَوا مرةً عن سببٍ / لم يوفَّق فيه حُكمُ الحكماء
ما حقوقُ الشعبِ مهما أنكرَت / بالتي تُمحى إذا ما الشعب شاء
شَّب ذاك الطفلُ في أمتَّه / قائداً أنضجهُ طولُ البلاءَ
مرَّت الأحداثُ في سيرته / مِثلَ عصفِ الريحِ في أعلى الجوَاء
لم تُهَّدمهُ ولكن أشبعت / عَقلهُ فهماً وحزماً ومضاء
صار قُطباً تهتدى أمَّتهٌ / بهدَاه وصديقَ العلماء
وَبَنىَ تحديدَها من روحه / قبل صُلبٍ راسخٍ أو كهرباء
شَّع في تاريخها اشعاعَهُ / في نُهىَ جامعةٍ فيها أضاء
كان من أَسَّسها إيمانُهُ / برسالاتِ الهدَاةِ الأمُناء
هكذا الأبطال يحيا ذكرٌ هم / في سبيل الحقِّ مثلَ الأنبياء

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025