المجموع : 224
قَبَّلَ الأرض وناجاها هُياما
قَبَّلَ الأرض وناجاها هُياما / كشريدٍ عاد من منفى فَهاما
هام بالأم التي قد عقَّها / في ضلالٍ وغرورٍ وتعامى
وبكى مثل يتيم ضائع / لم يزل يذكر بؤسا وسقاما
ضل في الأوهام قبلا خاسرا / فتهاوى حين ظنَّوه تسامى
قال يا أمي كفاني أنني / لك أحيا ثم أفنى مُستهاما
أي روح غير روح منك لي / أو وجود غير معنى فيك داما
كل ما في الكون لا يشغلني / ولئن كان شباكا تترامى
عالم المجهولِ لم أغنمِ به / غيرَ أحلام أضَّلتني دواما
حينما عندك آيات كفت / نشوة العقل فتونا وُمداما
أنتِ بنت الشمس فهي جدَّةٌ / وكذا كنا شعاعا وضراما
ان عبدنا النور لم نأثم فما / كان غير الله نورا وسلاما
أو رجعت اليوم عبدا صاغرا / أتلقَّى عنك علما واحتكاما
فالأماني كلها في فسحة / لك أن ضاقت فما ضاقت نظاما
جَنَّتيِ أنت فان ضيعتها / حَّق أن أغدو في الذل حُطاما
واذا راعيتها في يقظة / لم تنم أصبحتُ للخلد لزاما
فاحتفت بي الأرض ثم ابتسمت / عن ربيع فاض بشرا وغراما
لم يُحصر الفن فن ذهن وانان
لم يُحصر الفن فن ذهن وانان / حتى يمجد شعري فوق حسباني
لكن هو النبل صنو الحب مذ خلقا / وكم يجسَّم احساناً باحسان
ومن أكون لأحظى من محبتكم / بما يجدد وجداني وايماني
وما يضاعف في عمري ويسعفه / بكل حلم يُغِّذى روح فنان
دنيا من الشعر نحيا في قصائدها / وما تحدب منها غير عنوان
جازت روائعها الأكوان وازدحمت / في كل شيء وجازت كل امكان
من شاء مُتعتها لم يَثنه تعبٌ / ومن تبرّم عاش الآسف العاني
كأنني من نداكم صرت مالكها / وصرت كانزها في طى وجداني
نوابغَ الأدب الوَّضاء في وطنٍ / أغلى معانيه تحريرُ لانسان
وافي الربيع بكم عطرا وأغنيةً / وساحرا ينتشي منه الجديدان
يُسدي الأيادي لا من ولا عددٌ / مثل الملَّك في جاهٍ وسلطان
لم يسأم الخلقُ جدواه مُرَّددة / أو عيده وهو عند اليوم عيدان
أقصى أمانيَّ أن أحيا شذَى وسنىً / بعد الحياة اذا التذكار أحياني
والان جُدُتم على نفسي بما عشقت / كأن عمري بعد اليوم عمران
من أي نبعٍ رحيقُ الشكر أنهله / نخباً لكم حين أسقيه بألحاني
وكيف أجزِي شعوراً لا كفاء له / واستقُّل بتعبيري وميزاني
من يبذلُ الحب لا يُجزي عوارفه / إلاّ صدىً في حنايا قلبه ألحاني
أكرم بكم من أساةٍ في عواطفهم / ومن حماةٍ لآداب وعرفان
خَفُّوا سراعاً لتكريمي كأنَّ بهم / يوم المرؤةِ ثأراً عند أحزاني
تركت مصر وقلبي لوعةٌ ولظىً / لِجنَّةٍ ضُيِّعت في نومَ جنَّان
عاث اليرابيعُ فيها وهو في شغل / عنها بأضغاث أحلام وبهتان
أذا أفاق تعالت صيحةٌ كذبت / فلم تُعقَّب بمجهودٍ ليقظان
بذلت عمري لأرعاها واوقظه / فكان سُقمي وتعذيبي وحرماني
فدىً لها لو أباحت كل ما ملكت / نفسي وما وهبت في حبها الجاني
تركتها وبودّي غير ما حكمت / به المقاديرَ في أشجانِ لهفان
وقلت عَّلى على بُعدٍ أشارفها / وأنفخُ الصورَ إن فاتته نيراني
في بيئةٍ تُنزل الأحياء منزلهم / ولا تحاول تخليدا لأكفان
فلم يخيب رجائي في نوازعها / ولم تكن هجرتي من مصر هجراني
هل يعلم الهدسن المحبوبُ ما شغفي / بُحسنه وكأن النيل نيلان
وما غرامي بُشعطان يغازلها / تصَّوفت فوق أحلام لشطآن
وكيف يجتمع الشَّو قَان في وطنٍ / أَسلاَ العديدين أشواقا لأوطان
وفي محبتكم غنيان ذى أدب / وفي مآثركم أضعاف غُنياني
قد أدرك الخلق حين الغيثُ جانبهم / وبَّر بي حين اصفى الأهل جافاني
شفت مرائيه أوصابي كرؤيتكم / وحين ناجيته عن مصر ناجاني
لم أحى في قُربه روحاً ولا بدنا / بل فكرةً فوق أرواحٍ وأبدان
اثنانُ خلَّدت الدنيا لأجلهما / الحب والنبُّل مذ كانا بإنسان
قد طوّقاني بدينٍ من فضائلكم / وان توارت وان باهت بديواني
وليس فيه سوى أصداء عاطفة / ذبيحةٍ بين آلام وأشجان
أنسيتُ مُوجعّ أتراحي وقد غمرت / تلك الألوف الضحايا نارُ شيطان
ياليت لي حَظَّ حكَّامس فانقذهم / فالموتُ والذل للأحرار سيان
واهاً لهم في الصحارى لاغذاءَ لهم / ولا كساء سوى الفاظ مَنَّان
كأنهم في الضنى والسقم بحصدهم / مُحاصرين زرافاتٍ لجرذان
أين البساتين كانوا زَينَ نضرتَها / أين الضياع بكت في دمع غُدران
ضاعت وضاعوا بلا ذنبٍ لأمَّتهم / وأصبحوا عبراً تُروى لأزمان
فإن بخلنا ببعض البرّ يسعفهم / فأي معنىً وعيناهُ لأديان
وما التشُّدقُ بالأوطان نخذلها / وما الوفاء تجَّلى شرَّ كفران
شكرا لكم سادتي شكراً فقدوتكم / كالشمس تطلع إلهاما لحيران
إن تكرموني فقد أنصفتمو أمماً / عانت وضَّحت وما زالت بأرسان
فُكُّوا القيود وأحيوها بحكمتكم / وجنبوها عباداتٍ لأوثان
لا خير في الشعر تطريب وتطريةً / ومحضَ زهوٍ بألحانٍ وألوان
وما الخلود لفن لا تسُود به / روحُ الجمال دنايا العالم الفاني
من دمعة الشعب ومن كدّه
من دمعة الشعب ومن كدّه / ومن دم الأمة في نَردِهِ
مُملَّك الحدِّ على صفوَها / ياليتها تملك من حدّه
كم يجعل الدينَ حبالاته / ليخنقَ المصلح في مهده
قد عضَّها النحسُ وما عضَّه / إلا فَمٌ يرشف في وَجدهِ
يُمرِغُ الأمَّةَ في رجسه / ويسرق الأمةّ في رِفده
عانت به وبأشابه / في قربه الجاني وفي بُعده
منتفخاً يمزح مستغرَقاً / في اللهوِ كالصائد في صيده
كالكركدنّ الذي يزدهى / في قبحهِ يُسخرُ من قدّه
لم تعطه غانيةٌ قبلةً / إلاّ كمن تهزأُ من رُشدهِ
أو بادلته نكتةً حلوةً / إلاّ ومغزاها مدى نقده
حَتَّامَ يا قومُ ضلالاتكم / تُمكِّنُ الفاجرَ من قصده
كنَّا نرجِّيه مثالَ الهدى / فأصبح الغاشم في حقده
كنَّا نُغنيه أغاني العلى / فأصبحَ المبدلَ من حَمدِهِ
كنا نُفديه بارواحنا / في روحه العالي وفي زهده
ما باله أضحى فتىَ ماجناً / الشاردَ الخادعَ في وعده
حَتامَ يستهزئُ من مجدكم / حتَّامَ والخِسَّةُ من مَجدِه
حَتَّام يسترسلِ في غِّيهِ / حتَّام والسوقةُ من جُنده
حتام أعلامُكم له صاغرٌ / حتام بل أهونُ من عبده
أعقلكم دون دفينِ الثرى / لو يعقل الميت في لحدهِ
ماذا أصابك أيها البستاني
ماذا أصابك أيها البستاني / وذويك ما هذا الجموحُ الجاني
الأنَّ أهلكَ أورثوك نسيتَ ما / وهبوا وما ابتدعوا من الاحسان
لا خيرَ في الانسانِ من ميراثه / الا الدمُ المحَيبه للانسان
ضَيَّعتَ غَرساً صوحَّت أفنانُه / وَشغلتَ بين مهازلٍ وغواني
الليلُ ينفقُ في القمار وفي الزنى / رجسان ماثورانِ للشيطان
ومن الفراش شكا النهارُ تُذيلهُ / وكأنه نَجسٌ من العبدان
تتضاءل الحسناتث منك وتمحى / في حين جمسك بعدها جسمان
ماذا دَهَى الأملَ العريضَ فطالما / أوحى لنا والآن لطمةٌ عانِ
كنا نرى ذاك الشباب ملاذَنا / مُذ خاننا الجبناءُ لا الحدثان
كنا نثشيد به وُنزجى حُبَّنا / سَمحاً إليه فشال في الميزان
كنا نرى الوجه الصبيحَ كأنه / رمزٌ لكل تطلع روحاني
ونصيخ للعذب الحديث كأنه / تفسيرُ أحكامٍ من القرآن
كنا حواليه نطوف بفرحةٍ / مترّنمين بأعذب الايمان
ماذا دَهَى هذى الغوالي كلَّها / وشخُوصها ما زلن في وجداني
ماذا أصابك أيُّها البساتي / وذويك ما هذا الجموحُ الجاني
كنا نزفُ إِليك أحلام العلى / والآن ليس سوى الرثاءِ يُداني
ما بالكم صرتم زبانيةً وقد / كنتم ملائكة ورُسلَ حنان
أُهوَ الخضوعُ الى الدخيل وَكم له / جولاتُ خَدّاعٍ لكسب رهان
الأجنبيث مسيطرٌ في بيتكم / ومبيحُ عرضكمو لكل لسان
مزقٌ بحيث يُعُّد اى مُدافع / عنه قرينَ سفاهةٍ وهوانِ
حين الورودُ تناثرت وتعثَّرت / في شوكها القدمانِ والعينان
هذا انتحارٌ لو دَريتض فهلُ ترى / تدري أم استسلمتَ للبهتان
هيهاتَ يُفلح فاسقٌ مستهترٌ / أو يستقُّل بعزةٍ ومكان
ما زلتُ أخلصكَ النصيحة فاتعظ / وتحاشَ من خُّروا الى الأذقان
فإذا أَبيتَ فأنت آخرُ هادمٍ / ويظل ذكرك عبرةَ الأزمان
واذا انتصحتَ ملكتَ عمراً ثانياً / وَغدوتَ في الأحياءِ أعقلَ بان
هيهاتَ ينفعكَ التمُّلق والرقىَ / وجميعُ ما يوحى جنونُ أناني
مهلاً ومهلاً أيها البستاني / ارجعِ لغرسكَ أيها البستاني
حلمت ولم أعلم أحلمىَ يقظةٌ
حلمت ولم أعلم أحلمىَ يقظةٌ / لروحيَ أم مالاح أضغاثُ أحلامِ
ولم أستطع تفسيره من تجاربي / ولا من مناجاتي لشهبٍ وأجرام
حلمت كأني في مجاهل غابة / مخاطرها خلفي وفوقي وقدامى
وكل أماني أن شوكاً أدوسه / وليس بصلٍ أو مخالبَ ضرغام
وليس حيالي غير نبت مُمرد / يردّد صيحات الوحوش لأوهامي
وغير خيالاتٍ وأشباح جنَّهِ / موسوسةٍ حتى تَعَّثر إقدامي
وقد أطبقَ الجو الثقيل كأنه / يحاول خنقي في تقننّ اجرام
يطل دمى الشوك العضوض مخاتلا / ويمسكه خوفي ويأسي وإحجامي
وهذي جموع للقرود صراخها / ينافس صرخات الرياح لإيلامي
وفي وحشتي فوجئت غير مؤمَّلٍ / بمسحة نور بدّدت كل إِظلامي
لعل ولىّ الله شربل قائدي / يطيب ما حولى وجسمي والهامي
تخيلته يمضى أمامي مباركا / فتنتفضُ الآياتُ من برهِ الهامي
فألفيت دُنيا غير غابٍ خشيته / مُرنقَّةً بالنور وِالعطر للظامي
تُغرد فيها الراقصات ملائكٌ / وفي كل ركن مُوحيات لأفهام
وأسرارها شتى ولكن تشرّبت / خوالجها أنداءُ عُشبٍ وآكامِ
تَضاحَك فيها الحسنُ وانجابَ شاعراً / خطيباً وكان النبعِ سمفوُن أنغام
وصار حنانُ الجو ينعش مهجتي / ويرعى تعلاتي رعاية أيتام
فقلت ولى الله سُّركض مُنقذي / فشكراً ولىَّ الله تعداد أيامي
وهل لك أن تُسدى لأمتى الهدى / وتنقذها من بؤسها الغامر الطامي
لأوثر هذا عن بقائَي سالما / وأهلي وأوطاني بضيمٍ وإعدام
فقال حرام أنَّ مثلك كادحا / يُضام ويُجزَى التيه ما بين ألغام
وأما بلاد تعبدُ العجل فاسقاً / فيركلها ركلاً مرارا بإحكام
وتنعم بالتضليلِ حتى كأنما / هَو أنٌ لها أن لا تعيش كأنعام
فما طاقتي أو عدل ربى وإن سما / لِيرَقىُ بها يوماً إلى عرشه السامي
أتاني كتاب الصديق العزيز
أتاني كتاب الصديق العزيز / عزيزاً كصاحبه المعلمِ
وليس التواضع إلا اعتزازاً / كما هبط اللحن للملهمِ
تنزه عن نزوةٍ للغرور / تَنُّزهَ باسمةِ الأنجم
وأشرق اخلاصُه بالحبورِ / حُبوري الذي صاغه عن فمي
فيا نعمةُ الحاج هذا وفائي / وفاؤك أحفظه في دمي
أبادلك الحب والعيدُ زاهٍ / ألسنا الى نوره ننتمى
وأقدر ما صُغتهُ للجمال / قرابينَ تسبح بالمغرم
ويُصغي إليها الآلهُ الطروب / فَيجبلها الروح في الآدمى
ما اسكندرُ اليازجُّي اليوم أعرفه
ما اسكندرُ اليازجُّي اليوم أعرفه / الا ثمالة كاسٍ لست أحسوها
من غيب الشاعر الخنذيذ عن أملي / وأى فاتنةٍ قد خصَّه فوها
ما كدت أعرف ألطافاً تَمثَّلها / حتىّ تغيبَّ واستبقاه هاووها
وعلني أنا أولى من يحف به / بحبه وبآىٍ منه أتلوها
فلا رسائل تُحييني ينمقها / ولا مجالس تشدوني وأشدوها
كأنه حُلمُ الجنات فارقنِي / فبنتُ عنها كسيفَ البال مشدوها
هل رجعةٌ لرؤىً كنا نُغازلها / وكنتَ تنفحها عَرفا وتغذوها
وهل لكأسك أن تبدو لنا ألقاً / من الشموس فتغنينا ونرجوها
وسائلةٍ هل تقرض الشعر فطرةً
وسائلةٍ هل تقرض الشعر فطرةً / فقلتُ أجل لكن بدمعي ونيراني
سواءٌ بمحراب الطبيعة لحنه / وفي هيكل الحب المطهر وجداني
وفي مَهمهِ الأرضِ الحزينةِ راثياً / بنى الأرضِ اذ أرثى وجودي وانساني
تَفَّجرَ من قلبي جداول لوعة / دماً يتلطى في أناشيد فرسان
عفاءً عليه ان أبحتُ له الردى / حِبالَةَ زهوٍ أو مطيةَ طغيان
ولم أدّخره للسموّ بأمتي / وآصرتي بل للسمو بإيماني
عفاء عليه إن يكن محض متعة / ومسرح أوهام ومعر ألحان
ولم يرتفع بالناس بل مبدعاً لهم / عوالمَ من خير وحب واحسان
فيا كافرا بالنبل في الكون ساخرا / من الحق ليس الكفر مجداً لفنان
سألهب في منفاى خيرَ شواعر / اذا كنتَ في مغناك غُصَّةَ لهفان
سأحتمل المرّ العذابَ خصاصةً / وَمقتاً وتجريحا لإنصاف أوطاني
فإن عشتُ فليؤخذ دم الحق من دمي / حبيرة ميثاق وَصلبان رهبان
وإن مُّت فالقلب الذي أنا تارك / بشعري سيحيا نابضا نبض بركان
ولا بد للطاغوت من وهدةٍ له / ولا بد للجانين من مصرع الجاني
إلى ابن حبيب من ثنائي أَجَّله
إلى ابن حبيب من ثنائي أَجَّله / ومن كل مالي ما يقل ولا يفي
ويا طالما أسدى الى دَماثةً / ولطفا وعلما بالفرائد مُسعفى
وكم مرةٍ ألفيته مثل ناسك / تغَّذى بانجيلٍ ولاذَ بمصحف
وقد عَّبقَ التبغُ الفضاءَ بحجرةٍ / يكاد بها يخفى دخانا ويختفى
تطالعني منها عقولٌ كثيرةٌ / وأحلامُ أجيالٍ وثروات أحرفٍ
وكم من عيونٍ شاخصاتٍ كأنني / عليلٌ يواسَى من هُداها ويشتفى
تعرفن طبي أن أعيشَ بقربها / ويا ليتني والناس عنها بمعزف
وكم مُدنفٍ بالوصل يُشفى منعما / ومثلى برغم الوصل أشوق مُدنَفِ
ويشرف توفيق عليها كأنها / عيال له تأبى سواه كمشرف
وكل يراعيه كطفل مدلل / عزيزٍ تُناغيه رؤى المتصوِّف
وما زال من يسدى العطايا كأنه / خليفةُ رب العالمين مُسر في
اذا قلت عفوا راح يغمرني غنىً / ويأمرني قهراً وراح معنفى
وبين إساءاتي رعايةُ ماله / وبين ضلالاتي دوام تعطفي
أَحمَّل اسفاراً وفي الحشر قسمتي / كتاب يميني لا صحائف ملحف
تَلهَّفُ نفسي أن أحوز أقلها / فأزجرها وهو المبيحُ تلهفي
وينعي علىَّ الكبحَ أضعافَ غضبتيِ / عليها ولا يرضى بغير تطرفي
يقول جميع الكتب ملكك ان تشأ / وكم من صديق بينها لم يُعَّرفِ
لعلك تجلوها الى الناس قادراً / مَفاتِنَ لم تخطر ببال مؤلف
وأنظر للأسفار وهي بواسمٌ / يُحيرني فيما أروم وأصطفى
وصاحبها الجذلان يرقب حيرتي / ويأبي كهارون الرشيد تخوفي
فنهبٌ مباحٌ كل كنزٍ حياله / وما حظه إلاّ رضى المتفلسف
تضخم دَينيِ وهو بالدَّين ساخرٌ / يهون منه وهو باللطفُ متلقى
إذا زادني براً رزحتُ ببره / كأني على الحالين أشقى بمنصفي
فهل يقبل التخفيفَ من عبء فضله / بما أنا مُزجيه الى حبه الوفي
وياما أقَّل المال رمزَ عواطفٍ / ويا ما أَجَّل الحب في كل موقف
عمرٌ ينقضي برشد وغىَّ
عمرٌ ينقضي برشد وغىَّ / وحياةٌ تشربت كلَّ حيّ
يا أخي أنت بعضُ نفسي فرفقا / لا نحاول إرهاق قلبي الأبى
أو تلمني على وفائي للحق / وذوِدي عن الغبين الشقي
ذا كياني وذا شعوري فما لي / حيلة في شعور قلبي الوفى
لم أكن من يغادر النيل لولا / ه طريداً وان اكن كالنبي
باكيا عزة الكنانة هانت / وتوارت كفنها العبقري
آسياً عانياً وقد حرّم الخل / ق عليه السلام في كل شئ
ألجموه وقيدوه وراحوا / يعلنون الفكاك أفظع غَىِّ
ربما كان لائمي من أفدي / ه بروحي كما أفدى بَنييّ
من تغربتُ كي أدوى بما ير / جو وقاسيت في كفاحي العتىّ
ترجمانا له وحيناً دليلاً / وحميما في بؤسه الأزلى
أقبل الرجمَ راضياً وهو يشكو / ني كأني غريم شعب غبيّ
فاته لاهياً جهودى وآلامي / دفاعاً عن حقه المنسى
وغدا سانداص نكاية حُسادى / وباغٍ بدا بثوب الولىّ
أنَّ طعنَ الحميمِ أقصى وأنكى / من شمات المضلل الجاهلي
وجحود الذي تخص به الحبَّ / لأمضى من كل داء عيى
سنوات خمس تكاد بها تم / ضى أماني المعذَّب المنفىّ
إن أكن قد ظفرت ف يجوى الطل / قِ بعمرٍ مجَّددِ ألمعىّ
ففؤادىِ مازال يبكى على قو / مي كحال اليهو والمبكىّ
لينا مثلهم وقد أصبحوا السا / دةَ في الدار والغنى السرمدىّ
حينما نحن يرشق الحرّمنا / يده عابثا بكل فرىّ
إن هَدمَ الأهرامِ أهونُ عُقبى / من زوال التضامن الوطني
يعزّ علي أن ألفىَ المعزى
يعزّ علي أن ألفىَ المعزى / أديباً ملءُ برديه الرجاءُ
وملءُ جَنابِه نورٌ أصيلٌ / كأنَّ هُداه ما وَعتِ السماءُ
أيحسنُ للحيياة وللبرايا / فيخذلُ أو يعذبُ أو يُساء
ومن أين التاسىّ في المآسي / ودنيانا يعُّج بها الشقاء
ونخترع السعادة في إباءٍ / لعزّتنا فلا يُجدى الإباء
عبيدٌ نحسبُ الأسياد منا / وفيمَ الوهمَ أو فيمَ الرياء
وليس سوى المقادر حاكماتٌ / تُراوغنا فيخدعنا الدهاء
لأمرٍ حارت الألبابُ فيه / وجود العالمين أو الفناء
تساوى كل ما نلقى ونرجو / كما وعت الشكولَ الكهرباءُ
ففي طى البقاء لنا فناءٌ / وفي طىّ الفناءِ لنا بقاء
على رغم المصاب أبا رجاءٍ / تصبر حينما الصبرُ الفداء
لئن غرق الشهيد فنحن غرقى / أشُّد ولا رجاءُ ولا نجاء
رَف الربيعُ على الشتاءِ الماحل
رَف الربيعُ على الشتاءِ الماحل / ورقدتَ أنت صريع هذا الساحل
اصغرتَ آلافَ الفراسخ جائزا / هذا العباب كعابر لجداول
وقدمتَ تُزجيك المحبة والوفا / هَزِجاً تدوس على عديد حوائل
أنَّى ترحَّل أو أقام فَحوله / زُمَرٌ تَحَّدثُ عن نهىً وشمائلِ
متهللاً معنى الشباب رواوءه / وخلاله كحديثه المتفائل
تتفيأُ الألبابُ في آدابه / وكأنَّها من أنسه بخمائل
ماذا دهاك وأنتَ زينةُ مجلسٍ / ورجاءُ أحبابِ ونفحةُ بابل
حتى سكنت الى الممات وطالما / قد كنت تهزأ بالممات الهازل
كنتَ الرياضيَّ العفيفَ مُساجلاً / فسقطت من غدر المصاب الهائل
كنت المثقف والأديب حياتهُ / هبةُ الفنونِ لأمةٍ ومحافل
وذهبت لا هذى الدموع سخينة / تكفى لتبيان العذاب الجائل
كلا ولا الأديان فيما فسرت / لتجيب عن ظُلم القضاءِ الخاذل
أو حيرةُ المتبادلين عزاءهم / لتحَّد من ذُعر الحزين الذاهل
جاء الممات من الحياة وقبله / جاء الوجود من الفناء الشامل
صور تضل لها العقول وربما / أغنى الغبُّى عن الحصيف العاقل
والعمرُ كيف العمر حظّ مقامرٍ / والحُّق كيف الحُّق أفظع باطل
ضيعتُ فلسفتي مراراً صاغرا / ووأدتُ تعزيتي أمام القاتل
إن كان إعزازُ الكمال فناءَه / فالحمقُ ان نحيا حياة الكامل
ونرى السوائم راتعين بنعمةٍ / ونرى المواهب في الحضيض السافل
ونرى الصباحَةَ والقسامَةَ في الثرى / ونرى الحقارة في أعزّ منازل
يا من عَددتُكَ في صميم جوارحي / ولدى ومن زودتُ منه فضائلي
فيمَ الرثاءُ وذاك عُرسكُ قادمٌ / أيصير عرسك لحن قلب الثاكل
كنا نهيئ مسعدين شرابه / فسقى الردى نخب الشباب الآفل
إن كان هذا عدل دنيا حرةٍ / بئسَ الجزاء من القضاء العادل
الأربعونَ صَدىَ فؤادي الدامي
الأربعونَ صَدىَ فؤادي الدامي / تمضى ولا تمضى بها آلامي
فِيمَ التجُّلدُ كالخُضابِ للمَّةٍ / نصلت وفيم السَّلم دون سلامِ
نفسي على حربٍ وبُعدُكَ كارثى / وعواطفي ثكلى عليك دوامى
ليست حروبُ الدهر في أَجرامه / أقسى وأفظعَ من عميقِ كلاَمى
في كل يوم بل بكل هنيهةٍ / هذا خيالك ما يزال أمامي
قلبي يحادُثه وأسمعُ صوَته / أدباً تَّنزهَ عن أذىً وخصام
مستغرقا فيما يقول كراهبٍ / مستغرقٍ بنوافح الإلهام
وجرت بلاغتهُ بحلو تسلسلٍ / كتسلسلِ الغدَران بالأنغامِ
وَحَوت وداعتهُ الترفع مثلما / حوت المرؤة عزّةَ المتسامى
يُدلى برائعة المعاني للنُّهى / وكأنَّها نَخبُ الشرابِ لظامى
إلاّ نُهاىَ فما يُبُّل ظَماؤه / وتردني الأحزانُ عن أوهامى
قد كنتَ لي مثلَ الجمال بما وَعَى / من فطنةٍ وعواطفٍ ومرامى
وُسمِّو أخلاقٍ وصحةِ بنيةٍ / عَّزت على الأرواح والأجسام
قد كنتَ لى الأملَ الجديد بحاضري / وبمقبلي فتبددت أعوامى
وحسبتُ في كف القضاء سعادي / فإذا الشقاء لديه فضلُ زمامي
يا للمصاب وقد تقَّنعَ ساخرا / بالحب والأمل العريض النامى
متظاهراً في الأصدقاء فَغَّرنا / هذا الشمولُ لبسمةِ الأّيام
حتى دُهِينا ذاهلينَ بخطبنا / في كل ما صُنَّاه من أحلام
وكأنّما تلك المواهبُ لم تكن / وكأنما الإنصاف جِدُّ حرِام
هذا طوافي حول قبركَ خاشعاً / أبكى كأنَّ الدمعَ من إحرامي
وأسيرُ فوق ثَرَاكَ لا مترفقاً / ورعاً فحسبُ بل الشهيدَ الدامى
أمشى كأنَّ جواهراً مبثوثةً / هذا الثرى فيردّني إقدامى
يا عقلُ لا تفكر فذاك ضلالةٌ / واخسأ وياعينَ الحبيب تَعامى
هذى عدالة عاَلمٍ مُتبجحٍ / بالشرّ بل عدل الآله السامى
هذا مآلُ الألمعية والهدَى / والنبلِ تحت جنادلٍ ورغام
هذى هي العقبىَ لأحلام الصبىَ / ونهايةُ الايمانِ والأحلام
كنا نُهيئُ كيف شئتَ معالماً / للعرس فانقلبت شهودَ حِمامِ
فلمت تركت الفاقديك تفجعوا / وهم الرجالُ عليك كالأيتامِ
لهفى بُنَّى وأنتَ بين نوابتٍ / نجمت عواطفَ لوعةٍ وغرام
رفَّت على ريح الغروب حزينةً / وتلهفت بمرارةٍ وأوام
ما كان أجدرَ منك بين جُموعنا / حّياً وأبعد منك عن نُّوامِ
غَدرَت بك الدنيا كأنَّك لم تكن / كنزاً لها بشبابهِ المقدام
أو أن لُطفك ما أمدَّ جمالها / بجماله وحنانه البسَّامِ
يا تاركي في لَوعةٍ لم يشفها / جَلدِى ولم يذهب بها إسلامي
دعني أزورك شاكياً ومُسائلاً / بل لاجئاص من لوعتي وضراميِ
على وعلك في التحادثِ نرتضى / بعضَ العزاءِ وأستقيه مُدامي
أي الحوادث جندلتك بِختلهَا / فُقتلتَ قتلَ الزهرِ في الأكمام
أي المظالم فرّقتك عن التي / قَدستَ للآباد لا الأعوام
أى الفواجع جُمِّعت في ليلةٍ / ظلماءَ قادتنا لدهر ظلام
حتى تنفستَ السموم مُسالما / ففقدتَ حين فقدُت كَّل سلامى
سأعيش ذكراك الحَّب وكلُّنا / ذاك المحُّب على مدى أيامى
وأجئ زائركَ الوفَّى كأنني / لم افتقدكَ ولم يكن إلمامي
على بحبي واندماجي أشتفى / بعضَ الشفاءِ ويهتدى لوَّامى
وأنالُ ثأرى من زمانٍ فاجرٍ / فَلذَاك أكرمُ لي من استسلامي
أنا الجنين وهذى الأرض من قدمٍ
أنا الجنين وهذى الأرض من قدمٍ / أميّ وكم لفظت عدَّ البلايينِ
وما استوى من بنيها عير شرذمةٍ / كانوا النبيين أو شبهَ النبيينِ
ويوم ميلاديَ المرقوبُ موعدهُ / يومٌ يتمّ به فنىّ وتدويني
لا يولد المرءُ إلاّ حيثما يَنعت / آثارهُ مثل نُوَّار البساتينِ
ودون ذلك لا عيشٌ له أبداً / وإن تسربل بالأخلاق والدين
عُمريَ بآثارىَ الزهراء إن نضجت / وكُّل ذِكَرٍ سواها ليس يُغنيني
ويومُ إحسانها يومٌ أُعُّد به / حياً ولدت لتخليدٍ وتمكين
ما الجسم شئ وما للفرد من قيمٍ / وإنما هي أحلامُ المجانينِ
وليس إلاّ تراث العقل م أزلٍ / حىٍ وما قد عَدَاه في القرابين
قالوا تصبر قد يتوب الغادرُ
قالوا تصبر قد يتوب الغادرُ / قبل الحسابِ وقد يحجّ الفاجرُ
عجباً أينسىِ الغافلينَ هو أنهمُ / عما جَنتهُ ضغائنٌ وصغائرُ
ايقامر المتسامحون بفكرهم / ان جاز أن يهب الثراءَ مقامر
أيخادعون مخادعاً إحسانُه / عبثٌ وأسخفُ ما حكاه مهاتُر
من مَّرغ الأدب اللبابَ جنونُه / وعلى يديه غدا الخرابُ العامرُ
وتحجرَ الشعرُ الكريم بنظمه / فشكت أذاهُ مَقاولٌ ومشاعر
سَرقَ الروائعَ من مفاخرِ غيره / وأماتهَّن ولا يزال يفاخر
ما خفَّفَ الإثمَ الكبير سوابق / حاكى مقابحها وراح يكابر
رُزءٌ تكَّررَ فالسفاهُة ملكها / إرثٌ على السفهاء وَقفٌ دائر
شقيت بهم مصرُ الأسيفهُ حقبةً / طالت وكلُ بالغرور يجاهر
من كل أرعن مالهُ أو كيدهُ / سيفٌ على الأحرار صَلتٌ باتر
حتى أتى البطل الأشمّ كأنّه / تُّل الخرائبِ جَفَّ فيه النَّاضرُ
فَرضَ الضريبةَ للسلامة من أذَّى / سُوَرَ التملق والتملقُ آسرُ
فتكاثر الغلمان حول سريره / مترنمين كما يشاء الساحر
ومرتلين له الخشوع كأنّه / في كل شعوذةِ إمامٌ نادر
وهو الممثل كم يسئ ويشتكى / أنَّ المساء هو النبيلُ الطَّاهر
جيلٌ من الأدباء ضُحىَ نَفعهُ / كيما تُعبَّقَ بالنفاق مجامر
تَخذَ السفيهُ من التبجح حُجَّةَ / للعبقريةِ وهو لاهٍ ساخر
وَجنىَ كما يجني الوباءُ على الحجى / وعلى التفوّقِ سُمُّهُ المتطايرُ
سَدَّ الطريقَ على مدى إبداهم / فالفُّن قبلهمو الفقيرُ الخاسرُ
جَعلَ السياسةَ سُلَّماً لصعوده / ولكم تصاعد بالسياسة عاثر
مَن ذا يعوّضهم وماذا يَرتَجىِ / إن غُيبوا يومَ الرثاءِ الشاعر
بل أى تكفير لجانٍ كافر / إن راحَ يبكى أو تباكي الكافر
أسفى على وطني المذَال عَظيمهُ / يَشقىَ وينعمُ بالنفاق الصاغر
والمخلص الحر الغيور مآله / نفىٌ تنوع أو مماتٌ جائر
الظلم مهما زُينت الوانه / ظلمٌ وظلمُ الفكر عاتٍ عاهر
واذا تنكر للمواهب مُدَّعٍ / سفهاً وصفق للدعىِ القادرُ
وغدا التصُّنعُ فوقَ كل أصالةٍ / واِلغُّر دان له الأبُّى الثائر
وَتخاذَل الأدباءُ يوم تعاونٍ / ومشى علهيم فاجرٌ وُمغامر
فالعدل ظلمٌ والمهانةُ ربُمَّا / هينت بهم ولقد تُهان مقابِر
مرحبا بالمِنافسِ الفاتكان
مرحبا بالمِنافسِ الفاتكان / بالآله الجديد ذى الَهيلمانَ
مرحباً مرحباً لقد أعلن الحر / بَ على الفكرِ بل على الأديانِ
وأذلَّ الجباهض من تحت نعلي / ه وقد عدها من الديدان
بل تأذىَّ من أن يدنس نعلي / ه بها ياله شرَّ جَانِ
وكأنَّ الذي جناه عليها / من هوانٍ تشريُفها في الهوانِ
أيُّها الحاكمُ العتُّى ترَّفق / أنتَ تلهو بُجثَّةٍ للزمان
وتذيق الردى رعاياك قسرا / في جنونٍ يا للجنونِ الأناني
غمر العلمُ كلَّ عصرٍ تقضىَّ / بجديدش الثورات والطوفان
ما تبقَّى إلاّ معالم آثا / رٍ ولم ينقرض سوىَ كل فان
أي بعثٍ لما انتهى الناس منه / باندثار الدفين والدّفان
ما مضى فات غيرُ وحى نبيلٍ / من فنونٍ ومن نُهى الفنَّان
أين منه الأغلالُ تُلقىَ جزافا / فوق رأىٍ وفوق حُرٍ يُعاني
أيها الشرق كنت فَجراً صدوقا / للنبوَّاتِ والنُّهىَ والأمان
كيف أصبحت بالحروب وبالظل / م وبالرَّق وَصمةَ الإنسان
رّبما كنت عاجزاً عن جوابيِ / تتلظى في ضاحك النيران
غلاسائل نيرون شعبٍ ذليل / فهو أدرى بُمعجزِ الأزمان
هل كان قانون ابن سي
هل كان قانون ابن سي / نا غير قانون الحياه
نسختهُ أبحاثٌ واحدا / ثٌ وما نَسخت هُداه
وتظل ذكراه تدو / رُ على الخواطر والشفاه
فانعم به يا صاحبي ال / حلبي كنزاً للعفاه
واذخره مثل أشعةِ ال / شمس المنيرة للحياة
أخي حبيباً أيادٍ منك أحمدُها
أخي حبيباً أيادٍ منك أحمدُها / في ودِّكَ الجمّ أو في لطفك الغدِقِ
سألتَ عنيَ مشكوراً وما سألت / هذى الجموع التي من أجلها أرقَى
كم مجلسٍ لكَ أهواهث ويُسعدني / بما به من معاني النور والشَّفقِ
وأنشدُ الشعرَ نيراناً فتجعلها / مثلَ النميرِ اذا أصغيتَ في حَرقىِ
نضجت سناً وعقلاً مثلما نضجت / هذى الكواكبُ في وحىٍ وفي أَلقِ
ولم تزل في شبابٍ فوقَ أخيلتي / وَمعدنَ الأدبِ الوضَّاءِ والخلقِ
والناسُ صنفانِ مُسدٍ لا جزاء له / غيرُ العقوقِ ومُجدٍ مصَّ بالعلقِ
وآخرٌ تزَحمُ التفكيرَ خلقتهُ / تَزاحمَ الحسنِ والثيران في الطُّرقِ
كم ساعةٍ كنتُ إن أمضيتها طرباً / لديكَ عدتُ جديدَ الخلقِ في خلقىِ
ولن أفرّطَ في تجديد نَشوتَها / كما أضُّن بإيماني ومُعتنقيِ
يا أخي نعمة شكرتكَ نُعمَى
يا أخي نعمة شكرتكَ نُعمَى / تُسعد الموسرينَ والمعدَمينا
أخرستني الهمومث وهي ضوار / ناهشاتٍ قلباً وفياً طعينا
علمَ اللهُ لستُ أنساك عمري / كيف أنسى الضياءَ والياسمينا
كلما سَقسقت يراعتيَ الحرَّ / ى أرادَ الشقاءُ ألاّ تُبيناً
ليتني كنتُ في جواركَ صدَّا / حاً بما صُغتهُ هُدىَ الملهمينا
ليتني ليتني فإنِّى في الهمِّ / رفيقُ الآلامِ دَيناً ودينا
وبوسعي لو أنني غيرُ من ت / رفُ أن أرتقىِ المحلَّ الأمينا
لستُ أشكو وإن شكوُت لأرضىَ / في حياة الجبانِ موتاً مَهينا
لستُ أرضى سوى الكفاح شعاراً / بعدَ ما حُكِّمَ الزعانفُ فينا
نِعمَ غَبنىِ إن كان براً بقومي / من يعش للأنامِ عاشَ غبيناَ
اضحكي يا شمسُ وابكى يا سماء
اضحكي يا شمسُ وابكى يا سماء / إنَّ هذا العيدَ عيدُ الشَّهداء
لا أبالي أيَّ قُطرٍ حازهُم / إنّهم ملءُ أناشيدِ الرجاء
لا أُبالي أيَّ تاريخٍ حوى / ذِكرهُم فالَّذكرُ عنوانُ البقاء
لم تميزهمُ سوى أعمالِهم / أو يعِّرفهم سوى لون الفدَاء
ربَّ منهم مَن تردَّى بالأسى / كم ذبيحٍ لم يُضرَّج بالدماء
كم شجاع عاينَ الموت وقد / هابهَ الموتُ وشُّر الأشقياء
ليس من يحملُ قلباً كفُّه / مثلَ من يحملُ ذُلَّ الجبناء
وفتاة في رُبَى شيلى حَمت / بطلاً بل بطلينِ من فناء
لجآ واستعصما في قبوها / كدنانِ الخمرِ تزكو في الخفاء
والدٌ حُّر وطفلٌ رَضعا / في اختلافِ السنِّ تقدَيس الإباء
كافحا في طردهم أسبانيا / حينَ سادَ الليلُ واغتيلَ الضياء
حين صار العيشُ والموتُ معاً / عَدَماً لليائسين الضعفاء
فأتى الجندُ لبحثٍ عنهما / وهما في القبو رهنٌ للقضاء
لحظةٌ إن شاءَ ماتا إثرَها / أو أبىَ مَرَّت مُجوناً أو هُراء
قالت الحسناءُ هذا منزلي / لا ألبىّ فيه حُكمَ الغربَاء
أي زادْ شئتمو حُّل لكم / إن يكن عندي وليس الاعتداء
ما مفاتيحي سوى رمزي فما / أرتضى ذُلاًّ لمن بالسيف جاء
ان يكن معناى هذا ضائعاً / بينكم فهو بنفسي والوفاء
قُبِّحتَ أعمالكم من ظَنِّكم / أنَّ عُذر الحرب عذر اللؤماء
تستبيحون بيوتاً لم تكن / غير أقداس عفافِ ونقاء
وتدوسون رضىَ اصحابها / هل هُموُ رجسٌ وأنتم أتقياء
فاستشاط الضابطُ العاتي وأرغى / حانقاً كالذئبِ دوَّى بالعواء
استعُّدوا فاستعُّدوا زُمرةَ / عُوِّدت لذةَ قتل الأبرياء
صوبوا النار إليها في رضىَ / يرقبونَ الأمرَ كالرَّاجي العطاء
والفتاةُ الحرةُ الهيفاءُ تأبى / أىَّ عفوٍ أو خضوعِ أو رياء
نظرت نظرةَ جبارٍ عنيدٍ / تطعنُ البغىَ بسهمِ الكبرياء
فإذا بالضابطِ المغرورِ يبدو / عاجزاً عن أن يُثنِّى بالنِّداء
وأخيراً بعد لأىٍ قال بل / سوف تغدونَ أمامي كالشِّواء
سأحيلُ البيتَ ناراً ملؤها / ضحكاتٌ من روؤسِ الأغبياء
لا تظنىّ والألى تحمينهم / أنكم إلاّ هباءً في هَباء
سأريكم في حجيمٍ حولكم / غاية الغدرِ وعقبى السفهاء
فأبت إلاّ شموخا زاده / ثورةً واستضحكت مما أفاء
وأشارت نحو جمرٍ لاعبٍ / باللَّظى في الموقدِ الجمّ الذَكاء
ثم قالت لك هذا كلُّهُ / فاغتنمه محرِقاً أنَّى تشاء
إنّ حرقَ الجسمِ أمرٌ هينٌ / حين تنجو الروحُ من هذا البلاء
فتهاوى ذلك القاسي كمن / ناله العُّى وإن فات الحياء
ومضى والجندُ ما مدوا يداً / نحوها أو لفظوا لفظا أساء
بل مضوا كالخرسٍ لم يُعرف لهم / غرضٌ أو نكصوا كالبلهاء
دامت الحربُ طويلا وانتهت / كانتهاءِ الشهُّبِ في القفر العراء
ما درى الناسُ لماذا نشبت / واستمرت في دموعٍ ودماء
ولماذا فجأةً قد انتهت / فتساوت في ابتداءٍ وانتهاء
أيدومُ الناس في ضلاّتهم / وأَضُّل الناسِ كان الزعماء
ما تعادَوا مرةً عن سببٍ / لم يوفَّق فيه حُكمُ الحكماء
ما حقوقُ الشعبِ مهما أنكرَت / بالتي تُمحى إذا ما الشعب شاء
شَّب ذاك الطفلُ في أمتَّه / قائداً أنضجهُ طولُ البلاءَ
مرَّت الأحداثُ في سيرته / مِثلَ عصفِ الريحِ في أعلى الجوَاء
لم تُهَّدمهُ ولكن أشبعت / عَقلهُ فهماً وحزماً ومضاء
صار قُطباً تهتدى أمَّتهٌ / بهدَاه وصديقَ العلماء
وَبَنىَ تحديدَها من روحه / قبل صُلبٍ راسخٍ أو كهرباء
شَّع في تاريخها اشعاعَهُ / في نُهىَ جامعةٍ فيها أضاء
كان من أَسَّسها إيمانُهُ / برسالاتِ الهدَاةِ الأمُناء
هكذا الأبطال يحيا ذكرٌ هم / في سبيل الحقِّ مثلَ الأنبياء