القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : البُحْتُري الكل
المجموع : 933
زَعَمَ الغُرابُ مُنَبِّئُ الأَنباءِ
زَعَمَ الغُرابُ مُنَبِّئُ الأَنباءِ / أَنَّ الأَحِبَّةَ آذَنوا بِتَناءِ
فَاِثلِج بِبَردِ الدَمعِ صَدراً واغِراً / وَجَوانِحاً مَسجورَةَ الرَمضاءِ
لا تَأمُرَنّي بِالعَزاءِ وَقَد تَرى / أَثَرَ الخَليطِ وَلاتَ حينَ عَزاءِ
قَصَرَ الفِراقُ عَنِ السُلُوِّ عَزيمَتي / وَأَطالَ في تِلكَ الرُسومِ بُكائي
زِدني اِشتِياقاً بِالمُدامِ وَغَنِّني / أَعزِز عَلَيَّ بِفُرقَةِ القُرَناءِ
فَلَعَلَّني أَلقى الرَدى فَيُريحُني / عَمّا قَليلٍ مِن جَوى البُرَحاءِ
أَخَذَت ظُهورُ الصالِحِيَّةِ زينَةً / عَجَباً مِنَ الصَفراءِ وَالحَمراءِ
نَسَجَ الرَبيعُ لِرَبعِها ديباجَةً / مِن جَوهَرِ الأَنوارِ بِالأَنواءِ
بَكَتِ السَماءُ بِها رَذاذَ دُموعِها / فَغَدَت تَبَسَّمُ عَن نُجومِ سَماءِ
في حُلَّةٍ خَضراءَ نَمنَمَ وَشيَها / حَوكُ الرَبيعِ وَحُلَّةٍ صَفراءِ
فَاِشرَب عَلى زَهرِ الرِياضِ يَشوبُهُ / زَهرُ الخُدودِ وَزَهرَةُ الصَهباءِ
مِن قَهوَةٍ تُنسي الهُمومَ وَتَبعَثُ ال / شَوقَ الَّذي قَد ضَلَّ في الأَحشاءِ
يُخفي الزُجاجَةَ لَونُها فَكَأَنَّها / في الكَفِّ قائِمَةٌ بِغَيرِ إِناءِ
وَلَها نَسيمٌ كَالرِياضِ تَنَفَّسَت / في أَوجُهِ الأَرواحِ وَالأَنداءِ
وَفَواقِعٌ مِثلُ الدُموعِ تَرَدَّدَت / في صَحنِ خَدِّ الكاعِبِ الحَسناءِ
يَسقيكَها رَشَأٌ يَكادُ يَرُدُّها / سَكرى بِفَترَةِ مُقلَةٍ حَوراءِ
يَسعى بِها وَبِمِثلِها مِن طَرفِهِ / عَوداً وَإِبداءً عَلى النُدَماءِ
ما لِلجَزيرَةِ وَالشَآمِ تَبَدَّلا / بِكَ يا اِبنَ يوسُفَ ظُلمَةً بِضِياءِ
نَضَبَ الفُراتُ وَكانَ بَحراً زاخِراً / وَاِسوَدَّ وَجهُ الرَقَّةِ البَيضاءِ
وَلَقَد تُرى بِأَبي سَعيدٍ مَرَّةً / مُلقى الرِحالِ وَمَوسِمَ الشُعَراءِ
إِذ قَيظُها مِثلُ الرَبيعِ وَلَيلُها / مِثلُ النَهارِ يُخالُ رَأدَ ضَحاءِ
رَحَلَ الأَميرُ مُحَمَّدٌ فَتَرَحَّلَت / عَنها غَضارَةُ هَذِهِ النَعماءِ
وَالدَهرُ ذو دُوَلٍ تَنَقَّلُ في الوَرى / أَيّامُهُنَّ تَنَقُّلَ الأَفياءِ
إِنَّ الأَميرَ مُحَمَّداً لَمُهَذَّبُ ال / أَفعالِ في السَرّاءِ وَالضَرّاءِ
مَلِكٌ إِذا غَشِيَ السُيوفَ بِوَجهِهِ / غَشِيَ الحِمامَ بِأَنفُسِ الأَعداءِ
قَسَمَت يَداهُ بِبَأسِهِ وَسَماحِهِ / في الناسِ قِسمَي شِدَّةٍ وَرَخاءِ
مُلِئَت قُلوبُ العالَمينَ بِفِعلِهِ ال / مَحمودِ مِن خَوفٍ لَهُ وَرَجاءِ
أَغنى جَماعَةَ طَيِّئٍ عَمّا اِبتَنَت / آباؤُها القُدَماءُ لِلأَبناءِ
فَإِذا هُمُ اِفتَخَروا بِهِ لَم يَبجَحوا / بِقَديمِ ما وَرِثوا مِنَ العَلياءِ
صَعِدوا جِبالاً مِن عُلاكَ كَأَنَّها / هَضَباتُ قُدسَ وَيَذبُلٍ وَحِراءِ
وَاِستَمطَروا في المَحلِ مِنكَ خَلائِقاً / أَصفى وَأَعذَبَ مِن زُلالِ الماءِ
وَضَمِنتَ ثَأرَ مُحَمَّدٍ لَهُمُ عَلى / كَلَبِ العِدى وَتَخاذُلِ الأَحياءِ
ما اِنفَكَّ سَيفُكَ غادِياً أَو رائِحاً / في حَصدِ هاماتٍ وَسَفكِ دِماءِ
حَتّى كَفَيتَهُمُ الَّذي اِستَكفَوكَ مِن / أَمرِ العِدى وَوَفَيتَ أَيَّ وَفاءِ
مازِلتَ تَقرَعُ بابَ بابَكَ بِالقَنا / وَتَزورُهُ في غارَةٍ شَعواءِ
حَتّى أَخَذتَ بِنَصلِ سَيفِكَ عَنوَةً / مِنهُ الَّذي أَعيا عَلى الخُلَفاءِ
أَخلَيتَ مِنهُ البَذَّ وَهيَ قَرارُهُ / وَنَصَبتَهُ عَلَماً بِسامُرّاءِ
لَم يُبقِ مِنهُ خَوفُ بَأسِكَ مَطعَماً / لِلطَيرِ في عَودٍ وَلا إِبداءِ
فَتَراهُ مُطَّرِداً عَلى أَعوادِهِ / مِثلَ اِطِّرادِ كَواكِبِ الجَوزاءِ
مُستَشرِفاً لِلشَمسِ مُنتَصِباً لَها / في أُخرَياتِ الجِذعِ كَالحِرباءِ
وَوَصَلتَ أَرضَ الرومِ وَصلَ كُثَيِّرٍ / أَطلالَ عَزَّةَ في لِوى تَيماءِ
في كُلِّ يَومٍ قَد نَتَجتَ مَنِيَّةً / لِحُماتِها مِن حَربِكَ العُشَراءِ
سَهَّلتَ مِنها وَعرَ كُلِّ حُزونَةٍ / وَمَلَأتَ مِنها عَرضَ كُلِّ فَضاءِ
بِالخَيلِ تَحمِلُ كُلَّ أَشعَثَ دارِعٍ / وَتُواصِلُ الإِدلاجَ بِالإِسراءِ
وَعَصائِبٍ يَتَهافَتونَ إِذا اِرتَمى / بِهِمُ الوَغى في غَمرَةِ الهَيجاءِ
مِثلَ اليَراعِ بَدَت لَهُ نارٌ وَقَد / لَفَّتهُ ظُلمَةُ لَيلَةٍ لَيلاءِ
يَمشونَ في زَغَفٍ كَأَنَّ مُتونَها / في كُلِّ مَعرَكَةٍ مُتونُ نِهاءِ
بيضٌ تَسيلُ عَلى الكُماةِ فُضولُها / سَيلَ السَرابِ بِقَفرَةٍ بَيداءِ
فَإِذا الأَسِنَّةُ خالَطَتها خِلتَها / فيها خَيالَ كَواكِبٍ في ماءِ
أَبناءُ مَوتٍ يَطرَحونَ نُفوسَهُم / تَحتَ المَنايا كُلَّ يَومِ لِقاءِ
في عارِضٍ يَدِقُ الرَدى أَلهَبتَهُ / بِصَواعِقِ العَزَماتِ وَالآراءِ
أَشلى عَلى مَنويلَ أَطرافَ القَنا / فَنَجا عَتيقَ عَتيقَةٍ جَرداءِ
وَلَوَ انَّهُ أَبطا لَهُنَّ هُنَيهَةً / لَصَدَرنَ عَنهُ وَهُنَّ غَيرُ ظِماءِ
فَلَئِن تَبَقّاهُ القَضاءُ لِوَقتِهِ / فَلَقَد عَمَمتَ جُنودَهُ بِفَناءِ
أَثكَلتَهُ أَشياعَهُ وَتَرَكتَهُ / لِلمَوتِ مُرتَقِباً صَباحَ مَساءِ
حَتّى لَوِ اِرتَشَفَ الحَديدَ أَذابَهُ / بِالوَقدِ مِن أَنفاسِهِ الصُعَداءِ
يا أَخا الأَزدِ ما حَفِظتَ الإِخاءَ
يا أَخا الأَزدِ ما حَفِظتَ الإِخاءَ / لِمُحِبٍّ وَلا رَعَيتَ الوَفاءَ
عَذَلاً يَترُكُ الحَنينَ أَنيناً / في هَوىً يَترُكُ الدُموعَ دِماءَ
لا تَلُمني عَلى البُكاءِ فَإِنّي / نِضوُ شَجوٍ ما لُمتُ فيهِ البُكاءَ
كَيفَ أَغدو مِنَ الصَبابَةِ خِلواً / بَعدَ ما راحَتِ الدِيارُ خَلاءَ
غِبَّ عَيشٍ بِها غَريرٍ وَكانَ ال / عَيشُ في عَهدِ تُبَّعٍ أَفياءَ
قِف بِها وَقفَةً تَرُدُّ عَلَيها / أَدمُعاً رَدَّها الجَوى أَنضاءَ
إِنَّ لِلبَينِ مِنَّةً ما تُؤَدّى / وَيَداً في تُماضِرٍ بَيضاءَ
حَجَبوها حَتّى بَدَت لِفِراقٍ / كانَ داءً لِعاشِقٍ وَدَواءَ
أَضحَكَ البَينُ يَومَ ذاكَ وَأَبكى / كُلَّ ذي صَبوَةٍ وَسَرَّ وَساءَ
فَجَعَلنا الوَداعَ فيهِ سَلاماً / وَجَعَلنا الفِراقَ فيهِ لِقاءَ
وَوَشَت بي إِلى الوُشاةِ دُموعُ ال / عَينِ حَتّى حَسِبتُها أَعداءَ
قُل لِداعي الغَمامِ لَبَّيكَ وَاِحلُل / عُقَلَ العيسِ كَي تُجيبَ الدُعاءَ
عارِضٌ مِن أَبي سَعيدٍ دَعانا / بِسَنا بَرقِهِ غَداةَ تَراءى
كَيفَ نُثني عَلى اِبنِ يوسُفَ لا كَي / فَ سَرى مَجدُهُ فَفاتَ الثَناءَ
جادَ حَتّى أَفنى السُؤالَ فَلَمّا / بادَ مِنّا السُؤالُ جادَ اِبتِداءَ
صامِتِيٌّ يَمُدُّ في كَرَمِ الفِع / لِ يَداً مِنهُ تَخلُفُ الأَنواءَ
فَهوَ يُعطي جَزلاً وَيُثنى عَلَيهِ / ثُمَّ يُعطي عَلى الثَناءِ جَزاءَ
نِعَمٌ أَعطَتِ العُفاةَ رِضاهُم / مِن لُهاها وَزادَتِ الشُعَراءَ
وَكَذاكَ السَحابُ لَيسَ يَعُمُّ ال / أَرضَ وَبلاً حَتّى يَعُمَّ السَماءَ
جَلَّ عَن مَذهَبِ المَديحِ فَقَد كا / دَ يَكونُ المَديحُ فيهِ هِجاءَ
وَجَرى جودُهُ رَسيلاً لِجودِ ال / غَيثِ مِن غايَةٍ فَجاءا سَواءَ
الهِزَبرُ الَّذي إِذا اِلتَفَّتِ الحَر / بُ بِهِ صَرَّفَ الرَدى كَيفَ شاءَ
تَتَدانى الآجالُ ضَرباً وَطَعناً / حينَ يَدنو فَيَشهَدُ الهَيجاءَ
سَل بِهِ إِن جَهِلتَ قَولي وَهَل يَج / هَلُ ذو الناظِرَينِ هَذا الضِياءَ
إِذ مَضى مُجلِباً يُقَعقِعُ في الدَر / بِ زَئيراً أَنسى الكِلابَ العُواءَ
حينَ حاضَت مِن خَوفِهِ رَبَّةُ الرو / مِ صَباحاً وَراسَلَتهُ مَساءَ
وَصُدورُ الجِيادِ في جانِبِ البَح / رِ فَلَولا الخَليجُ جُزنَ ضَحاءَ
ثُمَّ أَلقى صَليبَهُ المَلسَنيو / سُ وَوالى خَلفَ النَجاءِ النَجاءَ
لَم تُقَصِّر عُلاوَةُ الرُمحِ عَنهُ / قيدَ رُمحٍ وَلَم تَضَعهُ خَطاءَ
أَحسَنَ اللَهُ في ثَوابِكَ عَن ثَغ / رٍ مُضاعٍ أَحسَنتَ فيهِ البَلاءَ
كانَ مُستَضعَفاً فَعَزَّ وَمَحرو / ماً فَأَجدى وَمُظلِماً فَأَضاءَ
لَتَوَلَّيتَهُ فَكُنتَ لِأَهليـ / ـهِ غِنىً مُقنِعاً وَعَنهُم غَناءَ
لَم تَنَم عَن دُعائِهِم حينَ نادَوا / وَالقَنا قَد أَسالَ فيهِم قَناءَ
إِذ تَغَدّى العُلوجُ مِنهُم غُدُوّاً / فَتَعَشَّتهُمُ يَداكَ عِشاءَ
لَم تُسِغهُم بَرودُ جَيحانَ حَتّى / قَلَسوا في الرِماحِ ذاكَ الماءَ
وَكَأَنَّ النَفيرَ حَطَّ عَلَيهِم / مِنكَ نَجماً أَو صَخرَةً صَمّاءَ
لَم يَكُن جَمعُهُم عَلى المَوجِ إِلّا / زَبَداً طارَ عَن قَناكَ جُفاءَ
حينَ أَبدَت إِلَيكَ خَرشَنَةُ العُل / يا مِنَ الثَلجِ هامَةً شَمطاءَ
ما نَهاكَ الشِتاءُ عَنها وَفي صَد / رِكَ نارٌ لِلحِقدِ تُنهي الشِتاءَ
طالَعَتكَ الأَبناءُ مِن شُرَفِ الأَب / راجِ زُرقاً إِذ تَذبَحُ الآباءَ
بِتَّها وَالقُرانُ يَصدَعُ فيها ال / هَضبَ حَتّى كادَت تَكونُ حِراءَ
وَأَقَمتَ الصَلاةَ في مَعشَرٍ لا / يَعرِفونَ الصَلاةَ إِلّا مُكاءَ
في نَواحي بُرجانَ إِذ أَنكَروا التَك / بيرَ حَتّى تَوَهَّموهُ غِناءَ
حَيثُ لَم تورِدِ السُيوفَ عَلى خِم / سٍ وَلَم تُصدِرِ الرِماحَ ظِماءَ
يَتَعَثَّرنَ في النُحورِ وَفي الأَو / جُهِ سُكراً لَمّا شَرِبنَ الدِماءَ
وَأَزَرتَ الخُيولَ قَبرَ امرِئِ القَي / سِ سِراعاً فَعُدنَ مِنهُ بِطاءَ
وَجَلَبتَ الحِسانَ حُوّاً وَحوراً / آنِساتٍ حَتّى أَغَرتَ النِساءَ
لَم تَدَعكَ المَها الَّتي شَغَلَت جَي / شَكَ بِالسَوقِ أَن تَسوقَ الشاءَ
عَلِمَ الرومُ أَنَّ غَزوَكَ ما كا / نَ عِقاباً لَهُم وَلَكِن فَناءَ
بِسِباءٍ سَقاهُمُ البَينَ صِرفاً / وَبِقَتلٍ نَسَوا لَدَيهِ السِباءَ
يَومَ فَرَّقتَ مِن كَتائِبِ آرا / ئِكَ جُنداً لا يَأخُذونَ عَطاءَ
بَينَ ضَربٍ يُفلِّقُ الهامَ أَنصا / فاً وَطَعنٍ يُفَرِّجُ الغَمّاءَ
وَبِوُدِّ العَدُوِّ لَو تُضعِفُ الجَي / شَ عَلَيهِم وَتَصرِفُ الآراءَ
خَلَقَ اللَهُ يا مُحَمَّدُ أَخلا / قَكَ مَجداً في طَيِّئٍ وَسَناءَ
فَإِذا ما رِياحُ جودِكَ هَبَّت / صارَ قَولُ العُذّالِ فيها هَباءَ
أَمَواهِبٌ هاتيكَ أَم أَنواءُ
أَمَواهِبٌ هاتيكَ أَم أَنواءُ / هُطُلٌ وَأَخذٌ ذاكَ أَم إِعطاءُ
إِن دامَ ذا أَو بَعضُ ذا مِن فِعلِ ذا / فَنِيَ السَخاءُ فَلا يُحَسُّ سَخاءُ
لَيسَ الَّتي ضَلَّت تَميمٌ وَسطَها ال / دَهناءَ لا بَل صَدرُكَ الدَهناءُ
مَلِكٌ أَغَرُّ لِآلِ طَلحَةَ فَخرُهُ / كَفّاهُ أَرضٌ سَمحَةٌ وَسَماءُ
وَشَريفُ أَشرافٍ إِذا اِحتَكَّت بِهِم / جُربُ القَبائِلِ أَحسَنوا وَأَساؤوا
لَهُمُ الفِناءُ الرَحبُ وَالبَيتُ الَّذي / أُدَدٌ أَواخٍ حَولَهُ وَفِناءُ
وَخُؤولَةٌ في هاشِمٍ وَدَّ العِدى / أَن لَم تَكُن وَلَهُم بِها ما شاؤوا
بَينَ العَواتِكِ وَالفَواطِمِ مُنتَمىً / يَزكو بِهِ الأَخوالُ وَالآباءُ
أَمُحَمَّدَ بنَ عَلِيٍّ اِسمَع عِذرَةً / فيها دَواءٌ لِلمُسيءِ وَداءُ
ما لي إِذا ذُكِرَ الوَفاءُ رَأَيتُني / ما لي مَعَ النَفَرِ الكِرامِ وَفاءُ
يَضفو عَلَيَّ العَذلُ وَهوَ مُقارِبٌ / وَيَضيقُ عَنّي العُذرُ وَهوَ فَضاءُ
إِنّي هَجَرتُكَ إِذ هَجَرتُكَ وَحشَةً / لا العَودُ يُذهِبُها وَلا الإِبداءُ
أَحشَمتَني بِنَدى يَدَيكَ فَسَوَّدَت / ما بَينَنا تِلكَ اليَدُ البَيضاءُ
وَقَطَعتَني بِالجودِ حَتّى إِنَّني / مُتَخَوِّفٌ أَلّا يَكونَ لِقاءُ
صِلَةٌ غَدَت في الناسِ وَهيَ قَطيعَةٌ / عَجَباً وَبِرٌّ راحَ وَهوَ جَفاءُ
لَيُواصِلَنَّكَ رَكبُ شِعرٍ سائِرٍ / يَرويهِ فيكَ لِحُسنِهِ الأَعداءُ
حَتّى يَتِمَّ لَكَ الثَناءُ مُخَلَّداً / أَبَداً كَما تَمَّت لِيَ النَعماءُ
فَتَظَلُّ تَحسُدُكَ المُلوكُ الصيدُ بي / وَأَظَلُّ يَحسُدُني بِكَ الشُعَراءُ
طَيفُ الحَبيبِ أَلَمَّ مِن عُدَوائِهِ
طَيفُ الحَبيبِ أَلَمَّ مِن عُدَوائِهِ / وَبَعيدِ مَوقِعِ أَرضِهِ وَسَمائِهِ
جَزَعَ اللِوى عَجِلاً وَوَجَّهَ مُسرِعاً / مِن حَزنِ أَبرَقِهِ إِلى جَرعائِهِ
يُهدي السَلامَ وَفي اِهتِداءِ خَيالِهِ / مِن بُعدِهِ عَجَبٌ وَفي إِهدائِهِ
لَو زارَ في غَيرِ الكَرى لَشَفاكَ مِن / خَبَلِ الغَرامِ وَمِن جَوى بُرَحائِهِ
فَدَعِ الهَوى أَو مُت بِدائِكَ إِنَّ مِن / شَأنِ المُتَيَّمِ أَن يَموتَ بِدائِهِ
وأَخٍ لَبِستُ العَيشَ أَخضَرَ ناضِراً / بِكَريمِ عِشرَتِهِ وَفَضلِ إِخائِهِ
ما أَكثَرَ الآمالَ عِندي وَالمُنى / إِلّا دِفاعُ اللَهِ عَن حَوبائِهِ
وَعَلى أَبي نوحٍ لِباسُ مَحَبَّةٍ / تُعطيهِ مَحضَ الوُدِّ مِن أَعدائِهِ
تُنبي طَلاقَةُ بِشرِهِ عَن جودِهِ / فَتَكادُ تَلقى النُجحَ قَبلَ لِقائِهِ
وَضِياءُ وَجهٍ لَو تَأَمَّلَهُ اِمرُؤٌ / صادي الجَوانِحِ لَاِرتَوى مِن مائِهِ
ياعَلِيٌّ بَل يا أَبا الحَسَنِ الما
ياعَلِيٌّ بَل يا أَبا الحَسَنِ الما / لِكَ رِقَّ الظَريفَةِ الحَسناءِ
إِتَّقِ اللَهَ أَنتَ شاعِرُ قَيسٍ / لا تَكُن وَصمَةً عَلى الشُعَراءِ
إِنَّ إِخوانَكَ المُقيمينَ بِالأَم / سِ أَتَوا لِلزِناءِ لا لِلغِناءِ
أَنتَ أَعمى وَلِلزُناةِ هَناتٌ / مُنكَراتٌ تَخفى عَلى البُصَراءِ
هَبكَ تَستَسمِعُ الحَديثَ فَما عِل / مُكَ فيهِ بِالغَمزِ وَالإيماءِ
وَالدُعاباتِ بِالعُيونِ وَبِالأَي / دي وَأَخذِ الميعادِ لِلإِلتِقاءِ
قَد لَعَمري تَوَرَّدوا خُطَّةَ الغَد / رِ وَجاؤوا بِالسَوأَةِ السَوآءِ
غَيرَ ما ناظِرينَ في حُرمَةِ الوُد / دِ وَلا ذاكِرينَ عَهدَ الإِخاءِ
قَطَعوا أَمرَهُم وَأَنتَ حِمارٌ / موقَرٌ مِن بَلادَةٍ وَغَباءِ
يا غادِياً وَالثَغرُ خَلفَ مَسائِهِ
يا غادِياً وَالثَغرُ خَلفَ مَسائِهِ / يَصِلُ السُرى بِأَصيلِهِ وَضَحائِهِ
أَلمِم بِساحَةِ يوسُفِ بنِ مُحَمَّدٍ / وَاِنظُر إِلى أَرضِ النَدى وَسَمائِهِ
وَاِقرَ السَلامَ عَلى السَماحَةِ إِنَّها / مَحشورَةٌ مِن دونِهِ وَوَرائِهِ
وأَرى المَكارِمَ أَصبَحَت أَسماؤُها / مُشتَقَّةً في الناسِ مِن أَسمائِهِ
كَلغَيثِ مُنسَكِباً عَلى إِخوانِهِ / كَالنارِ مُلتَهِباً عَلى أَعدائِهِ
فارَقتُ يَومَ فِراقِهِ الزَمَنَ الَّذي / لاقَيتُهُ يَهتَزُّ يَومَ لِقائِهِ
وَعَرَفتُ نَفسي بَعدَهُ في مَعشَرٍ / ضاقوا عَلَيَّ بِعَقبِ يَومِ قَضائِهِ
ماكُنتُ أَفهَمُ نَيلَهُ في قُربِهِ / حَتّى نَأى فَفَهِمتُهُ في نائِهِ
يَفديكَ راجٍ مادِحٌ لَم يَنقَلِب / إِلّا بِصِدقِ مَديحِهِ وَرَجائِهِ
وافاهُ هَولُ الرَدِّ بَعدَكَ فَاِنثَنى / يَدعوكَ وَاللُكّامُ دونَ دُعائِهِ
وَمُؤَمَّلٍ صارَعتُهُ عَن عُرفِهِ / فَوَجَدتُ قُدسَ مُعَمَّماً بِعَمائِهِ
جِدَةٌ يَذودُ البُخلُ عَن أَطرافِها / كَالبَحرِ يَدفَعُ مِلحُهُ عَن مائِهِ
أَعطى القَليلَ وَذاكَ مَبلَغُ قَدرِهِ / ثُمَّ اِستَرَدَّ وَذاكَ مَبلَغُ وائِهِ
ماكانَ مِن أَخذي غَداةَ رَدَدتُهُ / في وَجهِهِ إِذ كانَ مِن إِعطائِهِ
وَعَجِبتُ كُلَّ تَعَجُّبي مِن بُخلِهِ / وَالجودُ أَجمَعُ ساعَةٌ مِن رائِهِ
وَقَدِ اِنتَمى فَاِنظُر إِلى أَخلاقِهِ / صَفحاً وَلا تَنظُر إِلى آبائِهِ
خَطَبَ المَديحَ فَقُلتُ خَلِّ طَريقَهُ / لَيَجوزَ عَنكَ فَلَستَ مِن أَكفائِهِ
أَيُّها الطالِبُ الطَويلُ عَناؤُه
أَيُّها الطالِبُ الطَويلُ عَناؤُه / تَرتَجي شَأوَ مَن يَفوتُكَ شاؤُه
دونَ إِدراكِ أَحمَدِ بنِ سُلَيما / نَ عُلوٌّ يُعيي الرِجالَ اِرتِقاؤُه
ما قَصَدناهُ لِلتَفَضُّلِ إِلّا / أَعشَبَت أَرضُهُ وَصابَت سَماؤُه
حَسَنُ الفِعلِ وَالرُواءِ وَكَم دَل / لَ عَلى سُؤدُدِ الشَريفِ رُواؤُه
ماءُ وَجهٍ إِذا تَبَلَّجَ أَعطا / كَ أَماناً مِن نَبوَةِ الدَهرِ ماؤُه
يَتَجَلّى ضِياؤُهُ فَيُجَلّي / ظُلمَةَ الحادِثِ المُضِبِّ ضِياؤُه
قَد وَجَدناهُ مُفضِلاً فَحَطَطنا / حَيثُ لايَكذِبُ المُرَجّي رَجاؤُه
وَهَزَزناهُ لِلفَعالِ فَأَبدى / جَوهَرَ الصارِمِ الحُسامِ اِنتِضاؤُه
بِأَبي أَنتَ كَم تَرامى بِأَمري / خِلفَةُ الدَهرِ صُبحُهُ وَمَساؤُه
وَإِلَيكَ النَجاحُ فيما يُعاني / آمِلٌ قَد تَطاوَلَ اِستِبطاؤُه
قَد تَبَدَّأتَ مُنعِماً وَكَريمُ ال / قَومِ مَن يَسبِقُ السُؤَالَ اِبتِداؤُه
فَاِمضِ قُدماً فَما يُرادُ مِنَ السَي / فِ غَداةَ الهَيجاءِ إِلّا مَضاؤُه
أَصابَت قَلبَهُ حَدَقُ الظِباءِ
أَصابَت قَلبَهُ حَدَقُ الظِباءِ / وَأَسلَمَ لُبَّهُ حُسنُ العَزاءِ
وَأَقفَرَتِ المَنازِلُ مِن سُلَيمى / وَكانَت لِلمَوَدَّةِ وَالصَفاءِ
وَطالَ ثَواؤُهُ في دِمنَتَيها / فَهَيَّجَ شَوقَهُ طولُ الثَواءِ
وَلَجَّ بِهِ الجَفاءُ فَلَيسَ يَدري / أَيَظعَنُ أَم يُقيمُ عَلى الجَفاءِ
وَهَل خُلِقَ الفَتى إِلّا لِيَهوى / وَيَأنَسَ بِالدُموعِ وَبِالدِماءِ
يا بَرقُ أَفرِط في اِعتِلائِك
يا بَرقُ أَفرِط في اِعتِلائِك / أَو صُب بِجودِكِ وَاِنهِمائِك
أَو كَشِّفِ الظَلماءَ بِال / نورِ المُضيءِ مِنِ اِنجِلائِك
ما أَنتَ كَالحَسَنِ بنِ مَخ / لَدَ في اِقتِرابِكَ وَاِنتِوائِك
إِنّي وَجَدتُ ثَناءَهُ / في الناسِ أَشرَفَ مِن ثَنائِك
وَأَرى نَداهُ بِمالِهِ / يَعلو نَداكَ لَنا بِمائِك
وَضِياؤُهُ في البِشرِ أَو / لى بِالفَضيلَةِ مِن ضِيائِك
وَسُمُوُّهُ لِلمَجدِ أَز / كى مِن سُمُوِّكَ وَاِرتِقائِك
نَفسي فِداؤُكَ إِنَّ حَظ / ظي كَونُ نَفسي مِن فِدائِك
قَد سارَتِ الرُكبانُ بِال / خَبَرِ المُعَجِّبِ عَن وَفائِك
وَتَحَدَّثوا عَن نُجحِ وَع / دِكَ في السَماحِ وَصِدقِ وائِك
فَعَلامَ أَغدو لِاِحتِثا / ثِكَ أَو أُهَجِّرُ لِاِقتِضائِك
سِيَما وَما أَولَيتَهُ / بِالأَمسِ كانَ عَلى اِبتِدائِك
وَيَسوؤُني تَركُ اِعتِما / دِكَ وَالتَأَخُّرُ عَن لِقائِك
وَنَقيصَةُ السيبِيِّ سَي / بَكَ وَالمُتَمَّمَ مِن عَطائِك
بِمِطالِهِ إِنّي أَعُد / دُ مِطالَهُ مِن غَيرِ رائِك
أَلِاَنَ عَلِمتُ أَنَّ البَعثَ حَقٌّ
أَلِاَنَ عَلِمتُ أَنَّ البَعثَ حَقٌّ / وَأَنَّ اللَهَ يَفعَلُ ما يَشاءُ
رَأَيتُ الخَثعَمِيَّ يُقِلُّ أَنفاً / يَضيقُ بِعَرضِهِ البَلَدُ الفَضاءُ
سَما صَعُداً فَقَصَّرَ كُلُّ سامٍ / لِهَيبَتِهِ وَغَصَّ بِهِ الهَواءُ
هُوَ الجَبَلُ الَّذي لَولا ذُراهُ / إِذاً وَقَعَت عَلى الأَرضِ السَماءُ
يَأبى سُمُوُّكَ وَاِعتِلاؤُك
يَأبى سُمُوُّكَ وَاِعتِلاؤُك / إِلّا الَّتي فيها سَناؤُك
عَمري لَقَد فُتَّ الرِجا / لَ وَفاتَ يَومَ السَبقِ شاؤُك
يا اِبنَ المُدَبِّرِ وَالنَدى / وَبلٌ تَجودُ بِهِ سَماؤُك
عَظُمَ الرَجاءُ وَرُبَّ يَو / مٍ حَقَّ فيهِ لَنا رَجاؤُك
وَيَفوتُني نَيلٌ مَسا / فَتُهُ كِتابُكَ أَو لِقاؤُك
فَغَناءُ مَن يُرجى إِذا / لَم يُرجَ في حَدَثٍ غَناؤُك
وَعَطاءُ غَيرِكَ إِن بَذَل / تَ عِنايَةً فيهِ عَطاؤُك
ظَلَمَ الدَهرُ فيكُمُ وَأَساءَ
ظَلَمَ الدَهرُ فيكُمُ وَأَساءَ / فَعَزاءً بَني حُمَيدٍ عَزاءَ
أَنفُسٌ ما تَكادُ تَفقِدُ فَقداً / وَصُدورٌ ما تَبرَحُ البُرَحاءَ
أَصبَحَ السَيفُ داءَكُم وَهُوَ الدا / ءُ الَّذي لايَزالُ يُعيي الدَواءَ
وَاِنتَحى القَتلُ فيكُمُ فَبَكَينا / بِدِماءِ الدُموعِ تِلكَ الدِماءَ
يا أَبا القاسِمِ المُقَسَّمَ في النَج / دَةِ وَالجودِ وَالنَدى أَجزاءَ
وَالهِزَبرَ الَّذي إِذا دارَتِ الحَر / بُ بِهِ صَرَّفَ الرَدى كَيفَ شاءَ
الأُسى واجِبٌ عَلى الحُرِّ إِمّا / نِيَّةً حُرَّةً وَإِمّا رِياءَ
وَسَفاهٌ أَن يَجزَعَ المَرءُ مِمّا / كانَ حَتماً عَلى العِبادِ قَضاءَ
وَلِماذا تَتَبَّعُ النَفسُ شَيئاً / جَعَلَ اللَهُ الفِردَوسَ مِنهُ بَواءَ
أَتُبَكّي مَن لا يُنازِلُ بِالسَي / فِ مُشيحاً وَلا يَهُزُّ اللِواءَ
وَالفَتى مَن رَأى القُبورَ لِما طا / فَ بِهِ مِن بَناتِهِ أَكفاءَ
لَسنَ مِن زينَةِ الحَياةِ كَعَدِّ ال / لاهِ مِنها الأَموالَ وَالأَبناءَ
قَد وَلَدنَ الأَعداءَ قِدماً وَوَرَّث / نَ التِلادَ الأَقاصِيَ البُعَداءَ
لَم يَئِد كُثرَهُنَّ قَيسُ تَميمٍ / عَيلَةً بَل حَمِيَّةً وَإِباءَ
وَتَغَشّى مُهَلهِلَ الذُلُّ فيهِن / نَ وَقَد أُعطِيَ الأَديمَ حِباءَ
وَشَقيقُ بنُ فاتِكٍ حَذَرَ العا / رِ عَلَيهِنَّ فارَقَ الدَهناءَ
وَعَلى غَيرِهِنَّ أُحزِنَ يَعقو / بُ وَقَد جاءَهُ بَنوهُ عِشاءَ
وَشُعَيبٌ مِن أَجلِهِنَّ رَأى الوَح / دَةَ ضَعفاً فَاِستَأجَرَ الأَنبِياءَ
وَاِستَزَلَّ الشَيطانُ آدَمَ في الجَن / نَةِ لَمّا أَغرى بِهِ حَوّاءَ
وَتَلَفَّت إِلى القَبائِلِ فَانظُر / أُمَّهاتٍ يُنسَبنَ أَم آباءَ
وَلَعَمري ما العَجزُ عِندِيَ إِلّا / أَن تَبيتَ الرِجالُ تَبكي النِساءَ
نِلتَ ما نِلتَ يا بَغيضُ بِأُمٍّ
نِلتَ ما نِلتَ يا بَغيضُ بِأُمٍّ / هِيَ أَعطَتكَ رُتبَةَ الوُزَراءِ
فَإِذا عُدِّدَت صَنائِعُ قَومٍ / كُنتَ فيها صَنيعَةَ البَظراءِ
وَمُستَضحِكٍ مِن عَبرَتي وَبُكائي
وَمُستَضحِكٍ مِن عَبرَتي وَبُكائي / بِكَفَّيهِ دائي في الهَوى وَدَوائي
رَآني وَعَيني بِالدُموعِ غَزيرَةٌ / وَقَد هَتَكَ الهِجرانُ سِترَ عَزائي
بَسَطتُ إِلَيهِ راحَتي مُتَضَرِّعاً / أُناشِدُهُ أَلّا يُخيبَ رَجائي
فَقالَ فَمَن أَبكاكَ إِن كُنتَ صادِقاً / فَقُلتُ الَّذي أَهوى فَقالَ سَوائي
نَفسي تَقيكَ وَوالِدايَ كِلاهُما
نَفسي تَقيكَ وَوالِدايَ كِلاهُما / وَجَميعُ مَن وَلَدا مِنَ الأَسواءِ
ثِقَلُ الخَراجِ عَلَيَّ دَينٌ مُؤلِمٌ / وَلَدَيكَ مِمّا أَشتَكيهِ دَوائي
أَنتَ الطَبيبُ لِداءِ جُرحي وَالَّذي / بِدَوائِهِ لا شَكَّ أَدفَعُ دائي
وَالوَعدُ فيهِ مِنكَ لي مُتَقَدِّمٌ / فَاِمنُن عَلَيَّ بِأَن تُخِفَّ أَدائي
إِنَّ البَقِيَّةَ مِن خَراجي قَدرُها / ما إِن يَكونُ لَدَيكَ قَدرَ غَداءِ
فَاِمنُن عَلَيَّ بِصَومِ يَومٍ واحِدٍ / وَاِجعَل غَداءَكَ لي فَفيهِ غَنائي
وَعالِمَةٍ وَقَد جَهِلَت دَوائي
وَعالِمَةٍ وَقَد جَهِلَت دَوائي / بِلا جَهلٍ وَقَد عَلِمَت بِدائي
يَموتُ بِها المُتَيَّمُ كُلَّ يَومٍ / عَلى فَوتِ المَواعِدِ وَاللِقاءِ
لَها ثَغرٌ وَمُبتَسِمٌ وَريقٌ / يَنوبُ عَنِ المُعَتَّقَةِ الطِلاءِ
وَطَرفٌ ساحِرٌ غَنِجٌ كَحيلٌ / وَوَجهٌ لَيسَ يُنكَرُ لِلضِياءِ
فَبوؤسى لِلكَئيبِ بِها إِذا ما / بَدَت تَختالُ في حُسنِ الرُواءِ
كَأَنَّ لَها عَلى قَلبي رَقيباً / مِنَ الصَدِّ المُبَرِّحِ وَالجَفاءِ
وَلَوعاتُ الهَوى هُنَّ اللَواتي / دَعَونَكَ لِلبُلابِلِ وَالغِناءِ
وَطَيفٍ طافَ بي سَحَراً فَأَذكى / حَرارَةَ لَوعَتي وَجَوى حَشائي
وَفي طَيفِ الخَيالِ شِفا المُعَنّى / وَرِيُّ الصادِياتِ مِنَ الظَماءِ
وَلَكِنّي أَشَدُّهُمُ غَراماً / وَأَكثَرُهُم أَصانيفَ البَلاءِ
يَقولُ لِيَ العَذولُ وَلَيسَ يَدري / بِأَنَّ اللَومَ مِن شِيَعِ الخَناءِ
أَجِدَّكَ كَم تُغَرِّرُكَ الأَماني / وَتَطرَحُكَ المَطامِعُ بِالعَراءِ
وَأَنتَ مُشَرِّقٌ في غَيرِ عَزمٍ / وَأَنتَ مُغَرِّبٌ عَن غَيرِ راءِ
فَقُلتُ الدَهرُ يَطلِبُني بِثَأرٍ / وَأَيّامُ الحَوادِثِ بِالدِماءِ
وَما لِلحُرِّ في بَلَدٍ مُقامٌ / إِذا قامَ الأَديبُ مَعَ العَياءِ
وَهَل جُرحٌ يُرَبُّ بِغَيرِ آسٍ / وَهَل غَرسٌ يَطولُ بِغَيرِ ماءِ
غَريتُ بِأَربَعٍ بيدٍ وَعَنسٍ / وَلَيلٍ دامِسٍ وَرَحيلِ ناءِ
وَلَولا أَحمَدٌ وَنَدى يَدَيهِ / لَباتَ المُعتَفونَ عَلى الطَواءِ
أَبو بَكرٍ فَكَم آسى جَريحاً / وَكَم عَمَّ الأَعِلّا بِالشِفاءِ
فَتىً في كَفِّهِ أَبَداً فُراتٌ / يَفيضُ عَلى الرِجالِ مَعَ النِساءِ
فَتىً ناديهِ مَكرُمَةٌ وَفَخرٌ / لِأَربابِ المَفاخِرِ وَالعَلاءِ
رَأى حَوزَ الثَناءِ أَجَلَّ كَسباً / وَحَسبُ المَرءِ مَكسَبَةُ الثَناءِ
وَلَم يَكُ واعِداً وَعداً كَذوباً / وَلا قُوَلٌ يَقولُ بِلا وَفاءِ
هُوَ الخِلُّ الوَدودُ لِكُلِّ خِلٍّ / يَدومُ عَلى المَوَدَّةِ وَالإِخاءِ
هُوَ البَحرُ الَّذي حُدِّثتَ عَنهُ / هُوَ الغَيثُ المُغيثُ مِنَ السَماءِ
لَهُ الأَخلاقُ أَخلاقُ المَعالي / وَآياتُ المُروءَةِ وَالسَخاءِ
أَبا بَكرٍ بَنَيتَ بِناءَ طَولٍ / مِنَ الإِحسانِ لَيسَ مِنَ البِناءِ
فَلا زالَت نُجومُكَ طالِعاتٍ / عَلى رَغمِ الحَواسِدِ وَالعِداءِ
فَتَبلُغُ فيهِ أَقصى كُلِّ حالٍ / تُقَدِّرُ نَيلَهُ في الإِنتِهاءِ
وَكَم عانَيتُ قَبلَكَ مِن جَميلٍ / قَبيحِ الفِعلِ عِندَ الإِجتِداءِ
مَعاشِرُ مالَهُم خُلُقٌ وَلَكِن / لَهُم نِعَمٌ تَدُلُّ عَلى الرَخاءِ
تَعودُ وُجوهُهُم سوداً إِذا ما / نَزَلتُ بِهِم لِمَدحٍ أَو جَداءِ
فِداؤُكَ مِنهُمُ مَن لَيسَ يَدري / وَيَعلَمُ كَيفَ مَدحي مِن هِجائي
فَعِش بِسَلامَةٍ وَاِنعَم هَنيئاً / بِطولِ العُمرِ في عِزِّ البَقاءِ
وَلا زالَت سِنوكَ عَلَيكَ تَجري / بِإِنعامٍ يَتِمُّ بِلا اِنقِضاءِ
وَإِنَّ وَسيلَتي وَأَجَلَّ مَتّي / إِلَيكَ بِحَقِّ أَصحابِ الإِساءِ
وَأَنتَ فَعارِفٌ سَلَفي وَجَدّي / فَقيهُ الأَرضِ في حَشدِ المُلاءِ
وَأَعمامي فَقَد عُدُوا قَديماً / مِنَ العُظَماءِ أَهلِ الإِعتِلاءِ
وُجودُكَ كُلُّهُ حَسَنُ وَلَكِن / أَجَلُّ الجودِ حُسنُ الإِبتِداءِ
يا قَتيلاً لِلِّحيَةِ السَوداءِ
يا قَتيلاً لِلِّحيَةِ السَوداءِ / آفَةُ المُردِ في خُروجِ اللِحاءِ
آجَرَ اللَهُ عاشِقيكَ فَقَد مِت / تَ وَعُرّيتَ مِن ثِيابِ البَهاءِ
شاهِدي في بَيانِ مَوتِكَ بَيتٌ / قالَهُ شاعِرٌ مِنَ الشُعَراءِ
لَيسَ مَن ماتَ فَاستَراحَ بِمَيتٍ / إِنَّما المَيتُ مَيِّتُ الأَحياءِ
لَنا أَبَداً بَثٌّ نُعانيهِ مِن أَروى
لَنا أَبَداً بَثٌّ نُعانيهِ مِن أَروى / وَحُزوى وَكَم أَدنَتكَ مِن لَوعَةٍ حُزوى
وَما كانَ دَمعي قَبلَ أَروى بِنُهزَةٍ / لِأَدنى خَليطٍ بانَ أَو مَنزِلٍ أَقوى
حَلَفتُ لَها أَنّي صَحيحُ سِوى الَّذي / تَعَلَّقَهُ قَلبٌ مَريضٌ بِها يَدوى
وَأَكثَرتُ مِن شَكوى هَواها وَإِنَّما / أَمارَةُ بَرحِ الحُبِّ أَن تَكثُرَ الشَكوى
وَكُنتُ وَأَروى وَالشَبابُ عُلالَةً / كَنَشوانَ مِن سُكرِ الصَبابَةِ أَو نَشوى
وَقَد زَعَمَت لا يَقرُبُ اللَهوَ ذو الحِجى / وَقَد يَشهَدُ اللَهوَ الَّذي يَشهَدُ النَوى
وَإِنّي وَإِن رابَ الغَواني تَماسُكي / لَمُستَهتِرٌ بِالوَصلِ مِنهُنَّ مُستَهوى
سَلا عَن عَقابيلِ الشَبابِ وَفَوتِها / أَطارَت بِها العَنقاءُ أَم سَبَقَت جَلوى
كَأَنَّ اللَيالي أُغرِيَت حادِثاتُها / بِحُبِّ الَّذي نَأبى وَكُرهِ الَّذي نَهوى
وَمَن يَعرِفِ الأَيّامَ لا يَرَ خَفضَها / نَعيماً وَلا يَعدُد تَصَرُّفَها بَلوى
إِذا نُشِرَت قُدّامَ رائِدِها ثَنَت / مُواشِكَةَ الإِسراعِ مِن خَلفِهِ تُطوى
لَقَد أَرشَدَتنا النائِباتُ وَلَم يَكُن / لِيُرشَدَ لَولا ما أَرَتناهُ مَن يُغوى
إِذا نَحنُ دافَعنا الخُطوبَ بِذي الوَزا / رَتَينِ شَغَلناهُنَّ بِالمَرِسِ الأَلوى
بِأَزهَرَ تُنسي الشِعرَ أَخبارُ سُؤدُدٍ / لَهُ لا تَزالُ الدَهرَ تُؤثَرُ أَو تُروى
مَكارِمُ ما تَنفَكُّ مِن حَيثُ وُجِّهَت / تَرى حاسِداً نِضواً بِئآلائِها يَضوى
مُلَقّىً صَوابَ الرَأيِ بَغتَ بَديهَةٍ / وَمِنهُم مُخِلٌّ بِالصَوابِ وَقَد رَوّى
لَهُ هِمَّةٌ أَعلى النُجومِ مَحَلَّةً / مَحَلٌّ لَها دونَ الأَماكِنِ أَو مَثوى
وَقَد فُتِحَ الأُفقانِ عَن سَيفِ مُصلِتٍ / لَهُ سَطَواتٌ ما تُهَرُّ وَما تُعوى
مُغَطّىً عَلى الأَعداءِ ما يَقدُرونَهُ / بِعَزمٍ وَقَد غَوّى مِنَ الأَمرِ ما غَوّى
تَعَلّى عَلى التَدبيرِ ثُمَّ اِنتَحى لَهُم / بِهِ وَرَمى بِالمُعضِلاتِ فَما أَشوى
إِذا ما ذَكَرناهُ حُبِسنا فَلَم نُفِض / لَهُ في نَظيرٍ في الرِجالِ وَلا شَروى
بَلى لِأَبي عيسى شَواهِدُ بارِعٍ / مِنَ الفَضلِ ماكانَ اِنتِحالاً وَلا دَعوى
نُمَيِّلُ بَينَ البَدرِ سَعداً وَبَينَهُ / إِذا اِرتاحَ لِلإِحسانِ أَيُّهُما أَضوا
وَما دُوَلُ الأَيّامِ نُعماً وَأَبؤُساً / بِأَجرَحَ في الأَقوامِ مِنهُ وَلا أَسوا
سُقينا بِسَجلَيهِ وَكانَ خَليفَةً / مِنَ الغَيثِ إِن أَسقى بِرَيِّقِهِ أَروى
فَأَرضٌ أَصابَت حَظَّها مِن سَمائِهِ / وَأَرضٌ تَأَيّى الشُربَ أَو تَرقُبُ العَدوى
وَوادٍ مِنَ المَعروفِ عِندَكَ لَم يَكُن / مُعَرَّجُنا مِنهُ عَلى العُدوَةِ القُصوى
إِذا ما تَحَمَّلنا يَداً عَنهُ خِلتَنا / لِنُقصانِنا عَنها حَمَلنا بِها رَضوى
أَجِدَّكَ إِنّا وَالزَمانُ كَما جَنَت / عَلى الأَضعَفِ المَوهونِ عادِيَةُ الأَقوى
مَتى وَعَدَتنا الحادِثاتُ إِدالَةً / فَأَخلِق بِذاكَ الوَعدِ مِنهُنَّ أَن يُلوى
لَئِن زُوِيَت عَنّا الحُظوظُ فَمِثلُها / إِذا خَسَّ فِعلُ الدَهرِ عَن مِثلِنا يُزوى
إِذا قُلتُ أَجلَت سَدفَةُ العَيشِ عارَضَت / شُفافاتُ ما أَبقى الزَمانُ وَما أَتوى
مَغارِمُ يُسلى في تَرادُفِها الصِبا / وَيُتلَفُ في أَضعافِها الرَشَأُ الأَحوى
يَظَلُّ رَشيدٌ وَهوَ فيها مُعَلَّقٌ / عَلى خَطَرٍ في البَيعِ مُقتَرِبُ المَهوى
إِذا حَلَّ دَينٌ مِن غَريمٍ تَضاءَلَت / لَهُ مِنَّةٌ تَرتاعُ أَو كَبِدٌ تَجوى
وَقَد سامَ طَعمَ المَنِّ ذَوقاً فَلَم يَجِد / بِهِ المَنَّ مَرضِيَّ المَذاقِ وَلا السَلوى
أَسِفتُ لِغَضّاتٍ مِنَ الحُسنِ شارَفَت / لِذُعرِ الفِراقِ أَن تَغَيَّرَ أَو تَذوى
وَقُلتُ وَقَد هَمَّت خَصائِصُ بَينَنا / مِنَ الوُدِّ أَن تُمنى لِغَيرِيَ أَو تُحوى
لَعَلَّ أَبا عيسى يَفُكُّ بِطَولِهِ / رِقاباً مِنَ الأَحبابِ قَد كَرَبَت تَتوى
وَما شَطَطٌ أَن أُتبِعَ الرُغبَ أَهلَهُ / وَأَن أَطلُبَ الجَدوى إِلى واهِبِ الجَدوى
دَنانيرُ تُجزى بِالقَوافي كَأَنَّما / مُمَيِّزُها بِالقَسمِ عَدَّلَ أَو سَوّى
إِذا ما رَحَلنا يَسَّرَت زادَ سَفرِنا / وَإِمّا أَقَمنا وَطَّتِ الرَحلَ وَالمَأوى
وَيَكفيكَ مِن فَضلِ الدَنانيرِ أَنَّها / إِذا جُعِلَت في الزادِ ثانِيَةُ التَقوى
تَذَكَّرَ مَحزوناً وَأَنّى لَهُ الذِكرى
تَذَكَّرَ مَحزوناً وَأَنّى لَهُ الذِكرى / وَفاضَت بِغُزرِ الدَمعِ مُقلَتُهُ العَبرى
فُؤادٌ هُوَ الحَرّانُ مِن لاعِجِ الجَوى / إِلى كَبِدٍ جَمٍّ تَباريحُها حَرّى
كَرىً حالَ سَكبُ الدَمعِ دونَ خِتامِهِ / فَلا دَمعَةٌ تَرقا وَلا مُقلَةٌ تَكرى
وَكُنتُ وَكانَت وَالشَبابُ عُلالَةٌ / كَسَكرانَ مِن خَمرِ الصَبابَةِ أَو سَكرى
أَشارَت بِمِدراها فَأَصمَت وَلَم أَكُن / أُحاذِرُ إِصماءَ الإِشارَةِ بِالمِدرى
سَرى الطَيفُ مِن ظَمياءَ وَهناً فَمَرحَباً / وَأَهلاً بِمَسرى طَيفِ ظَمياءَ مِن مَسرى
أَلَمَّ بِسَفرٍ لاغِبينَ وَأَينُقٍ / ذَرَعنَ بِنا مِن أَذرِعاتٍ إِلى بُصرى
لَقَد كانَ في يَومِ الثَنِيَّةِ مَنظَرٌ / وَمُستَمَعٌ يُنبي عَنِ البَطشَةِ الكُبرى
وَعَطفُ أَبي الجَيشِ الجَوادَ يَكُرُّهُ / مُدافَعَةً عَن دَيرِ مُرّانَ أَو مَقرى
فَكائِن لَهُ مِن ضَربَةٍ بَعدَ طَعنَةٍ / وَقَتلى إِلى جَنبِ الثَنِيَّةِ أَو أَسرى
فَوارِسُ صَرعى مِن تُؤامٍ وَفارِدٍ / وَأَرسالُ خَيلٍ في شَكائِمِها عَقرى
رَأَيتُ تَفارِيقَ المَحاسِنِ جُمِّعَت / إِلى مُشتَرٍ أَهدى إِلى القَمَرِ الشِعرى
مُحَمَّلَةً ما لَو تَحَمَّلَ آدَهُ / مِنَ الصَفَدِ المَنقولِ قَيصَرُ أَو كِسرى
مُبارَكَةً شَدَّت قُوى السِلمِ بَعدَما / تَوالَت خُطوبُ الحَربِ مُقبِلَةً تَترى
إِذا شارَفَت أَرضَ العِراقِ فَإِنَّهُ / سَيُسنى أَميرُ المُؤمِنينَ بِها البُشرى
مَتى نَعتَرِض جَدوى أَبي الجَيشِ نَعتَرِف / مَواهِبَ يُلحِقنَ المُقِلَّ بِمَن أَثرى
وَلا نَقصَ في الغَيثِ الدِراكِ يَغُضُّهُ / سِوى أَنَّهُ أَزرى بِهِ مِنهُ ما أَزرى
إِذا وَهَبَ الأولى مِنَ النَيلِ لَم يَدَع / مُتابَعَةَ الإِفضالِ أَو يَهَبَ الأُخرى
رَضيتُ لِلدينِ وَلِلدُنيا
رَضيتُ لِلدينِ وَلِلدُنيا / صَديقِيَ الصِدقَ أَبا يَحيى
المُؤثِرَ العُليا عَلى حَظِّهِ / وَالحَظُّ كُلَّ الحَظِّ في العُليا
وَلا يُجيرُ المالَ مِن جودِهِ / هَوادَةٌ تُرجى وَلا بُقيا
أَعيا فَما يُطلَبُ شِبهٌ لَهُ / وَالشَيءُ مَتروكٌ إِذا أَعيا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025